السبت، 27 أغسطس 2022

ج1.وج2.القانون فى الطب لابن سينا

 

ج1.القانون فى الطب
ابن سينا

 المصدر مكتبة مشكاة الإسلامية
كثرت المؤلفات الطبية عند العرب بشكل لافت، وكثرت في هذه المؤلفات الألفاظ الغريبة، من فارسية، أو هندية، أو يونانية... ومن أشهر كتب الطب ذات الأصل العربي كتاب "الأدوية المفردة" الذي صنفه "ابن سينا" وضمن مادته التداوي بالنباتات والأعشاب والطب الطبيعي، وقد اهتم مؤلفه بتضمينه الأدوية الحديثة والقديمة، والمركبات وفوائدها وأضرارها وما يناسب منها الأجسام البشرية، فجاء جامعاً لجميع المركبات الطبية المستخرجة من الأعشاب الطبيعية، وقد قسمه إلى قسمين: القسم الأول: في القوانين الطبيعية التي يجب ان تعرف من أمر الأدوية المستعملة في علم الطب والتي شرح فيها المؤلف تعريف أمزجة الأدوية المفردة، وتعريف أمزجة الأدوية المفردة بالتجربة والمفردة بالقياس... أما القسم الثاني: فقد جاء في معرفة قوى الأدوية الجزئية الذي قسمه ابن سينا إلى عدة ألواح جاءت في الأفعال، والخواص، الزينة، الأورام والقروح، آلات المفاصل، أعضاء الرأس، أعضاء العين، أعضاء النفس والصدر، أعضاء الغذاء، الحميات، السموم.


القانون
القانون
( 2 من 70 )
الكتاب الأول الأمور الكلية في علم الطب
يشتمل على أربعة فنون :
الفن الأول حد الطب
وموضوعاته من الأمور الطبيعية
التعليم الأول موضوعات الطب
الفصل الأول
أقول : إن الطب علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يصح ويزول عن الصحة ليحفظ الصحة حاصلة ويستردها زائلة .
ولقائل أن يقول أن الطب ينقسم إلى نظر وعمل وأنتم قد جعلتم كله نظراً إذ قلتم أنه علم .
وحينئذ نجيبه ونقول إنه يقال إن من الصناعات ما هو نظري وعملي ومن الحكمة ما هو نظري وعملي ويقال إن من الطب ما هو نظري وعملي .
ويكون المراد في كل قسمة بلفظ النظري والعملي شيئاً أخر ولا نحتاج ألان إلى بيان اختلاف القسمين فقد حصل لك علم علميّ وعلم عمليّ وإن لم تعمل قط .
وليس لقائل أن يقول إن أحوال بدن الإنسان ثلاث : الصحة والمرض وحالة ثالثة لا صحة ولا مرض وأنت اقتصرت على قسمين فإن هذا القائل لعله إذا فكر لم يجد أحد الأمرين واجباً لا هذا التثليث ولا إخلالنا به .
ثم إنه إن كان هذا التثليث واجباً فإن قولنا : الزوال عن الذصحة يتضمن المرض والحالة الثالثة التي جعلوها ليس لها حدّ الصحة إذ الصحة ملكة أو حالة تصدر عنها الأفعال من الموضوع لها سليمة ولا لها مقابل هذا الحد إلا أن يحدوا الصحة كما يشتهون ويشترطون فيه شروطاً ما بهم إليها حاجة .
ثم لا مناقشة مع الأطباء في هذا وما هم ممن يناقشون في مثله ولا تؤدي هذه المناقشة بهم أو بمن يناقشهم إلى فائدة في الطب .
وأما معرفة الحق في ذلك فمما يليق بأصول صناعة أخرى نعني أصول صناعة المنطق فليطلب من هناك .
الفصل الثاني
لما كان الطب ينظر في بدن الإنسان من جهة ما يصح ويزول عن الصحة والعلم بكل شيء إنما يحصل ويتمّ إذا كان له أسباب يعلم أسبابه فيجب أن يعرف في الطب أسباب الصحة والمرض والصحة والمرض .


وأسبابهما قد يكونان ظاهرين وقد يكونان خفيين لا ينالان بالحسّ بل بالاستدلال من العوارض فيجب أيضاَ أن تعرف في الطب العوارض التي تعرض في الصحة والمرض .
وقد تبين في العلوم الحقيقية أن العلم بالشيء إنما يحصل من جهة العلم بأسبابه ومبادين إن كانت له إن لم تكن فإنما يتمم من جهة العلم بعوارضه ولوازمه الذاتية .
لكن الأسباب أربعة أصناف : مادية وفاعلية وصورية وتمامية .
والأسباب المادية : هي الأشياء الموضوعة التي فيها تتقوم الصحة والمرض : أما الموضوع الأقرب فعضو أو روح .
وأما الموضوع الأبعد فهي الأخلاط وأبعد منه هو الأركان .
وهذان موضوعان بحسب التركيب وإن كان أيضاً مع الاستحالة وكل ما وضع كذلك فإنه يساق في تركيبه واستحالته إلى وحدة ما وتلك الوحدة في هذا الموضع التي تلحق تلك الكثرة : إما مزاج وإما هيئة .
أما المزاج فبحسب الاستحالة وإما الهيئة فبحسب التركيب .
وأما الأسباب الفاعلية : فهي الأسباب المغيرة أو الحافظة لحالات بدن الإنسان من الأهوية وما يتصل بها والمطاعم والمياه والمشارب وما يتصل بها والاستفراغ والاحتقان والبلدان والمساكن وما يتصل بها والحركات والسكونات البدنية والنفسانية ومنها النوم واليقظة والاستحالة في الأسنان والاختلاف فيها وفي الأجناس والصناعات والعادات والأشياء الواردة على البدن الإنساني مماسة له إما غير مخالفة للطبيعة وإما مخالفة للطبيعة .
وأمّا الأسباب الصورية : فالمزاجات والقوى الحادثة بعدها والتراكيب .
وأما الأسباب التمامية : فالأفعال وفي معرفة الأفعال معرفة القوى لا محالة ومعرفة الأرواح الحاملة للقوى كما سنبين فهذه موضوعات صناعة الطب من جهة أنها باحثة عن بدن الإنسان أنه كيف يصح ويمرض .


وأما من جهة تمام هذا البحث وهو أن تحفظ الصحة وتزيل المرض فيجب أن تكون لها أيضاً موضوعات أخر بحسب أسباب هذين الحالين وآلاتهما وأسباب ذلك التدبير بالمأكول والمشروب واختيار الهواء وتقدير الحركة والسكون والعلاج بالدواء والعلاج باليد وكل ذلك عند الأطباء بحسب ثلاثة أصناف من الأصحاء والمرضى والمتوسطين الذين نذكرهم ونذكر أنهم كيف يعدون متوسطين بين قسمين لا واسطة بينهما في الحقيقة .
وإذ قد فصلنا هذه البيانات فقد اجتمع لنا أن الطب ينظر في الأركان والمزاجات والأخلاط والأعضاء البسيطة والمركبة والأرواح وقواها الطبيعية والحيوانية والنفسانية والأفعال وحالات البدن من الصحة والمرض والتّوسط وأسبابها من المآكل والمشارب والأهوية والمياه والبلدان والمساكن والاستفراغ والاحتقان والصناعات والعادات والحركات البدنية والنفسانية والسكونات والأسنان والأجناس والورادات على البدن من الأمور الغريبة والتدبير بالمطاعم والمشارب واختيار الهواء واختيار الحركات والسكونات والعلاج والأدوية وأعمال اليد لحفظ الصحة وعلاج مرض مرض فبعض هذه الأمور إنما يجب عليه من جهة ما هو طبيب أن يتصوره بالماهية فقط تصوراً علمياً ويصدق بهليته تصديقاً على أنه وضع له مقبول من صاحب العلم الطبيعي وبعضها يلزمه أن يبرهن عليه في صناعته فما كان من هذه كالمبادئ فيلزمه أنه يتقلد هليتها فإن مبادىء العلوم الجزئية مسلمة وتتبرهن وتتبين في علوم أخرى أقدم منها وهكذا حتى ترتقي مبادىء العلوم كلها إلى الحكمة الأولى التي يقال لها علم ما بعد الطبيعة .


وإذا شرع بعض المتطلبين وأخذ يتكلم في إثبات العناصر والمزاج وما يتلو ذلك مما هو موضوع العلم الطبيعي فإنه يغلط من حيث يورد في صناعة الطب ما ليس من صناعة الطب ويغلط من حيث يظن أنه قد يبين شيء ولا يكون قد بينه البتة فالذي يجب أن يتصوّره الطبيب بالماهية ويتقلد ما كان منه غير بين الوجود بالهلية هو هذه
الجملة الأركان أنها هل هي وكم هي والمزاجات أنها هل هي وما هي وكم هي والأخلاط أيضاً هل هي وما هي وكم هي والقوى هل هي وكم هي والأرواح هل هي وكم هي وأين هي .
وأن لكل تغير حال وثباته سبباً وأن الأسباب كم هي .
وأما الأعضاء ومنافعها فيجب أن يصادفها بالحس والتشريح .
والذي يجب أن يتصوره ويبرهن عليه الأمراض وأسبابها الجزئية وعلاماتها وأنه كيف يزال المرض وتحفظ الصحة فإنه يلزمه أن يعطي البرهان على ما كان من هذا خفي الوجود بتفصيله وتقديره وتوفيته .
و " جالينوس " إذ حاول إقامة البرهان على القسم الأول فلا يجب أن يحاول ذلك من جهة أنه طبيب ولكن من جهة أنه يجب أن يكون فيلسوفاً يتكلم في العلم الطبيعي كما أن الفقيه إذا حاول أن يثبت صحة وجوب متابعة الإجماع فليس ذلك له من جهة ما هو فقيه ولكن من جهة ما هو متكلم ولكن الطبيب من جهة ما هو طبيب والفقيه من جهة ما هو فقيه ليس يمكنه أن يبرهن على ذاك بته ! وإلا وقع الدور .
التعليم الثاني في الأركان


وهو فصل واحد الأركان هي أجسام ما بسيطة : هي أجزاء أولية لبلن الإنسان وغيره وهي التي لا يمكن أن تنقسم إلى أجزاء مختلفة بالصورة وهي التي تنقسم المركبات إليها ويحدث بامتزاجها الأنواع المختلفة الصور من الكائنات فليتسلم الطبيب من الطبيعي أنها أربعة لا غير اثنان منها خفيفان واثنان ثقيلان فالخفيفان النار والهواء والثقيلان الماء والأرض والأرض جرم بسيط موضعه الطبيعي هو وسط الكل يكون فيه بالطبع ساكناً ويتحرك إليه بالطبع إن كان مبايناً وذلك ثقله المطلق وهو بارد يابس في طبعه أي طبعه طبع إذا خلي وما يوجبه ولم يغيره سبب من خارج ظهر عنه برد محسوس ويبس .
ووجوده في الكائنات وجد مفيد للاستمساك والثبات وحفظ الأشكال والهيئات .
وأما الماء فهو جرم بسيط موضعه الطبيعي أن يكون شاملاً للأرض مشمولاً للهواء إذا كانا على وضعيهما الطبيعيين وهو ثقله الإضافي .
وهو بارد رطب أي طبعه طبع إذا خلي وما يوجبه ولم يعارضه سبب من خارج ظهر فيه برد محسوس وحالة هي رطوبة وهي كونه في جبلته بحيث يجيب بأدنى سبب إلى أن يتفرق ويتحد ويقبل أي شكل كان ثم لا يحفظه .
ووجوده في الكائنات لتسلس الهيئات التي يراد في أجزائها التشكيل والتخطيط والتعديل فإن الرطب وإن كان سهل الترك للهيئات الشكلية فهو سهل القبول لها كما أن اليابس وإن كان عسر القبول للهيئات الشكلية فهو عسر الترك لها ومهما تخمر اليابس بالرطب استفاد اليابس من الرطب قبولا " للتمديد والتشكيل سهلاً واستفاد الرطب من اليابس حفظاً لما حدث فيه من التقويم والتعديل قوياً واجتمع اليابس بالرطب عن تشتته واستمسك الرطب باليابس عن سيلانه .
وأما الهواء فإنه جرم بسيط موضعه الطبيعي فوق الماء وتحت النار وهذا خفته الإضافية وطبعه حار رطب على قياس ما قلنا ووجوده في الكائنات لتتخلخل وتلطف وتخف وتستقل .


وأما النار فهو جرم بسيط موضعه الطبيعي فوق الأجرام العنصرية كلها ومكانه الطبيعي هو السطح المقعر من الفلك الذي ينتهي عنده الكون والفساد وذلك خفته المطلقة وطبعه حار يابس ووجوده في الكائنات لينضج ويلطف ويمتزج ويجري فيها بتنفيذه الجوهر الهوائي وليكسر من محوضة برد العنصرين الثقيلين الباردين فيرجعا عن العنصرية إلى المزاجية .
والثقيلان أعون في كون الأعضاء وفي سكونها .
والخفيفان أعون في كون الأرواح وفي تحرّكها وتحريك الأعضاء وإن كان المحرك الأول هو النفس بإذن باريها فهذه هي
التعليم الثالث الأمزجة
وهو ثلاثة فصول
الفصل الأول المزاج
أقول : المزاج : كيفية حاصلة من تفاعل الكيفيات المتضادات إذا وقفت على حد ما .
ووجودها في عناصر متصغرة الأجزاء ليماس أكثر كل واحد منها أكثر الآخر .
إذا تفاعلت بقواها بعضها في بعض حدث عن جملتها كيفية متشابهة في جميعها هي : المزاج والقوى الأولية في الأركان المذكورة أربع هي : الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة .
وبين أن المزاجات في الأجسام الكائنة الفاسدة إنما تكون عنها وذلك بحسب ما توجبه القسمة العقلية بالنظر المطلق غير مضاف إلى شيء على وجهين .
وأحد الوجهين أن يكون المزاج معتدلاً على أن تكون المقادير من الكيفيات المتضادة في الممتزج متساوية متقاومة ويكون المزاج كيفية متوسطة بينها بالتحقيق .
أميل إلى أحد الطرفين إما في إحدى المتضادتين اللتين بين البرودة والحرارة والرطوبة واليبوسة وأما في كليهما .
لكن المعتبر في صناعة الطب بالاعتدال والخروج عن الاعتدال ليس هذا ولا ذلك بل يجب أن يتسلم الطبيب من الطبيعي .


إن المعتدل على هذا المعنى مما لا يجوز أن يوجد أصلاً فضلاً عن أن يكون مزاج إنسان أو عضو إنسان وأن يعلم أن المعتدل الذي يستعمله الأطباء في مباحثهم هو مشتق لا من التعادل الذي هو التوازن بالسوية بل من العدل في القسمة وهو أن يكون قد توفر فيه على الممتزج بدناً كان بتمامه أو عضواً من العناصر بكمياتها وكيفياتها القسط الذي ينبغي له في المزاج الإنساني على أعدل قسمة ونسبة .
لكنه قد يعرض أن تكون هذه القسمة التي تتوفر على الإنسان قريبة جداً من المعتدل الحقيقي الأوَل وهذا الاعتدال المعتبر بحسب أبدان الناس أيضاً الذي هو بالقياس إلى غير مما ليس له ذلك الاعتدال وليس له قرب الإنسان من الاعتدال المذكور في الوجه الأول يعرض له ثمانية أوجه من الاعتبارات .
فإنه إما أن يكون بحسب النوع مقيساً إلى ما يختلف مما هو خارج عنه .
وإما أن يكون بحسب النوع مقيساً إلى ما يختلف مما هو فيه .
وإما أن يكون بحسب صنف من النوع مقيساً إلى ما يختلف مما هو خارج عنه وفي نوعه وإما أن يكون بحسب الشخص من الصنف من النوع مقيساً إلى ما يختلف مما هو خارج عنه وفي صنفه وفي نوعه .
وإما أن يكون بحسب الشخص مقيساً إلى ما يختلف من أحواله في نفسه .
وإما أن يكون بحسب العضو مقيساً إلى ما يختلف مما هو خارج عنه وفي بدنه .
وإما أن يكون بحسب العضو مقيساً إلى أحواله في نفسه .
والقسم الأوّل : هو الاعتدال الذي للإنسان بالقياس إلى سائر الكائنات وهو شيء له عرض وليس منحصر في حد وليس ذلك أيضاً كيف اتفق بل له في الإفراط والتفريط حدان إذا خرج عنهما بطل المزاج عن أَن يكون مزاج إنسان .


وأما الثاني : فهو الواسطة بين طرفي هذا المزاج العريض ويوجد في شخص في غاية الاعتدال من صنف في غاية الاعتدال في السنّ الذي يبلغ فيه النشوّ غاية النموّ وهذا أيضا " وإن لم يكن الاعتدال الحقيقي المذكور في ابتداء الفصل حتى يمتنع وجوده فإنه مما يعسر وجوده وهذا الإنسان أيضاً إنما يقرب من الاعتدال الحقيقي المذكور لا كيف اتفق ولكن تتكافأ أعضاؤه الحارة كالقلب والباردة كالدماغ والرطبة كالكبد واليابسة كالعظام فإذا توازنت وتعادلت قربت من الاعتدال الحقيقي وأما باعتبار كل عضو في نفسه إلا عضواً واحداً وهو الجلد على ما نصفه بعد .
وإما بالقياس إلى الأرواح وإلى الأعضاء الرئيسة فليس يمكن أن يكون مقارباً لذلك الاعتدال الحقيقي بل خارجاً عنه إلى الحرارة والرطوبة .
فإن مبدأ الحياة هو القلب والروح وهما حاران جداً مائلان إلى الإفراط .
والحياة بالحرارة والنشوء بالرطوبة بل الحرارة تقوم بالرطوبة وتغتذي بها .
والأعضاء الرئيسة ثلاثة كما سنبين بعد هذا والبارد منها واحد وهو الدماغ .
وبرده لا يبلغ أن يعدل حر القلب والكبد .
واليابس منها أو القريب من اليبوسة واحد وهو القلب ويبوسته لا تبلغ أن تعدل مزاج رطوبة الدماغ والكبد .
وليس الدماغ أيضاً بذلك البارد ولا القلب أيضاً بذلك اليابس ولكن القلب بالقياس إلى الآخر يابس والدماغ بالقياس إلى الآخرين بارد .
وأما القسم الثالث : فهو أضيق عرضاً من القسم الأول أعني من الاعتدال النوعي إلا أن له عرضاً صالحاً وهو المزاج الصالح لأمةٍ من الأمم بحسب القياس إلى إقليم من الأقاليم وهواء من الأهوية فإن للهند مزاجاً يشمهلم يصحون به .
وللصقالبة مزاجاً آخر يخصون به ويصحون به .
كل واحد منهما معتدل بالقياس إلى صنفه وغير معتدل بالقياس إلى الآخر .
فإن البدن الهندي إذا تكيف بمزاج الصقلابي مرض أو هلك .
وكذلك حال البدن الصقلابي إذا تكيّف بمزاج الهندي .


فيكون إذن لكل واحد من أصناف سكان المعمورة مزاج خاص يوافق هواء إقليمه وأما القسم الرابع : فهو الواسطة بين طرفي عرض مزاج الإقليم وهو أعدل أمزجة ذلك الصنف .
وأما القسم الخامس : فهو أضيق من القسم الأوّل والثالث وهو المزاج الذي يجب أن يكون لشخص معيّن حتى يكون موجوداً حيا " صحيحاً وله أيضاً عرض يحدّه طرفا إفراط وتفريط .
ويجب أن تعلم أن كل شخص يستحق مزاجاً يخصّه يندر أو لا يمكن أن يشاركه فيه الآخر .
وأما القسم السادس : فهو الواسطة بين هذين الحدين أيضا " وهو المزاج الذي إذا حصل للشخص كان على أفضل ما ينبغي له أن يكون عليه .
وأما القسم السابع : فهو المزاج الذي يجب أن يكون لنوع كل عضو من الأعضاء يخالف به غيره فإن الاعتدال الذي للعظم هو أن يكون اليابس فيه أكثر وللدماغ أن يكون الرطب فيه أكثر وللقلب أن يكون الحار فيه أكثر وللعصب أن يكون البارد فيه أكثر ولهذا المزاج أيضاً عرض يحده طرفا إفراط وتفريط هو دون العروض المذكورة في الأمزجة المتقدمة .
وأما القسم الثامن : فهو الذي يخصّ كل عضو من الاعتدال حتى يكون العضو على أحسن ما يكون له في مزاجه فهو الواسطة بين هذين الحدّين وهو المزاج الذي إذا حصل للعضو كان على أفضل ما ينبغي له أن يكون عليه .
فإذا اعتبرت الأنواع كان أقربها من الاعتدال الحقيقي هو الإنسان .
وإذا اعتبرت الأصناف فقد صحّ عندنا أنه إذا كان في الموضع الموازي لمعدل النهار عمارة ولم يعرض من الأسباب الأرضية أمر مضاد أعني من الجبال والبحار فيجب أن يكون سكانها أقرب الأصناف من الاعتدال الحقيقي .
وصحّ أن الظن الذيَ يقع أن هناك خروجاَ عن الاعتدال بسبب قرب الشمس ظن فاسد فإن مسامتة الشمس هناك أقل نكاية وتغييرا " للهواء من مقاربتها ههنا أو أكثر عرضا " مما ههنا وإن لم تَسَامِت ثم سائر أحوالهم فاضلة متشابهة ولا يتضاد عليهم الهواء تضاداً محسوسا " بل يشابه مزاجهم دائما " .


وكنا قد عملنا في تصحيح هذا الرأي رسالة .
ثم بعد هؤلاء فأعدل الأصناف سكان الاقليم الرابع فإنهم لا محترقون بدوام مسامتة الشمس رؤوسهم حيناً بعد حين بعد تباعدها عنهم كسكان أكثر الثاني والثالث ولا فجون نيون بدوام بعد الشمس عن رؤوسهم كسكان أكثر الخامس وما هو أبعد منه عرضاً وأما في الأشخاص فهو أعدل شخص من أعمل صنف من أعدل نوع .
وأما في الأعضاء فقد ظهر أن الأعضاء الرئيسة ليست شديدة القرب من الاعتدال الحقيقي بل يجب أن تعلم أن اللحم أقرب الأعضاء من ذلك الاعتدال وأقرب منه الجلد فإنه لا يكاد ينفعل عن ماء ممزوج بالتساوي نصفه جمد ونصفه مغلي ويكاد يتعادل فيه تسخين العروق والدم لتبريد العصب وكذلك لا ينفعل عن جسم حسن الخلط من أيبس الأجسام وأسيلها إذا كانا فيه بالسوية وإنما يعرف أنه لا ينفعل منه لأنه لا يحس وإنما كان مثله لما كان لا ينفعل منه لأنه لو كان مخالفاً له لانفعل عنه فإن الأشياء المتفقة العنصر المتضادة الطبائع ينفعل بعضها عن بعض .
وإنما لا ينفعل الشيء عن مشاركة في الكيفية إذا كان مشاركة في الكيفية شبيهة فيها .
وأعدل الجلد جلد اليد وأعدل جلد اليد جلد الكف وأعدله جلد الراحة أعدله ما كان على الأصابع وأعدله ما كان على السبابة وأعدله ما كان على الأنملة منها فلذلك هي وأنامل الأصابع الأخرى تكاد تكون هي الحاكمة بالطمع في مقادير الملموسات .
فإن الحاكم يجب أن يكون متساوي الميل إلى الطرفين جميعا حتى يحس بخروج الطرف عن التوسط والعدل .
ويجب أن تعلم مع ما قد علمت أنا إذا قلنا للدواء أنه معتدل فلسنا نعني بذلك أنه معتدل على الحقيقة فذلك غير ممكن .
ولا أيضاً أنه معتدل بالاعتدال الإنساني في مزاجه وإلا لكان من جوهر الإنسان بعينه .


ولكنا نعني أنه إذا انفعل عن الحار الغريزي في بدن الإنسان فتكيف بكيفية لم تكن تلك الكيفية خارجة عن كيفية الإنسان إلى طرف من طرفي الخروج عن المساواة فلا يؤثر فيه أثراً مائلاً عن الاعتدال وكأنه معتدل بالقياس إلى فعله في بدن الإنسان .
وكذلك إذا قلنا أنه حار أو بارد فلسنا نعني أنه في جوهره بغاية الحرارة أو البرودة ولا أنه في جوهره أحر من بدن الإنسان أو أبرد وإلا لكان المعتدل ما مزاجه مثل مزاج الإنسان .
ولكنا نعني به أنه يحدث منه في بدن الإنسان حرارة أو برودة فوق اللتين له .
ولهذا قد يكون الدواء بارداً بالقياس إلى بدن الإنسان حاراً بالقياس إلى بدن العقرب وحاراً بالقياس إلى بدن الإنسان بارداً بالقياس إلى بدن الحية بل قد يكون لدواء واحد أيضاً حاراً بالقياس إلى بدن زيد فوق كونه حاراً بالقياس إلى بدن عمرو .
ولهذا يؤمر المعالجون بأن لا يقيمون على دواء واحد في تبديل المزاج إذا لم ينجع .
وإذ قد استوفينا القول في المزاج المعتدل فلننتقل إلى غير المعتدل فنقول : إن الأمزجة الغير المعتدلة سواء أخذتها بالقياس إلى النوع أو الصنف أو الشخص أو العضو ثمانية بعد الاشتراك في أنها مقابلة للمعتدل .
وتلك الثمانية تحدث على هذا الوجه وهو أن الخارج عن الاعتدال إما أن يكون بسيطاً وإنما يكون خروجه في مضادة واحدة وإما أن يكون مركباً .
وإنما يكون خروجه في المضادتين جميعاً .
والبسيط الخارج في المضادة الواحدة إما في المضادة الفاعلة وذلك على قسمين : لأنه إما أن يكون أحر مما ينبغي لكن ليس أرطب مما ينبغي ولا أيبس مما ينبغي أو يكون أبرد مما ينبغي وليس أيبس مما ينبغي ولا أرطب مما ينبغي وإما أن يكون في المضادة المنفعلة وذلك على قسمين : لأنه إما أن يكون أيبس مما ينبغي وليس أحرّ ولا أبرد مما ينبغي وإما أن يكون أرطب مما ينبغي وليس أحر ولا أبرد مما ينبغي .


لكن هذه الأربعة لا تستقرّ ولا تثبت زماناً له قدر فإن الأحر مما ينبغي يجعل البدن أيبس مما ينبغي والأبرد مما ينبغي يجعل البدن أرطب مما ينبغي بالرطوبة الغريبة والأيبس مما ينبغي سريعاً ما يجعله أبرد مما ينبغي والأرطب مما ينبغي إن كان بإفراط فإنه أسرع من الأيبس في تبريده وإن كان ليس بإفراط فإنه يحفظه مدة أكثر إلا أنه يجعله آخر الأمر أبرد مما ينبغي .
وأنت تفهم من هذا أن الاعتدال أو الصحة أشد مناسبة للحرارة منها للبرودة فهذه هي الأربع المفردة .
وأما المركّبة التي يكون الخروج فيها في المضادتين جميعاً فمثل أن يكون المزاح أحر وأرطب معاً مما ينبغي أو أبرد وأرطب معاً مما ينبغي أو أبرد وأيبس معاً .
ولا يمكن أن يكون أحر وأبرد معاً ولا أرطب وأيبس معاً .
وكل واحد من هذه الأمزجة الثمانية لا يخلو إما أن يكون بلا مادة وهو أن يحدث ذلك المزاج في البدن كيفية وحدها من غير أن يكون قد تكيف البدن به لنفوذ خلط فيه متكيّف به فيتغير البدن إليه مثل حرارة المدقوق وبرودة الخصر المصرود المثلوج وإما أن يكون مع مادة وهو أن يكون البدن إنما تكيف بكيفية ذلك المزاج لمجاورة خلط نافذ فيه غالب عليه تلك الكيفية مثل تبرد الجسم الإنساني بسبب بلغم زجاجي أو تسخنه بسبب صفراء كراثي .
وستجد في الكتاب الثالث والرابع مثالاً لواحد واحد من الأمزجة الستة عشر .
واعلم : أن المزاج مع المادة قد يكون على جهتين وذلك لأن العضو قد يكون تارةً منتفعاً في المادة متبلاً بها وقد تكون تارةً المادة محتبسةً في مجاريه وبطونه فربما كان احتباسها ومداخلتها يحدث توريماً وربما لم يكن .
الفصل الثاني أمزجة الأعضاء
اعلم أنّ الخالق جل جلاله أعطى كل حيوان .
وكل عضو من المزاج ما هو أليق به وأصلح لأفعاله وأحواله بحسب الإمكان له .
وتحقيق ذلك إلى الفيلسوف دون الطبيب .
وأعطى الإنسان أعدل مزاج يمكن أن يكون في هذا العالم مع مناسبة لقواه التي بها يفعل وينفعل .


وأعطى كل عضو ما يليق به من مزاجه فجعل بعض الأعضاء أحر وبعضها أبرد ويعضها أيبس وبعضها أرطب .
فأما أحر ما في البدن فهو الروح والقلب الذي هو منشؤه ثم الدم فإنه وإن كان متولداً في الكبد فإنه لاتصاله بالقلب يستفيد من الحرارة ما ليس للكبد ثم الكبد لأنها كدم جامد ثم الرئة ثم اللحم وهو أقل منها بما يخالطه من ليف العصب البارد ثم العضل وهو أقل حرارة من اللحم المفرد لما يخالطه من العصب والرباط ثم الطحال لما فيه من عكر الدم ثم الكِلى لأن الدم فيها ليس بالكثير ثم طبقات العروق الضوارب لا بجواهرها العصبية بل بما تقبله من تسخين الدم والروح اللذين فيها ثم طبقات العروق السواكن لأجل الدم وحده ثم جلدة الكف المعتدلة وأبرد ما في البدن البلغم ثم الشحم ثم الشعر ثم العظم ثم الغضروف ثم الرباط ثم وأما أرطب ما في البدن فالبلغم ثم الدم ثم السمين ثم الشحم ثم الدماغ ثم النخاع ثم لحم الثدي والأنثيين ثم الرئة ثم الكبد ثم الطحال ثم الكليتان ثم العضل ثم الجلد .
هذا هو الترتيب الذي رتبه " جالينوس " .
ولكن يجب أن تعلم أن الرئة في جوهرها وغريزتها ليست برطبة شديدة الرطوبة لأن كل عضو شبيه في مزاجه الغريزي بما يتغذى به وشبيه في مزاجه العارض بما يفضل فيه .
ثم الرئة تغتذي من أسخن الدم وأكثره مخالطة للصفراء .
فعلمنا هذا " جالينوس " بعينه ولكنها قد يجتمع فيها فضل كثير من الرطوبة عما يتصعد من بخارات البدن وما ينحدر إليها من النزلات .
وإذا كان الأمر على هذا فالكبد أرطب من الرئة كثيراً في الرطوبة الغريزية .
والرئة أشد ابتلالاً وإن كان دوام الابتلال قد يجعلها أرطب في جوهرها أيضاً .
وهكذا يجب أن تفهم من حال البلغم والدم من جهة وهو أن ترطيب البلغم في أكثر الأمر هو على سبيل البل وترطيب الدم هو على سبيل التقرير في الجوهر .
على أن البلغم الطبيعي المائي قد يكون في نفسه أشد رطوبة .


فإن الدم بما يستوفي حظه من النضج يتحلل منه شيء كثير من الرطوبة التي كانت في البلغم المائي الطبيعي الذي استحال إليه .
فستعلم بعد أن البلغم الطبيعي دم استحال بعض الاستحالة .
وأما أيبس ما في البدن فالشّعر لأنه من بخار دخاني تحلل ما كان فيه من خلط البخار وانعقدت الدخانية الصرفة ثم العظم لأنه أصلب الأعضاء لكنه أصلب من الشعر لأن كون العظم من الدم ووضعه وضع نَشَاف للرطوبات الغريزية متمكن منها .
ولذلك ما كان العظم يغذو كثيراً من الحيوانات والشعر لا يغذو شيئاً منها أو عسى أن يغذو نادرا " من جملتها كما قد ظن من أن الخفافيش تهضمه وتسيغه .
لكنا إذا أخذنا قدرين متساويين من العظم والشعر في الوزن فقطرناهما في القرع والإنبيق سال من العظم ماء ودهن كثر وبقي له ثقل أقل .
فالعظم إذاً أرطب من الشعر .
وبعد العظم في اليبوسة الغضروف ثم الرباط ثم الوتر ثم الغشاء ثم الشرايين ثم الأوردة ثم عصب الحركة ثم القلب ثم عصب الحسّ .
فإن عصب الحركة أبرد وأيبس معاً كثيراً من المعتدل .
وعصب الحس أبرد وليسَ أيبس كثيراً من المعتدل بل عسى أن يكون قريباً منه وليس أيضاً كثير البعد منه في البرد ثم الجلد .
الفصل الثالث أمزجة الأسنان والأجناس
الأسنان أربعة في
الجملة : سن النمو ويسمّى سن الحداثة وهو إلى قريب من ثلاثين سنة ثم سن الوقوف : وهو سن الشباب وهو إلى نحو خمس وثلاثين سنة أو أربعين سنة وسن الانحطاط مع بقاء من القوة : وهو سن المكتهلين وهو إلى نحو ستين سنة وسن الانحطاط مع ظهور الضعف في القوة : وهو سن الشيوخ إلى آخر العمر .
لكن سن الحداثة ينقسم إلى : سن الطفولة : وهو أن يكون المولود بعد غير مستعد الأعضاء للحركات والنهوض وإلى سن الصبا : وهو بعد النهوض وقبل الشدة وهو أن لا تكون الأسنان استوفت السقوط والنبات ثم سن الترعرع : وهو بعد الشدة ونبات الأسنان قبل المراهقة ثم سن الغلامية والرهاق إلى أن يبقل وجهه .


ثم سن الفتى : إلى أن يقفل النمو .
والصبيان أعني من الطفولة إلى الحداثة مزاجهم في الحرارة كالمعتدل وفي الرطوبة كالزائد ثم بين الأطباء الأقدمين اختلاف في حرارتي الصبي والشاب فبعضهم يرى أن حرارة الصبي أشد ولذلك ينمو أكثر وتكون أفعاله الطبيعية من الشهوة والهضم كذلك كثر وأدوم لأن الحرارة الغريزية المستفادة فيهم من المني أجمع وأحدث .
وبعضهم يرى أن الحرارة الغريزية في الشبان أقوى بكثير لأن دمهم أكثر وأمتن ولذلك يصيبهم الرُعاف أكثر وأشد ولأن مزاجهم إلى الصفراء أميل ومزاج الصبيان إلى البلغم أميل ولانهم أقوى حركات والحركة بالحرارة وهم أقوى استمراء وهضماً وذلك بالحرارة .
وأما الشهوة فليست تكون بالحرارة بل بالبرودة ولهذا ما تحدث الشهوة الكلبية في أكثر الأمر من البرودة والدليل على أن هؤلاء أشد استمراء أنه لا يصيبهم من التهوع والقيء والتخمة ما يعرض للصبيان لسوء الهضم .
والدليل على أن مزاجهم أميل إلى الصفراء هو أن أمراضهم حارة كلها كحمى الغب وقيئهم صفراوي .
وأما أكثر أمراض الصبيان فإنها رطبة باردة وحمياتهم بلغمية وأكثر ما يقذفونه بالقيء بلغم .
وأما النمو في الصبيان فليس من قوة حرارتهم ولكن لكثرة رطوبتهم وأيضاً فإن كثرة شهوتهم تدلّ على نقصان حرارتهم .
هذا مذهب الفريقين واحتجاجهما .
وأما " جالينوس " فإنه يرد على الطائفتين جميعاً وذلك أنه يرى الحرارة فيهما متساوية في الأصل لكن حرارة الصبيان أكثر كمية وأقل كيفية أي حدة .
وحرارة الشبان أقل كمية وأكثر كيفية أي حدّة .
وبيان هذا على ما يقوله فهو أن يتوهم أن حرارة واحدة بعينها في المقدار أو جسماً لطيفاً حاراً واحدا " في الكيف والكم فشا تارة في جوهر رطب كثير كالماء وفشا أخرى في جوهر يابس قليل كالحجر وإذا كان كذلك فإنا نجد حينئذ الماء الحار المائي أكثر كمية وألين كيفية والحار الحجري أقل كمية وأحدّ كيفية .


وعلى هذا فقس وجود الحار في الصبيان والشبان فإن الصبيان إنما يتولدون من المني الكثير الحرارة وتلك الحرارة لم يعرض لها من الأسباب ما يطفئها .
فإن الصبي ممعن في التزيّد ومتدرّج في النمو ولم يقف بعد فكيف يتراجع .
وأما الشاب فلم يقع له سبب يزيد في حرارته الغريزية ولا أيضاً وقع له سبب يطفئها بل تلك الحرارة مستحفظة فيه برطوبة أقل كمية وكيفية معاً إلى أن يأخذ في الانحطاط .
وليست قلة هذه الرطوبة تعد قلةً بالقياس إلى استحفاظ الحرارة ولكن بالقياس إلى النمو فكأن الرطوبة تكون أولا بقدر يفي به كلا الأمرين فيكون بقدر ما نحفظ الحرارة وتفضل أيضاً النمو ثم تصير بآخرة بقدر لا يفي به كلا الأمرين ثم تصير بقدر لا يفي ولا بأحد الأمرين فيجب أن يكون في الوسط بحيث يفي بأحد الأمرين دون الآخر .
ومحال أن يقال أنها تفي بالتنمية ولا تفي بحفظ الحرارة الغريزية فإنه كيف يزيد على الشيء ما ليس يمكنه أن يحفظ الأصل فبقي أن يكون إنما يفي بحفظ الحرارة الغريزية ولا يفي بالنمو .
ومعلوم أن هذا السن هو سن الشباب .
وأما قول الفريق الثاني : أن النمو في الصبيان إنما هو بسبب الرطوبة دون الحرارة فقول باطل .
وذلك لأن الرطوبة مادة للنمو والمادة لا تنفعل ولا تتخلق بنفسها بل عند فعل القوة الفاعلة فيها والقوة الفاعلة ههنا هي نفس أو طبيعة بإذن الله عز وجل ولا تفعل إلاَّ بآلة هي الحرارة الغريزية .
وقولهم أيضاً : إن قوة الشهوة في الصبيان إنما هي لبرد المزاج قول باطل .
فإن تلك الشهوة الفاسدة التي تكون لبرد المزاج لا يكون معها استمراء واغتذاء .


والاستمراء في الصبيان في أكثر الأوقات على أحسن ما يكون ولولا ذلك لما كانوا يوردون من البدل الذي هو الغذاء أكثر مما يتحلل حتى ينمو ولكنهم قد يعرض لهم سوء استمرائهم لشرههم وسوء تربيتهم لمطعومهم وتناولهم الأشياء الرديئة والرطبة والكثيرة وحركاتهم الفاسدة عليها فلهذا تجتمع فيهم فضول أكثر ويحتاجون إلى تنقية أكثر وخصوصاً رئاتهم ولذلك نبضهم أشد تواتراً وسرعة وليس له عظم لأن قوتهم لم تتم .
فهذا هو القول في مزاج الصبي والشاب على حسب ما تكفل " جالينوس " ببيانه وعبرنا عنه .
ثمِّ يجب أن تعلم أن الحرارة بعد مدة سنّ الوقوف تأخذ في الإنتقاص لانتشاف الهواء المحيط مادتها التي هي الرطوبة ومعاونة الحرارة الغريزية التي هي أيضاً من داخل ومعاضدة الحركات البدنية والنفسانية الضرورية في المعيشة لها وعجز الطبيعة عن مقاومة ذلك دائماً فإنّ جميع القوى الجسمانيّة متناهية .
فقد تبين ذلك في العلم الطبيعي فلا يكون فعلها في الإيراد دائماً .


فلو كانت هذه القوى أيضاً غير متناهية وكانت دائمة الإيراد ليدلّ ما يتحلّل على السواء بمقدار واحد ولكن كان التحلل ليس بمقدار واحد بل يزداد دائما كل يوم لما كان البدل يقاوم التحلّل ولكن التحلل يفني الرطوبة فكيف والأمر أن كلاهما متظاهران أن على تهيئة النقصان والتراجع وإذ كان كذلك فواجب ضرورة أن يفنى المادة بل يطفىء الحرارة وخصوصاَّ إذا كان يعين انطفاءها بسبب عون المادة سبب آخر وهو الرطوبة الغريبة التي تحدث دائماً لعدم بدل الغذاء الهضم فيعين على انطفائها من وجهين أحدهما بالخنق والغمر والآخر بمضادة الكيفية لأن تلك الرطوبة تكون بلغمية باردة وهذا هو الموت الطبيعي المؤجل لكل شخص بحسب مزاجه ولكل منهم أجل مسمى ولكل أجل كتاب وهو مختلف في الأشخاص لاختلاف الأمزجة فهذه هي الآجال الطبيعية وههنا آجال اخترامية غيرها وهي أخرى وكل بقدر فالحاصل إذاً من هذا أن أبدان الصبيان والشبان حارة باعتدال وأبدان الكهول والمشايخ باردة .
ولكن أبدان الصبيان أرطب من المعتدل لأجل النمو ويدل عليه التجربة وهي من لين عظامهم وأعصابهم .
والقياس وهو من قرب عهدهم بالمني والروح البخاري .
وأما الكهول والمشايخ خصوصاً فإنهم مع أنهم أبرد فهم أيبس يعلم ذلك بالتجرية من صلابة عظامهم ونشف جلودهم وبالقياس من بعد عهدهم بالمني والدم والروح البخاري .
ثم النارية متساوية في الصبيان والشبان والهوائية والمائية في الصبيان أكثر والأرضية في الكهول والمشايخ أكثر منها فيهما وهي في مشايخ أكثر .
والشاب معتدل المزاج فوق اعتدال الصبي لكنه بالقياس إلى الصبي يابس المزاج وبالقياس إلى الشيخ والكهل حار المزاج والشيخ أيبس من الشاب والكهل في مزاج أعضائه الأصلية وأرطب منهما بالرطوبة الغريبة البالَة .


وأما الأجناس في اختلاف أمزجتها فإن الإناث أبرد أمزجة من الذكور ولذلك قصرن عن الذكور في الخلق وأرطب فلبرد مزاجهن تكثر فضولهن ولقلة رياضتهن جوهر لحومهن أسخف وإن كان لحم الرجل من جهة تركيبه بما يخالطه أسخف فإنه لكثافته أشد تبرداً مما ينفذ فيه من العروق وليف العصب .
وأهل البلاد الشمالية أرطب وأهل الصناعة المائية أرطب .
والذين يخالفونهم فعلى الخلاف وأما علامات الأمزجة فسنذكرها حيث نذكر العلامات الكلية والجزئية .
التعليم الرابع الأخلاط
وهو فصلان
الفصل الأول ماهية الخلط وأقسامه
الخلط : جسم رطب سيال يستحيل إليه الغذاء أولاً فمنه خلط محمود وهو الذي من شأنه أن يصير جزءاَ من جوهر المغتذي وحده أو مع غيره ومتشبهاً به وحده أو مع غيره .
وبالجملة سادًا بدل شيء مما يتحلل منه ومنه فضل وخلط رديء وهو الذي ليس من شأنه ذلك أو يستحيل في النادر إلى الخلط المحمود ويكون حقه قبل ذلك أن يدفع عن البدن وينفض .
ونقول : إن رطوبات البدن منها أولى ومنها ثانية .
فالأولى : هي الأخلاط الأربعة التي نذكرها .
والثانية : قسمان : إما فضول وإما غير فضول .
والفضول سنذكرها .
والتي ليست بفضول هي التي استحالت عن حالة الابتداء ونفذت في الأعضاء إلا أنها لم تصر جزء عضو من الأعضاء المفردة بالفعل التام وهي أصناف أربعة : أحدها الرطوبة المحصورة في تجاويف أطراف العروق والثانية : الرطوبة التي هي منبثّة في الأعضاء الأصلية بمنزلة الطلّ وهي مستعدّة لأن تستحيل غذاء إذا فقد البدن الغذاء ولأنْ تَبُل الأعضاء إذا جفّفها سبب من حركة عنيفة أو غيرها .
والثالثة : الرطوبة القريبة العهد بالانعقاد فهي غذاء استحال إلى جوهر الأعضاء من طريق المزاج والتشبيه ولم تستحل بعد من طريق القوام التام .
والرابعة : الرطوبة المداخلة للأعضاء الأصلية منذ ابتداء النُشُوّ التي بها اتصال أجزائها ومبدؤها من النطفة ومبدأ النطفة من الأخلاط .


ونقول أيضاً : إن الرطوبات الخلطية المحمودة والفضلية تنحصر في أربعة أجناس : جنس الدم وهو أفضلها وجنس البلغم وجنس الصفراء وجنس السوداء .
والدم : حار الطبع رطبه وهو صنفان : طبيعي وغير طبيعي والطبيعي : أحمر اللون لا نتن له حلو جداً .
وغير الطبيعي : قسمان فمنه ما قد تغيّر عن المزاج الصالح لا بشيء خالطه ولكن بأن ساء مزاجه في نفسه فبرد مزاجه مثلا " أو سخن ومنه ما إنما تغيّر بأن حصل خلط رديء فيه وذلك قسمان : فإنه إما أن يكون الخلط ورد عليه من خارج فنفذ فيه فأفسده وإما أن يكون الخلط تولّد فيه نفسه مثلاً بأن يكون عفن بعضه فاستحال الطبقة مُرَة صفراء وكثيفه مرَة سوداء وبقيا أو أحدهما فيه وهذا القسم بقسميه مختلف بحسب ما يخالطه .
وأصنافه من أصناف البلغم وأصناف السوداء وأصناف الصفراء والمائية فيصير تارة عكراً وتارة رقيقاً وتارة أسود شديد السواد وتارة أبيض وكذلك يتغير في رائحته وفي طعمه فيصير مرًا ومالحاً وإلى الحموضة .
وأما البلغم : فمنه طبيعي أيضاً ومنه غير طبيعي .
والطبيعي : هو الذي يصلح أن يصير في وقت ما دماً لأنه دم غير تام النضج وهو ضرب من البلغم والحلو وليس هو بشديد البرد بل هو بالقياس إلى البدن قليل البرد بالقياس إلى الدم والصفراء بارد وقد يكون من البلغم الحلو ما ليس بطبيعي وهو البلغم الذي لا طعم له الذي سنذكره إذا اتفق أن خالطه دم طبيعي .


وكثيراً ما يحس به في النوازل وفي النفث وأما الحلو الطبيعي فإن " جالينوس " زعم أن الطبيعة إنما لم تعد له عضواً كالمفرغة مخصوصاً مثل ما للمرتين لأن هذا البلغم قريب الشبه من الدم وتحتاج إليه الأعضاء كلها فلذلك أجري مجرى الدم ونحن نقول : إن تلك الحاجة هي لأمرين : أحدهما ضرورة والآخر منفعة أما الضرورة فلسببين : أحدهما : ليكون قريباً من الأعضاء فمتى فقدت الأعضاء الغذاء الوارد إليها صار دماً صالحاً لاحتباس مدده من المعدة والكبد ولأسباب عارضة أقبلت عليه قواها بحرارته الغريزية فأنضجته وهضمته وتغذت به وكما أن الحرارة الغريزية تنضجه وتهضمه وتصلحه دماً فكذلك الحرارة الغريبة قد تعفنه وتفسده .
وهذا القسم من الضرورة ليس للمرَتين فإن المرَتين لا تشاركان البلغم في أن الحار الغريزي يصلحه دماً وإن شاركناه في أن الحار العرضي يحيله عفناً فاسداً .
والثاني : ليخالط الدم فيهيئه لتغذية الأعضاء البلغمية المزاج التي يجب أن يكون في دمها الغاذيها بلغم بالفعل على قسط معلوم مثل الدماغ وهذا موجود للمرّتين وأما المنفعة فهي أن تبلّ المفاصل والأعضاء الكثيرة الحركة فلا يعرض لها جفاف بسبب حركة العضو وبسبب الاحتكاك وهذه منفعة واقعة في تخوم الضرورة .
وأما البلغم الغير الطبيعي فمنه فضلي مختلف القوام حتى عند الحس وهو المخاطي ومنه مستوي القوام في الحس مختلفة في الحقيقة وهو الخام ومنه الرقيق جد " ا وهو المائي منه ومنه الغليظ جدًا " وهو الأبيض المسمى بالجصي وهو الذي قد تحلل لطبقة لكثرة احتباسه في المفاصل والمنافذ وهو أغلظ الجميع ومن البلغم صنف مالح وهو أحر ما يكون من البلغم وأيبسه وأجفه وسبب كل ملوحة تحدث أن تخالط رطوبة مائية قليلة الطعم أو عديمته أجزاء أرضية محترقة يابسة المزاج مرة الطعم مخالطة باعتدال فإنها إن كثرت مررت .
ومن هذا تتولد الأملاح وتملح المياه .


وقد يصنع الملح من الرماد والقلي والنورة وغير ذلك بأن يطبخ في الماء ويصفى ويغلى ذلك الماء حتى ينعقد ملحاً أو يترك بنفسه فينعقد وكذلك البلغم الرقيق الذي لا طعم له أو طعمه قليل غير غالب إذا خالطته مرة يابسة بالطبع محترقة مخالطة باعتدال ملحته وسخنته فهذا بلغم صفراوي .
وأما الحكيم الفاضل " جالينوس فقد قال : إن هذا البلغم يملح لعفونته أو لمائية خالطته .
ونحن نقول : إن العفونة تملّحه بما تحدث فيه من الاحتراق والرمادية فتخالط رطوبته .
وأما المائية التي تخالطه فلا تحدث الملوحة وحدها إذا لم يقع السبب الثاني - ويشبه أن يكون بدل أو القاسمة الواو الواصلة وحدها فيكون الكلام تاماً .
ومن البلغم حامض .
وكما أن الحلو كان على قسمين : حلو لأمر في ذاته وحلو لأمر غريب مخالط كذلك الخامض أيضاً تكون حموضته على قسمين : أحدهما بسبب مخالطة شيء غريب وهو السوداء الحامض الذي سنذكره .
والثاني بسبب أمر في نفسه وهو أن يعرض للبلغم الحلو المذكور أو ما هو في طريق الحلاوة ما يعرض لسائر العصارات الحلوة من الغليان أولاً ثم التحميض ثانياً ومن البلغم أيضاً عفص وحاله هذه الحال فإنه ربما كانت عفوصته لمخالطة السوداء العفص وربما كانت عفوصته بسبب تبرده في نفسه تبرداً شديداً فيستحيل طعمه إلى العفوصة لجمود مائيته واستحالته لليبس إلى الأرضية قليلاً فلا تكون الحرارة الضعيفة أغلته فحمضته ولا القوية أنضجته .
ومن البلغم نوع زجاجي ثخين غليظ يشبه الزجاج الذائب في لزوجته وثقله وربما كان حامضاً وربما كان مسيخاً ويشبه أن يكون الغليظ من المسيخ منه هو الخام أو يستحيل إلى الخام وهذا النوع من البلغم هو الذي كان مائياً في أول الأمر بارداً فلم يعفن ولم يخالطه شيء بل بقي مخنوقاً حتى غلظ وازداد برداً .
! فقد تبين إذاً أن أقسام البلغم الفاسد من جهة طعمه أربعة : مالح وحامض وعفص و مسيخ .
ومن جهة قوامه أربعة : مائي وزجاجي ومخاطي وجصّي .


والخام في إعداد المخاطي .
وأما الصفراء : فمنها أيضاً طبيعي ومنها فضل غير طبيعي والطبيعي منها : هو رغوة الدم وهو أحمر اللون ناصعه خفيف حاد وكلما كان أسخن فهو أشد حمرة فإذا تولد في الكبد انقسم قسمين : فذهب قسم منه مع الدم وتصفَى قسم منه إلى المرارة .
والذاهب منه مع الدم يذهب معه لضرورة ومنفعة أما الضرورة فلتخالط الدم في تغذية الأعضاء التي تستحق أن يكون في مزاجها جزء صالح من الصفراء وبحسب ما يستحقه من القسمة مثل الرئة وأما المنفعة فلأن تلطف الدم وتنفذه في المسالك الضيقة والمتصفى منه إلى المرارة يتوجه أيضاً نحو ضرورة ومنفعة أما الضرورة فإما بحسب البدن كله فهي تخليصه من الفضل وإما بحسب عضو منه فهي لتغذية المرارة .
وأما المنفعة فمنفعتان : إحداهما غسلها المعي من الثفل والبلغم اللزج والثانية لذعها المعي ولذعها عضل المقعدة لتحس بالحاجة وتحوج إلى النهوض للتبرز .
ولذلك ربما عرض قولنج وأما الصفراء الغير الطبيعي : فمنها ما خروجه من الطبيعة بسبب غريب مخالط ومنها ما خروجه عن الطبيعة بسبب في نفسه بأنه في جوهره غير طبيعي .
والقسم الأول منه ما هو معروف مشهور وهو الذي يكون الغريب المخالط له بلغماً وتولده في أكثر الأمر في الكبد ومنه ما هو أقل شهرة وهو الذي يكون الغريب المخالط له سوداء والمعروف المشهور هو إما المرة الصفراء وإما المرّة المحية وذلك لأن البلغم الذي يخالطه ربما كان رقيقاً فحدث منه الأولى وربما كان غليظاً فحدثت منه الثانية أي الصفراء الشبيهة بمح البيض .
وأما الذي هو أقل شهرة فهو الذي يسمى صفراء محترقة .
وحدوثه على وجهين : أحدهما أن تحترق الصفراء في نفسها فيحدث فيها رمادية فلا يتميز لَطِيفُها من رماديتها بل تحتبس الرمادية فيها وهذا شر وهذا القسم يسقى صفراء محترقة .
والثاني : أن تكون السوداء وردت عليه من خارج فخالطته وهذا أسلم .


ولون هذا الصنف من الصفراء أحمر لكنه غير ناصع ولا مشرق بل أشبه بالدم إلا أنه رقيق وقد يتغير عن لونه لأسباب .
وأما الخارج عن الطبيعة في جوهره فمنه ما تولّد أكثر ما يتولد منه في الكبد ومنه ما تولّد أكثر ما يتولّد منه في المعدة والذي تولد أكثر ما يتولد منه في الكبد هو صنف واحد وهو اللطيف من الدم إذا احترق وبقي كثيفه سوداء والذي تولّد أكثر ما يتولد منه مما هو في المعدة هو على قسمين : كرّاثي وزنجاري والكرّاثي يشبه أن يكون متولداً من احتراق المحّي فإنه إذا احترق أحدث فيها الاحتراق سواداً وخالط الصفرة فتولّد فيما بين ذلك الخضرة .
وأما الزنجاري فيشبه أن يكون متولداً من الكرَاثي إذا اشتد احتراقه حتى فنيت رطوباته وأخذ يضرب إلى البياض لتجفّفه فإن الحرارة تحدث أوَلاً في الجسم الرطب سواداً ثم يسلخ عنه السواد إذا جعلت تفني رطوبته وإذا أفرطت في ذلك بيضَتْهُ .
تأمل هذا في الحطب يتفحم أوَلا " ثم يترمد وذلك لأن الحرارة تفعل في الرطب سواداً وفي ضده بياضاً .
والبرودة تفعل في الرطب بياضاً وفي ضده سواداً .
وهذان الحكمان مني في الكراثي والزنجاري تخمين .
وهذا النوع الزنجاري أسخن أنواع الصفراء وأردؤها وأقتلها .
ويقال إنه من جوهر السمون وأما السوداء فمنها ما هو طبيعي ومنها فضل غير طبيعي .
والطبيعي دردي الدم المحمود وثفله وعكره .
وطعمه بين حلاوة وعفوصة .
وإذا تولد في الكبد توزعّ إلى قسمين : فقسم منه ينفذ مع الدم وقسم يتوجَّه نحو الطحال .
والقسم النافذ منه مع الدم ينفذ لضرورة ومنفعة .
أما الضرورة فليختلط بالدم بالمقدار الواجب في تغذية عضو من الأعضاء التي يجب أن يقع في مزاجها جزء صالح من السوداء مثل العظام .
وأما المنفعة فهي أنه يشد الدم ويقويه ويكثفه ويمنعه من التحلل .
والقسم النافذ منه إلى الطحال وهو ما استغنى عنه الدم ينفذ أيضاً لضرورة ومنفعة .


أما الضرورة فإما بحسب البدن كله وهي التنقية عن الفضل وأما بحسب عضو وهي تغذية الطحال .
وأما المنفعة فإنما تقع عند تحلّلها إلى فم المعدة وتلك المنفعة على وجهين : أحدهما : أنها تشد فم المعدة وتكثّفه وتقوّيه والثاني : أنها تدغدغ فم المعدة بالحموضة فتنبه على الجوع وتحرك الشهوة .
واعلم أن الصفراء المتحلبة إلى المرارة هي ما يستغني عنه الدم .
والمتحلبة عن المرارة هي ما تستغني عنه المرارة .
وكذلك السوداء المتحلّبة إلى الطحال هي ما يستغني عنه الدم .
والمتحلّبة عن الطحال هي ما يستغني عنه الطحال .
وكما أن تلك الصفراء الأخيرة تنبه القوة الدافعة من أسفل كذلك هذه السوداء الأخيرة تنبّه القوة الجاذبة من فوق فتبارك اللّه أحسن الخالقين وأحكم الحاكمين .
وأما السوداء الغير الطبيعية : فهي ما ليس على سبيل الرسوب والثفلية بل على سبيل الرمادية والاحتراق فإن الأشياء الرطبة المخالطة للأرضية تتميّز الأرضية منها على وجهين : إما على جهة الرسوب ومثل هذا الدم هو السوداء الطبيعي وإما على جهة الاحتراق بأن يتحلّل اللطيف ويبقى الكثيف .
ومثل هذا الدم والأخلاط هو السوداء الفضلية تسمّى المرة السوداء وإنما لم يكن الرسوب إلا للدم لأن البلغم للزوجته لا يرسب عنه شئ كالثفل .
والصفراء للطافتها وقلة الأرضية فيها ولدوام حركتها ولقلّة مقدار ما يتميز منها عن الدم في البدن لا يرسب منها شيء يعتدّ به وإذا تميّز لم يلبث أن يعفن أو يندفع وإذا عفن تحلل لطيفه وبقي كثيفه سوداء احتراقية لا رسوبية .


والسوداء الفضلية : منها ما هو رماد الصفراء وحراقتها وهو مرّ والفرق بينه وبين الصفراء التي سميناها محترقة هو أن تلك الصفراء يخالطها هذا الرماد وأما هذا فهو رماد متميز بنفسه تحلّل لطيفه ومنها ما هو رماد البلغم وحراقته فإن كان البلغم لطيفاً جداً مائيا " فإن رماديته تكون إلى الملوحة وإلا كانت إلى حموضة أو عفوصة ومنها ما هو رماد الدم وحراقته وهذا مالح إلى حلاوة يسيرة ومنها ما هو رماد السوداء الطبيعية فإن كانت رقيقة كان رمادها وحراقتها شديدة الحموضة كالخل يغلي على وجه الأرض حامض الريح ينفر عنه الذباب ونحوه وإن كانت غليظة كانت أقل حموضة ومع شيء من العفوصة والمرارة فأصناف السوداء الرديئة ثلاثة : الصفراء إذا احترقت وتحلل لطيفها وهذان القسمان المذكوران بعدها .
وأما السوداء البلغمية : فأبطأ ضرراً وأقل رداءة .
وتترتّب هذه الأخلاط الأربعة إذا احترقت في الرداءة .
فالسوداء أشدها وأشدها غائلة .
وأسرعها فساداً هو الصفراوية لكنها أقبلها للعلاج .


وأما القسمان الآخران فإن الذي هو أشد حموضة أردأ ولكنه إذا تدورك في ابتدائه كان أقبل للعلاج وأما الثالث فهو أقل غلياناً على الأرض وتشبثاَ بالأعضاء وأبطأ مدة في انتهائه إلى الإهلاك ولكنه قال " جالينوس " ولم يصب من زعم أن الخلط الطبيعي هو الدم لا غير وسائر الأخلاط فضول لا يحتاج إليها البتّة وذلك لأن الدم لو كان وحده هو الخلط الذي يغذو الأعضاء لتشابهت في الأمزجة والقوام ولما كان العظم أصلب من اللحم إلا ودَمُهُ دَم مازَجَهُ جوهر صلب سوداوي ولما كان الدماغ ألين منه إلا وإن دمه دم مازجه جوهر ليّن بلغمي والدم نفسه تجده مخالطاً لسائر الأخلاط فينفصل عنها عند إخراجه وتقريره في الإناء بين يدي الحسّ إلى جزء كالرغوة هو الصفراء وجزء كبياض البيض هو البلغم وجزء كالثفل والعكر هو والسوداء وجزء مائي هو المائية التي يندفع فضلها في البول والمائية ليست من الأخلاط لأن المائية هي من المشروب الذي لا يغذو وإنما الحاجة إليها لترقق الغذاء وتنفذه وأما الخلط فهو من المأكول والمشروب الغاذي ومعنى قولنا غادّ أي هو بالقوة شبيه بالبدن والذي هو بالقوة شبيه بدن الإنسان هو جسم ممتزج لا بسيط والماء هو بسيط ومن الناس من يظن أن قوة البدن تابعة لكثرة الدم وضعفه تابع لقلته وليس كذلك بل المعتبر حال رزء البدن منه أي حال صلاحه ومن الناس من يظن أن الأخلاط إذا زادت أو نقصت بعد أن تكون على النسبة التي يقتضيها بدن الإنسان في مقادير بعضها عند بعض فإن الصحة محفوظة وليس كذلك بل يجب أن يكون لكل واحد من الأخلاط مع ذلك تقدير في الكم محفوظ ليس بالقياس إلى خلط آخر بل في نفسه مع حفظ التقدير الذي بالقياس إلى غيره .
وقد بقي في أمور الأخلاط مباحث ليست تليق بالأطباء أن يبحثوا فيها إذ ليست من صناعتهم بل بالحكماء فأعرضنا عنها .
الفصل الثاني كيفية تولد الأخلاط


فاعلم أن الغذاء له انهضام إما بالمضغ وذلك بسبب أن سطح الفم متصل بسطح المعدة بل كأنّهما سطح واحد وفيه منه قوة هاضمة فإذا لاقى الممضوغ أحاله إحالة ما ويعينه على ذلك الريق المستفيد بالنضج الواقع فيه حرارة غريزية ولذلك ما كانت الحنطة الممضوغة تفعل من إنضاج الدماميل والخراجات ما لا تفعله المدقوقة بالماء والمطبوخة فيه .
قالوا : والدليل على أن الممضوغ قد بدا فيه شيء من النضج أنه لا يوجد فيه الطعم الأول ولا رائحته الأولى ثم إذا ورد على المعدة انهضم الانهضام التام لا بحرارة المعدة وحدها بل بحرارة ما يطيف بها أيضاً أما من ذات اليمين فالكبد وأما من ذات اليسار الطحال فإن الطحال قد يسخن لا بجوهره بل بالشرايين والأوردة الكثيرة التي فيه وأما من قدام فبالثرب الشخمي القابل للحرارة سريعاً بسبب الشحم المؤدّيها إلى المعدة وإما من فوق فالقلب يتوسط تسخينه للحجاب فإذا انهضم الغذاء أوّلاً صار بذاته .
في كثير من الحيوان وبمعونة ما يخالطه من المشروب في أكثرها كيلوساً وهو جوهر سيال شبيه بماء الكشك الثخين أو ماء الشعير ملاسة وبياضاً ثم إنه بعد ذلك ينجذب لطيفه من المعدة ومن الأمعاء أيضاَ فيندفع من طريق العروة المسماة ماساريقا وهي عروق دقاق صلاب متصلة بالأمعاء كلها فإذا اندفع فيها صار إلى العرق المسمى باب الكبد ونفذ في الكبد في أجزاء وفروع للباب داخلة متصغرة مضائلة كالشعر ملاقية لفوهات أجزاء أصول العرق الطالع من حدبة الكبد .
وإن تنفذه في تلك المضايق فينا الأفضل مزاج من الماء مشروب فوق المحتاج إليه للبدن فإذا تفرق في ليف هذه العروق صار كأن الكبد بكليتها ملاقية لكلية هذا الكيلوس وكان لذلك فعلها فيه أشد وأسرع وحينئذ ينطبخ وفى كل انطباخ لمثله شيء كالرغوة وشيء كالرسوب .
وربما كان معهما إما شيء هو إلى الاحتراق إن أفرط الطبخ أو شيء كالفج إن قصر الطبخ فالرغوة هي الصفراء والرسوب هي السوداء وهما طبيعيان .


والمحترق لطيفه صفراء رديئة وكثيفه سوداء رديئة غير طبيعيين .
والفج هو البلغم .
وأما الشيء المتصفي من هذه
الجملة نضيجاً فهو الدم إلا أنه بعد ما دام في الكبد يكون أرق مما ينبغي لفضل المائية المحتاج إليها للعلة المذكورة ولكن هذا الشيء الذي هو الدم إذا انفصل عن الكبد فكما ينفصل عنه يتصفى أيضاً عن المائية الفضلية التي إنما احتيج إليها لسبب وقد ارتفع فتنجذب هي عنه في عرق نازل إلى الكليتين ويحمل مع نفسه من الدم ما يكون بكميته وكيفيته صالحاً لغذاء الكليتين فيغذو الكليتين الدسومة والدموية من تلك المائية ويندفع باقيها إلى المثانة والى الإحليل .
وأما الدم الحسن القوام فيندفع في العرق الطالع من حدبة الكبد ويسلك في الأوردة المتشعبة منه ثم في جداول الأوردة ثم في سواقي الجداول ثم في رواضع السواقي ثم في العروق الليفية الشعرية ثم يرشح من فوهاتها في الأعضاء بتقدير العزيز العليم .
فسبب الدم الفاعلي هو حرارة معتدلة وسببه المادي هو المعتدل من الأغذية والأشربة الفاضلة وسببه الصوري النضج الفاضل وسببه التمامي تغذية البدن .
والصفراء سببها الفاعلي أما الطبيعي منها الذي هو رغوة الدم فحرارة معتدلة وأما للمحترقة منها فالحرارة النارية المفرطة وخصوصاً في الكبد وسببها المادي هو اللطيف الحار والحلو الدسم .
والحريف من الأغذية وسببها الصوري مجاوزة النضج إلى الإفراط وسببها التمامي الضرورة والمنفعة المذكورتان .
والبلغم سببه الفاعلي حرارة مقصرة وسببه المادّي الغليظ الرطب اللزج البارد من الأغذية .
وسببه الصوري قصور النضج وسببه التمامي ضرورته ومنفعته المذكورتان .
والسوداء سببها الفاعلي .
أما الرسوبي منها فحرارة معتدلة .


وأما المحترق منها فحرارة مجاوزة للاعتدال وسبهها المادي الشديد الغلظ القليل الرطوبة من الأغذية والحار منها قوي في ذلك وسببها الصوري الثفل المترسب على أحد الوجهين فلا يسيل أو لا يتحلل وسببها التمامي ضرورتها ومنفعتها المذكورتان .
والسوداء تكثر لحرارة الكبد أو لضعف الطحال أو لشدة برد مجمد أو لدوام احتقان أو لأمراض كثرت وطالت فرمدت الأخلاط .
وإذا كثرت السوداء ووقفت بين المعدة والكبد قل معها تولد الدم والأخلاط الجيدة فقلّ الدم .
ويجب أن تعلم أن الحرارة والبرودة سببان لتولد الأخلاط مع سائر الأسباب لكن الحرارة المعتدلة يولّد الدم والمفرطة تولد الصفراء والمفرطة جدًّا تولد السوداء بفرط الاحتراق والبرودة تولد البلغم والمفرطة جدًا تولد السوداء بفرط الإجماد ولكن يجب أن تراعى القوى المنفعلة بإزاء القوى الفاعلة وليس يجب أن يقف الاعتقاد على أن كل مزاج يولد الشبيه به ولا يولد الضّد بالعرض وإن لم يكن بالذات فإن المزاج قد يتفق له كثيراً أن يولد الضد فإن المزاج البارد اليابس يولد الرطوبة الغريبة لا للمشاكلة ولكن لضعف الهضم ومثل هذا الإنسان يكون نحيفاً رخو المفاصل أذعر الفصل التاسع في أحوال الأدوية المسهّلة من الأدوية المسهلة ما غائلته عظيمة مثل الخربق الأسود ومثل التُرْبُد إذا لم يكن أبيض جيداً بل كان من جنس الأصفر ومثل الغاريقون إذا لم يكن أبيض خالصاً بل كان إلى السواد وكالمازريون فإن هذه الأشياء رديئة فإذا اتفق شرب شيء من ذلك وعرضت أعراض رديئة فالصواب أن يدفع الدواء عن البدن ما أمكن بقيء أو إحدار وليعالج بالترياق وكثيراً منها ما يدفع شرّه وإفساده للنفس بسقي الماء البارد جداً والجلوس فيه كالتربد الأصفر والعفن وبكل ما يكسر الحدة أيضاً بتغرية وتليين ودسومة فيها غروية فينفع من ذلك .


وقد يناسب بعض الأدوية بعض الأمزجة ولا يناسب بعضها فإن السقمونيا لا يعمل في أهل البلدان الباردة إلا فعلاً ضعيفاً ما لم يستعمل منه مقدار كثير كعادته في بلاد الترك وربما احتيج في بعض البلدان والأبدان إلى أن لا يستعمل أجرام الأدوية بل قواها .
ومن الواجب أن يخلط بالأدوية المسهلة الأدوية العطرية ليحفظ بها قوى الأعضاء والأدوية الطيبة حسنة الموقع من ذلك لأنها تقوي الروح الحيواني في كل عضو .
وأكثرها معين بتلطيفه وتسييله وقد يجتمع دواءان : أحدهما سريع الإسهال لخلطه والآخر بطيء فيفرغ الأول من فعله قبل ابتداء الثاني في فعله وقد يزاحم الثاني في خلطه أيضاً مزاحمة تكسر قوته وإذا ابتدأ الثاني بعده كان ضعيف القوة محركاً غير بالغ فيجب أن يركب معه ما يستعمله بسرعة كالزنجبيل للتربد فإنه لا يدعه يتبلد إلى حين ولذلك جوذب الخلط بينهما .
ويجب أن تتأمل أصولاً بيّناها في قوى الأدوية المسهّلة حيث تكلّمنا في أصول كلية للأدوية المفردة .
والدواء المسهل قد يسهل بالتحليل مع خاصية كالتربد وقد يسهل بالعصر مع خاصية كالهليلج وقد يسهل بالتليين مع خاصية كالشيرخشك وقد يسهل بالإزلاق كلعاب بزرقطونا والإجاص .
وأكثر الأدوية القوية فيها سمية ما فيسهل على سبيل قسر الطبيعة فيجب أن يصلحها بما فيه فادزهرية وقد تعين المرارة والحرافة والقبض والعفونة والحموضة كثيراً على فعل الدواء إذا وافقت خاصيته فإن المرارة والحرافة تعينان على التحليل .
والعفوصة على العصر .
والحموضة على التقطيع المعَدّ للإزلاق .
ويجب أن لا يجمع بين مزلق وعاصر على وجه تتكافأ فيه قوتاهما بل يصلح في مثله أن يتباطأ أحدهما عن الآخر فيكون مثل أحد الدواءين مليناً يفعل فعله قبل فعل العاصر ثم يلحق العاصر فيسهل ما لينه وعلى هذا القياس .
جباناَ بارد اللمس ناعمه ضيق العروق .
وشبيه بهذا ما تولد الشيخوخة البلغم على أن مزاج الشيخوخة بالحقيقة برد ويبس .


ويجب أن تعلم أن للدم وما يجري معه في العروق هضماً ثالثاَ وإذا توزع على الأعضاء فليصب كل عضو عنده هضم رابع ففضل الهضم الأول وهو في المعدة يندفع من طريق الأمعاء .
وفضل الهضم الثاني وهو في الكبد يندفع أكثره في البول وباقيه من جهة الطحال والمرارة وفضل الهضمين الباقيين يندفع بالتحلل الذي لا يحس وبالعرق والوسخ الخارج بعضه من منافذ محسوسة كالأنف والصماخ أو غير محسوس كالمسام أو خارجة عن الطبع كالأورام المتفجرة أو بما ينبت من زوائد البدن كالشعر والظفر .
واعلم أن من رقت أخلاطه أضعفه استفراغها وتأذى بسعة مسامه إن كانت واسعة تأذياً في قوّته لما يتبع التحلل من الضعف ولأن الأخلاط الرقيقة سهله الاستفراغ والتحلل وما سهل استفراغه وتحلّله سهل استصحابه للروح في تحلله فيتحلل معه .
واعلم أنه كما أن لهذه الأخلاط أسباباً في تولدها فكذلك لها أسباب في حركتها فإن الحركة والأشياء الحارة تحرك الدم والصفراء وربما حركت السوداء وتقويها لكن الدعة تقوي البلغم وصنوفاً من السوداء .
والأوهام أنفسها تحرك الأخلاط مثل أن الدم يحرّكه النظر إلى الأشياء الحمر ولذلك ينهى المرعوف عن أن يبصر ماله بريق أحمر فهذا ما نقوله في الأخلاط وتولدها وأما مخاصمات المخالفين في صوابها فإلى الحكماء دون الأطباء .
التعليم الخامس
فصل واحد وخمس جمل
ماهية العضو وأقسامه فنقول الأعضاء أجسام متولدة من أول مزاج الأخلاط المحمودة كما أن الأخلاط أجسام متولدة من أول مزاج الأركان .
والأعضاء : منها ما هي مفردة ومنها ما هي مركبة .
والمفردة هي التي أي جزء محسوس أخذت منها كان مشاركاً للكل في الاسم والحد مثل اللحم وأجزائه والعظم وأجزائه والعصب وأجزائه وما أشبه ذلك تسمى متشابهة الأجزاء .


والمركبة : هي التي إذا أخذت منها جزءاً أي جزء كان لم يكن مشاركاً للكل لا في الاسم ولا في الحد مثل اليد والوجه فإن جزء الوجه ليس بوجه وجزء اليد ليس بيد وتسمى أعضاء آلية لأنها هي آلات النفس في تمام الحركات والأفعال .
وأول الأعضاء المتشابهة الأجزاء العظم : وقد خلق صلباً لأنه أساس البدن ودعامة الحركات .
ثم الغضروف : وهو ألين من العظم فينعطف وأصلب من سائر الأعضاء والمنفعة في خلقه أن يحسن به اتصال العظام بالأعضاء اللينة فلا يكون الصلب واللين قد تركبا بلا متوسط فيتأذى اللين بالصلب وخصوصاً عند الضربة والضغطة بل يكون التركيب مدرجاً مثل ما في العظم الكتفي والشراسيف في أضلاع الخلف ومثل الغضروف الحنجري تحت القصٌ وأيضاً ليحسن به تجاور المفاصل المتحاكة فلا ترضّ لصلابتها وأيضاَ إذا كان بعض العضل يمتد إلى عضو غير ذي عظم يستند إليه ويقوَى به مثل عضلات الأجفان كان هناك دعاماً وعماداً لأوتارها وأيضاً فإنه قد تمس الحاجة في مواضع كثيرة إلى اعتماد يتأتى على شيء قوِيٍ ليس بغاية الصلابة كما في الحنجرة .
ثم العصب : وهي أجسام دماغية أو نخاعية المنبت بيض لدنة لينة في الانعطاف صلبة في الانفصال خلقت ليتم بها للأعضاء الإحساس والحركة ثم الأوتار وهي أجسام تنبت من أطراف العضل شبيهة بالعصب فتلاقي الأعضاء المتحركة فتارة تجذبها بانجذابها لتشنج العضلة واجتماعها ورجوعها إلى ورائها وتارة ترخيها باسترخائها لانبساط العضلة عائدة إلى وضعها أو زائدة فيه على مقدارها في طولها حال كونها على وضعها المطبوع لها على ما نراه نحن في بعض العضل وهي مؤلفة في الأكثر من العصب النافذ في العضلة البارزة منها في الجهة الأخرى .


ومن الأجسام التي يتلو ذكرها ذكر الأوتار وهي التي تسميها رباطات : وهي أيضاً عصبانية المرائي والملمس تأتي من الأعضاء إلى جهة العضل فتتشظّى هي والأوتار ليفاً فما ولي العضلة منها احتشى لحماً وما فارقها إلى المفصل والعضو المحرك اجتمع إلى ذاته وانفتل وتراً لها ثم الرباطات التي ذكرنا وهي أيضاً أجسام شبيهة بالعصب بعضها يسمى رباطاً مطلقاً وبعضها يخص باسم العقب فما امتد إلى العضلة لم يسم إلا رباطاً وما لم يمتد إليها ولكن وصل بين طرفي عظمي المفصل أو بين أعضاء أخرى وأحكم شدّ شيء إلى شيء فإنه مع ما يسمّى رباط قد يخصّ باسم العقب وليس لشيء من الروابط حس وذلك لئلا يتأذى بكثرة ما يلزمه من الحركة والحك .
ومنفعة الرباط معلومة مما سلف .
ثم الشريانات : وهي أجسام نابتة من القلب ممتدة مجوفة طولاً عصبانية رباطية الجوهر لها حركات منبسطة ومنقبضة تنفصل بسكنات خلقت لترويح القلب ونفض البخار الدخاني عنه ولتوزيع الروح على أعضاء البدن بإذن الله .
ثم الأوردة : وهي شبيهة بالشريانات ولكنها نابتة من الكبد وساكنة ولتوزع الدم على أعضاء البدن ثم الأغشية وهي أجسام منتسجة من ليف عصباني غير محسوس رقيقة الثخن مستعرضة تغشى سطوح أجسام أخر وتحتوي عليها لمنافع منها لتحفظ جملتها على شكلها وهيئتها ومنها لتعلقها من أعضاء أخر وتربطها بها بواسطة العصب والرَّباط التي تشظى إلى ليفها فانتسجت منه كالكلية من الصلب ومنها ليكون للأعضاء العديمة الحس في جوهرها سطح حساس بالذات لما يلاقيه وحساس لما يحدث فيه الجسم الملفوف فيه بالعرض وهذه الأعضاء مثل الرئة والكبد والطحال والكليتين فإنها لا تحسّ بجواهرها البتة لكن إنما تحس الأمور المصادمة لها بما عليها من الأغشية وإذا حدث فيها ريح أو ورم أحس .
أما الريح فيحسه الغشاء بالعرض للتمدد الذي يحدث فيه وأما الورم فيحسّه مبدأ الغشاء ومتعلقه بالعرض لأرجحنان العضو لثقل الورم .


ثم اللحم : وهو حشو خلل وضع هذه الأعضاء في البدن وقوتها التي تعدم به وكل عضو فله في نفسه قوة غريزية بها يتمّ له أمر التغذي وذلك هو جذب الغذاء وإمساكه وتشبيهه وإلصاقه ودفع الفضل ثم بعد ذلك تختلف الأعضاء فبعضها له إلى هذه القوة قوة تصير منه إلى غيره وبعضها ليس له ذلك .
ومن وجه آخر فبعضها له إلى هذه القوة قوة تصير إليه من غيره وبعضها ليس له تلك فإذا تركبت حدث عضو قابل معطٍ وعضو معطٍ غير قابل وعضو قابل غير معط وعضو لا قابل ولا معطٍ أما العضو القابل المعطي فلم يشك أحد في وجوده فإن الدماغ والكبد أجمعوا أن كل واحد منهما يقبل قوة الحياة والحرارة الغريزية والروح من القلب .
وكل واحد منهما أيضاً مبدأ قوة يعطيها غيره .
وأما الكبد : فمبدأ التغذية عند قوم مطلقاً وعند قوم لا مطلقاً .
وأما العضو القابل الغير المعطي فالشك في وجوده أبعد مثل اللحم القابل قوة الحس والحياة وليس هو مبدأ لقوة يعطيها غيره بوجه .
وأما القسمان الآخران فاختلف في أحدهما الأطباء مع الكثير من الحكماء فقال الكثير من القدماء : أن هذا العضو هو القلب وهو الأصل لكل قوة وهو يعطي سائر الأعضاء كلّها القوى التي تغذو والتي تدرك وتحرك .
وأما الأطباء وقوم من أوائل الفلاسفة فقد فرقوا هذه القوى في الأعضاء ولم يقولوا بعضو معط غير قابل لقوة وقول الكثير عند التحقيق والتدقيق أصح وقول الأطباء في بادىء النظر أظهر .
ثم اختلف في القسم الآخر الأطباء فيما بينهم والحكماء فيما بينهم فذهبت طائفة إلى أن العظام واللحم الغير الحساس وما أشبههما إنما يبقى بقوى فيها تخصها لم تأتها من مبادٍ أخر لكنها بتلك القوى إذا وصل إليها غذاؤها كفت أنفسها فلا هي تفيد شيئاً اَخر قوة فيها ولا أيضاً يفيدها عضو قوة أخرى .


وذهبت طائفة إلى أن تلك القوى ليس تخضها لكنها فائضة إليها من الكبد أو القلب في أول الكون ثم استقرت فيه والطبيب ليس عليه أن يتتبع المخرج إلى الحق من هذين الاختلافين بالبرهان فليس له إليه سبيل من جهة ما هو طبيب ولا يضرّه في شيء من مباحثه وأعماله ولكن يجب أن يعلم ويعتقد في الاختلاف الأوّل أنه لا عليه كان القلب مبدأ في الحس والحركة للدماغ وللقوة المغتذية للكبد أو لم يكن فإن الدماغ إما بنفسه وإما بعد القلب مبدأ للأفاعيل النفسانية بالقياس إلى سائر الأعضاء .
والكبد كذلك مبدأ للأفعال الطبيعية المغذية بالقياس إلى سائر الأعضاء .
ويجب أن يعلم ويعتقد في الاختلاف الثاني أنه لا عليه كان حصول القوة الغريزية في مثل العظم عند أوّل الحصول من الكبد أو يستحقه بمزاجه نفسه أو لم يكن ولا واحد منهما ولكن الآن يجب أن يعتقد أن تلك القوة ليست فائضة إليه من الكبد بحيث لو انسد السبيل بينهما وكان عند العظم غذاء مغذِ بطل فعله كما للحس والحركة إذا انسد العصب الجائي من الدماغ بل تلك القوة صارت غريزية للعظم ما بقي على مزاجه فحينئذ ينشرح له حال القسمة ويفترض له أعضاء رئيسية وأعضاء خادمة للرئيسة وأعضاء مرؤوسة بلا خدمة وأعضاء غير رئيسة ولا مرؤوسة .
فالأعضاء الرئيسة هي الأعضاء التي هي مبادٍ للقوى الأولى في البدن المضطر إليها في بقاء الشخص أو النوع .
أما بحسب بقاء الشخص فالرئيسة ثلاث القلب وهو مبدأ قوة الحياة والدماغ وهو مبدأ قوة الحسّ والحركة والكبد هو مبدأ قوة التغذية .
وأما بحسب بقاء النوع فالرئيسة هذه الثلاثة أيضاَ ورابع يخصّ النوع وهو الانثيان اللذان يضطر إليهما لأمر وينتفع بهما لأمر أيضاً .
أما الاضطرار فلأجل توليد المني الحافظ للنسل وأما الانتفاع فلأجل إفادة تمام الهيئة والمزاج الذكوري والأنوثي اللذين هما من العوارض اللازمة لأنواع الحيوان لا من الأشياء الداخلة في نفس الحيوانية .


وأما الأعضاء الخادمة فبعضها تخدم خدمة مهيئة وبعضها تخدم خدمة مؤدّية والخدمة المهيئة تسمى منفعة والخدمة المؤدية تسمّى خدمة على الاطلاق والخدمة المهيئة تتقدم فعل الرئيس والخدمة المؤدية تتأخّر عن فعل الرئيس .
أما القلب فخادمه المهيء هو مثل الرئة والمؤدي مثل الشرايين .
وأما الدماغ فخادمه المهيئ هو مثل الكبد وسائر أعضاء الغذاء وحفظ الروح والمؤدي هو مثل العصب .
وأما الكبد فخادمه المهيئ هو مثل المعدة والمؤدي هو مثل الأوردة .
وأما الانتيان فخادمهما المهيء مثل الأعضاء المولّدة للمني قبلها وأما المؤدي ففي الرجال الإحليل وعروق بينهما وبينه وكذلك في النساء عروق يندفع فيها المني إلى المحبل وللنساء زيادة الرحم تتم فيه منفعة المني .
وقال " جالينوس " : إن من الأعضاء ما له فعل فقط ومنها ما له منفعة فقط ومنها ما له فعل ومنفعة معاً .
الأول كالقلب والثاني كالرئة والثالث كالكبد .
وأقول : أنه يجب أن نعني بالفعل ما يتم بالشيء وحده من الأفعال الداخلة في حياة الشخص أو بقاء النوع مثل ما للقلب في توليد الروح وأن نعني بالمنفعة ما هي لقبول فعل عضو آخر حينئذ يصير الفعل تامًا في إفادة حياة الشخص أو بقاء النوع كإعداد الرئة للهواء وأما الكبد فإنه يهضم أولاً هضمه الثاني ويعد للهضم الثالث والرابع فيما يهضم الهضم الأول تامًا حتى يصلح ذلك الدم لتغذيته نفسه ويكون قد فعل فعلاً وربما قد يفعل فعلاً عيناً لفعل منتظر يكون قد نفع .


ونقول أيضاً من رأس : أن من الأعضاء ما يتكوّن عن المني وهي المتشابهة جزءاً خلا اللحم والشحم ومنها ما يتكون عن الدم كالشحم واللحم فإن ما خلاهما يتكوّن عن المنيين مني الذكر ومني الأنثى إلا أنها على قول من تحقق من الحكماء يتكون عن مني الذكر كما يتكون الجبن عن الأنفحة ويتكوّن عن مني الأنثى ما يتكوّن الجبن من اللبن وكما أن مبدأ العقد في الأنفحة كذلك مبدأ عقد الصورة في مني الذكر وكما أن مبدأ الانعقاد في اللبن فكذلك مبدأ انعقاد الصورة أعني القوة المنفعلة هو في مني المرأة وكما أن كل واحد من الأنفحة واللبن جزء من جوهر الجبن الحادث عنها كذلك كل واحد من المنيين جزء من جوهر الجنين .
وهذا القول يخالف قليلاً بل كثيراً قول " جالينوس " فإنه يرى في كل واحد من المنيين قوة عاقدة وقابلة للعقد ومع ذلك فلا يمتنع أن يقول : إن العاقدة في الذكوري أقوى والمنعقدة في الأنوثي أقوى وأما تحقيق القول في هذا ففي كتبنا في العلوم الأصلية .
ثم إن الدم الذي كان ينفصل عن المرأة في الأقراء يصير غذاء فمنه ما يستحيل إلى مشابهة جوهر المني والأعضاء الكائنة منه فيكون غذاء منمياً له ومنه ما لا يصير غذاء لذلك ولكن يصلح لأن ينعقد في حشوه ويملأ الأمكنة من الأعضاء الأولى فيكون لحماً وشحماً ومنه فضل لا يصلح لأحد الأمرين فيبقى إلى وقت النفاس فتدفعه الطبيعة فضلاً .
وإذا ولد الجنين فإن الدم الذي يولده كبده يسد مسد ذلك الدم ويتولد عنه ما كان يتولد عن ذلك الدم واللحم يتولّد عن متين الدم ويعقده الحر واليبس .


وأما الشحم فمن مائيته ودسمه ويعقده البرد ولذلك يحله الحر وما كان من الأعضاء متخلفاً من المنيين فإنه إذا انفصل لم ينجبر بالاتصال الحقيقي إلا بعضه في قليل من الأحوال وفي سن الصبا مثل العظام وشعب صغيرة من الأرودة دون الكبيرة ودون الشرايين وإذا انتقص منه جزء لم ينبت عوضه شيء وذلك كالعظم والعصب وما كان متخلّقاً من الدم فإنه ينبت بعد انثلامه ويتصل بمثله كاللحم وما كان متولداً عن دم فيه قوة المني بعد فما دام العهد بالمني قريباً فذلك العضو إذا فات أمكن أن ينبت مرة أخرى مثل السنّ في سنّ الصبا وأما إذا استولى على الدم مزاج آخر فإنه لا ينبت مرة أخرى .
ونقول أيضاً : إن الأعضاء الحساسة المتحرّكة قد تكون تارة مبدأ الحس والحركة لهما جميعاً عصبة واحدة وقد يفترق تارة ذلك فيكون مبداً لكل قوة عصبة .
ونقول أيضاً : ان جميع الأحشاء الملفوفة في الغشاء منبت غشائها أحد غشاءي الصدر والبطن المستبطنين أما ما في الصدر كالحجاب والأوردة والشريانات والرئة فمنيت أغشيتها من الغشاء المستبطن للأضلاع وأما ما في الجوف من الأعضاء والعروق فمنبت أغشيتها من الصفاق المستبطن لعضل البطن وأيضاً فإن جميع الأعضاء اللحمية إما ليفية كاللحم في العضل وإما ليس فيها ليف كالكبد ولا شيء من الحركات إلا بالليف .
أما الإرادية فبسبب ليف العضل .
وأما الطبيعية كحركة الرحم والعروق والمركبة كحركة الازدراد فبليف مخصوص بهيئة من وضع الطول والعرض والتوريب فللجذب المطاول وللدفع الليف الذاهب عرضاً العاصر وللإمساك الليف المورب .


وما كان من الأعضاء ذا طبقة واحدة مثل الأوردة فإن أصناف ليفه الثلاثة منتسج بعضها في بعض وما كان طبقتين فالليف الذاهب عرضاً يكون في طبقته الخارجة والآخران في طبقته الداخلة ألاَ أن الذاهب طولاً أميل إلى سطحه الباطن وإنما خلق كذلك لئلا يكون ليف الجذب والدفع مقابل ليف الجذب والإمساك هما أولى بأن يكونان معاً ألا في الأمعاء فإن حاجتها لم تكن إلى الإمساك شديدة بل إلى الجذب والدفع .
ونقول أيضاَ : إن الأعضاء العصبانية المحيطة بأجسام غريبة عن جوهرها منها ما هي ذات طبقة واحدة ومنها ما هي ذات طبقتين وإنما خلق ما خلق منها ذا طبقتين لمنافع : أحدها مس الحاجة إلى شدة الاحتياط في وثاقة جسميتها لئلا تنشق لسبب قوة حركتها بما فيها كالشرايين .
والثاني مس الحاجة إلى شدة الاحتياط في أمر الجسم المخزون فيها لئلا يتحلل أو يخرج .
أما استشعار التحلل فبسبب سخافتها إن كانت ذا طبقة واحدة وأما استشعار الخروج فبسبب إجابتها إلى الانشقاق لذلك أيضاً وهذا الجسم المخزون مثل الروح والدم المخزونين في الشرايين اللذين يجب أن يحتاط في صونهما ويخاف ضياعهما .
أما الروح فبالتحلل وأما الدم فبالشق وفي ذلك خطر عظيم .
والثالث أنه إذا كان عضو يحتاج أن يكون كل واحد من الدفع والجذب فيه بحركة قوية أفرد له آلة نجلا اختلاط وذلك كالمعدة والأمعاء .
والرابع أنه إذا أريد أن تكون كل طبقة من طبقات العضو لفعل يخصه وكان الفعلان يحدث أحدهما عن مزاج مخالف للآخر كان .
التفريق بينهما أصوب مثل المعدة فإنه أريد فيها أن يكون لها الحس وذلك إنما يكون بعضو عصباني وأن يكون لها الهضم وذلك إنما يكون بعضو لحماني فأفردا لكل من الأمرين طبقة : طبقة عصبية للحس وطبقة لحمية للهضم وجعلت الطبقة الباطنية عصبية والخارجة لحمانية لأن الهاضم يجوز أن يصل إلى المهضوم بالقوة دون الملاقاة والحاس لا يجوز أن يلاقي المحسوس أعني في حس اللمس .


وأقول أيضاً : إن الأعضاء منها ما هي قريبة المزاج من الدم فلا يحتاج الدم في تغذيتها إلى أن يتصرَف في استحالات كثيرة مثل اللحم فلذلك لم يجعل فيه تجاويف و بطون يقيم فيها الغذاء الواصل مدة لم يغتذ به اللحم ولكن الغذاء كما يلاقيه يستحيل إليه .
ومنها ما هي بعيدة المزاج عنه فيحتاج الدم في أن يستحيل إليه إلى أن يستحيل أولاً استحالات متدرجة إلى مشاكلة جوهره كالعظم فلذلك جعل له في الخلقة إما تجويف واحد يحتوي غذاءه مدة يستحيل في مثلها إلى مجانسته مثل عظم الساق والساعد أو تجويف متفرق فيه مثل عظم الفلك الأسفل وما كان من الأعضاء هكذا فإنه يحتاج أن يمتاز من الغذاء قوق الحاجة في الوقت ليحيله إلى مجانسته شيئاً بعد شيء .
والأعضاء القوية تدفع فضولها إلى جاراتها الضعيفة كدفع القلب إلى الإبطين والدماغ إلى ما خلف الأذنين والكبد إلى الأربيتين .


القانون
القانون
( 3 من 70 )


الجملة الأولى العظام
وهي ثلاثون فصلاً
الفصل الأول العظام والمفاصل
نقول : إن من العظام ما قياسه من البدن قياس الأساس وعليه مبناه مثل فقار الصلب فإنه أساس للبدن عليه يبنى كما تبنى السفينة على الخشبة التي تنصب فيها أولاً ومنها قياسه من البدن قياس المجن والوقاية كعظم اليافوخ ومنها ما قياسه قياس السلاح الذي يدفع به المصادم والمؤذي مثل العظام التي تدعى السناسن وهي على فقار الظهر كالشوك ومنها ما هو حشو بين فرج المفاصل مثل العظام السمسمانية التي بين السلاميات ومنها ما هو متعلق للأجسام المحتاجة إلى علاقة كالعظم الشبيه باللام لعضل الحنجرة واللسان وغيرهما .
وجملة العظام دعامة وقوام للبدن وما كان من هذه العظام إنما يحتاج إليه للدعامة فقط وللوقاية ولا يحتاج إليه لتحريك الأعضاء فإنه خلق مصمتا " وإن كانت فيه المسام والفرج التي لا بد منها وما كان يحتاج إليه منها لأجل الحركة أيضاً فقد زيد في مقدار تجويفه وجعل تجويفه في الوسط واحدا " ليكون جرمه غير محتاج إلى مواقف الغذاء المتفرقة فيصير رخواً بل صلب جرمه وجمع .
غذاؤه وهو المخ في حشوه .
ففائدة زيادة التجويف أن يكون أخف وفائدة توحيد التَجويف أن يبقى جرمه أصلب وفائدة صلابة جرمه أن لا ينكسر عند الحركات العنيفة وفائدة المخّ فيه ليغذوه على ما شرحناه قبل وليرطبه دائماً فلا يتفتت بتجفيف الحركة وليكون وهو مجوف كالمصمت .
والتجويف .
يقل إذا كانت الحاجة إلى الوثاقة أكثر ويكثر إذا كانت الحاجة إلى الخفة أكثر .


والعظام المشاشية خلقت كذلك لأمر الغذاء المذكور مع زيادة حاجة بسبب شيء يجب أن ينفذ فيها كالرائحة المستنشقة مع الهواء في عظم المصفاة ولفضول الدماغ المدفوعة فيها والعظام كلها متجاورة متلاقية وليس بين شيء من العظام وبين العظم الذي يليه مسافة كثيرة بل في بعضها مسافة يسيرة تملؤها لواحق غضروفية أو شبيهة بالغضروفية خلقت للمنفعة التي للغضاريف وما لم يجب فيه مراعاة تلك المنفعة .
خلق المفصل بينها بلا لاحقة كالفّك الأسفل .
والمجاورات التي بين العظام على أصناف : فمنها ما يتجاور مفصل سلس ومنها ما يتجاور تجاور مفصل عسر غير موثق ومنها ما يتجاور تجاور مفصل موثق مركوز أو مدروز أو ملزق .
والمفصل السلس هو الذي لأحد عظميه أن يتحرّك حركاته سهلاً من غير أن يتحرك معه العظم الآخر كمفصل الرسغ مع الساعد .
والمفصل العسر الغير الموثق هو أن تكون حركة أحد العظمين وحده صعبة وقليلة المقدار مثل المفصل الذي بين الرسغ والمشط أو مفصل ما بين عظمين من عظام المشط .
وأما المفصل الموثق فهو الذي ليس لأحد عظميه أن يتحرّك وحده البتة مثل مفصل عظام القصّ .
فأما المركوز فهو ما يوجد لأحد العظمين زيادة وللثاني نقرة ترتكز فيها تلك الزيادة ارتكازاَ لا يتحرك فيها مثل الأسنان في منابتها .
وأما المدروز فهو الذي يكون لكل واحد من العظمين تحازيز وأسنان كما للمنشار ويكون أسنان هذا العظم منهدمة في تحازيز ذلك العظم كما يركب الصًفارون صفائح النحاس .
وهذا الوصل يسمى شأنا " ودرزاً كالمفاصل وعظام القحف .
والملزق منه ما هو ملزق طولاً مثل مفصل بين عظمي الساعد ومنه ما هو ملزق عرضاً مثل مفصل الفقرات السفلى من فقار الصلب فإن العليا منها مفاصل غير موثقة .
الفصل الثاني تشريح القحف
أما منفعة جملة عظم القحف فهي إنها جنة للدماغ ساترة وواقية عن الآفات .


وأمّا المنفعة في خلقها قبائل كثيرة وعظاما " فوق واحدة فتنقسم إلى جملتين : جملة معتبرة بالأمور التي بالقياس إلى العظم نفسه وجملة معتبرة بالقياس إلى ما يحويه العظم .
أما
الجملة الأولى فتنقسم إلى منفعتين : إحداهما أنه أن اتفق أن يعرض للقحف آفة في جزء من كسر أو عفونة لم يجب أن يكون ذلك عاما " للقحف كله كما يكون لو كان عظما " واحداً .
والثانية أن لا يكون في عظم واحد اختلاف أجزاء في الصلابة واللين والتخلخل والتكاثف والرقة والغلظ الاختلاف الذي يقتضيه المعنى المذكور عن قريب .
وأما
الجملة الثانية : فهي المنفعة التي تتم بالشؤون فبعضها بالقياس إلى الدماغ نفسه بأن يكون لما يتحلّل من الأبخرة الممتنعة عن النفوذ في العظم نفسه لغلظة طريق ومسلك ليفارقه فينقي الدماغ بالتحلل .
ومنفعة بالقياس إلى ما يخرج من الدماغ من ليف العصب الذي ينبت في أعضاء الرأس ليكون لها طريق .
ومنفعتان مشتركتان بين الدماغ وبين شيئين اَخرين أحدهما بالقياس إلى العروق والشرايين الداخلة إلى داخل الرأس لكي يكون لها طريق ومنفعة بالقياس إلى الحجاب الغليظ الثقيل فتتشبث أجزاء منه بالشؤون فيستقل عن الدماغ ولا يثقل عليه .
والشكل الطبيعي لهذا العظم هو الاستدارة لأمرين ومنفعتين .
أحدهما بالقياس إلى داخل وهو أن الشكل المستدير أعظم مساحة مما يحيط به غيره من الأشكال المستقيمة الخطوط إذ تساوت إحاطتها .
والآخر بالقياس إلى خارج وهو أن الشكل المستدير لا ينفعل من المصادمات ما ينفعل عنه ذو الزوايا .
وخلق إلى طول مع استدارة لأن منابت الأعصاب الدماغية موضوعة في الطول .
وكذلك يجب لئلا ينضغط وله نتوآن إلى قدام وإلى خلف ليقيا الأعصاب المنحدرة من الجنبين .
ولمثل هذا الشكل دروز ثلاثة حقيقية ودرزان كاذبان ومن الأولى درز مشترك مع الجبهة قوسي هكذا ! ويسمّى الاكليلي ودرز منصف لطول الرأس مستقيم يقال له وحده سهمي .


وإذا اعتبر من جهة اتصاله بالإكليلى قيل له سفودي وشكله كشكل قوس يقوم في وسطه خط مستقيم كالعمود هكذا والدرز الثالث هو مشترك بين الرأس من خلف وبين قاعدته وهو على شكل زاوية يتّصل بنقطتها طرف السهمي ويسمّى الدرز اللامي لأنه يشبه اللام في كتابة اليونانيين وإذا انضم إلى الدرزين المقدمين صار شكله هكذا : وأمّا الدرزان الكاذبان فهما اَخذان في طول الرأس على موازاة السهمي من الجانبين وليسا بغائصين في العظيم تمام الغوص ولهذا يسميان قشريين .
وإذا اتصلا بالثلاثة الأولى الحقيقية صارت شكلها هكذا .
وأمّا أشكال الرأس الغير الطبيعية فهي ثلاثة .
أحدها أن ينقص النتوء المقدم فيفقد له من الدرز الاكليلي .
والثاني أن ينقص النتوء المؤخر فيفقد له من الدروز الدرز اللامي .
والثالث أن يفقد له النتواَن جميعاً ويصير الرأس كالكرة متساوي الطول والعرض .
قال فاضل الأطباء " جالينوس " : إن هذا الشكل لما تساوى فيه الأبعاد وجب فيه العدل أن يتساوى فيه قسمة الدروز وقد كان قسمة الدروز في الأوّل للطول درز وللعرض لدرزان فيكون ههنا للطول درز وللعرض كذلك درز واحد وأن يكون الدرز العرضي في وسط العرض من الأذن إلى الأذن على هذه الصورة كما أن الدرز الطولي في وسط الطول .
قال هذا الفاضل : ولا يمكن أن يكون للرأس شكل رابع كير طبيعي حتى يكون الطول أنقص من العرض إلا وينقص من بطون الدماغ أو جرمه شيء وذلك مضادّ للحياة مانع عن صحة التركيب .
وصوب قول مقدم الأطباء " بقراط " إذ جعل أشكال الرأس أربعة فقط فاعلم ذلك .
الفصل الثالث تشريح ما دون القحف
وللرأس بعد هذا خمسة عظام أربعة كالجدران وواحد كالقاعدة وجعلت هذه الجدران أصلب من اليافوخ لأن السقطات والصدمات عليها أكثر ولأن الحاجة إلى تخلخل القحف واليافوخ أَمَسُّ لأمرين : أحدهما لينفذ فيه البخار المتحلّل .
والثاني لئلا يثقل على الدماغ .


وجعل أصلب الجدران مؤخرها لأنه غائب عن حراسة الحواس فالجدار الأوّل هو عظم الجبهة ويحدّه من فوق الدرز الاكليلي ومن أسفل درز آخر يمتد من طرف الاكليلي ماراً على العين عند الحاجب متصلاً اَخره بالطرف الثاني من الإكليلي والجداران اللذان يمنة ويسرة فهما العظمان اللذان فيهما الأذنان ويسميان الحجرتين لصلابتهما ويحد كل واحد منها من فوق الدرز القشري ومن أسفل درز يأتي من طرف الدرز اللامي ويمر منتهياً إلى الإكليلي ومن قدام جزء من الإكليلي ومن خلف جزء من اللامي .
وأما الجدار الرابع فيحده من فوق الدرز اللامي ومن أسفل الدرز المشترك بين الرأس والوتدي ويصل بين طرفي اللامي .
وأما قاعدة الدماغ فهو العظم الذي يحمل سائر العظام ويقال له الوتدي وخلق صلباً لمنفعتين : إحداهما أن الصلابة تعين على الحمل .
والثاني أن الصلب أقل قبولاً للعفونة من الفضول وهذا العظم موضوع تحت فضول تنصبّ دائماً فاحتيط في تصليبه وفي كل واحد من جانبي الصدغين عظمان صلبان يستران العصبة المارة في الصدغ ووضعهما في طول الصدغ على الوارب ويسميان الزوج .
الفصل الرابع تشريح عظام الفكين والأنف
أما عظام الفك والصدغ : فيتبين عددها مع تبيننا لدروز الفك فنقول : إن الفك الأعلى يحدّه من فوق درز مشترك بينه وبين الجبهة مار تحت الحاجب من الصدغ إلى الصدغ ويحدّه من تحت منابت الأسنان ومن الجانبين لحرز يأتي من ناحية الأذن مشتركاً بينه وبين العظم الوتدي الذي هو وراء الأضراس ثم الطرف الآخر هو منتهاه أعني أنه يميل نابياً إلى الإنسي يسيراً فيكون درز يفرق بين هذا وبين الدرز الذي نذكره وهو الذي يقطع أعلى الحنك طولاً .
فهذه حدوده .


وإما دروزه الداخلة في حدوده فمن ذلك درز يقطع أعلى الحنك طولاً ولدرز آخر يبتدىء ما بين الحاجبين إلى محاذاة ما بين الثنيتين ودرز يبتدىء من عند مبتدأ هذا الدرز ويميل عنه منحدراً إلى محاذاة ما بين الرباعية والناب من اليمين ودرز آخر مثله في الشمال فيتحدد إذاً بين هذه الدروز الثلاثة الوسطى والطرفين .
وبين محاذاة منابت الأسنان المذكورة عظمان مثلثان لكن قاعدتا المثلثين ليستا عند منابت الأسنان بل يعترض قبل ذلك درز قاطع قريب من قاعدة المنخرين لأن الدروز الثلاثة تجاوز هذا القاطع إلى المواضع المذكورة ويحصل دون المثلثين عظمان تحيط بهما جميعاً قاعدة المثلثين ومنابت الأسنان وقسمان من الدرزين الطرفيين يفصل أحد العظمين عن الآخر ما ينزل عن الدرز الأوسط فيكون لكل عظم زاويتان قائمتان عند هذا الدرز الفاصل وحادة عند النابين ومنفرجة عند المنخرين ومن دروز الفك الأعلى درز ينزل من الدرز المشترك الأعلى آخذاً إلى ناحية العين فكما يبلغ النقرة ينقسم إلى شعب ثلاثة : شعبة تمز تحت الدرز المشترك مع الجبهة وفوق نقرة العين حتى يتصل بالحاجب ودرز دونه يتصل كذلك من غير أن يدخل النقرة ودرز ثالث يتّصل كذلك بعد دخول النقرة وكل ما هو منها أسفل بالقياس إلى الدرز الذي تحت الحاجب فهو أبعد من الموضع الذي يماسه الأعلى .
ولكن العظم الذي يفرزه الدرز الأول من الثلاثة أعظم ثم الذي يفرزه الثاني .
وأما الأنف فمنافعه ظاهرة وهي ثلاثة : أحدها : أنه يعين بالتجويف الذي يشتمل عليه في الاستنشاق حتى ينحصر فيه هواء أكثر ويتعدل أيضاً قبل النفوذ إلى الدماغ فإن الهواء المستنشق وإن كان ينفذ جملة إلى الرئة فإن شطراً صالح المقدار ينفذ أيضاً إلى الدماغ ويجمع أيضاً للإستنشاق الذي يطلب فيه التشمم هواء صالحاً في موضع واحد أمام آلة الشمّ ليكون الإدراك أكثر وأوفق .
فهذه ثلاث منافع في منفعة .


وأما الثانية : فإنه يعين في تقطيع الحروف وتسهيل إخراجها في التقطيع لئلا يزدحم الهواء كلّه عند المواضع التي يحاول فيها تقطيع الحروف بمقدار .
فهاتان منفعتان في واحدة .
ونظير ما يفعله الأنف في تقدير هواء الحروف هو ما يفعله الثقب مطلقاً إلى خلف المزمار قلا يتعرّض له بالسد .
وأما الثالثة : فليكون للفضول المندفعة من الرأس ستر ووقاية عن الأبصار وأيضاً آلة معينة على نفضها بالنفخ .
وتركيب عظام الأنف من عظمين كالمثلثين يلتقي منها زاويتاهما من فوق والقاعدتان يتماسان عند زاوية ويتفارقان بزاويتين .
والعظمان كلّ واحد منهما يركب أحد الدرزين الطرفيين المذكورين تحت درز عظام الوجه وعلى طرفيهما السافلين غضروفان لينان وفيما بينهما على طول الدرز الوسطاني غضروف جزؤه الأعلى أصلب من الأسفل وهو بالجملة أصلب من الغضروفين الآخرين .
فمنفعة الغضروف الوسطاني أن يفصل الأنف إلى منخرين حتى إذا نزل من الدماغ فضلة نازلة مالت في الأكثر إلى أحدهما ولم يسد طريق جميع الاستنشاق المؤدي إلى الدماغ هواء مروحاً لما فيه من الروح .
ومنفعة الغضروفين الطرفيين أمور ثلاثة : المنفعة المشتركة للغضاريف الواقعة على أطراف العظام وفرغنا منها .
والثانية لكي ينفرج ويتوسّع إن احتيج إلى فضل استنشاق أو نفخ .
والثالثة ليعين في نقض البخار باهتزازها عند النفخ وانتفاضها وارتعادها وخُلق عظما الأنف دقيقين خفيفين لأن الحاجة ههنا إلى الخفة أكثر منها إلى الوثاقة وخصوصاً لكونهما بريئين عن مواصلة أعضاء قابلة للآفات وموضوعين بمرصد من الحس .
وأما الفك الأسفل قصورة عظامه ومنفعته معلومة وهو أنه من عظمين يجمع بينهما تحت الذقن مفصل موثق وطرفاهما الآخران ينتشر عند آخر كل واحد منهما ناشزة معقفة تتركب مع زائدة مهندمة لها ناتئة من العظم الذي ينتهي عنده مربوطة بوقوع أحدهما على الآخر برباطات .
الفصل الخامس تشريح الأسنان


أما الأسنان في اثنان وثلاثون سناً وربما عدمت النواجذ منها في بعض الناس وهي الأربعة الطرفانية فكانت ثمانية وعشرين سناً فمن الأسنان ثنيتان ورباعيتان من فوق ومثلها من أسفل للقطع ونابان من فوق ونابان من تحت للكسر وأضراس للطحن من كل جانب فوقاني وسفلاني أربعة أو خمسة فجملة ذلك اثتان وثلاثون أو ثمانية وعشرون .
والنواجذ تنبت في الأكثر في وسط زمان النمو وهو بعد للبلوغ إلى الوقوف وذلك أن الوقوف قريب عن ثلاثين سنة ولذلك تسمى أسنان الحلم .
وللأسنان أصول ورؤوس محددة تركز في ثقب العظام الحاملة لها من الفكين وتنبت على حافة كل ثقبة زائدة مستديرة عليها عظيمة تشتمل على السن وتشده .
وهناك روابط قوية وما سوى الأضراس فإن لكل واحد منها رأساً واحدا " .
وأما الأضراس المركوزة في الفك الأسفل فأقل ما يكون لكل واحد منها من الرؤوس رأسان وربما كان وخصوصا " للناجذين ثلاثة أرؤس وأما المركوزة في الفك الأعلى فأقل ما يكون لكل واحد منها من الرؤوس ثلاثة أرؤس وربما كان - وخصوصاً للناجذين - أربعة أرؤس وقد كثرت رؤوس الأضراس لكبرها ولزيادة عملها وزيد للعليا لأنها معلقة والنقل يجعل ميلها إلى خلاف جهة رؤوسها .
وأما السفلى فثقلها لا يضاد ركزها وليس لشيء من العظام حس البتة إلا الأسنان .
قال جالينوس : بل التجربة تشهد أن لها حسا " أعينت به بقوة تأتيها من الدماغ لتميز أيضاً بين الحار والبارد .
الفصل السادس الصلب
مخلوق لمنافع أربع : أحدها ليكون مسلكاً للنخاع المحتاج إليه في بقاء الحيوان لما نذكره من منفعة النخاع في موضعه بالشرح .


وأما ههنا فنذكر من ذلك أمر مجملاً وهو أن الأعصاب لو نبتت كلها من الدماغ لاحتيج أن يكون الرأس أعظم مما هو عليه بكثير ولثقل على البدن حمله وأيضاً لاحتاجت العصبة إلى قطع مسافة بعيدة حتى تبلغ أقاصي الأطراف فكانت متعرضة للآفات والانقطاع وكان طولها يوهن قوتها في جذب الأعضاء الثقيلة إلى مباديها فأنعم الخالق عز اسمه بإصدار جزء من الدماغ وهو النخاع إلى أسفل البدن كالجدول من العين ليوزع منه قسمة العصب في جنباته وآخره بحسب موازاته ومصاقبته للأعضاء ثم جعل الصلب مسلكاً حريزاً له والثانية أن الصلب وقاية وجُنَة للأعضاء الشريفة الموضوعة قدامه ولذلك خلق له شوك وسناسن .
والثالثة أن الصلب خلق ليكون مبني لجملة عظام البدن مثل الخشبة التي تهيأ في نجر السفينة أولا " ثم يركز فيها ويربط بها وسائر الخشب ثانياَ ولذلك خلق الصلب صلباً .
والرابعة ليكون لقوام الإنسان استقلال وقوام وتمكن من الحركات إلى الجهات ولذلك خلق الصلب فقرات منتظمة لا عظماً واحداً ولا عظاماً كثيرة المقدار وجعلت المفاصل بين الفقرات لا سلسة توهن القوام ولا موثقة فتمنع الانعطاف .
الفصل السابع تشريح الفقرات
فنقول : الفقرة عظم في وسطه ثقب ينفذ فيه النخاع والفقرة قد يكون لها أربع زوائد يمنة ويسرة ومن جانبي الثقب ويسمى ما كان منها إلى فوق شاخصة إلى فوق وما كان منها إلى أسفل شاخصة إلى أسفل ومنتكسة وربما كانت الزوائد ستا " أربعة من جانب واثنان من جانب .
وربما كانت ثمانية والمنفعة في هذه الزوائد هي أن ينتظم منها الاتصال بينها اتصالاً مفصلياً بنقر في بعضها ورؤوس لقمية في بعض وللفقرات زوائد لا لأجل هذه المنفعة ولكن للوقاية والجنة والمقاومة لما يصاك ولأن ينتسج عليها رباطات وهي عظام عريضة صلبة موضوعة على طول الفقرات .
فما كان من هذه موضوعاً إلى خلف يسمّى شوكاً وسناسن وما كان منها موضوعاً يمنة ويسرة يسمى أجنحة .


وإنما وقايتها لما وضع أدخل منها في طول البدن من العصب والعروق والعضل .
ولبعض الأجنحة وهي التي تلي الأضلاع خاصة منفعة وهي أنها تتخلق فيها نقر ترتبط بها رؤوس الأضلاع محدبة بتهندم فيها .
ولكل جناح منها نقرتان ولكل ضلع زائدتان محدبتان .
ومن الأجنحة ما هو ذو رأسين فيشبه الجناح المضاعف وهذا في خرزات العنق وسنذكر منفعته .
وللفقرات غير الثقبة المتوسطة ثقب أخرى لسبب ما يخرج منها من العصب وما يدخل فيها من العروق فبعض تلك الثقب يحصل بتمامها في جرم الفقرة الواحدة وبعضها يحصل بتمامها في فقرتين بالشركة ويكون موضعها الحد المشترك بينهما وربما كان ذلك من جانبي فوق وأسفل معاً وربما كان من جانب واحد وربما كان في كل واحدة من الفقرتين نصف دائرة تامة وربما كان في إحداهما أكبر منه وفي الأخرى أصغر وإنما جعلت هذه الثقبة عن جنبتي الفقرة ولم تجعل إلى خلف لعدم الوقاية لما يخرج ويدخل هناك ولتعرضه للمصًادمات ولم تجعل إلى قدام وإلا لوقعت في المواضع التي عليها ميل البدن بثقله الطبيعي وبحركاته الإرادية أيضاً وكانت تضعفها ولم يمكن أن تكون متقنة الربط والتعقيب وكان الميل أيضاً على مخرج تلك الأعصاب يضغطها ويوهنها .
وهذه الزوائد التي للوقاية قد يحيط بها رباطات وعصب يجري عليها رطوبات وتملس وتسلس لئلا تؤذي اللحم بالمماسة .


والزوائد المفصلية أيضاً شأنها هذا فإنها يوثق بعضها ببعض إيثاقاً شديداَ بالتعقيب والربط من كل الجهات إلا أن تعقبها من قدام أوثق ومن خلف أسلس لأن الحاجة إلى الانحناء والانثناء نحو القدام أمس من الانعطافُ والانتكاس إلى خلف ولما سلست الرباطات إلى خلف شغل الفضاء الواقع لا محالة هناك وإن قل برطوبات لزجة ففقرات الصلب بما استوثق من تعقيبها من جهة إستيثاقاً بالإفراط كعظم واحد مخلوق للثبات والسكون وبما سلست من جهة كعظام كثيرة مخلوقة الفصل الثامن منفعة العنق وتشريح عظامه العنق مخلوق لأجل قصبة الرئة وقصبة الرئة مخلوقة لما نذكر من منافع خلقها في موضعه .
ولما كانت الفقرة العنقية - وبالجملة العالية - محمولة على ما تحتها من الصلب وجب أن تكون أصغر فإن المحمول يجب أن يكون أخف من الحامل إذا أريد أن تكون الحركات على النظام الحكمي .
ولما كان أوّل النخاع يجب أن يكون أغلظ وأعظم مثل أول النهر لأن ما يخص الجزء الأعلى من مقاسم العصب كثر مما يخص الأسفل وجب أن تكون الثقب في فقار العنق أوسع .
ولما كان الصغر وسعة التجويف مما يرقق جرمها وجب أن يكون هناك معنى من الوثاق يتدارك به ما برهنه الأمران المذكوران فوجب أن يخلق أصلب الفقرات .
ولما كان جرم كل فقرة منها رقيقاً خلقت سناسنها صغيرة فإنها لو خلقت كبيرة تهيأت الفقرة للإنكسار وللآفات عند مصادمة الأشياء القوية لسنسنتها .
ولما صغرت سنسنتها جعلت أجنحتها كباراً ذوات رأسين مضاعفة .
ولما كانت حاجتها إلى الحركة أكثر من حاجتها إلى الثبات إذ ليس إقلالها للعظام الكثيرة إقلال ما تحتها فلذلك أيضاً سلست مفاصل خرزتها بالقياس إلى مفاصل ما تحتها ولأن ما يفوتها من الوثاقة بالسلاسة قد يرجع إليها مثله أو كثر منه من جهة ما يحيط بها ويجري عليها من العصب والعضل والعروق فيغني ذلك عن تأكيد الوثاقة في المفصال .


ولما قلّت الحاجة إلى شدّة توثيق المفاصل وكفى المقدار المحتاج إليه بما فعل لم تخلق زوائدها المفصلية الشاخصة إلى فوق وأسفل عظيمة كثيرة العرض كما للواتي تحت العنق بل جعلت قواعدها أطول ورباطاتها أسلس وجعل مخارج العصب منها مشتركة على ما ذكرنا إذ لم تحتمل كل فقرة منها لرقتها وصغرها وسعة مجرى النخاع فيها ثقباً خاصة إلا التي نستثنيها ونبين حالها .
فنقول الآن : إن خرز العنق سبع بالعدد فقد كان هذا المقدار معتدلاً في العدد والطول ولكل واحدة منها - إلا الأولى - جميع الزوائد الإحدى عشرة المذكورة سنسنة وجناحان وأربع زوائد مفصلية شاخصة إلى فوق وأربع شاخصة إلى أسفل وكل جناح ذو شعبتين .
ودائرة مخرج العصب تنقسم بين كل فقرتين بالنصف لكن للخرزة الأولى والثانية خواص ليست لغيرهما ويجب أن تعلم أولاً أن حركة الرأس يمنة ويسرة تلتئم بالمفصل الذي بينه وبين الفقرة الأولى وحركتها من قدام ومن خلف بالمفصل الذي بينه وبين الفقرة الثانية فيجب أن نتكلم أولاً في المفصل الأول فنقول : إنه قد خلق على شاخصتي الفقرة الأولى من جانبيه إلى فوق نقرتان يدخل فيهما زائدتان من عظم الرأس فإذا ارتفعت إحداهما وغارت الأخرى مال الرأس إلى الغائرة ولم يمكن أن يكون المفصل الثاني على هذه الفقرة فجعل له فقرة أخرى على حدة وهي التالية وأنبت من جانبها المتقدم الذي إلى الباطن زائدة طويلة صلبة تجوز وتنفذ في ثقبة الأولى قدام النخاع .
والثقبة مشتركة بينهما وهي - أعني الثقبة من الخلف إلى القدام - أطول منها ما بين اليمين والشمال وذلك لأن فيما بين القدام والخلف نافذان يأخذان من المكان فوق مكان النافذ الواحد .


وأما تقدير العرض فهو بحسب أكبر نافذ واحد منهما وهذه الزائدة تسمى السن وقد حجب النخاع عنها برباطات قوية أنبتت لتفرز ناحية السن من ناحية النخاع لئلا يشدخ السن النخاع بحركتها ولا يضغطه ثم إن هذه الزائدة تطلع من الفقرة الأولى وتغوص في نَقرة في عظم الرأس وتستدير عليها النقرة التي في عظم الرأس وبها تكون حركة الرأس إلى قدام من خلف .
وهذه السن إنما أنبتت إلى قدام لمنفعتين : إحداهما لتكون أحرز لها والثانية ليكون الجانِب الأرق من الخرزة داخلاً لا خارجاً .
وخاصية الفقرة الأولى أنها لا سنسنة لها لئلاّ تثقلها ولئلاّ تتعرض بسببها للآفات فإن الزائدة الدافعة عما هو أقوى هي بعينها الجالبة للكسر والآفات إلى ما هو أضعف وأيضاً لئلا يشدخ العضل والعصب الكثير الموضوع حولها مع أن الحاجة ههنا إلى شوك واقٍ قليلة وذلك لأن هذه الفقرة كالغائصة المدفونة في وقايات نائية عن منال الآفات .
ولهذه المعاني عريت عن الأجنحة وخصوصاً إذا كانت العصب والعضل أكثرها موضوعاً بجنبها وضعاً ضيقاً لقربها من المبدأ فلم يكن للأجنحة مكان .
ومن خواص هذه الفقرة أن العصبة تخرج عنها لا عن جانبيها ولا عن ثقبة مشتركة ولكن عن ثقبتين فيها تليان جانبي أعلاها إلى خلف لأنه لو كان مخرج العصب حيث تلتقم زائدتي الرأس وحيث تكون حركاتهما القوية لتضر بذلك تضرراً شديداً وكذلك لو كان إلى ملتقم الثانية لزائدتيها اللتين تدخلان منها في نقرتي الثالثة بمفصل سلس متحرّك إلى قدام وخلف ولم تصلح أيضاً أن تكون من خلف ومن قدام للعلل المذكورة في بيان أمر سائر الخرز ولا من الجانبين لرقة العظم فيهما بسبب السنّ فلم يكن بدّ من أن تكون دون مفصل الرأس بيسير وإلى خلف من الجانبين أعني حيث تكون وسطاً بين الخلف والجانب فوجب ضرورة أن تكون الثقبتان صغيرتين فوجب ضرورة أن يكون العصب دقيقاً .


وأما الخرزة الثانية فلما لم يمكن أن يكون مخرج العصب فيها من فوق حيث أمكن لهذه إذ كان يخاف عليها لو كان مخرج عصبها كما للأولى أن ينشدخ ويترضض بحركة الفقرة الأولى لتنكيس الرأس إلى قدام أو قلبه إلى خلف ولا أمكن من قدام وخلف لذلك ولا أمكن من الجانبين وإلا لكان ذلك شركة مع الأولى ولكان النابت دقيقاً ضرورة لا يتلافى تقصير الأول ويكون الحاصل أزواجاً ضعيفة مجتمعة معاً ولكان أيضاً يكون بشركة مع الأولى واتضح عذر الأولى في فساد الحال لو تثقبت من الجانبين فوجب أن يكون الثقب في الثانية في جانبي السنسنة حيث يحاذي ثقبتي الأولى ويحتمل جرم الأولى المشاركة فيهما .
والسن النابت من الثانية مشدود مع الأولى برباط قوي ومفصل الرأس مع الأولى ومفصل الرأس والأولى معا " مع الثانية أسلس من سائر مفاصل الفقار لشدّة الحاجة إلى الحركات التي تكون بهما وإلى كونها بالغة ظاهرة وإذا تحرك الرأس مع مفصل إحدى الفقرتين صارت الثانية ملازمة لمفصلها الآخر كالمتوجه حتى إن تحرك الرأس إلى قدام وإلى خلف صار مع الفقرة الأولى كعظم واحد وإن تحرك إلى الجانبين من غير تأريب صارت الأولى والثانية كعظم واحد فهذا ما حضرنا من أمر فقار العنق وخواصها .
الفصل التاسع تشريح فقار الصدر


فقار الصدر هي التي تتصّل بها الأضلاع فتحوي أعضاء التنفس وهي إحدى عشرة فقرة ذات سناسن وأجنحة وفقرة لا جناحان لها فذلك إثنتا عشرة فقرة وسناسنها غير متساوية لأن ما يلي منها الأعضاء التي هي أشرف هي أعظم وأقوى وأجنحة خرز الصدر أصلب من غيرها لاتصال الأضلاع بها والفقرات السبعة العالية منها سناسنها كبار وأجنحتها غلاظ لتقي القلب وقاية بالغة فلما ذهبت جسومها في ذلك جعلت زوائدها المفصلية الشاخصة قصاراً عراضاً وما فوق ذلك دون العاشرة فإن زوائد المفصلية الشاخصة إلى فوق هي التي فيها نقر الإلتقام والشاخصة إلى أسفل يشخص منها الحدبات التي تتهندم في النقر وسناسنها تنجذب إلى أسفل .
وأما العاشرة فإن سناسنها منتصبة مقببة ولزوائدها المفصلية من كلا الجانبين نقر بلا لقم فإنها تلتقم من فوق ومن تحت معاً ثم ما تحت العاشرة فإن لقمها إلى فوق ونقرها إلى أسفل وسناسنها تتحدب إلى فوق .
وسنذكر منافع جميع هذا بعد وليس للفقرة الثانية عشرة أجنحة إذ شدّة الحاجة بسبب الأضلاع ناقصة .
وأما الوقاية فقد دبر لها وجه اَخر يجمع الوقاية مع منفعة أخرى .
وبيان ذلك : إن خرزات القطن احتيج فيها إلى فضل عظم وفضل وثاقة مفاصل لإقلالها ما فوقها واحتيج إلى أن تجعل النقر واللقم في المفاصل أكثر عدداً وضوعف زوائد مفاصلها واحتيج إلى أن تجعل الجهة التي تليها من الثانية عشرة متشبهة بها فضوعف زوائدها المفصلية فذهب الشيء الذي كان يصلح لأن يصرف إلى الجناح في تلك الزوائد ثم عرضت فضل تعريض وكان يشبه ما استعرض منها الجناح فاجتمعت المنفعتان معاً في هذه الخِلقة .


وهذه الثانية عشرة هي التي يتصل بها طرف الحجاب فأما ما فوق هذه الخرزة فكان عرضها يغني عن هذا الاستيثاق في تكثير الزوائد المفصلية بل عظم ما ينبت منها من السناسن والأجنحة فشغل جرمها عن ذلك ولما كان خرز الصدر أعظم من خرز العنق لم تجعل الثقب المشتركة منقسمة بين الخرزتين على الإستواء بل درج يسيراً يسيراً بأن زيد في العالية ونقص من السافلة حتى بقيت الثقب بتمامها في واحدة ونهاية ذلك في الخرزة العاشرة .
وأما باقي خرز الظهر وخرز القطن فاحتمل جرمها لأن تتضمن الثقب تمامها وكان في خرز القطن ثقبة يمنة وثقبة يسرة لخروج العصبة .
الفصل العاشر تشريح فقرات القطن
وعلى فقر القطن سناسن وأجنحة عراض وزوائدها المفصلية السافلة تستعرض فتتشبه بالأجنحة الواقية وهي خمس فقرات .
والقطن مع العجز كالقاعدة للصلب كله وهو دعامة وحامل لعظم العانة ومنبت الأعصاب للرِّجل .
الفصل الحادي عشر تشريح العجز
عظام العجز ثلاثة وهي أشد الفقرات تهندماً ووثاقة مفصل وأعرضها أجنحة والعصب إنما يخرج عن ثقب فيها ليست على حقيقة الجانبين لئلا يزحمها مفصل الورك بل أزول منها كثيراً وأدخل إلى قدام وخلف وعظام العجز شبيهة بعظام القطن .
الفصل الثاني عشر تشريح العصعص
العصعص مؤلف من فقرات ثلاث غضروفية لا زوائد لها ينبت العصب منها عن ثقب مشتركة كما للرقبة لصغرها وأما الثالثة فيخرج عن طرفها عصب فرد .
الفصل الثالث عشرة كلام كالخاتمة
في جملة منفعة للصلب قد قلنا في عظام الصلب كلاماً معتدلاً فلنقل في جملة الصلب قولاً جامعاً فنقول : إن جملة الصلب كشيء واحد مخصوص بأفضل الأشكال وهو المستدير إذ هذا الشكل أبعد الأشكال عن قبول آفات المصادمات فلذلك تعقفت رؤوس العالية إلى أسفل والسافلة إلى أعلى واجتمعت عند الواسطة وهي العاشرة ولم تتعقف هذه إلى إحدى الجهتين لتتهندم عليها العقفتان معاً .


والعاشرة واسطة السناسن لا في العدد بل في الطول ولما كان الصلب قد يحتاج إلى حركة الإنثناء والإنحناء نحو الجانبين وذلك يكون بأن تزول الواسطة إلى ضد الجهة ويميل ما فوقها وما تحتها نحو تلك الجهة وكان طرفا الصلب يميلان إلى الإلتقاء لم يخلق لها لقم بل نقر ثم جعلت اللقم السفلانية والفوقانية متجهة إليها أما حافتها الفوقانية فنازلة وأما السفلانية فصاعدة ليسهل زوالها إلى ضد جهة الميل ويكون للفوقانية أن تنجذب إلى أسفل وللسفلانية أن تنجذب إلى فوق .
الفصل الرابع عشر تشريح الأضلاع
الأضلاع وقاية لما تحيط به من آلات التنفس وأعالي آلات الغذاء ولم تجعل عظماً واحداً لئلاّ تثقل ولئلا تعم آفة إن عرضت وليسفل الإنبساط إذا زادت الحاجة على ما في الطبع أو امتلأت الأحشاء من الغذاء والنفخ فاحتيج إلى ما كان أوسع للهواء المجتذب وليتخلّلها عضل الصدر المعينة في أفعال التنفس وما يتصل به .
ولما كان الصدر يحيط بالرئة والقلب وما معهما من الأعضاء وجب أن يحتاط في وقايتهما أشد الاحتياط فإن تأثير الآفات العارضة لها أعظم ومع ذلك فإن تحصينها من جميع الجهات لا يضيق عليها ولا يضرّها فخلقت الأضلاع السبعة العلي مشتملة على ما فيها ملتقية عند القص محيطة بالعضو الرئيس من جميع الجوانب .


وأمّا ما يلي آلات الغذاء فخلقت كالمخرزة من خلف حيث لا تدركه حراسة البصر ولم يتصل من قدام بل درجت يسيراً يسيراً في الانقطاع فكان أعلاها أقرب مسافة ما بين أطرافها البارزة وأسفلها أبعد مسافة وذلك ليجمع إلى وقاية أعضاء الغذاء من الكبد والطحال وغير ذلك توسيعاً لمكان المعدة فلا ينضغط عند امتلائها من الأغذية ومن النفخ فالأضلاع السبعة العلى تسمّى أضلاع الصدر وهي من كل جانب سبعة والوسطيان منها أكبر وأطول والأطراف أقصر فإن هذا الشكل أحوط في الاشتمال من الجهات على المشتمل عليه وهذه الأضلاع تميل أولاً على احديدابها إلى أسفل ثم تكرّ كالمتراجعة إلى فوق فتتصل بالقص على ما نَصِفُهُ بَعْدُ حتى يكون اشتمالها أوسع مكاناً ويدخل في كل واحد منها زائدتان في نقرتين غائرتين في كل جناح على الفقرات فيحدث مفصل مضاعف وكذلك السبعة العلى مع عظام القص .
وأما الخمسة المتقاصرة الباقية فإنها عظام الخلف وأضلاع الزور وخلقت رؤوسها متصلة بغضاريف لتأمن من الانكسار عند المصادمات ولئلاّ تلاقي الأعضاء اللينة والحجاب بصلابتها بل تلاقيها بجرم متوسط بينها وبين الأعضاء اللينة في الصلابة واللين تشريح القصّ القص مؤلف من عظام سبعة ولم يخلق عظماً واحداً لمثل ما عرف في سائر المواضع من المنفعة وليكون أسلس في مساعدة ما يطيف بها من أعضاء التنفس في الانبساط ولذلك خلقت هشة موصولة بغضاريف تعين في الحركة الخفية التي لها وان كانت مفاصلها موثوقة وقد خلقت سبعة بعدد الأضلاع الملتصقة بها .
ويتصل بأسفل القص عظم غضروفي عريض طرفه الأسفل إلى الإستدارة يسمى الخنجري لمشابهته الخنجر وهو وقاية لفم المعدة وواسطة بين القص والأعضاء اللينة فيحسن إتصال الصلب باللين على ما قلنا مراراً .
الفصل السادس عشر في تشريح الترقوة


الترقوة عظم موضوع على كل واحد من جانبي أعلى القص يتخلى عند النحر بتحدبه فرجة تنفذ فيها العروق الصاعدة إلى الدماغ والعصب النازل منه بتقعير ثم يميل إلى الجانب الوحشي ويتصل برأس الكتف فيرتبط به الكتف وبهما جميعاً العضد .
الفصل السابع عشر الكتف
خُلِقَ لمنفعتين : إحداهما : لأن يعلق به العضد واليد فلا يكون العضد ملتصقاً بالصدر فتنعقد سلاسة حركة كل واحدة من اليدين إلى الأخرى وتضيق بل خلق برياً من الأضلاع ووسع له جهات الحركات .
والثانية : ليكون وقاية حريزة للأعضاء المحصورة في الصدر ويقوم بدل سناسن الفقرات وأجنحتها حيث لا فقرات تقاوم المصادمات ولا حواس تشعر بها .
والكتف يستدق من الجانب الوحشي ويغلظ فيحدث على طرفه الوحشي نقرة غير غائرة فيدخل فيها طرف العضد المدور .
ولها زائدتان : إحداهما إلى فوق وخلف وتسمّى الأخرم ومنقار الغراب وبها رباط الكتف مع الترقوة وهي التي تمنع عن إنخلاع العضد إلى فوق .
والأخرى من داخل وإلى أسفل تمنع أيضاً رأس العضد عن الإنخلاع ثم لا تزال تستعرض كلما أمعنت في الجهة الإنسية ليكون اشتمالها الواقي أكثر وعلى ظهره زائدة كالمثلث قاعدته إلى الجانب الوحشي وزاويته إلى الإنسي حتى لا يختل تسطح الظهر إذ لو كانت القاعدة إلا الإنسي لشالت الجلد وآلمت عند المصادمات .
وهذه الزائدة بمنزلة السنسنة للفقرات مخلوقة للوقاية وتسمى عير الكتف .
ونهاية استعراض الكتف عند غضروف يتصل بها مستدير الطرف الفصل الثامن عشر تشريح العَضُد عَظْمُ العَضدِ خُلِقِ مستديراً ليكون أبعد عن قبول الآفات وطرفه الأعلى محدبَ يدخل في نقرة الكتف بمفصل رخو غير وثيق جداً وبسبب رخاوة هذا المفصل يعرض له الخلع كثيراً .
والمنفعة في هذه الرخاوة أمران : حاجة وأمان .


أما الحاجة فسلاسة الحركة في الجهات كلها وأما الأمان فلأن العضد وإن كان محتاجاً إلى التمكن من حركات شتى إلى جهات شتى - فليست هذه الحركات تكثر عليه وتدوم حتى يخاف إنهتاك أربطته وتخلعها بل العضد في أكثر الأحوال ساكن وسائر اليد متحرك ولذلك أوثقت سائر مفاصلها أشد من إيثاق العضد - ومفصل العضد تضمنه أربعة أربطة : أحدها : مستعرض غشائي محيط بالمفصل كما في سائر المفاصل رباطان نازلان من الأخرم : أحدهما مستعرض الطرف يشتمل على طرف العضد والثاني أعظم وأصلب ينزل مع رابع ينزل أيضاً من الزئداة المتقاربة في حز معد لهما وشكلهما إلى العرض ما هو خصوصاً عند مماسه العضد ومن شأنهما أن يستبطنا العضد فيتصلا بالعضل المنضودة على باطنه .
والعضد مقعر إلى الإنسي محدب إلى الوحشي ليكن بذلك ما يتنضد عليه من العضل والعصب والعروق وليجود تأبط ما يتأبطه الإنسان وليجود إقبال إحدى اليدين على الأخرى .
وأما طرف العضد السافل فإنه قد ركب عليه زائدتان متلاصقتان والتي تلي الباطن منهما أطول وأدق ولا مفصل لها مع شيء بل هي وقاية لعصب وعروق وإما التي تلي الظاهر فيتم بها مفصل المرفق بلقمة فيها على الصفة التي نذكرها وبينهما لا محالة حز في طرفي ذلك الحز نقرتان من فوق إلى قدام ومن تحت إلى خلف - والنقرة الإنسية الفوقانية منهما مسواة مملسة لا حاجز عليها - والنقرة الوحشية هي الكبرى منهما وما يلي منها النقرة الإنسية غير مملس ولا مستدير الحفر بل كالجدار المستقيم حتى إذا تحرك فيه زائدة الساعد إلى الجانب الوحشي ووصلت إليه وقفت - وسنورد بيان الحاجة إليها عن قريب " وأبقراط " يسمي هاتين النقرتين عينين .
الفصل التاسع عشر تشريح الساعد
الساعد مؤلف من عظمين متلاصقين طولاً ويسميان الزندين .
والفوقاني الذي يلي الإبهام منهما أدق ويسمى الزند الأعلى .
والسفلاني الذي يلي الخنصر أغلظ لأنه حامل ويسمى الزند الأسفل .


ومنفعة الزند الأعلى أن تكون به حركة الساعد على الإلتواء والانبطاح .
ومنفعة الزند الأسفل أن تكون به حركة الساعد إلى الانقباض والانبساط .
ودقق الوسط من كل واحد منهما لاستغنائه بما يحفه من العضل الغليظة عن الغلظ المثقل وغلظ طرفاهما لحاجتهما إلى كثرة ثبات الروابط عنهما لكثرة ما يلحقهما من المساقات والمصادمات العنيفة عند حركات المفاصل وتعريهما عن اللحم والعضل .
والزند الأعلى معوج كأنه يأخذ من الجهة الإنسية وينحرف يسيراً إلى الوحشية ملتوياً .
والمنفعة في ذلك حسن الاستعداد لحركة الالتواء .
والزند الأسفل مستقيم إذ كان ذلك أصلح للانبساط والانقباض .
الفصل العشرون تشريح مفصل المرفق
وأما مفصل المرفق فإنه يلتئم من مفصل الزند الأعلى ومفصل الزند الأسفل مع العضد والزند الأعلى في طرفه نقر مهندمة فيها لقمة من الطرف الوحشي من العضد وترتبط فيها .
وبدورانها في تلك النقرة تحدث الحركة المنبطحة والملتوية .
وأما الزند لأسفل فله زائدتان بينهما حز شبيه بكتابة السين في اليونانية وهي هذا وهذا الحزّ محدَّب السطح الذي تقعيره ليتهندم في الحز الذي على طرف العضد الذي هو مقعّر إلا إنّ شكل قعره شبيه بحدبة دائرة فَمِنْ تَهندم الحز الذي بين زائدتي الزند الأسفل في ذلك الحزّ يلتئم مفصل المرفق فإذا تحرك الحز بين زائدتي الزند الأسفل في ذلك الحزّ يلتئم مفصل المرفق فإذا تحرك الحز إلى خلف وتحت انبسطت اليد فإذا اعترض الحزّ الجداري من النقرة الحابسة للقمة حبسها ومنعها عن زياد انبساط فوقف العضد والساعد على الإستقامة وإذا تحرك أحد الحزين على الآخر إلى قدام وفوق انقبضت اليد حتى يماس الساعد العضد من الجانب الإنسي والقدامي .
وطرفا الزندين من أسفل يجتمعان معاً كشيء واحد وتحدث فيهما نقرة واسعة مشتركة أكثرها في الزند الأسفل وما يفضل عن الإنتقار يبقى محدباً مملساً .


ليبعد عن منال الآفات ويثبت خلف النقرة من الزند الأسفل زائدة إلى الطول ما هي وسنتكلم في منفعتها .
الفصل الحادي والعشرون تشريح الرسغ
الرسغ مؤلّف من عظام كثيرة لئلا تعمه آفة إنْ وقعت .
وعظام الرسغ سبعة وواحد زائد .
أما السبعة الأصلية فهي في صفين : صف يلي الساعد وعظامه ثلاثة لأنه يلي الساعد فكان يجب أن يكون أدق .
وعظام الصف الثاني أربعة لأنه يلي المشط والأصابع فكان يجب أن يكون أعرض وقد درجت العظام الثلاثة فرؤوسها التي تلي الساعد أرق وأشد تهندماً واتصالاً .
ورؤوسها التي تلي الصف الآخر أعرض وأقل تهندماَ واتصالاً .
وأما العظم الثامن فليس مما يقوم صفي الرسغ بل خلق لوقاية عصب يلي الكف .
والصف الثلاثي يحصل له طرف من اجتماع رؤوس عظامه فيدخل في النقرة التي ذكرناها في طرفي الزندين فيحدث من ذلك مفصل الإنبساط والإنقباض .
والزائدة المذكورة في الزند الأسفل تدخل في نقرة في عظام الرسغ تليها فيكون به مفصل الإلتواء والإنبطاح .
الفصل الثاني والعشرون تشريح مشط الكف
ومشط الكف أيضاً مؤلف من عظام لئلا تعمه آفة إن وقعت وليمكن بها تقعير الكف عند القبض على أحجام المستديرات وليمكن ضبط السيالات .
وهذه العظام موثقة المفاصل مشدود بعضها ببعض لئلا تتشتت فيضعف الكف لما يحويه ويحبسه حتى لو كشطت جلدة الكف لوجدت هذه العظام متصلة تبعد فصولها عن الحس ومع ذلك فإن الربط يشد بعضها إلى بعض شدًا وثيقاً إلا أن فيها مطاوعة ليسير انقباض يؤدّي إلى تقعير باطن الكف .
وعظام المشط أربعة لأنها تتصل بأصابع أربعة وهي متقاربة من الجانب الذي يلي الرسغ ليحسن اتصالها بعظام كالملتصقة المتصلة وتتفرج يسيراً في جهة الأصابع ليحسن اتصالها بعظام منفرجة متباينة وقد قعرت من باطن لما عرفته .
ومفصل الرسغ مع المشط يلتئم بنقر في أطراف عظام الرسغ يدخلها لقم من عظام المشط قد ألبست غضاريف .
الفصل الثالث والعشرون تشريح الأصابع


الأصابع آلات تعين في القبض على الأشياء .
ولم تخلق لحميّة خالية من العظام وإن كان قد يمكن مع ذلك اختلاف الحركات كما لكثير من الدود والسمك إمكاناً واهياً وذلك لئلاّ تكون أفعالها واهية وأضعف مما يكون للمرتعشين .
ولم تخلق من عظم واحد لئلا تكون أفعالها متعسرة كما يعرض للمكزوزين .
واقتصر على عظام ثلاثة لأنه إن زيد في عددها وأفاد ذلك زيادة عدد حركات لها أورث لا محالة وَهْناً وضعفاً في ضبط ما يحتاج في ضبطه إلى زيادة وَثاقة وكذلك لو خلقت من أقل من ثلاثة مثل أن تخلق من عظمين كانت الوثاقة تزداد والحركات تنقص عن الكفاية وكانت الحاجة فيها إلى التصرّف المتعين بالحركات المختلفة أمسّ منها إلى الوثاقة المجاوزة للحد .
وخلقت من عظام قواعدها أعرض ورؤوسها أدق والسفلانية منها أعظم على التدريج حتى إن أدقّ ما فيها أطراف الأنامل وذلك لتحسن نسبة ما بين الحامل إلى المحمول .
وخلق عظامها مستديرة لتوقي الآفات .
وصلبت وأعدمت التجويف والمخ لتكون أقوى على الثبات في الحركات وفي القبض والجرّ .
وخلقت مقعرة الباطن محدبة الظاهر ليجود ضبطها لما تقبض عليه ودلكها وغمزها لما تدركه وتغمزه .
ولم يجعل لبعضها عند بعض تقعير أو تحديب ليحسن اتصالها كالشيء الواحد إذا احتيج إلى أن يحصل منها منفعة عظم واحد ولكن لأطراف الخارجة منها كالإبهام والخنصر تحديب في الجنبة التي لا تلقاها منها أصبع ليكون لجملتها عند لانضمام شبيه هيئة الاستدارة التيَ تقي الآفات .
وجعل باطنها لحمياً ليدعمها وتتطامن تحت الملاقيات بالقبض ولم تجعل كذلك من خارج لئلا تثقل ويكون الجميع سلاحاً موجعاً .
ووفرت لحوم الأنامل لتتهندم جيداً عند الإلتقاء كالملاصق .


وجعلت الوسطى أطول مفاصل ثم البنصر ثم السبابة ثم الخنصر حتى تستوي أطرافها عند القبض ولا يبقى فرجة مع ذلك لتتقعّر الأصابع الأربعة والراحة على المقبوض عليه المستدير والإبهام عدل لجميع الأصابع الأربعة ولو وضع في غير موضعه لبطلت منفعته وذلك لأنه لو وضع في باطن الراحة عدمنا أكثرالأفعال التي لنا بالراحة ولو وضع إلى جانب الخنصر لما كانت اليدان كل واحدة منهما مقبلة على الأخرى فيما يجتمعان على القبض عليه وأبعد من هذا أن لو وضع من خلف ولم يربط الإبهام بالمشط لئلا يضيق البعد بينها وبين سائر الأصابع فإذا اشتملت الأربع من جهة على شيء وقاومها الإبهام من جانب آخر أمكن أن يشتمل الكف على شيء عظيم .
والإبهام من وجه آخر كالصمام على ما يقبض عليه الكف ويخفيه .
والخنصر والبنصر كالغطاء من تحت .
ووصلت سلاميات الأصابع كلها بحروف ونقر متداخلة بينها رطوبة لزجة ويشتمل على مفاصلها أربطة قوية وتتلاقى بأغشية غضروفية ويحشو الفرج في مفاصلها لزيادة الاستيثاق عظام صغار تسمى سمسمانية .


القانون
القانون
( 4 من 70 )

الفصل الرابع والعشرون منفعة الظفر
الظفر خلق لمنافع أربع : ليكون سنداً للأنملة فلا تهن عند الشدّ على الشيء والثاني : ليتمكن بها الإصبع من لقط الأشياء الصغيرة والثالثة : ليتمكن بها من التنقية والحك والرابعة : ليكون سلاحاً في بعض الأوقات .
والثلاثة الأولى أولى بنوع الناس والرابعة بالحيوانات الأخرى .
وخلق الظفر مستدير الطرف لما يعرف .
وخلقت من عظام لينة لتتطامن تحت ما يصاكها فلا تنصدع .
وخلقت دائمة النشوء إذ كانت تعرض للإنحكاك والإنجراد .
الفصل الخامس والعشرون تشريح عظام العانة
إن عند العجز عظمين يمنة ويسرة يتصلان في الوسط بمفصل موثق وهما كالأساس لجميع العظام الفوقانيّة والحامل الناقل للسفلانية وكل واحد منهما ينقسم إلى أربعة أجزاء : فالتي تلي الجانب الوحشي تسمّى الحرقفة وعظم الخاصرة والذي يلي القدام يسمّى عظم العانة والذي يلي الخلف يسمى عظم الورك والذي يلي الأسفل الإنسي يسمّى حق الفخذ لأنّ فيه التقعير الذي دخل فيه رأس الفخذ المحدب وقد وضع على هذا العظم أعضاء شريفة مثل المثانة والرحم وأوعية المني من الذكران والمقعدة والسرم .
الفصل السادس والعشرون كلام مجمل في منفعة الرجل
جملة الكلام في منفعة الرجل إن منفعتها في شيئين : أحدهما الثبات والقوام وذلك بالقدم والثاني الإنتقال مستوياً وصاعداً ونازلاً وذلك بالفخذ والساق وإذا أصاب القدم اَفة عسر القوام والثبات دون الإنتقال إلاَ بمقدار ما يحتاج إليه الانتقال من فضل ثبات يكون لإحدى الرجلين وإذا أصاب عضل الفخذ والساق آفة سهل الثبات وعسر الإنتقال .
الفصل السابع والعشرون تشريح عظم الفخذ


وأول عظام الرجل الفخذ وهو أعظم عظم في البدن لأنّه حامل لما فوقه ناقل لما تحته وقبب طرفه العالي ليتهندم في حق الورك وهو محدّب إلى الوحشي مقصَع مقعّر إلى الإنسي وخلف فإنه لو وضع على الاستقامة وموازاة للحقّ لحدث نوع من الفحج كما يعرض لمن خلقته تلك ولم تحسن وقايته للعضل الكبار والعصب والعروق ولم يحدث من
الجملة شيء مستقيم ولم تحسن هيئة الجلوس ثم لو لم يرد ثانياً إلى الجهة الإنسية لعرض فحج من نوع آخر ولم يكن للقوام وبسطه إليها وعنها الميل فلم يعتدل وفي طرفه الأسفل زائدتان لأجل مفصل الركبة فلنتكلم أولاً على الساق ثم على المفصل .
الفصل الثامن والعشرون الساق
كالساعد مؤلف من عظمين : أحدهما أكبر وأطول وهو الإنسي ويسمى القصبة الكبرى والثاني أصغر وأقصر لا يلاقي الفخذ بل يقصر دونه إلا أنه من أسفل ينتهي إلى حيث ينتهي إليه الأكبر ويسمى القصبة الصغرى .
وللساق أيضاً تحدب إلى الوحشي ثم عند الطرف الأسفل تحدب آخر إلى الإنسيّ ليحسن به القوام ويعتدل .
والقصبة الكبرى وهو الساق بالحقيقة قد خلقت أصغر من الفخذ وذلك لأنه لما اجتمع لها موجباً الزيادة في الكبر - وهو الثبات وحمل ما فوقه - والزيادة في الصغر - وهو الخفة للحركة - وكان الموجب الثاني أولى بالغرض المقصود في الساق خلق أصغر والموجب الأول أولى بالغرض المقصود في الفخذ فخلق أعظم وأعطى الساق قدراً معتدلاً حتى لو زيد عظماً عرض من عسر الحركة كما يعرض لصاحب داء الفيل والدوالي ولو انتقص عرض من الضعف وعسر الحركة والعجز عن حمل ما فوقه كما يعرض لدقاق السوق في الخلقة ومع هذا كله فقد دعم وقًوي بالقصبة الصغرى وللقصبة الصغرى منافع أخرى مثل ستر العصب والعروق بينهما ومشاركة القصبة الصغرى بالكبرى في مفصل القدم ليتأكد ويقوّي مفصل الانبساط والانثناء .
الفصل التاسع والعشرون


ويحدث مفصل الركبة بدخول الزائدتين اللتين على طرف الفخذ وقد وثقا برباط ملتفِّ ورباط شاد في الغور ورباطين من الجانبين قويين وتهندم مقدمهما بالرضفة وهي عين الركبة وهو عظم إلى الاستدارة ما هو .
ومنفعته مقاومة ما يتوقى عند الجثوّ وجلسة التعلق من الانهتاك والانخلاع ودعم المفصل الممنو بنقل البدن بحركته وجعل موضعه إلى قدام لأن أكثر ما يلحقه من عنف الانعطاف يكون إلى قدام إذ ليس له إلى خلف انعطاف عنيف وأما إلى الجانبين فانعطافه شيء يسير بل جعل انعطافه إلى قدام وهناك يلحقه العنف عند النهوض والجثو وما أشبه ذلك .
الفصل الثلاثون
تشريح القدم أما القدم فقد خلق آلة للثبات وجعل شكله مطاولاً إلى قدام ليعين على الانتصاب بالاعتماد عليه وخلق له أخمص تلي الجانب الإنسي ليكون ميل القدم إلى الانتصاب وخصوصاً لدى المشي هو إلى الجهة المضادة لجهة الرجل المشيلة ليقاوم ما يجب أن يشتد من الإعتماد على جهة إستقلال الرجل المشيلة فيعتدل القوام وأيضاً ليكون الوطء على الأشياء النابتة متأتياً من غير إيلام شديد وليحسن إشتمال القدم على ما يشبه الدرج وحروف المصاعد .
وقد خلقت القدم مؤلفة من عظام كثيرة المنافع : منها حسن الإستمساك والإشتمال على الموطوء عليه من الأرض إذا احتيج إليه فإن القدم قد يمسك الموطوء كالكف يمسك المقبوض وإذا كان المستمسك يتهيأ أن يتحرك بأجزائه إلى هيئة يجود بها الاستمساك كان أحسن من أن يكون قطعة واحدة .
لا يتشكل بشكل بعد شكل ومنها المنفعة المشتركة لكل ما كثر عظامه .
وعظام القدم ستة وعشرون : كعب به يكمل المفصل مع الساق وعقب به عمدة الثبات وزورقي به الأخمص .


وأربعة عظام للرسغ بها يتصل بالمشط وواحد منها عظم نردي كالمسدس موضوع إلى الجانب الوحشي وبه يحسن ثبات ذلك الجانب على الأرض وخمسة عظام للمشط وإما الكعب فإن الإنساني منه أشد تكعيباً من كعوب سائر للحيوان وكأنه أشرف عظام لقدم النافعهَ في الحركة كما أن العقب أشرف عظام الرجل النافعة في الثبات والكعب موضوع بين الطرفين الناتئين من القصبتين يحتويان عليه من جوانبه أعني من أعلاه وقفاه .
وجانبيه الوحشي والإنسي ويدخل طرفاه في العقب في نقرتين دخول ركز .
والكعب واسطة بين الساق والعقب به يحسن اتصالهما ويتوثق المفصل بينهما ويؤمن عليه الاضطراب وهو موضوع في الوسط بالحقيقة وإن كان قد يظن بسبب الأخمص أنه منحرف إلى الوحشي والكعب يرتبط به العظم الزورقي من قدام وهذا الزورقي متَصل بالعقب من خلف ومن قدام بثلاثة من عظام الرسغ ومن الجانب الوحشي بالعظم النرد الذي إن شئت اعتددت به عظماً مفرداً وإن شئت جعلته رابع عظام للرسغ .


وإما العقب فهو موضوع تحت الكعب صلب مستدير إلى خلف ليقاوم المصاكات والآفات مملس الأسفل ليحسن إستواء الوطء وانطباق القدم على المستقر عند القيام وخلق مقداره إلى العظم ليستقل بحمل البدن وخلق مثلثاً إلى الإستطالة يدق يسيراً يسيراً حتى ينتهي فيضمحل عند الأخمص إلى الوحشي ليكون تقعير الأخمص متدرجاً من خلف إلى متوسطه - وأما الرسغ فيخالف رسغ الكف بأنه صف واحد وذاك صفان ولأن عظامه أقل عدداً بكثير والمنفعة في ذلك أن الحاجة في الكف إلى الحركة والإشتمال أكثر منها قي القدم إذ أكثر المنفعة في القدم هي الثبات ولأن كثرة الأجزاء والمفاصل تضرّ في الإستمساك والإشتمال على المقوم عليه بما يحصل لها من الإسترخاء والانفراج المفرط كما أن عدم الخلخلة أصلاً يضرَ في ذلك بما يفوت به من الانبساط المعتدل الملائم فقد علم أن الإستمساك بما هو أكثر عدداً وأصغر مقداراً أوفق والاستقلال بما هو أقل عدداً وأعظم مقداراً أوفق وأما مشط القدم فقد خلق من عظام خمسة ليتصل بكل واحد منها واحد من الأصابع إذ كانت خمسة منضدةً في صف واحد إذ كانت الحاجة فيها إلى الوثاقة أشد منها إلى القبض والإشتمال المقصودين في أصابع الكف وكل إصبع سوى الإبهام فهو من ثلاث سلاميات وأما الإبهام فمن سلاميتين فقد قلنا إذن في العظام ما فيه كفاية فجميع هذه العظام إذا عدت تكون مائتين وثمانية وأربعين سوى السمسمانيات والعظم الشبيه باللام في كتابة اليونانيين .

الجملة الثانية العضل
وهي ثلاثون فصلا "
الفصل الأول العصب والعضل والوتر والرباط


فنقول لما كانت الحركة الإرادية إنما تتم للأعضاء بقوة تفيض إليها من الدماغ بواسطة العصب وكان العصب لا يحسن إتصالها بالعظام التي هي بالحقيقة أصول للأعضاء المتحركة في الحركة بالقصد الأول إذا كانت العظام صلبة والعصبة لطيفة تلطف الخالق تعالى فأنبت من العظام شيئاً شبيهاً بالعصب يسمى عقباً ورباطاَ فجمعه مع العصب وشبكه به كشيءٍ واحد ولما كان الجرم الملتئم من العصب والرباط على كل حال دقيقاً إذ كان العصب لا يبلغ زيادة حجمه واصلاً إلى الأعضاء على حجمه وغلظه في منبته مبلغاً يعتد به وكان حجمه عند منبته بحيث يحتمله جوهر الدماغ والنخاع وحجم الرأس ومخارج العصب فلو أسند إلى العصب تحريك الأعضاء وهو على حجمه المتمكن وخصوصاً عندما يتوزع وينقسم ويتشعب في الأعضاء وتصير حصة العظم الواحد أدق كثيراً من الأصل وعندما يتباعد عن مبدئه ومنبته لكان في ذلك فساد طاهر فدبر الخالق تعالى بحكمته أن أفاده غلظاً بتنفيش الجرم الملتئم منه ومن الرباط ليفاً وملأ خلله لحماً وتغشيته غشاء وتوسيطه عموداً كالمحور من جوهر العصب يكون جملة ذلك عضواً مؤلفاً من العصب والعقب وَلِيَفَهُما واللحم الحاشي والغشاء المجلل وهذا العضو هو العضلة وهي التي إذا تقلصت جذبت الوتر الملتئم من الرباط والعصب النافذ منها إلى جانب العضو فتشنج فجذب العضو وإذا انبسطت استرخى الوتر فتباعد العضو .
الفصل الثاني تشريح عضل الوجه
من المعلوم أن عضل الوجه هي على عدد الأعضاء المتحركة في الوجه .
والأعضاء المتحركة في الوجه هي الجبهة والمقلتان والجفنان العاليان والخد بشركة من الشفتين والشفتان وحدهما وطرفا
الفصل الثالث تشريح عضل الجبهة


أما الجبهة فتتحرك بعضلةِ دقيقةٍ مستعرضةٍ غشائيةٍ تنبسط تحت جلد الجبهة وتختلط به جداً حتى يكاد أن يكون جزءاً من قوام الجلد فيمتنع كشطه عنها وتلاقي العضو المتحرّك عنها بلا وتر إذ كان المتحرك عنها جلداً عريضاً خفيفاً ولا يحسن تحريك مثله بالوتر وبحركة هذه العضلة يرتفع الحاجبان وقد تعين العين في التغميض باسترخائها .
الفصل الرابع تشريح عضل المقلة
وأما العضل المحركة للمقلة فهي عضل ست : أربع منها في جوانبها الأربع فوق وأسفل والمأقيين كل واحد منهما يحرك العين إلى جهته وعضلتان إلى التوريب ما هما يحركان إلى الإستدارة ووراء المقلة عضلة تدعم العصبة المجوفة التي يذكر شأنها لعد لتشبثها بها وما معها فيثقلها ويمنعها الإسترخاء المجحظ ويضبطها عند التحديق .
وهذه العضلة قد عرض لأغشيتها الرباطية من التشعّب ما شكك في أمرها فهي عند بعض المشرحين عضلةٌ واحدة وعند بعضهم
الفصل الخامس تشريح عضل الجفن
وأما الجفن فلما كان الأسفل منه غير محتاج إلى الحركة إذ الغرض يتأتّى ويتم بحركة الأعلى وحده فيكمل به التغيمض والتحديق وعناية اللّه تعالى مصروفة إلى تقليل الآلات ما أمكن إذا لم يخل إن في التكثير من الآفات ما يعرف وإنه وإن كان قد يمكن أن يكون الجفن الأعلى ساكناً والأسفل متحركاً لكن عناية الصانع مصروفة إلى تقريب الأفعال من مباديها وإلى توجيه الأسباب إلى غاياتها على أعدل طريق وأقوم منهاج والجفن الأعلى أقرب إلى منبت الأعصاب والعصب إذا سلك إليه لم يحتج إلى انعطاف وانقلاب .


ولما كان الجفن الأعلى يحتاج إلى حركتي الإرتفاع عند فتح الطرف والإنحدار عند التغميض و كان التغميض يحتاج إلى عضلةٍ جاذبة إلى أسفل لم يكن بد من أن يأتيها العصب منحرفاَ إلى أصل ومرتفعاً إلى فوق فكان حينئذ لا يخلو أن كانت واحدة من أن تتصل : إما بطرف الجفن وإما بوسط الجفن ولو اتصلت بوسط الجفن لغطت الحدقة صاعدةً إليه ولو اتصلت بالطرف لم تتصل إلا بطرف واحد فلم يحسن إنطباق الجفن على الإعتدال بل كان يتورّب فيشتد التغميض في الجهة التي تلاقي الوتر أولاً ويضعف في الجهة الأخرى فلم يكن يستوي الإنطباق بل كان يشاكل انطباق جفن الملقو فلم يخلق عضلة واحدة بل عضلتان نابتان من جهة الموقين يجذبان الجفن إلى أسفل جذباً متشابهاً .
وأما فتح الجفن فقد كان تكفيه عضلة تأتي وسط الجفن فينبسط طرف وترها على حرف الجفن فإذا تشنجت فتحت فخلقت لذلك واحدة تنزل على الإستقامة بين الغشاءين فتتصل مستعرضة بجرم شبيه بالغضروف منفرش تحت منبت الهدب .
الفصل السادس تشريح عضل الخد
الخدُ له حركتان : إحداهما تابعة لحركة الفك الأسفل والثانية بشركة الشفة والحركة التي له تابعة لحركة عضو آخر فسببها عضل ذلك العضو والحركة التي له بشركة عضو آخر فسببها عضَل هي له ولذلك العضو بالشركة وهذه العضلة واحدة في كل وجنة عريضة وبهذا الإسم يعرف .
وكل واحدة منهما مركبة من أربعة أجزاء إذ كان الليف يأتيها من أربعة مواضع : أحدهما : منشؤه من الترقوة تتصل نهاياتها بطرفي الشفتين إلى أسفل وتجذب الفم إلى أسفل جذباً مورياً .
والثاني : منشؤه من القس والترقوة من الجانبين ويستمر لفها على الوراب فالناشىء من اليمين يقاطع الناشىء من الشمال وينفذ فيتصل الناشىء من اليمين بأسفل طرف الشفة الأيسر والناشىء من الشمال بالضد .
وإذا تشنج هذا الليف ضيق الفم فأبرزه إلى قدام فعل سلك الخريطة بالخريطة .


والثالث : منشؤه من عند الأخرم في الكتف ويتصل فوق متصل بتلك العضل ويميل الشفة إلى الجانبين إمالة متشابهة .
والرابع : من سناسن الرقبة ويجتاز بحذاء الأذنين ويتصل بأجزاء الخد ويحرّك الخد حركةً ظاهرةً تتبعها الشفة وربما قربت جداً من مغرز الأذن في بعض الناس واتصلت به فحركت أذنه .
الفصل السابع تشريح عضل الشفة
أما الشفة فمن عضلها ما ذكرنا أنه مشترك لها وللخدّ ومن عضلها ما يخصّها وهي عضل أربع : زوج منها : يأتيها من فوق سمت الوجنتين ويتصل بقرب طرفها واثنان : من أسفل وفي هذه الأربع كفاية في تحريك الشفة وحدها لأن كل واحدة منها إذا تحركت وحدها حركته إلى ذلك الشقّ وإذا تحرك إثنان من جهتين انبسطت إلى جانبيها فيتم لها حركاتها إلى الجهات الأربع ولا حركة لها غير تلك فهذه الأربع كفاية وهذه الأربع وأطراف العضل المشتركة قد خالطت جرم الشفة مخالطة لا يقدر الحس على تمييزها من الجوهر الخاص بالشفة إذ كانت الشفة عضواً ليناً لحمياً لا عَظْمَ فيه .
الفصل الثامن تشريح عضل المنخر
أما طرفا الأرنبة فقد يتصل بهما عضلتان صغيرتان قويتان .
أمّا الصغر فلكي لا تضيق على سائر العضل التي الحاجة إليها أكثر لأن حركات أعضاء الخد والشفة فأكثر عدداً وأكثر تكرراً ودواماً والحاجة إليها أمسّ من الحاجة إلى حركة طرفي الأرنبة .
وخلقتا قويتين ليتداركا بقوتهما ما يفوتهما بفوات العظم وموردهما من ناحية الوجنة ويخالطان ليف الوجنة أوَلاً وإنما وردتا من ناحيتي الوجنتين لأن تحريكهما إليهما فاعلم ذلك .
الفصل التاسع تشريح عضل الفك الأسفل


قد خص الفك الأسفل بالحركة دون الفك الأعلى لمنافع منها : إن تحريك الأخف أحسن ومنها إن تحريك الأخلى من الاشتمال على أعضاء شريفة تنكى فيها الحركة أولى وأسلم ومنها أن الفكّ الأعلى لو كان بحيث يسهل تحريكه لم يكن مفصله ومفصل الرأس محتاطاً فيه بالإيثاق ثم حركات الفك الأسفل لم يحتج فيها إلى أن تكون فوق ثلاثة حركة فتح الفم والفغر وحركة الانطباق وحركة المضغ والسحق والفاتحة تسهل الفك وتنزله والمطبقة تشيله والساحقة تديره وتميله إلى الجانبين فبين أن حركة الإطباق يجب أن تكون بعضل نازلة من علو تشنج إلى فوق والفاغرة بالضد والساحقة بالتوريب فخلق للإطباق عضلتان تعرفان بعضلتي الصدغ وتسميان ملتفتين وقد صغر مقدارهما في الإنسان إذ العضو المتحرّك بهما في الإنسان صغير القدر مشاشيّ خفيف الوزن وإذ الحركات العارضة لهذا العضو الصادرة عن هاتين العضلتين أخفّ وأما في سائر الحيوان الفك الأسفل أعظم وأثقل مما للإنسان والتحريك بهما في أصناف النهش والقطع والكدم والقطع أعنف .
وهاتان العضلتان ليّنتان لقربهما من المبدأ الذي هو الدماغ الذي هو جرم في غاية اللين وليس بينهما وبين الدماغ الأعظم واحد فلذلك ولما يخاف من مشاكة الدماغ إياهما في الآفات إن غشي عرضت والأوجاع إن اتفقت ما يفضي بالمعروض له إلى السرسام وما يشبهه من الأسقاء دفنها الخالق سبحانه عند منشئها ومنبعها من الدماغ في عظمي الزوج ونفذها في كن شبيه بالأزج ملتئم من عظمي الزوج ومن تفاريج ثقب المنفذ المار معها الملبس حافاته عليها مسافة صالحة إلى مجاورة الزوج ليتصلب جوهرها يسيراً يسيراً ويبعد عن منبتها الأول قليلاً قليلاً وكل واحدة من هاتين العضلتين يحدث لها وتر عظيم يشتمل على حافة الفكّ الأسفل فإذا تشنج أشاله وهاتان العضلتان قد أعينتا بعضلتين سالكتين داخل الفم منحدرتين إلى الفك الأسفل في مقازتين إذ كان إصعاد الثقيل مما يوجب التدبير الاستظهار فيه بفضل قوة .


والوتر النابت من هاتين العضلتين ينشأ من وسطهما لا من طرفهما للوثاقة 0 وأما عضل الفغر وإنزال الفك فقد ينشأ ليفها من الزوائد الإبرية التي خلف الأذن فتتحد عضلة واحدة ثم تتخلص وتراَ لتزداد وثاقة ثم تتنفش كرة أخرى فتحتشي لحماً وتصير عضلة وتسمى عضلة مكررة لئلا تعرض بالامتداد لمنال الآفات ثم تلاقي معطف الفك إلى الذقن فإذا انقلصت جذبت اللحى إلى خلف فيتسفل لامحالة ولما كان الثفل الطبيعي معيناً على التسفّل كفى اثنتان .
ولم يحتج إلى معين وأما عضل المضغ فهما عضلتان من كل جانب عضلة مثلثة إذا جعل رأسها الزاوية التي من زواياها في الوجنة إمتد لها ساقان : أحدهما ينحدر إلى الفكّ الأسفل والآخر يرتقي إلى ناحية الزوج واتصلت قاعدة مستقيمة فيما بينهما وتشبثت كل زاوية بما يليها ليكون لهذه العضلة جهات مختلفة في التشتج فلا تستوي حركتها بل يكون لها أن تميل ميولا "
الفصل العاشر
تشريح عضل الرأس إن للرأس حركات خاصية وحركات مشتركة مع خمس من خرزات العنق تكون بها حركة منتظمة من ميل الرأس وميل الرقبة معاً وكل واحدة من الحركتين - أعني الخاصية والمشتركة - إمَا أن تكون متنكسة وإما أن تكون منعطفة إلى خلف وإما أن تكون مائلة إلى اليمين وإما أن تكون مائلة إلى اليسار .
وقد يتولّد مما بينهما حركة الإلتفات على هيئة الاستدارة .


أما العضل المنكسة للرأس خاصة فهي عضلتان تردان من ناحتين لأنهما يتشبثان بليفهما من خلف الأذنين فوق ومن عظام القس تحت ويرتقيان كالمتصلتين ربما ظن أنهما عضلة واحدة وربما ظن أنهما عضلتان وربما ظن أنهما ثلاث عضل لأن طرف أحدهما يتشعب فيصير رأسين فإذا تحرّك أحدهما تنكس الرأس مائلاً إلى شقه وإن تحركا جميعاً تنكس الرأس تنكساً إلى قدام معتدلاً وأما العضل المنكسة للرأس والرقبة معاً إلى قدام فهو زوج موضوع تحت المريء يلخص إلى ناحية الفقرة الأولى والثانية فيلتحم بهما فإن تشنّج بجزء منه الذي يلي المريء نكس الرأس وحده وإن استعمل الجزء الملتحم على الفقرتين نكس الرقبة .
وأما العضل الملقية للرأس وحده إلى خلف فأربعة أزواج مدسوسة تحت الأزواج التي ذكرناها .
ومنبت هذه الأزواج هو فوق المفصل : فمنها ما يأتي السناسن ومنبته أبعد من وسط الخلف ومنها ما يأتي الأجنحة ومنبتها إلى الوسط فمن ذلك زوج يأتي جناحي الفقرة الأولى فوق .
وزوج يأتي سنسنة الثانية وزوج ينبعث ليفه من جناح الأولى إلى سنسنة الثانية وخاصيته أن يقيم ميل الرأس عند الإنقلاب إلى الحال الطبيعية لتوريبه .
ومن ذلك زوج رابع يبتدىء من فوق وينفذ تحت الثالث بالوراب إلى الوحشي فيلزم جناح الفقرة الأولى .
والزوجان الأولان يقلبان الرأس إلى خلف بلا ميل أو مع ميل يسير جداً .
والثالث يقوم أود الميل والرابع يقلب إلى خلف مع توريب ظاهر .
والثالث والرابع أيهما مال وحده ميل الرأس إلى جهته وإذا تشنجا جميعاً تحرك الرأس إلى خلف منقلباً من غير ميل .
وأما العضل المقلبة للرأس مع العنق فثلاثة أزواج غائرة وزوج مجلل كل فرد منه مثلث قاعدته عظم مؤخر الدماغ وينزل باقيه إلى الرقبة .
وأما الثلاثة الأزواج المنبسطة تحته فزوج ينحدر على جانبي الفقار وزوج يميل إلى أجنحة جداً وزوج يتوسط ما بين جانبي الفقار وأطراف الأجنحة .


وأما العضل المميلة للرأس إلى الجانبين فهي زوجان يلزمان مفصل الرأس الزوج الواحد منهما موضعه القدام وهو الذي يصل بين الرأس والفقارة الثانية فرد منه يميناً وفرد منه يساراً والزوج الثاني موضعه الخلف ويجمع بين الفقرة الأولى والرأس فرد منه يمنة وفرد منه يسرة فأيّ هذه الأربعة إذا تشنج مال الرأس إلى جهته مع توريب وأي اثنين في جهة واحدة تشنجا مال الرأس إليهما ميلاً غير مورب وإن تحركت القداميتان أعانتا في التنكيس أو الخلفيتان قلبتا الرأس إلى خلف وإذا تحركت الأربع معاً انتصب الرأس مستوياً .
وهذه العضل الأربع هي أصغر العضل لكنها تتدارك بجودة موضعها وبانحرازها تحت العضل الأخرى ما تناله الأخرى بالكبر وقد كان مفصل الرأس محتاجاً إلى أمرين يحتاجان إلى معنيين متضادين : أحدهما : الوثاقة وذلك متعلق بإيثاق المفصل وقلة مطاوعته للحركات والثاني كثرة عدد الحركات وذلك متعلق بإسلاس المفصل والإرخاء فجود إرخاء المفاصل استقامة إلى الوثاقة التي تحصل بكثرة التفاف العضل المحيطة به فحصل الغرضان تبارك الله أحسن الخالقين ورب العالمين .
الفصل الحادي عشر تشريح عضل الحنجرة
الحنجرة عضو غضروفي خلق آلة للصوت وهو مؤلف من غضاريف ثلاثة : أحدها الغضروف الذي يناله الجس والجس قدام الحلق تحت الذقن ويسمى الدرقي والترسي إذ كان مقعر الباطن محدب الظهر يشبه الدرقة وبعض الترسة .
والثاني غضروف موضوع خلقه يلي العنق مربوط به يعرف بأنه الذي لا اسم به .


وثالث مكبوب عليهما يتصل بالذي لا اسم له ويلاقي الدرقي من غير إتصال وبينه وبين الذي لا اسم له مفصل مضاعف بنقرتين فيه تهندم فيهما زائدتان من الذي لا اسم له مربوطتان بهما بروابط ويسمى المكي والطرجهاري وبانضمام الدرقي إلى الذي لا اسم له وبتباعد أحدهما عن الآخر يكون توسع الحنجرة وضيقها وبانكباب الطرجهاري على الدرقي ولزومه إياه وبتجافيه عنه يكون إنفتاح الحنجرة وانغلاقها وعند الحنجرة وقدامها عظم مثلث يسمى العظم اللامي تشبيهاً بكتابة اللام في حروف اليونانيين إذ شكله هكذا .
والمنفعة في خلقة هذا العظم أن يكون متشبثاَ وسنداً ينشأ منه ليف عضل الحنجرة .
والحنجرة محتاجة إلي عضل تضم الدرقي إلى الذي لا اسم له وعضل تضم الطرجهاري وتطبقه وعضل تبعد الطرجهاري عن الأخريين فتفتح الحنجرة والعضل المنفتحة للحنجرة منها زوج ينشأ من العظم اللامي فيأتي مقدم المرقي ويلتحم منبسطاً عليه .
فإذا تشنج أبرز الطرجهاري إلى قدام وفوق فاتسعت الحنجرة وزوج يعد في عضل الحلقوم الجاذبة إلى أسفل ونحن نرى أن نعده في المشتركات بينهما .
ومنشؤهما من باطن القس إلى الدرقي .
وفي كثير من الحيوان يصحبها زوج اَخر وزوجان : أحدهما عضلتاه تأتيان الطرجهاري من خلف ويلتحمان به إذا تشنجتا رفعتا الطرجهاري وجذبتاه إلى خلف فتبرأ من مضامة الدرقي فتوسعت الحنجرة .
وزوج تأتي عضلتاه حافتي الطرجهاري فإذا تشنجتا فصلتاه عن الدرقي ومدتاه عرضاً فأعان في إنبساط الحنجرة وأما العضل المضيقة للحنجرة فمنها زوج يأتي من ناحية اللامي ويتصل بالدرقي ثم يستعرض ويلتف على الذي لا اسم له حتى يتحد طرفا فرديه وراء الذي لا اسم له فإذا تشنّج ضيق .
ومنها أربع عضل ربما ظن أنهما عضلتان مضاعفتان يصل ما بين طرفي الدرقي والذي لا اسم له فإذا تشنّج ضيق أسفل الحنجرة وقد يظن أن زوجاً منهما مستبطن وزوجاً ظاهر .


وأما العضل المطبقة فقد كان أحسن أوضاعها أن تخلف داخل الحنجرة حتى إذا تقلصت جذبت الطرجهاري إلى أسفل فأطبقته فخلقت كذلك زوجاً ينشاً من أصل الدرقي فيصعد من داخل إلى حافتي الطرجهاري .
وأصل الذي لا اسم له يمنة ويسرة فإذا تقلّصت شدت المفصل وأطبقت الحنجرة أطباقاً يقاوم عضل الصدر والحجاب في حصر النفس وخلقتا صغيرتين لئلا يضيقا داخل الحنجرة قويتين ليتداركا بقوتهما في تكلفهما إطباق الحنجرة وحصر النفس بشدة ما أورثه الصغر من التقصير ومسلكهما هو على الاستقامة صاعدتين مع قليل انحراف يتأتى به الوصل بين الدرقي والذي لا اسم له وقد يوجد عضلتان موضوعتان تحت الطرجهاري يعينان الزوج المذكور .
الفصل الثاني عشر تشريح عضل الحلقوم
وأما الحلقوم جملة فله زوجان يجذبانه إلى أسفل : أحدهما زوج ذكرناه في باب الحنجرة والآخر زوج نابت أيضاً من القس يرتقي فيتصل باللامي ثم بالحلقوم فيجذبه إلى أسفل .
وأما الحلق فعضلته هي النغنغتان وهما عضلتان موضوعتان عند الحلق معينتان على الإزدراد فاعلم ذلك .
الفصل الثالث عشر تشريح عضل العظم اللامي
وأما العظم اللامي فله عضل يخصه وعضل يشركه فيه عضو آخر .
فأما الذي يخص اللامي فهي أزواج ثلاثة : زوج منها يأتي من جانبي اللحى ويتصل بالخط المستقيم الذي على هذا العظم وهو الذي يجذبه إلى اللحى وزوج ينشأ من تحت الذقن ثم يمر تحت اللسان إلى الطرف الأعلى من هذا العظم وهذا أيضاً يجذب هذا العظم إلى جانبي اللحى وزوج منشؤه من الزوائد السهمية التي عند الآذان ويتصل بالطرف الأسفل من الخط المستقيم الذي على هذا العظم وأما الذي يشركه غيره فقد ذكر ويذكر .
الفصل الرابع عشر تشريح عضل اللسان


أما العضل المحركة للسان فهي عضل تسع : اثنتان معرضتان يأتيان من الزوائد السهمية ويتصلان بجانبيه واثنتان مطولتان منشؤهما من أعالي العظم اللامي ويتصلان بأصل اللسان واثنتان يحركان على الوراب منشؤهما من الضلع المنخفض من أضلاع .
العظم اللامي وينفذان في اللسان ما بين المطولة والمعرضة واثنتان باطحتان للسان قالبتان له موضعهما تحت موضع هذه المذكورة قد انبسط ليفهما تحته عرضاً ويتصلان بجميع عظم الفك وقد نذكر في جملة عضل اللسان عضلة مفردة تصل ما بين اللسان والعظم اللامي وتجذب أحدهما إلى الآخر ولا يبعد أن تكون العضلة المحركة للسان طولاً إلى بارز تحركه كذلك لأن لها أن تتحرك في نفسها بالامتداد كما لها أن تتحرك في نفسها بالتقاصر والتشنج .
الفصل الخامس عشر تشريح عضل العنق والرقبة
العضل المحركة للرقبة وحدها زوجان : زوج يمنة وزوج يسرة فأيتهما تشنج وحده انجذبت الرقبة إلى جهته بالوراب وأي اثنتين من جهة واحدة تشنجا معاً مالت الرقبة إلى تلك الجهة بغير توريب بل باستقامة وإذا كان الفعل لأربعتها معاً انتصبت الرقبة من غير ميل .
الفصل السادس عشر تشريح عضل الصدر
العضل المحركة للصدر منها ما يبسطه فقط ولا يقبضه فمن ذلك الحجاب الحاجز بين أعضاء التنفس وأعضاء الغذاء التي سنصفه بعد وزوج موضوع تحت الترقوة منشؤه من جزء ممتد إلى رأس الكتف نصفه بعد وهو متصل بالضلع الأول يمنة ويسرة وزوج كل فرد مضاعف له جزآن أعلاهما يتصل بالرقبة ويحرّكها وأسفلهما يحرك الصدر ويخالطه عضلة سنذكرها وهي المتصلة بالضلع الخامس والسادس وزوج مدسوس في الموضع المقعر من الكتف يتصل به زوج ينزل من الفقار إلى الكتف ويصيران كعضلة واحدة وتتصل بأضلاع الخلف وزوج ثالث منشؤه من الفقرة السابعة من فقرات العنق ومن الفقرة الأولى والثانية من فقرات الصدر ويتّصل بأضلاع القص فهذه هي العضلات الباسطة .


وأما العضل القابضة للصدر فمن ذلك : ما يقبض بالعرض وهو الحجاب إذا سكن ومنها ما يقبض بالذات فمن ذلك زوج ممدود تحت أصول الأضلاع العلى وفعله الشدّ والجمع ومن ذلك زوج عند أطرافها يلاصق القصّ ما بين الخنجري والترقوة ويلاصق العضل المستقيم من عضل البطن وزوجان آخران يعينانه وأما العضل التي تقبض وتبسط معاً فهي العضل التي بين الأضلاع لكن الاستقصاء في التأمل يوجب أن تكون القابضة منها غير الباسطة وذلك أن بين كل ضلعين بالحقيقة أربع عضلات و إن ظنت عضلة واحدة وإن هذه المظنونة عضلة واحدة منتسجة من ليف مورب منه ما يستبطن ومنه ما يجلل والمجلل منه ما يلي الطرف الغضروفي من الضلع ومنه ما يلي الطرف الاَخر القوي .
والمستبطن كله مخالف في الوضع المجلل .
والذي على طرف الضلع الغضروفي مخالف كله في الوضع للذين على الطرف الآخر .
وإذا كانت هيئات الليف أربعاً بالعدد فبالحري أن تكون العضل أربعاً بالعدد فما كان منها موضوعاً فوق فهو باسط وما كان منها موضوعاً تحت فهو قابض وتبلغ لذلك جملة عضل الصدر ثمانياً وثمانين وقد يعيّن عضل الصدر عضلتان يأتيان من الترقوة إلى رأس الكتف فتتصل بالضلع الأول منه وتشيله إلى فوق فتعين على انبساط الصدر .
الفصل السابع عشر تشريح عضل حركة العضد


عضل العضد وهي المحركة لمفصل الكتف منها ثلاث عضلات تأتيها من الصدر وتجذبها إلى أسفل : فمن ذلك عضلة منشؤها من تحت الثدي وتتصل بمقدم العضد عند مقدم زيق الترقوة وهي مقربة للعضد إلى الصدر مع استنزال يستتبع الكتف وعضلة منشؤها من أعلى القص وتطيف أنسي رأس العضد وهي مقرّبة إلى الصدر مع استرفاع يسير وعضلة مضاعفة عظيمة منشؤها من جميع القص تتصل بأسفل مقدم العضد إذا فعلت بالليف الذي لجزئه الفوقاني أقبلت بالعضد إلى الصدر شائلة به أو بالجزء الآخر أقبلت به إليه خافضة أو بهما جميعاً فتقبل به على الإستقامة وعضلتان تأتيان من ناحية الخاصرة يتّصلان أدخل من اتصال العضلة العظيمة الصاعدة من القص وإحداهما عظيمة تأتي من عند الخاصرة ومن ضلوع الخلف وتجذب العضد إلى ضلوع الخلف بالإستقامة والثانية دقيقة تأتي من جلد الخاصة لا من عظمها أميل إلى الوسط من تلك وتتصل بوتر الصاعدة من ناحية الثدي غائرة وهذه تفعل فعل الأولى على سبيل المعاونة إلا أنها تميل إلى خلف قليلاً .
وخمس عضل منشؤها من عظم الكتف عضلة منها منشؤها من عظم الكتف وتشغل ما بين الحاجز والضلع الأعلى للكتف وتنفذ إلى الجزء الأعلى من رأس العضد الوحشيّ مائلة يسيراً إلى الإنسيّ وهي تبعد مع ميل إلى الإنسي .
وعضلتان من هذه الخمسة منشؤهما الضلع الأعلى من الكتف : إحداهما : عظيمة ترسل ليفها إلى الأجزاء السفلية من الحاجز وتشغل ما بين الحاجز والضلع الأسفل وتتصل برأس العضد من الجانب الوحشي جداً فتبعد مع ميل إلى الوحشيّ .
والأخرى متصلة بهذه الأولى حتى كأنها جزء منها وتنفذ معها وتفعل فعلها لكن هذه لا تتعلق بأعلى الكتف تعلقاً كثيراً وإ تّصالها على التوريب بظاهر العضد وتميلها إلى الوحشيّ .
والرابعة : عضلة تشغل الموضع المقعر من عظم الكتف ويتصل وترها بالأجزاء الداخلة من الجانب الإنسي من رأس عظم العضد وفعلها إدارة العضد إلى خلف .


وعضلة أخرى منشؤها من الطرف الأسفل من الضلع الأسفل للكتف ووترها يتصل فوق اتصال العظيمة الصاعدة من الخاصرة وفعلها جذب أعلى رأس العضد إلى فوق .
وللعضد عضلة أخرى ذات رأسين تفعل فعلين وفعلاً مشتركاً فيه وهي تأتي من أسفل الترقوة ومن العنق وتلتقم رأس العضد وتقارب موضع اتصال وتر العضلة العظيمة الصاعدة من الصدر وقد قيل إن أحد رأسيها من داخل ويميل إلى داخل مع توريب يسير .
والرأس الآخر من خارج على ظهر الكتف عند أسفله ويميل إلى خارج بتوريب يسير .
هذا فعل بالجزءين أشال على الإستقامة .
ومن الناس من زاد عضلتين : عضلة صغيرة تأتي من الثدي وأخرى
الفصل الثامن عشر تشريح عضل حركة الساعد
العضل المحركة للساعد منها ما يقبضه وهذه موضوعة على العضد ومنها ما يكبه ومنها ما يبطحه وليست على العضد فالباسطة زوج أحد فرديه يبسط مع ميل إلى داخل لأن منشأه من تحت مقدم العضد ومن الضلع الأسفل ومن الكتف ويتّصل بالمرفق حيث أجزاؤه الداخلة .
والفرد الثاني يبسط مع ميل إلى الخارج لأنه يأتي من فقار العضد ويتصل بالأجزاء الخارجة من المرفق وإذا اجتمعا جميعاً على فعليهما بسطا على الاستقامة لا محال .
والقابضة زوج أحد فرديه هو الأعظم يقبض مع ميل إلى داخل وذلك لأن منشأه من الزند الأسفل من الكتف ومن المنقار يخص كل منشأ رأس ويميل إلى باطن العضد ويتصل وتر له عصباني بمقدم الزند الأعلى والفرد الثاني يقبض مع ميل إلى الخارج لأن منشأه من ظاهر العضد من خلف وهو عضلة لها رأسان لحميان أحدهما من وراء العضد والآخر قدامه وتستبطن في ممرها قليلاً إلى أن تخلص إلى مقدم الزند الأسفل .
وقد وصل ما يميل قابضاً إلى الخارج بالأسفل وما يميل إلى الداخل بالأعلى ليكون الجذب أحكم وإذا اجتمع هاتان العضلتان على فعليهما قبضتا على الاستقامة لا محالة وقد تستبطن العضلتين الباسطتين عضلة تحيط بعظم العضد وإلا شُبِّه أن تكون جزءاً من العضلة القابضة الأخيرة .


وأما الباطحة للساعد فزوج أحد فرديه موضوع من خارج بين الزندين وتلاقي الزند الأعلى بلا وتر والآخر رقيق متطاول منشؤه من الجزء الأعلى من رأس العضد مما يلي ظاهره وجله يمر في الساعد وينفذ حتى يقارب مفصل الرسغ فيأتي الجزء الباطن من طرف الزند الأعلى ويتصل به بوتر غشائي .
وأما المكبة فزوج موضوع من خارج أحد فرديه يبتدىء من أعلى الإنسي من رأس العضد ويتّصل بالزند الأعلى دون مفصل الرسغ والآخر أقصر منه وليفه إلى الإستعراض وطرفه أشد عصبانية ويبتدىء من نفس الزند الأسفل ويتّصل بطرف الأعلى عند مفصل الرسغ .
الفصل التاسع عشر تشريح عضل حركة الرسغ
وأما عضل تحريك مفصل الرسغ فمنها قابضة ومنها باسطة ومنها مكبّة ومنها باطحة على القفا .
والعضل الباسطة فمنها عضلة متصلة بأخرى كأنهما عضلة واحدة إلا أن هذه منشؤها من وسط الزند الأسفل ويتصل وترها بالإبهام وبها يتباعد عن السبابة .
والأخرى منشؤها من الزند الأعلى ويتّصل وترها بالعظم الأول من عظام الرسغ أعني الموضوع بحذاء الإبهام فإذا تحركت هاتان معاً بسطتا الرسغ بسطاً مع قليل كب وإن تحركت الثانية وحدها بطحته وإن تحركت الأولى وحدها باعدت بين الإبهام والسبابة .
وعضلة ملقاة على الزند الأعلى من الجانب الوحشي منشؤها أسافل رأس العضد ترسل وترا " ذا رأسين يتصل بوسط المشط قدام الوسطى والسبابة ورأس وترها متكىء على الزند الأعلى عند الرسغ ويبسط الرسغ بسطاً مع كب .
وأما العضل القابضة فزوج على الجانب الوحشي من الساعد والأسفل منهما يبتدىء من الرأس الداخل من رأسي العضد وينتهي إلى المشط الخنصر والأعلى منهما يبتدىء أعلى من ذلك وينتهي هناك .
وعضلة معها تبتدىء من الأجزاء السفلية من العضد تتوسط موضع المذكورتين ولها ظرفان يتقاطعان تقاطعاً صليبياً ثم يتصلان بالموضع الذي بين السبابة والوسطى .
وإذا تحركتا معا قلصتا .


فهذه القوابض والبواسط هي بعينها تفعل الكبّ والبطح إذا تحرك منها متقابلتان على الوراب بل العضلة المتصلة بالمشط قدّام الخنصر إذا تحركت وحدها قلبت الكف وإن أعانها عضلة الإبهام التي نذكرها بعد تممت قلب الكف باطحة والمتصلة بالرسغ قدام الإبهام إذا تحركت وحدها كبته قليلاً أو مع الخنصرية التي نذكرها كبته كبا " تاماً فاعلم ذلك .
الفصل العشرون تشريح عضل حركة الأصابع
العضل المحرّكة للاصابع منها ما هي في الكف ومنها ما هي في الساعد ولو جمعت كلها على الكف لثقل بكثرة اللحم ولما بعدت الرسغيات منها عن الأصابع طالت أوتارها ضرورة فحصّنت بأغشية تأتيها من جميع النواحي وخلقت أوتارها مستديرة قوية لا تستعرض إلاّ أن توافي العضو فهناك تستعرض ليجود اشتمالها على العضو المحرّك .
وجميع العضل الباسطة للأصابع موضوعة على الساعد وكذلك المحركة إياها إلى أسفل .
فمن الباسطة عضلة موضوعة في وسط ظاهر الساعد تنبت من الجزء المشرف من رأس العضد الأسفل وترسل إلى الأصابع الأربع أوتاراً تبسطها .
وأما المميلة إلى أسفل فثلاث : منها متصل بعضها ببعض في جانب هذه فواحدة تنبت من الجزء الأوسط من رأس العضد الوحشي ما بين زائدتيه وترسل وترين إلى الخنصر والبنصر وواحدة من جملة عضلتين مضاعفتين هما إثنتان من هذه الثلاثة منشؤهما من أسفل زائدتي العضد إلى داخل ومن حافة الزند الأسفل وترسل وترين إلى الوسطى والسبابة .
وثانيتهما وهي الثالثة منشؤها من أعلى الزند الأعلى وترسل وتراً إلى الإبهام وعند هذه العضلة عضلة هي إحدى العضلتين المذكورتين في عضل تحريك الرسغ منشؤها من الموضع الوسط من الزند الأسفل ووترها يبعد الإبهام عن السبابة .
وأما القابضة فمنها ما على الساعد ومنها ما في باطن الكف والتي على الساعد ثلاث عضلات بعضها منضودة فوق بعض موضوعة في الوسط .


وأشرفها وهو الأسفل مدفون من تحت متصلاً بعظم الزند الأسفل لأن فعلها أشرف فيجب أن يكون موضعها أحرز وابتداؤها من وسط الرأس الوحشي من العضد إلى داخل ثم ينفذ ويستعرض وترها وينقسم إلى أوتار خمسة يأتي كل وتر باطن إصبع .
فأما اللواتي تأتي الأربع فإن كل واحدة منها تقبض المفصل الأول والثالث منه أما الأول فلأنه مربوط هناك برابطة ملتفة عليه .
وأما الثالث فلأن رأسه ينتهي إليه ويتصل به .
وأما النافذة إلى الإبهام فإنها تقبض مفصله الثاني والثالث لأنها إنما تتصل بهما .
والعضلة الثانية التي فوق هذه هي أصغر منها وتبتدىء من الرأس الداخل من رأسي العضد وتتصل بالزند الأسفل قليلاً وتستمر على الحدّ المشترك بين الجانب الوحشيّ والإنسي وهو السطح الفوقاني من الزند الأعلى فإذا وافت ناحية الإبهام مالت إلى داخل وأرسلت أوتاراً إلى المفاصل الوسطى مع الأربع لتقبضها ولا تأتي الإبهام إلا شعبة ليست من عند وترها ولكن من موضع آخر ومنشأ الأولى بعد الابتداء المذكور هو من رأس الزند الأسفل والأعلى .
ومنشأ الثانية من رأس الزند الأسفل وقد جعل الإبهام مقتصرا " في الإنقباض على عضلة واحدة .
والأربع تنقبض بعضلتين لأن أشرف فعل الأربع هو الانقباض وأشرف فعل الإبهام هو الانبساط والتباعد من السبابة .
وأما العضلة الثالثة فليست للقبض ولكنها تنفذ بوترها إلى باطن الكف وتنفرش عليه مستعرضة لتفيده الحس ولتمنع نبات الشعر عليه ولتدعم البطن من الكف وتقويه لمعالجته ما يعالج به فهذه هي التي على الرسغ .
وأما العضل التي في الكف نفسها فهي ثمان عشرة عضلة منضودة بعضها فوق بعض في صفين : صف أسفل داخل وصف أعلى خارج إلى الجلد فالتي في الصف الأسفل عددها سبع : خمس منها تميل الأصابع إلى فوق والإبهامية منها تنبت من أول عظام الرسغ .


والسادسة قصيرة عريضة ليفها ليف مورب ورأسها متعلق بمشط الكف حيث تحاذي الوسطى ووترها متّصل بالإبهام تميله إلى أسفل والسابعة عند الخنصر تبتدىء من العظم الذي يليها من المشط فيميلها إلى أسفل وليس شيء من هذه السبعة للقبض بل خمس للأشالة واثنتان للخفض .
وأما التي في الصف الأعلى تحت العضلة المنفرشة على الراحة وهي التي عرفها " جالينوس " وحده فهي إحدى عشرة عضلة : ثمان منها كل إثنتين منها تتصل بالمفصل الأول من مفاصل الأصابع الأربع واحدة فوق أخرى لتقبض هذا المفصل أما السفلى منها فقبضها مع حط وخفض وأما العليا فقبضها مع يسير رفع وإشالة وإذا اجتمعتا فبالإستقالة وثلاث منها خاصة بالإبهام واحدة لقبض المفصل الأول واثنتان للثاني كما عرفت فتواسط الخمس خمس والحافظات لما سوى الإبهام والخنصر لكل واحدة واحدة وللإبهام والخنصر اثنتان والقوابض لكل إصبع أربع والمميلات إلى فوق لكل إصبع واحدة فاعلم ذلك .
الفصل الحادي والعشرون في تشريح عضل حركة الصلب
عضل الصلب منها ما يثنيه إلى خلف ومنها ما يحنيه إلى قدام وعن هذه يتفرع سائر الحركات .
فالثانية إلى خلف هي المخصوصة بأن تسمّى عضل الصلب وهما عضلتان يحدس أن كل واحدة منهما مؤلفة من ثلاث وعشرين عضلة كل واحدة منها ثانيها من كل فقرة عضلة إذ يأتيها من كل فقرة ليف مورب إلا الفقرة الأولى .
وهذه العضل إذا تمددت بالاعتدال نصبت الصلب فإن أفرطت في التمدد ثنته إلى خلف وإذا تحركت التي في جانب واحد مالت بالصلب إليه .
وأما العضل الحانية فهي زوجان : زوج موضوع من فوق وهي من العضل المحركة للرأس والعنق النافذة من جنبتي المريء .
وطرفها الأسفل يتصل بخمس من الفقار الصدرية العليا في بعض الناس وبأربع في أكثر الناس .
وطرفها الأعلى يأتي الرأس والرقبة .


وزوج موضوع تحت هذا ويسميان المتنين وهما يبتدئان من العاشرة والحادية عشرة من الصدر وينحدران إلى أسفل فيحنيان حنياً خافضاً والوسط يكفيه في حركاته وجود هذه العضل لأنه يتبع في الإنحناء والإنثناء والإنعطاف حركة الطرفين .
الفصل الثاني والعشرون تشريح عضل البطن
أمّا البطن فعضله ثمان وتشترك في منافع : منها المعونة على عصر ما في الأحشاء من البراز والبول والأجنة في الأرحام .
ومنها أنها تدعم الحجاب وتعينه عند النفخة لدى الانقباض .
ومنها أنها تسخن المعدة والإمعاء بإدفائها .
فمن هذه الثمانية زوج مستقيم ينزل على الاستقامة من عند الغضروف الحنجري ويمتد ليفه طولاً إلى العانة وينبسط طرفه فيما يليها .
وجوهر هذا الزوج من أوّله إلى آخره لحمي وعضلتان تقاطعان هاتين عرضا " موضعهما فوق الغشاء الممدود على البطن كله وتحت الطولانيتين .
والتقاطع الواقع بين ليف هاتين وليف الأوليين هو تقاطع على زوايا قائمة .
وزوجان موربان كل واحد منهما في جانب يمنة ويسرة وكل زوج منها فهو من عضلتين متقاطعتين تقاطعاً صليبياً من الشرسوف إلى العانة ومن الخاصرة إلى الحنجري فيلتقي طرف اثنتين من اليمين واليسار عند العانة وطرف اثنتين أخريين عند الحنجري وهما موضوعان في كل جانب على الأجزاء اللحمية من العضلتين المعارضتين وهذان الزوجان لا يزالان لحميين حتى يماسا العضل المستقيمة بأوتار عراض كأنها أغشية وهذان الزوجان موضوعان فوق الطولانيتين الموضوعتين فوق العرضيين .
الفصل الثالث والعشرون تشريح عضل الأنثيين
أما للرجال فعضل الخصي أربع جعلت لتحفظ الخصيتين وتشيلهما لئلا تسترخيا ويكون كل خصية يلزمها زوج .
وأما للنساء فيكفيهن زوج واحد لكل خصية فرد إذ لم تكن خصاهن مدلاة بارزة كتدلي خصي الرجال .
الفصل الرابع والعشرون تشريح عضل المثانة
واعلم أنّ في فم المثانة عضلة واحدة تحيط بها مستعرضة الليف على فمها .


ومنفعتها حبس البول إلى وقت الإرادة فإذا أريدت الاراقة استرخت عن تقبضها فضغط عضل البطن المثانة
الفصل الخامس والعشرون تشريح عضل الذكر
العضل المحركة للذكر زوجان : زوج تمتد عضلتاه عن جانبي الذكر فإذا تمددتا وسَعتا المجرى وبسطتاه فاستقام المنفذ وجرى فيه المني بسهولة وزوج ينبت من عظم العانة ويتصل بأصل الذكر على الوراب فإذا اعتدل تمدده انتصبت الآلة مستقيمة وإن اشتد أمالها إلى خلف وإن عرض الإمتداد لأحدهما مال إلى جهته .
الفصل السادس والعشرون تشريح عضل المقعدة
عضل المقعدة أربع منها عضلة تلزم فمها وتخالط لحمها مخالطة شديدة شبه مخالطة عضل الشفة وهي تقبض الشرج وتسده وتنفض بالعصر بقايا البراز عنه .
وعضلة موضوعة أدخل من هذه وفوقها بالقياس إلى رأس الإنسان ويظن أنها ذات طرفين ويتصل طرفاها بأصل القضيب بالحقيقة .
وزوج مورب فوق الجميع ومنفعتها إشالة المقعدة إلى فوق وإنما يعرض خروج المقعدة لاسترخائها .
الفصل السابع والعشرون تشريح عضل حركة الفخذ
أعظم عضل الفخذ هي التي تبسطه ثم التي تقبضه لأن أشرف أفعالها هاتان الحركتان .
والبسط أفضل من القبض إذ القيام إنّما يتأتى بالبسط ثم العضل المبعدة ثم المقربة ثم المديرة .
والعضل الباسطة لمفصل الفخذ منها عضلة هي أعظم جميع عضل البدن وهي عضلة تجلل عظم العانة والورك وتلتف على الفخذ كله من داخل ومن خلف حتى تنتهي إلى الركبة ولليفها مبادِ مختلفة ولذلك تتنوع أفعالها صنوفاً مختلفة فلأن بعض ليفها منشؤه من أسفل عظم العانة فيبسط مائلاً إلى الإنسيّ .
ولأن بعض ليفها منشؤه أرفع من هذا يسيراً فهو يشمل الفخذ إلى فوق فقط .
ولأن منشأ بعضها أرفع من ذلك كثيراً فهو يشمل الفخذ إلى فوق مميلاً إلى الإنسي ولأن بعض ليفها منشؤه من عظم الورك فهو يبسط الفخذ بسطاً على الإستقامة صالحاً .
ومنها عضلة تجلّل مفصل الورك كله من خلف ولها ثلاثة رؤوس وطرفان .


وهذه الأرؤس منشؤها من الخاصرة والورك والعصعص اثنان منها لحميان وواحد غشائي .
وأما الطرفان فيتصلان بالجزء المؤخر من رأس الفخذ فإن جذبت بطرف واحد بسطت مع ميل إليه وإن جذبت بالطرفين بسطت على الإستقامة .
ومنها عضلة منشؤها من جميع ظاهر عظم الخاصرة وتتصل بأعلى الزائدة الكبرى التي تسمى طروخابطير الأعظم ويمتد قليلاً إلى قدام ويبسط مع ميل إلى الإنسي وأخرى مثلها وتتصل أولاً بأسفل الزائدة الصغرى .
ثم تنحدر وتفعل فعلها .
إلا أن بسطها يسير وإما أنها كثيرة ومنشؤها من أسفل ظاهر عظم الخاصرة .
ومنها عضلة تنبت من أسفل عظم الورك مائلة إلى خلف وتبسط مميلة يسيراً إلى خلف ومميلة إمالة صالحة إلى الإنسي .
وأما العضل القابضة لمفصل الفخذ فمنها عضلة تقبض مع ميل يسير إلى الإنسي وهي عضلة مستقيمة تنحدر من منشأين : أحدهما يتّصل بآخر المتن والآخر من عظم الخاصرة وهي تتّصل بالزائدة الصغرى الإنسية .
وعضلة من عظم العانة وتتصل بأسفل الزائدة الصغرى .
وعضلة ممتدّة إلى جانبها على الوراب وكأنها جزء من الكبرى .
ورابعة تنبت من الشيء القائم المنتصب من عظم الخاصرة وهي تجذب الساق أيضا " مع قبض الفخذ .
وأما العضل المميلة إلى داخل فقد ذكر بعضها في باب البسط والقبض ولهذا النوع من التحريك عضلة تنبت من عظم العانة وتطول جداً حتى تبلغ الركبة .
وأما المميلة إلى خارج فعضلتان : إحداهما تأتي من العظم العريض .
وأما المديرتان فعضلتان : إحداهما مخرجها من وحشي عظم العانة والأخرى : مخرجها من إنسية ويتوربان ملتقيين ويلتحمان عند الموضع الغائر بقرب من مؤخر الزائدة الكبرى .
وأيتهما جذبت وحدها لوت الفخذ إلى جهته مع قليل بسط فاعلم ذلك .
الفصل الثامن والعشرون تشريح عضل حركة الساق والركبة
أما العضل المحركة لمفصل الركبة فمنها ثلاث موضوعة قدام الفخذ وهي أكبر العضل الموضوعة في الفخذ نفسها وفعلها البسط .


وواحدة من هذه الثلاث كالمضاعفة ولها رأسان يبتدئ أحدهما من الزائدة الكبرى والآخر من مقدم الفخذ وله طرفان : أحدهما لحمي يتّصل بالرضفة قبل أن يصير وتراً والآخر : غشائي يتصل بالطرف الإنسي من طرفي الفخذ .
وأما الاثنان الآخران : فأحدهما هو الذي ذكرناه في قوابض الفخذ أعني النابت من الحاجز الذي في عظم الخاصرة والأخرى مبدؤها من الزائدة الوحشية التي في الفخذ وهاتان تتصلان وتتحدان ويحدث منهما وتر واحد مستعرض يحيط بالرضفة ويوثقها يما تحتها إيثاقاً محكماً ثم يتصل بأول الساق ويبسط الركبة بمد الساق .
على الوراب ثم تلتحم بالجزء المعرق من على الساق وتبسط الساق مميلة إلى الإنسيّ .
وعضلة أخرى في بعض كتب التشريح تقابلها في الجانب الوحشي مبدؤها من عظم الورك تتورب في الجانب الوحشي حتى تأتي الموضع المعرق ولا عضلة أشد توريباً منها وتبسط مع إمالة إلى الوحشيّ وإذا بسط كلاهما كان بسطاً مستقيماً .
وأما القوابض للساق فمنها عضلة ضيقة طويلة تنشأ من عظم الخاصرة والعانة تقرب من منشأ الباسطة الداخلة ومن الحاجز الذي في وسط الخاصرة ثم تنفذ بالتوريب إلى داخل طرفي الركبة ثم تبرز وتنتهي إلى النتو الذي في الموضع المعرق من الركبة وتلتصق به وبه انجذاب الساق إلى فوق مائلا " بالقدم إلى ناحية الاربية .
وثلاث عضل أنسية وحشية ووسطى الوحشية والوسطى تقبضان مع ميل إلى الوحشي .
والأنسية تقبض مع ميل إلى الإنسي .
والأنسيّة منشؤها من قاعدة عظم الورك ثم تمرّ متورِّبة خلف الفخذ إلى أن توافي الموضع المعرق من الساق في الجانب الإنسي فتلتصق به ولونها إلى الخضرة .
ومنشأ الأخريين أيضاً من قاعدة عظم الورك إلا أنهما تميلان إلى الاتصال بالجزء المعرق من الجانب الوحشيّ .


وفي مفصل الركبة عضلة كالمدفونة في معطف الركبة تفعل فعل هذه الوسطى وقد يظن أنّ الجزء الناشئ من العضلة الباسطة المضاعفة من الحاجز ربما قبض الركبة بالعرض وإنه قد ينبعث من متصلهما وتر يضبط حق الورك ويصله بما يليه .
الفصل التاسع والعشرون تشريح عضل مفصل القدم
وأما العضل المحركة لمفصل القدم فمنها ما تشيل القدم ومنها ما تخفضه .
أمّا المشيلة فمنها عضلة عظيمة موضوعة قدام القصبة الأنسية ومبدؤها الجزء الوحشيّ من رأس القصبة الإنسية فإذا برزت مالت على الساق مارة إلى جهة الإبهام فتتصل بما يقارب أصل الإبهام وتشيل القدم إلى فوق .
وأخرى تثبت من رأس الوحشية وينبت منها وتر يتصل بما يقارب أصل الخنصر ويشيل القدم إلى فوق وخصوصاً إذا طابقها العضلة الأولى وكان ذلك على الإستواء والإستقامة .
وأما الخافضة فزوج منها منشؤه من رأس الفخذ ثم ينحدران فيملآن باطن مؤخر الساق لحماَ وينبت منهما وتْر من أعظم الأوتار وهو وتر العقب المتصل بعظم العقب ويجذبه إلى خلف مورباً إلى الوحشي فيكون ذلك سبباً لثبات القدم على الأرض ويعينها عضلة تنشأ من رأس الوحشية باذنجانية اللون وتنحدر حتى تتصل بنفسها من غير وتر ترسله بل تبقى لحمية فتلتصق بمؤخر العقب فوق التصاق التي قبلها .
فإذا أصاب هاتين العضلتين أو وترهما آفة زمنت القدم .
وعضلة يتشعب منها وتران واحد منهما يقبض القدم والثاني يبسط الإبهام وذلك أن هذه العضلة منشؤها من رأس القصبة الإنسية حيث تلاقي الوحشية وتنحدر بينهما فتتشعب إلى وترين : أحدهما يتصل من أسفل بالرسغ قدام الإبهام وبهذا الوتر يكون انخفاض القدم .
والوتر الآخر يحدث من جزء من هذه العضلة يجاوز منشأ الوتر الأول وترسل وتراً إلى المفصل الأول من الإبهام فتبسطه بتوريب إلى الإنسي .


وقد ينشأ من الرأس الوحشي من الفخذ عضلة وتتّصل بإحدى العضلتين العقيبيتين ثم تنفصل عنها إذا حازت باطن الساق وتنبت وتراً يستبطن أسفل القدم وينفرش تحته كله على قياس العضلة المنفرشة على باطن الراحلة ولمثل منفعتها .


القانون
القانون
( 5 من 70 )
السابق الأحاديث الفهرس التالي
الفصل الثلاثون تشريح عضل أصابع الرجل
وأما العضل المحركة للأصابع فالقوابض منها عضل كثيرة : فمنها عضلة منشؤها من رأس القصبة الوحشية وتنحدر ممتدة عليها وترسل وتراً ينقسم إلى وترين لقبض الوسطى والبنصر .
وأخرى أصغر من هذه ومنشؤها هو من خلف الساق فإذا أرسلت الوتر انقسم وترها إلى وترين يقبضان الخنصر والسبابة ثم يتعّب من كل واحد من القسمين وتر يتصل بالمتشعب من الآخر ويصير وتراً واحداً يمتد إلى الإبهام فيقبضه .
وعضلة ثالثة قد ذكرناها تنشأ من وحشيّ طرفي القصبة الإنسية وتنحدر بين القصبتين وترسل جزءاً منها لقبض القدم وجزءاً إلى المفصل الأول من الإبهام .
فهذه هي العضل المحركة للاصابع التي وضعها على الساق ومن خلفه .
وأما اللواتي وضعها في كف الرجل فمنها عضل عشر قد فاتت المشرّحين وأوّل من عرفها " جالينوس وهي تتصل بالأصابع الخمس لكل أصبع عضلتان يمنة ويسرة وتحرّك إلى القبض إما على الإستقامة إن حركتا معاً أو الميل إن حرّكت واحدة ومنها أربع على الرسغ لكل إصبع واحدة وعضلتان خاصتان بالإبهام والخنصر للقبض وهذه العضل متمازجة جداً حتى إذا أصاب بعضها آفة حدث من ذلك ضعف فعل البواقي فيما يخصها وفي أن تنوب عن هذه بعض النيابة فيما يخصّ هذه .
ولهذا السبب ما يعسر قبضْ بعض أصابع القدم خاصة دون بعض .
ومن عضل الأصابع خمس عضل موضوعة فوق القدم من شأنها أن تميل إلى الوحشيّ وخمس موضوعة تحتها يصل كل واحدة منها إصبعاً بالذي يليه من الشق الإنسي فتميله بالحركة إلى الجانب الإنسيّ وهذه الخمس مع اللتين يخصّان الإبهام والخنصر هي على قياس السبع التي
الجملة الثالثة العضل
وهي ستّة فصول
الفصل الأول كلام في العصب
خاص منفعة العصب : منها ما هو خاص بالذات ومنها ما هو بالعرض والذي بالذات إفادة الدماغ بتوسطها لسائر الأعضاء حبسًّا وحركة .


والدي بالعرض فمن ذلك تشديد اللحم وتقوية البدن ومن ذلك الإشعار بما يعرض من الآفات للأعضاء العديمة الحسّ مثل الكبد والطحال والرئة فإنّ هذه الأعضاء وإن فقدت الحس فقد أجرى عليها لفافة عصبيّة وغشيت بغشاء عصبيّ فإذا ورمت أو تمدّدت بريحَ بادي ثقل الورم أو تفريق الريح إلى اللفافة والى أصلها فعرض لها من الثقل انجذاب ومن الريح تمدد فأحس به .
والأعصاب مبداها على الوجه المعلوم هو الدماغ .
ومنتهى تفرّقها هو الجلد فإن الجلد يخالطه ليف رقيق منبث فيه أعصاب من الأعضاء المجاورة له والدماغ مبدأ العصب على وجهين فانه مبدأ لبعض العصب بذاته ومبدأ لبعضه بوساطة النخاع السائل منه .
والأعصاب المنبعثة من الدماغ نفسه لا يستفيد منها الحس والحركة إلاّ أعضاء الرأس والوجه والأحشاء الباطنة وأما سائر الأعضاء فإنما تستفيدهما من أعصاب النخاع وقد دل " جالينوس " على عناية عظيمة تختص بما ينزل من الدماغ إلى الأحشاء من العصب فإن الصانع جل ذكره احتاط في وقايتها احتياطاً لم يوجبه في سائر العصب وذلك لأنها لما بعدت من المبدأ وجب أن ترفد بفضل توثيق فغشاها بجرم متوسط بين العصب والغضروف في قوامه مشاكل لما يحدث في جرم العصب عند الالتواء وذلك من مواضع ثلاثة : أحدها عند الحنجرة والثاني إذا صار إلى أصول الأضلاع والثالث إذا جاوز موضع الصدر والأعصاب الدماغية الأخرى فما كان المنفعة فيه إفادة الحسّ أنفذ من مبعثه على الاستقامة إلى العضو المقصود إذ كانت الاستقامة مؤدية إلى المقصود من أقرب الطرق وهناك يكون التأثير الفائض من المبدأ أقوى إذ كانت الأعصاب الحسية لا يراد فيها من التصليب المحوح إلى التبعيد عن جوهر الدماغ بالتعريج ليبعد عن مشابهته في اللين بالتدريج ما يراد في أعصاب الحركة بل كلما كانت ألين كانت لقوة الحس أشدّ تأدية .
وأما الحركية فقد وجهت إلى المقصد بعد تعاريج تسلكها لتبعد عن المبدأ وتندرج في التصليب .


وقد أعان كل واحد من الصنفين على الواجب منه من التصلّب والتليين جوهر منبته إذ كان جل ما يفيد الحس منبعثاً من مقدم الدماغ .
والجزء الذي هو مقدم الدماغ ألين قواماً وجلّ ما يفيد الحركة منبعثاً من مؤخر الدماغ والجزء الذي هو مؤخر الدماغ أثخن قواماً .
الفصل الثاني تشريح العصب الدماغي ومسالكه
قد تنبت من الدماغ أزواج من العصب سبعة : فالزوج الأوّل مبدؤه من غور البطنين المقدمين من الدماغ عند جواز الزائدتين الشبيهتين بحلمتي الثدي اللتين بهما الشمّ وهو عظيم مجوف يتيامن النابت منهما يساراً ويتياسر النابت منهما يميناً ثم يلتقيان على تقاطع صليبي ثم ينفذ النابت يميناً إلى الحدقة اليمنى والنابت يساراً إلى الحدقة اليسرى وتتسع فوهاتهما حتى تشتمل على الرطوبة التي تسمّى زجاجية .
وقد ذكر غير " جالينوس " أنهما ينفذان على التقاطع الصليبي من غير انعطاف وقد ذكر لوقوع هذا التقاطع منافع ثلاث : إحداها : ليكون الروح السائلة إلى إحدى الحدقتين غير محجوبة عن السيلان إلى الأخرى إذا عرضت لها آفة ولذلك تصير كل واحدة من الحدقتين أقوى أبصاراً إذا غمضت الأخرى وأصفى منها لو لحظت والأخرى لا تلحظ ولهذا ما تزيد النقبة العنبية والثانية : أن يكون للعينين مؤدّى واحد يؤديان إليه شبح المبصر فيتحد هناك ويكون الإبصار بالعينين إبصاراً واحداً ليمثل الشبح في الحد المشترك ولذلك يعرض للحول أن يروا الشيء الواحد شيئين عندما تزول إحدى الحدقتين إلى فوق أو إلى أسفل فيبطل به استقامة نفوذ المجرى إلى التقاطع ويعرض قبل الحد المشترك حد لإنكار العصبة .
والثالثة : لكي تستدعم كل عصبة بالأخرى وتستند إليها وتصير كأنها تنبت من قرب الحدقة .
والزوج الثاني من أزواج العصب الدماغي منشؤه خلف منشأ الزوج الأول ومائلا " عنه إلى الوحشيّ ويخرج من الثقبة التي في النقرة المشتملة على المقلة فينقسم في عضل المقلة .


وهذا الزوج غليظ جداً ليقاوم غلظه لينه الواجب لقربه من المبدأ فيقوى على التحريك وخصوصاً إذ لا معين له إذ الثالث مصروف إلى تحريك عضو كبير هو الفك الأسفل فلا يفضل عنه فضلة بل يحتاج إلى معين غيره كما نذكره .
وأما الزوج الثالث : فمنشؤه الحدّ المشترك بين مقدم الدماغ ومؤخره من لدن قاعدة الدماغ وهو يخالط أولاً الزوج الرابع قليلا " يفارقه ويتشعب أربع شعب : شعبة تخرج من مدخل العرق السباتي الذي نذكره بعد وتأخذ منحدرة عن الرقبة حتى تجاوز الحجاب فتتوزعّ في الأحشاء التي دون الحجاب .
والجزء الثاني مخرجه من ثقب في عظم الصدغ وإذا انفصل اتصل بالعصب المنفصل من الزوج الخامس الذي سنذكر حاله وشعبة تطلع من الثقب الذي يخرج منه الزوج الثاني إذ كان مقصده الأعضاء الموضوعة قدام الوجه ولم يحسن أن ينفذ في منفذ الزوج الأول المجوف فيزاحم أشرف العصب ويضغطه فينطبق التجويف .
وهذا الجزء إّذا انفصل انقسم ثلاثة أقسام .
قسم يميل إلى ناحية الماَق ويتخلص إلى عضل الصدغين والماضغين والحاجب والجبهة والجفن .
والقسم الثاني ينفذ في الثقب المخلوق عند اللحاظ حتى يخلص إلى باطن الأنف فيتفرق في الطبقة المستبطنة للأنف .
والقسم الثالث : وهو قسم غير صغير ينحدر في التجويف البريخي المهيأ في عظم الوجنة فيتفرعّ إلى فرعين : فرع منه يأخذ إلى داخل تجويف الفم فيتوزع في الأسنان .
أما حصة الأضراس منها فظاهرة وأما حصة سائرها فكل يخفى عن البصر ويتوزع أيضاً في اللثة العليا .
والفرع الآخر ينبت في ظاهر الأعضاء هناك مثل جلدة الوجنة وطرف الأنف والشفة العليا .
فهذه أقسام الجزء الثالث من الزوج الثالث .


وأما الشعبة الرابعة من الزوج الثالث فتتخلص نافذة في ثقبة في الفك الأعلى إلى اللسان فتتفرّق في طبقته الظاهرة وتفيده الحسّ الخاص به وهو الذوق وما يفضل من ذلك يتفرق في غمور الأسنان السفلى ولثاتها وفي الشفة السفلى والجزء الذي يأتي اللسان أدق من عصب العين لأن وأما الزوج الرابع : فمنشؤه خلف الثالث وأميل إلى قاعدة الدماغ ويخالط الثالث كما قلنا ثم يفارقه ويخلص إلى الحنك فيؤتيه الحس وهو زوج صغير إلا أنه أصلب من الثالث لأنّ الحنك وصفاق الحنك أصلب من صفاق اللسان .
وأما الزوج الخامس : فكل فرد منه ينشقّ بنصفين على هيئة المضاعف بل عند أكثرهم كل فرد منه زوج ومنبته من جانبي الدماغ .
والقسم الأول من كل زوج منه يعمد إلى الغشاء المتبطن للصماخ فيتفرّق فيه كلّه .
وهذا القسم منبته بالحقيقة من الجزء المؤخر من الدماغ وبه حس السمع .


وأما القسم الثاني وهو أصغر من الأول فإنه يخرج من الثقب المثقوب في العظم الحجري وهو الذي يسمى الأعور والأعمى لشدة التوائه وتعريج مسلكه إرادة لتطويل المسافة وتبعيد اَخرها عن المبدأ ليستفيد العصب قبل خروجه منه بعد أمن المبدأ لتتبعه صلابة فإذا برز اختلط بعصب الزوج الثالث فصار أكثرهما إلى ناحية الخدّ والعضلة العريضة وصار الباقي منهما إلى عضل الصدغين وإنما خلق الذوق في العصبة الرابعة والسمع في الخامسة لأن آلة السمع احتاجت إلى أن تكون مكشوفة غير مسدود إليها سبيل الهواء وآلة الذوق وجب أن تكون محرزة فوجب من ذلك أن يكون عصب السمع أصلب فكان منبته من مؤخر الدماغ أقرب وإنما اقتصر في عضل العين على عصب واحد وكثر أعصاب عضل الصدغين لأن ثقبة العين احتاجت إلى فضل سعة لاحتياج العصبة المؤدية لقوة البصر إلى فضل غلظ لإحتياجها إلى التجويف فلم يحتمل العظم المستقر لضبط المقلة ثقوباً كثيرة وأما عصب الصدغين فاحتاجت إلى فضل صلابة فلم تحتج إلى فضل غلظ بل كان الغلظ مما يثقل عليها الحركة وأيضاً المخرج الذي لها في عظم حجري صلب يحتمل ثقوباً عديدة .
وأما الزوج السادس فإنه ينبت من مؤخر الدماغ متصلاً بالخامس مشدودا " معه بأغشية وأربطة كأنهما عصبة واحدة ثم يفارقها ويخرج من الثقب الذي في منتهى الدرز اللامي وقد انقسم قبل الخروج ثلاثة أجزاء ثلاثتها تخرج من ذلك الثقب معاً فقسم منه يأخذ طريقه إلى عضل الحلق وأصل اللسان ليعاضد الزوج السابع على تحريكها .
والقسم الثاني ينحدر إلى عضل الكتف وما يقاربها ويتفرّق أكثره في العضلة العريضة التي على الكتف وهذا القسم صالح المقدار وينفذ معلقاً إلى أن يصل مقصده .


وأما القسم الثالث وهو أعظم الأقسام الثلاثة فإنه ينحدر إلى الأحشاء في مصعد العرق السباتي ويكون مشدوداً إليه مربوطاً به فإذا حاذى الحنجرة تفرعت منه شعب وأتت العضل الحنجرية التي رؤوسها إلى فوق التي تشيل الحنجرة وغضاريفها فإذا جاوزت الحنجرة صعد منها شعب تأتي العضل المتنكسة التي رؤوسها إلى أسفل وهي التي لا بد منها في إطباق الطرجهاري وفتحه إذ لا بد من جذب إلى أسفل ولهذا يسمى العصب الراجع .
وإنما أنزل هذا من الدماغ لأن النخاعية لو أصعدت لصعدت موربة غير مستقيمة من مبدئها فلم يتهيأ الجذب بها إلى أسفل على الإحكام وإنما خلقت من السادس لأن ما فيه من الأعصاب اللينة والمائلة إلى اللين ما كان منها قبل السادس فقد توزع في عضل الوجه والرأس وما فيهما والسابع لا ينزل على الاستقامة نزول السادس بل يلزمه تورب لامحالة .
ولما كان قد يحتاج الصاعد الراجع إلى مستند محكم شبيه بالبكرة ليدور عليه الصاعد متأيداً به وأن يكون مستقيماً وضعه صلباً قوياً أملس موضوعاً بالقرب فلم يكن كالشريان العظيم الصاعد من هذه الشعب ذات اليسار يصادف هذا الشريان وهو مستقيم غليظ فينعطف عليه من غير حاجة إلى توثيق كثير .
وأما الصاعد ذات اليمين فليس يجاوره هذا الشريان على صفته الأولى بل يِجاوره وقد عرضت له دقة لتشعب ما تشعب منه وفاتته الإستقامة في الوضع إذا تورب مائلاً إلى الإبط فلم يكن بد من توثيقه بما يستند عليه بأربطة تشد الشعب به ليتدارك بذلك ما فات من الغلظ والاستقامة في الوضع .


والحكمة في تبعيد هذه الشعب الراجعة هي أن تقارب مثل هذا المتعلق وأن تستفيد بالتباعد عن المبدأ قوة وصلابة وأقوى العصب الراجع هو الذي يتفرق في الطبقتين من عضل الحنجرة مع شعب عصب معينة ثم سائر هذا العصب ينحدر فيتشعب منه شعب تفرق في أغشية الحجاب والصدر وعضلاتها وفي القلب والرئة والأوردة والشرايين التي هناك وباقيه ينفذ في الحجاب فيشارك المنحدر من الجزء الثالث ويتفرقان في أغشية الاحشاء وتنتهي إلى العظم العريض .
وأما الزوج السابع فمنشؤه من الحدّ المشترك بين الدماغ والنخاع ويذهب أكثره متفرقاً في العضل المحركة للسان والعضل المشتركة بين الدرقي والعظم اللامي وسائره قد يتفق أن يتفرق في عضل أخرى مجاورة لهذه العضل ولكن ليس ذلك بدائم ولما كانت الأعصاب الأخرى منصرفة إلى واجبات أخرى ولم يكن يحسن أن تكثر الثقب فيما يتقدم ولا من تحت كان الأولى أن تأتي حركة اللسان عصب من هذا الموضع إذ قد أتى حسّه من موضع آخر .
الفصل الثالث تشريح عصب نخاع العنق ومسالكه
العصب النابت من النخاع السالك من فقار الرقبة ثمانية أزواج : زوج مخرجه من ثقبتي الفقرة الأولى ويتفرق في عضل الرأس وحدها وهو صغير دقيق إذ كان الأحوط في مخرجه أن يكون ضيقاً على ما قلنا في باب العظام .
والزوج الثاني : مخرجه ما بين الثقبة الأولى والثانية أعني الثقبة المذكورة في باب العظام ويوصل أكثره إلى الرأس حسّ اللمس بأن يصعد مورباَ إلى أعلى الفقار وينعطف إلى قدام وينبت على الطبقة الخارجة من الأذنيين فيتدارك تقصير الزوج الأوّل لصغره .
وقصوره عن الانبثاث والانبساط في النواحي التي تليه بالتمام وباقي هذا الزوج يأتي العضل التي خلف العنق والعضلة العريضة فيؤتيها الحركة .


والزوج الثالث : منشؤه ومخرجه من الثقبة التي بين الثانية والثالثة ويتفرع كل واحد فرعين فرع يتفرق في عمق العضل التي هناك منه شعب وخصوصاً المقلبة للرأس مع العنق ثم يصعد إلى شوك الفقار فإذا حاذاها تشبث بأصولها ثم ارتفع إلى رؤوسها وخالطه أربطة غشائية تنبت من تلك السناسن ثم ينفذان منعطفين إلى جهة الأذنين وفي غير الإنسان ينتهي إلى الأذنين فيحرّك عضل الأذنين والفرع الثاني يأخذ إلى قدام حتى يأتي العضلة العريضة وأوّل ما يصعد يلتف به عروق وعضل تكتنفه ليكون أقوى في نفسه وقد يخالط أيضاً عضل الصدغين وعضل الأذنين في البهائم وأكثر تفرقه إنما هو في عضل الخدين .
وأما الزوج الرابع : فمخرجه من الثقبة التي بين الثالثة والرابعة وينقسم كالذي قبله إلى جزء مقدم وجزء مؤخر .
والجزء المقدّم منه صغير ولذلك يخالط الخامس وقيل أنه قد ينفذ منه شعبة كنسج العنكبوت ممتدّة على العرق السباتي إلى أن يأتي الحجاب الحاجز ماراً على شقي الحجاب المنصف للصدر .
والجزء الأكبر مه ينعطف إلى خلف فيغور في عمق العضل حتى يخلص إلى السناسن ويرسل شعبان إلى العضل المشترك بين الرأس والرقبة يأخذ طريقه منعطفاً إلى قدام فيتصل بعضل الخد والأذنين في البهائم وقد قيل إنه ينحدر منه إلى الصلب .
وأما الزوج الخامس : فمخرجه من الثقبة التي بين الرابع والخامس ويتفرعّ أيضاً فرعين : وأحد الفرعين وهو المقدم هو أصغرهما يأتي عضل الخدين وعضل تنكيس الرأس وسائر العضل المشتركة للرأس والرقبة .
و الفرع الثاني ينقسم إلى شعبتين : شعبة هي المتوسّطة بين الفرع الأول وبين الشعبة الثانية يأتي أعالي الكتف ويخالطه شيء من السادس والسابع والشعبة الثانية تخالط شعباً من الخامس والسادس والسابع وتنفذ إلى وسط الحجاب .


وأما الزوج السادس والسابع والثامن : فإنها تخرج من سائر الثقب على الولاء والثامن مخرجه في الثقبة المشتركة بين آخر فقار الرقبة وأوّل فقار الصلب وتختلط شعبها اختلاطاً شديداً لكن أكثر السادس يأتي السطح من الكتف وبعض منه أكثر البعض الذي من الرابع وأقل من البعض الذي للخامس يأتي الحجاب والسابع أكثره يأتي العضد وإن كان من شعبه ما تأتي عضل الرأس والعنق والصلب مصاحبة لشعبة الخامس وتأتي الحجاب وأما الثامن فبعد الإختلاط والمصاحبة يأتي جلد الساعد والذراع وليس منه ما يأتي الحجاب لكن الصائر من السادس إلى ناحية اليد لا يجاوز الكتف ومن السابع لا يجاوز العضد وأما الذي يجيء للساعد من الكتف فهو من الثامن مخلوطاً بأول النوابت من فقار الصدر وإنما قسم للحجاب من هذه الأعصاب دون أعصاب النخاع التي تحت هذه ليكون الوارد عليه منحدراً من مشرف فيحسن انقسامه فيه وخصوصاً إن كان أول مقصده هو الغشاء المنصف للصدر ولم يمكن أن يأتيه عصب النخاع على استقامة من غير انكسار بزاوية ولو كان جميع العصب المنحدر إلى الحجاب نازلاً من الدماغ لكان يطول مسلكه وإنما جعل متّصل هذه الأعصاب من الحجاب وسطه لأنه لم يكن يحسن انبثاثها وانتشارها فيه على عدل وسوية لوا اتصلت بطرف دون الوسط أو كانت تتّصل بجميع المحيط وكان ذلك ناكساً لمجرى الواجب إذ كانت العضل إنما تفعل التحريك بأطرافها ثم المحيط هو المتحرّك من الحجاب فوجب أن يكون انتهاء العصب إليه لا ابتداؤه .
ولما وجب أن تأتي الوسط وجب تعلقها ضرورة فوجب أن تحمى وتغشى وقاية فغشيت وقاية حامية بصحبة من الغشاء المنصف للصدر وترك متكئاً عليه .
ولما كان فعل هذا
الفصل الرابع تشريح عصب فقار الصدر


الأوّل من أزواجه مخرجه بين الأولى والثانية من فقار الصدر وينقسم إلى جزأين أعظمهما يتفرق في عضل الأضلاع وعضل الصلب وثانيهما يأتي ممتدًا على الأضلاع الأول فيرافق ثامن عصب العنق ويمتدان معاً إلى اليدين حتى يوافيا الساعد والكف .
والزوج الثاني يخرج من الثقبة التي تلي الثقبة المذكورة فيتوجه جزء منه إلى ظاهر العضد ويفيده الحس وباقيه مع سائر الأزواج الباقية يجتمع فينحو نحو عضل الكتف الموضوعة عليه المحرّكة لمفصله وعضل الصلب فما كان من هذا العصب نابتاً من فقار الصدر فالشعب التي لا تأتي الكتف منه تأتي عضل الصلب والعضل التي فيما بين الأضلاع الخلص والموضوعة خارج الصدر وما كان منبته من فقار أضلاع الزور فإنما يأتي العضل التي فيما بين الأضلاع وعضل البطن ويجري مع شعب هذه الأعصاب عروق ضارِبة وساكنة وتدخل في مخارجها إلى النخاع .
الفصل الخامس تشريح عصب القطن
عصب القطن تشترك في أنها جزء منها يأتي عضل الصلب وجزء عضل البطن والعضل المستبطنة للصلب لكن الثلاثة العلا تخالط العصب النازلة من الدماغ دون باقيها والزوجان السافلان يرسلان شعباً كباراً إلى ناحية الساقين ويخالطهما شعبة من الزوج الثالث وشعبة من أول أعصاب العجز إلا أن هاتين الشعبتين لا تجاوزان مفصل الورك بل يتفرقان في عضله وتلك تجاوزها إلى الساقين وتفارق عصب الفخذين والرجلين عصب اليدين في أنها لا تجتمع كلها فتميل غائرة إلى الباطن إذ ليست هيئة اتصال العضد بالكتف كهيئة اتصال الفخذ بالورك ولا اتصاله بمنبت أعصابه كاتصال ذلك بمنبت أعصابه فهذه العصب تتوجه إلى ناحية الساق توجهاً مختامًا منه ما يستبطن ومنه ما يستظهر ومنه ما يغوص مستتراً تحت العضل .
ولما لم يكن للعضل التي تنبت من ناحية عظم العانة .


طريق إلى الرجلين من خلف البدن ومن باطن الفخذين لكثرة ما هناك من العضل والعروق أجري جزء من العصب الخاص بالعضل التي في الرجلين فأنفذ في المجرى المنحدر إلى الخصيتين حتى يتوجّه إلى عضل العانة ثم ينحدر إلى عضل الركبة .
الفصل السادس تشريح عصب العجز
الزوج الأول من العجزي : يخالط القطَنية على ما قيل وباقي الأزواج والفرد النابت من طرف العصعص يتفرّق في عضل المقعدة والقضيب نفسه وعضلة المثانة والرحم وفي غشاء البطن وفي الأجزاء الانسية الداخلة من عظم العانة والعضل المنبعثة من عظم العجز .

الجملة الرابعة الشرايين
وهي خمسة فصول
الفصل الأول صفة الشرايين
العروق الضوارب وهي الشرايين خلقت إلا واحدة منها ذات صفاقين وأصلبهما المستبطن إذ هو الملاقي للضربان .
وحركة جوهر الروح القوية المقصود صيانة جوهره وإحرازه وتقوية وعائه ومنبت الشرايين هو من التجويف الأيسر من تجويفي القلب لأن الأيمن منه أقرب من الكبد فوجب أن يجعل مشغولاً بجذب الغذاء واستعماله .
الفصل الثاني وأوّل ما ينبت من التجويف الأيسر شريانان
أحدهما يأتي الرئة وينقسم فيها لاستنشاق النسيم وإيصال الدم الذي يغذو الرئة إلى الرئة من القلب فإن ممر غذاء الرئة هو القلب ومن القلب يصل إلى الرئة ومنبت هذا القسم هو من أرق أجزاء القلب وحيث تنفذ فيه الأوردة إليه وهو ذو طبقة واحدة بخلاف سائر الشرايين ولهذا يسمى الشريان الوريدي وإنما خلق من طبقة واحدة ليكون ألين وأسلس وأطوع للانبساط والانقباض وليكون أطوع لترشح ما يترشح منه إلى الرئة من الدم اللطيف البخاري الملائم لجوهر الرئة الذي قد قارب كمال النضج في القلب .


وليس يحتاج إلى فضل نضج كحاجة الدم الجاري في الوريد الأجوف الذي نورده وخصوصاً إذ مكانه من القلب قريب فتتأدى إليه قوته الحارة المنضجة بسهولة وأيضاً فإن العضو الذي ينبض فيه عضو سخيف لا يخشى مصادمته لذلك السخيف عند النبض أن تؤثر فيه صلابته فاستغنى لذلك عن تثخين لجرمه ما لا يستغنى عنه في كل ما يجاور من الشرايين سائر الأعضاء الصلبة .
وأما الوريد الشرياني الذي نذكره فإنه وإن كان مجاوراً للرئة فإنما يجاور منه مؤخره مما يلي الصلب وهذا الشريان الوريدي إنما يتفرق في مقدم الرئة ويغوص فيها وقد صار أجزاء وشعباً بل إذا قيس بين حاجتي هذا الشريان إلى الوثاقة وإلى السلاسة المسهلة عليه الإنبساط والإنقباض ورشح ما يرشح منه وجدت الحاجة إلى التسليس أمس منها إلى التوثيق والتثخين .
وأما الشريان الآخر وهو الأكبر ويسميه " ارسطوطالس " أورطي فأول ما ينبت من القلب يرسل شعبتين أكبرهما تستدير حول القلب وتتفرق في أجزائه والأصغر يستدير ويتفرق في التجويف الأيمن وما يبقى بعد الشعبتين فإنه إذا انفصل انقسم قسمين : قسم أعظم مرشح للإنحدار وقسم أصغر مرشح للإصعاد .
وإنما خلق المرشح للإنحدار زائداً في مقداره على الآخر لأنه يؤم أعضاء هي أكثر عدداً وأعظم مقادير وهي الأعضاء الموضوعة دون القلب .
وعلى مخرج أورطي أغشية ثلاثة صلبة هي من داخل إلى خارج .
فلو كانت واحدة أو اثنتين لما كانت تبلغ المنفعة المقصودة فيها إلا بتعظيم مقداره أو مقدارها فكانت الحركة تثقل بهما ولو كانت أربعة لصغرت جداً وبطلت منفعيتها وإن عظمت في مقاديرها ضيقت المسلك .
وأما الشريان الوريدي فله غشاءان موليان إلى داخل وإنما اقتصر على اثنين إذ ليس هناك من الحاجة إلى إحكام السكن ما ههنا بل الحاجة هناك إلى السلاسة أكثر ليسهل اندفاع البخار الدخاني والدم الصائر إلى الرئة .
الفصل الثالث تشريح الشريان الصاعد


أما الجزء الصاعد من جزأي أورطي فإنه ينقسم إلى قسمين أكبرهما يأخذ مصعداً نحو اللثة ثم يتورب إلى الجانب الأيمن حتى إذا بلغ اللحم الرخو التوثي الذي هناك انقسم ثلاثة أقسام : اثنان منها هما الشريانان المسميان بالسباتيين ويصعدان يمنة ويسرة مع الوداجين الغائرين اللذين نذكرهما بعد ويرافقانهما في الانقسام على ما نذكره بعد .
وأمّا القسم الثالث فيتفرق في القص وفي الأضلاع الأول الخلص والفقارات الستّ العلا من الرقبة وفي نواحي الترقوة حتى يبلغ رأس الكتف ثم يجاوزه إلى أعضاء اليدين .
وأما القسم الأصغر من قسمي أورطي الصاعد فانه يأخذ إلى ناحية الإبط وينقسم انقسام الثالث من القسم الأكبر .
الفصل الرابع تشريح الشريانين السباتيين
وكل واحد من الشريانين السباتيين ينقسم عند انتهائه إلى الرقبة إلى قسمين : قسم مقدم وواحد مؤخر والمقدم ينقسم قسمين : قسم يستبطن فيأخذ إلى اللسان والعضل الباطنة من عضل الفك الأسفل وقسم يستظهر ويرتقي إلى ما يلي قدام الأذنين إلى عضل الصدغين ويجاوزها بعد أن يخلف فيها شعباً كثيرة إلى قلَة الرأس وتتلاقى أطراف اليمنى مع أطراف اليسرى منها .
وأما الجزء الآخر فيتجزأ جزأين والأصغر منهما يرتقي كثره إلى خلف ويتفرَق في العضل المحيطة بمفصل الرأس وبعضه يتوجه إلى قاعدة مؤخر الدماغ داخلاً في ثقب عظيم عند الدرز اللامي .


وأما الأكبر فيدخل قدام هذا الثقب في الثقب الذي في العظم الحجري إلى الشبكة بل وتنتسج عنه الشبكة عروقاً في عروق وطبقات على طبقات من غضون على غضون من غير أن يمكن أخذ كل واحد منها بانفراده إلا ملتصقاً باَخر مربوطاً به كالشبكة ويتفرق قداماً وخلفاً ويمنةً ويسرةً وينتشر في الشبكة ثم يجتمع منها زوج كما كان أولاً وينثقب له الغشاء ويرتقي إلى الدماغ ويتفرّق منه فيه الغشاء الرقيق ثم في جرم الدماغ إلى بطونه وصفاق بطونه ويلاقي فوهات شعبها التي قد صعدت ثم فوهات شعب العروق الوريدية النازلة وإنما أصعدت هذه وأنزلت تلك لأن تلك ساقية صابة للدم الذي أحسن أوضاع أوعيته الساقية أن تكون منتكسة الأطراف .
وأما هذه فإنها تنفذ الروح والروح لطيف متحرّك صاعد لا يحتاج إلى تنكيس وعائه حتى ينصب بل إن فعل ذلك أدى إلى إفراط إستفراغ الدم الذي يصحبه وإلى عسر حركة الروح فيه لأن حركته إلى فوق أسهل .
وبما في الروح من الحركة واللطافة كفاية في أن ينبث منه في الدماغ ما يحتاج إليه ويسخنه ولهذا فرشت الشبكة تحت الدماغ فيتردّد الدم الشرياني والروح فيها ويتشبه بمزاج الدماغ بعد النضج ثم يتخلّص إلى الدماغ على تدريج والشبكة موضوعة بين
الفصل الخامس تشريح الشريان النازل
وأما القسم النازل فإنه يمضي أولاً على الاستقامة إلى أن يتدلَى على الفقرة الخامسة إذ وضعها بحذاء وضع رأس على القلب وهناك التوثة كالمسند والدعامة له ليحول بينه وبين عظام الصلب والمري إذا بلغ ذلك الموضع تنحّى عنه يمنة ولم يجاوزه ثم استقل متعلقاً بأغشية عند موافاته الحجاب لئلا يضايقه .


وهذا الشريان النازل إذا بلغ الفقرة الخامسة انحرف وانحدر إلى أسفل ممتداً على الصلب إلى أن يبلغ عظم العجز ولما يحاذي الصدر ويمر به يخلف شعباً منها شعبة صغيرة دقيقة تتفرق في وعاء الرئة من الصدر وتأتي أطرافه قصبة الرئة ولا يزال يخلف عند كل فقرة يمر بها شعبة حتى يصير إلى ما بين الأضلاع والنخاع فإذا تجاوز الصدر تفرع منه شريانان يأتيان الحجاب ويتفرقان فيه يمنة ويسرة .
وبعد ذلك يخلف شرياناً تتفرق شعبه في المعدة والكبد والطحال ويتخلَّص من الكبد شعبة إلى المثانة وينبت بعد ذلك شريان يأتي الجداول التي حول الأمعاء الدقاق وقولون ثم من بعد ذلك ينفصل منه ثلاثة شرايين : الأصغر منها يخص الكلية اليسرى ويتفرق في لفاتها وما يحيط بها من الأجسام ويفيدها الحياة والآخران يصيران إلى الكليتين لتجتذب الكلية منهما مائية الدم فإنهما كثيراً ما يجتذبان من المعدة والأمعاء دماً غير نقي ثم ينفصل شريانان يأتيان الأنثيين فالآتي إلى اليسرى منهما يستصحب دائماً قطعة من الآتي إلى الكلية اليسرى بل ربما كان منشأ ما يأتي الخصية اليسرى هو من الكلية اليسرى فقط والذي يأتي اليمنى يكون منشؤه دائماً من الشريان الأعظم وفي الندرة ربما استصحب شيئاً مما يأتي الكلية اليمنى ثم ينفصل من هذا الشريان الكبير شرايين تتفرق في جداول العروق التي حول المعي المستقيم وشعب تتفرق في النخاع وتدخل في ثقب الفقار وعروق تصير إلى الخاصرتين وأخرى تأتي الأنثيين .


ومن جملة هذا زوج صغير ينتهي إلى القُبُلِ غير الذي نذكره بعد ذلك في الرجال والنساء ويخالط الأوردة ثم إن هذا الشريان الكبير إذا بلغ آخر الفقار انقسم مع الوريد الذي يصحبه كما نذكره قسمين على هيئة اللام في كتابة اليونايين هكذا قسم يتيامن وقسم يتياسر وكل واحد منهما يمتطي عظم العجز آخذاً إلى الفخذين وقبل موافاتهما الفخذ يخلف كل واحد منهما عرقاً يأخذ إلى المثانة والى السرّة ويلتقيان عند السرة ويظهران في الأجنة ظهوراً بيناً .
وأما في المستكملين فيكون قد جفّت أطرافهما وبقي أصلاهما فيتفرغّ منهما فروع تتفرّق في العضل الموضوعة على عظم العجز .
والتي تأتي منها المثانة تنقسم فيه وتأتي أطرافه القضيب وباقيه يأتي الرحم من النساء وهو زوج صغير .
وأما النازلان إلى الرجلين فإنهما يتشعبان في الفخذين شعبتين عظيمتين وحشياَ وإنسياً .
والوحشي فيه أيضا ميل إلى الأنسيّ ويخلف شعباً في العضل الموضوعة هناك ثم ينحدر ويميل منها إلى قدَام شعبة كبيرة بين الإبهام والسبابة وتستبطن باقيه وهي في أكبر أجزاء الرجل تنفذ ممتدّة تحت الشعب الوريدية التي نذكرها بعد .
فمن هذه الضوارب ما يوافق الأوردة كالإتيان من الكبد إلى السرة في أبدان الأجنة وشعب الضارب الوريدي والضارب النافذ إلى الفقرة الخامسة والصاعد إلى اللبة والمائل إلى الإبط والسباتيين حيث يتفرقان في الشبكة والمشيمة والتي تأتي الحجاب والنافذ إلى الكتف مع شعبة والتي تأتي المعدة والكبد والطحال والأمعاء والذي ينحدر من مراق البطن والعروق التي في عظم العجز وحده .
وإذا رافق الشريان العضل الموضوعة على الوريد على الصلب امتطى الشريان الوريد ليكون أخسهما حاملاً للأشرف .


وأما في الأعضاء الظاهرة فإن الشريان يغور تحت الوريد ليكون أستر وأكنّ له ويكون الوريد له كالجنة وإنما استصحب الشرايين الأوردة لشيئين : أحدهما لترتبط الأوردة بالأغشية المجللة للشرايين وتستقي مما بينهما من الأعضاء والآخر ليستقي كل واحد منهما من الآخر فاعلم ذلك
الجملة الخامسة الأوردة
وهي خمسة فصول
الفصل الأول صفة الأوردة
أما العروق الساكنة فإن منبت جميعها من الكبد وأول ما ينبت من الكبد عرقان : أحدهما من الجانب المقعر وأكثر منفعته في جذب الغذاء إلى الكبد ويسمى الباب والآخر من الجانب المحدب ومنفعته إيصال الغذاء من الكبد إلى الأعضاء ويسمى الأجوف .
الفصل الثاني تشريح الوريد
المسمى بالباب ولنبدأ بتشريح العرق المسمى بالباب فنقول : إن الباب أوّلاَ ينقسم طرفه الغائر في تجويف الكبد خمسة أقسام ويتشعب حتى يأتي أطراف الكبد المحدبة ويذهب منها وريد إلى المرارة .
وهذه الشعب هي مثل أصول الشجرة النابتة تأخذ إلى غور منبتها .
وأما الطرف الذي يلي تقعيره فإنه فأحد القسمين الصغيرين يتصل بنفس المعي المسمى اثني عشري ليجذب منه الغذاء وقد يتشعّب منه شعب تتفرق في الجرم المسمى بانقراس .
والقسم الثاني : يتفرق في أسافل المعدة وعند البواب الذي هو فم المعدة السافل ليأخذ الغذاء .
وأما الستة الباقية فواحدة منها تصير إلى الجانب المسطح من المعدة لتغذو ظاهرها إذ باطن المعدة يلاقي الغذاء الأول الذي فيه فيغتذي منه بالملاقاة .
والقسم الثاني يأتي ناحية الطحال ليغذو الطحال ويتشعب منه قبل وصوله إلى الطحال شعب تغذو الجرم المسمى بانقراس من أصفى ما ينفذ فيه إلى الطحال ثم يتصل بالطحال ومع اتصاله به ترجع منه شعبة صالحة تنقسم في الجانب الأيسر من المعدة لتغذوه .


وإذا نفذ النافذ منه في الطحال وتوسطه صعد منه جزء ونزل جزء فالصاعد يتفرق منه شعبة في النصف الفوقاني من الطحال ليغذوه والجزء الآخر يبرز حتى يوافي حدبة المعدة ثم يتجزأ جزأين : جزء يتفرّق منه في ظاهر يسار المعدة ليغذوه وجزء يغوص إلى فم المعدة لتدفع إليه الفضل العفص الحامض من السوداء ليخرج في الفضول ويدغدغ فم المعدة لدغدغة المنبهة للشهوة .
وقد ذكرناها قبل .
وأما الجزء النازل منه فإنه يتجزأ أيضاً جزأين : جزء منه يتفرق شعبة في النصف الأسفل من الطحال ليغذو ويبرز الجزء الثاني إلى الثرب فيتفرق فيه ليغذوه والجزء الثالث من الستة الأول يأخذ إلى الجانب الأيسر ويتفرق في جداول العروق التي حول المعي المستقيم ليمتصّ ما في الثقل من حاصل الغذاء والجزء الرابع عن الستة يتفرق كالشعر فبعضه يتوزع في ظاهر يمين حدبة المعدة مقابلاً للجزء الوارد على اليسار منه من جهة الطحال وبعضها يتوجه إلى يمين الثرب ويتفرق فيه مقابلاً للجزء الوارد عليه من جهة اليسار من شعب العرق الطحالي .
وأما الخامس من الستة فيتفرّق في الجداول التي حول معي قولون ليأخذ الغذاء .
والسادس كذلك أكثره يتفرق حول الصائم وباقية حول اللفائف الدقيقة المتصلة بالأعور فيجذب الغذاء فاعلم ذلك .
الفصل الثالث تشريح الأجوف وما يصعد منه
وأما الأجوف فإن أصله أوّلاً يتفرق في الكبد نفسه إلى أجزاء كالشعر ليجذب الغذاء من شعب الباب المتشعِّبة أيضاً كالشعر أما شُعَب الأجوف فواردة من حدبة الكبد إلى جوفه وأما شعب الباب فواردة من تقعير الكبد إلى جوفه ثم يطلع ساقه عند الحدبة فينقسم إلى قسمين : قسم صاعد وقسم هابط فأما الصاعد منه فيخرق الحجاب وينفذ فيه ويخلف في الحجاب عرقين يتفرقان فيه ويؤتيانه الغذاء ثم يحاذي غلاف القلب فيرسل إليه شعباً كبيرة تتفرع قسم منه عظيم يأتي القلب فينفذ فيه عند أذن القلب الأيمن وهذا العرق أعظم عروق القلب .


وإنما كان هذا العرق أعظم من سائر العروق لأن سائر العروق هي لاستنشاق النسيم .
وهذا هو للغذاء والغذاء أغلظ من النسيم فيحتاج أن يكون منفذه أوسع ووعاؤه أعظم وهذا كما يدخل القلب يتخلف له أغشية ثلاثة مسقفها من داخل إلى خارج ومن خارج إلى داخل ليجتذب القلب عند تمدده منها الغذاء ثم لا يعود عند الإنبساط وأغشيته أصلب الأغشية .
وهذا الوريد يخلف عند محاذاة القلب عروقاً ثلاثة تصير منه إلى الرئة ناتئاً عند منيت الشرايين بقرب الأيسر منعطفاً في التجويف الأيمن إلى الرئة .
وقد خلق ذا غشاءين كالشريانات .
فلهذا يسمى الوريد الشرياني .
والمنفعة الأولى في ذلك أن يكون ما يرشح منه دماً في غاية الرقة مشاكلاً لجوهر الرئة إذ هذا الدم قريب العهد بالقلب لم ينضج فيه نضج المنصبّ في الشريان الوريدي .
والمنفعة الثانية أن ينضج فيه المم فضل نضج .
وأما القسم الثاني من هذه الأقسام الثلاثة فيستدير حول القلب ثم ينبثُّ في داخله ليغذو وذلك عندما يكاد الوريد الأجوف أن يغوص في الأذن الأيمن داخلاً في القلب .


وأما القسم الثالث فإنه يميل من الناس خاصة إلى الجانب الأيسر ثم ينحو نحو الفقرة الخامسة من فقار الصدر ويتوكأ عليها ويتفرق في الأضلاع الثمانية السفلى وما يليها من العضل وسائر الأجرام وأما النافذ من الأجوف بعد الأجزاء الثلاثة إذا جاوزنا حبة القلب صعوداً تفرّق منه في أعالي الأغشية المنصفة للصدر وأعالي الغلاف وفي اللحم الرخو المسمّى بتوثة شعب شعرية ثم عند القرب من الترقوة يتشعب منه شعبتان يتوجّهان إلى ناحية الترقوة متوربتين كلما أمعنتا تباعدتا فتصير كل شعبة منهما شعبتين واحدة منهما من كل جانب تنحدر على طرف القص يمنة ويسرة حتى تنتهي إلى الحنجري ويخلف في ممرّها شعباً تتفرّق في العضل التي بين الأضلاع وتلاقي أفواهها أفواه العروق المنبثة فيها ويبرز منها طائفة إلى العضل الخارجة من الصدر فإذا وافت الحنجري برزت طائفة منها إلى المتراكمة المحرَّكة للكتف وتتفرَق فيها وطائفة تنزل تحت العضل المستقيم وتتفرق فيها منها شعب وأواخرها تتَصِل بالأجزاء الصاعدة من الوريد العجزي الذي سنذكره .


وأما الباقي من كل واحد منهما وهو زوج فإن كل واحد من فرديه يخلف خمس شعب : شعبة تتفرق في الصدر وتغذو الأضلاع الأربعة العليا وشعبة تغدو موضع الكتفين وشعبة تأخذ نحو العضل الغائرة في العنق لتغذوها وشعبة تنفذ في ثقب الفقرات الستّ العليا في الرقبة وتجاوزها إلى الرأس وشعبة عظيمة هي أعظمها تصير إلى الإبط من كل جانب وتتفرع فروعاً أربعة : أوّلها : يتفرّق في العضل التي على القصّ وهي من التي تحرّك مفصل الكتف وثانيها في اللحم الرخو والصفاقات التي في الإبط وثالثها يهبط ماراً على جانب الصدر إلى المراق ورابعها أعظمها وينقسم ثلاثة أجزاء : جزء يتفرق في العضل التي في تقعير الكتف وجزء في العضلة الكبيرة التي في الإبط والثالث أعظمها يمرّ على العضد إلى اليد وهو المسمّى بالإبطي والذي يبقى من الانشعاب الأول الذي انشعب أحد فرعيه هذه الأقسام الكثيرة فإنّه يصعد نحو العنق وقبل أن يمعن في ذلك ينقسم قسمين : أحدهما : الوداج الظاهر والثاني الوداج الغائر .
والوداج الظاهر ينقسم كما يصعد من الترقوة قسمين : أحدهما كما ينفصل يأخذ إلى قدام وإلى جانب والثاني يأخذ أولاً إلى قدّام ويتسافل ثم يصعد ويعلو مستظهراً ثانياً من الترقوة ويستدير على الترقوة ثم يصعد ويعلو مستظهر الرقبة حتى يلحق بالقسم الأول فيختلط به فيكون منهما الوداج الظاهر المعروف .
وقبل أن يختلط به ينفصل عنه جزآن : أحدهما يأخذ عرضاً ثم يلتقيان عند ملتقى الترقوتين في الموضع الغائر والثاني يتورب مستظهراً العنق ولا يتلاقى فرداه بعد ذلك ويتفرع من هذين الزوجين شعب عنكبوتية تفوت الحسّ ولكنه قد يتفرع من هذا الزوج الثاني خاصة في جملة فروعه أوردة ثلاثة محسوسة لها قدر .
وسائرها غير محسوسة .
وأحد هذه الأوردة يمتد على الكتف وهو المسمى الكتفي ومنه القيفال واثنان عن جنبتي هذا يلزمانه إلى رأس الكتف معاً لكن أحدهما يحتبس هناك ولا يجاوزه بل يتفرّق فيه .


وأما المتقدّم منهما فيجاوزه إلى رأس العضد ويتفرق هناك .
وأما الكتفي فيجاوزهما جميعاً إلى آخر اليد هذا .
وأما الوداج الظاهر بعد اختلاف طرديه فقد ينقسم باثنين فيستبطن جزء منه ويفرّع شعباً صغاراً تتفرق في الفكّ الأعلى وشعباَ أعظم منها بكثير تتفرق في الفكّ الأسفل وأجزاء من كلا صنفي الشعب تتفرق حول اللسان وفي الظاهر من أجزاء العضل الموضوعة هناك .
والجزء الآخر يستظهر فيتفرق في المواضع التي تلي الرأس والأذنين .
وأما الوداج الغائر فإنه يلزم المريء ويصعد معه مستقيماً ويخلف في مسلكه شعباً تخالط الشعب الآتية من الوداج الظاهر وتنقسم جميعها في المريء والحنجرة وجميع أجزاء العضل الغائرة وينفذ آخره إلى منتهى الدرز اللامي ويتفرع هناك منه فروع تتفرّق في الأعضاء التي بين الفقارة الأولى والثانية ويأخذ منه عرق شعري إلى عند مفصل الرأس والرقبة ويتفرع منه فروع تأتي الغشاء المجلّل للقحف وتأتي ملتقى جمجمتي القحف وتغوص هناك في القحف .
والباقي بعد إرسال هذه الفروع ينفذ إلى جوف القحف في منتهى الدرز اللامي ويتفرق منه شعب في غشائي الدماغ ليغذوهما وليربط الغشاء الصلب بما حوله وفوقه ثم يبرز فيغذو الحجاب المجلل للقحف .
ثم ينزل من الغشاء الرقيق إلى الدماغ ويتفرق فيه تفرق الضوارب ويشملها كلها طي الصفاق الثخين ويؤدّيها إلى الوضع الواسع وهو الفضاء الذي ينصت إليه الدم ويجتمع فيه .
ثم يتفرق عنه فيما بين الطاقين ويسمى معصرة فإذا قاربت هذه الشعب البطن الأوسط من الدماغ احتاجت إلى أن تصير عروقاً كباراً تمتص من المعصرة ومجاريها التي تتشعب منها ثم تمتد من البطن الأوسط إلى البطنين المقدمين وتلاقي الضوارب الصاعدة هناك وتنسج الغشاء المعروف بالشبكة المشيمية .
الفصل الرابع تشريح أوردة اليدين


أما الكتِفِيّ وهو القيفال فأول ما يتفرع منه إذا حاذى العضد شعب تتفرق في الجلد وفي الأجزاء الظاهرة من العضد ثم بالقرب من مفصل المرفق ينقسم ثلاثة أقسام : أحدها : حبل الذراع وهو يمتد على ظاهر الزند الأعلى ثم يمتدّ إلى الوحشي مائلاً إلى حدبة الزند الأسفل ويتفرق في أسافل الأجزاء الوحشية من الرسغ .
والثاني : يتوجّه إلى معطف المرفق في ظاهر الساعد ويخالط شعبة من الإبطي فيكون منهما والثالث : يتعمق ويخالط في العمق شعبة أيضاً من الإبطي .
وأما الإبطي فإنه أول ما يفرعّ يفرع شعباً تتعمّق في العضل وتتفرّق في العضل التي هناك وتفنى فيه إلاّ شعبة منها تبلغ الساعد وإذا بلغ الإبطي قرب مفصل المرفق انقسم اثنين : أحدهما : يتعمق ويتصل بالشعبة المتعمقة من القيفال وتجاوره يسيراً ثم ينفصلان فينخفض أحدهما إلى الإنسي حتى يبلغ الخنصر والبنصر ونصف الوسطى ويرتفع جزء ينقسم في أجزاء اليد الخارجة التي تماس العظم .
والقسم الثاني من قسمي الإبطي فإنه يتفرعّ عند الساعد فروعاً أربعةً : واحد منها ينقسم في أسافل الساعد إلى الرسغ والثاني ينقسم فوق انقسام الأوّل مثل انقسامه والثالث ينقسم كذلك في وسط الساعد والرابع أعظمها وهو الذي يظهر ويعلو فيرسل فروعاً تضام شعبة من القيفال فيصير منها الأكحل وباقيه هو الباسليق وهو أيضاً يغور ويعمق مرة أخرى .


والأكحل يبتدي من الانسيّ ويعلو الزند الأعلى ثم يقبل على الوحشي ويتفرعّ فرعين على صورة حرف اللام اليونانية فيصير أعلى جزئه إلى طرف الزند الأعلى ويأخذ نحو الرسغ ويتفرغ خلف الإبهام وفيما بينه وبين السبابة وفي السبابة والجزء الأسفل منه يصير إلى طرف الزند الأسفل ويتفرع إلى فروع ثلاثة : فرع منه يتوجه إلى الموضع الذي بين الوسطى والسبابة ويتّصل بشعبة من العرق الذي يأتي السبابة من الجزء الأعلى ويتحد به عرقاً واحداً ويذهب فرع ثان منه وهو الأسليم فيتفرق فيما بين الوسطى والبنصر ويمتد الثالث إلى البنصر والخنصر وجميع هذه تنقسم في الأصابع .
الفصل الخامس تشريح الأجوف النازل
قد ختمنا الكلام في الجزء الصاعد من الأجوف وهو أصغر جزأيه فلنبدأ في ذكر الأجوف النازل فنقول : الجزء النازل أول ما يتفرعّ منه كما يطلع من الكبد وقبل أن يتوكأ على الصلب هو شعب شعرية تصير إلى لفائف الكلية اليمنى ويتفرّق فيها وفيما يقاربها من الأجسام ليغوذها ثم من بعد ذلك ينفصل منه عرق عظيم في الكلية اليسرى ويتفرعّ أيضاً إلى عروق كالشعر يتفرق في لفافة الكلية اليسرى وفي الأجسام القريبة منها لتغذوها ثم يتفرق منه عرقان عظيمان يسمّيان الطالعين يتوجهان إلى الكليتين لتصفية مائية الدم إذ الكلية إنما تجتذب منهما غذاءها وهو مائية الدم وقد يتشعب من أيسر الطالعين عرق يأتي البيضة اليسرى من الذكران والإناث .


وعلى النحو الذي بيناه في الشرايين لا يغادره في هذا وفي أنه يتفرع بعد هذين عرقان يتوجهان إلى الأنثيين فالذي يأتي اليسرى يأخذ دائماً شعبة من أيسر هذين الطالعين وربما كان في بعضهم كلاّ منشئه منه والذي يأتي اليمنى فقد يتفق له أن يأخذ في الندرة شعبة من أيمن هذين الطالعين ولكن أكثر أحواله أن لا يخالطه وما يأتي الأنثيين من الكلية وفيه المجرى الذي ينضج فيه المني فيبيض بعد احمراره لكثرة معاطف عروقه واستدارتها وما يأتيها أيضاً من الصلب وأكثر هذا العرق يغيب في القضيب وعنق الرحم وعلى ما بيناه من أمر الضوارب وبعد نبات الطالعين .
وشعبة تتوكأ الأجوف عن قريب على الصلب وتأخذ في الانحدار ويتفرع منه عند كل فقرة شعب ويدخلها ويتفرق في العضل الموضوعة عندما فتتفرع عروق تأتي الخاصرتين وتنتهي إلى عضل البطن ثم عروق تدخل ثقب الفقار إلى النخاع .
فإذا انتهى إلى آخر الفقار انقسم قسمين : يتنحى أحدهما عن الآخر يمنة ويسرة كل واحد منهما يأخذ تلقاء فخذ ويتشعب من كل واحد منهما قبل موافاة الكبد طبقات عشر : واحدة منها تقصد المتنين .
والثانية دقيقة الشعب شعريتها تقصد بعض أسافل أجزاء الصفاق .
والثالثة تتفرق في العضل التي على عظم العجز .
والرابعة تتفرق في عضل المقعدة وظاهر العجز .
والخامسة تتوجه إلى عنق الرحم من النساء فيتفرق فيه وفيما يتصل به وإلى المثانة ثم ينقسم القاصد إلى المثانة قسمين : قسم يتفرق في المثانة وقسم يقصد عنقها وهذا القسم في الرجال كثير جداً لمكان القضيب وللنساء قليل .
والعروق التي تأتي الرحم من الجوانب تتفرع منها عروق صاعدة إلى الثدي ليشاكل بها الرحم الثدي .
والسادسة تتوجه إلى العضل الموضوع على عظم العانة .
والسابعة تصعد إلى العضل الذاهب في استقامة البدن على البطن وهذه العروق تتصل بأطراف العروق التي قلنا إنها تنحدر في الصدر إلى مراق البطن ويخرج من أصل هذه العروق في الإناث عروق تأتي الرحم .


والعرَوق التي تأتي الرحم من الجوانب يتفرع منها عروق صاعدة إلى الثدي ليشارك بها الرحم الثدي .
والثامنة تأتي القبل من الرجال والنساء جميعاً .
والتاسعة تأتي عضل باطن الفخذ فيتفرق فيها .
والعاشرة تأخذ من ناحية الحالب مستظهرة إلى الخاصرتين وتتصل بأطراف عروق منحدرة لا سيما المنحدرة من ناحية الثديين ويصير من جملتها جزء عظيم إلى عضل الأنثيين .
وما يبقى من هذه يأتي الفخذ فيتفرع فيه فروع وشعب : واحد منها ينقسم في العضل التي على مقدم الفخذ وآخر في عضل أسفل الفخذ وإنسيه متعمقاً .
وشعب أخرى كثيرة تتفرق في عمق الفخذ وما يبقى بعد ذلك كله ينقسم كما يتحلل مفصل الركبة قليلاً إلى شعب ثلاث : فالوحشي منها يمتد على القصبة الصغرى إلى مفصل الكعب والأوسط يمتد في منثنى الركبة منحدراً ويترك شعباً في عضل باطن الساق ويتشعب شعبتين تغيب إحداهما فيما دخل من أجزاء الساق .
والثانية تأتي إلى ما بين القصبتين ممتدة إلى مقدّم الرجل وتختلط بشعبة من الوحشي المذكور .
والثالث وهو الإنسي فيميل إلى الموضع المعرق من الساق ثم يمتد إلى الكعب وإلى الطرف المحدب من القصبة العظمى وينزل إلى الإنسي المقدم وهو الصافن وقد صارت هذه الثلاثة أربعة : إثنان وحشيان يأخذان إلى القدم من ناحية القصبة الصغرى وإثنان إنسيان : أحدهما يعلو القدم ويتفرق في أعالي ناحية الخنصر والثاني هو الذي يخالط الشعبة الوحشية من القسم الإنسي المذكور ويتفرقان في الأجزاء السفلية .
فهذه هي عدد الأوردة وقد أتينا على تشريح الأعضاء المتشابهة الأجزاء .
فأما الإلية فسنذكر تشريح كل واحد منها في المقالة المشتملة على أحواله ومعالجاته .
ونحن الآن نبتدىء بعون الله ونتكلم في أمر القوى .
التعليم السادس القوى والأفعال
وهو جملة وفصل
الجملة القوى
وهي ستة فصول
الفصل الأول أجناس القوى


بقول كلي فاعلم أن القوى والأفعال يعرف بعضها من بعض إذ كان كل قوة مبدأ فعل ما وكل فعل إنما يصدر عن قوة فلذلك جمعناهما في تعليم واحد .
فأجناس القوى وأجناس الأفعال الصادرة عنها عند الأطباء ثلاثة : جنس القوى النفسانية وجنس القوى الطبيعية وجنس القوى الحيوانية .
وكثير من الحكماء وعامة الأطباء وخصوصاً " جالينوس " يرى أن لكل واحدة من القوى عضواً رئيساً هو معدنها وعنه يصدر أفعالها ويرون أن القوة النفسانية مسكنها ومصدر أفعالها الدماغ وأن القوة الطبيعية لها نوعان : نوع غايته حفظ الشخص وتدبيره وهو المتصرف في أمر الغذاء ليغذو البدن مدة بقائه وينميه إلى نهاية نشوه ومسكن هذا النوع ومصدر فعله هو الكبد ونوع غايته حفظ النوع والمتصرّف في أمر التناسل ليفصل من أمشاج البدن جوهر المني ثم يصور بإذن خالقه ومسكن هذا النوع ومصدر أفعاله هو الأنثيان والقوة الحيوانية وهي التي تدبر أمر الروح الذي هو مركّب الحس والحركة وتهيئة لقبوله إياهما إذا حصل في الدماغ وتجعله بحيث يعطي ما يفشو فيه الحياة ومسكن هذه القوى ومصدر فعلها هو القلب .
وأما الحكيم الفاضل " أرسطوطاليس " فيرى أن مبدأ جميع هذه القوى هو القلب إلا أن لظهور أفعالها الأوَلية هذه المبادىء المذكورة كما أن مبدأ الحس عند الأطباء هو الدماغ ثم لكل حاسة عضو مفرَد منه يظهر فعله ثم إذا فتش عن الواجب وحقق وجد الأمر على ما رآه " أرسطوطالس " دونهم .
وتوجد أقاويلهم منتزعة من مقدمات مقنعة غير ضرورية إنما يتبعون فيها ظاهر الأمور .
لكنّ الطبيب ليس عليه من حيث هو طبيب أن يتعرّف الحق من هذين الأمرين بل ذلك على الفيلسوف أو على الطبيعي .
والطبيب إذا سلم له أن هذه الأعضاء المذكورة مبادٍ ما لهذه القوى فلا عليه فيما يحاوله من أمر الطب كانت هذه مستفادة عن مبدأ قبلها أو لم تكن لكن جهل ذلك مما لا يرخص فيه للفيلسوف .
الفصل الثاني القوى الطبيعية المخدومة


وأما القوى الطبيعية فمنها خادمة ومنها مخدومة .
والمخدومة جنسان : جنس يتصرّف في الغذاء لبقاء الشخص وينقسم إلى نوعين : إلى الغاذية والنامية .
وجنس يتصرف في : الغذاء لبقاء النوع وينقسم إلى نوعين : إلى المولدة والمصوَرة فأما القوة الغاذية فهي التي تحيل الغذاء إلى مشابهة المغتذي ليخلف بدل ما يتحلل .
وأما النامية فهي الزائلة في أقطار الجسم على التناسب الطبيعي ليبلغ تمام النشء بما يدخل فيه من الغذاء والغاذية تخدم النامية والغاذية تورد الغذاء تارة مساوياً لما يتحلل وتارةً أنقص وتارةً أزيد والنمو أزيد والنمو لا يكون إلا بأن يكون الوارد أزيد من المتحلل إلا أنه ليس كل ما كان كذلك كان نموًا فإن السمن بعد الهزال في سن الوقوف هو من هذا القبيل وليس هو بنمو وإنما النموّ ما كان على تناسب طبيعي في جميع الأقطار ليبلغ به تمام النشء ثم بعد ذلك لا نمو البتة .
وإن كان سمن كما أنه لا يكون قبل الوقوف ذيول وإن كان هزال على أن ذلك أبعد وعن الواجب أخرج .
والغادية يتم فعلها بأفعال جزئية ثلاثة : أحدها : تحصيل جوهر البدن وهو الدم والخلط الذي هو بالقوة القريبة من الفعل شبيه بالعضو وقد تحل به كما يقع في علة تسمى " أطروفيا " .
وهو عدم الغذاء .
والثاني الإلزاق وهو أن يجعل هذا الحاصل غذاء بالفعل التام أي صائراً جزء عضو وقد يخل به كما في الإستسقاء اللحمي .
والثالث التشبيه وهو أن يجعل هذا الحاصل عندما صار جزءاَ من العضو شبيهاً به من كل جهة حتى في قوامه ولونه وقد يخل به كما في البرص والبهق فإن البدل والإلزاق موجودان فيهما والتشبيه غير موجود وهذا الفعل للقوة المغيرة من القوى الغاذية وهي واحدة في الإنسان بالجنس أو المبدأ الأول وتختلف بالنوع في الأعضاء المتشابهة إذ في كل عضو منها بحسب مزاجه قوة تغير الغذاء إلى تشبيه مخالف لتشبيه القوة الأخرى لكن المغيرة التي في الكبد تفعل فعلاً مشتركاً بجميع البدن .


وأما القوة المولدة فهي نوعان : نوع يولد المني في الذكور والإناث ونوع يفصل القوهَ التي في المني فيمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو فيخص للعصب مزاجاً خاصاً وللعظم مزاجاً خاصاً وللشريانات مزاجاً خاصاً وذلك من مني متشابهة الأجزاء أو متشابهة الإمتزاج وهذه القوة تسميها الأطباء القوة المغيرة .
وأما المصورة الطابعة فهي التي يصدر عنها بإذن خالقها تخطيط الأعضاء وتشكيلاتها وتجويفاتها وثقبها وملاستها وخشونتها وأوضاعها ومشاركاتها .
وبالجملة الأفعال المتعلقة بنهايات مقاديرها .
والخادم لهذه القوة المتصرفة في الغذاء بسبب حفظ النوع هي القوة الغاذية والنامية .
الفصل الثالث القوة الطبيعية الخادمة
وأما الخادمة الصرفة في القوى الطبيعية فهي خوادم القوة الغاذية وهي قوى أربع : الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة .
والجاذبة : خلقت لتجذب النافع وتفعل ذلك بليف العضو الذي هي فيه الذاهب على الإستطالة .
والماسكة : خلقت لتمسك النافع ريثما تتصرّف فيه القوة المغيّرة له الممتازة منه ويفعل ذلك وأما الهاضمة فهي التي تحيل ما جذبته القوة الجاذبة وأمسكته الماسكة إلى قوام مهيأ لفعل القوة المغيرة فيه وإلى مزاج صالح للإستحالة إلى الغذائية بالفعل .
هذا فعلها في النافع ويسمى هضماً .
وأما فعلها في الفضول فإن تحيلها إن أمكن إلى هذه الهيئة ويسمى أيضاً هضماً أو يسهل سبيلها إلى الاندفاع من العضو المحتبس فيه بدفع من الدافعة بترقيق قوامها إن كان المانع الغلظ أو تغليظه إن كان المانع الرقة أو تقطيعه إن كان المانع اللزوجة .
وهذا الفعل يسمى الإنضاج وقد يقال الهضم والإنضاج على سبيل الترادف .
وأما الدافعة : فإنها تدفع الفضل الباقي من الغذاء الذي لا يصلح للإغتذاء أو يفضل عن المقدار الكافي في الإغتذاء أو يستغني عنه أو يستفرغ عن إستعماله في الجهة المرادة مثل البول .
وهذه القوة تدفع هذه الفضول من جهات ومنافذ معدة لها .


وأما إن لم تكن هناك منافذ معدة فإنها تدفع من العضو الأشرف إلى العضو الأخس ومن الأصلب إلى الأرخى .
وإذا كانت جهة الدفع هي جهة ميل مادة الفضل لم تصرفها القوة الدافعة عن تلك الجهة ما أمكن .
وهذه القوى الطبيعية الأربع تخدمها الكيفيات الأربع الأولى أعني الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة .
أما الحرارة فخدمتها بالحقيقة مشتركة للأربع وأما البرودة فقد يخدم بعضها خدمة بالعرض لا بالذات فإن الأمر الذي بالذات للبرودة أن يكون مضاداً لجميع القوى لأن أفعال جميع القوى هي بالحركات .
أما في الجذب والدفع فذلك ظاهر .
وأما في الهضم فلأن الهضم يستكمل بتفريق أجزاء ما غلظ وكثف وجمعها مع مارق ولطف .
وهذه بحركات تفريقية وتمزيجية .
وأما الماسكة فهي تفعل بتحريك الليف المورب إلى هيئة من الإشتمال متقنه .
والبرودة مميتة محدرة مالعة عن جميع هذه الأفعال إلا أنها تنفع في الإمساك بالعرض بأن يحبس الليف على هيئة الإشتمال الصالح فتكون غير داخلة في فعل القوى الدافعة بل مهيئة للآلة تهيئة تحفظ بها فعلها .
وأما الدافعة فتنتفع بالبرودة بما يمنع من تحليل الريح المعينة للدفع وبما يعين في تغليظه وبما يجمع الليف العريض العاصر ويكنفه .
وهذا أيضاً تهيئة للآلة لا معونة في نفس الفعل .
فالبرد إنما يدخل في خدمة هذه القوى بالعرض ولو دخل في نفس فعلها لأضر ولأخمد الحركة .
وأما اليوبسة فالحاجة إليها في أفعال قوى ثلاث : الناقلتان والماسكة .
أما الناقلتان وهما الجاذبة والدافعة فلِما في اليبس من فضل تمكين من الإعتماد الذي لا بد منه في الحركة أعني حركة الروح الحاملة لهذه القوى نحو فعلها باندفاع قوي تمنع عن مثله الإسترخاء الرطوبي إذا كان في جوهر الروح أو في جوهر الآلة .
وأما الماسكة فللقبض .


وأما الهاضمة فحاجتها إلى الرطوبة أمس ثم إذا قايست بين الكيفيات الفاعلة والمنفعلة في حاجة هذه القوى إليها صادفت الماسكة حاجتها إلى اليبس أكثر من حاجتها إلى الحرارة لأن مدة تسكين الماسكة أكثر من مدة تحريكها الليف المستعرض إلى القبض لأن مدة تحريكها وهي المحتاج فيها إلى الحرارة قصيرة وسائر زمان فعلها مصروف إلى الإمساك والتسكين .
ولما كان مزاج الصبيان أميل كثيراً إلى الرطوبة ضعفت فيهم هذه القوة .
وأما الجاذبة فإن حاجتها إلى الحرارة أشد من حاجتها إلى اليبس لأن الحرارة قد تعين في الجذب بل لأن أكثر مدة فعلها هو التحريك .
وحاجتها إلى التحريك أمس من حاجتها إلى تسكين أجزاء اَلتها وتقبيضها باليبوسة ولأن هذه القوة ليست تحتاج إلى حركة كثيرة فقط بل قد تحتاج إلى حركة قوية .
والإجتذاب يتم إما بفعل القوة الجاذبة كما في المغناطيس التي بها يجذب الحديد وأما باضطرار الخلاء كانجذاب الماء في الزراقات .
وأما الحرارة كاجتذاب لهب السراج الدهن وإن كان هذا القسم الثالث عند المحققين يرجع إلى اضطرار الخلاء بل هو هو بعينه فإذاً متى كان مع القوة الجاذبة معاونة حرارة كان الجذب أقوى .
وأما الدافعة فإن حاجتها إلى اليبس أقل من حاجتهما أعني الجاذبة والماسكة لأنها لا تحتاج إلى قبض الماسكة ولا لزم الجاذبة وقبضها واحتوائها على المجذوب بإمساك جزء من الآلة ليلحق به جذب الجزء الآخر .
وبالجملة لا حاجة بالدافعة إلى التسكين البتة بل إلى التحريك وإلى قليل تكثيف يعين العصر والدفع لا مقدار ما تبقى به الآلة حافظة لهيئة شكل العضو أو القبض كما في الماسكة زماناً طويلاً وفي الجاذبة زماناَ يسيراً ريث تلاحق جذب الأجزاء .
فلهذا حاجتها إلى اليبس قليلة وأحوجها كلها إلى الحرارة هي الهاضمة ولا حاجة بها إلى اليبوسة بل إنما يحتاج إلى الرطوبة لتسهيل الغذاء وتهيئته للنفوذ في المجاري والقبول للأشكال .


وليس لقائل أن يقول : إن الرطوبة لو كانت معينة للهضم لكان الصبيان لا يعجز قواهم عن هضم الأشياء الصلبة فإن الصبيان ليسوا يعجزون عن هضم ذلك والشبان يقدرن عليه لهذا السبب بل لسبب المجانسة .
والبعد عن المجانسة فما كان من الأشياء صلباً لم يجانس مزاج الصبيان فلم تقبل عليها قواهم الهاضمة ولم تقبلها قواهم الماسكة ودفعها بسرعة قواهم الدافعة .
وأما الشبّان فذلك موافق لمزاجهم صالح لتغذيتهم فيجتمع من هذه أن الماسكة تحتاج إلى قبض وإلى إثبات هيئة قبضٍ زماناَ طويلاً وإلى معونة يسيرة في الحركة .
والجاذبة إلى قبض وثبات قبض زماناً يسيراَ جداً ومعونةً كثيرةً في الحركة .
والدافعة إلى قبض فقط من غير ثبات يعتد به وإلى معونة على الحركة .
والهاضمة إلى إذابة وتمزيج فلذلك تتفاوت هذه القوى في استعمالها للكيفيات الأربع واحتياجها إليها .
الفصل الرابع القوى الحيوانية
وأما القوة الحيوانية فيعنون بها القوة التي إذا حصلت في الأعضاء هيأتها لقبول قوة الحس والحركة وأفعال الحياة .
ويضيفون إليها حركات الخوف والغضب لما يجدون في ذلك من الإنبساط والإنقباض العارض للروح المنسوب إلى هذه القوة .
ولنفضل هذه
الجملة فنقول : إنه كما قد يتولد عن كثافة الأخلط بحسب مزاج ما جوهر كثيف هو العضو أو جزء من العضو فقد يتولّد من بخارية الأخلاط .
ولطافتها بحسب مزاج ما هو جوهر لطيف هو الروح وكما أن الكبد عند الأطباء معدن التولد الأول كذلك القلب معدن التولد الثاني .
وهذا الروح إذا حدث على مزاجه الذي ينبغي أن يكون له إستعد لقوة تلك القوة بعد الأعضاء كلها لقبول القوى الأخرى النفسانية وغيرها .


والقوى النفسانية لا تحدث في الروح والأعضاء إلا بعد حدوث هذه القوة وإن تعطّل عضو من القوى النفسانية ولم يتعطل بعد من هذه القوة فهو حي ألا ترى أن العضو الخدر والعضو المفلوج فاقد في الحال لقوة الحسّ والحركة لمزاج يمنعه عن قبوله أو سدة عارضة بين الدماغ وبينه وفي الأعصاب المنبثة إليه وهو مع ذلك حي والعضو الذي يعرض له الموت فاقد الحسّ والحركة ويعرض له أن يعفن ويفسد .
فإذن في العضو المفلوج قوة تحفظ حياته حتى إذا زال العائق فاض إليه قوة الحس والحركة وكان مستعدًّا لقبولها بسبب صحة القوة الحيوانية فيه وإنما المانع هو الذي يمنع عن قبوله بالفعل .
ولا كذلك العضو الميت وليس هذا المعد هو قوة التغذية وغيره حتى إذا كانت قوة التغذية باقية كان حياً وإذا بطلت كان ميتاً .
فإن هذا الكلام بعينه قد يتناول قوة التغذية فربما بطل فعلها في بعض الأعضاء وبقي حياً وربما بقي فعلها والعضو إلى الموت .
ولو كانت القوة المغذية بما هي قوة مغذية تعد للحسّ والحركة لكان النبات قد يستعد لقبول الحس والحركة فيبقى أن يكون المعد أمراً آخر يتبع مزاجاً خاصاَ ويسمى قوة حيوانية وهو أول قوة تحدث في الروح إذا حدث الروح من لطافة الأمشاج .
ثم إن الروح تقبل بها - عند الحكيم " ارسطوطاليس " - المبدأ الأول والنفس الأولى التي ينبعث عنها سائر القوى إلا أن أفعال تلك القوى لا تصدر عن الروح في أول الأمر كما أن أيضاً لا يصدر الإحساس عند الأطباء عن الروح النفساني الذي في الدماغ ما لم ينفذ إلى الجليدية أو إلى اللسان أو غير ذلك فإذا حصل قسم من الروح في تجويف الدماغ قبل مزاجاً وصلح لأن يصدر به عند أفعال القوة الموجودة فيه بدناَ .
وكذلك في الكبد وفي الأنثيين .
وعند الأطباء ما لم يستحل الروح عند الدماغ إلى مزاج آخر لم يستعد لقبول النفس التي هي مبدأ الحركة والحس .


وكذلك في الكبد وإن كان الامتزاج الأول قد أفاد قبول القوة الأولى الحيوانية وكذلك في كل عضو كان لكل جنس عن الأفعال عندهم نفس أخرى .
وليست النفس واحدة يفيض عنها القوى أو كانت النفس مجموع هذه
الجملة فإنه وإن كان الإمتزاج الأول فقد أفاد قبول القوة الأولى الحيوانية حيث حدث روح وقوة هي كماله لكن هذه القوة وحدها لا تكفي عندهم لقبول الروح بها سائر القوى الأخر ما لم يحدث فيها مزاج خاص .
قالوا : وهذه القوة مع أنها مهيئة للحياة فهي أيضاً مبدأ حركة الجوهر الروحي اللطيف إلى الأعضاء ومبدأ قبضه وبسطه للتنسم والتنقي على ما قيل كأنها بالقياس إلى الحياة تقبل انفعالاً وبالقياس إلى أفعال النفس والنبض تفيد فعلاً .
وهذه القوة تشبه القوى الطبيعية لعدمها الإرادة فيما يصدر عنها وتشبه القوى النفسانية لتعين أفعالها لأنها تقبض وتبسط معاً وتحرك حركتين متضادتين .
إلا أن القدماء إذا قالوا نفس للنفس الأرضية عنوا كمال جسم طبيعي آلي وأرادوا مبدأ كل قوة تصدر عنها بعينها حركات وأفاعيل متخالفة فتكون هذه القوة على مذهب القدماء قوة نفسانية .
كما أن القوى الطبيعية التي ذكرناها تسمى عندهم قوة نفسانية .
وأما إذا لم يرد بالنفس هذا المعنى بل عنى به قوة هي مبدأ إدراك وتحريك تصدر عن إدراك ما بإرادة ما وأريد بالطبيعة كلّ قوّة يصدر عنها فعل في جسمها على خلاف هذه الصورة لم تكن هذه القوة نفسانية بل كانت طبيعية .
وأعلى درجة من القوة التي يسميها الأطباء طبيعية .
وأما إن سمي بالطبيعية ما يتصرف في أمر الغذاء وحالته سواء كان لبقاء شخص أو بقاء نوع لم تكن هذه طبيعية وكانت جنساً ثالثاً .
ولأن الغضب والخوف وما أشبههما إنفعال لهذه القوة .
وإن كان مبدؤها الحس والوهم والقوى الدَاركة كانت منسوبة إلى هذه القوى .
وتحقيق بيان هذه القوى وإنها واحدة أو فوق واحدة هو إلى العلم الطبيعي الذي هو جزء من الحكمة .
السابق الأحاديث الفهرس التالي


القانون
القانون
( 6 من 70 )

الفصل الخامس القوى النفسانية المدركة
والقوة النفسانية تشتمل على قوتين هي كالجنس لهما : إحداهما قُوة مدرِكَة والأخرى قُوة مُحَركة .
والقوة المدركة كالجنس لقوتين : قوة مدركة في الظاهر وقوة مدركة في الباطن .
والقوة المدركة في الظاهر هي الحسية وهي كالجنس لقوى خمس عند قوم وثمان عند قوم .
وإذا أخذت خمسة كانت قوة الإبصار وقوة السمع وقوة الشم وقوة الذوق وقوة اللمس .
وأما إذا أخذت ثمانية فالسبب في ذلك أن أكثر المحصلين يرون أن اللمس قوى كثيرة بل هو قوى أربع .
ويخصون كل جنس من الملموسات الأربع بقوة على حدة إلا أنها مشتركة في العضو الحساس كالذوق واللمس في اللسان والإبصار واللمس في العين وتحقيق هذا إلى الفيلسوف .
والقوة إحداها : القوة التي تسمى الحس المشترك والخيال : وهي عند الأطباء قوة واحدة وعند المحصلين من الحكماء قوتان .
فالحس المشترك هو الذي يتأدى إليه المحسوسات كلها وينفعل عن صورها ويجتمع فيه .
والخيال هو الذي يحفظها بعد الاجتماع ويمسكها بعد الغيبوبة عن الحس والقوة القابلة منهما غير الحافظة .
وتحقيق الحق في هذا هو أيضاً على الفيلسوف .
وكيف كان فإن مسكنهما ومبدأ فعلهما هو البطن المقدم من الدماغ .
والثانية : القوة التي تسميها الأطباء مفكرة : والمحققون تارة يسمونها متخيلة وتارة مفكرة فإن استعملتها القوة الوهمية الحيوانية التي نذكرها بعد أو نهضت هي بنفسها لفعلها سموها متخيلة وإن أقبلت عليها القوة النطقية وصرفتها على ما ينتفع به سنها سميت مفكرة .
والفرق بين هذه القوة وبين الأولى كيف ما كانت : أن الأولى قابلة أو حافظة لما يتأدى إليها من الصور المحسوسة .
وأما هذه فإنها تتصرف على المستودعات في الخيال تصرفاتها من تركيب وتفصيل فتستحضر صوراً على نحو ما تأدى من الحس وصوراً مخالفة لها كإنسان يطير وجبل من زمرد .


وأما الخيال فلا يحضره إلا للقبول من الحس .
ومسكن هذه القوة هو البطن الأوسط من الدماغ .
وهذه القوة هي اَلة لقوة هي بالحقيقة المدركة الباطنة في الحيوان وهي الوهم وهو القوة التي تحكم في الحيوان بأن الذئب عدو والولد حبيب وأن المتعهد بالعلف صديق لا ينفر عنه على سبيل غير نطقي .
والعداوة والمحبة غير محسوسين ليس يدركهما الحس من الحيوان فإذن إنما يحكم بهما ويدركهما قوة أخرى وإن كان ليس بالإدراك النطقي إلا أنه لا محالة إدراك ما غير النطقي .
والإنسان أيضاً قد يستعمل هذه القوة في كثير من الأحكام ويجري في ذلك مجرى الحيوان الغير الناطق .
وهذه القوة تفارق الخيال لأن الخيال يستثبت المحسوسات وهذه تحكم في المحسوسات بمعان غير محسوسة وتفارق التي تسمّى مفكرة ومتخيلة بأن أفعال تلك لا يتبعها حكم ماء وأفعال هذه يتبعها حكم ما بل هي أحكام ما وأفعال تلك تركبّت في المحسوسات وفعل هذه هو حكم في المحسوس من معنى خارج عن المحسوس .
وكما أن الحس في الحيوان حاكم على صور المحسوسات كذلك الوهم فيها حاكم على معاني تلك الصور التي تتأدى إلى الوهم ولا تتأدى إلى الحس ومن الناس من يتجوز ويسمي هذه القوة تخيلاً وله ذلك إذ لا منازعة في الأسماء بل يجب أن يفهم المعاني والفروق وهذه القوة لا يتعرض الطبيب لتعرفها وذلك أن مضار أفعالها تابعة لمضار أفعال قوى أخرى قبلها مثل الخيال والتخيّل والذكر الذي سنقوله بعد .
والطبيب إنما ينتظر في القوى التي إذا لحقها مضرة في أفعالها كان ذلك مرضاً فإن كانت المضرّة تلحق فعل قوة بسبب مضرة لحقت فعل قبلها وكانت تلك المضرة تتبع سوء مزاج أو فساد تركيب في عضو ما فيكفيه أن يعرف لحوق ذلك الضرر بسبب سوء مزاج ذلك العضو أو فساده حتى يتداركه بالعلاج أو يتحفظ عنه .


ولا عليه أن يعرف حال القوة التي إنما يلحقها ما يلحقها كما أن الخيال خزانة لما يتأدى إلى الحس من الصورة المحسوسة بواسطة إذ كان قد عرف حال التي يلحقها بغير واسطة .
والثالثة مما يذكر الأطباء وهي الخامسة أو الرابعة عند التحقيق وهي القوة الحافظة والمذّكرة وهي خزانة لما يتأدى إلى الوهم من معان في المحسوسات غير صورها المحسوسة وموضعها البطن المؤخر من بطون الدماغ وههنا موضع نظر حكمي في أنه هل القوة الحافظة والمتذكرة المسترجعة لما غاب عن الحفظ من مخزونات الوهم قوة واحدة أم قوتان ولكن ليس ذلك مما يلزم الطبيب إذا كانت الآفات التي تعرض لأيهما كان هي الآفات العارضة للبطن المؤخر من الدماغ إما من جنس المزاج وإما من جنس التركيب .
وأما القوة الباقية من قوى النفس المدركة فهي الإنسانية الناطقة .
ولما سقط نظر الأطباء عن القوة الوهمية لما شرحناه من العلة فهو أسقط عن هذه القوة بل نظرهم مقصور على أفعال القوى الثلاث لا غير .
الفصل السادس
وأمّا القوة المحركة فهي التي تشنج الأوتار وترخيها فتحرّك بها الأعضاء .
والمفاصل تبسطها وتثنيها وتنفذها في العصب المتصل بالعضل وهي جنس يتنوع بحسب تنوع مبادي الحركات فتكون في كل عضلة طبيعة أخرى وهي تابعة لحكم الوهم الموجب للإجماع .
الفصل الأخير
في الأفعال نقول : إن من الأفاعيل المفردة ما يتم بقوة واحدة مثل الهضم ومنها ما يتم بقوّتين مثل شهوة الطعام فإنها تتم بقوة جاذبة طبيعية وبقوة حساسة في فم المعدة .
أما الجاذبة فبتحريكها الليف المطاول متقاضية ما يجذبه وامتصاصها ما يحضر من الرطوبات وأما الحساسة فبإحساسها بهذا الإنفعال وبلذع السوداء المنبّهة للشهوة المذكورة قصتها .
وإنما كان هذا الفعل مما يتم بقوتين لأن الحساسة إذا عرض لها آفة بطل المعنى الذي يسمّى جوعاً وشهوة فلم يشته الطعام .


وإن كان للبدن إليه حاجة وكذلك الازدراد يتم بقوتين : إحداهما الجاذبة الطبيعية والأخرى الجاذبة الإرادية .
والأولى يتم فعلها بالليف المطاول الذي في فم المعدة والمريء .
والثانية يتم فعلها بليف عضل الإزدراد .
وإذا بطلت إحدى القوتين عسر الإزدراد بل إذا لم تكن بطلت إلا أنها لم تنبعث بعد لفعلها عسر الازدراد .
أو ترى أنه إذا كانت الشهوة لم تصدق عسر علينا ابتلاع ما لا تشتهيه بل إذا كنا نعاف شيئاً ثم أردنا ابتلاعه فنفرت عنه القوة الجاذبة الشهوانية صعب على الإرادية ابتلاعه .
وعبور الغذاء أيضاً يتمّ بقوة دافعة من العضو المنفصل عنه وجاذبة من العضو المتوجه إليه .
وكذلك إخراج الثفل من السبيلين وربما كان الفعل مبدؤه قوتان نفسانية وطبيعية وربما كان سببه قوة وكيفية مثل التبريد المانع للمواد فإنه يعاون الدافعة على مقاومة الخلط المنصبّ إلى العضو ومنعه ودفعه في وجهه والكيفية الباردة تمنع بشيئين بالذات أي بتغليظ جوهر ما ينصب وتضييق المسام وبشيء ثالث هو مما بالعرض وهو إطفاء الحرارة الجاذبة .
والكيفية الجاذبة تجذب بما يقابل هذه الوجوه المذكورة واضطرار الخلاء إنما يجذب أولاً ما لطف ثم ما كثف وأما القوة الجاذبة الطبيعية فإنما تجذب الأوفق أو الذي يخصّها في طبيعتها جذبة وربما كان الأكثف هو الأوفق والأخصّ .
الفن الثاني الأمراض والأسباب والأعراض الكلية
وهو تعاليم ثلاثة
التعليم الأوّل الأمراض
وهو ثمانية فصول
الفصل الأول السبب والمرض والعرض
نقول : إنَ السبب في الطب وهو ما يكون أولاً فيجب عنه وجود حالة من حالات بدن الإنسان أو ثباتها .
والمرض هيئة غير طبيعية في بدن الإنسان يجب عنها بالذات آفة في الفعل وجوباً أولياً وذلك إمّا مزاج غير طبيعي وإما تركيب غير طبيعي .


والعرض هو الشيء الذي يتبع هذه الهيئة وهو غير طبيعي سواء كان مضاداً للطبيعي مثل الوجع في القولنج أو غير مضاد مثل إفراد حمرة الخد في ذات الرئة مثال السبب العفونة .
مثال المرض الحمى مثال العرض العطش والصداع .
وأيضاً مثال السبب امتلاء في الأوعية المنحدرة إلى العين مثال المرض السدّة في العنبية وهو مرض آلي تركيبي مثال العرض فقدان الإبصار وأيضاً مثال السبب نزلة حادة مثال المرض قرحة في الرئة مثال العرض حمرة الوجنتين وانجذاب الأظفار .
والعرض يسمّى عرضاً باعتبار ذاته أو بقياسه إلى المعروض له ويسمى دليلاً باعتبار مطالعة الطبيب إياه وسلوكه منه إلى معرفة ماهية المرض وقد يصير المرض سبباً لمرض آخر كالقولنج للغشي أو للفالج أو الصرع بل قد يصير العرض سبباً للمرض كالوجع الشديد يصير سبباً للورم لانصباب المواد إلى موضع الوجع .
وقد يصير العرض بنفسه مرضاً كالصداع العارض عن الحمى فإنه ربما استقر واستحكم حتى يصير مرضاً قد يكون الشيء بالقياس إلى نفسه وإلى شيء قبله وإلى شيء بعده مرضاً وعرضاً وسبباً مثل الحمى السلية فإنَها عرض لقرحة الرئة ومرض في نفسها وسبب لضعف المعدة مثلاً .
ومثل الصداع الحادث عن الحمّى إذا استحكم فإنه عرض للحمّى ومرض في نفسه وربما جلب البرسام أو السرسام فصار ذلك سبباً للمرضين المذكورين .
الفصل الثاني أحوال البدن وأجناس المرض
أحوال بدن الإنسان عند " جالينوس " ثلاث : الصحة وهي هيئة يكون بها بدن الإنسان في مزاجه وتركيبه بحيث يصدر عنه الأفعال كلها صحيحة سليمة .
والمرض هيئة في بدن الإنسان مضادة لهذه وحالة عنده ليست بصحة ولا مرض إما لعدم الصحة في الغاية والمرض في الغاية كأبدان الشيوخ والناقهين والأطفال أو لاجتماع الأمرين في وقت واحد إما في عضوين وإما في عضو ولكن في جنسين متباعدين مثل أن يكون صحيح المزاج مريض التركيب .


أو في عضو وفي جنسين متقاربين مثل أن يكون صحيحاً في الشكل ليس صحيحاً في المقدار والوضع أو صحيحاً في الكيفيتين المنفعلتين ليس صحيحاً في الفاعلتين أو لتعاقب من الأمرين في وقتين مثل من يصح شتاء ويمرض صيفاً .
والأمراض منها مفردة ومنها مركبة .
والمفردة هي التي تكون نوعاً واحداً من أنواع مرض المزاج أو نوعاً واحداً من أنواع مرض التركيب الذي نذكره بعد .
والمركبة هي التي يجتمع منها نوعان فصاعداً يتحد منها مرض واحد .
فلنبدأ أولاً بالأمراض المفردة فنقول : إنّ أجناس الأمراض المفردة ثلاثة : الأول : جنس الأمراض المنسوبة إلى الأعضاء المتشابهة الأجزاء وهي أمراض سوء المزاج وإنما نسبت إلى الأعضاء المتشابهة الأجزاء لأنّها أولاً وبالذات تعرض للمتشابهة الأجزاء ومن أجلها تعرض للأعضاء المركّبة حتى إنها يمكن أن تتصوّر حاصلة موجودة في أي عضو من الأعضاء المتشابهة الأجزاء شئت .
والمركبة لا يمكن فيها .
والثاني : جنس أمراض الأعضاء الآلية وهي أمراض التركيب الواقع في أعضاء مؤلفة من الأعضاء المتشابهة الأجزاء هي آلات الأفعال .
والثالث : جنس الأمراض المشتركة التي تعرض للمتشابهة الأجزاء وتعرض للآلية بما هي آلية من غير أن يتبع عروضها للآلية عروضها للمتشابهة الأجزاء وهو الذي يسمُّونه تفرق لاتصال وانحلال الفرد فإن تفرق الإتصال قد يعرض للمفصل من غير أن تعرض للمتشابهة الأجزاء التي ركب منها المفصل البتة .
وقد يعرض لمثل العصب والعظم والعروق وحدها .
وبالجملة الأمراض ثلاثة أجناس : أمراض تتبع سوء المزاج وأمراض تتبع سوء هيئة التركيب وأمراض تتبع تفرّق الإتصال .
وكل مرض يتبع واحداً من هذه ويكون عنه تنسب إليه وأمراض سوء المزاج معروفة وهي ستة عشرة قد ذكرناها .
الفصل الثالث أمراض التركيب
وأمراض التركيب أيضاً تنحصر في أربعة أجناس : أمراض الخلقة .


وأمراض المقدار وأمراض وأمراض الخلقة : تنحصر في أجناس أربعة : أمراض الشكل وهو أن يتغير الشكل عن مجراه الطبيعي فيحدث تغيره اَفة في الفعل كاعوجاج المستقيم واستقامة المعوج وتربع المستدير واستدارة المربّع ومن هذا الباب سفيط الرأس إذا عرض منه ضرر وشدة استدارة المعدة وعدم القرحة في الحدقة .
والثاني أمراض المجاري وهي ثلاثة أصناف لأنها إما أن تتسع كانتشار العين وكالسبل وكالدوالي أو تضيق كضيق ثقب العين ومنافذ النفس والمريء أو تنسدّ كانسداد الثقبة العنبية وعروق الكبد وغيرها .
والثالث أمراض الأوعية والتجاويف وهي على أصناف أربعة : فإنها إمّا أن تكبر وتتسع كاتساع كيس الأنثيين أو تصغر وتضيق كضيق المعدة وضيق بطون الدماغ عند الصرع أو تنسدُ وتمتلئ كانسداد بطون الدماغ عند السكتة أو تستفرغ وتخلو كخلو تجاويف القلب عن الدم عند شدة الفرح المهلكة وشدّة اللذة المهلكة .
والرابع أمراض صفائح الأعضاء إما بأن يتملس ما يجب أن يخشن كالمعدة والمعي إذا تملست أو يخشن ما يجب أن يتلمس كقصبة الرئة إذا خشنت .
هذا وأما أمراض المقدار : فهي صنفان : فإنها إما أن تكون من جنس الزيادة كداء القيل وتعظم القضيب وهي علة تسمى فريسميوس وكما عرض لرجل يسمى " نيقوماخس " أن عظمت أعضاؤه كلها حتى عجز عن الحركة .
وإما أن تكون من جنس النقصان كضمور اللسان والحدقة وكالذبول .
وأما أمراض العدد : فإما أن تكون من جنس الزيادة وتلك إما طبيعية كالسن الشاغبة والإصبع الزائدة أو غير طبيعية كالسلعة والحصاة وإما من جنس النقصان سواء كان نقصاناً في الطبع كمن لم يخلق له إصبع أو نقصاناً لا في الطبع كمن قطعت أصبعه .
وأما أمراض الوضع : فإن الوضع عند " جالينوس " يقتضي الموضع ويقتضي المشاركة .


فأمراض الوضع أربعة : انخلاع العضو عن مفصله أو زواله عن وضعه من غير انخلاع كما في الفتق المنسوب إلى الأمعاء أو حركته فيه لا على المجرى الطبيعي أو الإرادي كالرعشة أو لزومه موضعه فلا يتحرك عنه كما يعرض عند تحجر المفاصل في مرض النقرس .
وأمراض المشاركة وهي تشتمل على كل حالة تكون للعضو بالقياس إلى عضو يجاوره من مقاربته أو مباعدته لا على المجرى الطبيعي وهو صفنان : أحدهما أن يعرض له امتناع حركته إليه أو تعسرها بعد أن كان ذلك ممكناً له مثل الإصبع إذا إمتنع تحركها إلى ملاصقة جارتها أو يعرض لها امتناع تحركها عنها ومفارقتها إياها بعد أن كان ذلك ممكناً أو تعسر تباعدها وذلك مثل استرخاء الجفن
الفصل الرابع أمراض تفرق الإتصال
وأما أمراض تفرق الإتصال فقد تقع في الجلد وتسمى خدشاً وسحجاً وقد تقع في اللحم والقريب منه الذي لم يقيح وتسمّى جراحة .
والذي قيح تسمى قرحة ويحدث فيه القيح لاندفاع الفضول إليه لضعفه وعجزه عن استعمال غذائه وهضمه فيستحيل أيضاً فضل فيه وربما قبلت الجراحة والقرحة لتفرق اتصال يعرض في غير اللحم وقد يقع في العظم إما مكسر إلى جزأين أو أجزاء كبار هاما مفتتاً أو واقعاً في طوله صادعاً وإما أن يقع في الغضاريف على الأقسام الثلاثة أو يقع في العصب .
فإن وقع عرضاً سمي بتراً وإن وقع طولاً ولم يكن غوراً كبيراً سمي شقًا وإن كان غوراً كبيراً سمي شدخاً .
وقد يقع في أجزاء العضلة فإن وقع على طرف العضلة سمي هتكاً سواء كان في عصبة أو وتر وإن وقع في عرض العضلة سمي جزاً وإن وقع في الطول وقل عدده وكبر غوره سمي فدغاً وإن كثر أجزاؤه وفشا وغار سمي رضا وفسخاً وربّما قيل الفسخ والرضض والفدغ لكل ما يتفق في وسط العضلة كيف كان .
فإن وقع في الشرايين أو الأوردة سمي انفجاراً ثم إما أن يعترضها فيسمى قطعاً أو فصلاً أو ينفذ في طولها فيسمى صدعاً أو يكون ذلك على سبيل تفتح فوهاتها فيسمى بثقاً .


وإن كان في الشريان فلم يلتحم وكان الدم يسيل منه إلى الفضاء الذي يحويه حتى يمتلئ ذلك الفضاء .
وإذا عصرت عاد إلى العرق سمّي أم الدم وقوم يقولون أم الدم لكل انفجار شرياني .
واعلم أنه ليس كل عضو يحتمل انحلال الفرد فإن القلب لا يحتمله ويكون معه الموت وإما أن يقع في الأغشية والحجب فيسقى فتقاً وإما أن يقع بين جزأين من عضو مركّب فيفصل أحدهما من الآخر من غير أن ينال العضو المتشابه الأجزاء تفرق اتصال فيسمى انفصالاً وخلعاً .
وإذا كان ذلك في عصب زال عن موضعه سمي فكاً .
وقد يكون تفرّق الاتصال في المجاري فيوسع وقد يكون في غير المجاري فيحدث مجاري لم تكن وزوال الإتصال والتقرح ونحوه إذا وقع في عضو جيد المزاج صلح بسرعة وإن وقع في عضو رديء المزاج استعصى حيناً ولا سيما في أبدان مثل أبدان الذين بهم الاستسقاء أو سوء القنية أو الجذام .
واعلم أن القروح الصيفية إذا تطاولت وقعت الآكلة وأنت ستجد في كتب التفصيل استقصاء لأمر تفرق الإتصال مؤخراً إليه فاعلم ذلك .
الفصل الخامس الأمراض المركبة
وأما الأمراض المركبة فلنقل فيها أيضاً قولاً كلياً فنقول : إنا لسنا نعني بالأمراض المركبة أي أمراض اتفقت متجمعة بل الأمراض التي إذا اجتمعت حدث من جملتها شيء هو مرض واحد وهذا مثل الورم والبثور من جنس الورم فإن البثور أورام صغار كما أن الأورام بثور كبار .
والورم يوجد فيه أجناس الأمراض كلها فيوجد فيه مرض مزاج لآفة لأنه لا ورم إلا ويحدث من سوء مزاج مع مادة ويوجد فيه مرض الهيئة والتركيب فإنه لا ورم إلا وهناك آفة في الشكل والمقدار وربما كان معه أمراض الوضع ويوجد فيه المرض المشترك وهو تفرق الإتصال فإنه لا ورم إلا وهنا تفرق اتصال فإنه لا شك أن تفرق الاتصال لما انصبت المواد الفضلية إلى العضو الوَرِمِ وسكنت بين أجزائه مفرقة بعضها عن بعض حتى تأخذ لأنفسها أمكنة .


والورم يعرض للأعضاء اللينة وقد يعرض شيء شبيه بالورم في العظام يغلظ له حجمها وتزداد رطوبتها ولا يغرب أن يكون القابل للزيادة بالغذاء يقبلها بالفعل إذا أنفذ فيه أو حدث فيه وكل ورم ليس له سبب بادٍ وسببه البدني يتضمّن انتقال مادة من عضو إلى ما تحته فيسمى نزلة .
وربما كان السبب المادي الذي تتولد منه الأورام والبثور مغموراً في أخلاط أخرى غير مؤذية في كيفيتها فإذا استفرغت الأخلاط الجيدة في وجوه من الاستفراغ : إما الطبيعي كما يعرض للنفساء في الإرضاع وإما غير الطبيعي كما يعرض لجراحة تسيل دماً محموداً بقيت تلك الأخلاط الرديئة خالصة مفردة فتأذّى بها الطبع فدفعها .
وربما كان وجه دفعها إلى الجلد فحدثت أورام وبثور .
فالأورام قد تنفصل بفصول مختلفة إلا أن فصولها بالاعتبار هي الفصول الكائنة عن أسبابها وهي المواد التي تكون عنها الأورام والمراد التي تكون عنها الأورام ستة : الأخلاط الأربعة والمائية والريح .
فالورم إما أن يكون حاراَ وإما أن لا يكون ولا ينبغي أن يظن أن الورم الحار هو الكائن عن دم أو مرّة فقط بل عن كل مادة كانت حارة بجوهرها أو عرضت لها الحرارة بالعفونة وإن كانت هذه الأجناس أيضاً قد تنقسم بحسب انقسام أنواع كل مادة وذلك بالقول النوعي في الأورام أولى .
وعادتهم أن يسموا الدموي المحض فلغمونيا والصفراوي المحض جمرة والمركب منها باسم مركّب منهما ويقدّمون الأغلب فيقولون مَرَة فلغموني جمرة وَمرَة جمرة فلغمونية وإذا جمع سمي خراجاً وإذا وقع الخراج في اللحوم الرخوة والمغابن وخلف الأذنين والأرنبة وكان من جنس فاسد - وسنذكره في موضعه الجزئي - سمي طاعوناً .
وللأرام الحارة ابتداء فيه يندفع الخلط ويظهر الحجم ثم يزيد ويزيد معه الحجم ويتمدد ثم يقف عند غاية الحجم ثم يأخذ في الانحطاط فينضج بتحلّل أو قيح وماَل أمره إما تحلّل وإما جمع مدة وإما استحالة إلى الصلابة .


وأما الأورام الغير الحارة فإما أن تكون من مادة سوداوية أو بلغمية أو مائية أو ريحية .
والكائنة عن مادة سوداوية ثلاثة أجناس : الصلابة والسرطان وأكثرهما حريفية .
وأجناس الغدد التي منها الخنازير والسلع .
والفرق بين أجناس الغدد وبين الجنسين الآخرين أن أجناس الغدد تكون مبتدئة عما يحويها مثل الغدد المحضة أو متشبثة بظاهرها فقط مثل الخنازير .
وأما تلك الأخر فتكون مخالطة مداخلة لجوهر العضو التي هي فيه .
والفرق بين السرطان والصلابة أن الصلابة ورم ساكن هاد مبطل للحس أو آيف فيه لا وجع معه .
والسرطان متحرك متزيّد مؤذٍ له أصول ناشئة في الأعضاء ليس يجب أن يبطل معه الحس إلا أن تطول مدته فيميت العضو ويبطل حسّه وليس يبعد أن يكون الفصل بين الصلابة والسرطان بعوارض لازمة لا بفصول جوهرية .
والأورام الصلبة السوداوية تبتدىء في أول كونها صلبة وقد تنتقل إلى الصلابة وخصوصاً الدموية وقد يعرض ذلك أيضاً في البلغمية أحياناً وتفارق الغدد والسلع وما أشبههما من تعقد العصب بأن التعقد ألزم لموضعه وملمسه عصبي وإذا مدد بالغمز عاد وإذا تبدَد بدواء قوي غير الغمز لم يعد .
وأكثرها تحدث عن التعب وتبطل بالمثقلات من الأسرب ونحوه وأما جنس الأورام البلغمية فينقسم إلى نوعين : الورم الرخو والسلع اللينة ويتفاصلان بأن السلع متميزة في غلف والورم الرخو مخالط غير متميّز وأكثر أورام الشتاء بلغمية حتى الحارة منها تكون بيض الألوان .
واعلم أن الأورام البلغمية تختلف بحسب غلظ البلغم ورخاوته ورقته حتى تشبه تارة السوداوية وتارة الريحية وكثيراً ما ينزل البلغم الرقيق في النوازل في خلل ليف الأعصاب حتى يبلغ إلى مثل عضلات الحنجرة السفلى منها فما دونها .


وأما الأورام المائية فهي كالاستسقاء والقيلة المائية والورم الذي يعرض في القحف من المائية وما يشبه ذلك وأما الأورام الريحية فهي أيضاً تتنوع إلى نوعين : أحدهما التهيج والآخر النفخة والفرق بين التهيج والنفخة من وجهين : أحدهما القوام والثاني المخالطة .
وبيان هذا أن الريح في التهيج مخالطة لجوهر العضو وفي النفخة مجتمعة متمددة غير مخالطة للعضو وأن التهيج يستلينه الحس والنفخة تقاوم المدافع مقاومة كثيرة أو قليلة والبثور أيضاً على عدد الأورام فمنها دموية كالجدري وصفراوية محضة كالشري الصفراوي والجاورسية ومختلطة كالحصبة والنملة والمسامير والجرب والثآليل وغير ذلك وقد تكون مائية كالنفاطات وريحية كالنفّاخات وأنت تجد ذلك في الكتاب الرابع تفصيلاً لأحوال الأورام والبثور ويليق بذلك الموضع .
الفصل السادس أمور تُعد مع الأمراض
وههنا أمور خارجة عن الأمراض وتعد فيها وهي الأمور الداخلة في الزينة أحدها في الشعر والثاني في اللون والثالث في الرائحة والرابع في السحنة بعد اللون .
وأجناس أمراض الشعر التناثر والتمرط والقصر والفلة والشقاق والدقة والغلظ وإفراط الجعودة وإفراط السبوطة والشيب واستحالة اللون كيف كان .
وآفات اللون تدخل في أربع أجناس : جنس استحالته عن سوء مزاج بمادة كاليرقان أو بغير مادة كالحصبة العارضة للون عن مزاج بارد مفرد والصفرة التي ربما كانت عن مزاج حار مفرد وجنس إستحالته عن أسباب بادية كما تسفع الشمس والبرد والريح اللون وجنس إنبساط أجسام غريبة اللون على الجلد الحامل اللون كالبهق الأسود والتقاطها فيه كالخيلان والنمش .
وجنس الآثار العارضة من التئام تفرق إتصال عرض كآثار الجدري وأنداب القروح وآفات الرائحة كالضأن وغيره من الروائح الكريهة التي تفوح من الأبدان وآفات السحنة بعد اللون إما الهزال المفرط وإما السمن المفرط .
الفصل السابع أوقات الأمراض


واعلم أن لأكثر الأمراض أربعة أوقات : وقت الابتداء ووقت التزايد ووقت منتهى ووقت الإنحطاط .
وما خرج من هذه فهي من أوقات الصحة .
وليس نعني بوقت الإبتداء والإنتهاء طرفان لا يستبان فيهما حال المرض بل لكل واحد منهما زمان محسوس يكون له حكم مخصوص .
ووقت الإبتداء هو الزمان الذي يظهر فيه المرض ويكون كالمتشابه في أحواله لا يستبان فيه تزايده .
والتزايد هو الوقت الني يستبان فيه اشتداده كل وقت بعد وقت .
ووقت الانتهاء هو الوقت الذي يقف فيه المرض في جميع أجزائه على حالة واحدة .
والانحطاط هو الزمان الذي يظهر فيه انتقاصه .
وكل ما أمعن كان الانتقاص أظهر .
وهذه الأوقات قد تكون بحسب المرض من أوله إلى آخره في نوائبه وتسمى أوقاتاً كلية وقد تكون بحسب نوبة نوبة وتسمى أوقاتاَ جزئية .
الفصل الثامن تمام القول في الأمراض
إن الأمراض قد تلحقها التسمية من وجوه .
إمّا من الأعضاء الحاملة لها كذات الجنب وذات الرئة وإما من أعراضها كالصرع وإما من أسبابها كقولنا مرض سوداوي وإما من التشبيه كقولنا داء الأسد وداء الفيل وإما منسوباً إلى أول من يذكر أنه عرض له ذلك كقولهم قرحة طيلانية منسوبة إلى رجل يسمى " طيلانس " وإما منسوباً إلى بلدة يكثر حدوثها فيه كقولهم القروح البلخية وإما منسوباً إلى من كان مشهوراً بالإنجاح في معالجاتها كالقرحة السيروتية وإما قال " جالينوس " : إن الأمراض إمّا ظاهرة فتعرف حساً وإما باطنة سهلة الوقوف عليها كأوجاع المعدة والرئة أو عسرة الوقوف عليها كآفات الكبد ومجاري الرئة وإما غير مدركة إلا بالتخمين كالآفات العارضة لمجاري البول .


والأمراض قد تكون خاصة وقد تكون بالشركة والعضو يشارك عضواً في مرضه إما لأنهما متواصلان بالطبع يتّصل بينهما اَلات كالدماغ والمعدة يوصل بينهما العصب والرحم والثدي يوصل الأوردة بينهما وإما لأن أحدهما طريق إلى الثاني كالأربيتين لورم الساق وإما لأنهما متجاوران كالرئة والدماغ فكل يشرك الآخر وخصوصاً إذا كان أحدهما حاراً ضعيفاً فيقبل الفضل من صاحبه كالإبط للقلب وإما لأن أحدهما مبدأ فاضل لفعل الثاني كالحجاب للرئة في التنفس وإما لأن أحدهما يخدم الثاني كالعصب للدماغ وإما لأنهما يشاركان عضواً ثالثاً مثل الدماغ تشارك الكلية بسبب أن كل واحد منهما يشارك الكبد .
وربما عادت الشركة .
وبالأمثل أن الدماغ إذا لم تشاركه المعدة فضعف هضمها فأوصلت إليه أبخرة رديئة وغذاء غير منهضم فزادت في ألم الدماغ نفسه .
والمشاركة تجري على أحكام الأصل في الدوام وفي الدور .
ومراتب الأبدان من الصحة والمرض ستة على ما نحن نصفه : بدن في غاية الصحة وبدن في الصحة دون الغاية وبدن لا صحي ولا مرضيّ كما قيل ثم البدن المستقام القابل للصحة سريعاً ثم البدن المريض مرضاً يسيراً ثم البدن المريض في الغاية وكل مرض إما مسلم وإما غير مسلم .
والمسلم هو المرض الذي لا عائق عن معالجته كما ينبغي .
وغير المسلم هو الذي يقترن به عائق لا يرخص في صواب تدبيره مثل الصداع إذا قارنته النزلة .
واعلم أن المرض المناسب للمزاج والسن والفضل أقل خطراً من الذي لا يناسبه .
فإن الذي لا يناسبه ولا يحدث إلا عن عظم سببه .
واعلم أن أمراض كل فصل يرجى أن ينحل في صدره من الفضول .
واعلم أن من الأمراض أمراضاً تنتقل إلى أمراض أخرى وتقلع هي ويكون فيها خيرة فيكون مرض واحد شفاء من أمراض أخرى مثل الربع فإنه كثيراً ما يشفي من الصرع والنقرس والدوالي وأوجاع المفاصل والجرب والحكة والبثور ومن التشنّج .


وكذلك الذرب من الرمد ومن زلق الأمعاء ومن ذات الجنب وكذلك انفتاح عروق المقعدة وينفع من كل مرض سوداي ومن وجع الورك ومن أوجاع الكِلى والأرحام .
وقد ينتقل بعض الأمراض إلى أمراض أخرى فيصير الحال لذلك أشد رداءة مثل انتقال ذات الجنب إلى ذات الرئة وانتقال العلّة المعروفة بقرانيطس إلى ليثرغس .
ومن الأمراض أمراض معدية مثل الجذام والجرب والجدري والحمى الوبائية والقروح العفنة وخصوصاً إذا ضاقت المساكن وكذلك إذا كان المجاور في أسفل الريح ومثل الرمد وخصوصاً إلى متأمله بعينه ومثل الضَرَس حتى إن تخيل الحامض يفعله ومثل السبل ومثل البرص .
ومن الأمراض أمراض تتوارث في النسل مثل القرع الطبيعي والبرص والنقرس والسبل والجذام .
ومن الأمراض أمراض جنسية تختص بقبيلة أو بسكان ناحية أو يكثر فيهم .
واعلم أن ضعف الأعضاء تابع لسوء المزاج أو تحلّل البنية .
التعليم الثاني الأسباب
وهو جملتان

الجملة الأولى الأشياء التي تحدث عن سبب من الأسباب العامة
وهي تسعة عشر فصلاً
الفصل الأول قول كلي في الأسباب
أسباب أحوال البدن وقد قدمناها أعني الصحة والمرض والحال المتوسطة بينهما ثلاثة : السابقة والبادية والواصلة وتشترك السابقة والواصلة في أنهما أمور بدنية أعني خلطية أو مزاجية أو تركيبية .
والأسباب البادية هي من أمور خارجة عن جوهر البدن إما من جهة أجسام خارجة مثل ما يحدث عن الضرب وسخونة الجو والطعام الحار أو البارد الواردين على البدن وإما من جهة النفس فإن النفس شيء آخر غير البدن مثل ما يحدث عن الغضب والأسباب السابقة والبادية تشترك في أنه قد يكون بينهما وبين هذه الأحوال واسطة ما .
والأسباب البادية والأسباب الواصلة تشترك في أنه قد لا يكون بينهما وبين الحالة المذكورة واسطة لكن الأسباب السابقة تنفصل عن الأسباب الواصلة بأن الأسباب السابقة لا يليها الحالة بل بينهما أسباب أخرى أقرب إلى الحالة من السابقة .


والأسباب السابقة تنفصل من البادية بأنها بدنية وأيضاً فإن الأسباب السابقة يكون بينها وبين الحالة واسطة لا محالة .
والأسباب البادية ليس يجب فيها ذلك .
والأسباب الواصلة لا يكون بينها وبين الحالة واسطة البتة .
والأسباب البادية ليس يجب فيها ذلك بل الأمر أن فيها ممكنان فالأسباب السابقة هي أسباب بدنية أعني خلطية أو مزاجية أو تركيبية هي الموجبة للحالة إيجاباً غير أولي أعني توجبها بواسطة .
والأسباب الواصلة أسباب بدنية توجب أحوالاً بدنية إيجاباً أولياً أي بغير واسطة والأسباب البادية أسباب غير بدنية توجب أحوالاً بدنية إيجاباً أولياً وغير أولي مثال الأسباب السابقة الإمتلاء للحمى وإمتلاء أوعية العين لنزول الماء فيها .
ومثال الأسباب الواصلة العفونة للحمى والرطوبة السائلة إلى النفث للسدة والسدة للحمى ومثال الأسباب البادية حرارة الشمس وشدة الحرارة أو الغم أو السهر أو تناول شيء مسخن كالثوم .
كل ذلك للحمى أو الضربة للانتشار ونزول الماء في العين .
وكل سبب إما سبب بالذات كالفلفل يسخن والأفيون يبرد وإما بالعرض كالماء البارد إذا سخن بالتكثيف وتحقن الحرارة والماء الحار إذا برد بالتحليل والسقمونيا إذا برد باستفراغ الخلط المسخًن وليس كل سبب يصل إلى البدن يفعل فيه بل قد يحتاج مع ذلك إلى أمور ثلاثة : إلى قوة من قوته الفاعلة وقوة من قوة البدن الإستعدادية وتمكن من ملاقاة أحدهما الآخر زماناً في مثله يصدر ذلك الفعل عنه .
وقد تختلف أحوال الأسباب عند موجباتها فربما كان السبب واحداً واقتضى في أبدان شتى أمراضاً شتى أو في أوقات شتى أمراضاً شتى وقد يختلف فعله في الضعيف والقوي وفي شديد الحسّ وضعيف الحس .
ومن الأسباب ما هو مخلِف ومنها ما هو غير مخلِف والمخلِف هو الذي إذا فارق يبقى تأثيره .
وغير المخلِف هو الذي يكون البرء مع مفارقته .


ونقول : إن الأسباب المغيرة لأحوال الأبدان والحافظة لها إما ضرورية لا يتأتى للإنسان التفصي عنها في حياته وإما غير ضرورية .
والضرورية ستة أجناس : جنس الهواء المحيط وجنس ما يؤكل ويشرب وجنس الحركة والسكون البدنيين وجنس الحركات النفسانية وجنس النوم واليقظة وجنس الاستفراغ والاحتقان فلنشرع أولاً في جنس الهواء .
الفصل الثاني تأثير الهواء المحيط بالأبدان
الهواء عنصر لأبداننا وأرواحنا ومع أنه عنصر لأبداننا وأرواحنا فهو مددة يصل إلى أرواحنا ويكون علة إصلاحها لا كالعنصر فقط لكن كالفاعل أعني المعدل وقد بيّنا ما نعني بالروح فيما سلف ولسنا نعني به ما تسميه الحكماء النفس .
وهذا التعديل الذي يصدر عن الهواء في أرواحنا يتعلق بفعلين هما الترويح والتنقية .
والترويح هو تعديل مزاج الروح الحار إذا أفرط بالإحتقان في الأكثر وتغيّره - وأعني بالتعديل - التعديل الإضافي الذي علمته وهذا التعديل يفيده الإستنشاق من الرئة .
ومن منافس النبض المتصلة بالشرايين والهواء الذي يحيط بأبداننا بارد جداً بالقياس إلى مزاج الروح الغريزي فضلاً عن المزاج الحادث بالاحتقان فإذا وصل إليه صدمه الهواء و خالطه ومنعه عن الإستحالة إلى النارية والإحتقانية المؤدية إلى سوء مزاج يزول به عن الاستعداد لقبول التأثر النفساني فيه الذي هو سبب الحياة وإلى تحلل نفس جوهره البخاري الرطب .
وأما التنقية فهي باستصحابه عند رد النفس ما تسلمه إليه القوة المميّزة من البخار الدخاني الذي نسبته إلى الروح نسبة الخلط الفضلي إلى البدن .
والتعديل هو بورود الهواء على الروح عند الاستنشاق والتنقية بصدوره عنه عند رد النفس وذلك لأن الهواء المستنشق إنما يحتاج إليه في تعديله أول وروده أن يكون بارداً بالفعل فإذا إستحال إلى كيفية الروح بالتسخين لطول مكثه بطلت فائدته فاستغنى عنه .


واحتيج إلى هواء جديد يدخل ويقوم مقامه فاحتيج ضرورة إلى إخراجه لإخلاء المكان لمعاقبة ولتندفع معه فضول جوهر الروح والهواء ما دام معتدلاَ وصافياً ليس يخالطه جوهر غريب مناف لمزاج الروح فهو فاعل للصحة وحافظ لها فإذا تغير فعل ضد فعله .
والهواء يعرض له تغيرات طبيعية وتغيرات غير طبيعية وتغيّرات خارجة عن المجرى الطبيعي مضادة له .
والتغيرات الطبيعية هي التغيرات الفضلية فإنه يستحيل عند كل فصل إلى مزاج آخر .
الفصل الثالث طباع الفصول
اعلم أن هذه الفصول عند الأطباء غيرها عند المنجمين فإن الفصول الأربعة عند المنجّمين هي أزمنة انتقالات الشمس في ربع ربع من فلك البروج مبتدئة من النقطة الربيعية وأما عند الأطباء فإن الربيع هو الزمان الذي لا يحوج في البلاد المعتدلة إلى إدفاء يعتد به من البرد أو ترويح يعتد به من الحر ويكون فيه ابتداء نشوء الأشجار ويكون زمانه زمان ما بين الاستواء الربيعي أو قبله أو بعده بقليل إلى حصول الشمس في نصف من الثور .
ويكون الخريف هو المقابل له في مثل بلادنا .
ويجوز في بلاد أخرى أن يتقدم الربيع ويتأخر الخريف .
والصيف هو جميع الزمان الحار والشتاء هو جميع الزمان البارد فيكون زمان الربيع والخريف كل واحد منهما عند الأطباء أقصر من كل واحد من الصيف والشتاء .
وزمان الشتاء مقابل للصيف أو أقل أو أكثر منه بحسب البلاد .
فيشبه أن يكون الربيع زمان الأزهار ابتداء الأثمار والخريف زمان تغير لون الورق وابتداء سقوطه وما سواهما شتاء وصيف .
فنقول إن مزاج الربيع هو المزاج المعتدل وليس على ما يظن أنه حار رطب .
وتحقيق ذلك بكنهه هو إلى الجزء الطبيعي من الحكمة بل ليسلم أن الربيع معتدل والصيف حار لقرب الشمس من سمت الرؤوس وقوة الشعاع الفائض عنها الذي يتوهم انعكاسه في الصيف إما على زوايا حادة جداً وإما ناكصاً على أعقابه في الخطوط التي نفذ فيها فيكثف عندها الشعاع .


وسبب ذلك في الحقيقة هو أن مسقط شعاع الشمس منه ما هو بمنزلة مخروط السهم من الأسطوانة والمخروط كأنه ينفذ من مركز جرم الشمس إلى ما هو محاذيه .
ومنه ما هو بمنزلة البسيط والمحيط أو المقارب للمحيط وأن قوته عند سهمه أقوى إذ التأثير يتوجه إليه من الأطراف كلها وأما ما يلي الأطراف فهو أضعف ونحن في الصيف واقعون في السهم أو بقرب منه ويدوم ذلك علينا سكان العروض الشمالية .
وفي الشتاء بحيث يقرب من المحيط ولذلك ما يكون الضوء في الصيف أنور مع أن المسافة من مقامنا إلى مقام الشمس في قرب أوجهها أبعد .
أما نسبة هذا القرب والبعد فتبتين في الجزء النجومي من الجزء الرياضي من الحكمة .
وأما تحقيق إشتداد الحر لاشتداد الضوء فهو يتبين في الجزء الطبيعي من الحكمة .
والصيف مع أنه حار فهو أيضاً يابس لتحلل الرطوبات فيه من شدّة الحرارة ولتخلخل جوهر الهواء ومشاكلته للطبيعة النارية ولقلة ما يقع فيه من الأنداء والأمطار .
والشتاء بارد رطب لضد هذه العلل .
وأما الخريف فإن الحر يكون قد انتقص فيه والبرد لا يستحكم بعد وكأنَا قد حصلنا في الوسط من التبعد بين السهم المذكور وبين المحيط .
فإذن هو قريب من الإعتدال في الحر والبرد إلا أنه غير معتدل في الرطوبة واليبوسة وكيف والشمس قد جففت الهواء ولم يحدث بعد من العلل المرطبة ما يقابل تجفيف العلة المجففة وليس الحال في التبريد كالحال في الترطيب لأن الإستحالة إلى البرودة تكون بسهولة والإستحالة إلى الرطوبة لا تكون بتلك السهولة .
وأيضاً ليست الإستحالة إلى الرطوبة بالبرد كالاستحالة إلى الجفاف بالحر لأن الاستحالة إلى الجفاف بالحر تكون بسهولة فإن أدنى الحر يجفف .
وليس أدنى البرد يرطب بل ربما كان أدنى الحرّ أقوى في الترطيب إذا وجد المادة من أدنى البرد فيه لأنّ أدنى الحر يبخر ولا يحلّل .
وليس أدنى البرد يكثف ويحقن ويجمع .


ولهذا ليس حال بقاء الربيع على رطوبة الشتاء كحال بقاء الخريف على يبوسة الصيف فإن رطوبة الربيع تعتدل بالحر في زمان لا تعتدل فيه يبوسة الخريف بالبرد ويشبه أن يكون هذا الترطيب والتجفيف شبيهاً بفعل ملكة وعدم لا بفعل ضدين لأن التجفيف في هذا الموضع ليس هو إلا إفقاد الجوهر الرطب .
والترطيب ليس هو إفقاد الجوهر اليابس بل تحصيل الجوهر الرطب لأنا لسنا نقول في هذا الموضع هواء رطب وهواء يابس ونذهب فيه إلى صورته أو كيفيته الطبيعية بل لا نتعرض لهذا في هذا الموضع أو نتعرض تعرضاً يسيراً وإنما نعني بقولنا هواء رطب أي هواء خالطته أبخرة كثيفة مائية أو هواء استحال بتكثفه إلى مشاكلة البخار المائي ونقول هواء يابس أي هواء قد تفشش عنه ما يخالطه من البخارات المائية أو استحال إلى مشاكلة جوهر النار بالتخلخل أو خالطته أدخنة أرضية تشاكل الأرض في تنشفها .
فالربيع ينتفض عنه فضل الرطوبة الشتوية مع أدنى حر يحدث فيه لمقارنة الشمس السمت .
والخريف ليس بأدنى برد يحدث فيه بترطب جوه .
وإذا شئت أن تعرف هذا فتأمل هل تندى الأشياء اليابسة في الجو البارد كتجفف الأشياء الرطبة في الجو الحار على أن يجعل البارد في برده كالحار في حره تقريباً فإنك إذا تأملت هذا وجدت الأمر فيهما مختلفاً على أن ههنا سبباَ آخر أعظم من هذا وهو أن الرطوبات لا تثبت في الجور البارد والحار جميعاً إلاّ بدوام لحوق المدد .
والجفاف ليس يحتاج إلى مدد البتة وإنما صارت الرطوبة في الأجساد المكشوفة للهواء أو في نفس الهواء لا تثبت إلا بمدد لأن الهواء إنما يقال له إنه شديد البرد بالقياس إلى أبداننا وليس يبلغ برده في البلاد المعمورة قبلنا إلى أن لا يحلل البتة بل هو في الأحوال كلها محلل لما فيه من قوة الشمس والكواكب فمتى انقطع المدد واستمر التحلل أسرع الجفاف .


وفي الربيع يكون ما يتحلل أكثر مما يتبخر والسبب في ذلك أن التبخر يفعله أمران : حرارة ورطوبة لطيفة قليلة في ظاهر الجو وحر كامن في الأرض قوي يتأذى منه شيء لطيف إلى ما يقرب من ظاهر الأرض .
وفي الشتاء يكون باطن الأرض حازَا شديد الحرارة كما قد تبين في العلوم الطبيعية الأصلية وتكون حرارة الجو قليلة فيجتمع إذن السببان للترطيب وهو التصعيد ثم التغليظ ولا سيما والبرد أيضاً يوجب في جوهر الهواء نفسه تكاثفاً واستحال إلى البخارية .
وأما في الربيع فان الهواء يكون تحليله أقوى من تبخيره والحرارة الباطنة الكامنة تنقص جداً ويظهر منها ما يميل إلى بارز الأرض دفعه شيء هو أقوى من المبخر أو شيء هو لطيف التبخير لشدة استيلائه على المادة فيلطفها : ويصادف تبخيره اللطيف زيادة حر الجو فيتمّ به التحليل .
هذا بحسب الأكثر وبحسب انفراد هذه الأسباب دون أسباب أخرى توجب أشياء غير ما ذكرناه .
ثم لا تكون هناك مادة كثيرة تلحق ما يصعد ويلطف فلهذا يجب أن يكون طباع الربيع إلى الاعتدال في الرطوبة واليبس كما هو معتدل في الحرارة والبرودة على إنا لا نمنع أن تكون أوائل الربيع إلى الرطوبة ما هي إلا أن بعد ذلك عن الإعتدال ليس كبعد مزاج الخريف من اليبوسة عن الاعتدال ثم إن الخريف من لم يحكم عليه بشدة الإعتدال في الحر والبرد لم يبعد عن الصواب فإن ظهائره صيفية لأن الهواء الخريفي شديد اليبس مستعد جداً لقبول التسخين والاستحالة إلى مشاكلة النارية بتهيئة الصيف إياه لذلك ولياليه وغدواته باردة لبعد الشمس في الخريف عن سمت الرؤوس ولشدة قبول اللطيف المتخلخل لتأثير ما يبرد .
وأما الربيع فهو أقرب إلى الاعتدال في الكيفيتين لأن جوه لا يقبل من السبب المشاكل للسبب في الخريف ما يقبله جو الخريف من التسخين والتبريد فلا يبعد ليله كثيراً عن نهاره .


فإن قال قائل : ما بال الخريف يكون ليله أبرد من ليل الربيع وكان يجب أن يكون هواؤه أسخن لأنه ألطف فنجيبه ونقول : إن الهواء الشديد التخلخل يقبل الحرّ والبرد أسرع وكذلك الماء الشديد التخلخل ولهذا إذا سخنت الماء وعرضته للإجماد كان أسرع جموداً من البارد لنفوذ التبريد فيه لتخلخله على أن الأبدان لا تحس من برد الربيع ما تحس من برد الخريف لأن الأبدان في الربيع منتقلة من البرد إلى الحرّ متعودة للبرد وفي الخريف بالضدّ وعلى أن الخريف متوجه إلى الشتاء والربيع مسافر عنه .
واعلم أن اختلاف الفصول قد يثير في كل إقليم ضرباً من الأمراض ويجب على الطبيب أن يتعرف ذلك في كل إقليم حتى يكون الاحتراز والتقدم بالتدبير مبنياً عليه وقد يشبه اليوم الواحد أيضاً بعض الفصول دون بعض فمن الأيام ما هو شتوي ومنها ما هو صيفي ومنها ما هو خريفي يسخن ويبرد في يوم واحد


القانون
القانون
( 7 من 70 )

الفصل الرابع أحكام الفصول
وتعابيرها كل فصل يوافق من به مزاج صحي مناسب له ويخالف من به سوء مزاج غير مناسب له إلا إذا عرض خروج عن الاعتدال جداً فيخالف المناسب وغير المناسب بما يضعف من القوة وأيضاً فإن كل فصل يوافق المزاج العرضي المضاد له وإذا خرج فصلان عن طبعهما وكان مع ذلك خروجهما متضاداً ثم لم يقع إفراط متماد مثل أن يكون الشتاء كان جنوبياً فورد عليه ربيع شمالي كان لحوق الثاني بالأول موافقاً للأبدان معدلاً لها فإن الربيع يتدارك جناية الشتاء .
وكذلك إن كان الشتاء يابساً جداً والربيع رطباً جداً فإن الربيع يعدل بيبس الشتاء .
وما لم تُفْرِط الرطوبة ولم يطل الزمان لم يتغيّر فعله عن الإعتدال إلى الترطيب الضار .
تغيّر الزمان في فصل واحد أقل جلباً للوباء من تغيره في فصول كثيرة تغيّراً جالباً للوباء ليس تغير امتداد كالماء يجنيه التغيّر الأول على ما وصفنا .
وأولى أمزجة الهواء بأن يستحيل إلى العفونة هو مزاج الهواء الحار الرطب وأكثر ما تعرض تغيرات الهواء إنما هو في الأماكن المختلفة الأوضاع والغائرة ويقلّ في المستوية والعالية خصوصاً .
ويجب أن تكون الفصول ترد على واجباتها فيكون الصيف حاراً والشتاء بارداً وكذلك كل فصل فإن انخرق ذلك فكثيراً ما يكون سبباً لأمراض رديئة .
والسنة المستمرة الفصول على كيفية واحدة سنة رديئة مثل أن يكون جميع السنة رطباً أو يابساً أو حاراً أو بارداً فإن مثل هذه السنة تكون كثيرة الأمراض المناسبة ليكفيتها ثم تطول مددها فان الفصل الواحد يثير المرض اللائق به فكيف السنة مثل أن الفصل البارد إذا وجد بدناً بلغمياً حرك الصرع والفالج والسكتة والقوة والتشنُّج وما يشبه ذلك .
والفصل الحار إذا وجد بدناً صفراوياً أثار الجنون والحمّيات الحادة والأورام الحارة فكيف إذا استمرت السنة على طبع الفصل .


وإذا استعجل الشتاء استعجلت الأمراض الشتوية وإن استعجل الصيف استعجلت الأمراص الصيفية وتغيّرت الأمراض التي كانت قبلها بحكم الفصل وإذا طال فصل كثرت أمراضه وخصوصاً الصيف والخريف .
واعلم أن لانقلاب الفصول تأثيراً ليس هو بسبب الزمان لأنه زمان بل لما يتغيّر معه من الكيفية هو تأثير عظيم في تغيّر الأحوال وكذلك لو تغيّر الهواء في يوم واحد من الحر إلى برد لتغيّر مقتضاهما في الأبدان .
وأصح الزمان هو أن يكون الخريف مطيراً والشتاء معتدلاً ليس عادماً للبرد ولكن غير مفرط فيه بالقياس إلى البلد .
هان جاء الربيع مطيراً ولم يخل الصيف من مطر فهو أصحّ ما يكون .
الفصل الخامس الهواء الجيد
الهواء الجيّد في الجوهر هو الهواء الذي ليس يخالطه من الأبخرة والأدخنة شيء غريب وهو مكشوف للسماء غير محقون للجدران والسقوف اللهم إلا في حال ما يصيب الهواء فساد عام فيكون المكشوف أقبل له من المغموم والمحجوب وفي غير ذلك فإن المكشوف أفضل .
فهذا الهواء الفاضل نقي صافٍ لا يخالطه بخار بطائح وآجام وخنادق وأرضين نزه ومباقل وخصوصاً ما يكون فيه مثل الكرنب والجرجير وأشجار خبيثة الجوهر مثل الجوز والشوحط والتين وأرياح عفنة ومع ذلك يكون بحيث لا يحتبس عنه الرياح الفاضلة لأنّ مَهابُّها أرض عالية ومستوية فليس ذلك الهواء هواء محتبساً في وهدة يسخن مع طلوع الشمس ويبرد مع غروبها بسرعة ولا أيضاً محقوناً في جدران حديثة العهد بالصهاريج ونحوها لم تجف بعد تمام جفافها ولا عاصياً على النفس كأنما يقبض على الحلق وقد علمت أن تغيرات الهواء منها طبيعية ومنها مضادة للطبيعة ومنها ما ليس بطبيعي ولا خارج عنه واعلم أن تغيرات الهواء التي ليست عن الطبيعة كانت مضادة أو غير مضادة قد تكون بأدوار وقد تكون غير حافظة للأدوار وأصح أحوال الفصول أن تكون على طبائعها فإن تغيرها يجلب أمراضاً .
الفصل السادس كيفيات الأهوية ومقتضيات الفصول


الهواء الحار يحلل ويرخي فإن اعتدل حمر اللون بجذب الدم إلى خارج وإن أفرط صفره بتحليله لما يجذب وهو يكثر العرق ويقلل البول ويضعف الهضم ويعطش والهواء البارد يشد ويقوي على الهضم ويكثر البول لاحتقان الرطوبات وقلة تحلّلها بالعرق ونحوه ويقلل الثفل لانعصار عضل المقعدة ومساعدة المعي المستقيم لهيئتها فلا ينزل الثفل لفقدان مساعدة المجرى فيبقى كثيراً وتحلل مائيته إلى البول .
والهواء الرطب يليّن الجلد ويرطب البدن .
واليابس يفحل البدن يجفف الجلد .
والهواء الكدر يوحش النفس ويثير الأخلاط .
والهواء الكدر غير الهواء الغليظ فإن الهواء الغليظ هو المتشابه في خثورة جوهره والكدر هو المخالط لأجسام غليظة .
ويدل على الأمرين قلة ظهور الكواكب الصغار وقلة لمعان ما يلمع من الثوابت كالمرتعش .
وسببهما كثرة الأبخرة والأدخنة وقلة الرياح الفاضلة .
وسيعود لك الكلام في هذا المعنى ويتم إذا شرعنا في تغييرات الهواء الخارجة عن المجرى الطبيعي .
وكل فصل يرد على واجبه أحكام خاصة ويشترك آخر كل فصل وأول الفصل الذي يتلوه في أحكام الفصلين وأمراضهما .
والربيع إذا كان على مزاجه فهو أفضل فصل وهو مناسب لمزاج الروح والدم وهو مع اعتداله الذي ذكرناه يميل عن قرب إلى حرارة لطيفة سمائية ورطوبة طبيعية وهو يحمر اللون لأنه يجذب الدم باعتدال ولم يبلغ أن يحلله تحليل الصيف الصائف .
والربيع تهيج فيه الأمراض المزمنة لأنه يجري الأخلاط الراكدة ويسيلها ولذلك السبب تهيج فيه ماليخوليا أصحاب الماليخوليا ومن كثرت أخلاطه في الشتاء لنهمه وقلة رياضته استعد في الربيع للأمراض التي تهيج من تلك المواد بتحليل الربيع لها وإذا طال الربيع واعتداله قلت الأمراض الصيفية .


وأمراض الربيع اختلاف الدم والرعاف وتهيج الماليخوليا التي في طبع المرة والأورام والدماميل والخوانيق وتكون قتالة وسائر الخراجات ويكثر فيه انصداع العروق ونفث الدم والسعال وخصوصاً في الشتوي منه الذي يشبه الشتاء ويسوء أحوال من بهم هذه الأمراض وخصوصاً السد ولتحريكه في المبلغمين مواد البلغم تحدث فيه السكتة والفالج وأوجاع المفاصل وما يوقع فيها حركة من الحركات البدنية والنفسانية مفرطة وتناول المسخنات أيضاً فإنهما يعينان طبيعة الهواء ولا يُخَلص من أمراض الربيع شيء كالفصد والإستفراغ والتقليل من الطعام والتكثير من الشراب والكسر من قوة الشراب المسكر بمزجه .
والربيع موافق للصبيان ومن يقرب منهم .
وأما الشتاء فهو أجود للهضم لحصر البرد جوهر الحار الغريزي فيقوي ولا يتحلل ولقلة الفواكه واقتصار الناس على الأغذية الخفيفة وقلة حركاتهم فيه على الإمتلاء ولإيوائهم إلى المدافىء وهو أكثر الفصول للمدة السوداء لبرده وقصر نهاره مع طول ليله .
وأكثرها حقناً للمواد وأشدها إحواجاً إلى تناول المقطعات والملطفات والأمراض الشتوية أكثرها بلغمية .
ويكثر فيه البلغم حتى إن أكثر القيء فيه البلغم ولون الأورام يكون فيه إلى البياض على أكثر الأمر .
ويكثر فيه أمراض الزكام ويبتدىء الزكام مع اختلاف الهواء الخريفي ثم يتبعه ذات الجنب وذات الرئة والبحوحة وأوجاع الحلق ثم يحدث وجع الجنب نفسه والظهر وآفات العصب والصداع المزمن بل السكتة والصرع كل ذلك لإحتقان المواد البلغمية وتكثرها .
والمشايخ يتأذون بالشتاء وكذلك من يشبههم .
والمتوسطون ينتفعون به ويكثر الرسوب في البول شتاء بالقياس إلى الصيف ومقداره أيضاً يكون أكثر .
وأما الصيف فإنه يحلل الأخلاط ويضعف القوة والأفعال الطبيعية لسبب إفراط التحليل ويقل الدم فيه والبلغم ويكثر المرار الأصفر ثم في آخره المرار الأسود بسبب تحلل الرقيق واحتباس الغليظ واحتقانه .


وتجد المشايخ ومن يشبههم أقوياء في الصيف ويصفر اللون بما يحلل من الدم الذي يجذبه وتقصر فيه مدد الأمراض لأن القوة إن كانت قوية وجدت من الهواء معيناً على التحليل فأنضجت مادة العلة ودفعتها وإن كانت ضعيفة زادها الحر الهوائي ضعفاً بالإرخاء فسقت ومات صاحبها .
والصيف الحار اليابس سريعاً ما يفصل الأمراض والرطب مضاغ طويل مدد الأمراض ولذلك يؤول فيه أكثر القروح إلى الآكلة ويعرض فيه الاستسقاء وزلق الأمعاء وتلين الطبع ويعين في جميع ذلك كله كثرة إنحدار الرطوبات من فوق إلى أسفل وخصوصاً من الرأس .
وأما الأمراض القيظية فمثل حتى الغبّ والمطبقة والمحرقة وضمور البدن .
ومن الأوجاع أوجاع الأذن والرمد ويكثر فيه خاصة إذا كان عديم الريح الحمرة والبثور التي تناسبها وإذا كان الصيف ربيعياً كانت الحميات حسنة الحال غير ذات خشونة وحدة يابسة وكثر فيه العرق وكان متوقعاً في البحارين لمناسبة الحار الرطب لذلك فإن الحار يخلل والرطب يرخي ويوسع المسام .
وإن كان الصيف جنوبياً كثرت فيه الأوبئة وأمراض الجدري والحصبة .
وأما الصيف الشمالي فإنه منضج لكنه يكثر فيه أمراض العصر .
وأمراض العصر أمراض تحدث من سيلان المواد بالحرارة الباطنة أو الظاهرة إذا ضربتها برودة ظاهرة فعصرتها وهذه الأمراض كلها كالنوازل وما معها وإذا كان الصيف الشمالي يابساً انتفع به البلغميون والنساء وعرض لأصحاب الصفراء رمد يابس وحميات حارة مزمنة وعرض من احتراق الصفراء للإحتقان غلبة سوداء .
وأما الخريف فإنه كثير الأمراض لكثرة تردد الناس فيه في شمس حارة ثم رواحهم إلى برد ولكثرة الفواكه وفساد الأخلاط بها ولانحلال القوة في الصيف .
والأخلاط تفسد في الخريف بسبب المأكولات الرديئة وبسبب تخلل اللطيف وبقاء الكثيف وإحتراقه .


وكلما أثار فيها خلط من تثوير الطبيعة للدفع والتحليل رده البرد إلى الحقن ويقلّ الدم في الخريف جداً بل هو مضاد للدم في مزاجه فلا يعين على توليده وقد تقدّم تحليل الصيف الدم وتقليله منه .
ويكثر فيه من الأخلاط المرار الأصفر بقية عن الصيف والأسود لترمد الأخلاط في الصيف فلذلك تكثر فيه السوداء لأن الصيف يرمد والخريف يبرد .
وأول الخريف موافق للمشايخ موافقة ما وآخره يضرهم وأمراض الخريف هي الجرب المتقشر والقوابي والسرطانات وأوجاع المفاصل والحيّات المختلطة وحميات الربع لكثرة السوداء لما أوضحناه من علة ولذلك يعظم فيه الطحال ويعرض فيه تقطير البول لما يعرض للمثانة من اختلاف المزاج في الحرّ والبرد ويعرض أيضاً عسر البول وهو أكثر عروضاً من تقطير البول ويعرض فيه زلق الأمعاء وذلك لدفع البرد فيه ما رق من الأخلاط إلى باطن البدن ويعرض فيه عرق النسا أيضاً وتكون فيه الذبحة لذاعة مرارية وفي الربيع بلغمية لأن مبدأ كل منهما من الخلط الذي يثيره الفصل الذي قبله ويكثر فيه إيلاوس اليابس وقد يقع فيه السكتة وأمراض السكتة وأمراض الرئة وأوجاع الظهر والفخذين بسبب حركة الفصول في الصيف ثم انحصارها فيه .
ويكثر فيه الديدان في البطن لضعف القوة عن الهضم والدفع ويكثر خصوصاً في اليابس منه الجدري وخصوصاً إذا سبقه صيف حار ويكثر فيه الجنون أيضاً لرداءة الأخلاط المرارية ومخالطة السوداء لها .
والخريف أضر الفصول بأصحاب قروح الرئة الذين هم أصحاب السل وهو يكشف المشكل في حاله إذا كان ابتدأ ولم يستبن آياته وهو من أضر الفصول بأصحاب الدقّ المفرد أيضا بسبب تجفيفه .
والخريف كالكافل عن الصيف بقايا أمراضه وأجود الخريف أرطبه والمطير منه واليابس منه أردؤه .


أحكام تركيب السنة إذا ورد ربيع شمالي على شتاء جنوبي ثم تبعه صيف ومدّ وكثرت المياه وحفظ الربيع المواد إلى الصيفّ كثر الموتان في الخريف في الغلمان وكثر السحج وقروح الأمعاء والغب الغير الخالصة الطويلة .
فإن كان الشتاء شديد الرطوبة أسقطت اللواتي تتربصن وضعهن ربيعاً بأدنى سبب .
وإن ولدن أضعفن وأمتن أو أسقمن .
ويكثر بالناس الرمد واختلاف الدم والنوازل تكثر حينئذ وخصوصاً بالشيوخ وينزل في أعصابهم فربما ماتوا منها فجأة لهجومها على مسالك الروح دفعة مع كثرة فإن كان الربيع مطيراً جنوبياً وقد ورد على شتاء شمالي كثر في الصيف الحميات الحارة والرمد ولين الطبيعة واختلاف الدم وأكثر ذلك كله من النوازل واندفاع البلغم المجتمع شتاء إلى التجاويف الباطنة لما حرّكه الحر وخصوصاً لأصحاب الأمزجة الرطبة مثل النساء ويكثر العفن وحمياته فإن حدث في صيقهم - وقت طلوع الشعرى - مطر وهبت شمال رجي خير وتحللت الأمراض .
وأضر ما يكون هذا الفصل إنما هو بالنساء والصبيان ومن ينجو منهم يقع إلى الربع لإحتراق الأخلاط وترمدها وإلى الاستسقاء بعد الربع بسبب الربع وأوجاع الطحال وضعف الكبد لذلك وإذا ورد على صيف يابس شمالي خريف مطير جنوبي إستعدت الأبدان لأن تصدع في الشتاء وتسعل وتبح حلوقها وتسل لأّنها يعرض لها كثيراً أن تزكم ولذلك إذا ورد على صيف يابس جنوبي خريف مطير شمالي كثر أيضاً في الشتاء الصداع ثم النزلة والسعال والبحوحة .
وإن ورد على صيف جنوبي خريف شمالي كثرت فيه أمراض العصر والحقن .
وإذا تطابق الصيف والخريف في كونهما جنوبيين رطبين كثرت الرطوبات .
فإذا جاء الشتاء جاءت أمراض العصر المذكورة .
ولا يبعد أن يؤدي الإحتقان وارتكام المواد لكثرتها وفقدان المنافس إلى أمراض عفنية .
ولم يخل الشتاء عن أن يكون ممرضاً لمصادفته مواد رديئة محتقنة كثيرة .
وإذا كانا معاً يابسين شماليين انتفع من يشكو الرطوبة والنسا .


وغيرهم يعرض له رمد يابس ونزلة مزمنة وحميات حارة وماليخوليا .
ثم اعلم أن الشتاء البارد المطير يحدث حرقة البول وإذا اشتدت حرارة الصيف ويبوسته حدثت خوانيق قتالة وغير قتالة ومنفجرة وغير منفجرة .
والمنفجرة تكون داخلاً وخارجاً وحدث عسر بول وحصبة وحميقاً وجمري سليمات ورمد وفساد دم وكرب واحتباس طمث ونفث .
والشتاء اليابس - إذا كان ربيعه يابساً - فهو رديء .
والوباء يفسد الأشجار والنبات
الفصل الثامن تأثير التغيّرات الهوائية
التي ليست بمضادة للمجرى الطبيعي جداً .
ويجب أن نستكمل الآن القول في سائر التغييرات الغير الطبيعية للهواء ولا المضادة للطبيعية التي نعرض بحسب أمور سماوية وأمور أرضية فقد أومأنا إلى كثير منها في ذكر الفصول فأما التابعة للأمور السماوية فمثل ما يعرض بسبب الكواكب فإنها تارة يجتمع كثير من الدراري منها في حيز واحد ويجتمع مع الشمس فيوجب ذلك إفراط التسخين فيما يسامته من الرؤوس أو يقرب منه وتارة يتباعد عن سمت الرؤوس بعداً كثيراً فينقص من التسخين وليس تأثير المسامتة في التسخين كتأثير دوام المسامتة أو المقاربة .
وأما الأمور الأرضية فبعضها بسبب عروض البلاد وبعضها بسبب ارتافاع بقعة البلاد وانخفاضها وبعضها بسبب الجبال وبعضها بسبب البحار وبعضها بسبب الرياح وبعضها بسبب التربة .
وأما الكائن بسبب العروض فإن كل بلد يقارب مدار رأس السرطان في الشمال أو مدار رأس الجدي في الجنوب فهو أسخن صيفاً من الذي يبعد عنه إلى خط الاستواء وإلى الشمال .
ويجب أن يصدق قول من يرى أن البقعة التي تحت دائرة معدل النهار قريبة إلى الاعتدال وذلك أن السبب السماوي المسخن هناك هو سبب واحد هو مسامتة الشمس للرأس وهذه المسامتة وحدها لا تؤثر كثير أثر بل إنما تؤثر مداومة المسامتة .
ولهذا ما يكون الحرّ بعد الصلاة الوسطى أشد منه في وقت استواء النهار .


ولهذا ما يكون الحر والشمس في آخر السرطان وأوائل الأسد أشد منه إذا كانت الشمس في غاية الميل .
ولهذا تكون الشمس إذا انصرفت عن رأس السرطان إلى حد ما هو دونه في الميل أشد تسخيناً منها إذا كانت في مثل ذلك الحد من الميل ولم يبلغ بعد رأس السرطان والبقعة المسامتة لخط الاستواء إنما تسامت فيها الشمس الرأس أياماً قليلة ثم تتباعد بسرعة لأن تزايد أجزاء الميل عند العقدتين أعظم كثيراً من تزايدها عند المنقلبين بل ربما لم يؤثر عند المنقلبين حركة أيام ثلاثة وأربعة وأكثر أثراً محسوساً ثم إن الشمس تبقى هناك في حين واحد متقارب مدة مديدة فيمعن في الإسخان فيجب أن يعتقد من هذا أن البلاد التي عروضها متقاربة للميل كله هي أسخن البلاد وبعدها ما يكون بعده عنه في الجانبين القطبيين مقارباً لخمس عشرة درجة ولا يكون الحرّ في خط الاستواء بذلك المفرط الذي يوجبه المسامتة في قرب مدارس رأس السرطان في المعمورة لكن البرد في البلاد المتباعدة عن هذا المدار إلى الشمالي أكثر .
فهذا ما يوجبه اعتبار عروض المساكن على أنها في سائر الأحوال متشابهة .
وأما الكائن بحسب وضع البلد في نجد من الأرض أو غور فإن الموضوع في الغور أسخن أبداً والمرتفع العالي مكانه أبرد أبداً فإن ما يقرب من الأرض من الجو الذي نحن فيه أسخن لاشتداد شعاع الشمس قرب الأرض وما يبعد منه إلى حدّ هو أبرد .
والسبب فيه في الجزء الطبيعي من الحكمة وإذا كان الغور مع ذلك كالهوة كان أشد حصراً للشعاع وأسخن .


وأما الكائن بسبب الجبال فما كان الجبل فيه بمعنى المستقر فهو داخل في القسم الذي بيناه وما كان الجبل فيه بمعنى المجاورة فهو الذي نريد أن نتكلم الآن فيه فنقول : إن الجبل يؤثر في الجو على وجهين : أحدهما من جهة رده على البلد شعاع الشمس أو ستره إياه دونه والآخر من جهة منعه الريح أو معاونته لهبوبها أما الوؤل فمثل أن يكون في البلاد حتى في الشماليات منها جبل مما يلي الشمال من البلد فتشرق عليه الشمس في مدارها وينعكس تسخينه إلى البلد فيسخنه .
وإن كان شمالياً وكذلك إن كانت الجبال من جهة المغرب فانكشف المشرق .
وإن كان من جهة المشرق كان دون ذلك في هذا المعنى لأن الشمس إذا زالت فأشرقت على ذلك الجبل فإنها كل ساعة تتباعد عنه فينقص من كيفية الشعاع المشرق منها عليه ولا كذلك إذا كان الجبل مغربياً والشمس تقرب منه كل ساعة .
وأما من جهة منع الريح فأن يكون الجبل يصد عن البلد مهب الشمال المبرد أو يكبس إليه مهب الجنوبي المسخن أو يكون البلد موضوعاً بين صدفي جبلين منكشفاً لوجه ريح فيكون هبوب تلك الريح هناك أشد منه في بلد مصحر لأن الهواء من شأنه إذا انجذب في مسلك ضيق أن يستمر به الانجذاب فلا يهدأ وكذلك الماء وغيره وعلته معروفة في الطبيعيات .
وأعدل البلاد من جهة الجبال وسترها والانكشاف عنها أن تكون مكشوفة للمشرق والشمال مستورة نحو المغرب والجنوب .
وأما البحار فإنها توجب زيادة ترطيب للبلاد المجاورة لها جملة .
فإن كانت البحار في الجهات التي تلي الشمال كان ذلك معيناَ على تبريدها بترقرق ريح الشمال على وجه الماء الذي هو بطبعه بارد .
وإن كان مما يلي الجنوب أوجب زيادة في غلظ الجنوب وخصوصاً إن لم تجد منفذاً لقيام جبل في الوجه .
وإذا كان في ناحية المشرق كان ترطيبه للجو أكثر منه إذا كان في ناحية المغرب إذ الشمس تلح عليه بالتحليل المتزايد مع تقارب الشمس ولا تلح على المغربية .


وبالجملة فإن مجاورة البحر توجب ترطيب الهواء ثم إن كثرت الرياح وتسربت ولم تعارض بالجبال كان الهواء أسلم من العفونة .
فإن كانت الرياح لا تتمكن من الهبوب كانت مستعدة للتعقن وتعفين الأخلاط .
وأوفق الرياح لهذا المعنى هي الشمالية ثم المشرقية والمغربية .
وأضرها الجنوبية .
وأما الكائن بسبب الرياح فالقول فيها على وجهين : قول كلّي مطلق وقول بحسب بلد بلد وما يخصه .
فأما القول الكلي فإن الجنوبية في أكثر البلاد حارة رطبة .
أما الحرارة فلأنها تأتينا من الجهة المتسخنة بمقاربة الشمس وأما الرطوبة فلأن البحار أكثرها جنوبية عنا .
ومع أنها جنوبية فإن الشمس تفعل فيها بقوة وتبخر عنها أبخرة تخالط الرياح فلذلك صارت الرياح الجنوبية مرخية .
وأما الشمالية فإنها باردة لأنها تجتاز على جبال وبلاد باردة كثيرة الثلوج ويابسة لأنها لا يصحبها أبخرة كثيرة لأن التحلل في جهة الشمال أقل ولا تجتاز على مياه سائلة بحرية بل إما أن تجتاز في الأكثر على مياه جوامد أو على البراري .
والمشرقية معتدلة في الحر والبرد لكنها أيبس من المغربية إذ شمال المشرق أقل بخاراً من شمال المغرب .
ونحن شماليون لا محالة والمغربية أرطب يسيراً لأنها تجتاز على بحار ولأن الشمس تخالفها بحركتها فإن كل واحد من الشمس ومنها كالمضاد للآخر في حركته فلا تحللها الشمس تحليلها للرياح المشرقية وخصوصاً وأكثر مهب الرياح المشرقيات عند ابتداء النهار وأكثر مهب المغربيات عند آخر النهار .
ولذلك كانت المغربيات أقل حرارة من المشرقيات وأميل إلى البرد والمشرقيات أكثر حراً وإن كانا كلاهما بالقياس إلى الرياح الجنوبية والشمالية معتدلين .
وقد تتغير أحكام الرياح في البلاد بحسب أسباب أخرى .


فقد يتفق في بعض البلاد أن تكون الرياح الجنوبية فيها أبرد إذا كان بقربها جبال ثالجة جنوبية فتستحيل الريح الجنوبية بمرورها عليها إلى البلاد وربما كانت الشمالية أسخن من الجنوبية إذا كان مجتازها ببراري محترقة .
وأما النسائم فهي إما رياح مجتازة ببراري حارة جداً وإما رياح من جنس الأدخنة التي تفعل في الجو علامات هائلة شبيهة بالنار فإنها إن كانت ثقيلة يعرض لها هناك اشتغال أو التهاب ففارقها اللطيف نزل الثقيل وبه بقية التهاب ونارية فإن جميع الرياح القوية على ما يراه علماء القدماء إنما يبتدىء من فوق وإن كان مبدأ موادها من أسفل لكن مبدأ حركاتها وهبوبها وعصوفها من فوق .
وهذا إما أن يكون حكماً عاماً أو أكثرياً .
وتحقيق هذا إلى الطبيعي من الفلسفة .
ونحن نذكر في المساكن فضلاً في هذا .
وأما اختلاف البلاد بالتربة فلأن بعضها طينة حرة وبعضها صخري وبعضها رملي وبعضها حمئي أو سنجي ومنها ما يغلب على تربته قوة مدنية يؤثر جميع ذلك في هوائه ومائه .
الفصل التاسع التغيرات الهوائية الرديئة
المضادة للمجرى الطبيعي وأما التغيرات الخارجة عن الطبيعة فإما لاستحالة في جوهر الهواء وإما لاستحالة في كيفياته .
أما الذي في جوهره فهو أن يستحيل جوهره إلى الرداءة لأن كيفية منه أفرطت في الاشتداد أو النقص وهذا هو الوباء وهو بعض تعفن يعرض في الهواء يشبه تعفن الماء المستنقع الآجن .
فإنا لسنا نعني بالهواء البسيط المجرد فان ذلك ليس هو الهواء الذي يحيط بنا فإن كان موجوداً صرفاً نعني أن يكون غيره .
وكل واحد من البسائط المجرّدة فإنه لا يعفن بل إما أن يستحيل في كيفيته وإما أن يستحيل في جوهره إلى البسبط الَاخر بأن يستحيل مثل الماء هواء بل إنما نعني بالهواء الجسم المبثوث في الجو وهو جسم ممتزج من الهواء الحقيقي ومن الأجزاء المائية البخارية ومن الأجزاء الأرضية المتصعدة في الدخان والغبار ومن أجزاء نارية .


وإنما نقول له كما نقول لماء البحر والبطائح ماء .
وإن لم يكن ماء صرفاً بسيطاً بل كان ممتزجاً من هواء وأرض ونار لكن الغالب فيه الماء فهذا الهواء قد يعفن ويستحيل جوهره إلى الرداءة كما أن مثل ماء البطائح قد يعفن فيستحيل جوهره إليها وأكثر ما يعرض الوباء وعفونة الهواء هو اَخر الصيف والخريف وسنذكر العوارض العارضة من الوباء في موضع آخر .
وأما الذي في كيفياته فهو أن يخرج في الحرّ أو البرد إلى كيفية غير محتملة حتى يفسد له الزرع والنسل وذلك إما باستحالة مجانسة كمعمعة القيظ إذا فسد أو استحالة مضادة كزمهرة البرد في الصيف لعرض عارض .
والهواء إذا تغيّر عرضت منه عوارض في الأبدان فإنه إذا تعفن عفن الأخلاط وابتدأ بتعفين الخلط المحصور في القلب لأنه أقرب إليه وصولاً منه إلى غيره .
وإن سخن شديداً أرخى المفاصل وحلل الرطوبات فزاد في العطش وحلل الروح فأسقط القوى ومنع الهضم بتحليل الحار الغريزي المستبطن الذي هو آلة للطبيعة وصفر اللون بتحليله الأخلاط الدموية المحمرة اللون وتغليبه المرة على سائر الأخلاط وسخن القلب سخونة غير غريزية وسيل الأخلاط وعفنها وميلها إلى التجاويف وإلى الأعضاء الضعيفة وليس بصالح للأبدان المحمودة بل ربما نفع المستسقين والمفلوجين وأصحاب الكزاز البارد والنزلة الباردة والتشنج الرطب واللقوة الرطبة .
وأما الهواء البارد فإنه يحصر الحار الغريزي داخلاً ما لم يفرط إفراطاً يتوغّل به إلى الباطن فإنّ ذلك مميت والهواء البارد الغير المفرط يمنع سيلان المواد ويحبسها لكنه يحدث النزلة ويضعف العصب ويضر بقصبة الرئة ضرراً شديداً وإذا لم يفرط شديداً قوى الهضم وقوى الأفعال الباطنة كلها وأثار الشهوة وبالجملة فإنه أوفق للأصحاء من الهواء المفرط الحر .
ومضاره هي من جهة الأفعال المتعلقة بالعصب وبسده المسام وبعصره حشو وخلل العظام .


والهواء الرطب صالح موافق للأمزجة أكثرها ويحسن اللون والجلد ويلينه ويبقي المسام منفتحة إلا أنه يهيىء للعفونة واليابس بالضد .
الفصل العاشر
قد ذكرنا أحوال الرياح في باب تغيرات الهواء ذكراً ما إلا أنا نريد أن نورد فيها قولاً جامعاً على ترتيب آخر ونبدأ بالشمال .
في الرياح الشمالية .
الشمال تقوي وتشد وتمنع السيلانات الظاهرة وتسد المسام وتقوي الهضم وتعقل البطن وتدرّ البول وتصحح الهواء العفن الوبائي وإذا تقدم الجنوب الشمال فتلاه الشمال حدث من الجنوب إسالة ومن الشمال عصر إلى الباطن وربما أقى إلى انفتاح إلى خارج ولذلك يكثر حينئذ سيلان المواد من الرأس وعلل الصدر والأمراض الشمالية وأوجاع العصب ومنها المثانة والرحم وعسر البول والسعال وأوجاع الأضلاع والجنب والصدر والاقشعرار .
في الرياح الجنوبية .
الجنوب مرخية للقوة مفتحة للمسام مثوّرة للاخلاط محرّكة لها إلى خارج مثقلة للحواس وهي مما يفسد القروح وينكس الأمراض ويضعف ويحدث على القروح والنقرس حكاكاً ويهيج الصداع .
ويجلب النوم ويورث الحميّات العفنة لكنها لا تخشن الحلق .
في الرياح المشرقية .
هذه الرياح إن جاءت في اَخر الليل وأول النهار تأتي من هواء قد تعدل بالشمس ولطف وقلّت رطوبته فهي أيبس وألطف وإن جاءت في آخر النهار وأوّل الليل فالأمر بالخلاف .
والمشرقية بالجملة خير من المغربية .
في الرياح المغربية .
هذه الرياح إن جاءت في آخر الليل وأول النهار من هواء لم تعمل فيه الشمس فهي أكثف وأغلظ وإن جاءت في آخر النهار وأول الليل فالأمر بالخلاف .
الفصل الحادي عشر موجبات المساكن
قد ذكرنا في باب تغيرات الهواء أحوالاً للمساكن ونحن نريد أن نورد أيضاً فيها كلاماً مختصراً على ترتيب آخر ولا نبالي أن نكرر بعض ما سلف .


في أحكام المساكن قد علمت أن المساكن تختلف أحوالها في الأبدان بسبب ارتفاعها وانخفاضها في أنفسها ولحال ما يجاورها من ذلك ومن الجبال ولحال تربتها هل هي طينة أو نزة أو حمأة أو بها قوة معدن ولحال كثرة المياه وقلتها ولحال ما يجاورها من مثل الأشجار والمعادن والمقابر والجيف ونحوها .
وقد علمت كيف يتعرّف أمزجة الأهوية من عروضها ومن تربتها ومن مجاورة البحار والجبال لها ومن رياحها ونقول بالجملة : إن كل هواء يسرع إلى التبرد إذا غابت الشمس ويسخن إذا طلعت فهو لطيف وما يضاده بالخلاف .
ثم شر الأهوية ما كان يقبض الفؤاد ويضيّق النفس ثم لنفصل الآن حال مسكن مسكن .
في المساكن الحارة .
المساكن الحارة مسوّدة مفلفلة للشعور مضعفة للهضم لماذا كثر فيها التحليل جدا وقلت الرطوباث أسرع الهرم إلى أهلها كما في الحبشة فإن أهلها يهرمون من بلادهم في ثلاثين سنة وقلوبهم خائفة لتحلل الروح جداً .
والمساكن الحارة أهلها ألين أبداناً .
في المساكن الباردة .
المساكن الباردة أهلها أقوى وأشجع وأحسن هضماً كما علمت فإن كانت رطبة كان أهلها لحيمين شحيمين غائري العروق جافي المفاصل غضين بضين .
في المساكن الرطبة .
المساكن الرطبة أهلها حسنو السحنات لينو الجلود يسرع إليهم الاستر .
ء في رياضاتهم ولا يسخن صيفهم شديداً ولا يبرد شتاؤهم شديداً وتكثر فيهم الحميّات المزمنة والإسهال ونزف في المساكن اليابسة .
المساكن اليابسة يعرض لأصحابها أن تيبس أمزجتهم وتقحل جلودهم وتتشقق ويسبق إلى أثمغتهم اليبس ويكون صيفهم حاراً وشتاؤهم بارد الضد ما أوضحناه .
في المساكن العالية .
سكان المساكن العالية أصحاء أقوياء أجلاد طويلو الأعمار .
في المساكن الغائرة .
سكان الأغوار يكونون دائماً في ومد وكمد ومياه غير باردة خصوصاً إن كانت راكدة أو مياهاً بطيحية أو سبخية وعلى أن مياهها بسبب هوائها رديئة .


في المساكن الحجرية المكشوفة هؤلاء يكون هواؤهم حاراً شديداً في الصيف بارداً في الشتاء وتكون أبدانهم صلبة مدمجة كثيرة الشعر قوية بنية المفاصل تغلب عليهم اليبوسة ويسهرون وهم سيئو الأخلاق مستكبرون مستبدون ولهم نجدة في الحروب وذكاء في الصناعات وحدة .
في المساكن الجبلية الثلجية .
سكان المساكن الجبلية الثلجية حكمهم حكم كان سائر البلاد الباردة وتكون بلادهم بلاد أريحية وما دام الثلج باقياً تولد منها رياح طيبة فإذا ذابت وكانت الجبال بحيث تمنع الرياح عادت ومدة .
في المساكن البحرية .
هذه البلاد يعتدل حرها وبردها لاستعصاء رطوبتها على الانفعال وقبول ما ينفذ فيها وأما في الرطوبة واليبوسة فيميل إلى الرطوبة لا محالة فإن كانت شمالية كان قرب البحر وغور المسكن أعدل لها وإن كانت جنوبية حارة الضد من ذلك .
في المساكن الشمالية .
هذه المساكن في أحكام البلاد والفصول الباردة التي تكثر فيها أمراض الحقن والعصر وتكثر الأخلاط فيها مجتمعة في الباطن .
ومن مقتضياتها جودة الهضم وطول العمر ويكثر فيهم الرعاف لكثرة الامتلاء وقلة التحلل فتتفجّر العروق .
وأما الصرع فلا يعرض لهم لصحة باطنهم ووفور حرارتهم الغريزية فإن عرض كان قوياً لأنه لن يعرض إلا لسبب قوي .
ويسرع برء القروح في أبدانهم لقوتهم وجودة دمائهم ولأنه ليس من خارج سبب يرخّيها ويلينها ولشدة حرارة قلوبهم تكون فيهم أخلاق سبعية .
ويعرض لنسائهم أن لايستنقين فضل استنقاء بالطمث فإن طمثهن لايسيل سيلاناً كافياً لتقبض المسالك وعدم ما يسيل ويرخي فلذلك يكن فيما قالوا عواقر لأن الأرحام فيهن غير نقية .
وهذا خلاف ما يشاهد عليه الحال في بلاد الترك بل أقول : إن اشتداد حرارتهن الغريزية يقاوم ما ينقص من فعل الأسباب المسيّلة والمرخية من خارج .


قالوا : وقلما يعرض لهن الإسقاط وذلك دليل صحيح على أن القوى في سكان هذا الصقع قوية ويعسر ولادهن لأن أعضاء ولادتهن منضمة منسدة وأكثر ما يسقطن للبرد وتقل ألبانهن وتغلظ للبرد الحابس من النفوذ والسيلان .
وقد يعرض في هذه البلدة وخصوصاً لضعاف القوى مثل النساء كزاز وسل وخصوصاً للواتي تضعن فإنه يعرض لهن السل والكزاز كثير الشدة تزحرهن لعسر الولادة فتنصدع العروق التي في نواحي الصدر أو أجزاء من العصب والليف فيعرض من الأول سل ومن الثاني كزاز ويكون مراق البطن منهن عرضة للانصداع عند شدة العسر .
ويعرض للصبيان أدرة الماء ويزول مع الكبر .
ويعرض للجواري ماء البطن والأرحام ويزول مع الكبر .
والرمد يعرض لهم في النادر وإذا عرض كان شديداً .
في المساكن الجنوبية .
المساكن الجنوبية أحكامها أحكام البلاد والفصول الحارة وأكثر مياهها يكون ملحاً كبريتياً .
ورؤوس سكانها تكون ممتلئة مواد رطبة لأن الجنوب يفعل ذلك .
وبطونهم دائمة الاختلاف ما لا بد أن يسيل إلى معدهم من رؤوسهم ويكونون مسترخي الأعضاء ضعافها وحواسهم ثقيلة وشهواتهم للطعام والشراب ضعيفة أيضاَ .
ويعظم خمارهم من الشراب لضعف رؤوسهم ومعدهم ويعسر برء قروحهم وتترهل وتكثر بها في النساء نزف الحيض ولا يحبلن إلا بعسر ويسقطن في الأكثر لكثرة أمراضهن لا لسبب آخر ويصيب الرجال اختلاف الدم والبواسير والرمد الرطب السريع التحلل .
وأما الكهول فمن جاوز الخمسين فيصيبهم الفالج من نوازلهم ويصيب عامتهم لسبب امتلاء الرؤوس الربو والتمدّد والصرع ويصيبهم حميّات يجتمع فيها حر وبرد والحميّات الطويلة الشتوية والليلية وتقل فيهم الحميات الحارة لكثرة استطلاقاتهم وتحلّل اللطيف من أخلاطهم .
في المساكن المشرقيّة .
المدينة المفتوحة إلى المشرق الموضوعة بحذائه صحيحة جيدة الهواء تطلع عليهم الشمس في أول النهار ويصفو هواؤهم ثم ينصرف عنهم وقد صفى .


وتهب عليهم رياح لطيفة ترسلها إليهم الشمس وتتبعها بنفسها وتتفق حركاتها .
في المساكن المغربية .
المدينة المكشوفة إلى المغرب المستورة عن المشرق لا توافيها الشمس إلى حين وكما توافيها تأخذ في البعد عنها لا في القرب إليها فلا تلطف هواءها ولا تجففه بل تتركه رطباً غليظاً وإن أرسلت إلى المدينة رياحاً أرسلتها مغربية وليلاً فتكون أحكامها أحكام البلاد الرطبة المزاج المعتدلة الحرارة الغليظة ولولا ما يعرض من كثافة الهواء لكانت تشبه طباع الربيع لكنها تقصر عن صحة هواء البلاد المشرقية قُصُوراً كثيراً فلا يجب أن يلتفت إلى قوله من جزم أن قوة هذه البلاد قوة الربيع قولاً مطلقاً بل إنها بالقياس إلى بلاد أخرى جيدة جداً .
ومن المعنى المذموم فيها أن الشمس لا توافيهم إلا وهي مستولية على تسخين الإقليم لعلوها تطلع عليهم لذلك دفعة بعد برد الليل ولرطوبة أمزجة هوائهم تكون أصواتهم باحة وخصوصاً في الخريف لنوازهم .
في اختيار المساكن وتهيئتها .
ينبغي لمن يختار المساكن أن يعرف تربة الأرض وحالها في الارتفاع والانخفاض والانكشاف والإستتار وماءها وجوهر مائها وحاله في البروز والانكشاف أو في الارتفاع والانخفاض وهل هي معرّضة للرياح أو غائراً في الأرض ويعرف رياحهم .
هل هي الصحيحة الباردة وما الذي يجاورها من البحار والبطائح والجبال والمعادن ويتعرّف حال أهل البلد في الصحة والأمراض وأيّ الأمراض يعتاد بهم ويتعرف قوتهم وهضمهم وجنس أغذيتهم ويتعرف حال مائها وهل هو واسع منفتح أو ضيّق المداخل مخنوق المنافس ثم يجب أن يجعل الكوى والأبواب شرقية شمالية ويكون العمدة على تمكين الرياح المشرقية من مداخلة الأبنية وتمكين الشمس من الوصول إلى كل موضع فيها فإنها هي المصلحة للهواء .
ومجاورة المياه العذبة الكريمة الجارية الغمرة النظيفة التي تبرد شتاء وتسخن صيفاً خلاف الكامنة أمر جيد منتفع به .


فقد تكلمنا في الهواء والمساكن كلاماً مشروحاً وخليق بنا أن نتكلم فيما يتلوها من الأسباب المعدودة معها .
الفصل الثاني عشر موجبات الحركة والسكون
الحركة يختلف فعلها في بدن الإنسان بما يشتدّ ويضعف وبما يقلٌ ويكثر وبما يخالطها من السكون وهذا عند الحكماء قسم برأسه وبما يتعاطاه من المواد والحركة الشديدة والكثيرة والقليلة المخالطة للسكون يشترك في تهييج الحرارة إلا أن الشديدة الغير الكثيرة تفارق الكثيرة الغير الشديدة والكثيرة المخالطة للسكون بأنها تسخن البدن سخونة كثيرة وتحلل إن حللت أقل .
وأما الكثيرة فإنها تحلل بالرفق فوق ما يسخن وإذا أفرد كل واحد منهما برد لفرط تحليله الحار الغريزي وجفف أيضاَ .
وأما إذا كانت متعاطاة لمادة فربما كانت المادة تفعل ما يعين فعلها وربما كانت تفعل ما ينقص فعلها مثلاً إن كانت الحركة حركة صناعة القصارة فإنها يعرض لها أن تفيد برد أو رطوبات وإن كانت حركة صناعة الحدادة عرض لها أن تفيد فضل سخونة وجفاف .
وأما السكون فهو مبرّد دائماً لفقدان انتعاش الحرارة الغريزية والإحتقان الحانق ومرطب لفقد التحلّل من الفضول .
الفصل الثالث عشر موجبات النوم واليقظة


النوم شديد الشبه بالسكون واليقظة شديدة الشبه بالحركة لكن لهما بعد ذلك خواص يجب أن نعتبر فنقول : إن النوم يقوي القوى الطبيعية كلها بحقن الحرارة الغريزية ويرخي القوى النفسانية بترطيبه مسالك الروح النفساني وإرخائه إياها وتكديرها جوهر الروح ويمنع ما يتحلل ولكنه يزيل أصناف الإعياء ويحبس المستفرغات المفرطة لأن الحركة تزيد المستعدات للسيلان إسالة إلا ما كان من المواد في ناحية الجلد فربما أعان للنوم على دفعه لحصره الحرارة داخلاً وتوزيعه الغذاء في البدن واندفاع ما قرب من الجلد بضن ما بعد ولكن اليقظة في هذا أبلغ على أن النوم أكثر تعريفاً من اليقظة وذلك لأن تعريفه على سبيل الاستيلاء على المادة لا على سبيل التحليل الرقيق المتّصل .
ومن عرق كثيراً في نومه ولا سبب له من أسباب أخرى فإنه يمتلىء من الغذاء بما لا يحتمله فإن صادف النوم مادة مستعدّة للهضم أو النضج أحالها إلى طبيعة الدم وسخنها فانبث الحار في البدن فسخن البدن سخونة غريزية وإن صادف أخلاطاً حارة مرارية وطال زمانه سخن البمن صخونة غريبة وإن صادف خلاء تبرد بما يحلل أو خلطاً عاصياً على القوة الهائمة برد بما ينشر منه واليقظة تفعل أضداد جميع ذلك لكنها إذا أفرطت أفسدت مزاج الدماغ إلى ضرب من اليبوسة وأضعفته فخلطت العقل وأحرقت الأخلاط فأحدثت أمراضاً حادة .
والنوم المفرط يحدث ضدّ ذلك فيحدث بلادة القوى النفسانية وثقل الدماغ والأمراض الباردة وذلك بما يمنع من التحلل والسهر يزيد في الشهوة ويجوع بما يحلل من المادة وينقص من الهضم بما يحلّل من القوة والتحليل بين سهر ونوم رديء الأحوال كلها .
والغالب من حال النوم أن الحز فيه يبطن والبرد يظهر ولذلك يحتاجون من الدثار لأعضائهم كلها إلى ما لا يحتاج إليه اليقظان .
وستجد من أحكام النوم وما يتعرف منه ومن أحواله كلاماً كثيراً في الكتب المستقبلة .
الفصل الرابع عشر موجبات الحركات النفسانية


جميع العوارض النفسانية يتبعها أو يصحبها حركات الروح إما إلى خارج وإما إلى داخل وذلك إما دفعة وإما قليلاً قليلاً ويتبع حركتها إلى خارج برد الباطن وربما أفرط ذلك فيتحلل دفعة فيبرد الباطن والظاهر ويتبعه غشي أو موت ويتبع حركتها إلى داخل برودة الظاهر وحرارة الباطن .
وربما اختنقت من شدّة الانحصار فيبرد الظاهر والباطن ويتبعه غشي عظيم أو موت .
والحركة إلى خارج إما دفعة كما عند الغضب وإما أولاً فأولاً كما عند اللذة وعند الفرح المعتدل .
والحركة إلى داخل إما دفعة كما عند الفزع وإما أولاً فأولاً كما عند الحزن .
والاختناق والتحلل المذكوران إنما يتبعان دائماً ما يكون دفعة .
وأما النقصان وذبول الغريزية فيتبع دائماً ما يكون قليلاً قليلاً - أعني بالنقصان الاختفاق بالتدريج - وفي جزء جزء لا دفعة وقد يتفق أن يتحرك إلى جهتين في وقت واحد إذا كان العارض يلزمه عارضان مثل الهم : فإنه قد يعرض معه غضب وحزن فتختلف الحركتان ومثل الخجل : فإنه قد يقبض أولاً إلى الباطن ثم يعود العقل والرأي فيبسط المنقبض فيثور إلى خارج فيحمر اللون .
وقد ينفعل البدن عن هيئات نفسانية غير التي ذكرناها مثل التصورات النفسانية فإنها تثير أموراً طبيعية كما قد يعرض أن يكون المولود مشابهاً لمن يتخيل صورته عند المجامعة ويقرب لونه من لون ما يلزمه البصر عند الإنزال .
وهذه أحوال ربما اشمأز عن قبولها قوم لم يقفوا على أحوال غامضة من أحوال الوجود .
وأما الذين لهم غوص في المعرفة فلا ينكرونها إنكار ما لا يجوز وجوده .
ومن هذه القبيل اتباع حركة الدم من المستعد لها إذا كَثر تأمله ونظره في الأشياء الحمر ومن هذا الباب تضرُس الإنسان لأكل غيره من الحموضة وإصابته الألم في عضو يؤلم مثله غيره إذا راعه ومن هذا الباب تبدل المزاج بسبب تصور ما يخاف أو يفرح به .
الفصل الخامس عشر موجبات ما يؤكل ويشرب


ما يؤكل ويشرب يفعل في بدن الإنسان من وجوه ثلاثة : فإنه يفعل فعلاً بكيفيته فقط وفعلاً بعنصره وفعلاً بجملة جوهره وربما تقاربت مفهومات هذه الألفاظ بحسب التعارف اللغوي .
إلا أنا نصطلح في استعَمالها على معان نشير إليها .
فأما الفاعل بكيفيته فهو أن يكون من شأنه أن يتسخن إذا حصل في بدن الإنسان أو يتبرد فيسخن بسخونته ويبرد ببرده من غير أن يتشبه به .
وإما بعنصره : فأن يكون بحيث يستحيل عن طباعه فيقبل صورة جزء عضو من أعضاء الإنسان إلا أن عنصره مع قبوله صورته قد يتفق أن يبقى فيه من أول الأمر إلى أن يتم الانعقاد .
والتشبه بقية من كيفياته التي كانت له ما هو أشد في بابها من الكيفيات لبدن الإنسان مثل الدم المتولد من الخس فإنه يصحبه من البرودة ماهوأبرد من مزاج الإنسان وإن كان قد صار دماً وصلح أن يكون جزء عضو إنسان .
والدم المتولد من النوم بالضد وأما الفاعل بجوهره فهو الفاعل بصورته النوعية التي بها هو هو لا بكيفيته من غير تشبه بالبدن أو مع تشته بالبدن وأعني بالكيفية إحدى هذه الكيفيات الأربع فالفاعل بالكيفية لا مدخل لمادته في الفعل والفاعل بالعنصر هو الذي إذا استحال عنصره عن جوهره استحالة يوجبها قوة في البدن قام بدل ما يتحلل أولاً وذكى الحرارة الغريزية بالزيادة في الدم ثانياً وربما فعل أيضاً بالكيفية الباقية فيه ثالثاً .


والفاعل بالجوهر هو الذي يفعل بصورة نوعه الحاصلة بعد المزاج الذي إذا امتزجت بسائطه وحدث منها شيء واحد استعد لقبول نوع وصورة زائدة على بسائط تلك الصورة ليست الكيفيات الأول التي للعنصر ولا المزاج الكائن عنها بل كمال يحصل للعنصر بحسب استعداد حصل له من المزاج مثل القوة الجاذبة في مغناطيس ومثل طبيعة كل نوع من أنواع الحيوان والنبات المستفادة بعد المزاج بإعداد المزاج وليست من بسائط المزاج ولا نفس المزاج إذ ليست حرارة ولا برودة ولا رطوبة ولا يبوسة لا بسيطة ولا ممزوجة بل هي مثل لون أو رائحة أو نفس أو صورة أخرى ليست من المحسوسات .
وهذه الصورة الحادثة بعد المزاج قد يتفق أن يكون كمالها الانفعال من الغير إذ كانت هذه الصورة قوة إنفعالية وقد يتفق أن يكون كمالها فعلاً في الغير إذا كانت هذه الصورة قوية على فعل في الغير .
وإذا كانت فعالة في الغير قد يتفق أن يكون فعلها في بدن الإنسان وقد يتفق أن لا يكون .
وإن كانت قوة تفعل في بدن الإنسان فقد يتفق أن تفعل فعلاً ملائماً وقد يتفق أن تفعل فعلاً غير ملائم .
وتكون جملة الفعل فعلاً ليس مصدره عن مزاجه بل عن صورته النوعية الحادثة بعد المزاج فلهذا يسمى هذا فعلاً بجملة الجواهر أي بصورة النوع لا بالكيفية أي لا بالكيفيات الأربع وما هو مزاج عنها .
أما الملائم فمثل فعل " فاوانيا " في إبطاله الصرع .
وأما المنافي فمثل قوة البيش المفسدة لجوهر الإنسان .


ونرجع الآن فنقول : إنا إذا قلنا للشيء المتناول أو المطلوخ أنه حار أو بارد فإنما نعني أنه كذلك بالقوة لا بالفعل ونعني أنه بالقوة أحر من أبداننا وأبرد من أبداننا ونعني بهذه القوة قوة معتبرة بوقت فعل حرارة بدننا فيها بأن يكون إذا انفعل حاملها عن الحار الغريزي الذي لنا حدث حينئذ فيها ذلك بالفعل وربما عنينا بهذه القوة شيئاً آخر وهو أن تكون القوة بمعنى جودة الاستعداد كقولنا إن الكبريت حار بالقوة وربما اكتفينا بقولنا إن الشيء حار أو بارد إلى الأغلب في مزاجه من الأركان الأولى غير ملتفتين إلى جانب فعل بدننا فيه .
وقد نقول للدواء إنه بالقوة كذا إذا كانت القوة بمعنى المَلَكَةِ كقوة الكاتب التارك للكتابة على الكتابة مثل قولنا إن البيش بالقوة مفسد .
والفرق بين هذا وبين الأول أن الأول ما لم يُحِلْهُ البدن إحالَةً ظاهرة لم يخرج إلى الفعل وهذا بما أن يفعل بنفس الملاقاة كسم الأفاعي أو بأدنى استحالة في كيفيته كالبيش .
وبين القوة الأولى والقوة التي ذكرناها قوة متوسطة هي مثل قوة الأدوية السمية .
ثم نقول إن مراتب الأدوية قد جعلت أربعة .
المرتبة الأولى منها : أن يكون فعل المتناول في البدن بكيفيته فعلاً غير محسوس مثل أن يسخن أو يبرّد تسخيناً أو تبريداً ليس يفطن له ولا يحس به إلا أن يتكرر أو يكثر .
والمرتبة الثانية : أن يكون الفعل أقوى من ذلك ولكن لا يبلغ أن يضر بالأفعال ضرراً بيناًولا يغير مجراها الطبيعي إلا بالعرض أو إلا أن يتكرر ويكثر .
والمرتبة الثالثة : أن يكون فعلها يوجب بالذات ضرراً بيناً ولكن لا يبلغ أن يهلك ويفسد .
والمرتبة الرابعة : أن يكون بحيث يبلغ أن يهلك ويفسد وهذه خاصية الأدوية السميّة فهذا ما يكون بالكيفية .
وأما المهلك بجملة جوهره فهو السم .


ونقول من رأس إن جميع ما يرد على البدن مما يجري بينهما فعل وانفعال : إما أن يتغير عن البدن ولا يغيره وإما أن يتغيّر عن البدن ويغيره وإما أن لا يتغيّر عن البدن ويغيره .
فأما الذي يتغيرعن البدن ولا يغيره .
تغييراً معتدًا به فإما أن يتشبه بالبدن وإما أن لا يتشبه .
وأما الذي يتغير عن البدن ويغيّره فلا يخلو إما أن يكون كما يتغير عن البدن يغيّر البدن ثم إنه يتغير عن البدن اَخر الأمر فيبطل بغيره وإما أن لا يكون كذلك بل يكون هو الذي يغير البدن آخر الأمر ويفسده .
والقسم الأول إما أن يكون بحيث يتشبه بالبدن أو لا يكون بحيث يتشبّه به فإن تشبه به فهو الغذاء الدوائي وإن لم يتشبّه فهو الدواء المطلق .
والقسم الثاني فهو الدواء السمّي .
وأما الذي لا يتغير عن البدن البتة ويغيره فهو السم المطلق ولسنا نعني بقولنا إنه لا يتغير عن البدن أنه لا يسخن في البدن بفعل الحار الغريزي فيه بل أكثر السموم ما لم يسخن في البدن بفعل الحار الغريزي فيه لم يؤثر فيه بل نعني أنه لا يتغير في صورته الطبيعية بل لا يزال يفعل وهو ثابت القوة والصورة حتى يفسد البدن وقد تكون طبيعة هذا حارة فتعين طبيعته خاصيته في تحليل الروح كسم الأفعى والبيش .
وقد تكون باردة فتعين طبيعته خاصيته في إخماد الروح وإيهانه كسم العقرب والشوكران وجميع ما يبرّد وقد يغيّر البدن آخر الأمر تغييراً طبيعياً وهو التسخين .
فإنه إذا استحال إلى الدم زاد لا محالة في التسخين حتى إن الخس والقرع يسخن هذا التسخين إلا أنا لسنا نقصد بالتغيير هذا التسخين بل ما كان صادراً عن كيفية الشيء ونوعه بعد باق .
والدواء الغذائي يستحيل عن البدن بجوهره ويستحيل عنه بكيفيته لكنه يستحيل أولاً في كيفيته فمنه ما يستحيل أولاً إلى حرارة فيسخن كالثوم ومنه ما يستحيل أولاً إلى برودة فيبرد كالخس .


وإذا استتمت الاستحالة إلى الدم كان أكثر فعله التسخين بتوفير الدم وكيف لا يسخن وقد استحالت حارة وخلعت برودتها .
لكنه قد يصحب أيضاً كل واحد منهما من الكيفية الغريزية شيء بعد الاستحالة في الجوهر فيبقى في الدم الحادث من الخس تبريد ما ومن الدم الحادث من الثوم تسخين ما ولكن إلى حين .
والأدوية الغذائية فمنها ما هو أقرب إلى الدوائية ومنها ما هو أقرب إلى الغذائية كما أن الأغذية نفسها منها ما هو قريب الطباع إلى جوهر الدم كالشراب ومح البيض وماء اللحم ومنها ما هو أبعد منه يسيراً مثل الخبز واللحم ومنها ما هو أبعد جداً كالأغذية الدوائية .
ونقول : إن الغذاء يغير حال البدن بكيفيته وكميته إما بكيفيته فقد عرف ذلك وإما بكميته فذلك إما بأن يزيد فيورث التخمة والسدد ثم العفونة واما بأن ينقص فيورث الذبول والزيادة في كمية الغذاء مبردة دائماً اللهم إلا أن يعرض منها عفونة فتسخن فإن العفونة كما أنها إنما تحدث عن حرارة غريبة كذلك تحدث عنها أيضاً حرارة غريبة .
ونقول أيضاً : إن الغذاء منه لطيف ومنه كثيف ومنه معتدل .
واللطيف هو الذي يتولد منه دم رقيق والكثيف هو الذي يتولد منه دم ثخين وكل واحد من الأقسام فإما أن يكون كثير التغذية وإما أن يكون يسير التغذية .
مثال اللطيف الكثير الغذاء : الشراب وماء اللحم ومح البيض المسخّن أو النيمبرشت فإنه كثير الغذاء لأن كثر جوهره يستحيل إلى الغذاء .
ومثال الكثيف القليل الغذاء : الجبن والقديد والباذنجان وما يشبهها فإن الشيء المستحيل منها إلى الدم قليل .
ومثال الكثيف الكثير الغذاء : البيض المسلوق ولحم البقر .
ومثال اللطيف القليل الغذاء : الجلاب والبقول المعتدلة القوام والكيفية .
ومن الثمار التفاح والرمان وما يشبهه فإن كل واحد من هذه الأقسام قد يكون رديء الكيموس وقد يكون محمود الكيموس .
مثال اللطيف الكثير الغذاء الحسن الكيموس : صفرة البيض والشراب وماء اللحم .


ومثال اللطيف القليل الغذاء الحسن الكيموس : الخس والتفاح والرمان .
ومثال اللطيف القليل الغذاء الرديء الكيموس : الفجل والخردل وأكثر البقول .
ومثال اللطيف الكثير الغذاء الرديء الكيموس : الرئة ولحم النواهض .
ومثال الكثيف الكثير الغذاء الحسن الكيموس : البيض المسلوق ولحم الحولي من الضأن .
ومثال الكثيف الكثير الغذاء الرديء الكيموس : لحم البقر ولحم البط ولحم الفرس .
ومثال الكثيف القليل الغذاء الرديء الكيموس : القديد .
وأنت تجد في هذه الجملة المعتدل .
أحوال المياه إن الماء ركن من الأركان ومخصوص من جملة الأركان بأنه وحده من بينها يدخل في جملة ما يتناول لا لأنه يغذو بل لأنه ينفذ الغذاء ويصلح قوامه وإنما قلنا إن الماء لا يغذو لأن الغاذي هو الذي بالقوة دم وبقوة أبعد من ذلك جزء عضو الإنسان .
والجسم البسيط لا يستحيل إلى قبول صورة الدموية وإلى قبول صورة عضو الإنسان ما لم يتركب لكن الماء جوهر يعيّن في تسييل الغذاء وترقيقه وبذرقته نافذاً إلى العروق ونافذاً إلى المخارج لا يستغني عن معونته هذه في تمام أمر الغذاء .
ثم المياه مختلفة لا في جوهر المائية ولكن بحسب ما يخالطها وبحسب الكيفيات التي تغلب عليها .
فأفضل المياه مياه العيون ولا كل العيون ولكن ماء العيون الحرة الأرض التي لا يغلب على تربتها شيء من الأحوال والكيفيات الغريبة أو تكون حجرية فتكون أولى بأن لا تعفن العفونة الأرضية ولكن التي من طينة حرّة خير من الحجرية ولا كل عين حرة بل التي هي مع ذلك جارية ولا كل جارية بل الجارية المكشوفة للشمس والرياح فإن هذا مما تكتسب بها الجارية فضيلة .
وأما الراكدة فربما اكتسبت رداءة بالكشف لا تكتسبها بالغور والستر .


واعلم أنَ المياه التي تكون طينية المسيل خير من التي تجري على الأحجار فإن الطين ينقّي الماء ويأخذ منه الممزوجات الغريبة ويروقه والحجارة لا تفعل ذلك لكنه يجب أن يكون طين مسيلها حرًا لا حمأة ولا سبخة ولا غير ذلك .
فإن اتفق أن كان هذا الماء غمراً شديد الجرية تحيل كثرته ما يخالطه إلى طبيعته يأخذ إلى الشمس في جريانه فيجري إلى المشرق خصوصاً إلى الصيفي منه فهو أفضل لا سيما إذا بعد جداً من مبدئه ثم ما يتوجه إلى الشمال .
والمتوجّه إلى المغرب والجنوب رديء وخصوصاً عند هبوب الجنوب .
والذي ينحدر من مواضع عالية مع سائر الفضائل أفضل .
وما كان بهذه الصفة كان عذباَ يخيل أنه حلو ولا يحتمل الخمر إذا مزج به منه إلا قليلاً وكان خفيف الوزن سريع التبرد والتسخّن لتخلخله بارداً في الشتاء حاراً في الصيف لا يغلب عليه طعم البتة ولا رائحة ويكون سريع الإنحدار من الشراسيف سريع تهري ما يهرى فيه وطبخ ما يطبخ فيه واعلم أن الوزن من الدستورات المنجحة في تعرف حال الماء فإن الأخف في أكثر الأحوال أفضل وقد يعرف الوزن بالمكيال وقد يعرف بأن تبل خرقتان بماءين مختلفين أو قطنتان متساويتان في الوزن ثم يجففان تجفيفاً بالغاً ثم يوزنان فالماء الذي قطنته أخف فهو أفضل .
والتصعيد والتقطيرمما يصلح المياه الرديئة فإن لم يمكن ذلك فالطبخ فإن المطبوخ على ما شهد به العلماء أقل نفخاً وأسرع انحداراً .


والجهال من الأطباء يظنون الماء المطبوخ يتصعد لطيفه ويبقى كثيفه فلا فائدة في الطبخ إذ يزيد الماء تكثيفاً ولكن يجب أن تعلم أن الماء في حدّ مائيته متشابه الأجزاء في اللطافة والكثافة لأنه بسيط غير مركب لكن الماء يكثف إما باشتداد كيفية البرد عليه وإما بمخالطة شديدة من الأجزاء الأرضية التي أفرط صغرها ليس يمكنها أن تنفصل عنه وترسب فيه لأنها ليست بمقدار ما يقدر أن يشق اتصال الماء فيرسب فيه صغراً فيضطرها ذلك إلى أن يحدث لها بجوهر الماء امتزاج ثم الطبخ يزيل التكثيف الحادث عن البرد أولاً ثم يخلخل أجزاء الماء خلخلة شديدة حتى يصير أدق قواماً فيمكن أن تنفصل عنه الأجزاء الثقيلة الأرضية المحبوسة في كثافته وتخرقه راسبة وتباينه بالرسوب ويبقى ماء محضاً قريباً من البسيط ويكون الذي انفصل بالتبخير مجانساً للباقي غير بعيد منه لأن الماء إذا تخلص من الخلط تشابهت أجزاؤه في اللطافة فلم يكن لصاعدها كثير فضل على باقيها .
فالطبخ إنما يلطف الماء بإزالة تكثيف البرد وبترسيب الخلط المخالط له .
والدليل على هذا أنك إذا تركت المياه الغليظة مدة كثيرة لم يرسب منها شيء يعتد به وإذا طبختها رسب في الوقت شيء كثير وصار الماء الباقي خفيف الوزن صافياً وكان سبب الرسوب هو الترقيق الحاصل بالطبخ .
ألا ترى أن مياه الأودية الكبار مثل نهر جيحون - وخصوصاً ما كان منها مغترفاً من آخره - يكون عند الاغتراف في غاية الكدر ثم يصفو في زمان قصير كرة واحدة بحيث إذا استصفيتها مرة أخرى لم يرسب شيء يعتدّ به البتة .
وقوم يفرطون في مدح ماء النيل إفراطاً شديداً ويجمعون محامده في أربعة بعد منبعه وطيب مسلكه وأخذه إلى الشمال عن الجنوب ملطف لما يجري فيه من المياه .
وأما غمورته فيشاركه فيها غيره .


والمياه الردئية لو استصفيتها كل يوم من إناء إلى إناء لكان الرسوب يظهر عنها كل يوم من الرأس ومع ذلك فإنه لا يرسب عنها ما من شأنه أن يرسب إلا بأناة من غير إسراع ومع ذلك فلا يتصفى تصفياً بالغاً والعلّة فيه أن المخالطات الأرضية يسهل رسوبها عن الرقيق الجوهر الذي لا غلظ له ولا لزوجة ولا دهنية ولا يسهل رسوبها عن الكثيف تلك السهولة .
ثم الطبخ يفيد رقة الجوهر وبعد الطبخ المخض .
ومن المياه الفاضلة ماء المطر وخصوصاً ما كان صيفياً ومن سحاب راعد .
وأما الذي يكون من سحاب ذي رياح عاصفة فيكون كدر البخار الذي يتولد منه وكدر السحاب الذي يقطر منه فيكون مغشوش الجوهر غير خالصه إلا أن العفونة تبادر إلى ماء المطر وإن كان أفضل ما يكون لأنه شديد الرقة فيؤثر فيه المفسد الأرضي والهوائي بسرعة وتصير عفونته سبباً لتعفن الأخلاط ويضرّ بالصدر والصوت .
قال قوم : والسبب في ذلك أنه متولد عن بخار يصعد من رطوبات مختلفة ولو كان السبب ذلك لكان ماء المطر مذموماً غير محمود وليس كذلك ولكنه لشدة لطافة جوهره فإن كل لطيف الجوهر قوامه قابل للإنفعال وإذا بودر إلى ماء المطر وأغلي قلّ قبوله للعفونة .
والحموضات إذا تنوولت مع وقوع الضرورة إلى شرب ماء مطر قابل للعفونة أمن ضرره .
وأما مياه الأبار والقنى بالقياس إلى مياه العيون فرديئة وذلك لأنها مياه محتقنة مخالطة للأرضيات مدة طويلة لا تخلو عن تعفين ما وقد استخرجت وحركت بقوة قاسرة لا بقوة فيها مائلة إلى الظهور والاندفاع بل بالحيلة والصناعة بأن قرب لها السبيل إلى الرشوح .
وأردؤها ما جعل لها مسالك في الرصاص فتأخذ من قوته وتوقع كثيراً في قروح الأمعاء .
وماء النز أردأ من ماء البئر لأن ماء البئر يستجدّ نبوعه بالنزح فتدوم حركته ولا يلبث اللبث الكثير في المحقن ولا يريث في المنافس ريثاً طويلاً .
وأما ماء النزّ فماء يطول تردده في منافس الأرض العفنة ويتحرّك إلى النبوع والبروز .


وحركته بطيئة لا تصدر عن قوة اندفاعها بل لكثرة مادتها ولا تكون إلا في أرض فاسدة عفنة .
وأما المياه الجليدية والثلجية فغليظة والمياه الراكدة الأجمية خصوصاً المكشوفة فرديئة ثقيلة وإنما تبرد في الشتاء بسبب الثلوج وتولد البلغم وتسخن في الصيف بسبب الشمس والعفونة فتولّد المرارة ولكثافتها واختلاط الأرضية بها وتحلل اللطيف منها تولد في شاربيها أطحلة وترق مراقهم وتحبس أحشاءهم وتقضف منهم الأطراف والمناكب والرقاب ويغلب عليه شهوة الأكل والعطش وتحتبس بطونهم ويعسر قيؤهم وربما وقعوا في الاستسقاء لاحتباس المائية فيهم وربما وقعوا في ذات الرئة وزلق الأمعاء والطحال .
وتضمر أرجلهم وتضعف أكبادهم وتقل من غذائهم بسبب الطحال ويتولّد فيهم الجنون والبواسير والدوالي والأورام الرخوة خصوصاً في الشتاء ويعسر على نسائهم الحبل والولادة جميعاً وتلدن أجنّة متورمين ويكثر فيهن الرجاء والحبل الكاذب ويكثر لصبيانهم الأدر وبكبارهم الدوالي وقروح الساق ولا تبرأ قروحهم وتكثر شهوتهم ويعسر إسهالهم ويكون مع أذى وتقريح الأحشاء ويكثر فيهم الربع وفي مشايخهم المحرقة ليبس طبائعهم وبطونهم .
والمياه الراكدة كيفما كانت غير موافقة للمعدة وحكم المغترف من العين قريب من حكم الراكد لكنه يفضل الراكد بأن بقاءه في موضع واحد غير طويل وما لم يجر فإن فيه ثقلاً ما لا محالة وربما كان في كثير منه قبض وهو سريع الاستحالة إلى التسخّن في الباطن فلا يوافق أصحاب الحميّات والذين غلب عليهم المرار بل هو أوفق في العلل المحتاجة إلى حبس أو إلى إنضاج .
والمياه التي يخالطها جوهر معدني أو ما يجري مجراه والمياه العلقية فكلها أردأ لكن في بعضها منافع وفي الذي تغلب عليه قوة الحديد منافع من تقوية الأحشاء ومنه الذرب وإنهاض القوى الشهوانية كلها .
وسنذكر حالها وحال ما يجري مجراها فيما بعد .


والجمد والثلج إذا كان نقياً غير مخالط لقوة رديئة فسواء حلّل ماء أو برد به الماء من خارج أو ألقي في الماء فهو صالح وليس تختلف أحوال أقسامه اختلافاً كثيراً فاحشاً إلا أنه أكثف من سائر المياه ويتضرّر به صاحب وجع العصب لماذا طبخ عاد إلى الصلاح .
وأما إذا كان الجمد من مياه رديئة أو الثلج مكتسباً قوة غريبة من مساقطه فالأولى أن يبرد به الماء محجوباً عن مخالطته .
والماء البارد المعتدل المقدار أوفق المياه للأصحاء وإن كان قد يضر العصب ويضر أصحاب أورام الأحشاء وهو مما ينبه الشهوة ويشد المعدة والماء الحار يفسد الهضم ويطفي الطعام ولا يسكن العطش في الحال وربما أدى إلى الاستسقاء والدق ويذبل البدن .
فأما السخن فإن كان فاتراً غثى وإن كان أسخن من ذلك فتجرع على الريق فكثيراً ما يغسل المعدة ويطلق الطبيعة لكن الاستكثار منه رديء يوهن قوة المعدة .
والشديد السخونة ربما حلل القولنج وكسر الرياح .
والذين يوافقهم الماء الحار بالصنعة أصحاب الصرع وأصحاب الماليخوليا وأصحاب الصداع البارد وأصحاب الرمد .
والذين بهم بثور في الحلق والعمور وأورام خلف الأذن وأصحاب النوازل ومن بهم قروح في الحجاب وانحلال الفؤاد في نواحي الصدر ويدر الطمث والبول ويسكن الأوجاع .
وأما الماء المالح فإنه يهزل وينشف ويسهل أولاً بالجلاء الذي فيه ثم يعقل آخر الأمر بالتجفيف الذي في طبعه ويفسد الدم فيولد الحكة والجرب .
والماء الكدر يولد الحصى والسدد فليتناول بعده ما يدر .
على أن المبطون كثيراً ما ينتفع به وبسائر المياه الغليظة الثقيلة لاحتباسها في بطنه وبطء انحدارها ومن ترياقاته الدسم والحلاوات والنوشادرية يطلق الطبيعة شرب منها أو جلس فيها أو احتقن والشبّية تنفع من سيلان فضول الطمث ومن نفث الدم وسيلان البواسير .
غير أنها شديدة الإثارة للحمى في الأبدان المستعدة لها .
والحديدي يزيل الطحال ويعين على الباه .


والنحاسي صالح لفساد المزاج وإذا اختلطت مياه مختلفة جيدة ورديئة غلب أقواها .
ونحن قد بينا تدبير المياه الفاسدة في باب تدبير المسافرين .
ونذكر باقي أحكام الماء وصفاته وقرى أصنافه في باب الماء في الأدوية المفردة فاطلب ما قلناه من هنالك .
الفصل السابع عشر موجبات الاحتباس والاستفراغ
احتباس ما يجب أن يستفرغ بالطبع يكون إما لضعف الدافعة أو لشدة القوة الماسكة فتشبث به أو لضعف الهاضمة فيطول لبث الشيء في الوعاء تلبثاً من القوى الطبيعية إياه إلى استيفاء الهضم أو لضيق المجاري والسدد فيها أو لغلظ المادة أو لزوجتها أو لكثرتها فلا تقوى عليها الدافعة أو لفقدان الإحساس بالحاجة إلى دفعها إذ كان قد تعين في الاستفراغ قوة إرادية كما يعرض في القولنج اليرقاني أو لانصراف من قوة الطبيعة إلى جهة أخرى كما يعرض في البحارين من شدّة احتباس البول أو احتباس البراز بسبب كون الاستفراغ البحراني من جهة أخرى وإذا وقع احتباس ما يجب أن يستفرغ عرض من ذلك أمراض .
أما من باب أمراض التركيب فالسدة والاسترخاء والتشنج الرطب وما يشبه ذلك وأما من أمراض المزاج فالعفونة وأيضاً الحار الغريزي واستحالته إلى النارية وأيضاً انطفاء الحرارة الغريزية من طول الاحتقان أو شدته فيعقبه البرد وأيضاً غلبة الرطوبة على البدن .
وأما من الأمراض المشتركة فانصداع الأوعية وانفجارها .
والتخمة من أردأ أسباب الأمراض وخصوصاً إذا وافت بعد اعتياد الخواء مثل ما يقع من الشبع المفرط في الخطب عقيب جوع مفرط في الحدب .
وأما من الأمراض المركبة فالأورام والبثور .


واستفراغ ما يجب أن يحتبس يكون إما لقوة الدافعة أو لضعف الماسكة أو لإيذاء المادة بالثفل لكثرته أو بالتمديد لريحته أو باللذع لحدته وحرافته أو لرقة المادة فيكون كأنها تسيل من نفسها فيسهل اندفاعها وقد يعينها سعة المجاري كما يعرض لسيلان المني أو من إنشافها طولاً أو انقطاعها عرضاً أو انفتاحها عن فوهاتها كما في الرعاف وقد يحدث هذا الاتساع بسبب حادث من خارج أو من داخل وإذا وقع استفراغ ما يجب أن يحتبس عرض من ذلك برد المزاج باستفراغ المادة المشعلة التي يغتذي منها الحار الغريزي وربما عرض منه حرارة مزاج إذا كان ما يستفرغ بارد المزاج مثل البلغم أو قريباً من اعتدال المزاج مثل الدم فيستولي الحار المفرط كالصفراء فيسخن قد يعرض من ذلك اليبس دائماً وبالذات وربما عرضت منه الرطوبة على القياس الذي ذكرناه في عروض الحرارة وذلك عند اعتدال من استفراغ الخلط المجفف أو يعجز من الحرارة الغريزية عن هضم الغذاء هضماً تاماً فيكثر البلغم لكن هذه الرطوبة لا تنفع في المزاج الغريزي ولا تكون غريزية كما أن تلك الحرارة لم تكن غريزية بل كل استفراغ مفرط يتبعه برد ويبس في جوهر الأعضاء وغريزتها وإن لحق بعضها حرارة غريبة ورطوبة غير صالحة .
وقد يتبع الاستفراغ المفرط من الأمراض لأولي السدة أيضاً لفرط يبس العروق وانسدادها ويتبعه التشنج والكزاز وأما الاحتباس والاستفراغ المعتدلان المصادفان لوقت الحاجة إليها فهما نافعان حافظان للحالة الصحية فقد تكلمنا في الأسباب الضرورية بجنسيتها وإن كانت قد لا يكون أكثر أنواعها ضرورية فلنأخذ في الأسباب الأخرى .


القانون
القانون
( 8 من 70 )

الفصل الثامن عشر غير ضرورية ولا ضارة
ولتتكلم الآن في الأسباب الغير الضرورية ولا الضارة وهي التي ليست بجنسيتها في الطبع ولا هي مضادة للطبع وهذه هي الأشياء الملاقية للبدن غير الهواء فإنه ضروري بل مثل الاستحمامات وأنواع الدلك وغيرها ولنبدأ بقول كلي في هذه الأسباب فنقول : إن الأشياء الفاعلة في بدن الإنسان من خارج بالملاقاة تفعل فيه على وجهين : فإنها تفعل فيه إما بنفوذ ما لطف منها في المسام لقوة فيها غواصة نافذة أو لجذب الأعضاء إياها من مسامها أو بتعاون من الأمرين .
وإما أن تفعل لا بمخالطة البتة بل بكيفية صرفه محيلة للبدن وذلك إما لأن هذه الكيفية بالفعل كالطلاء المبرد بالفعل فيبرد أو الطلاء المسخن بالفعل فيسخن أو الكماد المسخن بالفعل فيسخن وإما لأن لها هذه الكيفية بالقوة لكن الحار الغريزي منها يهيج فيها قوة فعالة ويخرجها إلى الفعل .
وإما بالخاصية .
ومن الأشياء ما يغير بالملاقاة ولا يغير بالتناول مثل البصل فإنه إذا ضمد به من خارج قرح ولا يقرح من داخل ومن الأشياء ما هو بالعكس مثل الاسفيداج فإنه إن شرب غير تغييراً عظيماً وإن طلي لم يفعل من ذلك شيئاً .
ومنها ما يفعل من الوجهين جميعاً والسبب في القسم الأول أحد أسباب ستة : لحمما : أن مثل البصل إذا ورد على داخل البدن بادرت القوة الهاضمة فكسرته وغيرت مزاجه والثاني : أنه في أكثر الأمر يتناول مخلوطاً بغيره .
والثالث : أنه يختلط أيضاً في أوعية الغذاء برطوبات تغمره وتكسر قوته .
والرابع : أنه إنما يلزم من خارج موضعاً واحداً وأما من داخل فلا يزال ينتقل .
والخامس : أنه إما من خارج فيلتصق إلصاقاً موثقاً وأما من داخل فإنما يماس مماسة غير ملتصقة .


والسادس : أنه إذا حصل في الباطن تولت تدبيره القوة الطبيعية فلم يلبث الفضل منه أن يندفع والجيد أن يستحيل دماً وأما ما يختلف من حال الاسفيداج فالسبب فيه أنه غليظ الأجزاء فلا ينفذ في المسام من خارج وإن نفذ لم يمعن إلى منافس الروح وإلى الأعضاء الرئيسة وأما إذا تنوول كان الأمر بالعكس وأيضاً ف ! ن الطبيعة السمية التي فيها لا تثور إلا بفرط تأثير الحار الغريزي الذى فينا فيه وذلك مما لا يحصل بنفس الملاقاة خارجاً وربما عاد عليك في كتاب الأدوية المفردة كلام من هذا القبيل .
الفصل التاسع عشر موجبات الإستحمام والتضحّي بالشمس
قال بعض المتحذلقين : خيرُ الحَمام ما قدَمُ بناؤه واتسع هواؤه وعذب ماؤه، وزاد آخر : وقدر الأتون توقد بقدر مزاج من أراد وروده .
واعلم أن الفعل الطبيعي للحمام هو التسخين بهوائه أو الترطيب بمائه .
والبيت الأول مبرد مرطب .
والثاني مسخن مرطب .
والثالث مسخّن مجفّف .
ولا يلتفت إلى قول من يقول : إن الماء لايرطب الأعضاء الأصلية تشرّباً ولا لفًا لأنه قد يعرض من الحمام بعدما وصفناه من تأثيراته وتغييراته تغييرات أخرى بعضها بالعرض وبعضها بالذات فإن الحمام قد يعرض له أن يبرد بهوائه من كثرة التحليل للحار الغريزي وأن يجفف أيضاً جوهر الأعضاء التحليلية لكثير الرطوبات الغريزية وإن أفاد رطوبات غريبة .
وإذا كان ماؤه شديد السخونة يتقشعر منه الجلد فيستحصف مسامه لم يتأد من رطوبته إلى البدن شيء ولا أجاد تحليله .


وماؤه قد يسخن ويبرد أما تسخينه فبحماه إن كان حاراً إلى السخونة ما هو دون الفاتر فإنه يبرّد ويرطب وبالحقن إذا كان بارداً فإنه يحقن الحرارة المستفادة من هوائه ويجمعها في الأحشاء إذا أورد بارداَ على البدن وأما تبريده فذلك إذا كثر فيه الاستنقاع فيبرد من وجهين : أحدهما لأن الماء بالطبع بارد فيبرد آخر الأمر وإن سخن بحرارة عرضية لا يثبت بل يزول ويبقى الفعل الطبيعي لما تشربه البدن من الماء وهو التبريد وأيضاً فإن الماء وإن كان حاراً أو بارداً فهو أرطب وإذا أفرط في الترطيب حقن الحار الغريزي من كثرة الرطوبة فيطفئها فيبرد .
والحمام قد يستعمل يابساً فيجفف وينفع أصحاب الإستسقاء أو الترهل وقد يستعمل رطباً فيرطب وقد يقعد فيه كثيراً فيجفف بالتحليل والتعريق وقد يقعد فيه قليلاً فيرطب بانتشاف البدن منه قبل التعرق .
والحمام قد يستعمل على الريق والخواء فيجفّف شديداً ويهزل ويضعف وقد يستعمل على قرب عهد بالشبع فيسمن بما يجذب إلى ظاهر البدن من المادة إلا أنه يحدث السدد بما ينجذب بسببه إلى الأعضاء من المعدة والكبد من الغذاء الغير النضج وقد يستعمل عند آخر الهضم الأول قبل الإخلاء فينفع ويسمن باعتدال ومن استعمل الحمّام للترطيب كما يستعمله أصحاب الدق فيجب عليهم أن يستنقعوا في الماء ما لم تضعف قواهم ثم يتمرخوا بالدهن ليزيد في الترطيب وليحبس المائية النافذة في المسام ويحقنها داخل الجلد وأن لا يبطئوا المقام وأن يختاروا موضعاً معتدلاً وأن يكثروا صب الماء على أرض الحمام ليكثر البخار فيرطب الهواء وأن ينقلوا من الحمام من غير عناء ومشقة يلزمهم بل على محفة تتخذ لهم وأن يطيبوا بالطيب البارد كما يخرجون وأن يتركوا في المسلخ ساعة إلى أن يعود إليهم النفس المعتدل وأن يسقوا من المرطبات شيئاً مثل ماء الشعير ومثل لبن الأتان .
ومن أطال المقام في الحمام خيف عليه الغشي بإسخائه القلب .
ويثرر به أولاً الغثي .


وللحمام مع كثرة منافعه مضار فإنه يسهل انصباب الفضول إلى الأعضاء التي بها ضعف ويرخي الجسد ويضرّ بالعصب ويحلل الحرارة الغريزية ويسقط الشهوة للطعام ويضعف قوة الباه .
وللحمام فضول من جهة المياه التي تكون فيه فإنها إن كانت نطرونية كبريتية أو بحرية أو رمادية أو مالحة طبعاً أو بصنعة بأن يطبخ فيها شيء من ذلك أو يطبخ فيها مثل الميوزج ومثل حب الغار ومثل الكبريت وغير ذلك فإنها تحلل وتلطف وتزيل الترهل والتربّل ويمنع انصباب المواد إلى القروح وينفع أصحاب العرق المديني .
والمياه النحاسية والحديدية والمالحة أيضاً تنفع من أمراض البرد والرطوبة ومن أوجاع المفاصل والنقرس والإسترخاء والربو وأمراض الكلي وتقوي جبر الكسر تنفع من الدماميل والقروح .
والنحاصية تنفع الفم واللهاة والعين المسترخية ورطوبات الأذن .
والحديدية نافعة للمعحة والطحال .
والبورقية المالحة تنفع الرؤوس القابلة للمواد والصدر الذي بتلك الحال وتنفع المعدة الرطبة وأصحاب الإستسقاء والنفخ .
وأما المياه الشبية والزاجية فينفع الاستحمام فيها من نفث الدم ومن نزف المقعدة والطمث ومن تقلب المعدة ومن الإسقاط يغر سبب ومن التهيّج وفرط العرق .
وأما المياه الكبريتية فإنها تنقي الأعصاب وتسكن أوجاع التمدّد والتشنج وتنقي ظاهر البدن من البثور والقروح الرديئة المزمنة والآثار السمجة والكلف والبرص والبهق ويحلل الفضول المنصبة إلى المفاصل وإلى الطحال والكبد وتنفع من صلابة الرحم لكنها ترخي المعدة وتسقط الشهوة .
وأما مياه القفرية فإن الاستحمام فيها يملأ الرأس ولذلك يجب أن لا يغمس المستحم بها رأسه فيها وفيها تسخين في مدة متراخية وخصوصاً للرحم والمثانة والقولون ولكنها رديئة للنساء .


ومن أراد أن يستحم في الحمامات فيجب أن يستحم فيها بهدوء وسكون ورفق وتدريج غير بغتة وربما عاد عليك في باب حفظ الصحة من أمر الحمام ما يجب أن يضيف النظر فيه إلى النظر إلى ما قيل وكذلك القول في استعمال الماء البارد .
وأما التضحي إلى شمس الحارة وخصوصاً متحركاً لا سيما متحركاً حركة شديدة كالسعي والعدو مما يحلل الفضول بقوة ويعرّق النفخ ويحلل أورام التربل والاستسقاء وينفع من الربو ونفس الانتصاب ويحلل الصداع البارد المزمن ويقوي الدماغ الذي مزاجه بارد وإذا لم يتبل من تحته بل كان مجلسه يابساً نفع أوجاع الورك والكي وأوجاع الجذام واختناق الدم ونقى الرحم .
فإن تعرض للشمس كثف البدن وقشفه وحممه وصار كالكي على فوهات المسام ومنع التحلّل .
والسكون في الشمس في موضع واحد أشد في إحراق الجلد من التنقل فيها وهو أمنع للتحلل .
وأقوى الرمال في نشف الرطوبات من نواحي الجلد رمال البحار وقد يجلس عليها وهي حارة وقد يندفن فيها وقد ينثر على البدن قليلاً قليلاً فيحلل الأوجاع والأمراض المذكورة في باب الشمس .
وبالجملة يجفف البدن تجفيفاً شديداً .
وأما الاستنقاع في مثل الزيت فقد ينفع أصحاب الاعياء وأصحاب الحميات الطويلة الباردة والذين بهم حمياتهم مع أوجاع عصب مفاصل وأصحاب التشنج والكزاز واحتباس البول .
ويجب أن يكون الزيت مسخّناً من خارج الحمام .
وأما إن انطبخ فيه ثعلب أو ضبع على ما نصفه فهو أفضل علاج لأصحاب أوجاع المفاصل والنقرس .
وأما بل الوجه ورش الماء عليه فإنه ينعش القوة المسترخية من الكرب ولهيب الحميات وعند الغشي وخصوصاً مع ماء ورد وخل وربما صحح الشهوة وأثارها ويضرّ أصحاب النوازل والصداع

الجملة الثانية سبب لكلّ واحد من العوارض البدنيّة
وهي تسعة وعشرون فصلاً
الفصل الأول المسخّنات


المسخّنات أصناف مثل الغذاء المعتدل في المقدار والحركة المعتدلة ويدخل فيها الرياضات المعتدلة والدلك المعتدل والغمز المعتدل ووضع المحاجم بغير شرط فإن الذي يكون مع شرط يبرد بالاستفراغ وأيضاً الحركة التي هي إلى الشدة والكثرة قليلاً ليس بالمفرط والغذاء الحار والدواء الحار والحمام المعتدل على ما عرف من تسخينه بهوائه والصناعة المسخّنة وملاقاة المسخنات الغير المفرطة كالأهوية والأضمدة والسهر المعتدل والنوم المعتدل على الشرط المذكور والغضب على كل حال والهم إذا لم يفرط فأما إذا أفرط فيبرد الفرح المعتدل وأيضاً العفونة وخاصيتها أحداث حرارة غريبة لا غير وفعلها هو التسخين المطلق وهو غير الإحراق لأن التسخين دون الإحراق لا محالة ويقع كثيراً ولا يعفن وقد يحدث قبل التعفن فلأن التعفن كثيراً ما يكون بأن يبقى بعد مفارقة السبب المسخن الخارجي سخونة خارجية فيشتعل في المادة الرطبة فيغير رطوبتها عن صلوحها لمزاج الجوهر الذي هي فيه من غير رد إياها بعد إلى مزاج آخر من الأمزجة النوعية الطبيعية فإنه قد يغير الحرارة الرطبة إلى صلوحها من مزاج إلى مزاج آخر من الأمزجة النوعية ولا يكون ذلك تعفيناً بل هضماً .
وأما الإحراق فهو أن يميز الجوهر الرطب عن الجوهر اليابس تصعيداً لذلك وترسيباً لهذا .
وأما التسخين الساذج فهو أن تبقى الرطوبات كلها على طبائعها النوعية إلا أنها تصير أسخن .
ومن المسخّنات التكاثف في ظاهر البدن فإنه يسخن بحقن البخار .
والتخلخل داخل البدن فإنه بسخن يبسط البخار .
ومن عادة " جالينوس " أن يحصر جميع هذه الأسباب في خمسة أجناس الحركة غير المفرطة وملاقاة ما يسخن لا بإفراط والمادة الحارة مما يتناول والتكاثف والعفونة .


المبردات أما المبردات فهي أيضاً أصناف : الحركة المفرطة لفرط تحليلها الحار الغريزي والسكون المفرط لخنقه الحار الغريزي وكثرة الغذاء المفرط مأكولاً ومشروباً وقلته المفرطة والغذاء البارد والدواء البارد وملاقاة ما يسخن لإفراط من الأهوية والأضمدة ومن مياه الحمامات وشدة تخلخل البدن فينفش عنه الحار الغريزي وطول ملاقاة ما يسخن باعتدال كطول اللبث في الحمام وشدة التكاثف فيحقن الحار الغريزي وملاقاة ما يبرد بالفعل وملاقاة ما يبرد بالقوة وإن كان حاراً في حاضر الوقت والإفراط في الاحتباس لأنه يحقن الحرارة الغريزة والإفراط في الاستفراغ لأنه يفقد مادة الحرارة بما فيه من إستتباع الروح والسدد من الفضول ومنها شدة شد الأعضاء وإدامتها فإنها تبرد أيضاً بسد طريق الحرارة وكذلك الهم المفرط والفزع المفرط والفرح المفرط واللذة المفرطة والصناعة المبردة والهوة والفجاجة المقابلة للعفونة .
ومن عادة الحكيم الفاضل " جالينوس " أن يحصرها في أجناس ستة : الحركة المفرطة والسكون المفرط وملاقاة ما يبرد أو ما يسخن جداً حتى يحلل والمادة المبردة وقلة الغذاء يالإفراط وكثرة الغذاء بالإفراط .
الفصل الثالث أسباب الترطيب
كثيرة منها السكون والنوم واحتباس ما يستفرغ وإستفراغ الخلط المجفف وكثرة الغذاء والغذاء المرطب والدواء المرطب وملاقاة المرطبات لا سيما الحمام وخصوصاً على الطعام وملاقاة ما يبرد فيحقن الرطوبة وملاقاة ما يسخن تسخيناً لطيفاً فيسيل الرطوبة والفرح المعتدل .
الفصل الرابع المجففات


أسباب المجففات أيضاً كثيرة مثل الحركة والسهر وكثرة الاستفراغ ومنها الجماع وقلة الأغذية وكونها يابسة والأدوية المجفّفة وأنواع الحركات النفسانية المفرطة وتواتر الحركات النفسانية وملاقاة المجقفات ومن ذلك الاستحمام بالمياه القابضة ومن ذلك البرد المجمد بما يحبس العضو من جذب الغذاء إلى نفسه وبما يقبض فيحدث عنه سدد تمنع من نفوذ الغذاء ومن ذلك ملاقاة ما هو شديد الحرارة فيفرط في التحليل حتى إن من ذلك كثرة الاستحمام .
الفصل الخامس مفسدات الشكل
من أسباب فساد الشكل أسباب وقعت في الخلقة الأولى فقصرت القوة المصورة أو المغيرة التي في المني بسببها عن تتميم فعلها وأسباب تقع عند الانفصال من الرحم وأسباب تقع عند قمط الطفل وإمساكه وأسباب بادية تقع من خارج كسقطة أو ضربة وأسباب تتعلّق بالمبادرة إلى الحركة قبل تصلب الأعضاء واستيكاعها وأيضاً أسباب مرضية كالجذام والسل والتشنج والإسترخاء والتمدد وقد يقع بسبب السمن المفرط وقد يكون بسبب الهزال المفرط وقد يكون بسبب الأورام وقد يكون بسبب أمراض الوضع وقد يكون بسبب سوء اندمال القروح وغير ذلك .
الفصل السادس أسباب السدة وضيق المجاري إن السدة تحدث إما لوقوع شيء غريب في المجرى وذلك إما غريب في جنسه كالحصاة أو غريب في مقداره كالثفل الكثير أو غريب في الكيفية وذلك إما لغلظه وإما للزوجته وإما لجموده كالعلقة الجامدة .
فهذه أقسام السادّ لوقوعه في المجرى هذا .
ومن جملته ما هو لازم لمكانه في المجرى ومنه ما هو قلق فيه متردد وقد تعرض السدة لالتحام المنفذ بسبب اندمال قرحة فيه ولنبات شيء زائد كنبات لحم ثؤلولي ساد أو لانطباق المجرى لمجاورة ورم ضاغط أو لتقبض برد شديد أو لشدة يبس حادث من المقبضات أو لشدة قوة من القوة الماسكة أو لعصب عصابة شديدة الشد والشتاء يكثر فيه السدد لكثرة احتقان الفضول ولقبض البرد .
الفصل السابع أسباب اتساع المجاري


إن المجاري تتسع إما لضعف الماسكة أو لحركة قوية من الدافعة .
ومن هذا الباب فعل حصر النفس أو لأدوية مفتحة أو لأدوية مرخيّة حارة رطبة والمجأري تضيق لأضداد ذلك وللسدّ .
الفصل الثامن أسباب الخشونة
الخشونة تحدث إما لسبب شديد الجلاء بتقطيعه كالخلّ والفضول الحامضة أو تحليله كزبد البحر والفضول الحادةّ أو لسبب قابض يخشن بيبوسته كالأشياء العفصة أو بارد فيخشن بتكثيفه أو لركود أجزاء أرضية على العضو كالغبار .
الفصل التاسع سبب الملاسة
إما مغز بلزوجته وإما محلّل لطيف التحليل يرقق المادة فيسيلها أو يزيل التكاثف عن صفحة العضو .
الفصل العاشر أسباب الخلع
ومفارقة الوضع زوال الوضع إما بسبب تمدّد كمن يجذب عضو منه ويمدد حتى ينخلع أو حركة عنيفة على اعتماد مزيل للعضو عن موضعه كمن تنقلب رجله أو سبب مرخ مرطّب كما يعرض في القيلة أو سبب مفسد لجوهر الرباط بتأكيله أو تعفينه كما يعرض في الجذام وعرق النسا .
الفصل الحادي عشر سوء المجاورة
لمنع المقاربة سببه إما غلظ وإما أثر قرحة وإما تشنّج وإما استرخاء وإما جفاف الخلط في المُفصل وتحجره وإما ولادي .
الفصل الثاني عشر أسباب سوء المجاورة لمنع المباعدة
الفصل الثالث عشر أسباب الحركات الغير طبيعية
سببها إما يبس مضعف كالرعشة اليابسة أو يبس مشنج كالفواق اليابس أو التشنج اليابس أو فضول مشنّجة أو فضول وأسباب سادة طريق القوة مانعة عن نفوذها إلى العضو بالسدد أو فضول مؤذية ببردها كما في النافض أو بلذعها كما في القشعريرة أو الغور من الحرارة الغريزية وقلتها فتستظهر الفضل برداً وتحدث ريحاً يطلب التحلل والتخلص كما في الاختلاج .
ونقول : إن هذه المادة المؤذية إما بخارية يسيرة فتحدث التمطيّ أو أقوى منها فتحدث الاعياء المعيي إن كان ساكناً وتحدث أنواعاً من الإعياء الآخر التي سنذكرها إن كان متحرّكاً وإن كان أقوى أحدث القشعريرة وإن كان أقوى أحدث النافض .


والمادة الريحية إذا احتسبت في العضلة أحدثت الاختلاج فاعلم ذلك .
الفصل الرابع عشر أسباب زيادة العظم
والغدد هي كثرة المادة وشدّة القوى الجاذبة في نفسها وشدة القوى الجاذبة لمعونة الدلك والتسخين الفصل الخامس عشر أسباب النقصان هذه إمّا واقعة في أصل الخلقة لنقصان المادة أو خطأ القوة الحائلة وضعفها وإما آفات واقعة تارة من خارج كالقطع والضرب وإفساد البرد وتارة من داخل كالتآكل والعفونة .
الفصل السادس عشر أسباب تفرق الاتصال
هذه إما من داخل وإما من خارج .
والتي من داخل فمثل خلط آكال أو محرق أو مرطب مرخ وميبس صادع أو مثل امتلاء ريحي ممدد أو ريحي غارز أو خلطي ممدد بحركة الخلط أو منتقص أو نافذ في البدن لتميزه حركة قوية أو خلطي غارز وجميع ذلك إما لشدّة الحركة أو لكثرة المادة مثل شدة حركة من الدافعة لا على المجرى الطبيعي ومثل حركة على الامتلاء .
ومما يشبهها الصياح الشديد والوثبة ومثل انفجار الأورام .
وأما الأسباب التي من خارج فمثل جسم يمدد كالحبل وكالأثقال أو يقطع كالسيف أو يحرق كالنار أو يرض كالحجر .
فإن مثل هذا إن وجد خلاء شَدَخ أو امتلاء صدَعَ الأوعية ومثل جسم يثقب كالسهم أو ينهش ويعض
الفصل السابع عشر أسباب القرحة
هي إما ورم ينفجر وإما جراحة تنفتح وإما بثور تتأكل .
الفصل الثامن عشر أسباب الورم


هذه الأسباب بعضها من المادة وبعضها من هيئة العضو أما الكائنة من جهة المادة فالامتلاء من الأشياء الست المذكورة وأما الكائنة من جهة هيئات الأعضاء فقوة العضو الدافع وضعف العضو القابل وتهيؤه لقبول الفضل إما لطبع جوهره وإنه خلق لذلك كالجلد أو لسخافته مثل اللحم الرخو في المعاطف الثلاثة خلف الأذن من العنق والإبط والأرنبة أو لاتساع الطرف إليه وضيق الطرف عنه أو لوضعه من تحت أو لصغره فيضيق عما يأتيه من مادة الغذاء وإما لضعفه عن هضم غذائه لآفة فيه وإما لضربة تحقن فيه المادة وإما لفقدانه تحلل ما يتحلّل عنه بالرياضة وإما لحرارة مفرطة فيه فيجذب .
وتلك الحرارة إما طبيعية كما للحم أو مستفادة أحدثها وجع أو حركة عنيفة أو شيء من المسخنات .
والكسر يحدث الورم لشيء من هذه الأسباب المذكورة مثل الرضّ وضغط العضو والتمديد الذي به يجبر والعظم نفسه بل السن قد يرم لأنه يقبل النمو من الغذاء ويقبل الابتلال والعفونة فيقبل الورم .
الفصل التاسع عشر أسباب الوجع
على الإطلاق ولأن الوجع هو أحد الأحوال الغير الطبيعية العارضة لبدن الحيوان فلنتكلم في أسبابه كلاماً كلياً ونقول : إن الوجه هو الإحساس بالمنافي .
وجملة أسباب الوجع منحصرة في جنسين : جنس يغير المزاج دفعة وهو سوء المزاج المختلف وجنس يفرّق الاتصال وأعني بسوء المزاج المختلف أن يكون للاعضاء في جواهرها مزاج متمكّن ثم يعرض عليها مزاج غريب مضاد لذلك حتى تكون أسخن من ذلك أو أبرد فتحس القوة الحاسة بورود المنافي فيتألم .
فإن الألم أن يحس المؤثر المنافي منافياً .


وأما سوء المزاج المتفق فهو لا يؤلم البتة ولا يحسّ به مثل أن يكون المزاج الرديء قد تمكن من جوهرالأعضاء وأبطل المزاج الأصلي وصار كأنه المزاج الأصلي وهذا لا يوجع لأنه لايحس لأن الحاس يجب أن ينفعل من المحسوس والشيء لا ينفعل عن الحالة المتمكنة التي لا تغيره في حالة فيه بل إنما ينفعل عن الضد الوارد المغير إياه إلى غير ما هو عليه .
ولهذا ما يحسّ صاحب حمّى الدق من الالتهاب ما يحس به صاحب حمّى اليوم أو صاحب حمى الغب مع أن حرارة الدق أشد كثيراً من حرارة صاحب الغب لأن حرارة الدق مستحكمة مستقرة في جوهر الأعضاء الأصلية وحرارة الغب ورادة من مجاورة خلط على أعضاء محفوظ فيها مزاجها الطبيعي بعد بحيث إذا تنحى عنها الخلط بقي العضو منها على مزاجه ولم يثبت فيه الحرارة إلا أن تكون قد تشبثت وانتقلت العلة إلى الدق .
وسوء المزاج المتفق إنما يتمكّن من العضو بتدريج وقد يوجد في حال الصحة منال يقرب هذا إلى الفهم وهو أن المعافص بالاستحمام شتاء إذا استحم بالماء الحار بل بالفاتر عرض له منه اشمئزاز وتأذ لأن كيفية بدنه بعيدة عنه مضادة إياه ثم يألفه فيستلذه كما يتدرج إلى الاستحالة عن حالة البرد العامل فيه ثم إذا قعد ساعة في الحمام الداخل فربما يتفق أن يصير بدنه أسخن من ذلك الماء فإذا عوفص بصب الماء الأول بعينه عليه اقشعر منه على أنه يستبرده فإذا علمت هذا فنقول : إنه وإن كان أحد جنسي أسباب الألم هو سوء المزاج المختلف فليس كل سوء مزاج مختلفاً بل الحار بالذات والبارد بالذات واليابس بالعرض والرطب لا يؤلم البتة لأن الحار والبارد كيفيتان فاعلتان واليابس والرطب كيفيتان إنفعاليتان قوامهما ليس بأن يؤثر بهما جسم في جسم بل بأن يتأثر جسم من جسم .
وأما اليابس فإنما يؤلم بالعرض لأنه قد يتبعه سبب من الجنس الآخر وهو تفرّق الإتصال لأن اليابس لشدّة التقبيض ربما كان سبباً لتفرق الإتصال لا غير .


أما " جالينوس " فإنه إذا حقق مذهبه رجع إلى أن السبب الذاتي للوجع هو تفرق الإتصال لا غير وإن الحار إنما يوجع لأنه يفرّق الاتصال وأن البارد إنما يوجع أيضاً لأنه يلزمه تفرق الإتصال وذلك لأنه لشدة تكثيفه وجمعه يلزمه لا محالة أن تنجذب الأجزاء إلى حيث يتكاثف عنده فيتفرق من جانب ما ينجذب عنه .
وقد تمادى هو في هذا الباب حتى أوهم في بعض كتبه أن جميع المحسوسات تؤذي مثل ذلك أعني تؤذي بتفريق أو جمع يلزمه تفريق .
فالأسود في المبصرات يؤلم لشدّة جمعه والأبيض لشدّة تفريقه والمر والمالح والحامض يؤلم في المذوقات بفرط تفريقه والعفص بفرط تقبيضه فيتبعه التفريق لا محالة وكذلك في الشم وكذلك الأصوات القوية تؤلم بالتفريق لعنف من الحركة الهوائية عند ملاقاة الصماخ .
وأما القول الحقّ في هذا الباب فهو أن يجعل تغيّر المزاج جنساً موجباً بذاته الوجع وإن كان قد يعرض معه تفريق اتصال .
والبيان المحقق في هذا ليس في الطب بل في الجزء الطبيعي من الحكمة إلا أنا قد نشير إلى طرف يسير منه فنقول : إن الوجه قد يكون متشابه الأجزاء في العضو الوجع وتفرق الاتصال لا يكون متشابه الأجزاء البتة فإذن وجود الوجع في الأجزاء الخالية عن تفرق الاتصال لايكون عن تفرق الاتصال بل يكون سوء المزاج وأيضاً فإن البرد يوجع حيث يقبض ويجمع وحيث يبرد بالجملة وتفرق الاتصال عن البرد لا يكون حيث يبرد بل في أطراف الموضع المتبرد وأيضاَ فإن الوجع لا محال هو إحساس بمؤثر مناف بغتة من حيث هو مناف فالوجع هو المحسوس المنافي بغتة والحد ينعكس وكل محسوس مناف من حيث هو مناف موجع .
أرأيت إذا أحس بالبردالمفسد للمزاج من حيث يفسد المزاج وكان مثلاً لا يحدث عنه تفريق الاتصال هل كان يكون ذلك إحساساً بمناف فهل كان يكون وجعاً .
فمن هذا يعرف أن تغير المزاج دفعة سبب الوجع كتفرق الاتصال .


والوجع يثير الحرارة فيثير الوجع بعد الوجع وقد يبقى بعد الوجع شيء له حس الوجع وليس بوجع حقيقي بل هو من جملة ما يتحلل بذاته الجاهل يشتغل بعلاجه فيضر به .
الفصل العشرون أسباب الوجع
أصناف الوجع التي لها أسماء هي هذه
الجملة الحكّاك الخشن الناخس الضاغط الممدد المفسخ المكسر الرخو الثاقب المسقي الخدر الضرباني الثقيل الإعيائي اللاذع فهذه هي خمسة عشرجنساً .
وسبب الوجع الخشن خلط خشن .
وسبب الوجع الناخس : سبب ممدد للغشاء عرضاً كالمفرق لاتصاله وقد يكون متساوياً في الحس وقد لا يكون متساوياً .
والغير المتساوي في الحس إما لأن ما يتمدد عليه الغشاء ويلامسه غير متشابه الأجزاء في الصلابة واللين كالترقوة للغشاء المستبطن للأضلاع إذا كان الورم في ذات الجنب جاذباَ إلى أعلاه أو يكون غير متشابه الأجزاء في حركته كالحجاب لذلك الغشاء ولأن حس العضو غيره متشابه إما بالطبع وإما لأن آفة عرضت لبعض أجزائه دون بعض .
وسبب الوجع الممدّد : ريح أو خلط يمدد العصب والعضل كأنه يجذبه إلى طرفيه .
والوجع الضاغط سببه مادة تضيق على العضو المكان أو ريح تكتنفه فيكون كأنه مقبوض عليه فيضغط .
وسبب الوجع المفسّخ : هو مادة ما يتحلل من العضلة وغشائها فيمدد الغشاء ويفرق اتصال الغشاء بل العضلة .
وسبب الوجع المكسّر مادة أو ريح يتوسّط ما بين العظم والغشاء المجلّل له أو برد فيقبض ذلك الغشاء بقوّة .
وسبب الوجع الرخو : مادة تمدد لحم العضلة دون وترها وإنما سمي رخواً لأن اللحم أرخى من العصب والوتر والغشاء .
وسبب الوجع الثاقب : هو مادة غليظة أو ريح تحتبس فيما بين طبقات عضو صلب غليظ كجرم معي قولون ولا يزال يمزّقه وينفذ فيه فيحسّ كأنه يثقب بمثقب .
وسبب الوجع المسلّي : تلك المادة بعينها في مثل ذلك العضو إلا أنها محتبسة وقت تمزيقها .


وسبب الوجع الخدر : إما مزاج شديد البرد وإما انسداد مسام منافذ الروح الحساس الجاري إلى العضو بعصب أو امتلاء أوعية .
وسبب الوجع الضرباني : ورم حار غير بارد إذ البارد كيف كان صلباً أو ليناً فإنه لا يوجع إلا أن يستحيل إلى الحار وإنما يحدث الوجع الضرباني من الورم الحار على هذه الصفة إذا حدث ورم حار وكان العضو المجاور له حسّاساً وكان بقربه شريانات تضرب دائماً لكنه لما كان ذلك العضو سليماً يحس بحركة الشريان في غور فإذا ألم وورم صار ضربانه موجعاً .
وسبب الوجع الثقيل : ورم في عضو غير حساس كالرئة والكلية والطحال فإن ذلك الورم لثقله ينجذب إلى أسفل فيجذب العضو باللفافة والغلافة بانجذابه إلى أسفل أو ورم في عضو حساس إلا أن نفس الألم قد أبطل حس العضو مثل السرطان في فم المعدة فإنه يحس بثقله ولا يوجع وسبب الوجع الاعيائي إما تعب فيسمى ذلك الوجع إعياء تعبيا " وإما خلط ممدد ويسمى ما يحدث عنه الإعياء التمددي وإما ريح ويسمى ما يحدث عنه الإعياء النافخ وإما خلط لاذع ويسمى ما يحدث عنه الاعياء القروحي ويتركب منها تراكيب كما نبينها في الموضع الأخص بها .
ومن جملة المركب الإعياء المعروف بالبورقي وهو مركب من تمددي ومن قروحي .
والوجع اللاذع : هو من خلط له كيفية حادة .
الفصل الحادي والعشرون أسباب سكون الوجع
سبب سكون الوجع : إما ما يقطع السبب الموجب إياه ويستفرغه كالشبت وبزر الكتان إذا ضمد به الموضع الألِمُ وإما ما يرطب وينوم فتغور القوة الحسية ويترك فعلها كالمسكرات وإما مايبرد فيخدر مثل جميع المخدرات والمسكن الحقيقي هو الأول .
الفصل الثاني والعشرون فيما يوجبه الوجع
الوجع يحل القوة ويمنع الأعضاء عن خواص أفعالها حتى يمنع المتنفس عن التنفس أو يشوش عليه فعله أو يجعله متقطعاً أو متواتراً وبالجملة على مجرى غير الطبيعي وقد يسخن العضو أولاً ثم يبرده أخيراً بما يحلل وبما يهزم من الروح والحياة .


الفصل الثالث والعشرون
أسباب اللذة هذه أيضاً محصورة في جنسين : أحدهما : جنس ما يغير المزاج الطبيعي دفعة ليقع به الإحساس .
والثاني : جنس ما يرد الاتصال الطبيعي دفعة وكل ما يقع لا لدفعه فإنه لا يحس فلا يلذ .
واللذة حس بالملائم وكل حسّ فهو بالقوة الحساسة ويكون الإحساس بانفعالها فإذا كان بملائم أو بمناف كان لذة أو ألماً بحسب ما يتأثر .
ولما كان اللمس أكثف الحواس وأشدها استحفاظ لما قبله من تأثير مناف أو ملائم كان إحساسه الملائم عند ذوي الطبيعة الكثيفة أشد إلذاذاً وإحساسه المنافي أشد إيلاماً من الذي يخص قوي آخر .
الفصل الرابع والعشرون كيفية إيلام الحركة
الفصل الخامس والعشرون كيفية إيلام الاخلاط الرديئة
الأخلاط الرديئة توجع إما بكيفيتها كما تلذع أو بكثرتها كما تمدد أو باجتماع الأمرين جميعاً .
الفصل السادس والعشرون كيفية إيلام الرياح
الريح تؤلم بالتمديد .
والريح الممددة إما أن تكون في تجاويف الأعضاء وبطونها كالنفخة في المعدة أو في طبقات الأعضاء .
وليفها كما في القولنج الريحي أو في طبقات العضل أو تحت الأغشية وفوق العظام أو حول العضل بينها وبين اللحم والجلد أو مستبطناً العضو كما يستبطن عضل الصدر وسرعة انفشاشه أو طول لبثه وهو بحسب كثرة مادته وقلتها وغلظ مادته ورقتها واستحصاف للعضو تخلخله فحسب .
الفصل السابع والعشرون أسباب ما يحبس ويستفرغ
الاحتباس والاستفراغ يسهل الوقوف عليهما من تأمل ما قلناه في الاحتباس والاستفراغ فليطلب الفصل الثامن والعشرون أسباب التخمة والامتلاء


هذه إما من خارج ومن البادية فمثل استعمال ما يشتد ترطيبه فلا يفتقر البدن إلى ترطيب المأكول والمشروب فإذا اجتمعا معاً كثرت المادة في البدن وفسد بصرف الطبع فيها مثل الاستكثار من الحمام وخصوصاً بعد الطعام وموانع التحليل مثل الدعة وترك الرياضة والاستفراغ والترفه في المأكول والمشروب وسوء التدبير وإما من داخل فهو مثل ضعف القرة الهائمة فلا يهضم أو ضعف الدافعة أو قوة الماسكة فتنحصر الأخلاط ولا تندفع أو ضيق المجاري .
الفصل التاسع والعشرون أسباب ضعف الأعضاء
إما أن يكون سبب الضعف وارداً على جرم العضو أو على الروح الحامل للقوة المتصرفة في العضو أو على نفس القوة .
والذي يكون السبب فيه خاصاً بالعضو فإما سوء مزاج مستحكم وخصوصاً البارد على أن الحار قد يفعل بما يضعف فعل البارد في الإخدار لإفساده مزاج الروح كما يعرض لمن أطال المقام في الحمام بل لمن غشي عليه .
واليابس يمنع القوى عن النفوذ بتكثيفه والرطب بإرخائه وسدّه .
وأما مرض من أمراض التركيب والأخص منه بما يكون الإنسان معه غير ظاهر الأذى والمرض .
والألم هو تهلهل تشنج ذلك العضو في عصبه إذا كانت الأفعال الطبيعية كلها والإرادية تتم بالليف وتأليفه .
والهضم أيضاً مفتقر إلى الإمساك الجيد على هيئة جيّدة وذلك بالليف .
والذي يكون السبب فيه خاصاً بالروح فهو إما سوء مزاج وإما تحلّل باستفراغ يخصه أو يكون على سبيل اتباع لاستفراغ غيره .
والذي يختص بالقوة فكثرة الأفعال وتكرّرها فإنها توهن القوة وان كان قد يصحب ذلك تحلّل الروح على سبيل صحبة سبب لسبب فإذا أعددنا الأسباب على جهة أخرى وأوردنا فيها الأسباب البعيدة التي هي أسباب للأسباب الملاصقة فيحدث منها أسباب سوء المزاج ومنها فساد الهواء والماء والمأكل ومنها ما يفزع الروح أولاً مثل النتن وأسن الماء وانتشار القوى السمية في الهواء أو في البدن .


ومن جملة أسباب الضعف ما يتعلق بالإستفراغ مثل نزف الدم والإسهال خصوصا " في رقيق الأخلاط وبزل مائية الاستسقاء إذا أرسل منها شيء كثير دفعه وربط الدبيلة الكثيرة إذا سال منها مدَة كثيرة دفعة وكذلك إذا انفجرت بنفسها والعرق الكثير والرياضة المفرطة والأوجاع أيضاً فإنها تحلّل الروح وإن كان قد تغير المزاج ومن جملة هذه الأوجاع ما هو أكثر تأثيراً مثل وجع فم المعدة كان ممدداً أو لاذعاً أو جزء عضو وكل وجع يقرب من نواحي القلب والحميات مما يضعف بالتحليل والاستفراغ من البدن والروح وتبديل المزاج وسعة المسام من المعاون على حدوث الضعف التحللي .
والجوع الكثير من هذا القبيل .
وربما كان ضعف البدن كله تابعاً لضعف عضو آخر مثل ضعف البدن بأذى يصيب فم المعدة حتى تنحل قوته وحين يكون قلبه ودماغه شديد الإنفعال من المؤذيات اليسيرة فيكون هذا الإنسان سريع الانحلال والضجر من أدنى شيء .
وربما كان سبب الضعف كثرة مقاساة الأمراض وقد يكون بعض الأعضاء في الخلقة أضعف من بعض أو أضعف من غيره كالرئة والدماغ فيكون قبولاً لما يدفعه القويّ في الخلقة عن نفسه ولو لم يخص الدماغ بارتفاع موضعه لكان يمنى من هذه الأسباب بما لا يطيق ولا يبقى معه قوة فاعلم جميع ذلك .
التعليم الثالث الأعراض والدلائل
وهو أحد عشر فصلا " وجملتان
الفصل الأول كلام كلي في الأعراض والدلائل
الأعراض والعلامات التي تدل على إحدى الحالات الثلاث المذكورة إحدى ثلاث دلالات : إما على أمر حاضر قال " جالينوس " : وينتفع به المريض وحده فيما ينبغي أن يفعل .
وإما على أمر ماض قال " جالينوس " : " وينتفع به الطبيب وحده إذ قد يستدلّ بذلك على تقدمه في صناعته فتزداد الثقة بمشورته " .
وإما على أمر مستقبل قال : " وينتفعان به جميعاً " .
أما الطبيب فيستدل به على تقدمه في المعرفة وأما المريض فيقف منه على واجب تدبيره .


والعلامات الصحيّة : منها ما يدل على اعتدال المزاج وسنذكره في موضعه ومنها ما يدل على استواء التركيب فمنها جوهرية وهي مثل أن تكون الخلقة والوضع والمقدار والعدد على ما ينبغي وقد فصلت هذه الأقوال ومنها عرضية بمنزلة الحسّ والجمال ومنها تمامية وهي من تمام الأفعال واستمرارها على الكمال وكل عضو تم فعله فهو صحيح .
ووجه الاستدلال من الأفعال على الأعضاء الرئيسة أما على الدماغ فبأحوال الأفعال الإرادية وأفعال الحس وأفعال التوهم وأما على القلب فبالنبض والنفس وأما على الكبد فبالبراز والبول فإن ضعفها يتبعها براز وبول شبيهان بغسالة اللحم الطري .
والأعراض الدالة على الأمراض : منها دالة على نفس المرض كاختلاف النبض في السرعة في الحمى فإنه يدل على نفس الحمى ومنها دالة على مرض الموضع كالنبض المنشاري إذا كان الوجع في نواحي الصدر فإنه يدل على أن الورم في الغشاء والحجاب وكالنبض الموجي في مثله فإنه يدل على أن الورم في جرم الرئة ومنها دالة على سبب المرض كعلامات الإمتلاء باختلاف أحوالها الدال كل فن منها على فن من الإمتلاء .
الأعراض .
منها ما هي مؤقتة يبتدىء وينقطع مع المرض كالحمى الحادة والوجع الناخس وضيق النفس والسعال والنبض المنشاري مع ذات الجنب ومنها ما ليس له وقت معلوم فتارة يتبع المرض وتارة لا يتبع مثل الصداع للحمى ومنها ما يأتي آخر الأمر فمن ذلك علامات البحران ومن ذلك علامات النضج ومن ذلك علامات العطب وهذه أكثرها في الأمراض الحادة .


منها ما يدل في ظاهر الأعضاء وهي مأخوذة إما عن المحسوسات الخاصة مثل أحوال اللون وأحوال اللمس في الصلابة واللين والحر والبرد وغير ذلك وإما عن المحسوسات المشتركة وهي المأخوذة من خلق الأعضاء وأوضاعها وحركاتها وسكوناتها وربما دلّ ذلك منها على الأحوال الباطنة مثل اختلاج الشفة على القيء ومقاديرها هل زادت أو نقصت وأعدادها وربما دل ذلك منها على أحوال أعضاء باطنة مثل قصر الأصابع على صغر الكبد .
والإستدلال من البراز هل هو أسود أو هو أبيض أو أصفر على ماذا يدلّ بَصَري .
ومن القراقر على النفح وسوء الهضم سمعِي .
ومن هذا القبيل الاستدلال من الروائح ومن طعوم الفم وغير ذلك والاستدلال من تحدب الظفر على السل .
والدقّ بصري ولكن من باب المحسوسات المشتركة .
وقد يدلّ المحسوس الظاهر منها على أمر باطن كما تدل حمرة الوجنة على ذات الرئة وتحدّب الظفر على قرحة الرئة .
والاستدلال من الحركات والسكونات مما يقتضي فضل بسط نبسطه .
فالأعراض المأخوذة من باب السكون هي مثل السكتة والصرع والغشي والفالج .
والمأخوذة من باب الحركة فهي مثل القشعريرة والنافض والفواق والعطاس والتثاؤب والتمطي والسعال والاختلاج والتشنج عندما يبتدىء بتشنج فمن ذلك ما هو عن فعل الطبيعة الأصلية كالفواق ومن ذلك ما هو عن فعل طبيعة عارضة كالتشنج والرعشة .
ومنها ما هي إرادية صرفة لقلق والململة ومنها ما هي مركبة من طبيعية وارادية مثل السعال والبول فمن ذلك ما يسبق فيه الإرادة الطبيعة مثل السعال ومنها ما يسبق فيه الطبيعة الإرادة إذا لم تبادر إليها الإرادة مثل البول والبراز والعارض عن الطبيعة دون إرادة .
ومنها ما يكون المنبه عليه الحس كالقشعريرة ومنها ما لا ينبه عليه الحس لأنه لا يحسّ كالاختلاخ .


وهذه الحركات تختلف إما باختلاف ذواتها فإن السعال أقوى في نفسه من الاختلاج وإما باختلاف عدد المحرِّكات فإن العطاس أكثر عدد محركات من السعال لأن السعال يتم بتحريك أعضاء الصدر وأما العطاس فيتم باجتماع تحريك أعضاء الصدر والرأس جميعاً .
وإما بمقدار الخطر فيها فإن حركة الفواق اليابس أعظم خطراً من حركة السعال وإن كان السعال أقوى .
وإما بما تستعين به الطبيعة فقد تستعين بآلة ذاتية أصلية كما تستعين في إخراج الثفل بعضل البطن وقد تستعين بآلة غريبة كما تستعين في السعال بالهواء وإما باختلاف المبادىء لها من الأعضاء مثل السعال والتهوّع وإما باختلاف القوى الفعالة فإن الاختلاج مبدؤه طبيعي والسعال نفساني .
وإما باختلاف المادة فإن السعال عن نفث والاختلاج عن ريح فهذه علامات تدل من ظاهر الأعضاء .
وأكثر دلالتها على أحوال ظاهرة وقد تدل على الباطنة كحمرة الوجنة على ذات الرئة .
ومن العلامات علامات يستدل بها على الأمراض الباطنة وينبغي أن يكون المستدل على الأمراض الباطنة قد تقدّم له العلم بالتشريح حتى يحصل منه معرفة جوهر كل عضو أنه هل هو لحمي أو غير لحمي وكيف خلقته ليعرف مثلاً أنه هل هذا الورم بهذا الشكل فيه أو في غيره من جهة أنه هل هو مناسب لشكله أو غير مناسب .


ويتعرّف أنه هل يجوز أن يحتبس فيه شيء أو لا يجوز إذ هو مزلق لما يحصل فيه كالصائم وإن كان يجوز أن يحتبس فيه شيء أو يزلق عنه شيء فما الشيء الذي يجوز أن يحتبس فيه أو يزلق عنه وحتى يعرف موضعه فيقضي بذلك على ما يحس من وجع أو ورم هل هو عليه أو على بعد منه وحتى يعرف مشاركته حتى يقضي على أن الوجع له من نفسه أو بالمشاركة وأن المادة انبعثت منه نفسه أو وردت عليه من شريكه وأن ما انفصل منه هو من جوهره أو هو ممرّ ينفذ فيه المنفصل من غيره وحتى يعرف أن على ماذا يحتوي فيعرف أنه هل يجوز أن يكون مثل المستفرغ مستفرغاً عنه وأن يعرف فعل العضو حتى يستدلّ على مرضه من حصول الآفة في فعله هذا كله مما يوقف عليه بالتشريح ليعلم أنه لا بد للطبيب المحاول تدبير أمراض الأعضاء الباطنة من التشريح فإذا حصل له علم أولها : من مضار الأفعال وقد علمت الأفعال بكيفيتها وكميتها ودلالتها دلالة أولية دائمة .
والثاني : مما يستفرغ ودلالتها دائمة وليست بأولية أما دائمة فلأنها توقع التصديق دائماً وأما غير أولية فلأنها تدل بتوسط النضج وعدم النضج .
والثالث : من الوجع والرابع : من الورم والخامس : من الوضع والسادس : من الأعراض الظاهرة المناسبة .
ودلالتها ليست بأولية ولا دائمة ولنفصل القول في واحد واحد مها .
أما الاستدلال من الأفعال فهو أنه إذا لم يجر فعل العضو على المجرى الطبيعي الذي له دلّ على أن القوة أصابتها آفة .
وآفة القوة تتبع مرضاً في العضو الذي القوة فيه .
ومضار الأفعال على وجوه ثلاثة فإن الأفعال إما أن تنقص كالبصر تضعف رؤيته فيرى الشيء أقل اكتناهاً ومن أقرب مسافة والمعدة تهضم أعسر وأبطأ وأقل مقداراً وإما أن يتغير كالبصر يرى ما ليس أو يرى الشيء رؤية على غير ما هو عليه وكالمعدة تفسد الطعام وتسيء هضمه .
وإما أن تبطل كالعين لا ترى والمعدق لا تهضم البتة .


وأما دلائل ما يستفرغ ويحتبس فمن وجوه إما أن يدل من طريق احتباس غير طبيعي مثل احتباس شيء من شأنه أن يستفرغ لمن يحتبس بوله أو برازه أو يدل من طريق استفراغ غير طبيعي وذلك : إما لأنه من جوهر الأعضاء وإما لا .
كذلك والذي يكون من جوهر الأعضاء فيدل بوجوه ثلاثة لأنه : إما أن يدل بنفس جوهره كالحلق المنفوثة تدل على تآكُلٍ في قصبة الرئة وإما أن يدل بمقداره كالقشرة البارزة في السحج فإنها إن كانت غليظة دلت على أن القرحة في الأمعاء الغلاظ .
أو رقيقة دلت على أنها في الرقاق .
وإما أن يدل بلونه كالرسوب القشري الأحمر فإنه يدل على أنه من الأعضاء اللحمية كالكلية والأبيض .
فإنه يدل على أنه من الأعضاء العصبية كالمثانة .
والذي يدلّ على أنه لا من جوهر الأعضاء فيدلّ إما لأنه غير طبيعي الخروج كالأخلاط السليمة والدم إذا خرج وإما لأنه غير طبيعي الكيفية كالدم الفاسد كان معتاد الخروج أو لم يكن وإما لأنه غير طبيعي الجوهر على الإطلاق مثل الحصاة .
وإما لأنه غير طبيعي المقدار وإن كان طبيعي الخروج وذلك إما بأن يقل أو يكثر كالثفل والبول القليلين والكثيرين وإما لأنه غير طبيعي الكيفية وإن كان معتاد الخروج كالبراز والبول الأسودين وإما لأنه غير طبيعي جهة الخروج وإن كان معتاد الخروج مثل البراز إذا خرج في علّةإيلاوس من فوق .
وأما دلائل الوجع فهي تنحصر في جنسين : وذلك أن الوجع إما أن يدلّ بموضعه فإنه مثلاً إن كان عن اليمين فهو في الكبد وإن كان في اليسار فهو في الطحال .
وقد يدل بنوعه على سببه على ما فصلناه في تعليم الأسباب مثلاً إن كان ثقيلاً دلّ على ورم في عضو غير حساس أو باطل حسه والممدد يدل على مادة كثيرة واللذاع على مادة حادة .


وأما دلائل الورم فمن ثلاثة أوجه : إما من جوهره كالحمرة على الصراء والصلب على السوداء وإما من موضعه كالذي يكون في اليمين فيدل مثلاً على أنه عند الكبد أو في اليسار فيدل على أنه في ناحية الطحال وإما بشكله فإنه إن كان عند اليمين وكان هلالياً دل على أنه في نفس الكبد وإن كان مطاولاً دل على أنه في العضلة التي فوقها .
وأما دلائل الوضع فإما من المواضع وإما من المشاركات .
أما من المواضع فظاهر .
وأما من المشاركات فكما يستدلّ على ألم في الأصبع من سبب سابق أنه لآفة عارضة في الزوج السادس من أزواج العصب الذي للعنق .
الفصل الثاني الفرق بين الأمراض الخاصية والمشارك فيها
ولما كانت الأمراض قد تعرض بدءا " في عضو وقد تعرض بالمشاركة كما يشارك الرأس المعدة في أمراضهما فواجب أن نحد الفرق بين الأمرين بعلامة فاصلة فنقول : أنه يجب أن يتأمل أيهما عرض أولاً فيحدس أنه الأصلي والآخر مشارك ويتأمل أيهما يبقى بعد فناء الثاني فنحدس الأصلي والآخر مشارك وبالضد فإن المشارك يحدس من أمره أنه هو الذي يعرض أخيراً وأنه يسكن مع سكون الأول .
لكن قد يعرض من هذا غلط وهو أنه ربما كانت العلة الأصلية غير محسوسة وغير مؤلمة في ابتدائها ثم يحس ضررها بعد ظهور المرض الشركي .
وهو بالحقيقة عارض بعدها تالٍ لها فيظن بالمشارك والعارض أنه والمرض الأصلي أو ريما لم يفطن إلا بالعارض وحده وغفل عن الأصلي أصلاً وسيل التحرز من هذا الغلط أن يكون الطبيب عالم مشارك الأعضاء وذلك من علمه بالتشريح وعارفاً بالآفات الواقعة بعضو عضو وما كان منها محسوساً أو غير محسوص فيتوقف في المرض ولا يحكم فيه أنه أصلي إلا بعد تأمله لما يمكن أن يكون عروضه تبعاً له فيسائل المريض عن علامات الأمراض التي يمكن أن تكون في الأعضاء المشاركة للعضو العليل أو تكون غير محسوسة ولا مؤلمة ألماً ظاهراً ولا مثيرة عرضاً قريباً منها لكنها إنما يتبعها أمور بعيدة عنها محسوسة .


ويجعل المريض أنها عوارض لمثل ذلك الأصل البعيد بل إنما يهدي إلى ذلك معرفة الطبيب .
وأكثر ما يهتدي منه تأمله لمضار الأفعال وإذا وجدها سابقة حكم بأن المرض مشارك فيه .
على أن الأعضاء أعضاء أكثر أحوالها أن تكون أمراضها متأخرة عن أمراض أعضاء أخرى فإن الرأس في أكثر الأحوال تكون أمراضه بمشاركة المعدة وإما عكس ذلك فأقل .
ونحن نضع بين يديك علامات الأمزجة الأصلية والعارضة بوجه عام .
فأما التي يخصق منها عضواً عضواً فسيقال في بابه .
وأما علامات أمراض التركيب فإن ما كان منها ظاهراً فإن الحس يعرفه وما كان من باطن فإن ما سوى الامتلاء والسدة والأورام وتفرق الاتصال يعسر حصره في القول الكلي وكذلك ما يخص من الامتلاء والسدة والورم والتفرق عضواً عضواً فالأولى لجميع ذلك أن يؤخر إلى الأقاويل الجزئية .
الفصل الثالث علامات الأمزجة
أجناس الدلائل التي منها يتعرّف أحوال الأمزجة عشرة .
أحدها : الملمس ووجه التعرف منه أن يتأمل أنه هل هو مساوٍ للمس الصحيح في البلدان المعتدلة والهواء المعتدل فإن ساواه دل على الاعتدال وإن انفعل عنه اللامس الصحيح المزاج فبرد أو سخن أو استلانه استلانة فوق الطبيعي أو استصلبه واستخشنه فوق الطبيعي وليس هناك سبب من هواء أو استحمام بماء وغير ذلك مما يزيده ليناً أو خشونة فهو غير معتدل المزاج وقد يمكن أن يتعزف من حال أظفار اليدين في لينها وخشونتها ويبسها حال مزاج البدن إن لم يكن ذلك لسبب غريب .
على أن الحكم من اللين والصلابة متوقف على تقدم صحة دلالة الاعتدال في الحرارة والبرودة فإنه إن لم يكن كذلك أمكن أن يلين الحارة الملمس الصلب والخشن فضلاً عن المعتدل بتحليله فيتوهم أنه لين بالطبع ورطب وأن يصلب البارد الملمس اللين فضلاً عن المعتدل بفضل إجماده وتكثيفه فيتوهم يابساً مثل الثلج والسمين .


أما الثلج فلانعقاده جامداً وأما السمين فلغلظه وأكثر من هو بارد المزاج لين البدن وإن كان نحيفاً لأن الفجاجة تكثر فيه .
والثاني : حسن الدلائل المأخوذة من اللحم والشحم فإن اللحم الأحمر إذا كان كثيراً دل على الرطربة والحرارة ويكون هناك تلزز .
وإن كان يسيراً وليس هناك شحم كثير دل على اليبس والحرارة .
وأما السمين والشحم فيدلان على البرودة ويكون هناك ترهل فإن كان مع ذلك ضيق من العروق وقلّة من الدم وكان صاحبه يضعف على الجوع لعقدة الدم الغريزي المهيىء لحاجة الأعضاء إلى التغذية به دل على أن هذا المزاج جبلي طبيعي وإن لم تكن هذه العلامات الأخرى دل على أنه مزاج مكتسب .
وقلة السمين والشحم تدل على الحرارة فإن السمين والشحم مادته دسومة الدم وفاعله البرد ولذلك يقل على الكبد ويكثر على الأمعاء وإنما يكثر على القلب فوق كثرته على الكبد للمادة لا للمزاج والصورة ولعناية من أطبيعة متعلقة بمثل تلك المادة والسمين والشحم فإن جمودهما على البدن يقلّ ويكثر بحسب قلة الحرارة وكثرتها .
والبدن اللحيم بلا كثرة من السمين والشحم هو البدن الحار الرطب وإن كان كثير اللحم الأحمر ومع سمين وشحم قليل دل على الإفراط في الرطوبة وإن أفرطا دل على الإفراط في البرد وأقصف الأبدان البارد اليابس ثم الحار اليابس ثم اليابس المعتدل في الحرّ والبرد ثم الحار المعتدل في الرطوبة واليبس .
والثالث : جنس الدلائل المأخوذة من الشعر وإنما يؤخذ من جهة هذه الوجوه وهي سرعة النبات وبطؤه وكثرته وقلته ورقته وغلظه وسبوطته وجعودته .
ولونه أحد الأصول في ذلك .
وأما الاستدلال من سرعة نباته وبطئه أو عدم نباته فهو أن البطيء النبات أو فاقد النبات إذا لم يكن هناك علامات دالة على أن البدن عادم للدم أصلاً يدل على أن المزاج رطب جداً فإن أسرع فليس البدن بذلك الرطب بل هو إلى اليبوسة ولكن يستدلّ على حرارته وبرودته من دلائل أخرى مما ذكرناه .


لكنه إذا اجتمعت الحرارة واليبوسة أسرع نبات الشعر جداً وكثر وغلظ وذلك لأن الكثرة تدل على الحرارة والغلظ يدلّ على كثرة الدخانية كما في الشبان دون ما في الصبيان فإن الصبيان مادتهم بخارية لا دخانية وضدهما يتبع ضدهما .
وأما من جهة الشكل فإن الجعودة تدل على الحرارة وعلى اليبس وقد تدلّ على التواء الثقب والمسام وهذا لا يستحيل بتغيّر المزاج .
والسببان الأولان يتغيران .
والسبوطة تدل على أضداد ذلك .
وأما من جهة اللون فالسواد يدل على الحرارة والصهوبة تدلُ على البرودة والشقرة والحمرة تدلان على الاعتدال والبياض يدل إما على رطوبة وبرودة كما في الشيب وإما على يبس شديد كما يعرض لنبات عند الجفاف من انسلاخ سواده وهو الخضرة إلى البياض .
وهذا إنما يعرض في الناس في أعقاب الأمراض المجففة .
وسبب الشيب عند " أرسطوطاليس " هو الإستحالة إلى لون البلغم وعند " جالينوس " هو التكرّج الذي يلزم الغذاء الصائر إلى الشعر إذا كان بارداً وكان بطيء الحركة مدة نفوذه في المسام .
وإذا تأملت القولين وجدتهما في الحقيقة متقاربين فإن العلّة في بياض اللون البلغم .
والعلة في ابيضاض المتكرج واحد وهو إلى الطبيعي وبعد هذا فإن للبلدان والأهوية تأثيراً في الشعر ينبغي أن يراعى فلا يتوقع من الزنجي شقرة شعر ليستدلّ به على اعتدال مزاجه الذي له ولا في الصقلبي سواد شعر حتى يستدل به على سخونة مزاجه الذي يحسبه .
وللأسنان أيضاً تأثير في أمر الشعر فإن الشبان كالجنوبيين والصبيان كالشماليين والكهول كالمتوسطين وكثرة الشعر في الصبي تدلّ على استحالة مزاجه إلى السوداوية إذا كبر وفي الشيخ على أنه سوداوي في الحال .


وأما الرابع : فهو جنس الدلائل المأخوذة من لون البدن فإن البياض دليل عدم الدم وقلّته مع برودة فإنه لو كان مع حرارة وخلط صفراوي لاصفر والأحمر دليل على كثرة الدم وعلى الحرارة والصفرة والشقرة يدلان على الحرارة الكثيرة لكن الصفرة أدل على المرار والشقرة على الدم أو الدم المراري وقد تدلّ الصفرة على عدم الدم وإن لم يوجد المرار كما تكون في أبدان الناقهين .
والكمودة دليل على شدّة البرد فيقل له الدم ويجمد ذلك القليل ويستحيل إلى السواد .
وتغير لون الجلد والأدم دليل على الحرارة .
والباذنجاني دليل على البرد واليبس لأنه لون يتبع صرف السوداء .
والجصي يدل على صرف البرد والبلغمية .
والرصاصي دليل للبرودة والرطوبة مع سوداوية ما لأنه بياض مع أدنى خضرة فيكون البياض تابعاً للون البلغم أو المزاج الرطوبة .
والخضرة تابعة لدم جامد إلى السواد ما هو قد خالط البلغم فخضره .
والعاجي يدل على برد بلغمي مع مرار قليل .
وفي أكثر الأمر فإن اللون يتغير بسبب الكبد إلى صفرة وبياض وبسبب الطحال إلى صفرة وسواد وفي علل البواسير إلى صفرة وخضرة وليس هذا بالدائم بل قد يختلف .
والاستدلال من لون اللسان على مزاج العروق الساكنة والضاربة في البدن قوي .
والاستدلاد من لون العين على مزاج الدماغ قوي وربما عرض في مرض واحد اختلاف لوني عضوين مثل أن اللسان قد يبيض وبشرة الوجه تسود في مرض واحد مثل اليرقان العارض لشدة الحرقة من المرار .
وأما الخامس : فهو جنس الدلائل المأخوذة من هيئة الأعضاء فإن المزاج الحار يتبعه سعة الصدر وعظم الأطراف وتمامها في قدورها من غير ضيق وقصر وسعة العروق وظهورها وعظم النبض وقوته وعظم العضل وقربها من المفاصل لأن جميع الأفاعيل النسبية والهيئات التركيبية يتم بالحرارة .
والبرودة يتبعها أضداد هذه لقصور القوى الطبيعية بسببها عن تتميم أفعال الانشاء والتخليق .


والمزاج اليابس يتبعه قشف وظهور مفاصل وظهور الغضاريف في الحنجرة والأنف وكون الأنف مستوياً .
وأما السادس : فهو جنس الدلائل المأخوذة من سرعة انفعال الأعضاء فإنه إن كان العضو يسخن سريعاً بلا معاسرة فهو حار المزاج إذ الاستحالة في الجنس المناسب تكون أسهل من الاستحالة إلى المضادة وإن كان يبرد سريعاً فالأمر بالضد لذلك بعينه فإن قال قائل : إن الأمر يجب أن يكون بالضد فإنا نعرف يقيناً أن الشيء إنما ينفعل عن ضده لا عن شبهه وهذا الكلام الذي قدمته يوجب أن يكون الإنفعال من الشبه أولى .
والجواب عن هذا أن الشبيه الذي لا ينفعل عنه هو الذي كيفيته وكيفية ما هو شبيه به واحدة في النوع والطبيعة .
والأسخن ليس شبيهاً بالأبرد بل السخينان واحدهما أسخن يختلفان فيكون الذي ليس بأسخن هو بالقياس إلى الأسخن بارداً فينفعل من حيث هو بارد بالقياس إليه لا حار وينفعل أيضاً عن الأبرد منه وعن البارد إلا أن أحدهما ينمّي كيفيته ويعيّن أقوى ما فيه والآخر ينقص كيفيته فيكون استحالته إلى ما ينمي كيفيته ويعين أقوى ما فيه أسهل .
على أن ههنا شيئاً اَخر يختصّ ببعض ما يشاركه في الكيفية وهو ناقص فيها مثل أن الحار المزاج في طبعه إنما يسرع قبوله لتأثير الحار فيه لما يبطل الحار من تأثير الضدّ الذي هو البرد المعاوق لما ينحوه المزاج الحار من زيادة تسخين فإذا التقيا وبطل المانع تعاونا على التسخين فيتبع ذلك التعاون اشتداد تام من الكيفيتين .
وأما إذا حاول الحار الخارجي أن يبطل الاعتدال فإن الحار الغريزي الداخل أشد الأشياء مقاومة له حتى إن السموم الحارة لا يقاومها ولا يدفعها ولا يفسد جوهرها إلا الحرارة الغريزية .
فإن الحرارة الغريزية آلة للطبيعة تدفع ضرر الحار الوارد بتحريكها الروح إلى دفعة وتنحية بخاره وتحليله وإحراق مادته وتدفع أيضاً ضرر البارد الوارد بالمضادة .


وليست هذه الخاصية للبروعة فإنها إنما تنازع وتعاوق الوارد الحار بالمضادة فقط ولا تنازع الوارد البارد .
والحرارة الغريزية هي التي تحمي الرطوبات الغريزية عن أن تستولي عليها الحرارة الغريبة فإن الحرارة الغريزية إذا كانت قوية تمكنت الطبيعة بتوسّطها من التصرّف في الرطوبات على سبيل النضج والهضم وحفظها على الصحة فتحرّكت الرطوبات على نهج تصريفها وامتنعت عن التحرك على نهج تصريف الحرارة الغريبة فلم يعفن .
أما إن كانت هذه الحرارة ضعيفة خلت الطبيعة عن الرطوبات لضعف الآلة المتوسطة بينها وبين الرطوبات فوقفت وصادفتها الحرارة الغريبة غير مشغولة بتصريف فتمكنت منها واستولت عليها وحركتها حركة غريبة فحدثت العفونة فالحرارة الغريزية آلة للقوى كلها والبرودة منافية لها لا تنفع إلا بالعرض فلهذا يقال حرارة غريزية ولا يقال برودة غريزية ولا ينسب إلى البرودة من كدخدائية البدن ما ينسب إلى الحرارة .
وأما السابع : فحال النوم واليقظة فإن اعتدالهما يدلّ على اعتدال المزاج لا سيما في الدماغ وزيادة النوم بالرطوبة والبرودة وزيادة اليقظة لليبس والحرارة خاصة في الدماغ .
وأما الثامن : فهو الجنس المأخوذ من دلائل الأفعال فإن الأفعال إذا كانت مستمرة على المجرى الطبيعي تامة كاملة دلت على اعتدال المزاج وإن تغيرت عن جهتها إلى حركات مفرطة دلت على حرارة المزاج وكذلك إذا أسرعت فإنها تدل على الحرارة مثل سرعة النشو وسرعة نبات الشعر وسرعة نبات الأسنان وإن تبلدت أو ضعفت وتكاسلت وأبطأت دلت على برودة المزاج .


على أن قد يكون ضعفها وتبلدها وفتورها واقعاً بسبب مزاج حار إلا أنه لا يخلو مع ذلك عن تغيير عن المجرى الطبيعي مع الضعف وقد يفوت بسبب الحرارة أيضاً كثيراً من الأفعال الطبيعية وينقص مثل النوم فربما بطل بسبب المزإج الحار أو نقص ولذلك قد يزداد بعض الأحوال الطبيعية للبرد مثل النوم إلا أنها لا تكون من جملة الأحوال الطبيعية مطلقاً بل بشرط وبسبب فان النوم ليس محتاجاً إليه في الحياة .
والصحة حاجة مطلقة بل بسبب تخل من الروح عن الشواغل لما عرض له من التعب أو لما يحتاج إليه من الإكباب على هضم الغذاء لعجزه عن الوفاء بالأمرين .
فإذن : النوم إنما يحتاج إليه من جهة عجز ما وهو خروج عن الواجب الطبيعي .
وإن كان ذلك الخروج طبيعياً من حيث هو ضروري فإن الطبيعي يقال على الضرورة باشتراك الإسم .
وهذا القسم أصح دلائله إنما هو على المزج المعتدل وذلك بأن تعتدل الأفعال وتتم .
وأما دلالته على الحر والبرد واليبوسة والرطوبة فدلالة تخمينية .
ومن جنس الأفعال القوية الدالة على الحرارة قوة الصوت وجهارته وسرعة الكلام واتصاله والغضب وسرعة الحركات والطرف وإن كان قد تقع هذه لا بسبب عام بل بسب خاص بعضو الفعل .
والجنس التاسع : جنس دفع البدن للفضول وكيفية ما يدفع فإن الدفع إذا استمر وكان ما يبرز من البراز والبول والعرق وغير ذلك حاراً له رائحة قوية وصبغ لما له من صبغ وانشواء وانطباخ لما له انشواء وانطباخ فهو حار وما يخالفه فهو بارد .
والجنس العاشر : مأخوذ من أحوال قوى النفس في أفعالها وانفعالاتها مثل أن الحرد القوي والضجر والفطنة والفهم والإقدام والوقاحة وحسن الظن وجودة الرجاء والقساوة والنشاط ورجولية الأخلاق وقلة الكسل وقلة الإنفعال من كل شيء يدلّ على الحرارة وأضدادها على البرودة .
وثبات الحرد والرضا والمتخيل والمحفوظ وغير ذلك يدل على اليبوسة وزوال الإنفعالات بسرعة يدل على الرطوبة .


ومن هذا القبيل الأحلام والمنامات فإن من غلب على مزاجه حرارة يرى كأنه يصطلي نيراناً أو يشمس ومن غلب على مزاجه برد فيرى كأنه يثلج أو هو منغمس في ماء بارد ويرى صاحب كل خلط ما يجانس خلطه فيما يقال .
وهذا الذي ذكرناه كله أو أكثره إنما هو من باب علامات الأمزجة الواقعة في أصل البنية .
وأما الأمزجة الغريبة العرضية : فالحار منها يدل على اشتعال للبدن مؤذ وتأذ بالحميّات وسقوط قوة عند الحركات لثوران الحرارة وعطش مفرط والتهاب في فم المعدة ومرارة في الفم ونبض إلى الضعف والسرعة الشديدة والتواتر وتأذ بما يتناوله من المسخنات وتشف بالمبردات ورداءة حال في الصيف .
وأما دلائل المزاج البارد الغير الطبيعي فقلة هضم وقلة عطش واسترخاء مفاصل وكثرة حميات بلغمية وتأذ بالنزلات .
وبتناول المبردات وتشف بتناول ما يسخن ورداءة حال في الشتاء .
وأما دلائل الرطب الغير الطبيعي فمناسبة لدلائل البرودة وتكون مع ترهّل وسيلان لعاب ومخاط وانطلاق طبيعة وسوء هضم وتأذ بتناول ما هو رطب وكثرة نوم وتهيج أجفان .
وأما دلائل اليبس الغير الطبيعي فتقشف وسهر ونحول عارض وتأذ بتناول ما فيه من يبس وسوء حال في الخريف وتشف بما يرطب وانتشاف في الحال للماء الحار والدهن اللطيف وشدة قبول لهما فاعلم هذه الجملة .


حاصل علامات المعتدل المزاج علاماته المجموعة الملتقطة مما قلنا هي : اعتدال الملمس في الحر والبرد واليبوسة والرطوبة واللين والصلابة واعتدال اللون في البياض والحمرة واعتدال السحنة في السمن والقصافة وميل إلى السمن وعروقه بين الغائرة ويين الركبة على اللحم المتبرية عنه بارزاً واعتدال الشعر في الزبب والزعر والجعودة والسبوطة إلى الشقرة ما هو في سن الصبا وإلى السواد ما هو في سن الشباب واعتدال حال النوم واليقظة ومواتاة الأعضاء في حركاتها وسلاسة وقوة من التخيل والتفكر والتذكر وتوسط من الأخلاق بين الإفراط والتفريط أعني التوسط بين التهور والجبن والغضب والخمول والدقة والقساوة والطيش والتيه وسقوط النفس وتمام الأفعال كلها وصحة وجودة النمو وسرعته وطول الوقوف .
وتكون أحلامه لذيذة مؤنسة من الروائح الطيبة والأصوات اللذيذة والمجالس البهيجة ويكون صاحبه محبباً طلق الوجه هشاً معتدل شهوة الطعام والشراب جيد الاستمراء في المعدة والكبد والعروق والنسبة في جميع البدن معتدل الحال في انتقاض الفضول منه من المجاري المعتادة .
الفصل الخامس علامات من ليس بجيد الحال في خلقته
هذا هو الذي لا يتشابه مزاج أعضائه بل ربما تعاندت أعضاؤه الرئيسة في الخروج عن الاعتدال فخرج عضو منها إلى مزاج والآخر إلى ضده فإذا كانت بنيته غير متناسبة كان رديئاً حتى في فهمه وعقله مثل الرجل العظيم البطن القصير الأصايع المستدير الوجه والهامة العظيم الهامة أو الصغير الهامة لحيم الجبهة والوجه والعنق والرجلين وكأنما وجهه نصف دائرة فإن كان فكاه كبيرين فهو مختلف جداً وكذلك إن كان مستدير الرأس والجبهة لكن وجهه شديد الطول ورقبته شديدة الغلظ في عينيه بلادة حركة فهو أيضاً من أبعد الناس عن الخير .
الفصل السادس العلامات الدالة على الامتلاء
الامتلاء على وجهين : امتلاء بحسب الأوعية وامتلاء بحسب القوة .


والامتلاء بحسب الأوعية هو أن تكون الأخلاط والأرواح وإن كانت صالحة في كيفيتها قد زادت في كميتها حتى ملأت الأوعية ومددتها .
وصاحبه يكون على خطر من الحركة فإنه ربما صدع الامتلاء للعروق وسالت إلى المخانق فحدث خناق وصرع وسكتة .
وعلاجه هو المبادرة إلى الفصد .
وأما الامتلاء بحسب القوة فهو أن لا يكون الأذى من الأخلاط لكميتها فقط بل لرداءة كيفيتها فهي تقهر القوة برداءة كيفيتها ولا تطاوع الهضم والنضج ويكون صاحبها على خطر من أمراض أما علامات الامتلاء جملة : فهي ثقل الأعضاء والكسل عن الحركات واحمرار اللون وانتفاخ العروق وتمدد الجلد وامتلاء النبض وانصباغ البول وثخنه وقلة الشهوة وكلال البصر والأحلام التي تدلّ على الثقل مثل من يرى أنه ليس به حراك أو ليس به استقلال للنهوض أو يحمل حملاً ثقيلاً أو ليس يقدر على الكلام كما أن رؤيا الطيران وسرعة الحركات تدل على أن الأخلاط رقيقة وبقدر معتدل وعلامات الامتلاء بحسب القوة .
أما الثقل والكسل وقلة الشهوة فهو يشارك فيها الامتلاء الأول ولكن إذا كان الامتلاء بحسب القوة ساذجاَ لم تكن العروق شديدة الانتفاخ ولا الجلد شديد التمدد ولا النبض شديد الامتلاء والعظم ولا الماء كثير الثخن ولا اللون شديد الحمرة ويكون الانكسار والإعياء إنما يهيج فيه بعد الحركة والتصرف وتكون أحلامه تريه حكة ولذعاً وإحراقاً وروائح منتنة .
ويدلّ أيضاً على الخلط الغالب بدلائله التي سنذكرها .
وفي أكثر الأمر فإن الامتلاء بحسب القوة يولّد المرض قبل استحكام دلائله .


القانون
القانون
( 9 من 70 )

الفصل السابع علامات غلبة الخلط
خلط أما الدم إذا غلب فعلاماته : مقارنة لعلامات الامتلاء بحسب الأوعية ولذلك قد يحدث من غلبته ثقل في البدن في أصل العينين خاصة والرأس والصدغين وتمط وتثاؤب و غشيان ونعاس لازب وتكدر الحواس وبلادة في الفكر وإعياء بلا تعب سابق وحلاوة في الفم غير معهودة وحمرة في اللسان وربما ظهر في البدن دماميل وفي الفم بثور ويعرض سيلان دم من المواضع السهلة الانصداع كالمنخر والمقعدة واللثة .
وقد يدلّ عليه المزاج والتدبير السالف والبلد والسن والعاثة وبعد العهد بالفصد والأحلام الدالة عليه مثل الأشياء الحمر يراها في النوم ومثل سيلان الدم الكثير عنه ومثل الثخانة في الدم وما أشبه ما ذكرنا .
وأما علامات غلبة البلغم : فبياض زائد في اللون وترهّل ولين ملمس وبرودة وكثرة الريق ولزوجته وقلة العطش إلا أن يكون مالحاً وخصوصاً في الشيخوخة وضعف الهضم والجشاء الحامض وبياض البول وكثرة النوم والكسل واسترخاء الأعصاب والبلادة ولين نبض إلى البطء والتفاوت ثم السن والعادة والتدبير السالف والصناعة والبلد والأحلام التي يرى فيها مياه وأنهار وثلوج وأمطار وبرد برعدة .
وأما علامات غلبة الصفراء : فصفرة اللون والعينين ومرارة الفم وخشونة اللسان وجفافه ويبس المنخرين واستلذاذ النسيم البارد وشدّة العطش وسرعة النفس وضعف شهوة الطعام والغثيان والقيء الصفراوي الأصفر والأخضر والاختلاف اللاذع وقشعريرة كغرز الأبر ثم التدبير السالف والسن والمزاج والعادة والبلد والوقت والصناعة والأحلام التي يرى فيها النيران والرايات الصفر ويرى الأشياء التي لا صفرة لها مصفرة ويرى التهاباً وحرارة حمام أو شمس وما يشبه ذلك .


وأما علامات غلبة السوداء : فقحل اللون وكمودته وسواد الدم وغلظه وزيادة الوسواس والفكر واحتراق فم المعدة والشهوة الكاذبة وبول كمد وأسود وأمر غليظ وكون البدن أسود أزب فقلما تتولد السوداء في الأبدان البيض الزعر وكثرة حدوث البهق الأسود والقروح الرديئة وعلل الطحال والسن والمزاج والعادة والبلد والصناعة والوقت والتدبير السالف والأحلام الهائلة من الظلم والهوات والأشياء السود والمخاوف .
الفصل الثامن العلامات الدالة على السدد
إنه إذا احتقنت مواد ودلت الدلائل عليها وأحس بتمدّد ولم يحس بدلائل الامتلاء في البدن كله فهناك سدد لا محالة وأما النقل فيحسّ في السدد إذا كانت السدد في مجار لا بد من أن يجري فيها مواد كثيرة مثل ما يعرض من السدد في الكبد فإن ما يصير من الغذاء إلى الكبد إذا عاقته السدد عن النفوذ اجتمع شيء كثير واحتبس وأثقل ثقلاً كثيراً فوق ثقل الورم ويميز عن الورم بشدة الثقل وعدم الحمى .
وأما إذا كانت السدّة في غير هذه المجاري لم يحس بثقل وأحس باحتباس نفوذ الدم وبالتمدّد وأكثر من به سدد في العروق يكون لونه أصفر لأن الدم لا ينبعث في مجاريه إلى ظاهر البدن .
الفصل التاسع العلامات الدالة على الرياح
الرياح قد يستدل عليها بما يحدث في الأعضاء الحساسة من الأوجاع وذلك تابع لما يفعله من تفرّق الاتصال ويستدلّ عليها من حركات تعرُّض للأعضاء ويستدلّ عليها من الأصوات ويستدل عليها باللمس .
وأما الأوجاع الممددة تدل على الرياح لا سيما إذا كانت مع خفة فإن كان هناك انتقال من الوجع فقد تمت الدلالة وهذا إنما يكون إذا كان تفرق الاتصال في الأعضاء الحساسة .
وأما مثل العظم واللحم الغددي فلا يبين ذلك فيها بالوجع فقد يكون من رياح العظام ما يكسر العظام كسراً ويرضّها رضًّا ولا يكون له وجع إلا تابعاً لحس المنكسر بما يليه .


وأما الاستدلال على الرياح من حركات الأعضاء فمثل الاستدلال من الاختلاجات على رياح تتكون وتتحرك على الإقلال والتحلّل .
وأما الاستدلال عليها من الأصوات فإما أن تكون الأصوات منها أنفسها كالقراقر ونحوها وكما يحس في الطحال إذا كان وجعه من ريح بغمز وإما أن يكو الصوت يفعل فيها بالقرع كما يميّز بين الاستسقاء الزقيّ والطبلي بالضرب .
وأما الاستدلال عليها من طريق المس يميز بين النفخة والسلعة بما يكون هناك من تمدّد مع انغماز في غيررطوبة سيّالة مترجرجة أو خلط لزج فإن الحسّ اللمسي يميّز بين ذلك والفرق بين النفخة والريح ليس في الجوهر بل في هيئة الحركة والركود والإنزعاج .
الفصل العاشر العلامات الدالة على الأورام
أما الظاهرة : فيدل عليها الحس والمشاهدة وأما الباطنة فالحار منها يدلّ عليه الحمّى اللازمة والثقل إن كان لا حس للعضو الذي هو فيه أو التفل مع الوجع الناخس إن كان للعضو الوارم حسّ .
ومما يدل أيضاً أو يعين في الدلالة الآفة الداخلة في أفعال ذلك العضو ومما يوكد الدلالة إحساس الانتفاخ في ناحية ذلك العضو كان للحس إليه سبيل .
وأما البارد فليس يتبعه لا محالة وجع وتعسر الإشارة إلى علاماته الكلية وإن سهل أحوج إلى كلام ممل والأولى أن نؤخر الكلام فيه إلى الأقاويل الجزئية في عضو عضو .
والذي يقال ههنا أنه إذا أحس بثقل ولم يحس بوجع وكان معه دلائل غلبة البلغم فليحدس أنه بلغمي .
وإن كان معه دلائل غلبة السوداء فهو سوداوي وخصوصاً إذا لمس وكان صلباً .
والصلابة من أفضل الدلائل عليها .
وإذا كانت الأورام الحارة في الأعصاب كان الوجع شديداً والحميات قوية وسارعت إلى الإيقاع في التمدد وفي اختلاط العقل وأحدثت في حركات القبض والبسط آفة .


وجميع أورام الأحشاء يحدث رقة ونحولاً في المراق وإذا أجمعت أورام الأحشاء وأخذت في طريق الخراجية اشتد الوجع جداً والحمى وخشن اللسان خشونة شديدة واشتد السهر وعظمت الأعراض وعظم الثقل وربما أحس الصلابة والتركز وربما ظهر في البدن نحافة عاجلة وفي العينين غؤر مغافص فإذا تقيّح الجمع سكنت ثورة الحمى والوجع والضربان وحصل بدل الوجع شيء كالحكة وإن كانت حمرة وصلابة خفت الحمرة ولان المغمز وسكّنت الأعراض المؤلمة كلها وبلغ الثقل غايته فإذا انفجر عرض أولاً نافض للذع المدة ثم ظهرت حمى بسبب لذع المادة واستعرض النبض للاستفراغ واختلف وأخذ طريق الضعف والصغر والإبطاء والتفاوت وظهر في الشهوة سقوط .
وكثيراً ما تسخن له الأطراف .
وأما المادة فتندفع بحسب جهتها إما في طريق النفث أو في طريق البول أو فى طريق البراز .
والعلامة الجيدة بعد الانفجار تمام سكون الحمى وسهولة التنقس وانتعاش القوة وسرعة اندفاع المادّة في جهتها وربما انتقلت المادة في الأورام الباطنة من عضو إلى عضو وذلك الانتقال قد يكون جيداً وقد يكون رديئاً والجيد أن ينتقل من عضو شريف إلى عضو خسيس مثل ما ينتقل في أورام الدماغ إلى ما خلف الأذنين وفي أورام الكبد إلى الأربيتين .
والرديء أن ينتقل من عضو إلى عضو أشرف منه أو أقلّ صبراً على ما يعرض به مثل أن ينتقل من ذات الجنب إلى ناحية القلب أو إلى ذات الرئة .
ولانتقال الأورام الباطنة وميلان الخراجات الباطنة التي تحت وإلى فوق علامات فإنها إذا مالت في انتقالها إلى ما تحت ظهر في الشراسيف تمدد وثقل وإذا مالت في انتقالها إلى ما فوق دلّ عليه سوء حال النفس وضيقه وعسره وضيق الصدر والتهاب يبتدىء من تحت إلى فوق وثقل في ناحية الترقوة وصداع وربما ظهر أثره في الترقوة والساعد .
والمائل إلى فوق إن تمكّن من الدماغ كان رديئاً فيه خطر وإن مال إلى اللحم الرخو الذي خلف الأذنين كان فيه رجاء خلاص .


والرعاف في مثل هذا دليل جيد وفي جميع أورام الاحشاء .
وانتظر في استقصاء هذا ما نقوله من بعد حيث نستقصي الكلام في الأورام وحيث نذكر حال ورم عضو عضو من الباطنة .
الفصل الحادي عشر علامات تفرق الاتصال
تفرق الاتصال إن عرض في الأعضاء الظاهرة وقف عليه الحس وإن وقع في الأعضاء الباطنة دل عليه الوجع الثاقب والناخس والآكال ولا سيما إن لم يكن معه حمى .
وكثيراً ما يتبعه سيلان خلط كنفث الدم وانصبابه إلى فضاء الصدر وخروج مدة وقيح إن كان بعد علامات الأورام ونضجها .
والذي يكون عقيب الأورام فربما كان دالا " على انفجار عن نضج وربما لم يكن .
فمان كان عن نضج سكن الحمى مع الانفجار واستفراغ القيح وسكن الثقل وخف .
وإن لم يكن كذلك اشتد الوجع وزاد .
وقد يستدل على تفرق الاتصال بانخلاع الأعضاء عن مواضعها وبزوال العضو عن موضعه وإن لم ينخلع كالفتق .
وقد يستدل عليه باحتباس المستفرغات عن المجاري فإنها ربما انصبت إلى فضاء يؤدي إليه تفرق الاتصال ولم ينفصل عن المسلك الطبيعي كما يعرض لمن انخرق أمعاؤه أن يحتبس برازه وربما خفي تفرق الاتصال ولم يوقف عليه بالعلامات الكلية المذكورة واحتيج في بيانه إلى الأقوال الجزئية بحسب عضو عضو وذلك بأن يكون العضو لا حس له أو لا يحتوي على رطوبة فيسيل ما فيه أو لا مجال له فيزول عن موضعه أو ليس يعتمد على عضو فيزول بانخلاعه .
واعلم أن أصعب الأورام أعراضاَ وأصعب تفرق الاتصال أعراضاً ما كان في الأعضاء العصبية الشديدة الحس فإنها ربما كانت مهلكة وأما الغشي والتشنج فيلحقها دائماً .
أما الغشي فلشدة الوجع .
وأما التشنّج فلعصبية العضو ثم اللاتي تكون على المفاصل فإنها يبطؤ قبولها للعلاج لكثرة حركة المفصل وللفضاء الذي يكون عند المفصل المستعد لانصباب المواد إله ولأن النبض والبول من العلامات الكلية لأحوال البدن

الجملة الأولى النبض
وهي تسعة عشر فصلاً
الفصل الأول كلام كلي في النبض


فنقول : النبض حركة من أوعية الروح مؤلفة من انبساط وانقباض لتبريد الروح بالنسيم .
والنظر في النبض إما كليّ وإما جزئي بحسب مرض مرض .
ونحن نتكلم ههنا في القوانين الكلية من علم النبض ونؤخر الجزئية إلى الكلام في الأمراض الجزئية فنقول : إن كل نبضة فهي مركبة من حركتين وسكونين لأن كل نبض مركّب من انبساط وانقباض ثم لا بد من تخلل السكون بين كل حركتين متضادتين لاستحالة اتصال الحركة بحركة أخرى بعد أن يحصل لمسافتها نهاية وطرف بالفعل وهذا مما يبين في العلم الطبيعي وإذا كان كذلك لم يكن بد من أن يكون لكل نبضة إلى أن تلحق الأخرى أجزاء أربعة : حركتان وسكونان حركة انبساط وسكون بينه وبين الانقباض وحركة انقباض وسكون بينه وبين الانبساط .
وحركة الإنقباض عند كثير من الأطباء غير محسوسة أصلاً وعند بعضهم أن الإنقباض قد يحسّ إما في النبض القوي فلقوته وأما في العظيم فلإشرافه وأما في الصلب فلشدة مقاومته وأما في البطن فلطول مدة حركته .
وقال " جالينوس " : إني لم أزل أغفل عن الإنقباض مدة ثم لم أزل أتعاهد الجسّ حتى فطنت لشيء منه ثم بعد حين أحكمت ثم انفتح علي أبواب من النبض ومن تعهد ذلك تعهدي أدرك إدراكي وأنه - وإن كان الأمر على ما يقولون - فالانقباض في أكثر الأحوال غير محسوس والسبب في وقوع الاختيار على جس عرق الساعد أمور ثلاثة : - سهولة متناوله .
- وقلة المحاشاة عن كشفه .
واستقامة وضعه بحذاء القلب وقربه منه .
وينبغي أن يكون الجس واليد على جنب فإن اليد المتكئة تزيد في العرض والإشراف وتنقص من الطول خصوصاً في المهازيل والمستلقية تزيد في الإشراف والطول وتنقص من العرض .


ويجب أن يكون الجس في وقت يخلو فيه صاحب النبض عن الغضب والسرور والرياضة وجميع الانفعالات وعن الشبع المثقل والجوع وعن حال ترك العادات واستحداث العادات ويجب أن ثم نقول إن الأجناس التي منها تتعرف الأطباء حال النبض هي على حسب ما يصفه الأطباء عشرة وإن كان يجب عليهم أن يجعلوها تسعة : فالأول منها : الجنس المأخوذ من مقدار الانبساط .
والجنس الثاني : المأخوذ من كيفية قرع الحركة الأصابع .
والجنس الثالث : المأخوذ من زمان كل حركة .
والجنس الرابع : المأخوذ من قوام الآلة .
والجنس الخامس : المأخوذ من خلائه وامتلائه .
والجنس السادس : المأخوذ من حر ملمسه وبرده .
والجنس السابع : المأخوذ من زمان السكون .
والجنس الثامن : المأخوذ من استواء النبض واختلافه .
والجنس التاسع : المأخوذ من نظامه في الاختلاف أو تركه للنظام .
والجنس العاشر : المأخوذ من الوزن .
أما من جنس مقدار النبض فيدل من مقدار أقطاره الثلاثة التي هي طوله وعرضه وعمقه فتكون أحوال النبض فيه تسعة بسيطة ومركبات .
فالتسعة البسيطة هي الطويل والقصير والمعتدل والعريض والضيق والمعتدل والمنخفض والمشرف والمعتدل .
فالطويل هو الذي تحس أجزاؤه في طوله أكثر من المحسوس الطبيعي على الإطلاق وهو المزاج المعتدل الحق أو من الطبيعي الخاص بذلك الشخص وهو المعتدل الذي يخصه وقد عرفت الفرق بينهما قبل .
والقصير ضده وبينهما المعتدل وعلى هذا القياس فاحكم في الستة الباقية .
وأما المركبات من هذه البسيطة فبعضها له اسم وبعضها ليس له اسم فان الزائد طولاً وعرضاً وعمقاً يسمى العظيم والناقص في ثلاثتها يسمى الصغير وبينهما المعتدل والزائد عرضاً وشهوقاً يسمى الغليظ والتاقص فيهما يسمى الدقيق وبينهما المعتدل .
وأما الجنس المأخوذ من كيفية قرع الحركة للاصايع فأنواعه ثلاثة : القوي وهو الذي يقاوم الجس عند الانبساط والضعيف يقابله والمعتدل بينهما .


وأما الجنس المأخوذ من زمان كل حركة فأنواعه ثلاثة : السريع وهو الذي يتمم الحركة في مدة قصيرة البطيء ضده ثم المعتدل بينهما .
وأما الجنس المأخوذ من قوام الآلة فأصنافه ثلاثة : اللين وهو القابل للاندفاع إلى داخل عن الغامر بسهولة والصلب ضده ثم المعتدل .
وأما الجنس المأخوذ من حال ما يحتوي عليه فأصنافه ثلاثة : الممتلىء وهو الذي يحس أن في تجويفه رطوبة مائلة .
يعتد بها لإفراغ صرف والخالي ضدَه ثم المعتدل .
وأما الجنس المأخوذ من ملمسه فأصنافه ثلاثة : الحار والبارد والمعتدل بينهما .
وأما الجنس المأخوذ من زمان السكون فأصنافه ثلاثة : المتواتر وهو القصير الزمان المحسوس بين القرعتين ويقال له أيضاً المتدارك والمتكاثف والمتفاوت ضده ويقال له أيضاً المتراخي والمتخلخل وبيهما المعتدل .
ثم هذا الزمان هو بحسب ما يدرك عن الإنقباض فإن لم يدرك الإتقباض أصلاً كان هو وأما الجنس المأخوذ من الاستواء والاختلاف فهو إما مستو وإما مختلف غير مستو وذلك باعتبار تشابه نبضات أو أجزاء نبضة أو جزء واحد من النبضة في أمور خمسة : العظم والصغر والقوة و الضعف والسرعة والبطء والتواتر والتفاوت والصلابة واللين حتى إن النبض الواحد يكون أجزاء انبساطه أسرع لشدة الحرارة أو أضعف للضعف وإن شئت بسطت القول فاعتبرت في الاستواء والاختلاف في الأقسام المذكورة الثلاثة سائر الأقسام الآخَر .
لكن ملاك الاعتبار مصروف إلى هذه والنبض المستوي على الإطلاق هو النبض المستوي في جميع هذه وإن استوى في شيء منها وحده فهر مستوفية وحده كأنك قلت مستوفي القوة أو مستوفي السرعة .
وكذلك المختلف وهو الذي ليس بمستوٍ فهو إما على الإطلاق وإما فيما ليس فيه بمستو .


وأما الجنس المأخوذ من النظام وغير النظام فهو ذو نوعين مختلف منتظم ومختلف غير منتظم والمنتظم هو الذي لاختلافه نظام محفوظ يدور عليه وهو على وجهين : إما منتظم على الإطلاق وهو أن يكون للمتكرر منه خلاف واحد فقط واما منتظم يدور وهو أن يكون له دوراً اختلافين فصاعداً مثل أن يكون هناك دور ودور آخر مخالف له إلا أنهما يعودان معاً على ولائهما كدور واحد وغير المنتظم ضده وإذا حققت وجدت هذا الجنس التاسع كالنوع من وينبغي أن يُعلَم أن في النبض طبيعة موسيقاوية موجودة فكما أن صناعة الموسيقى تتم بتأليف النغم على نسبة بينها في الحدة والثقل وبأدوار إيقاع مقدار الأزمنة التي تتخلل نقراتها كذلك حال النبض فإن نسبة أزمتها في السرعة والتواتر إيقاعية ونسبة أحوالها في القوة والضعف وفي المقدار نسبة كالتأليفية وكما أن أزمنة الإيقاع ومقادير النغم قد تكون متفقهّ وقد تكون غير متفقة كذلك الاختلافات قد تكون منتظمة وقد تكون غير منتظمة وأيضاً نسب أحوال النبض في القوة والضعف والمقدار قد تكون متفقة وقد تكون غير متفقة بل مختلفة وهذا خارج عن جنس اعتبار النظام .
و " جالينوس " يرى أن القدر المحسوس من مناسبات الوزن ما يكون على إحدى هذه النسب الموسيقاوية المذكورة إما على نسبة الكل والخمسة وهو على نسبة ثلاثة أضعاف إذ هو الضعف مؤلفة بنسبة الزائد نصفاً وهو الذي يقال له نسبة الذي بالخمسة وهو الزائد نصفاً وعلى نسبة الذي بالكل وهو الضعف وعلى نسبة الذي بالخمسة وهو الزائد نصفاً وعلى نسبة الذي بالأربعة وهو الزائد ثلثاً وعلى نسبة الزائد ربعاً ثم لا يحس وأنا أستعظم ضبط هذه النسب بالجس وأسهله على من اعتاد درج الإيقاع وتناسب النغم بالصناعة ثم كان له قدرة على أن يعرف الموسيقى فيقيس المصنوع بالمعلوم فهذا الإنسان إذا صرف تأمله إلى النبض أمكن أن يفهم هذه النسب بالجس .


وأقول أن أفراد جنس المنتظم وغير المنتظم على أنه أحد العشرة - وإن كان نافعاً - فليس بصواب في التقسيم لأن هذا الجنس داخل تحت المختلف فكأنه نوع منه .
وأما الجنس المأخوذ من الوزن فهو بمقايسهّ مقادير نسب الأزمنة الأربعة التي للحركتين والوقوفين وإن قصر الجس عن ضبط ذلك كله فبمقايسة مقادير نسب أزمنة الإنبساط إلى الزمان الذي بين انبساطين .
وبالجملة الزمان الذي فيه الحركة إلى الزمان الذي فيه السكون .
والذين يدخلون في هذا الباب مقايسة زمان الحركة بزمان الحركة وزمان السكون بزمان السكون فهم يدخلون باباً في باب على أن ذلك الإدخال جائز أيضاً غير محال إلا أنه غير جيد .
والوزن هو الذي يقع فيه النسب الموسيقاوية .
ونقول إن النبض إما أن يكون جيّد الوزن وإما أن يكون رديء الوزن .
ورديء الوزن أنواعه ثلاثة : أحدها : المتغيِّر الوزن مجاوز الوزن وهو الذي يكون وزنه وزن سن يلي سن صاحبه كما يكون للصبيان وزن نبض الشبان .
والثاني : مباين الوزن كما يكون للصبيان مثل وزن نبض الشيوخ .
والثالث : الخارج عن الوزن وهو الذي لا يشبه في وزنه نبضاً من نبض الأسنان .
وخروج النبض عن الوزن كثيراً يدل على تغير حال عظيم .
شرح خاص النبض المستوي والمختلف يقولون : إن النبض المختلف إما أن يكون اختلافه في نبضات كثيرة أو في نبضة واحدة .
والمختلف في نبضة واحدة إما أن يختلف في أجزاء كثيرة أي مواقع للأصابع متباينة أو في جزء واحد أي في موقع أصبع واحد .
والمختلف في نبضات كثيرة منه المختلف المتدرج الجاري في الاستواء وهو أن يأخذ من نبضة وينتقل إلى أزيد منها أو أنقص ويستمر على هذا النهج حتى يوافي غاية في النقصان أو غاية في الزيادة بتدريج متشابه فينقطع عائداً إلى العظم الأول أو متراجعأ من صغره تراجعاَ متشابهاٌ في الحالين جميعاً للمأخذ الأول أو مخالفاً بعد أن يكون متوجهاً من ابتداء بهذه الصفة إلى انتهاء بهذه الصفة .


وربما وصل إلى الغاية وربما انقطع دونه وربما جاوزه .
وحين ينقطع فربما ينقطع في وسطه بفترة وقد يفعل خلاف الانقطاع وهو أن يقع في وسطه .
وذو الفترة من النبض هو المختلف الذي يتوقع فيه حركة فيكون سكون والواقع في الوسط هو المختلف الذي حيث يتوقع فيه سكون فيكون حركة .
وأما اختلاف النبض في أجزاء كثيرة من نبضة واحدة فإما في وضع أجزائها أو في حركة أجزائها .
أما الإختلاف الذي في وضع الأجزاء فهو اختلاف نسبة أجزاء العرق إلى الجهات ولأن وأما الاختلاف في الحركة فإما في السرعة والإبطاء وإما في التأخر والتقدم أعني أن يتحرك جزء قبل وقت حركته أو بعد وقته وإما في القوة والضعف وإما في العظم والصغر وذلك كله إما جار على ترتيب مستو أو ترتيب مختلف بالتزيد والتنقص وذلك إما في جزأين أو ثلاثة أو أربعة أعني مواقع الأصابع وعليك التركيب والتأليف .
وأما اختلاف النبض في جزء واحد فمنه المنقطع ومنه العائد ومنْه المتّصل .
والمنقطع هو الذي ينفصل في جزء واحد بفترة حقيقية والجزء الواحد المفصول منه بالفترة قد يختلف طرفاه بالسرعة والبطء والتشابه .
وأما العائد فأن يكون نبض عظيم رجع صغيراً في جزء واحد ثم عاد عودة لطيفة .
ومن هذا النوع النبض المتداخل وهو أن يكون نبض كنبضتين بسبب الإختلاف أو بنقصان كنبض لتداخلهما وعلى حسب رأي المختلفين في ذلك .
وأما المتصل فهو الذي يكون اختلافه متدرجاً على اتصاله غير محسوس الفصل فيما يتغير إليه من سرعة إلى بطء أو بالعكس أو إلى الاعتدال أو من اعتدال فيهما أو من عظم أو صغر أو اعتدال فيهما إلى شيء مما ينتقل إليه .
وهذا قد يستمر على التشابه وقد يتفق أن يكون مع اتصاله في بعض الأجزاء أشد اختلافاً وفي بعضها أقل .
أصناف النبض المركب المخصوص فمنه الغزالي وهو المختلف في جزء واحد إذا كان بطيئاً ثم ينقطع فيسرع ومنه الموجي وهو المختلف في عظم أجزاء العروق وصغرها أو شهوقها .


وفي العرض وفي التقدم والتأخر في مبتدأ حركة النبض مع لين فيه وليس بصغير جداً وله عرض ما وكأنه أمواج يتلو بعضها بعضاً على الاستقامة مع اختلاف بينها في الشهوق والانخفاض والسرعة والبطءء ومنه الدودي وهو شبيه به إلا أنه صغير شديد التواتر يوهم تواتره سرعة وليس بسريع .
والنملي أصغر جداً أو أشد تواتراً والدودي والنملي اختلافهما في الشهوق وفي التقدم والتأخر أشد ظهوراً في الجس من اختلافهما في العرض بل عسى ذلك أن لا يظهر .
ومنه المنشاري وهو شبيه بالموجي في اختلاف الأجزاء في الشهوق والعرض وفي التقدم والتأخًر إلا أنه صلب ومع صلابته مختلف الأجزاء في صلابته فالمنشاري نبض سريع متواتر صلب مختلف الأجزاء في عظم الانبساط والصلابة واللين .
ومنه ذنب الفار وهو الذي يتدرّج في اختلاف أجزاء من نقصان إلى زيادة ومن زيادة إلى نقصان وذنب الفار قد يكون في نبضات كثيرة وقد يكون في نبضة واحدة في أجزاء كثيرة أو في جزء واحد .
واختلافه الأخصّ هو الذي يتعلق بالعظم وقد يكون باعتبار البطء والسرعة والقوة والضعف .
ومنه المسلّي وهو الذي يأخذ من نقصان إلى حد في الزيادة ثم يتناكس على الولاء إلى أن يبلغ الحد الأول في النقصان فيكون كذنبي فار يتصلان عند الطرف الأعظم ومنه ذو القرعتين .
والأطباء مختلفون فيه فمنهم من يجعله نبضة واحدة مختلفة في التقدم والتأخر ومنهم من يقول إنهما نبضتان متلاحقتان .
وبالجملة ليس الزمان بينهما بحيث يتسع لانقباض ثم انبساط وليس كل ما يحس منه قرعتان يجب أن يكون نبضتين وإلا لكان المنقطع الإنبساط العائد نبضتين .
وإنما يجب أن يعد نبضتين إذا ابتدأ فانبسط ثم عاد إلى العمق منقبضاً ثم صار مرة أخرى منبسطاً .


ومنه ذو الفترة والواقع في الوسط المذكوران والفرق بين الواقع في الوسط وبين الغزالي أن الغزالي تلحق فيه الثانية قبل انقضاء الأولى وأما الواقع في الوسط فتكون النبضة الطارئة فيه في زمان السكون وانقضاء القرعة الأولى .
ومن هذه الأبواب النبض المتشنج والمرتعش والملتوي الذي كأنه خيط يلتوي وينفتل وهي من باب الاختلاف في التقدم والتأخر والوضع والعرض .
والمتوتر جنس من جملة الملتوي يشبه المرتعد إلا أن الانبساط في المتواتر أخفى وكذلك الخروج عن استواء الوضع في الشهوق في المتواتر أخفى وأما الثمود فهو في المتواتر واضح وربما كان الميل منه إلى جانب واحد فقط .
وأكثر ما تعرض أمثال المتواتر والملتوي والمائل إلى جانب إنما يعرض
الفصل الرابع في الطبيعي من أصناف النبض
كل واحد من الأجناس المذكورة التي تقتضي تفاوتاً في زيادة ونقصان فالطبيعي منها هو المعتدل إلا القوي منها فإن الطبيعي فيه هو الزائد وإن كان شيء من الأصناف الآخر إنما زاد تابعاً للزيادة في القوة فصار أعظم مثلاً فهو طبيعي لأجل القوى .
وأما الأجناس التي لا تحتمل الأزيد والأنقص فإن الطبيعي منها هو المستوى والمنتظم وجيد الوزن .
الفصل الخامس أسباب أنواع النبض المذكورة
أسباب النبض : منها أسباب عامة ضرورية ذاتية داخلة في تقويم النبض وتسمى الماسكة ومنها أسباب غير داخلة في تقويم النبض وهذه منها لازمة مغيّرة بتغيرها لأحكام النبض وتسمّى الأسباب اللازمة ومنها غير لازمة وتسمى المغيرة على الإطلاق .
والأسباب الماسكة ثلاثة : القوة الحيوانية المحرّكة للنبض التي في القلب وقد عرفتها في باب القوى الحيوانية .
والثاني الآلة : وهي العرف النابض وقد عرفته في ذكر الأعضاء .
والثالث الحاجة إلى التطفئة وهو المستدعي لمقدار معلوم من التطفئة ويتجدد بإزاء حدّ الحرارة في اشتعالها أو انطفائها أو اعتدالها .


وهذه الأسباب الماسكة تتغير أفعالها بحسب ما يقترن بها من الأسباب اللازمة والمغترة على الإطلاق .
الفصل السادس موجبات الأسباب الماسكة وحدها
إذا كانت الالة مطاوعة للينها والقوة قوية والحاجة شديدة إلى التطفئة كان النبض عظيماً .
والحاجة أعون الثلاثة على ذلك فإن كانت القوة ضعيفة تبعها صفر النبض لا محالة فإن كانت الآلة صلبة مع ذلك والحاجة يسيرة كان أصغر .
والصلابة قد تفعل الصغر أيضاً إلا أن الصغر الذي سببه الصلابة ينفصل عن الصغر الذي سببه الضعف بأنه يكون صلباً ولا يكون ضعيفاً ولا يكون في القصر والإنخفاض مفرطاً كما يكون عند ضعف القوة .
وقلة الحاجة أيضاً تفعل الصغر ولكن لا يكون هناك ضعف ولا شيء في هذه الثلاثة يوجب الصغر بمبلغ إيجاب الضعف وصغر الصلابة مع القوة أزيد من صغرعدم الحاجة مع القوة لأن القوة مع عدم الحاجة لا تنقص من المعتدل شيئاً كثيراً إذ لا مانع له عن البسط وإنما يميل إلى ترك زيادة على الاعتدال كثيرة لاحاجة إليها فإن كانت الحاجة شديدة والقوة قوية والآلة غير مطاوعة لصلابتها للعظم فلا بد من أن يصير سريعاً ليتدارك بالسرعة ما يفوت بالعظم وأن كانت القوة ضعيفة فلم يتأت لا تعظيم النبض ولا إحداث السرعة فيه فلا بد من أن يصير متواتراً ليتدارك بالتواتر ما فات بالعظم والسرعة فتقوم المرار الكثيرة مقام مرة واحدة كافية عظيمة أو مرتين سريعتين وقد يشبه هذا حال المحتاج إلى حمل شىء ثقيل فإنه إن كان يقوى على حمله جملة فعل وإلا قسمه بنصفين واستعجل وإلا قسمه أقساماً كثيرة فيحمل كل قسم كما يقدر عليه بتؤدة أو عجلة ثم لا يريث بين كل نقلتين وان كان بطيئاً فيهما اللهم إلا أن يكون في غايه الضعف فيريث وينقل بكد ويعود ببطء فإن كانت القوة قوية والآلة مطاوعة لكن الحاجة شديدة أكثر من الشدة المعتدلة فإن القوة تزيد مع العظم سرعة وإن كانت الحاجة أشد فعلت مع العظم والسرعة التواتر .


والطول يفعله إما بالحقيقة فأسباب العظم إذا منع مانع عن الاستعراض والشهوق كصلابة الآلة مثلاً المانعة عن الاستعراض وكثافة اللحم والجلد المانعة عن الشهوق وإما بالعرض فقد يعين عليه الهزال .
والعرض يفعله إما خلاء العروق فيميل الطبقة العالية على السافلة فيستعرض أو شدة لين الآلة .
والتواتر سببه ضعف أو كثرة حاجة لحرارة .
والتفاوت سببه قوة قد بلغت الحاجة في العظم أو برد شديد قفل من الحاجة أوغاية من سقوط القوة ومشارفة الهلاك .
وأسباب ضعف النبض من المغيرات الهم والأرق والاستفراغ والتحول والخلط الرديء والرياضة المفرطة وحركات الأخلاط وملاقاتها لأعضاء شديدة الحس ومجاورة للقلب وجميع ما يحلل .
وأسباب صلابة النبض يبس جرم العرق أو شدّة تمدده أو شدة برد مجمد وقد يصلب النبض في النجارين لشدة المجاهدة وتمدد الأعضاء لها نحو جهة دفع الطبيعة .
وأسباب لينه الأسباب المرطبة الطبيعية كالغذاء أو المرطبة المرضية كالاستسقاء وليثيارغوس أو التي ليست بطبيعية ولا مرضية كالاستحمام .
وسبب اختلاف النبض مع ثبات القوة ثقل مادة من طعام أو خلط ومع ضعف القوة مجاهدة العلة والمرض .
ومن أسباب الاختلاف امتلاء العروق من الدم .
ومثل هذا يزيله الفصد وأشد ما يوجب الاختلاف أن يكون الدم لزجاً خانقاً للروح المتحرك في الشرايين وخصوصاً إذا كان هذا التراكم بالقرب من القلب ومن أسبابه التي توجبه في مدة قصيرة امتلاء المعدة والفم والفكر في شيء وإذا كان في المعدة خلط رديء لا يزال دم الإختلاف وربما أدى إلى الخفقان فصار النبض خفقانياً .
وسبب المنشاري إختلاف المصبوب في جرم العرق في عفنه وفجاجته ونضجه واختلاف أحوال العرق في صلاته ولينه وورم في الأعضاء العصبانية .


وذو القرعتين سببه شدة القوة والحاجة وصلابه الآلة فلا تطاوع لما تكلفها القوة من الإنبساط دفعة واحده كمن يريد أن يقطع شيئاً بضربة واحدة فلا يطاوعه فيلحقها أخرى وخصوصاً إذا تزايدت الحاجة دفعة وسبب النبض الفأري أن تكون القوة ضعيفة فتأخذ عن اجتهاد إلى استراحة ويتدرج ومن استراحة إلى اجتهاد والثابت على حالة واحدة أدل على ضعف القوه فذب الفأر وما يشبهه أدل على قوة ما وعلى أن الضعف ليس في الغاية وأردؤه الذنب المنقضي ثم الثابت ثم الذنب الراجع .
وسبب ذات الفترة إعياء القوة واستراحتها أو عارض مغافص يتصرف إليه فيها النفس والطبيعة دفعة .
وسبب النبض المتشنج حركات غير طبيعية في القوة ورداءة في قوام ىلآلة .
والنبض المرتعد ينبعث من قوة ومن آلة صلبة وحاجة شديدة ومن دون ذلك لا يجب ارتعاده - والموجي قد يكون سبيه ضعف القوة في الأكثر فلا يتمكن أن يبسط الأشياء بعد شيء ولين الألة قد يكون سبباً له وإن لم تكن القوة شديدة الضعف لأن الألة الرطبة اللينة لا تقبل الهز والتحريك النافذ في جزء حر قبول اليابس الصلب فإن اليبوسة تهيىء للهز والإرعاد والصلب اليابس يتحرك آخره من تحريك أوله .
وأما الرطب اللين فقد يجوز أن يتحرك منه جزء ولا ينفعل عن حركته جزء آخر لسرعة قبوله للإنفصال والإنثناء والخلاف قي الهيئة .
وسبب النبض الدودي والنملي شدة الضعف حتى يجتمع إبطاء وتواتر واختلاف في أجزاء النبض لأن القوة لا تستطيع بسط الآلة دفعة واحدة بل شيئاً بعد شيء .
وسبب النبض الوزن أما إن كان النقص في أحوال زمان السكون فهو زيادة الحاجة وأما إن كان قي أحوال زمان الحركة فهو زيادة الضعف أو عدم الحاجة وأما نقص زمان الحركة بسبب سرعة الإنبساط فهو غير هذا .
وسبب الممتلىء والخالي والحار والبارد والشاهق والمنخفض ظاهر .
الفصل السابع نبض الذكور والإناث ونبض الأسنان


نبض الذكور لشدة قوتهم وحاجتهم أعظم وأقوى كثيراً ولأن حاجتهم تتم بالعظم فنبضهم أبطأ من نبض النساء تفاوتاً في الأمر الأكثر وكل نبض تثبت فيه القوة وتتواتر فيجب أنا يسرع لا محالة لأن السرعة قبل التواتر فلذلك كما أن نبض الرجال أبطأ فكذلك هو أشد تفاوتاً .
ونبض الصبيان ألين للرطوبة وأضعف وأشد تواتراً لأن الحرارة قوية والقوة ليست بقوية فإنهم غير مستكملين بعد .
ونبض الصبيان على قياس مقادير أجسادهم عظيم لأن آلتهم شديدة اللين وحاجتهم شديدة وليست قوتهم بالنسبة إلى مقادير أبدانهم ضعيفة لأن أبدانهم صغيرة المقدار إلا أن نبضهم بالقياس إلى نبض المستكملين ليس بعظيم ولكنه أسرع وأشد تواتراً للحاجة فإن الصبيان يكثر فيهم اجتماع البخار الدخاني لكثرة هضمهم وتواتره فيهم ويكثر لذلك حاجتهم إلى إخراجه وإلى ترويح حارهم الغريزي .
وأما نبض الشبان فزائد في العظم وليس زائداً في السرعة بل هو ناقص فيها جداً وفي التواتر وذاهب إلى التفاوت لكن نبض الذين هم في أول الشباب أعظم ونبض الذين هم في أواسط الشباب أقوى وقد كنا بينا أن الحرارة في الصبيان والشبان قريبة من التشابه فتكون الحاجة فيهما متقاربة لكن القوة في الشبان زائدة فتبلغ بالعظم ما يغني عن السرعة والتواتر وملاك الأمر في إيجاب العظم هو القوة وأما الحاجة فداعية وأما الآلة فمعينة .
ونبض الكهول أصغر وذلك للضعف وأقل سرعة لذلك أيضاً ولعدم الحاجة وهو لذلك أشد تفاوتاً ونبض الشيوخ الممعنين في السن صغير متفاوت بطيء وربما كان ليناً بسبب الرطوبات الغريبة لا الغريزية .
الفصل الثامن المزاج الحار


أشد حاجة فإن ساعدت القوة والآلة كان النبض عظيماً وإن خالف أحدهما كان على ما فصل فيما سلف وإن كان الحار ليس سوء مزاج بل طبيعياً كان المزاج قوياً صحيحاً والقوة قوية جداً ولا تظنن أن الحرارة الغريزية يوجب تزايدها نقصاناً في القوة بالغة ما بلغت بل توجب القوة في الجوهر الروحي والشهامة في النفس والحرارة التابعة لسوء المزاج كلما ازدادت شدة ازدات القوة ضعفاً .
وأما المزاج البارد فيميل النبض إلى جهات النقصان مثل الصغر خصوصاً والبطء والتفاوت فإن كانت الآلة لينة كان عرضها زائداً وكذلك بطؤها وتفاوتها وإن كانت صلبة كانت دون ذلك .
والضعف الذي يورثه سوء المزاج البارد أكثر من الذي يورثه سوء المزاج الحار لأن الحار أشد موافقة للغريزية .
وأما المزاج الرطب فتتبعه الموجية والاستعراض واليابس يتبعه الضيق والصلابة ثم إن كانت القوة قوية والحاجة شديدة حدث ذو القرعتين والمتشنّج والمرتعش ثم إليك أن تركب على حفظ منك للأصول .
وقد يعرض لإنسان واحد أن يختلف مزاج شقيه فيكون أحد شقيه بارداً والآخر حاراً فيعرض له أن يكون نبضا شقّيه مختلفين الاختلاف الذي توجبه الحرارة والبرودة فيكون الجانب الحار نبضه نبض المزاج الحار والجانب البارد نبضه نبض المزاج البارد ومن هذا يعلم أن النبض في انبساطه وانقباضه ليس على سبيل مد وجزر من القلب بل


القانون
القانون
( 10 من 70 )

الفصل التاسع نبض الفصول
أما الربيع فيكون النبض فيه معتدلاً في كل شيء وزائداً في القوة وفي الصيف يكون سريعاً متواتراً للحاجة صغيراً ضعيفاً لانحلال القوة بتحلل الروح للحرارة الخارجة المستولية المفرطة .
وأما في الشتاء فيكون أشد تفاوتاً وإبطاءً وضعفاً مع أنه صغير لأن القوة تضعف .
وفي بعض الأبدان يتفق أن تحقن الحرارة في الغور وتجتمع وتقوي القوّة وذلك إذا كان المزاج الحار غالباً مقاوماً للبرد لا ينفعل عنه فلا يعمق البرد .
وأما في الخريف فيكون النبض مختلفاً وإلى الضعف ما هو .
أما اختلافه فبسبب كثرة استحالة المزاج العرضي في الخريف تارة إلى حر وتارة إلى برد .
وأما ضعفه فلذلك أيضاً فإن المزاج المختلف في كل وقت أشد نكاية من المتشابه المستوي وإن كان رديئاً ولأن الخريف زمان مناقض لطبيعة الحياة لأن الحر فيه يضعف واليبس يشتد وأما نبض الفصول التي بين الفصول فإنه يناسب الفصول التي تكتنفها .
الفصل العاشر نبض البلدان
من البلدان معتدلة ربيعية ومنها حارة صيفية ومنها باردة شتوية ومنها يابسة خريفية فتكون أحكام النبض فيها على قياس ما عرفت من نبض الفصول .
الفصل الحادي عشر النبض الذي توجبه المتناولات
المتناول يغيّر حال النبض بكيفيته وكميته .
أما بكيفيته فبأن يميل إلى التسخين أو التبريد فيتغيّر بمقتضى ذلك .
وأما في كميته فإن كان معتدلاً صار النبض زائداً في العظم والسرعة والتواتر لزيادة القوة والحرارة ويثبت هذا التأثير مدة .
وإن كان كثير المقدار جداً صار النبض مختلفاً بلا نظام لثقل الطعام على القوة وكل ثقل يوجب اختلاف النبض .


وزعم أركاغانيس أن سرعته حينئذ تكون أشد من تواتره وهذا التغير لابث لأن السبب ثابت وإن كان في الكثرة دون هذا كان الاختلاف منتظماً وإن كان قليل المقدار كان النبض أقل اختلافاً وعظماً وسرعة ولا يثبت تغيره كثيراً لأن المادة قليلة فينهضم سريعاً ثم إن خارت القوة وضعفت من الإكثار والإقلال أيهما كان تضاهي النبضان في الصغر والتفاوت آخر الأمر وإن قويت الطبيعة على الهضم والإحالة عاد النبض معتدلاً .
وللشراب خصوصية وهو أن الكثير منه وأن كان يوجب الاختلاف فلا يوجب منه قدراً يعتد به وقدراً يقتضي إيجابه نظيره من الأغذية وذلك لتخلخل جوهره ولطافته ورقته وخفته وأما إذا كان الشراب بارداً بالفعل فيوجب ما يوجبه الباردات من التصغير وإيجاب التفاوت والبطء إيجاباً بسرعة لسرعة نفوذه ثم إذا سخن في البدن أوشك أن يزول ما يوجبه والشراب إذا نفذ في البدن وهو حار لم يكن بعيداً جداً عن الغريزة وكان يعرض تحلل سريع لىان نفذ بارداً بلغ في النكاية ما لا يبلغه غيره من الباردات لأنها تتأخر إلى أن تسخن ولا تنفذ بسرعة نفوذه وهذا يبادر إلى النفوذ قبل أن يستوي تسخنه وضرر ذلك عظيم وخصوصاً بالأبدان المستعدة للتضرر به وليس كضرر تسخينه إذا نفذ سخيناً فإنه لا يبلغ تسخينْه في أول الملاقاة أن ينكي نكاية بالغة بل الطبيعة تتلقاه بالتوزيع والتحليل والتفريق .
وأما البارد فربما أقعد الطبيعة وخمد قوتها قبل أن ينهض للتوزيع والتفريق والتحليل فهذا ما يوجبه الشراب بكثرة المقدار وبالحرارة والبرودة وأما إذا اعتبر من جهة تقويته فله أحكام أخرى لأنه بذاته مقو للأصحاء ناعش للقوة بما يزيد في جوهر الروح بالسرعة .


وأما التبريد والتسخين الكائن منه وأن كان ضاراً بالقياس إلى أكثر الأبدان فكل واحد منهما قد يوافق مزاجاً وقد لا يوافقه فإن الأشياء الباردة قد تقوي الذي بهم سوء مزاج كما ذكر جالينوس أن ماء الرمان يقوي المحرورين دائماً وماء العسل يقوي المبرودين دائماً فالشراب من وليس كلامنا في هذا الآن بل في قوته التى بها يستحيل سريعاً إلى الروح فإن ذلك بذاته مقو دائماً فإن أعانه أحدهما في بدن ازدادت تقويته وإن خالفه انتقصت تقويته بحسب ذلك فيكون تغييره النبض بحسب ذلك إن قوي زاد النبض قوة وإن سخن زاد في الحاجة وإن برد نقص من الحاجة وفي أكثر الأمر يزيد في الحاجة حتى يزيد في السرعة .
وأما الماء فهو بما ينفذ الغذاء يقوي ويعفل شبيهاً بفعل الخمرولأنه لا يسخن بل يبرد فليس يبلغ مبلغ الخمر في زيادة الحاجة فاعلم ذلك .
الفصل الثاني عشر موجبات النوم واليقظة في النبض
أما النبض في النوم فتختلف أحكامه بحسب الوقت من النوم وبحسب حال الهضم .
والنبض في أول النوم صغير ضعيف لأن الحرارة الغريزية حركتها في ذلك الوقت إلى الانقباض والغور لا إلى الإنبساط والظهور لأنها في ذلك الوقت تتوجه بكليتها بتحريك النفس لها إلى الباطن لهضم الغذاء وإنضاج الفضول وتكون كالمقهورة المحصورة لا محالة وتكون أيضاً أشد بطأ وتفاوتاً فإن الحرارة وإن حدث فيها تزايد بحسب الإحتقان والاجتماع فقد عدمت التزايد الذي يكون لها في والحركة أشدّ إلهاباً وإمالة إلى جهة سوء المزاج .
والاجتماع والاحتقان المعتدلان أقل إلهاباً وأقل إخراجاً للحرارة إلى القلق .
وأنت تعرف هذا من أن نفس المتعب وقلقه أكثر كثيراً من نفس المحتقن حرارة وقلقه بسبب شبيه بالنوم مثاله المنغمس في ماء معتدل البرد وهو يقظان فإنه إذا احتقنت حرارته وتقؤت من ذلك لم تبلغ من تعظيمها النفس ما يبلغه التعب والرياضة القريبة منه وإذا تأملت لم تجد شيئاً أشد للحرارة من الحركة .


وليست اليقظة توجب التسخين لحركة البدن حتى إذا سكن البدن لم يجب ذلك بل إنما توجب التسخين بانبعاث الروح إلى خارج وحركته إليه على اتصال من تولده هذا فإذا استمر الطعام في النوم عاد النبض فقوي لتزيد القوة بالغذاء وانصراف ما كان اتجه إلى الفور لتدبير الغذاء إلى خارج وإلى مبدئه ولذلك يعظم النبض حينئذ أيضاً ولأن المزاج يزداد بالغذاء تسخيناً كما قلناه والآلة أيضاً تزداد بما ينفذ إليها من الغناء ليناً ولكن لا تزداد كبير سعة وتواتر إذ ليس ذلك مما يزيد في الحاجة ولا أيضاً يكون هناك عن استيفاء المحتاج إليه بالعظم وحده مانع ثم إذا تمادى بالنائم النوم عاد النبض ضعيفاً لاحتقان الحرارة الغريزية وإنضغاط القوة تحت الفضول التي من حقها أن تستفرغ بأنواع الاستفراغ الذي يكون باليقظة التي منها الرياضة والاستفراغات التي لا تحس هذا .
وأما إذا صادف النوم من أول الوقت خلاء ولم يجد ما يقبل عليه فيهضمه فإنه يميل بالمزاج إلى جنبه البرد فيدوم الصغر والبطء والتفاوت في النبض ولا يزال يزداد .
ولليقظة أيضاً أحكام متفاوتة فإنه إذا استيقظ النائم بطبعه مال النبض إلى العظم والسرعة ميلاً متدرجاً ورجع إلى حاله الطبيعي .
وأما المستيقظ دفعة بسبب مفاجىء فإنه يعرض له أن يفتر منه النبض كما يتحرك عن منامه لانهزام القوة عن وجه المفاجىء ثم يعود له نبض عظيم سريع متواتر مختلف إلى الإرتعاش لأن هذه الحركة شبيهة بالقسرية فهي تلهب أيضاً ولأن القوة تتحرك بغتة إلى دفع ما عرض طبعاً وتحدث حركات مختلفة فيرتعش النبض لكنه لا يبقى على ذلك زماناً طويلاً بل يسرع إلى الاعتدال لأن سببه وإن كان كالقوي فثباته قليل والشعور ببطلانه سريع .
الفصل الثالث عشر أحكام نبض الرياضة


أما في ابتداء الرياضة وما دامت معتدلة فإن النبض يعظم ويقوى وذلك لتزايد الحار الغريزي وتقويه وأيضاً يسرع ويتواتر جداً لإفراط الحاجة التي أوجبتها الحركة فإن دامت وطالت أو كانت شديدة وإن قصرت جداَ بطل ما توجبه القوة فضعف النبض وصغر لانحلال الحار الغريزي لكنه يسرع ويتواتر لأمرين : أحدهما : استبداد الحاجة والثاني : قصور القوة عن أن تفي بالتعظيم ثم لا تزال السرعة تنتقص والتواتر يزيد على مقدار ما يضعف من القوة ثم آخر الأمر إن دامت الرياضة وأنهكت عاد النبض نملياً للضعف ولشدة التواتر فإن أفرطت وكادت تقارب العطب فعلت جميع ما تفعله الانحلالات فتصير النبض إلى الدودية ثم تميله إلى التفاوت والبطء مع الضعف والصغر .
الفصل الرابع عشر أحكام نبض المستحمين
الاستحمام إما أن يكون بالماء الحار وإما أن يكون بالماء البارد والكائن بالماء الحار فإنه في أوله يوجب أحكام القوة والحاجة فإذا حلل بإفراط أضعف النبض .
قال جالينوس : فيكون حينئذ صغيراً بطيئاً متفاوتاً فنقول : أما التضعيف وتصغير النبض فما يكون لا محالة لكن الماء الحار إذا فعل في باطن البدن تسخيناً لحرارته العرضية فربما لم يلبث بل يغلب عليه مقتضى طبعه وهو التبريد وربما لبث وتشبث فإن غلب حكم الكيفية العرضية صار النبض سريعاً متواتراً وإن غلب بمقتضى الطبيعة صار بطيئاً متفارتاً فإذا بلغ التسخين العرضي منه فرط تحليل من القوة حتى تقارب الغشي صار النبض أيضاَ بطيئاً متفاوتاً .
وأما الإستحمام الكائن بالماء البارد فإن غاص برده ضعف النبض وصغره وأحدث تفاوتاً وإبطاء وإن لم يغص بل جمع الحرارة زادت القوة فعظم يسيراً ونقصت السرعة والتواتر .
وأما المياه التي تكون في الحمامات فالمجفّفات منها تزيد النبض صلابة وتنقص من عظمه والمسخنات تزيد النبض سرعة إلا أن تحلّل القوة فيكون ما فرغنا من ذكره .
الفصل الخامس عشر النبض الخاص بالنساء


وهو نبض الحبالى أما الحاجة فيهن فتشتد بسبب مشاركة الولد في النسيم المستنشق فكأن الحبلى تستنشق لحاجتين ولنفسين فأما القوة فلا تزداد لا محالة ولا تنقص أيضاً كبير انتقاص إلا بمقدار ما يوجبه يسير إعياء لحمل الثقل فلذلك تغلب أحكام القوة المتوسطة والحاجة الشديدة فيعظم النبض ويسرع ويتواتر .
الفصل السادس عشر نبض الأوجاع
الوجع بغير النبض إما لشدته وإما لكونه في عضو رئيس وإما لطول مدّته .
والوجع إذا كان في أوله هيج القوة وحرّكها إلى المقاومة والدفاع وألهب الحرارة فيكون النبض عظيماً سريعاً وأشد تفاوتاً لأن الوطر يفضي بالعظم والسرعة .
فإذا بلغ الوجع النكاية في القوة لما ذكرنا من الوجوه أخذ يتناكس ويتناكص حتى يفقد العظم والسرعة ويخلفهما أولاً شدة التواتر ثم الصغر والدودية والنملية فإن زاد أدى الى التفاوت وإلى الهلاك بعد ذلك .
الفصل السابع عشر نبض الأورام
الأورام منها محدثة للحمّى وذلك لعظمها أو لشرف عضوها فهي تغير النبض في البدن كله أعني التغير الذي يخص الحمى .
وسنوضحه في موضعه ومنها ما لا يحدث الحمّى فيغير النبض الخاص في العضو الذي هو فيه بالذات وربما غيره من سائر البدن بالعرض أي لا بما هو ورم بل بما يوجع .
والورم المغير للنبض إما أن يغير بنوعه وإما أن يغير بوقته وإما أن يغير بمقداره وإما أن يغيره للعضو الذي هو فيه وإما أن يغيره بالعرض الذي يتبعه ويلزمه .
أما تغيره بنوعه فمثل الورم الحار فإنه يوجب بنوعه تغيّر النبض إلى المنشارية والارتعاد والارتعاش والسرعة والتواتر إن لم يعارضه سبب مرطب فتبطل المنشارية ويخلفها إذن الموجية .
وأما الارتعاد والسرعة والتواتر فلازم له دائماً وكما أن من الأسباب ما يمنع منشاريته كذلك منها ما يزيد منشاريته ويظهرها .
والورم اللين يجعل النبض موجياً وأن كان بارداً جداً جعله بطيئاً متفاوتاً والصلب يزيد في منشاريته .


وأما الخراج إذا جمع فإنه يصرف النبض من المنشارية إلى الموجية للترطيب والتليين الذي يتبعه ويزيد في الاختلاف لثقله .
وأما السرعة والتواتر فكثيراً ما تخص بسكون الحرارة العرضية بسبب النضج .
وأما تغيره بحسب أوقاته فإنه ما دام الورم الحار في التزيد كانت المنشارية وسائر ما ذكرنا إلى التزيد ويزداد دائماً في الصلابة للتمدد الزائد وفي الإرتعاد للوجع .
وإذا قارب المنتهى ازدادت الأعراض كلها إلا ما يتبع القوة فإنه يضعف في النبض فيزداد التواتر والسرعة فيه .
ثم إن طال بطلت السرعة وعاد نملياً فإذا انحط فتحلل أو انفجر قوي النبض بما وضع عن القوة من الثقل وخف ارتعاده بما ينقص من الوجع المدد .
وأما من جهة مقداره فان العظيم يوجب أن تكون هذه الأحوال أعظم وأزيد والصغير يوجب وأما من جهة عضوه فإن الأعضاء العصبانية توجب زيادة في صلابة النبض ومنشاريته والعرقية توجب زيادة عظم وشدة اختلاف لا سيما إن كان الغالب فيها هو الشريانات كما في الطحال والرئة ولا يثبت هذا العظيم إلا ما يثبت القوة والأعضاء الرطبه اللينة تجعله موجباً كالدماغ والرئة .
وأما تغيير الورم النبض بواسطة فمثل أن ورم الرئة يجعل النبض خناقياً وورم الكبد ذبولياً وورم الكلية حصرياً وورم العضو القوي الحس كفم المعمة والحجاب يشنّج تشنّجاً غشيياً .
الفصل الثامن عشر أحكام نبض العوارض النفسانية
أما الغضب فإنه بما يشير من القوة ويبسط من الروح دفعة يجعل النبض عظيماً شاهقأً جداً سريعاً متواتراً ولا يجب أن يقع فيه اختلاف لأن الانفعال متشابه إلا أن يخالطه خوف فتارة يغلب ذلك وتارة هذا وكذلك إن خالطه خجل أو منازعة من العقل وتكلف الإمساك عن تهييجه وتحريكه إلى الإيقاع بالمغضوب عليه .


وأما اللذة فلأنها تحرك إلى خارج برفق فليس تبلغ مبلغ الغضب في إيجابه السرعة ولا في إيجابه التواتر بل ربما كفى عظمه الحاجة فكان بطيئاً وأما الغم فلأن الحرارة تختنق فيه وتغور والقوة تضعف ويجب أن يصير النبض صغيراً ضعيفاً متفاوتاً بطيئاً .
وأما الفزع فالمفاجىء منه يجعل النبض سريعاً مرتعداً مختلفاً غير منتظم والممتد منه والمتدرج يغير النبض تغيير الهم فاعلم ذلك .
الفصل التاسع عشر تغيير الأمور المضادة لطبيعة هيئة النبض
تغييرها إما بما يحدث منها من سوء مزاج وقد عرف نبض كل مزاج وإما بأن يضغط القوه فيصير النبض مختلفاً وإن كان الضغط شديداً جداً كان بلا نظام ولا وزن .
والضاغط هو كل كثرة مادية كانت ورماً أو غير ورم وإما بأن يحل القوة فيصير النبض ضعيفاً .
وهذا كالوجع الشديد والآلام النفسانية القوية التحليل فاعلم ذلك .
الجملة الثانية البول والبراز
وهي ثلاثة عشر فصلاً .
الفصل الأول
لا ينبغي أن يوثق بطرق الاستدلال من أحوال البول إلا بعد مراعاة شرائط يجب أن يكون البول أول بول أصبح عليه ولم يدافع به إلى زمان طويل ويثبت من الليل ولم يكن صاحبه شرب ماء أو أكل طعاماً ولم يكن تناول صابغاً من مأكول أو مشروب كالزعفران والرمان والخيار شنبر فإن ذلك يصبغ البول إلى الصفرة والحمرة وكالبقول فإنها تصبغ إلى الحمرة والزرقة والمري فإنه يصبغ إلى السواد والشراب المسكر يغير البول إلى لونه ولا لاقت بشرته صابغاً كالحناء فإن المختضب به ربما انصبغ بوله منه ولا يكون تناول ما يدر خلطاً كما يدرّ الصفراء أو البلغم ولم يكن تعاطي من الحركات والأعمال .
ومن الأحوال الخارجة عن المجرى الطبيعي ما يغير الماء لوناً مثل الصوم والسهر والتعب والجوع والغضب فإن هذه كلها تصبغ الماء إلى الصفرة والحمرة .


والجماع يدسم الماء تدسيماً شديداً ومثل القيء والاستفراغ فإنهما أيضاً يبدلان الواجب من لون الماء وقوامه وكذلك إتيان ساعات عليه ولذلك قيل يجب أن لا ينظر في البول بعد ست ساعات لأن دلائله تضعف ولونه يتغير وثقله يذوب ويتغير أو يكثف أشد . على أني أقول : ولا بعد ساعة . وينيغي أن يؤخذ البول بتمامه في قارورة واسعة لا يصب منه شيء ويعتبر حاله لا كما يبال يل يعد أن يهدأ قي القارورة بحيث لا يصيبه شمس ولا ريح فيثوره أو يجمده حتى يتميز الرسوب ويتم الاستدلال فليس كما يبال يرسب ولا في تام النضج جداً ولا يبال في قارورة لم يغسل بعد البول الأول .
وأبوال الصبيان قليلة الدلائل وخصوصاً أبوال الأطفال للبنيتها ولأن المادة الصابغة فيهم ساكنة مغمورة - وفي طبائعهم من الضعف ومن استعمال النوم الكثير ما يميت دلائل النضج وآلة أخذ البول هو الجسم الشفاف النقي الجوهر كالزجاج الصافي والبلور . واعلم أن البول كلما قربته منك ازداد غلظاً وكلما بعدته ازداد صفاء وبها يفارق سائر الغش مما يحرض على الأطباء للامتحان - وإذا أخذ البول في قارورة فيجب أن يصان عن تغيير البرد والشمس والريح إياه وأن ينظر إليه في الضوء من غير أن يقع عليه الشعاع بل يستتر عن الشعاع فحينئذ يحكم عليه من الأعراض التي ترى فيه .
وليعلم أن الدلالة الأولية للبول هي على حال الكبد ومسالك المائية وعلى أحوال العروق وبتوسطها يدل على أمراض أخرى أصح دلائلها ما يدل به على الكبد وخصوصاً على أحوال خدمته .
والدلائل المأخوذة من البول منتزعة من أجناس سبعة : جنس اللون وجنس القوام وجنس الصفاء والكدرة وجنس الرسوب وجنس المقدار في القلة والكثرة وجنس الرائحة وجنس الزبد ومن الناس من يدخل في هذه الأجناس جنس اللمس وجنس الطعم ونحن أسقطناهما تفرداً وتنفراً من ذلك .


ونعني بقولنا جنس اللون ما يحسه البصر فيه من الألوان أعني السواد والبياض وما بينهما ونعني بجنس القوام حاله في الغلظ والرقة ونعتي بجنس الصفاء والكدورة حاله في سهولة نفوذ البصر فيه وعسره . والفرق بين هذا الجنس وجنس القوام أنه قد يكون غليظ القوام صافياً معاً مثل يياض البيض ومثل غذاء السمك المذاب ومثل الزيت وقد يكون رقيق القوام كدراً كالماء الكدر فإنه أرق كثيراً من بياض البيض وسبب الكدورة مخالطة أجزاء غريبة اللون دكن أو ملونة بلون آخر غير محسوسة التمييز تمنع الإسفاف ولا تحس هي بانفرادها وتفارق الرسوب لأن الرسوب قد يميزه الحس ولا يفارق اللون فإن اللون فاش في جوهر الرطوبة وأشد مخالطة منه .
الفصل الثاني دلائل ألوان البول
من ألوان البول طبقات الصفرة كالتبني ثم الأترجي ثم الأشقر ثم الأصفر النارنجي ثم الناري الذي يشبه صبغ الزعفران وهو الأصفر المشبع ثم الزعفراني الذي يشبه شقرة وهذا هو الذي يقال له الأحمر الناصع وما بعد الاترجي فكله يدل على الحرارة ويختلف بحسب درجاتها وقد توجبها الحركات الشديدة والأوجاع والجوع وأنقطاع ماذة الماء المشروب .
وبعده الطبقات المذكورة طبقات الحمرة كالأصهب والوردي والأحمر القاني والأحمر الأقتم وكلها تدل على غلبة الدم وكلما ضربت إلى الزعفرانية فالأغلب هو المرة .


وكلما ضربت إلى القتمة فالدم أغلب والناري أدل على الحرارة من الأحمر والأقتم كما أن المزة في نفسها أسخن من الدم ويكون لون الماء في الأمراض الحادة المحرقة ضارباً إلى الزعفرانية والنارية فإن كانت هناك رقة دل على حال من النضج وءانه ابتدأ ولم يظهر في القوام فإذا اشتدت الصفرة إلى حد النارية وإلى النهاية فيها فالحرارة قد أمعنت في الازدياد وذلك هو الشقرة الناصعة فإن ازدادت صفاء فالحرارة في النقصان وقد ينال في الأمراض الحادة الدموية بول كالدم نفسه من غير أن يكون هناك انفتاح عرق فيدل على امتلاء دموي مفرط وإذا بيل قليلاً قليلاً وكان مع نتن فهو دليل خطر يحشى منه انصباب الدم إلى المخانق . وأردؤه أرقه على لونه وحاله وهيئته وإذا بيل غزيراً فربما كان دليل خير في الحميات الحادة والمختلطة لأنه كثيراً ما يكون دليل بحران وإفراق إلا أن يرق في الأول دفعة قبل وقت البحران فيكون حينئذ دليل نكس . وكذلك إذا لم يتدرج إلى الرقة بعد البحران .
وأما في اليرقان فكلما كان البول أشدّ حمرة حتى يضرب إلى السواد ويصبغ الثوب صبغاً غير منسلخ وكلما كان كثيراً فهو أسلم فإنه إذا كان البول فيه أبيض أو كان أحمر قليل الحمرة واليرقان بحاله خيف الاستسقاء والجوع مما يكثر صبغ البول ويحده جداً .
ثم طبقات الخضرة مثل البول الذي يضرب إلى الفستقية ثم الزنجاري والاسمانجوني والبتلنجي ثم الكراثي .
وأما الفستقي فإنه يدل على برد وكذلك ما فيه خضرة إلا الزنجاري والكراثي فإنهما يدلان على احتراق شديد .
والكراثي أسلم من الزنجاري .
والزنجاري بعد التعب يدل على تشنّج . والصبيان يدلّ البول الأخضر منهم على تشنج وأما الإسمانجوني فإنه يدل على البرد الشديد في أكثر الأمر ويتقدمه بول أخضر . وقد قيل أنه يدل على شرب السم فإن كان معه رسوب رجي أن يعيش وإلأَ خيف على صاحبه .
والزنجاري شديد الدلالة على العطب .


وأما طبقات اللون الأسود فمنه أسود سالك إلى السواد طريق الزعفرانية كما في اليرقان ويدل على تكاثف الصفراء واحتراقها بل على السوداء الحادثة من الصفراء وعلى اليرقان ومنه أسود اَخذ من القتمة ويدل على السوداء الدموية وأسود اَخذ من الخضرة والبتلنجية ويدلّ على السوداء الصرف .
والبول الأسود في
الجملة يدل إما على شدة احتراق وإما على شدة برد وإما على موت من الحرارة الغريزية وانهزام وإما على بحران ودفع من الطبيعة للفضول السوداوية .
ويستدل على الكائن من الاحتراق بأن يكون هناك احتراق شديد ويكون قد تقدّمه بول أصفر وأحمر ويكون الثفل فيه متشبثاً قليل الاستواء ليس بذلك المجتمع المكتنز ولا يكون شديد السواد بل يضرب إلى زعفرانية وصفرة أو قتمة فإن كان يضرب إلى الصفرة دل كثيراً على اليرقان .
ويستدل أيضاً على الكائن من البرد بأن يكون قد تقدمه بول إلى الخضرة والكمدة ويكون الثفل قليلاً مجتمعاً كأنه جاف ويكون السواد فيه أخلص وقد يفرق بين المزاجين بأنه إذا كان مع البول الأسود شدة قوة من الرائحة كان دالاًّ على الحرارة وإذا كان معه عدم الرائحة أو ضعف من قوتها كان دالآً على البرودة فإنه إذا انهزمت الطبيعة جداً لم تكن له رائحة .
ويستدل على الحادث لسقوط القوة الغريزية بما يعقبه من سقوط القوة وانحلالها ويستدل على الحادث على سبيل التنقية والبحران كما يكون في أواخر الربيع وانحلال علل الطحال وأوجاع الظهر والرحم والحميّات السوداوية النهارية والليلية والأفات العارضة من احتباس الطمث واحتباس المعتاد سيلانه من المقعدة وخصوصاً إذا أعانت الطبيعة أو الصناعة بالإدرار كما يصيب النساء اللواتي قد احتبس طمثهن فلم تقبل الطبيعة فضلة الدم بأن يكون قد تقدمه بول غير نضيج مائي .


ويصادف البدن عقيبه خفاً ويكون كثير المقدار غزيراً . وأما إن لم يكن هكذا فان البول الأسود علامة رديئة وخصوصاً في الأمراض الحادة ولا سيما إذا كان مقداره قليلاً فيعلم من قلته أن الرطوبة قد أفناها الاحتراق وكلما كان أغلظ كان أردأ وكلما كان أرقّ فهو أقل رداءة .
وقد يعرض أن يبال بول أسود وأحمر قاني بسبب شرب شراب بهذه الصفة تعمل فيه الطبيعة أصلاً فيخرج بحاله وهذا الأخطر فيه وربما كان دليل بحران صالح في الأمراض الحادة أيضاً مثل البول الذي يبوله المريض رقيقاً وفيه تعلق في نواح مختلفة فإنه كثيراً ما يدل على صداع وسهر وصمم واختلاط عقل لا سيما إذا بيل قليلاً قليلاً في زمان طويل وكان حاد الرائحة وكان في الحميات فإنه حينئذ شديد الدلالة على الصداع والاختلاط في العقل واذا كان هناك سهر وصمم واختلاط عقل وصداع دل على رعاف يكون ويمكن أن يكون سبباً للحصاة في كليته .
قال روفس : البول الأسود يستحب في علل الكلي والعلل الهائجة من الأخلاط الغليظة وهو دليل مهلك في الأمراض الحادة .
ونقول : قد يكون البول الأسود أيضاً رديئاً في علل الكلي والمثانة إذا كان هناك احتراق شديد فتأمل سائر العلامات والبول الأسود في المشايخ وليس لصلاح لهم مما يعلم ولا هو واقع إلا لفساد عظيم وكذلك في النساء .
والبول الأسود بعد التعب يدل على تشنّج .
وبالجملة البول الأسود في ابتداء الحميات قتّال وكذلك الذي في انتهائها إذا لم يصحبه خف ولم يكن دليلاً على بحران .
وأما البول الأبيض فقد يفهم منه معنيان : أحدهما أن يكون رقيقاً مشفًّا فإن الناس قد يسمُون المشف أبيض كما يسمون الزجاج الصافي والبلور الصافي أبيض .
والقاني الأبيض بالحقيقة هر الذي له لون مفرق للبصر مثل اللبن والكاغد وهذا لا يكون مشفًّا ينفذ فيه البصر لأن الإشفاف بالحقيقة هو عدم الألوان كلها .
فالأبيض بمعنى المشف دليل على البرد جملة ومونس عن النضج وإن كان مع غلظ دل على البلغم .


وأما الأبيض الحقيقي فلا يكون إلا مع غلظ فمن ذلك ما يكون بياضه بياضاً مخاطباً ويدل على كثرة بلغم وخام ومنه ما بياضه بياض دسمي ويدل على ذوبان الشحوم ومنه ما بياضه بياض إهالي ويدل على بلغم وعلى ذرب واقع أو سيقع ومنه ما بياضه بياض فقاعي مع رقة ومدة يدل على قروح متقيحة في آلات البول فإن لم يكن مع مدة فلغلبة الماعة الكثيرة الخامية الفجة وربما كان مع حصاة المثانة ومنه ما يشبه المني فربما كان بحراناً لأورام بلغمية ورهل في الأحشاء وأمراض تعرض من البلغم الزجاجي .
وأما إذا كان البول شبيهاً بالمني ليس على سبيل البحران ولا لأورام بلغمية بل إنما وقع ابتداء فإنه إنما ينذر بسكتة أو فالج وإذا كان البول أبيض في جميع أوقات الحمى أوشك أن تنتقل إلى الربع . والبول الرصاصي بلا رسوب رديء جداً . والبول اللبني أيضاً في الحادة مهلك وبياض البول في الحميّات الحادة كيف كان البياض بعد أن يعدم الصبغ يدل على أن الصفراء مالت إلى عضو يتورم أو إلى إسهال والأكثر أن يدل على أنها مالت إلى ناحية الرأس وكذلك إذا كان البول رقيقاً قي الحميات ثم أبيض دفعة دل على اختلاط عقل يكون .
واذا دام البول في حال الصحة على لون البياض دل على عدم النضج .
والإهالي الشبيه بالزيت في الحميات الحادة ينذر بموت أو بدق .
واعلم أنه قد يكون بول أبيض والمزاج حار صفراوي وبولى أحمر والمزاج بارد بلغمي فإن الصفراء إذا مالت عن مسلك البول ولم تختلط بالبول بقي البول أبيض فيجب أن يتأمل البول الأبيض فإن كان لونه مشرقاً وثقله غزيراً غليظاً وقوامه مع هذا إلى الغلظ فاعلم أن البياض من برد بلغم .
وأما إن كان اللون ليس بالمشرق ولا الثفل بالغزير ولا بالمفصول ولا البياض إلى كمودة فاعلم أنه لكمون الصفراء وإذا كان البول في المرض الحاد أبيض وكان هناك دلائل السلامة لا يخاف معها السرسام ونحوه فاعلم أن المادة الحادة مالت إلى المجرى الآخر فالأمعاء تعرض للإسحاج .


وأما العلة في كون البول في الأمراض الباردة أحمر اللون فسببه أحد أمور إما شدة الوجع وتحليله الصفراء مثل ما يعرض في القولنج البارد وإما شدة وقعت من غلبة البلغم في المجرى الذي بين المرار والأمعاء فلم ينصب المرار إلى الأمعاء الإنصباب الطبيعي المعتاد بل يضطر إلى مرافقة البول والخروج معه كما يعرض أيضاَ في القولنج البارد وأما ضعف الكبد وقصور قوته عن التمييز بين المائية والدم كما يكون في الاستسقاء البارد وفي أمراض ضعف الكبد في الأكثر فيكون البول شبيهاً بغسالة اللحم الطري .
وأما الاحتقان الذي توجبه السمد فبتغير لون البلغم في العروق لعفونة ما تلحقه وعلامته أن تكون مائية البول وثقله على الوجه المذكور ثم يكون صبغه صبغاً ضعيفاً غير مشرق فإن الصفراوي يكون صبغه مشرقاً وكثيراً ما يكون البول في أول الأمر أبيض ثم يسود وينتن كما يعرض في اليرقان .
والبول بعد الطعام يبيض ولا يزال كذلك حتى يأخذ في الهضم فيأخذ في الصبغ ولذلك ما يكون بول أصحاب السهر أبيض ويعين عليه تحلل الحار الغريزي لكنه يكون غير مشرق بل إلى كدورة لعدم النضج .
والصبغ الأحمر في الأمراض الحادة أفضل من المائي والأبيض لقوامه أيضاً خير من المائي والأحمر الدموي أكثر أماناً من الأحمر الصفراوي والأحمر الصفراوي أيضاً ليس بذلك المخوف إن كان الصفراء ساكناً ومخوف إن كان متحركاً . والبول الأحمر القاني في أمراض الكلية رديء فإنه يدل في الأكثر على ورم حار وفي أوجاع الرأس ينذر باختلاط .
وإذا ابتدأ البول في الأمراض الحادة بالأحمر وبقي كذلك ولم يرسب خيف منه الهلاك ودل على ورم الكلى فإن كان كدراً مع الحمرة وبقي كذلك دل على ورم في الكبد وضعف الحار الغريزي .


ومن ألوان البول ألوان مركبة من ذلك اللون الشبيه بغسالة اللحم الطري ويشبه دماً ديف في الماء وقد يكون من ضعف الكبد وقد يكون من كثرة الدم وأكثره من ضعف الكبد من أي سوء مزاج غلب ويدل عليه ضعف الهضم وانحلال القوى فإن كانت القوة قوية فليس إلا من كثرة الدم وزيادته على المبلغ الذي يفي القوة المميزة بتمييزه بكماله .
ومن ذلك اللون الزيتي وهو صفرة يخالطها سلقية ويشبه الزيت للزوجة فيه وإشفاف مع بريق دسمي وقوام مع الشف إلى الغلظ ما هو وفي أكثر الأحوال يدل على الشر ولا يدل على الخير والنضج والصلاح وربما دل في النادر على استفراغ مواد دسمة على سبيل البحران وهذه إنما تكون إذا تعقبه راحة .
والمهلك منه ما كانت دسومته منتنة وخصوصاً البول منه قليلاً قليلاً وإذا خالطه شيء كغسالة اللحم الطري فهو أردأ وهذا أكثره في الاستسقاء والسل والقولنج الرديء وربما يعقب الزيتي بولاً أسود متقدماً وكان علامة صلاح وكثيراً ما دل البول الزيتي في الرابع على أن المريض سيموت في السابع أعني في الأمراض الحادة .
وبالجملة فإن البول الزيتي ثلاثة أصناف فإنه : إما أن يكون كله دسماً أو يكون أسفله فقط أو يكون أعلاه .
دسماً وأيضاً فإنه إما أن يكون زيتياً في لونه فقط كما في السل وخصوصاً في أوله أو في قوامه فقط أو فيهما جميعاً كما في علل الكلى وفي كمال السل وآخره ومن ذلك الأرجواني وهو ردي قتال لأنه يدل على احتراق المرتين وقد يكون لون أحمر يجري فيه سواد فيدل على الحميات المركبة والحمّيات التي من الأخلاط الغليظة فإن كان أصفى وكان السواد أميل إلى رأسه دل على ذات الجنب .
الفصل الثالث قوام البول وصفاته وكدورته
قوام البول إما أن يكون رقيقاً وإما أن يكون غليظاً وإما أن يكون معتدلاً .


والرقيق جداً : يدل على عدم النضج في كل حال أو على السدد في العروق أو على ضعف الكلية ومجاري البول فلا يجذب إلا الرقيق أو يجذب ولا يدفع إلا الرقيق المطيع للدفع أو على كثرة شرب الماء أو على المزاج الشديد البرد مع يبس .
ويدل في الأمراض الحادة على ضعف القوة الهاضمة وعدم النضج وربما دل على ضعف سائر القوى حتى لا ينصرف في الماء البتة بل يزلق كما يدخل والبول الرقيق على هذه الصفة هو في الصبيان أردأ منه في الشبان لأن الصبيان بولهم الطبيعي أغلظ من بول الشبان لأنهم أرطب ولأن أبدانهم للرطوبات أجذب لأنها تحتاج إلى فضل مادة بسبب الاستنماء فإذا رق بولهم في الحميات الحادة جداً كانوا قد بعدوا عن حالتهم الطبيعية جداً .
واستمرار ذلك بهم يدل على العطب فإنه إذا دام دل على الهلاك إلا أن يوافقه علامات صالحة وثبات قوة فحينئذ يدل على خراج يحدث وخصوصاً تحت ناحية الكبد وكذلك إذا دام هذا بالأصحاءُ لا يستحيل فيهم فإنه يدل على ورم يحدث حيث يحسون فيه الوجع .
وفي الأكثر يعرض لهم أن يحسوا مع ذلك بوجع في القطن وفي الكلى فيدل على استعداد لورم فإن لم يخص ذلك الوجع والثقل ناحية بل عم يدل على بثور وجدري وأورام تعم البدن .
ورقة البول عند البحران بلا تدريج تنذر بالنكس .
وأما البول الغليظ جداً فانه يدل في أكثر الأحوال على عدم النضج وفي أقلها على نضج أخلاط غليظة القوام ويكون في منتهى حميات خلطية أو انفجار أورام .
وأكثر دلائله في الأمراض الحادة هو على الشر لكن دوام الرقة على الشر أدل فإن الغيلظ يدل على هضم ما هو الذي يفيد القوام فيما يدل على هضم واستقلال من القوة بالدفع يرجى وربما يدل على فساد المادة .
وكثرتها وامتناعها عن النضج المميز المرسب يدل على الشر ويستدل على الغالب من الأمرين بما يعقبه من الراحة أو يعقبه من زيادة الضعف .


والأسلم من البول الغليظ في الحميات ما يستفرغ منه شيء كثير دفعة وأما الذي يستفرغ قليلاً قليلاً فهو دليل على كثرة أخلاط أو ضعف قوة والنافع منه يعقبه بول معتدله مقارن للراحة وءاذا استحال الرقيق إلى الغلظ في الأمراض الحادة ولم يعقب راحة دل على الذوبان .
والصحيح إذا دام به البول الغليظ وكان يحس بوجع في نواحي الرأس وانكسار فهو منذر له بالحمى وربما كان ذلك به من فضل اندفاع أو انفجار أو قروح بنواحي مسالك البول وإنما كانت الرقة والغلظ جميعاً يدلان على عدم النضج لأن النضج يتبعه اعتدال القوام .
فالغليظ نضجه أن ينهضم إلى الرقة والرقيق نضجه أن ينطبخ إلى السخونة والبول الغليظ كما قلنا فيما سلف قد يكون صافياً مشفا وقد يكون كدراً والفرق بين الغليظ المشف وبين الرقيق أن الغليظ المشفا إذا موَج يالتحريك لم تصغر أجزاؤه المتموجة بل حدثت فيه أمواج كبار وكانت حركتها بطيئة وإذا أزيد كان زبده كثير النفاخات بطيء الانفقاء وتولَد مثل هذا هو عن بلغم جيد الإنهضام أو صفراء محي إن كان له صبغ إلى الصفرة وإذا لم يكن صبغ دل على إنحلال بلغم زجاجي وهذا كثيراً ما يكون في أبوال المصروعين .
والرقيق الذي يأكثر فيه الصبغ يعلم أن صبغه ليس عن نضج وإلا لفعل النضج فيه القوام أولاً لكنه من اختلاط المرة به فإن أول فعل الإفضاج التقويم ثم الصبغ - والنضج في القوام أصلح منه في اللون فلذلك البول الرقيق الأصفر إذا دام في مدة المرض الحادّ دل على شر وعلى فتور القوة الهاضمة وإذا رأيت بولاً رقيقاً وهناك اختلاف أجزاء من الحمرة والصفرة فاحدس تعباً ملهباً وإن كان رقيقاً قيه أشياء كالنخالة من غير علة في المثانة فذلك لاحتراق البلغم .
والبول الغليظ فى الأمراض الحادة يدل بالجملة على كثرة الأخلاط وربما دل على الذوبان وهو الذي إذا بقي ساعة جمد فغلظ .


وي
الجملة كدورة البول الأرضية مع ريح تخالطه المائية فإذا اختلطت هذه كانت كدورة وفي انفصال بعضها من بعض يتم الصفاء ثم يجب أن ينظر إلى أحوال ثلاث لأنه إما أن يبال رقيقاً ثم يغلظ فيدل على أن الطبيعة مجاهدة هو ذا ينضج لكن المادة بعد لم تطع من كل وجه وهي متأثرة وربما دل على ذوبان الأعضاء . وإما أن يبال غليظاً ثم يصفو ويتميز منه الغليظ راسباً فيدل على أن الطبيعة قد قهرت المادة وأنضجتها . وكلما كان الصفاء أكثر الرسوب أوفر وأسرع فهو على النضج أدلّ .
والحالة المتوسطة بين الأول والآخر إن دامت وكانت الطبيعة قوية والقوة ثابتة حدس أنه سيبلغ منه الإنضاج التام وإن لم تكن القوة ثابتة خيف أنا يسبق الهلاك النضج وإذا طال ولم تكن علامة مخيفة أنذر بصداع لأنه يدل على ثوران وعلى رياح بخارية والذي يأخذ من الرقة إلى الخثورة ويستمرّ خير من الواقف على الخثورة في كثير من الأوقات وكثيراً ما يغلظ البول ويكدر لسقوط القوّة لا لدفع الطبيعة .
وأما البول الذي يبال مائياً ويبقى مائياً فهو دليل عدم النضج البتة والبول الغليظ أحمده ما كان سهل الخروج كثير الانفصال معاً ومثل هذا يبري الفالج وما يجري مجراه وإذا كانت أبوال غليظة ثم أخذت ترق على التدريج مع غزارة فذلك محمود وربما كان يعقب الغليظ الكدر القليل الكثير فيكون دليل خير وذلك إذا انفجر الغليظ الكدر الذي كان ييال قليلاً قليلاً ودفعة واحدة بول بولاً كثيراً بسهولة فإن هذا كثيراً ما تنحل به العلة سواء كانت العلة شيئاً من الحميات الحادة أو غيرها من الأمراض الامتلائية وكان امتلاء لم يعرض بعد منه مرض ظاهر وهذا ضرب من البول نادر .


والبول الطبيعي اللون إذا أفرط في الغلظ دل أحياناً على جودة نقص المواد كثيراً ونضجه بسهولة الخروج وقد يدل أحياناً على التلف لدلالته على كثرة الأخلاط وضعف القوة ويدل عليه عسر الخروج وقلة ما يخرج . والبول الغليظ الجيد الذي هو بحران لأمراض الطحال والحميّات المختلطة لا يتوقّع فيه الاستواء فإن الطبيعة تعمل في الدفع .
والبول الميثور في
الجملة يدلّ على كثرة الاخلاط مع اشتغال من الطبيعة بها وبإنضاجها .
والبول الغليظ الذي له ثقل زيتي يدل على حصاة .
والبول الغليظ الدال على انفجار الأورام يستدل عليه بما يخالطه وبما قد سبقه .
أما ما يخالطه فكالمدة ويدل عليها الرائحة المنتنة والجرادات المنفصلة معه كصفائح بيض أو حمر أو كنخالة أو غير ذلك مما يستدل عليه بعد وأما ما سبقه فإن يكون قد كان فيما سلف علامة لورم أو قرحة بالمثانة أو الكلية والكبد أو نواحي الصدر فيدل ذلك على الإنفجار من الورم وإن كان قبله بول يشبه غسالة اللحم الطري فهو من حدبة الكبد أو براز كذلك فالورم في تقعيره وإن كان قد سبق ضيق نفس وسعال يابس ووجع في أعضاء الصدر ناخس فهو ذات الجنب انفجر واندفع من ناحية الشريان العظيم .
وإذا كان في ذلك الذي هو المدة نضج كان محموداً وإن كان ذلك البول مغ الغلظ إلى السود وكان معه وجع في ناحية اليسار فهو من ناحية الطحال وعلى هذا القياس إن كان فوق السرة وأعلى البطن فهو من ناحية المعدة .
وأكثر ذلك يكون من الكبد ومجاري البول .
وربما بال الصحيح المتدع التارك الرياضة بولاً كالمدة والصديد فيتنقى بدنه ويزول ترهله الذي له بترك الرياضة وإن كان أيضاً في الكبد وما يليه سدد فربما كان غلظ البول تابعاً لانفتاحها واندفاع مادتها ولا يكون هذا الغلظ قيحياً والذي يكون عن الانفجار يكون قيحياً .


والبول الكدر كثيراً ما يدل على سقوط القوة وإذا سقطت القوة استولى البرد وكان كالبرد الخارج والبول الكدر الشبيه بلون الشراب الرديء أو ماء الحمص يكون للحبالى وأصحاب أورام حارة مزمنة في الأحشاء . والبول الذي يشبه بول الحمير وأبوال الدواب وكأنه ملخلخ لشقة بثوره يدل على فساد أخلاط البدن .
وأكثره على خام عملت فيه حرارة ما فيورث ريحاً غليظة وكذلك قد يدل على الصداع الكائن أو المطل وقد يدل إذا دام على الترعش .
والبول الذي يشبه لون عضو ما فإن دوامه يدل على علة بذلك العضو قال بعضهم : إنه إذا كان في أسفل البول شبيه بغيم أو دخان طال المرض وإن كان في جميع المرض أنذر بموت .
والخام يفارق المدة بالنتن .
والبول المختلف الأجزاء كلما كانت الأجزاء الكبار فيه أكثر دل على أن عمل الطبيعة فيه أنفذ والطبيعة أقدر والمسام أشد إنفتاحاً .
والبول الذي يرى فيه كالخيوط مختلط بعضها ببعض يدل على أنه بيل أثر الجماع وأنت تعلم ذلك بالامتحان .
الفصل الرابع دلائل رائحة البول
قالوا : لم ير بول مريض قط توافق رائحته رائحة بول الأصحاء .
ونقول : إن كان البول لا رائحة له البتة دل على برد مزاج وفجاجة مفرطة وربما دل على الأمراض الحادة على موت الغريزة فإن كانت له رائحة منتنة فإن كان هناك دلائل النضج كان سببه جرباً وقروحاً في ألات البول ويستدل عليه بعلامات ذلك وإن لم يكن نضج جاز أن يكون من ذلك وجاز أن يكون للعفونة وإذا كان ذلك في الحميات الحادة ولم يكن بسبب أعضاء البول فهو دليل رديء وإن كان إلى الحموضة دل على أن العفونة هي في أخلاط باردة الجوهر استولى عليها حرارة غريبة .


وأما إن كانت العلة حادة فهو دليل الموت لأنه يدل على موت الحرارة الغريزية واستيلاء برد في الطبع مع حر غريب والرائحة الضاربة إلى الحلاوة تدل على غلبة الدم والمنتنة شديداً صفراوية والمنتنة إلى الحموضة سوداوية والبول المنتن الرائحة إذا دام بالأصحاء دل على حميات تحدث من العفن أو على انتقاض عفونة محتبسة فيهم ويدل عليه وجود الخفة إثره وفي الأمراض الحادة إذا فارق البول من كان يلزمه فيها وزال عنه وكان ذلك الزوال دفعة ولم يعقب راحة فهو علامة سقوط القوى .
الفصل الخامس الدلائل المأخوذة من الزبد
الزبد يحدث في الرطوبة من الريح المنزرقة فى الماء ومع زرق البول والريح الخارجة مع البول في جوهر البول معونة لا محال وخصوصاً إذا كانت الريح غالبة في الماء كما يعرض في بول أصحاب التمدد من النفّاخات الكثيرة .
والزبد قد يدل بلونه كما يدل بسواده وشقرته على اليرقان وقد يدل بصغره وكبره فإن كبره يدل على اللزوجة وإما بقلته وكثرته فإن كثرته تدل على لزوجة وريح كثيرة وإما ببقائه طويلاً أو ببقائه سريعاً فإن بقاءه بطيئاً يدل على اللزوجة والعبب الباقية في علل الكلى ويدل على طول المرض لدلالته على الرياح واللزوجة .
وبالجملة فإن الخلط اللزج في علل الكلى رديء ويدل على أخلاط رديئة وبرد .


دلائل أنواع الرسوب نقول : أولاً إن اصطلاح الأطباء في استعمال لفظة الرسوب والثفل قد زال عن المجرى المتعارف وذلك لأنهم يقولون رسوب وثفل لا لما يرسب ففط بل لكل جوهر أغلظ قواماً من المائية متميزعنها وإن تعلق وطفا فنقول : إن الرسوب قد يستدل منه من وجوه من جوهره ومن كميته ومن كيفيته ومن وضع أجزائه ومن مكانه ومن زمانه ومن كيفية مخالطته أما دلالته من جوهره فهو أنه إما أن يكون رسوباً طبيعياً محموداً دالاً على الهضم والنضج الطبيعيين وهر أبيض راسب متصل الأجزاء متشابهها مستويها ويجب أن يكون مستدير الشكل أملس مستوياَ لطيفاً شبيهاً برسوب ماء الورد .
ونسبة دلالته على نضج المادة في البدن كله كنسبة المدة للبيضاء الملساء المشابهة القوام على نضج الورم لكن المدة كثيفة وهذه لطيفة . والرسوب والثفل دليل جيد وإن فات الصبغ والاستواء أدل عند الأقدمين من النضج فإن المستوى الذي ليس بذلك الأبيض بل هو أحمر أصلح من الأبيض الخشن .
وأكثر الرسوب على لون البول وأجود ما خالف الأبيض فهو الأحمر ثم الأصفر ثم الزرنيخي ويبتدىء الشر من العدسي ولا يلتفت إلى ما يقوله الآخرون فإن البياض قد يكون لا للنضج والاستواء ليس إلا للنضج . ومن البياض ما يكون عن وأما الرسوب الرديء المذموم فتشتنه خير من استوائه والرسوب الرديء هو الذي تعرفه عن قريب وأما الرسوب الجيد الذي كلامنا فيه فقد يشبه المدة والخام الرقيقين ولكن المدة تخالفه بالنتن والخام يخالفه باندماج أجزائه وهو يخالف كليهما باللطافة والخفة وهذا الرسوب إنما يطلب في الأمراض ولا يطلب في حال الصحة وذلك لأن المريض لا يشك في احتباس مواد رديئة في بدنه في عروقه فإذا لم ينضج دل على الفساد .
وأما الصحيح فليس يجب دائماً أن يكون في عرقه خلط ينتقض بل الأولى أن يدل ذلك منهم على فضول تفضل فيهم عن الغذاء عديمة الهضم ثم يفضل فضل يرسب في البول نضيجاً أو غير نضيج .


والقضاف يقل فيهم الثفل الراسب في حال الصحة وخصوصاً المزاولين للرياضات وأصحاب الصنائع المتعبة وإنما يكثر هذا الرسوب في أبوال السمان المتدعين وكذلك أيضاً لا يجب أن يتوقع في أبوال المرضى القضاف من الرسوب ما يتوقع في أبدان المرضى السمان فإن أولئك كثيراً ما تقلع أمراضهم ولم يرسبوا شيئاً وكثيراً ما لا يبلغ الرسوب في أبوالهم إلى أن يتسفل بل ربما كان منه شيء يسير طاف أو يتعلق وليس كما يقال : كل بول فانه يرسب إلا البول النضيج جداً بل يجب أن يصبر عليه قليلاً هذا .
وأكثر ألوان الرسوب في أكثر الأمر يكون على لون البول وأجود ما خالف الأبيض هو الأحمر ثم الأصفر .
وأما الرسوب الغير الطبيعي فمنه خراطي نخالي أو كرسني أو دشيشي شبيه بالزرنيخ الأحمر والمشبع صفرة ومنه لحمي ومنه دسمي ومنه مدي ومنه مخاطي ومنه شبيه بقطع الخمير المنقوع ومنه لحموي علقي ومنه شعري ومنه رملي حصوي ومنه رمادي .
والخراطي القشوري منه صفائحي كبار الأجزاء بيض وحمر يدل في أكثر الأمر على انفصالها من أعضاء قريبة من مفصل البول وهي أعضاء البول .
والأبيض يدل على أنه من المثانة لقروح فيها أو جرب أو تأكل .
والأحمر اللحمي على أنه من الكلية وقد يكون من الصفائحي ما هو كمد اللون أدكن أو شبيه بفلوس السمك وهذا أردأ جداً من جميع أصناف الرسوب الذي نذكره ويدل على انجراد صفائح الأعضاء الأصلية .
وأما الجنسان الأولان فكثيراً ما يضرّان البتة بل ربما نقيا المثانة .
وقد حكى بعضهم أن رجلاً سُقِي الذراريح فبال قشوراً بيضاً كالفرقىء وكانت إذا حلت في المائية انحلت وصبغت صبغاً أحمر فبرأ وعاش .


ومن الخراطي ما يكون أقل عرضاً من المذكورين وأثخن قواماً فإن كان أحمر سمي كرسنياً وإن لم يكن أحمر سمي نخالياً والكرسني إن كان أحمر فقد يكون أجزاءً من الكبد محترقة وقد يكون دماً محترقاً فيها وقد يكون من الكلية لكن الكائن من الكلية أشد اتصالاً لحمياً والآخر إن أشبه بما ليس بلحمي وأقبل للتفتيت وإن كان شديد الضرب إلى الصفرة فهو عن الكلية لا محالة فإن الذي عن الكبد يضرب إلى القتمة وقد يشاركه في هذا أحياناً الذي عن الكلية . وأما النخالي فقد يكون من جرب المثانة وقد يكون من ذوبان الأعضاء والفرق بينهما أنه إن كان هناك حكة في أصل القضيب ونتن فهو من المثانة وخصوصاً إذا سبقه بول مدة وخصوصاً إذا دل سائر الدلائل على نضج البول فتكون العروق العالية صحيحة المزاج لا علة بها بل بالمثانة وأما إن كان مع إلهاب وضعف قوة وسلامة أعضاء البول وكان اللون إلى الكمودة فهو من ذوبان خلط .
وأما السويقي والدشيشي فأكثره من احتراق الدم وهو إلى الحمرة وقد يكون كثيراً من ذوبان الأعضاء وانجرادها إن كان إلى البياض وقد يكون أيضاً من المثانة الجربة في الأقل وأنت يمكنك أن تتعرف وجه الفرق بينهما بما قد علمت .
وأما إن كان إلى السواد فهو من احتراق الدم وخصوصاً في الطحال وجميع الرسوب الصفائحي الذي لا يكون عن سبب في المثانة والكلية ومجاري البول فإنه في الأمراض الحادة رديء مهلك وقد عرفت من هذه
الجملة حال اللحمي وأن أكثره يكون من الكلية وأنه متى لا يكون عن الكلية فإنما يكون إذا كان اللحمِ صحيح اللحمية ولا ذوبان في البدن .
والبول النضيج يدلّ على صحة الأوردة فإن علل الكِلية لا تمنع نضج البول لأن ذلك فوقها . وأما الرسوب الدسمي فيدل على ذوبان الشحم والسمن واللحم أيضاً .


وأبلغه الشبيه بماء الذهب ويستدل على مبدئه من القلة والكثرة ومن المخالطة والمفارقة فإنه إذا كان كثيراً متميزاً فاحدس أنه من ناحية الكلية لذوبان شحمها وإن كان أقل وشديد المخالطة فهو من مكان أبعد وإذا رأيت في البول قطعة بيضاء مثل حب الرمان فذلك من شحم الكلية .
وأما المري فيدل على قرحة منفجرة وخصوصاً في أعضاء البول ولا سيما إذا كان هناك ثفل محمود راسب .
والمخاطي يدل على غليظ خام إما كثير في البدن أو مدفوع عن اَلات البول وبحران عرق النسا ووجع المفاصل .
ويستدل عليه بالخفة عقبه وربما لطف ورقه فظن رسوباً محموداً فلذلك يجب أن لا يغتر في الأمراض بما يرى في هيئة الرسوب المحمود إذ لم يكن وقت النضج ولا دلائله حاضرة وقد يدل على شدة برد من مزاج الكِلْية والفرق بين المدّي والخام أن المدي يكون مع نتن وتقدم دليل ورم ويسهل اجتماع أجزائه وتفرقها ويكون منه ما يخالط المائية جداَ ومنه ما يتميز وأما الخام فإنه كدرغليظ لا يجتمع بسهولة ولا يتشتت بسهولة .
والبول الذي فيه رسوب مخاطي كثير إذا كان غزيراً وكان في آخر النقرس وأوجاع المفاصل دل على خير .
وأما الرسوب الشعري فهو لانعقاد رطوبة مستطيلة من حرارة فاعلة فيها وربما كان أبيض وأما الشبيه بقطع الخمير المنقوع فيدل على ضعف المعدة والأمعاء وسوء الهضم فيهما وربما كان سببه تناول اللبن والجبن . وأما الرملي فيدل دائماً على حصاة منعقدة أو في الانعقاد أو في الانحلال والأحمر منه من الكلية والذي ليس بأحمر هو من المثانة .
وأما الرمادي فأكثر دلالته على بلغم أو مدة عرض لها اللبث تغير لون وتقطع أجزاء وقد يكون لاحتراق عارض لها .
وأما الرسوب العلقي فإن كان شديد الممازجة دل على ضعف الكبد أو دون ذلك دل على جراحة في مجاري البول وتفرق اتصال فيها وإن كان متميزاً فأكثره دلالة من المثانة والقضيب وسنستقصي هذا في الأمراض الجزئية في باب بول الدم .


وإذا كان في البول مثل علق أحمر والمريض مطحول ذبل طحاله .
واعلم أنه لا يخرج في علل المثانة دم كثير لأن عروقها مخالطة مندسة في جرمها ضيقة قليلة .
وأما دلالة الرسوب من كميته فإما من كثرته وقلّته ويدل على كثرة السبب الفاعل له وقلته وإما من مقداره في صغره وكبره كما ذكرناه في الرسوب الخراطي .
وأما دلالته من كيفيته فإما من لونه فإن الأسود منه دليل رديء على الأقسام التي ذكرناها وأسلمه ما كان الرسوب أسود والمائية ليست بسوداء والأحمر يدل على الدموية وعلى التخم والأصفر على شدة الحرارة وخبث العلة والأبيض منه محمود على ما قلنا ومنه مذموم مخاطي ومدي أو رغوي مضاد للنضج والأخضر أيضاً طريق إلى الأسود .
وأما من رائحته فعلى ما سلف وأما من وضعه فمن ملاسته وتشتته فإن الملاسة والاستواء في الرسوب المحمود أحمد وفي المذموم أردأ .
والتشتّت يدل على رياح وضعف هضم .
وأما دلالته من مكانه فهو إما أن يكون عافياً ويسمى غماماً وإما متعلقاً وهو الواقف في الوسط وهو أكثر نضجاً من الأول وخير المتعلق ما مال خمله وهدبه إلى أسفل وإما راسباً في الأسفل وهو أحس نضجاً هذا في الرسوب المحمود .
وأما المذموم فاخفه أصلحه مثل الأسود وذلك في الحميات الحادة وكذلك إذا كان الخلط بلغمياً أو سوداوياً فالسحابي خير من الراسب فإنه يدل على تلطيفه إلا أن يكون سبب الطفو الريح الكثيرة جداً وإذا لم يكن ذلك فإن الطافي منه أسلم ثم المتعلق وشره الراسب وسبب الطفو حرارة مصعدة أو ريح .
والرسوب المتميز يطفو في الغليظ وخصوصاً إذا خص ويرسب في الرقيق خصوصاً إذا ثقل وإذا ظهر المتعلق والطافي في أول المرض ثم دام دل على أن البحران يكون بالخراج لكن النحفاء قد ينقضي مرضهم برسوب محمود طاف أو متعلّق كما ذكرنا فيما سلف .
والطافي والمتعلق الدسومي إذا كان شبيهاً بنسج العنكبوت أو تراكم الزلال فهو علامة رديئة .


وكثيراَ ما يظهر ثفل طاف غير جيد فيخاف منه لكنه يكون ذلك ابتداء النضج ويحول إلى الجودة ثم يتعلق ثم يرسب فيكون دليلاً غير رديء . وأما إذا تعقبته رسوبات رديئة فالخوف الذي وقع منه في أول الأمر واجب وأما دلالة الرسوب من زمانه فإنه إذا بيل فأسرع الرسوب فهو علامة جيدة في النضج فإذا أبطأ أو لم يرسب فهو دليل عدم النضج بقدر حاله وأما الدلالة من هيئة مخالطته فكما قلنا في ذكر بول الدم والدسم وأنت تعلم جميع ذلك .
الفصل السابع دلائل كثرة البول وقلته
البول القليل المقدار يدل على ضعف القوى والذي يقل عن المشروب يدل على تحلل كثير أو استطلاق بطن واستعداد للأستسقاء .
وكثير المقدار قد يدل على ذوبان وعلى استفراغ فضول ذائبة في البدن ويدل على إصابة الفرق بينهما بحال القوة .
والبول الرديء اللون الدال على الشر كلما كان أغزر كان أسلم وإذا كان متقطعاً دل على الشر أكثر كالأسود والغليظ .
والبول المختلف الأحوال الذي تارة يبال كثيراً وتارة يبال قليلاً وتارة يحتبس هو دليل جهاد متعب من الغريزة وهو دليل رديء .
والبول الغزير في الأمراض الحادة إذا لم يعقب راحة فهو من دليل دق أو تشنج من التهاب وكذلك العرق والبول الذي يقطر في الأمراض الحادة قطرة قطرة من غير إدرار يدل على آفة في الدماغ تأدت إلى العصب والعضل فإن كان الحمى ساكنة وهناك دلائل السلامة أنذر برعاف .
والأول على اختلاط العقل وفساد الذهن .
واذا قل بول الصحيح ورق ودام ذلك وأحس بثقل ووجع في القطن دل على ورم صلب بنواحي الكلية وإذا غزر البول في علة القولنج فربما يبشر بإقبال خاصة إذا كان أبيض سهل الخروج .
الفصل الثامن البول النضيج


الصحي الفاضل هو معتدل القوام لطيف الصبغ إلى الأترجية محمود الرسوب إن كان فيه على الصفة المذكورة من البياض والخفة والملاسة والاستواء وإستدارة الشكل وتكون الرائحة معتدلة لا منتنة ولا خامدة ومثل هذا البول إذا رؤي قي مرض في غاية الحدة دفعة دل على إفراق يكون في اليوم الثاني وأنت تعرف ذلك . أبوال الإنسان الأطفال أبوالهم تضرب إلى اللبنية من جهة غذائهم ورطوبة مزاجهم ويكون أميل إلى البياض .
والصبيان بولهم أغلظ وأثخن من بول الشبان وأكثر بثوراً وقد ذكرنا هذا من قبل .
وبول الشبان إلى النارية واعتدال القوام . وبول الكهول إلى البياض والرقة وربما كان غليظاً بحسب فضول فيهم يأكثر استفراغها .
وبول المشايخ أشد رقة وبياضاً ويعرض لهم الغلظ المذكور ندرة . لماذا كان بولهم شديد الغلظ كانوا بعرض حدوث الحصاة فيهم .


القانون
القانون
( 11 من 70 )

الفصل العاشر أبوال النساء والرجال
بول النساء على كل حال أغلظ وأشد بياضاً وأقل رونقاً من بول الرجال وذلك لكثرة فضولهن وضعف هضمهن وسعة منافذ ما يندفع عنهن ولما يتحلل إلى آلات أبوالهن من أرحامهن .
ثم اعلم أن بول الرجال إذا حركته فكدر مالت كدرته إلى فوق وهو في الأكثر يكدر .
وبول النساء لا يكدره التحريك لقلة تميزه ويكون في الأكثر على رأسه زبد مستدير وإن تكدر كان قليل الكدر .
وبول الرجل على أثر جماعه فيه خيوط منتسج بعضها في بعض .
وبول الحبالى صاف عليه ضباب في رأسه وربما كان على لون ماء الحمص وماء الأكارع أصفر فيه زرقة وعلى رأسه ضباب وكيف كان فيرى في وسطه كقطن منفوش وكثيراً ما يكون مثل الحب ينزل ويصعد . وإن كانت الزرقة شديدة الظهور فهو أول الحمل وأن كان بدلها حمرة فهو آخره وخصوصاً إذا كان يتكدر بالتحريكء وبول النفساء في الأكثر يكون أسود فيه كالمداد والسخام .
الفصل الحادي عشر أبوال الحيوانات
اللامتحان وبيان مخالقتها لأبوال الناس
فنقول : ربما انتفع الطبيب عند وقوفه على أبوال الحيوانات فيما يجرب به إذا اتفق أن أصاب وذلك عسر قالوا : إن بول الجمال يكون في القارورة كالسمن الذائب مع كدورة وغلظ من خارج وبول الدواب يشبهه لكنه أصفى ويخيل أن نصف قارورته الأعلى صاف ونصفه الأسفل كدر .
وبول الغنم أبيض في صفرة قريب من بول الناس ولكن ليس له قوام وثفله كالدهن أو كثفل الدهن وكلما كان غذاؤه أجود فهو أصفى .
وبول الظبي يشبه بول الغنم
الفصل الثاني عشر أشياء سيّالة تشبه الأبوال
والتفرقة بينها وبين الأبوال
اعلم أن السكنجبين وجميع السيّالات من ماء العسل وماء التين وغير ذلك من ماء الزعفران ونحوه كلما قربت منه ازدادت صفاء .
والبول بالخلاف .
وماء العسل أصفر الزبد وماء التين يرسب ثفله من جانب لا في الوسط ولا بالهندام ولا حركة له .


فليكن هذا المبلغ كافياً في ذكر أحوال البول .
وسيأتيك في الكتب الجزئية تفصيل آخر للبول .
الفصل الثالث عشر دلائل البراز
البراز قد يستدل من كميته بأن ينظر أنه أقل من المطعوم أو أكثر أو مساو ومن المعلوم أن زيادته بسبب أخلاط كثيرة وقلته لقلتها أو لاحتباس كثير منه في الأعور والقولون أو اللفائف وذلك من مقدمات القولنج ويدلّ على ضعف القوة الدافعة وقد يستدل من قوامه : فيدل الرطب منه إما على سدد وإما على سوء هضم وقد يدل على ضعف من الجداول فلا تمتص الرطوبة وقد يكون لنزلات من الرأس أو لتناول شيء مرطب للبراز .
وأما اللزوجة من الرطب فقد تدل على الذوبان وذلك يكون مع نتن وقد تدلّ على كثرة أخلاط رديئة لزجة وذلك لا يكون مع فضل نتن وقد تدل على أغذية لزجة تنوولت غير قليلة مع حرارة قوية في المزاج لم يجد بينهما الهضم .
أما الزبدي منه فإنه يدل على غليان من شدة الحرارة أو على مخالطة من رياح كثيرة .
وأما اليابس من البراز فيدل على تعب وتحلل أو على كثرة درور البول أو على حرارة نارية أو يبس أغذية أو طول لبث في المعي على ما سنصفه في بابه وإذا خالط اليابس الصلب رطوبة دل على أن يبسه لطول احتباسه في رطوبات مانعة له من البروز وعدم مرار لاذع معجل وإذا لم يكن هناك طول احتباس ولا علامات رطوبة في الأمعاء فالسبب فيه انصباب فضل صديدي لاذع انصب من الكبد مما يليه ولم يمهل بلذعه ريث أن يختلط .
وقد يستدل من لون البراز : ولونه الطبيعي ناري خفيف النارية فان اشتد دلّ على كثرة المرار وإن نقص دل على الفجاجة وعدم النضج وإن أبيض فربما كان بياضه بسبب سدة من مجرى المرار فيدل ذلك على يرقان وإن كان مع البياض قيح له ريح المدَة فإنه يدلّ على انفجار دبيلة .


وكثيراً ما يجلس الصحيح المتدع التارك للرياضة صديدياً ومدياً فيكون ذلك استنقاء واعلم أن اللون الناري المفرط جماً من البراز كثيراً ما يدل في وقت منتهى الأمراض على النضج وكثيراً ما يدل على رداءة الحال والأسود يدلّ على مثل دلائل البول الأسود فإنه يدل على احتراق شديد أو على نضج مرض سوداوي أو على تناول صابغ أو على شرب مستفرغ للسوداء .
والأول هو الرديء والكائن عن السوداء الصرف ليس يكفي أن يستدل عليه من لونه بل من حموضته وعفوصته وغليان الأرض منه وهو رديء برازاً أو قياً ومن خواصه أن له بريقاً .
وبالجملة فإن الخلط السوداوي الصرف قاتل في أكثر الأمر لخروجه أي دليل على الهلاك .
وأما الكيموس الاسود فكثيراً ما يقع خروجه وذلك لأن خروج السوداء الاصلية يدل على غاية احتراق البدن وفناء رطوباته .
وأما البراز الأخضر فإنه يدلّ على انطفاء الغريزة والكمد كذلك وقد يستدلّ من هيئة البراز أيضاً في الضمود والانتفاخ فإن الانتفاخ كزبل البقر يدلّ على ريح وقد يستدلّ من وقته فإن البراز إذا أسرع خروجه وتقدم العادة فهو دليل رديء يدل على كثرة مرارة وضعف قوّة ماسكة وإن أبطأ خروجه دلّ على ضعف الهاضمة وبرد الأمعاء وكثرة الرطوبة .
والصوت يدل على رياح نافخة والألوان المنكرة والمختلفة رديئة وسنذكرها في الكتاب الجزئي . وأفضل البراز المجتمع المتشابه الأجزاء الشديد اختلاط المائية باليبوسة الذي ثخنه كثخن العسل وهو سهل الخروج لا يلذع ولونه إلى الصفرة غير شديد النتن ولا دعامة غير في بقابق وقراقر وغير ذي زبدية وهو الذي خروجه في الوقت المعتاد بمقدار تقارب المأكول في الكمية .


واعلم أنه ليس كل استواء براز محمود ولا كل ملاسة فإنهما ربما كانا للنضج البالغ المتشابه في كل جزء وربما كانا لاحتراق وذوبان متشابه وهما حينئذ من شر العلامات . واعلم أن البراز المعتدل القوام الذي هو الى الرقة انما يكون محموداً إذا لم يكن مع قراقر رياح ولا كان منقطع الخروج قليلاً قليلاً وإلا فيجوز أن يكون اندفاعه لصديد يخالطه مزعج فلا يذره يجتمع هذا وقد يراعي علامات تظهر في العروق وفي أشياء أخر إلا أن الكلام فيها أخص بالكلام الجزئي وكذلك نجد في الكلام الجزئي فضل شرح لأمر البراز والبول وغير ذلك فافهم جميع ما بينا .
الفن الثالث الصحة والمرض وضرورة الموت
يشتمل على فصل واحد وخمسة تعاليم
اعلم أن الطبّ ينقسم بالقسمة الأولى إلى جزأين : جزء نظري وجزء عملي وكلاهما علم ونظر لكنّ المخصوص بإسم النظري هو الذي يفيد علم آراء فقط من غير أن يفيد علم عمل البتّة مثل الجزء الذي يعلم فيه أمر الأمزاج والأخلاط والقوى وأصناف الأمراض والأعراض والأسباب .
والمخصوص باسم العملي هو الذي يفيد علم كيفية العمل والتدبير مثل الجزء الذي يعلمك أنك كيف تحفظ صحّة بدن بحال كذا أو كيف تعالج بدناً به مرض كذا ولا تظنن أن الجزء العملي هو المباشرة والعمل بل الجزء الذي يتعقم فيه علم المباشرة والعمل وكنا قد عرفناك هذا فيما سلف وقد فرغنا في الفن الأول من الجزء النظري الكلي من الطب .
ونحن نصرف ذكرنا في الباقيين إلى الجزء العملي منه على نحو كلي . والجزء العملي منه ينقسم قسمين : أحداهما : علم تدبير الأبدان الصحيحة أنه كيف يحفظ عليها صحتها وذلك يسمى علم حفظ الصحة .
ونحن نبدأ ونكتب في هذا الفن موجزاً من الكلام في حفظ الصحة فنقول : إنه لما كان المبدأ الأول لتكون أبداننا شيئين : أحداهما : المني من الرجل والأصحّ من أمره أنه قائم مقام الفاعل .
والثاني : مني المرأة ودم الطمث والأصح من أمره أنه قائم مقام المادة .


وهذان الجوهران مشتركان في أن كل واحد منهما سيال رطب وإن اختلفا بعد ذلك وكانت المائية والأرضية في الدم ومني المرأة أكثر .
والهوائية والنارية في مني الرجل أغلب وجب أن يكون أول انعقاد هذين انعقاداً رطباً وإن كانت الأرضية والنارية موجودتين أيضاً فيما تكون منهما وكانت الأرضية بما فيها من الصلابة والنارية بما فيها من الإنضاج قد تعاونا فصلبتا المنعقد وعقدتاه فضل تصليب وتعقيد لكنه ليس يبلغ ذلك حدٌ انعقاد الأجسام الصلبة مثل الحجارة والزجاج حتى لا يتحلل منهما شيء أو يكون يتحلّل شيء غير محسوس فيكون في أمن من الأفات العارضة لسبب التحلل دائم أو طويل الزمان جداً .
وليس الأمر هكذا ولذلك فإن أبداننا معرضة لنوعين من الآفات وكل واحد منهما له سبب من داخل وسبب من خارج .
وأحد نوعي الافة هو تحفل الرطوبة التي منها خلقنا وذا واقع بالتدريج .
والثاني تعفّن الرطوبة وفسادها وتغيّرها عن الصلوح لإمداد الحياة وهذا غير الوجه الأول وإن كان يؤذي تأذية ذلك إلى الجفاف بأن يفسد أولاً الرطوبة ويخالف هيئة صلوحيتها لأبداننا ثم اَخر الأمر يتحلل عن التعفّن فإن العفونة تفيد أولاً الرطوبة ثم تحللها وتذر الشيء اليابس الرمادي .
وهاتان الآفتان خارجتان عن الآفات اللاحقة من أسباب أخرى كالبرد المجمد والسموم وأنواع تفرق الاتصال المهلك وسائر الأمراض .
ولكنّ النوعين المذكورين أخص تسخيناً هذا وأحرى أن نعتبرهما في حفظ الصحة وكل واحد منهما يقع من أسباب خارجة ومن أسباب باطنة .
أما الأسباب الخارجة : فمثل الهواء المحلل والمعفّن .
وأما الأسباب الباطنة : فمثل الحرارة الغريزية التي فينا المحلّلة لرطوباتنا والحرارة الغريبة المتولدة فينا عن أغذيتنا وغيرها المتعفنة .


وهذه الأسباب كلها متعاونة على تجفيفنا بل أول أستكمالنا وبلوغنا وتمكننا من أفاعيلنا يكون بجفاف كثير يعرض لنا ثم يستمر الجفاف إلى أن يتم وهذا الجفاف الذْي يعرض لنا أمر ضروري لا بد منه فإنا من أول الأمر ما نكون في غاية الرطوبة ويجب لا محالة أن تكون حرارتنا مستولية عليها وإلا احتقنت فيها فهي تفعل فيها لا محالة دائمة وتجففها دائماً ويكون أول ما يظهر من تجفيفها هو إلى الاعتدال ثم إذا بلغت أبداننا إلى الحد المعتدل من الجفاف والحرارة بحالها لا يكون التجفيف بقدر التجفيف الأول بل أقوى لأن المادة أقل فهي أقبل فيؤدي لا محالة إلى أن يزداد التجفيف على المعتدل فلا يزداد لا محالة إلى أن تفنى الرطوبات فتصير الحرارة الغريزية بالعرض سبباً لإطفاء نفسها إذ صارت سبباً لإفناء مادتها كالسراج الذي يطفأ إذا أفنيت مادته وكلما أخذ التجفيف في الزيادة أخذت الحرارة في النقصان فعرض دائماً عجز مستمر إلى الإمعان وعجز عن استبدال الرطوبة بدل ما يتحلل متزايداً دائماً فيزداد التجفيف من وجهين : أحداهما : لتناقص لحوق المادة والآخر لتناقص الرطوبة في نفسها بتحليل الحرارة فيزداد ضعف الحرارة لاستيلاء اليبوسة على جوهر الأعضاء ونقصان الرطوبة الغريزية التي هي كالمادة وكالدهن للسراج لأن السراج له رطوبتان ماء ودهن يقوم بأحدهما وينطفىء بالآخر كذلك الحرارة الغريزية تقوم بالرطوبة الغريزية وتختنق بالغريبة وازدياد الرطوبة الغريبة التي هي عن ضعف الهضم التي هي كالرطوبة المائية للسراج فإذا تم الجفاف طفئت الحرارة وكان الموت الطبيعي .
وإنما بقي البدن مدة بقائه لا لأن الرطوبة الطبيعية الأولية قاومت تحليل حرارة العالم وحرارة بدنه في غريزته وما يحدث من حركاته هذه المقاومة المديدة فإنها أضعف مقاومة من ذلك لكن إنما أقامها الاستبدال بدل ما يتحلل منها وهو الغذاء .


ثم قد بينا أن الغذاء إنما تتصرّف فيه القوة وتستعمله إلى حد وصناعة حفظ الحصّة ليست صناعة تضمن الأمان عن الموت ولا تخلص البدن عن الأفات الخارجة ولا أن تبلغ بكل بدن غاية طول العمر الذي يحب الإنسان مطلقاً بل إنما تضمن أمرين : منع العفونة أصلاً وحماية الرطوبة كي لا يسرع إليها التحلّل وفي قوتها أن تبقى إلى مدة تقتضيها بحسب مزاجها الأول ويكون ذلك بالتدبير الصواب في استبدال البدن بدل ما يتحلّل مقدار الممكن .
والتدبير المانع من استيلاء أسباب معجلة للتجفيف دون الأسباب الواجبة للتجفيف وبالتدبير المحرز عن تولّد العفونة لحماية البدن وحراسته عن استيلاء حرارة غريبة خارجاً أو داخلاً إذ ليست الأبدان كلها متساوية في قوة الرطوبة الأصلية والحرارة الأصلية بل الأبدان مختلفة في ذلك ولكل بدن حد في مقاومة الجفاف الواجب يقتضيه مزاجه وحرارته الغريزية .
ومقدار رطوبته الغريزية لا يتعداه ولكن قد يسبق بوقوع أسباب معينة على التجفيف أو مهلكة بوجه اَخر وكثير من الناس يقول : إن الآجال الطبيعية هي هذه وإن الآجال العرضية هي الآخرى وكأن صناعة حفظ الصحة هي المبلغة بدن الإنسان هذا السنّ الذي يسمى أجلاً طبيعياً على حفظ للملائمات وقد وكل بهذا الحفظ قوتان يخدمهما الطبيب : إحداهما طبيعية : وهي الغاذية فتخلف بدل ما يتحلل من البدن الذي جوهره إلى الأرضية والمائية .
والثانية حيوانية : وهي القوة النابضة لتخلف بدل ما يتحلل من الروح الذي جوهره هوائي ناري .
ولما لم يكن الغذاء شبيهاً بالمغتذي بالفعل خلقت القوة المغيرة لتغير الأغذية إلى مشابهة المغتذيات بل إلى كونها غذاء بالفعل وبالحقيقة وخلق لذلك آلات ومجار هي للجذب والدفع والإمساك والهضم .


فنقول : إن ملاك الأمر في صناعة حفظ الصحة هو تعديل الأسباب العامة اللازمة المذكورة - وأكثر العناية بها هو في تعديل أمور سبعة : تعديل المزاج واختيار ما يتناول وتنقية الفضول وحفظ التركيب وإصلاح المستنشق وإصلاح الملبوس وتعديل الحركات البدنية والنفسانية .
ويدخل فيها بوجه ما النوم واليقظة .
وأنت تعرف مما سلف بيانه أنه لا الاعتدال حد واحد ولا الصحة ولا أيضاً كل واحد من المزاج داخل في أن يكوق صحة ما واعتدالاَ ما في وقت ما بل الأمر بين الأمرين .
فلنبدأ أولاً بتدبير المولود المعتدل المزاج في الغاية .
التعليم الأول التربية
وهو أربعة فصول :
الفصل الأول تدبير المولود كما يولد إلى أن ينهض
أما تدبير الحوامل واللواتي يقاربن الولادة فسنكتبه في الأقاريل الجزئية وأما المولود المعتدل المزاج إذا ولد فقد قال جماعة من الفضلاء : أنه يجب أن يبدأ أول شيء بقطع سرته فوق أربع أصابع وتربط بصوف نقي فتل فتلاً لطيفاً كي لا يؤلم وتوضع عليه خرقة مغموسة في الزيت .
ومما أمر به في قطع السرة أن يؤخذ العروق الصفر ودم الأخوين والأنزروت والكمون والأشنة والمر أجزاء سواء تسحق وتذر على سرته ويبادر إلى تمليح بدنه بماء الملح الرقيق لتصلب بشرته وتقوى جلدته .
وأصلح الأملاح ما خالطه شيء من شادنج وقسط وسماق وحلبة وصعتر ولا يملح أنفه ولا فمه . والسبب في إيثارنا تصليب بدنه أنه في أول الأمر يتأذى من كل ملاق يستخشنه ويستبرده وذلك لرقة بشرته وحرارته فكل شيء عنده بارد وصلب وخشن وإن احتجنا أن نكرر تمليحه وذلك إذا كان كثير الوسخ والرطوبة فعلنا ثم نغسله بماء فاتر وننقي منخريه دائماَ بأصابع مقلمة الأظفار ونقطر في عينيه شيئاً من الزيت ويدغدغ دبره بالخنصر لينفتح ويتوقى أن يصيبه برد وإذا سقطت سرته وذلك بعد ثلاثة أيام أو أربعة فالأصوب أن يذر عليه رماد الصدف أو رماد عرقوب العجل أو الرصاص المحرق مسحوقاً أيها كان بالشراب .


وإذا أردنا أن نقمطه فيجب أن تبدأ القابلة وتمس أعضاءه بالرفق فتعرض ما يستعرض وتدق ما يستدق وتشكّل كل عضو على أحسن شكله كل ذلك بغمز لطيف بأطراف الأصابع .
ويتوالى في ذلك معاودات متوالية وتديم مسح عينيه بشيء كالحرير وغمز مثانته ليسهل انفصال البول عنها ثم نفرش يديه وتلصق ذراعيه بركبتيه وتعمّمه أو تقلنسه بقلنسوة مهندمة على رأسه وتنومه في بيت معتدل الهواء ليس ببارد ولا حار ويجب أن يكون البيت إلى الظل والظلمة ما هو لا يسطع فيه شعاع غالب .
ويجب أن يكون رأسه في مرقده أعلى من سائر جسده ويحفر أن يلوي مرقده شيئاً من عنقه وأطرافه وصلبه .
ويجب أن يكون إحمامه بالماء المعتدل صيفاً وبالمائل إلى الحرارة الغير اللاذعة شتاء وأصلح وقت يغسل ويستحم به هو بعد نومه الأطول وقد يجوز أن يغسل في اليوم مرتين أو ثلاثة وأن ينقل بالتدريج إلى ما هو أضرب إلى الفتور إن كان الوقت صيفاً .
وأما في الشتاء فلا يفارقن به الماء المعتدل الحرارة وإنما يحمّم مقدار ما ويجب أن يكون أخذه وقت الغسل على هذه الصفة وهو أن يؤخذ باليد اليمنى على الذراع الأيسر معتمداَ على صدره دون بطنه ويجتهد في وقت الغسل أن تمس راحتاه ظهره وقدمه رأسه بلطف وبرفق ثم تنشفه بخرقة ناعمة وتمسحه بالرفق وتضجعه أولاً على بطنه ثم على ظهره ولا يزال مع ذلك يمسح ويغمز ويشكل ثم يرد فيعصب في خرقة ويقطر في أنفه الزيت العذب فإنه يغسل عينيه وطبقاتهما .
الفصل الثاني تدبير الإرضاع والنقل


أما كيفية إرضاعة وتغذيبته فيجب أن يرضع ما أمكن بلبن أمه فإنه أشبه الأغذية بجوهر ما سلف من غذائه وهو في الرحم أعني طمث أمه فإنه بعينه هو المستحيل لبناً وهو أقبل لذلك وآلف له حتى إنه قد صح بالتجربة أن لقامه حلمة أمه عظيم النفع جداً في دفع ما يؤذيه ويجب أن يُكتفى بإرضاعه في اليوم مرتين أو ثلاثاً ولا يبدأ في أول الأمر في إرضاعه بإرضاع كثير على أنه يستحب أن تكون من ترضعه في أول الأمر غير أمه حتى يعتدل مزاج أمه والأجود أن يلعق عسلاً ثم يرضع .
ويجب أن يحلب من اللبن الذي يرضع منه الصبي في أول النهار حلبتان أو ثلاثة ثم يلقم الحلمة وخصوصاً إذا كان باللبن عيب والأولى باللبن الرديء والحريف أن لا ترضعها المرضعة وهي على الريق ومع ذلك فانه من الواجب أن يلزم الطفل شيئين نافعين أيضاً لتقوية مزاجه : أحدهما : التحريك اللطيف والآخر : الموسيقى والتلحين الذي جرت به العادة لتنويم الأطفال .
وبمقدار قبوله لذلك يوقف على تهيئة للرياضة والموسيقى : أحدهما ببدنه والآخر بنفسه فإن مَنَعَ عن إرضاعة لبن والدته مانع من ضعف وفساد لبنها أو ميله إلى الرقة فينبغي أن يختار له مرضعة على الشرائط التي نصفها بعضها في سنّها وبعضها في سحنتها وبعضها في أخلاقها .
وبعضها في هيئة ثديها وبعضها في كيفية لبنها وبعضها في مقدار مدة ما بينها وبين وضعها وبعضها من جنس مولودها وإذا أصبت شرائطها فيجب أن يجاد غذاؤها فيجعل من الحنطة والخندريس ولحوم الخرفان والجداء والسمك الذي ليس بعفن اللحم ولا صلبه .
والخس غذاء محمود واللوز أيضاً والبندق .
وشرّ البقول لها الجرجير والخردل والباذروج فإنه يفسد اللبن وفي النعناع قوة من ذلك .
وأما شرائط المرضع فسنذكرها : ونبدأ بشريطة سنها فنقول : إن الأحسن أن يكون ما بين خمس وعشرين سنة إلى خمس وثلاثين سنة فإن هذا هو سن الشباب وسن الصحة والكمال .


وأما في شريطة سحنتها وتركيبها فيجب أن تكون حسنة اللون قوية العنق والصدر واسعته عضلانية صلبة اللحم متوسطة في السمن والهزال لحمانية لا شحمانية . وأما في أخلاقها فأن تكون حسنة الأخلاق محمودتها بطيئة عن الانفعالات النفسانية الرديئة من الغضب والغم والجبن وغير ذلك فإن جميع ذلك يفسد المزاج وربما أعدى بالرضاع ولهذا نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن استظئار المجنونة على أن سوء خلقها أيضاً مما يسلك بها سوء العناية بتعهّد الصبي وإقلال مداراته .
وأما في هيئة ثديها فأن يكون ثديها مكتنزاً عظيماً وليس مع عظمه بمسترخ ولا ينبغي أيضاً أن يكون فاحش العظم ويجب أن يكون معتدلاً في الصلابة واللين .
وأما في كيفية لبنها فأن يكون قوامه معتدلاً ومقداره معتدلاً ولونه إلى البياض لا كمد ولا أخضر ولا أصفر ولا أحمر ورائحته طيّبة لا ونة فيها ولا عفونة .
وطعمه إلى الحلاوة لا مرارة فيه ولا ملوحة ولا حموضة وإلى الكثرة ما هو وأجزاؤه متشابهة فحينئذ لا يكون رقيقاً سيالاً ولا غليظاً جداً جبنياً ولا مختلف الأجزاء ولا كثير الرغوة وقد يجرب قوامه بالتقطير على الظفر فإن سال فهو رقيق وإن وقف عن الإسالة من الظفر فهو ثخين .
ويجرب أيضاً في زجاجة بأن يلقي عليه شيء من المر ويحرك بالأصبع فيعرف مقدار جبنيته ومائيته فإن اللبن المحمود هو المتعادل الجبنية والمائية فإن اضطر إلى من لبنها ليس بهذه الصفة دبر فيه من وجه السقي ومن علاج المرضعة . أما من وجه السقي فما كان من الألبان غليظاً كريه الرائحة فالأصوب أن يسقى بعد حلب ويعرض للهواء وما كان شديد الحرارة فالأصوب أن لا يسقى على الريق البتة .


وأما علاج المرضع فإنها إن كانت غليظة اللبن سقيت من السكنجيين البزوري المطبوخ بالملطفات مثل الفودنج والزوفا والحاشا والصعتر الجبلي تطعمه والطرنج ونحوه ويجعل في طعامها شيء من الفجل يسير وتؤمر أن تتقيأ بسكنجبين حار وأن تتعاطى رياضة معتدلة وإن كان مزاجها حار أسقيت السكنجبين مع الشراب الرقيق مجموعين ومفردين وإن كان لبنها إلى الرقة رفهت ومنعت الرياضة وغذيت بما يولد دماً غليظاً وربما سقوها - إن لم يكن هناك مانع - شراباً حلواً أو عقيد العنب وتؤمر بزيادة النوم فإن كان لبنها قليلاً تؤمّل السبب فيه هل هو سوء مزاج حار في بدنها كله أو في ثديها ويتعرف ذلك من العلامات المذكورة في الأبواب الماضية ويلمس الثدي فإن دل الدليل على أن بها حرارة غذيت بمثل كشك الشعير والأسفاناخ وما أشبهه وإن دل الدليل على أن بها برد مزاج أو سدد أو ضعف من القوة الجاذبة زيد في غذائها اللطيف المائل إلى الحرارة وعلق عليها المحاجم تحت الثديين بلا تعنيف وينفع من ذلك بزر الجزر .
وللجزر نفسه منفعة شديدة وإن كان السبب فيه استقلالها من الغذاء غذيت بالأحساء المتخذة من الشعير والنخالة والحبوب .


ويجب أن يجعل في أحسائها وأغذيتها أصل الرازيانج وبزره والشبث والشونيز وقد قيل : إن أكل ضروع الضأن والمعز بما فيه من اللبن نافع جداً لهذا الشأن لما فيه من المشاكلة أو لخاصية فيه وقد جرب أن يؤخد وزن درهم من الأرضة أو من الخراطين المجففة في ماء الشعير أياماً متوالية ووجد ذلك غاية وكذلك سلاقة رؤوس السمك المالح في ماء الشبث ومما يغزر اللبن أن تؤخذ أوقية من سمن البقر فيصبّ فيه شيء من شرار صرف ويشرب أو يؤخذ طحين السمسم ويخلط بالشراب ويصفّى ويسقى ويضمد الثديان بثفل الناردين مع زيت ولبن أتان أو تؤخذ أوقية من جوف الباذنجان المسلوق ويمرس بالشراب مرساً ويسقى وتغلى النخالة والفجل في الشراب ويسقى أو يؤخذ بزر الشبث ثلاث أواق وبزر الحندقوقي وبزر الكراث من كل واحد أوقية وبزر الرطبة والحلبة من كل واحد أوقيتان يخلط بعصارة الرازيانج والعسل والسمن ويشرب منه .
وإذا كان اللبن بحيث يؤذي ويفسد من الكثرة لاحتقانه وتكاثقه فينقص بتقليل الغذاء وتناول ما يقل غذاؤه وبتضميد الصدر والبدن بكمّون وخل أو بطين حر وخل أو بعدس مطبوخ بخل ويشرب الماء المالح عليه . وكذلك أستعمال النعناع الكثير والاستكثار من ذلك للثدي يغزر اللبن فأما اللبن الكريه الرائحة فيعالج بسقي الشراب الريحاني ومناولة الأغذية الطيبة الرائحة وأما التدبير المأخوذ من مدة وضع المرضع فيجب أن تكون ولادتها قريبة لا ذلك القرب جداً بل ما بينها وبينه شهر ونصف أو شهران وأن تكون ولادتها لذكر وأن يكون وضعها لمدة طبيعية وأن لا تكون أسقطت ولا كانت معتادة الإسقاط .


ويجب أن تؤمر المرضع برياضة معتملة وتغذى بأغذية حسنة الكيموس ولا تجامع البتة فإن ذلك يحرك منها دم الطمث فيفسد رائحة اللبن ويقل مقداره بل ربما حبلت وكان من ذلك ضرر عظيم على الولدين جميعاً أما المرتضع فلانصراف اللطيف من اللبن إلى غذاء الجنين وأما الجنين فلقلة ما يأتيه من الغذاء لاحتياج الآخر إلى اللبن .
ويجب في كل إرضاعة وخصوصاَ في الإرضاع الأول أن يحلب شيء من اللبن ويسيل وأن يعان بالغمز لئلا تضطره شدة المصّ إلى إيلام آلات الحلق والمريء فيحجف به .
وإن ألعِق قبل الإرضاع كل مرة ملعقة من عسل فهو نافع وإن مزج بقليل شراب كان صواباً ولا ينبغي أن يرضع اللبن الكثير دفعة واحدة بل الأصوب أن يرضع قليلاً قليلاً متوالياً متوالياً فإن ارضاعه الشبع دفعة واحدة ربما ولد تمدداً ونفخة وكثرة رياح وبياض بول فإن عرض ذلك فيجب أن لا يرضع ويجوعّ شديد أو يشتغل بنومه إلى أن ينهضم ذلك وأكثر ما يرضع في الأيام الأول هو في اليوم ثلاث مرات وإن أرضعته في اليوم الأول غير أمه على ما قد ذكرنا كان أصوب وكذلك إذا عرض للمرضعة مزاج رديء أو علة مؤلمة أو إسهال كثير أو احتباس مؤذ فالأولى أن يتولى إرضاعه غيرها إلى أن تستقل وكذلك إذا أحوجت الضرورة إلى سقيها دواء له قوة وكيفية غالبة وإذا نام عقيب الرضاع لم يعنف عليه بتحريك شديد للمهد يخضخض اللبن في معدته بل يرجح برفق .
والبكاء اليسير قبل الرضاع ينفعه والمدة الطبيعية للرضاع سنتان .
واذا اشتهى الطفل غير اللبن أعطي بتدريج ولم يشدد عليه ئم إذا جعلت ثناياه تظهر إلى الغذاء الذي هو أقوى بالتدريج من غير أن يعطى شيئاً صلب الممضغ وأول ذلك خبز تمضغه المرضع ثم خبز بماء وعسل أو بشراب أو بلبن ويسقى عند ذلك قليل ماء وفي الأحيان مع يسير شراب ممزوج به ولا تدعه يتملأ فإن عرض له كظة وانتفاخ بطن وبياض بول منعته كل شيء .


وأجود تغذيته أن يؤخر إلى أن يمرخ ويحمم ثم إذا أفطم نقل إلى ما هو من جنس الأحساء .
واللحوم الخفيفة .
ويجب أن يكون الفطام بالتدريج لا دفعة واحدة ويشغل ببلاليط متخذة من خبز وسكر فإن ألح على الثدي واسترضع وبكى فيجب أن يؤخذ من المر والفوتنج من كل واحد درهم يسحق ويطلى منه على الثدي .
ونقول بالجملة : إن تدبير الطفل هو الترطيب لمشاكلة مزاجه لذلك ولحاجته إليه في تغذيته ونموه والرياضة المعتدلة الكثيرة . وهذا كالطبيعي لهم فكأن الطبيعة تتقاضاهم به ولا سيما إذا جاوزوا الطفولية إلى الصبا فإذا أخذ ينهض ويتحرك فلا ينبغي أن يمكن من الحركات العنيفة ولا يجوز أن يحمل على المشي أو القعود قبل انبعاثه إليه بالطبع فيصيب ساقيه وصلبه اَفة والوِاجب في أول ما يقعد ويزحف على الأرض أن يجعل مقعده على نطع أملس لئلا تخدشه خشونة الأرض وينحى عن وجهه الخشب والسكاكين وما أشبه ذلك ما ينخس أو يقطع ويحمى عن التزلق من مكان عال وإذا جعلت الأنياب تفطر منعوا كل صلب الممضغ لئلا تتحلل المادة التي منها تتخلّق الأنياب بالمضغ الذي يولع به وحينئذ تمرخ غمورهم بدماغ الأرنب وشحم الدجاج فإن ذلك يسهل فطورها فإذا انغلق عنها الغمور مرخت رؤوسهم وأعناقهم حينئذ بالزيت المغسول مضروباً بماء حار وقطر من الزيتَ في آذانهم فإذا صارت بحيث يمكنه أن يعض بها فإنه يُغرَى بأصابعة وعضها فيجب أن يعطى قطعة من أصل السوس الذي لم يجف بعد كثيراَ أو رُبّه فإن ذلك ينفع في ذلك الوقت وينفع من القروح والأوجاع في اللثة وكذلك يجب أن يدلك فمه بملح وعسل لئلا تصيبه هذه الأوجاع ثم إذا استحكم نباتها أيضاً أعطوا شيئاً من رب السوس أو من أصله الذي ليس بشديد الجفاف يمسكونه في الفم ويوافقهم تمريخ أعناقهم في وقت نبات الأنياب بزيت عذب أو دهن عذب وإذا أخذوا ينطقون تعهدوا بإدامة ذلك أصول أسنانهم .
الفصل الثالث الأمراض التي تعرض للصبيان وعلاجاتها


الغرض المقدّم في معالجة الصبيان هو تدبير المرضع حتى إن حدس أن بها امتلاء من دم فصدت أو حجمت أو امتلاء من خلط استفرغ منها الخلط أو احتيج إلى حبس الطبيعة أو إطلاقها أو منع بخار من الرأس أو إصلاح لأعضاء التنفس أو تبديل لسوء مزاج عولجت بالمتناولات الموافقة لذلك .
وإذا عولجت بإسهال أو وقع طبعاً بإفراط أو عولجت بقيء أو وقع طبعاً وقوعاً قوياً فالأولى أن يرضع ذلك اليوم غيرها .
فلنذكر أمراضاً جزئية تعرض للصبيان فمن ذلك أورام تعرض لهم في اللثة عند نبات الأسنان وأورام تعرض لهم عند أوتار في ناحية اللحيين وتشنج فيها وإذا عرض ذلك فيجب أن يغمز عليها الأصبع بالرفق وتمرخ بالدهنيات المذكورة في باب نبات الأسنان . وزعم بعضهم أنه يمضمض بالعسل مضروباً بدهن البابونج أو العسل مع علك الأنباط ويستعمل على الرأس نطول بماء قد طبخ فيه البابونج والشبث .
ومما يعرض للصبيان استطلاق البطن وخصوصاً عند نبات الأسنان .
زعم بعضهم أنه يعرض لأنه يمص فضلاً مالحاً قيحياً من لثته مع اللبن ويجوز أن لا يكون لذلك بل لاشتغال الطبيعة بتخليق عضو عن إجادة الهضم ولعروض الوجع وهو مما يمنع الهضم في الأبدان الضعيفة .
والقليل منه لا يجب أن يشتغل به فإن خيف من ذلك إفراط تدُورِكَ بتكميد بطنه ببزر الورد أو بزر الكرفس أو الأنيسون أو الكمون أو يضمّد بطنه بكمّون وورد مبلولين بخل أو بجاورس مطبوخ مع قليل خل .
وأن لم ينجع سقوا من أنفحة الجدي دانقاً بماء بارد ويحذر حينئذ من تجبن اللبن في معدته بأن يغذى ذلك اليوم ما ينوب عن اللبن مثل النيمبرشت من صفرة البيض ولباب الخبز مطبوخاً في ماء أو سويق مطبوخاً في ماء .


وقد يعرض لهم اعتقال الطبيعة فيشيفون بزبل الفأر أو شيافة من عسل معقود وحده أو مع فودنج أو أصل السوسن الأسمانجوني كما هو أو محرقاً أو يطعم قليل عسل أو مقدار حمصة من علك البطم ويمرخ بطنه بالزيت تمريخاً لطيفاً أو تلطخ سرّته بمرارة البقر وبخور مريم وربما عرض بلثته لذع فيكمّد بدهن وشمع .
واللحم المالح العفن ينفعه وربما عرض لهم خاصة عند نبات الأسنان تشنّج وأكثره بسبب ما يعرض لهم من فساد الهضم مع شدة ضعف العصب وخصوصاً فيمن بدنه عبل رطب فيعالج بدهن إيرسا أو لدهن السوسن أو دهن الحناء أو دهن الخيري .
وربما عرض كزاز فيعالج بماء قد طبخ فيه قثاء الحمار أو بدهن البنفسج مع دهن قثاء الحمار فإن حدس أن التشنّج العارض به من يبس لوقوعه عقيب الحميات والإسهال العنيف ولحدوثه قليلاً قليلاً عرقت مفاصله بدهن البنفسج وحده أو مضروباً بشيء من الشمع المصفى وصب على دماغهم زيت ودهن بنفسج وغير ذلك صباً كثيراً وكذلك إن عرض لهم كزاز يابس .
وقد يعرض لهم سعال وزكام وقد أمر في ذلك بماء حار كثير يصب على رأس من أصيب بذلك منهم ويلطخ لسانه بعسل كثير ثم يغمز على أصل لسانه بالأصبع ليتقيأ بلغماً كثيراً فيعافى أو يؤخذ صمغ عربي وكثيراء وحب السفرجل ورب السوس وفانيد يسقى منه كل يوم شيئاً بلبن حليب .
وقد يعرض للطفل سوء تنفس فيجب حينئذ أن تدهن أصول أذنيه وأصل لسانه بالزيت ويقيأ وكذلك يكبس لسانه فهو نافع جداً ويقطر الماء الحار في أفواههم ويلعقوا شيئاً من بزر الكتان بالعسل . وقد يعرض لهم القلاع كثيراً فإن غشاء أفواههم وألسنتهم لين جداً لا يحتمل اللمس ليناً فكيف جلاء مائية اللبن فان ذلك يؤذيهم ويورثهم القلاع .
وأردأ القلاع الفحمي الأسود و هو قاتل .


وأسلمه الأبيض والأحمر فينبغي أن يعالجوا بما خص من أدوية القلاع المذكورة في الكتاب الجزئي وربما كفاه البنفسج المسحوق وحده أو مخلوط بورد وقليل زعفران أو الخرنوب وحده وربما كفاه مثل عصارة الخسّ وعنب الثعلب والعرفج فإن كان أقوى من ذلك فأصل السوس المسحوق وربما نفع بثور لثته وقلاعه المر والعفص وقشور الكندر مسحوقة جداً مخلوطة بالعسل وربما كفاه رب التوث وحده الحامض ورب الحصرم وقد ينفع من ذلك غسله بشراب العسل أو ماء العسل ثم اتباعه بشيء مما ذكرناه من المجففات فإن احتيج إلى ما هو أقوى فليؤخذ عروق وقشور الرمان والجلنار والسماق من كل واحد ستة دراهم ومن العفص أربعة دراهم ومن الشبث درهمان يدق وينخل ويذر . وقد يعرض في آذانهم سيلان الرطوبة فإن أبدانهم وخصوصاً أدمغتهم رطبة جداً .
فيجب أن تغمس لهم صوفة في عسل وخمر مخلوط به شيء يسير من شب أو زعفران أو شمة من نطرون ويجعل في آذانهم وربمى كفى أن يغمس صوف في شراب عفص ويستعمل مع شيء من الزعفران ويجعل في ذلك الشراب قد يعرض للصبيان كثيراً وجع الأذن من ريح أو رطوبة فيعالج بالحضض والصعتر والملح الطبرزد والعدس والمر وحب الحنظل والأبهل يغلي أيها كان في دهن ويقطر وربما عرض في دماغ الصبيان ورم حار يسمى العطاس وقد يصل وجعه كثيراً إلى العين والحلق ويصفر له الوجه فيجب حينئذ أن يبر دماغه ويرطب بقشور القرع والخيار وماء عنب الثعلب وعصارة البقلة الحمقاء خاصة ودهن الورد مع قليل خل وصفرة البيض مع دهن الورد ويبدل أيها كان دائماً وقد يعرض للصبي ماء في رأسه .
وقد ذكرنا علاجه فى علل الرأس وربما انتفخت عيونهم فيطلى عليها حضض بلبن ثم يغسل بطبيخ البايوتج وماء الباذروج وربما أحدثت كثرة البكاء بياضاً في حدقتهم فيعالجون بعصارة عنب الثعلب .
وقد يعرض لجفن الصبي سلاق من البكاء وذلك علاجه أيضاً عصارة عنب الثعلب .


وقد يصيبهم حميات والأولى فيها أن تدثر المرضعة ويسقى هو أيضاً مثل ماء الرمان مع سكنجبين وعسل ومثل عصارة الخيار مع قليل كافور وسكر ثم يعرقون بأن يعتصر القصب الرطب وتجعل عصارته على الهامة والرجل ويدثروا فإن هذا يعرقهم . وربما عرض لهم مغص فيلتوون ويبكون فيجب أن يكمد البطن بالماء الحار والدهن الكثير الحار بالشمع اليسير .
وقد يعرض لهم عطاس متواتر فربما كان ذلك من ورم في نواحي الدماغ فإن كان كذلك عولج الورم بالتبريد والطلاء والتمريخ بالمبردات من العصارات والأدهان وإن لم يكن من ورم عرض لهم فيجب أن ينفخ الباذورج المسحوق في مناخرهم .
ؤقد يعرض لهم بثور في البدن فما كان قرحياً أسود فهو قتال وأما الأبيض فأسلم منه وكذلك الأحمر .
ولو كان قلاعاً فقط لكان قتالاً فكيف إذا بثر وربما كانت في خروجها منافع كثيرة وعلى كل حال فيعالجون بالمجففات اللطيفة مجعولة في مائه الذي يغسل به مطبوخة فيه كالورد والأس وورق شجرة المصطكي والطرفاء .
وأدهان هذه الأشياء أيضاً .
والبثور السليمة تترك حتى تنضج ثم تعالج وإن تقرّحت استعمل مرهم منهم الإسفيداج وربما احتيج إلى أن يغسل بماء الغسل مع قليل نطرون وكذلك القلاع فاذا كثفت احتيج إلى ما هو أقل فيغسل حينئذ بماء البورق نفسه ممزوجاً بلبن ليحتمله فإن تنقطت بشرتهم حُمّوا بماء طبيخ الآس والورد والإذخر وورق شجرة المصطكي وأولى هذا كله إصلاح غذاء المرضع .
وربما أحدث كثرة البكاء فيهم نتوءاً في السرة أو أحدث سبباً من أسباب الفتق وقد أمر في ذلك بأن يسقى النانخواه ويعجن ببياض البيض ويلطخ عليه ويُعلى بخرقة كتان رقيقة أو تبل حراقة الترمس المز بنبيذ وتشد عليه .
وأقوى منه القوابض الحارة مثل المر وقشور السرو وجوزه والأقاقيا والصبر وما يقال في باب الفتق .
وربما عرض للصبيان وخصوصاً عند قطع السرّة ورم فحينئذ يجب أن يؤخذ الشنكال وهو الفنجيوس وعلك البطم ويذابان في ذهن الشيرج ويسقى .


منه الصبي وتطلى به سرته .
وقد يعرض للصبي أن لا ينام ولا يزال يبكي ويدمدم دمدمة ويضطر ضرورة إلى إرقاده فإن أمكن أن ينوّم بقشور الخشخاش وبزره وبدهن الخسّ ودهن الخشخاش وضع على صدغه وهامته فذلك وإن احتيج إلى أقوى من ذلك فهذا الدواء ونسخته .
يؤخذ حب السمنة وجوز كندم وخشخاش أبيض وخشخاش أصفر وبزر الكتان والحب الخوري وبزر العرفج وبزر لسان الحمل وبزر الخس وبزر الرازيانج وأنيسون وكمون يغلى الجميع قليلاً قليلاً ويدق ويجعل فيها جزء من بزر قطونا مقلواً غير مدقوق ويخلط الجميع بمثله سكراً وويسقى الصبي منه قدر درهمين فإن أريد أن يكون أقوى من هذا جعل فيه شيء من الأفيون قدر ثث جزء أوأقل .
وقد يعرض للصبي فواق فيجب أن يسقى جوز الهند مع السكر .
وقد يعرض للصبي قيء مبرح فربما نفع منه أن يسقى نصف دانق من القرنفل وربما نفع منه تضميد المعمة بشيء من حوابس القيء الضعيفة .
وقد يعرض للصبي ضعف المعدة فيجب أن تلطخ معدته بميسوس بماء الورد أو ماء الآس ويسقى ماء السفرجل بشيء من القرنفل والسك أو قيراط من السك في شيء يسير من الميبة .
وقد يعرض للصبي أحلام تفزعه في نومه وأكثره من امتلائه لشدّة نهمته فإذا فسد الطعام وأحست المعمة به تأذى ذلك الأذى من القوة الحاسة إلى القوة المصورة والمخيلة فمثلت أحلاماً رديئة هائلة فيجب أن لا ينوم على كظة وأن يلعق العسل ليهضم ما في معدته ويحدره .
وقد يعرض للصبي ورم الحلقع بين الفم والمريء وربما امتدّ ذلك إلى العضل وإلى خرز القفا فيجب أن تلين الطبيعة بالشيافة ثم يعالج بمثل رب التوث ونحوه .
وقد يعرض له خرخرة عظيمة في نومه فيجب أن يلعق من بزر الكتان المدقوق بالعسل أو من الكمون المدقوق المعجون بالعسل .


وقد يعرض للصبي ريح الصبيان وقد ذكرنا علاجه في باب أمراض الرأس لكنا نذكر شيئاَ قد ينجع فيهمٍ كثيراً وهو أن يأخذ من السعتر والجند بيدستر والكمّون أجزاء سواء فتجمع سحقاً ويسقى والشربة ثلاث حبات .
وقد يعرض للصبي خروج المقعدة فيجب أن تؤخذ قشور الرمان والآس الرطب وجفت البلوط وورد يابس وقرن محرق والشب اليماني وظلف المعز وجلنار وعفص أجزاء سواء من كل واحد درهم يطبخ في الماء طبخاً شديداً حتى يستخرج قوته ثم يقعد في طبيخه فاتراً .
وقد يعرض للصبيان زحير من برد يصيبهم فينفعهم أن يؤخذ حرف وكمّون من كل واحد ثلاثة دراهم يدق وينخل ويعجن بسمن البقر العتيق ويسقى منه بماء بارد .
وقد يتولد في بطن الصبيان دود صغار يؤذيهم وأكثره في نواحي المقعدة ويتولد فيهم منه الطوال أيضاً .
وأما العراض فقلما تتولد فالطوال تعالج بماء الشيح يسقون منه في اللبن شيئاً يسيراً بمقدار قوتهم وربما احتيج إلى أن تضمّد بطونهم بالأفسنتين والبرنج الكابلي ومرارة البقر وشحم الحنظل .
وأما الصغار التي تكون منهم في المقعدة فيجب أن يؤخذ الراسن والعروق الصفر من كل واحد جزء سكر مثل الجميع فيسقى في الماء .
وقد يعرض للصبي سحج في الفخذ فيجب أن يذر عليه الآس المسحوق وأصل السوسن المسحوق أو الورد المسحوق أو السعد أو دقيق الشعير أو دقيق العدس .
الفصل الرابع تدبير الأطفال
إذا انتقلوا إلى سنّ الصبا يجب أن يكون وكد العناية مصروفاً إلى مراعاة أخلاق الصبي فيعدل وذلك بأن يحفظ كيلا يعرض له غضب شديد أو خوف شديد أو غم أو سهر وذلك بأن يتأمل كلّ وقت ما الذي يشتهيه ويحنّ إليه فيقرب إليه وما الذي يكرهه فينحى عن وجهه وفي ذلك منفعتان : إحداهما في نفسه بأن ينشأ من الطفولة حسن الأخلاق ويصير ذلك له ملكة لازمة .


والثانية لبدنه فإنه كما أن الأخلاق الرديئة تابعة لأنواع سوء المزاج فكذلك إذا حدثت عن العادة استتبعت سوء المزاج المناسب لها فإن الغضب يسخن جداً والغم يجفف جداً والتبليد يرخي القوة النفسانية وتميل بالمزاج إلى البلغمية ففي تعديل الأخلاق حفظ الصحة للنفس والبدن جميعاً معاً وإذا انتبه الصبي من نومه فالأحرى أن يستحم ثم يخلّى بينه وبين اللعب ساعة ثم يطعم شيئاً يسيراً ثم يطلق له اللعب الأطول ثم يستحمّ ثم يغذّى ويجنبون ما أمكن شرب الماء على الطعام لئلا ينفذه فيهم نيئاً قبل الهضم .
وإذا أتى عليه من أحواله ست سنين فيجب أن يقدم إلى المؤدب والمعلم ويدرج أيضاً في ذلك ولا يحكم عليه بملازمة الكتاب كرة واحدة فإذا بلغ سنهم هذا السن نقص من إجمامهم وزيد في تعبهم قبل الطعام وجنبوا النبيذ خصوصاً إن كان أحدهم حار المزاج مرطوبه لأن المضرة التي تبقى من النبيذ وهي توليد المرار في ضاربيه تسرع إليهم بسهولة والمنفعة المتوقعة من سقيه وهي إدرار المرار منهم أو ترطيب مفاصلهم غير مطلوبة فيهم لأن مرارهم لا تكثر حتى تستدر بالبول ولأن مفاصلهم مستغنية عن الترطيب وليطلق لهم من الماء البارد العذب النقي شهوتهم ويكون هذا هو النهج في تدبيرهم إلى أن يوافوا الرابع عشر من سنيهم مع الإحاطة بما هو ذاتي لهم كل يوم من تنقص الرطوبات والتجفف والتصلّب فيدرجون في تقليل الرياضة وهجر المعنفة منها ما بين سن الصبا إلى سن الترعرع ويلزمون المعتدل .
وبعد هذا السن تدبيرهم هو تدبير الإنماء وحفظ صحة أبدانهم .
فلننتقل إليه ولنقدم القول في الأشياء التي فيها ملاك الأمر في تدبير الأصحاء البالغين ولنبدأه بالرياضة .
التعليم الثاني التدبير المشترك للبالغين
وهو سبعة عشر فصلاً
الفصل الأول جملة القول في الرياضة


لما كان معظم تدبير حفظ الصحة هو أن يرتاض ثم تدبير الغذاء ثم تدبير النوم وجب أن نبدأ بالكلام في الرياضة فنقول : الرياضة هي حركة إرادية تضطر إلى التنفس العظيم المتواتر والموفق لاستعمالها على جهة اعتدالها في وقتها به غناء عن كل علاج تقتضيه الأمراض المادّية والأمراض المزاجية التي تتبعها وتحدث عنها وذلك إذا كان سائر تدبيره موافقاً صواباً .
وبيان هذا هو أنا كما علمت مضطرون إلى الغذاء وحفظ صحتنا هو بالغذاء الملائم لنا المعتدل في كميته وكيفيته وليس شيء من الأغذية بالقوة يستحيل بكليته إلى الغذاء بالفعل بل يفضل عنه في كل هضم فضل والطبيعة تجتهد في استفراغه ولكن لا يكون استفراغ الطبيعة وحدها استفراغاً مستوفى بل قد يبقى لا محالة من فضلات كل هضم لطخة وأثر فإذا تواتر ذلك وتكرر اجتمع منها شيء له قدر وحصل من اجتماعه مواد فضلية ضارة بالبدن من وجوه .
أحدها : أنها إن عفنت أحدثت أمراض العفونة وإن اشتدت كيفياتها أحدثت سوء المزاج وإن أكثرت كمياتها أورثت أمراض الامتلاء المذكورة وإن انصبت إلى عضو أورثت الأورام .


وبخاراتها تفسد مزاج جوهر الروح فيضطر لا محالة إلى استفراغها واستفراغها في أكثر الأمر إنما يتم ويجود إذا كان بأدوية سمية ولا شك أنها تنهك الغريزة ولو لم تكن سمية أيضاً لكان لا يخلو استعمالها من حمل على الطبيعة كما قال أبقراط أن الدواء ينقي وينكي ومع ذلك فإنها تستفرغ من الخلط الفاضل والرطوبات الغريزية والروح الذى هو جوهر الحياة شيئاً صالحاً وهذا كله مما يضعف قوة الأعضاء الرئيسة والخادمة فهذه وغيرها مضار الامتلاء ترك على حاله أو استفرغ ثم الرياضة أمنع سبب لاجتماع مبادىء الامتلاء إذا أصبت في سائر التدبير معها مع إنعاشها الحرارة الغريزية وتعويدها البدن الخفة وذلك لأنها تثير حرارة لطيفة فتحلّل ما اجتمع من فضل كل يوم وتكون الحركة معينة في إزلاقها وتوجيهها إلى مخارجها فلا يجتمع على مرورة الأيام فضل يعتد به ومع ذلك فإنها كما قلنا تنمّي الحرارة الغريزية وتصلب المفاصل والأوتار فيقوى على الأفعال فيأمن الإنفعال وتعتد الأعضاء لقبول الغذاء بما ينقص منها من الفضل فتتحرك القوة الجاذبة وتحل العقد عن الأعضاء فتلين الأعضاء وترقّ الرطوبات وتتسع المسام وكثيراً ما يقع تارك الرياضة في الدق لأن الأعضاء تضعف قواها لتركها الحركة الجالبة إليها الروح الغريزية التي هي آلة حياة كل عضو .
الفصل الثاني أنواع الرياضة
الرياضة منها ما هي رياضة يدعو إليها الاشتغال بعمل من الأعمال الإنسانية ومنها رياضة خالصة وهي التي تقصد لأنها رياضة فقط وتتحرّى منها منافع الرياضة ولها فصول : فإن من هذه الرياضة ما هو قليل ومنها ما هو كثير ومن هذه الرياضة ما هو قوي شديد ومنها ما هو ضعيف ومنها ما هو سريع ومنها ما هو بطيء ومنها ما هو حثيث أي مركب من الشدة والسرعة ومنها ما هو متراخ وبين كل طرفين معتدل موجود .


وأما أنواع الرياضة فالمنازعة والمباطشة والملاكزة والإحضار وسرعة المشي والرمي عن القوس والزفن والقفز إلى شيء ليتعلق به والحجل على إحدى الرجلين والمثاقفة بالسيف والرمح وركوب الخيل والخفق باليدين وهو أن يقف الإنسان على أطراف قدميه ويدل يديه قداماً وخلفاً ويحركهما بالسرعة وهي من الرياضة السريعة .
ومن أصناف الرياضة اللطيفة اللينة الترجيح في الأراجيح والمهود قائماً وقاعداً ومضطجعاً وركوب الزواريق والسماريات .
وأقوى من ذلك ركوب الخيل والجمال والعمَارِيات وركوب العجل .
ومن الرياضات القوية الميدانية وهو أن يشد الإنسان عدوه في ميدان ما إلى غاية ثم ينكص راجعاً مقهقراً فلا يزال ينقص المسافة كل كرة حتى يقف آخره على الوسط ومنها مجاهدة الظل والتصفيق بالكفين والطفر والزج واللعب بالكرة الكبيرة والصغيرة واللعب بالصولجان واللعب بالطبطاب والمصارعة وإشالة الحجر وركض الخيل واستقطافها والمباطشة أنواع : فمن ذلك أن يشبك كل واحد من الرجلين يده على وسط صاحبه ويلزمه ويتكلف كل واحد منهما أن يتخلص من صاحبه وهو يمسكه وأيضاً أن يلتوي بيديه على صاحبه يدخل اليمين إلى يمين صاحبه واليسار إلى يساره ووجهه إليه ثم يشيله ويقلبه ولا سيما وهو ينحني تارة وينبسط أخرى ومن ذلك المدافعة بالصدرين ومن ذلك ملازمة كل واحد منهما عنق صاحبه يجذبه إلى أسفل ومن ذلك ملاواة الرجلين والشغزبية وفحج رجلي صاحبه برجليه وما يشبه هذا من الهيئات التي يستعملها المصارعون .
ومن الرياضات السريعة مبادلة رفيقين مكانيهما بالسرعة ومواترة طفرات إلى خلف يتخللها طفرات إلى قدام بنظام وغير نظام .
ومن ذلك رياضة المسلتين وهو أن يقف إنسان موقفاً ثم يغرز عن جانبيه مسلتين في الأرض بينهما باع فيقبل عليهما ناقلاً المتيامنة منهما إلى المغرز الأيسر والمتياسرة إلى المغرز الأيمن ويتحرى أن يكون ذلك أعجل ما يمكن .


والرياضات الشديدة والسريعة تستعمل مخلوطة بفترات أو برياضات فاترة .
ويجب أن يتفنن في استعمال الرياضات المختلفة ولا يقام على واحده ولكل عضو رياضة تخصه .
أما رياضة اليدين والرجلين فلا خفاء بها وأما الصدر وأعضاء التنفس فتارة يراض بالصوت الثقيل العظيم وتارة بالحاد ومخلوطاً بينهما فيكون ذلك أيضأ رياضة للفم واللهاة واللسان والعين أيضأ ويحسن اللون وينقي الصدر ويراض بالنفخ مع حصر النفس فيكون ذلك رياضة ما للبدن كله ويوسع مجاريه وإعظام الصوت زماناً طويلاً جداً مخاطرة وإدامة شديدة تحوج إلى جذب هواء كثير وفيه خطر وتطويله محوج إلى إخراج هواء كثير وفيه خطر .
ويجب أن يبدأ بقراءة لينة ثم يرفع بها الصوت على تدريج ثم إذا شدد الصوت وأعظم وطول جعل زمان ذلك معتدلاً فحينئذ ينفع نفعاً بيناً عظيماً فإن أطيل زمانه كان فيه خطر للمعتدلين الصحيحين .
ولكل إنسان بحسبه رياضة وما كان من الرياضات اللينة مثل الترجيح فهو موافق لمن أضعفته الحميات وأعجزته عن الحركة والقود والناقهين ولمن أضعفه شرب الخربق ونحوه ولمن به مرض في الحجاب وإذا رفق به نوم وحلل الرياح ونفع من بقايا أمراض الرأس مثل الغفلة والنسيان وحرك الشهوات ونبه الغريزة وإذا رجح على السرير كان أوفق لمن به مثل شطر الغب والحميات المركبة والبلغمية ولصاحب الحبن وصاحب أوجاع النقرس وأمراض الكلى فإن هذا الترجيح يهيىء المواد إلى الانقلاع واللين لما هو ألين والقوي لما هو أقوى .
وأما ركوب العجل فقد يفعل هذه الأفعال لكنه أشد إثارة من هذا وقد يركب العجل والوجه إلى خلف فينفع ذلك من ضعف البصر وظلمته نفعاً شديداً .


وأما ركوب الزواريق والسفن فينفع من الجذام والاستسقاء والسكتة وبرد المعدة ونفختها وذلك إذا كان بقرب الشطوط وإذا هاج من غثيان ثم سكن كان نافعاً للمعدة وأما الركوب في السفن مع التلحيج في البحر فذلك أقوى في قلع الأمراض المذكورة لما يختلف على النفس عن فرح وحزن .
وأما أعضاء الغذاء فرياضتها تابعة لرياضة سائر البدن .
والبصر يراض بتأمل الأشياء الدقيقة والتدريج أحياناً في النظر إلى المشرفات برفق .
والسمع يراض بتسمع الأصوات الخفية وفي الندرة بسماع الأصوات العظيمة ولكل عضو رياضة خاصة به .
ونحن نذكر ذلك في حفظ صحة عضو عضو وذلك إذا اشتغلنا بالكتاب الجزئي وينبغي أن يحذر المرتاض وصول حمية الرياضة إلى ما هو ضعيف من أعضائه إلا على سبيل التبع مثلاً من يعتريه الدوالي فالواجب له من الرياضة التي يستعملها أن لا يكثر تحريك رجليه بل يقلل ذلك ويحمل برياضته على أعالي بدنه من عنقه ورأسه وبدنه بحيث يصل تأثر الرياضة إلى رجليه من فوق والبدن الضعيف رياضته ضعيفة والبدن القوي رياضته قوية .
واعلم أن لكل عضو في نفسه رياضة تخصه كما للعين في تبصر الدقيق وللحلق في إجهار الصوت بعد أن يكون بتدريج وللسن والأذن كذلك وكل في بابه .
الفصل الثالث وقت ابتداء الرياضة وقطعها
وقت الشروع في الرياضة يجب أن يكون البدن نقياً وليس في نواحي الأحشاء والعروق كيموسات خامة رديئة تنشرها الرياضة في البدن ويكون الطعام الأمسي قد انهضم في المعدة والكبد والعروق وحضر وقت غذاء آخر ويدل على ذلك نضج البول بالقوام واللون ويكون ذلك أول وقت هذا الانهضام فإن الغذاء إذا بعد العهد به وخلت الغريزة مدة عن التصرف في الغذاء واشتعلت النارية في البول وجاوزت حد الصفرة الطبيعية فإن الرياضة ضارة لأنها لم تنهك القوة .


ولهذا قيل إن الحال إذا أوجبت رياضة شديدة فبالحري أن لاتكون المعدة خالية جداً بل يكون فيها غذاء قليل أما في الشتاء فغليظ وأما في الصيف فلطيف ثم أن يرتاض ممتلئاً خير من أن يرتاض خاوياً وأن يرتاض حاراً أو رطباً خير من أن يرتاض والبدن بارد أو جاف وأصوب أوقاته الاعتدال وربما أوقعت الرياضة حار المزاج يابسه في أمراض فإذا تركها صح .
ويجب على من يرتاض أن يبدأ فينقص الفضول من الأمعاء ومن المثانة ثم يشتغل بالرياضة ويتدلك أولاً للإستعداد دَلْكاً ينعش الغريزة ويوسع المسام وأن يكون التدلك بشيء خشن ثم يتمرخ بدهن عذب ثم يدرج التمريخ إلى أن يضغط العضو به ضغطاً غير شديد الوغول ويكون ذلك بأيد كثيرة ومختلفة أوضاع الملاقاة ليبلغ ذلك جميع شظايا العضل ثم يترك ثم يأخذ المدلوك في الرياضة .
أما في زمان الربيع فأوفق أوقاتها قرب انتصاف النهار في بيت معتدل ويقدم في الصيف .
وأما في الشتاء فكان القياس أن يؤخر إلى وقت المساء لكن الموانع الآخرى تمنع منه فيجب أن يدفأ في الشتاء المكان ويسخن ليعتدل .
وتستعمل الرياضة في الوقت الأصوب بحسب ما ذكرناه من انهضام الغذاء ونقص الفضل .
وأما مقدار الرياضة فيجب أن يراعى فيه ثلاثة أشياء : أحدها : اللون فما دام يزداد جودة فهو بعد وقت والثاني : الحركات فإنها ما دامت خفيفة فهو بعد وقت والثالث : حال الأعضاء وانتفاخها فما دامت تزداد انتفاخاً فهو بعد وقت وأما إذا أخذت هذه الأحوال في الانتقاص وصار العرق البخاري رشحاً سائلاً فيجب أن تقطع وإذا قطعها أقبل عليه بالدهن المعرق ولا سيما وقد حصر نفسه .
فإذا وقعت في اليوم الأول على حد رياضته وغذوته فعرفت المقدار الذي احتمله من الغذاء فلا تغير في اليوم الثاني شيئاً بل قدر غذاء ورياضته في اليوم الثاني على حده في اليوم الأول .
الفصل الرابع الدلك


الدلك منه صلب فيشدد ومنه لين فيرخي ومنه كثير فيهزل ومنه معتدل فيخصب وإذا ركب ذلك حدثت مزاوجات تسع وأيضاً من الدلك ما هو خشن أي بخرقٍ خشنة فيجذب الدم إلى الظاهر سريعاً ومنه أملس أي بالكف أو بخرقة لينة فيجمع الدم ويحبسه في العضو والغرض في الدلك تكثيف الأبدان المتخلخلة وتصليب اللينة وخلخلة الكثيفة وتليين الصلبة . ومن الدلك دلك الاستعداد وهو قبل الرياضة يبتدىء ليناً ثم إذا كاد يقوم إلى الرياضة شدد .
ومنه دلك الاسترداد وهو بعد الرياضة ويسمى الدلك المسكن أيضاً والغرض في تحليل الفضول المحتبسة في العضل مما لم يستفرغ بالرياضة لينعش فلا يحدث الإعياء .
وهذا الدلك يجب أن يكون رقيقاً معتدلاً وأحسنه ما كان بالدهن ولا يجب أن يحتمه على جساوة وصلابة وخشونة فتجسو به الأعضاء ويمنع في الصبيان عن النشو وضرره في البالغين أقل ولأن يقع في الدلك خطأ مائل إلى الصلابة فهو أسلم من الخطأ المائل إلى اللين لأن التحليل الشديد أسهل تلاقياً من إعداد البدن بالدلك اللين لقبول الفساد على أن الدلك الصلب والخشن إذا أفرط فيه في الصبيان منعهم النشوّ وستجد ذلك من بعد وقت الدلك وشرائطه لكنا نريد في هذا الوقت لذلك الاسترداد بياناً فنقول إنه بالحقيقة كأنه جزء آخر من الرياضة .


ويجب فيه أن يبدأ أولاً بالدهن وبالقوة ثم يمال به إلى الاعتدال ولا يقطع على عنفه والأحسن أن تجتمع عليه أيد كثيرة ويجب أن يوتر المدلوك أعضاءه المدلوكة بعد الدلك لينفض عنها الفضول فيؤخذ قماط ويمرّ على نواحي الأعضاء كلها وهي موترة ويحصر النفس حينئذ ما أمكن لا سيما مع إرخاء عضل البطن وتوتير عضل الصدر إن سهل ثم يوتر آخر الأمر عضل البطن أيضاً يسيراً ليصيب الأحشاء بذلك استرداد مّا وفيما بين ذلك يمشي ويستلقي ويشابك برجليه رجلي صاحبه والمبرزون من أهل الرياضة يستعملون حصر النفس فيما بين رياضاتهم وربما أدخلوا ذلك الاسترداد في وسط الرياضة فقطعوها وعاودوها إن أرادوا تطويل الرياضة .
ولا حاجة إلى الدلك الكثير لمن يريد الاسترداد وهو ممن لا يشكو شيئاً من حاله ولا يريد المعاودة بل إن وجد إعياء تمرخ تمريخاً ليناً بالدهن على ما نَصِفُ فإن وجد يبساً زاد في الدلك حتى توافي به الأعضاء الاعتدال .
وقد ينتفع بالدلك والغمز الشديد عند النوم فإنه يجفف البدن ويمنع الرطوبة عن السيلان إلى الفصل الخامس الاستحمام وذكر الحمامات
أما هذا الإنسان الذي كلامنا في تدبيره فلا حاجة به إلى الاستحمام المحلل لأن بدنه نقي وإنما يحتاج إلى الحمام من يحتاج إليه ليستفيد منه حرارة لطيفة وترطيباً معتدلاً فلذلك يجب على هؤلاء أن لا يطيلوا اللبث فيه بل إن استعملوا الأبزن استعملوه ريثما تحمر فيه بشرتهم وتربو ويفارقونه عندما يبتدىء يتحلل .
ويجب أن ينموا الهواء بصبّ الماء العذب حواليهم ويغتسلوا سريعاً ويخرجوا ويجب أن لا يبادر المرتاض إلى الحمام حتى يستريح بالتمام .


وأما أحوال الحمّامات وشرائطها فقد شرحت وقيلت في غير هذا الموضع والذي ينبغي أن نقول ههنا : هو أن جميع المستحمّين يجب أن يتمزجوا في دخول بيوت الحمام ولا يقيموا في البيت الحار إلا مقدار ما لا يكرب فيربح بتحليل الفضول وإعداد البدن للغذاء مع التحرّز عن الضعف وعن سبب قوي من أسباب حمات العفونة .
ومن طلب السمن فليكن دخوله الحمام بعد الطعام إن أمِن حدوث السدد فإن أراد الاستظهار وكان حار المزاج إستعمل السكنجبين ليمنع السمد أو كان بارد المزاج استعمل الفوذنجي والفلافلي .
وأما من أراد التحليل والتهزيل فيجب أن يستحم على الجوع ويكثر القعود فيه .
وأما الذي يريد حفظ الصحة فقط فيجب أن يدخل الحمام بعد هضم ما في المعدة والكبد وأن كان يخشى ثوران مرار إن فعل هذا واستحم على الريق فليأخذ قبل الاستحمام شيئاً لطيفاً يتناوله .
والحار المزاج صاحب المرار قد لا يجد بدًا من ذلك ومثله يحرم عليه دخول البيت الحار وأفضل ما يجب أن يتلقى به هؤلاء خبز منقوع في ماء الفاكهة أو ماء الورد وليتوق شرب شيء بارد بالفعل عقيب الخروج من الحمام أو في الحمام فإن المسام تكون منفتحة فلا يلبث أن يندفع البرد إلى جوهر الأعضاء الرئيسة فيفسد قواها وليتوق أيضاً كل شيء شديد الحرارة وخصوصأ الماء فإنه إن تناوله خيف أن يسرع نفوذه إلى الأعضاء الرئيسة فيحدث السل والدق وليتوق معافصة الخروج عن الحمام وكشف الرأس بعده وتعريض البدن للبرد بل يجب أن يخرج من الحمام إن كان الزمان شاتياً وهو متدثر في ثيابه .
وينبغي أن يحذر الحمام من كان محموماً في حماه أو من به تفرق اتصال أو ورم .
وقد علمت فيما سلف أن الحمام مسخن مبرد مرطب ميبس نافع ضار .
ومنافعه التنويم والتفتيح والجلاء والإنضاج والتحليل وجذب الغذاء إلى ظاهر البدن ومعونته إنما هي في تحليل ما يراد أن يتحلل ونفض ما يراد أن ينفض في جهته الطبيعية وحبس الإسهال وإزالته الإعياء .


ومضارة تضعيف القلب إن أفرط منه وإيراث الغشي والغثيان وتحريك المواد الساكنة وتهيئتها للعفونة وإمالتها إلى الأفضية وإلى الأعضاء الضعيفة فيحدث عنها أورام في ظاهر الأعضاء وباطنها .
الفصل السادس الاغتسال بالماء البارد
إنما يصلح ذلك لمن كان تدبيره من كل الوجوه مستقصى وكان سنّه وقوته وسحنته وفصله موافقاً ولم يكن به تخمة ولا قيء ولا إسهال ولا سهر ولا نوازل ولا هو صبي ولا شيخ وفي وقت يكون بدنه نشيطاً والحركات مواتية . وقد يستعمل ذلك بعد استعمال الماء الحار لتقوية البشرة وحصر الحرارة الغريزية فإن أريد ذلك فيجب أن يكون ذلك الماء غير شديد البرد بل معتدلاً وقد يستعمل بعد الرياضة فيجب أن يكون الدلك قبله أشدّ من المعتاد . وأما تمريخ الدهن فيكون على العادة وتكون الرياضة بعد الدلك والتمريخ معتدلة وأسرع من المعتاد قليلاً قليلاً ثم يشرع بعد الرياضة في الماء البارد دفعة ليصيب أعضاءه معاً ثم يلبث فيه مقدار النشاط والإحتمال وقبل أن يصيبه قشعريرة ئم إذا خرج ذلك بما نذكره وزيد في كذائه ونقص من شرابه ونظر في مدة عود لونه وحرارته إليه إن كان سريعاً اعدم أن اللبث فيه قد كان معتدلاً وأن كان بطيئاً علم أن اللبث فيه قد كان أزيد من الواجب فيقدر في اليوم الثاني بقدر ما يعلم من ذلك .
وربما ثنى دخول الماء العذب بعد الدلك واسترجاع اللون والحرارة .
ومن أراد أن يستعمل ذلك فليتدرّج فيه وليبدأ أول مرة من أسخن يوم في الصيف وقت الهاجرة وليتحرز أن لا يكون فيه ريح ولا يستعمله عقيب الجماع ولا عقيب الطعام ولا والطعام لم ينهضم ولا يستعمله عقيب القيء والإستفراغ والهيضة والسهر ولا على ضعف من البدن ولا من المعدة ولا عقيب الرياضة إلاّ لمن هو قوي جداً فيستعمل على الحدّ الذي قلناه .
واستعمال الاغتسال بالماء البارد على الأنحاء المذكورة يهزم الحار الغريزي إلى داخل دفعة ثم يقوّيه على الإستظهار والبروز أضعافاً لما كان .



القانون
القانون
( 12 من 70 )

الفصل السابع تدبير المأكول
يجب أن يجتهد حافظ الصحة في أن لا يكون جوهر غذائه شيئاً من الأغذية الدوائية مثل البقول والفواكه وغير ذلك فإن الملطفة محرقة للدم والغليظة مبلغمة مثقلة للبدن بل يجب أن يكون الغذاء من مثل اللحم خصوصاً لحم الجدي والعجاجيل الصغار والحملان والحنطة المنقاة من الشوائب المأخوذة من زرع صحيح لم يصبه آفة والشيء الحلو الملائم للمزاج والشراب الطيب الريحاني ولا يلتفت إلى ما سوى ذلك إلا على سبيل التعالج والتقدم بالحفظ . وأشبه الفواكه بالغذاء التين والعنب الصحيح النضيج الحلو جداً والتمر في البلاد والأراضي المعتاد فيها ذلك .
فإن استعمل هذه وحدث منها فضل بادر إلى استفراغ ذلك الفضل ويجب أن لا يأكل إلا على شهوة ولا يدافع الشهوة إذا هاجت ولم تكن كاذبة كشهوة السكارى ومن به تخمة فإن الصبر على الجوع يملأ المعدة أخلاطاً صديدية رديئة ويجب أن يؤكل في الشتاء الطعام الحار بالفعل وفي الصيف البارد أو القليل السخونة ولا يبلغ الحر والبرد إلى ما لا يطاق .
واعلم أنه لا شيء أردأ من شبع في الخصب يتبعه جوع في الجدب وبالعكس . والعكس أردأ وقد رأينا خلقاً ضاق عليهم الطعام في القحط فلما اتسع الطعام امتلأوا وماتوا .
على أنّ الإمتلاء الشديد في كلّ حال قتال كان من طعام أو شراب فكم من رجل امتلأ بما فراط فاختنق ومات .


وإذا وقع الخطأ فتنوول شيء من الأغذية الدوائية فيجب أن يدبر في هضمه وإنضاجه وليحترز من سوء المزاج المتوقع منه باستعمال ما يضاده عقيبه حتى ينهضم فإن كان بارداً مثل القثاء والخيار والقرع عدل بما يضاده مثل الثوم والكراث وإن كان حاراً عدل بما يضاده أيضاً من مثل القثاء وبقلة الحمقاء وإن كان سددياً استعمل ما يفتح ويستفرغ ثم يجوع بعده جوعاً صالحاً فلا يتاول شيئاً هو وكل مستصح البتة ما لم تصدق الشهوة وتخلو المعدة والأمعاء العلى عن الغذاء الأول فأضر شيء بالبدن إدخال غذاء على غذاء لم ينضج وينهضم ولا شر من التخمة وخصوصاً ما كان تخمة من أغذية رديئة فإن التخمة إذا عرضت من الأغذية الغليظة أورثت وجع المفاصل والكلى والربو وضيق النفس والنقرس وجساوة الطحال والكبد والأمراض البلغمية والسوداوية وأما إذا عرضت من أغذية لطيفة فيعرض منها حميات حادة خبيثة وأورام حادة رديئة وربما احتيج إلى إدخال طعام ما أو شيء يشبه الطعام على طعام يكون كأنه دواء له مثل الذين يتناولون أغذية حريفة ومالحة فإذا اتبعوها بعد زمان يكون لم يتمم فيه الهضم بالمرطبات من الأغذية التفهة صلح بذلك كيموس ما اغتذوا به وهؤلاء يغنيهم هذا التدبير ولا حاجة بهم إلى الرياضة وبضد هذا حال من يتبع الغليظة بعد زمان بما هو سريع الهضم حريف والحركة الخفيفة على الطعام بقدره في المعدة وخصوصاً لمن أراد النوم عليه .
والأعراض النفسانية القادحة والحركات البدنية الفادحة يمنعان الهضم ويجب أن لا يؤكل في الشتاء الأغذية القليلة الغذاء كالبقول بل يؤكل ما هو أغنى من الحبوب وأشد اكتنازاً وفي الصيف بالضد ثم يجب أن لا يمتلىء منه حتى لا مكان لفضلة بل يجب أن يمسك عنه وفي النفس بعض من بقية الشهوة .


فإن تلك البقية من تقاضى الجوع تبطل بعد ساعة ويجب أن يحفظ مجرى العادة في ذلك فإن شر الأكل ما أثقل المعدة وشر الشراب ما جاوز الاعتدال وطقا في المعدة فإن أفرط يوماً جاع في الثاني وأطال النوم في مكان معتدل لا حر فيه ولا برد وإذا لم يساعده النوم مشى مشياً كثيراً ليناً متصلاً لا فترة فيه ولا استراحة ويشرب شراباً قليلاً صرفاً .
قال روفس : أنا أحمد هذا المشي وخصوصاً بعد الغذاء فإنه يهيىء لجودة موقع العشاء .
ويجب أن يكون النوم على اليمين أو زماناً يسيراً ثم ينام على اليسار ثم ينام على اليمين .
واعلم أن الدثار ورفع الوساد معين على الهضم وبالجملة أن يكون وضع الأعضاء مائلاً إلى تحت ليس إلى فوق وتقدير الطعام هو بحسب العادة والقوة وأن يكون مقداره في الصحيح القوة والمقدار الذي إذا تناوله لم يثقل ولم يمدد الشراسيف ولم ينفخ ولم يقرقر ولم يطفُ ولم يعرض غثى ولا شهوة كلبية ولا سقوط ولا بلادة ذهن ولا أرق ولم يجد طعمه في الجساء بعد زمان وكل ما وجد طعمه بعد مدة أطول فهو أردأ وقد يدل على أن الطعام معتدل أن لا يعرض منه عظم نبض مع صغر نفس فإنه إنما يعرض بسبب مزاحمة المعدة للحجاب فيصغر النفس لذلك ويتواتر وتزداد بذلك حاجة القلب فيعظم النبض ويزداد ضعف القوة ومن له على طعامه حرارة وسخونة فلا يأكلن دفعة بل قليلاً قليلاً لئلا يعرض من الامتلاء عرض حالة كالنافض ثم يتبعه حرارة كحمى يومية حين يسخن الطعام ومن كان يعجز عن هضم الكفاية أكثر عمد اغتذائه وقلل مقداره والسوداوي يحتاج إلى غذاء مرطب كثيراً مسخن قليلاً والصفراوي إلى ما يرطب ويبرد ومن كان الدم الذي يتولد فيه حاراً فيحتاج إلى أغذية باردة قليلة الغذاء ومن كان ما يتولد فيه من الدم بلغمياً فيحتاج إلى أغذية قليلة الغذاء فيها سخونة وتلطيف .


وللأغذية في استعمالها ترتيب يجب أن يراعيه الحافظ لصحته فليحذر أن يتناول ما هو رقيق سريع الهضم على غذاء قوي أصلب منه فينهضم قبله وهو طاف عليه ولا سبيل له إلى النفوذ قيعفن ويقسد فيفسد ما يخالطه إلا على سبيل صفة سنذكرها .
وأيضاً لا يجوز أن يتناول مثل هذا الطعام المزلق وليتناول في إثره طعاماً قوياً صلباً فإنه ينزلق معه عند نفوذه إلى الامعاء ولما يستوف الحظ من الهضم مثل السمك وما يجري مجراه لا يجب أن يتناول عقيب رياضة متعبة فيفسد ويفسد الأخلاط ومن الناس من يجوز له تناول ما فيه قوة قابضة قبل تناول الطعام وهو صاحب رخاوة المعدة الذي يستعجل نزول طعامه فلا يريث ريث الانهضام ويجب أن يتأمل دائماً حال المعدة ومزاجها فمن الناس من يفسد في معدته الغذاء لللطيف السريع الهضم وينهضم فيها القوي البطيء الهضم وهذا هو الإنسان الناري المعدة .
ومنهم من هو بالضد وكل يدبر على مقتضى عادته .
وللبلدان خواص من الطبائع والأمزجة أمور خارجة من القياس فليحفظ ذلك وليغلب للتجريه فيه على القياس فرب غذاء مألوف فيه مضرة ما هو أوفق من الفاضل الغير المألوف ولكل سحنة ومزاج غذاء مرافق مشاكل فإن أريد تغييرها فإنما يتأتى بالضد .
ومن الناس من يضره بعض الأطعمة الجيدة المحمودة فليهجره ومن استمرأ الأغذية الرديئة فلا يغتر بذلك فإنه سيتولد منه على الأيام أخلاط رديئة ممرضة قتالة .
وكثيراً مايرخض لمن في بدنه أخلاط رديئة أن يتوسع في الأكل المحمود وخصوصاً إذا لم يحتمل الإسهال لضعفه .
ومن كان متخلخل البدن سهل التحلل وجب أن يغتذي بالرطب السريع الانهضام على أن الأبدان المتخلخلة أشد احتمالاً للأطعمة الغليظة والمختلفة وأبعد من أن يضرها الأسباب الخارجة .


ومن كان متكثراً من اللحوم مترفهاً فليتعهد الفصد فإن كان يميل إلى برد من المزاج فعليه بالجوارشنات والإطريفلات وما من شأنه أن ينقي المعدة والأمعاء والجداول القريبة منها وشر الأشياء جمع أغذية مختلفة معاً وبعد تطويل الأكل مدة الأكل فيلحق الغذاء الآخر وقد أخذ الأول في الانهضام فلا تتشابه أجزاء الغذاء في الانهضام ويجب أن تعلم أن أوفق الغذاء ألذه لشدة اشتمال المعدة والقوة القابضة عليه إذا كان صالح الجوهر وكانت الأعضاء الرئيسية كلها متصادقة سالمة فهذا هو الشرط فإن لم تصح الأمزجة أو تخالفت الأعضاء في أمزجتها وكانت الكبد مخالفة للمعدة مخالفة فوق الطبيعي لم يلتفت إلى ذلك .
ومن مضار الطعام اللذيذ جداً أنه يمكن الاستكثار منه وإن أوفق المرات للأكل المشبع أن يأكل يوماً وجبة ويوماً مرتين بكرة وعشية .
ويجب أن تراعى العادة في ذلك مراعاة شديدة فإن من اعتاد مرتين وجب ضعف ووهنت قوته بل يجب إن كان به ضعف هضم أن يتناول مرتين ويقلل الأكل كل مرة ومن اعتاد الوجبة فثنى عرض له ضعف وكسل واسترخاء .
فإن وقف الغذاء عليه ضعف في مبيته وإن تعشى لم يستمر وعرض جشاء حامض وخبث نفس وغثيان ومرارة فم ولين بطن لإيراده على المعدة ما لم تألفه وعرض ما يعرض لمن لم يجد هضم غذائه مما ستعرفه من العوارض .
ومما يعرض له جبن وجزع ووجع في فم المعدة ولذع ويظن أن أمعاءه واْحشاءه معلقة لخلو المعدة وانقباضها إلى نفسها وتقلصها ويبول بولاً محرقاً ويبرز إبرازاً محترقاً وربما عرض له برد الأطراف بانصباب المرارة إلى المعدة .
وهذا في مراري الأمزجة أكثر وكذلك في مراري المعدة دون البدن ويفسد نومه ويكون متململاً .
والأبدان التي تجتمع في معدها مرار كثيرة تحتاج إلى تناول مفرق وإلى سرعة تَغذٍ وإلى تمًديمه قبل الاستحمام .
وأما غيرهم فيجب أن يرتاضوا ويستحموا ثم يأكلوا ولا يقدموا الأكل على الاستحمام .


ومن احتاج إلى أكل مقدم على الرياضة فليأكل من الخبز وحده قدراً يأخذ منه الهضم قبل شروعه في حركته .
وكما أن الحركة قبل الطعام يجب أن لا تكون ضعيفة كذلك الحركة بعده يجب أن لا تكون إلا رقيقة لينة .
ولامصلح للشهوة الفاسدة المائلة إلى الحريفة العائفة للحلو والدسم من القيء بمثل السكنجبين والفجل على السمك .
ويجب أن لا يأكل السمين من الناس كما يخرج من الحمام بل يصبر وينام نومة خفيفة والأصلح لهم الوجبة ولا ينبغي أن ينام على طعام طاف وليحترز كل التحرّز عن الحركة العنيفة على الطعام فينفذ قبل الهضم أو ينزلق بلا هضم أو يفسد مزاجه بالخضخضة ولا يشرب عليه ماء كثيراً يفرق بينه وبين المعدة ويطفئه بل يتربص بالشرب مدة نزوله عن المعدة وليستدل عليه بخفة أعالي البطن فإن أحوج العطش فليمص شيئاً يسيراً من الماء البارد مصاً .
وكلما كان أبرد أقنع اليسير منه أكثر وهذا القدر يبسط المعدة ويجمعها .
وبالجملة إن شرب على الطعام بعد الفراغ منه لا في خلله مقدار ما ينتفع فيه الطعام جاز .
والمصابرة على العطش والنوم عليه نافع للمبرودين المرطوبين ضار للمحرورين الممرورين وكذلك الصبر على الجوع .
ويعرض للممرورين من الصبر على الجوع أن تنصت المرار إلى معدهم فإذا تناولوا شيئاً فسد طعامهم فعرض لهم في النوم واليقظة ما ذكرناه مما يعرض لمن فسد طعامه .
ويعرض أيضاً أن تفسد شهوة الطعام فحينئذ يجب أن يشرب ما يحذر ذلك ويلين الطبيعة مما هو خفيف غير مغير مثل الإجاص أو شيء يسير من الشيرخشت فإذا عادت الشهوة أكل .
على أن مرطوبي الأبدان بالرطوبة الطبيعية مهيئون لسرعة التحلل فلا يصبرون على الجوع صبر يابسي الأبدان إلا أن يكونوا مملوئين من رطوبات غير التي هي في جوهر أعضائهم إذا كانت جيدة موافقة قابلة لأن تحيلها الطبيعة إلى الغذاء التام بالفعل .


والشراب على الطعام من أضر الأشياء لأنه سريع الهضم والنفوذ فينفذ الطعام ولم ينهضم فيورث السدد والعفونة والجرب في بعض الأحايين .
والحلاوات تسرع إيراث السدد لجذب الطبيعة لها قبل الهضم .
والسدد توقع في أمراض كثيرة منها الإستسقاء وغلظ الهواء والماء لا سيما في الصيف مما يفسد الطعام فلا بأس أن يُشرب عليه قدح ممزوج أو ماء حار طبخ فيه عود ومصطكى .
ومن كانت أحَشاؤه حارة قوية فإذا تناول طعاماً غليظاً فكثيراً ما يعرض أن يصير طعامه رياحاً ممدة للمعدة ونواحيها والعلة المراقبة من ذلك .
وخالي المعدة إذا تناول لطيفاً سلمت عليه معدته فإن تناول بعده غليظاً نفرت عنه المعدة ولم تهضمه فيفسد اللهم إلا أن يجعل بينهما مهلة .
والأولى في مثل هذه المحال أن يقدم الغليظ قليلاً قليلاً فإن المعدة حينئذ لا تجبن عن اللطيفط وإذا أفرط الأكل في التملي أو خضخض ما في المعدة حركة أو شوشه شرب فليبادر إلى القيء فإن فات أو تعذر القيء شرب الماء الحار قليلاً قليلاً فإنه يحدر الامتلاء ويجلب النعاس فليلق نفسه وينام كما شاء .
فإن لم يغن ذلك أو لم يتيسر تأمل فإن كفت الطبيعة المؤنة بالدفع فيها فنعمت وإلا أعانها مما يطلق بالرفق .
أما المحرور فبمثل الإطريفل والخلنجين المسفل مخلوطاً بشيء من الصعتر المربى .
وأما المبرود فبمثل الكموني والشهربازاني والتمري المذكور في القراباذين .
ولأن يمتلىء البدن من الشراب خير من أن يمتلىء من الطعام .
ومما هو جيد أن يتناول الصبر على مثل هذا الطعام قدر ثلاث حمصات أو يؤخذ نصف درهم علك الأنباط ودانق بورق ومما هو خفيف حمصتان أو ثلاث من علك البطم وربما جعل معه مثله أو أقل منه البورق ومما هو محمود جداً أخذ شيء من الأفثيمون مع شراب .


وإن لم يحصل شيء من ذلك نام نوماً طويلاً وهجر الغذاء يومأ واحداً فإن خف استحم وكمد ولطف الغذاء فإن لم يستمر مع هذا كله وأثقل ومدد وكسل فاعلم أنه قد امتلأت العروق من فضوله فإن الغذاء الكثيرٍ المفرط وإن عرض له أن ينهضم في المعدة فإنه قلما ينهضم في العروق بل يبقى فيها نياً يممدها وربما صدَعها ويورث كسلاً وتمطياً وتثاؤباً فليعالج بما يسهل من العروق فإن لم يحدث ذلك بل أحدث إعياءً فقط فليسكن مدة ثم ليعالج النوع العارض من الإعياء بما سنذكره .
ومن أوغل في السن فلا يقبل بده من الغذاء ما كان يقبله وهو شاب فيصير غذاءه فضولاً فلا يأكلن قدر العادة بل دونه .
ومعتاد تغليظ التدبير إذا لطف التدبير دخل من الهواء في المنافذ ما كان يشغله غلظ التدبير وليس يشغله الآن لطف التدبير فكما يعود إلى التغليظ يحدث فيه السدد .
والأغذية الحارة تتدارك مضرتها بالسكنجبين لا سيما البزوري فإنه أنفع أنواع السكنجبين إن كان سكرياً وإن كان عسلياً فالساذج منه كاف والباردة يتبعها ماء العسل وشرابه والكموني والغليظ يتبعه حار المزاج سكنجبيناً قوي البزور ويتبعه بارد المزاج شيئاً من الفلافلي والفوذنجي .
والأغذية اللطيفة أحفظ للصحة وأفل معونة للقوة والجلد والغليظة بالضد فمن احتاج إلى جلد واحتاج بسببه إلى أغذية قوية الكيموس رصد الجوع الشديد ويتناول منها غير الكثيرة لينهضم .
وأصحاب الرياضات والتعب الكثير أحمل للاغذية الغليظة .
ومما يعينهم على هضمها قوة نومهم واستغراقهم فيه لكنه يعرض لهم لكثرة ما يعرفون ويتحلل من أبدانهم أن تسلب أكبادهم من الغذاء ما لم ينهضم بعد فيهيئوهم لأمراض قتالة في آخر العمر أو في أوله وخصوصاً وهم يعترفون بهضمهم الذي لهم من نومهم الذي يبطل إذا عرض لهم سهر متواتر خصوصاً إذا استحموا .


والفواكه الرطبة إنما توافق الغير المرتاضين الممرورين في الصيف وأن تؤكل قبل الطعام وهي مثل المشمش والتوت والبطيخ وكذلك الخوخ والإجاص وأن يدبروا بغيرها فهو أحب فإن كل ما يملأ الدم مائية يغلي في البدن غليان عصارات الفواكه في خارج وإن كا ربما نفع في الوقت فإنه يهيئه للعفونة .
وكذلك كل ما ملأ الدم خلطاً نيئاً وإن كان ربما نفع كالقثاء والقشد ولذلك كان المستكثرون من هذه الأغذية معرضين للحميات وأن بردت في أوَل الأمر .
واعلم أن الخلط المائي ربما عرض له أن يصير صديداً وذلك إذا لم يتحلل وبقي في العروق وهؤلاء إفذ استعملوا الرياضات قبل أن تجتمع هذه المائيات بل كما كانوا يتناولون من الفواكه يرتاضون لتحلل تلك المائيات وقل تضررهم بها .
واعلم أيضاً أنه إذا كان في الدم خام أو مائي منع من أن يلتصق بالبدن فيقل وخليق بمن يأكل الفاكهة أن يمشي بعدها ثم ليأكل عليها ليزلق .
والأغذية التي تولد المائية والخلط الغليظ اللزج والمراري فإنها تجلب الحميات لتعفين المائي منها للدم وتسديد اللزج والغليظ منها للمجاري والمرارية وتسخين المراري منها للبدن وحدة الدم المتولد عنها والبقول المرارية ربما أكثر نفعها في الشتاء كما أن التفهة ربما أكثر نفعها في الصيف ومن صار إلى أن ينال من الأغذية الرديئة فليقلل من المرات ولا يتواتر وليخلط بها ما يضادها فإن تأذى بالحلو شرب عليه الحامض من الخل والرمان وسكنجبين الخل والسفرجل ونحوه وتعهد الاستفراغ ومن تأذى بالحامض تناول عليه العسل والشراب العتيق وذلك قبل النضج والانهضام وكذلك فليتدارك أذى الدسم بالعفص مثل : الشاهبلوط وحب الآس والخرنوب الشامي والنبق والزعرور وبالمر مثل الراسن المر وبالمالح والحريف مثل الكواميخ والثوم والبصل وبالعكس ومن كان بدنه رديء الأخلاط مع رقة وسع عليه في الغذاء المحمود ومن كان بدنه سهل التحلل غذي بالرطب السريع الانهضام .


قال جالينوس : والغذاء الرطب هو المفارق لكل كيفية كأنه نقه فليس بحلو ولا حامض ولا مر ولا حريف ولا قابض ولا مالح والمتخلخل أحمل للغذاء الغليظ من المتكاثف والاستكثار من الأغذية اليابسة يسقط الشهوة ويفسد اللون ويجفف الطبع ومن الدسم يكسل ويذمب الشهوة ومن البارد يكسل ويفتر ومن الحامض يجلب الهرم وكذلكً من الحريف ومن المالح يضر بالمعدة والمالح يضر بالعين والغذاء الدسم والموافق إذا تنوول بعده غذاء رديء أفسده والغذاء اللزج أبطأ انحداراً وكذا الخيار بقشره أسرع انحداراً من المقشر وكذلك الخبز بالنخالة أسرع انحداراً من المنخول والمتعب إذا لطف تدبيره ثم تناول غليظاً كالأرز بلبن بعد الجوع أحد الدم وأثاره واحتاج إلى قصد وإن كان قريب العهد به وكذلك الغضبان .
واعلم أن الحلو من الغذاء تبتزه الطبيعة قبل النضج والانهضام فيفسد الدم وقد يعرض للأغذية من جهة تأليفها إحكام وقد قال أصحاب التجارب من أهل الهند وغيرهم أنه لا ينبغي أن يؤكل لبن مع الحموضات ولا سمك مع لبن فإنهما يورثان أمراضاً مزمنة منها الجذام .
وقالوا أيضاً لا يؤكل ماش مع الجبن ولا مع لحوم الطير ولا سويق على أرز بلبن ولا يستعمل في المطعومات دهن أو دسم كان في إناء نحاس ولا يؤكل شواء شوي على جمر الخروع .
والأطعمة المختلفة تضر من وجهين أحدهما لاختلافها في الهضم واختلاف المنهضم منها وغير المنهضم .
والثانية أنها يمكن أن يتناول منها أكثر من الباج الواحد وقد هرب أصحاب الرياضة في الزمان القديم من ذلك إذ كانوا يقتصرون على اللحم في الغذاء وعلى الخبز في العشاء .
وأفضل أوقات الأكل في الصيف الوقت الذي هو أبرد ومدافعة الجوع ربما ملأت المعدة صديدات رديئة .


واعلم أن الكباب إذا انهضم كان أغذى غذاء وهو بطي الإنحدار باق في الأعور والشورباج غذاء جيد وإذا كان ببصل طرد الرياح وإن لم يكن ببصل أهاج الرياح ومن الناس من يحسب أن العنب على الرؤوس المشوية جيد وليس كما يحسب بل هو رديء جداً قكذلك النبيذ بل يجب أن يؤكل عليه مثل حب الرمان بلا ثفله .
واعلم أن الطيهوج يابس يعقل والفروج رطب يطلق وخير الدجاج المشوي ما شوي في بطن جدي أو حمل فيحفظ رطوبته .
واعلم أن مرق الفروج شديد التعليل للأخلاط أكثر من مرق الدجاج لكن مرق الدجاج أغذى والجدي بارداً أطيب لسكون بخاره والحمل حاراً أطيب لذوبان سهولته والذرباج للمحرورين يجب أن يكون بلا زعفران وللمبرود يجب أن يكون بزعفران والحلاوات وإن كانت بسكر كالفالوذج فإنها رديئة لتسديدها وتعطيشها .
واعلم أن مضرة الخبز إذا لم ينهضم كثيرة ومضرة اللحم إذا لم ينهضم دون ذلك في المضرة وقس على ذلك نظائر ما قلناه .
الفصل الثامن تدبير الماء والشراب
أصلح الماء للأمزجة المعتدلة ما كان معتدلاً في شدة البرد أو كان تبريده بالجمد من خارج لا سيما إن كان الجمد رديئاً وكذلك الحال في الجمد الجيد أيضاً فإن المتحلل منه يضر بالأعصاب وأعضاء التنفس وبجملة الأحشاء ولا يحتمله إلا الدموي جداً إن لم يضره في الحال ضره على طول الأيام والإمعان في السن .
وقال أصحاب التجربة لا يجمع بين ماءي البئر والنهر ما لم ينحدر أحدهما .
وأما اختيار الماء فقد دللنا عليه وكذلك إصلاح الرديء منه والمزج بالخل يصلحه .
واعلم أن الشرب على الريق وعلى الرياضة والاستحمام خصوصاً مع خلاء البطن وكذلك طاعة العطش الكاذب في الليل كما يعرض للسكارى والمخمورين وعند اشتغال الطبيعة بهضم الغذاء ضار وقد سبق أن الري الكافي ضار جداً بل يجب أن كان لا بد أن يجتزي بالهواء البارد والمضمضة بالماء البارد ثم إن لم يقنع بذلك فمن كوز ضيق الرأس .


على أن المخمور ربما انتفع بذلك وربما لم يضره إن شرب على الريق .
ومن لم يصبر على الشرب على الريق خصوصاً بعد رياضة فليشرب قبله شراباً ممزوجاً بماء حار وليعلم المبتلي بالعطش الكاذب أن النوم ومصابرته للعطش يسكنه لأن الطبيعة حينئذ تحلل المادة المعطشة وخصوصاً إذا جمع بين الصبر والنوم وإذا أطفئت الطبيعة المنضجة بالشرب طاعة له عود العطش لإقامة الخلط المعطش ويجب خصوصاً على صاحب العطش الكاذب أن لا يعب الماء عباً بل يمص منه مصاً .
وشرب البارد جداً رديء وءان كان لا بد منه فبعد طعام كاف والماء الفاتر يغثي والمسخن فوق ذلك إذا استكثر منه أوهن المعدة وإذا شرب في الأحيان غسل المعدة وأطلق الطبيعة .
وأما الشراب فالأبيض الرقيق أوفق للمحرورين ولا يصدع بل ربما رطب فيخفف الصداع الكائن من التهاب المعدة ويقوم المروق بالعسل والخبز مقامه خصوصاً إذا مزج قبل الشرب بساعتين .
وأما الشراب الغليظ الحلو فهو أوفق لمن يريد السمن والقوة وليكن من تسديده على حذر والعتيق الأحمر أوفق لصاحب المزاج البارد البلغمي وتناول الشراب على كل طعام من الأطعمة رديء على ما فزعنا من إعطاء علة ذلك فلا يشربن إلا بعد انهضامه وانحداره .
وأما الطعام الرديء الكيموس فشرب الشراب عليه وقت تناوله وبعد انهضامه رديء لأنه ينفذ الكيموس الرديء إلى أقاصي البدن وكذلك على الفواكه وخصوصاً البطيخ والابتداء بالصغار من الأقداح أولى من الكبار ولكن إن شرب على الطعام قدحين أو ثلاثة كان غير ضار للمعتاد وكذلك عقيب الفصد للصحيح .
والشراب ينفع الممرورين بإدرار المرة والمرطوبين بإنضاج الرطوية وكلما زادت عطريته وزاد طيبه وطاب طعمه فهو أوفق والشراب نعم المنفذ للغذاء قي جميع البدن وهو يقطع البلغم ويحلله ويخرج الصفراء في البول وغيره ويزلق السوداء فيخرج بسهولة ويقمع عاديتها بالمضادة ويحل كل منعقد من غير تسخين كثير غريب .


وسنذكر أصنافه قي موضعه ومن كان قوي الدماغ لم يسكر بسرعة ولم يقبل دماغه الأبخرة المتراقية الرديئة ولم يصل إليه من الشراب إلا حرارته الملائْمة فيصفو ذهنه ما لا يصفو بمثله أذهان آخرى ومن كان بالخلاف كان بالخلاف ومن كان في صدره وهن يضيق في الشتاء نفسه فلا يقدر أن يستكثر من الشراب شيئاً ومن أراد أن يسكتثر من الشراب فلا يمتلئن من الطعام وليجعل في طعامه ما يدر فإن عرض امتلاء من طعام وشراب فليقف وليشرب ماء العسل ثم يقذف أيضاً ثم يغسل فمه بخل وعسل ووجهه بماء بارد .
ومن تأذى من الشراب بسخونة البدن وحمى الكبد فليجعل غذاءه مثل الحصرمية ونحوها ونقله ماء الرمان وحماض الأترج ومن تأذى منه في ناحية رأسه قلّل وشرب الممزوج المروق وينقل عليه بمثل السفرجل وإن تأذّى في معدته بحرارتها فليتناول حب الآس المحمص وليمص شيئاً من أقراص الكافور وما فيه قبض وحموضة وإن كان تأذيه لبرودتها ينقل بالسعد وبالقرنفل وقشر الأترج .
واعلم أن الشراب العتيق في حكم الدواء ليس في حكم الغذاء وإن الشراب الحديث ضار بالكبد ومؤد إلى القيام الكبدي لنفخه وإسهاله .
واعلم أن خير الشراب هو المعتدل بين العتيق والحديث الصافي الأبيض إلى الحمرة الطيب الرائحة المعتدل الطعم لا حامض ولا حلو والشراب الجيد المعروف بالمغسول وهو أن يتخذ ثلاثة أجزاء من السعتر وجزءاً من الماء ويغلي حتى يذهب ثلثه ومن أصابه من شرب الشراب لذع مصّ بعده الرمان والماء البارد وشراب الإفسنتين من الغد واستعمل الحمام وقد تناول شيئاً يسيراً .
واعلم أن الممزوج يرخّي المعدة ويرطّبها وهو يسكر أسرع لتنفيذ المائية ولكن ذلك يجلو البشرة ويصفي القوى النفسانية وليجتنب العاقل تناول الشراب على الريق أو قبل استيفاء الأعضاء من الماء في المرطوبين أو عقيب حركة مفرطة فإن هذين ضاران بالدماغ والعصب ويوقعان في التشنّج واختلاط العقل أو في مرض أو فضل حار .


والسكر المتواتر رديء جداً يفسد مزاج الكبد والدماغ ويضعف العصب ويورث أمراض العصب والسكتة والموت فجأة .
والشراب الكثير يستحيل صفراء رديئة في بعض المعد وخلا حاذقاً في بعض المعد وضررهما جميعاً عظيم .
وقد رأى بعضهم أن السكر إذا وقع في الشهر مرة أو مرتين نفع بما يخفف من القوى النفسانية ويريح بدر البول والعرق ويحلل الفضول سيما من المعدة .
وليعلم أن غالب ضرر الشراب إنما هو بالدماغ فلا يشربنه ضعيف الدماغ إلا قليلاً وممزوجاً والصواب لمن يمتلىء من الشراب أن يبادر إلى القيء فإن سهل وإلا شرب عليه ماء كثيراً وحده أو مع عسل ثم استحم بعد القيء بالأبزن وتمرخ بدهن كثير وينام .
والصبيان شربهم الشراب كزيادة نار على نار في حطب ضعيف وما احتمل الشيخ فاسقه وعدل الشبان فيه .
والأولى للشبان أن يشربوا الشراب العتيق ممزوجاً بماء الرمان أو ممزوجاً بالماء البارد كي يبعد عن الضرر ولا يحترق مزاجهم والبلد البارد يحتمل الشرب فيه والحار لا يحتمله ومن أراد الامتلاء من الشراب فلا يمتلىء من الطعام ولا يأكل الحلو بل يتحسى من الأسفيذاح الدسم ويتناول ثريدة دسمة ولحماً دسماً مجزعاً واعتدل ولم يتعب ويتنقل باللوز والعدس المفلحين وكامخ الكبر وإن أكل الكرنبية وزيتون الماء ونحوه نفع وأعان على الشرب وكذلك جميع ما يجفف البخار مثل بزر الكرنب النبطي والكمّون والسذاب اليابس والفوذنج والملح النفطي والنانخواه والأغذية التي فيها لزوجة وتغرية وربما غلظت البخار وذلك مثل الدسومات الحلوة اللزجة فإنها تمنع السكر وإن كانت لا تقبل الشراب الكثير بسبب أنها بطيئة النفوذ .
وسرعة السكر تكون لضعف الدماغ أو لكثرة الأخلاط فيه وتكون لقوة الشراب وتكون لقلة الغذاء وسوء التدبير فيه وفيما يتصل به .
والذي لضعف الرأس فعلاجه علاج النزلة المتقادمة من اللطوخات المذكورة في ذلك الباب ولا يشربن منه إلا قليلاً .
شراب يبطىء بالسكر .


يؤخذ من ماء الكرنب الأبيض جزء ومن ماء الرمان الحامض جزء ومن الخل نصف جزء ويغلي غليات ويشرب منه قبل الشراب أوقية وأيضاً يتخذ حب من الملح والسذاب والكمون الأسود ويجفف ويتناول حبة بعد حبة وأيضاً يؤخذ بزر الكرنب النبطي والكمُون واللوز المر المقشر والفوتنج والإفسنتين والملح النفطي والنانخواه والسذاب اليابس ويشرب منه من لا يخاف مضرة من حرارته وزن درهمين بماء بارد على الريق ومما يصحي السكران أن يسقى الماء والخل ثلاث مرات متواترة أو ماء المصل والرائب الحامض ويتشمم الكافور والصندل أو يجعل على رأسه المبردات الرادعة مثل دهن ورد بخل خمر .
وأما علاج الخمار فنذكره في الجزئيات .
ومن أراد أن يسكر بسرعة من غير مضرّة : نَقَعَ في الشراب الأشنة أو العود الهندي ومن احتاج إلى سكر شديد لعلاج عضو علاجاً مؤلماً جعل في شرابه ماء الشيلم أو يأخذ من الشاهترج والأفيون والبنج أجزاء سواء نصف درهم نصف درهم ومن جوزبوا والسك والعود الخام قيراطاً قيراطاً ويسقى منه في الشراب قدر الحاجة أو يطبخ البنج الأسود وقشور اليبروح في الماء حتى يحمر ويمزج به الشراب .
الفصل التاسع النوم واليقظة
أما الكلام في سبب النوم الطبيعي والسبات وضدهما من اليقظة والأرق وما يجب أن يفعل في جلب كل واحد منها ودفعه إذا كان مؤذياً وما يدل عليه كل واحد منها وغير ذلك فقد قيل منه شيء في موضعه وسيقال في الطب الجزئي .


وأما الذي يقال في هذا الموضع فهو أن النوم المعتدل ممكن للقوة الطبيعية من أفعالها مريح للقوة النفسانية مكثر من جوهره حتى إنه ربما عاد لإرخائه مانعاً من تحلل الروح أي روح كانت ولذلك يهضم الطعم الهضوم المذكورة ويتدارك به الضعف الكائن عن أصناف التحلل ما كان من إعياء وما كان من مثل الجماع والغضب ونحو ذلك . والنوم المعتدل إذا صادف اعتدال الأخلاط في الحكم والكيف فهو مرطّب مسخن وهو أنفع ثيء للمشايخ فإنه يحفظ عليهم الرطربة ويعيدها ولذلك ذكر جالينوس أنه يتناول كل ليلة بقيلة خس مطيب فأما الخس فلينومه وأما التطييب فليتدارك به تبريده .
قال : فإني الآن على النوم حريص أي أني اليوم شيخ ينفعني ترطيب النوم وهذا أنعم التدبير لمن يعصاه النوم وإن قدم عليه حماماً بعد استكمال هضم الغذاء المتناول واستكثاراً من صب الماء الحار على الرأس فإنه نعم المعين .
وأما التدبير الذي هو أقوى من ذلك فنذكره في المعالجات فيجب على الأصحاء أن يراعوا أمر النوم وليكونوا منه على اعتدال وفي وقته ولا يفرطوا فيه وليتقوا ضرر السهر بأدمغتهم وبقواهم كلها وكثيراً ما يكلف الإنسان السهر ويطرد عنه النوم خوفاً من الغشي وسقوط القوة .
وأفضل النوم الغرق وما كان بعد إنحدار الطعام من البطن الأعلى وسكون ما عسى يتبعه من النفخ والقراقر فإن النوم على ذلك ضار من وجوه كثيرة بل ولا يطيب ولا يتصل ولا يفارق التململ والتقلب وهو ضار وهو مع ضرره مؤذ لصاحبه فلذلك يجب أن يتمشى يسيراً إلى والنوم على الخوى رديء مسقط للقوة وعلى الامتلاء قبل الانحدار من البطن الأعلى رديء لأنه لا يكون غرقاً بل يكون مع تململ كما تشتغل فيه الطبيعة بما تشتغل به في حال النوم من الهضم عارضها استيقاظ مزعج محيّر فتتبلد معه الطبيعة فيفسد الهضم .


ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل ويفسد اللون ويورث الطحال ويرخي العصب ويكسل ويضعف الشهوة ويورث الأورام والحميات كثيراً .
ومن أسباب آفاته سرعة انقطاعه وتبلد الطبيعة عما كانت فيه .
ومن فضائل نوم الليل أنه تام مستمر غرق على أن معتاد النوم بالنهار لا يجب أن يهجره دفعة بغير تدريج .
وأما أفضل هيئات النوم فأن يبتدىء على اليمين ثم ينقلب على اليسار طباً وشرعاً فإذا ابتدأ على البطن أعان على الهضم معونة جيدة لما يحقن به من الحار الغريزي ويحصره فيكثر وأما الاستلقاء فهو نوم رديء يهيىء للأمراض الرديئة مثل السكتة والفالج والكابوس وذلك لأنه يميل بالفضول إلى خلف فيحتبس عن مجاريها التي هي إلى قدام مثل المنخرين والحنك والنوم على الإستلقاء من عادة الضعفى من المرضى لما يعرض لعضلاتهم من الضعف ولأعضائهم فلا يحمل جنب جنباً بل يسرع إلى الاستلقاء على الظهر إذ الظهر أقوى من الجنب ومثل هذا ما ينامون فاغرين لضعف العضل التي بها يجمعون الفكين .
ولهذا بابان قد ذكرناهما في الكتب الجزئية وقد استوفينا الكلام في ذلك .
الفصل العاشر فيما يجب أن يؤخر عن هذا الموضع
مما يذكر في مثل هذا الموضع هو أمر الجماع وتعديله وتدارك ضرره ونحن نؤخر القول فيه إلى الكتب الجزئية .
ومما يقال ههنا أيضاً أمر الأدوية المسهلة وتدارك ضررها .
ونحن أيضاً نؤخر الكلام في بعضه إلى مقالتنا في العلاج وفي بعضه إلى كلامنا في الأدوية المسهلة إلا أنَّا نقول يجب على مستحفظ الصحة أن يتعاهد الاستفراغ السهل والإدرار والتعريق والنفث وتتعاهده النساء بالطمث مما نوضحه ونعرفه في موضعه .
الفصل الحادي عشر تقوية الأعضاء الضعيفة وتسمينها وتعظيم حجمها


فنقول : الأعضاء الضعيفة والصغيرة تقوى وتعظم أما فيمن هو بعد في سن النمو والنشو فبالتغذية وأما في المسنين فبالدلك المعتدل والرياضة الدائمة التي تخصّها ثم تطلى بالزفت وحصر النفس داخله في هذا الباب خصوصاً إذا كان العضو مجاور للصدر والرئة مثال ذلك من كان قصيف الساقين فإنا نأمره بالإحصار اليسير والدلك المعتدل ونطليه بالطلاء الزفتي ثم في اليوم الثاني يحفظ الدلك بحاله ويزيد في الرياضة وفي الثالث يحفظ أيضاً الدلك بحاله ويزيد في الرياضة إلا أن يظهر دليل اتساع العروق وانصباب الموادّ فيخاف في كل عضو حدوث الورم والآفة الامتلائية التي تخصه كما يخاف ههنا الدوالي وداء الفيل وإذا ظهر شيء من هذا الجنس نقصنا ما كنا نفعله من الرياضة والدلك بل أمسكنا واضجعناه وأشلنا بذلك العضو مثلاً في ضامر الساق برجله ودلكناه عكس الدلك الأول وابتدأنا من طرفه إلى أصله .
وإن أردنا ذلك بعضو مقارب لأعضاء التنفس وكان مثلاً الصدر فليقمط ما تحته بقماط وسط الشد معتدل العرض ثم نأمر أن يستعمل رياضات اليدين وحصر النفس الشديد والصياح والصوت العظيم والدلك الرقيق ثم سيأتيك في الكتب الجزئية تفصيل لهذه
الجملة مستقصى فانتظره في كتاب الزينة .
الفصل الثاني عشر الإعياء الذي يتبع الرياضات
فنقول : أصناف الإعياء ثلاثة ويزاد عليها رابع ووجوه حدوثه وجهان فأصنافه الثلاثة القروحي والتمددي والورمي والذي يزاد هو الإعياء المسمى بالقشفي واليبسي والقضفي .
فالقروحي إعياء يحسن منه في ظاهر الجلد شبيه بمسّ القروح أو في غور الجلد .
وأقواه غوره وقد يحس ذلك بالمس وقد يحسّ به صاحبه عند حركته وربّما أحسّ بنخش كنخش الشوك ويكرهون الحركات حتى التمطي أو يتمطون بضعف وإذا اشتدّ وجدوا قشعريرة وإن زاد أصابهم نافض وحمُوا .
وسببه كثرة فضول رقيقة حادة أو ذوبان اللحم والشحم لشدة الحركة .


وبالجملة أخلاط رديئة انتشرت في العروق وكسر الدم الجيد اًفتها فلما انتفضت إلى نواحي الجلد انتفضت خالصة الأذى .
وأقل ما يؤذى به هو أن يحدث هذا الجنس من الإعياء فإن تحركت قليلاً أحدثت القشعريرة إن تحركت كثيراً أحدثت النافض وربما انتفض منها الأخلاط الحادة ويبقى في العروق الخامة وربما كان الخام أيضاً في اللحم .
والتمددي يحس صاحبه كأن بدنه قد رُضّ ويحسّ بحرارة وتمدد ويكره صاحبه الحركة حتى التمطي خصوصاً إن كان عن تعب ويكون من فضول محتبسة في العضل إلا أنها جيدة الجوهر لا لذع فيها أو من ريح ويفرّق بينهما حال الخفة والثقل وكثيراً ما يعرض من نوم غير تام وإذا عرض بعد نوم تام فهنالك اختلاف اًخر وهو شر الأصناف وأشده ما وتر شظايا العضل على الاستقامة .
وأما الإعياء الورمي فهو أن يكون البدن أسخن من العادة وشبيهاً بالمنتفخ حجماً ولوناً وتأذياً بالمس والحركة ويحس معه بتمدد أيضاً .
وأما الأعياء القضفي فهو حالة يحس بها الإنسان من بدنه كأن قد أفرط به الجفاف واليبس ويحدث من إفراط رياضة مع جودة الكيموس واستعمال استرداد خشن بعده وقد يحدث من يبس الهواء والاستقلال من الغذاء واستعمال الصوم .
وأما وجه حدوث الاعياء فذلك لأن الإعياء إما أن يحدث عن رياضة وهو أسلم وطريق علاجه وجه يخصه وإما أن يحدث عن ذاته وهو مقدمة مرض وطريق علاجه وجه يخصه .
وقد تتركّب هذه بعضها مع بعض بحسب تركب مرادها إما بذاتها وإما بالرياضة وإذا عرفت تدبير المركبات نقلته إلى تدبير المركبات على القانون الذي أقوله وهو أن الواجب أن يصرف فضل العناية أول شيء إلى ما هو أشد اهتماماً مع تدبير ما هو دونه أيضاً والأهم يكون أهم لأمور ثلاثة : إما لأجل القوة وإما لأجل الشرف وإما لأجل الجوهر .
وإذا اجتمع في الواجب من هذه الشروط اثنان أو ثلاثة فهو أهم إلا أن يكون الواحد من الآخر أقوى من اثنين من الأول فيقاوم الاثنين من الأول .


ومثال هذا أن الإعياء الورمي أقوى وأشرف لكن جوهر القروحي إن كان بعد جداً عن الاعتدال وعن المجرى الطبيعي قاوم موجب الإعياء الورمي بالشرف والقوة فقدم عليه وأن لم يكن بعد جداً قدم عليه الورمي .
التمطّي والتثاؤب التمطي يكون لفضول مجتمعة في العضل ولذلك يعرض كثيراً عقيب النوم وإذا صارت تلك الأخلاط أكثر صار قشعريرة ونافضاً وإن صارت أكثر من ذلك أحدثت الحمى .
والتثاؤب ضرب من التمطّي لعارض ممط يعرض في عضل الفك والقص .
وعروضه للصحيح ابتداء بلا سبب وفي غير الوقت إذا أكثر فهو رديء .
والجيد منه ما كان عند الهضم الآخر ويكون لدفع الفضل وقد يفعل التثاؤب والتمطي البرد والتكاثف وقلة التحلّل والانتباه عن النوم قبل استيفائه وهو دفع عاصر والشراب الممزوج مناصفة جيد للتثاؤب والتمطّي إذا لم يكن هناك سبب آخر مانع له .
الفصل الرابع عشر علاج الإعياء الرياضي
نقول : إن العناية بعلاج الإعياء الرياضي أمان من أمراض كثيرة منها الحميات فأما الإعياء القروحي فيجب أن ينقص مع ظهوره من الرياضة إن كانت هي سببه وإن اقترن بها كثرة اًخلاط نقصت أو تخم قريبة العهد تدورك ضررها بالجوع والاستفراغْ وتحليل حصل في ناحية الجلد بالدلك الكثير الليّن بدهن لا قبض فيه إلى اليوم الثالث ثم تستعمل رياضة الاسترداد ويغذى في اليوم الأول بما جرت به عادته في الكيفية إلا أنه ينقص من كميته وفي الثاني يغذى بالمرطبات فإن كانت العروق نقية والخام في شحم المعي فالدلك قد ينضجه وخصوصاً إذا أنفذت إليه قوة أدوية مسخنة .
ودهن الغرب نافع جداً من ذلك وأدهان الشبث والبابونج ونحو ذلك وطبيخ أصل السلق في الدهن في إناء مضاعف ودهن أصل الخطمي ودهن أصل قثاء الحمار والفاشرا ودهن الأشنة جيدة وكل ما يقع من الأدهان فيه الأشنة .


وأما الإعياء التمددي فالغرض في معالجته إرخاء ما صلب بالدلك اللين والدهن المسخن في الشمس والإستحمام بالماء الفاتر واللبث فيه طويلاً حتى إنه إن عاود الأبزن في اليوم مرتين أو ثلاثة جاز ويتدهن بعد كل استحمام وان احتيج بسبب وجوب نشف العرق وانتشاف الدهن معه إلى أن يعاد مسح الدهن عليه فعل ويغذّى بغذاء رطب قليل المقدار فإنه إلى تقليل الغذاء أحوج من القروحي .
وهذا الإعياء تحلله الرياضة وتفش الإعياء وإن كان عارضاً بذاته لفضول غليظة لم يكن بد من استفراغ وإن كانت ريح ممدّدة حلله مثل الكمون والكرويا والأنيسون .
وأتا الإعياء الورمي فالغرض في تدبيره أمور ثلاثة إرخاء ما تمدد وتبريد ما سخن واستفراغ الفضل .
ويتم ذلك بالدهن الكثير الفاتر والدلك اللين جداً وطول اللبث في الماء المائل إلى السخونة قليلاً والراحة .
وأما القشفي فلا يغير فيه من تدبير الأصحاء شيء إلا أن الماء الذي يستحمّ فيه يجب أن يزاد سخونة فإن الماء الحار جداً فيه تكثيف للجلد مع أنه لا مضرة فيه مثل مضرة البارد من المياه فإنه وإن كثف ففيه مخاطرة لنفوذ برده في بدن قد نحف وربما كان سبب نحافته تخلخل جلده بل هذا هو الأكثر وفي اليوم الثاني تستعمل رياضة استرداد على رفق ولين والحمام كحال اليوم الأول ثم يؤمر أن ينزج في الماء البارد دفعة ليكثف جلده ويقلل تحلله وتحفظ فيه الرطوبة ويلقي بدناً فيه ما يقاومه من الحرارة وقد تكيف به وهذان السببان يتعاونان على دفع غائلة برده وخصوصاً إذا انزج فيه وخرج في الحال ولم يمكث فإن المكث لا أمان معه ويغذى ضحوة النهار بغذاء مرطب يسير لكي يمكن أن يدلك عند العشية كرة أخرى .
وحينئذ يؤخر العشاء ويجتهد أن يكون قد نفض الفضول عن نفسه بتدلك بدهن عذب ولا يصيبن به بطنه إلا أن يكون أحس بأعياء في عضل بطنه فحينئذ يدهنها برفق ولين .
وليتوسع في غذائه وليزد فيه مع توق أن يكون غذاؤه شديد الحرارة .


وكل إعياء يكون سببه الحركة فإن تركها مع ابتداء أثر الإعياء يمنع حدوثه ثم يستعمل رياضة الاسترداد لتدفع الحركة المعتدلة المواد إلى الجلد ويحلَلها الدلك فيما بين تلك الحركات في وقفاتها ويعرف حاله بالاستحمام فإن أحدث الحمام نافضاً فالأمر مجاوز الحد وخصوصاً إن أحدث حمى وحينئذ فلا يجب أن يستحم بل يستفرغ ويصلح المزاج .
وإن لم يحدث الحمام أيضاً شيئاً من ذلك فهومنتفع به .
وإن كان في عروق المعي أخلاط جامدة أو خامة فدبر أولاً الإعياء بما يجب ثم اشتغل بما ينضج الخامة ويلطفها ويخرجها .
فإن كانت كثيرة أشير عليه حينئذ بالسكون وترك الرياضات فإن السكون أهضم وترك الفصد فإنه في الأكثر يخرج النقي ويبقي الخام ولا يسهل أيضاً قبل الانضاج فإن ذلك لا يغني ويؤذي ولا بأس بالإدرار ولا تعطيه مسخناً فينشر الخام في البدن وليكن استعماله عليه برفق وبقدر معتدل .
ويجب أن يجعل في أغذيته الفلفل والكبر والزنجبيل وخل الكبر وخل الثوم وخل الاسترغان وأجرامها أيضاً والجوارشنات المعروفة بقدر .
وبعد النضج وظهور الرسوب في البول ونضج الأغلب فاستعمل الشراب ليتم النضج وأدر وليكن شرابه اللطيف الرقيق ولا يستعمل القيء .
الفصل الخامس عشر أحوال أخرى تتبع الرياضات
من الأحوال وهي التكاثف والتخلخل والترطيب المفرط فنتكلم أولاً في هذه الأحوال ثم ننتقل إلى تدبير الإعياء الكائن من تلقاء نفسه .
فمن ذلك تخلخل يعرض للبدن وكثيراً ما يعرض للبدن من الدلك اليسير ومن الحمام .
ويعالج بالدلك اليابس اليسير المائل إلى الصلابة مع دهن قابض ومن ذلك تكاثف يعرض عن برد أو شيء قابض أو كثرة فضول أو غلظها أو لزوجتها يؤدي ذلك إلى احتباسها في مسام الجلد أو يكون التكاثف بسبب رياضة جذبته من الغور من غير أن يكون عن أسباب سابقة .
أو يكون السبب في ذلك المقام في موضع غباري أو دلكاً قوياً صلباً .


أما كان من برد وقبض فعلامته بياض اللون وإبطاء التسخن والتعرق وعود اللون إلى الحمرة عند الرياضة فهؤلاء يجب أن يستحموا بحمامات حارة ويتمرغوا على طوابقها المعتدلة الحرارة وعلى فراشها حتى يعرقوا ويتدهنوا بأدهان لطيفة حارة محللة .
وأما الواقعون في ذلك من رياضة فعلامتهم عدم تلك العلامات وتوسّخ الجلد .
وعلاجه النفض إن كان هناك فضل واستعمال ما يحلل من حمام وتمريخ .
وأما الواقعون في ذلك من كبار أو قوة ذلك فهم إلى الإستحمام أحوج منهم إلى التمريخ بالأدهان وليتدكلوا تدليكاً ليناً قبل الحمام وبعده .
وقد يعرض عقيب الإفراط في الرياضة مع قلة الدلك ضعف مع التخلخل وقد يعرض من الجماع المفرط أيضاً ومن الحمام المتواتر فينبغي أن يعالجوا برياضة الاسترداد وبدلك يابس إلى الصلابة مع دهن قابض ويتناولوا أغذية مرطبة قليلة الكمية معتدلة في الحر والبرد أو إلى الحر ما هي قليلاً .
وكذلك يصنعون إن عرض ضعف أو سهر أو غم أو عرض يبس من الغضب فإن عرض لهؤلاء سوء استمراء لم يوافقهم رياضة الاسترداد ولا شيء من الرياضات البتة .
وقد يعرض من فرط الاستحمام والاستكثار من الغذاء والشراب والترفه أن يحس الإنسان في أعضائه بفضل رطوبة وخصوصاً في لسانه حتى إنها تضر بأفعال الأعضاء فإن كان من سبب سابق فذلك إلى الطب الجزئي وإن كان من أمر مما عددناه قريباً كشرب أو فرط دعة أو شدة استرطاب من الحمام فيجب أن يجشموا رياضة قوية ودلكاً خشناً يابساً بلا دهن أومع شيء قليل من الدهن السخن .
وأما اليبس المفرط الذي يحسه صاحبه ببدنه فهو من جنس الإعياء القشفي وعلاجه ذلك العلاج بعينه .
الفصل السادس عشر علاج الإعياء الحادث بنفسه


أما القروحي فيجب أن يتعرف حاله : أنه هل هو في الخلط الموجب له داخل العروق أو خارجها ويدلّ على كونه في العروق نتن البول وأحوال الأغذية السالفة وعادته في كثرة تولد الفضول في عروقه أو قلّتها وسرعة انتفائها عنه أو إحواجها إياه إلى علاج وحال مشروبه أنه هل كان صافياً أو كدراً فإن دلّت هذه الدلائل فهو في العروق وإلا فهو بارز .
فإن كان الإعياء من فضول خارجة وكان داخل العروق نقياً كفى فيه رياضة الاسترداد وما أوردناه من التدبير المقول في باب القروحي الحادث بالرياضة .
وإن كان القسم الآخر فلا تتعرضن له بالرياضة بل عليك بتوديعه وتنويمه وتجويعه ومسحه كل عشية بالدهن وإحمامه بالماء المعتدل إن احتمل الحمام على الشرط الذي أوردناه وغذّه بما قلّ ممَا يجود كيموسه من جنس الأحساء مما لا يكون فيه كثرة لزوجة ولا كثرة غذاء وهذا مثل الشعير والخندروس ولحوم الطير مما لطف لحمه ومن الأشربة السكنجبين العسلي وماء العسل والشراب الأبيض الرقيق ولا تمنعه الشراب فإنه منضج مدر .
ويجب أن يبدأ أولاً بما فيه حموضة يسيرة ثم يتدرّج إلى الأبيض الرقيق فإن لم يغن هذا التدبير فهنالك خلط فاستفرغ الغالب فإن كان الغالب دماً أو معه دم فصدت إلا أسهلت أو جمعت على ما ترى من أمر الدم .
وإياك أن تفعل شيئاً من هذا إذا استضعفت القوة .
واستدلالك على جنس الخلط هو من البول أو من العرقَ ومن حال النوم والسهر فإذا امتنع النوم مع تدبيرك الجيد فهو دليل رديء فإن توهمت أن الجيد من الدم قليل في العروق وأن الأخلاط النيئة هي الغالبة فأرحه وأطعمه واسقه ما يلطف بعد أن لا تسقيه ما فيه إسخان كثير بل اسقه ما فيه تقطيع مثل السكنجبين العسلي فإن احتجت إلى أن تزيد الملطّفات قوة جعلت في الطعام أو في ماء الشعير الذي تسقيه شيئاً منً الفلفل .


وإن اضطررت إلى الكموني أو الفلفلي لفجاجة الأخلاط سقيت كما ترى قبل الطعام وبعده وعند النوم مقدار ملعقة صغيرة ولا يصلح لهم الفودنجي فإنه يجاوز الحدّ في الإسخان فإن تحققت أن الأخلاط النيئة ليست في العروق لكنها في الأعضاء الأصلية دلكتهم خاصة بالغدوات بالأدهان المرخية اللزجة وسقيتهم من المسخنات ما يبلغ إسخانه ويلزمهم السكون الطويل ثم الاستحمام بماء معتدل الحرارة وتسقيهم الفودنجي بلا خوف . ولكن يجب أن يكون قبل الطعام وقبل الرياضة فإن احتجت قبل الطعام إلى ممرىء فلا تسقه قوياً منفذاً مثل الفودنجي بل مثل الكموني والفلافلي وليكن من أيهما كان يسيراً والسفرجلي . ويجوز أن يكون ما تسقيه منها بعد أن تتأمل حتى لا يكون البدن شديد الحرارة العرضية وأنت تسقيه هذه .
وينفع هؤلاء المسح بدهن البابونج والشبث والمرزنجوش وغير ذلك وحدهما أو مع الشمع أو يقوى برزيانج أو الرزيانج مع اثني عشر ضعفاً من الزيت وإذا تعرّفت أن الأخلاط في العروق وخارجاً معاً قصدت الأعظم ولم تهمل الأصغر .
فإن استويا قصدت أولاً قصد الهضم بالفلافلي وإن شئت زدت عليه فطراساليون بوزن الأنيسون ليكون أشد إدراراً وإن شئت خلطت به يسيراً من الفودنجي بعد أن تنقص من شربه الكقوني أو الفلافلي أو تزيد في ذلك حتى يبقى بآخره الفودنجي الصرف عندما يكون الذي ما في العروق قد انهضم وانتفض وبقيت عليك العناية بما هو خارج العروق .
والفودنجي كما علمت نافع لهذا ضار للأول .


وأما هؤلاء المجتمع فيهم الأمران فينبغي أن تجنبهم كل ما يشتد جذبه إلى خارج أو إلى داخل فلذلك يجب أن لا تبادر إلى قيئهم وإسهالهم ما لم تتقدم أولاً بالتلطيف والتقطيع والإنضاج ولا تريضهم أيضاً فإذا سكن الإعياء وحسن اللون ونضج البول فادلكهم دلكاً كثيراً وريضهم رياضة يسيرة وجرب فإن عاودهم شيء من المرض فاترك وإن لم يعاودهم فاستمر بهم إلى عادتهم متدرجاً فيه إلى أن يبلغ واجبهم من الاستحمام والتمريخ والدلك والرياضة وفي آخر الأمر فزد في قوة أذهانهم فإن عاود أحداً من هؤلاء إعياء مع حس قروح فعاود تدبيرك وإن عاوده بلا حس قروح فدبره بالاسترداد وأن اختلطت الدلائل ولم يظهر إعياء قوي محسوس فأرحه .
وأما الإعياء التمددي فسببه ههنا هو امتلاء بلا رداعة خلط وعلاجه في الأبدان الردية المزاج الفصد وتلطيف التدبير وفي البدن الذي نتكلم فيه نحن هو بالتلطيف والتقطيع وحده ثم يعان من بعد بما يجب .
وأما الورمي فعلاجه المبادرة إلى الفصد من العرق الذي يناسب العضو الذي فيه أكثر الإعياء أو الذي يظهر فيه أول الإعياء ومن الأكحل إن كان لا تفاوت فيه بين الأعضاء وربما احتجت أن تفصده في اليوم الثاني بل في الثالث فافصد في اليوم الأول كما يظهر ولا تؤخره فيتمكن فيه وفي اليوم الثاني والثالث فافصمه عشاء ويجب أن يكون غذاؤه في اليوم الأول ماء الشعير أو حسو الخندروس ساذجاً إن لم تعرض حمى فإن عرضت فماء الشعير وحده .
وفي اليوم الثاني ذلك مع دهن بارد أو معتدل كدهن اللوز .
وفي اليوم الثالث مثل الخسّية والفرعية والملوكية والحماضية ومثل السمك الرضراضي أسفيدباجا .
ويمنعون في هذه الأيام من شرب الماء ما أمكن ولكنهم إذا عيل صبرهم في اليوم الثالث ولم يستمرئوا طعامهم سقوا ماء العسل أو شراباً أبيض رقيقاً أو ممزوجاً .


وإياك أن تغذيهم إثر هذه الاستفراغات دفعة تتمة حاجتهم فينجذب الغذاء الغير المنهضم إلى العروق لوجوه ثلاثة : أحدها أن الغذاء إذا قل بخلت المعدة به ونازعت قوتها الماسكة قوة الكبد الجافبة أما إذا أكثر لم تبخل به بل ربما أعانت جذب الكبد بقوتها الدافعة وكذلك كل وعاء متقدم بالقياس إلى ما بعده والثاني أن الكثير لا يجود هضمه في المعدة والثالث أن الكثير يرسل إلى العروق غذاء كثيراً فتعجز العروق أيضاً عن هضمه .
تدبير الأبدان التي أمزجتها غير فاضلة هذه الأبدان إما مخطئة وإما ممنوة في الخلفة .
فأما المخطئة فهي التي أمزجتها الجبلية فاضلة وقد اكتسبت أمزجة رديئة في الوقت بخطأ التدبير المتطاول حتى استقرت فيها .
والممنوة هي التي أمزجتها في الأصل غير فاضلة أما المخطئة فيتعرف خطؤها بالكيفية والكمية لتعالج بالضد وقد يستحلّ على ذلك من حال سخنة البدن .
وأما الممنوة فهي التي وقع فساد حالها من مزاجها الأول أو من سنها .
التعليم الثالث تدبير المشايخ
وهو ستّة فصول
الفصل الأول قول كلي في تدبير المشايخ
جملة تدبيرهم في استعمال ما يرطّب ويسخن معاً من إطالة النوم واللبث في الفراش أكثر من الشبان ومن الأغذية والاستحمامات والأشربة وإدامة إدرار بولهم وإخراج البلغم من معدهم من طريق المعي والمثانة وأن يدام لين طبيعتهم وينفعهم جداً الدلك المعتدل في الكمية والكيفية مع الدهن ثم الركوب أو المشي إن كانوا يضعفون عن الركوب .
والضعيف منهم يعاد عليه الدلك ويُثنى ويجب أن يتعهد التطيب من العطر كثيراً وخصوصاً الحار باعتدال وأن يمرخوا بالدهن بعد النوم فإن ذلك ينبه القوة الحيوانية ثم يستعمل المشي والركوب .
الفصل الثاني تغذية المشايخ


يجب أن يفرق غذاء الشيخ قليلاً قليلاً ويغذى في كرتين أو ثلاث بحسب الهضم وقوته وضعفه فيأكل في الساعة الثالثة الخبز الجيّد الصنعة مع العسل وفي السابعة بعد الاستحمام ما يلين البطن مما نذكره ويتناول بعد ذلك بقرب الليل الطعام المحمود الغذاء فإن كان قوياً زيد في غذائه قليلاً وليجتنبوا كل غذاء غليظ يولد السوداء والبلغم وكل حاد حريف يجفف مثل الكواميخ والتوابل إلا على سبيل الدواء فإن فعلوا من ذلك ما ملا ينبغي لهم فتناولوا من الصنف الأول مثل المالح والباذنجاق والمقدد ولحوم الصيد أو مثل السمك الصلب اللحم والبطيخ الرقيّ والقثاء أو فعلوا الخطأ الثاني فأكلوا الكواميخ والصحناة واللبن عولجوا بتناول الضد بل إنما يجب أن يستعمل فيهم الملطفات إذا علم أن فيهم فضولاً فإذا نقوا غذوا بالمرطبات ثم يعاودون أحياناً بأشياء من الملطفات مغ الغذاء على ما سنقول فيه .
وأما اللبن فينتفع به منهم من يستمرئه ولا يجد عقيبه تمدداً في ناحية الكبد أو البطن ولا حكّة ولا وجعاً فإن اللبن يغفو ويرطب .
وأوفقه لبن الماعز والأتن .
ولبن الأتن من خواصه أنه لا يتجبن كثيراً وينحدر سريعاً ولا سيما إن كان معه ملح وعسل .
ويجب أن يتعهد المرعى حتى لا يكون نباتاً عفصاً أو حريفاً أو حامضاً أو شديد الملوحة .
وأما البقول والفواكه التي تتناولها المشايخ فى مثل السلق والكرفس وقليل من الكرات يتناولها مطيبة بالمري والزيت وخصوصاً قبل طعامهم ليعين على تليين الطبيعة وإذا استعملوا الثوم في الأوقات وكانوا معتادين له انتفعوا به والزنجبيل المربّى من الأدوية الموافقة لهم وأكثر المربيات الحارة وليكن بقدر ما يسخن ويهضم لا بقدر ما يجفف البدن .


ويجب أن تكون أغذيتهم مرطّبة إنما ينفعل عن هذه من طريق الهضم والتسخين ولا ينفعل إلى التجفيف ومما يستعملونه لتليين طبائعهم ويوافق أبدانهم من الفواكه التين والإجاص في الصيف والتين اليابس المطبوخ بماء العسل إن كان الوقت شتاء .
وجميع هذا يجب أن يكون قبل الطعام لتليين طبائعهم وأيضاً اللبلاب المطبوخ بالماء والملح مطيباً بالماء والزيت وأصل البسفايج إذا جعل شورباجة من الدجاج أو في مرقة السلق أو في مرقة الكرنب فإن كانت طبيعتهم تستمر على لين يوماً دون يوم فعن المسهل والمزلق غنى .
وإن كانت تلين يوماً وتحتبس يومين كفاهم مثل اللبلاب وماء الكرنب ولباب القرطم بكشك الشعير أو مقدار جوزة أو جوزتين من صمغ البطم .
وأكثره ثلاث جوزات فإنها تلين طبائعهم بخاصية فيه ويجلو الأحشاء بغير أذى .
وينفعهم اْيضاً الدواء المركّب من لباب القرطم مع عشرة أمثاله تيناً يابساً والشربة منه كالجوزة .
وتنفعهم الحقنة بالدهن فإن فيها مع الاستفراخ تليين الأحشاء وخصوصاً الزيت العذب ويجتنب فيهم الحقن الحارة فإنها تجافف أمعاءهم .
وأما الحقنة الرطبة الدهنية فإنها من أنفع الأشياء لهم إذا احتبست بطونهم أياماً .
ولهم أدوية ملينة للطبيعة خاصة سنذكرها في القراباذين ويجب أن يكون الاستفراغ في الكهول والمشايخ بغير الفصد ما أمكن فإن الإسهال المعتدل أوفق لهم .
الفصل الثالث شراب المشايخ
خير شرابهم العتيق الأحمر ليدر ويسخن معاً وليجتنبوا الحديث والأبيض إلا أن يكونوا استحموا بعد التناول من الغذاء وعطشوا فيسقون حينئذ شراباً رقيقاً قليل الغذاء على أنه لهم بدل الماء وليجتنبوا الحلو المسدد من الأشربة .
الفصل الرابع تفتيح سدد المشايخ
إن عرض لهم سدد وأسهلها ما عرض من شرب الشراب فيجب أن يفتحوا بالفودنجي والفلافلي وينثر الفلفل على الشراب وإن كانت عادتهم قد جرت باستعمال الثوم والبصل استعملوها .
والترياق ينفعهم جداً وخصوصاً عند حدوث السدد .


وكذلك أتاناسيا وأمروسيا ولكن يجب أن يترطبوا بعده بالاستحمام وبا لتمريخ وبا لأغذية مثل ماء اللحم بالخندروس والشعير .
واستعمالهم شراب العسل ينفعهم ويؤمنهم حدوث السدد ووجع المفاصل بعد أن يزاد عليه مع إحساس سدة في عضو أو إحساس استعداده لها ما يخصه كبزر الكرفس وأصله لأعضاء البول وإن كانت السدة حصوية طبخ بما هو أقوى مثل فطراساليون وأن كانت السدد في الرئة فمثل البرشاوشان والزوفا والسليخة وما يشبه ذلك .
الفصل الخامس دَلْكِ المشايخ
يجب أن يكون معتدلاً في الكيف والكم غير متعرض للأعضاء الضعيفة أصلاً أو المثانة وإن كان الدلك ذا مرَات فليدلكوا في المرَات بخرق خشنة أو أيد مجردة فإن ذلك ينفعهم ويمنع نوائب علل أعضائهم وينفعهم الحمام مع الدلك .
الفصل السادس رياضة المشايخ
تختلف رياضة المشايخ بحسب اختلاف حالات أبدانهم وبحسب ما يعتادهم من العلل وبحسب عاداتهم في الرياضة فإن كانت أبدانهم على غاية الاعتدال وافقهم الرياضات المعتدلة ثم إن كان عضو منهم ليس على أفضل حالاته جعلوا رياضته تابعة لسائر الأعضاء في الرياضة مثل أن كان رأسه يعتريه الدوار أو الصراع أو انصباب مواد إلى الرقبة وكان كثيراً ما يصعد فيه بخارات إلى الرأس والدماغ لم يوافقهم من الرياضات ما يطأطىء الرأس ويدلّيه ولكن يجب أن يمالوا إلى الارتياض بالمشي والإحضار والركوب وكل رياضة تتناول النصف الأسفل .
وإن كانت الآفة إلى جهة الرجل استعملوا الرياضات الفوقانية كالمشايلة ورمي الحجارة ورفع الحجر .
وإن كانت الآفة في ناحية الوسط كالطحال والكبد والمعدة والأمعاء وافقهم كلتا الرياضتين الطرفيتين إن لم يمنع مانع .


وأما إن كانت الآفة في ناحية الصدر فلا يوافقهم إلا الرياضة الفوقانية ولا سبيل لهم إلى أن يدرجوا تلك الأعضاء في الرياضة ليقووها بها وهذا للمشايخ بخلاف ما في سائر الأسنان وبخلاف المشايخ المستهلكين الذي يوافقهم أكثر ما يوافق المشايخ فإن أولئك يجب أن يقووا الأعضاء الضعيفة بتدريجها في النوع من الرياضة التي توافقها وتليق بها وأما الأعضاء المريضة فربما راضوها وربما لم يرخص لهم في ذلك أعني إذا كانت حارة أو يابسة أو فيها مادة يخاف أن تميل إلى العفونة وليس بها نضج .


القانون
القانون
( 13 من 70 )

التعليم الرابع تدبير بدن من مزاجه فاضل
وهو خمسة فصول
الفصل الأول استصلاح المزاج الأزيد حرارة
نقول : إن سوء المزاج الحار إما أن يكون مع اعتدال من المنفعلين أو غلبة يبوسة أو رطوبة وإذا اعتدلت المنفعلتان عرفنا أن زيادة الحرارة إلى حد وليست بمفرطة وإلا لجففت .
وأما الحار مع اليبوسة فيجوز أن يبقى هذا المزاج بحاله مدة طويلة .
وأما الحار مع الرطوبة فإن اجتماعهما لا يطول فتارة تغلب الرطوبة الحرارة فتطفئها وتارة تغلب الحرارة الرطوبة فتجففها .
فإن غلبت الرطوبة فإن صاحبها يصلح حاله عند المنتهى في الشباب ويصير معتدلاً فيهما .
فإذا انحط أخذت الرطوبة الغريبة تزداد والحرارة تنقص .
فنقول : إن جملة تدبير حارّي المزاج منحصرة في غرضين : أحدهما : أن نردهم إلى الاعتدال والثاني : أن نستحفظ صحتهم على ما هي عليه .
أما الأول فإنما يتيسر للوادعين المكفيين الموطنين أنفسهم على صبر طويل مدة رجوعهم بالتدريج إلى الاعتدال لأن من يردّهم من غير تدريج يمرض أبدانهم .
وأما الثاني فإنما يمكن تدبيرهم بأغذية تشاكل مزاجهم حتى تحفظ الصحة الموجودة لهم فمن كان من حاري المزاج معتدلاً في المنفعلتين كانوا أدنى إلى الصحة في ابتداء أمرهم وكان مزاجهم أسرع لنبات أسنانهم وشعورهم وكانوا ذوي بيان ولسن وسرعة في المشي .
ثم إذا أفرط عليهم الحر وزاد اليبس حدث لهم مزاج لذاع .
وكثير منهم يتولد فيهم المرار كثيراً وتدبيرهم في السن الأول هو تدبير المعتدلين فإذا انتقلوا نقلوا إلى تدبير من يرام إدرار بوله واستفراغ مراره ومن الجهة التي تميل إليها فضولهم جهتي الإسهال أو القيء .
وإذا لم تف الطبيعة بإمالة الخلط إلى الاستفراغ أعينت بأشياء خفية .
أما القيء فبمثل شرب الماء الحار الكثير وحده أو مع النبذ وأما الإسهال فمثل البنفسج المربى والتمر الهندي والشيرخشك والترنجبين .


ويجب أن تخفف رياضتهم وأن يغذوا بغذاء حسن الكيموس وربما وجب أن يثلثوا الاستحمام في اليوم ويجب أن يجنبوا كل سبب مسخن .
وإن لم يورثهم الاستحمام عقيب الطعام تمدداً أو تعقداً في ناحية الكبد والبطن استعملوه على أمن .
وأما إن عرض شيء من ذلك فعليهم باستعمال المفتحات مثل نقيع الأفسنتين وداء الصبر والأنيسون واللوز المر والسكنجبين ويمنعوا عن الإستحمام بعد الطعام .
ويجب أن يسقوا هذه المفتحات بعد انهضام الطعام الأوّل وقبل أخذهم الطعام الثاني بل في وقت بينهم فيه وبين أخذ الطعام الثاني فسحة مدّة وذلك ما بين انتباههم بالغدوات واستحمامهم وينبغي أن يديموا التمريخ بالدهن ويسقوا الشراب الأبيض الرقيق وينفعهم الماء البارد .
وأصحاب المزاج اليابس الحار في أول الأمر أولى بذلك كله .
وأما أصحاب المزاج الحار الرطب فهم بعرض العفونة وانصباب المواد إلى الأعضاء فلتكن رياضتهم كثيرة التحليل لينة لئلا يسخن مع توق من حركة تظهر في الأخلاط بثوراً .
وأكثر ما يجب أن يجتنب الرياضة منهم من لم يعتدها والأصوب أن يرتاضوا بعد الاستفراغ وأن يستحموا قبل الطعام وأن يعنوا بنفض الفضول كلها وإذا دخلوا في الربيع احتاطوا بالفصد والاستفراغ .
الفصل الثاني استصلاح المزاج الأزيد برودة
أصناف هؤلاه ثلاثة فمن كان منهم معتدل المنفعلتين فليقصد قصد إنهاض حرارة بأغذية حارة متوسطة في الرطوبة واليبس وبالأدهان المسخنة والمعاجين الكبار والاستفراغات الخاصة بالرطوبات والاستحمامات المعرفة والرياضات الصالحة فإنهم وإن كانوا معتدلي الرطوبة في وقت فهم بعرض تولد الرطوبات فيهم لمكان البرد وأما الذين بهم مع ذلك يبس فإن تدبيرهم هو بعينه تدبير المشايخ . الفصل الثالث تدبير الأبدان السريعة القبول
هؤلاء إنما يستعدون لذلك إما لامتلائهم فلتعدل منهم كمية الأخلاط وإما لأخلاط نيئة فيهم فلتعدل كيفيتها .


وليختر لهم من الأغذية ما يغذو غذاء وسطاً بين القليل والكثير .
وتعديل كمية الأخلاط هو بتعديل مقدار الغذاء وزيادة الرياضة والدلك فبل الاستحمام إن كانا معتادين وبالأخف منهما إن لم يكونا معتادين وأن يوزع عليه التغدية ولا يحمل عليه بتمام الشبع مرة واحدة .
إن كان البدن منهم سهل التعرق معتاداً له عرّق في الأحيان وإن لم يكن تأخير غذائه يصب مرارأ إلى معدته أخر إلى ما بعد الحمام وإلا قُدمَ عليه .
والوقت المعتدل إن لم يكن مانع هو بعد الرابعة من ساعات النهار المستوي وإن أوجب انصباب المرار إلى معدته ما قلناه من تقديم الطعام ثم أحس بعلامات سدد في الكبد عولج بالمفتّحات المذكورة الملائمة لمزاجه وإن وجد لذلك ضرراً في رأسه تداركه بالمشي فإن فسد طعامه في المعدة فإنحدر بنفسه فذلك غنيمة وإلا أحدره بالكموني والتين المعجون بالقرطم المذكور صفته .
تسمين القضيف أقوى علل الهزال كما سنصفه يبس المزاج والماساريقا ويبس الهواء فإذا يبس الماساريقا لم يقبل الغذاء فليداو اليبس والهزال بدلك قبل الحمام دلكاً بين الخشونة واللين إلى أن يحمر الجلد ثم يصلب الدلك ثم يَطلى بطلاء الزفت ثم يراض بالاعتدال ثم يستحم بلا إبطاء وينشف بعد ذلك بمناديل يابسة ثم يمرخ بدهن يسير ثم يتناول الغذاء الموافق فإن احتمل سنه وفصله وعادته الماء البارد صبه على نفسه .
ومنتهى الدّلك المقدم على استعمال طلاء الزفت هو أن لا يبتدىء الانتفاخ في الذبول وهذا قريب مما قلناه في تعظيم العضو الصغير وتمام القول فيه يوجد في كتاب الزينة من الكتاب الرابع .
الفصل الخامس تقضيف السمين
تدبيره إسراع إحدار الطعام من معدته وأمعائه لئلا تستوفي الجداول مصها واستعمال الطعام الكثير الكمية القليل التغذية ومواترة الاستحمام قبل الطعام والرياضة السريعة والأدهان المحللة .


ومن المعاجين الإطريفل الصغير ودواء الدلك والترياق وشرب الخل مع المري على الريق وسنذكر تمامه في كتاب الزينة .
التعليم الخامس الانتقالات
وهو فصل مفرد وجملة
فصل تدبير الفصول
أما الربيع فيبادر في أوائله بالفصد والإسهال بحسب المواجب والعادة ويستعمل فيه خصوصاً القيء ويهجر كل ما يسخن ويرطّب كثيراً من اللحوم والأشربة ويلطّف الغذاء ويرتاض رياضة معتدلة فوق رياضة الصيف ولا يتملأ من الطعام بل يفرّق ويستعمل الأشربة والربوب المطفئة ويهجر الحار وكلّ مرّ وحريف ومالح .
وأما في الصيف فينقص من الأغذية والأشربة والرياضة ويلزم الهدوّ والدعة والمطفئات والقيء لمن أمكنه ويلزم الظل والكن .
وأما في الخريف وخصوصاً في الخريف المختلف الهواء فيلزم أجود التدبير ويهجر المجففات كلها وليحذر الجماع وشرب الماء البارد كثيراً وضبه على الرأس والنوم في الموضع البارد الذي يقشعرّ فيه البدن ولا ينام على الامتلاء وليتوق حرّ الظهائر وبرد الغدوات ويوقي رأسه ليلاً وغداة من البرد وليحذر فيه الفواكه الوقتية والاستكثار منها ولا يستحمّ إلا بفاتر وإذا استوى فيه الليل والنهار استفرغ لئلا يحتقن في الشتاء فضول .
على أن كثيراً من الأبدان الأوفق لها في الخريف أن لا يشتغل بتدبير الأخلاط وتحريكها بل يكون تسكينها أجدى عليها .
وقد منعوا عن القيء في الخريف لأنجه يجلب الحمّى .
وأما الشراب فيجب أن يستعمل فيه ما هو كثير المزاج من غير إسراف .
واعلم أن كثرة المطر في الخريف أمان من شرّه .
وأما في الشتاء فليكثر التعب وليبسط الغذاء إلا أن يكون جنوبياً فحينئذ يجب أن يزاد في الرياضة ويقلل من الغذاء ويجب أن تكون حنطة خبز الشتاء أقوى وأشد تلززاً من حنطة خبز الصيف .


وكذلك القياس في اللحمان والمشوي ونحوه وأن تكون بقوله مثل الكرنب والسلق والكرفس ليس القطف واليمانية والحمقاء والهندبا وقلما يعرض لشيء من الأبدان الصحيحة مرض في الشتاء فإن عرصْ فليبادر بالعلاج والإستفراغ إن أوجبه فإنه لم يكن ليعرض فيه مرض إلا والسبب عظيم خصوصاً إن كان حاراً لأن الحرارة الغريزية وهي المدبرة تقوى جداً في الشتاء بما يسلم من التحلّل ويجتمع بالاحتقان وجميع القوى الطبيعية تفعل فعلها بجودة .
وأبقراط يستصلح فيه الإسعال دون الفصد ويكره فيه القيء ويستصوبه في الصيف لأن الأخلاط في الصيف طافئة وفي الشتاء مائلة إلى الرسوب فليقتد به . وأما الهواء إذا فسد ووبىء فيجب أن يتلقى بتجفيف البدن وتعديل المسكن بالأشياء التي تبرد وترطب بقوتها وهو الأوجب في الوباء أو تسخن وتفعل ضد موجب فساد الهواء . والروائح الطيبة أنفع شيء فيه وخصوصاً إذا روعي بها مضادة المزاج .
وفي الوباء يجب أن تقلل الحاجة إلى استنشاق الهواء الكثير وذلك بالتوزيع والترويح وكثيراً ما يكون فساد الهواء عن الأرض فيجب حينئذ أن يجلس على الأسرة ويطلب المساكن العالية جداً ومخترقات الرياح وكثيراً ما يكون مبدأ الفساد من الهواء نفسه لما انتقل إليه من فساد الأهوية المجاورة أو لأمر سماوي خفي على الناس كيفيته فيجب في مثله أن يلتجأ إلى الأسراب والبيوت المحفوفة من جهاتها بالجدران وإلى المخادع وأما البخورات المصلحة لعفونة الأهوية فالسعد والكندر والآس والورد والصندل واستعمال الخل في الوباء أمان من آفاته .
وسنذكر في الكتب الجزئية تتمة ما يجب أن يقال في هذا الباب .
جملة تدبير المسافرين وهي ثماثية فصول :
الفصل الأول من حدث به خفقان دائم


فليدبر أمره كيلا يموت فجأة وإذا أكثر الكابوس والدوار فليدبر أمره باستفراغ الخلط الغليظ كيلا يقع صاحبه في الصرع والسكتة وإذا كثر الاختلاج في البدن فليدبر أمره باستفراغ البلغم كيلا يقع صاحبه في التشنج والسكتة وكذلك إن طالت كدورة الحواس وضعف الحركات مع امتلاء .
وإذا خدرت الأعضاء كلها كثيراً فليدبر أمره باستفراغ البلغم كيلا يقع صاحبه في الفالج .
وإذا اختلج الوجه كثيراً فليدبر أمره بتنقية الدماغ كيلا يؤدي إلى اللقوة .
وإذا احمر الوجه والعين كثيراً وأخذت الدموع تسيل ويفرعن الضوء وكان صداع فليدبر أمره بالفصد والإسهال ونحوه كيلا يقع صاحبه في السرسام وإذا كثر الغم بلا سبب وأكثر الخوف فليدبر أمره بالاستفراغ للخلط المحترق كيلا يقع صاحبه في المالنخوليا .
وأيضاً فإن الوجه إذا احمر وانتفخ وضرب إلى كمودة ودام ذلك أنذر بجذام وإذا ثقل البدن وكل ودرت العروق فليفصد كيلا يعرض انفراز عرق وسكتة وموت فجأة .
وإذا فشا التهيج في الوجه والأجفان والأطراف فليتدارك حال الكبد لئلا يقع صاحبه في الاستسقاء .
وإذا اشتد نتن البراز دُبر بإزاله العفونة عن العروق لئلا يقع صاحبه في الحميات ودلالة البول أشد في ذلك .
وإذا رأيت إعياء وتكسراً فاحدس حمّى تكون وإذا سقطت شهوة الطعام أو زادت دل على مرض .
وبالجملة فإن كل شيء إذا تغير عن عادته في شهوة أو براز أو بول أو شهوة جماع أو نوم أو عرق أو جفاف بدن أو حدة ذهن أو طعم أو ذوق أو عادة احتلام فصار أقل أو أكثر أو تغيرت كيفيته أنذر بمرض . وكذلك العادات الغير الطبيعية مثل بواسير أو طمث أو قيء أو رعاف أوعادة شهوة شيء كان فاسداً أو غير فاصد فإن العادة كالطبيعة .


ولذلك لا يترك الرديء جداً منها ويترك بتدريج وقد تدل أمور جزئية على أمور جزئية فإن دوام الصداع والشقيقة تنذر بالانتشار ونزول الماء في العين وتخيل العين قدام الوجه كالبق وغيره إذا ثبت ورسخ وجعل البصريضعف معه أنذر بننزول الماء في العين .
والثقل والوجع قي الجانب الأيمن إذا طال دل على علة في الكبد .
والثقل والتمدد في أسفل الظهر والخاصرة مع تغير حال البول عن العادة ينذر بعلة في الكلى .
والبراز العادم للصبغ فوق العادة ينذر بيرقان .
واذا طال حرق البول أنذر بقروح تحدث في المثانة والقضيب .
والإسهال المحرق للعقدة ينذربالسحج وسقوط الشهوة مع القيء والنقخ .
والوجع قي الأطراف وينذر بالقولنج . والحكاك في المعدة إن لم يكن ديدان صغار بها ينذر بالبواسير .
وكثرة خروج الدماميل والسلع ينفر بدبيلة كثيرة تحدث .
والقوباء ينذر بالبرص الأسود .
والبهق الأبيض ينذر بالبرص الأبيض .
قول كلي في تدبير المسافر إن المسافر قد ينقطع عن أشياء كان يعتادها وهو في أهله وقد يصيبه تعب ووصب فيجب أن يحرص على مداواة أمر نفسه لئلا تصيبه أمراض كثيرة وأكثر ما يجب أن يتعهد به نفسه أمر الغذاء وأمر الأعياء فيجب أن يصلح غذاءه ويجعله جيد الجوهر قريب القدر غير كثيره حتى يجود هضمه ولا تجتمع الفضول في عروقه .
ويجب أن لا يركب ممتلئاً لئلا يفسد طعامه ويحتاج إلى أن يشرب الماء فيزداد تخضخضاً ويتقيأ وينبسط بل يجب أن يؤخر الغذاء إلى وقت النزول إلا أن يستدعيه سبب مما سنقوله بعد فإن لم يجد بداً تناول قدراً قليلاً على سبيل التلهي بحيث لا يحوجه إلى شرب الماء ليلاً كان سيره أو نهاراً .
ويجب أن يدبر إعياءه بما قيل في باب الإعياء ويجب أن لا يسافر ممتلئاً من دم أو غيره بل ينقي بدنه ثم يسافر .
وإن كان منتخماً جاع ونام وحل التخمة ثم يسافر .


ومن الواجب على المسافر أن يتدرج ويرتاض يسيراً أكثر من العادة وإن كان يحتاج إلى سهر يعانيه في طريقه اعتاد السهر قليلاً قليلاً وكذلك إن كان يخمن أنه سيعرض له جوع أو عطش أو غير ذلك فيجب أن يعتاده وليتعود من الغذاء الذي يريد أن يغتذي به في سفره .
وليجعل غذاءه قليل الكم كثير التغذية وليهجر البقول والفواكه وكل ما يولّد خلطاً مائياً إلا لضرورة التعالج به كما نحدده فيما يستقبل وربما اضطر المسافر أن يتهيأ له الصبر على الجوع إلى أن تقل منه الشهوة . ومما يعينه على ذلك الأطعمة المتخذة من الأكباد المشوية ونحوها وربما اتخذ منها كبب مع لزوجات وشحوم مذابةٍ قوية ولوز ودهن لوز والشحوم مثل البقر فإذا تناول منها واحدة صبرعلى الجوع زماناً له قدر .
وقيل : لو أن إنساناً شرب قدر رطل من دهن البنفسج وقد أذاب فية شياً من الشمع حتى صار قيروطياً لم يشته الطعام عشرة أيام وكذلك ربما احتاجوا إلى أن يتهيأ لهم الصبر على العطش فيجب أن يكون معهم الأدوية المسكنة للعطش التي بيناها في الكتاب الثالث في باب العطش وخصوصاً بزر البقلة الحمقاء يشرب منه ثلاثة دراهم بالخل ويهجر الأغذية المعطشة مثل السمك والكبر والمملحات والحلاوات ويقل الكلام ويرفق باليسير وإذا شرب الماء بالخل كان القليل منه كافياً في تسكين العطش حيث لا يوجد ماء كثير وكذلك شرب لعاب بزر القطونا .
الفصل الثالث
وخصوصاً في السفر وتدبير من يسافر فيه إذا لم يدبروا أنفسهم تأذى بهم الأمر في آخره إلى أن يضعفوا وتتحلّل قواهم حتى لا يمكنهم أن يتحركوا ويغلب عليهم العطش وربما أضرت الشمس بأدمغتهم فلذلك يجب أن يحرصوا على ستر الرأس عن الشمس ستراً شديداً .
وكذلك يجب أن يحفظ المسافر منها صدره ويطليه بمثل لعاب بزر قطونا وعصارة البقلة الحمقاء .


والمسافرون في الحر ربما احتاجوا إلى شيء يتناولونه قبل السير مثل سويق الشعير وشراب الفواكه وغير ذلك فإنهم إذا ركبوا ولا شيء في أحشائهم بالغ التحليل في إضعافهم وإذ لا يكون لهم فيه بدل فيجب أن يتناولوا مما ذكرنا شياً ثم يلبثوا حتى ينحدر عن المعدة ولا يتخضخض .
ويجب أن يصحبهم في الطريق دهن الورد والبنفسج يستعملون منهما ساعة بعد ساعة على هامهم .
وكثير ممن تصيبهم آفة من السفر في الحر يعود إلى حاله بسباحة في ماء بارد ولكن الأصوب أن لا يستعجل بل يصبر يسيراً ثم يتدرج إليه .
ومن خاف السموم فالواجب عليه أن يعصب منخره وفمه بعمامة ولثام ويصبر على المشقة فيه وليقدم قبله أكل البصل في الدوغ وخصوصاً إذا كان البصل مربى فيه أو منقوعاً فيه ليلة تأكل البصل ويتحسى الدوغ .
ويجب أن يكون البصل قبل الإلقاء في الدوغ بصلاً قوي التقطيع وليكن التنشق بدهن الورد ودهن حب القرع ويتحسّى دهن القرع فإنه مما يدفع مضرة السموم المتوقعه .
وإذا ضربه السموم سكب على أطرافه ماء بارد أو غسل به وجهه ويجعل غذاءه من البقول الباردة ويضع على رأسه الأدهان الباردة مثل دهن الورد والعصارات الباردة مثل عصارة حي العالم ودهن الخلاف ثم يغتسل وليحذر الجماع .
والسمك المالح ينفعه إذا سكن ما به .
والشراب الممزوج أيضاً ينفعه واللبن من أجود الغذاء له إن لم يكن به حمى فإن كان به حمى ليست من الحميات العفنة بل اليومية استعمل الدوغ الحامض .
وإذا عطش على النوم تجزى بالمضمضة ولم يشرب ريه فإنه حينئذ يموت على المكان بل يجب أن يتجزى بالمضمضة وأن لم يجد بدا من أن يشرب يشرب جرعة بعد جرعة فإذا سكن ما به وسكن الهائج من عطشه شرب وإن بدأ أولأ قبل شربه فشرب دهن ورد وماء ممزوجين ثم شرب الماء كان أصوب .
وبالجملة فإن مضروب الحرّ يجب أن يجعل مجلسه موضعاً بارداً ويغسل رجله بالماء البارد وإن كان عطشان شرب البارد قليلاً قليلاً ويغتذي بشيء سريع الانهضام .


الفصل الرابع تدبير من يسافر في البرد
إن السفر في البرد الشديد عظيم الخطر مع الاستظهار بالعدد والأهب فكيف مع ترك الاستظهار فكم من مسافر متدثّر بكل ما يمكن قد قتله البرد والدمق بتشنج وكزاز وجمود وسكتة ومات موت من شرب الأفيون واليبروح فإن لم يبلغ حالهم إلى الموت فكثيراً ما يقعون في الجوع المسمى بوليموس .
وقد ذكرنا ما يجب أن يعمل فيه وفي الأمراض الآخرى في موضعه .
وأولى الأشياء بهم أن يسدوا المسام ويحفظوا الأنف والفم من أن يدخلها هواء بارد بغتة ويحفظوا الأطراف بما سنذكره .
واذا نزل المسافر في البرد فلا يجب أن يدفىء نفسه في الحال بل يتدرج يسيراً يسيراً في دفء ويجب أن لا يستعجل إلى الصلاء بل أن لا يقربه أحسن وإن كان لم يجد بدًا تدرج إلى ذلك .
وأولى الأوقات به أن يجتنبه فيه إذا كان من عزمه أن يسير في الوقت ويخرج إلى البرد هذا ما لم يبلغ البرد من المسافر مبلغ الإيهان وإسقاط القوة .
وأما إذا عمل فيه الخصر فلا بد من استعجال التدفي والتمرخ بالأدهان المسخنة خصوصاً ما فيه ترياقية كدهن السوسن .
وإذا نزل المسافر في البرد وهو جائع فتناول شياً حاراً عرض به حرارة كالحمى عجيبة .
وللمسافرين أغذية تسهل عليهم أمر البرد وهي الأغذية التي يكثر فيها الثوم والجوز والخردل والحلتيت وربما وقع فيها المصل ليطيّب الثوم والجوز والسمن أيضاً جيد لهم وخصوصاً إذا شربوا عليها الشراب الصرف .
ويحتاج المسافر في البرد إلى أن لا يسافر خاوياً بل يمتلىء من غذائه ويشرب الشراب بدل الماء ثم يصبر حتى يقر ذلك في بطنه ويسخن ثم يركب .
والحلتيت مما يسخن الجامد في البرد خصوصاً إذا سلم في الشراب .
والشربة التامة درهم من الحلتيت في رطل من الشراب .
وللمسافر في البرد مسوحات تمنع بدنه عن التأثر من البرد منها الزيت وغير ذلك .
والثوم من أفضل الأشياء لمن برد عن هواء بارد وإن كان يضر بالدماغ والقوى النفسانية .


الفصل الخامس حفظ الأطراف عن ضرر البرد
يجب أن يدلكها المسافر أولاً حتى تسخن ثم يطليها بدهن حار من الأدهان العطرة مثل دهن السوسن ودهن البان والميسوسن لطوخ جيّد لهم فإن لم يحضر فالزيت وخصوصاً إذا جعل فيه الفلفل والعاقر قرحا أو الفربيون والحلتيت أو الجندبادستر ومن الأضمدة الحافظة للأطراف أن يجعل عليها قنة وثوم فإنه أمان ولا كالقطران . ولا يجوز أن يكون الخف والدستبانج بحيث لا يتحرّك فيه العضو .
فإن حركة العضو أحد الأسباب الدافعة عنه البرد والعضو المخنوق يصيبه البرد بشدّة وإذا غشي بكاغد وشعر أو وبر كان أوقى له وإذا صارت الرجل مثلاً أو اليد لا تحس بالبرد من غير أن يخص البرد ومن غير أن يزيد وقايته بتدبير جديد فاعلم أن الحس في طريق البطلان وأن البرد قد عمل فيه فليدبر مما تعلمه الان .
وأما إذا عمل البرد في العضو فأمات الحار الغريزي الذي كان فيه وحقن ما كان يتحلل منه في جوهره وعرضه للعفونة فربما احتيج أن يفعل في بابه ما قيل في باب القروح وخصوصاً الأكَالة الخبيثة .
وأما إذا ضربه البرد ولم يعفن بعد بل هو في سبيله فالأصوب أن يوضع الطرف في ماء الثلج خاصة أو ماء طبخ فيه التين .
وماء الكرنب ومأء الرياحين وماء الشبت وماء البابونج كله جيّد .
والتردوغ لطوخ جيّد .
وماء الشيح وماء الفودنج وماء النمام والتضميد بالسلجم دواء جيد نافع له .
ويجب أن يجنب النار وقربها ويجب في الحال أن يمشي ويحرك الرجل والطرف فيروضه ويدلكه ثم يمرخه ويطليه وينطله بما قلناه .
وليعلم أن ترك الأطراف متعلقة ساكنة في البرد لا تحرك ولا تراض هو من أقوى الأسباب الممكنة للبرد من الطرف .
ومن الناس من يغمسه في ماء بارد فيجد لذلك منفعة كأن الأذى يندفع عنه كما يعرض للفاكهة الجامدة أن تلقى في الماء البارد .
فيكون كأنه يخرج الجمد عنها وينتسج عليها فتلين وتستوى ولو أنها قربت من النار فسدت .
وأما كيف هذا فهو مما لا يحتاج إليه الطبيب .


فأما إذا أخذ الطرف يكمد فيجب أن يشرط ويسيل منه الدم والعضو موضوع في الماء الحار لئلا يجمد شيء من الدم في فوهات الشرط فلا يخرج بل يترك حتى يحتبس من نفسه ثم يطلى بالطين الأرمني والخل الممزوج فإن ذلك يمنع فساده .
والقطران ينفع بدءاً وأخيراً وإذا جاوز الأمر السواد والخضرة وأدرك وهو يتعفن فلا يشتغل بغير إسقاط ما يعفن بعجلة لئلا يعفن أيضاً الصحيح الذي في الجوار وكيلا تدب العفونة بل يفعل ما قلناه في بابه .
الفصل السادس حفظ اللون في السفر
يجب أن يطلى الوجه بالأشياء اللزجة والتي فيها تغريه مثل لعاب بزر قطونا ومثل لعاب العرفج ومثل الكثيراء المحلول في الماء والصمغ المحلول في الماء ومثل بياض البيض ومثل الكعك السميذ المنقوع في الماء وقرص وصفة قريطن وأما إذا شققه ريح أو برد أو شمس فاطلب تدبيره من الكلام في الزينة .
الفصل السابع توقي المسافر مضرة المياه المختلفة
إن اختلاف المياه قد يوقع المسافر في أمراض أكثر من اختلاف الأغذية فيجب أن يراعى ذلك بتدارك أمر الماء .
ومن تداركه كثرة ترويقه وكثرة استرشاحه من الخزف الرشاح وطبخه كما قد بينا العلة فيه قد يصفيه ويفرّق بين جوهر الماء الصرف وبين ما يخالطه وأبلغ من ذلك كله تقطيره بالتصعيد وربما فتلت فتيلة من صوف وجعل منها فى أحد الإناءين وهو المملوء طرف وترك طرفها الآخر في الإناء الخالي فقطر الماء الخاليّ وكان ضرباً جيداً من الترويق وخصوصاً إذا كرر وكذلك إذا طبخ الماء المر والرديء وطرح فيه وهو يغلي طين حر وكباب صوف ثم تؤخذ وتعصر فإنها تعصر عن ماء خير من الأوَّل وكذلك محض الماء وقد جعل فيه طين حر لا كيفية رديئة له وخصوصاً المحترق في الشمس ثم يصقيه وهو مما يكسر فساده .
وشرب الماء مع الشراب أيضاً مما يدفع فساده إذا كان فساده من جنس قلة النفوذ وأيضاً فإن الماء إذا قل ولم يوجد فيجب أن يشرب ممزوجاً بالخل وخصوصاً في الصيف فإن ذلك يغني عن الاستكثار .


والماء المالح يجب أن يشرب بالخل أو السكنجبين ويجب أن يلقي فيه الخرنوب وحب الآس والزعرور .
والماء الشبي العفص يجب أن يشرب عليه كل ما يلين الطبيعة .
والشراب أيضاً مما ينفع شربه عليه والماء المر يستعمل عليه الدسومات والحلاوات ويمزج بالجلاب .
وشرب ماء الحمص قبله وقبل ما يشبهه مما يدفع ضرره وكذلك أكل الحمص والماء القائم الآجامي الذدي يصحبه عفونة فيجب أن لا يطعم فيه الأغذية الحارة وأن يستعمل القوابض من الفواكه الباردة والبقول مثل السفرجل والتفاح والريباس .
والمياه الغليظة الكدرة يتناول عليها الثوم ومما يصفيها الشب اليماني ومما يدفع فساد المياه المختلفة البصل فإنه ترياق لذلك وخصوصاً البصل بالخل والثوم أيضاً .
ومن الأشياء الباردة الخس ومن التدبير الجيد لمن ينتقل في المياه المختلفة أن يستصحب من ماء بلده فيمزج به الماء الذي يليه ويأخذ من ماء كل منزل للمنزل الذي يليه فيمزجه بمائه وكذلك يفعل حتى يبلغ مقصده .
وكذلك إن استصحب طين بلده وخلطه بكل ما يطرأ عليه وخضخضه فيه ثم تركه حتى يصفو .
ويجب أن يشرب الماء من وراء فدام لئلاّ يجرع العلق بالغلط ولا يزدرد البشم من الأخلاط الرديئة .
واستصحاب الربوب الحامضة لتمج بكل ماء من المختلفة تدبير جيّد .
الفصل الثامن تدبير راكب البحر
قد يعرض لراكب البحر أن يدور ويدار به وأن يهيج به الغثيان والقيء وذلك في أوائل الأيام ثم يهدأ فيسكن ويجب أن يلح على غثيانه وقيئه بالحبس بل يترك حتى يقيء فإن أفرط فيه حبس حينئذ . وأما الاستعداد لئلا يعرض له القيء فليس به بأس وذلك بأن يتناول من الفواكه مثل السفرجل والتفاح والرمّان وإذا شرب بزر الكرفسر منع الغثيان أن يهيج به وسكنه إذا هاج .


والأفستين أيضاً كذلك ومما يمنعه أن يغتذي بالحموضات المقوية لفم المعدة المانعة من ارتفاع البخار إلى الرأس وذلك كالعدس بالخل وبالحصرم وقليل فودنج أو حاشا أو الخبز المبرد في شراب ريحاني أو ماء بارد وقد يقع فيه حاشا ويجب أن يمسح داخل الأنفس بالاسفيداج .
الفن الرابع وجوه المعالجات بحسب الأمراض الكلية
ويشتمل على ثلاثين فصلاً . الفصل الأول كلام كلي في العلاج
نقول : إن أمر العلاج يتم من أشياء ثلاثة : أحدها التدبير والتغذية والآخر استعمال الأدوية والثالث استعمال أعمال اليد .
ونعني بالتدبير : التصرف في الأسباب الضرورية المعدودة التي هي جارية في العادة والغذاء من جملتها .
وأحكام التدبير من جهة كيفيتها مناسبة لأحكام الأدوية لكن للغذاء من جملتها أحكام تخصه في باب الكمية لأن الغذاء قد يمنع وقد يقلل وقد يعدل وقد يزاد فيه .
وإنما يمنع الغذاء عند إرادة الطبيب شغل الطبيعة بنضج الأخلاط وأنما يقلل إذا كان مع ذلك له غرض حفظ القوة فيما يغذو ويراعي جنبة القوة وبما ينقص يراعي جنبة المادة لئلا تشتغل عنها الطبيعة بهضم الغذاء الكثير ويراعي دائماً أهمهما وهو القوة إن كانت ضعيفة جداً والمرض إن كان قوياً جداً والغاء يقلل من جهتين : إحداهما من جهة الكمية والآخرى من جهة الكيفية ولك أن تجعل اجتماع الجهتين قسماً ثالثاً .
والفرق بين جهتي الكمية والكيفة أنه قد يكون غذاء كثير الكمية قليل التغذية مثل البقول والفواكه فإن المستكثر منهما مستكثر من كمية الغذاء دون كيفيته وقد يكون غذاء قليل الكمية كثير التغذية مثل البيض ومثل خصي الديوك ونحن ربما احتجنا إلى أن نقلل الكيفية ونكثر الكمية وذلك إذا كانت الشهوة غالبة وكان في العروق أخلاط نيئة فأردنا أن نسكن الشهوة بملء المعدة وأن نمنع العروق مادة كثيرة لينضج أولاً ما فيها ولأغراض أخرى غير ذلك .


وربما احتجنا أن نكثر الكيفية ونقلل الكمية وذلك إذا أردنا أن نقوي القوة وكانت الطبيعة الموكلة بالمعدة تضعف عن أن تزاول هضم شيء كثير .
وأكثر ما يتكلّف تقليل الغذاء ومنعه إذا كنا نعالج الأمراض الحادة .
وأما في الأمراض المزمنة فإنا قد نقلل أيضاً ولكن ثقيلاً أقل من تقليلنا مما في الأمراض الحادة لأن عنايتنا بالقوة في الأمراض المزمنة أكثر لأنا نعلم أن بحرانها بعيد ومنتهاها بعيد فإذا لم تحفظ القوة لم تف بالثبات إلى وقت البحران ولم تف بنضج ما تطول مدة إنضاجه .
وأما الأمراض الحادة فإن بحرانها قريب ونرجو أن لا يخون القوة قبل انتهائها فإن خفنا ذلك نبالغ في تقليل الغذاء وكلما كان المرض فيها أقرب من المبتدأ والأعراض أمكن غذاؤنا مقوين للقوة وكلما جعل المرض يأخذ في التزايد وتأخذ الأعراض في التزايد قللنا التغذية ثقة بما أسلفنا وتخفيفاً عن القوة وقت جهاده وعند المنتهى نلطف التدبير جداً .
وكلما كان المرض أحد والبحران أقرب لطفنا التدبير أشد إلا أن تعرض أسباب تمنعنا من ذلك كما سنذكره في الكتب الجزئية .
وللغذاء من جهة ما يغذى به فصلان آخران هما : سرعة النفوذ كحال الخمر وبطء النفوذ كحال الشواء والقلايا وأيضاً نحو قوام ما يتولد منه من الدم واستمساكه كما يكون من حال غذاء لحم الخنازير والعجاجيل أو رقته وسرعة تحلله كما يكون من حال الغذاء الكائن من الشراب ومن التين .
ونحن نحتاج إلى الغذاء السريع النفوذ إذا أردنا أن نتدارك سقوط القوة الحيوانية وننعشها ولم تكن المدة أو القوة تفي ريث هضم الغذاء البطيء الهضم .
ونحن نتوقى الغذاء السريع الهضم إذا اتفق أن سبق غذاء بطيء الهضم فنخاف أن يختلط به فيصيرعلى النحو الذ سبق منا بيانه .
ونحن نتوقّى الغليظ عند إيقاننا حدوث السدد لكننا نؤثرالغذاء القوي التغذية البطيء الهضم لمن أردنا أن نقويه ونهيئه للرياضات القوية ونؤثر الغذاء السخيف لمن يعرض له تكاثف المسام سريعاً .


وأما المعالجة بالدواء فلها ثلاثة قوانين : أحدها : قانون اختيار كيفيته أي اختباره حاراً أو بارداً أو رطباً أو يابساً .
والثاني : قانون اختيار كميته وهذا القانون ينقسم إلى قانون تقدير وزنه وإلى قانون تقدير كيفيته أي درجة حرارته وبرودته وغير ذلك .
والثالث : قانون ترتيب وقته .
أما قانون اختيار كيفية الدواء على الإطلاق فإنما يهتدي إليه بالوقوف على نوع المرض فإنه إذا عرف كيفية المرض وجب أن يختار من الدواء ما يضاده في كيفيته فإن المرض يعالج بالضدّ والصحة تحفظ بالمشاكل .
وأما تقدير كميته من الوجهين جميعاً فيعرف على سبيل الحدس الصناعي من طبيعة العضو ومن مقدار المرض ومن الأشياء التي تدل بموافقتها وملايمتها التي هي الجنس والسن والعادة والفصل والبلد والصناعة والقوة والسحنة .
ومعرفة طبيعة العضو تتضمن معرفة أمور أربعة : أحدها : مزاج ا لعضو والثاني : خلقته والثا لث : وضعه والرا بع : قوته .
أما مزاج العضو : فإنه إذا عرف مزاجه الطبيعي وعرف مزاجه المرضي عرف بالحدس الصناعي أنه كم بعد من مزاجه الطبيعي فيعرف مقدار ما يرده إليه مثاله إن كان المزاج الصحي بارداً والمرض حاراً فقد بعد من مزاجه بعداً كثيراً فيحتاج إلى تبريد كثير .
وإن كان كلاهما حارين كفى الخطب فيه بتبريد يسير .
وأما من خلقة العضو : فقد قلنا أن الخلقة على كم معنى تشتمل فليتأمل من هناك .
ثم اعلم أن من الأعضاء ما هو في خلقته سهل المنافذ وفي داخله أو خارجه موضع حال فيندفع عنه الفضل بدواء لطيف معتدل ومنه ما ليس كذلك فيحتاج إلى دواء قوي وكذلك بعضها متخلخل وبعضها متكاثف .
والمتخلخل يكفيه الدواء اللطيف والكثيف يحتاج إلى الدواء القوي فأكثر الأعضاء حاجة إلى الدواء القوي ما ليس له تجويف ولا من أحد الجانبين ولا فضاء له ثم الذي له ذلك من جانب واحد ثم الذي له فضاء من الجانبين لكنه ملزز كثيف كالكلية ثم الذي له تجويف من الجانبين وهو سخيف كالرئة .


وأما من وضع العضو والوضع يقتضي كما تعلم إما موضعاً وإما مشاركة والانتفاع به من علم المشاركة أخصه باختيارك جهة جذب الدواء وإمالته إليه مثاله إنه إذا كانت المادة في حدبة الكبد استفرغناها بالبول وإن كانت في تقعير الكبد استفرغناها بالإسهال لأن حدبة الكبد مشاركة لأعضاء البول أحدها : بعده وقربه فإن كان قريباً مثل المعدة وصلت إليه الأدوية المعتدلة في أدنى زمان وفعلت فيه وقوتها باقية وان كان بعيداً كالرئة فإن الأدوية المعتدلة نفسها قواها قبل الوصول إليه فيحتاج أن يزاد في قواها .
فالعضو القريب الذي يلقاه الدواء يجب أن يكون قوة الدواء له بالقدر المقابل للعلة وإن كان بينهما بعد وبون وهو داء يحتاج لدواء في أن ينفذ إليه إلى قوة غائصة فيحتاج أن تكون قوة الدواء أكثر من المحتاج إليه مثل الحال في أضمدة عرق النسى وغيره .
والوجه الثاني أن يعرف ما الذي ينبغي أن يخلط بالأدوية ليسرع إيصالها إلى العضو كما يخلط بأدوية أعضاء البول المدرات وبأدوية القلب الزعفران .
والوجه الثالث أن يعرف جهة إتصال الدواء إليه مثلاً أنا إذا عرفنا أنَ القرحة في الأمعاء السفلى أوصلناه بالحقنة أو حدسنا بأنها في الأمعاء العليا أوصلناه بالشراب .
وقد ينتفع بمراعاة الموضع والمشاركة معاً وذلك فيما ينبغي أن يفعله والمادة منصبة بتمامها إلى العضو وما ينبغي أن يفعله والمادة بعد في الانصباب حتى إن كانت في الانصباب بعد جذبناها من موضعها بعد مراعاة شرائط أربع : إحداها : مخالفة الجهة كما يجذب من اليمين إلى اليسار ومن فوق إلى أسفل .
والثانية : مراعاة المشاركة كما يحبس الطمث يوضع المحاجم على الثديين جذباً إلى الشريك .
والثالثة : مراعاة المحاذاة كما يفصد في علل الكبد الباسليق الأيمن وفي علل الطحال الباسليق الأيسر .


والرابعة : مراعاة التبعيد في ذلك لئلا يكون المجذوب إليه قريباً جداً من المجذوب منه وأما إن كانت المادة منصبّة فينتفع بالأمرين من جهة أنا إما أن نأخذها من العضو نفسه أو ننقلها إلى العضو القريب المشارك ونخرجها منه كما يفصد الصافن في علل الرحم والعرق الذي تحت اللسان في علاج ورم اللوزتين .
ومتى أردت أن تجذب إلى الخلاف فسكن أولاً وجع العضو المجذوب عنه وأن تنظر حتى لا يكون المجاز على رئيس .
وأما الانتفاع من جهة قوة العضو فمن طرق ثلاثة : إحداها : مراعاة الرياسة والمبدئية فإنا لا نخاطر على الأعضاء الرئيسة بالأدوية القوية ما أمكن فيكون قد عممنا البدن بالضرر ولذلك لا نستفرغ من الدماغ والكبد ما يحتاج أن نستفرغه منهما دفعة واحدة ولا نبرّدهما تبريداً شديد البتة وإذا ضمدنا الكبد بأدوية محللة لم نخلها من قابضة طيبة الريح لحفظ القوة وكذلك فيما نسقيه لأجلها .
وأولى الأعضاء بهذه المراعاة القلب ثم الدماغ ثم الكبد .
والطريق الثانية : مراعاة الفعل المشترك للعضو وأن لم يكن رئيساً مثل المعدة والرئة ولذلك لا نسقي في الحميّات مع ضعف المعدة ماء بارداً شديد البرودة .
واعلم أن استعمال المرخيّات على الرئيسة وما يتلوها صرفة خطر جداً في
الجملة .
والطريق الثالث : مراعاة ذكاء الحسّ وكلاله فإن الأعضاء الذكية الحس العصبية يجب أن يتوقّى فيها استعمال الأدوية الردية الكيفية واللذاعة والمؤذية كاليتّوعات وغيرها عليها .
والأدوية التي يتحاشى عن استعمالها ثلاثة أصناف : المحلّلات والمبرّدات بالقوة والتي لها كيفيات مخالفة كالزنجار وأسفيذاج الرصاص والنحاس المحرق وما أشبهها .
فهذا هو تفصيل اختبار المواء بحسب طبيعة العضو .
وأما مقدار المرض فإن الذي يكون مثلاً حرارته العرضية شديدة فيحتاج أن تطفأ بدواء أشد برودة والذي يكون برودته العرضية شديدة فيحتاج إلى أن يسخنه أشد تسخيناً وإذا لم يكونا قويين اكتفينا بدواء أقل قوة .


وأما وقت المرض فإن نعرف المرض في أي وقت من أوقاته مثلاً الورم إن كان في الابتداء استعملنا عليه ما يردع وحده وإن كان في المنتهى استعملنا ما يحلل وحده وأما فيما بين ذينك فتخلطهما جميعاً .
وإن كان المرض حاداً في الابتداء لطفنا التدبير تلطيفاً معتدلاً وإن كان إلى المنتهى بالغنا في التلطيف وأن كان مزمناً لم نلطف في الإبتداء ذلك التلطيف عند الانتهاء .
على أن كثيراً من الأمراض المزمنة غير الحميات يحللها التدبير الملطف .
وأيضاً إن كان المريض كثير المادة هائجاً استفرغنا في الابتداء ولم ننتظر النضج وإن كان معتدلاً أنضجنا ثم استفرغنا .
وأما الاستدلال من الأشياء التي تدل بملاءمتها فهو سهل عليك تعرفه والهواء من جملتها أولى ما يجب أن يراعى أمره وهل هو معين للدواء أو للمرض .
ونقول : الأمراض التي يكون فيها خطر ولا يؤمن فوت القوة مع تأخر الواجب أو التخفيف فيه فالواجب أن يبدأ فيها بالعلاج القوي أولاً والتي لا خطر فيها يتدرّج إلى الأقوى إن لم يغن الأخف .
وإياك أن تهرب عن الصواب لأن تأثيره يتأخر وأن تقيم على الغلط لأن ضرره لا يتدبر ومع ذلك فليس يجب أن تقيم على علاج واحد بدواء واحد بل تبدل الأدوية فإن المألوف لا ينفعل عنه ولكل بدن بل بكل عضو بل للبدن والعضو في وقت دون وقت خاصة في الانفعال عن دواء دون دواء .
وإذا أشكلت العلة فخل بينها وبين الطبيعة ولا تستعجل فإن الطبيعة إما أن تقهر العلة وإما أن تظهر العلة .
وإذا اجتمع مرض مع وجع أو شبيه وجع أو موجب وجع كالضربة والسقطة فابدأ بتسكين الوجع وأن احتجت إلى التخدير فلا تجاوز مثل الخشخاش فإنه مع تخديره مألوف مأكول .
وإذا بليت بشدة حس العضو فاغذ بما يغلظ الدم جداً كالهرائس وإن لم تخف التدبير فاغذ بالمبردات كالخس ونحوه .


واعلم أن من المعالجات الجيدة الناجعة الاستعانة بما يقوي القوى النفسانية والحيوانية كالفرح ولقاء ما يستأنس به وملازمة من يسر به وربما نفعت ملازمة المحتشمين ومن يستحيا منهم فمنعت المريض عن أشياء تضره .
ومما يقارب هذا الصنف من المعالجات والانتقال من بلد إلى بلد ومن هواء إلى هواء والانتقال من هيئات إلى هيئات وتكلف هيئات وحركات يستوي بها عضو ويصير بمزاج مثل ما يكلف الصبي الأحول من النظر الشديد إلى شيء يلوح له ومثل ما يكلف صاحب القوة من النظر في المرآة الضيقة فإن ذلك أدعى له إلى تكليف تسوية وجهه وعينيه فربما عاد بالتكلف إلى الصلاح .
ومما يجب أن تخفظه من القوانين أن تترك المعالجات القوية في الفضول القوية ما استطعت من مثل الإسهال القوي والكي والبط والقيء في الصيف والشتاء .
ومن الأمور التي تحتاج في علاجها إلى نظر دقيق أن يجتمع في مرض واحد استحقاقان متضادان ويستحق المرض مثلاً تبريداً وسببه تسخيناً مثل ما تقضي الحمى تبريداً والسدد التي يكون سبباً للحمى تسخيناً أو بالعكس وكذلك أن يستحقّ المرض مثلاً تسخيناً وعرضه تبريداً مثل ما تستحق مادة القولنج تسخيناً وتقطيعاً وتستحق شدّة وجعه تبريداً وتخديراً أو بالعكس .
واعلم أنه ليس كل امتلاء وكل سوء مزاج يعالج بالضد من الاستفراغ والمقابلة بل كثيراً ما يكفي حسن التدبير المهم في الامتلاء وسوء المزاج .
الفصل الثاني معالجات أمراض سوء المزاج


أما ما كان منه بلا مادة فإنما نبذل سوء المزاج فقط وإن كان مع مادة فإنا نستفرغها وربما كفانا الاستفراغ وحده إن لم يتخلّف عنه سوء المزاج لتمكنه السالف وربما لم يكفنا ذلك إن ونقول : إن معالجة سوء المزاج أصناف ثلاثة لأن سوء المزاج إما أن يكون مستحكماً فيكونا علاجه بالضد على الإطلاق وهذا هو المداواة المطلقة فإما أن يكون في حد الكون وإصلاحه مداواة مع التقدم بالحفظ بمنع السبب ومنه ما يريد أن يكون ويحتاج فيه إلى منع السبب فقط ويسمى التقدم بالحفظ .
مثال المداواة معالجة عفونة حمّى الربع بالترياق وسقي الماء البارد في الغب ليطفي .
ومثال المداواة والتقدم بالحفظ الاستفراغ في الربع بالخربق وفي الغب بالسقمونيا إذا أردنا بذلك أن نمنع ابتداء نوبة تقع .
ومقال التقدم بالحفظ مفرداً استفراغ المستعدّ لحمى الربع لغلبة السوداء بالخربق ولحمى الغب لغلبة الصفراء بالسقمونيا .
وإذا أشكل عليك شيء من الأمراض سببه حر أو برد وأردت أن تجرب فلا تجربن بمفرط وانظر كي لا يغرك التأثير الذي بالعرض .
واعلم أن التبريد والتسخين مدتهما سواء لكن الخطر في التبريد أكثر لأن الحرارة صديقة الطبيعة وأنّ الخطر في الترطيب والتيبيس سواء لكن مدة الترطيب أطول والرطوبة واليبوسة كل واحدة منهما يحفظ بتقوية أسبابها وتبذل بتقوية أسباب ضدها .
والحرارة تقوى بالأسباب التي فرغنا من ذكرها ثم بالمنعشات وهي نفض الثفل والامتلاء وتفتيح السدد ثم بما يحفظها وهو الرطوبة المعتدلة .
والبرودة تقوى بتقوية أسبابها أوتخنق الحرارة وبما يفرط تحليلها وهو اليبوسة بالذات والحرارة بالعرض .


والمعالج فرط الحرارة بتفتيح السدد ينبغي أن يتوقى التبريد المفرط لئلا يزيد في تحجّر السدة فيزيد في سوء المزاج الحار بل ينبغي أن يترفق فيعالج أولاً مما يجلو فإن كفى جال مبرد كماء الشعير وماء الهندبا فبها ونعمت وإن لم يقنع ذلك فبما يكون معتدلاً فإن لم يقنع فبما فيه حرارة لطيفة ولا يبالي من ذلك فإن نفع تفتيحه في التبريد أكثر من ضرر تسخينه السهل التطفئة بعد التفتيح وربما منع فرط التطفئة من نضج الأخلاط الحادة .
وإن كان بعض الناس مصرًّا على إبطال هذا الرأي وليس يدري أنّ التطفئة القوية تسقط القوة ولا سيما التي ضعفت بالمرض وإن كانت تصلح من المادة فضل إصلاح فإنها قد تعقب أمراضاً أخرى إما من سوء مزاج بارد مفرد وأما مع مواد مضادة للمواد التي أصلحها .
وأما تسخين المزاج البارد فكأنه صعب إذا كان قد استحكم وغاية من السهولة في الابتداء .
وبالجملة فإن تسخين البارد في ابتداء الأمر أسهل من تبريد التسخين في الابتداء لكن تبريد التسخين في الانتهاء وإن كان صعباً أسهل من تسخين البارد في الانتهاء لأن البرودة البالغة هي موت من الغريزة أو مساوقة له .
واعلم أن التبريد قد يقارن التيبيس وقد يقارن الترطيب وقد يخلو منهما .
والتيبيس أشدّ إثباتاً للبرودة التي قد حدثت .
والترطيب أشد جلباً للبرودة المستحدثة .
وقد يعين في التيبيس جميع أسباب الحرارة إذا أفرطت ويعين في الترطيب جميع أسباب البرودة إذا أفرطت ولا يبلغ فيه شيء مبلغ الدعة والاستحمام الدائم الخفيف والأبزن وقد فرغنا من هذا فيما سلف .
وشرب الممزوج قوي في الترطيب .
واعلم أن الشيخ إذا احتاج إلى تبريد وترطيب فإنه لا يكفيه من ذلك ما يرقه إلى الاعتدال بل ما يجاوز ذلك إلى مزاجه البارد الرطب الذي وقع له فإنه وان كان عرضياً فهو له كالطبيعي .


ويجب أن تعلم أنه كثيراً ما يحوج في تبديل مزاج ما إلى أن تستعمل ما يقوي ذلك المزاج مخلوطاً بما يضافه مثل ما يحوج إلى استعمال الخل مع الأدوية المسخنة لعضو ما حتى تعوض قوّتها ومثل ما يحوج إلى استعمال الزعفران في الأدوية المبردة للقلب ليوصلها إليه وكثيراً ما يكون الدواء قوي التأثير في تغيير المزاج إلا أنه يلطفه لا يلبث ريث ما يفعل فعله فيحتاج أن يخلط به شياً يكثفه ويحبسه وإن كان موجباً لضد فعله مثل ما يخلط بدهن البلسان الشمع وغيره ليحبسه على العضو مدة يفعل فيها فعله .
الفصل الثالث أنه كيف ومتى يجب أن يستفرغ
الأشياء التي تدل على صواب الحكم في الاستفراغ عشرة : الإمتلاء والقوة والمزاج والأعراض الملائمة مثل أن تكون الطبيعة التي تريد إسهالها لم يعرض لها إسهال فإن الإسهال على الإسهال خطر والسحنة والسنّ والفصل وحال هواء البلد وعادة الاستفراغ والصناعة .
وهذه إذا كانت على ضد جهة دلالة تقتضي الاستفراغ منعت من الاستفراغ فالخلاء لا محالة يمنع من الاستفراغ وكذلك ضعف أي قوة كانت من الثلاث إلا أنا ربما آثرنا ضعف قوة ما على ضرر ترك الاستفراغ وذلك في القوى الحسية والحركية إذا رجونا تدارك الأمر الخطير إن وقع وذلك في جميع القوى .
والمزاج الحار اليابس يمنع منه والبارد الرطب لعدم الحرارة أو ضعفها يمنع منه أيضاً .
وأما الحار الرطب فالترخيص فيه شديد وأما السحنة فإن الإفراط في القضافة والتخلخل يمنع منه خوفاً من تحلل الروح والقوة ولذلك فإن الواجب عليك في تدبير الضعيف النحيف الكثير المرار في الدم أن تداريه ولا تستفرغه وتغذيه بما يولّد الدم الجيد المائل إلى البرد والرطوبة فربما أصلحت بذلك مزاج خلطه وربما قويته فيحتمل الاستفراغات وكذلك لا يجب أن يقدم على استفراغ القليل إلاً كل عادة ما وجدت عن استفراغه محيصاً .


والسمن المفرط أيضاً يمنع منه خوفاً من استيلاء البرد وخوفاً من أن يضغط اللحم العروق ويطبقها إذا استخلاها فيخنق الحرارة أو يعصر الفضول إلى الأحشاء .
والأعراض الرديئة أيضاً مثل الاستعداد للذرب والتشنّج تمنع منه والسن القاصر عن تمام النشو والمجاوز إلى حد الذيول يمنع منه .
والوقت القائظ والبارد جداً يمنع منه والبلد الجنوبي الحار جداً مما يحرز ذلك فإن أكثر المسهلات حادة واجتماع حادّين غير محتمل ولأن القوى تكون ضعيفة مسترخية ولأن الحر الخارج يجذب المادة إلى خارج والدواء يجذبه إلى داخل فتقع مجاذبة تؤدي إلى تقاوم والشمالي البارد جداً يمنع منه وقلة الاستفراغ تمنع منه والصناعة الكثيرة الاستفراغ كخدمة الحمام والحمالية تمنع منه .
وبالجملة كل صناعة متعبة .
وينبغي أن تعلم أن الغرض في كل استفراغ أحد أمور خمسة : استفراغ ما يجب استفراغه وتعقبه لا محالة راحة إلا أن يتعقبه إعياء الأوعية أو ثوران الحرارة أو حمى يوم أو مرض آخر مما يلزم كسحج الإسهال للأمعاء وتقريح الإدرار للمثانة وهذا وإن نفع فلا يحس بنفعه بل ربما أدى في الحال إلى أن يزول العارض .
والثاني : تأمل جهة ميله كالغثيان ينقى بالقيء والمغص بالإسهال .
والثالث : عضو مخرجه من جهة ميله .
كالباسليق الأيمن لعلل الكبد لاالقيفال الأيمن فإنه إن أخطأ في مثال هذا ربما جلب خطر أو يجب أن يكون عضو المخرج أخس من المستفرغ منه لئلا تميل المادة إلى ما هو أشرف .
ويجب أن يكون مخرجه منه طبيعياً كأعضاء البول لحدبة الكبد والأمعاء لتقعيرة وربما كان العضو الذي يندفع منه هو العضو الذي يجب اْن يستفرغ منه لكن به علة أو مرض يخاف عليه من مرور الأخلاط به فيحتاج أن يمال إلى غيره مما هو أصوب وربما خيف عليه من غلبة الأخلاط مرض مثل ما يندفع من العين إلى الحلق فربما خيف منه الخناق فيجب أن يرفق في مثله .


والطبيعة قد تفعل مثل هذا فيستفرغ من غير جهة العادة صيانة لذلك العضو عند ضعفه وربما كان ما تستفرغه الطبيعة من الجهة البعيدة المقابلة يبقى معه إسهال مثل ما يندفع من الرأس إلى المقعدة أو إلى الساق والقدم فإنه لا يعلم بالحقيقة كان من الدماغ كله أو من بطن واحد .
والرابع : وقت استفراغه وجالينوس يجزم القول : بأن الأمراض المزمنة ينتظر فيها النضج لا غير وقد علمت النضج ما هو .
وقيل الاستفراغ وبعد النضج يجب فيها أن يسقى من الملطفات كماء الزوفا والحاشا والبزور .
وأما في الأمراض الحادة فالأصوب أيضاً انتظار النضج وخصوصاً إن كانت ساكنة وأما إن كانت متحركة فالبدار إلى استفراغ المادة أولى إذ ضرر حركتها أكثر من ضرر استفراغها قبل نضجها وخصوصاً إذا كانت الأخلاط رقيقة وخصوصاً إذا كانت في تجاويف العروق غير متداخلة للأعضاء .
وأما إذا كان الخلط محصوراً في عضو واحد فلا يحرك البتة حتى ينضج ويحصل له القوام المعتدل على ما علمته في موضعه وكذلك إن لم يؤمن ثبات القوة إلى وقت النضج استفرغناها بعد احتياط منا في معرفة وقتها وغلظها فإن كانت ثخينة لحمية غليظة لم يجز لك أن تحركها إلا بعد الترقيق ويستدل على غلظها من تقدم تخم سالفة ووجع تحت الشراسيف ممدد أو حدوث أورام في الأحشاء .
ومن أوجب ما تراعيه في مثل هذه الحال حال المنافذ حتى لا تكون منسدة وبعد هذا كله فلك أن تسهل قبل النضج .
واعلم أن استفراغ المادة وقلعها من موضعها يكون على وجهين : أحدهما بالجذب إلى الخلاف البعيد والآخر بالجذب إلى الخلاف القريب .
وأولى أوقاته أن لا يكون في البدن امتلاء ولا من المواد توجه ولنفرض رجلاً يسيل من على فمه دم كثير وامرأة مفرطة سيلان بواسيرها فنحن لا نخلو إما أن نستفرغ بإمالته إلى الخلاف القريب فيكون الواجب إمالة تلك المادة في الأول إلى الأنف بالترغيف وفي الثاني إلى الرحم بإحدار الطمث .


فإن أردنا أن نجذب إلى الخلاف البعيد استفرغنا الدم في الأول من العروق والمواضع التي في أسفل البدن وفي الثاني من العروق والمواضع التي في أعلى البدن .
والخلاف البعيد لا يجب أن يباعد في قطرين بل في قطر واحد وهو القطر الأبعد فإنه إن كانت المادة في الأعالي من اليمين فلا يجذبها إلى الأسافل من الشمال بل إما إلى الأسافل من اليمين نفسه وهو الأوجب وإما إلى اليسار من العلو إن كان بعيداً عنه بعد المنكب من المنكب ولم يكن حاله كحال جانبي الرأس فإنه إذا كانت المادة إلى يمين الرأس أميلت إلى الأسافل لا إلى اليسار لماذا أردت أن تجذب مادة إلى البعد فسكن وجع الموضع أولاً لتقل مزاحمته بالجذب فإن الوجع جذاب وإذا استعصى إلى حيث يجذبه فلا يعنف فربما حركه التعنيف ورقّقه ولم ينجذب فصار أسرع ميلاً إلى الموضع الموجوع وربما كفاك أن يجذب وإن لم يستفرغ فإن الجذب نفسه يمنع توجهه إلى العضو وإن لم يخرجه فيكون الجذب نفسه يبلغ الغرض وإن لم تستفرغ معه بل اقتصرت على ميل الشد على الأعضاء المقابلة أو المحاجم أو الأدوية المحمرة وبالجملة بما يولد إيلاماً ما .
وأسهل المواد استفراغاً ما هو في العروق .
وأما في الأعضاء والمفاصل فإنها قد يصعب إخراجها واستفراغها ولا بد أن يخرج في استفراغها معها غيرها .
والمستفرغ يجب أن لا يبادر إلى تناول أغذية كثيرة ونية فتجذبها الطبيعة غير مهضومة فإن وجب شيء من ذلك فيجب أن يكون قليلاً قليلاً شيئاً بعد شيء حتى يكون بالتدريج ويكون الداخل في البدن مهضوماً جيداً .
والقصد هو الاستفراغ الخاص للأاخلاط الزائدة بالسوية وأما الاستفراغ الخاص بخلط يكثر وحده في كميته أو يفسد في كيفيته فهو غير القصد وكل استفراغ أفرط فإنه يحدث حمى في الأكثر ومن أورثه انقطاع إسهال كان معتادة علة فمعاودة ذلك الاستفراغ يبرئها في الأكثر مثل من أورثه انقطاع وسخ أذنه أو مخاط أنفه سدداً فإن عودهما ما يذهب بها .


واعلم أن إبقاء بقية من المادة التي يحتاج إلى استفراغها أقل من الاستقصاء في الاستفراغ والبلوغ به إلى أن تخور القوة .
وكثيراً ما تحلل الطبيعة تلك البقية وما دام الخلط المستفرغ من الجنس الذي ينبغي والمريض يحتمله فلا تخف من الإفراط .
وربما احتجت أن تستفرغ إلى الغشي ومن كانت قوته قوية ومادة أخلاطه الرديئة كثيرة فاستفرغها قليلاً قليلاً وكذلك إذا كانت المادة شديدة التلحج أو شديدة الاختلاط بالدم ولا يمكن أن تستفرغ دفعة واحدة كما يكون في عرق النساء وفي أوجاع المفاصل المزمنة وفي السرطان والجرب المزمن والدماميل المزمنة اعلم أن الإسهال يجذب من فوق ويقلع من تحت فهو موافق للجذبين المخالف والموافق وموافق أيضاً بعد استقرار المواد فإذا كانت المواد من تحت جذبها إلى خلاف وقلعها أيضاً من حيث هي والقيء يفعل الجذب والقلع بالعكس والفصد يختلف حاله بحسب المواضع التي منها يؤخذ الدم على ما علمت .
وأقل الناس حاجة إلى الاستفراغ من كان جيد الغذء جيد الهضم .
وأصحاب البلدان الحارة قليلو الحاجة إلى الاستفراغ .
الفصل الرابع قوانين مشتركة
للقيء والإسهال والإشارة إلى كيفية جذب الدواء المسهل والمقيًء يجب لمن أراد أن يسهل أو يتقيأ أن يفرق طعامه فيتناول قدر المبلغ الذي يجترىء به في اليوم في مرار وأن يجعل أطعمته مختلفه وأشربته مختلفة أيضاً فإن المعدة يعرض لها من هذه الحال أن تشتاق إلى دفع ما فيها إلى فوق أو إلى تحت .
فأما الطعام الغير المختلف المدخول به على طعام آخر فإن المعدة تشح به وتضن وتقبض عليه قبضاً شديداً وخصوصاً إن كان قليل المقدار .
وأما اللين الطبيعية فلا ينبغي أن يفعل من ذلك شيئاً .


واعلم أن الحاجة إلى القيء والإسهال ونحوهما غير موافقة لمن كان حسن التدبير فإن حسن التدبير يحتاج إلى ما هو أخص منهما وربما كفاه المهم فيه الرياضة والدلك والحمام ثم إن امتلأ بدنه فأكثر إمتلاء مثله من أجود الأخلاط أعني من الدم فالفصد هو المحتاج إليه في تنقيته دون الإسهال فإذا أوجبت الضرورة فصداً أو استفراغاً بمثل الخربق والأدوية القوية فيجب أن يبدأ بالفصد هذا من وصايا أبقراط في كتاب أيديميا وهو الحق وكذلك إذا كانت الأخلاط البلغمية مختلطة بالدم .
ولكن اذا كانت الأخلاط لزجة باردة فربما زادها الفصد غلظاً ولزوجة فالواجب أن يبدأ بالإسهال .
وبالجملة إن كانت الأخلاط متساوية قدم الفصد فإن غلب خلط بعد ذلك استفرغ وإن كانت غير متساوية استفرغ أولاً الفضل حتى يتساوى ثم يفصد .
ومن قدم الدواء على الفصد وكان ينبغي الفصد فليؤخر الفصد أياماً قلائل .
ومن كان قريب العهد بالفصد واحتاج إلى استفراغ فشرب الدواء أوفق له .
وكثيراً ما أوقع شرب الدواء الواجب كان فيه الفصد في حمى واضطراب فإن لم يسكن بالمسكّنات فليعلم أنه كان يجب أن يقدم عليه الفصد .
وليس كل استفراغ يحتاج إليه لفرط الامتلاء بل قد يدعو إليه عظم العلة والامتلاء بحسب الكَيفية والكمية وكثيراً ما يغني تحسين التدبير عن الفصد الواجب في الوقت و كثيراً ما يدعو الداعي إلى الاستفراغ فيعارضه عائق فلا تكون الحيلة فيه إلا الصوم والنوم و تدارك سوء مزاج يوجبه الامتلاء .


ومن الاستفراغ ما هو على سبيل الاستظهار مثل ما يحتاج إليه من يعتاده النقرس أو الصرع أو غير ذلك في وقت معلوم وخصوصاً في الربيع فيحتاج أن يستظهر قبل وقته يستفرغ الاستفراغ الذي يخص مرضه كان فصداً أو إسهالاً وربما كان استعمال المجففات من خارج والأدوية الناشفة استفراغاً مثل ما يفعل بأصحاب الاستسقاء وقد يحوجك الأمر إلى استعمال دواء مجانس للخلط المستفرغ في الكمية كالسقمونيا عند حاجتكإلى استفراغ الصفراء فيجب حينئذ أن يخلط به ما يخالفه في الكيفية ويوافقه في الاسهال أو لا يمنعه عن الاسهال كالهليلج و يتدارك سوء المزاج إن حدث عنه من بعد .
وأصحاب أورام الأحشاء فيضعف إسهالهم وقيأهم فإن اضطررت إلى ذلك فاستعمل لهم مثل اللبلاب والبسفايج والخيار شنبر ونحو ذلك فإن أبقراط يقول : من كان قضيفاً سهل إجابة الطيعة إلى القيء فالاولى في تنقيته أن يستعمل القيء في صيف أو ربيع أو خريف دون شتاء .
ومن كان معتدل السحنة فالاسهال أولى به فإن دعا إلى استفراغه بالقيء داع فلينتظر به الصيف ويتوقاه في غو موضع الحاجة . ويجب أن يتقدم قبل الاسهال والقيء بتلطيف الخلط الذي يريد استفراغه وتوسيع المجاري وفتحها فإن ذلك يريح البدن من التعب .
واعلم أن تعويد الطبيعة ليناً وإجابة إلى ما يراد من إسهال أو قيء بسهولة قبل استعمال الدواء القوي من إحدى التدابير المفلحة .
والإسهال والقيء لأصحاب هزال المراق صعب متعب خطر والدواء المقيء قد يعود مسهلاً إذا كانت المعدة قوية أو شرب على شدة جوع أو كان الشارب ذرباً أو ليّن الطبيعة أو غير معتاد للقيء أو كان الدواء ثقيل الجوهر سريع النزول .
والمسهل يصير مقيئاً لضعف المعدة أو لشدة يبوسة الثقل أو لكون الدواء كريهاً وكون صاحبه ذا تخم وكل دواء مسهل إذا لم يسهل أو أسهل غير نضيج فإنه يحرك الخلط الذي يسهل ويثيره في البدن فيستولي على البدن ويستحيل إليه أخلاط أخرى فيكثر ذلك الخلط في البدن .


ومن الأخلاط ما هو سريع الإجابة إلى القيء في أكثر الأمر كالصفراء ومنها ما هو مستعص على القيء كالسوداء ومنها ما له حال وحال كالبلغم .
والمحموم إسهاله أصوب من تقيئه ومن كان خلطه نازلاً مثل أصحاب زلق الأمعاء فتقيؤه محال .
وشر الأدوية المسهلة ما هو مركب من أدوية شديدة الاختلاف في زمن الإسهال فيضطرب الإسهال ويسهل الأول الثاني قبل أن يسهل الثاني وربما أسهل الأول نفس الثاني ومن تعرّض للإسهال والقيء وبدنه نقي لم يكن له بد من دوار ومغص وكرب يلحقه ويكون ما يستفرغ يستفرغ بصعوبة جداً .
وبالجملة الدواء ما دام يستفرغ الفضول فإنه لا يكون معه اضطراب فإذا أخذ يضطرب فإنما يستفرغ غير الفضل وإذا تغير الخلط المستفرغ بقيء أو إسهال إلى خلط اخر دل على نقاء البدن من الخلط المراد استفراغه وإذا تغير إلى خراطة وشيء أسود منتن فهو رديء . والنوم إذا اشتدّ عقيب الإسهال والقيء دل على أن الاستفراغ والقيء نقي البدن تنقية بالغة ونفع .
واعلم أن العطش إذا اشتد في الاسهال والقيء دل على مبالغة وبلوغ غاية وجودة تنقية .
واعلم ان الدواء المسهل يسهل ما يسهله بقوة جاذبة تجنب ذلك الخلط نفسه فربما جذب الغليظ وخلى الرقيق كما يفعل المسهل للسوداء وليس قول من يقول : إنه يولد ما يجذبه أو أنه يجذب الأرق أولاً بشيء . وجالينوس مع رأيه هذا يطلق القول بأن المسهّل الذي لا سمية فيه إذا لم يسهّل واستمر ولد الخلط الذي يجذبه وليس هذا القول بسديد .
ويظهر من حيث يحققه جالينوس أنه يرى أن بين الجاذب الدوائي والمجذوب الخلطي مشاكلة في الجوهر ولذلك يجذب وهذا غير صحيح .
ولو كان الجنب بالمشاكلة لوجب أن يجذب الحديد الحديد إذا غلبه والذهب يجذب الذهب إذا كلبه بمقداره لكن الاستقصاء في هذا إلى غير الطبيب .
واعلم أن الجاذب للأخلاط في شرب المسهّل والمقيّء إنما هو في الطريق التي اندفعت فيها حتى تحصل في الأمعاء وهناك تتحرّك الطبيعة إلى دفعها إلى خارج .


وقلما يتّفق عن الشرب لها أن تصعد إلى المعدة فإن صعدت مالت إلى القيء وإنما لا تصعد إلى المعدة لشيئين : أحدهما : أن الدواء المسهل سريع النفود إلى الأمعاء .
والثاني : أن الطبيعة عند شرب المسهّل تستعجل عن دفعها في أوردة الماساريقا إلى تحت وإلى أسفل لا إلى فوق فإن ذلك أقرب وأسهل ولان ما خلفها يزحمها أيضاً وذلك مما يحرّك الطبيعة إلى الدفع من أقرب الطرق .
ولو كان للدواء جاذبة تلزم الخلط لكانت قوة الطبيعة الدافعة أولى أن تغلب في الصحيح القوي على أن الدواء إنما يجذبه إلى طريق معين لكن حال الدواء المقيء بخلاف هذا فإنه إن كان في المعدة وقف فيها وجذب الخلط إلى نفسه من الأمعاء وقيأ بقوته ومقاومة الطبيعة .
ويجب أن تعلم أن أكثر انجذاب الأخلاط يجذب الأدوية إنما هو من العروق إلا ما كان شديد المجاورة فيجذب منه في العروق وغير العروق مثل الأخلاط التي في الرئة فإنها تنجذب من طريق المجاورة إلى المعدة والأمعاء وإن لم تسلك العروق .
واعلم أنه كثيراً ما يكون النشف من الأدوية اليابسة سبباً لاستفراغ رطوبات من البدن كما في الاستفراغ .
الكلام في الإسهال وقوانينه قد سلف منّا الكلام في وجوب إعداد البدن قبل الدواء المسهّل لقبول المسهل وتوسيع المسام وتليين الطبيعة وخصوصاً في العلل الباردة .
وبالجملة لين الطبيعة قبل الاسهال قانون جيّد فيه أمان إلا فيمن هو شديد الاستعداد للذرب لأن هذا لا يجب أن يفعل به شيء من هذا فإنه يكون سبباً لإفراط يقع به .
ومثل هذا يجب أن يخلط بمسهّله ما له قوة مقيئة لئلا يستعجل في النزول عن المعدة قبل أن يفعل فعله بل يعتدل فيه قوتا الدواءين فيفعل المسهّل فعله ويفعل المقيّء في عكس هذه الحالة واللثغ من المستعدين للذرب فلا يحتملون دواء قوياً .
وأكثر ذربهم من نوازل رؤوسهم . ومن المخاطرة أن يشرب المسهل وفي الامعاء ثقل يابس بل يجب أن يخرجه ولو بحقنة أو بمرقة مزلقة .


واستعمال الحمام قبل الدواء لمسهل أياماً ملطف وهو من المعدات الجيدة إلا أن يمنع مانع .
ويجب أن يكون بين الحمام وبين شرب الدواء زمان يسير ولا يدخل الحمام بعد الدواء فإنه يجذب المادة إلى الخارج وإنما يصلح لحبس الاسهال لا للمعونة على الاسهال اللهم إلا في الشتاء فإنه لا بأس بأن يدخل البيت الأول من الحمام بحيث لا تكون حرارته قادرة على الجذب البتة وبالجملة فإن هواء من يشرب الدواء يجب أن يكون إلى حرارة يسيرة لا يعرّق ولا يكرب فإن ذلك من المعدات والدلك والتمريخ بالدهن مثل ذلك من المعدات أيضاً ومن لم يعتد الدواء ولم يشربه فالأولى بالطبيب أن يتوقف عن سقيه المسفلات ذوات القوة .
وأما صاحب التخم والأخلاط اللزجة والتمدّد في الشراسيف ومن في أحشائه التهاب وسدد فلا يجب أن يسقى شيئاً حتى يصلح ذلك بالأغذية الملينة وبالحمامات والراحة وترك ما يحرّك ويلهب .
والذين يشربون المياه القديمة والمطحولون فإنهم يحتاجون إلى أدوية قوية .
وإذا شرب إنسان المسهل فالأولى به إن كان دواؤه قوياً أن ينام عليه قبل عمله فإنه يعمل إجود وإن كان ضعيفاً فالأولى به أن لا ينام عليه فإن الطبيعة تهضم الدواء .
وإذا أخذ الدواء يعمل فالأولى أن لا ينام عليه كيف كان ولا يجب أن يتحرك على الدواء كما يشرب بل يسكن عليه لتشتمل عليه الطبيعة فتعمل فيه فإن الطبيعة ما لم تعمل فيه لم يعمل هو في الطبيعة ولكن يجب أن يتشمم الروائح المانعة للغثيان مثل روائح النعناع والسذاب والكرفس والسفرجل والطين الخراساني مرشوشاً بماء الورد وقليل خل خمر فإن نفر عند الشرب عن رائحة الدواء سد منخريه .
ويجب أن يمضغ العائف للدواء شيئاً من الطرخون حتى يخدر قوة فمه وإن خاف القذف شد الأطراف فإذا شرب تناول عليه قابضاً .


والأطباء قد يلوثون لهم الحب بالعسل وقد يجرون عليه عسلاً مقوماً أو سكراً مقوماً حتى يكسونه منه قميصاً ومما هو حيلة جيدة أن يمسح بالقيروطي ومما هو في غاية جداً أن يملأ الفم ماء أو شيئاً آخر ثم يشرب عليه الحب كما هو أو معمولاً به بعض الحيل فيبلغ الجميع من غير أن يظهر أثر الدواء .
ويجب أن يشرب المطبوخ فاتراً أو يشرب الحب في ماء فاتر ويجب أن يسخن معدة الشارب وقدمه فإذا سكنت منه النفس نهض فتحرك يسيراً يسيراً فإن هذه الحركة معينة .
ويتجرع وقتاً بعد وقت من الماء الحار بقدر ما يسهّل الدواء ويخرجه ويكسر قوته إلا في وقت الحاجة إلى قطع الإسهال وفي تجرع الماء الحار أيضاً كسر من عادية الدواء .
ومن أراد أن يشرب دواء وهو حار المزاج ضعيف التركيب ضعيف المعدة فالأولى به أن يتناوله وقد شرب قبله مثل ماء الشعير ومثل ماء الرمان وحصل في المعدة على
الجملة غذاء لطيفاً خفيفاً .
ومن لم يكن كذلك فالأولى أن يشرب على الريق وأكثر من أسهل في القيظ يحم .
ويجب على شارب الدواء أن لا يأكل ولا يشرب حتى يفرغ الدواء من عمله وأن لا ينام على إسهاله أيضاً إلا أن يريد القطع فإن لم تحتمل معدته أن لا يأكل لأن معدته مرارية سريعة انصباب المرة إليها أو لأنه قد أطال الاحتماء والجوع أطعم خبزاً منقوعاً في شراب قليل يعطاه على الدواء قبل الاسهال .
وهذا ربما أعان على الدواء .
ويجب أن لا يغسل المقعدة بماء بارد بل بماء حار .
قالوا : والحبوب التي يجب أن تسقى في مطبوخات يجب أن تسقى في طبيخ يجانسها فإن الحب المسهّل للصفراء يجب أن يسقى في طبيخ الشاهترج مثلاً والمسهل للسوداء في طبيخ مثل الأفتيمون والبسفانج ونحوه والذي يخرج البلغم في طبيخ مثل القنطوريون .
وإذا احتجب إلى استفراغ بدن يابس صلب اللحم بدواء قوي مثل الخربق ونحوه فبالغ قبل في ترطيبه بالأغذية الدسمة .


وبالجملة فإن الأدوية القوية شديدة الخطر أعني - مثل الخربق فإنها تشنج البدن النقي وتحرّك رطوبة البدن الممتلىء رطوبة تحريكاً خانقاً وتجلب إلى الأحشاء ما يعسر دفعه واليتوعات السمية كالمازريون والشبرم يقطع مضرتها إذا أفرطت الماست ويعقل وكثيراً ما يخلف الدواء رائحته في المعدة فيكون كأنه باق فيها ويكون دواؤه سويق الشعير لغسله فإنه أوفق السفوفات .
وإذا طالت المدة ولم يأخذ الدواء في الاسهال فإن أمكنه أن يخفف ولا يحرك شيئاً فعل وإن خاف شيئاً فمن الصواب أن يتجرع ماء العسل أو شرابه أو ماء قد ديف فيه نطرون أو يحتمل فتيلة أو حقنة .
ومن أسباب تقصير الدواء ضيق المجاري خلقة أو لمزاج أو لمجاورة علة فإن أصحاب الفالج والسكتة تضيق منهم مجاري الأدوية إلى مواردها فيصعب إسهالهم .
وأما جمع مسهلين في يوم واحد فهو خطر وخارج عن الصواب وكل دواء خاص بخلط فإنه إن لم يجده شوّش وأسهل بعسر .
وكذلك إذا وجده مغموراً في أضداده وكل دواء فإنه يسهل أولاً الخلط الذي يختصّ به ثم الذي يليه في الكثرة والقلة والرقة على ذلك التمريج إلا الدم فإنه يؤخره وتضن به الطبيعة .
وجذب الخلط البعيد صعب ومن خاف كرباً وغثياناً يعرض له بعد شرب الدواء فالصواب أن يتقيأ قبل شرب الدواء بثلائة أيام أو يومين بعروق الفجل وأصل الفجل .
ويجب أن لا يكثر الملح في طعام من يريد أن يستهل وكثيراً ما يجلب الدواء كرباً وغثياناً وغشياً وخفقاناً ومغصاً وخصوصاً إذا لم يسهل أو عوق فكثيراً ما يحتاج إلى قيئه وكثيراً ما يكفي الخطب فيه تناول القوابض .
وشرب ماء الشعير بعد الإسهال يدفع غائلة المسهل ويغسل ماء النزل بالممازجة .
ومن كان بارد المزاج غالباً على أخلاطه البلغم فليتناول بعد الدواء وعمله حرفاً مغسولاً بماء حار مع زيت .
وأن كان حار المزاج استعمل بزر قطونا بماء بارد ودهن بنفسج وسكر طبرزذ وجلاب .
والمعتدل المزاج بزر الكتان .


ومن خاف سحجاً تناول الطين الأرمني بماء الرمان ويجب أن يكون استعماله ما ذكرنا بعد الاسهال وإلا قطعه وكل شارب دواء يستعقب حتى فأوفق الأشياء له ماء الشعير .
وأما السكنجبين فساحج يجب أن يؤخر إلى يومين أو ثلاثة حتى تعود إلى الأمعاء قوتها ويجب أن يدخل المنسهل في اليوم الثاني الحمام فإن كان قد بقي من أخلاطه بقية فإن وجدته يستطيب الحمام ويستلذه فذلك دليل على أن الحمام ينقيه من الباقي فدعه وإن وجدته لا يستلذه ويضجر فيه فأخرجه .
واعلم أن الضعيف المعي ربما استفاد من الأدوية المسهلة قوة مسهلة فطال عليه الأمر واحتاج إلى علاجات كثيرة حتى يمسك وكذلك المشايخ يخاف عليهم من الاسهال غوائله .
واعلم أن شرب النبيذ عقيب المسهلات يورث حميّات واضطراباً .
وكثيراً ما يعقب الإسهال والفصد وجعاً في الكبد ويقلعه شرب الماء الحار .
واعلم أن وقت طلوع الشعرى ووقوع الثلج على الجبال والبرد الشديد ليس وقتاً للدواء فليشرب الدواء ربيعاً أو خريفاً .
والربيع هو وقت يستقبله الصيف فلا يتناول فيه إلا لطيفاً .
والخريف هو وقت يستقبله الشتاء فيحتمل الدواء القوي ولا يجب أن تعود الطبيعة شرب الدواء كلما احتاجت إلى تليين فيصير ذلك ديدناً فيوقع صاحبه في شغل وخيم العاقبة .
وكل من كان يابس المزاج ينهكه الدواء القوي .
والدواء الضعيف يجب أن يقلل عليه الحركة لئلآ تتحلل قوته .
ومن الأدوية الضعيفة المباركة بنفسج وسكر ومن احتاج إلى مسهل في الشتاء فليرصد ريح الجنوب وفي الصيف قال بالعكس وله تفصيل .
والمريض إذا احتاج إلى مسهل ضعيف فلم يعمل فلا يجوز التحريك بل يترك .
وكثيراً ما يهيج المرض الاسهال فتحدث عنه الحمى وربما كفاه الفصد .


إفراط المسهل ووقت قطعه اعلم أن من العلامات التي يعرف بها وقت وجوب قطع الاسهال العطش وإذا دام الاسهال ولم يحدث عطش فلا يجب أن يخاف أن إفراطاً وقع لكن العطش قد يعرض أيضاً لا لكثرة الإسهال وإفراطه بل بسبب حال المعدة فإنها إذا كانت حارة أو يابسة أو كلاهما عطشت بسرعة وبسبب حال الدواء إذا كان حاداً لذاعاً وبسبب المادة في نفسها إذا كانت حارة كالصفراء .
وفي مثل هذه الأسباب لا يبعد أن يجيء العطش مستعجلاً كما إذا اتفق أضداد هذه الأسباب لا يبعد أن يجيء العطش متأخراً .
وعلى كل حال فإذا رأيت العطش قد أفرط ورأيت الاسهال بالقليل فاحبس وخصوصاً إذا لم تكن أسباب سرعة العطش وبداره موجودة .
وفي مثله لا يجوز أن يؤخر إلى ظهور العطش وربما كان خروج ما يخرج دليلاً على وقت القطع فإن المستسهل للصفراء إذا رأى الإسهال قد انتهى إلى البلغم فاعلم أنه قد أفرط فكيف إذا انتهى إلى إسهال السوداء .
وأما الدم فهو أعظم خطراً وأجل خطباً ومن أعقبه الدواء مغصاً فليتأمل ما قيل في الكتب الجزئية في باب المغص .
الفصل السابع
الإسهال يفرط إما لضعف العروق أو لسعة أفواهها أو للذع المسهل لفوهاتها .
ولاكتساب البدن سوء مزاج منه ومما يجري مجراه فإذا أفرط الإسهال فاربط الأطراف من فوق ومن أسفل بادياً من الإبط والأربية نازلاً منهما واسقه من الترياق قليلاً أو من الفولونيا وعرقه إن أمكنك بالحمام أو ببخار ماء تحت ثيابه ويخرج رأسه منها وإذا كثر عرقهم جداً سُقُوا القوابض ودلكوا واستعملوا اللخالخ الطيبة من مياه الرياحين والصندل والكافور وعصارات الفاكه .
ويجب أن يدلك أعضاءه الخارجة ويسخنها ولو بالمحاجم بالنار توضع تحت أضلاعه وبين الكتفين فإن احتجت أن تضع على معدته وعلى أحشائه أضمدة من التسويق والمياه القابضة فعلت وكذلك من الأدهان دهن السفرجل ودهن المصطكى .
ويجب أن يجتنبوا الهواء البارد فإنه يعصرهم فيسهل .


والحار أيضاً فإذا يرخي قوتهم ويجب أن يقووا بالمشمومات الطيبة ويُجرعُوا القوابض والكعك في الشراب الريحاني ويجب أن يكون ذلك حاراً وقد قدم عليه خبزاً بماء الرمان وكذلك الأسوقة وقشور الخشخاش مسحوقة ومما جرب أن يؤخذ حب الرشاد وزن ثلاثة دراهم ويقلى ثم يطبخ في الدوغ حتى يعقد ويساقى فإنه غاية .
ويجب أن يكون غذاؤه قابضاً مبرّداً بالثلج مثل ماء الحصرم ونحوه .
ومما يعين على حبس إسهالهم تهييج القيء بماء حار ولتوضع الأطراف أيضاً فيه ولا يبردهم وإن غشي عليهم منه ومنعهم الشراب وإن لم ينجع جميع ذلك استعملت في آخر الأمر المخدرات والمعالجات القوية المعلومة في باب منع الإسهال وبالحري أن يكون الطبيب مستظهراً بإعداد الأقراص والسفوفات القابضة قبل الوقت وأن يكون أيضاً مستظهراً بالحقن وآلاتها .
الفصل الثامن تدبير من شرب الدواء ولم يسهّله
إذا لم يسهل الدواء وأمغص وشوّش وأسدر وصدع وأحدث تمطياً وتثاؤباً فيجب أن يفزع إلى الحقنة والحمولات المعلومة وليشرب من المصطكي ثلاث كرمات في ماء فاتر وربما أعمل الدواء شرب القوابض وتناول مثل السفرجل والتفاح عليه لعصره لفم المعدة وما تحته وتسكينه للغثيان ورده الدواء من حركته إلى فوق نحو الأسفل وتقويته بالطبع فإن لم تنفع الحقنة وحدثت أعراض رديئة من تمدد البدن وجحوظ العين وكانت الحركات إلى فوق فلا بد من فصد وإذا لم يسهّل الدواء ولم يتبع ذلك أعراض رديئة فالصواب أيضاً أن يتبع بفصد ولو بعد يومين أو ثلاثة فإنه إن لم يفعل ذلك خفيف حركة الأخلاط إلى بعض الأعضاء الرئيسية .
يجب أن يطلب من القراباذين أدوية مسهلة وملينة مشروبة وملطوخة وغير ذلك وبحسب الأسنان ويطلب في الأدوية المفردة إصلاح كل دواء من المفردة وتداركه وكيفية سقيه والحبوب فيجب أن يتناول إن لم يتحجر جفاًفاً ولا تتناول أيضاً وهي طرية لينة تلحج وتنشب بل كلّ ما يأخذ في الجفاف ويكون له تطامن تحت الإصبع .



القانون
القانون
( 14 من 70 )

الفصل العاشر القيء أبعد الناس استحقاقاً
لأن يقيئه الطبيب إمّا بسبب الطبيعة كُل ضَيق الصدر رديءِ النفس مهيأ لنفث الدم وجميع رقيقي الرقاب والمتهيئين لأورام تحدث في حلقومهم وأما الضعاف المِعدِ والسمان جداً فإنهم إنما يليق بهم الإسهال والقضاف أخلق بالقيء لصفراويتهم وإما بسبب العادة وكل من تعسّر عليه القيء أو لم يعتده إذا قيئوا بالمقيئات القوية لم تلبث عروقهم أن تتصدع في أعضاء النفس فيقعون في السل .
ومن اْشكل أمره جرّب بالمقيئات الخفيفة فإن سهل عليه جسر بعد ذلك على استعمال القوية عليه كالخريق ونحوه فإن كان واحد ممن لا يحب أن يقيأ ولا بُد من تقيئه فهيئه أولاً وعوِّده وليِّن أغذيته ودسمها وحلّها وروِّحه عن الرياضات ثم استعمله واسقه الدسومات والأدهان بشراب وأطعمه قبل القذف أغذية جيدة خصوصاً إن كان صعب القيء فإنه ربما لم يتقيأ وغلب الطبيعة فأن ينحل بالجيد خير من أن ينحل بالرديء فإذا تقيأ بعد طعام أكله للقيء فليدافع الأكل إلى أن يشتدّ الجوع ويسكن عطشه بمثل شراب التفاح دون الجلاّب والسكنجبين فإنهما يغنيان .
وغذاؤه الملائم له أيضاً فروج كردناج وثلاثة أقداح بعده ومن قذف حامضاً ولم يكن له بمثله عهد وكان في نبضه يسير حمى فليؤخر الغذاء إلى نصف النهار وليشرب قبله ماء ورد حاراً .
ومن عرض له قيء السوداء فليضع على معدته إسفنجة مشربة خلأً حاراً مسخّناً .
والأجود أن يكون طعام القيء مختلفاً فإن الواحد بما اشتملت عليه المعدة ضانة بروده وبعد القيء المفرط ينتفع بالعصافير والنواهض بعد أن لا يؤكل عظام أطرافها فإنها ثقيلة بطيئة في المعدة وأدخله الحمام وأما في حال شرب المقيء فيجب أن يحضروا ويرتاضوا ويتعبوا ثم يقيئوا وذلك في انتصاف النهار .
ويجب عند التقيئة أن يغطي عينيه برفاده ثم يشدٌ ويعصب بطنه بقماط ليِّن شدُّا معتدلاً .


والأشياء المهيئة للقيء هي الجرجير والفجل والطرنج والفودنج الجبلي الطري والبصل والكرّاث وماء الشعير بثفله مع العسل وحسو الباقلا بحلاوة والشراب الحلو واللوز بعسل وما يشبه ذلك من الخبز الفطير المعمول في الدهن والبطيخ والقثاء وبزورهما أو شيء من أصولهما منقوعاً في الماء مدقوقاً مع حلاوة والشورباج الفجلي .
ومن شرب شراباً مسكراً للقيء ولا يتقيأ على قليله فليشرب كثيراً .
والفقاع إذا شرب بالعسل بعد الحمام قيّأ وأسهل ومن أراد أن يتقيأ فلا يجب أن يستعمل في ذلك القرب المضغ الشديد فإذا سقى الإنسان مقيئاً قوياً مثل الخربق فيجب إن يسقى على الريق إن لم يكن مانع وبعد ساعتين من النهار وبعد إخراج الثفل من المعي فإن تقيأ بالريشة وإلا حرك يسيراً وإلا أدخل الحمام .
والريشة التي يتقيأ بها يجب أن تمسح بمثل دهن الحناء فإن عرض تقطيع وكرب سقي ماء حاراً أو زيتاً فإما أن يتقيأ وإما أن يسهّل .
ومما يعين على ذلك تسخين المعدة والأطراف فإن ذلك يحدث الغثيان وإذا أسرع الدواء المقيء وأخذ في العمل بسرعة فيجب أن يسكن المتقيء ويتنشق الروائح الطيبة ويغمز أطرافه ويسقى شيئاً من الخل ويتناول بعده التفاح والسفرجل مع قليل مصطكى .
واعلم أن الحركة تجعل القيء أكثر والسكون يجعله أقل والصيف أولى زمان يستعمل فيه القيء فإن احتاج إليه من لا يواتي القيء سجيته فالصيف أولى وقت يرخص له فيه في ذلك وأبعد غايات القيء .
أما على سبيل التنقية الأولى فالمعدة وحدها دون المعي .
وأما على سبيل التنقية الثانية فمن الرأس وسائر البدن .
وأما الجذب والقلع فمن الأسافل .
وأنت تعرف القيء النافع من غير النافع بما يتبعه من الخص والشهوة الجيدة والنبض والتنفس الجيدين وكذلك حال سائر القوى ويكون ابتداؤه غثياناً .


وأكثر يؤذي معه لذع شديد في المعدة وحرقة أن كان الدواء قوياً مثل الخربق وما يتّخذ منه ثم يبتدىء بسيلان لعاب ثم يتبعه قيء بلغم كثير دفعات ثم يتبعه في شيء سيال صاف ويكون اللذع والوجع ثابتاً من غير أن يتعدى إلى أعراض أخرى غير الغثيان وكربه وربما استطلق البطن ثم يأخذ في الساعة الرابعة يسكن ويميل إلى الراحة .
وأما الرديء فإنه لا يحبب القيء ويعظم الكرب ويحدث تمدد أو جحوظ عين وشدة حمرة فيهما شديدة وعرق كثير وانقطاع صوت .
ومن عرض له هذا ولم يتداركه صار إلى الموت .
وتداركه بالحقنة وسقي العسل والماء الفاتر والأدهان الترياقية كدهن السوسن ويجتهد حتى يقيء فإنه إن قاء لم يختنق وافزع أيضاً إلى حقنة معدة عندك .
وأولى ما يستعمل فيه القيء الأمراض المزمنة العسيرة كالاستسقاء والصرع والمالنخوليا والجذام والنقرس وعرق النسا .
والقيء مع منافعه قد يجلب أمراضاً مثل ما يجلب الطرش ولا يجب أن يوصل به الفصد بل يؤخر ثلاثة أيام ولا سيما إذا كان في فم المعدة خلط وكثيراً ما عسر القيء لرقة الخلط فينبغي حينئذ أن يثخن بتناول سويق حب الرمان .
واعلم أن القيام بعد القيء دليل على اندفاع تخمة إلى أسفل والقذف بعد القيام دليل على أنه من أعراض القيام .
وأفضل الأوقات للقيء صيفاً بسبب وجع هو نصف النهار .
والقيء نافع للجسد رديء للبصر وينبغي أن لا تقيأ الحبلى فإن فضول حيضها لا يندفع بذلك القيء والتعب يوقعها في اضطراب فيجب أن يسكن وأما ساتر من يعتريه القيء فيجب أن يعان .
الفصل الحادي عشر فيما يفعله من تقيأ
فإذا فرغ المتقيء من قيه غسل فمه ووجهه بعد القيء بخل ممزوج بماء ليذهب الثقل الذي ربما يعرض للرأس وشرب شيئاً من المصطكى بماء التفاح ويمتنع من الآكل وعن شرب الماء ويلزم الراحة ويدهن شراسيفه ويدخل الحمام ويغسل بعجلة ويخرج فإن كان لا بد من إطعامه فشيء لذيذ جيّد الجوهرسريع الهضم .
الفصل الثاني عشر منافع القيء


إن أبقراط يأمر باستعمال القيء في الشهر يومين متواليين ليتدارك الثاني ما قصر وتعسر في الأول ويخرج ما يتحلب إلى المعدة . وأبقراط يضمن معه حفظ الصحة .
والإكثار من هذا رديء . ومثل هذا القيء يستفرغ البلغم والمرة وينقي المعدة فإنها ليس لها ما ينقيها مثل ما للأمعاء من المرار التي تنصبّ إليها وينقيها ويذهب الثقل العارض في الرأس ويجلو البصر ويدفع التخمة وينفع من ينصبّ إلى معدته مرار يفسد طعامه فإذا تقدمه القيء ورد طعامه على نقاء ويذهب نفور المعدة عن الدسومة وسقوط شهوتها الصحيحة واشتهاءها الحريف والحامض والعفص وينفع من ترهل البدن ومن القروح الكائنة في الكلي والمثانة وهو علاج قوي للجذام ولرداءة اللون وللصرع المعدي ولليرقان ولانتصاب النفس والرعشة والفالج وهو من العلاجات الجيّدة لأصحاب القوباء .
ويجب أن يستعمل في الشهر مرة أو مرتين على الامتلاء من غير أن يحفظ دور معلوم وعدد أيام معلومة .
وأشد موافقة القيء لمن مزاجه الأوّل مراري قصيف .
الفصل الثالث عشر مضارالقيء المفرط
القيء المفرط يضر المعدة ويضعفها ويجعلها عرضة لتوجه المواد إليها ويضر بالصدر والبصر والأسنان وبأْوجاع الرأس المزمنة إلا ما كان منه بمشاركة المعدة ويضر في صداع الرأس الذي ليس بسبب الأعضاء السفلى .
والإفراط منه يضر بالكبد والرئة والعين وربما صدع بعض العروق .
ومن الناس من يحب أن يمتلىء يسرعة ثم لا يحتمله فيفزع إلى القيء وهذا الصنيع مما يؤدي إلى أمراض رديئة مزمنة فيجب أن يمتنع عن الامتلاء ويعدل طعامه وشرابه .
الفصل الرابع عشر تدارك أحوال تعرض للمتقيء


أما امتناع القيء فقد قلنا فيه ما وجب وأما التمدد والوجع اللذان يعرضان تحت الشراسيف فينفع منهما التكميد بالماء الحار والادهان المليّنة والمحاجم بالنار وأما اللذع الشديد الباقي في المعدة فيدفعه شرب المرقة الدسمة السريعة الهضم وتمريخ الموضع بمثل دهن البنفسج مخلوطاً بدهن الخيري مع قليل شمع وأما الفواق إذا عرض معه ودام فليسكنه بالتعطيش وتجريع الماء الحار قليلاً قليلاً وأما قيء الدم فقد قلنا فيه في باب مضار القيء وأما الكزاز والأمراض الباردة والسبات وانقطاع الصوت العارضة بعده فينفع فيها شد الأطراف وربطها وتكميد المعدة بزيت قد طبخ فيه السذاب وقثاء الحمار ويسقى عسلاً وماء حاراً والمسبوت يستعمل ذلك ويصبّ في أذنه .
تدبير من أفرط عليه القيء ينوّم ويجلب له النوم بكل حيلة وليربط أطرافه كربطها في حبس الإسهال ولتعالج معدته بالأضمدة المقوية والقابضة فإن أفرط القيء واندفع إلى أن يستفرغ الدم فامنعه بسقي اللبن ممزوجاً به الخمر أربع قوطولات فإنه يوهن عادية الدواء المقيء ويمنعْ الدم ويلين الطبيعة فإن أردت أن تنقي نواحي الصدر والمعدة من الدم مع ذلك لئلا ينعقد فيها فاسقه سكنجبيناً مبرداً بالثلج قليلاً قليلاً وقد ينفع من ذلك شرب عصارة بقلة الحمقاء مع الطين الأرمني وإذا جرع منه من أفرط عليه دواء قيأه .
ويجب أن تطلب الأدوية المقيئة على طبقاتها وكيف يجب أن يسقى كل واحد منها والخربق خاصة من الأقراباذين ومن الأدوية المفردة .
الفصل السادس عشر الحقنة هي معالجة فاضلة
في نفض الفضول عن الأمعاء وتسكين أوجاع الكلي والمثانة وأورامها ومن أمراض القولنج وفي جذب الفضول عن الأعضاء الرئيسية العالية إلا أن الحادة منها تضعف الكبد وتورث الحمى والحقن يستعان بها في نفض البقايا التي تخلفها ا لإستفراغات .


وأما صورة الحقنة وكيفية الحقن فقد ذكرناها في باب القولنج ولعل أفضل أوضاع المحتقن أن يكون مستلقياً ثم يضطجع على جانب الوجع وأفضل أوقات الحقنة برد الهواء وهو الأبرد أن ليقل الكرب والاضطراب والغشي .
والحمام من شأنه أن يثير الأخلاط ويفرقها .
والحقنة من شرطها أن تجذب الأخلاط المحتقنة فلهذا لا يحسن في الأكثر أن يقدم الحمام على الحقنة .
ومن كان به عقر في الأمعاء واحتاج بسبب حقى أو مرض آخر إلى الحقنة وخاف أن تحتبس فيجب أن يكمّد مقعدته وسرته وما حولها بجاوِرس مسخن .
الفصل السابع عشر الأطلية
إن الطلاء من المعالجات الواصلة إلى نفس المرض وربما كان للدواء قوتان لطيفة وكثيفة والحاجة إلى اللطيفة أكثر من الحاجة إلى الكثيفة فإن كانت الكثافة منه معادلة للطافة فإذا استعمل ضماد أنفذت لطيفته واحتبست الكثيفة فانتفع بالنافذ كما تفعل الكزبرة بالسويق في تضميد الخنازير بها .
والأضمدة كالأطلية إلا أن الأضمدة متماسكة والأطلية سيالة وكثيراً ما يكون استعمال الأطلية بالخرق وإذا كانت على أعضاء رئيسة كالكبد والقلب ولم يكن مانع نفعت الخرق المبخرة بالعود الخام وأعطت قوى الأطلية عطرية تستحبها الأعضاء الرئيسة .
الفصل الثامن عشر النطولات
إن النطولات علاجات جيدة لما يحتاج أن يبدل من الرأس وغيره من الأعضاء .
وما يحتاج أن يبدل مزاجه والأعضاء المحتاجة إلى التنطيل بالحار والبارد فإن لم يكن هناك فضول منصبة استعمل أولاً النطول مسخناً ثم يستعمل الماء البارد ليشتد وإن كان الأمر بالخلاف بما بالبارد .
الفصل التاسع عشر الفصد
الفصد هو استفراغ كلي يستفرغ الكثرة والكثرة هي تزايد الأخلاط على تساويها في العروق وإنما ينبغي أن يفصد أحد نفسين : المتهيء لأمراض إذا كثر دمه وقع فيها والآخر الواقع فيها وكل واحد منهما إما أن يفصد لكثرة الدم وإما أن يفصد لرداءة الدم وإما أن يفصد لكليهما .


والمتهيء لهذه الأمراض هو مثل المستعد لعرق النسا والنقرس الدموي وأوجاع المفاصل الدموية والذي يعتريه نفث الدم من صدع عرق في رثته رقيق الملتحم وكلما أكثر دمه انصدع والمستعدون للصرع والسكتة والمالنخوليا مع فور للخوانيق ولأورام الأحشاء والرمد الحار والمنقطع عنهم دم بواسير كانت تسيل في العادة والمحتبس عنهن من النساء دم حيضهن وهذان لا تدل ألوانهما على وجوب الفصد لكمودتها وبياضها وخضرتها والذين بهم ضعف في الأعضاء الباطنة مع مزاج حار فإن هؤلاء الأصوب لهم أن يفتصدوا في الربيع وإن لم يكونوا قد وقعوا في هذه الأمراض .
والذين تصيبهم ضربة أو سقطة فقد يفصدون احتياطاً لثلآ يحدث بهم ورم ومن يكون به ورم ويخاف انفجاره قبل النضج فإنه يفتصد وإن لم يحتج إليه ولم تكن كثرة .
ويجب أن تعلم أن هذه الأمراض ما دامت مخوفة ولم يوقع فيها فإن إباحة الفصد فيها أوسع فإن وقع فيها فليترك في أوائلها الفصد أصلاً فإنه يرقّق الفضول ويجريها في البدن ويخلطها بالدم الصحيح وربما لم يستفرغ من المحتاج إليه شيئاً وأحوج إلى معاودات مجحفة فإذا ظهر النضج وجاوز المرض الابتداء والانتهاء فحينئذ إن وجب الفصد ولم يمنع مانع فصد .
ولا يفصدن ولا يستفرغن في يوم حركة المرض فإنه يوم راحة ويوم النوم والثوران للعلة وإذا كان المرض ذا بحرانات في مدّته طول ما فليس يجوز أن يستفرغ دماً كثيراً أصلاً بل إن أمكن أن يسكن فعل وإن لم يمكن فصد وأخرج دماً قليلاً وخلف في البدن عدة دم لفصدات إن سنحت ولحفظ القوة في مقاومة البحرانات وإذا اشتكى في الشتاء بعيد العهد بالفصد تكسيراً فليفصد وليخلف دماً للعدة .
والفصد يجذبه إلى الخلاف تحبس الطبيعة كثيراً وإذا ضعفت القوة من الفصد الكثير تولدت أخلاط كثيرة والغشي يعرض في أول الفصد لمفاجأة غير المعتاد وتقدم القيء مما يمنعه وكذلك القيء وقت وقوعه .


واعلم أن الفصد مثير إلى أن يسكن والفصد والقولنج قلما يجتمعان والحبلى والطامث لا تفصدان إلا لضرورة عظيمة مثل الحاجة إلى حبس نفث الدم القوي إن كانت القوة متواتية والأولى والأوجب أن لا تفصد بتة إذ يموت الجنين .
ويجب أن تعلم أنه ليس كلما ظهرت علامات الامتلاء المذكورة وجب الفصد بل ربما كان الامتلاء من أخلاط نيئة وكان الفصد ضاراً جداً فإنك إن فصدت لم ينضج وخيف أن يهلك العليل وأما من يغلب عليه السوداء فلا بأس بأن يفصد إذا لم يستفرغ بالإسهال بعد مراعاة حال اللون على الشرط الذي سنذكره واعتبار التمدد فإن فشو التمدّد في البدن يفيد الحدس وحده بوجوب الفصد .
وأما من يكون دمِه المحمود قليلاً وفي بدنه أخلاط رديئة كثيرة فإن الفصد يسلبه الطيب ويختلف فيه الرديء ومن كان دمه رديئاً وقليلاً أو كان مائلاً إلى عضو يعظم ضرر ميله إليه ولم يكن بد من فصد فيجب أن يؤخذ دمه قليلاً ثم يغذى بغذاء محمود ثم يفصد كرة أخرى ثم يفصد في أيام ليخرج عنه الدم الرديء ويخلف الجيّد فإن كانت الأخلاط الرديئة فيه مرارية احتيل في استفراغها أولاً بالاسهال اللطيف أو القيء أو تسكينها واجتهد في تسكين المريض وتوديعه .
وإن كانت غليظة فقد كان القدماء يكلفونهم الاستحمام والمشي في حوائجهم وربما سقوهم قبل الفصد وبعده قبل التثنية السكنجبين الملطف المطبوخ بالزوفا والحاشا .
وإذا اضطر إلى فصد مع ضعف قوة لحمى أو لأخلاط أخرى ردية فليفرق الفصد كما قلنا .
والفصد الضيّق أحفظ للقوة لكنه ربما أسال اللطيف الصافي وحبس الكثيف الكدر .
وأما الواسع فهو أسرع إلى الغشي وأعمل في التنقية وأبطأ اندمالاً وهو أولى لمن يفصد للاستظهار وفي السمَان بل التوسيع في الشتاء أولى لئلا يجمد الدم .
والتضييق في الصيف أولى إن احتيج إليه وليفصد المفصود وهو مستلق فإن ذلك أحرى أن يحفظ قوّته ولا يجلب إليه الغشي .


وأما في الحمّيات فيجب أن يجتنب الفصد في الحميات الشديدة الالتهاب وجميع الحميات غير الحادة في ابتدائها وفي أيام الدور ويقلل الفصد في الحميات التي يصحبها تشتج .
وإن كانت الحاجة إلى الفصد واقعة لأن التشنج إذا عرض أسهر وأعرق عرقاً كثيراً وأسقط القوة فيجب أن يبقى لذلك عدة دم وكذلك من فصد محموماً ليس حده عن عفن فيجب أن يقل فصده ليبقى لتحليل الحمى عدة فإن لم تكن شديدة الالتهاب وكانت عفنة فانظر إلى القوانين العشرة ثم تأمل القارورة فإن كان الماء غليظاً إلى الحمرة ة وكان أيضاً النبض عظيماً والسحنة منتفخة وليس يبادر الحمّى في حركتها فافصد على وقت خلاء من المعدة عن الطعام .
وأما إن كان الماء رقيقاً أو نارياً أو كانت السحنة منخرطة منذ ابتداء المرض فإياك والفصد .
وإن كان هناك فترات للحمّى فليكن الفصد واعتبر حال النافض فإذا كان النافض قوياً فإياك والفصد وتأمل لون الدم الذي يخرج فإن كان رقيقاً إلى البياض فاحبس في الوقت وتوق في
الجملة لئلا يجلب على المريض أحد أمرين : تهييج الأخلاط المرارية وتهييج الأخلاط الباردة .
وإذا وجب أن يفصد في الحمى فلا يلتفت إلى ما يقال أنه لا سبيل إليه بعد الرابع فسبيل إليه إن وجب ولو بعد الأربعين .
هذا رأي " جالينوس " على أن التقديم والتعجيل أولى إذا صحت الدلائل فإن قصر في ذلك فأي وقت أدركته ووجب فافصد بعد مراعاة الأمور العشرة وكثيراً ما يكون الفصد في الحميات وأن لم يكن يحتاج إليه مقوياً للطبيعة على المادة بتقليلها هذا إذا كانت السحنة والسن والقوّة وغير ذلك ترخّص فيه .


وأما الحمى الدموية فلا بد فيها من استفراغ بالفصد غير مفرط في الابتداء ومفرط عند النضج وكثيراً ما أقلعت في حال الفصد ويجب أن يحذر الفصد في المزاج الشديد البرد والبلاد الشديدة البرد وعند الوجع الشديد وبعد الاستحمام المحلل وبعقب الجماع وفي السن القاصر عن الرابع عشر ما أمكن وفي سن الشيخوخة ما أمكن اللهم إلا أن تثق بالسحنة واكتناز العضل وسعة العروق وامتلائها وحمرة الألوان فهؤلاء من المشايخ والأحداث نتجرأ على فصدهم .
والأحداث يدرجون قليلاً قليلاً بفصد يسير ويجب أن يحذر الفصد في الأبدان الشديدة القضافة والشديدة السمن والمتخلخلة والبيض المترهلة والصفر العديمة الدم ما أمكن وتتوقاه في أبدان طالت عليها الأمراض إلا أن يكون فساد دمها يستدير ذلك فافصد وتأمل الدم فإن كان أسود ثخيناً فاخرج وإن رأيته أبيض رقيقاً فسد في الحال فإن في ذلك خطراً عظيماً ويجب أن تحذر الفصد على الامتلاء من الطعام كي لا تنجذب مادّة غير نضيجة إلى العروق بدل ما تستفرغ وأن تتوقّى ذلك أيضاً على امتلاء المعدة والمعي من الثقل المدرك أو المقارب بل تجتهد في استفراغه أما من المعدة وما يليها فبالقيء وأما من الأمعاء السفلى فيما يمكن ولو بالحقنة وتتوقى فصد صاحب التخمة بل تمهله إلى أن تنهضم تخمته .
وصاحب ذكاء حس فم المعدة أو ضعف فمها أو الممنو يتولد المرار فيها فإن مثله يجب أن يتوقى التهور في فصده وخصوصاً على الريق .


أما صاحب ذكاء حس فم المعدة فتعرفه بتأذّيه من بلع اللذاعات وصاحب ضعف فم المعدة تعرفه من ضعف شهوته وأوجاع فم معدته وصاحب قبول فم معدته للمرار والكثير تولدها فيها تعرفه من دوام غثيانه ومن قيئه المرار كل وقت ومن مرارة فمه فهؤلاء إذا فصدوا من غير سبق تعهد لفم معدتهم عرض من ذلك خطر عظيم وربما هلك منهم بعضهم فيجب أن يلقم صاحب ذكاء الحس وصاحب الضعف لقماً من خبز نقي مغموسة في رُبّ حامض طيب الرائحة وإن كان الضعف من مزاج بارد فمغموسة في مثل ماء السكر بالإفاويه أو شراب النعناع الممسك أو الميعة الممسكة ثم يفصد .
وأما صاحب تولد المرار فيجب أن يتقيأ بسقي ماء حار كثير مع السكنجبين ثم يطعم لقماً ويراح يسيراً ثم يفصد ويحتاج أن يتدارك بدل ما يتحلآ من الدم الجيد إن كان قوياً بالكباب على نقله فإنه إن انهضم غذى غذاء كثيراً جيداً ولكن يجب أن يكون أقل ما يكون فإن المعدة ضعيفة بسبب الفصد وقد يفصد العرق لمنع نزف الدم من الرعاف أو الرحم أو المقعدة أو الصدر أو بعض الخراجات بأن يجذب الدم إلى خلاف تلك الجهة .
وهذا علاج قوي نافع ويجب أن يكون البضع ضيقاً جداً وأن تكون المرات كثيرة لا في يوم واحد إلا أن تضطر الضرورة بل في يوم بعد يوم وكل مرة يقلّل ما أمكن .
وبالجملة فإن تكثير أعداد الفصد أوفق من تكثير مقداره والفصد الذي لم تكن إليه حاجة يهيج المرار ويعقب جفاف اللسان ونحوه فليتدارك بماء الشعير والسكر ومن أراد التثنية ولم يعرض له من الفصدة الأولى مضرة فالج ونحوه فيجب أن يفصد العرق من إليه طولاً ليمنع حركة العضل عن التحامه وأن يوسع وإن خيف مع ذلك الالتحام بسرعة وضع عليه خرقة مبلولة بزيت وقليل ملح وعصب فوقها وأن دهن مبضعه عند الفصد منع سرعة الالتحام وقلل الوجع وذلك هو أن يمسح عليه الزيت ونحوه مسحاً خفيفاً أو يغمس في الزيت ثم يمسح بخرقة .


والنوم بين الفصد والتئنية يسرع التحام البضع وتذكر ما قلناه من الاستفراغ في الشتاء بالدواء أنه يجب أن يرصد له يوم جنوبي فكذلك الفصد .
واعلم أن فصد الموسومين والمجانين والذين يحتاجون إلى فصد في الليل في زمان النوم يجب أن يكون ضيقاً لئلاّ يحدث نزف الدم وكذلك كل من لا يحتاج إلى التثنية .
واعلم أن التثنية تؤخر بمقدار الضعف فإن لم يكن هناك ضعف فغايته ساعة والمراد من إرسال دمه الجذب يوماً واحداً .
والفصد المورب أوفق لمن يريد التثنية في اليوم والمعرض لمن يريد التثنية في الوقت والمطول لمن لا يريد الاقتصار على تثنية واحدة ومن عزمه أن يترشّح عدة أيام كل يوم وكلما كان الفصد أكثر وجعاً كان أبطأ التحاماً .
والاستفراغ الكثير في التثنية يجلب الغشي إلا أن يكون قد تناول المثني شيئاً .
والنوم بين الفصد والتثنية يمنع أن يندفع في الدم من الفضول ما ينجذب لانجذاب الأخلاط بالنوم إلى غور البدن .
ومن منافع التثنية حفظ قوة المفصود مع استكمال استفراغه الواجب له وخير التثنيه ما أخر يومين وثلاثة .
والنوم بقرب الفصد ربما أحدث انكساراً في الأعضاء .
والاستحمام قبل الفصد ربما عسَر الفصد بما يغلظ من الجلد ويلينه ويهيئه للزلق إلا أن يكون المفتصد شديد غلظ الدم .


والمفتصد ينبغي له أن لا يقدم على امتلاء بعده بل يتدرج فى الغذاء ويستلطفه أولاً وكذلك يجب أن لا يرتاض بعده بل يميل إلى الاستلقاء وأن لا يستحم بعده استحماماً محللاً ومن افتصد وتورم عليه اليد افتصد من اليد الآخرى مقدار الاحتمال ووضع عليه مرهم الاسفيداج وطلى حواليه بالمبردات القوية وإذا افتصد من الغالب على بدنه الأخلاط صار الفصد علة لثوران تلك الأخلاط وجريانها واختلاطها فيحوج إلى فصد متواتر والدم السوداوي يحوج إلى فصد متواتر فيخف الحال في الحال ويعقب عند الشيخوخة أمراضاً منها السكتة والفصد كثيراً ما يهيج الحميّات وتلك الحميات كثيرأً ما تتحلل العفونات وكل صحيح افتصد فيجب أن يتناول ما قلناه في باب الشراب .
واعلم أن العروق المفصودة بعضها أوردة وبعضها شرايين والشرايين تفصد في الأقل ويتوقى ما يقع فيها من الخطر من نزف الدم وأقلّ أحواله أن يحدث أنورسما وذلك إذا كان الشق ضيقاً جداً إلا أنها إذا أمن نزف الدم منها كانت عظيمة النفع في أمراض خاصة تفصد هي لأجلها وأكثر نفع فصد الشريان إنما يكون إذا كان في العضو المجاور له أعراض رديئة سببها دم لطيف حاد فإذا فصد الشريان المجاور له ولم يكن مما فيه خطر كان عظيم المنفعة والعروق المفصودة من اليد أما الأوردة فستة : القيفال والأكحل والباسليق وحبل الذراع والأسيلم والذي يخص باسم الإبطي وهو شعبة من الباسليق وأصلها القيفال .


ويجب في جميع الثلاثة أن يفتح فوق المأبض لا تحته ولا بحذائه ليخرج الدم خروجاً جيداً كما يتروق ويؤمن أفات العصب والشريان وكذلك القيفال وفصده الطويل أبطأ لالتحامه لأنه مفصلي وفي غير المفصلي الأمر بالخلاف وعرق النسا والأسيلم وعروق أخرى الأصوب أن يفصد فيها طولاً ومع ذلك ينبغي أن يتنحّى في القيفال عن رأس العضلة إلى موضع اللين ويوسع بضعه ولا يتبع بضع بضعاً فيرم وأكثر من وقع عليه الخطأ في موضع فصد القيفال لم يقع بضربة واحدة وأن عظمت بل إنما تحدث النكاية بتكرير الضربات وإبطاء فصده التحاماً هو الذي في الطول ويوسع فصده إن أريد أن يثني وإذا لم يوجد هو طلب بعض شعبه التي في وحشي الساعد والأكحل فيه خطر للعصبة التي تحته وربما وقع بين عصبتين فيجب أن يجتهد ليفصد طولاً ويعلق فصده وربما كان فوقه عصبة رقيقة مممدودة كالوتر فيجب أن يتعرف ذلك ويحتاط من أن تصيبها الضربة فيحدث خدر مزمن .
ومن كان عرقه أغلظ فهذه الشعبة فيه أبين والخطأ فيه أشد نكاية فإن وقع الغلط فأصيبت تلك العصبة فلا تلحم الفصد وضع عليه ما يمنع التحامه وعالجه بعلاج جراحات العصب وقد قلنا فيها في الكتاب الرابع .
وإياك أن تقرب منه مبرًداً من أمثال عصارة عنب الثعلب والصندل بل مرخ نواحيه والبدن كله بالدهن المسخن .
وحبل الذراع أيضاً الأصوب فيه أن يفصد مورباً إلا أن يكون مراوغاً من الجانبين فيفصد طولاً .
والباسليق عظيم الخطر لوقوع الشريان تحته فاحتط في فصده فإن الشريان إذا انفتح لم يرقأ الدم أو عسر رقوه .


ومن الناس من يكتنف باسليقه شريانان فإذا أعلم على أحدهما ظن أنه قد أمن فربما أصاب الثاني فعليك أن تتعرف هذا وإذا عصب ففي أكثر الأمر يعرض هناك انتفاخ تارة من الشريان وتارة من الباسليق فكيف كان فيجب أن تحل الرباط ويمسح النفخ مسحاً برفق ثم يعاد العصب فإن عاد أعيد إليك فإن لم يغن فما عليك لو تركت الباسليق وفصدت الشعبة المسماة بالإبطية وهي التي على أنسي الساعد إلى أسفل وكثيراً ما يغلط النفخ وكثيراً ما يسكن الربط والنفخ من نبض الشريان ويعليه ويشهقه فيظن وريداً فيفصد .
وإذا ربطت أي عرق كان فحدث من الربط عليه أشباه العدس والحمص فافعل به ما قلنا في الباسليق والباسليق كلما انحططت فيفصده إلى الذراع فهو أسلم .
وليكن مسلك المبضع في خلاف جهة الشريان من العرق وليس الخطأ في الباسليق من جهة الشريان فقط بل تحته عضلة وعصبة يقع الخطأ بسببهما .
أيضاً قد خبرناك بهذا وعلامة الخطأ في الباسليق وإصابة الشريان أن يخرج دم رقيق أشقر يثب وثباً ويلين تحت المجسة وينخفض فبادر حينئذ وألقم فم المبضع شيئاً من وبر الأرنب مع شيء من دقاق الكندر ودم الأخوين والصبر والمر وتضع على الموضع شيئاً من القلقطار الزاج وترش عليه الماء البارد ما أمكن وتشقه من فوق الفصد وتربطه ربطاً بشد حابس فإذا احتبس فلا تحل الشد ثلاثة أيام وبعد الثلاثة يجب عليك أن تحتاط أيضاً ما أمكن وضمد الناحِية بالموابض وكثير من الناس يبتر شريانه وذلك ليتقلص العرق وينطبق عليه الدم فيِحبسه وكثير من الناس مات بسبب نزف الدم ومنهم من مات بسبب ربط العضو وشدة وجع الربط الذي أريد بشده منع دم الشريان حتى صار العضو إلى طريق الموت .


واعلم أن نزف الدم قد يقع من الأوردة أيضاً واعلم أن القيقال يستفرغ الدم أكثر من الرقبة وما فوقها وشيئاً قليلاً مما دون الرقبة ولا يجاوز حد ناحية الكبد والشراسيف ولا تنقي الأسافل تنقية يعتدّ بها والأكحل متوسّط الحكم بين القيفال والباسليق والباسليق يستفرغ من نواحي تنور البدن إلى أسفل التنور وجعل الذراع مشاكل للقيفال والأسيلم يذكر أنه ينفع الأيمن منه من أوجاع الكبد والأيسر من أوجاع الطحال وأنه يفصد حتى يرقأ الدم بنفسه ويحتاج أن توضع اليد من مفصوده في ماء حار لئلا يحتبس الدم وليخرج بسهولة إن كان الدم ضعيف الانحدار كما هو في الأكثر من مفصودي الأسيلم .
وأفضل فصد الأسيلم ما كان طولاً .
والإبطي حكمه حكم الباسليق .
وأما الشريان الذي يفصد من اليد اليمنى فهو الذي على ظهر الكف ما ين السبابة والإبهام وهو عجيب النفع من أوجاع الكبد والحجاب المزمنة وقد رأى جالينوس هذا في الرؤيا إذ الرؤيا الصادقة جزء من أجزاء النبوّة كأن امراً أمره به لوجع كان في كبده ففعل فعوفي وقد يفصد شريان اخر أميل منه إلى باطن الكفّ مقارب المنفعه لمنقعته .
ومن أحب فصد العرق من اليد فلم يتأت فلا يلحف في الكي والعصب الشديد وتكرير البضع بل يتركه يوماً أو يومين فإن دعت ضرورة إلى تكرير البضع ارتفع عن البضعة الأولى ولا ينخفض عنها .
والربط الشديد يجلب الورم وتبريد الرفادة وترطيبها بماء الورد أو بماء مبرد صالح موافق .
ويجب أن لا يزيل الرباط الجلد عن موضعه قبل الفصد وبعده .
والأبدان القضيفة يصير شذ الرباط عليها سبباً لخلاء العروق واحتباس الدم عنها والأبدان السمينة بالإفراط فإن الإرخاء لا يكاد يظهر العرق فيها ما لم يشتد وقد يتلطف بعض الفصاد في إخفاء الوجع فيحدر اليد لشدة الربط وتركه ساعة ومنه من يمسح الشعرة اللينة بالدهن .
وهذا كما قلنا يخفّ وجعه ويبطىء التحامه .


وإذا لم تظهر العروق المذكورة في اليد وظهرت شعبها فلتغمز اليد على الشعبة مسحاً فإن كان الدم عند مفارقة المسح ينصب إليها بسرعة فينفخها فصدت وإلا لم تفصد وإذا أريد الغسل جذب الجلد ليستر البضع وغسل ثم رد إلى موضعه وهندمت الرفادة وخيرها الكرية وعصبت وإذا مال على وجه البضع شحم فيجب أن ينحى بالرفق ولا يجوز أن يقطع وهؤلاء لا يجب أن يطمع في تثنيتهم من غير بضع واعلم أن لحبس الدم وشد البضع وقتاً محدوداً وإن كان مختلفاً فمن الناس من يحتمل ولو في حماه أخذ خمسة أو ستة أرطال من الدم ومنهم من لا يحتمل في الصحة أخذ رطل لكن يجب أن تراعي في ذلك أحوالأ ثلاثاً : إحداها حقن الدم واسترخاؤه والثانية لون الدم وربما غلط كثيراً بأن يخرج أولاً ما خرج منه رقيقاً أبيض وإذا كان هناك علامات الإمتلاء وأوجب الحال الفصد فلا يغترن بذلك وقد يغلظ لون الدم في صاحب الأورام لأن الورم يجذب الدم إلى نفسه والثالثة النبض يجب أن لا تفارقه فإذا خاف الحقن أن يغير لون الدم أو صغر النبض وخصوصاً إلى ضعف فاحبس وكذلك إن عرض عارض تثاؤب وتمط وفواق وغثيان فإن أسرع تغيّر اللون بل الحقن فاعتمد فيه النبض وأسرع الناس صادرة إليه الغشي هم الحارو المزاج النحاف المتخلخلو الأبدان وأبطؤهم وقوعاً في الأبدان المعتدلة المكتنزة اللحم .


قالوا : يجب أن يكون مع الفصاد مباضع كثيرة ذات شعرة وغير ذات شعرة وذات الشعرة أولى بالعروق الزوالة كالوداج وأن تكون معه كبة من خز وحرير ومقيأ من خشب أو ريش وأن يكون معه وبر الأرنب ودواء الصبر والكندر ونافجة مسك ودواء المسك وأقراض المسك حتى إذا عرض غشي وهو أحد ما يخاف في الفصد وربما لم يفلح صاحبه بادر فألقمه الكبة وقيأه بالآلة وشممه النافجة وجرعه من دواء المسك أو أقراصه شيئاً فتنتعش قوته وإن حدث بثق دم بادر فحسبه بوبر الأرنب ودواء الكندر وما أقلّ ما يعرض الغشي والدم بعد في طريق الخروج بل إنما يعرض أكثره بعد الحبس إلا أن يفرط على أنّه لا يبالي من مقاربة الغشي في الحميات المطبقة ومبادىء السكتة والخوانيق والأرام الغليظة العظيمة المهلكة وفي الأوجاع الشديدة ولا نعمل بذلك إلا إذا كانت القوة قوية فقد اتفق علينا أن بسطنا القول بعد القول في عروق اليد بسطاً في معان أخرى ونسينا عروق الرجل وعروقاً أخرى فيجب علينا أن نصل كلامنا بها فنقول : أما عروق الرجل فمن ذلك عرق النسا ويفصد من الجانب الوحشي عند الكعب إما تحته وإما فوقه من الورك إلى الكعب ويلف بلفافة أو بعصابة قوية فالأولى أن يستحم قبله والأصوب أن يفصد طولاً وإن خفي فصد من شعبة ما بين الخنصر والبنصر ومنفعة فصد عرق النسا في وجع عرق النسا عظيمة .
وكذلك في النقرس وفي الدوالي ودواء الفيل .
وتثنية عرق النسا صعبة .
ومن ذلك أيضاً الصافن وهو على الجانب الإنسي من الكعب وهو أظهر من عرق النسا ويفصد لاستفراغ الدم من الأعضاء التي تحت الكبد ولإمالة الدم من النواحي العالية إلى السافلة ولذلك يدر الطمث بقوة ويفتح أفواه البواسير .
والقياس يوجب أن يكون عرق النسا والصافن متشابهي المنفعة ولكن التجربة ترجح تأثير الفصد في عرق النسا في وجع عرق النسا بشيء كثير وكان ذلك للمحاذاة .


وأفضل فصد الصافن أن يكون مورباً إلى العرض ومن ذلك عرق مأبض الركبة يذهب مذهب الصافن إلا أنه أقوى من الصافن في إدرار الطمث وفي أوجاع المقعدة والبواسير .
ومن ذلك العرق الذي خلف العرقوب وكأنه شعبة من الصافن ويذهب مذهبه .
وفصد عروق الرجل بالجملة نافع من الأمراض التي تكون عن مواد مائلة إلى الرأس ومن الأمراض السوداوية وتضعيفها للقوة أشدّ من تضعيف فصد عروق اليد وأما العروق المفصودة التي في وهذه العروق منها أوردة ومنها شرايين .
فالأوردة مثل عرق الجبهة وهو المنتصب ما بين الحاجبين وفصده ينفع من ثقل الرأس وخصوصاً في مؤخره وثقل العينين والصداع الدائم المزمن والعرق الذي على الهامة يفصد للشقيقة وقروح الرأس وعرقا الصدغين الملتويان على الصدغين وعرقا المأقين وفي الأغلب لا يظهران إلا بالخنق .
ويجب أن لا تغور البضع فيهما فربما صار ناصوراً وإنما يسيل منها دم يسير .
ومنفعة فصدهما في الصداع والشقيقة والرمد المزمن والدمعة والغشاوة وجرب الأجفان وبثورها والعشا وثلاثة عروق صغار موضعها وراء ما يدق طرف الأذن عند الإلصاق بشعره .
وأحد الثلاثة أظهر ويفصد من ابتداء المأق وقبول الرأس لبخارات المعدة وبنفع كذلك من قروح الأذن والقفا ومرض الرأس .
وينكر " جالينوس " ما يقال : أن عرقين خلف الأذنين يفصدهما المتبتلون ليبطل النسل ومن هذه الأوردة الوداجان وهما إثنان يفصدان عند ابتداء الجذام والخناق الشديد وضيق النفس والربو الحاد وبحة الصوت في ذات الرئة والبهق الكائن من كثرة دم حار وعلل الطحال والجنبين .
ويجب على ما خبرنا عنه قبل أن يكون فصدهما بمبضع ذي شعرة .
وأما كيفية تقييده فيجب أن يميل فيه الرأس إلى ضدّ جانب الفصد ليثور العرق ويتأمل الجهة التي هي أشد زوالاً فيؤخذ من ضذ تلك الجهة ويجب أن يكون الفصد عرضاً لا طولاً كما يفعل بالصافن وعرق النسا ومع ذلك فيجب أن يقع فصده طولاً .


ومنها العرق الذي في الأرنبة وموضع فصده هو المتشقق من طرفها الذي إذا غمز عليه بالأصبع تفرق باثنين وهناك يبضع والدم السائل منه قليل .
وينفع فصده من الكلف وكدورة اللون والبواسير والبثور التي تكون في الأنف والحكة فيه لكنه أحدث حمرة لون مزمنة تشبه السعفة ويفشو في الوجه فتكون مضرته أعظم من منفعته كثيراً .
والعروق التي تحت الخششا مما يلي النقرة نافع فصدها من السدَرِ الكائن من الدم اللطيف والأوجاع المتقادمة في الرأس ومنها الجهاررك وهي عروق أربعة على كل شقة منها زوج فينفع فصدها من قروح الفم والقلاع وأوجاع اللثة وأورأمها واسترخائها أو قروحها والبواسير والشقوق فيها ومنها العرق الذي تحت اللسان على باطن الذقن ويفصد في الخوانيق وأورام اللوزتين ومنها عرق تحت اللسان نفسه يفصد لثقل اللسان الذي يكون من الدم ويجب أن يفصد طولاً فإن فصد عرضاً صعب رقاء دمه ومنها عرق عند العنفقة يفصد للبخر ومنها عرق اللثة يفصد في معالجات فم المعدة .
وأما الشرايين التي في الرأس فمنها شريان الصداغ قد يفصد وقد يبتر وقد يسل وقد يكوى ويفعل ذلك لحبس النوازل الحادة اللطيفة المنصبة إلى العينين ولابتداء الانتشار .
والشريانان اللذان خلف الأذنين ويفصدان لأنواع الرمد وابتداء الماء والغشاوة والعشا والصداع المزمن ولا يخلو فصدهما عن خطر ويبطؤ معه الالتحام .
وقد ذكر " جالينوس " أن مجروحاً في حلفه أصيب شريانه وسال منه دم بمقدار صالح فتداركه " جالينوس " بدواء الكندر والصبر ودم الأخوين والمر فاحتبس الدم وزال عنه وجع مزمن كان في ناحية وركه .
ومن العروق التي تفصد في البدن عرقان على البطن : أحدهما موضرع على الكبد والآخر موضوع على الطحال ويفصد الأيمن في الاستسقاء والأيسر في علل الطحال .
واعلم أن الفصد له وقتان : وقت اختيار ووقت ضرورة .


فالوقت المختار فيه ضحوة النهار بعد تمام الهضم والنفض وأما وقت الاضطرار فهو الوقت الموجب الذي لا يسوغ تأخيره ولا يلتفت فيه إلى سبب مانع .
واعلم أن المبضع الكال كثير المضرّة فإنه يخطىء فلا يلحق ويورم ويوجع فإذا أعملت المبضع فلا تدفعه باليد غمزاً بل برفق بالاختلاس لتوصل طرف المبضع حشو العروق وإذا أعنفت فكثيراً ما ينكسر رأس المبضع انكساراً خفياً فيصير زلآقاً يجرح العرق فإن ألححت بفصدك زدت شراً .
ولذلك يجب أن يجرب كيفية علوق المبضع بالجلد قبل الفصد به وعند معاودة ضربه إن أردتها واجتهد أن تملأ العرق وتنفخه بالدم فحينئذ يكون الزلق والزوال أقل .
فإذا استعصى العرق ولم يظهر امتلاؤه تحت الشد فحله وشدّه مراراً وامسحه وانزل في الضغط واصعد حتى تنبهه وتظهره وتجرب ذلك بين قبض أصبعين على موضع من المواضع التي تعلم امتداد العروق فبهما تحبس وتارة تحبس بأحدهما وتسيل الدم بالآخر حتى تحسّ بالواقف فشدّه عند الإشالة وجوزه عند التخلية ويجب أن يكون لرأس المبضع مسافة ينفذ فيها غير بعيدة فيتعداها إلى شريان أو عصب وأشد ما يجب أن يملأ حيث يكون العرق أدقّ .
وأما أخذ المبضع فينبغي أن يكون بالإبهام والوسطى وتترك السبابة للجس وأن يقع الأخذ على نصف الحديدة ولا يأخذه فوق ذلك فيكون التمكن منه مضطرباً وإذا كان العرق يزول إلى جانب واحد فقابله بالربط والضبط من ضدّ الجانب وإن كان يزول إلى جانبين سواء فاجتنب فصده طولاً .
واعلم أن الشد والغمز يجب أن يكون بقدر أحوال الجلد في صلابته وغلظه وبحسب كثرة اللحم ووفوره .
والتقييد يجب أن يكون قريباً وإذا أخفى التقييد العرق فعلم عليه واحذر أن يزول عن محاذاة العلامة عرقك في التقييد ومع ذلك فعلق الفصد وإذا استعصى عليك العرق وإشهاقه فشق عنه في الأبدان القضيفة خاصة واستعمل السنارة ووقوع التقييد والشد عند الفصد يمنع امتلاء العرق .


واعلم أن من يعرق كثيراً بسبب الامتلاء فهو محتاج إلى الفصد وكثيراً ما وقع للمحموم المصدوع المدبر في بابه بالفصد إسهال طبيعي فاستغنى عن الفصد قطعاً .
الفصل والعشرون الحجامة الحجامة تنقيتها لنواحي الجلد أكثر من تنقية الفصد واستخراجها للدم الرقيق أكثر من استخراجها للدم الغليظ ومنفعتها في الأبدان العبال الغليظة الدم قليلة لأنها لا تبرز دماءها ولا تخرجها كما ينبغي بل الرقيق جداً منها بتكلف وتحدث في العضو المحجوم ضعفاً .
ويؤمر باستعمال الحجامة لا في أوّل الشهر لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت أو هاجت ولا في أخره لأنها تكون قد نقصت بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة تابعة في تزيدها لزيد النور في جرم القمر ويزيد الدماغ في الأقحاف والمياه في الأنهار ذوات المدّ والجزر .
واعلم أن أفضل أوقاتها في النهار هي الساعة الثانية والثالثة ويجب أن تتوقى الحجامة بعد الحمام إلا فيمن دمه غليظ فيجب أن يستحم ثم يبقى ساعة ثم يحجم .
وأكثر الناس يكرهون الحجامة والحجامة على النقرة خليفة الأكحل وتنفع من ثقل الحاجبين وتخفف الجفن وتنفع من جرب العين والبخر في الفم والتحجر في العين .
وعلى الكاهل خليفة الباسليق وتنفع من وجع المنكب والحلق .
وعلى أحد الأخذعين خليفة القيفال وتنفع من ارتعاش الرأس وتنفع الأعضاء التي في الرأس مثل الوجه والأسنان والضرس والأذنين والعينين والحلق والأنف لكن الحجامة على النقرة تورث النسيان حقاً كما قيل فإن مؤخر الدماغ موضع الحفظ وتضعفه الحجامة وعلى الكاهل تضعف فم المعدة .
والأخدعية ربما أحدثت رعشة الرأس فليسفل النقرية قليلاً وليصعد الكاهلي قليلاً إلا أن يتوخى بها معالجة نزف الدم والسعال فيجب أن تنزل ولاتصعد .
وهذه الحجامة التي تكون على الكاهل وبين الفخذين نافعة من أمراض الصدر الدموية والربو الدموي لكنها تضعف المعدة وتحدث الخفقان .
والحجامة على الساق وقارب الفصد وتنقي الدم وتدر الطمث .


ومن كانت من النساء بيضاء متخلخلة رقيقة الدم فحجامة الساقين أوفق لها من فصد الصافن والحجامة على القمحدوة وعلى الهامة تنفع فيما ادعاه بعضهم من اختلاط العقل والدوار وتبطىء فيما قالوا بالشيب وفيه نظر فإنه قد تفعل ذلك في أبدان دون أبدان .
وفي أكثر الأبدان يسرع بالشيب وينفع من أمراض العين وذلك أكثر منفعتها فإنها تنفع من جربها وبثورها لكنها تضر بالدهن وتورث بلهاً ونسياناً ورداءة فكر وأمراضاً مزمنة وتضرّ بأصحاب الماء في العين اللهم إلا أن تصادف الوقت والحال التي يجب فيها استعمالها فربما لم تضر .
والحجامة تحت الذقن تنفع الأسنان والوجه والحلقوم وتنقي الرأس والفكين .
والحجامة على القطن نافعة من دماميل الفخذ وجربه وبثوره من النقرس والبواسير وداء الفيل ورياح المثانة والرحم ومن حكّة الظهر .
وإذا كانت هذه الحجامة بالنار بشرط أو غير شرط نفعت من ذلك أيضاً والتي بشرط أقوى في غير الريح والتي بغير شرط أقوى في تحليل الريح الباردة واستئصالها ههنا وفي كل موضع .
والحجامة على الفخذين من قدام تنفع من ورم الخصيتين وخراجات الفخذين والساقين والتي على الفخذين من خلف تنفع من الأورام والخراجات الحادثة في الأليتين .
وعلى أسفل الركبة تنفع من ضربان الركبة الكائن من أخلاط حادة ومن الخراجات الرديئة والقروح العتيقة في الساق والرجل .
والتي على الكعبين تنفع من احتباس الطمث ومن عرق النسا والنقرس .


وأما الحجامة بلا شرط فقد تستعمل في جذب المادة عن جهة حركتها مثل وضعها على الثدي لحبس نزف دم الحيض وقد يراد بها إبراز الورم الغائر ليصل إليه العلاج وقد يراد بها نقل الورم إلى عضو أخس في الجوار وقد يراد بها تسخين العضو وجذب الدم إليه وتحليل رياحه وقد يراد بها رده إلى موضعه الطبيعي المنزول عنه كما في القيلة وقد تستعمل لتسكين الوجع كما توضع على السرة بسبب القولنج المبرح ورياح البطن وأوجاع الرحم التي تعرض عند حركة الحيض خصوصاً للفتيات .
وعلى الورك لعرق النسا وخوف الخلع .
وما بين الركبتين نافعة للوركين والفخذين والبواسير ولصاحب القيلة والنقرس .
ووضع المحاجم على المقعدة يجذب من جميع البدن ومن الرأس وينفع الأمعاء ويشفي من فساد الحيض ويخف معها البدن ونقول : إن للحجامة بالشرط فوائد ثلاث : أولاها : الاستفراغ من نفس العضو ثانيتها : استبقاء جوهر الروح من غير استفراغ تابع لاستفراغ ما يستفرغ من الاخلاط وثالثتها : تركها التعرّض للاستفراغ من الأعضاء الرئيسة .
ويجب أن يعمق المشرط ليجذب من الغور وربما ورم موضع التصاق المحجمة فعسر نزعها فليؤخذ خرق أو اسفنجة مبلولة بماء فاتر إلى الحرارة وليكمّد بها حواليها أولاً .
وهذا يعرض كثيراً إذا استعملنا المحاجم على نواحي الثدي ليمنع نزف الحيض أو الرعاف ولذلك لا يجب أن يضعها على الثدي نفسه وإذا دهن موضع الحجامة فليبادر إلى إعلاقها ولا تدافع بل تستعجل في الشرط وتكون الوضعة الأولى خفيفة سريعة القلع ثم يتدرج إلى إبطاء القلع والإمهال .
وغذاء المحتجم يجب أن يكون بعد ساعة والصبي يحتجم في السنة الثانية وبعد ستين سنة لا يحتجم البتة وفي الحجامة على الأعالي أمن من انصباب المواد إلى أسفل والمحتجم الصفراوي يتناول بعد الحجامة حب الرمان وماء الرمان وماء الهندبا بالسكر والخس بالخل .
الفصل الحادي والعشرون العلق


قالت الهند : إن من العلق ما في طباعها سميه فليجتنب جميع ما كان عظيم الرأس لونه كحلي أسود أو لونه أخضر وذوات الزغب والشبيه بالمارماهج والتي عليها خطوط لازوردية والشبيهة الألوان بأبي قلمون ففي جميع هذه سمية يورث إرسالها أوواماً وغشياً ونزف دم وحمى واسترخاء وقروحاً رديئة وليجتنب المصيدة من المياه الحمئية الرديئة بل يختار ما يصاد من المياه الطحلبية ومأوى الضفادع ولا يلتفت إلى ما يقال أن الكائنة في مياه مضفدعة رديئة ولتكن ماسية الألوان يعلوها خضرة ويمتد عليها خطان زرنيخيان والشقر الزرق المستديرة الجنوب والكبدية الألوان والتي تشبه الجراد الصغير والتي تشبه ذنب الفأر الدقاق الصغار الرؤوس ولا يختار على حمر البطون خضر الظهور ولا سيما إن كانت في المياه الجارية وجذب العلق للدم أغور من جذب الحجامة .
ويجب أن يصاد قبل الاستعمال بيوم ويقيأ بالأكباب حتى يخرج ما في بطونها إن أمكن ذلك ثم يصب لها شيء يسير من الدم من حَمَلِ أو غيره ليغتذي به قبل الإرسال ثم تؤخذ وتنظف لزوجاتها وقذاراتها بمثل اسفنجة ويغسل موضع إرسالها ببورق ويحمر بالدلك ثم ترسل العلق عند إرادة استعمالها في ماء عذب فتنظف ثم ترسل .
ومما ينشطها للتعلق مسح الموضع بطين الرأس أو بدم فإذا امتلأت وأريد إسقاطها ذر عليها شيء من ملح أو رماد أو بورق أو حراقة خرق كتان أو اسنفجة محرقة أو صوفة محرقة .
والصواب بعد سقوطها أن يمتص بالمحجمة فيؤخذ من دم الموضع شيء يفارق معه ضرر أثرها ولسعها فإن لم يحتبس الدم ذر عليه عفص محرق أو نورة أو رماد أو خزف مسحوق جداً أو غير ذلك من حسابات الدم ويجب أن تكون عتيدة معدة عند معلق العلق واستعمال العلق جيد في الأمراض الجلديه من السعفة والقوباء والكَلَف والنمش وغير ذلك .
الفصل الثاني والعشرون


الاستفراغات تحبس إما بإمالة المادة من غير استفراغ آخر وإما باستفراغ مع الإمالة وإما بإعانة الاستفراغ نفسه وإما بأدوية مبردة أو مغرية أو قابضة أو كاوية وإما بالشد .
أما حبس الاستفراغ بالجذب من غير استفراغ فمثل وضع المحاجم على الثدي ليمنع نزف الدم من الرحم وأجود الجذب ما كان مع تسكين وجع المجذوب عنه .
وأما الذي يكون بجذب مع استفراغ فمثل فصد الباسليق لذلك ومثله حبس القيء بالإسهال والإسهال بالقي وحبس كليهما بالتعريق .
وأما بمعاونة الاستفراغ فمثل تنقية المعدة والمعي عن الأخلاط اللزجة المذربة المزلقة بالأيارج والاجتهاد في تنقية فم المعدة بالقيء لتنقطع مادة القيء الثابت .
وإما بالأدوية المبردة لجمد السائل ويأخذ الفوهات ويضيقها .
وأما الأدوية القابضة لتقبض المادة وتضم المجاري .
وإما بالأدوية المغرية لتحدث السدد في فوهات المجاري .
فإن كانت حارة مجففه فهي أبلغ وإما الكاوية لتحدث خشكريشة تقوم على وجه المجرى فيسد ويرتق ولها ضرر متوقع وذلك أن الخشكريشة ربما انقلعت فزاد المجرى اتساعاً .
ومن الكاوية ما له قبض كالزاج ومنه ما ليس له قبض كالنورة الغير مطفاة يراد القابضة حيث يراد خشكريشة غير ثابتة وتراد الآخرى حيث يراد أن تسقط الخشكريشة سريعاً وتراد الكاوية القابضة حيث يراد خشكريشة ثابتة .
وأما الذى بالشد فبعضه بإطباق المجرى وقسره على الإنضمام كشد ما فوق المرفق عند خطأ الفصاد في الباسليق إذا أصاب الشريان وبعضه بحشو فم الجراحة مثل ما يسد سبيل المستفرغ مثل إلقام الجراحة وبر الأرنب و نقول : إن نزف الدم إن كان من أجل انقتاح أفواه .
العروق عولج بالقابضة ليضم أفواهها وإن كان من حرق فبالقابضة المغرية كالطين المختوم وإن كان عن كُل فيما ينبت اللحم مخلوطاً بما يجلو لِتَأكل وأنت تعلم جميع ذلك من موضع آخر .
الفصل الثالث والعشرون معالجات السدد


السدد إما من أخلاط غليظة وإما من أخلاط لزجة وإما من أخلاط كثيرة .
والأخلاط الكثيرة إذا لم يكن معها سبب آخر كفى مضرتها إخراجها بالفصد والإسهال وإن كانت غليظة احتيج إلى المحلات الحالية وإن كانت لزجة ولا سيما رقيقة فيحتاج إلى المقطعات وقد عرفت الفرق بين الغليظ واللزج وهو الفرق بين الطين والغراء المذاب .
والغليظ يحتاج إلى المحلل ليرققه فيسهل اندفاعه .
واللزج يحتاج إلى المقطع ليعرض بينه وبين ما التصق به فيبرئه عنه وليقطع أجزاءه صغاراً صغاراً إذا كان اللزج يسدٌ بالتصاقه وتلازم أجزائه وجب أن يحذر في تحليل الغليظ سببان متضادان : أحدهما التحليل الضعيف الذي يزيد في تحليل الضعيف الذي في تحليل المادة زيادة حجمها من غير أن يبلغ التحليل فتزداد السدة والآخر التحليل الشديد القوي الذي يتحلّل معه لطيفها ويتحجر كثيفها فإذا احتيج إلى تحليل قوي أردف بالتليين اللطيف بمادة لا غلظ فيها مع حرارة معتدلة لتعين ذلك على تحليل كلية الساد فإن أصعب السدد سدد العروق وأصعبها سدد الشرايين وأصعبها ما كان في الأعضاء الرئيسة .
وإذا اجتمع في المفتحات قبض وتلطيف كانت أوفق فإن القبض يدرأ عنف اللطيف عن العضو .
الفصل الرابع والعشرون معالجات الأورام
والأورام منها حارة ومنها باردة ومنها رخوة ومنها باردة صلبة وقد عددناها .
وأسبابها إما بادية وإما سابقة . والسابقة كالامتلاء والبادية مثل السقطة والضربة والنهشة .
والكائن من أسباب بادية إما أن يتفق مع امتلاء في البدن أو مع اعتدال من الأخلاط ولا يكون مع امتلاء في البدن .


والكائن عن أسباب سابقة وعن بادية موافقة لامتلاء البدن فلا يخلو إما أن تكون في أعضاء مجاورة للرئيسة وهي كالمفرغات للرئيسية أو لا تكون فإن لم تكن فلا يجوز أن يقرب إليها من المحللات شيء البتة في الابتداء بل يجب أن يصلح العضو الدافع إن كان عضو دافع ويصلح البدن كله إن كان ليس له عضو مفرد وأن يقرب إليه كل القرب كل ما يردع ويجذب إلى الخلاف ويقبض وربما جذب إلى خلاف ذلك العضو في الجانب المخالف برياضة أو حمل ثقيل عليه .
وكثيراً ما تجذب المادة عن اليد المتورمة إذا حمل بالآخرى ثقيل وأمسك ساعة .
وأما القابضات فيجب فيها أن تتوخى القابضات الرادعة في الأورام الحارة المزاج صرفة وفي الأورام الباردة مخلوطة بما لَه قوة حارة مع القبض مثل الإذخر وأظفار الطيب وكلما يزيد " الصفان " نقص القبض وقوى به المحلل حتى يوافي الانتهاء فحينئذ يخلط بينهما بالسوية وعند الانحطاط يقتصر على المحلل والمرخي .
والباردة الرخوة يجب أن يكون ما يحللها شيئاً حارأً ميبساً أكثر ما يكون في الحارة .
هذا وأماالحادث عن سبب باد وليس هناك امتلاء من الأخلاط فيجب أن يعالج في أول الأمر بالإرخاء والتحليل وإلا فبمثل ما عولج به الأول .
وأما إذا كان العضو المتورم مفرغة لعضو رئيس مثل المواضع الغددية من العنق حول الأذنين للدماغ والإبط للقلب والإربيتين للكبد فلا يجوز البتة أن يقرب إليها ما يردع ليس لأجل أن هذا ليس علاجاً لأورامها فإن هذا هو أعلاج لأورامها غير أنا نؤثر أن لا نعالج أورامها ونجتهد في الزيادة فيها وجذب المادة إليها ولا نبالي من اشتداد الضرر بالعضو طلباً منا لمصلحة العضو الرئيس وخوفاً منا أنا ذا أردعنا المادة انصرفت إلى العضو الرئيس وكان من ذلك ما لا يطاق تداركه فنحن نستأثر وقوع الضرر بالعضو الخسيس من حيث ينفع العضو الرئيس حتى إنا لنجتهد في جذب المادة إلى العضو الخسيس وتوريمه ولو بالمحاجم والأضمدة الجاذبة الحادة .


وإذا جتمع أمثال هذه الأورام أو غيرها - وخصوصاً في المواضع الخالية - فربما انفرج بذاته أو معونة الإنضاج وربما احتجت إلى الإنضاج والبط معاً .
والإنضاج يتم بما فيه مع الحرارة تسديد وتغرية يحصر بهما الحار ومن يحاول الإنضاج بمثل هذه المنضجات بجب عليه أن يتأمل فإن وجد الحار الغريزي ضعيفاً ورأى العضو يميل إلى الفساد نحى عنه المغرّيات والمسدّدات واستعمل المفتّحات والشرط العميق ثم الأدوية التي فيها تحليل وتجفيف وكما نستقصي فيه في الكتب الجزئية وكثيراً ما يكون الورم غائراً فيحتاج إلى جذبه نحو الجلد ولو بالمحاجم بالنار .
وأما الأورام الصلبة المجاوزة حد الابتداء فالقانون فيها أن تلين تارة بما يقلّ إسخانه وتجفيفه لئلآ يتحجر كثيفه لشدة التحليل بل يستعد جميعه للتحليل ثم يشد عليه التحليل ثم إن خيف - من تحلل ما تحلّل - تحجر ما يبقى أقبل على تليينه ثانياً ولا يزال يفعل ذلك حتى يفنى كله في مدتي التليين والتحليل .
والأورام الفجة تعالج يما يسخن مع لطافة والأورام النفخية تعالج بما يسخن مع لطافة جوهر لتحلل الريح وتوسع المسام إذ السبب في الأورام النفخية غلظ الريح بانسداد المسام .
ويجب أيضاً أن يعتنى بجسم مادة ما يحدث البخار الريحي .
ومن الأورام أورام قرحية كالنملة فيجب أن تبرد كالفلغموني ولكن لا ينبغي أن يرطب وأن كان الورم يقتضي الترطيب بل ينبغي أن تجقف لأن العرض ههنا قد غلب السبب .
والعرض هو التقرح المتوقع أو الواقع .
والتقرح علاجه التجفيف وأضر الأشياء به الترطيب .
وأما الأورام الباطنة فيجب أن تنقص المادة عنها بالفصد والإسهال ويجتنب صاحبها الحمام والشراب والحركات البدنية والنفسانية المفرطة كالغضب ونحوه ثم يستعمل في بدء الأمر ما يردع من غير حمل شديد وخصوصاً إن كان في مثل المعدة أو الكبد لهاذا جاء وقت تحليلها فلا يجب أن يخلي عن أدوية قابضة طيبة الريح كما أومأنا إليه فيما سلف .


والكبد والمعدة أحوج إلى ذلك من الرئة ويجب أن تكون الملينات للطبيعة التي تستعمل فيها إنضاج وموافقة للأورام مثل عنب الثعلب والخيار شنبر .
ولعنب الثعلب خاصية في تحليل الأورام الحارة الباطنة ويجب أن لا يغذى أربابها إلا لطيفاً وفي غير وقت النوبة إن كانت في ابتدائها إلا لضعف شديد .
ومن بلي باجتماع ورم الأحشاء مع سقوط القوة فهو في طريق الموت لأن القوة لا تنتعش إلا بالغذاء .
والغذاء أضر شيء فإن تحللت فما أحسن ما يكون وإن تفجرت فيجب أن يشرب ما يغسلها مثل ماء العسل أو ماء السكر ثم يتناول ما ينضج برفق مع تجفيف ثم آخر الأمر يقتصر على المجففات .
وستعلم هذا من الكتاب المشتمل على الأمراض الجزئية علماً مشروحاً وقد يغلط في الأورام الباطنة التي تحت البطن فإنها ربما لم تكن أوراماً بل كانت فتقاً فيكون بطها فيه خطر وربما كانت ورماً باطناً وليس في الصفاق بل في المعي نفسه وكان في بطه خطر فاعلم ذلك .
الفصل الخامس والعشرون كلام مجمل في البَط
من أراد أن يبط بطأ فيجب أن يفدب بشقه مع الأسرة والغضون التي في ذلك العضو إلا أن يكون العضو مثل الجبهة فإن البط إذا وقع على مذهب أسرته وغضونه انقطعت عضلة الجبهة وسقط الحاجب .
وفي الأعضاء التي يخالف منصب أسرته مذهب ليف العضلة ويجب أن يكون الباط عارفاً بالتشريح تشريح العصب والأوردة والشرايين لئلا يخطىء فيقطع شيئاً منها فيؤدي إلى هلاك المريض .
ويجب أن يكون عنده عدد من الأدوية الحابسة للدم ومن المراهم المسكنة للوجع والآلات التي تجانس ذلك فيكون معه مثل دواء " جالينوس " ومثل وبر الأرنب أو نسج العنكبوت إذ في نسج العنكبوت منفعة بينة في معنى ذلك وأيضاً بياض البيض والمكاوي كلها لمنع نزف إن حل به خطأ منه أو ضرورة وتكون معه الأدوية المفردة حسب ما بينا في الأدوية المفردة .


وأنت تعلم ذلك وإذا بطّ خراجاً فأخرَج ما فيه لم يجب أن يقرب منه دهناً ولا مائية ولا مرهماً فيه شحم وزيت غالب كالباسليقون بل مثل مرهم القلقطار وليستعمله إذا احتاج إليه ويضع فوقه إسفنجة مغموسة في شراب قابض .


القانون
القانون
( 15 من 70 )

الفصل السادس والعشرون علاج فساد العضو
والقطع إن العضو إذا فسد لمزاج رديء مع مادة أو غير مادة ولم يغن فيه الشرط والطلاء بما يصلح مما هو مذكور في الكتب الجزئية فلا بد من أخذ اللحم الفاسد الذي عليه والأولى أن يكون بغير الحديد إن أمكن فإن الحديد ربما أصاب شظايا العضل والعصب والعروق النابضة إصابة مجحفة فإن لم يغن ذلك وكان الفساد قد تعدى إلى الدم فلا بد من قطعه وكي قطعه بالدهن المغلي فإنه يأمن بذلك شر غائلته وينقطع النزف وينبت على قطعه دم وجلد غريب غير مناسب أشبه شيء بالدم لصلابته . وإذا أريد أن يقطع فيجب أن يدخل المجس فيه ويدور حول العظم فحيث يجد التصاقاً صحيحاً فهنالك يشتد الوجع بإدخال المجس فهو حدّ السلامة وحيث يجد رهلاً وضعف التصاق فهو في جملة ما يجب أن يقطع فتارة بثقب ما يحيط بالعظم الذي يراد قطعه حتى تحيط به المثاقب فينكسر به وينقطع وتارة ينشر .
وإذا أريد أن يفعل به ذلك حيل بين المقطع والمنقب وبين اللحم لئلا يوجع فإن كان العظم الذي يحتاج إلى قطعه شظية ناتئة ليد يتهندم ولا يرجى صلاحه ويخاف أن يفسد فيفسد ما يليه نحينا اللحم عنه إما بالشق ثم بالربط والمد إلى خلاف الجهة وإما بحيل أخرى تهدي إليها المشاهدة وحلنا بينه وبين عضو شريف إذا كان هناك بحجب من الخرق ونبعده بها عنه ثم قطعنا وإن كان العظم مثل عظم الفخذ وكان كبيراً قريباً من أعصاب وشرايين وأوردة وكان فساده كثيراً فعلى الطبيب عند ذلك الهرب .
الفصل السابع والعشرون معالجات تفرق الاتصال


وأصناف القروح والوثي والضربة والسقطة تفرق الإتصال في الأعضاء العظيمة يعالج بالتسوية والرباط الملائم المفعول في صناعة الجبر وسيأتيك في موضعه ثم بالسكون واستعمال الغذاء المغري الذي يرجى أن يتولد منه غذاء غضروفي ليشد شفتي الكسر ويلائمها كالكفشير فإنه من المستحيل أن يجبر العظم وخصوصاً في الأبدان البالغة إلا على هذه الصفة فإنه لا يعود إلى الاتصال البتة .
وسنتكلم في الجبر كلاماً مستقصى في الكتب الجزئية .
وأما تفرق الإتصال الواقع في الأعضاء اللينة فالغرض في علاجها مراعاة أصول ثلاثة إن كان السبب ثابتاً فأول ما يجب هو قطع ما يسيل وقطع مادته إن كان لمجاوره مادة .
والثاني : إلحام الشق بالأدوية والأغذية الموافقة .
والثالث : منع العفونة ما أمكن .
وإذا كفى من الثلاثة واحد صرفت العناية إلى الباقين .
أما قطع ما يسيل فقد عرفت الوجه في ذلك ونحن قد فرغنا عن بيانه .
وأما الإلحام .
فتجمع الشفاه إن اجتمعت وبالتجفيف فيتناول المغريات وينبغي أن تعلم أن الغرض في مداواة القروح هو التجفيف فما كان منها نقياً جفف فقط وما كان منها عفناً استعملت فيه الأدوية الحادة الأكالة مثل القلقطار والزاج والزرنيخ والنورة فإن لم ينجع فلا بد من النار .
والدواء المركّب من الزنجار والشمع والدهن ينقى بزنجاره ويمنع إفراط اللذع بدهنه وشمعه فهو دواء معتدل في هذا الشأن المذكور في أقراباذين وتقول : إن كل قرحة لا يخلو إما أن تكون مفردة وإما أن تكون مركبة .
والمفردة إن كانت صغيرة ولم يتأكل من وسطها شيء فيجب أن يجمع شفتاها وتعصب بعد توق من وقوع شيء فيما بينها من دهن أو غبار فإنه يلتحم وكذلك الكبيرة التي لم يذهب من جوهرها شيء ويمكن إطباق جزء منها على الآخر .
وأما الكبيرة التي لا يمكن ضمها شقاً كان أو فضاء مملوءاً صديداً أو قد ذهب منها شيء من جوهر العضو فعلاجها التجفيف .


فإن كان الذاهب جلداً فقط احتيج إلى ما يختم وهو إما بالذات فالقوابض وإما بالعرض فالحادة إذا استعمل منها قليل معلوم مثل الزاج والقلقطار فإنها أعون على التجفيف وإحداث الخشكريشة فإن أكثر أكل وزاد في القروح وأما إن كان الذاهب لحماً كالقروح الغائرة فلا يجب أن نبادر إلى الختم بل يجب أن يعتني أولاً ب بإنبات اللحم وإنما ينبت اللحم ما لا يتعدّى تجفيفه الدرجة الأولى كثيراً بل ههنا شرائط ينبغي أن تراعى من ذلك اعتبار حال مزاج العضو الأصلي ومزاج القرحة فإن كان العضو في مزاجه شديد الرطوبه والقرحة ليست بشديدة الرطوبة كفى تجفيف يسير في الدرجة الأولى لأن المرض لم يتعد عن طبيعة العضو كثيراً .
وأما إذا كان العضو يابساً والقرحة شديدة الرطوبة احتيج إلى ما يجفف في الدرجة الثانية والثالثة ليرده إلى مزاجه ويجب أن يعدل الحال في المعتدلين ومن ذلك اعتبار مزاج البدن كله لأن البدن إذا كان شديد اليبوسة كان العضو الزائد في رطوبته معتدلاً في الرطوبة بحسب البدن المعتدل فيجب أن يجفف بالمعتدل وكذلك إن كان البدن زائد الرطوبة والعضو إلىٍ اليبوسة وإن خرجا جميعاً إلى الزيادة فحينئذ إن كان الخروج إلى الرطوبة جفف تجفيفاً أكثر أو إلى اليبوسة جفّف تجفيفاً أقل ومن ذلك اعتبار قوة المجقفات فإن المجففات المنبتة - وإن لم يطلب منها تجفيف شديد مثله - يمنع المادة المنصبة إلى العضو التي منها يتهيأ إنبات اللحم كما يطلب في مجففات لا تستعمل لإنبات اللحم بل للختم فإذاه يطلب منها أن تكون أكثر جلاءَ وغسلاً للصديد من المجففات الخاتمة التي لا يراد منها إلا الختم والإلحام والإهمال وجميع الأدوية التي تجفف بلا لذع فهي ذات نفع في إنبات اللحم .
وكل قرحة في موضع غير لحيم فهي غير مجيبة لسرعة الإندمال .
وكذلك المستديرة .


وأما القروح الباطنة فيجب أن يخلط بالأدوية المجففة والقوابض المستعملة فيها أدوية منفذة كالعسل وأدوية خاصة بالموضع كالمدرات في أدوية علاج قروح آلات البول وإذا أردنا فيها الإدمال جعلنا الأدوية مع قبضها لزجة كالطين المختوم .
واعلم أن لبرء القرحة موانع رداءة العضو أي مزاج العضو فيجب ان تعتني بإصلاحه حسب ما تعلم وراءة مزاج الدم المتوجه إليه فيربطه فيجب أن تتداركه بما يولد الكيموس المحمود وكثرة الدم الذي يسيل إليه ويرطبه فيجب أن تتداركه بالاستفراخ وتلطيف الغذاء واستعمال الرياضة إن أمكن .
وفساد العظم الذي نخبه وأساله الصديد وهذا لا دواء له إلا إصلاح ذلك العظم وحكه إن كان الحك يأتي على فساده أو أخذه وقطعه وكثيراً ما يحتاج أن يكون مع معالجي القرحة مراهم جذابة لهشيم العظام وسلاءة ليخرجها وإلا منعت صلاح القرحة .
القروح تحتاج إلى الغذاء للتقوية وإلى تقليل الغذاء لقطع مادة المدة وبين المقتضيين خلاف فإن المدة تضعف فتحتاج إلى تقوية وتكثر فتحتاج إلى منع الغذاء فيجب أن يكون الطبيب متدبراً في ذلك وإذا كانت القروح في الابتداء والتزيد فلا ينبغي أن يدخل الحمام أو يصاب بماء حار فينجذب إليها ما يزيد في الورم .
وإذا سكنت القرحة وقاحت فلعله يرخص فيها وكل قرحة تنتكث بسرعة كلما اندملت فهي في طريق البنصر .
ويجب أن يتأمل دائماً لون المدة ولون شفة الجرح وإذا كثرت المدة من غير استكثار من الغذاء فذلك للنضج .
ولنتكلم الأن في علاج الفسخ .
فنقول : إنه لما كان الفسخ تفرق اتصال غائر وراء الجلد فمن البين أن أدويته يجب أن تكون أقوى من أدوية المكشوفة ولما كان الدم يكثر انصبابه إليه احتاج ضرورة إلى ما يحلل .


ويجب أن يكون ما يحلله ليس بكثير التجفيف لئلا يحلّل اللطيف ويحجر الكثيف فإذا قضى الوطر من المحلل فيجب أن يستعمل الملحم المجفف لئلا يرتبك فيما بين الاتصال وسخ يتحجّر ثم يعفن بأدنى سبب أو ينقلع فيعود تفرق الاتصال إذا كان الفسخ أغور شرط الموضع ليكون الدواء أغوص .
وأما الفسخ والرض الخفيف فربما كفى في علاجه الفصد فإن كان الفسخ مع الشدخ عولج الشدخ أولاً بأدوية الشدخ حتى يمكن علاج الفسخ .
والشدخ إن كان كثيراً عولج بالمجفّفات وإن كان قليلاً كنخس الإبرة أسند أمره إلى الطبيعة نفسها إلا أن يكون سمياً ملتفاً أو يكون شديد الانخلاع أو يكون نال عصباً فيخاف منه تولّد الورم والضربان .
وأما الوثي فيكفي فيه شدّ رقيق غير موجع وأن يوضع عليه الأدوية الوثبية .
وأما السقطة والضربة فيحتاج في مثلها إلى فصد من الخلاف وتلطيف الغذاء وهجر للحم ونحوه واستعمال الأطلية والمشروبات المكتوبة لذلك في الكتب الجزئية .
وأما تفرّق الاتصال في الأعضاء العصبية وفي العظام فلنؤخر القول فيها .
الفصل الثامن والعشرون الكي
الكي علاج نافع لمنع انتشار الفساد ولتقوية العضو الذي يرد مزاجه ولتحليل المواد الفاسدة المتشبثة بالعضو ولحبس النزف .


وأفضل ما يكوى به الذهب ولا يخلو موقع الكي إما أن يكون ظاهراً ويوقع عليه الكيّ بالمشاهدة أو يكون غائراً في داخل عضو كالأنف أو الفم أو المقعدة ومثل هذا يحتاج إلى قالب يغلي عليه مثل الطلق والمغرة مبلولة بالخلّ ثم يلف عليه خرق ويبرد جداً بماء ورد أو ببعض العصارات فيدخل القالب في ذلك المنفذ حتى يلتقم موقع الكي ثم يدس فيه المكوى ليصل إلى موقعه ولا يؤذي ما حواليه وخصوصاً إذا كان المكوى أرق من حيطان القالب فلا يلقي حيطان القالب وليتوق الكاوي أن تتأدى قوة كيته إلى الأعصاب والأوتار والرباطات وإذا كان كيه لنزف دم فيجب أن يجعله قوياً ليكون لخشكريشته عمق وثخن فلا يسقط بسرعة فإن سقوط خشكريشة كي النزف يجلب آفة أعظم مما كان وإذا كويت لإسقاط لحم فاسد وأردت أن تعرف حد الصحيح فهو حيث يوجع وربما احتجت أن تكوي مع اللحم العظم الذي تحته وتمكنه عليه حتى يبطل جميع فساده وإذا كان مثل القحف تلطفه حتى لا يغلي الدماغ ولا تتشنج الحجب وفي غيره لا تبالي بالاستقصاء .
الفصل التاسع والعشرون تسكين الأوجاع
قد علمت أسباب الأوجاع وأنها تنحصر في قسمين : تغير المزاج دفعة وتفرق الاتصال ثم علمت أن آخر تفصيلها ينتهي إلى سوء مزاج حار أو بارد أو يابس بلا مادة أو مع مادة كيموسية أو ريح أو ورم .
فتسكين الوجع يكون بمضادة الأسباب .
وقد علمت مضادة كل واحد منها كيف يكون وعلمت أن سوء المزاج والورم والريح كيف يكون وكيف يعالج وكل وجع يشتد فإنه يقتل ويعرض منه أولاً برد البدن وارتعاد ثم يصغر النبض ثم يبطل ثم يموت .
وجملة ما يسكن الوجع إما مبدل المزاج وإما محلل المادة وإما مخدر .
والتخدير يزيل الوجع لأنه يذهب بحس ذلك العضو وإنما يذهب بحسّه لأحد سببين : إما بفرط التبريد وإما بسمّية فيه مضادة لقوة ذلك العضو .


والمرخيات من جملة ما يحلل برفق مثل بزر الكتان والشبت وإكليل الملك والبابونج وبزر الكرفس واللوز المر وكل حار في الأولى وخصوصاً إذا كان هناك تغرية ما مثل صمغ الإجاص والنشا والاسفيذاجات والزعفران واللاذن والخطمي والحماما والكرنب والسلجم وطبيخها والشحوم والزوفا الرطب وأذهان مما ذكر والمسهلات والمستفركات كيف كانت من هذا القبيل .
ويجب أن تستعمل المرخيات بعد الاستفراغ إن احتيج إلى استفْراغ حتى تنقطع المادة المنصبة إلى ذلك العضو وأيضاً جميع ما ينضج الأورام أو يفجرها .
والمخدرات أقواها الأفيون ومن جملتها اللفاح وبزره وقشور أصله والخشخاشات والبنج والشوكران وعنب الثعلب وبزر الخس .
ومن هذه الجملة الثلج والماء البارد وكثير ما يقع الغلط في الأوجاع فتكون أسبابها أموراٌ من خارج مثل حر أو برد أو سوء وساد وفساد مضطجع أو صرعة في السكر وغيره فيطلب لها سبب من البدن فيغلط .
ولهذا يجب أن تتعرف ذلك وتتعرف هل هناك امتلاء أم ليس وتتعرف هل هناك أسباب الامتلات المعلومة وربما كان السبب أيضاً قد ورد من خارج فتمكن داخلاً مثل من يشرب ماءً بارداً فيحدث به وجع شديد في نواحي معدته وكبده وكثيراً ما لا يحتاج إلى أمر عظيم من الاستفراغ ونحوه فإنه كثيراً ما يكفيه الاستحمام والنوم البالغ فيه ومثل من يتناول شيئاً حاراً فيصدعه صداعاً عظيماً ويكفيه شرب ماء مبرد .
وربما كان الشيء الذي من قبله يرجى زوال الوجع إما بطيء التأثير ولا يحتمل الوجع إلى ذلك الوقت مثل استفراغ المادة الفاعلة لوجع القولنج المحتبسة في ليف الأمعاء وإما سريع التأثير لكنه عظيم الغائلة مثل تخدير العضو الوجع في القولنج بالأدوية التي من شأنها أن تفعل ذلك فيتحير المعالج فى ذلك فيجب أن يكون عنده حدس قوي ليعلم أى المدتين أطول مدة ثبات القوة أو مدد الوجع وأيضاً الحالين أضر فيه الوجع أو الغائلة المتوقعة في التخدير فيؤثر تقديم ما هو أصوب .


فربما كان الوجع - إن بقي - قتل بشدته وبعظمه والتخدير ربما لم يقتل وإن أضر من وجه اخر وربما أمكنك أن تتلافى مضرّته وتعاود وتعالج بالعلاج الصواب ومع ذلك فيجب أن تنظر في تركيب المخدر وكيفيته وتستعمل أسهله وتستعمل مركبه مع ترياقاته إلا أن يكون الأمر عظيماً جداً فتخاف وتحتاج إلى تخدير قوي وربما كان بعض الأعضاء غير ميال باستعمال المخدر عليه فإنه لا يؤدي إلى غائلة عظيمة مثل الأسنان إذا وضع عليها مخدّر .
وربما كان الشرب أيضاً سليماً في مثله مثل شرب المخدر لأجل وجع العين فإن ذلك أقل ضرراً بالعين من أن يكتحل به وربما سهك تلاقي ضرر شربها بالأعضاء الآخرى .
وأما في مثل القولنج فتعظم الغائلة لأن المادة تزداد برداً وجموداً واستغلافاً والمخدرات قد تسكن الوجع بما تنوم فإن النوم أحد أسباب سكون الوجع وخصوصاً إذا استعمل الجوع معه في وجع مادي .
والمخدّرات المركبة التي تكسر قواها أدوية هي كالترياق لها أسلم مثل الفلونيا ومثل الأقراص المعروفة بالمثلثة لكنها أضعف تخديراً .
والطري منها أقوى تخديراً والعتيق يكاد لا يخدر والمتوسط متوسط .
ومن الأوجاع ما هو شديد الشدة سهل العلاج أحياناً مثل الأوجاع الريحية فربما سكنها وكفاها صب الماء الحار عليها ولكن في ذلك خطر واحد وذلك أنه ربما كان السبب ورماً فيظن أنه ريح فإن استعمل عليه وخصوصاً في ابتداء تبطيل ماء حار عظم الضرر .
وهذا مع ذلك ربما أضر بالريحي وذلك إذا ضعف عن تحليل الريح وزاد في انبساط حجمه .
والتكميد أيضاً من معالجات الرياح وأفضله بما خص مثل الجاورس إلا في عضو لا يحتمله مثل العين فتكمد بالخرق ومن الكمادات ما يكون بالدهن المسخّن .
ومن التكميدات القوية أن يطبخ دقيق الكرسنة بالخل ويجفّف ثم يتخذ منه كماد ودونه أن تطبخ النخالة كذلك والملح لذاع البخار والجاورس أصلح منه وأضعف وقد يكمد بالماء في مثانة .


وهو سليم لين ولكن قد يفعل الفعل المذكور إذا لم يراع والمحاجم بالنار من قبيل هذا وهو قوي على إسكَان الوجع الريحي وإذا كرر أبطل الوجع أصلاً لكنه قد يعرض منه ما يعرض من المرخيات .
ومن مسكنات الأوجاع المشي الرقيق الطويل الزمان لما فيه من الارخاء وكذلك الشحوم اللطيفة المعروفة والأدهان التي ذكرنا والغناء الطيب خصوصاً إذا نوم به والتشاغل بما يفرح مسكن قوي للوجع . الفصل الثلاثون وصية
في أنا بأي المعالجات نبتدىء إذا اجتمعت أمراض فإن الواجب أن نبتدىء بما يخصه إحدى الحواص الثلاث : إحداها بالتي لا تبرىء الثانية دون برئه مثل الورم والقرحة إذا اجتمعا فإنا نعالج الورم أولاً حتى يزول سوء المزاج الذي يصحبه ولا يمكن أن تبرأ معه القرحة ثم نعالج القرحة .
الثانية منها أن يكون أحدهما هو السبب في الثاني مثل أنه إذا عرضت سدّة وحمى عالجنا السدة أولاً ثم الحمى ولم نبال من الحمى إن احتجنا أن نفتح السددة بما فيه شيء من التسخين ونعالج بالمجففات ولا نبالي بالحمى لأن الحمى يستحيل أن تزول وسببها باق وعلاج سببها التجفيف وهو يضر الحمى .
والثالثة أن يكون أحداهما أشد اهتماماً كما إذا اجتمع حمى مطبقة سوناخس .
والفالج فإنا نعالج سوناخس بالتطفية والفصد ولا نلتفت إلى الفالج وأما إذا اجتمع المرض والعرض فإنا نبدأ بعلاج المرض إلا أن يغلبه العرض فحينئذ نقصد فصد العرض ولا نلتفت إلى المرض كما نسقي المخدرات في القولنج الشديد الوجع إذا صعب وإن كان يضر نفس القولنج وكذلك ربما أخرنا الواجب من الفصد لضعف المعدة أو لإسهال متقدم أو غثيان في الحال وربما لم نؤخر ولكن فصدنا ولم نستوف قطع السبب كله كما أنا في علة التشنُج لا نتحرى نفض الخلط كله بل نترك منه شيئاً تحلله الركة التشنجية لئلا تحلل من الرطوبة الغريزية .


فليكن هذا القدر من كلامنا في الأصول الكلية لصناعة الطب كافياً ولنأخذ في تصنيف كتابنا في الأدوية المفردة إن شاء الله تعالى .
تم الكتاب الأول من كتب القانون وهم الكليات وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله .
الكتاب الثاني الأدوية المفردة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على أنبيائه فإذا هذا الكتاب هو ثاني الكتب التي صنفناها في الطب التي الأول منها هو في الأحكام الكليّة من الطب والثاني منها هو هذا الكتاب المجموع في الأدوية المفردة .
وقسمنا هذا الكتاب جملتين : الأولى منهما : في القوانين الطبيعية التي يجب أن تعرف من أمر الأدوية المستعملة في علم الطب .
والثانية منهما : في معرفة قوى الأدوية الجزئية . أما
الجملة الأولى فقسمناها إلى ستة مقالات :
المقالة الأولى : في تعريف أمزجة الأدوية المفردة .
المقالة الثانية : في تعرف أمزجة الأدوية المفردة بالتجربة .
المقالة الثالثة : في تعرف أمزجة الأدوية المفردة بالقياس .
المقالة الخامسة : في أحكام تعرض للأدوية من خارج . المقالة السادسة : في التقاط الأدوية وادخارها . وأما
الجملة الثانية فقسمناها إلى عدة ألواح وإلى قاعدة .
فاللوح الأول من هذه
الجملة لوح الأفعال والخواص .
والثاني : في الزينة .
والثالث : في الأورام والبثور .
والرابع : في الجراحة والقروح .
والخامس : في آلات المفاصل .
والسادس : في أعضاء الرأس .
والسابع : في أعضاء العين .
والثامن : في أعضاء النفس والصدر .
والتاسع : في أعضاء الغذاء .
والعاشر : في أعضاء النفض .
والحادي عشر : في الحميّات . وأما القاعدة فقسمناها قسمين .
القسم الأول في المقدمة أني قد جعلت للأدوية المفردد فيها ألواحاً وجعلت لكل واحد منها كتابة بصبغ حتى يسهل التقاطه .
والقسم الثاني : يشتمل على ثمانية وعشرين فصلاً .

الجملة الأولى القوانين الطبيعية


القوانين الطبيعية التي يجب أن تُعرف من أمر الأدوية المستعملة في علم الطب
المقالة الأولى أمزجة الأدوية المفردة
قد بينا في الكتاب الأول معنى قولنا : هذا الدواء حار وهذا الدواء بارد وهذا الدواء رطب وهذا الدواء يابس وبيّنا أن ذلك بالقياس إلى أبداننا .
وصادرنا على أن جميع المركبات المعدنية والنباتية والحيوانية أركانها هي العناصر الأربعة وإنما تمتزج فيفعل بعضها في بعض حتى تستقر على تعادل أو على تغالب فيما بينها وإذا استقرت على شيء فذلك هو المزاج الحقيقي .
وأن المزاج إذا حصل في المركّب هيأه لقبول القوى والكيفيات التي من شأنها أن تكون له بعد المزاج وبينا أن المزاج بالجملة على كم قسم هو وأن المزاج المعتدل في الناس ماذا يراد به وأن المزاج المعتدل في الأدوية ماذا يراد به وبينا أنه إنما يراد به أن البدن الإنساني إذا لاقاه وفعل فيه بحرارته الغريزية لم يبعد هو أن يؤثر في بدن الإنسان تبريداً أو تسخيناً أو ترطيباً أو تيبيساً فوق الذي في الإنسان لسنا نعني به أن مزاجه مثل مزاج الإنسان فإن مزاج الإنسان لا يكون إلا للإنسان .
واعلم أن المزاج على نوعين : مزاج أوّل : هو أول مزاج يحدث عن العناصر .
والمزاج الثاني هو المزاج الذي يحدث عن أشياء لها في أنفسها مزاج : كمثل مزاج الأدوية المركبة ومزاج الترياق فإن لكل دواء مفرد من أدوية الترياق مزاجاً يخصه ثم إذا اختلطت وتركبت حتى تتحد ويحصل لها مزاج حصل مزاج ثان وهذا المزاج الثاني ليس إنما يكون كله عن الصناعة بل قد يكون عن الطبيعة أيضاً فإن اللبنَ يمتزج بالحقيقة عن مائية وجبنية وسمنية وكل واحد من هذه الثلاثة غير بسيط في الطبع بل هو أيضاً ممتزج وله مزاج يخصه .
وهذا المزاج الثاني هو من فعل الطبيعة لا من فعل الصناعة .
والمزاج الثاني قد يكون على وجهين : إما مزاج قوي واما مزاج رخو .


والمزاج القوي : مثل أن يكون كل واحد من البسيطين اتحد بالآخر اتحاداً يعسر تفريقه على حرارتنا الغريزية بل قد يكون منه ما يعسر تفريقه على حرارة النار مثل جرم الذهب فإن المزاج من رطبه ويابسه قد بلغ بلغاً تعجز النارية عن التفريق بينهما وإذا سيّلت النارية المائية لتصعدها تشبث بجميع أجزائها أجزاء الأرضية فلم تقدر على تصعيدها وإرساب الأرضية كما تقدم على مثله في الخشب بل في الرصاص والآنك . فإذا كان من المزاج ما استحكامه هذا الاستحكام فلا يبعد أن يكون من المزاج ما تعجز الحرارة الغريزية التي فينا عن تفريق بسائطه وما كان هكذا فهو المزاج الموثق فإن كان معتدلاً بقي في جميع البدن إلى أن يحيل صورته ويعيده معتدلاً وما كان مائلاً إلى غلبة بقي في البدن على غَلَبَتِهِ إلى أن تفسد صورته .
وبالجملة إنما يصدر عنه فعل واحد .
وأما إذا لم يكن المزاج موثقاً بل رخواً سلساً إلى الإنفصال فقد يجوز أن تفترق بسائطه عند فعل طبيعتنا فيه ويتزايل بعضها عن بعض وتكون مختلفة القوى فيفعل بعضها فعلاً ويفعل الآخر ضده فإذا قال الأطباء إن دواء كذا قوته مركَبة من قوى متضادة فلا يجب أن يفهموا هم أنفسهم وأنت عنهم أن جزءاً واحداً يحمل حرارة وبرودة بفعل كل واحد منهما بانفراده كالمتميزين فإن ذلك لا يمكن بل هما في جزأين منه مختلفين هو مركب منهما .


وأيضاً لا يجب أن نظن أن غير ذلك الجنس من الأدوية ليس مركباً من قوى متضادة فإذا جميع الأدوية مركّبة من قوى متضادة بل يجب أن تفهم من ذلك أنهم يعنون أنه بالفعل ذو قوى متضادة أو بقوة قريبة من الفعل لأن فيه أجزاء مختلفة لم يفعل بعضها في بعض فعلاً تام يجعل الكل متشابه القوة تشابهاً تاماً ولا تلازمت واتحدت حتى إذا حصل بعضها في جزء عضو لزم أن يحصل الآخر معه لأنه إن كانت متشابهة القوّة لم يختلف فعلها في البدن البتّة وإن كانت متلازمة الأجزاء ومختلفة القوى جاز أن لا يختلف أيضاً تأثيرها في البدن بل كان إذا حصل جزء من بسيط في عضو وافقه ما يلازمه من البسيط الآخر فحصل منهما الفعل والأثر الذي يؤدي إليه فعلاهما في جميع أجزاء ذلك العضو على السواء إذ كل واحد من أجزائه معه عائق عن تمام فعله متمكن منه اللهم إلا أن يكون جزء وعضو قابلاً عن أحد البسطين دون الآخر . والطبيعة تستعمل أحدهما وترفض الآخر فقد يكون هذا كثيراً وليس كلامنا في هذا بل هو في الصنف الذي هو مختلف التأثير لأمر في نفسه لا لأمر في غيره وذلك الأمر هو أن بسائطه امتزاجها واهٍ بحيث يقبل التمييز بتأثّر حرارتها فالأدوية المفردة التي نذكر أن لها قوى متضادة من هذه التي ليس فيها ذلك الامتزاج الكلي .
فمن هذه ما هو أقوى امتزاجاً فلا يقدر الطبخ والغسل على التفريق بين قواها مثل البابونج الذي فيه قوة محللة وقوة قابضة وإذا طبخ في الضمادات لم تفارقه القوتان .
ومنها ما يقدر الطبخ على التفريق بينهما مثل الكرنب فإن جوهره ممتزج من مادة أرضية قابضة ومن مادة لطيفة جلآءة بورقية فإذا طبخ في الماء تحلل الجوهر البورقي الجالي منه في الماء وبقي الجوهر الأرضي القابض فصار ماؤه مسهلاً وجرمه قابضاً .
وكذلك العدس وكذلك الدجاج وكذلك الثوم فإن فيه قوة جلاءة محرقة ورطوبة ثقيلة والطبخ يفرق بينهما .


وكذلك البصل والفجل وغير ذلك ولذلك قيل : إن الفجل يهضم ولا ينهضم لا بجميع أجزائه بل بالجوهر اللطيف الأرق الذي فيه فإذا تحلل ذلك عنه بقي الجوهر الكثيف الذي فيه عاصياً على القوة الهاضمة لزجاً وذلك الجوهر الآخر يقطع اللزوجة .
ومن هذا الباب ما يقدر الغسل على التفريق بين بسائطه مثل الهندبا وكثير من البقول فإن جوهرها مركب من مادة أرضية مائية باردة كثيرة ومن مادة لطيفة قليلة فيكون تبريدها بالمادة الأولى وتفتيحها للسدد وتنفيذها أكثر بالمادة الآخرى ويكون خل هذه المادة اللطيفة منبسطة على سطحها وقد تصعَدت إليه وانفرشت عليه فإذا غسلت تحللت في الماء ولم يبق منها شيء يعتد به .
فلهذا نهى عن غسلها شرعاً وطباً وبهذا السبب كثير من الأدوية إذا تناولها الإنسان برد تبرداً شديداً فإذا ضمًد بها حللت مثلاً كالكزبرة فإنها إذا تنوولت اشتد تبريدها فإذا ضمَد بها فربما حلَلت مثل الخنازير وخصوصاً مخلوطة بالسويق وذلك لأنها مركَبة من جوهر أرضي مائي شديد التبريد ومن جوهر لطيف محلل فإذا تنوولت أقبلت الحرارة الغريزية فحللت عنها الجوهر اللطيف ولم تكن كثيرة المقدار فتؤثر في المزاج أثراً بل بعدت ونفذت وبقي الجوهر المبرد منه غاية في التبريد .
وأما إذا ضفد بها فيشبه أن يكون الجوهر الأرضي لا ينفذ في المسام ولا يفعل فيها أثراً البتة .
والجوهر اللطيف الناري ينفذ فيها وينضج فإن استصحبت شيئاً من الجوهر البارد نفع في الردع وقهر الحرارة الغريزية .
وهذا قريب مما بينّاه في الكتاب الأول من إحراق البصل ضمَاداً والسلامة عنه مطعوماً إذا جعلنا إحدى العلل فيه قريبة من هذا فيجب أن يكون المعنى محكماً معلوماً .
ومن الأدوية ما يشبه أن يكون فيه جوهران مختلفإن في الطبع من غير امتزاج البتّة فمن ذلك ما هو ظاهر للحس كأجزاء الأترج ومنه ما هو أخفى فإن بزر قطونا يشبه أن يكون قشره وما على قشره قوي التبريد .


والدقيق الذي فيه قوي التسخين حتى يكاد أن يكون دواء محمراً أو مقرّحاً وقشره كالحجاب الحاجز بينهما فإن شرب غير مدقوق لم تمكن صلابة جلده من أن تنفذ قوة دقيقة وباطنة إلى خارج بل فعل بظاهره ولعابيته وان دق فعسى أن الذي يقال من أنه سم هو بسبب ظهور دقيقه وحشوه فيشبه أن يكون تفجير المدقوق منه للجراحات وتفحّج الصحيح منه إياها وردعه لها بهذا السبب وهذا المقدار كاف في إعطائنا هذا الأصل .
المقالة الثانية الأدوية
تتعرّف قواها من طريقين : أحدهما : طريق القياس والآخر : طريق التجربة . ولنقدم الكلام في التجربة فنقول : إن التجربة إنما تهدي إلى معرفة قوة الدواء بالثقة بعد مراعاة شرائط : إحداها : أن يكون الدواء خالياً عن كيفية مكتسبةِ إما حرارة عارضة أو برودة عارضة أو كيفية عرضت لها باستحالة في جوهرها أو مقارنة لغيرها فإن الماء وان كان بارداً بالطبع فإذا سُخن سَخَّن ما دام سَخِيناً والفربيون وأن كان حاراً بالطبع فإنه إذا بَرَدَ برَدَ ما دام بارداً واللوز وأن كان إلى الاعتدال لطيفاً فإذا زنخ سخن بقوة ولحم السمك وإن كان بارداً فإذا ملحَ سخن بقوة .
والثاني : أن يكون المجرب عليه علَة مفردة فإنها إن كانت علة مركبة وفيها أمران يقتضيان علاجين متضادين فجرب عليهما الدواء فنفع لم يدر السبب في ذلك بالحقيقة مثاله إذا كان بالإنسان حمى بلغمية فسقيناه الغاريقون فزالت حماه لم يجب أن يحكم أن الغاريقون بارد لأنه نفع من علة حارة وهي الحمى بل عسى إنما نفع لتحليله المادة البلغمية أو استفراغه إياه فلما نفدت المادة زالت الحمى وهذا بالحقيقة نفع بالذات مخلوط بالعرض .
أما بالذات فبالقياس إلى المادق وأما بالعرض فبالقياس إلى الحمى .


والثالث : أن يكون الدواء قد جرب على المضادة حتى إن كان ينفع منهما جميعاً لم يحكم أنه مضاد المزاج لمزاج أحدهما وربما كان نفعه من أحدهما بالذات ومن الآخر بالعرض كالسقمونيا لو جزبناه على مرض بارد لم يبعد أن ينفع ويسخن وإذا جربناه على مرض حار كحمى الغب لم يبعد أن ينفع باستفراغ الصفراء فإذا كان كذلك لم تفدنا التجربة ثقة بحرارته أو برودته إلا بعد أن يعلم أنه فعل أحد الأمرين بالذات وفعل الآخر بالعرض .
والرابع : أن تكون القوة في الدواء مقابلاً بها ما يساويها من قوة العلّة فإن بعض الأدوية تقصر حرارتها عن برودة علة ما فلا يؤثر فيها البتة وربما كانت عند استعمالها في برودة أخفّ منها فعالة للتسخين فيجب أن يجرب أولاً على الأضعف ويتدرج يسيرا يسيراً حتى تعلم قوة الدواء ولا يشكل .
والخامس : أن يراعى الزمان الذي يظهر فيه أثره وفعله فإن كان مع أول استعماله أقنع أنه يفعل ذلك بالذات وإن كان أول ما يظهر منه فعل مضاد لما يظهر أخيراً أو يكون في أول الأمر لا يظهر منه فعل ثم في اًخر الأمر يظهر منه فعل فهو موضع اشتباه وإشكال عسى اْن يكون قد فعل ما فعل بالعرض كأنه فعل أولاً فعلاً خفياً تبعه بالعرض هذا الفعل الأخير الظاهر .
وهذا الإشكال والاشتباه في قوة الدواء .
والحدس أن فِعْلَهُ إنما كان بالعرض قد يقوَى إذا كان الفعل إنما ظهر منه بعد مفارقته ملاقاة العضو فإنه لو كان يفعل بذاته لفعل وهو ملاق للعضو ولاستحال أن يقصر وهو ملاق ويفعل وهو مفارق وهذا هو حكم أكثري مقنع .
وربما اتفق أن يكون بعض الأجسام يفعل فعله الذي بالذات بعد فعله الذي بالعرض وذلك إذا كان اكتسب قوة غريبة تغلب الطبيعية مثل الماء الحار فإنه في الحال يسخن .
وأما من اليوم الثاني أو الوقت الثاني الذي يزول فيه تأثيره العرضي فإنه يحدث في البدن برداً لا محالة لاستحالة الأجزاء المستعقبة منه إلىالحالة الطبيعية من البرد الذي فيه .


والسادس : أن يراعى استمرار فعله على الدوام أو على الأكثر فإن لم يكن كذلك فصدور الفعل عنه بالعرض .
لأن الأمور الطبيعية تصدر عن مباديها إما دائمة وإما على الأكثر .
والسابع : أن تكون التجربة على بدن الإنسان فإنه إن جرب على غير بدن الإنسان جاز أن يتخلّف من وجهين : أحدهما : أنه قد يجوز أن يكون الدواء بالقياس إلى بدن الإنسان حاراً وبالقياس إلى بدن الأسد والفرس بارداً إذا كان الدواء أسخن من الإنسان وأبرد من الأسد والفرس ويشبه فيما أظن أن يكون الراوند شديد البرد بالقياس إلى الفرس وهو بالقياس إلى الإنسان حار .
والثاني أنه قد يجوز أن يكون له بالقياس إلى أحد البدنين خاصية ليست بالقياس إلى البدن الثاني مثل البيش فإن له بالقياس إلى بدن الإنسان خاصية السمية وليست له بالقياس إلى بدن الزرازير .
فهذه القوانين التي يجب أن تراعى في استخراج قوى الأدوية من طريق التجربة فاعلم ذلك .
المقالة الثالثة أمزجة الأدوية المفردة
بالقياس وأما تعرّف قوى الأدرية من طريق القياس فالقوانين فيه بعضها مأخوذ من سرعة استحالتها إلى النار والتسخن ومن بطء استحالتها ومن سرعة جمودها وبطء جمودها وبعضها مأخوذ من الروائح وبعضها مأخوذ من الطعوم وقد تؤخذ من الألوان وقد تؤخذ من أفعال وقوى معلومة فيكتسب منها دلائل واضحة على قوى مجهولة .
وأما الطريق الأول فإن الأشياء المتساوية في قوام الجوهر أعني في التخلخل والتكاثف أيها قَبِلَ السخونة أسرع فهو أسخن وأيها قَبِل البرودة أسرع فهو أبرد .
ومن أحد الأسباب في ذلك أن الشيء قد يَسْخُنُ أسرع من الآخر والفاعل واحد لأنه في نفسه أسخن من الآخر وإنما كان البرد العارض برَدَهُ فلما وافاه الحار من خارج ووطاه القوة الحارة الطبيعية فيه ساوى الآخر في السبب الخارج وفضل عليه بالقوة التي فيه فْصار أسخن .


وعلى هذا فاعرف حال الذي يبرد وأما إذا كان أحدهما أشد تخلخلاً والآخر أشدّ تكاثفاً فإن الذي هو أشد تخلخلاً وإن كان في مثل برد الآخر وحره فإنه ينفعل أسرع لضعف جرمه وأما الأشياء التي من شأنها أن تجمد والأشياء التي من شأنها أن تشتعل ناراً فيجوز أن يتقايس بعضها ببعض .
وما كان أسرع جموداً وقوامه كقوام الآخر فهو أبرد وما كان أسرع اشتعالاً وقوامه كقوام الآخر فهو أسخن لمثل ما قلنا ولأنا إنما نقول للشيء إنه أبرد وأسخن بالقياس إلى تأثير الحرارة الغريزية التي فينا فيه فإذا كان هذا أبعد من الجمود وأسرع إلى الاشتعال قضينا أنه في التأثر عن حرارتنا الغريزية بتلك الصفة وهذه الأصول يُبرهن عليها كما ينبغي في العلم الطبيعي .
وأما إذا اختلف شيئان في التخلخل والتكاثف ثم وجد المتكاثف منهما أشد اشتعالاً وأبطأ جموداً فاحكم أنه لا محالة أسخن جوهراً .
وكذلك إن وجدت المتخلخل منها أسرع اشتعالاً فليس لك أن تجزم القضية فتجعله بهذا السبب أشد حرَّا فربما كان التخلخل هو السبب في سرعة اشتعاله كما أنك إن وجدت المتخلخل منهما أسرع جموداً فليس لك أن تجزم القضية فتجعله بهذا السبب أشد برداً فربما كان التخلخل هو السبب في سرعة جموده لضعف جرمه وسرعة انفعاله مثل الخمر فإنه وان كان أسخن من دهن القرع فإنه يجمد أسرع من جمود ذلك الدهن بل ذلك الدهن قد يخثر ولا يجمد .
والشراب يجمد فإن من الأشياء ما يجمد من غير خثورة ومن وأما الأشياء القابلة للخثورة إذا تساوت في قوام الجوهر فأقبلها للخثورة من البرد هو أبردها وكثير من الأشياء إنما تجمد في الحر والأشياء التي من شأنها أن تجمد بالحر كلها تنحل بالبرد كما أن الأشياء التي تجمد بالبرد كلها تنحل بالحر والحر يجمد بالتخفيف والبرد ينحلّ بالترطيب على رأي جالينوس .
ورأي الفيلسوف الأول قد يخالفه في شيء يسير واستقصاء ذلك في علم آخر .


وإذا كانت الأدوية بعضها أسخن لكنه أغلظ أمكن أن يكون قبوله للجمود كقبول الذي هو أبرد منه لغلظه وإذا كان بعضها أبرد لكنه أرقّ أمكن أن يكون قبوله للاشتغال مثل قبول الذي هو أسخن منه لرقّته .
والخثورة والانعقاد لا تدل على زيادة في الحرارة ولا زيادة في البرودة فإنها قى تخثر الأشياء الأرضية التي فيها وأشياء لكثرة المائية والهوائية فيها إذا تخلخلا وكثيراً ما يعرض للهوائية أن تبرد فتستحيل مائية ويتخلخل المركّب ويكون بارداً وكثيراً ما تخلخل المائية الباردة لنارية تغلي فيها وتحيلها هوائية وتخثّرها كما يعرض للمني من الخثورة .
فإذا انفصل عنه البخار الناري رق ولا تمنع الأرضية أن يكون معها نارية مفرطة فيجوز أن يكون القسم الأول شديد الحرارة ولا يمنع المائية أن يداخلها هوائية لا تقهر قوتها فيكون القسم الثاني شديد البرودة أو نارية تقهره فيكون شديد الحرارة .
هذا وأما القوانين الآخرى فيجب أن يعلم الأطباء منها شيئاً واحداً أنه لا يمكن أن يكون الطعوم الحلوة والمرة والحريفة إلا بجوهر حار ولا القابضة والحامضة والعفصة إلا بجوهر بارد .
وكذلك الروائح الذكية الحادة لا تكون إلا بجوهر حار والألوان البيض في الأجسام المنعقدة التي فيها رطوبة لا تكون إلا بجوهر بارد وفي الأجسام التي فيها يبوسة وانفراك لا تكون إلا بجوهر حار والأسود في الأمرين بالضد فإن البرد يبيض الرطب ويسوِّد اليابس والحر يسود الرطب ويبض اليابس وأن هذا حقّ واجب .
ولكن ههنا سبب اخر لأجل ذلك قد تختلف هذه الاستدلالات وخصوصا في الرائحة واللون وذلك أنا قد بينا أن الأجسام الدوائية قد تمتزج من عناصر متضادة تارة امتزاجاً أولياً وتارة امتزاجاً ليس أولياً بل الأحرى أن يسقى مزاجاً ثانياً فيجوز في هذا الامتزاج الثاني أن يكون أحد العنصرين قد حصل له مزاج استحقّ به لوناً أو رائحة أو طعماً وحصل له ذلك الذي استحقّه .


وكما أن العنصر الآخر قد حصل له مزاج مضاد مخالف لذلك المزاج يجوز أن يكون يستحق به لوناً مضاداً لذلك اللون أو رائحة أو طعماً مضادين للأول ويجوز أن لا يستحقّ به ذلك فإن هذا غير مضبوط وغير معلوم لها الحدود التي منها يستحقّ المزاج الألوان والروائح والطعوم بل إن قال الإنسان في هذا شيئاً فإنما يقوله على التخمين فإن كان قد استحقّ لوناً مقابلاً له ثم كانا متساويي الكمية حصل في الممتزج الثاني لون مركّب من اللونين .
وأن كانا مختلفين حصل في الممتزج الثاني لون أميل إلى اْحد اللونين فإن لم يستحقّ الثاني لوناً البتة وكذلك رائحة أو طعماً وكانا متساويين كان الموجود فيهما هو اللون الأول والرائحة الأولى .
وإن كانا قد انكسر المخالطة أجزاء عادمة اللون ولأجزاء متضادة ولم يكن للون الثاني أثر فإن هذا أيضاً يكسر كسر الشفاف المخالط للملوّن وكان ذلك الجسم يرى مثلاً أبيض .
ويجوز أن تكون قوّته ليست قوة الأبيض بما هو أبيض بل هي قوة أخرى مقابلة للأولى فإنه إذا كان الجرم المخالط العديم اللون كما اْنه مساوٍ في الكمية مساوٍ في القوّة كانت القوّة الحاصلة قوّة بين القوتين معتدلة .
وإن كان أقوى كثيراً من المتلوّن كان التأْثير للقوة المضادة لقوة الجرم المصاحب للبياض وكان البياض مثلاً يوجب أن يكون هو بارداً وهو حار بمرّة .
هذا إذا كان متساويي الكمية وأما إذا كان مثلاً هذا الذي لا لون له أو له لون مضاد قليل الكمية بالقياس إلى الآخر كثير الكيفية والقوة لم يؤثر البتّة أثراً في لون ذلك الآخر وقهره بالقوة قهراً شديداً حتى كان كأنه ليس له قوة وجودة البتّة .


تأمل الحال في رطل من اللبن لو خلطته بمثقالين من الفربيون خلطا كشيء واحد أليس كان المجتمع منهما مسخناً في الغاية والحس لا يدرك الفربيون منهما لا لونه ولا عدمه اللون لو كان عادماً للون إنما يرى بياضاً صرفاً فيكون قد صدقنا أن هذا البياض هو بجوهر بارد مثلاً إن فرضنا اللبن بارداً وكذبنا إن قلنا إن هذا الجوهر المشروب بارد وذلك لأن هذا البياض ليس هو لوناً لهذا المشروب المجتمع من جهة ما هو مشروب مجتمع بل هو لون لأحد بسيطيه الغالب بالمقدار المغلوب بالقوة الذي هو محسوس منهما فهكذا يجب أن يتصورالحال في الأبيض الطبيعي الامتزاج الذي هو في غاية الحر ونتوقعه أن يكون بارداً مثل الفلفل الأبيض فإنه كما أن هذا هو الذي يمتزج بالصناعة فكذلك قد يمتزج بالطبيعة فتكون الصورة هي هذه الصورة إلا أن من هذد الكيفيات المحسوسة ما الأولى أن يكون ما يخالطها من الضد يؤثر فيها أثراً بيناً وأنها ما دامت كيفياتها صادقة محسوسة لا تحس أضدادها فيها فهي غالبة للقوى .
وهذا هو في الطعوم لا على أنه واجب بل على أنه أكثري وبعد الطعوم في الروائح وبعدهما في الألوان وهو في الألوان كغير الموثوق به .
ومن الأسباب التي فاقت فيها الطعوم الروائح في هذا الباب وصولها إلى الحس بملاقاة فهي أولى ما يوصل من جميع أجزاء الدواء قوة .
والروائح والألوان تؤثر بلا ملاقاة من أجزائها فيجوز أن يصل إلى الحس من أجزاء في الرائحة بخار من لطيف أجزائه ويستعصي البخار من كثيف أجزائه فلا يتبخر .
ويجوز أن يصل إليه لون الظاهر الغالب دون المغلوب الخفي ولأن الروائح قد تدل على الطعوم مثل الرائحة الحلوة والحامضة والحريفة والمرة كانت الروائح تالية للطعوم .
فالطعوم أكثر صِحَّةِ دلالة ثم الروائح ثم الألوان ثم لو كانت الطعوم أيضاً لا يقع فيها هذا التركيب المذكور لما كان الأفيون في مرارته مع برده المفرط .


وهذا الغلط الذي يقع في الطعوم يقع في جانب البرد أكثر منه في جانب الحر أعني أن يكون الدواء له طعم يدل على الحرارة وهو بارد فإن هذا أكثر من أن يكون الدواء له طعم يدلُ على البرد وهو حار لأن الحار في أكثر الأحوال أقوى اًثاراً وأظهر أفعالاً وأفذ فلو كان قد خالط البارد في المزاج الطبيعي حار .
تبلغ قوّته مبلغاً يكسر برد ما يقابله لقد كان بالحري أن يظهر له طعم يكسر طعمه إذالحار في جميع الأحوال أنفذ وأبلغ وأغلب وأولى بأن يَجْمُلَ الطعومٍ والروائح .
ولهذا السبب كأنك لا تجد حامضاً أو عفصاً لا مزاج فيه في الحس ويكون حاراً بأغلب مزاجه كما تجد مرًّا ولذاعاً ويكون بارداً في أغلب مزاجه على أن هذا أيضاً أكثري وأكثر أكثرية من الآخر وليس بواجب .
فإذا عرفت هذا القانون فيجب الآن أن نقتص عليك ما يقوله الأطباء في الطعوم والروائح والألوان فإنهم يجعلون الطعوم البسيطة كلها تسعة وهي وإن كان لا بدّ ثمانية طعوم وواحد هو عدم الطعم وهو التفه المسيخ الذي لا يكون له طعم ولا يدرك منه طعم البتّة كالماء .
وإنهم يسمون بالطعم كل ما يحكم عليه بالذوق حكماً وهو بالفعل أو حكماً وهو بالقوة ولم ينفعل البتة وهو الذي لا طعم له وهو على وجهين : إما تفه عادم للطعم بالحقيقة وإما تفه عادم له عند الحس .
والتفه في القيقة هو الذي لا طعم له بالحقيقة والتفه عند الحس هو الذي له في نفسه طعم الا أنه لشد تكاثفه لا يتحلل منه شيء يخالط اللسات فيدركه ثم إذا احتيل في تحليل أجزائه وتلطيفها أحس طعمه مثل النحاس والحديد فإن اللسان لا يدرك منهما طعماً لأنه لا يتحلّل من جرمهما شيء يصير إلى الرطوبة المبثوثة في أعلى اللسان التي هي واسطة في حس الذوق ولو احتيل في تهيئته أجزاء صغار ظهر له طعم قوي ومثل هذا أشياء كثيرة .


وأما الطعوم الثمانية التي يذكرونها التي هي بالحقيقة طعوم بعد التفه فهي الحلاوة والمرارة والحرافة والملوحة والحموضة و العفوصة و القبض والدسومة .
ويقولون : إن الجوهرالحامل للطعم إما أن يكون كثيفاً أرضياً وإما أن يكون لطيفاً وإما أن يكون معتدلاً .
وقوته إما أن تكون حارة وإما أن تكون باردة وإما أن تكون متوسّطة .
والكثيف الأرضي إن كان حاراً فهو مر وإن كان بارداً فهو عفص وإن كان معتدلاً فهو حلو .
واللطيف إن كان حاراً فهو حريف ران كان بارداً فهو حامض وإن كان معتدلاً فهو دسم .
والمتوسّط في الكثافة واللطف إن كان حاراً فهو مالح وإن كان بارداً فهو قابض وان كان معتدلاً فقد قالوا إنه تفه وفي التفه كلام .
والحريف أسخن ثم المر ثم المالح لأن الريف أقوى على التحليل والتقطيع والجلاء من المر ثم المالح كأنه مر مكسور برطوبة باردة يدل عليه ما ذكرناه من نحو تكونه وكذلك إذا سخن المالح بشمس أو نار أو بمفارقة المائية الكاسرة من قوة الحرارة صار مرًا وكذلك البورق .
والمحلل المر أسخن من الملح المأكول والعفص هو الأبرد ثم القابض ثم الحامض ولذلك تكون الفواكه التي تحلو تكون أولاً فيها عفوصة شديدة التبريد فإذا جرت فيها هوائية ومائية حتى تعتدل قليلاً بالهوائية وبإسخان الشمس المنضج مالت إلى الحموضة مثل الحصرم وفيما بين ذلك تكون إلى قبض يسير ليس بعفوصة ثم تنتقل إلى الحلاوة إذا عملت فيها الحرارة المنضجة وربما انتقل من العفوصة إلى الحلاوة من غير تحمض مثل الزيتون .
لكن الحمض وإن كان أقل برداً من العفص فهو في الأكثر أكثر تبريداً منه للطافته ونفوذه .
والعفص والقابض يتقاربان في الطعم لكن القابض إنما يقبض ظاهر اللسان والعفص يقبض ويخشن الظاهر والباطن ومما يعنيه على تخشينة أنه لا ينقسم لكثافته إلى أجزاء صغار بسرعة ولا يلتحم بعضه ببعض بسرعة .


و لهاتين حالتين تفترق مواقعه من اللسان افتراقاً محسوساً فيختلف قبضه في أجزائه فيختلف وضعها فيخشن ويعين على ذلك اختلاف أجزاء العضو في مسامتته ومضاهاته .
والعفص ألطف وأدخل .
والحريف والمر يجردان اللسان جرداً .
لكن المر إنما يجرد ظاهر اللسان والحريف يغوص جرده وتفريقه لأنه لطيف الجوهر غواص .
وأما المرّ فثقيل الجوهر يابسه ولذلك لا يقبل الصرف منه عفونة يتولد منها فيه حيوان ولا يغدو الصرف منه حيواناً .
وليبوسة المر ما يجرد مع تخشين ما ومما يقوي حرارة الحريف على حرارة المر نفوذه فيقطع شديداً ويحلل شديداً حتى يأكل ويعفن ويبلغ أن يهلك .
والحلو والدسم كلاهما يبسطان اللسان ويلينانه بتسييل ما أداه البرد وعقده من غير تحليل ويزيلان خشونته لكن الدسم يفعل ذلك من غير تسخين بين .
والحلو يفعل مع تسخين فلذلك ينضج الحلو أكثر .
قالت الأطباء : وإنما صار الحلو لذيذاً لأنه يجلو الغليظ جلاء يصلحه ويسيله ويلينه ويزيل أذى جموده من غير تقطيعه وتفريق اتصال وملاقاة بعنف ولا يسنخن سخونة مؤذية بل لذيذة مثل لذة الماء المعتدل الحر إذا صب على الخصر .
وأما القول الفصل في هذا فعندهم من أعلى درجة وليس يجب أن يكون ما هو أحلى أغذى ولا ما هو ألذ أغذى وإن كان لا بد من أن يكون في كل غاذ عند الأطباء حلاوة ما لأن الغذاء يحتاج إلى شرائط أخرى غير الحلاوة .
هذا والدسم مناسب لحلو لكن الكثيف المستحيل إليهما بفعل الحرارة المناسبة يستحيل إلى الحلاوة إذا كان عماد تلطفه بالمائية وقليل هوائية ويستحيل إلى الدسومة إذا كان عماد تلطّفه بالمائية العذبة ويخالطها هوائية كثيرة اشتدّت مداخلتها للمائية .
والمر والمالح يَجردان اللسان جرداً لكن المالج يجرد خفيفاً ويغسل ولا يخشن ويعينه عليه تأدي ملاقاته للعضو إلى جميع أجزائه بالسوية للطافته ولكنه يؤذي فم المعدة .
والمر يجرد شديداً حتى يخشن ويعينه عليه اختلاف مواضعه على ما قلنا .


والحريف والحامض يلذعان اللسان لكن الحريف يلذعه لذعاً شديداً مع تسخين والحامض يلذعه لذعاً وسطاً بلا تسخين .
والمالح يحدث من انحلال المرّ في التفه المائي فإذا انعقد كماء الرماد صار ملحاً .
والحامض يحدث من استحالة الحلاوة بنقصان الحرارة ونضج العفوصة بزيادة الرطوبة والحرارة .
وجوهره في جملة الأمر جوهر رطب وكذلك الحلو فإن جوهره إلى الرطوبة وجوهر المر والعفص إلى اليبوسة .
وأفعال الحلو : الإنضاج والتليين وتكثير الغذاء والطبيعة تحبه والقوى الجاذبة تجذبه .
وأفعال المرارة : الجلاء والتخشين .
وأفعال العفوصة : القبض إن ضعف والعصر إن اشتدّ .
وأفعال القبض : التكثيف والتصليب والحبس .
وأفعال الدسومة : التليين والإزلاق وإنضاج قليل .
وأفعال الحرافة : التحليل والتقطيع والتعفين .
وأفعال الملوحة : الجلاء والغسل والتجفيف ومنع العفونة .
وأفعال الحموضة : التبريد والتقطيع .
وقد يجتمع طعمان في جرم واحد مثل اجتماع المرارة والقبض في الحضُض وتسمى البشاعة .
ومثل اجتماع المرارة والملوحة في السليخة وتسمى الزعوقة .
ومثل اجتماع الرافة والحلاوة في العسل المطبوخ .
ومثل اجتماع المرارة والحرافة والقبض في الباذنجان .
ومثل اجتماع المرارة والتفه في الهندبا وربما يعاون مقتضى طعمين على تقوية مقتضى طعم فإن الحدة والحرافة الثابتة في الخل من الخمر يجعلانه أشدّ تبريداً لأن الحدة والحرافة يفتحان المنافذ فيعينان على التنفيذ وإن لم يبلغا في الخل أن يسخنا تسخيناً يعتد به فيصير تبريد الخل أغوص وربما تعاوق مقتضى طعمين منها مثل الحموضة والعفوصة في الحصرم فإن عفوصة الحصرم تمنع حموضته عن التبريد البالغ النافذ وربما كان القوام معيناً للكيفية وربما كان مضاداً .
أما المعين فمثل اللطافة التي تقارن الحموضة فتجعل تبريدها أغوص .
وأما المضاد فمثل الكثافة التي تقارن المصل فتجعل تبريده أقل مسافة .


وقد يعرض أن يكون بعض الطعوم غير صرف ثم يصرف على الزمان مثل ماء الحصرم فإنه إذا طالت عليه المدة خلصت عليه حموضته لكثرة ما يرسب من العفص وغيره .
وقد يعرض أن يكون بعض الطعام صرفاً فيخلطه الزمان بغيره مثل العسل فإنه يمرره ويحرِّفه الزمان زيادة تمرير وتحريف .
وكما يقوي تمرير الزمان أو تحريفه عصير العنب يمرره الزمان أولاً مرارة ممزوجة ثم يأخذ فيها إلى الحرافة وإذا اختلط العفص والمر كان جلاء مع قبض ويصلح لإدمال القروح التي فيها رهل قليل ويصد لكل إطلاق سببه سدد .
وينفع الطحال نفعاً شديداً إن كانت المرارة ليست فيه بضعيفة وجميع ما بهذه الصفة فإنه نافع للمعدة والكبد فإن المر المطلق والحريف المطلق يضران بالأحشاء فإن وافقها القبض نفعت فإنها بمرارتها تجلو وبما فيها من القبض تحفظ قوة الأحشاء .
وقد يكون في القابض المر بل في القابض الذي لا يظهر فيه كثير مرارة قوة تسهيل الصفراء والمائية بالعصر ولا يكون فيه قوة مسهلة للبلغم اللزج خصوصاً إن كان القبض أقوى عن المرارة .
وهذا كالأفسنتين .
وكل حلو مع قبض فهو حبيب إلى الأحشاء أيضاً لأنه لذيذ ومقوّ وينفع خشونة المريء لأنه يشابه المعتدل .
وكل مجفف بعفوصته أو قبضه إذا كانت فيه دسومة أو تفه أو حلاوة .
وبالجملة ما يمنع اللذع فهو منبت للحم .
فإن كان قبض مع حرافة أو مرارة وهو المركب من جوهر ناريّ وأرضي فهو يصلح للقروح التي فيها رطوبة رديئة ويصلح جداً للإدمال وقد تتركّب قوى هذه بحسب تركب قوى موادها وطعومها على القياس الذي اشترطناه قبل .
فهذا ما نقوله في الطعوم وما يلزم على أصولهم .
وأما الكلام المحقق في هذه الأمور فللعلم الطبيعي والطبيب يكفيه هذا القدر مأخوذاً منهم .


وأما الروائح فإنها تحدث عن حرارة وتحدث عن برودة ولكن مشمَها ومسعطها هي الحرارة في أكثر الأمر لأن العلة الأكثرية في تقريب الروائح إلى القوة الشامة هو جوهر لطيف بخاري وإن كان قد يجوز أن يكون على سبيل استحالة الهواء من غير تحلل شيء من ذي الرائحة إلا أن الأول هو الأكثري فجميع الروائح التي يحدق منها لذع أو تميل إلى جنبة الحلاوة فكلها حارة والتي تحسق حامضة وكرجية ندوية فكلها باردة .
والطيب أكثره حار إلا ما يصحبه تندية وتسكين من الروح والنفس كالكافور والنيلوفر فإن أجسامها لا تخلو عن جوهر مبرد يصحب الرائحة إلى الدماغ وكل طيب حار وكلذلك جميع الأفاوية وهي لذلك مصدعة .
وأما الألوان فقد قلنا فيها وعرفنا أنها تختلف في أكثر الأمر وليست كالروْائح لكنها تهدي في معنى واحد هداية أكثرية وهو أن النوع الواحد إذا اختلفت أصنافه وكان بعضه إلى البياض وبعضه إلى الصبغ الأحمر والأسود فإن الضارب إلى البياض إن كان الطبع في النوع بارداً هو أبرد والضارب إلى الآخرين أقل برداً وإن كان الطبع إلى الحرّ فالأمر بالعكس وقد يختلف هذا في أشياء لكن الأكثري هو الذي قلته فلنقل الآن في أفعال قوى الأدوية المفردة .
المقالة الرابعة للأدوية أفعالاً كلية وأفعالاً جزئية
نقول : إن للأدوية أفعالاً كلية وأفعالاً جزئية وأفعالاً تشبه الكلية .
والأفعال الكلية هي مثل التسخين والتبريد والجذب والدفع والادمال والتقريح وما أشبه هذه .
والأفعال الجزئية مثل المنفعة في السرطان والمنفعة في البواسير والمنفعة في اليرقان وما أشبه ذلك .
والأفعال التي تشبه الكلية فمثل الإسهال والإدرار وما أشبه ذلك .
فهذه وإن كانت جزئية لأنها أفعال في أعضاء مخصوصة وآلات مخصوصة فإنها تشبه الكلية لأنها أفعال في أمور يعمّ نفعها وضررها مع أنه ينفعل عنها البدن كله لا بالعرض .
ونحن إنما نذكر ههنا أفعالها الكلية والشبيهة بالكلية .


فأما الأفعال الكلية فمنها ما هي أوائل ومنها ما هي ثوان .
والأوائل : هي الأفعال الأربعة التي هي التبريد والتسخين والترطيب والتجفيف وأما الثواني : فمنها ما هي هذه الأفعال بعينها لكنها مقدرة أو مقايسة بحدّ زيادة أو نقصان مثل الإحراق ومثل العفونة ومثل الإجماد والبهوة فإنها بعينها تسخينات وتبريدات لكنها مقدرة أو مقايسة ومنها ما هي أفعال أخرى ولكنها صادرة عن هذه مثل التخدير والختم والخدر والإلزاق والتفتيح والتغرية وما أشبه ذلك .
وأما الشبيهة بالكليات فمثل الإسهال والإدرار والتعريق وقبل أن نتكلم في أفعالها فنتكلم في صفات لها في أنفسها فنقول : إن الصفات التي للأدوية في أنفسها بعضها هي الكيفيات الأربع المعلومة وبعضها الروائح والألوان وبعضها صفات أخرى المشهور منها هي هذه اللطافة والكثافة واللزوجة والهشاشة والجمود والسيلان واللعابية والدهنية والنشف والخفة والثقل .
فالدواء اللطيف هو الذي من شأنه إذا انفعل من القوة الطبيعية التي فينا أن يتقسم في أبداننا إلى أجزاء صغيرة جداً مثل الزعفران والدارصيني وهذا الدواء أنفع في جميع تأثيراته حتى إن تجفيفه - وإن لم يكن فيه لذع - يبلغ تجفيف الشيء القوي اللاذع ونعني الكثيف ما ليس ذلك من شأنه مثل القرع والجبسين ونعني باللزج كل دواء من شأنه - الفعل أو بالقوة التي فعلها عند تأثير الحار الغريزي فيه - أن يقبل الامتداد معلقاً فلا ينقطع ما يمدّ وهو الذي لزم طرفاه جسمين يتحركان إلى المباعدة أمكن أن يتحركا معه من غير أن ينفصل ما بينهما مثل العسل .
والهشّ هو الدواء الذي يتجزأ أجزاء صغاراً بضغط يسير مع يبوسة وجمودة مثل الصبر الجيد .
والجامد هو الدواء الذي من شأنه أن يصير حيث تتحرك أجزاؤه إلى الإنبساط عن أي وضع فرض إلا أنه بالفعل ثابت عل شكله وضعه بسبب بارد جداً مثل الشمع .
وبالجملة هو الذي من شأنه أن يسيل إلا أنه غير سائل بالفعل .


والدواء السائل هو الذي لا يثبت على حالة شكله ووضعه إذا أقرّ على جرم صلب بل تتحرك أجزاؤه العليا إلى السفلى في الجهات الممكن له سلوكها مثل المائعات كلها .
والدواء اللعابي هو الذي من شأنه إذا نقّع في الماء وفي جسم مائي تميّزت منه أجزاء تخالط تلك الرطوبة ويحصل جوهر المجموع منهما إلى اللزوجة مثل بزر القطونا والخطمي .
والبزور اللعابية تسهّل بالإزلاق إلا أن تشوى فتصير لعابيتها مغرية فتحبس .
والدهني هو الدواء الذَي في جوهره شيء من الدهن مثل الحبوب .
والنشف هو الدواء اليابس بالفعل الأرضي الذي من شأنه إذا لاقاه الماء والرطوبات السيالة أن يغوص الماء وينفذ في منافذ منه خفية حتى لا يرى مثل النورة الغير المطفأة .
وأما الخفيف ثقيل فالأمر فيهما ظاهر .
وأما أفعال الأدوية فيجب أن نعدّ المشهورات على الشرائط المذكورة منها عدًا ثم لها بالرسوم والشروح لأسمائها طبقة واحدة فيقال دواء مسخّن ملطّف محلل حادّ مخشن مفتح مرخ منضج جاذب مقطع هاضم كاسر الرياح محضر محكّك مقرح أكال محرق لاذع مفتت معفن كاوٍ مقشر وطبقة أخرى مبرّد مقو رادع مغلظ مفجع مخدر وطبقة أخرى مرطب منفتح غسال موسّخ للقروح مزلق مملس وطبقة أخرى مجفف عاصر قابض مسدد مدمل منبت للحم خاتم .
وجنس آخر من صفات الأدوية بحسب أفعالها قاتل سم ترياق بادزهر وأيضاً مسهل مدر معرق .
ونحن نصف كل واحد من هذه الأفعال برسمه .
فالملطف : هو الدواء الذي من شأنه أن يجعل قوام الخلط أرق بحرارة معتدلة مثل الزوفا والمحلل : هو الدواء الذي من شأنه أن يفرق الخلط بتبخيره إياه وإخراجه عن موضعه الذي اشتبك فيه جزءاً بعد جزء حتى إنه بدوام فعله يفني ما يفني منه بقوة حرارته فمثل الجندبيدستر .
والجالي : هو الدواء الذي من شأنه أن يحرّك الرطوبات اللزجة والجامدة عن فوهات المسام في مسطح العضو حتى يبعدها عنه مثل ماء العسل .


وكل دواء جالٍ فإنه بجلائه ويليّن الطبيعة وإن لم يكن فيه قوة إسهالية وكل مر جالٍ .
والمخشن : هو الدواء الذي يجعل سطح العضو مختلف الأجزاء في الارتفاع والانخفاض إما لشدة تقبيضه مع كثافة جوهره على ما سلف وإما لشدّة حرافته مع لطافة جوهره فيقطع ويبطل الاستواء وإما لجلائه عن سطح خشن في الأصل أملس بالعرض فإذاه إذا جلا عن عضو متين القوام سطحه خشن مختلف وضع الأجزاء رطوبة لزجة سالت عليه وأحدثت سطحاً غريباً أملس خرجت الخشونة الأصلية وبرزت وهذا الدواء مثل أكاليل الملك وأكثر ظهور فعلها في التخشين إنما هو في العظام والغضاريف وأقله في الجلد .
والمفتّح : هو الدواء الذي من شأنه أن يحرك المادة الواقعة في داخل تجويف المنافذ إلى خارج لتبقى المجاري مفتوحة وهذا أقوى من الجالي مثل فطراساليون وإنما يفعل هذا لأنه لطيف ومحلّل أو لأنه لطيف ومقطّع .
وستعلم معنى المقطع بعد أو لأنه لطيف وغسّال وستعلم معنى الغسّال بعد وكل حريف مفتّح وكل مرّ لطيف مفتح وكل لطيف سيال مفتح إذا كان إلى الحرارة أو معتدلاً وكل لطيف حامض مفتح .
والمرخَي : هو الدواء الذي من شأنه أن يجعل قوام الأعضاء الكثيفة المسام ألين بحرارته ورطوبته فيعرض من ذلك أن تصير المسام أوسع واندفاع ما فيها من الفضول أسهل مثل ضمّاد الشبث وبزر الكتان .
والمنضج : هو الدواء الذي من شأنه أن يفيد الخلط نضجاً لأنه مسخّن باعتدال وفيه قوة قابضة تحبس الخلط إلى أن ينضج ولا يتحلّل بعنف فيفترق رطبه من يابسه وهو الاحتراق .
والهاضم : هو الدواء الذي من شأنه أن يفيد الغذاء هضماً وقد عرفته فيما سلف .
وكاسر الرياح : هو الدواء الذي من شأنه أن يجعل قوام الريح رقيقاً هوائياً بحرارته وتجفيفه فيستحيل وينتفض عما يحتقن فيه مثل بزر السذاب .


والمقطع : هو الدواء الذي من شأنه أن ينفذ بلطافته فيما بين سطح العضو والخلط اللزج الذي التزق به فيبريه عنه ولذلك يحدث لأجزائه سطوحاً متباينة بالفعل بتقسيمه إياها فيسهل اندفاعها من الموضع المتشتث به مثل الخردل والسكنجبين والمقطّع بإزاء اللزج الملتزق كما أن المحلل بإزاء الغليظ والملطّف لإزاء المكثّف وبعد كل منها الذي قرن به في الذكر وليس من شرط المقطع أن يفعل في قوام الخلط شيئاً بل في اتصاله فربما فرقه أجزاء وكل واحد منها على مثل القوام الأوّل .
والجاذب : هو الدواء الذي من شأنه أن يحرك الرطوبات إلى الموضع الذي يلاقيه وذلك للطافته وحرارته مثل الجندبيدستر .
والدواء الشديد الجذب هو الذي يجنب من العمق نافع جداً لعرق النسا وأوجاع المفاصل الغائرة ضماداً بعد التنقية وبها ينزع الشوك والسلاء من محابسها .
واللاذع : هو الدواء الذي له كيفية نفّاذة جداً لطيفة تحدث في الاتصال تفرّقاً كثير العدد متقارب الوضع صغيراً متغير المقدار فلا يحسّ كل واحد بانفراده وتحسّ
الجملة كالموضع الواحد مثل ضماد الخردل بالخلّ أو الخلّ نفسه .
والمحمر : هو الدواء الذي من شأنه أن يسخّن العضو الذي يلاقيه تسخيناً قوياً حتى يجذب قوى الدم إليه جذباً قوياً يبلغ ظاهره فيحمرّ وهذا الدواء مثل الخردل والتين والفودنج والقردمانا والأدوية المحمرة تفعل فعلاً مقارباً للكي .
والمحك : هو الدواء الذي من شأنه - بجذبه وتسخينه - أن يجذب إلى المسام أخلاطاً لذاعة حاكّة ولا يبلغ أن يقرح وربما أعانه شوك زغبية صلاب الأجرام غير محسوسة كالكبيكج .
والمقرح : هو الدواء الذي من شأنه أن يفني ويحلّل الرطوبات الواصلة بين أجزاء الجلد ويجذب المادة الرديئة إليه حتى يصير قرحة مثل البلاذر .
والمحرق : هو الدواء الذي من شأنه أن يحلل لطيف الأخلاط وتبقى رماديتها مثل الفربيون .


والأكال : هو الدواء الذي يبلغ من تحليله وتقريحه أن ينقص من جوهر الدم مثل الزنجار .
والمفتت : هو الدواء الذي إذا صادف خلطاً متحجراً صغر أجزاءه ورضه مثل مفتّت الحصاة من حجر اليهودي وغيره .
والمعفن : هو الدواء الذي من شأنه أن يفسد مزاج العضو أو مزاج الروح الصائر إلى العضو ومزاج رطوبته بالتحليل حتى لا يصد أن يكون جزءاً لذلك العضو ولا يبلغ أن يحرقه أو يأكله ويحفل رطوبته بل يبقى فيه رطوبة فاسدة يعمل فيها غير الحرارة الغريزية فيعفن وهذا مثل الزرنيج والثافسيا وغيره .
والكاوي : هو الدواء الذي يأكل اللحم ويحرق الجلد إحراقاً مجففاً ويصلبه ويجعله كالحممة فيصير جوهر ذلك الجلد سدا لمجرى خلط سائل لو قام في وجهه ويسمى خشكريشة ويستعمل في حبس الدم من الشرايين ونحوها مثل الزاج والقلقطار .
والقاشر : هو الدواء الذي من شأنه لفرط جلائه أن يجلو أجزاء الجلد الفاسدة مثل القسط والمبرٌد : معروف .
والمقوي : هو الدواء الذي من شأنه أن يعدل قوام العضو ومزاجه حتى يمتنع من قبول الفضول المنصبة إليه والآفات إما لخاصية فيه مثل الطين المختوم والترياق وإما لاعتدال مزاجه فيبرد ما هو أسخن ويسخن ما هو أبرد على ما يراه " جالينوس " في دهن الورد .
والرادع : هو مضاد الجاذب وهو الدواء الذي من شأنه لبرده أن يحدث في العضو برداً فيكثفه به ويضيق مسامه ويكسر حرارته الجاذبة ويجمد السائل إليه أو يخثره فيمنعه عن السيلان إلى العضو ويمنع العضو عن قبوله مثل عنب الثعلب في الأورام .
والمغلظ : هو مضاد الملطف وهو الدواء الذي من شأنه أن يصير قوام الرطوبة اغلظ إما بإجماده وإما بإخثاره وإما لمخالطته .
والمفحج : هو مضاد الهاضم والمنضج وهو الدواء الذي من شأنه أن يبطل لبرده فعل الحار الغريزي والغريب أيضاً في الغذاء والخلط حتى يبقى غير منهضم ولا نضيج .


والمخدر : هو الدواء البارد الذي يبلغ من تبريده للعضو إلى أن يحيل جوهر الروح الحاملة إليه قوة الحركة والحس بارداً في مزاجه غليظاً في جوهره فلا تستعمله القوى النفسانية ويحيل مزاج العضو كذلك فلا يقبل تأثير القوى النفسانية مثل الأفيون والبنج .
والمنفخ : هو الدواء الذي في جوهره رطوبة غريبة غليظة إذا فعل فيها الحار الغريزي لم يتحلل بسرعة بل استحال ريحاً مثل اللوبيا .
وجميع ما فيه نفخ فهو مصدع ضار للعين ولكن من الأدوية والأغذية ما يحيل الهضم الأول رطوبته إلى الريح فيكون نفخه في المعدة وانحلال نفخه فيها وفي الأمعاء ومنه ما تكون الرطوبة الفضلية التي فيه - وهي مادة النفخ - لا تنفعل في المعدة شيئاً إلى أن ترد العروق أو لا تنفعل بكليتها في المعدة بل بعضها ويبقى منها ما إنما ينفعل في العروق ومنها ما ينفعل بكليته في المعدة ويستحيل ريحاً ولكن لا يتحلل برمته في المعدة بل ينفذ إلى العروق وريحيته باقية فيها .
وبالجملة كل دواء فيه رطوبة فضلية غريبة عما يخالطه فمعه نفخ مثل الزنجبيل ومثل بزر الجرجير وكل دواء له نفخ في العروق فإنه مُنْعِظ .
والغسال : هو كل دواء من شأنه أن يجلو لا بقوة فاعلة فيه بل بقوة منفعلة تعينها الحركة أعني بالقوة المنفعلة : الرطوبة وأعني بالحركة : السيلان فإن السائل اللطيف إذا جرى على فوهات العروق ألان برطوبته الفضول وأزالها بسيلانه مثل ماء الشعير والماء القراح وغير ذلك .
والموسخ للقروح : هو الدواء الرطب الذي يخالط رطوبات القروح فيصيرها أكثر ويمنع التجفيف والإدمال .
والمزلق : هو الدواء الذي يبل سطح جسم ملاق لمجرى محتبس فيه حتى يبرئه عنه ويصير أجزاءه أقبل للسيلان للينها المستفاد منه بمخالطته ثم يتحرك عن موضعها بثقلها الطبيعي أو بالقوة الدافعة كالإجاص في إسهاله .


والمملس : هو الدواء اللزج الذي من شأنه أن ينبسط على سطح عضو جشن انبساطاً أملس السطح فيصير ظاهر ذلك الجسم به أملس مستور الخشونة أو تسيل إليه رطوبة تنبسط هذا الانبساط .
والمجفف : هو الدواء الذي يفني الرطوبات بتحليله ولطفه .
والقابض : هو الدواء الذي يحدث في العضو فرط حركة أجزاء إلى الاجتماع لتتكاثف في موضعها وتنسد المجاري .
والعاصر : هو الدواء الذي يبلغ من تقبيضه وجمعه الأجزاء إلى أن تضطر الرطوبات الرقيقة المقيمة في خللها إلى الإنضغاط والإنفصال .
والمسدد : هو الدواء اليابس الذي يحتبس لكثافته ويبوسته أو لتغريته في المنافذ فيحدث فيها السدد .
والمغري : هو الدواء اليابس الذي فيه رطوبة يسيرة لزجة يلتصق بها على الفوهات فيسدها فيحبس السائل فكل لزج سيال ملزق - إذا فعل فيه النار - صار مغرياً ساداً حابساً .
والمدمل : هو الدواء الذي يجفف ويكثف الرطوبة الواقعة بين سطحي الجراحة المتجاورين حتى يصير إلى التغرية واللزوجة فيلصق أحدهما بالآخر مثل دم الأخوين والصبر .
والمنبت للحم : هو الدواء الذي من شأنه أن يحيل الدم الوارد على الجراحة لحماً لتعديله مزاجه وعقده إياه بالتجفيف .
والخاتم : هو الدواء المجفف الذي يجقف سطح الجراحة حتى يصير خشكريشة عليه تكنه من الآفات إلى أن ينبت الجلد الطبيعي وهو كل دواء معتدل في الفاعلين مجفّف بلالذع .
والدواء القاتل : هو الذي يحيل المزاج إلى إفراط مفسد كالفربيون والأفيون .
والسمّ : هو الذي يفسد المزاج لا بالمضادة فقط بل بخاصية فيه كالبيش .
والترياق والبادزهر : فهما كل دوْاء من شأنه أن يحفظ على الروح قوته وصحته ليدفع بها ضرر السمّ عن نفسه وكان اسم الترياق بالمصنوعات أولى واسم البادزهر بالمفردات الواقعة عن الطبيعة ويشبه أن تكون النباتات من المصنوعات أحق باسم الترياق والمعدنيات باسم البادزهر ويشبه أيضاً أن لا يكون بينهما كثير فرق .


وأما المسهّل والمدر والمعرّق : فإنها معروفة وكل لواء يجتمع فيه الإسهال مع القبض كما في السورنجان فإنه نافع في أوجاع المفاصل لأن القوّة المسهلة تبادر فتجذب المادة والقوة القابضة تبادر فتضيّق مجرى المادة فلا ترجع إليها المادّة ولا تخلفها أخرى وكل دواء محلل وفيه قبض فإنه معتدل ينمع استرخاء المفاصل وتشنجها - والأورام البلغمية والقبض والتحليل كل واحد منهما يعين في التجفيف وإذا اجتمع القبض والتحليل اشتد اليبس .
والأدوية المسهلة والمدرة في أكثر الأمر متمانعة الأفعال فإن المدرّ في أكثر الأمر يجفف الثفل والمسهل يقفل البول .
والأدوية التي يجتمع فيها قوة مسخّنة وقوّة مبرّدة فإنها نافعة للأورام الحارة في تصعدها إلي انتهائها لأنها بما تقبض تردع وبما تسخّن تحلل .
والأدوية التي تجتمع فيها الترياقية مع البرد تنفع من الدقّ منفعة جيدة والتي تجتمع فيها الترياقية مع الحرارة تنفع من برودة القلب أكثر من غيرها .
وأما القوة التي تقسم فتضع كل مزاج بإزاء مستحقه حتى لا تضع القوة المحللة في جانب المادّة لتي تنصب إلى العضو ولا المبردة في جانب المادة المنصبة عنه فهي الطبيعة الملهمة بتسخير الباري تعالى .
المقالة الخامسة أحكام تعرض للأدوية من خارج الأدوية
قد يعرض لها أحكام بسبب الأحوال التي تعرض لها بالصناعة وذلك مثل الطبخ والسحق والإحراق بالنار والغسل والإجماد في البرد والوضع في جوار أدوية أخرى .
فإن من الأدوية ما يتغير أحكامها بما يعرض لها من هذه الأحوال وقد تتغير أحكامها بممازجتها بأدوية أخرى .
وإن كان الكلام في ذلك أشبه بالكلام في تركيب الأدوية فنقول : إن من الأدوية أدوية كثيفة الأجرام فلا ترسل قواها في الطبخ إلا بفضل تعنيف عليها بالطبخ مثل أصل الكبر والزراوند والزرنباد وما أشبه ذلك .


ومنها أدوية معتدلة يكفيها الطبخ المعتدل فإن عنف بها تحللت قواها وتصعَدت مثل الأدوية المدرة للبول ومثل أسطو خودوس وما أشبهه .
ومنها أدوية لا تبلغ بطبخها الطبخ المعتدل بل أدنى الطبخ يكفيها فإذا زيد على إغلاءة واحدة تحلّلت قوتها وفارقت بالطبخ ولم يبق لها أثر مثل الأفتيمون فإنه إذا أجيد طبخه بطلت قوّته .
ومن الأدوية ما يبطل السحق قوته أصلاً مثل السقمونيا فيجب أن يسحق بغاية الرفق لئلا ينالها من السحق حرارة مفسدة لقوتها .
والصموغ أكثرها بهذه الصفة وتحليلها في الرطوبة أوفق من سحقها وجميع الأدوية التي يفرط في سحقها فإن أفعالها تبطل فإنه ليس كلما صغر الجرم حفظ قوته بقدره وعلى نسبة صغره بل يجوز أن يبلغ النقصان بالجسم إلى حد لا يفعل الجسم بعده من فعله الذي يخصّه شيئاً فإنه ليس إذا كان قوّة جسم تحرك حركة ماء يجب أن يكون نصف ذلك الجسم يحرّك ذلك المتحرّك عنه شيئاً أصلاً مثل عشرة أنفس ينقلون حملاً في يوم واحد فرسخاً فليس يجب أن يكون الخمسة ينقلونه شيئاً فضلاً عن أن ينقلونه نصف فرسخ ولا أيضاً أن يكون نصف ذلك الحل قد أفرد حتى تناله الخمسة مفردة فيقدرون على نقلها بل يمكن أن يكون القابل للنقل لا ينفعل عن نصف القوة أصلاً إذ هو
الجملة والنصف منها غير قابل من نصفها ما يقبله في حالة الإنفراد لأنه متّصل بالنصف الآخر غير معدّ لتحريكه فيه مفرداً ولذلك ليس كلما صغر جرم الدواء وقلت قوته تجده منفعلاً في الصغر مثله ولا أيضاً يجب أن يكون هو بقدر نسبة صغره يفعل في المنفعل عن الأكبر فعلاً البتة .
على أن قوماً يرون أن التصغير يبطل الصورة والقوة وقولهم في المركّبات أقرب إلى أن لا يشتدّ استكثاره .


والأدوية إذا كان لها فعل مّا أفرط في سحقها أمكن أن تنتقل إلى نوع آخر من الفعل فإن كانت مثلاً تقوى على استفراغ خلط أو ثفل يعجز عن ذلك فيصير مستفرغاً للمائية لسقوط قوّتها لصغرها تصير أنفذ فيحصل بسرعة في عضو غير الذي يقف فيه إذا كان كثيراً فيصدر فعله عنه فيه كما حكى جالينوس : أنه اتفق أن أفرط في سحق أخلاط الكموني فإنقلب مدراً للبول بعد ما هو في طبيعته مطلق للطبيعة فيجب أن لا يبالغ في سحق الأدوية اللطيفة الجواهر بل إنما يجب أن يبالغ في سحق الأدوية الكثيفة الجواهر وخصوصاً إذا أريد تنفيذها إلى غاية بعيدة وكانت كثيفة ثقيلة الحركة مثل أدوية الرئة إذا كانت معمولة من البُسْد واللؤلؤ المرجان والشاذنج وما أشبهها .
وأما أحكام الإحراق : فإن من الأدوية ما يحرق لينقص من قوّته ومنها ما يحرق ليزاد في قوته .
وجميع الأدوية الحادة اللطيفة الجواهر أو معتدلتها فإنها إذا أحرقت انتقص من حرها وحدّتها بما يتحلّل من الجوهر الناري المستكن فيها مثل الزاجات والقلقطار .
وأما الأدوية التي جواهرها كثيفة وقوتها غير حارة ولا حادّة فإن الإحراق يفيدها قوة حادة مثل النورة فإنها كانت حجراً لا حدّة فيه فلما أحرق استحال حاداً .
فالدواء يُحْرَق لأحد أغراض خمسة : إما لأن يكسر من حدته وإما لأن يفاد حدّة وإما لتلطيف جوهره الكثيف وإما لأن يهيأ للسحق وإما لأن تبطل رداءة في جوهره : مثال الأول : الزاج والقلقطار ومثال الثاني : النورة ومثال الثالث : السرطان وقرن الإيل الذي يحرق ومثال الرابع : الإبريسم فإنه يستعمل في تقوية القلب وإن يستعمل مقرضاً أولى من أن يستعمل محرقاً لكنه لا يبلغ التقريض من تصغير أجزائه مبلغاً كافياً إلا بصعوبة فيحرق ومثال الخامس : إحراق العقرب في غرض استعماله للحصاة .
فأما الغسل فإنه يسلب كل دواء ما يخالطه من الجوهرالحاد اللطيف ويسكن منه ويعدله .


فمنه ما يبرد به بعد الحرارة المفرطة وهذا كل دواء أرضي استفاد من الإحراق نارية فإن الغسل يبرئه عنها مثل النورة المغسولة فإنها تبقى معتدلة ويزول إحراقها .
ومنه ما ليس الغرض تبريده فقط بل الغرض منه التمكن من تصغير أجزائه وتصقيلها حتى يبلغ الغاية مثل سحق التوتيا في الماء .
ومنه ما يغسل لتفارقه قوة لا تراد مثل الاستقصاء في غسل الحجر الأرمني واللازورد حتى تفارقها القوة المغثية .
وأما الجمود : فإن كل دواء جمد فالقوة اللطيفة فيه تبطل وتزداد برداً اٍ ن كان بارد الجوهر .
وأما المجاورة فإن الأدوية قد تكتسب بالمجاورة كيفيات غريبة حتى تستحيل أفعالها فإن كثيراً من الأدوية الباردة تصير حارة التأثير لاستفادتها من مجاورة الحلتيت والإفربيون والجندبيدستر والمسك كيفية حارة .
وكثير من الأدويةالحارة تصير باردة التأثير لاستفادتها من مجاورة الكافور والصندل كيفية بارعة .
فيجب أن يعلم هذا من أمر الأدوية ويجتنب الأجناس المختلفة بعضها من مجاورة بعض .
وأما أحكام الممازجة : فإن الأدوية تقوّي أفعالها بالممازجة وتارة تبطل أفعالها بالممازجة وتارة تصلح وتزول غوائلها .
مثال الأول : أن بعض الأدوية يكون فيه قوة مسهلة إلا أنها تحتاج إلى معين إذ ليس لها في طبعها معين قوي فإذا قارنها المعين فعلت بقوة مثل التربد فإذا له قوة مسهلة لكنه ضعيف الحدة فلا يقوى على تحليل شديد فيستفرغ ما حضر من رقيق البلغم فإذا قرن به الزنجبيل أسهل بمعونة حدثه خلطاً كثيراً لزجاً بارداً زجاجياً وأسرع إسهاله .


وكذلك الأفتيمون بطيء الإسهال فإذا قارنه الفلفل والأدوية اللطيفة أسهل بسرعة لأنها تعينه في التحليل وكذلك الزراوند فيه قوة قابضة قوية إلا أن معها قوة مفتحة تنقص من فعلها فإن خلط بالطين الأرمني أو بالأقاقيا قبض قبضاً شديداً وقد يخلط للتنفيذ والبذرقة كالزعفران يخلط مع الورد والكافور والبسد لينفذها إلى القلب وقد يخلط لضد ذلك مثل بزر الفجل يخلط بالملطفات النفاذة ليحبسها في الكبد مدة يتم فيها الفعل المقصود الذي إذا نفذ في الكبد بلطافتها استعجلت قبل تمام الفعل فبزر الفجل يحرك إلى القيء فيثبط ما يتحرك إلى العروق بالمضادة .
وأما التي تبطل بالممازجة : فمثل أن يكون دواءان يفعلان فعلاً واحداً ولكن بقوتين متضادتين فإذا اجتمعا فإن اتفق أن يكون أحدهما أسبق إلى الفعل فعل فعلاً وإن لم يسبق أحدهما الآخر تمانعا مثل البنفسج والهليلج فإن البنفسج مسهّل بالتليين والهليلج مسقل بالعصر والتكثيف فإذا ورد على المادة فعلاهما معاً تباطلا فإن سبق الهليلج ثم ورد عليه البنفسج وأما الثالث : فمثاله الصبر والكثيراء والمقل فإن الصبر يسهّل وينقي المعيّ إلا أنه يسحج ويفتح أفواه العروق .
والكثيراء مغر والمقل قابض فإذا صحبه الكثيراء والمقل غرّى الكثيراء ما جرده الصبر وقوَّى المقل أفواه العروق فكانت سلامة فهذه قوانين وأمثلة نافعة في معرفة طبائع الأدوية واستعمالها .
المقالة السادسة في التقاط الأدوية وادّخارها
فنقول : إن الأدوية بعضها معدنية وبعضها نباتية وبعضْها حيوانية .
والمعدنية أفضلها ما كان من المعادن المعروفة بها مثل القلقند القبرصي والزاج الكرماني ثم أن تكون نقية عن الخلط الغريب بل يجب أن يكون الملتقط هو الجوهر الصرف من بابه غير منكسر في لونه وطعمه الذي يخصّه .
وأما النباتية فمنها أوراق ومنها بزور ومنها أصول وقضبان ومنها زهر ومنها ثمار ومنها جملة النبات كما هو .


والأوراق يجب أن تجتنى بعد تمام أخذها من الحجم الذي لها وبقائها على هيئتها قبل أن يتغير لونها وينكسر فضلاً عن أن تسقط وتنتثر .
وأما البزور فيجب أن تلتقط بعد أن يستحكم جرمها وتنفش عنها الفجاجة والمائية .
وأما الأصول فيجب أن تؤخذ كما تريد أن تسقط الأوراق . وأما القضبان فيجب أن تجتنى وقد أدركت ولم تأخذ في الذبول والتشنج .
وأما الزهر فيجب أن يجتنى بعد التفتيح التام وقبل التذبل والسقوط .
وأما الثمار فيجب أن تجتنى بعد تمام إدراكها وقبل استعدادها للسقوط .
وأما المأخوذ بجملته فيجب أن يؤخذ على غضاضته عند إدراك بزره .
وكلما كانت الأصول أقلّ تشنجاً والقضبان أقلّ تذبلاً والبزور أسمن وأكثر امتلاء والفواكه أشد اكتنازاً وأرزن فهو أجود .
والعظم لا يغني مع الذبول والانقصاف بل إن كان مع رزانة فهو فاضل جداً .
والمجتنى في صفاء الهواء أفضل من المجتنى في حال رطوبة الهواء وقرب العهد بالمطر . والبرية كلها أقوى من البستانية وأصغر حجماً في الأكثر والجبلية أقوى من البرية والتي مجانبها مروج ومشرفات أقوى من غيرها والتي أصيب وقت جناها أقوى من التي أخطىء زمانه وكل هذا في الأغلب الأكثر .
وكلما كان لونه أشبع وطعمه أظهر ورائحته أذكى فهو أقوى في بابه .
والحشيش يضعف بعد سنين ثلاث إلا ما يستنثى من أدوية معدودة مثل الخربقين فإنهما أطول مدة بقاء .
وأما الصموغ فيجب أن تجتنى بعد الانعقاد قبل الجفاف المعمد للإفراك وقوة أكثرها لا تبقى بعد ثلاث سنين خصوصاً الإفربيون ولكن الأقوى من كل طبقة يطول مدة بقائه على جودته فإذا أعوز الطري القوي وأما الحيوانيات فيجب أن تؤخذ من الحيوانات الشابة في زمان الربيع ويختار أصحها أجساماً وأتمها أعضاء وأن ينزع منها ما ينزع بعد ذكاة ولا تلتفت إلى المأخوذ من الحيوانات الميّتة بأمراض تحدث لها .
فهذه هي القوانين الكلية التي تجب أن تكون عتيدة عند الطبيب في أمر الأدوية المفردة .


والآن فإنا نأخذ في
الجملة الثانية ونريد أن نتكلم على طبائع الأدوية المفردة المعروفة عندنا والتي هي قريبة من أن يمكننا معرفتها إذا تتبع أثرها تقدّماً للعلاماث الصحيحة لها ونهمل ذكر أدوية لسنا نقف منها إلا على الأسامي فقط ونرتب الألواح المذكورة بأصباغها .


القانون
القانون
( 16 من 70 )


الجملة الثانية ألواح وقواعد في بيان الأدوية المفردة
قسّمناها إلى عدة ألواح وإلى بيان قاعدة في بيان الأدوية المفردة بيان الأدوية المفردة قد دللنا في
الجملة الأولى على ترتيب الألواح التي رتبناها ونحن ههنا نريد أن ندل على الأمور الواقعة في كل لوح من الألواح المذكورة في القاعدة وعلى الأصباغ التي تخصها .
وأما الألواح الأربعة الأولى فأمرها ظاهر وما بعدها التي تحتاج إلى تفصيل الأبواب والأصباغ ولا تظنن أنا قد تكلفنا استقصاء عد ما عددناه فإنا لم نفعل ذلك بل أوردنا ما وجدنا في أبواب الأدوية المفردة التي ذكرناها منافع وأحكاماً ما تختصّ بها .
اللوح الأول لوح الأفعال
والخواص من هذه الألواح التي تدخلها الأصباغ لوح الأفعال والخواص : لطيف كثيف لزج نشاف ملطف مكثف ملزق محلل جا لي مغري مخشن مملس مفتح يفتح أفواه العروق مرخّي مقطع كاسر الرياح جاذب لاذع رادع منق مخذر مشدد للرخو والمتخلخل منفخ غسَال مزاق عاصر قابض مطفىء مصف للدم معرق حابس للدم حابس العرق محمود الكيموس مذموم الكيموس يدفع ضرره المياه كثير الغذاء قليل الغذاء يقوي الأعضاء يقوي الأحشاء رديء الخلط يستحيل إلى كل خلط ينفع من أمراض السوداء يولد السوداء يولد الصفراء يدفع ضرر الصفراء يولّد البلغم يدفع ضرر البلغم يوافق المشايخ أفعال غريبة : فعله في الهواء يبذرق المسهلة ويعينها .
اللوح الثاني الزينة


ينقي يكدر يزيل السفوع ينفع من البهق الأسود من الوضح من البرص محدث البرص من القوباء من الكلف من النمش يحدث الكلف يحدث النمش من اًثار القروح من اًثار الجدري من شقاق الوجه والشفة يحمر اللون من شقاق القدم يقلع الوشم من الثآليل من رائحة الإبط والبدن ينتن رائحة الإبط والبدن يجذب السلي والشوك يجلو الأسنان يقلع الأسنان من رائحة الأنف من البخر يورث البخر مسمن مهزل من القمل يورث القمل ينفع من الداحس من الجذام يورث الجذام من أسنان الفار من الأظفار المعوجة من الأظفار المتأكلة من النقط البيض فيها يحفظ الثدي يحفظ الخصية يحسن اللون يطيب النكهة يسود الشعر يبيض الشعر يطول الشعر يكثر الشعر يحمر الشعر يقوي الشعر يجعد الشعر يبسط الشعر يشقق الشعر من داء الثعلب يمنع الشقاق من داء الحية من الانتثار يمنع الصلع ينثر يصلع يحلق ينبت الشعر .
اللوح الثالث الأورام
والبثور من الأورام الحارة من الآورام الباردة من الأورام الباطنة من أورام العصب من أورام العضل من أورام الأذنين من أورام تحت الإبط من كثرة الماء من أورام الكبد من أورام الطحال من أورام القضيب من أورام الرحم من ورم المثانة من ورم الثدي من ورم الانثيين من ورم المقعدة من الفلغموني من الورم الرخو من النفخة من السرطان من الورم الصلب من الخنازير من الشهدية من الدبيلات الباطنة من الجمرة من النملة من الشري من الجاورسية من النفاطات من النار الفارسية من الطاعون من الأورام القرحية من الحصف من البثور اللينة يولد الأورام الحارة يولد الأورام الباردة الرخوة يولد الأورام الصلبة يولد السرطان .


الجراح والقروح من القروح الساعية من القروح الخبيثة من القروح العفنة من القروح الوسخة يوسّخ القروح من البواسير من الدشبد يدمل ينبت باللحم يذهب اللحم الزائد يختم ينفع من الجرب والحكة من حرق النار من الآكلة يمنع تعفن الأعضاء من النار الفارسي في العظام يليّن الخشكريشات من التقزع من تقشر الجبهة المتقرح من الجرب السوداوي يمنع الأعضاء من التعقن من قروح الرئة .
اللوح الخامس آلات المفاصل
من وجع المفاصل من الفسخ من الهتك من الوثى من الرضّ من الإعياء من وجع العصب من التواء العصب من صلابة المفاصل من علل العصب الباردة من يبس العصب يقوي الأعصاب ورم العصب قروح العصب يضر العصب وجع الظهر السقطة والضربة التشنج التمدد الفالج الرعشة الخلع القيل والفتوق أوجاع الخلع أوجاع القدم وا لأصابع . اللوح السادس أعضاء الرأس


من الصداع الحار من الصداع البارد من الشقيقة من البيضة يضرّ الدماغ الضعيف يصدع يقوي الرأس يزيد في الدماغ ينقي الدماغ يحلّل الرياح في الرأس يفتح سدد الدماغ يثفل الرأس يسبت وينوم يسد يبطىء بالسكر ينفع من الصرع يحرك الصرع ينفع من اللقوة ينفع من السكتة ينفع من الدوار والسدر ينفع من السبات ينفع من الماليخوليا من الفزع ينفع من الجنون ينفع من الفزع في النوم للصبيان وغيرهم ينفع من ليثرغس ينفع من السرسام الحار من السبات السهري من الجمود يقوّي الحفظ يورث النسيان ينفع من الخمار ينفع من الدوري والطنين ينفع من الصمم والطرش ينفع من وجع الأذن ينفع من ورم الأذن ينفع من قروح الأذن ينفع من النوازل والزكام ينفع من الرعاف يرعف يعطس يذهب بالعطاس ينفع من بثور الفم والقلاع ينفع من أمراض الفم يمنع سيلان اللعاب يقوي الأسنان من صلابة الفضل من تحجر المفاصل من الرعشة يخرج القشور من العظام ينفع من وجع الأسنان يسقط الأسنان يسهل قلع السن ينفع من الضرس ينفع أورام اللسان ينفع من الضفدع ينفع من قروح اللثة الدامية العسرة .
اللوح السابع أعضاء العين
الرمد الحار الرمد المزمن السبل القروح من القذى والطرفة الآثار الخضر من الزرقة من البياض من الجحوظ من غلظ القرنية من الدمعة من رطوبة القرنية يجلب الدمع يقوي البصر يمنع النوازل من الانتشار الضيق الإنحراق نزول الماء ألوان الماء الظفرة الرمص زوال الدقة تغير لون الجليدية ضعف البصر الغشاء الجهر الجرب في الأجفان الجساء الشرناق الشترة السلاق الشعر المؤذي انتثار الهدب الوردينج تفرق اتصال العصبة المجوفة القمل في الأجفان النملة التوتة البرد الحكة إنقلاب الشعر الشعيرة الودقة الدبيلة البثرة السرطان الحفرة السلخ النتواء تغير البيضة تغير الجليدية .
اللوح الثامن أعضاء النفس
والصدر يقوي أعضاء النفس والصدر يقوي أعضاء النفس يضر أعضاء النفس .


ينفع من أورام اللوزتين واللهاة من الخوانيق من الذبحة من العلق من أفات النفس من الربو من انتصاب النفس من خشونة الصدر يخشن الصدر من خشونة الصوت يخشن الصوت من بطلان الصوت يصفي الصوت يحسن الصوت من السعال اليابس من السعال المزمن من ذات الجنب من ذات الرئة من التقيح ونفث المدّة من السل ينقي قروح الحجاب من نفث الدم من أوجاع الجنب من الدم الجامد من الرئة يقوي القلب يزكي الفهم مدت سوء المزاج الحار للقلب من سوء المزاج البارد للقلب من الغشي من الخفقان الحار من الخفقان البارد من وجع الحجاب أورام الثدي تغزر اللبن .
اللوح التاسع أعضاء الغذاء
يقوي المعدة يضعف المعدة يهضم يسيء الهضم يفتق الشهوة يسقط الشهوة من الشهوة الفاسدة رديء للمعدة ينفع من الفواق من الغثيان يغني يكرب . من الجشاء يجشي يرخي المعدة يلذع المعدة يدبغ المعدة يفتح سدد المعدة يعطش يسكن العطش ينفخ المعدة يسكن نفخ المعدة ينفع من وجع المعدة من زلق المعدة من الورم في المعدة ويقوي الكبد يضر الكبد من وجع الكبد من سدد الكبد يورث سدد الكبد أورام الكبد الحارة أورام الكبد الباردة صلابة الكبد يصلب الكبد من اليرقان الأصفر يحدث اليرقان من الاستسقاء الزقي من الاستسقاء اللحمي من الاستسقاء الطبلي يورث الاستسقاء من وجع الطحال من ورم الطحال صلابة الطحال من اليرقان الأسود من نفخة الطحال .
اللوح العاشر


يسهل المرار يسهل الرطوبة والأخلاط الرديئة يسهل السوداء يسهل المائية يسهل الريح يسهل الدم يعقل ينفع من الإسهال من الذرب يسحج من الهيضة يورث الهيضة من زلق الأمعاء يبطىء في الأمعاء من السحج من قروح الأمعاء من المغص يمغص من الزحير من القولنج البارد من القولنج الحار من ورم الأمعاء من إيلاوس من الديدان من أوجاع الأمعاء من نتن البراز ينتن البراز من القولنج الريحي من القولنج الورمي يدر البول يدر الطمث يدرهما من احتباس البول حرقة البول تقطير البول سلس البول بول الدم بول القيح يقوي الكلية يضر بالكلية ديانيطس حصاة الكلية حصاة المثانة الحصاة أورام الكلية أورام المثانة وجع الكلية قروح الكلية قروح المثانة جرب المثانة وحكّتها وجع المثانة استرخاء المثانة يقوي المثانة يضر بالمثانة وجع الرحم يحبس سيلان الرحم ينقي الرحم يحبس الطمث ينفع من أورام الرحم من صلابة الرحم انضمام فم الرحم اختناق فم الرحم يسخن الرحم يضيّق الرحم ينفع من رياح الرحم من بثور الرحم من قروح الرحم يعين على الحبل يمنع الحبل يورث العقم يحفظ الجنين يقتل الجنين يخرج الجنين ويسقطه يخرج المشيمة يسهل الولادة ينقي النفساء يهيج الباه يكثر المني يقلل المني يقلل الأحلام ينعظ ينفع من فراساموس من أورام القضيب من قروح القضيب من خروج المقعدة يقوي المقعدة ينفع من أورام المقعدة من قروح المقعدة من شقاق المقعدة من أوجاع المقعدة من بواسير المقعدة من سيلان الدم من المقعدة من استرخاء المقعدة وخروجها من بواسيو المقعدة .
اللوح الحادي عشر الحميات
من الحيات الحارة من الحميات الباردة المزمنة من الحيات المختلطة من الغب من المحرقة من المطبقة من الربع من النائبة من الوبائية من الدق من حميّات يومية من الحمى العتيقة من شطر الغب من النافض .
اللوح الثاني عشر السموم


ترياق بادزهر يقتل الهوام يطرد الهوام سم دواء قاتل من البيش من قرون السنبل من مرارة الأفعى من الشوكران من الأفيون من البنج من المرتك من الماثل من الفطر من الذراريح من خانق النمر من خانق الذئب من الأرنب البحري يقتل الفار من لسع الحيات من الأفعى من العقرب من الرتيلاء والعنكبوت من الجرادة من قملة النسر من عضة الكَلْب الكَلِب من عضة الإنسان الكِلب من التنين البحري ابن عرس موغالي من السهام المسمومة من السهام الأرمينية من الهلاهل من بزر قطونا المدقوق .
فهذا ما أردنا من ذكر الألواح الذي وعدنا وقد وفينا وحان لنا أن نذكر القاعدة المذكورة .
القاعدة
فقسَمناها قسمين
القسم الأوًل من القاعدة في تذكرة ألواح عدة أخرى
فاعلم أني قد جعلت الأدوية الجزئية المفردة المستعملة في صناعتنا الطبيعة فيها ألواحاً مصبوغة بأصباغها وجعلت ذلك قانوناً ودستوراً ليكون أسهل على طالبي هذه الصناعة في التقاط منافع الأدوية المفردة في كل عضو من الأعضاء ظاهرها وباطنها وما يضر بذلك . فجعلت
اللوح الأول : لأسماء الأدوية المفردة وتعريف ماهياتها .
والثاني : لاختيار الجيد منها .
والثالث : لذكر كيفياتها وطبائعها .
والرابع : لخواص أحوالها وأفعالها الكلية مثل التحليل ومثل الإنضاج والتغرية والتخدير وما أشبه ذلك من الأفعال التي ذكرناها في
الجملة الأولى وخواص أخرى إن كانت لها وجعلت لكل واحد والخامس : في أفعالها التي تتعلق بالزينة .
أما في الجلد نحو إزالة البهق والبرص والتآليل وفي الشعر نحو حفظه وتطويله وتسويده وما يدخل في الزينة وأعلمت على كل شيء يقع في الجلد أو الشعر أو أعضاء أخر بعلامة صبغية ليسهل بذلك طلبه في الجداول حتى يلتقط جميع الأدوية المفردة التي يقع فيها بسرعة .
والسادس : في أفعالها في الأورام والبثور وتجد أيضاً كل صنف مذكوراً فيه بأصباغ تخصّ كل واحد منها .
والسابع : كذلك للقروح والجراحات والكسور مصبوغة بأصباغها .


والثامن : لأمراض المفاصل والأعصاب مصبوغة كذلك .
والتاسع : لأمراض أعضاء الرأس كلها مصبوغة أيضاً . والعاشر : لأمراض أعضاء العين .
والحادي عشر : لأمراض أعضاء النفس والصدر مصبوغة أيضاً .
والثاني عشر : لأمراض أعضاء الغذاء مصبوغة أيضاً .
والثالث عشر : لأمراض أعضاء النفض مصبوغة أيضاً .
والرابع عشر : في الحميّات وما يتعلّق بذلك .
والسادس عشر : في أبدالها حيث لم يوجد ما هو المقصود من الأدوية فربما اجتمع قي دواء واحد جميع الألواح وربما لم يوجد في بعضها إلا بعض الألواح وقد أوردناها في صدر كتابنا هذا بحسب ذلك .
القسم الثاني الأدوية المفردة على ترتيب جيد
فأقول : إني أذكر في هذا القسم أسماء الأدويهّ على ترتيب حروف الجمل ليسهل على المشتغل بهذه الصناعة التقاط منافع كل أدوية ما يختص بعضو عضو المذكورة في الألواح اللائقة بتلك العضو وجعلت هذا القسم على ثمانية وعشرين فصلاً وكل فصل يشتمل على عدة أسماء من الأدوية معدودة عند آخر كل فصل ولما فرغت من ذكر الجداول والفصول الدالة على قوى الأدوية ختمت
الجملة الثانية وهنالك ختمت هذا الكتاب .
الفصل الأول حرف الألف
إكليل الملك . الماهية : هو زهر نبات تبني اللون هلالي الشكل فيه مع تخلخله صلابة ما وقد يكون منه أبيض وقد يكون منه أصفر . قال " ديسقوريدوس " : من الناس من يسميه إيسقيفون وهو حشيش يابس كثير الأغصان ذوات أربع زوايا إلى البياض مائل وله ورق شبيه بورق السفرجل لكنه إلى الطول مائل وهو خشن خشونة يسيرة وله زغب ولونه إلى البياض ينبت في مواضع خشنة . الاختيار : أجوده ما هو أصلب ولونه إلى البياض قليلاً وطعمه أمرّ ورائحته أظهر .
قال " ديسقوريدوس " : أجوده ما فيه زعفرانية لون وهو أذكى رائحة وأن كانت رائحة نوعه في الأصل ضعيفة وأن يكون لونه لون الحلبة .
الطبع : حار في الأولى يابس فيها وبالجملة هو مركب وحرارته أغلب من برودته .


قال " بديغورس " : هو معتدل في الحرارة والبرودة .
الأفعال والخواص : فيه قبض يسير مع تحليل وبسبب ذلك ينضج .
قال " بديغورس " : هو مذيب للفضول بالخاصية .
قالوا : وعصارته مع الميبختج تسكن الأوجاع وهو محلل ملطّف مقو للأعضاء .
الأورام والبثور : ينفع من الأورام الحارة والصلبة وخصوصاً مع الميبختج وأيضاً مخلوطاً ببياض الجراح والقروح : ينفع من القروح الرطبة وخصوصاً من الشهدية مطلى بالماء أو شيء من المجفّفات يقرن به مثل العفص والطين الجفيف والعدس . أعضاء الرأس : ينفع من أورام الأذنين ويسكن وجعهما ضماداًَ بالميبختج وسائر ما قيل وقطوراً فيهما من عصارته ونفعه من الوجع أعجل ويتخذ منه النطول فيسكّن الصداع .
أعضاه العين : ينفع من أورام العينين ضماداً بالميبختج وبما قيل معه .
أعضاء النفض : ينفع من أورأم المقعدة والانثيين ضماداً بالميبختج وبما قيل معه مطبوخاً بالشراب وماء طبيخ قضبانه وورقه إذا شرب يدرّ البول ويدرّ الطصث ويخرج الأجنة ويستحم بماء طبيخه ويسكن الحكة العارضة في الخصيتين .
أنيسون : الماهية : هو بزر الرازيانج الرومي وهو أقل حرافة من النبطي وفيه حلاوة وهو خير من النبطي .
الطبع : قال " جالينوس " : هو حار في الثانية يابس في الثالثة وقال كلاهما في الثالثة .
الأفعال والخواص : مفتح مع قبض يسير مسكن للأوجاع معرق محلّل للرياح وخصوصاٌ إن قلي وفيه حدة يقارب بها الأدوية المحرقة .
أعضاء الرأس : إن تُبخر به واستنشق بخاره سكَن الصداع والدوار وإن سُحق وخُلط بدهن الورد وقطر في الأذن أبرأ ما يعرض في باطنها من صدع عن صدمة أو ضربة ولأوجاعهما أيضاً .
أعضاء العين : ينفع من السبل المزمن .
أعضاء النفس والصدر : يدر اللبن .
أعضاء الغذاء : يقطع العطش الكائن عن الرطوبات البورقية وينفع من سدد الكبد والطحال من الرطوبات .


أعضاء النفض : يدر البول والطمث الأبيض وينقّي الرحم عن سيلان الرطوبات بيض محرك للباه وربما عقل البطن ويعينه عليه إدراره ويفتح سدد الكلي والمثانة الرحم .
الحميّات : ينفع من العتيقة .
السموم : يدفع ضرر السموم والهوام والشربة التامة مفرداً نصف درهم إصلاحه الرازيانج .
أفسنتين : الماهية : حشيشة تشبه ورق السعتر وفيه مرارة وقبض وحرافة .
قال حنين : الأفسنتين أنواع منه خراساني ومشرقي ومجلوب من جبل اللكام وسوسي وطرسوسي .
وقال غيره من المتقدمين : أصنافه خمسة السوسي والطرسوسي والنبطي والخراساني والرومي .
وفي النبطي عطرية وبالجملة ففيه جوهر أرضي به يقبض وجوهر لطيف به يسهل ويفتح وهو من أصناف الشيح ولذلك يسمّيه بعض الحكماء الشيخ الرومي .
وعصارته أقوى من ورقه وهو في قياس عصارة الأفراسيون .
الاختيار : أجوده السوسي والطرسوسي عنبري اللون صبريّ الرائحه عند الفرك .
الطبع : حار في الأول يابس في الثالثة وعصارته أمرّ وقال بعضهم يابس في الثانية وهو الأصح .
الأْفعال والخواص : مفتّح قابض وقبضه أقوى من حرارته والنبطي أشدّ قبضاً وأقل حرارة فلذلك لا يسهّل البلغم ولو في المعدة ولا ينتفع به في ذلك وفيه تحليل أيضاً ومن خواصه أنه يمنع الثياب عن التسوس وفساد الهوام ويمنع المداد عن التغيّر والكاغد عن القرض .
الزينة : يحسن اللون وينفع من داء الثعلب وداء الحية ويزيل الآثار البنفسجية تحت العين وغيره .
الجراح والأورام والبثور : ينفع من الصلابات الباطنة ضماداً ومشروبأ .
أعضاء الرأس : يجفّف الرأس وعصارته تصدع لكن أظن أن ذلك لمضرّته المعدة وبخار طبيخه ينفع من وجع الأذن وإذا شرب قبل الشراب ينفع من الخمار وإذا ضمَد به داخل الحنك ينفع من الخناق الباطن وينفع من أورام خلف الأذنين وينفع من وجع الأذن ومن رطوبات الأذن وينفع من السكتة شراباً بالعسل .


أعضاء العين : ينفع من الرمد العتيق خصوصاً النبطي إذا ضُمِّد به ما تحت العين ومن الغشاوة وإن اتخذ منه ضماد بالميبختج سكَن ضربان العين وورمها وينفع من الودقة فيها .
أعضاء النفس : شرابه ينفع من التمدد تحت الشراسيف .
أعضاء الغذاء : يردّ الشهوة وهو دواء جيد عجيب لها إذا شرب طبيخه وعصارته عشرة أيام كل يوم ثلاث بولوسات .
وشرابه يقوي المعدة ويفعل الأفعال الآخرى وينفع من اليرقان وخصوصاً إن شربت عصارته عشرة أيام كل يوم ثلاث أواق .
وينفع من الاستسقاء وكذلك ضماداً مع التين والنطرون ودقيق الشيلم وهو ضماد الطحال أيضاً .
وقد يضمد لها به مع التين ودقيق السوسن ونطرون ويقتل الديدان خصوصاً إذا طبخ مع عدس أو أرز وعصارته رديئة للمعدة وحشيشه أيضاً ضارّ لفم المعدة خاصة لملوحته ما خلا النبطي .
وإذا خلط بالسنبل نفع من نفخ المعدة والبطن ويضمد به الكبد والمعدة والخاصرة فينفع من وجعها للكبد والخاصرة فبدهن الحناء قيروطياً وللمعدة فبدهن الورد أو مخلوطاً بالورد وينفع من صلابتها .
أعضاء النفص : مدر للبول وللطمث قوي لا سيما حمولاً مع ماء العسل ويسهل الصفراء ولا ينتفع به في البلغم ولا الواقف في المعي والشربة منقوعاً أو مطبوخاً من خمسة دراهم إلى سبعة وبحاله إلى درهمين وشرب شرابه أيضاً ينفع من البواسير والشقاق في المقعدة وإذا طبخ وحده أو بالأرز وشرب بالعسل قتل الديدان مع إسهال للبطن خفيف وكذلك إذا طبخ بالعدس وشرابه يفعل جميع ذلك وينقّي العروق من الخلط المراري والمائي يدره .
الحميات : ينفع من العتيقة وخصوصاً عصارته مع عصارة الغافت .
السموم : ينفع من نهش التنين البحري والعقرب ونهشة موغالي ومن الشوكران بالشراب ومن خنق الفطر خصوصاً إذا شرب بالخل ورشه يمنع البق وإذا بل بمائه المداد لم تقرض الفأرة الكتاب .
الابدال : بدله مثله جعدة أو شيح أو مني وفي تقوية المعدة مثله أسارون مع نصف وزنه هليلج .


آس : الماهية : الآس معروف وفيه مرارة مع عفوصة وحلاوة وبرودة لعفوصته وبنكه أقوى ويفرض بنكه بشراب عفص وفيه جوهر أرضيّ وجوهر لطيف يسير وبنكه هو شيء على ساقه في الاختيار : أفواه الذي يضرب إلى السواد لا سيما الخسرواني المستدير الورق لا سيما الجبلي من جميعه .
وأجود زهره الأبيض وعصارة الورق .
وعصاره الثمر أجود وإذا عتقت عصارته ضعفت وتكرجت ويجب أن تقرص .
الطبع : فيه حرارة لطيفة والغالب عليه البرد وقبضه أكثر من برده ويشبه أن يكون برده في الأولى ويبسه في حدود الثانية .
الأفعال والخواص : يحبس الإسهال والعرق وكل نزف وكل سيلان إلى عضو وإذا تدلك به في الحمام قوّى البدن ونشّف الرطوبات التي تحت الجلد ونطول طبيخه على العظام يسرع جبرها وحراقته بدل التوتيا في تطييب رائحة البدن وهو ينفع من كل نزف لطوخاً وضماداً ومشروباً وكذلك ربه ورُبّ ثمرته .
وقبضه أقوى من تبريده وتغذيته قليلة وليس في الأشربة ما يعقل وينفع من أوجاع الرئة والسعال غير شرابه .
الزَينة : دهنه وعصارته وطبيخه يقوي أصول الشعر ويمنع التساقط ويطيله ويسوده وخصوصاً حبّه وطبيخ حبه في الزبد يمنع العرق ويصدلح سحج العرق .
وورقة اليابس يمنع صنان الآباط والمغابن ورماده بدل التوتيا وينقّي الكلف والنمش ويجلو البهق .
الأورام والبثور : يسكن الأورام الحارة والحمرة والنملة والبثور والقروح وما كان على الكفين وحرق النار بالزيت وكذلك شرابه وورقه يضمد به بعد تخبيصه بزيت وخمر وكذلك دهنه والمراهم المتخذة من دهنه وينفع يابسه إذا ذر على الداحس وكذلك القيروطي المتّخذ منه .
وإذا طبخت أيضاً ثمرته بالشراب واتخذت ضماداً أبرأت القروح التي في الكفين والقدمين وحرق النار ويمنعه عن التنفط وكذلك رماده بالقيروطي .
آلات المفاصل : يوافق التضميد بثمرته مطبوخة بالشراب من استرخاء المفاصل .


أعضاء الرأس : يحبس الرعاف ويجلو الحزاز ويجفف قروح الرأس وقروح الأذن وقيحها إذا قطر من مائه وينفع شرابه من استرخاء اللثة .
وورقه إذا طبخ بالشراب وضمّد به سكن الصداع الشديد .
وشرابه إذا شرب قبل النبيذ منع الخمار .
أعضاء العين : يسكن الرمد والجحوظ وإذا طبخ مع سويق الشعير أبرأ أورامها ورماده يدخل في أدوية الظفرة .
أعضاء النفس والصدر : يقوي القلب ويذهب الخفقان وتمنع ثمرته من السعال بحلاوته ويعقل بطن صاحبه إن كانت مسهّلة بقبضه وتنفع ثمرته من نفث الدم وأيضاً ربه في كذلك .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة خصوصاً ربه وحبه يمنع سيلان الفضول إلى المعدة .
أعضاء النفض : عصارة ثمرته مدرة وهو نفسه يمنع حرقة البول وحرقة المثانة وهو جيد في منع مرور الحيض .
وماؤه يعقل الطبيعة ويحبس الإسهال المراري طلاء والسوداوي ومع دهن الحلّ يعصر البلغم فيسهله .
وطبيخ ثمرته من سيلان رطوباته الرحم وينفع بتضميده البواسير وينفع من ورم الخصية وطبيخه ينفع من خروج المقعدة والرحم .
السموم : ينفع من عضلة الرتيلاء وكذلك ثمرته إذا شربت بشراب وكذلك من لسع العقرب .
أقاقيا : الماهة : هو عصارة القَرظ يجفف ثم يقرص وفيه لذع بالغسل لأنه مركب من جوهر أرضي قابض وجوهر لطيف منه لذعه ويبطل بالغسل وبحدته يغوص ويبرد .
قال ديسقوريدوس : هو شجرة الأقاقية تنبت بمصر وغير مصر ذات شوك وشوكها غير قائم وكذلك أغصانها ولها زهر أبيض وثمر مثل الترمس أبيض في غلف وتجمع الأقاقيا وتعمل عصارته بأن يدق ورقه مع ثمره وتخرج عصارتهما .
ومن الناس من يحتال بأن يسحق بالماء ويصب عنه الذي يطفو ولا يزال يفعل ذلك حتى يظهر الماء نقياً ثم إنه يجعله أقراصاً ويؤخذ في الأدوية .
الاختيار : أجوده الطتب الرائحة الأخضر الضارب إلى السواد الرزين الصلب .
الطبع : المغسول منه بارد يجفف في الثانية وغير مغسول بارد في الأولى ويبسه في حدود الثالثة .


الزينة : يسود الشعر ويحسن اللون وينفع من الشقاق العارض من البرد .
الأورام والبثور : ينفع من جميع ما ذكر للآس وينفع من الداحس ومع بياض البيض على حرق النار والأورام الحارة .
آلات المفاصل : يمنع استرخاء المفاصل .
أعضاء الرأس : ينفع من قروح الفم .
أعضاء العين : يقوي البصر ويلطّفه ولا يصلح للعين منه إلا المضري ويسكن الرمد أيضاً والحمرة التي تعرض فيها ويدخل في أدوية الظفرة .
أعضاء النفض : يعقل الطبيعة مشروباً وحقنه وضماداً وينفع من السحج والإسهال الدموي ويقطع سيلان الرحم ويرد نتوء المقعدة ونتوء الرحم وينفع من استرخائهما .
أشقيل : الماهية : هو بصل الفار سمي بذلك لأنه يقتل الفار وهو حريف قوي .
وقال قوم : هو العنصل والشي والطبخ يكسر قوّته وصورة مشوّيه صورة قديد الخوخ ولونه أصفر إلى البياض ومنه جنس سمي قتال .
وظن بعضهم أنه البلبوس لأدنى علامة وجدها وقد أخطأ .
الاختيار : جيّده قرنيّ اللون ذو بريق في طعمه حلاوة مع الحدّة والمرارة .
الأفعال والخواص : محلل جذاب للدم إلى ظاهو لعضو وللفضول محرق مقرح ملطف جداً للكيموسات الغليظة مقطّع بقوة فوق قوة تسخينه وخله يقوي البدن الضعيف ويفيد الصحة .
الزينة : يقلع الثآليل طلاء ومع الزيت والرايتيانج وينبت الشعر في داء الثعلب وداء الحية طلاء ودلوكاً وشقاق العقب خصوصاً وسط نيه وخله يحسن اللون .
الجراح والقروح : يجفف القروح الظاهرة ويضر قروح الأحشاء مأكولاً ويقرح دلكاً .
آلات المفاصل : يضر العصب السليم يسيراً مع نفعه من أوجاع العصب والمفاصل والفالج وعرق النساء خاصة وكذلك خله وشرابه .
أعضاء الرأس : ينفع من الصرع والمالنخوليا ويشد خله اللثة ويثبت الأسنان المتحركة ويدفع النخر .
أعضاء العين : كله يحد البصر ويمنع النزال .
أعضاء النفس والصدر : ينفع من الربو جداً ومن السعال العتيق وخشونة الصوت ويسقى منه ثلاثة أثولوسات بعسل ويقوي الحلق خله ويصلبه وينفعه .


أعضاء الغذاء : ينفع من صلابة الطحال ويقوي المعدة والهضم وينفع من طفو الطعام وكذلك خله وسلاقته تشرب للطحال أربعين يوماً .
وقيل : أنه إن علق أحداً وأربعين يوماً على صاحب أعضاء النفض : يدر البول بقوة وكذلك خله وشرابه وينفع من عسر البول ويدر الطمث حتى يسقط أيضاً وكذلك خله وشرابه وينفع من اختناق الرحم ويسهل الأخلاط الغليظة لا سيما المشوي منه يجمع مع ثمانية أمثاله ملحاً مشوياً .
والشربة مقدار ملعقتين على الريق وكذلك المسلوق منه وبزره ينعم دقه ويجعل في آنية يابسة ويخلط بعسل ويؤكل فيلين الطبيعة .
وينفع من وجع المقعدة والرحم وينفع من المغص جداً .
الحميًات : ينفع خله من النافض المزمن .
السموم : إذا علق على الأبواب فيما يقال منع الهوام عنها وهو ترياق للهوام ويقتل الفار وينفع من لسعة الأفعى إذا ضمد به مطبوخاً مع الخل .
الابدال : بدله مثله قردمانا ومثله وثلثه وج وثلثه حماما .
إذخر وفقاحه : الماهية : منه أعرابي طيب الرائحة ومنه آجامي ومنه دقيق وهو أصلب ومنه غليظ وهو أرخى ولا رائحة له قال ديسقوريدوس : إن الإذخر نوعان أحدهما لا ثمر له والآخر له ثمر أسود .
الأختيار : أجوده أعرابيه الأحمر الأذكى رائحة وأما فقاحه فهو إلى الحمرة فإذا تشقق صار فرفيرياً وهو دقيق شبيه في طيب رائحته برائحة الورد إذا فتت وذلك باليد .
وأكثر منفعته في زهره وفي الفقاح وأصله وقضبانه ويلذع اللسان ويحذيه .
الطبع : في الآجامي قوة مبردة وعند ابن جريج كله بارد وأصله أشد قبضاً وفقاحه يسخن يسيراً وقبضة أقل من إسخان ويكاد أن يكون الاعرابي في طبعه حاراً قي الثانية .
الأفعال والخواص : فيه قبض فلذلك ينفع فقاحه من نفث الدم حيث كان وفي دهنه تحليل وقبض وأصله أقوى في ذلك ويقبض الطبيعة وفيه إنضاج وتليين ويفتح أفواه العروق ويسكن الأوجاع الباطنة وخصوصاً في الأرحام ويحلل الرياح .
الجراح والقروح : دهنه ينفع من الحكة حتى في البهائم .


الأورام والبثور : ينفع من الأورام الحارة طبيخه ومن الصلابات الباطنة شرباً وضماداً وطبخاً ومن الأورام الباردة في الأحشاء .
آلات المفاصل : ينفع العضل وينفع التشتج إذا شرب منه ربع مثقال بفلفل ودهنه يذهب الاعياء .
أعضاء الرأس : يثقل الرأس خصوصاً الآجامي منه لكن الأدق منهما يصدع والأغلظ ينوم وبزره يخدر وجميعه يقوي العمور وينشف رطوبتها وفقاحه ينقي الرأس .
أعضاء الغذاء : أصله يقوي المعدة ويشهي الطعام وأصله أيضاً يسكن الغثيان منه مثقال خصوصاً مع وزنه فلفل وفقاحه يسكن أوجاع المعدة وينفع من أورام المعدة وأورام الكبد .
أعضاء النفض : ينفع من أوجاع الرحم خاصة والقعود في طبيخه لأورام الرحم الحارة وكذلك إذا قطر فيه أو يحسى من مائه وبزرهما يفتت الحصاة ويعقل الطبيعة خصوصاً الآجاميان منه ويقطعان نزف النساء وفقاحه ينقع من أوجاع الكلي ونزف الدم منها وإذا شرب من أصله مقدار مثقال مع الفلفل نفع من الاستسقاء وفقاحه ينفع من أورام المقعدة .
السموم : النوع الغليظ إذا ضمد بورقه الغض الذي يلي أصله يكون نافعاً من لسع الهوام .
أسارون .
الماهيه : حشيشة يؤتى بها من بلاد الصين فات بزور كثيرة وأصول كبيرة ذوات عقد معوجة تشبه الثيل طيبة الرائحة لذاعة للسان ولها زهو بين الورق عند أصولها لونها فرفيري شبيهة بزهر البنج وأصولها أنفع ما فيها وقوتها قوة الوج وهو أقوى .
الاختيار : أجوده الذكي الرائحة .
الطبع : حار يابس في الثالثة وقيل يبسه أقل من حره .
الأفعال والخواص : يفتح ويسكن الأوجاع الباطنة كلها خصوصاً نقيعه الذي نذكره في باب آلات المفاصل : ينفع من عرق النسا ووجع الوركين المتقادم وخصوصاً نقيعه المذكور في باب الاستسقاء .
أعضاء العين : ينفع من غلظ القرنية .


عضاء الغذاء : ينفع من سدد الكبد جداً ومن صلابتها وينفع من اليرقان ومن الاستسقاء نقيع ثلاثة مثاقيل منه في اثني عشر قوطولي عصيراً وقد يروق بعد شهرين نفعه للحمى أكثر وينفع من صلابة الطحال جداً .
أعضاء النفض : يدرهما ويقوي المثانة والكلية ويسهل وهو كالخربق الأبيض في تنقيته للبطن .
والشربة سبعة مثاقيل بماء العسل ويزيد في المني .
أنزروت : الماهية : هم صمغ شجرة شائكة في بلاد فارس وفيه مرارة .
الاختيار : جيده الذي يضرب إلى الصفرة ويشبه اللبان .
الطبع : قال بعضهم : هو حار في الثانية يابس في الأولى قال ابن جريج : ويكون بفارس واللوردجان وهو حار جداً .
الأفعال والخواص : مغر بلا لذع فلذلك يدمل ويلحم ويستعمل في المراهم وفيه قوة لاحجة الزينة : يصلح شربها المتواتر وخصوصاً للمشايخ .
الأورام والبثور : يسكن الأورام كلها ضماداً .
الجراح والقروح : يأكل اللحم الميت ويدمل الجراحات الطرية ويجبر الوثي ويستعمل محلله ومحلّل أصله المجفف لذلك .
أعضاء الرأس : إن اتخذت فتيلة بعسل ولوثت في الأنزروت المسحوق وتدخل في الأذن الوجعة فتبرأ في أيام .
أعضاء العين : ينفع من الرمد والرمص خاصة ومن نوازل العين وخصوصاً المربّى بلبن الأتن ويخرج القذى من العين .
أعضاء النفض : يسهل الخام والبلغم الغليظ وخصوصاً من الورك ومن المفاصل .
أبهل : الماهية : هو شجرة العرعر وهو صنفان : صغير وكبير يؤتى بهما من بلاد الروم يشبه الزعرور إلا أنها أشد سواداً حادة الرائحة طبيعتها وشجرها صنفان : صنف ورقته كورق السرو كثير الشوك يستعرض بلا طول والآخر ورقه كالطرفاء وطعمه كالسرو وهو أيبس وأقل حرارة وإذا أخذ منه ضعف الدارصيني قام مقامه .
الأفعال والخواص : شديد التحليل وله تجفيف مع لذع وفيه قبض خفي ويدخل في الأدهان المسخنة وفي الأدوهان الطيبة وأكثر ما يدخل في دهن العصير .


الجراح والقروح : ينفع ذروره من الإكلة والقروح العفنة مع العسل ويمنع سعي الساعية والقروح المسودة وقد تضمد به ولا يدمل للذعه ولشدة حرارته ويبوسته بل يجفف .
أعضاء الرأس : إذا غلي جوز الأبهل في دهن الخلٌ في مغرفة حديد حتى يسود الجوز وقطر في الأذن نفع من الصمم جداً .
أعضاء النفض : إذا شرب أبال الدم وأسقط الجنين وإذا احتمل أو دخن به فعل ذلك .
أشنة : الماهية : قشور دقيقة لطيفة تلتف على شجرة البلوط والصنوبر والجوز ولها رائحة طيبة .
وقال قوم : إنها يؤتى بها من بلاد الهند .
الاختيار : الجيد منها الأبيض والأسود رديء .
قال ديسقوريدوس : إن الأجود منها ما كان على الشربين وهو الصنوبر وكانت بعد ذلك فالأجود ما يوجد على للجوز أجوده أطيبه رائحة وما كان أبيض إلى الزرقة .
الطبع : في برودة يسيرة إلى الفتور وقبض معتدل وزعم قوم أنه حار في الأولى يابس في الثانية الأفعال والخواص : لها قوة قبض وتحليل معاً وتليين لا سيما الصنوبرية قبضها معتدل والبلوطية تفتح السدد وتشد اللحوم المسترخية .
الأورام والبثور : يطلى على الأورام الحارة فيسكنها ويحلل الصلابات ويسكن أورام اللحم الرخو .
اًلات المفاصل يقع في أدهان الإعياء ويحلل صلابة المفاصل وكذلك طبيخه .
أعضاء الرأس : إذا نقع في الشراب نوم شاربه .
أعضاء العين : يجلو البصر .
أعضاء النفس والصدر : نافع من الخفقان .
أعضاء الغذاء : يحبس القيء ويقوي المعدة ويزيل نفخها لا سيما في شراب قابض وينفع من وجع الكبد الضعيف .
أعضاء النفض : يفتح سدد الرحم وإذا جلس في مائه نفع من وجع الرحم ويدر الطمث .
الابدال : بدله وزنه قردمانا .
أظفار الطيب : الماهية : هي قطاع تشبه الأظفار طيّبة الرائحة عطرية تستعمل في الدخن .


قال ديسقوريدوس : هي من جنس أطراف الصدف يؤخذ من جزيرة في بحر الهند حيث يكون فيه السنبل ومنه قلزمي ومنه بابلي أسود صغير ولكليهما رائحة عطرية جيّدة وأظن أن القلزمي هو الذي يسمى الفرشية منها ويقال أنه يكون ملتزقاً باللحم والجلد وربما وقع شيء إلى عبادان وكثير منه مكي ويجلب من جدة وهذا يعالج فينقّى ويطيّب .
الاختيار : أجوده الضارب إلى البياض الواقع إلى القلزم وإلى اليمن والبحرين وأما البابلي فأسود صغير جداً .
قال العطارون : خيره البحري ثم المكي الجدي وربما وقع شيء منه إلى عبادان .
الطبع : حارة يابسة في الثانية ويبسها يكاد يقارب الثالثة .
الأفعال والخواص : ملطف .
أعضاء الرأس : ينفع دخانه من الصرع .
أعضاء النفض : بخوره ينبه من بها اختناق الرحم واذا شرب بالخل حرك البطن أي نوع كان منه .
أنفحة : الماهية : الأنافح كثيرة وسنذكر كل أنفحة في باب الحيوان الذي له .
الاختيار : أجودها في النوع أنفحة الأرنب .
الأفعال والخواص : تحلل كل جامد من دم ولبن متجبّن وخلط غليظ وتجمد كل ذائب وكلها مقطعة وتمنع كل سيلان ونزف من النساء وكلها ملطّفة ولا شك أنها مع ذلك تجفّف .
قال جالينوس : لا أستعمل الحاد من الأنافح في موضع يحتاج فيه إلى قبض .
أعضاء الرأس : تنفع كلها إذا شربت من الصرع وخصوصاً أنفحة القوقي .
أعضاء النفس والصدر : تحلل الدم الجامد في الرئة .
أعضااء الغذاء : تحلل اللبن المتجبن في المعدة إذا شربت بالخلّ وتحال الدم الجامد في المعدة وهي رديئة للمعدة .
أعضاء النفض : إذا احتملت بعد الطهر أعانت على الحبل وإن شربت قبل الطهو منعت الحبل وتنفع من اختناق الرحم وخصوصاً أنفحة القوقي وتصلح لأوجاع الرحم وتنفع قروح الأمعاء وخصوصاً أنفحة المهر .


السموم : كلها بادزهرية وتنفع من الشوكران وأوفقها لهذا أنفحة الجدي والخشف والحوار والخروف ويسقى من السموم واللدوغ كلها ثلاث أنولوسات والشربة منها وزن عشرة قراريط وبالطلاء وأنفحة الجدي بادزهر الفربيون .
أملج : الماهية : معروف ومرباه أضعف من الهليلج المربى وفي طريقه وإذا أنقع في اللبن سمّي شير املج .
الطبع : عند اليهودي حار وعند كثير منهم بارد في الثانية وعند شرك الهندي فيه تسخين ولعل الحق أنه يابس قليل البرد .
الأفعال والخواص : يطفىء حرارة الدم .
الزينة : يقوي أصل الشجر ويسود الشعر .
آلات المفاصل : ينفع العصب جداً والمفاصل .
أعضاء العين : مقو للعين .
أعضاء النفس والصدر : يقوي القلب ويذكيه ويزيد في الفهم .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة ويدبغها ويسكن العطش والقيء ويشهى الطعام .
أعضاء النفض : يقوي المعدة ويهيج الباه وعند قوم يعقل البطن ولكن مرباه يلين البطن من غيرعناء وينفع من البواسير .
أقحوان : الماهية : منه أبيض ومنه أشقر .
والأبيض أقوى وهي قضبان دقيقة عليها زهر أبيض الورق شبيهة بزهر المر وحادة الرائحة والطعم .
قال ديسقوريدوس : من الناس من يسميه أماريون وآخرون قورينبون وآخرون أرقسمون له ورق يشبه ورق الكزبرة وزهره أبيض مستدير ووسطه أصفر وله رائحة فيها ثقل وفي طعمه مرارة .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : مسخن منضج يفتح السدد وفي الأحمر منه قبض ومنع لأنواع السيلان مع ما فيه من التحليل لكن قبضه وتجفيفه أكثر وهو يدر العرق وكذلك دهنه مسوحاً ويفتح أفواه العروق محلل ملطف .
أعضاء الرأس : مسبت وإذا شم رطبه نوّم ودهنه نافغ من أوجاع الأذن .
آلات المفاصل : ينفع من التواء العصب إذا بل طبيخه بصوفة ووضع عليه .
الأورام والبثور : يحلل الورم الحار في المعدة والدم الجامد فيها وينفع من الأورام الباردة .


الجراح والقروح : ينفع من النواصير ويقشر الخشكريشات والقروح الخبيثة وينفع من جراحات العصب .
أعضاء النفس والصدر : ينفع من الربو إذا شرب يابساً بالسكنجبين والملح كما يشرب الأفتيمون .
أعضاء النفض : يدر بقوهَ ويحلّل الدم الجامد في المثانة بماء العسل ويفتت الحصاة إذا شرب مع زهره .
وفقاحه في الشراب يدر الطمث والبول وكذلك احتمال دهنه فإنه يدر بقوّة واحتمال دهنه أيضاً يحلل صلابة الرحم ويفتح الرحم .
ويشرب يابساً في السكنجبين كالأفتيمون ويسهل سوداء وبلغماً وينفع من أورام المقعدة الحارة ويفتح البواسير هو ودهنه وينفع من أدرة الماء بعد أن تشق وينفع من القولنج ووجع المثانة وصلابة الطحال .
أذريون : الطبع : حار يابس في الثالثة .
الزينة : ينفع من داء الثعلب مسحوقاً بالخل .
آلات المفاصل : رماده بالخل على عرق النسا .
أعضاء النفض : قال ديسقوريدوس : الجبلي منه إذا مسَته المرأة واحتملته أسقطت من ساعتها .
السموم : ينفع من السموم كلها وخصوصاً اللدوغ .
اصطرك .
الماهية : قال ديسقورديوس : إنه ضرب من الميعة وعند بعضهم هو صمغ الزيتون ودخانه يقوم بدل دخان الكندر في كل شيء .
الاختيار : أجوده ما كان أحد رائحة .
قال ديسقوريدوس : أجوده ما كان منه الأشقر الدسم الشبيه بالراتينج في جسمه أجزاء لونها إلى البياض معه طيب الرائحة فيبقى وقتاً طويلاً وإذا دلك انبعثت منه رطوبة كأنها العسل وما كان منه أسود غثاً كالنخالة فهو رديء وقد يؤحذ منه صمغة شبيهة بالصمغ العربي صافية اللون رائحتها شبيهة برائحة المر وقل ما توجد هذه الصمغة فمن الناس من يذيب الشحم والشمع ويعجنه بالاصطرك .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الأولى .
الأقعال والخواص : مسخّن منضج ملين جداً .
آلات المفاصل : يخلط بأدوية الاعياء .
أعضاء الرأس : فيه إسبات وتثقيل للرأس وتصديع وينفع من الزكام والنوازل .
أعضاء النفس والصدر : ينفع من السعال وبحوحة الصوت وانقطاعه .


أعضاء النفض : دهنه نافع لصلابة الرحم ويدر الطمث ويفتح الرحم وإذا ابتلع شيء من علك البطم لين الطبيعة .
إثمد .
الماهية : هو جوهر الأسرب الميّت وقوته شبيهة بقوة الرصاص المحرق .
الاختيار : جيده الصفاتحي الذي لفتاته بريق ولا يخالطه شيء غريب ووسخ ويكون سريع التفتت جداً .
الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية وهو أشد تجفيفاً من الزاج الأحمر وهو السوري .
الافعال والخواص : يقبض ويجفف بلا لذع ويقطع النزوف .
الجراح والقروح : ينفع القروح ويذهب باللحوم الزائدة ويدمل ويوضع مع شحم طري على الحرق فلا يتقرح وإن تقرح أدمله إذا خلط بشمع وأسفيداج .
أعضاء الرأس : يمنع الرعاف الدماغي الذي يكون من حجب الدماغ .
أعضاء العين : يحفظ صحة العين ويذهب وسخ قروحها .
أعضاء النفض : إذا احتمل نفع من نزف الرحم .
الأبدال : بدله الآنك المحرق .
أغلاجون : الماهية : هو خشب يؤتى به من بلاد الهند وبلال الغرب فيه صلابة منقّط طيّب الرائحة له قشر كأنه الجلد موشى بألوان مختلفة .
الزينة : إذا مضغ أو تمضمض بطبيخه يطيب النكهة وقد يهيأ هيئة ذرور يدثر على البدن كله أعضاء الغذاء : إذا شرب من الأصل وزن مثقال يمنع من لزوجة المعدة وينفع صبغها ويسكر لبنها وينفع من وجع الكبد والجنب .
أعضاء النفض : ينفع شربه من قرحة الأمعاء والمغص هذا ما يشهد به ديسقوريدوس .
أفتيمون : الماهية : بزور وزهر وقضبان صغار متهشمة وهو حاد حريف الطعم أحمر البزر نباته كقوة الحاشا لكن الحاشا أضعف منه وقيل : إنه من جنس الحاشا .
الاختيار : جيده الاقريطي أو القبرصي وهو يميل إلى الحمرة وما هو أشد حمرة وأحد رائحة فهو أجود .
الطبع : حار يابس في الثالثة عند جالينوس ويقول حنين : إنه حار في الثالثة يابس في آخر الأولى .
الأفعال والخواص : يسكن النفخ ويوافق الكهول والمشايخ ويذهب أمراض السوداء .
آلات المفاصل : ينفع من التشنّج .
أعضاء الرأس : ينفع من الماليخوليا والصرع .


أعضاء الغذاء : يكرب الذين يغلب على مزاجهم الصفراء ويقيئهم وهو مما يعطش .
أعضاء النفض : الشربة من الأفتيمون أربعة دراهم يشرب بالعسل مع شيء من ملح فيسهل السوداء بقوّة ويسهّل البلغم أيضاً قال بعضهم : المشروب منه إلى درهمين والمطبوخ إلى أربع درخميات ويجب أن يلتّ مشروبه بدهن اللوز ولا يجب أن يستقصى في طبخه .
أسطوخوذوس : الماهية : نبات له سفا حمر دقيقة كسفا حبّة الشعير وهو أطول منه ورقاً وفيه قضبان غبر كما في الأفتيمون بلا نور وهو حريف مع مرارة يسيرة وهو مركّب من جوهر أرضي بارد وناري لطيف .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : يحلل ويلطف بمرارته وكذلك شرابه وينفع السدد ويجلو وفيه قبض يسير يقوي البدن والأحشاء ويمنع العفونة .
آلات المفاصل : طبيخه يسكن أوجاع العصب والضلوع وشرابه أنفع شيء من الأمراض الباردة في العصب فيجب أن يواظب عليه ضعيف العصب ومريضه من البرد .
أعضاء الرأس : ينفع من الماليخوليا والصرع .
أعضاء الغذاء : يكرب الذين يغلب على مزاجهم الصفراء ويقيئهم وهو مما يعطش .
أعضاء النفض : يقوي آلات البول ويسهل البلغم والسوداء ولم يذكره جالينوس بهذا والشربة البالغة منه اثنا عشر كشوتا مع شراب صاف أو سكنجين وشيء من ملح .
أشق : الماهية : هو صمغ الطرثوث وربما يسمّى لزاق الذهب لأن الكواغد والكراريس تُذهَب به .
الطبع : حار في آخر الثانية يابس في الأولى .
الأفعال والخواص : تحليله وتجفيفه قوي وليس تلذيعه بقويّ ويبلغ من تفتيحه إلى أن يسيل الدم من أفواه العروق ويدخل في إصلاح المسهلات وفيه تليين وجذب .
الأورام والبثور : يطلى ويضمد به بالخلٌ والنطرون وينفع من الخنازير والصلابات والسلع .
الجراح والقروح : نافع للجراحات الرديئة ويأكل الدم الخبيث وينبت الجيد .


آلات المفاصل : ينفع من وجع عرق النسا والخاصرة والمفاصل سقياً بعسل أو بماء الشعير وإذا ضمد بالعسل والزفت حلل تحجّر المفاصل وإذا خلط بخل وبورق ودهن الحناء نفع من الإعياء .
أعضاء العين : يلين خشونة الأجفان والجرب ويجلو بياض العين وينفع رطوبات العين .
أعضاء النفس والصدر : ينفع من الربو وعسر النفس وانتصابه إذا لعق بعسل أو بماء الشعير أعضاء الغذاء : إذا شرب منه درخمي نفع من صلابة الطحال وصلابة الكبد وكذلك إذا طلي بخل وينفع من الاستسقاء .
أعضاء النفض : يدر البول حتى يبول الدم ويقتل حب القرع ويسهّل ويخرج الجنين حياً كان أو ميتاً ويدر الحيض ويلطخ بالخل على صلابة الانثيين فيلينهما .
السموم : شربه بالطلاء والمرّ بادزه للسم الذي يقال له طعمعون وإذا دهن به طرد الهوام وإذا خلط بسعد وزيت وقرب من الهوام قتلها .
الأبدال : بدله وسخ خلية النحل .
أنجدان : الماهية : منه أبيض وأسود وهو أقوى .
وهذا الأسود لا يدخل في الأغذية وأصله قريب الطعم من الاشترغاز وطبعه هوائي .
والاشترغاز بطيء الهضم وليس هذا في منزلته وإن كان بطيء الهضم أيضاً جدأ .
وأما الحلتيت وهو صمغه فنفرد له باباً اًخر ولأن يستعمل طبيخه أو خلّه أولى من جرمه .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : هو ملطّف وأصله منفخ وإذا دلك البدن بأنجدان وخصوصاً بلبنه جذب الزينة : يغير ريح البدن وإن تضمد به مع الزيت أبرأ كهبة الدم تحت العين جداً .
الأورام والبثور : ينفع من الدبيلات الباطنة وإذا خلط هو أو أصله بالمراهم نفع عن الخنا زير .
آلات المفاصل : إذا خلط بدهن إيرسا أو دهن الحناء نفع من أوجاع المفاصل خاصة .
أعضاء الغذاء : أصله يجشي ويعقل البطن وهو بطىء الهضم ويهضم ويسخن المعدة ويقويها ويفتق الشهوة .
أعضاء النفض : إذا طبخ مع قشر الرمان بخل أبرأ البواسير المقعدية ويدر وينتن رائحة البراز والفساء وهو يضر بالمثانة .


السموم : بادزهر السموم كلها مشروباً .
اشترغار : الماهية : هو قريب من الأنجدان في طبعه واًرْدَأ منه والأصوب استعمال خلّه .
الطبع : حار يابس في اًخر الثالثة .
أعضاء الغذاء : خلّه جيد للمعدة ينقّيها ويقويها ويفتق الشهوة وجرمه يغثّى بلذعه ويبطىء لبثه في المعدة وهضمه فيها .
الحميّات : خاصته النفع في حميات الربع .
الماهية : هو الزرشك ومنه مدور أحمر سهلي وأسود مستطيل رمليّ أو جبليّ وهو أقوى .
الطبع : بارد يابس في آخر الثالثة .
الخواص : هو قامع للصفراء جداً شرباً .
الأورام والبثور : من خاصيته المنفعة من الأورام الحارة ضماداً .
أعضاء الغذاء : يقوّي المعدة والكبد ويقطع العطش جداً .
أعضاء النفض : يعقل وينفع من السحج وشربه ينفع من الرطوبات السائلة من الرحم سيلاناً مزمناً وقد يقال إن المرأة الحبلى إذا شرب بطنها بأصل هذه الشجرة ثلاث مرات أو لطخ به أسقطت الجنين .
وينفع من سيلان الدم من أسفل .
إسفنج : الماهية : جسم بحري رخو متخلخل كاللبد ويقال : إنه حيوان يتحرك فيما يلتصق به لا يبرح .
الاختيار : الطري منه أقوى وأشد تجفيفاً لقوة طبيعة البحر .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية وحجارته قريبة منها وأقل حرًا .
الأفعال والخواص : قويّ التجفيف وخاصة الحديث منه إذا أحرق بالزيت ولذلك رماده يمنع انفجار الدم لقطعٍ أو بط وتشتعل فيه النار على الموضع فيكوي مع أنه جوهو حابس دماً وأيضاً يفتل ويلقم أفواه العروق المنضمة فيفتحها وإذا أحرق مع الزيت حبس النزف .
وحجارته تلطف من غير إسخان وتجفف وتجلو .
الأورام والبثور : يجفف الأورام البلغمية .
الجراح والقروح : يغمس في الخل ويوضع على الجراحات فيدملها ويطبخ بالعسل فيدمل القروح العميقة وكذلك يوضع يابساً عليها ومبلولاً بماء أو شراب ويجفّف الرطوبة العتيقة وينقّي الموضع .
أعضاء النفس والصدر : إذا أحرق الأسفنج بالزيت كان صالحاً لعلاج نفث الدم .


أعضاء النفض : الحجر الموجود فيه يفتت حصاة المثانة عند غير جالينوس يستبعد أن تنفذ قوته إلى المثانة لحجارة الكلية .
الأبار والآنك : .
الماهية : هما الرصاص الأسود فيه جوهو مائي كثير أجمده البرد وفيه هوائية وأرضية وليست بشديدة الكثرة والدليل على رطوبته كما زعم جالينوس سرعة ذوبه وعلى هوائيته شدّة سخافته فإنه يربو إذا ترك في ندى الأرض وينتفخ وهو شديد التبريد للأورام .
الطبع : بارد رطب في الثانية .
الأورام والبثور : يتخذ منه فهر وصلابة ويسحق أحدهما على الآخر ببعض الأدهان فما يتحلل منه ينفع الأورام الحارة ويبردها والقروح الخبيثة حتى السرطان ويشدّ منه صفيحة على الخنازير والغدد وقروح المفاصل وغددها فإنها تذوب جداً .
الجراح والقروح : تنفع سحاقته المذكورة وحرافته خصوصاً المغسولة من الجراحات الخبيثة والقروح السرطانية وقروح المفاصل .
الآت المفاصل : تنفع سحاقته وحرافته المذكورتان من قروح المفاصل وإن شد على التواء المفاصل وغددها أذابها .
أعضاء العين : المحرق منه نافع من قروحها خصوصاً إذا غسلت وكذلك من الرمد اليابس أعضاء النفس والصدر : محرقة نافع لقروح الصدر وكذلك سحاقته وحرافته المذكورتان .
أعضاء النفض : تنفع سحاقته المذكورة وحرافته من البواسير وتشد صفيحة منه على القطن فتمنع الأحلام المتواترة وتسكن شهوة الباه وهما نافعتان من قروح الذكر والأنثيين وأورامهما .
أشنان : الماهية : هي أنواع ألطفها الأبيض ويسمى خرء العصافير وأحدها الأخضر .
الأفعال والخواص : جلآء منق مفتح .
أعضاء النفض : وزن نصف درهم منه يحل عسر البول ووزن خمسة دراهم تسقط الولد حياً وميتاً ونصف درهم من الفارسي إلى درهم يدر الطمث ووزن ثلاثة دراهم يسقل مائية الاستسقاء .
السموم : وزن عشرة دراهم سم قتال ودخان الأخضر منه تنفر عنه الهوام .


أصابع صفر : الماهية : شكل أصابع الصفر كالكف أبلق من صفرة وبياض صلب فيه قليل حلاوة ومنه أصفر مع غبرة بلا بياض .
الطبع : هو حار يابس في الثانية تقريياً .
الأفعال والخواص : محلل للفضول الغليظة جداً .
آلات المفاصل : لها خاصية في نفع الأعضاء العصبية وآفاتها .
أعضاء الرأس : نافع من الجنون خاصة .
الأبدال : بدله في منفعته من الجنون مثله ومثل نصفه هزارجشان مع ثلثه سعداً .
أونومالي : الماهية : هو دهن حار جداً ثخين كالعسل وأثخن منه يتحلب من ساق شجرة تدمرية حلوة الاختيار : أجوده ما كان أصفى وأثخن وأقدم .
الطبع : حار رطب وحرارته أكثر من رطوبته .
الجرح والقروح : ينفع من الجرب المتقرح طلاء وضماداً .
آلات المفاصل : ينفع أوجاع المفاصل .
أعضاء الرأس : فيه إسبات وتكسيل .
أعضاء العين : صالح لظلمة العين إذا اكتحل به .
أعضاء النفض : تسهل ثلاث أواق منه مع تسع أواق من الماء مرة وأخلاطاً نيئة ويكسل ويرخي فلا يبالين منه ولا يروعن من يتسهل به فإنه نافع مع ظهر منه سليم بل يجب أن لا ينام على ذلك البتة فيما يقال .
أغالوجي : الماهية : خشب هندي أو أعرابي عطر الرائحة موشى الجلدة يدخل في العطر وفيه قبض مع مرارة يسيرة .
أعضاء الرأس : المضمضة بطبيخه تطيّب النكهة .
أعضاء النفس والصدر : ينفع من وجع الجنب .
أعضاه النفض : إذا شرب بالماء ينفع من قروح المعي والمغص الحار .
أم غَنلان : الماهية : شجرة من عضاه البادية معروفة .
الطيع : يابس .
الأفعال والخواص : قابض يمنع الدم وأصناف السيلان .
أعضاء النفس : يمنع نفث الدم .
أعضاء النفض : يمنع من سيلان الرحم .
أذاراقي : الماهية : هو نوع من زبد البحر يكون جامداً لاصقاً بالحلفاء وهو القصب ودواء حاد لا يشرب لحدته بل يستعمل طلاء بعد كسرحدته .
الطبع : حار جداً .
الأفعال والخواص : يبدل المزاج الرديء البارد إلى مزاج جيد ولا يحسر عليه إلا طِلاء .
الزينة : ينفع من الكلف .


الأورام والبثور : ينفع من البثور اللينة .
آلات المفاصل : ينفع ضماداً من عرق النسا .
أزاذدرخت : الماهية : شجرة الأزاذدرخت معروفة لها ثمرة تشبه النبق ويسمونه بالري شجرة الإهليلج وكنار وبطبرستان يسمى بطاحك وهي شجرة كبيرة من كبار الشجر .
الطبع : فقاحه حار في الثالثة يابس في آخر الأولى .
الأفعال والخواص : فقاحه مفتح للسدد .
الزينة : ماء ورقه يقتل القمل ويطيل الشعر وخاصة عروقه إذا استعملت مع الخمر .
أعضاء الرأس : قفاحة يفتح سدد الدماغ .
أعضاء النفس : ثمرته ضارة للصدر جداً قتالة .
أعضاء الغذاء : ثمرته رديئة للمعدة مكربة .
الحميات : قيل أن طبيخ لحائه مع الشاهترج والهليلج مروقاً ينفع من الحميات البلغمية جداً .
السموم : عصارة أطرافه مع العسل تقاوم السموم كلها وثمرته ربما قتلت .
الأبدال : بدله في تطويل الشعر ورق الشهدانج وورق الآس والسدر .
إيرسا : الماهية : هو أصل السوسن الأسمانجوني وهو من الحشائش ذات السوق وعليه زهوة مختلفة مركبة من ألوان من بياض وصفرة وأسمانجونية وفرفيرية وهذا يسمى إيرسا أي قوس قزح .
وهذه الأصول عقدية وورقه دقاق وإذا أعتق تسوس .
قال دسقوريدوس : إن ورق الإيرسا يشبه ورق السوسن البري غير أنه أطول وأكبر منه وله ساق عليه زهوة يواري بعضها بعضاً وهو مختلف الألوان منه ما لونه يضرب إلى الصفرة أرجوانياً ومنه ما يضرب إلى لون السماء .
ومن أجل اختلاف لونه شبه بالإيرسا وسمي به وله أصول صلبة ذات عقد طيبة الرائحة وينبغي إذا لقظ أن يجفّف في الظل وينطم في خيط الكتان .
الاختيار : الجيّد منه هو الصلب الكثيف المذذ العصير إلى الحمرة طيّب الرائحة ليس يشم منه رائحة البري ويحذ اللسان ويحرك العطاس بقوة .
الطبع : حار يابس في اًخر الثانية .
الأفعال والخواص : مسخن ملطف منضج مفتّح جلاء منقّ وعصيره يحل بماء العسل ينقّي البلغم الغليظ ويخرجه .


الزينة : مع مثله خربق ينقّي الكلف والنمش ويفعل ذلك وحده .
الأورام والبثور : المصلوق منه يليّن الصلابات والأورام الغليظة والخنازير والبثور الخبيثة .
الجراح والقروح : ينفع من القروح الوسخة وينبت الدم في النواصير ولو ذروراً ويكسو العظام لحماً جيداً .
آلات المفاصل : دهنه يحل الاعياء وإذا شرب بخل أو شرب بشراب نفع من التشنّج وهتك العضل وحقنته تنفع من عرق النسا .
أعضاء الرأس : ينوّم ويزيل الصداع المزمن وقد يخلط به دهن ورد وخل فيمنع الصداع وحده ويعطس .
والمضمضة .
بطبيخه تسكن وجع الأسنان ويسكن دهنه مع الخل دويّ الأذن ويمنع النزلات المزمنة .
ودهنه يذهب نتن المنخرين وطبيخه أيضاً وينفع من التقرح .
أعضاء العين : يجلب الدموع .
أعضاء النفس والصدر : يسكن وجع الجنب وينفع من السعال لا سيما عن رطوبة غليظة وذات الرئة وعسر النفس والخناق ويدفع ما يعسر دفعه من الفضول المحتبسة في الصدر بتلطيفه البالغ مع التفتيح ويشرب في علل الصدر بالمبيختج والتمضمض به يضمر اللهاة .
أعضاء الغذاء : يسكِّن وجع الكبد والطحال الباردين إذا شرب بالخل وخاصة للطحال وينفع من الاستسقاء شرباً وطلاء .
أعضاء النفض : يفتح أفواه البواسير ويزيل المغص ويزيل الامذاء وكثرة الاحتلام ويدر الطمث بالشراب ويجلس في طبيخه لصلابة الرحم وأوجاعه الباردة .
واستعمال الفرزجة منه بعسل يسقط ودهنه نافع للرحم ويسفل الماء الأصفر والمرة والبلغم إذا سقي من عتيقه المتفتّت بالعسل والشربة نصف أوقية إلى سبع درخميات .
الحميات : دهنه يزيل البرد والنافض .
السموم : إذا شرب بالخل ينفع من السموم كلها .
أنجرة : الماهية : لون بزره يشبه لون بزر الكراث إلا أنه أصفر وأبرق وليس في طوله ويلذع ما يلاقيه حتى الأمعاء .
الطبع : الأنجرة وبزره حاران في أول الثالثة يابسان في الثانية والبزر أقل يبساً منه .


الأفعال والخواص : جذاب مقرح محلل بقوة محرق ومنهم من قال ليس إسخانه بقويّ وفيه قوّة منفخة وفيه جلاء شديد وليس فيه تلذيع للقروح وإذا طبخت باللحم حال اللحم بين الأنجرة وأفعالها .
الأورام والبثور : ضمّاده مع الخل يفجر الدبيلات وينفع منها وينفع من الصلابات وينفع بزره من السرطان ضماداً وكذلك رماده .
الجراح والقروح : رماده مع الملح ينفع القروح التي تحدث من عض الكلاب والقروح الخبيثة وللسرطانات .
آلات المفاصل : ضمادة مع الملح ينفع من التواء العصب .
أعضاء الرأس : ورقه المدقوق يقطع الرعاف وبزره يفتح سدد المصفاة بقوّة وبزره ضماداً يسهل قلع الأسنان والتضميد به ينفع من أورام خلف الأذنين وتسمّى بوحثلاء .
أعضاء النفس : إذا سقي بماء الشعير نقى الصدر أو طبخ ورقه في ماء الشعيرأخرج ما في الصدر من الأخلاط الغليظْة .
وبزره أقوى وهو يزيل الربو ونفس الأنتصاب والبارد من ذات الجنب .
أعضاء النفض : يهيج الباه لا سيما بزره مع الطلاء ويفتح فم الرحم فيقبل المني وكذلك إن أكل ببصل وبيض وإذا احتمل مع المر أدر الطمث وفتح الرحم وكذلك إن شرب طبيخه بالمر .
وورقه الطري يدعم الرحم الناتئة ضماداً ويسهل البلغم والخام بجلائه لا لقوّة مسهلة فيه .
ودهنه أكثر إسهالاً من دهن القرطم وطبيخ ورقه مع الصدف يلين الطبيعة وأن أردت أن يكون إسهاله رقيقاً أخذت لب حبه وسحقته مع سويق وطرحته في شراب وشربته .
ويحتاج أن يشرب شاربه بعده شيئاً من دهن الورد لئلا يحرق حلقه وقد يتخذ منه شياف مع عسل فيحتمل أفيون : الماهية : عصارة الخشخاش الأسود والمصري ينوم شمُه ولا تزاد شربته على دانقين وقد يتخذ من الخس البري أفيون أيضاً وهو أيضاً مخدر ضعيف والأفيون يشوى على حديدة محماة فيحمر .


الإختيار : المختار منه هو الرزين الحاد الرائحة الهشّ السهل الإنحلال في الماء لا يتعقّد في الذوب وينحل في الشمس ولا يظلم السراج إذا اشتغل منه والأصفر الصابغ للماء الخشن الضعيف الرائحة الصافي اللون مغشوش وهذا هو المغشوش بالماميثا وقد يغشّ بلبن الخس البري وهو ضعيف الرائحة ويغش بالصمغ فيكون براقاً صافياً جداً .
الطبع : بارد يابس في الرابعة .
الأفعال والخواص : مخدر مسكن لكل وجع سواء كان شرباً أو طلاء والشربة منه مقدار عدسة كبيرة .
الأورام والبثور : يمنع الأورام الحارة .
الجراح والقروح : فيه تجفيف للقروح .
آلات المفاصل : يخلط بصفرة بيضة مشوية ويطلى به النقرس فيسكن الوجع وخصوصاً باللبن .
أعضاء الرأس : منوم ولو احتمالاً بفتيلة أو بغير فتيلة ويسكن إذا قطر مدوفه في دهن الورد في الأذن الألمة مع المر والزعفران ويسكن الصداع المزمن فيربح وهو مما يبطل الفهم والذهن .
أعضاء العين : يسكن أوجاع الرمد وأورامها بلبن النساء وكان كثير من القدماء لا يستعملونه في الرمد لمضرته بالبصر .
أعضاء النفس والصدر : يسكن السعال الملحف وكثيراً ما سكن به المبرح منه .
أعضاء الغذاء : المعدة ربما اندبغت واجتمعت وذلك إذا كانت مسترخية من حر ورطوبة وفي أغلب الأحوال إذا شرب وحده من غير جندبيدستر أبطل الهضم أو نقصه جداً .
أعضاء النفض : يحبس الإسهال وينفع من السحج وقروح الأمعاء .
السموم : يقتل بإجماده القوي وترياقه الجندبيدستر .
الإبدال : بدله ثلاثة أضعافه بزر البنج وضعفه بزر اللفاح .
الأترج : الماهية : الأترج معروف ودهنه المتخذ من قشره قوي والمتخذ من فقاحه أضعف في كل باب .
الطبع : قشر الأترج حار في الأولى يابس في آخر الثانية لحمه حار في الأولى رطب فيها بل قال قوم : هو بارد رطب في الأولى وبرده أكثر وحمّاضه بارد يابس في الثالثة وبزره حار في الأولى مجفف في الثالثة .


الأفعال والخواص : لحمه منفخ وورقه يسكن النفخ وفقّاحه ألطف من ذلك وحماضه قابض كاسر للصفراء وبزره وقشره محلل وإذا جعل قشره في الثياب منع التسوس ورائحته تصلح فساد الهواء والوباء .
الزينة : حماضه يجلو اللون ويذهب بالكلف وحراقة قشره طلاء جيد للبرص وطبيخه يطيب النكهة وهو مسمن وقشره يطيب النكهة أيضاً إمساكاً في الفم .
الأورام والبثور : حماضه نافع من القوباء طلاء .
آلات المفاصل : دهنه نافع للإسترخاء في العصب وإنما يتخذ من قشره وينفع من الفالج وحماضه رديء للعصب .
أعضاء الرأس : ينفع من اللقوة وطبيخ الأترج يطيب النكهة جداً .
أعضلا العين : يكتحل بحماضه فيزيل يرقان العين .
أعضاء النفس والصدر : حماضه يسكن الخفقان الحار والمربى جيد للحلق والرئة لكن حماضه رديء للصدر ولب الأترج وإذا طبخ بالخل وسقي منه نصف سكرجة قتل العلقة أعضاء الغذاء : لحمه رديء للمعدة منفخ بطيء الهضم يجب أن يؤكل بالمربى وكذلك المربى بالعسل أسلم وأقبل للهضم إلا أن يأكثر .
لكن ورقه مقو للمعدة والأحشاء وبعده فقاحة وقشره إذا جعل في الأطعمة كالأبازير أعان على الهضم ونفس قشره لا ينهضم لصلابته وطبيخه يسكن القيء وربه وهو رب الحامض دابغ للمعدة وماء حماضه نافع عن اليرقان ويسكن القيء الصفراوي ويشهي ويجب أن يؤكل الأترج مفرداً لا يخلط بطعام بعده أو قبله .
أعضاء النفض : لحمه يورث القولنج وحماضه يحبس البطن وينفع من الإسهال الصفراوي وبزره ينفع من البواسير وفى بزره قوة مسهلة وعصارة حماضة تسكن غلمة النساء .
السموم : بزره وزن درهمين بالشراب والطلاء والماء الحار يقاوم السموم كلها وخصوصاً سم العقرب شرباً وطلاء وقشره قريب من ذلك وعصارة قشره ينفع من نهش الأفاعي شرباً وقشره ضماداً .
إسقنقور : الماهية : هو أول مائي يصاد من نيل مصر ويقولون : إنه من نسل التمساح إذا وضعه خارج الماء نشأ خارجها .


الاختيار : أجوده المصيد في الربيع ووقت هيجانه وأجود أعضائه السرة .
أعضاء النفض : ملحه مهيّج للباه فكيف لحمه وخصوصاً لحم سرته وما يلي كليته وخصوصاً شحمها .
الإجاص : الماهية : الإجاص معروف .
الإختيار : البستي أقوى من الأسود والأصفر أقوى من الأحمر والأبيض الكمد ثقيل قليل الإسهال والأرمني أحلى الجميع وأشده إسهالاً وأجوده الكبار السمينة .
الطبع : بارد في أول الثانية رطب في آخر الثانية .
الأفعال والخواص : صمغه ملطّف قطاع مغر في الدمشقي عقل وقبض عند ديسقوريدوس .
دون جالينوس .
والنيء الذي لم ينضج فيه قبض وغذاؤه قليل وليؤكل قبل الطعام وليشرب المرطوب بعده ماء العسل والنبيذ .
الجراح والقروح : صمغه يلحم القروح وبالخل يقطع القوباء وخاصة إن كان معه عسل أو سكر وخصوصاً في الصبيان .
أعضاء الرأس : ورق الإجاص إذا تمضمض به يمنع النوازل إلى اللوزتين واللهاة .
أعضاء العين : صمغه يقوي البصركحلاً .
أعضاء الغذاء : المزمنة أشدّ نفعاً للصفراء والحلو منه يرخي المعدة بترطيبه ويبردها وبالجملة لا يلائمها .
أعضاء النفض : الحلو منه أشد إسهالاً للصفراء والرطب أيضاً أشد إسهالاً من اليابس وإسهاله للزوجته والدمشقي يعقل البطن عند بعضهم والبري ما دام لم ينضج جداً فيه قبض إجماعاً .
قال : جالينوس : إن ديسقوريدوس أخطأ في قوله أن الدمشقي يقبض بل يسهل وصمغه يفتت حصاة المثانة وماؤه يدر الطمث وكلما صغر كان أقل إسهالاً .
إسفيداج : الماهية : هو رماد الرصاص والآنك والآنكي إذا شدد عليه التحريق صار إسرنجا واستفاد فضل لطافة وقد تتخذ الأسفيداجات جميعاً بالخل وقد تتخذ بالأملاح وقد تتخذ من وجوه شتى على ما عرف في كتب أهل هذا الشأن .
الطبع : بارد يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : المتخذ بالخل شديد التلطيف وأغوص وليس في الآخر شدّة تلطيف وهو مغرّ خصوصاً الإسرنج .
الأورام والبثور : يليّن الأورام الباردة والصلبة .


الجراح والقروح : يدخل في المراهم فيملأ القروح وينبت فيها اللحم ويأكل وخصوصاً الإسرنج للحم الرديء والإسرنج أيضاً أشد في إنبات اللحم .
أعضاء العين : ينفع من بثور العين .
أعضاء النفض : هو من أدوية شقاق المقعدة وينفع جداً .
السموم : هو من السموم وذكر شرحه في باب السموم .
آبنوس : الماهية : الآبنوس معروف وهو خشب من شجر يجلب من الزنج وعند ديسقوريدوس يجلب من الحبشة أسود محض ليس فيه طبقات يشبه في ملاسته قرناً محفوفاً وقيل مخروطاً وإذا كسر كان كسره كثيفاً يلذع اللسان .
الاختيار : أجوده الأسود المستوي الذي ليس فيه خطوط ويشبه في ملمسه القرن المخروط وهو مستحصف وفي مذاقته لذع وإذا وضع على الجمر فاحت منه رائحة طيبة مثل ما يفوح من العطر .
الطبع : حار يابس في الثانية وزعم قوم أنه مع حرارته يطفىء حرارة الدم .
الأفعال والخواص : ينحكّ في الماء حكا ككثير من الأحجار وهو ملطف وجلاًء .
أعضاء العين : يجلو الغشاوة والبياض ويتخذ من حكاكته شياف ويتخذ منه المسن لأدوية العين لشدة موافقته وإذا أحرقت نشارته على طابق ثم غسلت نفعت القروح المزمنة في العين وينفع من الرمد اليابس وجرب العين والسيلان المزمن .
أعضاء النفض : قالت الخوز : إنه يفتت حصاة الكلي وقيل أن فيه تحليلاً لنفخ البطن .
آذان الفار : الماهية : حشيشة قوتها عند جالينوس قريبة من قوة الحشيشة التي يجلى بها الزجاج وهذا الإسم منطلق على حشيشتين : إحداهما ذكر جالينوس تفوح منها رائحة الخبّازي ولا صلابة لها والآخرى ما ذكر ديسقوريدوس وهو انه قد زعم أن هذه الحشيشة تشبه اللبلاب إلا أنها صغيرة الورق بالقياس إليها وهي حشيشة تنبسط على وجه الأرض دقيقة القضبان بستانية طيبة بلا رائحة ولا طعم قوي لازَوَردية الزهر يُشبه بزرها بزر الكزبرة .
والخطاطيف ترعى منه وهي حادة .
الأفعال والخواص : الأولى لا قبض فيها والآخرى مجففة محمرة .


الجراح والقروح : الذي ذكره ديسقوريدوس يخرج الشوك والسلي ويلزق الجراحات وينقي القروح .
أرنب بري : الأفعال والخواص : أنفحة البري تفعل جميع ما ذكر في باب الأنفحة ألطف وأحسن وله زوائد في الأفعال .
الزينة : دمه ينقي الكلف ورمادُ رأسه دواء جيّد لداء الثعلب وخصوصاً البحريّ وإذا أخذ بطن الأرنب كما هو بأحشائه وأحرق قلياً على مقلي كان دواء منبتاً للشعر على الرأس إذا سحق واستعمل بدهن الورد .
قال ديسقوريدوس : أما البحريّ فإذا تضمّد به وحده أو مع قريص حلق الشعر .
آلات المفاصل : دماغه مشوياً ينفع من الرعشة الحادثة عقيب المرض .
أعضاء الرأس : إذا مرخ عمور الصبيان بدماغه أسرع بخاصيته فيه نبات الأسنان وسهل بلا وجع وذلك بخاصية فيه وكذلك إذا حل بسمن أو زبد أو عسل وإذا شربت أنفحته بخل نفعت من الصرع .
أعضاء النفض : أنفحة البري إذا شربت ثلاثة أيام بالخل بعد الطهر منعت الحبل ونقت الرطوبة السائلة من الرحم .
ودم الأرنب البريّ مقلواً ينفع من السحج وورم الأمعاء والإسهال المزمن .
السموم : أنفحة الأرنب البريّ بخل ترياق وبادزهر للسموم ودم الأرنب مقلوًا نافع من سم أبو حلسا : الماهية : قال قوم : إن أبو حلسا هو خس الحمار ويسمى أيضا شنجار وشنقار وهو زغباني شائك خشن أسود كثير الورق على الأصل لاصق به وأصله في غلظ إصبع أحمر اللون جداً يصبغ اليد إذا مس في الصيف ومنه صنف صغير الورق وأحمر اللون وأصنافه أربعة أبو حلسا أبو ساويرس أبو جلسوس أكسوفانين الاختيار : أقوى الجميع الصنفان الأولان .
الطبع : قال جالينوس : إن أبو حلسا منه ما هو حار يابس والآخر بخلافه .
الأفعال والخواص : المسمى منه أبو حلسا ملطف مع قبض ولذلك هو عفص مر والقبض في البواقي أظهر وأما الصنفان الآخران فهما أحرف من الأولين وأقوى حرارة والأصل أقوى من الورق .
الزينة : إذا طلي بالخل نفع بل أبرأ البَهَق والعلة التي يتقشر معها الجلد .
وورقه أضعف من أصله .


الأورام والبثور : يمنع أصل أبو حلسا منه مع دقيق الكشك الحمرة وكذلك أصل أبو جلسوس وهو يحلّل الخنازير إذا وضع بالشحم عليها .
أعضاء الغذاء : أصل أبو حلسا دابغ للمعدة وطبيخه بماء القراطن ينفع من اليرقان ووجع الطحال .
أعضاء النفض : طبيخه بماء القراطن أو ماء القراطن ينفع من وجع الكلى والحصاة في الكلى و إذا احتملت المرأة أصله أسقطت .
وورقه مقلياً بشراب يعقل البطن لكن أبو حلسا يحلل الأخلاط المرة وأصل الأصفر الورق منه بالزوفا والخردل يقتل الديدان ويخرجها وكذلك الشنجار المطلق أصفره وغيره .
لكن الأصفر أقوى في ذلك .
الحميّات : طبيخ أصل هذا النبات بماء القراطن نافع من الحيات المزمنة .
السموم : وإذا مضغ طبيخ ثمر الأصفر الورق الأحمر وتفل على الهامة قتلها والصنفان الآخران ينفعان من نهش الأفعى شرباً وطلاءً وفرشاً .
الماس : الماهية : قيل إن الأصوب أن يذكر في باب الميم إلا أنا أوردنا ذكره في هذا الباب لكونه أعرف وأشهر .
الطبع : قال قوم : إنه بارد يابس .
وقال آخرون إنه حار يابس بقوة .
الخواص والأفعال : شديد الجلاء وعند ديسقوريدوس محرق معفن .
أعضاء الرأس : قال قوم : أنه إذا أمسك في الفم كسر الأسنان قالوا إما بخاصية وإما لأن سم الأفاعي يكثر في الموضع الذي هو فيه .
وهذا كلام من يجازف مجازفة كثيرة ولا يعرف أن ستم الأفاعي إذا كان ممجوجاً إلى خارج لا يفعل هذا الفعل وخصوصاً إذا أتى عليه مدة .
أعضاء النفض : قال قوم أنه إذا الصق منه حبة بطرف الزراقة ملصقاً بالعلك الرومي وأوصل إلى المثانة فتت الحصاة وهذا مما أستبعده .
السموم : هو سم يقتل .
أرماك : الماهية : الأرماك خشبة يمانية عطرية تشبه القرفة في اللون .
الزينة : تطيب النكهة .
الأورام والبثور : ينفع من الأورام الحارة ضماداً .
الجراح والقروح : ينفع لانتشار القروح وتمنعها ويحملها يابسة لتجفيف فيه بلا لذع ويمنع تعفّن الأعضاء .


أعضاء الرأس : يقوي الدماغ ويشد العمور ويوفق أمراض الفم .
أعضاء العين : الأكل منه ينفع من الرمد .
أعضاء النفض : يعقل الطبيعة كلها .
اللبخ : الماهية : يقال : إنه السدر أقول : : إن كان هذا هو اللبخ فيكون من حقّه أن يذكر في باب اللام وهو من كبار الشجر نقل إلى مصر فتغير هناك طعمه .
قال ديسقوريدوس : هذه شجرة تكون بمصر ولها ثمر يؤكل وربما وجد في هذه الشجرة صنف من الرتيلاء وخاصة ما كان منه بناحية الصعيد وقد زعم قوم أن هذه الشجرة كانت تَقْتُل في بلاد الفرس فبعد أن نقلت إلى مصر تغير طبعها وطعمها فصارت تؤكل ولا تضر .
الأفعال والخواص : يمنع النزف إذا ذر ورق هذه الشجرة على المواضع التي يسيل منها الدم ووُضع على العضو .
إنسان : الزينة : قيل أن مني الإنسان يجلو البهق وكذلك ملح بول الصبيان المتّخذ في النحاس ويجلو الكلف وزبله ينفع الوضح .
الأورام والبثور : عكر بول الإنسان يسكّن الجمرة على ما يقال وكذلك زبله حاراً ورماد شعره يبرىء البثور .
وإذا خلط بالسمن منع الأورام الساعية .
الجراح والقروح : بوله يجلو الجرب المتقرح والحكة ويمنع سعي الخبيثة والقوباء وخصوصاً منيه نافع من القوباء .
آلات المفاصل : قيل أن دمّ الحيض يسكن وجع النقرس وكذلك مني الإنسان مع شمع وزيت .
أعضاء الرأس : حِراقة شعره بدهن الورد يقطر في الأذن والسن الوجعه فيسكن فيما ادعي ولعاب الصائم يخرج الدود من الأذن وعظم الإنسان محرقاً يسقى للصرع ووسخ أذن الإنسان ينفع من الشقيقة .
أعضاء العين : بوله إذا طبخ مع عسل في إناء نحاس جلا بياض العين وينفع من الطرفة وحراقة شعره مع مرتك ينفع من الجرب والحكة في العين .
أعضاء النفس والصدر : قيل أن بول الصبيان إذا شرب نفع من عسر النفس وانتصابه ويبس العلاج ولبن المرأة نافع جداً في السل وهو علاج الأرنب البحري .


أعضاء الغذاء : قالوا أن لبن الإنسان يسكن لذع المعدة وأن أسكرجة من بوله مع السكنجبين من غير أن يعلم الشارب ينفع اليرقان وخصوصاً مع ماء العسل وماء الحمص وكذلك زبله .
أعضاء النفض : لبن الإنسان يدر البول وقيل أن احتمال دم الحيض محضاً يمنع الحبل .
ولبن النساء ينفع قروح الرحم وخراجاتها نطولاً وحمولاً وبول الإنسان قيل : إنه يقطع الإسهال وينقّي الحميات : الزبل اليابس مع عسل أو خمر إذا سقي في الحميّات الدائرة منع أدوارها .
السموم : لبن المرأة ترياق الأرنب البحري وأسنان الإنسان تسحق وتذر على نهش الأفعى فتنفع من ذلك وزبله يذر على عضة الإنسان وريقه على الريق يقتل العقارب والحيات وإذا عض الإنسان إنساناً على الريق تقرح عضو المعضوض .
إبريسم : الماهية : هو الحرير وهو من المفرّحات القلبية .
الطبع : حار في الأولى يابس فيها .
الإختيار : أفضله الخام منه وقد يستعمل المطبوخ إذا لم يكن قد صبغ والمقزز أولى من المحرق .
الأفعال والخواص : فيه تلطيف ونشف وتفريح بخاصية فيه .
أعضاء الغذاء : ينفع لصلابة الرئة بمرارته وتدبيغه وذلك لتلطيفه وتنشيفه من غير لذع ويبوسته المعتدلة وليس يختصّ منه نوع .
أعضاء البصر : إذا اتخذ منه كحلاً نفع ومنع الدمعة ونشف القروح التي في العين لمناسبته في تسميته ويعدل اليبس من جهة اعتدال مراجه وإنه من أدوية تقوية الروح والمعدة على تصرّف الغذاء وهذا بلا وزن .
الماهية : دواء هندي يفعل فعل الفاوانيا .
أعضاء الرأس : يطلى به مصعد البخار فيمنع الصرع .
إسفاناخ : الماهية : معروف .
الطبع : بارد رطب في آخر الأولى .
الأفعال والخواص : مليّن وغذاؤه أجود من غذاء السرمق أقول : وفيه قوة جالية غسّالة ويقمع الصفراء وربما نفرت المعدة عن ورقه فيروق ويؤكل .
أعضاء النفس والصدر : نافع من الصدر والرئة الحارة أكلاً وطلاءً .
آلات المفاصل : ينفع أوجاع الظهر الدموية .
أعضاءالنفض : ملين للبطن .


ألبعل : الماهية : دواء بحري يشبه القت ينبت في الربيع ويشبه أيضاً الحندقوقي كثير القضبان وبزره كبزر الجزر .
الطبع : حار .
أعضاء النفض : يدر البول .
ألسفاني : الماهية : يظن أنه رعي الإبل .
أعضاء النفض : ينقي الكليتين جداً .
السموم : هي شديدة النفع من عضة الكَلْب الكَلِب .
آلوسن : الماهية : هي حشيشة تشبه الترمس فسمّي لذلك ترمساً حارة يابسة في الأولى .
الأفعال والخواص : يجفف باعتدال ويجلو .
الزينة : ينفع من الكلف ويحلّل كل ذلك منه باعتدال .
السموم : قال جالينوس هو نافع بالخاصة من عضة الكَلْب الكَلِب وقد أبرأ جماعة ولذلك يسمى باليونانية آلوسن .
أطراطيقوس : الماهية : هو الدواء المعروف بالحالبي .
الطبع : فيه أدنى تبريد وليس فيه قبض .
الأورام والبثور : نافع من أورام الحالب ضماداً وتعليقاً .
أردقياني : الماهية : شجرة مثل الكبر حادة الرائحة جداً بقتلها لها ثمر في غلف .
الطبع : قال الراهب : إنها أقوى في طبعها من عنب الثعلب والكاكنج .
الأورام والبثور : ينفع الأورام الباطنة في قول الراهب .
والشربة منه أوقيتان ويطلى على الأورام الحارة الخارجة فيكون عجيباً جداً حيث كان الورم .
السموم : إذا طلي على لسع الزنابير أبرأ في الوقت .
أقفراسقون : الماهية : دواء فارسي يقال له الديحة والحزم .
أعضاء الرأس : جيد للحفظ والذهن والذكر .
أوبوطيلون : الماهية : نبات يُشبه القرع يقول الخوز : إنه معروف بهذا الاسم .
الجراح والقروح : يقال : إنه أنفع شيء للجراحات الطرية يضمها ويلحمها حين ما وضع عليها .
أسيوس : الماهية : هو الحجر الذي يتولّد عليه الملح المسمى زهره أسيوس ويشبه أن يكون تكونهُ من نداوة البحر وظله الذي يسقط عليه .
الأفعال والخواص : قوته وقوة زهره مفتحة ملحمة معفنة يسيراً تذوب اللحم المتعقن من غير لذع .
الأورام والبثور : يحلل الجراحات ضماداً بصمغ البطم إذا لزقت .


الجراح والقروح : نافع من القروح العسرة والعنيفة والعظيمة والعميقة .
آلات المفاصل : بدقيق الشعير على النقرس وإذا جعلو أطرافهم في طبيخه ينفعهم .
أعضاء النفس والصدر : إن لعق بالعسل نفع قروح الرئة .
أعضاء الغذاء : ينفع إذا طلي بالكلس والخل على الطحال .
أطيوط : الطبع : حار في الثانية رطب في الأولى .
الخواص : له جلاء .
الزينة : يجلو البهق بقوّة .
أرنب بحري : الزينة : دمه حار ينقي الكلف والبهق ورأسه محرقاً ينبت الشعر في داء الثعلب خصوصاً مع شحم الدب والحية جداً وإذا تضمد به كما هو حلق الشعر .
أعضاء العين : يجلو البصر ضماداً وكحلاً .
السموم : يعد في الأدوية السمية يقتل بتقريح الرئة .
أقسون : الماهية : دواء كرماني وفارسي .
الطبع : حار لطيف .
أناغلس : الماهية : ضربان أحدهما زهرته صفراء والآخرى إسمانجونية .
الجراح والقروح : يصلحان للجراحات ويمنعان تورمّها ويجذبان السلى ونحوه ويمنعان انتشار القروح .
أعضاء الرأس : إن تغرغر بمائهما أو استعطّ به أحدر بلغماً كثيراً من الرأس وسكّن وجع الضرس الذي يلي ذلك الشقّ .
أعضاء النفض : إذا شرب بالشراب نفع وجع الكلية وزعم قوم أن الأزرق الزهر يدعم المقعدة السموم : إذا شرب بالشراب نفع من نهش الأفعى .
أبرق : الماهية : دواء فارسي .
أعضاه الرأس : جيّد للعقل والحفظ .
أوسبيد : الماهية : ضرب من النيلوفر الهندي .
الطبع : قال ابن ماسرجويه حار يابس .
أرتدبربد : الماهية : دواء كالبصل المشقوق .
أعضاه النفض : ينفع من البواسير .
أفيوس : الماهية : أفيوس الحدقي شيء يشدّ الحدفة .
الطبع : قال جالينوس : بارد في الثانية مجفف في الأولى وثمرته حارة قابضة في أولَّ الأولى مجففة في الثانية .
أعضاء الغذاء : ثمرته تنفع من اليرقان .
أندروصارون : الماهية : هو الدواء المسمّى فاس لأن له حدّين كما للفاس .
الطبع : هو حار الطبع وفيه مرارة وعفوصة .
الأفعال والخواص : يفتح سدد الأحشاء .


آلات المفاصل : ينفع من أوجاع المفاصل .
أصابع هرمس : الماهية : هو فُقاح السورنجان وقوّته قوة السورنجان .
أطماط : الماهية : دواء هندي في قوّة البوزندان ويجب أن يتأمل حتى لا يكون هو أطيوط .
الطبع : حار رطب .
أعضاء النفض : يزيد فى الباه .
إيطاباس : الماهية : شجرة الغرب مذكورة في باب الغين .
الماهية : حب معروف .
الطبع : حار يابس ويبسه أظهر من حره لكن قوماً قالوا : أنه أحر من الحنطة .
الأفعال والخواص : الأرزّ يغذو غذاءً صالحاً إلى اليبس ما هو فإذا طبخ باللبن ودهن اللوز غذى غذاء أكثر وأجود ويسقط تجفيفه وعقله وخصوصاً إذا نقع ليلة في ماء النخالة وهو مما يبرد ببطء وفيه جلاء .
أعضاء النفض : مطبوخه بالماء يعقل إلى حد والمطبوخ باللبن يزيد في المني ولا يعقل إلا أن تزيد لغليه في قشره ويجهد في إبطال مائية لبنه و خصوصاً المنقع في ماء النخالة المبطل بذلك يبوسته .
أطرية : الماهية : نوع من المطبوخ ويسمى في بلادنا رشتة هي كالسيور يتخذ من العجين ويطبخ في الماء بلحم وبغير لحم .
الطبع : هي حارة ورطوبتها مفرطة .
الأفعال والخواص : لا شك أنها بطية الإنهضام والإنحدار عن المعدة لأنها فطير غير خمير .
والمطبوخ بغير لحم أخف عند بعضهم ولعله ليس الأمر على ما يقولون وإذا خلط معها فلفل أعضاء النفس : ينفع الرئة ومن السعال ونفث الدم خصوصاً إذا طبخت ببقلة الحمقاء .
أعضاءالنفض : هي مليئة للطبيعة .
أندر : الماهية : هو دواء كرماني خاصيته تذكية الحفظ والذكاء .
أخيلوس : وقد يسمى سندريسطس قال جالينوس : هو أقبض من سندريطس .
أعضاء النفض : يقطع انفجار الدم وقروح الآمعاء والنزف العارض للنساء .
أوفاريقون : الماهية : تفسير هذا أنه الدادي الرومي .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث احتمالاً .
آلات المفاصل : وإذا شرب أربعين يوماً متوالية أبرأ عرق النسا .
الحميات : بزره إذا شرب يذهب حمّى الربع .


أثيمديون : الأفعال والخواص : إنه يبرد تبريداً شديداً مع رطوبة مائية .
أعضاء النفض : يقال أنه إذا شرب جعل الشارب عقيماً .
فهذا آخر الكلام من حرف الألف وجملة ذلك سبع وسبعون دواء .
الفصل الثاني حرف الباء
بان : الماهية : حبه أكبر من الحص إلى البياض ما هو وله لب ليّن دهني .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : منق خصوصاً لبه يقطع المواد الغليظة ويفتح مع الخل والماء سدد الأحشاء في تخيره مرارة أكثر وقبض وسبب ذلك فيه قوّة كاوية وقشره قابض أكثر ولايخلو دهنه من قبض وفي جميعه جلاء وتقطيع .
الزينة : حبه ينفع من البرش والنمش والكلف والبهق وآثار القروح وكذلك دهنه .
الأورام والبثور : ينفع الأورام الصلبة كلها إذا وقع في المراهم والثآليل .
الجراح والقروح : ينفع بالخل من الجرب المتقشر والجرب المتقرح منه والبثوو اللبنتة وينفع من السعفة .
أعضاء الرأس : يقطع الرعاف بقبضه ودهنه يوافق وجع الأذن والدويّ فيها وخصوصاً مع شحم البط .
وطبيخ أصله ينفع من وجع الأسنان مضمضة .
أعضاء الغذاء : ينفع من صلابة الكبد وصلابة الطحال إذا شرب بخل ممزوج وزن درهمين منه وقد يجمع بالخبز ودقيق الشيلم وماء القراطن أو دقيق الكرسنة أو دقيق السوسن ويضمّد به الطحال وهو رديء للمعدة يغثي وأن شرب من عصارته مثقال واحد بعسل قيأ بقوة وأسهل وكذلك ثمرته .
أعضاء النفض : المثقال من حبه يسهل بلغماً خاماً إذا شرب بالعسل وكذلك دهنه إذا احتمل فتيلة مغموسة فيه .
الأبدال : بدله وزنه فوة ونصف وزنه قشور السليخة وعشر وزنه بسباسة .
بابونج : الماهية : حشيشة ذات ألوان منه أصفر الزهر ومنه أبيضه ومنه فرفيرية وهو معروف يحفظ ورقه وزهره بأن يجعل أقراصاً وأصله يجفف ويحفظ .
قال جالينوس : هو قريب القوة من الورد في اللطافة لكنه حار وحرارته كحرارة الزيت ملائمة وينبت في أماكن خشنة وبالقرب من الطرف ويقلع في الربيع ويجمع .


الأفعال والخواص : مفتح ملطف للتكاثف مُرَخ يحلل مع قلة جذب بل من غير جذب وهي خاصيته من بين الأدوية .
الأورام والبثور : يسكن الأورام الحارة بإرخائه وّتحليله ويلين الصلابات التي ليست بشديدة جداً ويشرب لأورام الأحشاء المتكاثفة .
آلات المفاصل : يرخي التمدد ويقوي الأعضاء العصبية كلها وهو أنفع الأدوية للأعياء أكثر من غيره لأن حرارته شبيهة بحرارة الحيوان .
أعضاء الرأس : مقو للدماغ نافع من الصداع البارد ولاستفراغ مواد الرأس لأنه يحلَل بلا جذب وهذه خاصيته ويصلح القلاع .
أعضاء العين : يبري الغرب المنفجر ضماداً وكذلك ينفع الرمد والتكدر والبثور والحكّة والوجع والجرب ضماداً .
أعضاءالصدر : يسهل النفث .
أعضاء الغذاء : يذهب اليرقان .
أعضاه النفض : يدر البول ويخرج الحصاة وخصوصاً الفرفيري الزهر منه والبابونج تكمّد به المثانة للأوجاع الباردة والحارة ويدر الطمث شرباً وجلوساً في مائه ويخرج الجنين والمشيمة الحميات : يتمرخ بدهنه في الحميات الدائرة ويشرب للحميّات العتيقة في آخرها وينفع في كل حمّى غير شديدة الحدّة ولا ورم حار في الأحشاء إن كان قد استحكم النضج وربما نفع الورمية إذا لم تكن حارة وكانت نضيجة .
الابدال : بدله في تقوية الدماغ والمنفعة من الصداع برنجاسف وهو القيصوم .
باذاورد : الماهية : هي الشوكة البيضاء ويشبه الحسكة إلا أنها أشد بياضاً وأطول شوكاً ويشبه ورقه ورق الحماما إلا أنه أرق وأشد بياضاً وساقه قد يبلغ ذراعين وزهوه فرفيري وحبه كحب القرطم لكنه أشدّ استدارة .
الطبع : في أصله تبريد وتجفيف مع تحليل ماء وبزره حار لطيف وقال بعضهم هو كله حار جداً .
الأفعال والخواص : فيه قوة محللة ومفتحة وخصوصاً في بزره وفيه قبض للنزف وقبضه معتدل .
الأورام والبثور : ينفع من الأورام البلغمية لما فيه من تحليل وقبض فيضمد به و بأصله خاصة .


آلات المفاصل : ينفع من التشنج لما فيه من القبض المعتدل مع التحليل وبزره ينفع صبيان إذا أعضاء الرأس : المضمضة بسلافته تسكر وجع الأسنان .
أعضاء الصدر : ينفع من نفث الدم وخصوصاً أصله .
أعضاءالغذاء : ينفع من ضعف المعدة ويفتح السدد فيها .
أعضاء النفض : ينفع من الإسهال المزمن لا سيما المعدي وخصوصاً أصله وهو مدر .
الحميات : نافع من الحميات البلغمية الطويلة وما سببه ضعف المعدة وجميع الحميات العتيقة .
السموم : ينفع بأن يمضغ ويوضع على لسعة العقرب فيجذب السم ويشرب بزره فينفع من نهش الهوام .
الأبدال : بدله في أمر الحميات الشاهترج .
بلسان : الماهية : شجرة مصرية تنبت في موضع يقال له عين الشمس فقط شبيهة الورق والرائحة بالسذاب لكنها أضرب إلى البياض وقامتها قامة شجر الحضَض ودهنه أفضل من حبه وحبه أقوى من عوده في الوجوه كلها ودهنه يؤخذ بأن يشرط بحديدة بعد طلوع الشعرى ويجمع ما يرشح بقطنة ولا يجاوز في السنة أرطالاً .
قال ديسقوريدوس : لا تكون هذه الشجرة إلا في فلسطين فقط في غورها وقد تختلف بالخشونة والطول والرقة .
الإختيار : قال ديسقوريدوس : إمتحان دهنه إجماده اللبن إذا قطر منه على لبن وأما المغشوش فإنه ينقي ولا يفعل الإجماد وقد يغش على ضروب لأن من الناس من يخلط به بعض الأدهان مثل دهن حبة الخضراء ودهن الحناء ودهن شجرة المصطكى ودهن السوسن ودهن البان ودهن الصنوبر وقد يغش بشمع مذاب في دهن الحناء وقال أيضاً : الخالص إذا قطر منه على الماء ينحل ثم يصير إلى قوام اللبن بسرعة وأما المغشوش فإنه يطفو مثل الزيت ويجتمع أو يتفرق فيصير بمنزلة الكواكب وله رائحة ذكية وقد يغلط من يظن أن الخالص إذا قطر على الماء يغوص أولاً في عمقه ثم إنه يطفو عليه وهو غير منحل وأجود دهن البلسان الطري فأما الغليظ العتيق فلا قوة له إلا أدنى قوة يسيرة .


الطبع : عوده حار يابس في الثانية وحبه أسخن منه بيسير ودهنه أسخن منهما وهو في أول الثالثة من الحرارة وليس فيه من الإسخان ما يظن .
الخواص والأفعال : يفتح السدد وينفع الأحشاء الغليلة .
الجراح والقروح : ينقي القروح وخصوصاً مع إيرسا ويخرج قشور العظام .
آلات المفاصل : ينفع من عرق النسا شرباً ويشرب طبيخه للتشنّج .
أعضاء الرأس : ينقي قروح الرأس وينقي الرأس نفسه وينفع من الصرع والدوار .
أعضاء النفس والصدر : عوده وحته ينفعان وجع الجنبين وينفع من الربو الغليظ و ضيق النفس ووجع الرئة الباردة وينفع حبه من ذات الرئة الباردة والسعال وكذلك دهنه وبالجملة هو نافع للأحشاء التي فوق المراق .
أعضاء الغذاء : ينفع من ضعف الهضم وطبيخه يذهب سوء الهضم وينقّي المعده يقوّي الكيد .
أعضاء النفض : يدر وينفع من المغص ويدفع رطوبة الرحم وينشفها بخوراً وينفع من بردها ويخرج الجنين والمشيمة وينفع إذا دخن به جميع أوجاع الأرحام وطبيخة يفتح فم الرحم وقيروطيه مع دهن ورد وشمع ينفع من برد الرحم وهو نافع من عسر البول .
الحميّات : يذهب دهنه النافض .
السموم : يقاوم السموم وينفع من نهش الإفاعي ودهنه ينفع من الشوكران إذا شرب باللبن ومن الهوام خاصة .
بنفسج : الماهية : فعل أصله قريب من أفعاله وهو معروف .
الطبع : بارد رطب في الأولى وقال قوم : إنه حار في الأولى ولا شكّ في برد ورقه .
الأورام والبثور : يسكن الأورام الحارة ضماداً مع سويق الشعير كذلك ورقه .
الجراح والقروح : دهن البنفسج طلاء جيّد للجرب .
أعضاء الرأس : يسكن الصداع الدموي شماً وطلاءً .
أعضاء العين : ينفع من الرمد الحار طلاء وشرباً .
أعضاء النفس والصدر : ينفع من السعال الحار ويليّن الصدر وخاصة المربى منه بالسكر .
وشرابه نافع من ذات الجنب والرئة وهو أفضل من الجلاًب في هذا الباب .


أعضاء النفض : شرابه ينفع من وجع الكلى ويدر ويابسه يسهل الصفراء وشرابه أيضاً يليّن الطبيعة برفق وهوينفع من نتوء المقعدة .
بهمن : الماهية : قطع خشبية هي أصول مجففة متشجنة متغضنة وهو نوعان أبيض وأحمر .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الزينة : مسمن .
أعضاء الصدر : يقوي القلب جداً وينفع من الخفقان .
أعضاء النفض : يزيد في المني زيادة بيّنة .
برنجاسف : الماهية : هو نبات يشبه الأفسنتين إلا أن هذا له لون أخضر وله رطوبة دبقية وصنف منه أقصر أغصاناً وأعظم ورقاً له ورق صغار دقاق بيض وصفر ويظهر في الربيع والصيف .
قال جالينوس : هما حشيشتان متقاربتا الطبع تسميان بهذا الإسم .
الطبع : بارد رطب في الأولى .
الخواص : ملطف مفتّح جداً يمنع ضمّاده تجلب الفضول إلى العضو .
أعضاء الرأس : ينفع ضماداً من الصداع البارد ونطولاً ومسلوقه آمن وينفع من سدّة الأنف والزكام .
أعضاء النفض : يفتت الحصاة في الكلية ويدر الطمث جلوساً في طبيخه وينفع من قروحه ويسقط المشيمة والجنين وينفع من انضمام الرحم فيفتحه ومن صلابته شرباً ضماداً ويسقي إلى خمسة دراهم .
بلاذر : الماهية : ثمرة شبيهة بنوى التمر ولبه مثل لب الجوز حلو لا مضرة فيه وقشره متخلخل متثقب في تخلخله عسل لزج ذو رائحة .
ومن الناس من يقضمه فلا يضرّه وخصوصاً مع الجوز .
الخواص : عسله مقرح مورم يحرق الدم والأخلاط .
الزينة : يقطع الثآليل ويذهب البرص ويقلع الوشم ويبرىء من داء الثعلب البلغمي .
الأورام والبثور : يهيج الأورام الحارة في الباطن .
آلات المفاصل : ينفع من برد العصب واسترخائه ومن الفالج واللقوة .
أعضاء الرأس : ينفع من فساد الذكر إذا تناول معجونه المعروف بانقرديا لكنه يهيج الوسواس والماليخوليا .
أعضاء النفض : يدخن به البواسير فيجفّفها .
السموم : هو من جملة السموم يحرق الأخلاط ويقتل وترياقه مخيض اللبن ودهن الجوز يكسر قوته .


الإبدال : بدله خمسة أوزانه بندق مع ربع وزنه دهن البلسان وثلث وزنه نفط أبيض في جميع العلل .
بورق : الماهية : هو أقوى من الملح ومن جنس قوته لكن ليس فيه قبض وقد يحرق على خزف فوق جمر ملتهب حتى ينشوي .
الاختبار : أجوده الأرمني الخفيف الصفايحي الهشق الإسفنجي الأبيض والوردي والفرفيري اللذاع .
وقياس الأفريقي إلى سائر البوارق هو قياس البورق إلى الملح ولا يؤكل كل البورق إلا لسبب عظيم .
وزبد البورق ألطف من البورق فهو قوّته .
وأجوده زبده الزجاجي السريع التفتت .
الطبع : حار يابس في آخر الثانية ويبسه ربما ضرب إلى الثالثة .
الأفعال والخواص : يجلو بقوة ويغسل وخصوصاً الأفريقي ويقشر وينقّي ويقطع الأخلاط الغليظة وفي البورقيات قبض يسير مع جلاء جيد للملحية إلا في الأفريقي فإنه ليس في الأفريقي قبض بل جلاء صرف كثير وفي الملح قبض وليس فيه إلا جلاء يسير .
الزينة : يرق الشعر نثرإً عليه وإذا ضمد به جذب الدم إلى ظاهر البدن فيحسن اللون وينفع من الهزال لكنه ربما سوّد بكثرة أكله اللون .
الجراح والقروح : ينفع من الحكة بتحليله الصديد خصوصاً الأفريقي وبالخل وينفع أيضاً من الجرب .
آلات المفاصل : يتخذ منه قيروطي للفالج وخصوصاً المتأخّر وخصوصاً المنحط وينفع من التواء العصب .
أعضاء الرأس : ينتفع من الحزاز ورغوته مع العسل إذا قطر في الأذن نقى وفتح ونفع من الصمم وبالخمر أو شراب الزوفا ينفع من الدوي .
أعضاء الغذاء : رديء للمعدة مفسد لها والأفريقي يهيج القيء ولولا تنقيته لكان أكثر تقطيعاً لأخلاط المعدة من سائر البوارق ويتخذ منه مع التين ضماد للاستسقاء فيضمره .
أعضاء النفض : يطلق إذا احتمل وإذا أكل مع الشراب والكمون أو طبيخ السذاب والشبت سكن المغص وبذلك وأمثاله يفوق الملح ويشرب مع بعض الأدوية القتالة للدود فيخرجها وكذلك إذا مسح البطن والسرة به ويجلس بقرب النار فيقتلها وبهذا أمثاله يفوق الملح .


السموم : ينفع كل بورق وخصوصاً الأفريقي من خناق الفطر جداً سواء كان محرقاً غير محرق وكذلك زبده ويجعل مع شحم الحمار أو الخنزير على عضة الكَلْب الكَلِب ويشرب بالماء لشرب الذراريح والمسماة منها بورق قريطي ويشرب مع الأنجدان لدفع مضرة دم الثور .
بصل : الماهية : هو معروف وفيه مع الحرافة المقطعة مرارة وقبض والمأكول منه ما كان أطول فهو أحرف والأحمر أحرف من الأبيض واليابس من الرطب والنيء من مشوي .
الطبع : حار في الثالثة وفيه رطوبة فضلية .
الأفعال والخواص : ملطف مقطع وخصوصاً المأكول وفيه مع قبض له جلاء و تفتيح قوي وفيه نفخ وفيه جذب الدم إلى خارج فهو محمر للجلد ولا يتولد من غير المطبوخ منه غذاء يعتد به والزيرباجة ببصل أقل نفخاً من التي بلا بصل وغذاء الذي طبخ أيضاً غليظ وللبصل المأكول خاصة نفع من ضرر المياه ومما يذهب برائحته إذا رمي ثفله .
الزينة : يحمر الوجه وبزره يذهب البهق ويدلك به حصول موضع داء الثعلب ينفع جداً وهو بالملح يقلع الثآليل .
الجراح والقروح : ماؤه ينفع القروح الوسخة وينفع مع شحم الدجاج لسحج الخص .
أعضاء الرأس : إذا سعط بمائة نقى الرأس ويقطر في الأذن لثفل الرأس والطنين والقيح في الأذنين والماء وهو مما يصدع والاستكثار منه يسبت وهو مما يضر بالعقل لتوليده الخلط الرديء وهو يأكثر اللعاب .
أعضاء العين : عصارة المأكول تنفع من الماء النازل في العين ويجلو البصر ويكتحل بعصارته بالعسل لبياض العين .
أعضاء النفس والصدر : ماء البصل مع العسل ينفع من الخناق .
أعضاء الغذاء : البري عسر الانهضام ونوع منه يهيج القيء والمأكول منه لمرارته يقوي المعدة أعضاء النفض : يفتح أفواه البواصير وجميع أنواع البصل مهيج للباه وماء البصل يدر الطمث ويلين الطبيعة .
السموم : ينفع من عضة الكَلْب الكَلِب إذا نطل عليها ماؤه بملح وسذاب والبصل المأكول يدفع ضرر ريح السموم .


قال بعضهم : لأنه يولد في المعدة خلطاً رطباً كثيراً يكسر عادية السموم وهو بليغ في ذلك جداً .
البقلة اليمانية : الماهية : قال دياسقوريدوس : لادوائية في البقلة اليمانية البتّة وهي مائية كالقطف لا طعم لها وهي في ذلك أكثر من جميع البقول وأشد ترطيباً من الخس والقرع وغذاؤها يسير ونفوذها ليس بسريع لفقدانها البورقية أصلاً .
الطبع : قال جالينوس : هي باردة رطبه في الثانية .
الأورام : ضماد للأورام الحارة .
الجراح والقروح : يضمد بأصلها للشهدية .
أعضاء الرأس : تخلط عصارتها بدهن الورد فتنفع من الصداع العارض من احتراق الشمس .
أعضاء النفس والصدر : ينفع السعال ويسكنه وخصوصاً طبيخاً بدهن اللوز وماء الرمان بلبوس : الماهية : بصل مأكول صغار يشبه بصل النرجس وورقه يشبه ورق الكراث ووروده يشبه البنفسج ومنه نوع يهيج القيء .
وقال قوم : إنه الزيز وقال قوم لا بل هو من جنس الطلخبياز وهو يشبه أن يكون أناعيس هو فلتنقل معانيه إلى ههنا .
الطبع : طبعه قريب من طبع البصل ولعله يابس في الأولى مع رطوبة فضلية .
الأفعال والخواص : منفخ يفرق ويخشن اللسان .
الزينة : يطلى على الكلف خاصة في الشمس فينفع وكذلك ينفع لآثار القروح وهو يخشن الحنك واللسان ويُطلى مع صفرة البيض على الثآليل ومع السكنجبين على القروح اللبنية نافع .
الجراح والقروح : يقال أنه إذا شوي مع رؤوس سمك الصير وذر على قروح الذقن قلعها .
آلات المفاصل : إذا اتخذ منه ضمّاد مع الخل كان صالحاً لدهن أوساط العضل ويضمّد للنقرس وأوجاع المفاصل ويضمد وحده لالتواء العصب وهو ضماد لشدخ الظفر والأذن ونحوه ويضمد به مع السويق .
أعضاء الرأس : هو دواء للحزاز وقروح الرأس ويطلى على الشجاج التي لم تهشم ويخلط مع صفرة البيض فيطلى .
أعضاء العين : يستعمل وحده ومع صفرة البيض للطرفة وإذا أضيف إليه الخل كان دواء جيداً للغرب وأورام الماق .


أعضاء الغذاء : الحلو الأحمر منه جيد للمعدة يضمد به مع العسل لأوجاع المعدة والمرّ أجود ويهضم الطعام ويكثر غذاؤه به وإن لم يكن غذاء محموداً لا سيما نيئه وإذا لم يستمرأ مغص ونفخ .
أعضاء النفض : يهيج الباه .
بزر قطونا : الماهية : هو لونان شتوي وصيفي والشربة من أيهما كان وزن درهمين .
الاختيار : أجوده المكتنز الممتلىء الذي يرسب في الماء .
الطبع : بارد رطب في الثانية .
الأفعال والخواص : المقلو منه ملتوتاً في دهن الورد قابض ويسكّن الصداع ضماداً بالخل وهو غاية جداً .
الأورام والبثور : يستعمل مضروباً بالخلّ على الأورام الحارة والنملة والحمرة وخصوصاً التي تحت الآذان وعلى البلغمية .
آلات المفاصل : يضمّد لالتواء العصب وتشنجه وللنقرس ولأوجاع المفاصل الحارة بالخل ودهن الورد .
أعضاء الرأس : من يضمّد به الرأس نفعه من صداعه الحار .
أعضاء الصدر : يلين الصدر جداً .
أعضاء الغذاء : لعابه مع دهن الورد أو مع دهن اللوز نافع للعطش الشديد ا لصفراوي .
أعضاء النفض : المقلو منه وزن درهمين ملتوتاً في دهن الورد يعقل وينفع من السحج وخصوصاً للصبيان والمتلعب منه ولعابه نفسه مع دهن البنفسج يطلق .
الحميات : يشرب فيسكن لهيب الحميات الحارة .
بويانس : الماهية : إن أكثر ما يستعمل منه هو أصله وله أيضاً صمغ وعصارة وصمغه أقوى من عصارته وقد يخلط بزيت ومري ويسير شراب ويضرب حتى يغلظ وبمقدار اعتداله في الغلظ جودته .
الطبع : حار في الثالثة يابس .
الخو اص : محلل .
آلات المفاصل : موافق للعصب جداً .
أعضاء النفس والصدر : ينفع من الفضول الغليظة في الصدر ويناسب الرئة وقروحها مشروباً وضماداً .
أعضاء الغذاء : ينفع من صلابة الطحال طلاء كما هو أو مدوفاً مع الماء الحار .
بسروبلح : الماهية : هما معروفان ولا يكونان إلا في البلدان الحارة .
الطبع : باردان يابسان في الثانية والبسر أقبض من القسب .


الأفعال والخواص : ينفخ وخصوصاً إذا شرب على إثره ماء وإذا كان خلاً أول ما يحلو أحدث قراقر أكثر ويحدثان السدد في الأحشاء وطبيخ البسر يسكن اللهيب مع حفظ الحرارة الغريزية والإكثار منهما يولد في البدن أخلاطاً غليظة .
أعضاء الرأس : البسر مصدع ويسكت كثيره وهما جيدان للعمور واللثة .
أعضاء الصدر : هما رديئان للصدر والرئة .
أعضاء الغذاء : يدبغان المعدة ويحدثان سدد الكبد وهضمهما بطيء والهش أقل هضماً وغذاؤهما يسير والحلو أقل بطئاً .
أعضاء النفس : كل واحد منهما يعقل البطن خاصة إذا مرج بخل أو شراب عفص والبلح يغزر البول وإذا شرب بخل عفص منع سيلان الرحم ونزف البواسير .
الحميات : استعمالهما كثيراً يوقع في النافض والقشعريرة .
بنك : الماهية : هو شيء يحمل من الهند ومن اليمن .
قال بعضهم : إنه من أصول أم غيلان إذا نجر فتساقط .
الأختيار : أجوده الأصفر الخفيف العذب الرائحة رالأبيض الرزين رديء .
الطبع : حار يابس في الأولى وعند بعضهم بارد في الأولى .
الأفعال والخواص : يقوي الأعضاء .
الزينة : ينقي الجلد وينشف ما تحته من الرطوبات ويطيب رائحة البدن ويقطع رائحة النورة .
أعضاء الغذاء : جيدة للمعدة .
أعضاء الرأس : يشوش الدهن والعقل .
بطيخ : الماهية : هو معروف .
الطبع : بارد في أول الثانية رطب في اًخرها وإذا جفف بزره لم يكن مرطباً بل يجفف في الأولى وأصله مجفف .
الأفعالى والخواص : النضيج منه لطيف والنيء كثيف والبطيخ الغير النضيج في طبع القثاء وفي تفتيح كيفما كان والهليون أفضل خليطاً من سائره ولحمه منضج جال وخصوصاً بزره والنضيج وغير النضيج منه جاليان وبزره أقوى جلاء ويستحيل إلى أي خلط وافق في المعدة وهو إلى البلغم أشدّ ميلاً منه إلى الصفراء فكيف إلى السوداء والهليون لا يستحيل سريعاً .


الزينة : ينقي الجلد وخاصة بزره وجوفه أيضاً وينفع من الكلف والبهق والحرارة وخصوصاً إذا عجن جوفه كما هو بدقيق الحنطة وجفف في الشمس .
أعضاء العين : قشره يلصق بالجبهة فيمنع النوازل إلى العين وهو غاية .
أعضاء الغذاء : هو مقيء وخاصة أصله فإن درهمين منه بشراب يحرك القيء بلا عنف إذا شرب منه أوبولوس والبطيخ إذا لم يستمرأ جيّداً ولد الهيضة والهليون بطيء الإنهضام إلا إذا أكل مع جوفه وغذاؤه أصلح وخلطه أوفق ويجب أن يتبع طعاماً آخر فإن البطيخٍ إذا لم يتبع شيئاً آخر غثى وقيأ وليشرب عليه المحرور سكنجبيناً والمرطوب كندراً أو زنجبيلاً مربى والشراب العتيق الريحاني .
أعضاء النفض : يدر البول نضيجه ونيه وينفع من الحصاة في الكلية والمثانة إذا كَانت صغاراً لا سيما من حصاة الكلية والهليون أقك إدراراً وأحلى وأسرع انحداراً لا سيما الرخو منه .
السموم : البطيخ إذا فسد في المعدة استحال إلى طبيعة سميّة فيجب إذا ثفل أن يخرج بسرعة والأولى أن يتقيأ بما يمكن .
بيض : الماهية : معروف .
الاختيار : أفضله الطري من بيض الدجاج وأفضل ما فيه محّه وأفضل صنعته أن لا يعقد بالشي وبعد بيض الدجاج بيض الطير الذي يجري مجراه كالتدرج والدّرّاج و القبج والطيهوج فأما بيض البط ونحوه فهو رديء الخط .
الطبع : هو إلى الاعتدال وبياضه إلى البرد وصفرته إلى الحر وهما رطبان لا سيما البياض وأيبسها بيض الوز والنعام .
الأفعال والخواص : فيه قبض وخصوصاً في مخه المشوي وبياضه يسكن الأوجاع اللاذعة لتغريته ولأنه ينشب ويبقى فلا يزول سريعاً كاللبن والأعقد أبطأ هضماً وأكثر غذاء وأفضله النيمبرشت وهو سريع النفوذ .
الزينة : ينطل ببياضه فيمنع سفوع الشمس للون ويزيله وإذا شويت الصفرة وسحقت بعسل كان طلاء للكلف والسواد وبيض الحبارى خضاب جيد فيما يقال فيجرب وقت صلوحه لذلك بخيط صوف ينفد فيه ويترك حتى ينظر هل يسودّ وكذلك بيض اللقلق فيما يقال .


الأورام والبثور : يقع في موانع الأورام وفي الحقن للقروح والأورام ويطلى على الجمرة بالزيت .
الجراح والقروح : ينفع من جراحات المقعدة والعانة وحرق النار يستعمل بصوفة فيمنع التقرح وكذلك في حرق الماء أيضاً .
آلات المفاصل : يلينان العصب وينفعان في جميع أوجاع المفاصل .
أعضاء الرأس : يقع في أدوية قواطع نزف غشاء الدماغ وينفع من الزكام .
وصفرة بيض الدجاج تنفع من الأورام الحارة في الأذن ويقال إن بيض السلحفاة البرية ينفع من الصرع .
أعضاء العين : بياضه يسكن وجع العين .
وصفرته مع الزعفران ودهن الورد تنفع جداً من ضربان العين ومع دقيق الشعير ضماداً يمنع النوازل عن العين وكذلك يطلى بالكندر على الجبهة لنوازل العين .
أعضاء النفس والصدر : ينفع من خشونة الحلق نيمبرشته ومن السعال والشوصة والسل وبحوحة الصوت من الحرارة وضيق النفس ونفث الدم خاصة إذا تحسيت صفرته مفترة وبيض أعضاه الغذاء : المطبوخ كما هو في الخل يمنع من انصباب المواد إلى المعدة والأمعاء وينفع خشونة المريء والمعمن ومشويه ينقلب إلى الدخانية .
أعضاء النفض : مطبوخه كما هو في الخل يمنع الإسهال والسحج وصفرته تنفع قروح الكلى والمثانة ولا سيما إذا تحسي نياً والمشوي منه على رماد لا دخان له ينفع من الاستطلاق إذا أكل مع بعض القوابض وماء الحصرم وينفع من خشونة المعي والمثانة ويحتقن ببياضه مع إكليل الملك لقروح الأمعاء وعفونتها وينفع من جراحات المقعدة والعانة ويحتمل منه فتيلة مغموسة فيه وفي دهن الورد لورم المقعدة وضربانه ويتخذ من بياض البيض فرزجة بدهن الحناء فينفع من قروح الأرحام ويلين الرحم وإذا تحسي كما هو نيئاً نفع من نزف الدم وبول الدم وجميع البيض لا سيما بيض العصافير يزيد في الباه ويقال إن بيض الوز إذا خلط بزيت وقطر فاتراً في الرحم أدر الطمث بعد أربعة أيام .
بل : الماهية : قال الهندي : إنه قثاء هندي وهو مثل قثاء الكبر وهو مر ويشبه الزنجبيل .


الطبع : حار يابس في الثانية وعند بعضهم في الثالثة .
الأفعال والخواص : قابض يقوي الأحشاء .
أعضاء الغذاء : يوقد نار المعمدة وينفع من القيء ويدخل في الجوارشنات .
أعضاء النفض : يعقل البطن ويفش الرياح .
يليلج : الماهية : قريب الطبع من الأملج الأ ولبه حلو قريب من البندق .
الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : فيه قوة جلاءة ملطفة وقوّة قابضة .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة بالدبغ والجمع وينفع من استرخائها ورطوبتها ولا شيء أدبغ للمعدة منه .
أعضاء النفض : ربما عقل البطن وعند بعضهم يلين فقط وهو الظاهر وهو نافع للمعي المستقيم والمقعدة جداً .
باذرنجبويه : الطبع : حار يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : ينفع من جميع العلل البلغمية والسوداوية .
الزينة : يطيب النكهة جداً .
أعضاء الرأس : ينفع من سدد الدماغ ويذهب البخر .
أعضاء الصدر : مفرح مقو للقلب يذهب الخفقان .
أعضاء الغذاء : يعين على الهضم وينفع من الفواق .
الأبدال : بدله في التقريح وزنه أبريسم وثلثا وزنه قشور الأترج .
باذنجان : الماهية : معروف .
الاختيار : الحديث أسلم والعتيق منه رديء وطعمه وطبعه كالقلي .
الطبع : عند ابن ماسرجوية بارد لكن الصحيح ان قوته الغالبة عليه الحرارة واليبوسة في الثانية لمرارته وحرافته .
الأفعال والخواص : يولد السوداء ويولّد السدد .
الزينة : يفسد اللون ويسود البشرة ويصفّراللون وما كان من الباذنجان صغيراً فكله قشر ويورث الكلف .
الأورام والبثور : يولد السرطانات والصلابة والجذام .
أعضاء الرأس : يولد الصداع والسدد ويبثر الفم .
أعضاء النفض : يولد البواسير لكن سحيق أقماعه المجففة في الظل طلاء نافع للبواسير وليس للباذنجاه نسبة إلى إطلاق أو عقل لكنها إذا طبخت في الدهن أطلقت أو في الخل حبست .
بهوامج : الماهية : هو من الرياحين .
الأفعال والخواص : نطوله يحل النفخ من كل موضع .


أعضاء الرأس : فقّاحة جيد للرياح الغليظة في الرأس وإذا شُمّ ورقه يفعل كذلك .
أعضاء النفض : يطلق البطن .
بوزيدان : الماهية : دواء خشبي هندي فيه مشابهة لقوة البهمن .
الاختيار : جيده الأبيض الغليظ الكثير الخطوط الخشن وأما الأملس الدقيق العود القليل البياض فرديء ويغشّونه باللعبة البربرية .
الطبع : حار في الثانية يابس في الأولى .
الخواص : ملطف .
آلات المفاصل : نافع من وجع المفاصل والنقرس .
السموم : نافع من السموم .
برنك الكابلي : الماهية : حبّ هندي أو سندي وهو نوعان صغار غير مفننة وكبار مفنّنة وأفضلها الصغار .
آلات المفاصل : يقلع البلغم من المفاصل وهو في ذلك غاية .
أعضاء النفض : يسهّل البلغم من الأمعاء والديدان وحب القرع هو قويّ في ذلك جداً .
بوقيصا : الطبع : بارد .
الخواص : جال وفيه قبض وفي غلاف ثمرته رطوبة .
الزينة : يجلو الوجه .
الجراح والقروح : يجعل على الجرب المتقرح مسحوقاً ويلزق الجراحات لقبضه وجلائه وخاصة قشر شجرته ويرش به وينطل بطبيخ أصله وورقه على العظام المكسورة .
أعضاء النفض : قشرته الغليظة تسهل البلغم إذا سقي مثقالاً بماء بارد أو شراب ريحاني .
بهار : الماهية : هو الذي يسمى كاوجشم أي عين البقر وردة أصفر الورق أحمر الوسط أسمن من ورق البابونج .
الطبع : حار في الثانية يابس في الأولى .
أعضاء الرأس : ينفع شمه من الرياح الغليظة في الرأس .
بوصير : الخواص والأفعال : محلّل لا سيما الذهبي الزهو ويجلو باعتدال .
الزينة : البري منه يحمّر زهره الذهبي الشعر .
الأورام والبثور : طبيخ ورقه ينفع من الأورام .
الجراح والقروح : يضمد بالعسل على القروح والجراحات .
آلات المفاصل : طبيخه ينفع من شدخ العضل .
أعضاء الرأس : يتمضمض بطبيخه لوجع الأسنان .
أعضاء العين : طبيخه ينفع من الرمد الحار .
أعضاء النفس : طبيخه ينفع من السعال المزمن .


أعضاء النفض : الأبيض الورق والأسود الورق منه نافع للإسهال المزمن .
الماهية : أردؤه وأخبثه الأسود ثم الأحمر .
والأبيض أسلم وهو الني يستعمل والأولان لا يستعملان وزهر الأسود أرجواني وزهر الأحمر أصفر وزهو الأبيض أبيض أو إلى الصفرة وفي المستعمل رطوبة دهنية .
الإختيار : أجوده الأبيض فإن لم يوجد استعمل الأحمر ويجتنب الأسود دائماً لكن عصارة أغصانه ربما استعملت بدل الأفيون .
الطبع : الأسود بارد يابس في آخر الثالثة والأبيض في أوّلها .
الأفعال والخواص : مخدّر يقطع النزف ويسكّن بتخديره الأوجاع الضربانية .
الزينة : يدخل في التسمين لعقده وإجماده .
الأورام والبثور : يسكّن أوجاعها ويحلّل صلابة الخصيتين وينفع من الحمرة .
آلات المفاصل : مسكن لوجع النقرس طلاء وشرباً لثلاث قراريط منه بماء العسل .
قيل : وإن شرب من ورقه ثلاثة أو أربعة بطلاء أبرأ أكله العظام .
أعضاء الرأس : عصارة أي جنس منه أخذت مسكّنة لوجع الأذن ومع الخلّ ودهن الورد لوجع الأسنان وكذلك بزره وأصله مطبوخاً في الخل ودهنه في جميع ذلك وهو يسبت وإن أكل من ورقه شيء له قدر خلط العقل وكذلك إن احتقن بطبيخ ورقه ودهنه يقطر في الأذن فيسكن أعضاء العين : يطلى على العين عصارة ورقه أو بزره فيسكن أوجاع العين الصعبة ويستعمل زهره أو ورقه أو بزره طلاء على الجبهة فيمنع النوازل إليها .
أعضاء النفس والصدر : إذا شرب من بزر البنج أنولوسين نفع من نفث الدم المفرط ويضمد بورقه في أورام الثدي وربما وقع في أدوية تسكين السعال ويطلى على أورام الثديين التي بعد الحبل فيمنعها ويذيبها .
أعضاء النفض : عصارته لوجع الرحم .
ويقطع نزف الدم منه ويضمد بورقه على أورام الخصية .
السموم : سم يخلط العقل ويبطل الذكر ويحدث خناقاً وجنوناً .
بنقسة : الماهية : شبيهة القوة بالعدس وأعسر منه انهضاماً .
الطبع : معتدل إلى اليبس .
الأفعال والخواص : قابض كالعدس ويولد السوداء .


آلات المفاصل : جيد للمفاصل تضمّد به القيل والفتوق للصبيان .
أعضاء النفض : يعقل البطن .
الماهية : نوع من الطيور .
الطبع : حار أسخن من جميع الطيور الأهلية .
قال بعضهم : هو يسخن المبرود ويورث المحرور حمى .
الأفعال والخواص : شحمه عظيم في تسكين الوجع وتسكين اللذع في عمق البدن وهو أفضل شحوم الطير ودمه يكثر الرياح وقانصته كثيرة الغذاء .
الزينة : شحمه يصفّي اللون ولحمه يسمن .
أعضاء النفس والصدر : يصفي الصوت .
أعضاء الغذاء : لحمه بطيء في المعدة ثقيل وخصوصاً دم الوز وأخفّ ما فيها أجوده هي الأجنحة وإذا انهضم دم هذه الطيور كان أغذى من جميع لحوم الطير .
أعضاء النفض : يزيد في الباه ويكثر المني .
برشياوشان : الماهية : حشيشة دقيقة منبتها حياض المياه والشطوط والأنهار وفي داخل الآبار يشبه الكزبرة الرطبة لكن قضبانها حمر إلى السواد بلا ساق ولا زهر ولا نور تذهب قوتها بسرعة .
الطبع : قال جالينوس : هو معتدل وأقول ربما مال إلى حرارة ويبوسة يسيرة جداً .
الأفعال والخواص : محلل ملطّف مفتح وفيه قبض ويمنع السيلان وإذا خلط بعلف الديوك والسماني قواها على الهواش .
الزينة : رماده بالخل والزيت لداء الثعلب وداء الحية وهو مع دهن الآس والشراب يطول الشعر ويمنع انتثاره .
الأورام والبثور : نافع من الدبيلات ويبدد الخنازير .
الجراح والقروح : ينفع من النواصير والقروح الخبيثة والرطبة .
أعضاء الرأس : ينفع ماء رماده من الحزاز .
أعضاء العين : ينفع من الغرب .
أعضاء النفس والصدر : ينقي الرئة جداً وينفع السعال .
أعضاء النفض : نافع مع الشراب لسيلان الفضول إلى البطن والمعدة وينفع من وجع الطحال وينفع من اليرقان .
أعضاء النفض : يدرّ البول ويفتّت الحصاة ويدر الطمث ويخرج المشيمة وينقي النفساء ويقطع النزف وعند الأكثر يعقل البطن وعند ابن ماسويه يسهل البطن .


السموم : هو بالشراب ينفع النهوش نهوش الحيات والكِلاب الكَلِبة والهوام الأخرى .
باذروج : الماهية : هو الحوك وهو معروف ودهنه في قوة دهن المرزنجوش ولكنه أضعف منه وفيه قوى متضادة .
الطبع : حار في الأولى إلى الثانية يابس في أول الأولى وفيه رطوبة فضلية يكاد يبلغ ترطيبها إلى الثانية لا في الجوهر .
الأفعال والخواص : فيه قبض وإسهال فإنه يقبض إلا أن يصادف فضلاً مستعداً فإذا صادف خلطاً أسهل وفيه تحليل وإنضاج ونفخ ويسرع إلى التعفن ويولد خلطاً رديئاً سوداوياً وبزره ينفع من تتولد فيه السوداء .
الأورام والبثور : ينفع بالخل ودهن الورد إذا طلي على الأورام الحارة .
أعضلء الرأس : عصارته قطوراً نافع للرعاف لا سيما بخل خمر وكافور فتيلة ويذهب بالطرش وهو مما يسكن العطاس من مزاج ويحركه من مزاج .
أعضاء العين : ينفع من ضربان العين ضماداً ويحدث ظلمة البصر مأكولاً لغلظ رطوبته وتبخيرها وعصارته تقوي البصر كحلاً .
أعضاء النفس والصدر : يقوي القلب جداً ويخفف الرئة والصدر واسكرجة من مائه ينفع من أعضاء الغذاء : عَسِرُ الهضم سريع العفونة رديء للمعدة وخصوصاً ماء ورقة .
أعضاء النفض : يعقل فإن صادف خلطاً مستعداً أسهل ويدر ويضر بالمعدة وبزره ينفع من عسر البولد .
السموم : يوضع على لسع الزنابير والعقارب وتنين البحر .
برطانيقي : الماهية : قيل أنه بستان أفروز وقيل أن ورقه يشبه ورق الحامض البري لكنه أقرب إلى السواد وأحسن .
الأفعال والخواص : ورقه قابض في غاية .
الجرح والقروح : يدمل الجراحات والقروح .
أعضاء الرأس : عصارته أجود شيء للقروح التي في الفم العتيقة والقلاع ويجب أن يتخذ منها رب ينفع من القلاع غاية النفع .
بيلون : الماهية : هذا هو العرفج البري وهو من اليتوعات وبزره ناري كاليتوعات .
أعضاء النفض : يسهل البطن .
الماهية : معروفة .
الاختيار : عصارتها أبلغ ما فيها فعلاً .
الطبع : بارد في الثالثة رطب في آخر الثانية .


الأفعال والخواص : فيها قبض يمنع النزف والسيلانات المزمنة وغذاؤها قليل غير موفور وهي قامعة للصفراء جداً .
الزينة : يحك بها الثآليل فتقلعها بخاصية لا بكيفية .
الأورام والبثور : ضماد للأورام الحارة التي يتخوف عليها الفساد وللحمرة .
أعضاء الرأس : ينفع للبثور في الرأس غسلاً به ممزوجاً بشراب ويذهب الضرس بتمليسه للخشونة وشكن الصداع الحار الضرباني .
أعضاء العين : ينفع من الرمد ويدخل في الأكحال والإكثار منه يحدث الغشاوة .
أعضاء النفس : عصارته تنفع نفث الدم بقوتها العفصة .
أعضاء الغذاء : ينفع التهاب المعدة شرباً وضماداً وينفع الكبد الملتهبة ويمنع القيء المراري ويضعف الشهوة .
أعضاء النفض : يحقن به لسحج الأمعاء والإسهال المراري وينفع من أوجاع الكلى والمثانة وقروحها ويقطع في الأكثر شهوة بل قوة الباه وزعم ماسرجويه : أنه يزيد في الباه ويشبه أن يكون ذلك في الأمزجة الحارة اليابسة وهو يحبس نزف الحيض وينفع من حرقة الرحم وينفع ماؤه من البواسير الدامية .
وعصارته تخرج حب القرع وإن شويت البقلة الحمقاء وأكلت قطعت الإسهال .
الحميات : ينفع من الحميات الحارة .
بندق : الماهية : هو معروف أرضيته أكثر من أرضية الجوز وهو أغذى من الجوز لأنه أشدّ اكتنازاً وأقلة دهنية وأبطأ انهضاماً .
الطبع : هو إلى الحرارة وإلى اليبوسة أميل .
الأفعال والخواص : يتوتد منه المرار وفيه قبض أكثر مما في الجوز وفيه نفخ وتوليد رياح في البطن الأسفل .
الزينة : تخضب حراقته الشعر .
أعضاء الرأس : مصدع يقلى ويؤكل مع قليل فلفل فينضج الزكام .
قال أبقراط : البندق يزيد في الدماغ .
أعضاه النفس : يؤكل بماء العسل فينفع من السعال المزمن ويعين على النفث .
أعضاه الغذاء : بطيء الهضم يهيج القيء وهو أبطأ هضماً من الجوز .
أعضاء النفض : قشره قابض يعقل البطن .
السموم : ينفع من النهوش وخصوصاً مع التين والسذاب للدغ العقرب .


بنجنكشت : الماهية : نبات يكاد لعظمه أن يكون شجراً وينبت في المواضع القريبة من المياه وأغصانه صلبة وورقه كورق الزيتون إلا أنه ألين ولا تدخل عيدانه في الطبّ بل زهره وورقه وثمرته وسائر ما يستعمل منه فيه لطافة وحرافة وعفوصة وهو دون السذاب اليابس .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : ملطف محلل مفشش للرياح لا نفخ فيه البتة وفيه تفتيح مع قبض .
الزينة : منق للون .
آلات المفاصل : يضمّد مع ورقه لإلتواء العصب ويذهب الاعياء .
أعضاء الرأس : يصدع ويسبت شرباً وإذا ضمد به نفع الصداع والمقلي منه إذا أكل قل تصديعه .
أعضاء الغذاء : يفتح سدد الكبد وسدد الطحال وهو نافع جداً لصلابة الطحال إذا شرب منه بالسكنجبين مقدار درهمين وينفع من الاستسقاء .
أعضاء النفض : يجلس في طبيخه لوجع الرحم وأورامها ويجفف المني وإذا فرش تحت الظهر شيء من قضبانه منع الاحتلام والإنعاط ويدخن للنساء عند شدة الشهوة وهو مدر وينفع لا سيما بزره من شقاق المقعدة ويضمّد به مع السمن لصلابة الخصية ولا سيما بزره .
السموم : ينفع من لسعٍ الهوام والحيات إذا شرب منه درهم وكذلك من عض الكَلْب الكَلِب والسباع ضماداً ودخان ورقه يطرد الهوام جداً .
بسفايج : الماهية : عود دقيق أغبر ذو عقد إلى السواد والحمرة اليسيرة أو إلى الخضرة ذو شعب كالدودة الكثيرة الأرجل وفي مذاقه حلاوة مع قبض .
قال بعضهم : إنه ينبت على شجرة في الغياض وقيل ينبت على الأحجار .
الأختيار : أجوده الغليظ مثل الخنصر والضارب إلى الحمرة والصفرة المكتنز طري الذي فيه مرارة خفيفة وعذوبة مع عفوصة وفي طعمه قرنفلية .
الطبع : حار في الثانية يابس في الثالثة بالغ في التجفيف .
آلات المفاصل : ضماده نافع لالتواء العصب .


أعضاء النفض : يسهل السوداء بلا مغص ويسهل بلغماً وكيموساً مائياً يطبخ في مرقة الديك أو مرقة السمك للقولنج أو مرق البقول وإن ذر أصله على ماء القراطن وشرب أسهل مرّة وبلغماً والشربة منه ست كرمات والكرمة ست قراريط إلى درهمين ويجب أن يسقى بشراب العسل الممزوج بالماء وقبله شيء من الطرنج وفي المطبوخ إلى أربعة دراهم .
الأبدال : بدله أفتيمون ونصف وزنه ملح هندي .
بسد : الماهية : معروف منه أحمر ومنه أسود ومنه أبيض .
الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : قابض يمنع النزف وتجفيفه أكثر من قبضه فإن تجفيفه شديد .
الجراح والقروح : يقطع اللحم الزائد .
أعضاء العين : يقوي العين بالجلاء والتنشيف للرطوبات المستكنة فيها خصوصاً محرقه المغسول ويجلو آثار القروح ويصلح للدمعة .
أعضاء النفض : يحبس نفث الدم ويعين على النفث وكذلك الأسود لا سيما محرقه المغسول أعضاء الغذاء : بالماء لورم الطحال فهو نافع له .
أعضاء النفض : ينفع من قروح الأمعاء .
بيش : الماهية : سم قاتل .
الطبع : في الغاية من الحرارة واليبوسة .
الزينه : يذهب البرص طلاء وشرباً من جوارشنة البزرجلي وكذلك ينفع من الجذام .
السموم : سمّ يفسح شاربه والشربة منه أكثرها نصف درهم وعندي أن أقل منها يقتل ترياقه فار البيش وهي فارة تتغذى به والسماني يتغذى به ولا يموت منه ودواء المسك يقاومه من جملة المعجونات في معنى ذلك .
بلوط : الماهية : هو معروف وقابض والشاهبلوط أقله قبضاً وأشد ما في البلوط قبضاً هو جفته وهو قشره الداخل .
الطبع : البلوط بارد يابس في الثانية وبرده في الأولى وفي الشاهبلوط قليل حرارة لحلاوته وورق البلوط أشدّ قبضاً وأقل تجفيفاً .
الأفعال والخواص : في الشاهبلوط جلاء وفي جميعه نفخ في البطن الأسفل وقبض ويمنع النزوف
وخصوصاً جفته وكلها منوية للأعضاء والشاهبلوط بطيء الهضم وهو أحسن غذاء فإن خلط بِسكّر جاد غذاؤه .


قال جالينوس : هو أغذى من جميع الحبوب حتى إنه يقارب حبوب الخبز لكن الشاهبلوط لما فيه من الحلاوة أغذى منه على أن غذاء جميعه غير محمود للناس بل عسى أن يحمد غذاؤه للخنازير .
ومن الناس من اعتاد تناول ذلك على أنه يجعل الخبز من ذلك ولا يضره وينتفع بذلك .
الأورام والبثور : هو مع شحم الجدي أو الخنازير المملح ينفع الصلابات وثمرة البلوط تنفع في الابتداء للأورام الحارة .
الجراح والقروح : يمنع سعي القلاع والقروح الساعية إذا أحرق واستعمل وورق البلوط يلزق الجراحات إذا سحق ونثر عليها .
أعضاء الرأس : مصاع لحقنه البخار عقلاً للطبيعة .
أعضاء الغذاء : ينفع من رطوبة المعدة .
أعضاء النفض : يعقل وينفغ من السحج وقروح الأمعاء ونزف الدم ويغزر البول .
السموم : ينفع من سموم الهوام وطبيخ قشره مع لبن البقر ينفع من سمّ سهام أرمينية ولحم بَسْبَاسة : الماهية : يشبه أوراقاً متراكمة متغضّنة يابسة إلى حمرة وصفرة كقشور .
وخشب وورق يحذي اللسان كالكبابة يُجلب من بلاد الصين .
قال ابن ماسويه : هو قشور جوزبوا .
قال مسيح : هو شبيه القوة بنار مشك وألطف منه .
الطبع : قال بولس : معتدل وقال غيره : حار يابس في الثانية ولا شك في حره ويبسه .
الأفعال والخواص : يحلل النفخ وفيه قبض .
الأورام والبثور : محلّل للصلابات الغليظة إذا وقع في القيروطي يفعل ذلك .
الزية : يطيب النكهة .
أعضاء الرأس : مع دهن البنفسج يستعط به للصداع الكائن من رياح غليظة في الرأس ومن الشقيقة .
أعضاء الغذاء : يقوّي الكبد والمعدة .
أعضاء النفض : يعقل المبطونين وينفع من السحج وهي جيّدة للرحم .
بزر كتان : الماهية : قوته قريبة من قوة الحلبة .
الطبع : حار في الأولى معتدل في الرطوبة واليبوسة وقيل : إن طبيخ الكتان هو طبيخ رطبه وفيه رطوبة فضلية .


الأفعال والخواص : منضج ويجلو وينفخ لرطوبته الفضلية حتى مقليه مع قبض في مقليّه ظاهر ومعتدل في غير مقليه مخلوط بتليين وهو مسكّن للأوجاع دون البابونج .
الزينة : هو مع النطرون والتين ضمّاد للكلف والبثور اللبنية ويمنع من تشنج الأظفار وتشققها وتقشّرها إذا خلط بمثله حرف وعجن بعسل .
الأورام والبثور : يلين الأورام الحارة ظاهرة باطنة والأورام التي خلف الأذن بماء الرماد والأورام الصلبة .
آلات المفاصل : ينفع التشنج وخصوصاً تشنج الأظفار إذا خلط بشمع وعسل .
أعضاء الرأس : دخانه ينفع من الزكام وكذلك دخان الكتان نفسه .
أعضاء النفس : ينفع من السعال البلغمي وخصوصاً المحمص منه .
أعضاء الغذاء : رديء للمعدة وعسر الهضم قليل الغذاء .
أعضاء النفض : مقليه يعقل البطن وغير مقليه معتدل وإدراره ضعيف لكنه يقوي بالقلي وإذا تنوول مع عسل وفلفل حرك الباه ويحقن الرحم بطبيخه ويجلس فيه فينتفع بغير لذع فيه وأورام وكذلك الأمعاء وينفع من قروح المثانة والكلى وطبيخ بزر الكتان إذا حقن به مع دهن الورد عظمت منفعته في قروح الأمعاء .
بَردي : الماهية : هو معروف ومنه يتخذ القرطاس وهو في قوة القرطاس والمحرق منهما أشد تجفيفاً .
الطبع : بارد يابس .
الأفعال والخواص : ينفع من النزف ويمنعه رماده .
الجراح والقروح : يذر على الجراحات الطرية فيدملها وقد ينقع في الخل ويجفف ويدخل في الناصور وجميع القروح الساعية والجراحات .
أعضاء الرأس : رماده نافع من أكلة الفم .
أعضاء النفس : رماده يحبس نفث الدم .
أعضاء النفض : يؤخذ ويلف بكتان ويترك حتى يجف ثم يوضع على البواسير فينفعها .
باقلاء : الماهية : منه المعروف ومنه مصري ونبطي وهندي .


والنبطي أشد قبضاً والمصري أرطب وأقل غذاء والرطب أكثر فضولاً ولولا بطء هضمه وكثرة نفخه ما قصر في التغذية الجيدة عن الإختيار : أجوده السمين الأبيض الذي لم يتسوس وأردؤه الطري وإصلاحه إطالة نقعه وإجادة طبيخه وأكله بالفلفل والملح والحلتيت والصعتر ونحوه مع الأدهان وأما الهندي فيدخل في الأدوية المقيئة والمطلقة فحسب على وزن مخصوص .
الطبع : قريب من الاعتدال وميله إلى البرد واليبس أكثر وفيه رطوبة فضلية خصوصاً في الرطب بل الرطب من حقه أن يقضي ببرده ورطوبته والقوم الذين يجعلون برد الباقلا في الرجة الثانية مفرطون .
الأفعال والخواص : يجلو قليلاً وينفخ جداً وإن أجيد طبخه وليس ككشك الشعير فإن الطبخ الشديد المكرر الماء يزيل نفخه لكن الباقلاء إذا قشر فطبخ ثم طحن في القدر بلا تحريك قلت نفخته .
والمقلي منه قليل النفخ ولكنه أبطأ انهضاماً .
والمطبوخ منه في قشره كثير النفخ ولعل دقيقه أقل نقخاً .
والنبطي أشد قبضاً وقشره أقوى قبضاً ولا يجلو .
والمصري أقبض الجميع وفيه جلاء ويتولد منه لحم رخو ويولد أخلاطاً غليظة وقد قضى بقراط بجودة غذائه وانحفاظ الصحة به وإذا قشر وشق بنصفين ووضع على نزف قطعه .
ومن خواصه أن بيض الدجاج إذا علفت منه فإنه يرى أحلاماً مشوّشة وإنه يحدث الحكة خصوصاً طَرِيه .
الزينة : إذا ضمّد الشعر بقشره رققه وإذا ضمد به عانة الصبي منع نبات الشعر وكذلك إذا كرر على الموضع المحلوق ويجلو البهق في الوجه لا سيما مع قشوره والكلف والنمش ويحسن اللون .
الأورام والبثور : يضمد بالشراب على ورم الخصية .
الجراح والقروح : ينفع من قروح العضل .
آلات المفاصل : ينفع من تشنج العضل ويضمد بمطبوخه النقرس مع شحم الخنزير .
أعضاء الرأس : مصدع ضار لجميع من يعتريه الصداع والشيء الأخضر الذي في جوف المصري منه الذي طعمه مر إذا سحق وخلط بدهن الورد وقطر في الأذن ينفع من وجعها .


أعضاء العين : هو مع العسل والحلبة ضماد لكمودة العين والطرفة ومع كندر وورد يابس وبياض البيض ضماد للجحوظ خاصة الذي للحدقة .
أعضاء النفس والصدر : جيد للصدر ومن نفث الدم ومن السعال وإن خلط مع عسل ودقيق الحلبة ينفع عن أررام الحلق واللوزتين وضمادة جيد لورم الثدي وتجبن اللبن فيه .
أعضاء الغذاء : عسر الإنهضام غير بطيء الإنحدار والخروج وغير ذلك مولد للسدد والمطبوخ بقشره في الخل يمنع القيء والهندي يهيىء القيء غاية .
بقشره وينفع من السحج ولا سيما النبطي وسويقه أيضاً ينفع من ذلك كما هو وحسواً وضماده نافع لورم الأنثيين خصوصاً مطبوخاً بشراب والهندي إذا شرب منه أقل مقدارحتى أقل من ثلث درهم فإنه يطلق البطن ويسهل .
بابلس : الماهية : هو الذي يقال له الخشخاش الوبري والزبدي وهو يفعل فعل اليتوع في إسهاله .
الطبع : حار جداً .
أعضاء النفض : يسهّل كاليتّوعات .
بول : الاختيار : أنفع الأبوال بول الجمل الأعرابي وهو النجيب .
وبول الإنسان أضعف الأبوال وأضعف منه بول الخنازير الأهلية الخصية وأقواها المعتق وبول الخصي في كل شيء أضعف وأجلى الأبوال بول الإنسان .
الطبع : حار يابس فيما يقال .
الأفعال والخواص : كله يجلو ويجعل بول الإنسان مع رماد الكرم على موضع لنزف فيقف .
وبول الإبل ينفع من الحزاز غسلاً به وكذلك الثور .
الجراح والقروح : بول الحمار للقروح الساعية والرطبة وبول الإنسان أيضاً وخصوصاً بول معتق وينفع من التقشر والحكة والبرص لا سيما ببورق وماء الحماض .
ثفل البول يجعل على الحمرة فينفع وينفع طلاء من الجرب والسعفة والقروح المدوّدة وقروح القدم يبال عليها ويترك حتى يبرأ .
آلات المفاصل : ينفع من الأوجاع العصبية ولا سيما بول الماعز الأهلى والجبلي وخصوصاً للتشنج والامتداد وكذلك سعوطاً للإمتداد .


أعضاء الرأس : بول الثور إذا ديف فيه المر وقطر في الأذن رقيقاً سكن وجعها وكذلك بول العنز وحده ومع المرّ وبول الإنسان المعتّق ويمنع سيلان القيح من الأذن .
وبول الجمل شديد النفع من الخشم ويفتح سدد المصفاة بقوة شديدة جداً .
أعضاء العين : يعقد في إناء من نحاس فينفع البياض والجرب خصوصاً بول الصبيان وكذلك مطبوخاً مع الكراث .
أعضاء النفس : قالوا : إن بول الصبيان الرضع نافع من انتصاب النفس .
أعضاء الغذاء : وقد رأى إنسان مطحول أنه أمر في النوم بشرب بوله كل يوم ثلاث حقّنات فشرب وعوفي وجرب فوجد عجيباً .
وبول الإنسان وبول الجمل ينفع في الاستسقاء وصلابة الطحال لا سيما مع لبن اللقاح .
روي لو شربتم من ألبانها وأبوالد لصححتم فشربوا وصحوا .
وبول العنز للحمى منه وخصّوصاً الجبلي لا سيما مع سنبل الطيب وكذلك معتّق بول الخنزير في مثانة مع شراب قوي .
أعضاء النفض : بول الخنزير يفتت الحصاة في الكلية والمثانة ويدرهما وبول الحمار ينفع من وجع الكلى وبول الإنسان مطبوخاً مع الكراث ينفع من أوجاع الأرحام إذا جلس فيها خمسة أيام كل يوم مرة .
السموم : بول الإنسان ينفع من نهشة الأفعى شرباً وتصدت أيضاً عليها وخصوصاً الإفاعي الصخرية ومع نطرون على عضّة الكَلْب وكل عضة ولسعة والمعتق منه نافع في السموم كلها والأرنب البحري .
بزاق : الماهية : القوي الفعل هو الذي للجائع على الريق وخصوصاً من مزاج حار .
الجراح والقروح : نافع للقوباء .
أعضاء العين : ينفع من الطرفة والبياض .
السموم : يقل الهوام كلها والحية والعقرب .
بعر الحيوان : الزينة : بعر الضب ينفع من البرص والكلف بجلائه وبعر الجمل ينفع إن سقي لذلك ويبطل الثآليل .
أعضاء الرأس : بعر الضب ينفع مع الحزاز بجلائه وبعر الجمال يقطع الرعاف وإذا شرب مع أدوية الصرع نفع .
أعضاء العين : بعر الضبّ يجلو بياض العين .


الجراح والقروح : بعر الجمال يحلل البثور والقروح وكذلك بعر الغنم على الشهدية .
الأورام والبثور : بعر الماعز يحلّل الخنازير بقوة وكذلك بعر الجمال وبعر الغنم للحمرة .
آلات المفاصل : بعر الجمال يسكن أوجاع المفاصل وأورامها .
أعضاء النفض : بعر الماعز يابساً بصوفة يمنع سيلان الرحم .
السموم : يقوم بعر الماعز طبخاً الأوقية منه في خمس سكرجات خمر أسود والطري منه أيضاً ويضمد به نهشة الأفعى المعطشة وبعر الغنم المحرق لا سيما معجوناً بالخل يطلى به على عضة الكَلْب الكَلِب .
بصل الزير : الماهية : يشبه بصل الفار في قوته وطعمه ويستعمل بدله وهو أضعف منه .
السموم : ينفع من السموم وللسع العقرب والرتيلاء شرباً وضماداً إذا خلط بالتين .
بنات وردان : أعضاء النفض : ينفع من أوجاع الأرحام والكلى بعد أن يكسر تحليله بزيت وموم و محّ البيض فلا تصلب ويدر البول والطمث ويسقط وينفع مع قردمانا البواسير .
الحميات : نافع للنافض .
السموم : ينفع من سموم الهوام .
الأبدال : بدله قيسور .
بداسفان : الماهية : هو بدل كشت بركشت تتخذ الزنج منها أسورة وهي خشبية .
بقلة يهودية : الطبع : حرارته فوق الاعتدال .
بيش موش بوحا : الماهية : أما بوحا فحشيشة تنبت مع البيش فأي بيش جاوره لم يثمر شجره وهو أعظم ترياق البيش وله جميع المنافع التي للبيش في البرص والجذام وأما بيش موش فإنه حيوان يسكن الزينة : ينفع من البرص .
الأت المفاصل : ينفع من الجذام .
السموم : هو ترياق لكل سم وللأفاعي .
بطباط : الماهية : هو عصا الراعي وسنذكر خواص عصا الراعي عند ذكرنا فصل العين .
بوش دربندي : الماهية : هو شاًف يجلب من أرمينية يوجد في أظلاف الضأن .
الأورام والبثور : يستعمل على الأورام الحارة والبثورالحارة .
آلات المفاصل : نافع للنقرس الحار .
بطم : الماهية : نذكره في فصل الحاء عند ذكرنا الحبة الخضرا فهذا آخر الكلام في حرف الباء وجملة ذلك سبعة وخمسون دواء .


الفصل الثالث حرف الجيم
الماهية : الجوز معروف وهو حار ترياقه للمحرورين السكنجبين ولضعيفي المعدة المربّى بالخل .
الطبع : حار في الثالثة يابس في أوّل الثانية ويبسه أقل من حره وفيه رطوبة غليظة تذهب إذا عتّقت .
الأفعال والخواص : في مقلوّه قبض أكثر وورقه وقشره كله قابض للنزوف وقشره المحرق مجفف بلا لذع ودهن العتيق منه كالزيت العتيق وجلاء العتيق قوي .
الزينة : الرطب منه ضمّاد على آثار الضربة .
الأورام والبثور : لبه الممضوغ يجعل على الورم السوداوي المتقرح فينفع . الجراح والقروح : صمغه نافع للقروح الحارة منثوراً عليها أو في المراهم .
آلات المفاصل : مع عسل وسذاب لالتواء العصب .
أعضاء الرأس : مصدع وتقطر عصارة ورقه مفتراً في الأذن فينفع من المدة في الأذن .
قالت الخوز : أنه يثقل اللسان وهو مبثر للفم .
أعضاء العين : ينفع دهنه من الأكلة والحمرة والنواصير في نواحي العين .
أعضاء النفس : عصارة قشره وربه يمنع الخناق ويضر بالسعال ودهن العتيق منه يحدث وجع أعضاء الغذاء : هو عسر الهضم رديء للمعدة والمربى والرطب أجود للمعدة الباردة وأقل ضرراً وذلك إذا قشر عن قشريه والجوز المربى بالعسل نافع للمعدة الباردة .
أقول : إن الجوز إنما لا يلائم المعدة الحارة فقط .
أعضاء النفض : مبثر ويسكن المغص ويحبس لا سيما مقلوا .
وقشره يحبس نزف الطمث والمربى منه نافع للكلية الباردة جداً ورماد قشره يمنع الطمث شرباً بشراب وحمولاً وإذا أكل مع المري أطلق والإكثار منه يسهل الديدان وحب القرع وهو مما ينفع الأعور .
السموم : هو مع التين السذاب دواء لجميع السموم ومع البصل والملح ضماداً على عضة الكلب الكَلِب وغيره .
جوزبوا : الماهية : هو جوز في مقدار العفص سهل المكسر رقيق القشر طيب الرائحة حاد .
الطبع : قال مسيح : حار يابس في اًخر الثانية إلى الثالثة .
الأفعال والخواص : فيه قبض .
الزينة : ينقّي النمش ويطيّب النكهة .


أعضاء العين : ينفع من السبل ويقوي العين .
أعضاء النفض : يعقل ويدر وينفع عسر البول وإذا وقع في الأدهان نفع من الأوجاع وكذلك في الفرزجات ويمنع القيء .
الأبدال : بدله السنبل مثله ونصف مثله .
جندبيدستر : الماهية : هو خصية حيوان البحر ويؤخذ زوجاً متعلقاً من أصل واحد وله قشر رقيق ينكسر بأدنى مس .
الاختيار : المختار منه ما يكون خصيتين معاً ملتزقتين مزدوجتين فإن ذلك لا يكون مغشوشاً وغشه من الجاوشير والصمغ يعجن بالدم وقليل جند بيدستر ويجفف في مثانة ومن تولى أخذ هذا العضو من الحيوان فيجب إذا شقّ الجلد الذي عليه أن يخرج الرطوبة مع ما يحتبس فيه وهي رطوبة كالعسل ويجفّفهما معاً .
الطبع : هو ألطف وأقوى من كل ما يسخن ويجفف ويجب أن يكون حاراً في آخر الثالثة إلى الرابعة يابساً في الثانية .
الأفعال والخواص : يحلل النفخ وإذا تمسح به سخن البدن والشيء الشمعي الذي في داخله لاذع شديد التسخين البتة .
الجراح والقروح : ينفع من القروح القتالة .
آلات المفاصل : ينفع العصب ويسخن وينفع من الرعشة والتشنج الرطب والكزاز الرطب والخدر والفالج .
أعضاء الرأس : ينفع من النسيان وليثرغس مع خل ودهن ورد وللسبات وأن كان مع حمى فإنه قد يسقى بعسل وفلفل فينفع ولا يضر والشربة ملعقة ويحلل أصناف الصداع البارد والريح ضماداً وبخوراً ويتفع من الصمم البارد ولا شيء أنفع للريح في الأذن منه يؤخذ مثل عدسة من جندبيدستر ويداف في دهن الناردين ويقطر .
أعضاء النفس والصدر : بخاره ينفع الاستنشاق منه من أورام الرئة وأعلالها .
أعضاء الغذاء : يسقى بالخل للفواق ويعطش .
أعضاء النفض : يذهب المغص سقياً بالخلّ ويحلل النفخ ويدر الطمث ويخرج المشيمة إذا سقي درهمان منه مع الفودنج بالعسل بعد فصد الصافن فيدر حينئذ بلا ضرر ويخرج الجنين ويزيل برد الرحم وريحه وبرد الخصية .


السموم : نافع من لذع الهوام وهو ترياق خناق الخريق والأغبر إلى السواد منه سم وربما قتل في اليوم ويوقع من يتخلص منه في البرسام وبادزهره حماض الأترج وأيضاً خل الخمر وأيضاً لبن الأبدال : بدله مثله وج مع نصفه فلفل .
جاوشير : الماهية : ورق شجرة لا يبعد عن الأرض ويشبه ورق التين شديد الخضرة مخمس مقطع الأجزاء مستديرة وساقه كالقثاة طويلة عليها زغب شبيه بالغبار وورقه صغار جدا على طرفه إكليل شبيه بإكليل الشبث وزهره أصفر ونوره طيب الرائحة وعروقه كثيرة تتشعب عن أصل واحد غليظ القشر مر الطعم وفي رائحته ثفل .
ويستخرج صمغه بتشقيق أصله في أول ظهور الساق ولون الصمغة أبيض وإذا جفت كان ظاهرها على لون الزعفران .
ومما يشبه هذا الصنف ويعد من أصناف الجاوشير مافليس استقيليقيون وساقه أدق يصعد ذراعاً ثم يتشعب على مثل أوراق الرازيانج وهو أضعف وأيضاً فيلوس خيربيون فإنه الذي ورقه كورق البابونج الأبيض وفقاحه ذهبي .
الاختيار : أجود أصله الأبيض الحاذي للسان ولا سبخ فيه عطر الرائحة وأجود ثمره ما على الساق والحد الأوسط وأجود صمغه المرّ جداً الأبيض الباطن الزعفراني الظاهر الهش الذي ينحلّ في الماء والأسود اللين منه مغشوش بالأشّق والموم .
الطبع : حار يابس في آخر الثالثة .
الأورام والبثور : يلين الصلابات وفقاحه ملين للبثور .
الجراح والقروح : أصله صالح لمداواة العظام العارية ومع العسل للقروح المرمنة والنار الفارسي وفقاحه أيضاً للجراحات والبثور وبالجملة جميع أجزائه نافع من القروح الخبيثة .
آلات المفاصل : يشرب بماء القراطن أو بالشراب لوهن العضل من الضرب .
قال بعضهم : إنه رديء للعصب ويشبه أن يكون للعصب الصحيح دون المرطوب وهو نافع من عرق النسا ويشرب له عصيره أيضاً ويذهب الإعياء وينفع من أوجاع المفاصل كلها والنقرس ضماداً .
أعضاء الرأس : نافع لأكال الأسنان إذا حشي به ويسكن وجعها وينفع من الصداع و من الصرع وأم الصبيان .


أعضاء العين : .
يحد البصر اكتحالاً به .
أعضاء الصدر : يضمد بورقه على أوجاع الجنب والجاوشير أيضاً ينفع من وجع الجنبين والسعال إذا كانا باردين .
أعضاء الغذاء : عصيره نافع من صلابة الطحال ضماداً وشرباً مع الخل يطرح منه عشر درخميات في جزئي عصير ويصفى بعد شهرين فينفع الطحال جداً وهذا العصير ينفع الاستسقاء .
أعضاء النفض : يلين صلابة الرحم وينفع تقطير البول ويشرب بندقة منه بماء حار لإدرار البول والحيض والرحم البارد .
وثمرته أيضاً تدر الطمث خصوصاً مع الأفسنتين و يقتل الجنين وخصوصاً أصله يسقطه حمولاً وشرباً .
وهو نافع من اختناق الرحم ويفشّ نفخته وصلابته وينفع من القولنج ويسهل الخام وينفع من الحكة في المثانة .
الحميات : يسقى بماء القراطن للنافض والحميات الدائرة .
السموم : يتخذ بالزفت منه مرهم ولصوق جيّد لعضة الكَلْبِ الكَلِبِ ومع الزراوند للسوع شرباً وكذلك عصيره .
الأبدال : بدله القنّة وأظن أن الأشق قريب منه .
جلوز : الماهية : هو حب الصنوبر الكبار وهو أفضل غذاء من الجوز لكنه أبطأ انهضاماً وهو مركب من جوهر مائي وأرضي والهوائية فيه قليلة وينبغي أن يطلب تمام الكلام فيه من فصل الصاد عند ذكرنا الصنوبر .
الطبع : هو معتدل وفيه حرارة يسيرة .
الأفعال والخواص : يغذو غذاء قوياً غليظاً غير رديء ويصلح للرطوبات الفاسدة في الأمعاء وهو بطيء الهضم ويصلح هضمه إما للمبرودين بالعسل وإما للمحرورين بالطبرزذ ويزداد بذلك جودة غذاء .
والمنقوع منه في الماء يذهب حدته وحرافته ولذعه ويصير في غاية التغذية حتى إن الصغار التي لا غذائية فيها تصير بهذا إلى الغذائية عن الدوائية وهذه الصغار هي حب الصنوبر الصغار الموجود في جميع البلدان .
آلات المفاصل : يبرىء أوجاع العصب والظهر وعرق النسا وهو نافع للاسترخاء .
أعضاء النفس والصدر : ينقي الرئة جداً ويخرج ما فيها من القيح والخلط الغليظ .


أعضاء النفض : يهيج الباه وخصوصاً المربى منه وينفع من القيح والحصاة في المثانة .
السموم : مع التين أو التمر ينفع من لدغ العقرب .
جنطيانا : الماهية : يشبه ورقه الذي يلي أصله ورق الجوز وورق لسان الحمل ولونه أحمر ووسطه مشرف وساقه أجوف أملس في غلظ أصبع والطول إلى ذراعين وورقه متباعد بعضها من بعض وثمرته في أقماعه وأصله مطاول شبيه بأصل الزراوند ينبت في الجبال وفي الظل والندى منها .
وقيل : إنها تسمّى جنطيانا لأن أوّل من عرفه جنطين الملك ومنبته في قلل الجبال الشامخة ويتّخذ منه عصارة بأن ينقع أياماً في الماء إلى خمسة أيام ثم يطبخ ثم يروق ثم يعقد حتى يخثر الإختيار : أجوده الرومي وهو أشد حمرة وأصلب وهو خشب وعروق كغلظ الأصبع أكبر وأصغر ولونه أصفر إلى السواد ومكسره أشد صفرة يقارب الريوند مر .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : مفتح وفيه قبض وأصله بالغ في التفتيح والتلطيف والجلاء .
الزينة : أصله يجلو البهق لا سيما عصارته المذكورة .
الجراح والقروح : يبرىء الجراحات والقروح المتاًكلة وخصوصاً عصارته .
ألات المفاصل : يشرب منه درهمان بشراب لالتواء العصب وهو نافع لمن سقط من موضع عال .
أعضاءالعين : يتّخذ منه لطوخ للرمد .
أعضاء النفس : عصارة درهمين جيد لذات الجنب .
أعضاء الغذاء : مفتح لسدد الكبد والطحال وزن درهمين منه في الشراب لوجع الكبد والطحال ولبردهما وأورامهما ويصلح شرب أصله المعدة المعتلة من برد .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث ويحمل أصله كشيافة فيُخرج الجنين و يُسقِطُه .
السموم : هو أبلغ دواء للسع العقرب ووزن درهمين بالشراب نافع من لسع جميع الهوام ومن الأبدال : مثله ونصفه آسارون ونصف وزنه قشور أصل الكبر .
جوز جندم : الطبع : قال بولس : له قوة مبرّدة مطفئة مجففة قليلاً .
الأفعال والخواص : يقطع النزف .
الزينة : يسمن .
الجراح والقروح : يبرىء القوباء .


أعضاء النفض : يهيج الباه .
جوز السرو : الجراح والقروح : هو ضماد للفتق .
الأورام : ضماد نافع .
جبلاهنك : الماهية : يقرب فعله من فعل الخربق .
قال قوم : هو بزر التربد الأسود وقشور أصله هو التربد الأصفر وينعت بالصغد لكن الجيّد منه هو الهندي وهو يشبه التودري .
آلات المفاصل : قد كان بعضهم يسقي منه المفلوج إلى وزن درهمين فيعفى .
أعضاء النفض : يسهل والشربة منه نصف درهم والدرهم منه خطر .
السموم : فيه قوة سمية .
جوز هندي : الماهية : معروف وهو النَارجيل .
.
الاختيار : جيدة الطري شديد البياض عذب الماء الذي فيه وإذا لم يوجد فيه الماء دَلّ على أنه عتيق ويجب أن يؤخذ عنه قشر لبه .
الطبع : حار في أول الثانية يابس في الأولى وفيه رطوبة فضلية لا يعتدّ بها بل الرطب منه رطب في الأولى .
الأفعال والخواص : هو ثقيل غير رديء الغذاء .
آلات المفاصل : دهن العتيق من النارَجيل ينفع من أوجاع الظهر والوركين .
أعضاء الغذاء : ثقيل على المعدة مع قلّة مضرّته جيد الغذاء وقشر لبه لا ينهضم فليؤخذ ويجب أن لا يتناول عليه الطعام إلا بعد ساعة ودهنه الطري أفضل كيموساً من السمن لا يلزج المعدة ولا يرخيها .
أعضاء النفض : يزيد في الباه ودهنه للبواسير وخصوصاً دهن العتيق لا سيما مع دهن جوز رومي : ويسمى أكيروس الماهية : يقال أن شجرة الجوز الرومي تنبت في النهر الذي يسمى ليرندانوس وله صمغ يسيل من تلك الشجرة وعندما يخرج الصمغ يجمد في النهر وهو الذي يسمى أيلقطون .
ومن الناس من يسقيه خوسوفورن وهو الكهربا إذا فرك فاحت منه رائحة طيبة ولونه مثل لون الذهب .
الطبع : يسخّن شديداً في الثالثة ويجفف في الأولى وصمغه بالغ في التسخين وزهره أشدّ تسخيناً .
أعضاء الرأس : قال ديسقوريدوس في كتابه : إن ثمره إذا شرب بخل نفع من كان به صرع .
آلات المفاصل : إذا تضمد بورقه بالخل نفع من الضربان العارض من النقرس .


أعضاء الغذاء : إذا شرب صمغه منع عن المعدة السيلان .
أعضاء النفض : وكذلك إذا شرب صمغه يمنع سيلان الرطوبات عن الأمعاء وهذا الصمغ يقع في المراهم .
جوز الطرفاء : الماهية : هو الكَزمازِك .
الطبع : في حرارته كالمعتدل أو في أوّل الأولى وتجفيفه في آخر الأولى أو فوقه وهو عند قوم الأفعال والخواص : جيد يقطع النزف .
أعضاء الرأس : يتمضمض بالخلّ لوجع الأسنان .
أعضاء الغذاء : طبيخه بالماء والخل لصلابة الطحال نافع جداً .
جلًنار : الماهية : زهرة الرمان البري فارسي أو مصري قد يكون أحمر وقد يكون أبيض وقد يكون مورداً وعصارته في طبعها كعصارة لحية التيس .
قال بولس : قوٌته كقوّة شحم الرمان .
الطبع : بارد في آخر الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : مغر حابس لكل سيلان ويولد السوداء .
الزينة : جيّد للثة الدامية .
الجراح والقردح : يحمل الجراحات والقروح العتيقة والعقور والشجوج ذروراً .
آلات المفاصل : يتّخذ منه لزوق للعنق .
أعضاء الرأس : يقوي الأسنان المتحركة .
أعضاء الصدر : يمنع نفث الدم جداً .
أعضاء النفض : يعقل وينفع من قروح الأمعاء وسيلان الرحم ونزفه .
جُفَت أفرند : الماهية : شيء صنوبري الشكل في رأسه كالشوكتين ويقال أيضاً أنه يشبه اللوز وربما انشقّ وانفتح .
أعضاء النفض : يزيد في الباه جداً .
جبسين : الماهية : هو حجر الجص صفائحي أبيض مشفِ وإذا أحرق ازداد لطافة .
الطبع : بارد يا بس .
الأفعال والخواص : مغر يوضع على نواحي النزوف فيقبض على ما يقال في بابها لأنه فيه مع التغرية قوة لاصقة وفيه قبض مع لزوجة وإذا أحرق لطف وزاد تجفيفه .
أعضاء الرأس : تطلى به الجبهة أو يغلف به الرأس فيحبس الرعاف لا سيما مع الطين الأرمني والعدس وهيوف سطيداس بماء الآس وقليل خل .
أعضاء العين : يخلط ببياض البيض كي لا يتحجر ويوضع على الرمد الدموي .
السموم : هو من جملة السموم الخانقة وهو في ذلك غاية .


جعدَة : الماهية : نوع من الشيح فيه حرارة وحدة يسيرة والصغيرة أحد وأمر وهي قضبان وزهر زغيي أبيض أو إلى الصفرة مملوء بزراً ورأسه كالكرة فيه كالشعر الأبيض ثقيل الرائحة مع أدنى طيب والأعظم أضعف وهو مر أيضاً وفيه حرافة ما والجبلي هو الأصغر .
الطبع : الصغيرة حارة في الثالثة يابسة في الثانية والكبيرة حارة يابسة في الثانية .
الأفعال والخواص : هو مفتح ملطف وخصوصاً الكبير يفتح جميع السدد الباطنة .
الجراح والقروح : يدمل الجراحات الطرية وخصوصاً الكبيرة ويابسه القروح الخبيثة لا سيما الصغير الجاف .
أعضاء الرأس : مصدع للرأس .
أعضاء الغذاء : هو بالخل طلاء لورم الطحال وصلابته ويضر بالمعدة وينفع من اليرقان الأسود وخصوصاً طبيخ الكبير منه وينفع من الأستسقاء وهو بالجملة رديء .
للمعدة .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث ويسهل وينفع من حب القرع جداً .
الحميات : نافع من الحميات المزمنة .
السموم : ينفع من لسع العقرب وطبيخ الأكبر من نهش الهوام كلها ويدخن به ويفرش فيطرد الهوام .
الأبدال : بدله في إخراج الدود وإدرار البول والطمث وزنه قشور عيدان الرمان الرطب وثلثي وزنه قثور عيدان السليخة .
جمار : الطبع : بارد في الئانية يابس في الأولى .
الخواص : قابض .
أعضاء النفس : ينفع من خشونة الحلق .
أعضاء النفض : يقبض الإسهال والنزف .
السموم : ينفع من لسع الزنبور ضماداً .
جميز : الماهية : قال ديسقوريدوس في كتابه : إن الجميز شجرة عظيمة تشبه بشجرة التين لها لبن كثير جداً وورقها يشبه بورق التوث يثمر ثلاث مرات في السنة بل أربع مرات وليس يخرج ثمرها من فروع الأغصان مثل ما تخرجه شجرة التين بل من سوقها وثمرها يشبه التين البري وهو أحلى من التين الفج وليس فيه بزر في عظم بزر التين وليس ينضج دون أن يشرط بمحلب من حديد وينبت كثيراً في البلاد التي يقال لها ة فارتا والموضع الذي يقال له رودس وقد ينتفع بثمره في كل وقت .


ومن الناس من يسمّيه سيقومورون ومعناه التين الأحمق وإنما سمي بهذا الإسم لأنه ضعيف الطعم وقد ينبت بالجزيرة التي يقال لها أقطالا أوراقها تشبه بورق الجميز وعظم ثمرها مثل عظم الأجّاص وهو أحلى منه وهو شبيه بثمر الجميز في سائر الأشياء .
الطبع : حار رطب فيما يقال .
الخواص : قيل لهذه الشجرة لبن وقد يستخرج قبل أن يثمر بأن يرض قشرها الظاهر ويجمع اللبن بصوفه ويجفف ويقرص ويحقن وفيه قوّة ملينة محللة جداً .
أعضاء الغذاء : قال ديسقوريدوس : إن الجمّيز قطيل الغذاء رديء للمعدة .
الجراح والقروح : قيل لبن هذه الشجرة ملزقة ملحمة للجراحات العسرة .
الأورام والبثور : وكذلك يحلل الأورام العسرة .
أعضاء النفض : إن الجميزمسهّل للبطن .
الحميّات : لبن هذا الشجر نافع من الإقشعرار .
السموم : وكذلك يتمسح لنهش الهوام .
جص : كالجبسين .
جلد .
الاختيار : خيرها جلود الرضع لرطوبتها .
الأفعال والخواص : غذاؤه قليل لزج ويقارب في أحواله الأكارع ونحاتة جلد الماعز إذا جعلت على سيلان الدم قطعته وحبسته .
الزينة : جلد الأفعى محرقاً طلاء على داِء الثعلب .
الأورام والبثور : قيل إن جلد فرس الماء إذا وضع على البثر بددها .
الجراح والقروح : يجعل رماد البغال ونحوها على حرق النار والقروح الحارة إذا لم يكن مع ورم وهو دواء لسحج الخف والفخذين والبواسير والجلد المسلوخ من الشاة يوضع على الضربة في الحال فيمنع الآفة وهو صالح للقروح الخبيثة والجرب والآكلة .
أعضاء الغذاء : الجلدة الداخلة في قوانص الطير وحواصلها لا سيما الديوك إذا جقفت وسحقت وشربت بطلاء نفعت من وجع المعدة .
السموم : قيل إن مسلاخ الماعز حار إذا وضع على نهشة الأفعى جذب السمّ .
جناح .
الاختيار : خيرها أجنحة الدجاج وأجنحة الأوز صالحة الهضم والغذاء وإنما خفت لكثرة الحركة والرياضة وإما كثر غذاؤها لكثرة اللحم فيها ولقربها من القلب .


الأورام والبثور : يقال فيما يقال : إن ريش جناح الوَرَشان إذا خلط مع مثله بنجاً وأحرق أعضاء النفض : قيل إن الخبز المعمول بما ذكر يطلق البطن ويسهل جداً .
جار النهر : الماهية : نبات زهره يشبه بالنيلوفر يكون غائصاً في الماء يظهر منه يسيراً وهو قريب القوة من البطباط .
الطبع : بارد قابض فيما يقال .
الجراح والقروح : صالح للقروح الخبيثة والحكّة .
جَراد .
الاختيار : أجوده السمين الذي لا جناح له .
الزينة : أرجلها تقلع الثآليل فيما يقال .
أعضاء الغذاء : يؤُخذ من مستديراتها اثنا عشر وينزع رأسها وأطرافها ويجعل معها قليل آس يابس ويشرب للاسستقاء كما هي .
أعضاء النفض : نافع لتقطير البول وإذا بخّر به نفع عسره وخصوصاً في النساء وتتبخر به البواسير .
السموم : السمان التي لا أجنحة لها تشوى وتؤكل للسع العقرب .
الماهية : قوّته شبيهة بقوّة الشيح مع عنب الثعلب .
الأفعال والخِواص : مفتح مسكن للنفخ والرياح خاصة .
أعضاء الغذاء : يحلل الرطوبات اللزجة في المعدة وينفع معدة الصبيان جداً .
أعضاء النفض : نافع لرياح الأرحام .
جبن : الماهية : الجبن قد يتّخذ من الحليب وقد يتّخذ من الرائب وهو المسمى الاًقِط .
الطبع : طريه بارد رطب في الثانية ومملوحه العتيق حار يأبس وماء الجبن بسبب أن فيه البورقية المستفادة من الدم الأوّل والجزء الصفراوي فيه حرارة .
الاختيار : أفضله المتوسّط بين العلوكة والهشاشة فإنهما كلاعما رديان وما كان عديم الطعم المائل إلى الحلاوة واللذة المعتدل الملح الذي لا يبقى في الحشا كثيراً والمتّخذ من الحامض أفضلها والملطّفات تزيده شراً لأنها تنفذه وتبذرقه .
وجبن الماعز الذي يرعى الملطفات خير من جبن الماعز الذي يرعى مثل الثيل والجلبان .
الأفعال والخواص : فيه جلاء والرطب غاذ مسمن ويؤكل بعده العسل والعتيق حار جلاء منق وخلطه مراري والمملوح الغير العتيق بين بين وماء الجبن يسمن الكلاب جداً ويغذوها .


وفي الزينة : سقي ماء الجبن مع الأدوية المنقية للسوداء نافع للكلف والطري المطبوخ بالطلاء مثله في قشر الرمان حتى يذهب نصفه طلاء يمنع تشنج الوجه والجبن المملح العتيق مهزل .
الأورام والبثور : طريه الغير المملوح يمنع تورم الجراحات .
الجراح والقروح : عتيقه جيد للقروح الرديئة والجراحات وطريه للجراحات الخفيفة الطرية فإن الطري أقوى في ذلك ويمنع تورمها لا سيما مع ورق الدلب والحماض البري وشرب مائه للجرب .
آلات المفاصل : يسحق العتيق منه بالزيت أو بماء أكارع البقر المملحة ويضمد بحجر المفاصل فيخرج منها كالجص بلا أذى وهو عظيم النفع جداً فيما يقال .
أعضاء العين : غير الدملوح منه ضماد للرمد وللطرفة .
أعضاء الصدر : إذا طبخ الجبن في الماء وسقيت المرضعة أكثر لبنها .
أعضاء الغذاء المملح منه رديء للمعدة وكذلك غير المملح لكن في المملح أدنى دبغ وذكر ديسقوريدوس أن الطريّ جيد للمعدة وذلك مما فيه نظر والمملوح غير العتيق بين بين وهو أسرع في استمرائه منه وانحداره والإقط أقل ضرراً بالمعدة من الجبن المعروف .
أعضاء النفض : يولد الحصاة في الكلية والمثانة خصوصاً الرطب منه وخاصة ما أكل مع الأبازير المنفذة وغير المملح يلين الطبيعة وماؤه يسهّل الصفراء ويعينه جلاؤه لبورقية فيه ويخلط مع العسل فيصير أنفع .
والدواء المستعمل منه ماء يتّخذ من لبن الماعز والضان .
والجبن نافع لقروح الأمعاء وخصوصاً المشوي ويمنع الإسهال وقد يسحق المشوي ويحقن به مع دهن الورد أو الزيت فينفع من قيام الأعراس .
السموم : يذكر أنَه مع الفودنج الجبلي طلاء على السموم .
جَدْوار : الماهية : قطع تشبه الزراوند وأدق منه وفي قوته وأفضل منه ينبت مع البيش ويضعف نبات البيش بجواره .
قال ابن ماسرجويه : إنه في فعله كالدرونج إلا أنه أضعف منه .


أقول : إن عُنِيَ به أنّ الجدوار أضعف منه فقد أساء فيما تظن وإن عني به أن الدرُونَج أضعف فلا يبعد ذلك وما عندي أن ابن ماسرجويه فوَت تجربته بهذا التمييز ثم ليس له في هذا رواية مأثورة إلى صدر موثوق بقوله وقد عرف أن الجدوار يقاوم البيش فكيف يكون أضعف من الدَرْونَج .
السموم : ترياق السموم كلها من الأفعى والبيش وغيره .
الأبدال : بدله في الترياق ثلاثة أوزانه زرنباد .
الماهية : معروف وأقوى بزره البزي .
قال ديسقوريدوس : صنف منه ورقه الرازيانج وهو في صورته وساقه إلى شبر وفُقاحه أصفر وله كصومعة الكزبرة أو الشبث وله ثمر أبيض حاد طيّب الرائحة والممضغ وينبت في الأمكنة الضاحية المشموسة الجرية والبستاني منه يشبه الكِرَفس الرومي حريف محرق طيب الرائحة والثالث ورقه كورق الكزبرة أبيض الفقاح شبيه الصومعة والثمرة وله كأقماع الجوز محشوة بزراً كمونياً في هيئته وحدته .
الطبع : حار في آخر الثانية رطب في الأولى .
الجراح والقروح : ينفع بزره وورقه إذا دق وجعل على القروح المتأكلة نفع منها .
أعضاء النفس والصدر : ينفع ذات الجنب والسعال المزمن .
أعضاء الغذاء : عسر الهضم والمربئ أسهل هضماً وينفع من الاستسقاء .
أعضاء النفض : يسكن المغص وخصوصاً دوقو ويدر شديداً وخصوصاً البري وخصوصاً بزره وكذلك ورقه ويهيّج الباه وخاصة بزر البستاني منه فإنه أشدّ نفخاً وليس يفعل ذلك بزر البري وأما شقاقل الجزر البري إن عد في الجزر فهو أهيج للباه من البستاني ويدرّ الطمث والبول وخاصةً البرّي شرباً وحمولاً وينفع بزره وأصله لعسر الحبل .
جرجير : الماهية : معروف منه بري ومنه بستاني .
وبزر الجرجير هو الذي يستعمل في الطبيخ بدل الخردل .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الأولى ورطبه فيه رطوبة في الأولى .
الأفعال والخواص : منفخ مليّن .
الزينة : ماء الجرجير بمرارة البقر لآثار القروح بزره أو ماؤه يغسل النمش والكلف .


أعضاء الرأس : مصدع وخصوصاً إن أكل وحده والخسّ يمنع هذا الضرر عنه وكذلك الهندبا والرجلة .
أعضاء الصدروالنفس : هو مدر للبن .
أعضاء الغذاء : فيه هضم للغذاء .
أعضاء النفض : البري منه مدر للبول محرك للباه والإنعاظ خصوصاً بزره .
السموم : إذا أكل وشرب عليه الشراب الريحاني فهو ترياق ابن عرس وغير ذلك .
جاورس : الماهية : هو ثلاثة أجناس ويشبه الأرز في قوّته لكنّ الأرز أغذى والجاورس خير فيِ جميع أحواله من الدخن إلا أنه أقوى قبضاً .
الأفعال والخواص : فيه قبض وتجفيف بلا لذع وهو كمّاد لتسكين الأوجاع وإذا لم يدبر ولد دماً ردياً ويغذ أقل من الحبوب الآخرى التي تخبز وغذاؤه قليل لزج وفيه لطافة ما كما زعم بعضهم لكنه إذا طبخ باللبن أو مع نخالة السميذ جاد غذاؤه ولا سيما بسمن أو بدهن لوز .
أعضاء الغذاء : هو بطيء في المعدة جوهوه وخبزه .
أعضاء النفض : يكمد به المغص وهو مدر .
جوز مائل : الماهية : هو سم مخدر شبيه بجوز عليه شوك غلاظ قصار وهو يشبه جوز القيء وحبّه مثل حب الأترج .
الأفعال والخواص : مخدر .
أعضاء الرأس : مُسبت رديء للدماغ يسكر منه وزن دانق .
السموم : هو عدو للقلب المرهم منه سمُ يومه .
جاسوس : الخواص : هو قريب القوة والطبع من جبلاهنك والشربة منه نصف درهم وهذا آخر الكلام من حرف الجيم وجملة ذلك ثلاثون عدداً من الأدوية .
حرف الدال دارصيني : الماهية : هو أصناف كثيرة لها أسماء عند الأماكن التي تكون فيها فمنه صنف جيد إلى السواد ما هو جبلي غليظ وصنف أبيض رخو منتفخ منفرك الأصل أسود ملس قليل العقد ومنه صنف رائحته كالسليخة إلى الخضرة وقشره كقشرتها الحمراء وهو مما تبقى قوته زماناً وخصوصاً إن دق وقرص بشراب .


قال ديسقوريدوس : قد يوجد في بعضه مع طيب رائحته شيء من رائحة السذاب أو رائحة القردمانا فيه حرارة ولذع اللسان وشيء من ملوحة مع حرارة وإذا حك لا يتفتت سريعاً وإذا كسر كان الذي فيما بين أغصانه شبيهاً بالتراب دقيقاً .
وإذا أردت أن تمتحنه فخذ الفص من أصل واحد فإن امتحانه هكذا هين وذلك أن الفتات إنما هو خلط فيه .
وقال أيضاً : ومن الدار صيني صنف يسمى الدار صيني الكاذب وله رائحة ما وهو خشن وقوته ضعيفة ومنه ما يسمى زنجيا وفيه شبه من الدار صيني في المنظر إلأ أنه يفرق بينهما بزهومة الرائحة .
وأما المعروف بالقرفة فإنه يشبه الدار صيني في أصله وكثرة عقده وهو دار صيني خشبه له عيدان طوال شديدة وطيب رائحته أقل كثيراً مِن طيب رائحة الدار صيني ومن الناس من يزعم أن القرفة هي جنس آخر غير الدارصيني وأنها من طبيعة آخرى غير طبيعة الدارصيني وقد يتخذ من الدارصيني الكاذب دهن ويخزن .
الاختيار : أجوده الطيب الرائحة الحادّ المذاق بلا لذِع ولونه صرف غير ممتزج .
قال ديسقوريدوس : أجود هذا الصنف ما كان حديثاً إلى سوَاد الرمادية والحمرة أملس متقارب الأغصان دقيقها وفيه حلاوة وملوحة ولذع يسير َ وليس يهش جداً .
ومن جودته أن يغلب كل رائحة سواه فلا تحس معه والرديء فيهَ إسنية أو كندرية أو سليخية أو زهومية والأبيض المنفرك وأيضاً المسيح والأملسَ الخشن الأصل رديىء وتحفظ قوته بأن يقرص بعد الدق وإلا فيضعف بعد مدة خمس عشرة سنة وما دونها ويجب أن يؤخذ منه ما على أصل واحد فالفتات غش إذ الأجود ما يملأ الخياشيم من رائحته في ابتداء الامتحان فيمنع معرفة ما كان دونه .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : قال ديسقوريدوس : قوّة كل دار صيني مسخنة مفتحة تصلح كل عفونة غاية في اللطافة جاذبة ويصلح لكل قوّة فاسدة وكل صديدية من الأخلاط الفاسدة ودهنه محلّل الزينة : يطلى على الكلف والنمش العدسي وبالخل للبثور اللبنية .


الجراح والقروح .
صالح للقوابي والقروح .
آلات المفاصل : دهن الدار صيني عجيب في الرعشة .
أعضاء الرأس : ينفع من الزكام ودهنه يثقل الرأس وهو ينقي الدماغ بتحليب رطوباته وهو من جملة ما يسكن وجع الأذن ويدخل في أدويتها .
أعضاء العين : ينفع من الغشاوة والظلمة أكلاً وكحلاً ويذهب الرطوبة الغليظة من العين .
أعضاء الصدر : مقرح ينفع من السعال وينقي ما في الصدر .
أعضاء الكبد : يفت سدد الكبد ويقويها .
أعضاء الغذاء : يقوّي المعدة ويجفف رطوباتها وينفع من الاستسقاء .
أعضاء النفض : ينفع من أوجِاع الأرحام والكلي وأورامها بعد أن يكسر بقليل زيت وشمع ومح البيض لئلا يفرط فيصلب وهو يدر البول والطمث ويسقط وينفع مع قردمانا من البواسير .
الحميات : نافع للنافض خصوصاً دهنه مسوحاً .
السموم : ينفع من نهش الهوام ويضمد به مع المر للسع العقرب .
الأبدال : بدله قشور السليخة القابضة أو ضعفه كبابة أو ضعفه أبهل .
الماهية : قطع خشبية أصولية مقدار العقد وأصغر أبيض الباطن أغبر الخارج إلى الصلابة والرزانة ما هو .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الآقعال والخواص : مفشش للرياح .
أعضاء الصدر : يقوي القلب وينفع من الخفقان جداً .
أعضاءالنفض : يفشش رياح الرحم .
السموم : ينفع من السموم ومن لسع العقرب والرتيلاء شرباً وضماداً بالتين .
الأبدال : بدله مثله زرنباد وثلثاه قرنفل .
دار شييشعان : الماهية : قال ديسقوريدوس : من الناس من يسميه فسعائن والسريانيون يسمّونه وباكسبين وأهل الفرس يسمونه دار شيشعان وهو شجرة ذات غلظ تدخل بغلظها فيما يسمى خشناً فيها شوك كثير ويستعملها العطارون في بعض الأدهان وقد يكون في البلاد التي يقال لها أبصورن والبلاد التي تسمى روذيا وهي مركبة من أجزاء غير متشابهة فقشرها حريف وزهرها حار وعودها عفص .


وفيه برد ما فإنه مركب القوة أيضاً وفيه حرافة وقبض فبحرافته يسخن الاختيار : جيده الرزين الي يخرج تحت قشره أحمر إلى الفرفيرية طيب الرائحة والطعم والأبيض العديم الرائحة رديء .
الطبع : حار في الأولى يابس قيل في آخر الثانية إلى الثالثة .
وقيل : أن يبسه في الأولى وهو أقوى يبساً من ذلك قال بعضهم هو بارد .
الأفعال والخواص : فيه تحليل وقبض يحلّل الرياح ويحبس السيلانات والنزوف ويصلح للعفونة .
الجراح والقروح : ينفع من القروح الساعية والمتعقنة .
آلات المفاصل : نافع خاصة من استرخاء العصب .
أعضاء الرأس : الدار شيشعان جيد لنتن الأنف يتخذ منه فتيلة ويتمضمض بطبيخه للقلاع ولحفظ الأسنان فينفع جداً .
أعضاءالصدر : ماء طبيخه يمنع نفث الدم من الصدر .
أعضاء الغذاء : ينفع من النفخ في المعدة .
أعضاء النفض : يعقل طبيخه البطن وينفع من النفخ في المعي ومن عسر البول ويحتمل فيخرج الجنين ويذر على قروح العجان والمذاكير فينفع من صلابتها وساعيتها .
الأبدال : بدله ثمرة الينبوث ثلثي وزنه وفي منفعته العصب وزنه أسارون ونصف وزنه درونج .
الماهية : معروف وثمرته مثل الحمص الأسود غير خالص الاستدارة متغضّن متكسر فتدبق منه اليد معدنه البلوط والتفّاح والكمثري فيه قوّة مائية وهوائية كبيرة جداً .
الاختيار : الجيد منه الطري الأملس كراثي الباطن أخضر الظاهر يدق ويغسل ثم يطبخ .
الطبع : لا يسخن إلا بعد مكث طويل كاليافسيا وأضعف منه في ذلك وفيه رطوبة فضلية غير نضيجة وهو بالجملة حار يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : محلل يحلل الرطوبات الغليظة من العمق لشدة قوة الجذب ويليّن .
قال بعضهم : وليس له في الرطوبات الرقيقة فعل .
الزينة : يقلع الأظفار الرديئة إذا وضع عليها مع الزرنيخ .
الأورام والبثور : يحلّل الأورام الباردة وخصوصاً مقوّماً بالنورة وينفع من الشرى وبنات الليل الجراح والقروح : يليّن القروح العتيقة والجراحات الرديئة .


آلات المفاصل : يليّن المفاصل مع مثله راتينج ومثله شمع .
أعضاء الرأس : ينفع من الأورام البارثة خلف الأذنين مخلوطاً بالراتينج والشمع .
أعضاء الغذاء : يذيب الطحال إذا جعل عليه مع بعض الأشياء المقوّية له كالنورة .
دود : الماهية : دود القرمز وهي دودة الصباغين إن قوتها كقوّة الأسفيذاج إلا أنها ألطف وأغوص .
قال بعضهم : قد تلقط هذه المودة من أشياء كثيرة حتى من البلوط .
الطبع : دود القرمز الطري مبرد وفيه يبس له قدر .
الأفعال والخواص : دود القرمز مجفف بلا لذع .
وقال جالينوس : فيه قبض معتدل .
الجراح والقروح : دود القرمز لجراحات العصب مسحوقاً مع الشراب أو الخل مع العسل قيل : والدود الكثير الأرجل الحراري فيما قيل إذا شرب منه مثقال أبرأ التشنج والكزاز المؤذيين .
أعضاء الرأس : الدود الكثير الأرجل الذي يكون تحت الجرار إذا سحق مع قشور الرمان ومع دهن الورد وقطر في الأذن سكن وجعها .
أعضاء النفس : الدود الأحمر الذي يكون تحت جرار الماء الذي له أرجل كثيرة ويستدير إذا مس وإذا حنك به مع العسل تفع من الخوانيق وكذلك إذا أكل وينفع من الربو ونفس الانتصاب فيما يرعى .
أعضاء الغذاء : الدود الكثير الأرجل المذكور نافع لليرقان شرباً بالشراب .
أعضاء النفض : الدود الكثير الأرجل الذي تحت الباب والجرار شربه بالشراب جيّد لعسر البول .
دادي : الماهية : هي حب مثل الشعير إلى حمرة ما وزهره أطول وأدق أدكن مر .
الطبع : قال ابن ماسويه : إنه بارد والصحيح أنه إلى الحرارة يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : قابض يعقل بما فيه من القبض ويحفظ نبيذ التمر من الحموضة .
الأورام والبثور : فيه تليين جيد للصلابات .
أعضاء الرأس : مسدد .
أعضاء النفض : يعقل وهو نافع جداً لأوجاع المقعدة ولاسترخائها جلوساً في طبيخه وإذا لتّ منه وزن درهمين بزيت واستف نفع من البواسير .
السموم : ينفع من السموم .


الأبدال : بدله في تحليل الصلابات ثلثا وزنه لوز ونصف وزنه أبهل إلا في الحبالى فلا يستعمل الأبهل .
دجاج وديك : الماهية : هما معروفان ومرقة الديوك العتق لها خاصيات سنذكرها .
والوجه الذي ذكر جالينوس في طبخها أن تذبح بعد علفها وبعد إغذائها إلى أن ينصب ويسقط فتذبح ثم يخرج ما في بطنها ويملأ بطنها ملحاً ويخاط ويطبخ بعشرين قسطاً ماء حتى ينتهي إلى ثلاث قوطولات ويشرب كله في موضع واحد ثم قد يزاد في ذلك ما نذكره في كل موضع .
الاختيار : قال روفيس : أجود الديكة ما يم يصقع بعد وأجود الدجاج ما لم تبض والعتيق رديء .
الطبع : شحم الفراريج أحر من شحم الدجاج الكبير .
الأفعال والخواص : خصي الديوك محمودة الكيموس سريع الهضم .
آلات المفاصل : مرقة الديوك المذكورة توافق الرعشة ووجع المفاصل ويجب أن تطبخ بالسفايج والشبث والملح بعشرين قوطولي ماء حتى ييقى ثلث أو ربع .
أعضاء الرأس : لحم الدجاج الفتي يزيد في العقل ودماغ الدجاج يمنع النزف الرعافي العارض حجب الدماغ .
أعضاء الصدر : مرق الديك المذكور نافع للربو لحم الدجاج يصفي الصوت مرقة الديك الهرم بالشبث والفرطم تنفع من جميع ذلك وأسفيداج الفراريج يسكن التهاب المعدة .
أعضاء الغذاء : مرقة الديك نافعة لوجع المعدة من الريح .
أعضاء النفض : مرقة الديك الهرم مع السفايج والشبث نافعة للقولنجع جدأ لحم الدجاج الفتي يزيد في المني والمرقة المذكورة مع البسفايج تسهل السوداء ومع القرطم تسهل البلغم وقد تطبخ يالأدوية القابضة للسحج وباللبن لقروح المثانة .
الحميّات : مرقة الديك نافعة للحميات المزمنة .
السموم : الدجاج المشقوق عن قلبه أو الديك يوضع على نهش الهوام ويبدل كل ساعة فينتفع من فتور السموم وفي السموم .
المشروبة أيضأ يتحسى طبيخه بالشبث والملح ويتقيأ .
دماغ : الاختيار : أفضلها أدمغة الطير وخصوصاً الجبلية ومن أدمغة ذوات الأربع دماغ الجمل ثم العجل .
الطبع : بارد رطب .


الأفعال والخواص : يولد البلغم والأخلاط الغليظة .
أعضاء الرأس : دماغ الدجاج نافع للرعاف الحجابي ودماغ البعير إذا جفف وسقي بخل خمِر نفع من الصرع .
أعضاء الغذاء : هو مغث عند هضمه ويذهب الشهوة ويجب أن يؤَكل بالأبازير .
ومن أراد أن يتقيأ على طعامه فليتناوله على طعمه وهو بطيء الهضم لطاخ للمعدة .
السموم : الأدمغة صالحةً في سقي المسموم ونهش الحيوانات إذا أكلت .
دلب : الطبع : قشره وجوزه شديد اليبس وهو بارد في الأولى وجوزه وقشره شديد التجفيف وغبار ورقه رديء للحواس وغيرها مجفف جداً .
الزينة : في قشره قوة من الجلاء والتجفيف وربما نفع من البرص .
الأورام والبثور : ينفع ورقه من الأورام البلغمية وأورام المفاصل والركبتين .
الجراح والقروح : رماده يجعل على التقشر وعلى الجراحات الوسخة فتبرأ وقشره المطبوخ بالخل ينفع من حرق النار .
آلات المفاصل : ورقه لأوجاع المفاصل والآورام الحارة فيها وخاصة الركبتين .
أعضاء الرأس : قشوره مطبوخة بالخل جيدة لوجع الأسنان وغباره رديء للسمع والأذن .
أعضاء العين : غبار ورقه يضر بالعين لكن ورقه الرطب إذا غسل وطبخ وضمد به حبس النوازل عن العين ونفع من الهيجان والرمد .
أعضاء الصدر : غباره يضر بالرئة والصوت .
السموم : ثمرته الطرية بالشراب لنهش الهوام وجوزه مع الشحم ضماد للنهش والعض وقد دفلَى : الماهية : منه بري ومنه نهري والبري ورقه كورق الحمقاء بل أرق وقضبانه طوال منبسطة على الأرض وعند الورق شوك وينبت في الخرابات والنهري ينبت في شطوط الأنهار وتنهض أغصانه عن الأرض وشوكه خفي وورقه كورق الخِلاف وورق اللوز عريض مرالطعم جداً وأعلى ساقه أغلظ من أسفله وفقاحة كالورد الأحمر جداً وعليه شيء يجتمع مثل الشعر وثمرته صلبة مفتحة محشوة شيئاً كالصوف .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الثانية .
الأفعال والخوص : محلل جداً ويرش بطبيخه البيت فيقتل البراغيث والأرضة .


الأورام والبثور : يجعل ورقه على الأورام الصلبة وهو شديد المنفعة فيها .
الجراح والقروح : جيد للحكة والجرب والتفشي وخصوصاً عصير ورقه .
آلات المفاصل : لوجع الظهر العتيق والركبة ضماداً .
أعضاء الرأس : فقاحة معطس .
السموم : هو سم وقد يخلط بشراب وسذاب فيسقى فيخلص من سموم الهوام .
أقول : إن هذا خطر وهو نفسه وزهره مسم للناس والدواب والكلاب لكنه ينفع إذا شرب دار فلفل : الماهية : أشياء صغار كالأنامل وفي شكل زهر الخلاف المتناثر لكنه أصغر منه وهو صلب ملزز وطعمه في الحدة قريب من طعم الفلفل وهو أول ثمرة الفلفل ولذلك صار أرطب ويتأكل ولا يلذع في أول الذوق .
الاختيار : الجيد منه ما ليس بمعمول ولا ينحل في الماء الفاتر ولو بقي فيه النهار كله ويشبه الفلفل في طعمه .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : محلل مزيل للأمراض الباردة .
أعضاء العين : مع هوماء كبد الماعز المشوي نافع للغشاء .
أعضاء الغذاء : يهضم ويحرك ويقوي المعدة .
أعضاء النفض : يزيد في الباه ويحكي الزنجبيل .
دهمست : الماهية : هو شجر الغار وحبّه يستعمل وورقه والحبّ أقوى ما فيه ثم قشور الأصل نذكر من أفعاله شيئاً وتمامه في فصل الغين عند ذكرنا الغار .
آلات المفاصل : هو جيّد لإسترخاء العصب والفالج واللقوة .
أعضاء الرأس : مسحوقه معطّس .
أعضاء الغذاء : ينفع من أورام الكبد والطحال .
أعضاء النفض : ينفع من القولنج .
دوسر : الماهبة : حشيشة يشبه ورقها ورق الحنطة لكنه ألين وله ثمرة لها حجابان أو ثلاثة وعليها شبه الشعر وقد يتخذ منه عصارة وتحفظ وهي أفضل من حشيشه .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : فيها تجفيف وتحليل .
الأورام والبثور : يلين الأورام التي أخذت تصلب ويمنع صلابتها .
الزينة : من خواصه أنه يذهب بداء الثعلب .
أعضاء العين : ينفع من الغرب .


درْدار : الماهية : قال ديسقوريدوس : هي شجرة مثل شجرة الخلاف ويسمّيه أهل الشام الدردار وأهل العراق يسمّونه شجرة البق يخرج منها أقماع منتفخة كالرمان فيها رطوبة تصير بقا فإذا انفقأت خرج البق وكذلك الرطوبة الموجودة في غلف الشجرة إذا جفت تولد منها حيوان شبيه بالبقّ ويؤكل ما كان من ورق هذه الشجرة خضراً إذا ما هو طبخ .
الأفعال والخواص : فيه قبض وجلاء والقشر قابض والأصل قريب منه .
الزينة : رطوبة أقماعه تجلو الوجه وقشره بالخلّ إذا كان بعد رطباً يجلو البصر .
الجراح والقروح : يلف قشره كالرباط على الضربات والجراحات فيدملها وكذلك ورقه وقشره وفقاحه صالح للجراحات وكذلك النحو المتناثر من قشره والشيء الذي يتناثر منه كالدقيق ويمنعان سعي الخبيثة وخصوصاً مع مثله من الأنيسون معجوناً بالمطبوخ .
آلات المفاصل : طبيخ أصله وورقه ينطل به العظام المكسورة .
أعضاء النفض : قشره الغليظ إذا شرب منه مثقال بالمطبوخ أو الماء البارد نقض البلغم .
ديودار : الماهية : هو جنس من الأبهل يقال له الصنوبر الهندي وتشبه عيدانه عيدان الزرنباد فيه حدة يسيرة وشيرديودار وهو لبنه حار حريف معطش .
الطبع : يبسه في الثالثة أكثر من حره .
آلات المفاصل : جيد لاسترخاء العصب والفالج واللقوة غاية لا شيء أفضل منه .
أعضاء الرأس : ينفع من الأمراض الباردة في الدماغ والسكتة والصرع .
أعضاء الغذاء : لبنه معطش .
أعضاء النفض : يفتت الحصاة التي في الكلية والمثانة ويحبس الطبيعة ويزيل استرخاء المقعدة قعوداً في طبيخه .


دردي : الاختيار : أفضل الدردي وأسلمه درديّ الخمر العتيق ثم ما يشبهه ودردي الخل شديد القوة يحتاج أن يحرق بعد تجفيفه ناعماً مثل ما يحرق زبد البحر في خرقة مطيّنة أو قدر وغاية إحراقه أن يبيض ويذر رقيقاً وكذلك كل دردي فيجب أن يستعمل ما دام طرياً ويعمل به ما يجب من إحراقه واستعماله حينئذ فإن العتيق منه ضعيف القوّة ويجب أن يصان في الأوعية ولا يُعَرَض للأهوية وقد يغسل كما تغسل التوتياء .
الأفغال والخواص : درديّ الخل أقوى الدرديان وقوته جلاّءة قابضة والمحرَق مُحْرِق معفّن بقوة آخرى .
الزينة : المحرَق منه يستعمل على الأظفار المبيضة مع الراتينج فيصلحها .
الأورام والبثور : الدرديّ الغير المحرق جيد للتهيج وحده ومع الآس أيضاً ويفش البثور التي ليس معها قرح .
أعضاء الصدر : الدرديّ الغير المحرق يطفىء لهيب الثدي المحتقن فيه الدم .
أعضاء الغذاء : الدردي الغير المحرق يمنع سيلان المواد إلى المعدة .
أعضاء النفض : إذا ضمد الرحم من خارج بالدرديّ الغير المحرق منع نزف الطمث .
دخان : الماهية : جوهو أرضي لطيف ويختلف بجوهوه وأصنافه جميعها مجففة لجوهرها الأرضي وفيها يسير نارية .
الاختيار : دخان القطران أقواها ثم دخان الزفت الرطب ثم دخان الميعة ثم المر ثم الكندر ثم البطم ويشبه أن يكون دخان النفط أقوى الجميع .
الأفعال والخواص : منضج محلل .
أعضاء العين : دخان الكندر ودخان البطم يقع في أدوية قروح العين ويمنع نبات الشعر والسلاق والتأكل والرطوبات التي لا رمد معها وقروح المآقي .
دوقوا : الطبع : حار في الثالثة يابس في أولها .
الأفعال والخواص : مفتح جداً .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث وهو نافع فيهما جميعاً .
دم الآخوين : الماهية : هو عصارة حمراء معروفة .
الطبع : ليس حرّه بكثير وقال بعضهم هو بارد وأما يبسه ففي الثانية .
الأفعال والخواص : هو يحبس ويمنع النزف .
الجراح والقروح : يلزق القروح والجراحات الطرية .


أعضاء الغذاء : يقوي المعدة .
أعضاء النفض : يعقل وينفع من السحج ومن شقاق المقعدة .
الأبدال : بدله فيما زعم بعضهم الخس في جميع أفعاله .
دند : الماهية : الصيني منه كالفستق والشّحري مثل الخروع الأحمر منقط بسواد والهندي أصغر من الصيني وأكبر من الشحري ولبه أغبر إلى الصفرة ومن خاصيته أن لبه يتصاغر مع الزمان حتى الاختيار : الصيني أجود وأقوى ثم الهندي .
والشحري رديء بطيء العمل مكرب ممغص ويجب أن يقشر الصيني بحديدة ولا يمسّ بالشفة فإنه يذهب بصبغها ويحدث شيئاً كالبرص وإذا قشر خرج من قشره لسان دقيق قريب من نصف حبة فيجب أن يطرح ذلك اللسان ويؤخذ اللب .
الطبع : حار جداً .
الزينة : الاستفراغ بالدند مخلوطاً بماء يلين به يحفظ سواد العشر .
أعضاء النفض : يسهّل بالإفراط والشربة منه حبة ونصف وإنما يسهل الرطوبات السوداء والبلغم التي في المفاصل ولا يسمى إلا في بلد بارد ومزاج بارد ولا يسقى وحده وربما تجوسر على سقي المصلح منه إلى دانقين ولكن لمن هو قوي المزاج محتمل الإسهال فيجب أن يدق ويخلط بالنشاستج وشيء من الزعفران وإن خلط بأدويهْ مسهلة فلا يخلط بها الفربيون ولا كل دواء حاد بل يجب أن يخلط بمثل التربد ولبن الأتن وعصارة الأفسنتين وحب النيل والكركم خمسان .
دم : الماهية : دم الإنسان ودم الخنزير متشابهان في كل شيء واللحمان متقاربان في كل شيء حتى إنَ واحداً كان يبيع لحم الناس على أنه لحم الخنزير فخفي ذلك إلى أن وجدت فيه أصابع الناس .
قالوا : ومن أراد أن يجرب شيئاً على دم الإنسان فليجربه على الخنزير فإنه وإن كان أضعف قوة من دم الإنسان فهو شبيه به ونحن سنكتب الأشياء المنقولة في الدم وأكثرها غير معتمد .
الاختيار : الدم الذي يستعمل في الأدوية يجب أن يكون مأخوذاً عن حيوان سليم لا يغلب على لونه خلط ولا عفونة .
الأفعال والخواص : دم الخيل مُحْرَق معفن وكله صعب الإستمراء لا سيما الغليظ منه .


الزينة : دم الأرنب حار يطلى به البهق والكلف نافع ودم الخفاف فيما قيل يمنع نبات الشعر وليس له صحة لكن دم الضفاح الخضر ودم الحلَمِ أمنع ودم الخفاف فيما قيل يحفظ الثدي على حاله ولم يتحقق .
الأورام والبثور : دم الأرنب ينضج الأورام الحارة سريعاً وكذلك دم التيس ويستعمل بعد الجمود ودم الحائض فيما قيل يلطخ على الجمرة ودم الثور حار على الأورام الصلبة ودم الأرنب حاراً على اللبنية .
آلات المفاصل : قيل أنّ دم الحائض يقطر على النقرس فينتفع به .
أعضاء الرأس : دم الحمام والوَرْشان والشفنين يقطر حاراً على الشجاج المهاشمة والآمة فيمنع تولد الورم الذي يحدث عن السقطة إذا خلط بدهن الورد المفتئر .
قال جالينوس : ذلك لفتور كيفيته لا لشيء آخر ولو ترك واستعمل دهن الورد مفتراً لفعل فعله وكذلك ما قيل في دم الدجاج وأما دم الحمام فإنه يمنع الرعاف الحجابي ودم السلحفاة البرية يسقى للصرع بشراب وكذلك دم الخروف وقيل : إن دم الجمل ينفع من الصرع وليس بصحيح .
قال جالينوس : لأنه ليس بذلك المقطع القويّ وأقول لعل ذلك إن صحّ بالتجربة لم ينسب إلى قواه الظاهرة بل إلى خاصية فيه .
أعضاء العين : دم الورل والحرذون يقوي البصر ودم الحرباء يمنع نبات الشعر في الأجفان وكذلك دم الضفادع الخضر فيما قيل ولكن التجربة لم تحققه .
دم الحمام والورشان والشفنين وخصوصاً دم عروق الجناح يقطر على الطرفة وكذلك دم الفواخت وكذلك إن قطر أصول الريش الدموية من هذه الطيور عليها قال جالينوس : بغير ذلك غنى .
أعضاء النفس والصدر : دم البومة نافع جداً من الربو وكذلك مرقها ودمها وقالوا : دم الخقاش يحفظ الثدي ناهداً وليس له أصل وأما دم الجدي العبيط قبل أن يجمد إذا أخذ منه أوقية وخلط بالخل وشرب في ثلاثة أيام مسخناً فإن قوماً شهدوا أنه نافع أيضاً .


أعضاء النفض : احتمال دم الحائض يمنع الحبل فيما زعموا ودم التيوس والماعز والأيل مجففة مقلتة يحبس الإسهال وقد يشرب دم الماعز مع العسل فينفع من دوسنطاريا ودم التيس مجففاً يفتّت حصاة الكليتين .
السموم : دم العنز أو الأيل أو الأرنب مقلوا ينفع من مضرة السهام الأرمينية إذا شرب بشراب .
وكذلك دم الكَلْبِ الكَلِب وأيضاً دم الكلب ينفع من عضة الكَلْبِ الكَلِب فيما يرجفون به .
ديناروية : هو الحزاء وزوفرا ونذكر ما يتعلق بمنافع ذلك في فصل الزاي عند ذكرنا الزوفرا .
دهن : الماهية : معروف دهن البلسان قد ذكر ودهن الخروع ودهن الفجل متشابها القوة محللان وأقواهما دهن الخروع وإن كان دهن الفجل أسخن وهو شبيه بالزيت العتيق .
الطبع : حار يابس في الثانية دهن السوسن ودهن الياسمين حاران يابسان في الثالثة ودهن الأنجرة ودهن القرطم حاران في الأولى رطبان في الثانية ودهن النرجس حار في الثانية رطب في الأولى ودهن الخيري حار رطب في الثانية وكذلك دهن البان وكذلك دهن اللوز المر ودهن أطراف الكرم والورد والتفاح متقاربة في التبريد والقبض ودهن السفرجل أيضاً ودهن البابونج حار باعتدال ودهن الشِبث شبيه به وأسخن منه ودهن النرجس قريب القوى الأفعال من دهن الشبث لكنه أحدَ رائحة فلا يصلح للرأس صلوح دهن الشبث ودهن البنفسج ليس فيه قبض ولكن فيه تبريد ما ودهن السذاب محلل .
ونحن لا نذكر ههنا صنعة الأدهان بل نذكرها في القراباذين ولا أيضاً نذكر الأدهان المركبة من أدوية كثيرة مثل دهن القسط ودهن الدار شيشعان لا اتخاذها ولا منافعها إلا في القراباذين .
الأفعال والخوص : دهن اللوز خصوصأ المر مفتح وفي دهن التفاح ودهن السفرجل خاصية قبض وتبريد دهن البابونج مسكن للأوجاع مزيل للتكاثف محلل للبخارات .


ودهن السوسن ملين مقوّ للأعضاء منضج مسكن للأوجاع دهن الآس يشد الأعضاء ويقويها ويبرد أكثر من دهن السفرجل ويمنع المواد المتحلبة دهن السذاب محلل للنفخ جداً وهو كدهن الغار وأسخن منه وكلاهما يسكنان الأوجاع المزمنة ويحلل الرياح دهن القسط نافع في اختلاف أحوال الوباء ويطيب رائحة القدور والهواء .
الزينة : دهن الغار لداء الثعلب .
دهن الآس يشد منابت الشعر ويقويه ويسوده .
ودهن القسط يحفظ الشباب في الشعر دهن اللوز مع العسل خصوصاً المر وأصل السوسن والشمع المذاب ينفع من التغضن في الوجه والكلف والآثار ونحو ذلك وينفع إذا طلي بالمطبوخ على الحزاز والنخالة .
دهن الخروع جيد للبرص والكلف .
دهن اللبة جيد للون الفاسد وخصوصاً في محاجر العين .
الأورام والبثور : دهن اللوز نافع لورم الوثي .
دهن السوسن للصلابة العتيقة يحللها ويزلها .
الجراح والقروح : دهن الخروع للبثور الغليظة والجرب ودهن الحلبة للسعفة دهن الآس ينفع من القروح دهن القسط يزيل الجرب والحكة بسرعة .
آلات المفاصل : دهن اللوز نافع للوثي دهن البابونج نافع من الإعياء دهن السوسن ودهن الشبث أيضاً ولمن ضربه البرد .
أعضاء الرأس : دهن اللوز ينفع من الصداع وضربان الأذن والطنين والصفير في الأذن دهن اللوز المر كثير النفع لطيف وأكبر نفعه في الأذن وسددها وطنينها والدود الكائن فيها دهن الورد جيد جداً لالتهاب الدماغ وابتداء ظهور الأورام ويزيد في قوى الدماغ والفهم وهو إلى الإعتدال .
ولذلك يدعي جالينوس أنه يسخن البدن الشديد البرد ويبرد البدن الحار والأغلب من حكمه عندي أن الأبدان الحارة التي يعد لها أكثر من الأبدان الباردة التي يسخنها .
ودهن الغار ودهن السذاب جيدان لأوجاع الرأس المزمنة .
ودهن الحلبة نافع للحزاز .
ودهن الخروع نافع لقروح الرأس والأورام الكائنة فيه ووجع الأذن .
أعضاء النفض : دهن الأنجرة ودهن القرطم يطلقان .


ودهن الورد قد يطلق إذا وجد مادة تحتاج إلى إزلاق وقد يحبس الإسهال المراري .
ودهن الخروع يسهل ويخرج حبّ القرع دهن اللوز جيد لأوجاع الكلى وحصر البول والحصاة ولأوجاع المثانة والرحم واختناق الرحم .
ودهن السوسن يسهل الولادة ويسكن أوجاع الرحم شرباً واحتقاناً وفي جميع ذلك .
دهن الحلبة نافع أيضاً ولصلابة الرحم ودبيلاته وعسر الولادة .
ودهن الخروع ينفع من أورام المقعدة وانضمام الرحم وانقلابه .
الحميات : دهن البابونج في الحميات المتطاولة خير من دهن الورد ودهن الشبث جيد للنافض .
الأبدال : دهن البلسان بدله مر سيال أو وزنه دهن الدادي مع نصف وزنه دهن النارجيل وربع وزنه زيتاً عتيقاً وبدل دهن الغار اِلزفت الرطب وبدل دهن السوسن دهن الغار وبدل دهن الأنجرة دهن القرطم وهو أضعف منه وبدل دهن الحناء دهن المرزنجوش وبدل دهن النيلوفر دهن الورد أو دهن البنفسج وبدل دهن الخروع دهن الفجل أو دهن الكتان من غير انعكاس في دهن الكتان .
دُراج : الماهية : هو معروف لحمه أفضل من دم القبج .
والفواخت وأعدل وألطف وأيبس من لحم أعضاء الرأس : لحم الدراريج يزيد في الدماغ والفهم .
أعضاء النفض : لحم الدراج يزيد في المني جداً .
دار كيسة : الماهية : قشر هندي قابض جداً .
الخواص : قا بض .
أعضاء النفس : جيد لنفث الدم ولذات الجنب ويصفّي الصوت .
أعضاء النفض : ينفع من قروح الأمعاء .
در وبطارس : الماهية : شيء يلتف على شجر البلوط العتيق يشبه السرخس لكنه أصغر منه وأقل تشطيباً وله أصول متشبّكة فيه حلاوة مع حرافة ومرارة وقبض مع قوة معفنة .
الطبع : حار قوي الحرارة يابس .
الزينة : يرقق الشعر ويحلقه ويذهب به لتعفينه وحدته .
آًلات المفاصل : زعم قوم أنه ينفع من الفالج والقوة فهذا آخر الكلام من حرف الدال وذلك ستة وعشرون دواء .
حرف الهاء هيوفاريقون : الماهية : قضبان وزهو متفرك وحب أصفر إلى الحمرة شبيه الشكل بالسماق إلا أنه ليس في حمرته .


الاختيار : قال جالينوس : يسمى من ثمرته ولا يقتصر على زهره وحده .
الطبع : حار في الثانية يابس في آخرها .
الأفعال والخواص : محلل للآورام والبثور ملطف مفتح مذيب .
الجراح والقروح : ضمّاد ورقه ينفع من حرق النار ويدمل الجراحات العظيمة والقروح الرديئة وإذا دق ونثر على القروح المترهلة والمتعفّنة ينفع .
آلات المفاصل : ينفع من وجع الورك وعرق النسا مطبوخاً بشراب خصوصاً إذا شُرب أربعين يوماً على الولاء فإنه يبرىء عرق النسا .
أعضاء النفض : يدر البول وإدرار الطمث هو خاصيته وثمرته يسهل المرة السوداء .
الأبدال : بدله وزنه من الأذخر ووزنه من أصول الكبر .
هليلج : الماهية : قال ديسقوريدوس : الهليلج معروف وهو أصناف كثيرة منه الأصفر الفج ومنه الأسود الهندي وهو البالغ النضج وهو أسمن ومنه كابلي " وهو أكبر الجميع ومنه صيني وهو دقيق خفيف .
الاختيار : أجوده الأصفر الشديد الصفرة الضارب إلى الخضرة الرزين الممتلىء الصلب وأجود الكابلي ما هو أسمن وأثقل يرسب في الماء وإلى الحمرة وأجود الصيني ذو المنقار .
الطبع : قيل إن الأصفر أسخن من الأسود وقيل : إن الهندي أقل برودة من الكابلي وجميعه بارد في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : أصنافه كلها تطفىء المرة وتنفع منها .
الزينة : الأسود يصفر اللون .
الأوررام والبثور : الهليلجات كلها نافعة من الجذام .
أعضاء الرأس : الكابلي ينفع الحواس والحفظ والعقل وينفع أيضاً من الصداع .
أعضاء العين : الأصفر نافع للعين المسترخية ويمنع المواد التي تسيل كحلاً .
أعضاء الصدر : ينفع الخفقان والتوحش شرباً .


أعضاء الغذاء : نافع لوجع الطحال وينفع آلات الغذاء كلها خصوصاً الأسودان فإنهما يقويان المعدة وخصوصاً المربّيان ويهضم الطعام ويقوي خمل المعدة بالدبغ والتنقية والتنشيف والأصفر دباغ جيد للمعدة وكذلك الأسود والصيني ضعيف فيما يفعل من ذلك الكابلي وفي الكابلي تغثية والكابلي ينفع من الإستسقاء .
أعضاء النفض : الكابلي والهندي مقلوين بالزيت يعقلان والأصفر يسهل الصفراء وقليل بلغم والأسود يسهل السوداء وينفع من البواسير والكابلي يسهل السوداء والبلغم .
وقيل : إن الكابلي ينفع من القولنج والشربة من الكابلي للإسهال منقوعاً من خمسة إلى أحد عشر درهماً وغير منقوع إلى درهمين .
أقول : وإلى أكثر والأصفر أقول : قد يسمى إلى عشرة وأكثر مدقوقاً مذاباً في الماء .
الحميات : ينفع الكابلي من الحميات العتيقة .
هيل بُوّا وهال بوا : الماهية : هو خير بوَا وهو ألطف من القاقلة .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : لطيف .
أعضاء الغذاء : يقوي الكبد والمعدة الباردتين ويهضم الطعام جداً .
الماهية : ثمرتها تشبه العناقيد ويستعملها الدبّاغون وما عند الصيادلة منها قطاع خشبية تشبه الخوخ وهو في أول مضغة مسخ ثم يظهر مرارة وسنقول فيه قولاً مستقصى في فصل الفاء عند ذكرنا الفاشرا .
هندبا : الماهية : منه برِّي ومنه بستاني وهو صنفان عريض الورق ودقيق الورد وهو يجري مجرى الخس لكنه كما قالوا دونه في خصال وعندي أنه يفوقه في التفتيح وفي منفعته لسدد الكبد وأن قصَر عنه في التطفئة والتغذية .
الاختيار : أنفعها للكبد أمرها .
الطبع : بارد في آخر الأولى ويابسه يابس في الأولى ورطبه رطب في آخر الأولى .
والبستاني أبرد وأرطب وقد تشتد مرارته في الصيف فتميله إلى قليل حرارة لا يؤثر والبري أقل رطوبة وهو الطرخشقوق .


الأفعال والخواص : يفتح سدد الأحشاء والعروق وفيه قبض صالح وليس بشديد وماؤه مع الأسفيذاج والخل عجيب في تبريد ما يراد تبريده طلاء .
آلات المفاصل : يضمد به النقرس .
أعضاء النفس والصدر : يضمد به مع دقيق الشعير للخفقان ويقوي القلب واذا حلل الخيار شنبر في مائه وتغرغر به نفع من أورام الحلق .
أعضاء الغذاء : يسكن الغثي وهيجان الصفراء ويقوي المعدة وهو من خيار الأدوية لمعدة بها سوء مزاج حار والبري أجود للمعدة من البستاني .
وقيل أنه موافق لمزاج الكبد كيف كان أما للحار فشديد الموافقة وليس يضر البارد ضرر سائر أصناف البقول الباردة .
أعضاء النفض : إذا أكل مع الخل عقل البطن وخاصة البري .
الحميات : نافع للربع والحميات الباردة .
السموم : إذا جعل ضمًاداً مع أصوله للسع العقرب والهوام والزنابير والحية وسام أبرص نفع وكذلك مع السويق .
هليون : الماهية : قال ديسقوريدوس : من الناس من يسميه ميان وقد يسمى أسفاراعس وقد يسمى مواقنيوس ومن الناس من زعم أن قرون الكباش إذا قطعت وطمرت في التراب ينبت منها الهليون .
الطبع : قال جالينوس : معتدل إذ ليس فيه إسخان ولا تبريد ظاهر إلا الصخري .
أقول : لا يبعد عن الحرارة وكلما أخذ يصلب ويشتد حره ويظهر عليه لبن يتوعيّ لذّاع جداً .
الأفعال والخواص : قوته جالية يفتح سدد الآحشاء كلها خصوصاً الكبدو الكلية وفيه تحليل خصوصاً الصخري .
آلات المفاصل : يشرب طبيخه لوجع االظهر وعرق النساء .
أعضاء الرأس : طبيخ أصله إذا طبخ بالخلّ وكذلك نفس أصله وبزره جيّد كله لوجع الضرس .
أعضاء الغذاء : يفتح سدد الكبد وينفع من اليرقان وفيه تغثية .


أعضاء النفض : زعم روفس أنه يعقل وعسى أن يكون ذلك لإدراره وغيره يقول مسلوقه يلين والأغلب يقولون : إنه ينفع من القولَنْجِ البلغمي والريحي وطبيخ أصوله يدر البول وينفع من عسره ويزيد في المني والباه وينفع لعسر الحبل وكذلك بزره إذا احتمل أدر الطمث ويفتح سدد الكلى .
السموم : إذا طبخ بالشراب نفع من نهشة الرتيلاء وطبيخ الهليون يقتل الكلاب فيما يقال .
هرطمان : الماهية : حبه قوّته قوة الشعير بل هو كالمتوسط بين الحنطة والشعير وسويقه ودشيشه أقبض من سويق الشعير ودشيشه .
الأفعال والخواص : يجفف بلا لذع وفيه تحليل وقبض معاً .
هيوفسطيداس .
الماهية : عصارة نبات يقال له لحية التيس وعصارته باردة قابضة ونذكره في فصل اللام عند ذكرنا لحية التيس .
الطبع : بارد إلى اليبس .
هرنوه : الماهية : يشبه الفلفل إلا أنه إلى الصفرة وهو عطر يشبه العود يحمل من بلاد الصقالبة .
الطبع : معتدل .
أعضاء الغذاء : يقوّي المعدة ويجيد الهضم ويقوي الشهوة .
هرقلوس : الماهية : هو جنس من البقل الدشتي .
قال حنين : هو خس الحمار نذكره عند ذكرنا حرف الخاء .
الطبع : بارد رطب وفيه تجفيف وتسخين قليل وقبض .
- الخواص : فيه قبض معتدل فيما زعموا .
الماهية : عود هندي يعرفه التجار .
اًلات المفاصل : خاصيته النفع من النقرس .
هريسة : الماهية : طبيخ معروف .
الزينة : يسمن ويوافق لمن بدنه جاف .
أعضاء الغذاء : بطيء الهضم كِثير الغذاء فهذا آخر الكلام في حرف الهاء وذلك اثنا عشر دواء .


القانون
القانون
( 17 من 70 )

الفصل السادس حرف الواو
وسمة : الاختيار : أحسنه الخراساني .
الماهية : هو ورق النيل .
الطبع : أميل في آخر الأولى إلى الحرارة وفي الثانية إلى اليبس .
الأفعال والخواص : فيه قبض وجلاء .
ورد : الماهية : معروف مركب من جوهر مائي أرضي وفيه حرافة وقبض ومرارة مع قبض وقليل حلاوة وفي مائيته انكسار حرارة بسبب الشيء الذي لأجله حلا ومر وفيه لطافة فينفع قبضه وكثيراً ما يحدث الزكام والقوة المرّة فيه تثبت ما دام طرياً فإذا يبس قلت مرارته ولذلك يسهل طريه إذا شرب منه وزن عشرة دراهم والمسمى منه بالورد المنتن حار وأصله كالعاقر قرحا محرقاً .
الطبعٍ : قال جالينوس : اب الورد ليس بشديد البرد بالقياس إلينا ويقول يجب أن يكون باردا في الأولى .
أقول : ويبسه في أول الثانية لا سيما في الجاف .
وقال بولس : إنه مركب من حرارة وقبض وقال " ابن ماسويه : الورد في الأولى يابس في الثانية بل في آخر الثانية .
الأفعال والخواص : تجفيفه أقوى من قبضه لأن مرارته أقوى من قبض طعمه وهو مفتح جلآء ويسكن حركة الصفراء .
وبزره أقوى ما فيه قبضاً وكذلك الزغب الذي في وسطه وفي جميعه تقوية للأعضاء الباطنة ولا يجاوز قبضه منع التحليل .
واليابس أقبض وأبرد وقد يدّعى أن فيه قوّة جذب للسلاء والشوك .
وعصارته الجيدة هي عصارة مقلومي الأظفار إلى البياض ويجفف في الظل ويربى .
الزينة : يصلح نتن العرق إذا استعمل في الحمام ويتخذ منه غسول على هذه الصفة وهو أن يؤخذ الورد الذي لم يصبه نداوة ويترك حتى يضمر ويؤخذ منه أربعون مثقالاً ومن سنبل الطبيب خمس مثاقيل ومن المرست مثاقيل يعمل أقراصاً صغاراً وربما زادوا فيها من القسط والسوسن درهمين درهمين وربما جعلها النساء في المخانق وغسلاً لذفر العرق وقال قوم : إنه يقطع الثآليل كلها إذا استعمل مسحوقاً .
الجراح والقروح : ينفع من القروح لا سيما للسحجية بين الأفخاذ .


وفي المغابن وينبت اللحم في العميقة وادعى قوم أنه يخرج السلاء والشوك مسحوقاً .
أعضاء الرأس : يسكن الصداع رطبه وطبيخ مائه أيضاً .
ودهن الورد معطس بل شمّه .
قال قوم : تعطيسه لحبسه البخار ولعل ذلك لتضاد قوته الجالبة المانعة في الأدمغة الدقيقة الفضول ونفسه معطس لمن هو حار الدماغ وبزره يشدّ اللثة وكذلك سلاقته بمطبوخ وينفع أيضاً أوجاع الأذنين .
أعضاء العين : يسكن وجع العين من الحرارة وكذلك طبيخ يابسه صالح لغلظ الجفون إذا اكتحل به وكذلك دهنه وعصارته نافعان وإنما ينفع من الرمد إذا أقطع منه زوائده البيض .
أعضاء النفض : ماء الورد إذا تجرع ينفع من الغشي وعصارته وماء أغصانه جيّد لنفث الدم أعضاء الغذاء : الورد جيّد للكبد والمعدة .
ويقوّي مرباه بالعسل المعدة وهو الجلنجبين ويعين على الهضم .
والورد وعصارته نافعان من بلة المعدة ودهن الورد يطفىء التهاب المعدة وكذلك طلاء المعدة بالورد نفسه وشرابه نافع لمن في معدته استرخاء .
أعضاء النفس : يسكّن وجع المقعدة طلياً عليها بريشة ووجع الرحم من الحرارة وكذلك طبيخ يابسه وهو نافع لأوجاع المعي المستقيم ويحتقن بطبيخه لقروح الأمعاء وكذلك شرابه يشرب لذلك .
والنوم على المفروش منه يقطع الشهوة والطري ربما أسهل وزن عشرة دراهم منه عشرة مجالس ويابس لا يسهل ودهن الورد يسهل البطن .
وج : الماهية : أصول نبات كالبردي ينبت أكثره في الحياض وفي المياه وعلى هذه الأصول عقد إلى البياض فيها رائحة كريهة وقليل طيب وهو حاد حريف وجالينوس يقول : لا يستعمل إلا أصله وقوّته قريبة من قوّة الزراوند والإيرسا .
قال دسقوريدوس : ورقه يشبه ورق الإيرسا غير أنه أطول وأدقّ .


وأصوله ليست ببعيدة في الشبه من أصوله غير أنها مشتبكة بعضها ببعض وليست بمستقيمة ولكنها معوجّة وفي ظاهرها عقد لونها إلى البياض ما هو حريفة ليست بكريهة الرائحة والذي على هذه الصفة يجلب من بلاد يقال لها جلقيش وهي قنسرين وقال أيضاً : أخبرنا يوسف الأندلسي أن النوع الآخر من الوج الذي يقال له أرغالاطيا يجلب من بلاد الأندلس .
الاختيار : أجوده أكنفه وأملؤه وأطيبه رائحة .
وقال ديسقوريدوس : أجود الوجّ ما كان أبيض كثيفاً غير متأكل ولا متخلخل ممتلئاً طيب الرائحة .
الطبع : حارة يابسة في أول الثانية وإلى الوسط .
الأفعال والخواص : محلل للنفخ والرياح ملطف يجلو بلا لذع مفتح وعند جالينوس أن له رائحة ليست غير طيبة وهي بحسب إحساسنا غير طيبة .
الزينة : يصفي اللون وينفع من البهق والبرص .
آلات المفاصل : نافع من التشتج وشدخ العضل وطبيخه أيضاً نطولاً ومشروباً .
أعضاء الرأس : ينفع من وجع السن وهو جيد لثقل اللسان .
أعضاء العين : يدقق غلظ القرنية وينفع من البياض وخصوصاً فيهما عصارته ويجلو ظلمة البصر .
أعضاء الصدر : طبيخه جيد لوجع الجنب والصدر .
أعضاء الغذاء : ينفع من وجع الكبد البارد ويقويها ويقوي المدهن وينفع من صلابة الطحال بل أعضاء النفض : ينفع من المغص والفتق .
وطبيخه نافع لوجع الرحم ويدرّ البول والطمث وينفع من تقطير البول فيما ذكره قوم ويزيد في الباه ويهيّج شهوتها وينفع وجع المعي وسحجها من البرد .
السموم : ينفع من لسع الهوام .
الأبدال : بدله في طرد الرياح ومنفعته للكبد والطحال وزنه كموناً مع ثلث وزنه ريوند .
وَرْس : الماهية : شيء أحمر قانىء يشبه سحيق الزعفران وهو مجلوب من اليمن ويقال أنه ينحت من أشجاره .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : قابض .
الزينة : ينفع من الكلف والنمش وإذا شرب نفع من الوضح .
الأورام والبثور : ينفع من البثور .


الجراح والقروح : ينفع من الجرب والحكّة والسعفة والقوباء .
وسخ : الطبع : وسخ الكور مسخن في آخر الثانية وأجوده الأخضر ووسخ الحمام الذي يكون في حيطانه يسخن باعتدال ووسخ المصارعين أيضاً قريب من وسخ الحمام ووسخ المصارعين صنفان : أحدهما وهو الذي يجتمع على أبدانهم وقد ادهنوا بالزيت ويخالطه الغبار .
والثاني الذي يجتمع على الحيطان من الأبخرة وعروقهم والذي يجتمع على أرض الملعب .
الأفعال والخواص : كلاهما يحلل وينضج باعتدال ووسخ الكور يجلو باعتدال ويجذب جداً وكله يجذب السلاء والشوك .
الزينة : ينفع وسخ الأذن من الداحس ويطلى على شقاق الشفة .
الأورام والبثور : يحلّل الخراجات ووسخ المصارعين جيّد لأورام الثدي ووسخ الحمام للتنفّط .
الجراح والقروح : وسخ حيطان الصراع لقروح المشايخ والشجوج ووسخ الكور يجلو القوبا جداً .
آلات المفاصل : وسخ أبدان المصارعين نافع من عرق النساء إذا وضع سخناً على المرهم وينفع تحجّر البراجم .
وَرَشان : أعضاء العين : دم الورشان نافع لجراحات العين .
أعضاء النفض : دمه يعقل البطن .
الماهية : هو العظيم من أشكال الوزغ وسوام أبرص الطويل الذنب الصغير الرأس وهو غير الضب والضب لا يكون أو قلما يكون إلا في البادية ورأسه وبدنه وذنبه يخالف الورل وربما قاربه في طبائعه .
الطبع : حار اللحم جداً .
الزينة : زبله نافع من الكلف والنمش ومسمن بقوة شحمه ولحمه طبقات من النساء .
الأفعال والخواص : فيه قوّة جذب السلاء والشوك .
الأورام والبثور : مسحوق زبله يقلع الثآليل .
أعضاء العين : زبله مثل زبل الضب ينفع من بياض العين فيما يقال .
ال ودع : الماهية : هو الصدف .
الخواص : جاذب السلاء والشوك .
الزينة : مسحوقه يقلع الثآليل المركوزة والمتعلقة .
فهذا آخر الكلام من حرف الواو وجملة ذلك ثمانية أشياء من الأدوية .


حرف الزاي زنجبيل : الماهية : قال ديسقوريدوس : الزنجبيل أصوله صغار مثل أصول السعد لونها إلى البياض وطعمها شبيه بطعم الفلفل طيّب الرائحة ولكن ليس له لطافة الفلفل وهو أصل نبات أكثر ما يكون في مواضع تسمّى طرغلوديطقي .
ويستعمل أهل تلك الناحية ورقه في أشياء كثيرة كما نستعمل نحن السذاب في بعض الأشربة وفي الطبيخ .
وقال : من الزنجبيل نوع يسمى زنجبيل الكلب ويسميه أهل طبرستان فلذلك وهذا عام ينبت في الغدران والينابيع الصغار والمياه البطيئة الجريان وله ساق ذو عقد يبلغ الركبة طولأً وله أغصان .
ورق شبيه بأغصان النعنع وورقه غير أنها أكبر وأشدّ بياضاً وأنعم حريفة الطعم مثل الفلفل وريحها طيبة ليست بعطرة وله ثمر صغار نابتة في قضبان صغار مخرجها من أصول الورق مجتمعة بعضها إلى بعض متراكم كالعنقود وهو أيضاً حريف .
وقال : يعرض للزنجبيل التأكل لرطوبته الفضلية ولذلك إسخانه أبقى من إسخان الفلفل وذلك لكثافته أيضاً كما في الحرف والخردل واليافيسيا .
الطبع : حار في آخر الثالثة يابس في الثانية وفيه رطوبة فضلية بها يزيد المني .
الأفعال والخواص : حرارته قوية ولا يسخن إلا بعد زمان لما فيه من الرطوبة فضلية لكن أعضاء الرأس : يزيد في الحفظ ويجلو الرطوبة عن نواحي الرأس والحلق .
أعضاء العين : يجلو ظلمة العين للرطوبة كحلاً وشرباً .
أعضاء الغذاء : يهضم ويوافق برد الكبد والمعدة وينشف بلة المعدة وما يحدث فيها من الرطوبات من كل الفواكه .
أعضاء النفض : يهيج الباه ويلين البطن تلييناً خفيفاً قال الخوزي : بل يمسك أقول : إذا كان عن سوء هضم وإزلاق خلط لزج ينفعه .
السموم : ينفع من سموم الهوام .
زوفا رطب : الماهية : هو وسخ مجتمع على أصواف أليات الضأن بأرمينية وينجر على حشائش يتوعية فيأخذ قواها ولبناتها وربما كانت سيالة فطبخت وقومت هناك .
الطبع : حار في الثانية رطب في الأولى .
الخواص : منضج محلل .


الأورام والبثور : محلل الأورام الصلبة والدشبد إذا تضمد به العضو .
أعضاء الغذاء : هو مع التين والبورق ضمّاد للطحال وينفعه شرباً وينفع من الاستسقاء .
زوفا يابس : الماهية : منْه جبلي ومنه بستاني .
الطبع : حار يابس فْي الثالثة .
الخواص : لطيف كالسعتر .
الزينة : شربه يحسن اللون والتغمر به يجلو الآثار في الوجه .
الأورام والبثور : يحلّل الأورام الصلبة سقياً بالشراب .
أعضاء الرأس : طبيخه بالخل يسكن وجع السن وبخار طبيخه مع التين نافع من دوي الأذن إذ أخذ في قمع .
أعضاء العين : يطبخ ثم يضمد به الطرفة والدم الميت تحت الجفن .
أعضاء الصدر : ينفع الصدر والرئة ومن الربو والسعال المزمن وطبيخه بالتين والعسل كذلك ومن الأورام الصلبة ونفس الإنتصاب والتغرغر به نافع أيضاً من انخناق البطن .
أعضاء النفس : هو مع التين والبورق ضماد للطحال وينفعه شرباً وينفع من الاستسقاء .
أعضاء النفض : يسهل البلغم وحب القرع والديدان وإذا خلط بقردمانا وإيرساقوي إسهاله .
زرنباد : الماهية : أصول نبات يشبه السعد لكنه أعظم وأقل عطريه ذو لون أغبر يجلب من بلاد الصين .
الطبع : حار يابس إلى الثالثة .
الخواص : يحلل الرياح .
الزينة : مسمن يدفع رائحة الشراب والثوم والبصل .
أعضاء الصدر : مفرح القلب .
أعضاء الغذاء : يحبس القيء .
أعضاء النفض : يعقل البطن وينفع من رياح الأرحام .
السموم : ينفع من لدغ الهوام جداً حتى يقارب الجدِوار .
الأبدال : بدله في لدغ الهوام مثله ونصف درونج وثلثي وزنه طرخشقوق بري ونصف وزنه حب الأترج .
زنجبيل الكلاب : الماهية : بقلة معروفة وهو فلفل الماء وورقه كورق الخلاف إلا أنه أشد صفرة وقضبانها حمر له طعم الزنجبيل يقتل الكلاب .
الزينة : طريه مدقوقاً مع بزره يجلو الآثار في الوجه والكلف والنمش العتيق .
الأورام والبثور : طرية يحلل الأورام الصلبة إذا دق مع بزره وضمد به .


زئبق : الماهية منه مشتق من معدنه ومنه مستخرج من حجارة معدنه بالنار استخراج الذهب والفضة وحجارة معدنه إذا كان صافياً لا يختلط به تراب أو حجر فهو في لون السنجفر بل السنجفر في لونه ولا يلحقه .
ويظن " جالينوس وغيره أنه مصنوع كالمرتك لأنه مستخرج بالنار فيجب إذاً أن يكون الذهب مصنوعاً كالمرتك ولأن جوهر حجره يشبه السنجفر فيظن أنه إنما يعمل من السنجفرفي قدر مطيت موقد عليها قيصعد وليس بذلك بل الشجر يعمل منه بالكبريت ثم يمكن أن يستخرج منه كما يستخرج من السنجفر المعدني الذي هو جوهر الزئبق .
الطبع : بارد رطب في الثانية .
الأفعال والخوص : مصعده قابض .
الزينة : المقتول منه أدوية للقمل والصيبان مع دهن الورد .
الجراح والقروح : المقتول منه للجرب مع دهن الورد ومع أدوية الجرب والقروح الرديئة .
آلات المفاصل : بخاره يحدث الفالج والرعشة وتشبك الاعياء .
أعضاء العين : دخانه يذهب البصر .
أعضاء النفض : ذكر بولس الاحتياطي أنٌ من الناس من يسقى مقتوله في إيلاوس .
السموم : المصعد من الزئبق قَتال لشدة التقطيع وعلاجه القوي شرب اللبن والقيء .
وجالينوس ذكر أنه لاتجربة له فيه قال بعضهم : إن المقتول يقتل بثقله فإنه يأكل ما يلقاه بثقله وهذا كلام غير محصل وهو يقتل الفار ويهرب من دخانه الهوام والحيات .
الماهية : الفرق بين الزاجات البيض والحمر والخضرول الصفر والقلقديس والقلقند والسوري والقلقطار أن الزاجات هي جواه تقبل الحلٌ مخالطة لأحجار لا تقبل الحل وهذه نفس جواهر تقبل الحل قد كانت سيالة فانعقدتّ فالقلقطار هو الأصفر والقلقديس هو الأبيض والقلقند هو الأخضر والسوري هو الأحمر .
وهذه كلها تنحل في الماء والطبخ إلآ إلسوري فإنه شديد التجسد والإنعقاد .
الأخضر أشد انعقاداً من الأصفر وأشد انطباخاً وكلّ زاج فإنه يشبه في الطبع واحداً مما يشبه لونه .


وقد سبق إلى وهم جالينوس أن الزاج الأحمر يتولّد من القلقطار إذ رأى قلطاراً مرةً قد اشتمل عليه زاج أحمر متناثر منه وفي هذا نظر .
الاختيار : الأخضر المصري أقوى من القبرسي لكن في أمراض العين القبرسي وغير المحرق أقوى .
فالمحرق ألطف وألطفها القلقديس والأخضر وأعدلها القلقطار وأغلظها السوري ولذلك لا ينحل في الماء .
وقوّة الزاج الذي فيه تلميعات ذهبية قريبة من قوّة القلقطار وأجود القلقطار السريع التفتت النحاسي النقي الغير العتيق .
وزاج الحبر المسمى سحيرة أجوده الصلب الذي ذهبيته يلمع وقوّته كالقلقطار وأجود السوري ما يحمل من مصر فيتفتت عن سواد ويكون ذا تجاويف كثيرة زهم المذاق قابضه وكذلك شمه .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : كلّها محرق يحدث الخشكريشة والزاج الأحمر أقل لذعاً من القلقطار وزاج الأسالفة أقبض الجميع والقلقطار معتدل القبض .
الأورام والبثور : القلقطار ينفع من الحمرة والأورام الساعية .
الجراح والقروح : كلها تنفع من الجرب الرطب والسعفة والقلقطار وسائرها قد يعمل منها فتائل في الناصور فيقلع التحرق .
آلات المفاصل : السوري يحتقن به مع الخمر فينفع من عرق النسا .
أعضاء الرأس : ينفع في الأنف للرعاف وخاصة القلقطار وتنفع كلها في الآكلة والأورام الرديئة في اللثة وإذا لوثت به فتيلة بعسل وجعلت في الأذن نفع من قروح الأذن والمدة فيها وكذلك إذا نفخ فيها بمنفاخ ويمنع تأكل الأسنان .
والأحمر المعروف بالسوري يشد الأسنان والأضراس المتحركة والزاج المحرق إذا جمع بسورنجان ووضع تحت اللسان نفع من الضفدع .
وينفع القيروطي المتخذ منه صوماً الأحمر من الآكلة في الفم والأنف وقروحهما .
أعضاء العين : القلقطار خصوصاً وغيره عموماً ينفع من صلابة الجفون وخشونتها .
أعضاء النفس : يجفف الرئة حتى ربما قتل .
السموم : فيه قوة سمية لتجفيفه الرئة .
زرنيخ الماهية : جوهر معدني منه أخضر ومنه أصفر ومنه أحمر .


الاختيار : أجوده المتربص المنسحق المشابه برائحة الكبريت وأجوده الأصفر المتسرح الأرمني الذهبي الصفائحي الرقيقها كأنه طلق أصفر .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : كلها معفّن لذاع والأحمر منه أجود من القلدقيون .
الزينة : يحلق الشعر وهو مع الريتيانج لداء الثعلب .
الجراح والقروح : يوضع بالشحم على الجراحات .
الأورام والبثور : مع الشحم والدهن للجرب والسعفة الرطبة والعفن ويحرق الجلد ويلطخ بالمر أعضاء الرأس : ينفع القيروطي المتخذ منه وخصوصاً من الأحمر الآكلة في لأنف والفم وقروحهما .
أعضاء النفس : يسقى للمتقيحين ورمالى وماء العسل ويبخر مع الريتيانج للسعال المزمن ونفث القيح وقد يدخل في طبّ الربو .
أعضاء النفض : يلطخ من دهن الورد للبثور والبواسير في المقعدة .
السموم : المُصَعَد قاتل .
زبد البحر : الماهية : أصنافه خمسة : إسفنجي في شكله زهم في رائحته مثل رائحة مسك سهِك وهو كثيف ساحلي واسنفجي خفيف طويل لين طحلبي الرائحة ووردي فرفيري ويشبه بالصوف الوسخ خفيف وخامس فطري الشكل أملس الظاهر خشن الباطن لا رائحة له .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : منق للأوساخ جال محرق والثالث ألطف من غيره .
الزينة : محرقة وخصوصاً الثالث لداء الثعلب والفطري يستعمل في حلق الشعر وينفع من البهق فيما يقال والإسفنجيان يدخلان في الغسولات وفي أدوية البثور اللبنية وللكلف وللآثار في أعضاء الرأس : والأملس أوفق بجلاء الأسنان وهو بالجملة شديد للأسنان .
الأورام والبثور : الأملس على الأورام المسمارية والوردي للخنازير .
الجراح والقروح : ينفع الجرب المتقرح والقوابي وخصوصاً الاسفنجيان .
آلات المفاصل : الوردي للنقرس مع الشمع ودهن الورد .
أعضاء الغذاء : الوردي نافع للطحال والاستسقاء .
أعضاء النفض : الوردي منه نافع من عسر البول ولتنقية رمل المثانة ووجع الكلى .


زنجفر : الماهية : قال قوم قوته قوة الإسفيداج وقال الآخرون قوّته قوة السادنج .
الطبع : الأصح أنه حار يابس وكأنهما في آخر الثانية وما قيل من غير ذلك فعن غير معرفة .
الأفعال والخواص : عند بعضهم قبضه أقوى من جذبه وعند الآخر جذبه أقوى عن قبضه .
الجراح والقروح : يدمل الجراحات وينبت اللحم في القروح ويمنع حرق النار والحصف .
أعضاء الرأس : يمنع تأكل الأسنان .
زجاج : الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : فيه قبض ولطافة .
أعضاء الرأس : ينقي الأدوية إذا غسل به ويجلو الأسنان .
أعضاء العين : يجلو العين ويذهب بياضها والمحرق أقوى .
أعضاء النفض : المسحوق والمحرق منه نافع جداً لحصاة المثانة والكلية إذا سقي بشراب .
زرنَب : الماهية : قضبان دقاق مستديرة الشكل ما بين غلظ المسلة إلى غلظ الأقلام سود إلى الصفرة ليس له كثير طعم ولا رائحة والقليلة من رائحته عطرية أترجة وقوته قوة جوزبوا ولكنه ألطف منه قليلاً وقد يقوم بدلاً عن الدارصيني فيما يقال .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الأفعال : فيه قبض وتحليل للرياح .
أعضاء الرأس : يسعط بالماء ودهن الورد للصداع البارد .
أعضاء الغذاء : نافع للكبد والمعدة الباردتين منفعة بينة جداً .
أعضاء النفض : يعقل البطن فيما يقال .
زبد .
الأفعال والخواص : منضج محلل مرخّي وتحليله من الأبدان المتوسطة دون الصلبة وفي الناعمة بسهولة دخانه مجفف يقبض بالرفق مسكن لأوجاع المواد المنصبة إلى الأعضاء .
الزينة : يطلى به البدن فيغذي ويسمن .
الجراح والقروح : ينفع من جراحات العصب ويملأ القروح وينقيها .
أعضاء الرأس .
يخلط به أدوية جراحات حجب الدماغ ولأورام أصول الأذنين والأرنبتين والفم ولورم اللثة والقلاع ويطلى به عمور الصبيان فيسهل نبات الأسنان .


أعضاء النفض : ينفع من السعال البارد اليابس وخصوصاً مع اللوز والسكر وكذلك في ذات الجنب وذات الرئة ويسهل النفث وينضج وكذلك مع دهن اللوز والسكر ويكون إنضاجه أكثر وأما وحده فتنقيته أقل من إنضاجه ومع السكر بالعكس ويمنع نفث الدم وينفع من قذف المدة إذا لعق منه قدر أوقية ونصف بالعسل .
أعضاء النفض : مليّن والإكثار منه يسهّل ويحقن به الأورام الحارة والصلبة في الأمعاء والرحم والأنثيين ويقع في أدوية خراجات فم الحانة .
السموم : يقاوم السموم وينفع إذا طلي به نهشة الأفعى .
زفت : الماهية : قال ديسقوريدوس : الزفت المسمّى أيضاً إغراء صنفان بحري أسود سيّال يدخل في المراهم وهو من قبيل القار وجبلي برّي .
والبري منه سيالة شجرة التنوب وضروب أخرى من الصنوبر وفي الأولى يكون رطباً ثم قد يجفف بالطبخ وأكثره من التنوب وهو شجرة قضم قريش .
ودهن الزفت قريب من القطران ويتخذ منه بأن يقطر رطبه حين يطبخ لييبس أو يعلق فوقه صوف ليتندى من بخاره فإذا تندى عصر في إناء آخر على أنه يمكن أن يقطر في القرع والإنبيق تقطيراً أجود من ذلك وأحفظ لما يصعد .
الأقعال والخواص : منضج للآخلاط الغليظة جلاء مسخَن والرَطب أشد إنضاجاً واليابس أشد تجفيفاً ويقع في المراهم .
الزينة : يقلع بياض الأظفار ويجذب الدم إلى الأعضاء فيسمنها خاصةً إذا كرر إلصاقه وقلعه دفعة بعنف ويطلى على شقاق القدم وسائر الأعضاء ليصلحه وينبت التضميد به الشعر في داء الثعلب .
الأورام والبثور : يلين الأورام الصلية وخصوصاً الرطب ويستعمل بدقيق الشعير على الخنازير ويمنع إذا خلط بالكبريت أو بقشر شجرة التنوب من سعي النملة وينفع خراجات الغدد كلها .
الجراح والقروح : يذهب القوابي وينبت الدم في القروح العميقة خصوصاً بدقاق الكندر آلات المفاصل : ينفع من أورام العضل .
أعضاء الرأس : اليابس والرطب جيدان لقروح الرأس .


أعضاء العين : دخان الزفت يحسن هدب العين وينبت الأشفار ويمنع الدمعة ويملأ القروح في العين ويقوي البصر .
أعضاء الصدر : ينفع من السعال البارد اليابس وخصوصَاً مع اللوز والسكر وكذلك في ذات الجنب وذات الرئة يسهل النفث وينضج وكذلك مع دهن اللوز يكون إنضاجه أكثر وأما وحده فتنقيته أقل من إنضاجه ومع السكر بالعكس .
ويمنع نفث الدم وينفع من قذف المدد إذا لُعِق قدر وقية ونصف بالعسل والزفت الرطب إذا تحنك به جيد للخوانيق .
أعضاء النفض : ملين والإكثار منه يسهل ويحتقن به للأورام الحارة والصلبة في الأمعاء والرحم والأنثيين ويقع في أدوية جراحات فم المثانة وإذا لطخ الزفت على شقاق المنغمة أبرأها .
السموم : يقاوم السموم وينفع إذا طلي به نهشة الأفعى .
زعفران : الماهية : معروف مشهور .
الاختيار : جيده الطري السن اللون الذكي الرائحة على شعره قليل بياض غير كثير ممتلىء الطبع : حار يابس أما حرارته في الثانية وأما يبوسته ففي الأولى .
الأفعال والخواص : قابض محلل منضج لما فيه من قبض مغر وحرارته معتدلة مفتح قال جالينوس : وحرارته أقوى من قبضه ودهنه مسخن .
قال الخوزي : إنه لا يغيّر خلطاً البتة بل يحفظها على اليبوسة ويصلح العفونة ويقوي الأحشاء .
الزينة : يحسن اللون شربه .
الأورام والبثور : محلل للأورام ويطلى به الحمرة .
أعضاء الرأس : مصدع يضر الرأس ويشرب بالميبختج للخمار وهو منوم مظلم للحواس إذا سقي في الشراب أسكر حتى يرغن وينفع من الورم الحار في الأذن .
أعضاء العين : يجلو البصر ويمنع النوازل إليه وينفع من الغشاوة ويكتحل به للزرقة المكتسبة من الأمراض .
أعضاء الصدر : مقو للقلب مفرح يشمه المبرسم وصاحب الشوصة للتنويم وخصوصاً دهنه ويسهل النفس ويقوي آلات النفس .


أعضاء الغذاء : هو مغثّ يسقط الشهوة بمضادته الحموضة التي في المعدة وبها الشهوة ولكنه يقوي المعدة والكبد لما فيه من الحرارة والدبغ والقبض وقال قوم : إن الزعفران جيد للطحال .
أعضاء النفض : يهيّج الباه ويدر البول وينفع من صلابة الرحم وانضمامه والقروحَ لخبيثة فيه إذا استعمل بموم أو محّ مع ضعفه زيتاً وزعم بعضهم أنه سقاه في الطلق المتطاول فولدت في الساعة .
السموم : قيل أن ثلاثة مثاقيل منه تقتل بالتفريح .
الأبدال : بدله مثل وزنه قسط وربع وزنه قشور السليخة .
زنجار : الماهية : معروف وأصناف اتخاذ الزنجار بتكريج النحاس في دردي الخل ورش برادته بالخل ودفنه في الندى ويكب آنية نحاسية على آنية فيها خلّ وتركها حتى يزنجر ثم يحكّ الزنجار عنها وتخليطه بنوشادر ودفنه في الندى معروف .
ويتخذ من الزنجار نوع لطيف جداً : يؤخذ الخلّ المصعد ويجعل في هاون من نحاس بمدقّة من نحاس فلا يزال يسحق في الشمس القائظة حتى يتكرج ثم يجعل فيه شبّ وملح بمقدار ولا يزال يسحق فإذا تعجن ما سحق جمع وجفف ورشّ عليه الخلّ وبول الصبيان وسحق وترك في الندى ثم يجمع ويجفّف .
وقد يؤخذ من الزنجار ما يتولد على الصخر وفي معادن النحاس وقد يؤخذ منه في المعدة .
الطبع : حار يابس إلى الرابعة .
الأفعال والخواص : جلآء أكّال للحم الصلب واللين جميعاً حاد والقيروطي يعدله فيجعله مجففاً بلا لذع .
الجراح والقروح : يمنع القروح الساعية ويدمل مع القيروطي وينقي القروح الوسخة وهو مع علك الأنباط والنطرون علاج الجرب المتقرّح والبرص والبهق .
أعضاء الرأس : الزنجار المتخذ بالنوشادر والشبّ والخل إذا سحق ونفخ في الأنف ويملأ الفم ماء لئلا يصل إلى الحلق فإنه ينفع من نتن الأنف والقروح الرديئة فيه .
وزنجار الحديد بالخل يشد اللثة ويتخذ منه قيروطي لأورام اللثّة وكذلك زنجار النحاس .


أعضاء العين : ينفع من غلظ الأجفان وجسائها ويجلو العين ويقع في أدوية قروح العين ويدر الدمع جداً وإذا استعمل الزنجار في الأكحال فمن الصواب أن يكمّد العين بأسفنجة مغموسة في ماء حار .
أعضاء النفض : يقع في أدوية البواسير ويتّخذ منه ومن الأشق فتائل ويحشى به البواسير .
زهرة النحاس : الأفعال والخواص : قا بض أكّال لذاع .
أعضاء الرأس : يقع في مجففات قروح الأذن والأبيض منه إذا سحق ونفخ في الأذن أذهب الصمم المزمن ويحنك به مع العسل لأورانم النغانغ واللهاة .
أعضاء النفض : أربع أنولوسات منه تسهل خلطاً غليظاً ويسهل الماء الأصفر ويقع في مجففات البواسير وقروح المقعدة فيما يقال .
زوفرا : الماهية : قال ديسقوريدوس : هذه شجرة تنبت في بلاد لنفوربا كثيراً في جبل أقابيس وهو جبل مجاور لبلاد مصر وأهله يسمّونه فانا كثير يعني الجاوشير لأن أصله وساقه شبيه بشجرة الجاوشير وقوته شبيهة بقوته وينبت في الجبال الشاهقة الخشنة المظللة الأشجار وخاصة المواضع الرطبة وصغير السواقي .
وساقه دقيق شبيه بساق الشبث ذو عقد عليه ورق شبيه بورق إكليل الملك إلا أنه أنعم منه طيب الرائحة وطرف ساقه دقيق متفرق على طرفه إكليل في بزر أسود مجوف إلى الطول ما هو شبيه ببزر الرازيانج حريف المذاقة فيه عطرية وله أصل أبيض شبيه بأصول النبات .
فانا كثير طيب الرائحة وقال قوم : يشبه حبّ هذه الشجرة حب الأنجذان يقال لها الخذا وهو يشبه السذاب ويقال لها ديناروية .
الطبع : حارة يابسة .
أعضاء الغذاء : يهضم الطعام وينفع المعدة من النفخ والأورام البلغمية .
أعضاء العين : بزره وأصله نافع لظلمة البصر ويجلوه .
الجراح والقروح : نافع لأوجاع الجرب والحكّة .
أعضاء النفض : أصله وبزره في تجفيف المني شبيه بالقوة بالسذاب وإذا شربّ أدر الطمث والبول وإذا احتملت المرأة أصله فعل ذلك .
السموم : ينفع من لسع العقارب ولسع الهوام شرباً وطلاء .


زرين درخت : آلات المفاصل : ينفرد من عرق النسا .
أعضاء النفض : ماء ورقه مع الميبختج لعسر البول والطمث ويخرج الدم الجامد من المثانة .
السموم : ينفع من لسع الهوام .
زعرور : الماهية : قال ديسقوريدوس : هذه شجرة مشوكة ورقها شبيه بورق لوقوراشي ولها ثمر صغار شبيه بالتفاح إلا أنه أصغر من التفاح وله لون أحمر لذيذ في كل واحد منه ثلاث حبات ولذلك سماه قوم طريقونيقون ومعناه دواء الثلاث حبات ونوع من الزعرور يسميه اليونانيون هيفلمون وساطيون وربما سمّوه التفاح البري .
وشجرته تشبه شجرة التفاح حتى في ورقه إلا أنه أصغر منه وأصله وثمر هذه الشجرة مستدير يؤكل عفص الطعم وأسافله عريضة لون ثمرة هذه الشجرة أصفر .
الطبع : قال قوم أنه بارد رطب .
الخواص : قابض أقبض من الغبيراء يقمع الصفراء ويحبس السيلانات أكثر من كل ثمرة .
أعضاء الرأس : مصدع .
أعضاء الغذاء : رديء للمعدة .
أعضاء النفض : عاقل فلا يحبس البول .
زبل : الماهية : الأزبال تختلف باختلاف أنواع الحيوان بل قد تختلف بحسب اختلاف أشخاص نوع واحد وخصوصاً الناس .
وزبل البطّ لا يستعمل لفرط حرارته وزبل البازي رالصقر والباشق وسائر الجوارح فقلما تستعمل لأنها مفرطة جداً .
الطبع : ليس شيء من الزبل بمبرد ولا بمرطّب وزبل الحمام أسخن الأزبال المستعملة وزبل الدواجن ينقص عن الراعية .
روث الحمار محرق وغير محرق على كل سيلان دم .
زبل الحمام من المحمرات ومع دقيق الشعير محلل .
بعر الماعز المحرق يصير ألطف ولا يصير أسخن .
الزينة : بعر الضأن مع الخل على الثآليل النملية والمسمارية والتوتية .
زبل الجراد للكلف والبهق وكذلك زبل الزرزور المعتلف للأرزّ وكذلك زبل الحردون والوَرَل يحسن اللون .
بعر الماعز وخصوصاً الجبلي محرقاً على داء الثعلب وكذلك زبل الفارة أعظم .
زبل الحمام من الأدوية المحسنة للون .
بعر الضب يجلو الكلف مجرب .


الأورام والبثور : أخثاء البقر مع الخل على الخراجات الحارة فيسكنها .
بعر الماعز وبعر الضأن مع الخل على حرق النار بشمع ودهن ورد زبل الحمام بعسل وبزر كتان لخشكريشة النار الفارسي وحرق النار .
بعر الماعز للتقشر زبل الحمام وزبل حباري للقوابي وكذلك زبل الزرزور المعتلف للأرز .
الجراح والقروح : زبل الكلب عن العظام بالعسل نافع في القروح العتيقة .
آلات المفاصل : أخْثاء البقر ضمّاداً على عرق النسا بعر الماعز خصوصاً الجبلي مع شحم الخنازير على النقرس وعلى عرق النسا .
خرء الخنزير اليابس مع الخل يشرب لوهن العضل وبقيروطي يوضع على التواء العصب وعلى الصلابات كلها .
زبل الحمام على أوجاع المفاصل بعر الماعز ممّا جرّب على صلابات المفاصل وأورامها خصوصاً بالخل الممزوج وهو من تجاريب جالينوس وكذلك بدقيق الشعير وهو لمن كان لحمه صلب وأجفى أوفق .
أعضاء الرأس : سرقين الحمار يشمم للرعاف القوي أو تعصر رطوبته في الأنف فيحبس .
وزبل الحمام ينفع من السعفة .
قال جالينوس : إذا استعمل زبل الحمام الراعية مع بزر الحرف في الصداع المسمى بيضة ينفع أخثاء البقر للأورام التي خلف الأذن .
أعضاء العين : زبل الورل والضبّ والتمساح لبياض العين وكذلك زبل الحمام والعصافير للبياض .
وزبل الخطاف عجيب في ذلك وقد جربته أنا مع العسل .
زبل الفارة مجرّب في قرحة القرنية والمدة التي تجتمع تحت القرنية .
أعضاء الصدر : بعر الخنزير بماء وشراب لنفث الدم ووجع الجنب .
زبل الكلب المطعم عظاماً يتحنك به للخناق .
وكذلك زبل الصبيان حتى ربما أغنى عن الفصد ويجب أن يطعم الصبي خبزاً مع ترمس ليقل النتن .
أخثاء البقر من بخورات الرئة في السلّ ونحوه .
أعضاء الغذاء : بعر الماعز خصوصاً الجبلي لليرقان يشرب ببعض الأفاويه مجرب وينفع في الاستسقاء ضماداً وشرباً وليكن التضمد والتطلي به في الشمسْ .
أعضاء النفض : خرء الثور يُبخر به لنتوء الرحم .


بعر الماعز خصوضاً الجبلي يشرب مع بعض الأفاويه فيدر الطمث ويسقط ويحلل صلابة الطحال ويسحق يابسه ويحتمل لنزف الرحم خصوصاً مع الكندر وهو مجرب .
خرء الدجاج للقولنج وخرء الذئب أيضاً للقولنج الذي ليس من ورم يسقى في ماء أو مطبوخاً أو في سلافة أفاويه وخصوصاً الذي يؤخذ من الشوك أو من نبات مقلّ من الأرض أبيض فيه عظام حتى إنه إذا علق في جلد الذئب أو في فتيلة من صوف شاة أفلتت عن ذئب أو جلد الأيل أو كما عمل جالينوسى إذ جعله في وعاء فضة ويجب أن يعلق عند الخاصرة فينفع القولنج .
وإذا شرب واستعمل في وقت سكونه منعه على ما شهد به جالينوس أصلاً أو درجة بالتجفيف منُعاً .
زبل الرخمة يسقط بالتبخير .
زبل الفار مع الكندر بشراب يفتّت الحصاة ويحتمل أيضاً فيطلق بطون الصبيان .
زبل الحمام ينفع من وجع القولنج إذا استعمل في الحقن .
وزْبل الكلب المطعم عظاماً من الإسهال وقروح الأمعاء حقنة أو شرباٌ في اللبن المطبوخ بحديد أو حصاة احتمال .
زبل الفيل على ما قيل يمنع الحبل .
السموم : بعر الماعز وخصوصاً الجبلي مطبوخاً بالخلّ والشراب على نهش الهوام بل قد ينفع بشهادة جالينوس من لسع الأفاعي .
وروث الحمار الراعي اليابس بالشراب للسع العقرب .
جيد جداً .
خرء الدجاج ترياق الفطر الخانق مجرّب ويتفتت خلطاً لزجاً غليظاً .
وفي بعر الماعز قوّة جاذبة يجذب سم الزنابير .
أخثاء الثور خاصةً يطرد البق إذا بخر به .
الماهية : شجرة عظيمة توجد في بعض البلاد وقد يعتصر من الزيتون الفج الزيت وقد يعتصر من الزيتون المدرِك وزيت الأنفاق هو المعتصر من الفج وقد يعتصر من زيتون أحمر متوسّط بين الفج والمدرِك وفعله متوسط بين الأمرين .
والزيت قد يكون من الزيتون البستاني وقد يكون من الزيتون البري .
والعتيق من الزيت في الضمادت في قوّة دهن الخروع ودهن الفجل والشونيز لكنها أسخن وقريب الفعل منه وإذا أريد إحراق أغصان الزيتون وورقه فيجب أن يلطخ بعسل .


الاختيار : أجود الزيت للأصحاء زيت الأنفاق وأجود صمغ البري منه ما يلذع اللسان فإن لم يلذع فلا فائدة فيه .
الطبع : زيت الأنفاق بارد يابس في الأولى يقول روفس : فيه رطوبة وزيت الزيتون المدرك حار باعتدال وإلى رطوبة فإن غسل فهو معتدل في الرطوبة واليبوسة وأقل حرا .
وبالجملة فإن الزيتون النضيج حار وزيته إلى رطوبة والفج معتدل بارد وخشبه وورقه بارد وإذا عتق زيت الأنفاق جداً صار في طبع زيت الزيتون الحلو .
الأفعال والخواص : جميع أنواع الزيت مقو للبدن منشط للحركة مصف زيت الزيتون البري يطبخ في إناء نحاس حتى ينعقد ويصير قريب القوة من الحضض .
وماء الزيتون المملح أقوى من ماء الزينة : ورق الزيتون البري جيد للداحس ويمنع العرق مسيحاً .
زيت الزيتونْ البري هو كدهن الورد في كثير من المعاني ويحفظ الشعر ويمنع سرعة الشيب إذا استعمل كل يوم .
الأورام والبثور : البري للحمرة والنملة والشرى والأورام الحارة يحللها والرطوبة السائلة عن حطبه عند الاشتعال للجرب والقوباء وعكر الزيت دواء للأورام الحارة في الغدد خصوصاً مع ورقه .
الجراح والقروح : زيت الزيتون البري المعتصر من الفج ينفع القروح الرطبة واليابسة والجرب .
وورق الزيتون البرّي للحمرة والساعية والخبيثة والوسخة والنملة والشرى .
وإذا خلط عكر الزيت بالخامالاون أبرأ الجرب حتى جرب الدواب خصوصاً في نقيع الترمس .
وزيتون الماء المربّى بالماء والملح إذا ضمد به حرق النار لم يتنقط وينقي القروح الوسخة .
وصمغ الزيتون البري ينفع من الجرب المتقرح والقوابي ويقع في مراهم الجراحات .
آلات المفاصل : ماء الزيتون المملح يحقن به لعرق النسا والزيت المغسول يوافق أوجاع العصب وعرق النسا وزيت العتيق ينفع للمنقرسين إذا اطلوا به .
أعضاء الرأس : ورق الزيتون يطبخ بماء الحصرم حتى يصير كالعسل ويطلى على الأسنان المتأكلة فيقلعها .


زيت الزيتون البري هو كدهن الورد في منفعة الصداع تجفف عصارة البري وتقرّص وتحفظ لعلاج سيلان الأذن .
وزيت الزيتون البري ينفع اللثة الدامية تمضمضاً به ويشدّ الأسنان المتحرّكة .
وصمغ البرّي لوجع الأسنان المتأكلة إذا حشيت به .
وزيت العقارب من أشرف الأدوية لوجع الأذن قطوراً .
وورق الزيتون جيد للقلاع .
أعضاء العين : يكتحل بالعتيق لظلمة العين وعكره يقع في أدويه العين وورقه المحرق بدل التوتيا للعين وصمغه للغشاوة والبياض وغلظ القرنية وعصارة ورقه للجحوظ ولقروح القرنية والنوازل والبستاني أوفق للعين من البرّي وصمغه أيضاً يجلو العين ووسخ قروحها ويجلو الماء والبياض .
أعضاء الصدر : الزيتون الأسود مع نواه من جملة البخورات للربو وأمراض الرئة .
أعضاء الغذاء : عكر الزيت على بطن المستسقي والزيتون بحاله عسر الهضم والمملوح من غليظه يثير الشهوة ويقوي المعدة ويولد كيموساً قابضاً والمحلل أقبل الجميع للهضم وأسرعه وزيت الأنفاق جيد للمعدة .
أعضاء النفض : يؤكل مع المريّ قبل الطعام فيليّن ويؤخذ تسعة أواقي بماء حار أو بماء الشعير فيسهّل ويطبخ بالسذاب للمغص والديدان وينفع من القولنج الورمي ويحقن به القولنج الثفلي ويحتمل عصارته لسيلان الرحم ونزفها ويضمد به مع دقيق الشعير للإسهال المزمن .
والمنوم من عتيق الزيت مع ماء الحصرم ينفع إذا احتقن به لقروح المقعدة الباطنة وكذلك الرحم وصمغه السموم : الزيت يتهوع به مع الماء الحار فيكسر قوة السم وصمغ الزيتون البرّي يعد في الأدوية القتالة فيما يقال .
زردوار : الماهية : هو الجدوار على ما أظن .


زراوند : الماهية : قال ديسقوريدوس : اشتق هذا الاسم من أرسطن ومعناه الفاضل ومن لوخوس وهي المرأة النفساء يراد بذلك الفاضل في منفعة النفساء ومنه الذي يسمى المدحرج وهو الأنثى وهذا له ورق كورق قسوس طيب الرائحة مع شيء من حدة إلى الاستدارة ما هو ناعم وهو ذو شعب كثيرة مخرجها من أصل واحد وأغصان طوال وزهر أبيض كأنه براطل .
وأما ما كان في داخل الزهر أحمر فإنه منتن الرائحة ومنه الزراوند الطويل فإنه يسمى الأذكر ويسمى فطولندس وله ورق أطول من ورق المدحرج وأغصان دقاق وطولها نحو من شبر .
ولون زهره فرفيري منتن الرائحة إذا كان شبيهاً بزهر الكمثري وأصل الزراوند المدحرج شبيه بالشلجمة لنوايره .
وأصل الزراوند الطويل .
طوله ضبر أو أكثر في غلظ إصبغ .
وكلاهما خطيان وطعمهما ومنه الزراوند الطيب له أغصان دقاق عليها ورق كثير إلى الاستدارة ما هو شبيه بورق الصفّ الصغير المسمى حي العالم وزهر شبيه بزهر السذاب وأصوله مفرطة الطول دقاق عليها قشر غليط عطر الرائحة يستعملها العطارون في تربية الأدهان .
وزعم آخرون أن الزراوند الطويل شبيه بنعنع الكرم المدحرج .
يقال له الأنثى وهو أيضاً من الطويل .
والمدحرج وهو الأنثى يشبه ورقه ورق نبات يقال له قسوس وهو ضرب من اللبلاب طيّب الرائحة مع حدّة إلى الاستدارة .
الطبع : جميع أصنافه حار في الثالثة يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : جلآء ملطف مفتح مرقّق جذاب يجذب الشوك والسلى والطويل أولى بالإنبات وبالقروح لأنه أجلى وأسخن وفي سائر الأفعال المدحرج فإنه أشد تفتيحاً وتلطيفاً وقوةً الطويل مثل قوة المدحرج في الإسخان بل عسى أن يفضله إلا في اللطافة فإن المدحرج ألطف ولذلك يسكن أوجاع الرياح أشد والثالث أضعفها .
الزينة : ينفع من البهق ويجلو الأسنان وينفع عن أوساخها وخصوصاً المدحرج ويصفي اللون .


الجراح والقروح : منق للقروح الوسخة والخبيثة والتقشر وينبت اللحم خصوصاً الطويل ويمنع خبث القروح العفنة العميقة وإذا كان مع إيرسا ملأها لحماً .
آلات المفاصل : ينفع من فسخ العضل وهو طلاء على النقرس وخصوصاً المدحرج وينفع لوهن العضل ويشربه أصحاب النقرس فينتفعون به .
أعضاء الرأس : ينقي أوساخ الأذن ويقوي السمع إذا جعل فيه مع العسل ويمنع المدة أن تتولّد فيها وإذا استعمل مع الفلفل نقى فضول الدماغ وهو ينفع من الصرع ويشدّ اللثة .
أعضاء الصدر : جيد للربو وخصوصاً المدحرج وينقي .
الصدر وينفع من وجع الجنب مشروباً بالماء وفي جميع ذلك المدحرج أقوى .
أعضاء الغذاء : جيد للفواق وكذلك للطحال بالسكنجبين وقد يطلى على الطحال بالخل فينفع جداً أيضاً والمدحرج في جميع ذلك أقوى .
أعضاء النفض : إذا أخذ منه درخمي وسحق وشرب أسهل أخلاطاً بلغمية ومراراً ونفع المقعدة .
وإذا شرب الطويل أو المدحرج مع مر وفلفل نقى فضول الرحم من النفساء وأدر الطمث وآخرج الجنين .
الحميات : نافع من الحميات النافضة .
السموم : ينفع من لسع العقرب وخصوصاً الطويل قالوا والطويل إذا شرب منه وزن درهمين بشراب أو تضمد به كان نافعاً من لسع الهوام والسموم .
الأبدال : بدل المدحرج وزنه زرنباد وثلث وزنه بسباسة ونصف وزنه قسط وبدل الطويل وزنه زرنباد ونصف وزنه فلفل .
زمارة الراعي : الطبع : حار يابس لعله في أول الثانية .
الخواص : قيل إنه يحل التهيج .
أعضاء النفض : وقد جرب جالينوس أن سلاقته تفتت الحصاة في الكلية وقال قوم ينفع من قروح الأمعاء والمغص وألام الرحم ويدرهما وينفع من الفتوق .
السموم : شرب مثقال أو مثقالين منه نافع من شرب الأرنب البحري والأفيون وغير ذلك .
زبيب : يذكر في فصل العين عند ذكرنا العنب .
الزهرة : الماهية : نبات فيه نوع عدسي الورق منتصب الأغصان دقيق الأصل يسير الورق ينبت في الأرض المالحة المشوسة وفي طعمه ملوحة .


والآخر مثل الكمافيطوس وأحسن لوناً وأرجوانية .
ا لقروح : مدمل .
زوان : الماهية : أقول : إن الزوان اسم يوقعه الناس على شيئين أحدهما حبّ شبيه بالحنطة يتخذ منه الناس الخبز .
ويقولون إن الزوان الكثيب وقوم آخرون يسمون به شيئاً مسكراً رديئاً في الحبوب والكلام في ذلك غير ما نحن فيه .
الاختيار : أجوده الخفيف الورق غير نخر ولا متفتت بل لزج عند المضغ إلى الحمرة وفيه عفوصة يسيرة وقال فولس : قوّته قريبة من قوة الحنطة في الحر والبرد وهو يجفف ويغري .
فهذا آخر الكلام من حرف الزاي وذلك سبعة وعشرون دواء .
الفصل الثامن حرف الحاء
حُضَض : الماهية : الأغلب في الظن أن الهندي عصارة الفيلزهرج ويغشّ غشاً يذهب على المهرة وذلك بعصارة الزرشك يطبخ في الماء حتى يجمد .
وقوته قريبة من جوهر ناري لطيف وأرضية باردة . وأما المكي فهو شيء مصنوع .
قال ديسقوريدوس : هو من شجرة متشوكة لها أغصان طولها ثلاثة أذرع أو أكثر وله ثمر شبيه بالفلفل ملزز من الذات أملس وقشرها أصفر ولها أصول كثيرة وينبت في الأماكن الوعرة وقد تخرج عصارة الحضض إذا دق الورق كما هو مع الشجرة أو تقع أياماً كثيرة وقد طبخ وآخرج من التطبيخ وأعيد ثانية على النار حتى يثخن وقد يغش بعكر الزيت يخلط به في طبخه أو بعصارة الأفسنتين أو بمرارة بقر وقد يكون أيضاً من عصارة ثمرة الحضض بأن يُشَمَس .
ويُعصر .
والجيد من الحضض ما التهب بالنار وإذا طفىء رغا عئد ذلك رغوة لونها شبيه بلون داخله .
الاختيار : الهندي أقوى من المكي في أمر الشعر وتقويته والمكي في الأورام أقوى .
الطبعِ : معتدل في الحر والبرد يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : في الهندي تحليل وقبض يسير ينفع كل نزف وتحليله أكثر من قبضه وهو في الثانية من التحليل وقبضه دون تجفيفه أيضاً وفيه قوة لطيفة .
الزينة : يحمر الشعر ويقويه خصوصاً الهندي ويبرىء الكلف وينفع كل حضض من الداحس .


الأورام والبثور : ينفع الأورام الرخوة والنملة .
الجراح والقروح : ينفع القروح الخبيثة .
آلات المفاصل : يشد هذه ا لأعضاء .
أعضاء الرأس : الهندي ينفع من سيلان المدة من الأذن ومن قروحها ويتحنك به للقلاع فيبرأ أعضاء العين : ينفع من الرمد ويجلو القرنية ويزيل غشاوتها ويبرىء من جرب العين .
أعضاء الصدر : يسمى الهندي لنفث الدم والسعال .
أعضاء الغذاء : يشرب الهندي وينفع من اليرقان الأسود والطحال وكذلك طلاء .
وشجرته تفعل ذلك وينفع من الإسهال المعدي .
أعضاء النفض : ينفع من شقاق المقعدة ويشرب ويحتمل للإسهال المزمن والذي من ضعف المعدة ودوسنطاريا ويدر الطمث .
وثمرة الطريّ يسهل البلغم المائي وينفع من قروح الدبر ويمنع نزف النساء وينفع من البواسير .
السموم : ثمرته تنفع من القتآلات والهندي يسقى لعضة الكَلْب الكَلِب .
الأبدال : بدله وزنه فيلزهرج ووزنه مجموع فوفل وصندل متساويين .
حِناء : الماهية : قال ديسقوريدوس : هي شجرة ورقها على أغصانها وهو شبيه بورق الزيتون غير أنه أوسع وألين وأشد خضرة .
ولها زهر أبيض شبيه بالأشنة طيب الرائحة .
وبزره أسود شبيه ببزر النبات الذي يقال له أقطى وقد يجلب من البدان الحارة .
الطبع : الحناء بارد في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : فيه تحليل وقبض وتجفيف بلا أذى محلل مفشش مفتح لأفواه العروق .
ولدهنه قوّة مسخنة مليّنه جداً .
الأورام والبثور : طبيخه نافع من الأورام الحارة والبلغمية لتجفيفه وأورام الأرنبة .
الجراح والقروح : طبيخه نافع لحرق النار نطولاً وقد قيل أنه يفعل في الجراحات فعل دم الأخوين ويوضع على كسر العظام وحده وبقيروطي .
آلات المفاصل : ينفع لأوجاع العصب ويدخل في مراهم الفالج والتمدد ودهنه يحلل الاعياء ويلين الأعصاب وينفع من كسر العظام .
أعضاء الرأس : يطلى به على الجبهة مع الخل للصداع وكذلك أيضاً ينفع من قروح الفم والقلاع .


أعضاء الصدر : موافق للشوصة ويدخل في مراهم الخناق .
أعضاء النفض : موافق لأوجاع الرحم .
حماما : الماهية : قال ديسقوريدوس : هي شجرة كأنها عنقود من خشب مشتبك بعضه ببعض وله ورق كبار عراض ويشبه أوراق الفاشرا وله زهرة صغيرة تشبه الساذج الهندي في اللون ولونه كالذهب ولون خشبه كالياقوت طيب الرائحة .
ومنه صنف ينبت في أماكن رطبة هو أضعف وهو عظيم ولونه إلى الخضرة ما هو لين تحت المجسة وخشبه كالشظايا وفي رائحته شيء شبيه برائحة السذاب وصنف آخر ليس بطويل ولا عريض ولا صعب الانكسار ولونه إلى لون الياقوت ماهو خلقته كخلقة العنقود وهو ما لان من ثمرته ورائحته ساطعة .
الاختيار : أجوده الأول الذهبي الطري الأرمني المر الطيب الرائحة والثاني الأخضر العود رديء ضعيف الرائحة وينبت في الأماكن الندية والثالث أجوده الحديث المائل إلى البياض وإلى الحمرة والكثيف الأملس المنبسط من غير التواء مكتنز لاذع حاد ويتجنب الفتات ويختار ماء أغصانه من أصل واحد لئلآ يكون مغشوشاً .
قال ديسقوريدوس : أجوده الأبيض أو الضارب إلى الحمرة مملوءاً بزراً كالعناقيد ثقيل الرائحة من غير ذفر واحد اللون غير مختلفه اللاذع للسان الذي لا تكرج فيه يغش قوم الحمام بالدواء الذي يقال له آرموميس لأنه شبيه بالحماما غير أنه ليست له رائحة ولا ثمرة ويكون بأرمينية .
وزهرته شبيهة بزهرة الفودنج الجبلي وإذا أحببت أن تمتحن هذا وأشباهه فاحتث الفتات .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الآفعال والخواص : يرقق وينضج وفيه قبض وقوته كقوة الوج .
الأورام والبثور : ينضج الأورام الحارة .
أعضاء الرأس يثقل الرأس ويصدع وينوم .
وقد قال بعضهم أنه إذا طلي به على الجبهة أزال الصداع وهو من المسكرات والمنومات .
أعضاء العين : ينطل بطبيخه الرمد الحار .
أعضاء الصدر : ينفع من الشوصة الباردة .
أعضاء الغذاء : يفتح سدد الكبد ويشرب طبيخه لعلل الكبد وهو أكثر هضماً من الوج .


أعضاء النفض : يدرها وينفع من أوجاع الأرحام وينفع في قروحات الرحم ويجلس في طبيخه لوجع الكلى ويشرب منه لأوجاع الرحم وينفع من أورام الأحشاء .
السموم : إذا تضمد به مع الباذروح ينفع من لسعة العقرب .
حرف : الماهية : قال ديسقوريدوس : أجود ما رأينا من شجرة الحرف ما يكون بأرض بابل وقوته شبيهة بقوة الخردل وبزر الفجل وقيل الخردل وبزر الجرجير مجتمعين وورقه ينقص في أفعاله عنه لرطوبته فإذا يبس قارب مشاكلته وكاد يلحقه .
الطبع : حار يابس إلى الثالثة .
الأفعال والخواص : مُسخن محلل مُنضج مع تليين ينشف قيح الجرب .
الأورام والبثور : جيد للورم البلغمي ومع الماء الملح ضمّاداً للدماميل .
الجروح والقروح : نافع للجرب المتقرح والقوابي مع العسل للشهدية ويقلع خبث النار الفارسي .
آلات المفاصل : ينفع من عرق النسا شرباً وضماداً بالخل وسويق الشعير وقد يحتقن به لعرق النسا فينفع وخصوصاً إذا أسهل شيئاً يخالطه دم وهو نافع من استرخاء جميع الأعصاب .
أعضاء الصدر : ينقي الرئة وينفع من الربو ويقع في أدوية الربو وفي الإحساء المتخذة للربو لمافيه من التقطيع والتلطيف .
أعضاء الغذاء : يسخن المعدة والكبد وينفع غلظ الطحال وخصوصاً إذا ضمد به مع العسل وهو رديء للمعدة ويشبه أن يكوب لشدة لذعه وهو مشه للطعام وإذا شرب منه أكسوثافن قيأ المرة وأسهلها ويفعل ذلك ثلاثة أرباع درهم فحسب .
أعضاء النفض : يزيد في الباه ويسهل الدود ويدر الطمث ويسقط الجنين .
والمقلو منه يحبس وخصوصاً إذا لم يسحق فيبطل لزوجته بالسحق .
وينفع من القولنج وإن شرب منه أربعة دراهم مسحوقاً أو خمسة دراهم بماء حار أسهل الطبيعة وحلل الرياح من الأمعاء .
وقال بعضهم : إن البابلي إذا شرب منه أكسوثافن أسهل المرة وقيأها وقد يفعله ثلاثة أرباع درهم .
السموم : ينفع من نهش الهوام شرباً وضماداً مع عسل وإذا دخن به طرد الهوام .


الماهية : قال ديسقريدوس : هو نبات يعرفه جل الناس وهو شجرة شوكيّة صغيرة في مقدار ما يصلح أن يهيأ من أغصانه فتل القناديل إذ لفّ عليه القطن حواليها أوراق صغار دقاق وعلى أطرافها رؤوس صغار عليها زهر فرفيرية .
وأكثر ما تنبت في مواضع صخريّة ومواضع رفيعة لها زهر أبيض إلى الحمرة وقضب رقاق تشبه قضب الأذخر وزهرها مستدير .
الطبع : حار يابس إلى الثالثة قال روفس : هي أيبس من الفوذنج .
الأفعال والخواص : محلل مقطَع حتى الدم المنعقد مسخّن حتى إن شرابه يمنع اقشعرار الشتاء .
الزينة : يحلل الثآليل .
الأورام والبثور : يضمد به مع الخل الأورام البلغمية الحديثة .
آلات المفاصل : يشرب لضعف العصب وبالسويق والشراب ضماداً على عرق النسا شرابه ينفع من الأوجاع التي تحت الشراسيف .
أعضاء العين : يخلط بالطعام فيحفظ قوة البصر ويزيل ضعفه وهذا ما شهد به ديسقوريدوس أعضاء الصدر : ينقّي الصدر والرئة ويعين على النفث ويسكن أوجاع الشراسيف طبخاً ولعقاً بالعسل ولتجفيفه يمنع نفث الدم .
أعضاء الغذاء : يعين على الهضم وشرابه يزيل سوء الهضم وقلة الشهوة جداً .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث ويسهّل الدود وإذا شرب منه ما بين درهمين إلى أربعة دراهم أسهل البلغم من غير أذى إسهالاً كافياً نافعاً .
حسك : الماهية : قال ديسقوريدوس : الحسك صنفان أحدهما ورقه يشبه ورق بقْلَة الحمقاء إلا أنه أرق منه وله قضبان مستديرة منبسطة على الأرض وعند الورق شوك ملزّز صلب وينبت في الخرابات .
والندي منه وهو ثانيهما ينبت في المواضع الندية والأنهار وقضبانه مرتفعة وورقه أعرض من شوكه حتى إنه يغطيه بعرضه فيخفي وطرف ساقه الأعلى أغلظ من طرفه الأسفل وعليه شيء نابت دقيق في دقة الشعر شبيه بسفا السنبلة وثمره صلب مثل ثمرة الصنف الآخر وكلا الصنفين يبردّان .


والقوم الذين يسكنون بشطّ نهر سطرموس يعلفون دوابهم بهذا النبات إذا كان رطباً ويعملون من ثمره خبزاً لأنه حلو مغذٍ ويأكلونه وبالجملة البري منهما أرضيته أكثر والبستاني مائيته أكثر إذ هو من جوه رطب ليست برودته بكثيرة ومن جوهر يابس برودته ليست بيسيرة .
الطبع : الحسك صنفاه عند ديسقوريدوس بارد يابس .
وقال غيره : هو حار في أول الأولى يايس فيها وهو أشبه بطبع حسك بلادنا .
الأورام والبثور : يمنع حدوث الأورام الحارة وانصباب المواد وهو جيّد لأورام الحلق .
الجراح والقروح : ينفع من القروح العفنة واللحم بالعسل .
أعضاء الرأس : جيد لقروح اللثة العفنة .
أعضاء العين : تنفع عصارته في الأكحال .
أعضاء النفس : ينفع من الأورام المطيفة بعضل الحلق .
أعضاء النفض : يزيد في الباه ويفتت الحصاة من الكلية والمثانة وكذلك عصارته وينفع من عسر البول والقولنج .
السموم : درهمان من ثمره البري لنهش الأفعى ودرهمان منه بالشراب للسموم القاتلة ويرشّ بطبيخه المكان فيقتل براغيثه .
حرمل : الماهية : هو معروف .
الأفعال والخواص : مقطع ملطف .
آلات المفاصل : جيد لوجع المفاصل وتطلى به .
أعضاء الرأس : فيه قوّة مسكرة كإسكار الخمر مثلاً .
أعضاء العين : قال ديسقوريدوس : إنه إن سحق بالعسل والشراب ومرارة القبّج أو الدجاج وماء الرازيانج وافق ضعف البصر .
أعضاء الغذاء : يغثي بقوة .
أعضاء النفض : يدرّ البول والطمث بقوة شرباً وطلاء وينفع أيضاً من القولنج شرباً وطلاءً .
حلتيت : الماهية : قال ديسقوريدوس " في كتابه : إن الحلتيت صمغ الأنجدان وذلك بأن يشرط أصله وساقه ثم بعد الشرط يسيل منه الحلتيت .
والحلتيت الذي يجلب من أرض قورنيا إذا ذاق منه اللسان فإنه على المكان يظهر في بدنه كله شيء نحو الحصف ورائحته ليست بكريهة ولذلك مذاقه لا يغير النكهة تغيّراً شديداً .
ونوع آخر من الحلتيت المعروف بسوريا أي من الشام هو أضعف قوة من الفورينا .


وكل أصنافه يغش قبل أن يجف بسكبينج يخلط به أو دقيق الباقلا ويعرف المغشوش مبه بالمذاق والرائحة واللون .
ومن الناس من يسمي ساق هذا النبات سلقيون ويسمى أصله ماء عنطارث وهو المحروث وأقوى هذه كلها الصمغ وبعده الورق ثم الساق وقد ينبت ببلاد لونيه شيء بأصل شجرة الانجدان إلا أنه أدق منه وهو حريف وليس له صمغ يدعى مأخوذ السف ويفعل فعله .
وبالجملة الحلتيت صنفان منتن وطيب ليس بقوي الاختبار : أجوده ما يكون منه ما كان إلى الحمرة وكان صافياً يسمى بالمر قويّ الرائحة لا تكون رائحته شبيهة برائحة الكرّاث ولا أخضر اللون ولا كريه المذاق هين الإذابة إذا ديف كان لونه إلى البياض .
الطبع : حار في أول الرابعة يابس في الثانية .
الخواص : يكسر الرياح ويطردها بتحليله وهو مع ذلك نفاخ ويقطع ويحلل الدم الجامد في الجوف .
الزينة : ينفع من داء الثعلب لطوخاً بالخل والفلفل وإذا استعمل في المأكولات حسن اللون ويقلع الثآليل المسمارية .
الأورام والبثور : إذا شرطت الأورام الخبيثة المميتة للعضو وجعل الحلتيت عليها نفع وهو جيد في علاج الدبيلات الظاهرة والباطنة .
الجروح والقروح : ينفع من القوابي .
آلات المفاصل : إذا شرب بماء الرمان نفع من شدخ العضل وينفع من أوجاع العصب مثل التمدد والفالج بأن يؤخذ منه أنولوس فيخلط على ما قيل بالشمع ويبلع ويشرب بالشراب مع فلفل وسذاب .
أعضاء الرأس : تحشى به الأضراس المتأكلة أو يخلط بكندر ويلصق على السن ويفعل فعل الفاوانيا في الصرع وإذا تغرغر به قلع العلق من الحلق .
أعضاء العين : جيد لابتداء الماء كحلاً بعسل .
أعضاء الصدر : إذا ديف في الماء وتجرع صفى الصوت على المكان ونفع من خشونة الحلق المزمنة .
وإن تحسّى بالبيض نفع من السعال المزمن والشوصة الباردة ويفعل فعل الشب في ورم اللهاة .
أعضاء الغذاء : إن استعمل بالتين اليابس نفع من اليرقان وهو مما يضر بالمعدة والكبد .


أعضاء النفض : ينفع من البواسير ويقوي الباه ويدر البول والطمث وينفع من المغص ومن قروح الأمعاء .
وزعم بولس أن فيه قوة مسهلة قليلة مع قبض .
ومن المعلوم عنه الجماعة أنّه قد ينفع من الإسهال العتيق البارد .
الحميات : ينفع جداً من حمى الربع .
السموم : يجعل على عضة الكَلْب الكَلِب والهوام وخْصوصاً العقرب والرتيلاء وينفع من جميع ذلك شرباً وطلاء بالزيت وينفع ضرر السهام المسمومة وينفع من بعض السمائم .
حنظل : الاختيار : المختار منه هو الأبيض الشديد البياض اللين فإن الأسود منه رديء والصلب رديء .
وينبغي أن لا ينزع إذا جني شحمه من جوفه بل يترك فيه كما هو فإنه يضعف إن فعل ذلك ث وأن لا يجنى ما لم يأخذ في الصفرة ولم تنسلخ عنه الخضرة بتمامها وإلا فهو ضارّ رديء .
قالوا : ويجب أن يجتنب قشره وحبه وإذا لم يكن على الشجرة إلا حنظلة واحدة فهي رديئة قتّالة والذكر الليفي أقوى من الأنثى الرخو ويجب أن يبالغ في سحقه ولا يغتر بأنه قد انسحق جيداً فإن الجزء الصغير منه في الحسّ إذا صادف الرطوبة يربو ويتشبث بنواحي المعدة وتعاريج الأمعاء ويورم فلذلك يجب إذا سحق أن يبل بماء العسل ثم يجفف ويسحق وإصلاحه ودفع غائلته بالكثيراء أولى منه بالصمغ لأن الصمغ أقهر لقوة الدواء .
الطبع : حار في الثالثة يابس زعم الكندي أنه بارد رطب وقد بعد عن الحق بعداً شديداً .
الأفعال والخواص : محلل مقطع جاذب من بعيد ورقه الغضُ يقطع نزف الدم .
الزينة : يدلك على الجذام وداء الفيل .
الأورام والبثور : ورقه الغض يحلّل الأورام ويُنضجها .
آلات المفاصل : نافع لأوجاع العصب والمفاصل وعرق النسا والنقرس البارد جداً .
أعضاء الرأس : ينقّي الدماغ ويطبخ أصله من الخلّ ويُتَمضمض به لوجع الأسنان أو يقوّر ويرمى ما فيه ويطبخ الخل فيه في رماد حار وإذا طبخ في الزيت كان ذلك الزيت قطوراً نافعاً من الدوي في الأذن ويسهل قلع الأسنان .


أعضاء النفس والصدر : ينفع الإستفراغ به من انتصاب النفس شديداً .
أعضاء الغذاء : أصله نافع للاستسقاء رديء للمعدة .
أعضاء النفض : يسهل البلغم الغليظ من المفاصل والعصب خصوصاً ويسهل أيضاً المرار وينفع من القولنج الرطب والريحي جداً وربما أسهل الدم ويحتمل فيقتل الجنين ولسرعة خروجه من الأمعاء لا يبلغ في التأثيرات المتوقعة من مرارته وينفع من أمراض الكلى والمثانة .
والشربة منه وزن كرمتين أي اثنا عشر قيراطاً ويجب أن يسحق وربما آخرج جوفها من فوق وملىء من رب العنب أو من شراب حلو عتيق وترك يوماً وليلة وربما وضع على رماد نار إلى أن يسحق ناعماً ويسقى .
السموم : المجتنى أخضر يسهل بإفراط ويقيء بإفراط ويكرب حتى ربما قتل والمفرد الثابت على أصله وحده ربما قتل منه دانقان ومن قشره وحبه دانق .
أصله نافع للذع الأفاعي وهو من أنفع الأدوية للدغ العقرب فقد حكى واحد من العرب أنه سقي من لدغته العقرب في أربع مواضع درهماً منه فبرأ على المكان وكذلك ينفع منه طلاء .
الماهية : الحمص أصناف كثيرة منها الأبيض ومنها الأحمر ومنها الأسود والكرسني .
ومنها بري أحد وأمر وأشد تسخيناً ويفعل أفعال البستاني في القوه لكن غذاء البستاني أجود من غذاء البري .
الطبع : الأبيض حار يابس في الأولى والأسود أقوى .
الخواص : كلاهما مفتّح ملين وفيه تقطيع ويغذو غذاء أقوى من غذاء الباقلا وأشد تلززاً ولا شيء في أشكاله أغذى منه للرئة ورطبه أكثر توليداً للفضول من يابسه .
الزينة : يجلو النمش ويحسن اللون طلاء وأكلاً .
الأورام والبثور : ينفع من الأورام الحارة والصلبة وسائر الأورام وما كان منها في الغدد .
الجراح والقروح : دهنه ينفع القوباء دقيقه للقروح الخبية والسرطانية والحكة .
آلات المفاصل : ينفع من وجع الظهر .
أعضاء الرأس : نافع للبثور الرطبة في الرأس وينفع نقيعه من وجع الضرس وينفع من أورام اللثة الحارة والصلبة والأورام التي تحت الأذنين .


أعضاء الصدر : يصفّي الصوت ويغذو الرئة أفضل من كل شيء ولذلك يتخذ منه حساء أي من دقيق الحمص .
أعضاء الغذاء : طبيخه نافع للاستسقاء واليرقان ويفتح وخصوصاً الكرسني والأسود سدد الكبد والطحال ويجب أن يؤكل الحمص لا في أول الطعام ولا في آخره بل في وسطه .
أعضاء النفض : طبيخ الأسود يفتت الحصاة في المثانة والكلي بدهن اللوز والفجل والكرفس ويخرج الجنين جيمعه وهو رديء لقروح المثانة ويزيد في الباه جداً ولذلك يعلف فحول الدواب والجمال الحمص .
ونقيعه ينعظ بقوة إذا شرب على الريق وكلة يلين البطن ويفتح سدد الكلى خصوصاً الأسود والكرسني .
قال بعضهم : أنه إن نفع في الخل وأكل حُثه على الريق وصبر عليه نصف يوم قتل الدود .
قال أبقراط : إن في الحمص جوهرين يفارقانه بالطبخ أحدهما مالح يلين الطبيعة والآخر حلو يدر البول والحلو فيه نفخ يهيج الباه .
حنطة : الماهية : معروفة .
الاختيار : أجود النطة المتوسطة في الصلابة والسخافة العظيمة السمينة الحديثة الملساء التي بين الحمراء والبيضاء .
والحنطة السوداء رديئة الغذاء .
الطبع : حارة معتدلة في الرطوبة واليبوسة وسويقها إلى اليبس .
الأفعال والخواص : الحنطة الكبيرة والحمراء أكثر غذاءً .
والحنطة المسلوقة بطيئة الهضم نفاخة لكن غذاؤها إذا استمرئت كثير والحواري قريب من النشا لكت أسخن والدقيق اللزج بطبعه غير اللزج بالصنعة وليس للزج بالصنعة ما للزج بطبعه .
وسويق الحنطة بطيء الانحدار كثير النفخ لا بد من حلاوة تحدره بسرعة وغسل بالماء الحار حتى يزيل نفخه وخلط السويق قليل وأما النشا فهو بارد رطب لزج .
الزينة : الحنطة تنقي الوجه ودقيقها والنشا وخاصة بالزعفران دواء للكلف .
أعضاء الغذاء : سويق الحنطة والشعير ثقيل .
أعضاء النفض : الحنطة النيئة وأيضاً المطبوخة المسلوقة من غير طحن ولا تهوية كالهريسة والهريسة أيضاً كذلك إن أكلت ولدت الدود .


السموم : الحنطة مدقوقة مذرورة على عضة الكلب الكَلِب نافعة وعندي الحنطة الممضوغة على الريق خير .
حليب : الماهيه : دواء هندي يشبه السورنجان الأبيض .
الطبع : حار يابس في الثانية .
آلات المفاصل : ينفع شربه من النقرس وأوجاع المفاصل جداً .
حماض : الماهية : قال ديسقوريدوس : هذا النبات أصناف كثيرة منه صنف ينبت في أرض دسمة ورقه طوال حادة الرؤوس وقد ينبت في البساتين وهذا إذا طبخ كان طيّب الطعم ومنه صنف ينبت في الآجام وأوراقه صلبة محددة الأطراف يقال له أفسولاباين ومنه صنف بري ناعم شبيه بلسان الحمل ومنه صنف ورقه كورق الصعتر وقضيان عليها بزره غير كبار حامض أحمر وحريف ومنه صنف يسمى أنقولويون .
وبعض الناس يسميه لعنون وهو أكبر من الذي وصفنا ينيت أيضاً في الآجام .
وقوته مثل قوة سائر أصناف الحماض التي ذكرناها وقال بعضهم : البري يقال له السلق البري وليس في البري كله حموضة كما يقال بل لعل في بعضه والبري أقوى في كل شيء .
الطبع : بارد يابس قي الثانية وبزره بارد في الأولى يابس في الثانية .
الأقعال والخواص : فيه قبض وفي التفه عنه تحليل يسير والحامض أقبض والذي ليس شديد الحموضهّ أغذى وهذا هو الشبيه بالهنديا وكله يقمع الصفراء وخلطه محمود صالح .
الزينة : أصوله بالخل لتقشير الأظفار وإذا طبخ بالشراب نفع ضماده من البرص وا لقوباء .
الأورام والبثور : تضمد به الخنازير حتى قيل : إن أصله إن علق في عنق صاحب الخنازير انتفع به .
الجراح والقروح : أصوله بالخل للجرب المتقرح والقوابي وطبيخه بالماء الحار على الحكة وكذلك هو نفسه في الحمام بمائه .
أعضاء الرأس : يتمضمض بعصارته للسن الوجعة وكذلك بمطبوخه في الشراب وينفع من الأورام التي تحت الأذن .
أعضاء الغذاء : ينفع من اليرقان الأسود بالشراب ويسكن الغثيان ويؤكل لشهوة الطين واذا طبخ بخل وضمد به الطحال حلل ورمها .


أعضاء النفض : هو وبزره يعقل وخصوصاً بزر الكبار منه وقد قيل : إن ورق كل أصنافه إذا طبخ وأكل لين البطن وقيل : في بزره عقل مطلق .
وقال بعضهم : إن بزر الحماض غير مقلو فيه إزلاق وتليين .
وأصوله مدقوقا لسيلان الرحم وتفتت حصاة الكلية إذا شرب في شراب وللزوجته التي فيه ينفع من السحج العارض ومن يبس التفل فإنه مع منفعته السحج يزلق وإذا شرب بزر الفاض وساغ ذلك بالماء والخمر نفع من قرحة الأمعاء والإسهال المزمن وإذا سُحق واحتملته المرأة قطع سيلان الرطوبات السائلة من الرحم سيلاناً مزمناً وإذا طُبخ بالشراب وشرب فتت الحصى الذي في المثانة وأدرّ الطمث جداً .
السموم : ينفع من لسع العقرب وخصوصاً البري وإن استعمل بزره قبل لسع الهوام والعقرب لم حَرشَف : الماهية : وهو بعض أصناف الكركند .
الطبع : معتدل إلى الحرارة رطب إلى الثانية .
قال الخوزي : هو بارد رطب .
قال المسيح : هو كالهليون في أفعاله حار رطب في الأولى .
وقال غيره : هو حار في الأولى رطب في الثانية .
وقد نسب إلى جالينوس أنه قال : الحرشف حار في آخر الثانية .
وعندي أن أجناسه كثيرة مختلفة الطبائع .
الأفعال والخواص : ينقي قليلاً ويجفف وفيه لطافة .
قال الخوزي : إنه يولّد السوداء وقد أبعد .
الزينة : ينفع طلاء من داء الثعلب وماؤه يقتل القمل غسلاً للرأس ويزيل نتن الإبط لإدرراره للبول المنتن وبخاصية فيه .
الأورام : يحلل الأورام .
الجراح والقروح : ماؤه ينفع من الحكة الصلبة .
أعضاء الرأس : ماؤه يذهب الحزاز .
أعضاء الغذاء : يغثي وخصوصاً الجبلي لا سيما أصله وصمغه وهو الكركند ونقول فيه من بعد في فصل الكاف .
أعضاء النفض : يزيد في الباه ويدر البول ويخرج بولاً منتناً ويلين الطبيعة ويخرج البلغم وكثيراً ما يعقل البطن إذا شرب بالشراب .
حندقوقي : الماهية : نبت منه بري ومنه بستاني ومنه مصري يتخذ من بزره الخبز ويتناولونه .


الطبع : قال ابن جريج : حار يابس في آخر الثانية .
قال ابن ماسويه : حار في وسط الثانية .
والبستاني يشبه أن تكون حرارته في آخر الأولى .
الخواص : البستاني معتدل الجلاء والتجفيف وفي البرّي قبض مع تسخين ودهنه للرياح الغليظة .
الزينة : البري للكلف وكذلك البستاني .
الجراح والقروح : عصارة البستاني بالعسل تنقي القروح .
آلات المفاصل : دهنه جيّد لأوجاع المفاصل من الريح وعند خوف الزمانة وقد برىء به قوم .
أعضاء الرأس : يصدع إذا سعط بعصارته وينفع لمن يصرع كثيراً .
أعضاء العين : عصارة البستاني منه لبياض العين والغشاوة وخصوصاً مع العسل .
أعضاء الصدر : نافع لوجع الأضلاع من البلغم خصوضاً البرّي ويحدث وجع الحلق والخوانيق ويتلاقى ضرره بالكزبرة والخسّ والهندبا .
أعضاء النفض : يدرّ البول والطمث .
والبرّي مع شراب وبزر الملوخيا جيّد لوجع المثانة .
ودهنه نافع لوجع الأنثيين ووجع الأرحام .
والبرّي ينفع من الهيضة ويشد البطن وهو وبزره يهيّج الباه .
الحمّيات : قيل فيما يقال : إن صاحب الغبّ يسمى من ورقه ثلاث ورقات أو من بزره ثلاث حبّات فيشوش على الحمى أدوارها وللربع أربع من أيهما شئت .
السموم : إذا رش ماؤه على لسعة العقرب سكّن الوجع في الحال وإن رشّ على عضو سليم هيج لذعاً ووجعاً وبزره أقوى في علاج لسع العقرب منه .
حلبة : الطبع : في آخر الأولى يابسة فيها ولا تخلو من رطوبة غريبة .
الأفعال والخواص : قوتها منضجة ملينة وذلك لما اجتمع فيها من حرارة مع لزوجة فلزوجتها تمنع غلبة أذى حرارتها وحرارتها تفعل بالرفق وكيموسها رديء وإن كان ليس بالقليل .
الزينة : دهنها مع الآس نافع للشعر ولآثار القروح وينفع من الشقاق البارد بلعابها خصوصاً مع دهن الورد ويدخل في أدوية الكلف وتحسين اللون وتغير النكهة ونتن رائحة البدن والعرق .


الأورام والبثور : تحلل البلغمية والصلبة ودقيقها للأورام الحارة الظاهرة والباطنة إذا لم تكن ملتهبة بل كانت إلى صلابة ما وتلين الرتيلات وتنضجها .
أعضاء الرأس : تنقي الحزاز غسلاً به للرأس مصدعة خصوصاً مع المري وإن كانت مع المرّي أقل مضرة للمعدة .
أعضاء العين : طبيخ الحلبة يشفي من الطرفة وينفع طلاء على العين للمواد الغليظة المتورمة أعضاء الصدر : تصفي الصوت وتغذو الرئة بعض الغذاء وتلين الصدر والحلق وتسكّن السعال والربو وخصوصاً إذا طبخت بعسل أو تمر أو تين .
والأجود أن تجمع مع تمر لحيم ويؤخذ عصيرهما فيخلط بعسل كثير ويسخن على الجمر تسخيناً معتدلاً ويتناول قبل الطعام بمدة طويلة .
أعضاء الغذاء : نافعة مع النطرون للطحال ضماداً .
وطبيخها بالخل لضعف المعدة وخصوصاً طريها ولقروحهما مغث والخل والمري يدفعان ضرر أكله .
أعضاء النفض : يجلس في طبيخها لورم الرحم ووجعه وانضمامه وطبيخها بالخل لقروح المعي وكذلك طريها مع الخل إذا أكل قضماً .
وطبيخها بالماء جيد للزحير والإسهال .
ودهنها جيد للأورام في المقعدة ويحقن أيضاً للزحير والمغص وخصوصاً مع المري قبل الطعام وإنما يحرك إلى دفع الثفل لحرافته وخصوصاً مع عسل غير كثير لئلا يلذع بقوة وطبيخه مع العسل يحدر الرطوبات الغليظة من الأمعاء ويدر البول والطمث ويحتمل مع شحم البط فينفع من صلابة الرحم للعسير الولادة لجفاف وهو جيد لأصحاب البواسير يطيب الرجيع وينتن البول والعرق وليس كالترمس في عسر خروجه .
حرذون : الماهية : هو الضب وطبعه قريب منه طبع الورل وهو يشبه الورل بما يتعدى به .
أعضاء العين : زبله للبياض والحكة ويحِد البصر .
حلزون : الماهية : هو من جملة الأصداف .
الأفعال والخواص : يطفىء الدم .
أعضاء العين : المحرق منه لقروح العين .
حور رومي ويسمى التروس : الطبع : حار يسخن شديداً في الثانية ويجفف قي الأولى .
وزهره أشد تسخيناً وصمغه بالغ في التسخين .


أعضاء الرأس : ثمرته بالخل تنفع من الصرع .
حل : آلات المفاصل : يضر بالعصب ويحدث التشتج .
حشيشة الزجاج : الماهية : هذه حشيشة يجلى بها الزجاج .
الأفعال والخواص : فيه قبض مع الرطوبة ملصق منق ملين .
الأورام والبثور : مسكن للأورام ويسقى ورقه للجمرة وحرق النار والأورام البلغمية وعصارته مع أسفيداج الرصاص على النملة والحمرة ويغرغر به لورم اللوزتين .
أعضاء المفاصل : بقيروطي على النقرس .
أعضاء الرأس : عصارته مع دهن الورد لوجع الأذن يتحنك به وبعصارته لورم اللوزتين .
أعضاء النفس : تتحسى عصارته للسعال المزمن .
أعضاء النفض : يزيل البواسير .
حربة : الماهية : ويقال لها أيضاً لنجيطس وهو بزر مثلث كالحربة ورقه مثلث شبيه بورق أسقولوقندريون .
الطبع : البستاني حرارته قليلة والبري حرارته في الثانية .
أعضاء الغذاء : قشره بالخل على الطحال وورقه يابساً إذا شرب أبرأ الطحال .
أعضاء النفض : يدر خصوصاً ورقه الشبيه بورق أسقولوقندريون .
حالبي : الماهية : نبات يسمى حالبياً لأن له خاصية شفاء أورام الحالب ضماداً وتعليقاً وهو مركب للقوى كالورد .
الطبع : فيه قوة مبردة مع حرارة فيه .
الخواص : محلل وفيه قوة مبردة دافعة .
الأورام والبثور : يشفي الورم العارض في الحال إذا علق عليه فضلاً عن أن يضمد به .
حزاء : الماهية : هو الزوفرا وهو الديناروية وقد قلنا فيه فيما مضى .
حاسيس : الماهية : هو دواء أرمني ويقال أيضاً فارسي قالت الخوز : هو أقوى من الأفربيون وإذا زادت شربته على الدرهم قتل .
الطبع : حار يابس في الرابعة .
الخواص : محرق مسيخ الطعم .
حب البان : ماهيته : ذكر في باب الباء .
حب الغار .
الماهية : هو حبَ الديمست كالبندق الصغار وقشره إلى السواد رقيق إذا غمر انفلق عن فلقتين صلبتين إلى الصفرة ما هما فيه يسير عطرية ونذكر أفعاله في فصل الغين عند ذكرنا الغار .
حب الزلَم .
الماهية : هي حبة طيبة الطعم جداً وينبت بشهرزور .


الطبع : هو حار في الثانية رطب .
الزينة : مسمن .
أعضاء النفض : يزيد في المني جداً .
حب الميسم : الماهية : حبّ في مقدار الفلفل وفي لونه إلا أنه سهل الإنكسار ينفلق عن لبّ شديد البياض عطر .
أعضاء الغذاء : جيد للمعدة الباردة والمسترخية فيما يقال .
حب النيل : الماهية : هو القرطم الهندي .
الاختيار : أجوده الرزين الأملس الحديث .
الطبع : قال بعضهم : هو حار يابس في الأولى والصحيح أنه حار يابس في الثانية .
الزينة : ينفع من البرص والبهق الأبيض .
أعضاء الغذاء : مكرب مغث جداً .
أعضاء النفض : يسهل الأخلاط الغليظة والسوداء والبلغم بقوة والديدان وحبّ القرع .
الأبدال : بدله في الإسهال والمنفعة من السوداء نصف وزنه شحم النظل مع سدس وزنه حجر أرمني .
حب السمنة .
الماهية : شجرة قفرية على قدر الذراع أبيض الورق ليس بشديد البياض ثمرته كالفلافل دهني لبني .
قال بعضهم : هو بزر صامر يوما .
الطبع : حار إلى قليل رطوبة .
أعضاء الغذاء : يبطؤ في المعدة فإذا انهضم كثر غذاؤه .
أعضاء النفض : يزيد في المني ويهيج الباه .
حب الصنوبر : الماهية : حبّ هذه الشجرة أدق من الفستق دقيق القشر هشّه أحمر ينفلق عن لب متطاول أبيض دهين لذيذ وهذه هي الكبار التي هي من الصنوبر المسمّى سوس وأما الصغار فإنها حب مثلث أصلب قشراً وأحذ لبا وفيه حرافة وعفوصة والصغار أشبه بالدواء منها بالغذاء .
الطبع : الكبار كالمعتدل وإلى حرارة ويزيد رطوبة والصغار حار يايس في الثانية .
الخواص : فيه إنضاج وتليين وتحليل ولذع وخصوصاً في الطري ويذهب لذعه أن ينفع في الماء وحينئذ يكمل تليينه وتغريته وإن كانا قبل ذلك موجودين فيه وجوداً تاماً .
وجوهره أرضي مائي فيه قَليل هوائية .
الزينة : مسمّن .
آلات المفاصل : حبّ الصنوبر الكبار ينفع من الاسترخاء وضعَف البدن أكلاً ويجفف الرطوبات الفاسدة التي تكون فيها .


أعضاء الصدر : الصغير والكبير منه نافع لرطوبات الرئة العفنة والقيح ونزف الدم والسعال وخصوصاً بالمبيبختج الطري لمرارة يسيرهَ فيها فإذا طبخ بشراب حلو كان لتنقية قيح الرئة جيّداً وكذلك قشوره وخشبه إذا وقع في اللعوقات .
أعضاء الغذاء : إذا ضمّد مع الأفسنتين على المعدة قوّاها وهو عسر الانهضام كثير الغذاء قويّه يلذع المعدة إلا أن ينقع في الماء الحار فيأكله المحرور مع الطبرزذ والمبرود مع العسل فيهضم ويجود وهو جيد للمعدة .
قال ديسقوريدوس : رديء للمعدة ويشبه أن لا يكون كذلك إلأ إذا حرق ورنخ وأن المنقوع يكون جيداً يصلح فساده ويكسر رياحه وإذا شرب مج بقلة الحمقاء سكن لذعها فضلاً عن أن لا يلذع .
أعضاء النفض : يزيد في المني زيادة كثيرة إذا أكل مع السمسم والطبرزذ أو العسل والفانيد والإكثار منه ومن الصعتر يمغص .
وترياقه حب الرمان المز يمص بعده وهو شديد الجلاء لرطوبات الكلي والمثانة ويقويهما على حبس البول ويبرىء من نوعي التقطير ويمنع من قروح المثانة ومن الحصاة ويدر وينفع ضماده مع الأفسنتين .
حب القلقل : الماهية : الأبيض أكبر من القرطم ليس بخالص الاستدارة ينكسر عن لبّ دهني طيب الطعم .
آلات المفاصل : يقوي الأبدان المسترخية .
الخواص : مقليه أخف .
الزينة : مسمن .
أعضاء الرأس : مصدع وخصوصاً إذا تنقل به على الشراب العتيق .
أعضاء الغذاء : الإكثار منه يتخم ويهيض وإذا أكل بالطبرزذ والسكر والعسل كان أجود هضماً والمقلي منه أجود وليس خلطه برديء والصغير شديد اللذع للمعدة .
حديد .
الماهية : هو ثلاثة أصناف : سابورقان وبرماهن وفولاذ مصنوع .
فالسابورقان هوالفولاذ الطبيعي .
والفولاذ المصنوع هو المتخذ من البرماهن .
وتوبال السابورقان قريب من توبال النحاس .
ونفرد للخبث باباً مفرداً .
الأقفال والخواص : زنجاره قابض أكّال وخبثه أضعف من زنجاره وهو أقوى كل خبث تجفيفاً .
الزينة : صدؤه على الداحس بالشراب .


الأورام والبثور : صدأ الحديد بالشراب على الجمرة والبثور .
أعضاء الرأس : إذا سحق بخلّ ثقيف وطبخ فيه كان ذلك الخلّ نافعاً للقيح المزمن الجاري من الأذن .
أعضاء العين : صدأ الحديد جيد لخشونة الجفون والظفرة .
أعضاء الغذاء : الشراب والماء المطفأ فيه الحديد ينفع من ورم الطحال واسترخاء المعدة وضعفها .
أعضاء النفض : في توباله قوّة مسهّلة للماء أضعف من التي في توبال النحاس وصدؤه قابض يحتمل فينقطع نزف الدم من الرحم وصدؤه يجفّف البواسير والشراب المطفأ فيه الحديد يحبس الإسهال المزمن ودوسنطاريا وينفع من استرخاء المقعدة وسلس البول ونزف الحيض ويقوي على الباه .
حمام .
الماهية : طير معروف .
الطبع : الفراخ فيها حرارة ورطوبة فضلية والنواهض أخفّ وبيضها حار جداً .
الخواص : في الفراخ غلظ الرطوبة الفضلية .
أعضاء الرأس : دمّ الحمام يقطع الرعاف الذي من حجاب الدماغ .
أعضاء الغذاء : النواهض أخص هضماً وأجود خلطاً من الفراخ ويجب أن يأكلها المحرورون بالحصرم والكزبرة ولب الخيار وبيضه زهم .
أعضاء العين : زبل الحمام نافع للبياض العارض من اندمال القرحة في القرنية .
حور الماهية : هذه الشجرة يقال : إن الرومي منها صمغها الكهرباء ونحن نفرد للكهرباء باباً .
الطبع : معتدل إلى اليبس .
الخواص : لطيف وبزره ألطف وليس بشديد الحرارة .
آلات المفاصل : المثقال من ثمرة هذه الشجرة نافع لعرق النسا وورق الرومي مع الخل ضماد لوجع النقرس .
أعضاء الرأس : يفتر عصارة ورقه ويقطر في الأذن فيسكن وجعه .
وثمرته تنفع من الصرع .
أعضاء العين : يكتحل بثمرته مع العسل فيقوي العين .
أعضاء النفض : ثمرته مثقال لتقطير البول والمثقال من ثمرته بالخل بعد الطهو يمنع الحبل وكذلك ورقه .
حبّة الخضراء الماهية : هذه شجرة معروفة توجد في بلدان كثيرة باردة وقد تكون في الجزائر التي يقال لها فوفلادس .


والذي يجلب من هذه الجزيرة هو أجودها ولونه أبيض شبيه بلون الزجاج مائل إلى لون السماء طيّب الرائحة يفوح منه رائحة حبّة الخضراء .
وأجود هذه الصموغ صمغة شجرة الخضراء وبعدها المَصْطِكَى والكبار منه هي الضرو وشجره يسمى البطم .
الطبع : قال بعضهم : وفي دهنها تليين وقبض كما يكون في دهن الورد والحقّ أنّ تسخين حبة الخضراء تسخين ليس بالدون وأمّا تجفيفها فما دامت رطبة كان قليلاً وإذا بلغت كانت في الثالثة وصمغها حار فيه يبس قليل .
الأفعال والخواص : مسخّن ملين منقّ وفيها قبض وصمغه أكثر تحليلاً من المصطكي لأنه أمر وفيه قليل قبضَ وهو قوي الجلاء وفيه تفتيح جيد وإنضاج وتليين ويجذب من عمق البدن وفي كثير من الأوقات يقوم منام المصطكى ودخان البطم بعيد عن الأذى كدخاِن الكندر ودهنه مركب من قوى ثلاثة مع قوة قابضة وزعم بعضهم أن في دهنه تبريداً ما .
الزينة : يجلو الوجه والكلف وعلك الأنباط ينفع لشقاق الوجه .
الأورام والبثور : صمغه ينضج الأورام الصلبة .
الجراح والقروح : يجلو الجرب والقوابي ويدخل صمغه في المراهم لتنقية الجراحات ونشف المدة ويبرىء القروح الظاهرة وينفع من حكة القروح والجرب المتقرح ومن الجرب البلغمي والبثور البلغمية .
آلات المفاصل : يقع دهنه في أذهان الأعياء ومراهمها والفالج واللقوة .
أعضاء الرأس : صمغه بعسل وزيت جيّد لرطوبة الأذن .
أعضاء العين : دخانه يدخل في الأكحال لفظ الشعر وعلاج تأكل الأجفإن .
أعضاء الصدر : نافع من أوجاع الجنب ضماداً ومسحاً وصمغه جيد لقروح الرئة والسعال المزمن لعوقاً وحده أو بحلاوة .
أعضاء الغذاء : نافع للطحال وخصوصاً دهن البطم لكنه يذهب شهوة الطعام وكذلك ينقّي الصدر .
أعضاء النفض : يهيج ويدر وصمغه أيضاً يدر ويلين البدن إذا أخذت منه بندقة أو جوزة على الريق ينقّي الأخشاء ويجلو الكلي .
السموم : يشرب صمغه وثمرته بالشراب لنهش الرتيلاء .


حرباء أعضاء العين : قيل : إنّ دمها يمنع نبات الشعر المنتوف من العين .
حية الماهية : الحية أصناف كثيرة ويستعمل مطبوخاً بالماء والملح والشبت وقد يزاد عليها الزيت وهو في قوّة لحمها ويستعمل سلخها .
ونحن نذكر أصناف الحيات في الكتاب الرابع .
الاختيار : أجود لحمه دم الأنثى وأجود سلخه سلخ الذكر .
الطبع : التجفيف في دمه قوي وأما التسخين فليس بشديد وسلخه شديد التجفيف أيضاً .
الخواص : خاصة لحمه أن ينفذ الفضول إلى الجلد وخاصة إذا كان الإنسان غير نقي وكان واحد عرض له من أكله خراج في عنقه كثير وبُط فخرج كله قملاً ولحمه إذا استعمل أطال العمر وقوى القوة وحفظ الحواس والشباب .
وينفع من الجذام نفعاً عظيماً وإذا استعمل على داء الثعلب نفع نفعاً عظيماً .
الزينة : أكله يقمل ويقسر لدفعه الفضول إلى الجلد .
الأورام والبثور : لحمها ومرقها بعد إسقاط طرفيها يمنع تزيد الخنازير وكذلك سلخها .
آلات المفاصل : مرقها بعد أن يقطع من رأسها وذنبها قريباً من أربعة أصابع ويطبخ على ما ذكرنا إذا تحسيت وكذلك لحمها إذا كل ينفع من أوجاع العصب وكذلك سلخه .
أعضاء الرأس : سلخه إذا طبخ في شراب وقطر في الأذن سكن وجعها ويتمضمض بخلّ طبخ فيه السلخ لوجع السن وأجود سلخه سلخ الذكر .
وزعم " جالينوس " أنه إنْ أخذت خيوط كثيرة وخصوصاً مصبوغة بالأرجوان وخنق بها أفعى ولف واحد منها على عنق صاحب أورام اللهاة والحلق ظهر نفع عجيب .
أعضاء العين : مرقة الحيّة ودمه المذكور يقوي البصر واتفقوا على أن شحم الأفعى يمنع نزول الماء إلى العين ولكن الإنسان لا يجسر على ذلك .
السموم : تشق الأفعى وتوضع على نهش الأفعى نفسه فيسكن الوجع .
حمار .
الماهية : وحشي وغير وحشي وهما معروفان .
الزينة : رماد كبد الحار وكبده مع الزيت على تشقيق البرد نافع جداً .
الأورام والبثور : رماد كبد الحمار بالزيت على الخنازير .
القروح : يبرىء الجذام .


أعضاء المفاصل : المكزوز من اليبوسة يجلس في مرقة لحمه .
أعضاء الرأس : كبده مشوية على الريق تنفع من الصرع وكذلك حافره محرقاً والشربة كل يوم فلنجارين .
أعضاء النفض : قيل إن بوله نافع من وجع الكلى وبول الوحشي يفتت الحصاة في المثانة فيما يقال .
حجراليهود .
الماهية : كالجوز الصغير إلى طول يسير يقطعها خطوط تأتي من طرفها وخطوط آخرى معارضة لها متوازية فيتقاطع ويبقى منها كالتفاليس الصغار لامعة .
أعضاء الغذاء : يضعف المعدة ولا يوافقها ويسقط الشهوة .
أعضاء النفض : ينفع من حصاة الكلية ويخرجها والشربة عشر أنولوسات منه بماء حار وادعى أنه ينفع من حصاة المثانة وليس كذلك وهو مما يقطع المقعدة فيما يقال .
حجرالاسفنج .
الماهية : هذا حجر يوجد في حرم الإسفنج .
أعضاء النفض : يفتت حصاة الكلى .
الحجر اللبني .
الماهية : هذا حجر إذا حك بالماء خرج منه شيء كاللبن وهذا الحجر رمادي اللون حلو الطعم يسحق بالماء ويحفط ما يتحلل منه في حقة رصاص .
الأورام والبثور : ينفع من ابتداء الأورام الحارة ولا يبلغ أن ينفع نفعاً عند انتهائها يبلغ به الابراء .
أعضاء العين : يكتحل بحكاكته مع الماء فيمنع سيلان الفضول إلى العين والقروح العارضة فيها .
حجر الرحى .
الأورام والبثور : بخار الخل عنه يمنع النزف ويمنع الأورام الحارة .
حجرالمسن .
الزينة : حكاكته على الثدي والخصية لئلا تعظم .
الأورام والبثور : حكاكته جيدة لأورام الثدي الحارة .
حجر العاجي .
الأفعال والخواص : يجفف ويجلو ويحبس الدم .
الجراح والقروح : يمنع نزف الجراحات والقروح .
حجرعسلي : الماهية : حجر له حكاكة مفرطة الحلاوة ولكنه كالحجر اللبني في جميع أفعاله وله قوة الشادنج وفيه حرارة ما ويعدونه من الأدوية .
حجرالقمر .
الماهية : يقال له : بزاق القمر وزبد القمر ويؤخذ عنه زيادة القمر ويوجد في بلاد العرب خفيف .
الأفعال والخواص : فيما يقال يعلق على الأشجار فتثمر .


أعضاء الرأس : يشفي من الصرع ويعلق على المصروع تعاويذ متخذة منه .
حجر أسميطوس .
الماهية : هذا الحجر في أفعاله كالشادنة لكنها أضعف من ذلك .
حجرحبشي .
الماهية : حجر يجلب من بلاد الحبشة يضرب إلى الصفر يستحكّ منه حكّاكة لاذعة للسان شبيه باللبن .
أعضاء العين : ينفغ غشاوة العين إذا لم تكن مع ورم ورمد وينفع من آثار القروح فيها وينفع الظفرة اللينة .
حجر أفروجي .
الخواص : مجفّف مع قبض وتلذيع وتحليل .
حجرالحية .
السموم : يقال إنه ينفع تعليقاً من نهش الحية .
قال جالينوس : أخبرني بذلك رجل صدوق .
حجر يُطفأ بالزيت .
الخواص : هذا الحجر يطفأ بالزيت ويستعمل بالماء .
السموم : هذا الحجر يهرب منه الهوام .
حجراليشب .
أعضاء الغذاء : هو نافع للمعدة جداً وذكر جالينوس أنه إذا أخذت منه قلادة توازي المعدة وتُقلد بها نفع المريء والمعدة .
حجر الأساكفة .
أعضاه الصدر : ينفع من قروح الحلق وأورام اللهاة جداً .
حجر أرمني : الماهية : حجر فيه أدنى لازَوردية ليس في لون اللازَوَرد ولا في اكتنازه بل كان فيه رملية ما وربما استعمله الصياغون والنقاشون بدله اللازَوَرد وهو لين المس .
أعضاء الغذاء : رديء للمعدة مغسوله لا يقىء وغير المغسول يقيء وفي جملة الأحوال رديء للمعدة .
أعضاء النفض : يسهل السوداء إسهالاً قوياً أقوى من إسهال اللازَوَرد وقد اقتصر عليه فترك الخربق الأسود لما ظفر به لأمراض السوداء .
حرار الصخر .
الماهية : قال جالينوس : هذا شيء يكون على الحجر يشبه الطحلب وهو يجفف من الوجهين جميعاً لأن قوته تجلو وتبرد فالجلاء والتجفيف اكتسبه من الصخر والتبريد من الماء .
الخواص : مجفف مبرد وقال ديسقوريدوس : يقطع الدم ولا أقول به .
حجر المثانة .
الماهية : قال قوم إن الحجر المتولد في المثانة إذا شرب من ابتلى يذلك فتت حصى المثانة وهذا من المعالجات التي لا أقول بها .
فهذا آخر الكلام من حرف الحاء وذلك ثلاثة وخمسون دواء .


الفصل التاسع حرف الطاء
طباشير .
الماهية : هو أصول القنا المحرَقة يقال أنها تحرق لاحتكاك أطرافها عند عصوف الرياح بها وهذا يكون في بلاد الهند .
الأفعال والخواص : فيه قبض ودفع وقليل تحليل .
وتبريده أكثر وتحليله لمرارة يسيرة فيه فمن تحليله وقبضه يشتد تجفيفه وهو مركب القوى كالورد .
أعضاء الرأس : ينفع من القلاع وينفع من التوحش .
أعضاء العين : الطباشير ينفع من أورام العين الحارة .
أعضاء الصدر : يقوي القلب وينفع من الخفقان الحار والغشى الكائن من انصباب الصفراء إلى المعدة سقياً وطلاء .
أعضاء الغذاء : نافع من العطش والقيء والتهاب المعدة وضعفها ويمنع انصباب الصفراء إليها .
أعضاء النفض : يمنع الخلط الصفراوي .
الحميات : يمنع من الحميات الحادة .
طرخون : الماهية : هو معروف قالوا : أن عاقر قرحا هو أصل الطرخون الجبلي .
الطبع : الظاهر أنه حار يابس إلى الثانية وإن كانت فيه قوة مخدرة .
وقال بعض من لا يعتمد عليهِ : إنه حار يابس .
الخواص : هو يجفف الرطوبات منشف لها وفيه تبريد ما نافع .
أعضاء النفس : يحدث وجع الحلق .
أعضاء الغذاء : عسر الهضم .
أعضاء النفض : يقطع شهوة الباه .
طلحشقوق : الماهية : معروف من الهندبا .
الطبع : برده أكثر من رطوبته مع أن فيه رطوبة .
الخواص : مبرد مفتح .
أعضاء العين : لبنه يجلو البياض .
أعضاء الغذاء : عصارته تنفع من الاستسقاء جداً وتفتح سددد الكبد .
السموم : يقاوم السموم ويضمد به للسوع وخصوصاً لسع العقرب .
طرفاء .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هذه شجرة معروفة تنبت عند مياه قائمة ولها ثمر شبيه بالزهر وهو شبيه في قوامه بالأشنة وقد يكون بمصر والشام طرفاء بستاني شبيه بالبري في كل شيء ما خلا الثمر فإن ثمره بشبه العفص وهو مضرس يقبض اللسان فيستعمل بدله العفص في أدوية الخواص : فيه قبض وجلاء وتنقية من غير تجفيف شديد وماؤه جال مجفف جلاؤه أكثر من تجفيفه تجفيفه مع قبض .


وأما ثمرته فشديدة القبض وفي الطرفاء لطف قليل ليس في العفص الأخضر وفي سائر الأشياء الآخر يستعمل بدل العفص .
الزينة : طبيخه يستعمل نطولاً على القمل فيقتله .
الأورام والبثور : ورقْه ضماداً على الأورام الرخوة .
الجراح والقروح : دخانه يجفف القروح الرطبة والجدري ويذر سحيقه ورماده على حرق النار والقروح الرطبة وثمرته ورماده تجفف القروح العسرة وتأكل اللحم الزائد .
أعضاء الرأس : طبيخ ورقه بالشراب ينفع من وجع الأسنان مضمضمة ويمنع من تآكلها خصوصاً ثمرته .
أعضاء العين : ثمرته تقوم مقام العفص والحضَض في أمراض العين .
أعضاء النفس : ينفع من النفث المزمن خصوصاً ثمرته .
أعضاء الغذاء : تنفع قضبانه مهراة في الخل للطحال ضماداً ويشرب للطحال بشراب طبخ فيه ورقه وقضبانه ويتخذ من خشبه مشارب للمطحولين .
أعضاء النفض : ينفع من الإسهال المزمن ويجلس في طبيخه لسيلان الرحم ويحتمل حبه له السموم : تنفع ثمرته من نهش الرتيلاء .
طراثيث : الماهية : قطع خشب متغضنة في غلظ أصبع وطوله أقل وأكثر قابض الطعم أغبر وقوته كقوة الجلّنار ويقال أنه يجلب من البادية .
الخواص : قابض يمنع حركة الدم في الأعضاء كلها فيما يقال .
آلات المفاصل : يقوي المفاصل المسترخية .
أعضاء الغذاء : ينفع من استرخاء المعدة والكبد .
أعضاء النفض : عاقل يحبس نزف الدم ولأختلاف الدم والاعراس شرباً في لبن الماعز المطبوخ .
الأبدال : نصف وزنه قشور البيض المحرق المغسول وسدس وزنه عفص وعشر وزنه صمغ .
طلق .
الماهية : فال بعضهم : إن في سقيه خطراً لما فيه من تشبثه بشظايا المعدة وخملها وبالحلق والمريء وإذا احتيج إلى حلبه حلب في خرقة يجعل فيها قطع جمد أو حصى وليضرب حتى يتحلل وإن كان حصى لم يكن بد من غمسها في الماء وإن أراد إنسان فركه في الخرقة ثم نفضه في كوز وأخذ ما ينتفض منه ويستعمله بماء الصمغ وغيره كان جيداً لغرضه المطلوب .


الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : قابض حابس للدم ويستعمل في النورة كما زعم بولس وغيره ليكون تجفيفها أكثر ولا تحرقه النار إلاً بحِيَل .
أعضاء الصدر : ينفع من أورام الثديين والمذاكير وخلف الأذنين وسائر اللحم الرخو ابتداء .
أعضاءالنفس : يحبس نفث الدم بماء لسان الحمل .
أعضاء النفض : يحبس الدم من الرحم والمقعدة سقياً للمغسول منه وطلاء وينفع من دوسنطاريا .
طحلب .
الماهية : معروف والنهري مائي أرضي والبحري أشد قبضاً .
وأما طحلب الصخر وهو حرار الصخر وقد ذكرناه .
الطبع : بارد .
الخواص : حابس للدم في كل موضع طلاء والبحري أشد .
الأورام والبثور : يجعل على الأورام الحارة والحمرة والنملة وكذلك العدسي من الطحلب مع السويق .
آلات المفاصل : وعلى النقرس الحار وأوجاع المفاصل الحارة وإذا أغلي بالزيت العتيق لين العصب .
أعضاء النفض : يضمد به قيلة الأمعاء فيضمرها .
طحال .
.
الاختيار : خير الأطحلة طحال الخنازير ومع ذلك فهو رديء الكيموس .
الخواص : فيه بعض القبض ويولّد دماً سوداوياً .
أعضاء الغذاء : بطيء الهضم لعفوصته .
طاليسفر .
الماهية : قشور هندية فيها قبض وحدة وعطريّة يسيرة فيه جوهو أرضي أكثر ولطف قليل .
س الطبع .
ليس يبين عند جالينوس حر وبرد يعتد به .
قال بعضهم : إنه حار يابس في الثانية .
الخواص : فيه قبض وتجفيف شديدان وتحليل وهو مركّب من جواهر كثيرة والأرضية فيه أكثر .
أعضاء النفض : ينفع من الذرب وقروح الأمعاء ونزف الدم من الرحم والمقعدة وينفع من طريفان .
الماهية : نبات ينبت في الربيع بزره يشبه العصفر .
السموم : طبيخه إذا صب على نهش الأفعى سكّن وجعه وإن صب منه على عضو سليم أحدث به مثل ما يحدث من نهش الأفعى من الوجع .
طين مختوم .


الماهية : هذا الطين يجلب من تل أحمر من موضع يسمى بحيرة وإنما سميت بحيرة لأنها أرض ملساء قاع ليس فيها حشيشة البتة ولا صخرة وقد حدثني بحديثها من رأها ويقال لهذا الطين : الطين الكاهني وذلك أنه لم يكن يأخذه إلا امرأة كاهنة أعني في سالف الأيام .
ويقال له المغرة الكيهانية لأنه بالحقيقة مغرة تأخذه الكاهنة المسمّاة كانت بارطمس وتأتي به المدينة وتجعله كالحسو في الماء وتدعه بعد التحريك القوي يهدأ ويرسب وتصب عنه ذلك الماء وتأخذ الشيء الغليظ وتطرحه وتستعمل الدسم اللزج منه وتعمل منه طيناً كالشمع وتختمه .
وعند ديسقوريدوس هو طين من كهف ذلك الموضع يعجن بدم التيوس وقد يغمس حتى لا يعرف البتّة .
الاختيار : أجوده الذي له رائحة الشبث يحبس الدم إذا أسيل من الفم ويلتصق باللسان ويتعلق الخواص والأفعال : قال بولس : ليس دواء أقطع للدم منه وهو أقوى من طين شاموس حتى إن الأعضاء لا تحتمل قوته إذا كان بها ورم حار جداً خصوصاً الناعمة بل يحس منه خشونة ما وهو مبرّد مغر .
الأورام والبثور : ينفع في ابتداء الأورام الحارة .
الجراح والقروح : يدمل الجراحات الطريّة والقروح العسرة ويمنع الحرق من التقرح ويشفي قروحه .
آلات المفاصل : يحفظ الأعضاء عند السقطة ويجبر ويمنع انصباب المواد إلى اليدين والرجلين ويمنع التأكل .
أعضاء الرأس : يمنع النزلة ويمنع سيلان الفم واللثة .
أعضاء النفس : يحفظ الأحشاء عند السقطة وينفع من السل وينفع أيضاً نفث الدم لتجفيفه قرحة الرئة .
أعضاء النفض : ينفع من سحج الأمعاء الخبيث سقياً وحقناً خصوصاً بعد حقنه بماء العسل المائل إلى الصروفة ثم ماء الملح .
السموم : يقاوم السموم والنهوش سقياً بالشراب وطلاء بالخل والخالص منه إذا سقي لا يزال يغثّي ويقذف السم وخصوصاً إذا شرب قبله .


قال جالينوس : دواء العرعر المتخذ به جربته في الأرنب البحري والفراريح فوجدته يقذفها في الحال وقد جربته في عض الكَلْب الكَلِب بشراب وطليته على نهش الأفعى بالخل ووضعت عليه بعد الطلاء ورق أسقورديون أو قنطوريون .
طين مطلق .
الماهية : هو طين كل المواضع .
الطبع : كله مبرد .
الخواص : مجفف جال والطين الحر من الأرض الشمسية مجفف للأبدان الرهلة من غير لذع لتغريته إذا لم يخالطه المحرق كالخزف والحيطان المحرقة في الشمس وفيه قوّة محلّلة فإن غسل مرة آخرى صار مجفّفاً معتدلاً في االحر والبرد لطيفاً .
الزينة : يشدّ اللحم الرهل .
الأورام والبثور : بقيروطي على الخنازير والصلابات .
أعضاء الغذاء : يطلى بطين الأرض الشمسية المستسقون والمطحولون فينتفعون نفعاً بيناً ويبرىء اللحمي كثيراً .
طين أرمني .
الماهية : هو طين أحمر إلى الغبرة معروف يستعمله الصائغون في صبغ الذهب والالاني قريب الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : يحبس الدم لأن تجفيفه في الغاية .
الأورام والبثور : ينفع من الطواعين شرباً وطلاء ويمنع سعي عفونة الأعضاء .
الجراح والقروح : عجيب في أمر الجراحات .
لدضاء الرأس : يمنع النزلة وينفع من القلاع .
أعضاء الصدر : جيد لنفث الدم وينفع من السلّ لتجفيفه قرحة الرئة وهو علاج ضيّق النفس من النوازل .
أعصاء النفض : جيد لقروح الأمعاء والإسهال ونزف الرحم .
الحميات : ينفع من الحميات السلية والوبائية خاصة وقد سلم قوم من وباء عظيم لاعتيادهم شربه في شراب رقيق وإن سقي في حمى الوباء فلا بدّ من شراب ليبذرقه إلى القلب وليمزج ذلك الشراب مزجاً بماء الورد .
طين شاموس .
الماهية : قال الحكيم الفاضل جالينوس : نحن نستعمل من هذا ما يسمّى كوكب شاموس .


أقول : إن الناس يرون أن هذا هو الطلق لكن الطلق قد يذكر من أمره المحضلون أنه يقع إلى بلاد الأفعال والخواص : طين شاموس يقول جالينوس : هو كالمختوم في أمر حبس الدم وأشياء آخر وهو أكبر هوائية من المختوم ولكن هو أخفّ بل هو شديد الخفة وهو أعلك وألزج من المختوم والمختوم أقوى منه .
الطبع : هذا علك لزج مغرّ لا يحتاج إلى غسل وتبريده يسير وتسكينه كثير فيما يقال .
الأورام والبثور : يمنع الأورام الحارة ابتداء أشدٌ من سائر الأطيان وأن نفعت ولا يحسّ فيه بخشونة متشحنة كما يحس من المختوم .
الجراح والقروح : ولشّدة علوكته لا ينفع في قروح حرق النار منفعة المختوم .
أعضاء المفاصل : ينفع من ابتداء النقرس طلاء .
أعضاء العين : نافع في النقاطات العارضة للقرنية .
أعضاء الصدر والرأس : نافع لأورام الثديين وخلف الأذنين .
أعضاء النفض : ينفع من انفجار الدم عن الرحم واختلاف الدم .
طين مأكول .
أعضاء الغذاء : مسدد مفسد للمزاج إلا أنه يقوي فم المعدة ويذهب بوخامة الطعام ومع ذلك فلا أحب أن يستعمل .
وله خاصية عجيبة في منع القيء .
وأما ما يُدَّعى من تطييبه للنفس طين بلد المصطكى .
الماهية : جلاء غسّال مُنبت ملحم .
طين أقريطش .
الماهية : كثير الهوائية ويشبه بسائر الطين المذكور لكنه أضعف من سائرها ويجلو بغير لذع .
ويضعف الحواس .
أعضاء العين : ينفع من قروحها وكمنثها .
أعضاء النفض : يخفف الولادة فيما يقال ويحفظ الحوامل معلقاً عليهن .
طين قيموليا .
الماهية : قال حنين : هذا هو الطين الديري وهو صنفان أحدهما أبيض والآخر فرفيري وهو زائد الطبيعة بارد المجسّة يجلب من سواحل البحر سيما من موضع يقال له السيراف .
الطبع : بارد في الثانية حار في الأولى .
الخواص : الخالص منه كثير المنافع وفيه تبريد وتحليل وإذا غسل بطل تحليله .
الأورام والبثور : بالخل على أورام ما تحت المعدة .


الجراح والقروح : كلاهما إذا ديفا بالخلّ ينفعان من حرق النار وسائر الجراحات في ساعته قبل أعضاء الرأس : مدافاً بالخل ينفع الأورام العارضة في أصول الآذان واللوزتين .
آلات المفاصل : ينفع من أورام الجسد كله .
أعضاء النفض : كلاهما يلينان صلابة الخصيتين .
طين الكرم .
الماهية : قال ديسقوريدوس : قد يكون هذا الطين بأرض الشام وهو أسود اللون شبيه بالفحم المستطيل الذي يتّخذ من خشب الأرزة وفيه أيضاً شبه الحطب المسقو صغاراً ومن ذلك متساوي الصقالة ليس ببطيء الانحلال في الماء والدهن إذا سحق عليه .
وأما ما كان منه أبيض رمادياً لا ينماع فإنه رديء .
الاختيار : وينبغي أن يختار منه ما كان أسود اللون .
الخواص : يجفف تجفيفاً غير بعيد عن اللذع وفيه أدنى تحليل فيما يقال وفيه قوة مبردة .
الزينة : يقع في الحال التي تنبت الأشعار وفي صبغ الشعر والحاجب .
أعضاء النفض : وقد يلطخ به الكرم حتى يبتدي نبات ورقه وأغصانه وذلك ليقتل الدود فإذا شرب من ذلك يقتل الدود والحيات في الأمعاء .
طين المغرة .
الاختيار : أجوده البغدادي في النقيّ من الشوب القاني الحمرة .
الخواص : زعم بولس أنه في أفعال القبض والتجفيف أجود من المختوم .
الجراح والقروح : يدمل الجراحات .
أعضاء النفض : يقتل الدود ويتحسَى على النمبرشت فيحبس الطبيعة .
طين الأرضين المزروعة .
قال ديسقوريدوس : كل أصناف الطين التي تستعمل في الطب فإن لها على العموم قوة قابضة ملينة مبردة مغرّية وعلى الخصوص لكل واحد منها خاصية في النفعة من شيء دون شيء منها .
وأما طين الأرضين التي تزرع منها ما هو شديد البياض ومنها ما هو رمادي وهو الأجود من الأبيض وألين من ذلك .


وإذا حك على شيء من النحاس خرج من حكها لون الريحان وقد يغسل مثل ما يغسل الإسفيداج فإذا كان بالعشي بعد صب الماء عليه مراراً ترك حتى يصفو الماء منه ويسخن الطين في الشمس ويعاد عليه العمل عشرة أيام ثم يسحق في الشمس ويعمل منه أقراص على ما ينبغي .
الخواص : له قوة قابضة مبردة ملينة تلييناً يسيراً فيما يقال .
الجراح والقروح : يملأ القروح دماً ويلزق الجراحات في أول ما تعرض .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هذا الطين كالحجر يستعمله الصاغة في التملس والصقال وذلك على أصناف منها ما هو أبيض رمادي مثل الأول وهذا رقيق ذو صفائح وقطعه مختلف الأشكال ومنها ما لونه شديد البياض صقيل سريع التفتت وإذا بل بشيء من الرطوبات انحل سريعاً ويدلكون بهذا الطين في الحمام بدل الأشنان والنطرون .
الخواص : قابض مبرد مجفف .
الاختيار : ينبغي أن يختار ما كان أبيض صلباً من الأول ومن الثاني ما كان أبيض رمادياً .
الزينة : يصفي البدن ويحسنه ويصقل الوجه .
أعضاء الرأس : يغلظ الحواس .
أعضاء العين : ينفع من البياض والقروح العارضة في العين مع اللبن .
أعضاء الغذاء : إذا شرب نفع من وجع المعدة .
أعضاء النفض : وقد يظن أنه إذا علق علي المرأة التي حضرها المخاض أسرع و لادتها وإذا علق علىالحامل منعها أن يسقط الجنين .
طريقوليون .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو نبات ينبت في السواحل في أماكن منها إذا فاض ماء البحر غطاها وليس هو في جوف الماء ولا هو بناء عنه وله ورق شبيه بورق أطاطيس إلا أنه أغلظ منه وله ساق طوله نحو من شبر مشقوق الأعلى .
ويقال : إن زهر هذا النبات يتغير لونه في النهار ثلاث مرات فبالغداة يكون أبيض ونصف النهار يكون مائلاً إلى لون الفرفير وبالعشي أحمر قاني .
وله أصل أبيض طيب الرائحة إذا ذيق أسخن اللسان .
الطبع : مائل إلى حرارة .
أعضاء النفض : إذا شرب منه مقدار درخميين بشراب أسهل من البطن الماء وأدر البول .


السموم : وقد يتخذ لدفع ضرر السموم قبل سائر البادزهرات .
طرفحوماس .
الماهية : قال ديسقوريدوس : يسميه بعض الناس أدبار وهو ينبت في المواضع التي ينبت فيها برشياوشان ويشبه النبات الذي يسمى فرطيس وله ورق طوال جداً موضعه من كلا الجانبين دقاق شبيه بورق العدس محاذية بعضها بعضاً على قضبان دقاق صلبة بمية إلى السواد ويظن أنه يفعل ما يفعل برشياوشان في جميع أفعاله .
طاطيقس .
الماهية : زعم اصطفن إن هذا الحيوان يكون في شجر الزيتون وهو قريب من الجراد يصيح أكثر الزمان وصياحه صرير يسميه أهل الشام الذيز وأهل طبرستان يسمونه أنكورياشن بصاح العنب وأهل خراسان يسمونه جثرد .
أعضاء النفض : إذا شوي هذا الحيوان على الطابق نفع من أوجاع المثانة .
طالايبون .
الماهية : وقد يسمون هذا النبات أبرون البري وأيضاً بالرجلة البرية وساقه وورقه يشبه ساق ورق الرجلة وينبت عند كل ورقة من أوراقه قضبان يتشعًب منها ست أو سبع شعب صغار مملوءة من ورقه بخاراً يظهر منها إذا فركت رطوبة لزجة وله زهر أبيض وينبت بين الكروم .
الطبع بارد رطب .
الزينة : ورقه إذا تضمد به وترك ضماده ست ساعات على البرص كان علاجاً صالحاً وينبغي أن يستعمل دقيق الشعير بعد آن يضمد به وإذا دق ولطخ به البهق في الشمس وترك إلى أن يجف ثم يمسح يبرئه جداً .
طرغافيثا .
الماهية : قال ديسقوريدوس هو أصل عريض خشن وهو شوك الكثيراء ينبت فوق الأرض أغصاناً ضاراً قوية وعليها ورق كثير رقيق وبين ورقه شوك خفي أبيض صلب قائم والكثيراء رطوبة تظهر من هذا الأصل إذا قطع ظهر في موضع القطع والخدش ويصير صمغاً .
أعضاء النفس والظهر : إذا عجن بالعسل ووضع تحت اللسان نفع للسعال وخشونة الصدر فإذا ذاب وماع شرب منه وزن درهماً وهو ثملنية عشر قيراطاً بشراب حلو .
أعضاء النفض : وأيضاً إذا خلط هذا الصمغ بقرن أيل محرق ومغسول أوشيء يسير من شب يماني نفع من وجع الكليتين وحرقة المثانة .
طوقريوس .


الماهية : قال ديقوريدوس : هو عشبة كثيرة القضبان في شكل العصا ويشبه النبات المسمّى كمادريوس وهي دقيقة الورق شبيه ورق الحمص وقد ينبت في بلاد قليقيا كثيراً وله قوة إذا شرب رطباً طرياً مع خل وماء وإذا كان يابساً شرب طبيخه .
أعضاء النفض : إذا شرب طبيخه يحلل أورام الطحال تحليلاً شديداً وكذلك إذا تضمد به مع التين والخل للمطحولين نفعهم منفعة بينة .
السموم : وينفع ضماده بخل وحده من نهشى الهوام .
طيقاقوواون .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو نبات له ورق شبيه بورق عنب الثعلب البستاني وله شعب كثيرة زهره أسود صغير كثير وبزره يشبه بالجاورس في غلف شبيه بالخرنوب الشامي في شكله .
وعروقه ثلاثة أو أربعة طولها نحو من شبر أبيض طيب الرائحة مسخّنة وأكثرها ينبت هذا النبات إذا أخذ منه مقدار من وينفع في ست قوطوليات من شراب حلو يوماً وليلة وشرب ذلك نقى الرحم ويزدرده وإذا جعل في حشو وشرب أدر اللبن فيما يقال .
طراغيون .
الماهية : هو نبات ينبت بقريطش وله ورق وقضبان وثمر شبيه بورق وقضبان أخينوس إلا أنها أصغر منه وله صمغ شبيه بالصمغ العربي وقوّة ورقه وثمره وصمغه جذابة وقد يكون منه صنف آخر ورقه شبيه بورق سقولوقندريون وله أصل شبيه بالفجلة البرية .
الأفعال والخواص : قال ديسقوريدوس : إن العنز الوحشية إذا وقع بها النشاب ورتعت بين هذا النبات يسقط عنها النشابَ وإذا تضمد بها مع الشراب اجتذب من جوف اللحم السلاء والشوك وسائر ما ينشب فيه .
أعضاء النفض : وإذا شربت أبرأت تقطير البول وفتت الحصا الذي في المثانة وأدرت الطمث إذا شرب منه مقدار درخمي وإذا أكل من الصنف الآخر نياً أو مطبوخاً نفع من قرحة الأمعاء طراغيون آخر .


الماهية : ومن الناس من يسميه سقولوقندريون وهو نبات صغير على وجه الأرض طوله شبر أو أكبر قليلاً وأكثر ما ينبت في سواحل البحر وليس له ورق وفى قضبانه شيء كأنه العنب صغار حمر في قدر حبة الحنطة حاد الأطراف كثير العدد قابضْ ومن الناس من يدق هذا الحب ويعمل منه أقراصاً ويختزنه لوقت الحاجة .
أعضاء النفض : وإذا خلط نحو من عشر حبات بشراب نفع من الإسهال المزمن وسيلان الرطوبات المزمنة من الرحم فيما زعم ديسقوريدوس .
طرفولس .
الماهية : قطاعه لطيفة يسمى لجساء الطحال .
فهذا آخر الكلام من حرف الطاء .
وجملة ذلك اثنان وثلاثون دواء .
الفصل العاشر حرف الياء
ببروح .
الماهية : أصل اللفاح البري وهو أصل كل لفاح شبيه بصورة الناس فلهذا يسمى يبروح فإن اليبروح اسم صنم الطبيعي أي لنبات هو في صورة الناس سواء كان معنى هذا الإسم موجوداً أو غير موجود وكثير من الأسماء يدل على معان غير موجودة .
وصورة اليبروح الموجودة خشب أغبر إلى التفتت كبار كالقنبيط الكبير .
وقال ديسقوريدوس : قد يسميه بعض الناس أنطمس وآخرون قد يسمونه موقولن ومنهم من يسمّيه ورقيا أي أصله مهيج الحب وهو اليبروح .
وهو صنفان : أحدهما يعرف بالأنثى ولونه إلى السواد ما هو ويقال له ريوقس أي الخسي لأن ورقه مشاكل لورق الخس إلا أنه أدق منه وأصغر وهو زهم ثقيل الرائحة منبسط على وجه الأرض وعند الورق ثمر شبيه باللفاح أو أصغر طيب الرائحة وفيه حبّ شبيه بحب الكمثري وله أصول صالحة العظم اثنان أو ثلاثة متصل بعضها ببعض ظاهرها أسود وباطنها أبيض وعليها قشر غليظ وله ساق .
والصنف الثاني صنف الذكر من اللفاح وبعض الناس يسمّيه موريون وهو أبيض أملس كبار عراض شبيه بورق السلق ولقاحه ضعف لفاح الصنف الأول ولونه شبيه بلون الزعفران طيب الرائحة مع ثفل وتأكله الرعاة ويعرض لهم من ذلك سبات وله أصل شبيه بأصل الأنثى أي صورة الأنثى إلا أنه أطول منه قليلاً وليس له ساق .


وقد تستخرج عصارة قشر هذا الصنف وهو طري بأن يدق ويصير تحت شيء ثقيل ويوضع في الشمس إلى أن ينعقد أو يثخن ثم يدفع في إناء خزف وقد تستخرج عصارة ورقه أيضاً مثل ما تستخرج من القشر إلا أنه أضعف قوة وقد يؤخذ قشر الأصل ويشد بخيط ويعلّق ويرفع في إناء .
ومن الناس من يأخذ الأصول ويطبخها بالشراب إلى أن يذهب الثلثان ويصفيه ويرفعه وقد تستخرج الدمعة بأن يقوّر في الأصل قوارات مستديرة ثم يجمع ما يجتمع فيها من الرطوبة والعصارة أقوى من الدمعة وليس في كل مكان يكون لأصوله دمعة والتجربة تدل على ذلك .
وقد زعم بعض الناس أن من اللفّاح جنساً آخر ينبت في أماكن ظليلة له ورق شبيه بورق اللقاح الأبيض يعني اليبروح إلا أنه أصغر من ورقه .
وطول الورقة شبر ولونه أبيض وهو حوالي الأصل .
والأصل لين أبيض طوله أكبر من شبر بقليل وهو في غلظ الإبهام .
الطبع : هو بارد في الثالثة يابس إليها وفيه قليل حرارة على ما ظنّ بعضهم .
وأما الأصل فقوي مجفف وقشر الأصل ضعيف والورق يستعمل مجففاً ورطباً فينفع وفي اللفاح نفسه رطوبة .
الخواص : مخدر وله دمعة وله عصارة وعصارته أقوى .
من دمعته ومن أراد أن يقطع له عضو سقي ثلاث أبولوسات منه في شراب فيسبت .
وقيل : إن الأصل منه إذا طبخ به العاج ست ساعاتَ لينَة وسلس قياده .
الزينة : يدلك بورقه البرش أسبوعاً فيذهب من غير تقريح وخصوصاً إن وجد رطباً ولبن الأورام والبثور : يستعمل على الأورام الصلبة والدبيلات والخنازير فينفع وإذا دق الأصل ناعماً وجعل بالخلّ على الجمرة أبرأها ويزيل البثور أيضاً .
آلات المفاصل : أصله بالسويق ضماداً لوجع المفاصل وقد يشفي من داء الفيل .
أعضاء الرأس : مُسْبِت منوم وإذا وقع في الشراب أسكر شديداً وقد يحتمل في المقعدة فيسبت وشمّه يسبت وهذا هو الأبيض الورق منه الذي لا ساق له ويقال له الذكر .


والإكثار من اللفاح وتشممه يورث السكتة وخصوصاً الأبيض الورق وقد يتّخذ منه لدفع السهر شراب ليزيل السهر وهو أن يجعل من قشور أصله ثلاثة أمناء في مطريطوس شراب حلو ويسقى منه ثلاث قوانوسان وقد تطبخ القشور أيضاً في الشراب طبخاً يأخذ الشراب قوّته ويستعمل للاسبات منه شيء أكثر وللأنامة أقل وقوم من الأطباء يجلسون صاحبه في الماء الشديد البرد حتى يفيق وأظن أن الغرض في ذلك جمع الحرارة وهو يبلد الحس ويسقى من يحتاج أن يكوى أوّ يختن أو يبط فإنة إذا شربه لم يحس بالألم لما يعرض له من الخدر والسبات .
ومن شرب من الصنف الثالث من أصل منه مثقال أو أكل بالسويق أو الخبز أو في بعض الطبيخ خلط العقل وأسبت من ساعته ومكث على ذلك الحال ثلاث ساعات أو أربعاً لا يحدق بشيء ولا يعقل وقد يعمل من قشوره شراب من غير نار يؤخذ منه ثلاثة أمناء ويصب عليه مكيال من الشراب الحلو ويسمى منه ثلاث قوانوسان من به ضرورة إلى أن يقطع منه عضو .
ومن استنشق رائحته عرض له سبات وكذلك أيضاً يعرض من عصارته .
أعضاء العين : دمعته في أدوية العين تسكّن الوجع المفرط ويضمد بورقه أيضاً .
أعضاء الغذاء : يؤخذ من دمعته أوقية مع ماء القراطن فيقيء مرة وبلغماً كالخربق فإن زاد على ذلك قتل .
أعضاء النفض : يحتمل نصف أوبولوس من دمعته فيدر ويخرج الجنين .
بزر اللفاح : ينقّي الرحم إذا شرب وإن خلط بكبريت لم تسمه النار فاحتملته المرأة قطع نزف الدم العارض من الرحم .
لبن اللفاح : يسهل البلغم والمرة إذا تناول الصبي الطفل اللفاح بالغلط وقع عليه قيء وإسهال وربما هلك .
السموم : بالعسل والزيت على اللسوع وقال إنه وخصوصاً الصنف الذي يشبه الأبيض الورق إلاّ أن ورقه أصغر بادزهر عنب الثعلب القاتل والقاتل منه يتقدمه أعراض اختناق الرحم وحمرة وَجنة وجحوظ وينتفخ أيضاً كأنه سكران .
علاجه : سمن وعسل والتقيؤ نافع له .
الماهية : هو الثافثيا أي صمغ السذاب الجبلي .
ينبوت .


الماهية : هو الخرنوب النبطي وقد قيل فيه في فصل الخاء عند ذكرنا الخرنوب .
الطبع : برده وحره قليلان وهو يابس في الثانية .
الخواص : قوته مقيئه بلا لذع .
أعضاء النفض : يمنع الخلفة .
السموم : طبيخ الينبوت يقتل البراغيث .
ياسمين .
الطبع : الأبيض أسخن من الأصفر والأصفر من الأرجواني وهو بالجلمة حار يابس في الثانية فيما يقال .
الخواص : يلطف الرطوبات وينفع المشايخ دهنه .
الزينة : يذهب الكلف رطبه ويابسه إذا غق وغسل به الوجه في الحمام ويورث لصفار كثرة شمه .
آلات المفاصل : دهنه نافع للأمراض الباردة في العصب وللشيوخ .
أعضاء الرأس : رائحته مصدعة لكنها مع ذلك تحل الصداع الكائن عن البلغم اللزج إذا اشتقت والخالص من دهنه يرعف المحرور كما يشمه .
يتوع .
الماهية : هو كل نبات له لبن حاد مسهل مقطع محرق والمشهور منه سبعة : القشر والشبرم واللاعية والعرطنيثا والماهودانه والمازريون وبنا طفيلون .
وهو ذو الأوراق الخمسة وكلها قتالة .
وأكثر الغرض فيها في لبنها وقد يوجد أصناف من اليتوعات خارجة عن هذه المشهورة مثل ضرب من آذان الفار وضرب من اللبلاب والفرفح البري وغير ذلك .
ولبن اليتوع على الإطلاق هو لبن اللاعية ويشبه أن يكون الذي يسمّى الترياق الفراوي والبوشنجي وقالوا أيضاً : إن اليتوع سبعة أحد الجميع اليتوع الذي يقال له الذكر واسمه حاناقيس وما بعده كله أنثى وأقواها الشبيه بالآس ويسمى مورطيطاس ثم الصخري الكائن بين الصخور ثم الذي يشبه الخيار ويسمى قورياساس أي السروي ثم قارالتوس الساحلي الذي يسمى البحري لأنه ينبت في المواضع التي تلي البحر ثم اليتوع المسمى قوقييس بها .
وقالوا مرة آخرى : إن اليتوع أقواه الذكر المذكور وله قضبان أطولها أكبر من ذراع إلى الحمرة مملوء لبناً وتشبه قضبانه قضبان الزيتون .


وفي قضبانه لبن أبيض حاد وورق على القضبان شبيه بورق الزيتون ولكنه أطول وأدق منه وأصل غليظ خشن وعلى أطراف القضبان خمسة من أغصان دقاق شبيه بقضبان الأذخر على أطرافها رؤوس إلى التقعير ما هو شبيه بالصنف من الأذخر وفي هذه الرؤوس ثمر هذا النبات .
وينبت في أماكن خشنة ومواضع جبلية .
ولبن هذا النبات إذا شرب منه مقدار أبو لوسين أسهل بلغماً .
وأما الأنثى ويسمى أيضاً الجوزي فإن نباته كنبات حشيشة الغار أكبر وأقوى وأبيض وله ورق شبيه بورق الآس إلا أنه أكبر وهو ورق منتن حاد الأطراف مشوكها وله عيدان مخرجها من الأصل في طول شبر وثمرته تكثر في سنة وتقل في آخرى .
وهي في العظم مثل الجوز الصغار وهذا الثمر يلذع اللسان يسيراً شييه بالجوز وينبت هو أيضاً في الأرض الصلبة ولبنه وأصله وورقه وثمره قي القوة مثل الصنف الأول وكذلك إيجاده وخزنه إلا أن الأول أشد .
وأما البحري ويقال أيضاً الخشخاشي أغصانه أشبار إلى الحمرة متتصبة خمسة أو ستة عليها ورق صغار دقاق طوال قليلاً وثمرها كالكرسنة يشبه ورق الكتان ورؤوسها مضعفة مدورة وزهرها أبيض .
وعلى أطراف القضبان رؤوس كثيقة ملززة مستديرة فيها ثمر ومخرجها من الأصل مصطفة وهذا النبات كله هو مع أصله ملآن من لبن واستعمال هذا الصنف وخزنه مثل الصنفين الأولين وقالوا ههنا يتوع آخر يقال له المشمس أي الدائر مع الشمس ورقه شبيه بورق البقلة الحمقاء إلا أنه أدق منه وأشد استدارة .
وله قضبان أريعة أو خمسه مخرجة من أصل واحد طولها نحو من شبر دقاق حمر مملوءة من لبن أبيض كثير وله رأس شبيه برأس الشبث وحبه يشبه الورق الصغار وجميعه يدور مع الشمس وينيت على الأكثر حوالي المدن والخرابات .
وبزره ولبنه يجمعان مثل ما يجمع لبن وثمر أصنافه المتقدم ذكرها .
وقوتها مثل قوتها إلا أنها أضعف قوة منها بكثير .


وقالوا : يتوع آخر يسمى السروي وله ساق نحو من شبر إلى ذراع أحمر ومخرج الورق من نفسه شبيه بورد الأرزة في أول نباته وهقا النبات أيضاً ملآن من لبن وقوته مثل قوة الأصناف التي ذكرناها .
وقالوا : ههنا يُتوع آخر ينبت في الصخور له قضبان محيطة من كل جاتب كثيرة الورق ملتفة حمر وورقه يشبه ورق الآس الدقيق وله ثمر مثل ثمرة العسف .
وهو وهذا الصنف أيضاً والعمل به كالذي ذكرناه .
وهنا يتوع آخر عريض الورق وورقه يشبه ورق فلوموس وأصله ولبه وورقه يسهل كيموساً مائياً .
ومن الناسى من يظن أن نبات قيلووسا نوع من اليتوع المسمى قورباساس ولذلك يعده من أصنافه وله ساق طولها ذراع أو يزيد مربع كثير العقد وعليه ورق صغار دقاق حادة الأطراف شبيهة بورق ما شبه به زهر السروي وله زهر صغار فرفيري وبزر عريض شبيه بالعدس وأصله أبيض ملآن من لبن وقد يوجد في بعض المواضع هذا النبات عظيماً جداً وأصله إذا أخذ منه وزن مثقال - وشرب بماء العسل أسهل البطن وكذلك ثمره .
وأما لبنه فإذا خلط معه دقيق الكرسنة كما ذكرنا وينبغي أن لا يزاد في تناول ورقه عن ثلاثة مثاقيل وكذلك الماهودانه يعده بعض الناس من اليتوعات وله ساق أجود نحو من ذراع في غلظ إصبع وفي طرف الساق تشعب .
والورق منه ما هو على الساق ومنه ماهو على الشعب .
فأما الورق الذي على الساق فمستطيل شبيه بورق اللوز إلا أنه أعرض منه وأشد ملاسة .
وأما الورق الذي على الشعب فإنه أصغر من ورق الساق ويشبه ورق الزراوند وورق اللبلاب وله حمل على أطراف الشعب مستدي كأنه حب الكبر وفي جوفه ثلاث حبّات متفرق بعضها من بعض أكبر من حبّ الكرسنة وإذا قشر كان داخله أبيض حلو الطعم وله أصل دقيق لا ينتفع به في الطب وهذا النبات كل هو ملآن لبناً مثل لبن اليتّوع .
ويشهد بجميع ما ذكرنا الحكيم المفضال ديسقوريدوس .
الاختيار : أقوى ما في اليتوع لبنه ثم بزره ثم أصله ثم ورقه .


وإذا قيل لبن اليتوء على الإطلاق فهو لبن اللاعية .
الخواص : مقرح قتال إذا وقع في البركة طفا السمك كله .
الزينة : يقلع التوث والثآليل والخيلان واللحوم الزائدة في جانب الأظفار .
ولبنها يحلق الشعر إذا ألطخ به خاصة في الشمس وما ينبت بعد ذلك يكون ضعيفاً وإذا كرر لم ينبت البتة .
وقد يخلط بالزيت ليكسر من غائلته ويستعمل للحلق .
الجراح والقروح : أصوله بالخل يحلل الصلابة التي تكون حول البواسير ويقلع القوباء ويصلح القروح المتعفنة والمتآكلة إذا وقع في القيروطي والجرب السوداوي والنار الفارسي والآكلة والغنغرانا .
أعضاء الرأس : يقطر لبنه على السن المتأكلة فيفتته ويسقطه وربما جعل مع قطران ليكون أكسر لقوته .
والأجود أن يوقّى الموضع الصحج بقليل من الشمع ثم بعد ذلك يقطر فيه اللبن وإذا طبخ أصله في الخل وتمضمض به سكن وجع الأسنان .
أعضاء العين : يقلع لبنه الظفرة .
أعضاء النفض : يقلع البواسير ويسهل البلغم والمائية وإن قطر من لبنه قطرتين أو ثلاثة على التين وجفّف وتنوول أسهل إسهالاً كافياً وكذلك في السويق والخبز .
وإذا شرب وهو خالص فالأولى أن يؤخذ في القيروطي أو في موم وعسل لئلا يتقرّح الفم والحلق وقد يؤخذ أغصان اليتّوع الرطب ويقلى على الخزف قليلاً قليلاً ويسحق ويعطي منه قدر كرمتين مع سويق ويصب عليه الماء ويشرب فإن الأغصان اليابسة ضعيفة جداً .
والصنف المسمى كرفيون تؤخذ أغصانه وتجفف في الظل ويؤخذ قشورها ويؤخذ منه تسع كرمات وينقع في شراب عتيق يوماً وليلة ثم يصفى ويغتر ثم يشرب فيسهل بغير أذى .
الأبدال : بدلها في استفراغ المائية في الأمعاء والبلغمية في الأعضاء ثلاثة أوزانه إيرسا وثلثا وزنه سكبينج .
فهذا آخر الكلام في حرف الياء وجملة ذلك خمسة من الأدوية .
الفصل الحادي عشر حرف الكاف
كافور .
الماهية : الكافور أصناف القنصوري والرباحي ثم الأزاد والأسفرك الأزرق وهو المختلط بخشبه والمتصاعد عن خشبه .


وقد قال بعضهم : إن شجرته كبيرة تظل خلقاً وتألفه الببورة فلا يوصل إليها إلا في مدّة معلومة من السنة وهي سفحية بحريّة هذا على ما زعم بعضهم .
وتنبت هذه الشجرة في نواحي الصين وأما خشبه فقد رأيناه كثيراً وَهَو خشب أبيض هش خفيف جداً وربما اختنق في خلله شيء من أثر الكافور .
الزينة : يسرع الشيب استعماله .
الأورام والبثور : يمنع الأورام الحارة .
أعضاء الرأس : يمنع من الرعاف مع الخل أو مع عصير البسر أو مع ماء الأس أو ماء البادروج وينفع الصداع الحار في الحيات الحادة ويسهر ويقوي الحواس مع المحرورين وينفع من القلاع شديداً .
أعضاء العين : يقع في أدوية الرمد الحار .
أعضاء الصدر : يقع في الأدوية القلبية .
أعضاء النفض : يقطع في الباه ويولد حصاة الكلية والمثانة ويعقل الخلفة الصفراوية .
كُنْدُر .
الماهية : قد يكون بالبلاد المعروفة عند اليونانيين بمدينة الكندر ويكون ببلاد تسمى المرباط وهذا البلد واقع في البحر وتجار البحر قد يتشوش عليهم الطريق وتهبّ الرياح المختلفة عليهم ويخافون من انكسار السفينة أو انخراقها من هبوب الرياح المختلفة إلى موضع آخر فهم يتوجهون إلى هذا البلد المسمى المرباط ويجلب من هذا البلد الكندر مراكب كثيرة يتّجرون بها التجار وقد يكون أيضاً ببلاد الهند ولونه إلى اللون الياقوتي ما هو وإلى لون الباذنجان وقد يحتال له حتى يكون شكله مستديراً بأن يأخذوه ويقطعوه قطعاً مربعة ويجعلوه في جرّة يدحرجونها حتى يستدير وهو بعد زمان طويل يصير لونه إلى الشقرة .
قال حنين أجود الكندر هو ما يكون ببلاد اليونانيين وهو المسمى الذكر الذي يقال له سطاعونيس وما كان منه على هذه الصفة فهو صلب لا ينكسر سريعاً وهو أبيض وإذا كسر كان ما في داخله يلزق إذا لحق وإذا دخن به اخترق سريعاً .
وقد يكون الكندر ببلاد الغرب وهو دون الأولى في الجودة ويقال له قوفسفوس وهو أصغرها حصاً وأميلها إلى لون الياقوت .


قال ديسقوريدوس : ومن الكندر صنف آخر يسمى أموميطس وهو أبيض وإذا فرك فاحت منه رائحة المصطكى .
وقد يغشّ الكندر بصمغ الصنوبر وصمغ عربي إذ الكندر صمغ شجرة لا غير .
والمعرفة به إذا غش هيّنه وذلك أن الصمغ العربي لا يلتهب بالنار وصمغ الصنوبر يدخّن والكندر يلتهب .
وقد يستدل أيضاً على المغشوش من الرائحة وقد يستعمل من الكندر اللبان الدقاق والقشار والدخان وأجزاء شجرة كلها وخصوصاً الأوراق ويغش .
الاختيار : أجود هذه الأصناف منه الذكر الأبيض المدحرج الدبقي الباطن والذهبي المكسر .
الطبع : قشاره مجفف فى الثانية وهو أبرد يسيراً من الكندر والكندر حار في الثانية مجفف في الأولى وقشره مجفف في حدود الثالثة .
الخواص : ليس له تجفيف قوي ولا قبض إلا ضعيف والتجفيف لقشاره وفيه إنضاج وليس في قشره ولا حدّه في قشاره ولا لذع للحم حابس للدم .
والاستكثار منه يحرق الدم دخانه أشدّ تجفيفاً وقبضاً .
قال بعضهم : الأحمر أجلى من الأبيض وقوة الدقاق أضعف من قوة الكندر .
الزينة : يجعل مع العسل على الداحس فيذهب وقشوره جيدة لآثار القروح وتنفع مع الخل والزيت لطوخاً من الوجع المسمى مركباً وهو وجع يعرض في البدن كالثآليل مع شيء كدبيب النمل .
الأورام والبثور : مع قيموليا ودهن الورد على الأورام الحارة في الثدي ويدخل في الضمادات المحللة لأورام الأحشاء .
الجراح والقروح : مدمل جداً وخصوصاً للجراحات الطرية ويمنع الخبيثة من الإنتشار وعلى القوابي بشحم البطّ وبشحم الخنزير وعلى القروح الحرفية وعلى شقاق البرد ويصلح القروح الكائنة من الحرق .
أعضاء الرأس : ينفع الذهن ريقوّيه .


ومن الناس من يأمر بادمان شرب نقيعه على الريق والاستكثار منه مصدع ويغسل به الرأس وربما خلط بالنطرون فينقي الحزاز ويجفف قروحه ويقطر في الأذن الوجعة بالشراب وإذا خلط بزفت أو زيت أو بلبن نفع من شدخ محارة الأذن طلاء ويقطع نزف الدم الرعافي الجابي وهو من الأدوية النافعة في رضِّ الأذن .
أعضاء العين : يدمل قروح العين ويملؤها وينضج الورم المزمن فيها .
ودخانه ينفع من الورم الحار ويقطع سيلان رطوبات العين ويدمل القروح الرديئة وينقّي القرنية في المدة التي تحت القرنية وهو من كبار الأدوية للظفرة الأحمر المزمن وينفع من السرطان في العين .
أعضاء النفس والصدر : إذا خلط بقيموليا ودهن الورد نفع الأورام الحارة تعرض في ثدي النفساء ويدخل في أدوية قصبة الرئة .
أعضاء الغذاء : يحبس القيء وقشاره يقوي المعدة ويشدها وهو أشد تسخيناً للمعدة وأنفع في الهضم والقشار أجمع للمعدة المسترخية .
أعضاء النفض : يحبس الخلقة والذرب ونزف الدم من الرحم والمقعدة وينفع دوسنطاريا ويمنع انتشار القروح الخبيثة في المقعدة إذا اتخذت منه فتيلة .
الحميات : ينفع من الحميات البلغمية .
السموم : إن أكثر شربه مع الخمر قتل وكذلك مع الخلّ .
كهربا .
الماهية : صمغ كالسندورس مكسرة إلى الصفرة والبياض والاسفاف وربما كان الحمرة يجذب التبن والهشيم إلى نفسه فلذلك يسمّى كاهربا بالفارسية أي سالب التبن مركب من مائية فاترة وأرضية قد لطفت وهو صمغ شجرة الجوز الرومي و مركب من أرضي لطيف ومائي يابس .
الطبع : حار قليل يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : قابض خصوصاً الدم من أي موضع كان وقوته مشبهة بقوة زهرة شجرته أي زهرة الجوز الرومي لكنه أبرد منها .
الأورام والبثور : قال بعضهم : إنه يعلق على الأررام الحارة فينفع .
أعضاء الرأس : يحبس الرعاف والتحلب من الرأس إلى الرئة .
أعضاء العين : يقع في أدوية العين .


أعضاء الصدر : الكهربا ينفع من الخفقان إذا شرب منه نصف مثقال بماء بارد ويمنع من نفث الدم جداً .
أعصاء الغذاء : يحبس القيء ويمنع المواد الرديئة عن المعدة ومع المصطكي يقوي المعدة .
أعضاء النفض : يحبس نزف الرحم والمقعدة والخلفة وينفع الزحير فيما يقال .
الماهية : قضبان وزهر حمر إلى السواد وخضر دقاق وزهرة مر الطعم مع قبض يسير وحراقة دون المرارة وورقه عشبية يدب على الأرض ويشبه ورق البهار إلا أنها أدق وأوهن وأكثر زئبراً منه وبهاره أصفر .
الطبع : حار في الثانية مجفف في الثالثة .
الخواص : مفتّح جلاء وجلاؤه للأعضاء الباطنة أكثر من إسخانه وفيه قوة مسهلة .
الأورام والبثور : يجعل على الصلابات وخصوصاً صلابة الثدي ويمنع سعي النملة .
الجراح والقروح : يدمل الجراحات مع العسل ضماداً والقروح العفنة .
آلات المفاصل : من عرق النسا خصوصاً إذا شرب مع العسل .
وقال بعضهم إنه إن شرب في أدرومالي أربعين يوماً أبرأ عرق النسا ويحلّل صلابة النقرس .
أعضاء الغذاء : يفتّح سدد الكبد وينفع أمراضها والطحال وينفع من اليرقان السوداوي إذا شرب سبعة أيام متوالية .
أعضاء النفض : يفتح سدد الرحم ويدر البول ويزيل عسره ويدر الحيض وينفع من أوجاع الكلى ويحتمل بالعسل فينقي الرحم وإذا اتخذ من مثقالين منه شياف بتين أو عسل أحدر بلغماً كافياً .
الأبدال : بدله نصف وزنه سيساليوس وربع وزنه سليخة .
كمادريوس .
الماهية : قضبان وورق متهشمة في غلظ الريحان وأكبر إلى الخضرة وعشبه يسمى عند اليونانيين بلوط الأرض لأن له ورقاً صغاراً شبيهاً بورق البلوط مرة وأصله إلى الأرجوانية الاختيار : يجب أن تلتقط إذا أبزرت .
الطبع : قال جالينوس : هو حار يابس في الثالثة وإسخانه أقوى من تجفيفه .
الأفعال والخواص : مفتح مقطع ملطف وفيه تسخين .
الجراح والقروح : ينقي بالعسل القروح المزمنة .


آلات المفاصل : الطري أو طبيخه إذا شرب نفع لشدخ العضل وشرابه نافع من التشنج وكلما عتق كان أجود .
أعضاء العين : يتّخذ منه حبوب وتجفف وتستعمل من قروح العين وكذلك طبيخه في الزيت أو سحيقه ينفع من الغرب .
أعضاء الصدر : ينفع من السعال المزمن .
أعضاء الغذاء : يضمر غلظ الطحال وينفع من اليرقان السوداوي وله شراب ينفع سوء الهضم أعضاء النفض : يدر البول والحيض ويحدر الجنين .
السموم : ضمّاد لنهش الهوام .
الأبدال : بدله عروق الغافت أو أسقولوقندريون .
كَزمازِك .
الماهية : هو ثمرة الطرفاء وقد ذكرناه في فصل الطاء عند ذكرنا الطرفاء .
الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية ويطلب باقي أفعاله مما تقدم ذكره إذ لا حاجة بنا أن نكرر ثانياً فلنقتصر على ما قلنا مخافة التطويل .
كنُدُس .
الماهية : هذا أكثر ما يستعمل أصله وهو معروف .
الطبع : حار يابس في الثالثة إلى الرابعة فيما زعم قوم .
الأفعال والخواص : هو جال منق مقرّح حريف لذاع مهيج للقيء يقطع البلغم والمرة السوداء .
الزينة : يجلو البرص والبهق وخصوصاً الأسود والكلف .
الأورام والبثور : ينفع من الجرب جداً .
أعضاء الرأس : معطس وهو من جملة الأدوية المنقية للأذن الجالية للوسخ منها .
أعضاء العين : قد ينفع في الشيافات المتخذة للبصر .
أعضاء الغذاء : مقيء بقوة ويذوب صلابة الطحال .
أعضاء النفض : مسهل يدر البول ويحتمل فيدر الحيض ويخرج الجنين ويفتت الحصاة جداً .
الأبدال : بدله في القيء جوز القيء وزنه مع ثلث وزنه فلفل .
كبابة .
الماهية : قوته شبيهة بالفوة إلا أنه ألطف ويجلب من الصين .
الطبع : قالوا فيها مع حرها قوة مبردةِ وهي بالحقيقة حارة يابسة إلى الثانية .
الأفعال والخواص : مفتح لطيف إلى حد لا يبلغ أن يكون بدلاً للدارصيني .
الجراح والقروح : جيد للقروح العفنة في الأعضاء اللينة جداً .
أعضاء الرأس : : جيد للقلاع العفن في الفم .


أعضاء الصدر : إذا أمسك في الفم صفى الصوت .
أعضاء الغذاء : هو قوي في تفتيح سدد الكبد .
أعضاء النفض : ينقي مجاري البول ويدرّ الرملية ويُخرج حصاة الكلى والمثانة وريق ماضغه يلذذ المنكوحة .
الطبع : حار يابس إلى الرابعة .
الأفعال والخواص : ملطف جاذب محلل جداً .
الزينة : من أدوية البرص خصوصاً ما لم تمسه النار وإذا خلط بصمغ البطم قلع الآثار التي تكون على الأظفار وبالخل على البهق .
الجراح والقروح : يجعل على الجرب المتقرح ويجلو القوباء وخصوصاً مع علك البطم وخصوصاً بالخل ومع النطرون للحكة يغسل به البدن .
آلات المفاصل : هو طلاء على النقرس مع نطرون وماء .
أعضاء الرأس : يحبس الزكام بخوراً ويستعمل بالخل والعسل على شدخ الأذن .
كسيلا .
الماهية : قشر عيدان كالفوة يعلوها سواد .
الطبع : حار رطب في حدود الأولى .
الخواص : مغر يكسر قوّة الأدوية الحارة كالصمغ .
الزينة : مسمن يُحسن اللون والبشرة فيما يقال .
كثيراء .
الطبع : بارد إلى يبس .
الخواص : قوته كقوة الصمغ وفيه تجفيف قريب كما للصمغ .
أعضاء العين : يقع في الأكحال كوقوع الصمغ .
كماليون .
الماهية : صنف من المازريون أسود قتّال وهو أيضاً المعروف بخاماليون وقد تكلمنا في ذلك فيما سبق .
كاكنج .
الماهية : قوّته قريبة من قوة عنب الثعلب وخصوصاً قوة ورقه .
الطبع : بارد يابس إلى الثانية .
الجراح والقروح : يحفظ بعصارته القروح ويذهب بصلابة النواصير وقروح الأذن المزمنة .
أعضاء النفس : ينفع من الربو والهش وعسر النفس .
أعضاء الغذاء : ينفع من اليرقان .
أعضاء النفض : ينفع من قروح مجاري البول .
كبيكج .


الماهية : قال ديسقوريدوس : أنواعه أربعة نوع منه يشبه ورق الكزبرة لكنه أعرض من ورقها إلى بياض وزهره أصفر وقد يكون فرفيرياً إرتفاعه إلى ذراعين وجذره غير غليظ وأصله أبيض وله فروع تشبه فروع الخربق وينبت عند الشطوط الجارية الماء ونوع منه أكبر من ذلك وأطول جذراً مشطب الأوراق يسمّى كرفس البر وآخر صغير جداً ذهبي اللون ورابع يشبه الثالث إلا أن زهره أبيض لبني .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : كلها حار حاد مقرح جلاء قشار لذاع للجلد محلل .
الزينة : ورقه وقضبانه قبل أن ييبس يقلع البرص وبياض الآظفار وداء الثعلب بملاقاة قليلة .
الأورام والبثور : يقلع الجرب جداً وينثر الثآليل المسمارية والغدد المتعلقة المتآدية بالبرد .
الجراح والقروح : يطبخ وتنطل السفعة بمائها الفاتر فينفع .
أعضاء الرأس : أصولها مجففة من المعطسات القويّة وينفع من الضربان الذي يعرض للأسنان مسحوقه .
كنكَرزد .
الماهية : هو صمغ الحرشف وهو أصناف من الكنكر وقد قيل فيه كركرهن .
كشت بركشت .
الماهية : هو يشبه خيوطاً ملتفة بعضها على بعض أكثر عددها في الأكثرخمسة ويلتف على أصل واحد ولونه إلى السواد والصفرة وليس له طعم كبير .
قال بعضهم : إنه البدشكان .
وقال بعضهم : قوته قوة البدشكان وهذا أصح .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : لطيف جداً .
كيل دارو .
الماهبة : هو السرخس وسنقول فيه فيما بعد في باب السين .
كشوث .
الماهيه : هو شيء يلتف على الشوك والشجر يشبه الليف المكي لا ورق له وله زهر صغار بيض فيه مرارة وعفوصة والغالب عليه الجوهر المر .
الطبع : حار قليلاً في أول الأولى يابس في آخر الثانية على أنه ذو قوى متضادة .
الخواص : منق يخرج الفضول اللطيفة من العروق ويثقل في المعدة بسبب قبضه وينقّي العروق ويخرج ما فيها من الفضول مزلق لطيف .


أعضاء الغذاء : يقوي المعدة خصوصاً المقلي منه وإذا شرب بالخل سكن الفواق ويفتّح سدد الكبد والمعدة ويقويهما .
وماؤه عجيب لليرقان وعصارة البري منه إذا سحقت وذرت على الشراب قوت المعدة الضعيفة .
أعضاء النفض : هو يبقي الأوساخ عن بطن الجنين لتنقيته العروق ويدر البول والطمث وينفع من المغص ويحتمل فيقبض نزف الدم .
والمقلي منه يعقل وينقي سيلان الرحم .
الحميات : ينفع جداً من الحميات العتيقة بزره وماؤه فيما جرب .
كمون .
الماهية : الكمون أصناف كثيرة منها كرماني أسود ومنها فارسي أصفر ومنها شامي ومنها نبطي والفارسي أقوى من الشامي والنبطي هو الموجود في سائر المواضع ومن الجميع بريّ وبستاني .
والبري أشد حرافة .
ومن البرّي يشبه بزره بزر السوسن .
قال ديسقوريدوس : البستاني طيب الطعم وخاصة الكرماني وبعده المصري وقد ينبت في بلاد كثيرة له قضيب طوله شبر وورقه أربعة أو خمسة دقاق مشقق كورق الشاهترج وله رؤوس صغار ومن الكمّون ما يسمى كومينون أغريون أي الكمون البري ينبت كثيراً بمدينة خلقيدرون وهو نبات له ساق طوله شبر دقيق عليه أربع ورقات أو خمسة مشققة وعلى طرفه سوس صغار خمسة أو ستة مستديرة ناعمة فيها ثمر وفي الثمر شيء كالقشر أو النخالة يحيط بالبزر .
وبزره أشد حرافة من البستاني وينبت على تلول وجنس آخر من الكمون البرّي شبيه بالبستاني ويخرج فيه من الجانبين علق صغار شبيه بالقرون مرتفعة فيها بزر شبيه بالشونيز وبزره إذا شرب كان نافعاً من نهش الهوام .
الاختيار : الكرماني أقوى من الفارسي والفارسي أقوى من غيره .
الطبع : حار في الثانية يابس في الثالثة .
الخواص : فيه قوة مسخّنة يطرد الرياح ويحلّل وفيه تقطيع وتجفيف وفيه قبض فيما يقال .
الزينة : إذا غسل الوجه بمائة صفاه وكذلك أخذه واستعماله بقدر فإن استكثر من تناوله صفر اللون .


الأورام والبثور : يستعمل بقيروطي وزيت ودقيق باقلا على أورام الأنثيين بل مع الزيت أو مع زيت وعسل .
الجراح والقروح : يدمل الجراحات وخصوصاً البري الذي يشبه بزره بزر السوسن إذا حسيت به الجراحات جداً .
أعضاء الرأس : إذا سحق الكمون بالخل واشتم منه قطع الرعاف وكذلك إن ادخلت منه فتيلة أعضاء العين : قد يمضع ويخلط بزيت ويقطر على الظفرة وعلى كهوبة الدم تحت العين فينفع وإذا مضغ مع الملح وقطر ريقه على الجرب والسبل المكشوطة والظفرة منع اللصق .
وعصارة البري تجلو البصر وتجلب الدمعة ويسمى باليونانية قاييوس أي الدخان ويجلب الدمعة كما يفعل الدخان وهو يقع أيضاً في كاويات النتف لشعر العين فلاينبت .
أعضاء النفس : إذا سقي بخل ممزوج بالماء نفع من عسر النفس .
قال جالينوس : ومن نفس الانتصاب وللخفقان البارد نفع .
أعضاء النفض : يستعمل بالزيت على ورم الخصية وربما استعمل بقيروطي وربما استعمل بالزيت ودقيق الباقلا ويفتّت الحصاة خصوصاً البري وينفع من تقطير البول ومن بول الدم ومن المغص والنفخ .
وعصارة البري المسحوقة بماء العسل تطلق الطبيعة .
وقال روفس : الكمّون النبطي يسهل البطن وأما الكرماني فليس يطلق بل يعقل وحشيش البري يحدر مراراً في البول .
السموم : يسمى بالشراب لنهش الهوام وخصوصاً البري الذي يشه بزره بزر السوسن .
كراويا .
الماهية : قال ديسقوريدوس : الكراويا بزر نبات معروف تشبه أغصانه وورقه بالرجلة إلا أن الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : يطرد الرياح ويجفّف وليس في لطف الكمون .
أعضاء الغذاء : إذا شرب يقطع القيء التي يعرض من طفو الطعام ويسخّن المعدة ويهضم الطعام .
أعضاء العين : يقع في أدوية العين والأكحال التي تحد المصر وإذا أكثر شربه أضعف البصر .
أعضاء الصدر : ينفع من الفواق والخفقان .


أعضاء النفض : طبيخ هذا النبات وبزره إذا شربا أدرا البول وسكنّا المغص وقطعا المني وإذا جلس النساء في طبيخه انتفعن به من أوجاع الرحم وإذا أحرق بزره وضمد به البواسير النابتة قلعها ويقتل الديدان إذا شرب الحب أو بزره .
كرسنة .
الماهية : قال بعضهم حب أصغر من الملك في عظم العدس غير مفرطح بل مضلع ولونه ما بين الغبرة والصفرة وطعمه ما بين طعم الماش والعدس يعتلفه البقر .
وزعم الخوزي أن حبه يشبه حب السفرجل وعندي أنه الملك أو البري منه خاصة وأنه قد يكون أبيض إلى الصفرة كما قيل وقد يكون أحمر .
قال ديسقوريدوس : حشيشة صغيرة دقيقة مغبرة الورق وبزرها في الطبع : حار في الأولى إلى الثانية يابس في الثانية .
الخواص : مفتحة جالية ولها خلط رديء وإصلاحها كإصلاح الترمس والمائلة إلى البياض منها أقل دوائية من الحمراء وإذا طبخت مرتين قل جلاؤها وبقيت أرضيتها فتغذو غذاء يابساً .
الزينة : هي طلاء جيّد على البهق والكلف والبرض والآثار تحسن اللون ويتخذ منها سويق ويعطى المهازيل منه كالجوزة فيزيل الهزال وطبيخها إذا صب على شقاق البرد وحكته أبرأها وتنفع من اللبنية .
الأورام والبثور : تلين الصلابات وصلابة الثدي خاصة .
الجراح والقروح : تنقي القروح بالعسل وتنفع من السعفة وتلين صلابة الثدي وصلابات القروح المميتة للحم والعضو وتنفع من النار الفارسيّه والشهدية .
أعضاء الصدر : تنفع من صلابة الثدي وتسهل نفث الغليظة .
أعضاء النفض : الإكثار منها يبوّل الدم لقوة إدراره وتطلق الطبيعة وإذا لتت بالخل وشربت نفعت عسر البول وسكنت الزحير والمغص .
السموم : تضمد بالشراب على نهش الأفعى وعضّة الكَلْب الكَلِب والإنسان الصائم .
الماهية : هو في أوال الجاوشير لكنه أقوى بكثير .
الطبع : حار يابس في الثانية بقوّة .
الخواص : مذيب محلل ملطف .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث ويسقط الجنين بقوة قوية لا نظير له فيه ولا نظير له في إسهال المائية .


كرمدانة .
الماهية : حبها يمدحه الأطباء .
أعضاء النفض : تسخن القبل جداً وتسهل الماء والمرّة .
كوركندم .
الماهية : هو شيء خفيف كالأشنة طيني وبالرقة يسمونه خرء الحمام وببغداد يسمى جوز جندم .
الاختيار : أجوده البربري والرقي ضعيف .
الطبع : حار رطب في الأولى وقيل أنه يبرًد قليلاً وليس بثبت .
الخواص : يجفف وفيه نطفية ادعي أنه يقطع الدم .
ومن خواصه أنه إذا أخذ عشرة أرطال من العسل وثلاثين رطلاً ماء وكبلجة منه وشرب شرباً جيداً وغطى رأس الإناء أدرك شراباً من ساعته .
الزينة : مسمن جداً .
أعضاء النفض : يزيد في المني .
كازوران .
الماهية : هذه حشيشة سماها العرب لسان الثور وأهل الفرس يسمُونها كزوان .
الخواص : خاصيته التفريح وإزالة الغمّ .
ونؤخر الكلام في ذلك ونذكر منافع ذلك وما ينطق به عند ذكرنا لسان الثور في فصل اللام .
كلس .
الماهية : خشب هندي يكثر جلبه إلى بلادنا ولا يبعد أن يكون هو المغاث الهندي .
أعضاء المفاصل : عظيم النفع في أمر الكسر والوثي والخلع فيما زعم قوم من المجربين .
كاشم .
الطبع : بزره وأصله مسخن ميبس في الثالثة .
الخواص : يطرد الرياح ويفتح ويحلل .
أعضاء النفض : وزن درهم منه يسهل الديدان وحب القرع وبزره يدر الحيض بقوة .
السموم : ينفع من كل لسع فيما يقال .
كمأة .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو أصل مستدير لا ساق له ولا عرق لونه إلى الغبرة كالقطن يوجد في الربيع تحت الأرض ومن الناس من يأكل الكمأة نيئاً ومطبوخاً وهي من جوهر أرضي أكثر ومائي أقل وفيها هوائية ولطف يسير وهي عديمة الطعم .
الاختيار : أجوده الرملي الأبيض ليس فيه رائحة رديئة ويابسه أردأ من رطبه والذي يسلق أولاً بعد تقشيره وتشقيقه بالسكين بماء وملح ثم يطبخ بالزيت والمري والتوابل والحلتيت يكون أجود .
وأردأ أجناسه الفطر وخصوصاً ما ينبت تحت الأشجار وفي الأراضي الرديئة .


الخواص : غليظ جداً يغذو غذاء غليظاً سوداوياً لا يدانيه فيه شيء وترياقه الشراب الصرف والتوابل وإن سلق ثم طبخ بماء تولد منه غذاء غليظ غير رديء لكنه لا طعم له .
آلات المفاصل : يخاف منه الفالج .
أعضاء الرأس : يخاف منه السكتة .
أعضاء العين : ماؤه كما هو يجلو العين مروياً عن النبي صلى الله عليه وسلم واعترافاً من المسيح أعضاء الغذاء : هو بطيء الهضم مؤذٍ مثقل للمعدة غليظ الكيموس بطيء الانحدار .
قال جالينوس في موضع : وليس برديء الكيموس .
أعضاء النفض : يورث القولنج وعسر البول .
كَبَر .
الماهية : هو ثمرة وله أصل وله ثمرة آخرى كالقثاء غير الكبر وهي حريفة حارة يجعل في العصير فيحفظه من الغليان كالخردل وأصله مر حريف ومنه نوع قلزمي مبثر للفم إلى أن ينفط ويورم اللّثة .
الاختيار : أنفع ما فيه قشور أصله .
الطبع : الكائن في البلاد الحارة أحر وحرّ جميعه ويبسه في الثانية .
الخواص : هو محلل مفتح جلاء وأصله مقطع مُلطّف منقّ مفتح في قشوره مرارة وحرافة وقبض وغذاء ثمرته قليل لا سيما إذا ملح ورطبه أغذى من يابسه .
الأورام والبثور : أصله محلّل للخنازير والصلابات ويخلط به ما يكسر قوته وقد جرّب ورقه لذلك .
الجراح والقروح : قشور أصله إذا وضع على الجراحات الخبيثة والوسخة نفعها أعظم المنفعة .
آلات المفاصل : قشور أصله نافع لعرق النسا وأوجاع الورك وقد يحتقن بعصيره فينفعه جداً وينفع من الفالج والخمر ويشدّ الأعضاء بماء فيه من القبض ولذلك ينفع من الهتك العارض في رؤوس العضلة وأوساطها .
أعضاء الرأس : قشور أصله يمضغ فيجلب الرطوبة من الرأس ويسكن الوجع البارد فيه .
وعصارته تقطر في الأذن لديدانها وقد يعض على قشور أصله بالسنّ الألم فينفع وخصوصاً إذا كان رطباً أو ورقه وكذلك المضمضة بخل طبخ فيه أو بشراب أو مرة بشراب ومرة بخل .
أعضاء النفس والصدر : ينفع المملوح منه أصحاب الربو .


أعضاء الغذاء : أنفع شيء للطحال وصلابته مشروباً وضماداً بدقيق الشعير ونحوه وخصوصاً قشر أصله وكثيراً ما يستفرغ من الطحال مادة غليظة سوداوية فيعقبه العافية .
أعضاء النفض : يسهّل خلطاً خاماً غليظاً ويدر الطمث ويقتل الحيات والديدان في المعي وينفع من البواسير ويزيد في الباه والمملح منه قبل الطعام مطلق .
السموم : هو ترياق جيد .
كَشنج .
الماهية : شيء من جنس الكمأة ملزز يجتمع في عظم الكلية إلا أنه محزّز جداً غاية التحازيز قد ينبت في الرمال نبات الكمأة والفطر لذيذ جداً يكثر في بلادنا مما وراء النهر وخراسان أيضاً ولم يبلغنا أنه ضرّ أحداً مضرّة الفطر والكمأة وإذا قيس طعمه طعم الكمأة كان أضرب يسيراً إلى الحلاوة .
الطبع : وهو بارد دون برد سائر الكمأة والفطر ولا يخلو من رطوبة غريبة مع يبوسة جوهره .
الخواص : هو غليظ مطفىء .
كرفس .
الماهية : منه جبلي ومنه بري ومنه بستاني ومنه ما ينبت في الماء نفسه وبقرب الماء أعظم من البستاني وقوته كقوّة البستاني ومنه نوع يسمى سمرنيون أعظم البستاني أجوف الساق إلى البياض وقد يختلف بالبلاد فمنه رومي ومنه غيره وليس كل جبلي فطراساليون بل ذلك صخري .
قال ديسقوريدوس : الكرفس أصناف كثيرة فمنها الكرفس الجبلي وهو نبات له ساق طوله شبر وأصله دقيق وحول أصله قضبان عليها رؤوس شبيهة برؤوس الخشخاش إلا أنها أدقّ منها وثمرته مستطيلة حريفة طيبة الرائحة وقد ينبت في صخور وأماكن جبلية .
وقوة ثمره وأصله إذا شربا بالشراب ملززة وليس ينبغي أن يظنّ أن هذا هو الكرَفس الصخري .
ومنها الكرفس الصخري وهو فطر أساليون ينبت في أماكن صخرية .
وبزره مثل بزر النانخواه غير أنه أطيب رائحة منه وأشد حرافة منه .


ومنها الكرفس العظيم ومن الناس من يسميه سمرنيون ولا يظن أنه سمرنيون والسمرنيون أعظم من الكرفس البستاني ولونه إلى البياض ما هو وله ساق أجوف طويل ناعم كأنَ فيه خطوطاً وورقه أوسع من ورق البستاني وفي ورقه ميل يسير إلى الحمرة وله مثل رؤوس بنفسج ويظهر منها زهر .
ولون بزره أسود مستطيل مصمت حريف فيه رائحة وأصله أبيض طيب الرائحة طيّب الطعم ليس بغليظ ورأيت أنا منه بخلف جبال طبرستان وعلى أصله أصول كثيرة كأنها مغلقة منه بأطوالها كالجذر .
ولغلظه إذا دعكته تقصف وفاحت منه رائحة كرائحة ماء الكافور كما قال الحكيم ديسقوريدوس : ينبت في المواضع المظللة بالشجر وعند الآجام ويستعمل كله كاستعمال الكرفس البستاني وقد يؤكل أصله مطبوخاً ونيئاً وصنف آخر من الكرفس يسمى سمرنيون البري وهو إلى طبيعة الأدوية أقرب وينبت كثيراً في جبل ماسر له ساق شبيه بساق الكرفس فيه شُعَب كثيرة وورق أوسع من ورق الكرفس وما يلي الأرض من ورقه هو منحن إلى خارج وفي الورق رطوبة يسيرة تدبق باليد وهو صلب طيّب الرائحة .
وطعم ورقه مثل طعم الأدوية ولونه إلى الصفرة ما هو وعلى الساق إكليل شبيه بإكليل الشبث وله بزر مستدير كبزر الكرنب أسود حريف رائحته كرائحة المرّ وله أصل حريف طيب الرائحة ليس بكثير الماء يلذع الحنك ظاهر قشره أسود وداخله أصفر إلى البياض وينبت في مواضع صخرية وعلى تلول وقوة أصله وفرعه مسخنة وقد يعمل ورقه بالملح ويؤكل .
الاختيار : أقواه الرومي الجبلي .
الطبع : هو في أول الحرارة وثانية اليبوسة .
قال روفس : البستاني رطب إلا أصله فهو يابس اتفاقاً .
الأفعال والخواص : محلل النفخ مفتّح السدد معرق مسكّن للأوجاع والبرّي مقرّح مؤلم ومرباه أوفق للمحرور .
الزينة : البري لداء الثعلب ولتشقيق الأظفار والثآليل وشقاق البرد والبستاني يطيّب النكهة جداً .


الأورام والبثور : يحلّل الأوورام البلغمية في الابتداء والصلبة والحارة خصوصاً المعروفة بسمرنيون .
الجراح والقروح : البري يقرح إذا ضمد به ولذلك ينفع من الجرب والقوباء ومن الجراحات إلى أن تنختم خصوصاً سمرنيون البرّي .
آلات المفاصل : سمرنيون يوافق جميع أجزائه عرق النسا .
أعضاء الرأس : رديء للصرع يهيج الصرع من المصورعين قيل : إن تعليق أصله من الرقبة ينفع وجع السن لكنه يفتِّتها .
أعضاء العين : الكرفس البستاني يدخل في أضمدة أوجاع العين .
أعضاء الصدر : ينفع من السعال وخصوصاً سمرنيون وينفع الربو وضيف النفس وعسره والكرفس من أضمدة أورام الثدي الحارة .
أعضاء الغذاء : ينفع الكبد والطحال ويحرك الجشاء بتحليله وليس بسريع الإنهضام والإنحدار وفي بزر الكرفس تغثية وتقيئة إلاً أن يقلى قال قوم : إن جميع أصنافه نافع للمعدة .
ويقول روفس : لا بل قد يجلب إليها رطوبات رديئة حارة والذي منه يطول مكثه في المعدة ويغثي إلا أن الرومي أجود للمعدة .
وقال جالينوس : إنه مما يصلح أن يؤكل مع الخس فإنه يعدل برد الخس وأن يكون تناوله بعد طعام موافق وبزره ينفع من الاستسقاء وينقّي الكبد ويسخنها .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث رديء للحبالى وإن احتملته المرأة أسقط الجنين وينقّي الكلبية والمثانة والرحم جميع أصنافه وأجزائه وليس بزره وورقه بمطلق وفي أصله إطلاق والجبلي يفتت الحصاة .
والكرفس نافع من عسر البول ويخرج المشيمة خصوصاً سمرنيون البري ويملأ الرحم رطوبة حريفه إذا أدمن أكله .
قال بعضهم : الكرفس يهيج الباه حتى قالوا : إنه يجب أن تمنع المرضعة من تناوله لئلا يفسد لبنها لهيجان الشهوة .
والرومي جيد لقولون والمثانة والكلية ويسكن النفخ العارض في المقعدة ويشرب خاصة للإستسقاء .
الحميات : نافع في أدوار الحمى .


السموم : وإذا شرب أصل سمرنيون البرّي وافق نهش الهوام وإذا شرب البستاني بطبيخه مع أصوله نفع من الأدوية القتالة وينفع من نهش الهوام ومن شرب المرداسنج ويقع في أخلاط الترياقات وطبيخ الكرفس مع العدس يقيأ به بعد شرب السم : وإذا لسعت العقرب آكله اشتد به الأمر .
كلية .
الماهية : معروف .
الاختيار : أحممصا غذاء كلية الجدي .
الطبع : معتدل إلى اليبس .
الخواص : خلطها رديء وأحمده كلية الجدي .
أعضاء الغذاء : عسر الانهضام زهم بطيء الإنحدار .
كرش .
الخواص : قليل الغذاء رديء الكيموس وكذلك ما يشاكله من الأحشاء وإن جاد هضمها لكنها أكثر غذاء من الرئة لكن بطون الطير إذا انهضمت كانت أفضل غذاء وخصوصاً الدجالح والأوز .
أعضاء الغذاء : بطيء الإنهضام .
كبد .
الخواص : الدم المتوتد عن الأكباد غليظ وأصلحه كبد البط المسمَن والدجاج المسمَن .
أعضاء الرأس : كبد الماعز وخصوصاً التيس يكشف أمر المصروع وإذا أكل صرع صاحب الصرع وكبد الوزغة على الأسنان المتأكلة يسكن وجعه .
أعضاء العين : كبد الذئب ينفع من أوجاع الكبد كلها .
قال جالينوس : أمّا أنا فطرحتها في دواء الغافت فلم أجد لها زيادة نفع على الخالي منها والكبد بطيئة السلوك في العروق إلاً كبد البطّ المسمن .
أعضاء السموم : كبد الكَلْب الكَلِب يسمى فينفع لمعضوضه وقد ذكروا أنه يمنع الفزغ من الماء وقد عاش بذلك قوم منهم وكانوا عولجوا أيضاً بعلاجات آخرى .
كرنُب .
الطبع : أصل الكرنب أرطب من الورق والبري أسخن وأيبس من البستاني وجملته حار في الأولى يابس في الثانية .
والكرنب منه بستاني ومنه بري ومنه كرنب الماء .
والبري أمرّ وأحدّ وأبعد من أن يكون غذاء وطبيخ أصل الكرنب بماء الرمان طيّب والقنَبيط غليظ الغذاء مغلظ للدم إذا لم ينحل ونفخ إلى نواحي السررة والجنب وأوجع ولا يكون منتقلاً كالريحي .


قال ديسقوريدوس : أن فرمسي أعرباً أي الكرنب البري ينبت في سواحل البحر وفي مواضع عالية ونواحيها التي تنبت فيها قائمة وهو شبيه بالكرنب البستاني غير أنه أشد بياضاً وأكثر زغباً وهو مر وإذا سلق قلبه بماء الرمان حلا وطاب طعمه .
وصنف آخر من الكرنب المغربي وهو بعيد الشبه من البستاني وورقه طوال شبيه بورق الزراوند المدحرج .
وأصول الورق التي بها إتصاله هي قضبان حمر صغار .
وموضعها من ساق الكرنب على مثل ما يظهر من ورق اللبلاب وله لبن ليس بكثير طعمه مائل إلى الملوحة مع شيء يسير من مرارة وإذا أكل مطبوخاً أسهل البطن .
الأفعال والخواص : هو منضج مليّن يجفف خصوصاً إذا طبخ وصب عنه الماء الأول ورماد قضبانه قوي التجفيف وله خاصية تسكين الأوجاع .
وغذاؤه يسير أرطب من غذاء العدس ودمعه رديء وإذا طبخ بطم سمين ودجاج جاد قليلاً .
الأورام والبثور : البرّي والبحري والبستاني ينضع الصلابات وورق الكرنب البرّي أو البستاني إذا دق دقاً ناعماً ويضمد به وحده أو مع سويق نفع من كلّ ورم حار ومن الأورام البلغمية ومن الحمرة والشرى .
الجراح والقروح : يدمل ويمنع سعي الخبيثة ويجعل ببياض البيض على الخرق وينفع الجرب المتقرّح وإذا خلط بالملح قلع النار الفارسي .
آلات المفاصل : ينفع من الرعشة وقد يجعل مع الحلبة على النقرس وينطل طبيخه على أوجاع المفاصل وإذا خلط بدقيق الحلبة وحل ويضمد به نفع من النقرس ووجع المفاصل .
أعضاء الرأس : طبيخه وبزره يبطىء بالسكر وينفع من الحزاز وإذا استعط بعصارته نقى الرأس ومن خواصه تجفيف اللسان وهو منوم وينقي الوجه .
أعضاء العين : يظلم البصر مع أنه يقع في الأكحال وقال ديسقوريدوس : إن كل الكرنب نفع من ضعف البصر .
أعضاء الصدر : يُتَغرغر بعصيره أو طبيخه مع دهن الخل ينفع الخوانيق وأكله يصفّي الصوت وإذا مُضغ ومُص ماؤه أصلح الصوت المنقطع .


أعضاء الغذاء : رديء للمعدة عصيره بالنبيذ نافع من الطحال واليرقان بيضه بطيء الهضم .
قال ديسقوريدوس : الكرنب الذي ينبت في الصيف رديء للمعدة وقلب الكرنب أجود للمعدة وإن عمل بالملح والماء كان أردأ وإذا أكل الورق نيئاً بالخل نفع المطحولين .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث وبزره بماء الترمس يقتل الديدان وفقّاحه يدر الطمث أيضا واذا احتمل بزره بعد الجماع أفسد المني ورماد أصله يفتّت الحصاة والكرنب البحري إلى ملوحة ومرارة فلذلك يليّن الطبيعة ويسهل وخصوصاً بالدم السمين ورقه نافع للمغص الحار طلاء .
قال ديسقوريدوس : إن سلق سلقةً خفيفةً وكل أسهل البطن وإن سلق مرتين بماء وتناول أمسك البطن .
وعصارة الكرنب إذا خلط بها أصل السوسن المسمى الإيرسا ونطرون أسهل البطن وزهره إذا عمل منه فرزجة واحتملته المرأة بعد الحمل قتل ما في بطنها .
وبزر الكرنب ينبت بمصر خاصةً إذا شرب قتل الدود .
السموم : قال ديسقوريدوس : عصارته مع الشراب تنفع من لسعة الأفعى وهو نافع من عضة الكَلْب الكَلِب وبزر الكرنب المصري يقع في أخلاط الترياقات .
كراث .
الماهية : قال ديسقوريدوس : إن الكرّاث ثلاثة أصناف : أحدها الشامي وهو ذو الأصل البصلي فالشامي رديء الكيموس جداً .
والثاني النبطي وهو أشدّ حرافة من الشامي وفيه شيء من قبض ولذلك يقطع الدم .
والثالث البرّي وهو المعروف بالقرط وهو أردأ من الأول وهو أشبه بالدواء منه بالطعام والنبطي يدخل في المعالجات .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الثانية والبري أحر وأيبس ولذلك هو أردأ .
الخواص : الشامي مع السماق يذهب الثآليل والشًرَى .
الجراح والقروح : الشامي مع الملح نافع للقروح الخبيثة والبري منه لقروح الثدي وإذا تضمّد بالنبطي مع الخل فجر الأورام .


أعضاء الرأس : يقطع الرعاف ويبخر ببزره مع القطران للسن التي فيها دود فيقتل الدود ويسقطه وكله مصدع يخيل أحلاماً رديئة ورماده مع دهن ورد وخل خمر للأذن الوجعة وهو مما يفسد اللثة والأسنان ويقلحها وخصوصاً الشامي .
والنبطي إذا أخذ ماؤه وخلط بالكندر اللبن أو دهن الورد وقطر في الأذن نفع من أوجاعها ودويها والطنين العارض فيها .
أعضاء العين : يحدث ظلمة في العين .
أعضاء النفس : مع ماء الشعير للربو الكائن من مادة غليظة وخصوصاً النبطي وخصوصاً مع العسل وينفع من أورام الرئة وينضجها ويعطي من بزره درهمان مع مثله حبّ الآس لنفث الدم وإذا أكل نيئاً ينفع قصبة الرئة .
أعضاء الغذاء : البري رديء للمعدة أردأ من البستاني لأنه أمر وأحد وألذع منه والكرَاث كله نفاخ يسلق بماءين ليخف نفخه وأذاه قال روفس : إنه يقطع الجشاء الحامض وهو بالجمله بطيء الهضم .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث لا سيما النبطي والبري ويضران بالمثانة والكلية القرحتين وينفع البواسير مسلوقة مأكولاً وضماداً ويحرك الباه وكذلك بزره مقلواً .
وبزره يقلى مع حب الآس للزحير ودم المقعدة ويجلس قي طبيخ ورقه بماء وهو نافع من انضمام الرحم والصلابة فيها وطبخ أصوله اسفيدباجة بدهن القرطم ودهن اللوز أو سيرج نافع للقولنج .
وعصارته يابسة من جملة ما يسهل الدم والبري يدر الطمث والبول أكثر من الآخر .
السموم : عصارته مع ماء القراطن للنهوش .
كزبرة .
الماهية : قال جالينوس : منها رطبة ومنها يابسة وقوتها مركبة والغالب فيها أرضية مرة ومائية فاترة وفيها عفوصة يسيرة من قبض وعندي أن المائية فيها باردة غير فاترة البتّة اللهم إلا أن يكون بسبب جوهر لطيف حار يخالطها مخالطة يسرع مفارقته لها .


وقد قال حنين أيضاً : أنّ جالينوس نفى البرد عن الكزبرة معاندة لديسقوريدوس : أقول وقد شهد ببردها روفس الطبع : بارد في آخر الأولى إلى الثالثة يابس في الثانية عند ابن جريج بل في الثالثة وعندي أن اليابسة مائلة إلى تسخين يسير .
قال جالينوس : في جميعها ميل إلى التسخين فعسى ذلك لجوهر فيه لطيف يتحلّل ولا يبقى عند الشرب وإلا لم يكن يجب أن يكون الإكثار من عصارته قاتلاً بالتبريد .
الأفعال والخواص : فيه قبض وتخدير .
وعصارته مع اللبن يسكِّن كل ضربان شديد .
الأورام والبثور : ينفع من الأورام الحارة ومع الاسفيدباج والخل ودهن الورد ومع العسل والزيت للشَرى والنار الفارسي ومع دقيق الباقلا أو السويق أو دقيق الحمص للخنازير وإذا خلط بها عصارته قال جالينوس : إذا كانت تحلل الخنازير فكيف تكون باردة وقد يمكن أن يقال له لخاصيته أو لأن فيه جوهراً لطيفاً غواصاً ينفذ ويغوص ولا يغوص الجوهر البارد لكنه إذا شرب تحلّل الحار بالسرعة وبقي الفاعل البارد وقال : ولم يشف من الحمرة إلا ما قد برد أوكانت مخالطة لخلط سوداوي أو بلغمي .
أعضاء الرأس : ينفع من الدوار الكائن عن بخار مراري أو بلغمي والصرع الكائن من ذلك .
وخاصيته منع البخار من الرأس ولذلك يجعل في طعام المصروع من بخار المعدة .
والإكثار منه رطبه ويابسه يخلط الذهن ورطبه ينوم ويمنع الرعاف وذرور يابسه والمضمضة بعصارة رطبة أعضاء العين : يولّد ظلمة البصر وعصارتها قطوراً يسكن الضربان في العين خصوصاٌ مع لبن النساء وإذا ضمد بورقها منع سيلان المواد إلى العين .
أعضاه النفس : ينفع من الخفقان الحار يسمى منه وزن درهمين بماء لسان الحمل فيحبس نفث الدم .
أعضاء الغذاء : بطيء الهضم ويقوي المعدة المحرورة ويمنع القيء مقليها وقيل : إنها تسكن الجشاء الحامض بعد الطعام وإن كان كذلك فيمنعها البخار وحركته .


أعضاء النفض : يعقل بزره مقليأ وقيل : إن بزره بالميبختج يسهل الحيات والكزبرة الرطبة مع العسل والزيت نافع لأورام الأنثيين الحارة ورطبه ويابسه يكسر قوة الباه والانعاظ ويجفّف المني .
السموم : عصارته إذا شرب منها قريب من أربع أواق قتلت بأن يورث الغمّ والغشي ولا يجب بالجملة أن يستكثر منه .
كمثري .
الماهية : فيه أرضية ومائية وفي بلادنا نَوْغ يقال له شاه أمرود كبير الحجم شديد الاستدارة رقيق القشرة حسن اللون كأنه مشف وكأنه ماء سكر معقود جامد يتكسّر للجمود لا لغلظ الجوهر طيّب الرائحة جداً إذا سقط عن شجرته إلى الأرض اضمحل وهذا مما لا مضرة فيه من أصناف الكمّثري .
الطبع : الكمثري المعروف بالصيني بارد في الأولى يابس في الثانية الشاه امرود معتدل رطب .
الأفعال والخواص : جميع أصنافه قابض يدخل في ضمادات حبس المواد وقد يجلو يسيراً وخلطه أكثر وأحمد من خلط التفاح على ما يقوله روفس .
وأما المعروف بالشاه أمرود في بلاد خراسان دون غيرها فهو ملين للطبيعة حسن الكيموس جداً .
الجراح والقروح : يدمل الجراحات خاصةً البري المجفف .
أعضاء الغذاء : وهو يدبغ المعدة والصيني خاصة يقوي المعدة ويقطع العطش ويسكن الصفراء .
أعضاء النفض : يعقل البطن خصوصاً المجفّف منه وفي الكمثري خاصة إحداث القولنج فيجب أن يشرب بعده ماء العسل بالأفاويه وربه نافع للمرة الصفراوية .
السموم : رماد النوع الشديد القبض منه البطيء النضج علاج الفطر وإذا طبخ هذا الفطر مع الكمّثري قل ضرره .
كراع .
أعضاء الصدر : ينفع من السعا ل الحار خصوصاً مع كشك الشعير .
أعضاء الغذاء : صالح الهضم جيد الكيموس لزجه غير غليظه والدليل على جودة هضمه سرعة ربوه وتهويته في الطبخ لكنّ غذاؤه غير غزير .
أعضاء النفض : يطلق باللزوجة التي فيه .
كلب .
الزينة : بول الكلب يستعمل على الثآليل والذي يدّعى من نفع لبنه ومنعه نبات الشعر المنتوف باطل على ما زعم جالينوس في مواضع .


أعضاء الغذاء : جالينوس يكذب قول من يقول : أنّ دم الكلب يمنع نبات الشعر المنتوف .
أعضاء النقض : جالينوس يكذب قول من يقول : إن دمه يخرج الجنين .
السموم : دم الكلب الكلب لنهوشه ولسمّ السهام الأرمينية .
كرم .
الماهية : قال ديسقوريدوس : الكرم البري والجبلي له قضبان طوال مثل ما لحبلة الكرم وورقه كورق عنب الثعلب البستاني بل أعرض وزهره شعري وثمره كالعناقيد يحمر عند النضج وحبّه مدحرج ويؤكل ورقه أول ما ينبت .
الخواص : رماد قضبانه يقع في الأدوية الكاوية ودهن الكرم كدهن الورد لكن ليس فيه لطافة ودهن العصير مسكن مسخن وفُقّاح البرّي شديد القبض .
الزينة : دمعته على الثآليل النملية والكرم البرّي جال للكلف والنمش والأهلي ضعيف والبرّي منه ربما خلقت دمعته الشعر مع الزيت وخاصة ما يؤخذ على أغصانه الطرية عند الاستعمال ودهنه أقوى الأدهان كلها .
الجراح والقروح : ودمعة الكرم جيدة للجرب والقوابي وثمرة الكرم البري تمنع ورم الخراجات .
آلات المفاصل : رماده ثجيره مع الخلّ لإلتواء العصب ورماد قضبانه بالزيت على شدخ العضل واسترخاء المفاصل وقد يشرب ماء رماده للسقطة .
ودهن العصير جيد لأوجاع العضل والعصب والإعياء .
أعضاء الرأس : ورقه وخيوطه ضماداً للصداع الحار وأصل الكرم الأسود والأبيض البري من جملة الأدوية الجلاءة جلاء لوسخ الأذن .
ومن الأدوية النافعة من الصمم وقشور البري منه بالعسل يبرىء اللثة الدامية .
أعضاء العين : أوراق الكرم مع سويق الشعير ضماداً على ورم العين ليمنع النوازل إليها .
أعضاء الصدر : عصارة ورق البستاني لنفث الدم وكذلك ثمرة البري شرباً .
أعضاء الغذاء : ورقه وخيوطه مع سويق الشعير ضماداً على ورم المعدة والتهابها وعصارة ورقه لوجع المعدة من الحرارة وقد يشرب أصل البرّي بماء أو مع الشراب فينفع الإستسقاء ويسهّل الماء .
وثمرة الكرم البري جيدة للمعدة والغثيان والكرب وحموضة الطعام .


أعضاء النفض : عصارة ورقه للدوسنطاريا ولوجع المعدة من الحرارة .
ودمعته التي كالصمغ تشرب بشراب فتفتّت الحصاة ورماد ثجيره بالخلّ على البواسير والتوت وثمره جيد للمقعدة يدر ويعقل .
السموم : رماد ثجيره .
ترياق لنهش الأفاعي .


القانون
القانون
( 18 من 70 )

الفصل الثاني عشر حرف اللام
لاذن .
الماهية : هو رطوبة تتعلق بشعر المعزى الراعية ودائها إذا رعت نباتاً يعرف بقاسوس يقع عليه طل وترتكز عليه نداوة ويخالط ذلك الطل ورشح عن ورق ذلك النبات .
فإذا تودج بها شعر المعزى وتعلق به أخد عنها وكان اللاذن .
والنقيّ ما يتعلق بلحائها وما ارتفع من الأرض من شعرها والرديء ما يتعلق بأظلافها فوطئته مع الرمل والتراب .
الاختيار : أجوده الدسم الرزين القبرسي الطيب الرائحة الذي إلى الصفرة ولا رملية فيه وينحلّ كله في الدهن ولا يبقى ثفل .
والأسود القاري غير جيّد .
الطبع : حار في آخر الأولى يابس في الثانية والذي يكون في البلاد الجنوبية أسخن .
قال الخوزي أنه بارد قابض وليس كذلك .
الخواص : لطيف جداً فيه يسير قبض منضج للرطوبات الغليظة اللزجة يحلّلها باعتدال وفيه قوّة جاذبة مسخنة مفتحة لأفواه العروق ويدخل في تسكين الأوجاع .
الزينة : ينبت الشعر ويكثفه ويكثره ويحفظه خصوصاً مع دهن الآس ومع الشراب وإنما صار كذلك لأنه لطيف فيغوص فيحلل وينقّي الفساد الآكل للحم وجذاب يجذب المادة الصالحة للشعر لكنه إنما يقدر على النفع في الصلع المبتدي وفي التمرط والإنتثار وليس يبلغ أن يشفي داء الثعلب لأن مادة داء الثعلب إنما تتحلل بقوة فوق قوته المحلّلة وبقوّة ألطف وأحلى من القبض من قوته .
الجراح والقروح : في قاطاخانس أن اللاذن يدمل العسيرة الإندمال .
أعضاء الرأس : يقطر مع دهن الورد في الأذن الوجعة ويدخل في علاج الصداع والضربان .
أعضاء النفس : الغذاء ينفع من السعال .
أعضاء النفض : يحلّل أورام الرحم محتملاً في فرزجة ويخرج الجنين الميت والمشيمة تدخيناً في قمع وإذا شرب بشراب عتيق عقل البطن وأدر البول .
لفّاح .
الماهية : معروف وقد أستقصينا ذكره في باب اليبروح .
الطبع : عندي أنه بارد إلى الثالثة رطب .
لبنى .


الماهية : هو الميعة ويقال لسائله عسل اللبنى والاصطرك وهو دمعة شجرة كالسفرجل وقد قلنا في باب الإسطرك ما قلنا ونحن نعيد ذلك القول وإن كان في تكرير وقيل إنه دهن شجرة آخرى رومية .
الاختيار : أجود أصنافه الميعة ذلك السائل بنفسه الشهدي الصمغي الطيب الرائحة الضارب إلى الصفرة ليس بأسود ولا بحالي وقد يوجد منه سيال شبيه بالمر وقد يغش بأدهان وعسل يربى منها في الشمس ثم يعصر .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : له قوة منضجة ملينة جداً مسخنة محللة ودخانه شبيه بدخان الكندر الأورام والبثور : ينفع الصلابات في اللحم ويطلى على البثور الرطبة واليابسة الأدهان .
الجراح والقروح : يطلى على الجرب الرطب واليابس وهو طلاء جيد عليه .
آلات المفاصل : يقوي الأعضاء وينفع تشبك المفاصل شرباً وطلاء ويقع في أدهان الإعياء .
أعضاء الرأس : يحبس رطبه ويابسه النزلة تبخبراً وهو غاية للزكام وفيه قوة مسبتة لا سيما في دهنه .
أعضاء الصدر : ينفع من السعال المزمن والبلغم ووجع الحلق ويصفي صوت الأبح مع تليين شديد .
أعضاء الغذاء : يهضم .
أعضاء النفض : يلين الطبيعة ويدر البول ويدرّ الطمث إدراراً صالحاً شرباً واحتمالاً ويلين صلابة الرحم .
واليابس يعقل البطن وإذا شرب من الميعة اليابسة أو من السائلة مثقال مع مثله صمغ اللوز أسهل بلغماً لزجاً من غير أذى .
الأبدال : بدله جندبيدستر ومثلا من دهن الياسمين .
لازَوَرد : الماهية : قوته كقوة لزاق الذهب وأضعف يسيراً .
الخواص : له قوة لذاعة معفنة وجالية مع حدة وقبض يسير وفيه احتراق وتقريح .
الزينة : يسقط الثآليل .
أعضاء العين : يحسن الأشفار ويكثرها وهو غاية كما قيل في ذلك لخاصية فيه وقيل لاستفراغه الأخلاط الرديئة المانعة لنبات الشعر نباتاً جيداً .
أعضاء الصدر : ينفع من البهر .


أعضاء النفض : يدر البول إدراراً صالحاً شرباً واحتمالاً ويسهل السوداء وكل مخالط للدم فيه غلظ وينفع من وجع الكلي والشربة إلى أريع كرمات وإلى درهم مخالط للأدوية .
لك .
الماهية : قال بعضهم وهو بولس : هو صمغ حشيشة شبيهة بالمر طيب الرائحة ويجب أن يستعمل بحذر وغلطه الآخرون وقالوا : هو الكهرباء وقال بعضهم : إن هذا هو اللك لكن اللك في كثير من الخصال في قوه الكهرباء .
الزينة : مهزل بقوة شديدة .
أعضاء النفس : ينفع من الخفقان .
أعضاء الغذاء : ينفع الكبد ويقويها وينفع من اليرقان والاستسقاء وأوجاع الكبد .
الماهية : شجرة سفحية لها ورد طيب الرائحة قليلاً يرعاه النحل ويشبه أن يكون الشجرة التي تسمى بفراوة والبوسنج الترياق على أني لست أتحقق ذلك وقوته مناسبة لفراسيون لكنها أضعف منه وهو يتوع .
الطبع : حار يابس في الثانية وقيل : حار يابس إلى الرابعة .
الخواص : إذا ألقي من لبنه شيء في غدير السمك أطفاه .
أعضاء الغذاء : يقيء بقوة .
أعضاء النفض : يسهل الماء .
لحية التيس .
الطبع : فيه قليل حرارة وبرودة بحيث تفتر حرارته كأنه ليس بشديد البرد بل برده آخر الآولى ويبسه شديد إلى الثالثة .
الخواص : قابض إلى حد وأصله أقوى قبضاً ويقع في الترياق لتشدد الأعضاء وعصارته في قبض بزر الورد .
الجراح والقروح : ورقه إذا جفف يدمل وهو ينفع القروح العتيقة وزهرة أقوى في جميع ذلك .
أعضاء الرأس : أصله من الأدوية الجلاءة لوسخ الأذن المجففة لقروحها النافعة من الصمم .
أعضاء النفس : زهر ورقه وأصله أيها كان إذا سقي بماء الشعير لقروح الرئة نفع وعصارته لنفث الدم .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة ويمنع انصباب المواد إليها وخصوصاً عصارته .
أعضاء النفض : أقوى دواء لقروح الأمعاء إذا سقي أو زهره خاصة أو عصارته بشراب ولنزف الدم من الرحم ضماداً أو شرباً .
لوف .
الماهية : منه سبط ومنه جعد .
والجعد أصفى من الذي يقال له لوف الحية .


والسبط فيه أرضية كبيرة فلذلك يقل جلاؤه على جلاء الجعد وإن كان كلاهما جاليين .
قال ديسقوريدوس : ورقه شبيه بورق دراقيطون وأصغر لاختلاف آًثار فيه وجذره شبر وأصله الدواء المذكور شبيه دستجة الهاون وثمرة الجعد أصغر كأنها زيتونة .
الطبع : السبط في آخر الأولى حراً وتجفيفاً والجعدة في آخر الثانية في التسخين .
وأقوى ما فيه بزره وأنفع ما فيه أصله .
الأفعال والخواص : مفتح للسدد مقطع للأخلاط الغليظة اللزجة تقطيعاً معتدلاً فيه جلاء .
والجعد في كلّ ذلك أقوى وأقوى ما فيهما وخصوصأ ما في السبط الأرضية .
الزينة : أصله الجعد يجلو الكلف والبهق والنمش وخصوصاً مع العسل ويلطخ بالشراب على شقاق البرد .
الأورام والبثور : ينفع الأورام المحتاجة إلى الجلاء .
الجراح والقروح : يخلط أصله .
وخصوصاً الجعد بالفاشرا فيقع في مراهم الخبيثة .
والذي فيه رطوبة أصلح للجراحات من اليابس الذي هو أحد ما يحتاج إليه في الجراحات وقد يتخذ مدقوقاً مكان الفتيلة لمراهم القروح والنواصير ويتخذ من أصله بلاليط النواصير وورقه جيد للجراحات الرديئة .
آلات المفاصل : الحلوف مع إخثاء البقر على النقرس ووهن العضل .
أعضاء الرأس : عصير عنقود البستانيِ منه نافع من وجع الأذن وإذا جعل في الأنف مع دهن الورد نفع التأكل والسرطان الكائن فيه وإذا أخذت عصارة عنقود لوف الحية التي تكون على طرفه .
وعصيره إذا خلط بزيت وقطر في الأذن سكن الوجع .
وأصله من الأدوية الجلاءة لوسخ الأذن المجففة لقروحه النافعة من الصمم .
وبزر الحلوف يسقى للبواسير التي تكون في الأنف حتى السرطانية ومنها السرطان نفسه والرأي أن يدس في المنخرين بصوفة .
أعضاء العين : ينفع أصله قروح العين .
أعضاء النفس : ينفع النفث والربو وانتصاب النفس بأن يسلق مرات حتى تزول دوائيته ثم يطعم من به انتصاب النفث والربو العتيق .
وأصله يفعل ذلك لكنه في الجعد قوي .
أعضاء الغذاء : يتولّد من أكله خلط غليظ .


أعضاء النفض : الجعد يحرك الباه في الشراب وينقي الكلية وينفع البواسير .
وقيل : إن ثمرة الجعد إذا أخذ منها ثلاثون عدداً بالخلّ الممزوج أو بشراب أسقط الجنين وربما احتملت بلوطة معمولة منها فأسقط وربما أسقط اشتمام هذا النبات عند ذبول زهره وقد يدر البول .
السموم : إذا دلك أصله على البدن لم ينهشه الأفعى .
لعبة بربرية .
الماهية : شيء كالسورنجان يجلب من نواحي أفريقية يغش به السورنجان .
الطبع : حار في الثالثة .
أعضاء النفض : يحرك الباه .
لسان العصافيز .
الطبع : حار في الثالثة رطب في الأولى .
الأفعال والخواص : في ورقه قبض وتنقية وإلحام .
آلات المفاصل : قشوره بالخل على رضّ العضل .
أعضاء النفس : ينفع الخفقان .
أعضاء النفض : يزيد في الباه .
الأبدال : بدله في تحريك الباه وزنه جوزاً مقشراً ووزنه تودري أحمر .
لسان الثور .
الماهية : حشيشة عريضة الورق كالمرو وخشنة الملمس وقضبان خشبه كأرجل الجراد ولونه بين الخضرة والصفرة .
الاختيار : يجَب أن يستعمل منه الخراساني الغليظ الورق الذي على وجهه نقط هي أصول شوك أو زغب متبرىء عنه .
وأما الوجود في هذه البلاد والذي يستعمله الأطباء فأكثره جنس من المرو وليس بلسان الثور ولا ينفع منفعته .
الطبع : قريب من المعتدل في الحر إلى حرارة يسيرة وهو في آخر الأولى في الرطوبة واليابس منه أقل رطوبة .
وقالت الخوز : إنه بارد رطب في آخر الثانية وذلك بعيد .
الخواص : قوة المحرق منه تزيل قلاع الصبيان وتسكّن لهيب الفم وكذلك هو نفسه ولكن أضعف .
أعضاء النفس : مفرّح مقوّ للقلب جيد للتوحش والخفقان في الشراب والعلل السوداوية وقوم يسقونه لمن به الخفقان الحار مع الطين الأرمني وزن درهمين .
وينفع من السّعال وخشونة القضيب وخصوصاً إذا طبخ بماء العسل والسكر .
لسان الحمل .
الماهية : جنسان صغير وكبير .


قال ديسقوريدوس : إنه يسمى كثير الأضلاع وذو سبعة أضلاع وورق الكبير أكبر وررق الصغير أصغر وجوهره مركب من مائية وأرضية وبالمائية يُبَرِّد وبالأرضيّة يقبض .
الإختيار : أنفعه الأكبر والثمرة والأصل قريبة الطبع من الورق لكنها أيبس وأقلّ برداً .
الطبع : أصله أيبس وأقل رطوبة وبرده دون التخدير ويبسه دون اللذع فلذلك هو غاية للقروح فهو لطيف وخصوصاً إذا جف .
قال جالينوس : هو بارد يابس في الثانية .
الخواص : ورقه قابض رادع بمائية باردة فيه وفيه .
تفتيح لجلاء فيه ويُعلّق أصله على عنق صاحب الخنازير .
الأورام والبثور : جيّد للأورام الحارة وحرق النار والنملة والشري والحمرة وأورام أصول الأذن والخنازير .
الجراح والقروح : جيد للقروح الخبيثة والنار الفارسية والقروح المزمنة والجراحات العميقة وهو متقدم مع جملة في هذه الأبواب وينفع بالقيموليا والاسفيذاج إذا جعل على الحمرة .
آلات المفاصل : يضمد به لداء الفيل فيمنع تبريده ويضمره .
أعضاء الرأس : نافع لوجع الأذن من الحرارة وطبيخ أصله مضمضة لوجع السن والعدسية التي يكون فيها لسان الحمل بدل السلق فينفع من الصرع وإذا قطرت عصارة ورقه من أوجاع الأذن سكن الوجع وإذا مضغ أصله وتمضمض بسلاقته سكن وجع الأسنان وكذلك ماء ورقه يُبرىء القلاع .
أعضاء العين : ينفع من الرمد وتداف شيافات الرمد بعصارته فتنفع .
أعضاء النفس : بزره من النفث الدموي وعدسية يلقى هو فيها بدل السلق تنفع من الربو .
أعضاء الغذاء : أصله وبزره وورقه في علاج سدد الكبد والكليتين يطبخ منه عدسية ويلقى فيها بدل السلق ويلقى فيها بدل السلق فتنفع من الاستسقاء .
أعضاء النفض : نافع لقروح الامعاء وللإسهال المري شرباً من بزره واحتقاناً من عصارته ويحبس نزف البواسير ويشرب ورقه بالطلاء لوجع المثانة والكلى .
الحمّيات : قيل : إنه نافع من الحمى المثلثة يعني الغب .


وقيل : إنه يجب أن يشرب للغب ثلاثة من السموم : يوضع مع الملح على عضة الكَلْب الكَلِب .
لسان .
الماهية : جوهر مركب من لحم رخو ينفذ فيه عروق وعصب وعضل وخلطه رطب .
لونفرولس .
الماهية : حجر مصري يستعمله القصارون في تبييض الثياب رخو مذاب في الماء سريعاً .
الخواص : مغر يجفف بلا لذع قابض مانع لسيلان المادة إلى العضو .
القروح : هو نافع للقروح والخراجات وخصوصاً التي في الأعضاء اللينة .
أعضاء العين : ينفع من الغرب ويدخل في أدوية قروح العين .
أعضاء النفض : جيّد لنفث الدم .
أعضاء النفض : نافع من الإسهال المزمن ووجع المثانة ويحتمل لقطع النزف .
لوبيا .
الطبع : الأحمر أسخنها .
ابن ماسويه و أرخجانس : إنه بارد يابس وعندي أنّ جوهره يابس وفيه رطوبة فضلية وأنه إلى الحرارة والأحمر أسخن .
الخواص : وهو أسرع انهضاماً وخروجاً من الماش وليس أقل منه غذاء وقيل : هو أقل نفخاً وفيه نظر .
والأصح أنه نفاخ أكثر من الماش لكن الباقلا أنفخ منه .
وخلط اللوبيا رطب بلغمي ويرى أحلاماً رديئة .
أعضاء النفس : جيد للصدر والرئة .
أعضاء الغذاء : يولد خلطاً غليظاً والخردل يمنع ضرره وكذلك الخل بالملح والفلفل والسعتر وأن يشرب عليه نبيذ صلب والمربى بالخلّ قليل الرطوبة .
أعضاء النفض : يدر الطمث خصوصاً الأحمر وخصوصاً مع دهن الناردين .
لوز .
الماهية : معروف دهنيّته أقلّ من دهنية الجوز على أن فيه دهنية كثيرة بسببها يزنج والجوز أسرع منه انهضاماً وأسرع استحالةً إلى المرار وصمغ اللوز الحلو على ما زعم بعضهم قريب الأحوال من الصمغ العربي .
الطبع : الحلو معتدل فيهما مائل إلى الرطوبة قليلاً والمر حار يابس في الثانية .
الخواص : صمغ اللوز المر يقبض ويسخن وفي جميع أصناف اللوز جلاء وتنقية وتفتيتح لكن الحلو أضعف بكثير من المر في تفتيحه لأنه ملطف جلاء فهو بالعرض مفتح .
ويقال : أنه لا قبض فيه البتة وغذاؤه قليل .


وخواص المر أنه يقتل الثعلب والمرّ دواء غير غذاء .
وأما الحلو الزينة : المر على الكلف والنمش والآثار والسقوع ويبسط تشنّج الوجه .
وأصل المرّ إن طبخ وجعل على الكلف كان دواء قوياً والأكل من اللوز الحلو يسمن .
الأورام : المر بالشراب جيد للشري .
القروح : يطلى بالعسل على الساعية والنملة وبالخل أو بالشراب على القوابي .
والمر أبلغ في ذلك كله .
أعضاء الرأس : جيد لوجع الأذن والدوي فيها خصوصاً المر ومسحوقاً بحاله وإذا غسل الرأس به وبالشراب نقى الرطوبة والحزاز وجذب النوم .
وإذا شرب اللوز المرّ قبل الشراب منع السكر .
وخصوصاً خمسين عدداً .
وشجر اللوز المر إذا دق ناعماً وخلط بالخل ودهن الورد وضمد به الجبين نفع من الصداع وكذلك دهن اللوز المر ينفع منه .
أعضاء العين : يقوي البصر .
أعضاء الصدر : اللوز المر مع نشاستج الحنطة جيد لنفث الدم وينفع من السعال المزمن والربو وذات الجنب وخصوصاً دهن الحلو وسويق اللوز نافع من السعال ونفث الدم .
أعضاء الغذاء : يفتح السدد من الكبد والطحال وخصوصاً المر فإنه يفتح السدد العارضة في أطراف العروق وإذا أكل الطري بقشره نشف بلة المعدة .
وهو عسر الهضم جيد الخلط قليل أعضاء النفض : المر يفتح سدد الكلى ودهن المر منه ينقي الكلية والمثانة ويفتت الحصاة وخصوصاً مع الإيرسا شرباً وربما يقع ضماداً معه ومع دهن الورد وينفع لأوجاع الرحم وأورامها الحارة وصلابتها واختناقها وعسر البول ووجع الكلى ويحتمل فيدر الطمث .
والحلو نافع من القولنج لجلائه والمر أنفع ودهنه أخف من جرمه .
السموم : ينفع من عضة الكَلْب الكَلِب .
ليموسون .
الخواص : ثمرته قابضة يابسة .
أعضاء النفض : ينفع من استطلاق البطن والدم يسقى في شراب وكذلك لنزف الحيض والشربة إكسوثافن .
لزاق الذهب .


الماهية : هذا الإسم يقع على الأشق وقد تكلمنا عليه وقد يقع على شيء يتخذ من بول الصبيان مسحوقاً في هاون نحاس فيجعل في الشمس حتى ينعقد وقد يكون منه معدني يتولد في المعدن من بخار يتحلّل في مياه بحاره ثم ينعقد وهذا هو الذي نذكره الآن .
الإختيار : أجوده الصافي النقي وخصوصاً النابت ومصنوعه أقوى وألطف ثم معدنيه الطبع : حار .
الأفعال والخواص : جال قابض مسخن معص برفق لذاع يسيراً محلل مجفف بقوة وتحليله أشد من لذعه وكذلك تجفيفه وهو يذوب من غير لذع كثير .
والمصنوع منه أشد تجفيفاً وأقل لذعاً للطفه الزائد وإذا أحرق معدنيه ازداد لطافة وهو نافع في هذه الأبواب .
الجراح والقروح : يذيب اللحم وهو دواء جيد للجراحات العسيرة الاندمال .
أعضاء الغذاء : مقيء قابض - لبلاب : الطبع : معتدل إلى حرارة ما ويبس لين وعند الخوزي أنه بارد .
الخواص : محلل مفتح والمعروف منه بحبل المسحين فيه أرضية قابضة ومنائية ملينة وحرافة فارية والجفوف يبطل المائية منها وفيه تنقية .
الزينة : لبن اللبلاب للعظيم يحلق الشعرويقتل القمل .
الجراح والقروح ة ورق جبل المسكين الطري صالح للخراجات الكبار يدملها مطبوخاً في الشراب وينفع ضماداً على حرق النار وخصوصاً مع القيروطي فلذلك لاتظيرله .
أعضاء الرأس : يقطرعصيره الأذن الوجعة بقطنة خصوصاً مع دهن الورد وخصوصاً إذا كان الورم حاراً وينفع للصداع المزمن وعصارته تنفع من المادة المنحلبة إلى الأذن إذا أزمنت وللقروح للعتيقة فيها .
أعضاء النفس : جيد للصدروالرئة وينقي الربو .
أعضاء الغذاء : يفتح سدد الكبد وورقة بالخل جيد للطحال .
أعضاء النفض : ماؤه يسهل الصفراء المحرقة وإذا لم يطبخ كان أقوى .
وصنف اللبلاب رديء يسهل الدم .
لُعاب .
الخواص : يختلف بحسب الأنواع وبحسب أمزجة الأشخاص وقوته بالجملة منضجة محللة .
الزينة : يجلو الكَلف والنمش والدم الميت .


الجراح والقروح : تدلك القوابي بلعاب الإنسان الصائم والكافور .
أعضاء الرأس : لعاب الصائم إذا قطر في الأذن المتأذية من الدود قتلها وأخرجها من الساعة .
السموم : يقاوم اللعاب السموم وإذا تفل الصائم على العقرب مراراً ماتت .
لبن .
الماهية : اللبن مركّب من جواهو ثلائة مائية وجبنية ودسومة .
وتكثر الدسومة في البقري ولبن اللقاح أقل دسومة وجبنية وهو رقيق جداً .
ولبن الأتن أيضاً قليل الدسومة رقيق ولبن المعز معتدل ولبن النعاج غليظ دسم ولبن البقر أدسم وأغلظ ولبن الرماك كلبن اللقاح رقيق مائي .
الإختيار : أفضل الألبان للإنسان لبن النساء وأجود الألبان هو المشروب من الضرع أو كما يحلب وأجوده الشديد البياض المستوي القوام الذي يلبث على الظفر ولا يسيل منه ويكون رعي حيوانه نباتاً فاضلاً ولا يكون فيه طعم غريب إلى حموضة أو مرارة أو حرافة أو رائحة غريبة أو كريهة ويجب أن يستعمل كما يحلب قبل أن يستحيل وليس كل حيوان حمله هو أطول حبلاً من الإنسان رديئاً ولذلك فإن المناسب هو المقارب كالبقري .
الطبع : المائية حارة والزبدية إلى الاعتدال وإن مال إلى حرارة واللبن الحامض بارد يابس .
الخواص : مائيته ملطفة غسالة ولا لذع فيها واللبن يعدل الكيموسات ويقوي البدن ويعقل وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط الغليظة وأنضجها وغسلها .
أعضاء انغناء : جيد الكيموس مغذ زائد في الدماخ خصوصاً لبن النساء واللبن قريب الهضم وكيف لا وهو متولد من دم في غاية الانهضام طرأ عليه ماء آخر وإن كان من عضو إلى البرد فإنه لم يتغذ به حتى صار في حال الأغذية التي تحتاج إلى هضم كثير وتصفية بعد تصفية بل إذا استولت عليه حرارة فاضلة رديئة إلى طبيعة الدم العتدل بسرعة فما أحسن ما قال : روفس فيه وإن اعترض عليه .


ولميله إلى البرد مايضر أصحاب البلغم لأن حرارتهم لا تحليله إلى الدموية كما ينبغي والبدن يستعمله قبل الإحالة لقربه منه ولذلك ينفع أصحاب المزاج الحار اليابس إذا لم يكن في معدهم صفراء تحيله .
ثم للألبان مناسبات مع الأبدان لا تدرك أسبابها ومن شرب اللبن فيجب أن يسكن عليه لئلا يفسد ولا يحمض ولكن يجب أن لا ينام عليه ولا يتناول عليه أغذية آخرى إلى أن ينحدر وهو أصلح للمتناهين منه لأصحاب المزاج الحار من الشبان فإنه يستحيل فيهم إلى الصفراء .
وينفع المشايخ أيضاً بما يرطّب ويزيل الحكة التي تخصهم ولكن يجب أن يعانوا على هضمه بالعسل .
وكثيراً ما يبدأ اللبن بالإطلاق وإخراج ما في نواحي الأمعاء من الفضول ثم يأخذ في التغذية وينكسر في البدن ويحبس الطبع وهو نفاخ إلا أن يغلي وهو مركب من مطلق وهو مائية وعاقل وهو جبنية .
واللبأ بطيء الإنهام غليظ الخلط بطيء الانحدار .
والعسل يصلحه ويغذو منه البدن غذاء كثيراً والحامض خام الخلط والمطبوخ منه خصوصاً ما كان أغلظ فهو أعقل .
وكل لبن يورث السدد وخصوصاً في الكبد إلا لبن اللقاح ونحوها لقلة جنبيته وجلاء مائيته وينفع من المواد التي تنصب إلى الأعضاء الباطنة وتؤذيها بحدتها ولذعها فإنه يضعفها بأن يغسلها فوق غسل الماء بجلاء مائية ليس في الماء ويعدل كيفيتها وبأن يحول بمناسبته للعضو ثم تغريته عليه بين العضو وبين الخلط الرديء فلا يلقاه الخلط عادياً وهو يضر أصحاب سيلان الدم .
واللبن غير جيّد للأحشاء ولبن المعز أكثر ضرراً للأحشاء من غيره فإن أكثر رعية لما يقبض .
ولبن الشأن بخلافه وليس بمحمود وفيه إلهاب .
واللبن في جوهوه سريع الاستحالة وخصوصاً إلى الحر ولا أضر بالبدن من لبن رديء .


ولبن الأتان مائي ولبن الخنزير مائي غير نضيج واللبن الربيعي مائي بالقياس إلى الصيفي وكذلك ما يرعى الريف والآجام لأن نبات الربيعي مائي بالقياس إلى نبات الصيف وكلما أمعن الصيف أمعن اللبن في الغلظ .
وأجوده ما كان في وسط الصيف لكنه يخاف عليه أن يحيله الحر بعد الشرب ولا يخاف ذلك في الربيع .
والبقري كثير السمن والضأني كثير الجبنية والسمنية .
والجبنية في ألبان الإبل قليلة ثم في ألبان الخيل ثم الأتن .
ولذلك قلّما يتجبن في المعدة .
وفي لبن الإبل ملوحة لحبها الحمض وهذا خير الألبان ومع ذلك فقد قيل : انه شديد البطء في المعدة وأعالي الجوف أكثر من غيره .
وأعلم أن اللبن يختلف بحسب لون الحيوان وبحسب سنّه هل هو صغير أو كبير أو معتدل وبحسب سحنته هل هو ليّن اللحم أو صلبه سمين أو عجيف أبيض أو لون آخر .
وأضعف اللبن فيما يقال لبن الأبيض وهو أسرع انحداراً .
الزينة : الإكثار من اللبن يولّد القمل فيما زعم بعضهم ولم يبعد لكنه يجلو الآثار القبيحة في الجلد طلاء ويحسن اللون شرباً جداً ولكنه كثيراً ما يحدث الوضح إلا لبن اللقاح فإنه قلما يخاف منه الوضح واذا سقي بالسكر حسن اللون جداً خصوصاً النساء ويسمن حتى إن ماء الجبن يسمن أصحاب المزاج الحار اليابس إذا أسهلوا بسببه وإنما يسمنهم بما يرطب وبما يخرج الخلط الرديء فيصلح الغذاء .
واللبن الرائب بالخبث يسمن هؤلاء بالسرعة .
وماء الجبن يذهب الكلف والآًثار طلاء وقد ينفع منها شرباً .
الأورام والبثور : كثيراً ما يبرأ من يعرض له الأورام الرديئة والدماميل والماشرا والجرب والحكة بشرب اللبن إذا لم يكن في مزاجهم ما يفسده ويحيله الى الصفراء .
واللبن ضار لأصحاب الأورام الباطنة .
الجراح والقروح : اللبن يصلح للقروح الباطنة بما يغسل وبما ينقّي وبما يغري وإذا لم يكن في المزاج ما يفسده ويحيله صفراء انتفع به أصحاب القروح .


وماء الجبن مع الهليلج آلات المفاصل : الألبان رديئة للأعصاب ولأصحاب أمراض العصب خصوصاً الباردة البلغمية .
أعضاء الرأس : لبن الماعز ينفع من النوازل ويحبسها ويطيب حرافتها وينفع من قروح الحلق .
واللبن علاج للنسيان اليابس والغم والوسواس واللبن يضر بالأسنان ويؤكلها ويحفرها ويفتتها خصوصاً إذا كان السن بارد المزاج ويرخي اللثة بل أن يتمضمض بعده بالعسل والشراب والسكنجبين لكن لبن الأتن فيما يقال إذا تمضمض به شدد الأسنان واللثّة ولا يوافق أصحاب الصداع والدوار والطنين وخصوصاً النوم عليه وبالجملة يضر ضعيفي الرؤوس .
أعضاء العين : اللبن يحدث ظلمة البصر والغشاء لكنه إذا حلب في العين نفع من الرمد وضرر المواد الحارة المنصبة إلى العين ومن الخشونة وكذلك إذا خلط ببياض البيض ودهن الورد الخام وجعل على العين وينفع حلبه فيها من الطرفة .
أعضاء النفس : لبن الأتان والماعز جيدان للسعال والسل ونفث الدم على ما تجد في موضعه ولبن النعاج أنفع في نفث الدم .
واللبن من أدوية قروح الرئة والسلّ وينفع المضمضة والغرغرة من الخوانيق والذبح وأورام اللهاة واللوزتين لكنه لأصحاب الخفقان الرطب كيف كان من دم أو بلغم .
ولبن اللقاح ينفع من الربو والنهش .
واللبن أوفق للصدر منه للرأس والمعدة .
ولبن الماعز ولبن اللقاح قاطبة نافعان .
ولبن الأتن نافع من الاستسقاء وينفع جميع ذلك من صلابة الطحال .
ولبن اللقاح مع دهن الخروع للصلابات الباطنة ويحدث نفخاً في المعدة ووجعاً وخصوصاً اللبأ وكلاهما مما يهيجان الفواق والجشاء الدخاني وخصوصاً اللبن ويضر المطحول والمكبود والمحتاجين إلى التدبير الملطّف إلاّ لبن اللقاح فإنه ينفع من أورام كثيرة للطحال والكبد ويطري الكبد .
ولبن اللقاح ينفع من الاستسقاء جداً خصوصاً إذا شرب مع بول اللقاح العربية ويهيج شهوة الغذاء ويعطش .


واللبن الحامض بطيء الاستمراء جداً خام الخلط لكن المعدة الحارة طبيعياً أو عرضاً تهضمه وتنتفع به ولا يجشّي دخاناً لإنتزاع الزبد عنه .
أعضاء النفض : ماء الجبن يسهل الصفراء الترقة ومع الأفتيمون يسهّل السوداء المحرقة .
واللبن يحدث الحصاة .
واللبن المدوف حتى تذهب مائيته يعقل البطن ويحبس اختلاف الدم .
ولبن اللقاح يدر الطمث .
ومخيض البقر جيد للإسهال المراري ويحتقن بالحليب من اللبن لقروح الرحم .
ولبن الماعز نافع من قروح المثانة .
واللبن يتدارك ضرر الجماع ويقوّي على الباه ويحدث نفخاً في الأمعاء وكل لبن غليظ يهيج القولنج ويولد الحصاة خصوصاً اللبأ .
واللبن يهيج الجماع حتى اللبن الحامض والماست في الأبدان الحارة المزاج بما يرطب وينفخ .
وكثيراً ما يلين البطن وخصوصاً لبن الخيل والإبل والأتن ثم لبن البقر ثم المعز .
وكل ما قلت مائيته فقد يطلق البطن الاستكثار منه ولا ينهضم .
والملح يعين على إسهاله وعلى إسهال ماء الجبن .
وأما المطبوخ والمرضوف وهو المسخن بحصاة محماة وصفائح حديد فإنه يعقل البطن لا محالة .
واللبن ينفع من السحج واللبن الحامض المطبوخ يحبس الإسهال الصفراوي والدموي .
ولبن اللقاح ينفع البواسير .
واللبن إذا جعل على أورام المقعدة وقروحها وأورام العانة وض رحها نفع وسكن الوجع الحادث في هذه الأعضاء .
الحمّيات : لبن الماعز ولبن الآتان جيد للدق على ما تجد في موضعه واللبن الحامض كثيراً ما دفع حمّيات الدق قد إذا أجيد نزع سمنه وكأن بحيث يستمرأ .
وأما الحليب من الألبان الغليظة فكثيراً ما يلقى في الحميات ولا يجب أن يقربه صاحب الحمى البتة .
السموم : اللبن نافد من شرب الأدوية القتالة ومن شرب الأرنب البحري والشوكران والبنج وخاصة من شرب الذراريج والفافسيا والخربق وخانق الذئب والنمر وجميع الأدوية الأكالة المعفِّنة وهو علاج لمن سقي البنج يرد عليه عقله .


لحم : الاختيار : اللحوم الفاضلة هي دم الضأن وهو مع حرافة لطيفة والفتى من الماعز والعجاجيل .
ولحوم الصغار منها أقبل للهضم وألطف غذاء والجدي أقل فضولاً من الحمل ولحم الرضيع عن لبن محمود جيد .
وأما عن لبن غير محمود فهو رديء .
ولحم الهرم من الغنم رديء وكذلك لحم العجيف ولحم الأسود أخف وألذ وكذلك لحم الذكر .
والأحمر المفصول من الحيوان الكثير السمن والبياض أخف والمجذع أقل غذاء ويطفو في المعدة .
وأفضل اللحم وأمرأه غائره بالعظم أيضاً .
والأيمن أخف وأفضل من الأيسر وأوسط العضل أنقى اللحم من العيب وأما اللحم الرخو الذي لا عصب عليه فإنه ربما لذّ وخصوصاً ما كان بسبب توليد اللبن مثل لحم الثدي أو لتوليد اللعابية مثل لحم أصل اللسان .
وغذاؤه إذا انهضم جيّد وفي أكثر الأوقات يكون بلغمياً وليس كثرة غذائه إلا ككثرة غذاء اللحوم ولحم العضل إلا لحم الثدي ولحم خصي الديوك وأقله جودة ما كان خلقه لدعامة كما ينتسج من عروق الكبد وغيره ولحم القلب وأصله مثل التوثة وغذاء الثدي جيد .
وإن كان فيه لبن فهو غليظ ولحم الخصي أفضل من غيره .
وأفضل لحوم الطير التدرج والدجاج ألطف منها وليس بأغذى ولحوم القباج والطياهيج والدراريج .
وكل حيوان يابس المزاج فلحم صغيره أفضل مثل الجدي فإنه فاضل ولحم الماعز ليس بفاضل جداً وخلطه ربما كان رديئاً جداً ولحم التيس رديء مطلقاً ولحوم السباع رديئة وجميع الطيور الكبار المائية وذوات الأعناق الطوال والطواويس والخربان والحمامات الصلبة والقطا ما أكثر توليده للسوداء وما يشبهها والعصافير كلها رديئة وأجنحة الطيور الغليظة العظيمة الرياضة جيدة الكيموس .
وخير لحوم الوحش لحم الظباء مع ميله إلى السوداوية .


وقالت النصارى : ومن يجري مجراهم بل خير لحوم الوحش لحم الخنزير البري فإنه مع كونه أخف من لحم الأهلي هو قوي الغذاء وكثيره وسريع الانهضام وأجوده ما يكون في الشتاء ويجب أن ينطر في أحوال الحيوان أيضاً من سنّه ومرعاه ورياضته وغير ذلك بما قيل في اللبن .
الطبع : لحم الطير أجمع أيبس من لحم ذوات الأربع ولحم البقر أيبس من لحم الماعز ولحم الماعز يابس وأعسر هضماً من لحم الضأن ولحم الجزور غليظ الغذاء شديد الإسخان ولحم الأرنب حار يابس ولحوم كبار الطير والأوز والخربان غليظ .
وأما لحم البط والمائيات فشديدة الرطوبة وقريبة في ذلك من لحم الضأن .
وزعم بعضهم أن لحم القنفذ مرطب واللحم السمين والألية حارة رطبة .
الأفعال والخوص : اللحم غذاء مقو للبدن وأقرب غذاء استحالة إلى الدم وغذاء مطجنه ومشويه أيبس وغذاء مسلوقة أرطب والمطبوخ بالأبازير والمري ونحوه قوته قوة أبازيره .
والسمين والشحم رديء الغذاء قليله ملطف للطعام وءانما يصلح منها قدر يسير بقدر ما يلدذ واللحم المملوح وءان كان في الأصل مرطباً فإنه يعود مجففاً أشد من تجفيف كل لحم وغذاؤه قليل .
واللحم السمين يلين البطن مع قلة غذائه وسرعة استحالته إلى الدخانية والمرار ويهضم سريعاً والألية أردأ من اللحم السمين رديئة الهضم والغذاء وهو أحر وأغلظ من الشحم .
ولحم البقر كثير الغذاء غليظة أسود رديء ويولد أمراض السوداء وأفضله لحم العجاجيل .
ولحم البقر يهريه قشور البطيخ وأفضل وقت يؤكل فيه الربيع وأوائل الصيف .
قالت النصارى ومن يجري مجراهم : ليس له مع غلظه لزوجة غذاء لحم الخنزير ولا كثافته .
وأما لحوم الخنانيص فقليلة الغذاء ولشدة تحليلها ولشدة رطوبتها .
ولحم البط كثير الغذاء وليس في جودة غذاء الدجاج ونحوه وقوانصه لذيذة وكبده جيدة لذيذة في الغذاء فاضلة الخلط .
ولحم الشقراق كاسر للرياح وأبعد اللحمان من أن يعفن أقلها شحماً وأيبسها جوهراً .


الزينة : لحم البقر يولد البهق وشحم حمار الوحش جيد للكلف طلاء وكذلك شحم البط المسمن وحراقة لحم الحملان طلاء على البهق وحراقة لحم الضفدع لداء الثعلب .
الأورام والبثور : لحم البقر يولد السرطان وكذلك اللحوم الغليظة ويحلل الأورام الصلبة .
الجراح والقروح : لحم البقر يولد الجرب والقوباء الرديئة وكذلك اللحوم الغليظة وحراقة لحم الحمل طلاء على القوابي .
آلات المفاصل : دم البقر يولد الجذام وداء الفيل والدوالي وكذلك اللحوم الغليظة والسمن والألية ضماداً جيد للعصب الجاسي .
ومرقة لحم الأرنب يقعد فيها صاحب النقرس وصاحب أوجاع المفاصل فيقارب فعله فعل مرقة الثعلب .
لحم ابن عرس يستعمل ضماداً على أوجاع المفاصل .
شحم الحمار الوحشي مع دهن القسط مروخ جيد على وجع الظهر ومن الرياح الغليظة ولحم الأفعى للجذام على ما قيل في بابه ولحم القنفذ جيد أيضاً للجذام .
أعضاء الرأس : لحم البقر وسائر اللحمان الغليظة المذكورة يحدث السوداء والوسواس بتجفيف ودم ابن عرس يخلط بالشراب ويشرب للصرع .
أعضاء العين : رماد لحم الحملان لبياض العين .
لحوم السباع وذوات المخاليب ينفع العين ويقوّيها .
أعضاء النفس : السرطان النهري نافع للمسلولين جيد ولحم الفراخ تهيج الخوانيق إلا مصوصاً .
أعضاء الغذاء : اللحوم الغليظة المذكورة تغلظ الطحال لكن سكباج البقر بالكزبرة اليابسة والزعفران يمنع سيلان المواد إلى المعدة .
ولحم القطا يذكر في جملة ما ينفع من فساد المزاج والاستسقاء وسدد الكبد والطحال والأولى أن يتخذ في الاستسقاء قريصاً لئلا يهيج العطش .
ومن الناس من مدح لحوم السباع لبرد المعدة ورطوبتها وضعفها وسرعة الانهضام والانحدار وبطؤهما ليس بحسب غلظ الغذاء ورقته فإن لحم الخنزير البري والأهلي على ما يقال أسرع انهضاماً وانحداراً وهو قوي الغذاء لزجه غيظه ولحوم الأيايل مع علظها سريعة الانحدار .


ولحم القنفذ بالسكنجبين ينفع الاستسقاء ولحم القطا ينفع من سدد الكبد وضعفها وفسادا المزاج والاستسقاء .
ولحم السباع وذوات المخاليب تعافها المعدة .
أعضاء النفض : اللحوم البقرية تمنع تحلب الصفراء إلى الامعاء .
لحم الأرنب مشوياً جيّد لقروح الامعاء .
لحم القنفذ مجففاً بالكسنجبين جيد لوجع الكلى .
مرقة الديك الهرم جيدة للقولنج والأمراض السوداوية .
شحم الحمار الوحشي مع دهن القسط جيد لوجع الكلى مع الريح الغليظة .
ولحوم السباع وذوات المخاليب جيدة للبواسير .
مرقة لحم البقر سكباجة جيد للإسهال المراري وكذلك قريصة لحم بالكزبرة والخلط والحموضات التي تشبهه والكزبرة اليابسة وقليل زعفران .
وكذلك لحوم الطير مشوية وغير مشوية يعقل الطبيعة خصوصاً القباج والطياهيج .
وأقوى منها القطا والقنابر خصوصاً إذا سلقت وصبّ عليها المرق .
لحم الأيل مدرّ للبول .
واللحوم السمينة أشد تلييناً للبطن من غيرها .
الحيات : لحم البقر والأيايل والأوعال وكبار الطير يحدث حميات الربع .
السموم : لحم ابن عرس مجفّفاً يسقى في الشراب ينفع من السموم .
لحم الحملان المحرق للسع الحيات والعقارب والجرارات ومع الشراب للكَلْب الكَلِب ولحم الضفدع مع لسع الهوام .
الفصل الثالث عشر حرف الميم
المسك .
الماهية : المسك سرّة دابة كالظبي أو هو بعينه ونابان أبيضان معقفان إلى الأنسي كقرنين .
الاختيار : أجوده بسبب معدنه التبتي وقيل بل الصيني ثم الجرجيري ثم الهندي البحري ومن جهة الرعي ثم قرون ما يرعى البهمنين والسنبل ثم المر .
وأجوده من جهة لونه ورائحته الفقاحي الأصفر .
الطبع : حار يابس في الثانية ويبسه عند بعضهم أرجح .
الأفعال والخواص : لطيف مقو .
الزينة : يبخر إذا وقع في الطبيخ .
أعضاء الرأس : إذا أسعط بالمسك مع زعفران وقليل كافور نفع الصداع البارد ووحده أيضاً لما فيه من التحلل والقوة وهو مقو للدماغ المعتدل .


أعضاء النفس والصدر : يقوّي القلب ويفرح وينفع من الخفقان والتوحش .
السموم : هو ترياق السموم وخصوصاً البيش .
مَصْطِكى .
الماهية : منه رومي أبيض ومنه نَبَطي إلى السواد .
وشجرته مركبة من مائية قليلة وأرضية كثيرة وهو ألطف وأنفع من الكندر .
الاختيار : أجوده الأبيض الجلاء النقي وإصلاحه تحليله وتركه في الخل أياماً ثم يجفف .
الطبع : حار يابسَ في الثانية وهو أقل تسخيناً وتجفيفاً من الكندر وليس في شجرته تبريد وتسخين شديد وفيه تسخين أكثر مما في شجرته .
الأفعال والخواص : قابض محلل وجميع أجزاء شجرته قابض وتركيبه من جوهر مائي مفتر وجوهر أرضي وأصوله وقشور أصوله يقوم مقام أقاقيا وهيوفسطيداس وبدله وكذلك عصارة ورقه يتخذ من ثمرتها دهن شديد القبض .
وأما جالينوس فيشبه أن يرى أن في جميع أجزائها مع القبض تلييناً وكذلك أدهانه والنبطي الذي يضرب إلى السواد قبضه أقل وتجفيفه أكثر فهو أوفق بما يحتاج إلى تحليل قوي .
وكل ما فيه من قبض وتليين وتجفيف فهو بلا أذى .
دهنه لطيف جداً ويذيب للطافته وتليينه وحرارته الرقيقة البلغم .
وهو مع ذلك أقل حدة وكثافة الزينة : يقع في السنونات والغمر فيورث حسناً .
الأورام والبثور : ينفع لما فيه من القبض والتليين من أورام الأحشاء .
والأسود النبطي أوفق للصلابات الباطنة والأسود نافع للأورام النملية .
الجراح والقروح : يمنع عصارته وطبيخ ورقه من الساعية ودهن شجرته ينفع من الجرب حتى جرب المواشي والكلاب ويصب طبيخ ورقه وعصارته على القروح فينبت اللحم وكذلك على العظام المكسورة فيجبر .
أعضاء الرأس : ومضغه يحلب البلغم من الرأس وينقيه وكذلك المضمضة به تشد اللثّة .
أعضاء العين : يلصق به الهدب المتقلب .
أعضاء النفس : ينفع من السعال ونفث الدم وخصوصاً طبيخ أصله وقشره .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة والكبد ويفتّق الشهوة ويطيب المعدة والكبد في وقتها .


أعضاء النفض : يقوي الكبد والإمعاء وينفع من أورامها .
وطبيخ أصله وقشره ينفع من الاختلاف ودوسنطاريا والسحج وكذلك نفس ورقه من نزف الدم من الرحم وجميع أوجاع الأرحام وسيلان رطوباتها الرديئة ومن نتوّ الرحم والمقعدة وكذلك دهن شجرته و بزره .
مو : الماهية : هو قطاع مختلفة الشكل في لون غاريقون وله غبار يضرب إلى قبض ومرارة وهو طيب الرائحة يحذو اللسان وهو أصل نبات إنما يستعمل منه أصله ويكثر ببلاد مقدونيا .
الاختيار : أجوده الأبيض الجلاء النقي وإصلاحه تحليله وتركه في الخل أياماً ثم يجفف .
الطبع : حار يابس في الثالثة وفيه رطوبة غريبة غير نضيجة تافهة .
الخواص : لطيف جلآء مفتح شبيه بالسنبل في قوّته لكنه أسخن وأقبض .
آلات المفاصل : ينفع شرباً وطلاءً من أوجاع المفاصل .
أعضاء الرأس : يصدع الإكثار منه وذلك لفضل رطوبة فجّة فيه .
أعضاء الغذاء : ينفع الكبد الباردة والنفخ فيها .
أعضاء النفض : نافع من عسر البول شرباً وضماداً وكذلك من أوجاع المثانة وإتقان الفضول فيها ويدر الطمث وينفع من وجع الأرحام حتى الجلوس في مائه وينفع من المغص والقراقر والنفخ .
مازريون .
الماهية : يتّوع كبير وهو ضربان .
أحدهما ما ورقه كبير رقيق والآخر صغير الورق ثخينه وهذا أردؤهما وما كان أسود فهو قتّال .
الأختيار : أجود المازريون ما كان ورقه كثيراً وشبيهاً بورق الزيتون وألطف .
والصغير الورق جعدها فرديء وقد يكسر غائلة المازريون بالتحليل .
الطبع : حار يابس في الرابعة .
الأفعال والخواص : وهو جال منق مقشر وحرافته شديدة .
الزينة : جميع أصنافه يستعمل في البهق والبرص والنمش طلاء من خارج وقد يخلط به الكبريت في ذلك .
الجراح والقروح : جميع أصنافه يستعمل للقوابي والقروح الوسخة بالعسل فيقلع الخشكريشات لما فيه من الجوهر المحلل الأكال وكذلك يجفف الجرب .


أعضاء الرأس : يتمضمض بطبيخه وخصوصاً بطبيخ الأسود فيسكن وجع السنّ وقد يلصق شيء منه مع فلفل وقطعة موم على السن الوجعة .
أعضاء الغذاء : المازريون يضر بالكبد جداً .
أعضاء النفض : يسهّل الماء وخصوصاً المأخوذ رطباً وقت زهوه وتكسر حدته بأن ينقع في الحل ثم يجفف والشربة منه منقوعاً ست درخميات يطبخ في رطل ونصف ماء حتى ينقى منه نصف وربع ويشرب ويسهّل الحيات وحب القرع وخصوص أكسوثافن منه في طبيخ الفوتنج الجبلي وقد ينقع منه إثنان وعشرون درهماً في جرتين من شراب ويترك شهرين ثم يصفّى ثم يترك شهرين ثم يشرب للإستسقاء ولتنقية النفاس .
وطبيخه ينفع من عسر البول الشديد .
قال بعضهم : أنه أيضاً يسهّل السوداء والأخلاط البلغمية وخصوصاً إذا خلط به مثلاً أفسنتين .
ومنهم من يأخذ منه مثقالاً بضعفه أفسنتين معجوناً بالعسل المطبوخ ويتخذ منه شيافاً ويجب إن أريد به إسهال الماء .
الأصفر أن يخلط به المسهلات الأخرى له وأن أريد به إسهال السوداء فعل به مثل ذلك فيخلط بما يسهل السوداء .
السموم : المازريون يسقى بالشراب لنهش الهوام وهو خصوصاً الأسود قاتل إذا خلط بالسويق وجمع بماء وزيت قتل الفار والكلاب والخنازير والقاتل منه للناس وزن درهمين يقتل بالكرب والقيء والإسهال .
مرو .
الماهية : قالت الهند : إنه أنواع نوع طيب الرائحة وهو مرماخور وهو أحر وأيبس .
ونوع آخر وهو أقل ريحاً ويقال له سموساً وهو حار ليّن .
ونوع ثالث يسمى المرو الأبيض معتدل وفيه قوة مفرحة .
وأظن أن الذي فيه قوة مفرحة هو لسان الثور .
ونوع يسمى مروماهوس وهو حار يابس ملطف .
ونوع يسمى ميشبهار وهو بارد فيما قال واصفه .
الأفعال والخواص : جميع أصنافه مفش للريح لطيف محلل للنفخ والبلغم مفتّح للسدد الباردة حيث كانت .


أعضاء الرأس : يقطر مع اللبن في الأذن الوجعة وميشبهار نافع من الصداع الحار وسائر أصناف المر وينفع الصداع البارد لكن العطر منه يصدع خصوصاً إذا شم على الشراب .
أعضاء الغذاء : يحلل البلغم من المعدة وينفع من وجع المعدة ويقويها .
أعضاء النفض : يقوي الأمعاء وبزره إذا قلي ينفع من السحج ومن دوسنطاريا وإن لم يقل أسهل بلغماً .
مرماخو ر .
الماهية : معروف وزهره أغبر إلى الخضرة طيب الرائحة عطر .
الطبع : قال الدمشقي إن المرماخور أسخن من المرزنجوش وأقوى وهو حار في الثالثة يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : لطيف محلل فسكن للرياح مفتح للسدد البلغمية حيث كانت .
أعضاء الرأس : يسكر سريعاً إذا جعل في الشراب ويصدع شمّه عليه لكنه محلل شمه أو الإكباب على نطوله جميع البخار والصداع البارد يشبه الشيح في ذلك .
أعضاء النفض : يقوّي الامعاء .
مقل اليهود والمقل المكي .
الماهية : مقل اليهود منه صقلبي ومنه عربي وهو غير مقل الدودم وكلاهما من الدوادم والصموغ وأما المكّي فهو ثمرة شجرة الدوم .
الاختيار : الأجود من الصمغين هو الأزرق الصافي المر الطعم النقي من العيدان السهل الانحلال الطيب الرائحة لدخانه رائحة الغار وإذا عتق مقل اليهود خرج من التليين إلى التجفيف .
الطبع : المكي بارد يابس والآخر حار في آخر الأولى ملين وخصوصاً الصقلبي والعربي يجففه الرمان .
الأفعال والخواص : محلل حتى الدم الجامد ملين منضج كاسر للرياح والصقلبي أشد تلييناً والعربي أيبس منه إلا طريّة .
الأورام والبثور : يحلل الأورام الصلبة وخصوصاً مدوفاً بريق الصائم وكذلك يحلل سائر الأورام الباردة والعربي الذي ليس هو ثمرة الدوم وهو مقل اليهود يزيل الخنازير ويشرب مطبوخاً للأورام الباطنة والصلبة .
الجراح والقروح : يطلى بالخل على السعفة .
أعضاء النفس : ينفع من أوجاع قصبة الرئة وأورامها وينفع من السعال المزمن وينفع أوجاع الجنب .


والعربي نافع من أورام الحنجرة والحلق .
أعضاء النفض : ينفع من البواسير شرباً وحمولاً وبخوراً ويحبس دمها وينفع من حصاة الكلي وإذا وقع في المسهلات منع السحج ويدرالبول والطمث .
وقد يظن بالمكي أيضاً أنه يدر ولا شك في أنه يعقل ويفتت الحصاة .
والمقل العريي الصافي الأحمر إذا سحق منه مقدار مثقالين وشرب بماء العسل حطم البلغم .
والمقلان جميعاً يحللان أدرة الماء ويفتحان فم الرحم المنضم ويحدران الجنين وينقيان الرحم ويحللان أورام المقعدة والأنثيين .
السموم : نافع من لسع الهوام .
الإختيار : المياه الفاضلة والمحمودة قد ذكرناها في الكتاب الأول فليعلم من هناك .
والمياه الرديئة هي الراكدة البطائحية والغالب عليها طعم غريب ورائحة غريبة .
والكدرة الغليظة الثقيلة الوزن والمبادرة إلى التحجر والتي يطفو عليها غثاء رديء وتحمل فوقها شيئاً غريباً .
واعلم أن البورقية من المياه يتدارك ضررها باللبن والشراب الغليظ والنشاستج والشبيه بالشراب الرقيق الريحاني والغبيراء النيء والقثاء الفج والبقول الملطفة والمدرة والمياه الغليظة الكدرة يصلحها الملطفات كالثوم والبصل والكراث .
وشرب الشراب عليها يذهب غائلتها خصوصاً مخلوطاً فيها .
والماء الخشن هو إما الغليظ وإما الحاد الجلاء .
وقد يقال ماء خشن للذي يكون شديد التنقية لما يغسل به .
والماء المر يصلحه الحلاوات .
والمالح يصلحه الخرنوب الشامي وحبّ الآس والزعرور والطين الحر والسويق .
والماء الرديء بالجملة يصلحه الخل .
الطبع : ماء البحر حريف حاد والماء البورقي مسخن مجفف والماء النحاسي والحديدي ينفع الأحشاء .
الخواص : الماء البارد يضر أصحاب السدد لكنه ينفع أصحاب التخلخل والسيلان أي سيلان كان من أي عضو كان ومن يعرض لهم بسببه أمراض .
ويقوي القوى كلها على أفعالها إذا كان باعتدال أعني الهاضمة والجاذبة والماسكة والدافعة .


الزينة : ماء البحر ينفع من الشقاق العارض من البرد قبل أن يتقرج ويقتل القمل ويحلل الدم المنعقد تحت الجلد .
والمياه الكبريتية جيدة للبهق والبرص .
الأورام والبثور : المياه الكبريتية نافعة من أورام المفاصل والصلابات والثآليل المتعلقة .
الجراح والقروح : الماء القراح رديء للقروح بما يرطب .
وهو خلاف واجب تدبير القروح .
وماء البحر ينفع استعماله من الحكة والجرب والقوابي .
والمياه الكبريتية أيضاً جيدة للجرب والقوابي أستحماماً بها وكذلك من السعفة .
آلات المفاصل : ماء البحر ونحوه ينفع من أمراض العصب وخصوصاً إذا استحم به مثل الرعشة والفالج والخدر ونحوه والمياه الكبريتية كذلك وينفع من جميع أوجاع المفاصل والعصب الباردة .
أعضاء الرأس : المصرعون ينتفعون بالماء الفاتر ويستضرون بالماء الحار .
وبخار ماء البحر ينفع مدة من الصداع البارد وماء النحاس ينفع الفم والأذن .
أعضاءالعين : ماء القفر رديء للعين .
أعضاء الصدر والنفس : الماء البارد جداً رديء للصدر على أن الماء ضار لقصبة الرئة للترطيب الذي فيه وهو يحتاج إلى تجفيف والماء الفاتر جيد لأورام الحلق واللهاة والصدر .
ماء البحر ينطل به اورام الثدي .
الماء البورقي ربما نفع الرئة .
ماء الشبّ نافع من نفث الدم .
أعضاء الغذاء : الماء الحديدي ينفع الطحال والمعدة .
والماء النحاسي قريب منه .
الماء البارد جداً خصوصاً يضر أصحاب السدد .
ماء البحر ونحوه رديء للمعدة .
بخار ماء البحر ينفع من الاستسقاء .
وشرب الماء البورقي ربما نفع لبورقيته المعدة الرطبة .
وماء الشب ينفع من القيء ويمنعه وكذلك مياه الحمآت القابضة .
والمياه الكبريتية نافعة من أورام الطحال أعضاء النفض : ماء البحريحقن به للمغص وقد يسقى فيسهل ثم يشرب بعده مرق الدجاج فيسكن لذعه .
والماء الشبّي يمنع لإسقاط ونزف الحيض .
والمياه الكبريتية نافعة من أوجاع الرحم .
الماء البارد جداً رديء للباه ويعقل البطن و .


يسكن حركات المني وسيلانه .
الماء المالح يسهل ثم يمسك بتجفيفه .
وجميع الماء المعدني يعسر البول والحيض والولادة .
وأكثرها يطلق ويجفف وبعضها كالشبي يعقل وقد يحدث القولنج أيضاً .
والمياه الحديدية والنحاسية جيدة للكلي والقولنج .
والمياه الكدرة تحدث الحصاة في الكلية والمثانة .
والماء المطفأ فيه الحديد ينفع من نفث الدم .
الحميات : المياه الكبريتية والطينية والراكدة الميتة تحدث الحميّات والغليظة تحدث الربع منها .
السموم : من لسعته الأفعى فجلس في ماء البحر انتفع به وكذلك سائر الهوام القتالة .
مزمار الراعي .
الخواص : قوّته جلاءة .
الأورام والبثور : يحلل الأورام الحارة .
أعضاء الغذاء : ينفع من الأوجاع الرخوة والثقيلة في الأحشاء .
مغاث .
الماهية : قال بعضهم : إنه عرق الرمان البري وليس يوافق هذا ما يذكر من أن بزره يوافق الباه ويحركها بقوة .
الطبع : حار إلى الثانية رطب في الثالثة .
الخواص : هو مقو للأعضاء .
الزينة : هو مسمن .
آلات المفاصل : هو نافع إذا ضُمِّد به من الوثى والكسر ووهن العضل وينفع من النقرس والتشنج وهو جيد للدشبذ وصلابة المفاصل .
أعضاء النفس : ملين لصلابات الحلق والرئة .
أعضاء النفض : يحرك الباه خصوصاً بزره .
مرداسنج .
الماهية : إن المرداسنج هو الآنك المحرق وقد يتّخذ من غير الأنك وقد يبالغ في إصلاحه إما بأن يطبخ في خل أو خمر ثم يحرق مرة أو مرتين أو يحرق على الجمر وينزع عنه ما يعلوه أو يطبخ بالماء والحنطة والشعير حتى يتشقّق ويعزل عنه الحنطة وكذلك الماء ويطبخ بماء جديد الطبع : قال جالينوس : هو إلى التجفيف لكنه ضعيف الإسخان والتبريد وعند غيره أنه إلى البرد ما هو والمغسول منه بارد لا محال .
الخواص : قابض مجفّف يجلو قليلاً مع قبض وتغرية ويلطف الغليظ وقبضه وجلاؤه يسيران وهو مادة للمراهم يجمع الأدوية ويكسر إفراط التحليل والتأكل والقبض أيضاً .


الزينة : يطيب رائحة البدن والإبط ويمنع سحج الفخذ ويجلو الكلف والآثار السود والدم الميت وخصوصاً المغسولَ ويفمب آثار الجدري ويمنع العرق .
الجراح والقروح : ينبت اللحم في القروح بالعرض لكن قال جالينوس : إنه لا منقّ ولا موسّخ ولا منبت ولا ناقص بل هو مادة المراهم وينفع سحج المغابن و الأفخاذ .
أعضاء العين : المغسول الأبيض منه يقع في الأكحال ويجلو العين .
أعضاء النفض : إن شرب منع البول والنساء في بلادنا يسقينه للصبيان للخلفة وقروح الأمعاء وقد يلقينه في كيزان الماء ليقل ضرره .
السموم : هو قاتل يحبس البول وينفخ البطن والحالبين ويبيّض اللسان ويخنق ويضيق النفس .
مشك طرامشير .
الماهية : قضبان يشبه الشاهسفرم واليابس لا يوجد منه في أول الطعم كثير طعم ولا رائحة ثم يعقب مرارة وحدة وإذا رعته الغنم حلبت دماً وهو ينوب عن الفوتنج بل هو أقوى منه بكثير وهو صنفان : أحدهما المشك طرامشير الحق والآخر المزور الكاذب وهو يشبهه لكنه أضعف أحوالاً منه .
الطبع : هو حار يابس إلى الثالثة .
أعضاء الصدر والنفس : هو يخرج الرطوبات اللزجة من الصدر والرئة .
أعضاء الغذاء : شرابه نافع من الكرب والغشي .
أعضاء النفض : يدر الطمث بقوة والبول حتى يبول الدم ويخرج الأجنّة شرباً وتبخّراً واحتمالاً وشرابه يَحدُرُ دم النفاس .
مرارات .
الاختيار : أقوى مرارات ذوات الأربع مرارة البقر ثم الظبي والدب ثم الماعز ثم الضأن .
وأسلم مرارات الطير مرارة الديك والدرّاج والقبّج .
وسائر مرارات الطير أقوى من مرارات ذوات الأربع إذا قست البغاث منها بالماشية والصيد بالجوارح .
والمرارات القوية اللذاعة جداً مرارات الجوارح وخصوصاً الكبار منها والمختار منها كان لونه أصفر طبيعياً .
وأما الزنجاري واللازوردي فرديء وكذلك الناصع الحمرة .
وأضعف المرارات مرارة الخنزير ومرارة الشيوط والسمك المسى بالعقرب .
والسلحفاة فهي أقوى من مرارة ذوات الأربع .


قال ديسقوريدوس : يشد طرف المرار ويغلى في الماء قدر ما يعد الإنسان ثلاث غلوات ثم يخرج ويجفف في ظل لا ندى فيه ويحفظ .
الطبع : حارة يابسة كلّها في الرابعة .
الأفعال والخواص : المرارات كلها حارة جلاءة وتختلف بحسب الذكر والأنثى وتختلف بحسب حال العطش والجوع وحال الارتواء وحال الدعة وحال الرياضة .
الزينة : مرارة الحمار الوحشي تقلع التوث وتنفع طلاء على اثار الأورام .
الأورام والبثور : تقع في مراهم الحمرة فتمنعها .
الجراح والقروح : إذا خلطت المرارة بالنطرون والريتيانج وطين قيموليا نفع من الجرب المتقرح .
ومرارة البقر تقع في المراهم المانعة للجراحات غير الحمرة والأوجاع الشديدة .
ومرارة التيس تقلع اللحم التوثي .
والقروح تختلف حاجتها إلى المرارات القوية والضعيفة بحسب أوقاتها وبحسب نقائها وتوشخها .
ومرارة الذئب جيدة للجراحات العصبية وفي زمان البرد يمنع التشتج والكزاز المخوف في أمثالها .
آلات المفاصل : مرارة التيس تجعل على داء الفيل والدوالي فتنفع وكذلك مرارة الحمار الوحشي خصوصاً .
ومرارة الذئب تمنع التشنج والكزاز اللذين يتبعان جراحات العصب خصوصاً من البرد .
أعضاء الرأس : مرارة التيس والثور للقروح الطرية في الأذان .
مرارة الرخمة في الزيت تقطر في الأذن الثقيلة والتي بها طرش ومع عصارة الكرَاث النبطي للطنين ولثقد السمع .
ومرارة الثور بالنطرون والقيموليا للحزاز يغسل بها الرأس .
وقد قيل أن مرارة الدب إذا لعقت تنفع من الصرع .
ومرارة السلحفاة نافعة من القلاع الخبيث في أفواه الصبيان فيما يقال وينفع الاستنشاق بها المصروع والمرارات كلها نافعة للخيشوم مفتحة جداً لسدد المصفاة .
أعضاء العين : المرارات كلها تنفع من ظلمة البصر .
ومرارة الجوارح خصوصاً اليابس تنفع من ابتداء الماء والانتشار ولا يجوز أن تستعمل إلا بعد تنقية البدن والرأس .
وأنفع المرارات للعين أما من دواب الأربع فمرارة الظبي .


وأما من الطير فمرارة القبّج وأما من السموك فمرارة الشبوط .
ومرارة العنز تنفع من الغشاء وخصوصاً الجبلي .
أعضاء النفس : ومرارة الثور يتحنك بها مع العسل للخناق وكذلك مرارة السلحفاة .
أعضاء النفض : مرارة الثور تفتح أفواه عروق البواسير .
وكل مرارة مسهّلة مطلقة حتى مرارة الخنزير إذا مسح بها السرة أو احتملت .
ومرارة الثور مع العسل طلاء على قروح المقعدة ويتخد منه لطوخ الرحم والأنثيين ويجعل على أورام الصفن .
السموم : مرارة التيوس الجبلية ترياق للمنهوش وكذلك مرارة الثور .
موم .
الماهية : الموم الصافي هو جدران بيوت النحل التي تبيض فيها وتفرخ وتخزن فيها العسل والموم الأسود هو وسخ كوائره .
الطبع : معتدل .
الخواص : مليّن يملا القروح وسخاً ويرطب بالعرض لأنه يتدبق فيسد المسام وهو مادة المراهم المبردة والمسخنة كلها ولا شك أن فيه نضجاً يسيرأ وقليل تحليل من كثير العسل وفي الموم الأسود الذي هو وسخ الكوارة جذب من العمق شديد يجذب السلاء والشوك وفيه لطافة وتنقية يسيرة وتليين بالغ .
الأورام والبثور : يلين صلابة الأورام .
القروح : يلين الخشكريشات ويملا القروح وسخاً .
والأسود يجذب السلاء والشوك .
آلات المفاصل : يلين الأعصاب .
أعضاء النفس : ينفع من خشونة الصدر طلاءً ولعقاً خصوصاً وقد ضرب بدهن البنفسجٍ ويمنع اللبن من التعقد في أثداء المرضعات .
وأظن ديسقوريدوس يقول مشروباً حبوباً كالجاورسات عشرة عدداً .
أعضاء النفض : يشرب منه عشر جاورسات في بعض الأحساء الجاورسية أو الأرزية لقروح الأمعاء .
السموم : قيل أنه يجذب السموم ويجعل على جراحات النصول المسمومة طلاء ولا يضر .
مغناطيس .
الماهية : هو الحجر الذي يجذب الحديد وإذا أحرق صار ساذجه وقوته قوته .
الإختيار : أجوده الأسود المشرب حمرة الخالص الذي لا خلط فيه .
الأفعال وَالخواص : جال منقّ .


أعضاء النفض : يسقاه من شراب برادة الحديد ومن احتبس في بطنه خبث الحديد فإنه يجذبه ويستصحبه عند الخروج وقيل إنه إذا سقي منه ثلاث أنولوسات بماء القراطن أسهل كيموساً غليظاً .
مارقشيثا .
الماهية : حجر هو أصناف ذهبي وفضي ونحاسي وحديدي وكل صنف منه يشبه الجوهر الذي ينسب إليه في لونه .
والفرس يسمونه حجر الروشنا أي حجر النور للمنفعة للبصر .
الطبع : حار في الثانية يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : فيه قبض وإسخان وإنضاج وتحليل وجلاء وقوته قوية لكنه ما لم ينعم دقه لم تظهر منفعته .
الزينة : ينفع إذا طُلي بالخل على البرص والبهق والنمش ويحلل الرطوبات المحتقنة تحت الجلد ويرقق الشعر ويجعّده .
الأورام والبثور : إذا خلط بالريتيانج نفع الأورام الصلبة : وحلّلها ويقع في المراهم المحللة لما فيه من الإنضاج والتحليل .
الجراح والقروح : مع الريتيانج يلحم القروح ومع الزرنيخ يقلع اللحم الزائد .
آلات المفاصل : يحلل ما يجتمع في أجزاء العضل من المادة الشبيهة بالمدة .
أعضاء الرأس : قيل إنه إذا علق على عنق الصبي لم يفزع .
أعضاء العين : يجلو العين ويقوّيها محرقاً وغير محرق .
مغنيسيا .
مداد .
الماهية : معروف .
الاختيار : أجوده أخفه وزناً وأحلكه سواداً .
الطبع : حار كله مجفّف إلا الهندي فإن الهند و بولس يعدّونه من المبرِّدات .
الخواص : كله مجفف .
الأورام والبثور : زعم بعضهم أن الهندي يجعل على الأورام الحارة فينفعها .
الجراح والقروح : المتخذ من دخان خشب الصنوبر مع صمغ ومقل يجعل في حرق النار ويترك حتى يسقط .
مَرَزنجوش .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : لطيف مفتّح محلل وقوة دهنه مسخنة مطلقة حادة .
الزينة : يجعل ماؤه في المحجمة ويطلى العضو بعد الفراغ من الحجم فإنه يمنع البياض الذي يحدث عند المشارطة بعد الحجامة ويطلى يابسه على كهبة الدم واخضراره وخصوصاً تحت العين .


آلات المفاصل : يقع في القيروطي فيطلي على التواء العصب وينفع من وجع الظهر والأربية كذلك ومع العسل على الاعياء ودهنه أيضاً ضمّاد للفالج المميل للعنق إلى خلف ولغيره من الفالج .
أعضاء الرأس : يفتح سدد الدماغ وينفع من الشقيقة ومن الصداع والرطوبة والصداع السوداوي والرياح الغليظة ومن وجع الأذن نطولاً وقطوراً ويجعل فيها قطعة مغموسة في دهن المرزنجوش فينفع من سدادها .
أعضاء الغذاء : ينفع طبيخه من الاستسقاء .
أعضاء النفض : ينفع طبيخه من عسر البول والمغص ودهنه يسخن ويلطف وينفع انضمام الرحم المؤدي إلى اختناقها .
السموم : هو مع الخل ضماده للسع العقرب .
ميويزج .
الماهية : هو الزبيب الجبلي : وهو حبِّ أسود متغضن كالحمص الأسود .
الطبع : حارّ يابس في الثالثة .
الزينة : يقتل القمل وخصوصاً مع الزرنيخ .
الجراح والقروح : ومع الزرنيخ أو وحده على الجرب والتقشير .
أعضاء الرأس : يمضغ ليتحلب البلغم والرطوبة عن الدماغ ويطبخ في الخلّ فيتمضمض به لوجع الأسنان ورطوبة اللثّة ويبرىء مع العسل القلاع الرديء .
أعضاء الغذاء : َ يسقى منه خمس عشرة حبة بماء القراطن فيقيء كيموساً لزجاً .
أعضاء النفض : في سقيه خطر فإنه يقرح المثانة وإذا كان مع المصلحات وبقدر معتدل نقاها .
موميا .
الماهية : هو .
في قوّة الزفت والقفر المخلوطين وطبيعتهما إلا أنه بالغ واسع المنفعة .
الطبع : حار في الثالثة .
الأفعال والخواص : لطيف محلّل .
الأورام والبثور : ينفع من الأورام البلغمية .
آلات المفاصل : جيد لأوجاع الخلع والكسر والسقطة والضربة والفالج واللقوة شرباً ومروخاً .


أعضاء الرأس : ينفع من الشقيقة والصداع البارد والصرع والدوار يسعط منه بقدر حبة بماء المرزنجوش وفي الأذن الوجعة حبة في الزئبق ولسيلان القيح من الأذن شعرة بدهن الورد وماء الحصرم بفتيلة ولثقل اللسان قيراط بطبيخ الصعتر الفارسي وللبيض والصداع العتيق حبة مع حبة جندبادستر بدهن البان سعوطاً .
أعضاء النفس : يمنع نفث الدم من الرئة ثلاق شعرات في نبيد جمهوري .
قد جُرب للخناق قيراط بسكنجبين ولوجع الحلق فيراط برب التوت أو طبيخ العدس وللسعال طسوج بماء العناب وماء الشعير وسيسبان ثلاثة أيام متوالية على الريق وللخفقان قيراط بماء الكمّون والنانخواه والكراويا .
أعضاء الغذاء : لضعف المعدة قيراط بماء الكمّون والنانخواه والكراويا وكذلك للتهوّع البلغمي وللسقطة على الصدر والمعدة .
وللكبد قيراط بدانقين من طين أرمني ودانق زعفران في ماء عنب الثعلب أو خيار شنبر وللفواق حبة بطبيخ بزر الكرفس ولوجع الطحال قيراط بماء السكر .
أعضاء النفض : جيد لقروح الإحليل والمثانة ويسقى قدر قيراط منه باللبن وإن خلط شيء منه بدقيق واحتمل نفع من قلة الصبر على حبس البول .
السموم : وللسموم حبتين بطبيخ الحسك والأنجدان وللعقارب قيراط بخمر صرف وعلى لسعها قيراط بسمن البقر .
الماهية : صمغ منه خالص ومنه مشوب مغشوش .
الاخيار : أجوده ما هو إلى البياض والحمرة غير مخالط بخشب شجرله طيب الرائحة وقد يغش ببعض اليتّوعات القتّالة فيصير قتالاً وهذا اليتّوع يسمى بارفاسيس وهي شجرة قتالة .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : مفتّح محلّل للرياح وفيه قبض وإلزاق وتليين ودخانه يصلح لما يصلح هو ولكنه أشد تجفيفاً وهو لطيف غير لذاع وفي مجانسة دخان الكندر ويقع في الأدوية الكبار لكثرة منافعه ويمنع التعقن حتى إنه يمسك الميت ويحفظه عن التغير والنتن ويجفّف الفضول الخامة .
والمجلوب من الاقليطيا أشد تسخيناً وإنضاجاً وتلييناً .


الزينة : إذا خلط بدهن الآس واللاذن أعان على تقوية الشعر وتكثيفه ويجلو آثار القروح ويطيّب نكهة الفم إذا أمسك فيها ويزيل البخر ويلطخ بالشراب والشبّ على الأباط فيزيل صنانها ويلطخ بالعسل والسليخة على الثآليل .
الأورام والبثور : نافع من الأورام البلغمية .
الجراح والقروح : يدمل ويكسو العظام العارية ويستعمل بالخل على القوابي ويبرىء الجراحات المتعفنة .
أعضاء الرأس : قال جالينوس : رائحة المر يصدع الأصحاء فضلاً عن المصروعين وهو من الأدوية خصوصاً مع الثافسيا والأفيون والجندبادستر الذي ينفع في رض الأذن ويسد وينوم ويتمضمض به بشراب وزيت فيشد الأسنان جداً ويقويها ويمنع تأكّلها ويشد اللثة ويذهب رطوبتها ويذر على قروح الرأس فيجففها .
ويستعمل مع جندباستر وماميثا وأفيون لقروح الأذن الموجعة وللقيح ويلطخ به المنخران للنوازل المزمنة فيحبسها وقد يسعط بوزن دانق منه فينقي الدماغ .
أعضاء العين : يجلو آثار القروح في العين ويملأ قروحها أو يجلو بياضها وينفع من خشونة الأجفان ويحلل المدة في المعين بغير لذع وربما خلّل الماء في ابتداء نزوله إذا كان رقيقاً .
وأقواه في الأكحال المغشوش اليتِّوعي .
أعضاء النفس والصدر : جيد للسعال المزمن الرطب ومن البرد وعسر النفس والانتصاب وأوجاع الجنب ويصفي الصوت كل ذلك لجلائه اللطيف من غير تخشين ويؤخذ تحت اللسان ويبتلع ماؤه لخشونة الخلق .
أعضاء الغذاء : ينفع المر الخالص استرخاء المعدة وللماء الأصفر وللنفخة في المعدة .
أعضاء النفض : يدر الحيض خصوصاً حقنة بماء السذاب أو ماء الأفسنتين أو ماء الترمس ويخرج الأجنة والديدان وحبّ القرع لمرارته ويلين انضمام فم الرحم ويشرب بقدر باقلاة لقروح الأمعاء والسحج والإسهال .
الحمّيات : باقلاة منه بفلفل في ابتداء النافض تمنعه .
السموم : يسقى للسع العقارب بالشراب .
الابدال : بدله نصف وزنة فلفل أسود فيما يقال وليس بشيء .
مرَان .


الماهية : ثمر شجرة قد يؤكل على شدة عفوصته المفرطة .
الخواص : فيه قبض وجفيف .
الجراح والقروح : حراقة قشره بالماء على الجرب المتقرّح وهو بالجملة قد بلغ من شدة القبض أنّ ثمرته تدمل الجراحات الغليظة .
السموم : عصارة المران بالشراب إن شربت أو ضفد بها نفعت من نهشة الأفعى قيل : إن نشارة خشبه تقتل إذا شربت .
ماميثا .
الماهية : هي أمثال بلاليط صفر اللون إلى السواد سهلة الكسر فيه مرارة وجوهر مائي وأرضي .
وبرودة مائيته غير شديدة بل كماء الغحران وأصلها حشيشة تكون بمنبج ساطعة الرائحة مرّة الطعم زعفرانية العصارة .
الطبع : باردة يابسة في الأولى .
الخواص : قابض قبضاً صالحاً .
الأورام والبثور : نافع من الأورام الحارة الغليظة ويشفي الحمرة الغير القوية العظيمة في الأبدان الصلبة دون الصغيرة والأبدان الناعمة لأنه يفرط عليها بالتجفيف .
أعضاء العين : ينفع في أدوية الرمد في ابتدائه .
ميعة .
الماهيهّ : قالوا : الرطب منها ما يتحلب بنفسها صمغاً ومنها ما يستخرج بالطبيخ .
والمتحلب بنفسه أصفر وإذا عتّق ضرب إلى الذهبية وهو عزيز .
والمستجلب بالقشر هو الأسود وذلك أنه يستحلب بطبخ قشر تلك الشجرة فما يحلب فهو الميعة الرطبة وما بقي كالثفل والثجير فهو اليابسة .
الخواص : قد تكلمنا في قوى الرطبة واليابسة إن فيها قبضاً وتجفيفاً .
أعضاء الرأس : قال بعضهم أنها حارة يابسة تنزل الرطوبة من الدماغ وتنقّيه وهذا خلاف أعضاء الغذاء : اليابسة تنفع بلة المعدة .
أعضاء النفض : الميعة اليابسة تمسك الطبيعة .
محْلَب .
الاختيار : أجوده ا لأبيض اللون اللؤلؤي الصافي .
الطبع : حار في الأولى ليس بشديد اليبس .
الأفعال والخواص : جلاّء لطيف محلل مسكن للأوجاع .
آلات المفاصل : جيد لأوجاع الخاصرة والظهر .
أعضاء النفس : نافع للغشي مشروباً بماء العسل .
أعضاء النفض : نافع من القولنج والحصاة في الكلية والمثانة نافع للظهر مشروباً بماء العسل .


مغرة .
الاختيار : أجودها النقي والذي يربو ويزيد في الماء .
الطبع : باردة في الأولى يابسة في الثانية .
الخواص : فيها تغرية وقبض .
أعضاء الغذاء : تنفع من أوجاع الكبد .
ماهودانه .
الماهية : هو الذي يقال حب الملوك وشجرته في بلادنا تسقى في بلادنا السيسبان ويشبه ورقه السمك الصغار في طول أصبع وثمرتها ثلاث ثلاث مثل البنادق الكبار وقد يكون أصغر له في كل ثمرة ثلاث حبات سود .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
آلات المفاصل : نافع بإسهاله من أوجاع المفاصل والنقرس وعرق النسا .
أعضاء الغذاء : ينفع من الاستسقاء ويقي بقوة ولا يوافق المعدة .
أعضاء النفض : يسهل كاليتوعات ويطبخ ورقه في مرقة الديك الهوم فينفع من القولنج ويدرِّ وإذا أخذ من حبه سبع أو ست وحبب أو شرب بلا تحبيب ثم شرب بعده ماء بارد أسهل مرة وبلغماً وأكثر ما يشرب منه خمس عشرة حبة من حبه الكبار وعشرون من حبه الصغار وإذا أريد أن يكون إسهاله أبلغ وأكثر أجيد مضغه وإذا أريد أن يكون إسهاله ألين ابتلع بحاله .
محروت .
الماهية : هو أصل الأنجدان وهو دون الحلتيت في القوة والمنافع وقد قيل في باب الأنجدان ما يجب ان ينقل إلى المحروت .
أعضاء الغذاء : فيه عسر انهضام ومضرّة للمعدة إلا أن يكون بارد فتتقوى به .
ميسم .
الماهية : حبة تشبه البطم مثلثة التقطيع إلى الصفرة طيبة الرائحة مما يتبخر بها منها بستاني ذو ثلاثة أوراق وبري ومصري يتخذ منه خبز ويشبه أن يكون هو الحربة .
الطبع : البستاني متعدل والبري في الثاني في الحر واليبس .
الخواص : البستاني الذي له ثلاثة أوراق قوته مجففة قليلاً والبري أقوى .
ملواح .
الماهية : دواء شامي معروف هناك بهذا الاسم وهي خشب كالعقد منقط وهي إلى السواد قليلاً .
آلات المفاصل : درخمي بماء القراطن ينفع شدخ العضل .
مورداسفرم .


الماهية : زهر وقضبان دقاق منفركة إلى الغبرة والصفرة وقوته كالباذاورد عند بعضهم وقد يكون منه ما هو أشد ميلاً إلى البياض وقد يكون منه ما هو أميل إلى الصفرة .
قال ابن ماسة : هو الآس البري .
وقال الآخرون : إنه عفار رومي قال ابن ماسرجويه : إنه الطبع : حار يابس في الثانية .
أعضاء الرأس : نافع للصرع والرطوبات في الدماغ .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة والكبد وينفع من السقطة على الاحشاء .
أعضاء النفض : يحتمل لديلان المقعدة .
مليح .
الماهية : هو كالعوسج ورقه كورق الزيتون وأعرض ويؤكل كالبقَول .
الخواص : فيه ملوحة وقبض ورطوبة فخة ينفخ بها .
أعضاء النفس : درخمي بمالي قراطون يدر اللبن .
أعضاء الغذاء : درخمي بماء القراطن يسكن المغص .
ماميران .
الماهية : خشب كعقد مائلة إلى السواد فيها انعطاف قليل وهو أحدّ من عروق الصباغين .
الطبع : حار يابس في آخر الثانية .
الخواص : جال منق .
الزينة : يجلو بياض الأظفار .
أعضاء الرأس : عصارته تجلب الرطوبة الغليظة من الرأس وتنقي فضول الدماغ وأصله نافع من وجع الأسنان .
أعضاء العين : ينقي البياض في العين ويدل البصر إذا اكتحل به ويجلو الرطوبة الغليظة وخاصةً عصارته .
أعضاء الغذاء : أصله نافع من اليرقان .
أعضاء النفض : ينفع من المغص وفيه إدرار .
ماهي زهرة .
الماهية : هي شجرة كأنها شجرة الشبرم إلا أنها أزيد طولاً في لونها غبرة إلى صفرة وقد يعتبرها بعض الناس من اليتّوعات .
الطبع : حار يابسة في الثالثة .
الخواص : إذا طرح منه في الغدير أسكر السمك وأطفاها .
آلات المفاصل : نافع للنقرس ووجع النسا والمفاصل والظهر والورك ويبدد الرياح إذا وضع في الأدوية المسهّلة .
أعضاء النفض : يسهل الأخلاط الغليظة .
الماهية : هو قريب الجوهر من البافلا وأفضل أوقات استعماله الصيف .
الطبع : معتدل في الرطوبة واليبوسة مقشره معتدل وغير مقشره هو إلى اليبوسة لأن في قشره عفوصة .


الخواص : ليس له نفخ الباقلا وإن كان فيه نفخ مائل هو فيه دونه وليس فيه جلاء الباقلا ولا فيه برد العدس وإذا جعل معه قليل قرطم صلح به .
آلات المفاصل : هو ضماد لوجع الأعضاء خصوصاً مع طلاء العنب والشراب المطبوخ مع زعفران ويوضع على الرض والفسخ .
أعضاء الغذاء : كيموسه محمود وخصوصاً المقشر وليس فيه بطء انحدار الباقلا وإذا طبخ مع دهن اللوز الحلو كان أحمد خلطاً .
أعضاء النفض : إذا طبخ في ماء بعد ماء مطبوخ فيه مصبوب عنه عقل الطبيعة وخصوصاً إذا حمض بحبَ الرمان والسماق وفيه مضرة بالباه كما قاله بعضهم .
منً .
الماهية : المن طل يقع على حجر أو شجر فيحلو وينعقد عسلاً ويجفّ جفاف المصموغ مثل النرنجبين والشيرخشك والعسل المجلوب من جبال قصران بالري وقد ذكرنا كل واحد في بابه مرماراد .
الماهية : قضبان بيض زغبية تشبه الجعدة لكنها أكثر زغبية بل كله زغب ورائحته كرائحة المر .
الطبع : حارة إلى قليل طيب .
ملح : الماهية : معروت في الملح مرارة وقبض والمرٌ قريب من البورق ومنه هش ومنه محتفر ومنه داراني كالبلور ومنه نفطي سواده من جهة نفطية فيه وإذا دخن حتى طار عنه النفطية بقي كالداراني ومنه هنديى أسود وليس سواده لنفطية فيه بل في جوهره والبحري يذوب كما يصيبه الماء ولا كذلك البري .
الطبع : حار يابس في الثانية وكل ما كان أمر فهو أحر .
الخواص : جلاء محلل قابض مجفف لتحليله وقبضه وقبضه أشدّ أفعاله وهو يكثر من الرياح والمحرق منه أشد تجفيفاً وتحليلاً وهو مانع من العفونة وينفع من غلظ الأخلاط .
وزهره ألطف منه ومن محرقه وغباره قريب منهما ويحلآن أكثر من الملح ويقبضان أقل .
والمحتفر أقل تحليلاً وأقل لطفاً إلا أن يكون قوي الطعم كالكشنى فإنه قابض محلل للطافته والمحتفر إذا غسل مرات جفف بلا لذع .
والهش أحلى .
وإذا خلط المحرق بالأطعمة الباردة أحالها .
والأندراني يطرد الرياح .
والأمر أشد تحليلاً .


وجميع ذلك يذيب الأخلاط الجامدة .
والمر أشدّ تحليلاً وإسخاناً .
الزينة : الملح الرق ينقي الأسنان من الحفر ويزيل سوالح الدم حيث كان طلاء واستعماله بالعدل يحسن اللون .
الأورام والبثور : هو مع العسل والزبيب ضماد للدماميل ومع فوذنج وعسل على الأورام البلغمية ويمنع النملة من الإنتشار .
الجراح والقروح : أكال للحوم الزائدة والتوتية نافع من الجرب المتقرح والقوابي .
ويلطخ به مع الزيت والخل بقرب النار ليعرق فيسكن الحكّة خصوصاً البلغمية وبالزيت على حرق النار يمنع التنفط وخصوصاً البورقي والافريقي والبوارق لا تلحق شيئاً من الملح في الجمع والتجفيف فإن الملح أشد تحليلاً وتجفيفاً لما يكون من رطوبة ثم جمعاً وقبضاً لمايبقى في أجزاء العضو .
آلات المفاصل : مع الدقيق والعسل على التواء العصب ويضمد به النقرس ويخلط بالزيت ويتمسّح به للاعياء .
أعضاء الرأس : يطلى به مع شحم الحنظل لبثور الرأس والاندراني يحد الذهن .
والملح يشد اللثة المسترخية خصوصاً الداراني وبالخل ضماداً لوجع الأذن .
أعضاء العين : يأكل اللحم الزائد في الأجفان والظفرة .
وزهره خاصة من الغشاوة والبياض والملح مع الزيت والعسل يضمد على العين فيحلل كهوبة الدم المنعقد فيها .
أعضاء الصدر : الملح الاندراني والنفطي وسائر أنواعه يقطع البلغم اللزج في الصدر .
أعضاء النفس : يتحنك بالنفطي بعسل وخل فينفع من الخناق وورم اللهاة والنغانغ .
أعضاء الغذاء : الملح معين على القيء وخصوصاً الملح النفطي والاندراني خاصةً منه وينفع من أوجاع المعدة الباردة .
أعضاء النفض : الملح كله يسهل خروج الثفل وانحدار الطعام والنفطي ينفض بلغماً عفناً وماء ومرة وسوداء ويقطع في الحقن والأسود الشديد السواد الذي ليس بنفطي يسهّل البلغم والسوداء والملح المر أيضاً يسهل السوداء بقوة .
والاندراني يسهل البلغم بقوّة ويسهّل السوداء .


والملح نفسه غاية لدوسنطاريا ويعين الأدوية المسهلة على قلع السوداء والرطوبات اللزجة من أجزاء العضو وبالفوتنج الجبلي والسمن والخمير لأورام الانثيين البلغمية وكذلك بالفوتنج والعسل وينفع من قروح الذكر .
السموم : يضمّد به مع بزر البهتان للسع العقرب ومع الفوتنج الجبلي والزوفا والعسل لنهشة المقرنة ومع الخل والعسل لنهشة في الأربعة والأربعين والزنابير وبالسكنجبين لمضرة الأفيون والفطر القتال .
ملوخيا .
الماهية : هو الخبازي وقد استقصي ذكره في فصل الخاء عند ذكرنا الخبازي .
الطبع : بارد في الأولى رطب في الثانية .
أعضاء الغذاء : يفتح سدد الكبد فيما يقال .
مشمش .
الاختيار : أجوده الأرمني فإنه لا يسرع إليه الفساد والحموضة وإذا تنوول المشمش فيجب أن يؤخذ من المصطكَى والأنيسون بالسوية وزن درهم أو درهمين في خمر صرف أو نبيذ زبيب أو نبيد عسل .
الطبع : بارد رطب في الثانية ودهن نواة حار يابس في الثالثة .
الخواص : خلطه سريع للعفونة .
أعضاء الغذاء : نقيعه يسكن العطش والمشمش أوفق للمعدة من الخوخ والأرمني لا يفسد في المعدة ولا يحمض بسرعة ومما يمنع ضرره أن يؤخذ بعده أنيسون ومُصْطَكَى في ميبة أو نبيذ أعضاء النفض : دهن نواه ينفع من البواسير .
الحميات : يولد الحميات لسرعة تعفنه لكن نقيع المقدد ينفع من الحميّات الحارة .
موز .
الماهية : هو معروف وله ورق عريض طوال شبيه بورق المارزوان ينبت في البلدان الحارة لا غير .
الخواص : يغذو يسيراً وهو ملين والإكثار منه يولد السدد ويزيد في الصفراء والبلغم بحسب المزاج .
أعضاء الصدر : نافع لحرقة الحلق والصدر .
أعضاء الغذاء : ثقيل على المعدة والإكثار منه يثقل على المعدة جداً ويجب أن يتناول بعده المحرور سكنجبيناً بزورياً والمبرود عسلاً .
أعضاء النفض : يزيد في المني ويوافي المني ويوافق الكلي ويدر البول .
مخ .
الاختيار : أوفقها مخ العجل والأيل ثم الثور ثم الماعز ثم الضأن .


ومخاخ التيوس الفحولة والثيران - وخصوصاً الفحولة - أيبس ومخ الأطراف أدسم .
الأورام والبثور : جيد للصلابات والتحجّر ما كان منه مثل مخ العجل والأيل ليس كمخ التيوس والأوعال فإنها يابسة لا خير فيها .
أعضاء الغذاء : يلطخ المعدة ويذهب بالشهوة ويجب أن يؤكل بالأفاويه والأبازير .
أعضاء النفض : يحتمل من المخاخ المحمودة فرزجة في الرحم فتنفع من صلابتها .
السموم : قيل أنّ التلطيخ بمخ الأيل يطرد الهوام .
مري .
الطبع : حار يابس إلى الثالثة قال ابن ماسريه : السمكي أقل حرارةً ويبساً من الشعيري ولست أصدقه .
الخواص : يجلو الأخلاط الغليظة ويلين وينشف وفيه قبض وتنقية للبلغم .
الزينة : يطيب النكهة .
الجراح والقروح : جيّد للقروح العفنة والمعمول من السمك واللحوم المالحة يمنع سعي الخبيثة فيما يقال .
آلات المفاصل : نافع لوجع الورك وعرق النسا .
أعضاء العين : يكتحل به في أوائل الجدري فيمنع البثور من العين .
أعضاء النفض : ينفع من القولنج ويقع في أدويته وحقن تنقية قروح السحج خصوصاً .
السموم : ينفع من نهشة الكَلْب الكَلِب فيما يقال .
ميبختج .
الماهية : هو عصير العنب المطبوخ .
أعضاء النفس : يعين على النفث ويقع في شراب الخشخاش المعروف بدياقوذا لذلك .
أعضاء النفض : نافع لوجع الكلى والمثانة .
مصل .
الخواص : رديء لأصحاب السوداء جداً فإذا طبخ باللحم السمين صلح يسيراً .
أعضاء الغذاء : ضارللمعدة .
أعضاء النفض : ضار للمقعدة .
مايح .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو نبات يستعمل في وقود للنار وهو في المحتر إلى الخشونة ما هو له ساق واحد وله ورق مستدير وفي أصول الورق ثمر كالترس ذو طبقتين فيصير إلى العرض ما هو وينبت في مواضع جبلية وأماكن وعرة .


إذا شرب طبيخه سكن الفواق إذا كان بلا حمى وكذلك يفعل إمساكه باليد أو النظر إليه وإذا أسحق وخلط بالعسل ولطخ على الكلف والبرق نقاه وقد يظن به أنه إذا دق وصير في طعام وأكل منه نفع من عضة الكلب .
ويقال : أنه إذا علق في بيت حفظ على من فيه صحة الأبدان من الناس والمواشي وإذا ربط لحوضه وعلق في أعناق المواشي دفع عنها الأسقام والآفات منعور .
الماهية : زعم ديسقوريدوس أن منعور هو الخشخاش المصري ونحن نذكره في فصل الخاء .
فهذا آخر الكلام من حرف الميم وجملة ذلك أربعة وخمسون دواء .


القانون
القانون
( 19 من 70 )

الفصل الرابع عشر حرف النون
نرجس .
الخواص : أصله يجذب من المقعر ويجفف ويجلو ويغسل ودهنه في أحوال دهن الياسمين لكنه أضعف .
الخواص : أصله يخرج الشوك والسلاء وخصوصاً مع دقيق الشيلم والعسل والنرجس يجلو الكلف والبهق وخصوصاً أصله بالخل وينفع أصله من داء الثعلب .
الأورام والبثور : أصله يعجن مع العسل الكرسنة فيفجر الدبيلات العسرة النضج ويضمد الجراح والقروح : يجفف الجراحات ويلزقها إلزاقاً شديداً حتى قطع الوتر ومسحوقاً مع العسل على حرق النار وجراحات العصب والقروح الغائرة وإن خلط بالكرسنة والعسل نقى أوساخ القروح .
آلات المفاصل : ينفع دهنه للعصب ويضمد بأصله أورام العصب وعقدها وأوجاع المفاصل .
.
أعضاء الرأس : يفتح سدد الدماغ وينفع من الصداع الرطب السوداوي وكذلك دهنه وهو أوفق ويصدع الرؤوس الحارة .
أعضاء الصدر : دهنه يحلّل الأورام الصلبة والباردة فى الحجاب إذا مرخ على الصدر .
أعضاء الغذاء : أصله إذا أكل كما هو يهيج القيء وكذلك سلاقته .
أعضاه النفض : ينفع أوجاع الرحم والمثانة إذا شرب منه أربعة دراهم بماء العسل أسقط الأجنة الأحياء والموتى ودهنه يفتح انضمام فم الرحم وينفع من أوجاعها ناردين .
ذكر في باب السنبل فإنه السنبل الرومي .
نيل .
الماهية : منه بستاني ومنه بري وفعله فعل البستاني .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : قابض يمنع النزف ويجفف البستاني منه تجفيفاً قوياً بلا لذع وفي البري حدة وهو أشدّ تجفيفاً ويجذب المواد من العمق .
الزينة : يجلو الكلف والبهق وينفع داء الثعلب .
الأورام والبثور : النيل يضمر ورم الترهل وينفع من الجراحات الرديئة في الأعضاء الصلبة .
وبالجملة ينفع من كل ورم في الابتداء ومن النملة والحمرة ويستعمل مع دقيق الشعيرعليها .


الجراح والقروح : يدمل الجراحات الحازة في الأبدان الصلبة لقوّة تجفيفه هذا ثمرة البستاني .
وفي البري حقق وهو جيد للقروح العفنة عجيب الفعل فيها والبستاني أجود في علاج القروح لقلة حدته وينفع من القروح العتيقة مع عسل مسحوقاً على حرق النار وجراحات العصب ويخرج الشوك خصوصاً مع دقيق الشيلم .
أعضاء الصدر : نافع لسعال الصبيان الشديد الذي يقيهم وعصارته أيضاً ولقروح الرئة وينفع من الشوصة السوداويه .
أعضاء الغذاء : ينفع الطحال وخصوصاً البري .
نسرين .
الماهية : هو كالياسمين في القوة وأضعف منه وكالنرجس ودهنه قريب القوّة من دهن الياسمين الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : كل أصنافه منق ملطف وزهره أخصق بذلك .
آلات المفاصله : ينفع من برد العصب فيما يقال .
أعضاء الرأس : يقتل الديدان في الأذان وينفع من الطنين والدوي وينفع من وجع الأسنان والبري تلطخ به الجبهة فيسكّن الصداع .
وأصنافه تفتح سدد المنخرين .
أعضاء الصدر : ينفع أورام الحلق واللوزتين .
أعضاء الغذاء : إذا شرب منه أربع درخميات يسكن القيء ويسكن الفُواق وخصوصاً البري منه .
نمام .
الماهية : هو السيسنبر .
الطبع : حار في الثالثة يابس إليها يقاوم العفونات .
الزينة : يقتل القمل .
الأورام والبثور : ينفع من الأورام الباطنة ومن الفلغموني الشديد الصلابة .
أعضاء الرأس : يطبخ في الخل ويخلط بدهن الورد فينفع من النسيان إذا لطخ به الرأس وكذلك من اختلاط الذهن ولثيرغس وقرانيطس ويطبخ بالخل ويوضع مع دهن الورد على الصداع فينفع ويتضمد بورق البري منه على الرأس والجبهة للصداع فينفع .
أعضاء الغذاء : نافع للفواق إذا شرب بشراب وبزره أقوى وينفع من أورام الكبد الباردة .
أعضاء النفض : ينفع من الديدان وحبّ القرع ويخرج الجنين الميت ويدر البول والطمث وخصوصاً الصخري .
والبرّي منه إذا شرب بشراب منع تقطير البول ويخرج الحصاة وينفع من المغص بالشراب أيضاً .


السموم : ينفع اللسوع ويضفد به لسع الزنابير ويشرب للسعها منه وزن درهمين في السكنجبين .
نيلوفر .
الماهية : قال " جالينوس " : هو كرنب الماء ويسمى حدث العروس فيما يقال وفيه خلاف وأصل الذيلوفر الهندي في حكم اليبروح .
الاختيار : أقواه الأبيض الأصل فإنه أقوى من الأسود الأصل وبزره أقوى من حبة .
الطبع : هو بارد في الثالثة وشرابه شديد التطفئة وطبع الهندي طبع اليبروح .
الخواص : شرابه ملطف جداً .
الزينة : أصله على البهق بالماء وخصوصاً الأسود وأصله مع الزفت على داء الثعلب الأورام والبثور : أصله ينفع من الأورام الحارة وورم الطحال .
القروح : بزره وأصلح للقروح .
أعضاء الرأس : منوم مسكّن للصداع الحار والصفراوي لكنه يضعف .
أعضاء الصدر : شرابه جيد للسعال والشوصة .
أعضاء الغذاء : ينفع أصله أورام الطحال شرباً وضماداً .
أعضاء النفض : ينقص الاحتلام ويكسر شهوة الباه إذا شرب منه درهم بشراب الخشخاش ويجمد المني بخاصية فيه وخصوصاً أصله .
وينفع أصله للإسهال المزمن ولقروح المعي وينفع أصله أوجاع المثانة ضماداً .
وبزره أقوى في كل شيء حتى إنه يمنع نزف الحيض .
وأصل الأصفر منه وبزره إذا شرب باللبن مرات - نفع سيلان الرطوبة المزمنة من الرحم وشرابه يليّن البطن .
الحميات : شرابه نافع من الحميات الحادة شديد التطفئة .
نعناع .
الطبع : حار يابس في الثانية وفيه رطوبة فضلية .
الخواص : فيه قوة مسخنة قابضة تمنع وهو من ألطف البقول المأكولة جوهراً وإذا ترك طاقات منه في اللبن لم يتجبَن وإذا شربت عصارته بالخل قطعت سيلان الدم من البطن .
الأورام والبثور : مع السويق ضماد للدبيلات ولا يشبه الفودنج لأن الفوذنج لا عفوصة فيه وفيه تحليل وتسخين وتجفيف مفرط مؤذ .
أعضاء الرأس : يضمد به الجبهة للصداع وخصوصاً مع سويق الشعير وتدلك به خشونة اللسان فتزول وتخلط عصارته بماء القراطن ويقطر في الأذان الوجعة .


أعضاء الصدر : يمنع قذف الدم ونزفه ويعقد اللبن في الثدي ضماداً ويسكن ورمه .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة ويسخنها ويسكّن الفواق ويهضم ويمنع القيء البلغمي والدموي وينفع من اليرقان وخصوصاً شرابه .
أعضاء النفض : يعين على الباه لنفخ فيه لرطوبته البستانية التي ليست في الفوذنج ويشدد أوعية المني ويقتل الديدان وإذا احتمل قبل الجماع منع الحبل وإذا شربت منه طاقات بحب الرمان سكن الهيضة .
السموم : نافع لعضة الكَلْب الكَلِب وخصوصاً بزره .
نارمشك .
الماهية : هو فُقّاح وقشور وأقماع تشبه البسباسة بل أقل حمرة إلى الصفرة عطرة ولها قليل عفوصة يقارب الناردين في القوة ويقال له ناغبشت .
الخواص : لطيف محلّل .
أعضاء الغذاء : جيد للمعدة والكبد الباردين فينفع منفعة السنبل .
الأبدال : بدله ربع وزنه زنجبيل ونصف وزنه فستق وسدس وزنه سنبل .
نخالة .
الطبع : حار يابس في الأولى .
الخواص : فيها جلاء وتليين وتنقية كثير ولا تبلغ الكرسنة وتحلّل الرياح والبلغم .
الأورام والبثور : بالخل الثقيف على ابتداء الورم الحار وتبل بالشراب فيضمد بها أورام الثدي الحارة وتفش أورام البلغم والريح .
الجراح والقروح : بالخل الثقيف على تقرح الجرب يضمد بها حاراً .
أعضاء النفس والصدر : يلين الصدر بجلائه وخصوصاً حسو مائه بالسكر مع دهن اللوز ويبل بالشراب فينفع من أورام الثدي .
أعضاء النفض : يحرك الأمعاء على دفع ما فيها وحسوه إذا تحسّي ليّن البطن .
السموم : ينفع من لسعة العقرب والأفعى ضماداً .
نشارة .
الخواص : نشارة المتأكل منقية ولها وجفيف إن كان في شجرها .
الجراح والقروح : نشارة الخشب المتأكّل تدمل وخاصةً التي تكون عن أشجار قابضة مثل بعض أجناس الشوك ثم تجمع مع مثلها أنيسون بشراب وتحرق ثم تسحق فإذا ذرت على القروح النملية نفعتها .
نشا .
الطبع : بارد يابس في الأولى .
الخواص : فيه تقوية وتليين ويجب أن يطبخ النشا بثلاثة أمثاله ماء .


الزينة : بالزعفران على الكلف يذهبه .
القروح : يدمل القروح ويصلحها .
أعضاء العين : يمنع سيلان المواد إلى العين .
أعضاء النفس والصدر : يليّن الصدر والحسو المتّخذ منه يمنع النوازل عن الصدر .
أعضاء النفس : النشاستج وحده وبالعدس يعقل الطبيعة ويمنع اختلاف المرار .
نرثيعس .
الماهية : هذا دواء حار وفي جوفه شحم أخضر قباض ومع الزيت يدر العرق .
أعضاء النفس والصدر : لبه الرطب ينفث ما يجتمع في الصدر من الدم .
أعضاء النفض : لبه يمنع الإسهال المزمن .
السموم : إذا شرب بالشراب نفع لنهش الأفعى .
نانخواه .
الماهية : معروف وفيه مرارة يسيرة وحرافة .
الاختيار : أنفع ما فيه بزره .
الطبع : يابس في الثالثة .
الخواص : يفتح السدد وفيه مع التجفيف تليين .
الزينة : شربه والطلاء به يحيل اللون إلى الصفرة ويقع في أدوية البهق والبرص ويعجن بالعسل فيذهب كهبة الدم حيث كان .
أعضاء الصدر : ينفع من قيح الصدر وتقلب القلب .
أعضاء الغذاء : ينفع من بلة المعدة ويسكّن الغثيان وتقلب النفس وهو جيّد للكبد والمعدة الباردتين .
أعضاء النفض : يسقى بالشراب فيدر ويزيل عسر البول ويخرج الحصاة .
وبالجملة ينقي الكلي الحميات : ينفع من الحميات العتيقة جداً .
السموم : طبيخه يصبّ على لدغ العقرب فيسكن ويشرب لنهش الهوام .
نطرون .
الماهية : هو البورق الأرمني وقد قيل فيه في فصل الباء وليس علينا أن نكرر .
نورة .
الماهية : هي المترمد من الأجسام الحجرية والخزفية .
الطبع : أما التي لم يصبها الماء والتي أصابها الماء في الحال فمحرقتان وإذا بقيت المطفأة يومين أو ثلاثة فحينئذ لا تحرق بل تسخن فقط والمغسولة معتدلة يابسة .
الخواص : تقطع نزف الدم والمغسولة مجفّفة بلا لذع والنورة إذا غليت بالدهانات صارت منضجة .
القروح : تأكل اللحم الزائد والمغسولة تدمل وتنفع من حرق النار جداً .
نرسياندارو .


الماهية : أظن أن فيه تصحيفاً للعرب وهو برسيان دارو بالباء لا بالنون وهو عصا الراعي ونتكلم فيه فيما بعد .
الماهية : هو شجرة التمر المعروفة وجميع أجزائه قباض والقول في التمر قد مضى .
نوشادر .
الاختيار : أجوده البيكالي الصافي البلوري .
الطبع : حار يابس في آخر الثالثة .
الأفعال والخواص : ملطف مذيب .
أعضاء العين : ينفع من بياض العين .
أعضاء النفس : يشيل اللهاة الساقطة وينفع من الخرانيق .
نحاس .
الماهية : من النحاس أحمر إلى الصفرة وهو القبرصي وهو الفاضل وأحمر ناصع وأحمر إلى السواد .
وجنس من النحاس يقال له الطاليقون والنحاس المحرق حريف فيه قبض أيضاً فإذا غسل كان نعم الدواء للختم في الأجساد اللينة وبغير غسل للصلبة .
الاختيار : زهرة النحاس ألطف منه .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : النحاس المحرق فيه قبض وحدة وإدمال ومما يرجف به أن النتف بمنقاش من الزينة : يسود الشعر .
الجراح والقروح : هو يدمل الخبيثة الساعية ويمنعها عن السعي ويأكل اللحم الزائد .
والمغسول يدمل الجراحات وقيل : إنه إذا طلي بالعسل يصلح للقروح المتصلبة المجتمعة في الأبدان الصلبة .
أعضاء العين : يحد البصر وينفع من صلابة الأجفان .
أعضاء الغذاء : يسهّل الماء الأصفر إذا شرب بأدرومالي وإن حنك به هيج القيء .
والشربة مثقال ونصف ويخرج المائية بغير أذى .
السموم : يجب أن يحذر ترك ما فيه ملوحة أو مرارة أو دسومة كالأدهان واللحمان أو حموضة أو حلاوة في آنية النحاس والشرب منها فإنها ترسل لا محالة زنجارية والزنجار سُم قاتل .
نفط .
الماهية : ا لأبيض معروف النوع والأسود هو صفوة القار البابلي وغيره .
الطبع : حار يابس إلى الرابعة .
الخواص : لطيف وخصوصاً الأبيض محلل مذيب مفتح للسدد .
آلات المفاصل : ينفع من أوجاع الوركين وأوجاع المفاصل وخصوصاً الأبيض .
أعضاء العين : ينفع بياض العين والماء النازل .


أعضاء النفس والصدر : ينفع من الربو والسعال العتيق شرب قليل منة بالماء الحار .
أعضاء النفض : يسكن المغص والرياح وإذا اتخذ منه فتيلة قتل الديدان وخصوصاً الأسود وكل يدر البول والطمث ويكسر رياح المثانة وبرد الرحم .
السموم : ينفع من اللسوع .
نبق .
الماهية : هو شجرة عظيمة متشوكة ولها ثمر مثلى البندق ولونه أحمر يؤكل طيب الطعم ويكون أكثر ذلك في البلدان الحارة وعندهم بأكتاف تلك البلاد له أسماء بحسب اختلاف ألسنتهم فبعضهم يسميها كتار .
الطبع : الرطب واليابس فيه تجفيف وتلطيف وذلك في جميع أجزاء شجرته ودخان السدر شديد القبض .
الخواص : قا بض وخصوصاً سويقه .
الزينة : يمنع تساقط الشعر ويطوله ويقويه ويلينه .
وللسدر صمغ يذهب الأبر والحزاز ويحمر الشعر .
أعضاء الرأس : صمغ السدر يذهب الحرار اغتسالاً به وينقي الرأس ويجعد الشعر .
أعضاء الصدر : ورقه للربو وأمراض الرئة .
أعضاءالغذاء : مقو للمعدة .
أعضاء النفض : عاقل للطبيعة وينفع من نزف الحيض والطمث ومن قروح الامعاء خصوصاً سويقه .
وينفع من الإسهال الكائن لسبب ضعف المعدة والسدر يحتقن من طبيخه ويشرب لهذه العلل ولسيلان الرحم والطري منه حكمه حكم ما يجانسه من السفرجل والزعرور والتفاح والكمثري فإن المعتدل منه يعقل والكثير بسبب أنه لا ينهضم وتدفعه الطبيعة يهيج الهيضة .
نوى .
الخواص : فيه قبض وتغرية .
القروح : ينفع محرقه من القروح الخبيثة .
أعضاء العين : يحرق ويطفأ ويغسل فيقوم في الأكحال بدل التوتيا ويحسن الهدب وينبته مع الناردين وهو جيد لقروح العين وإنبات الأشفار .
نحم .
أعضاء النفض : طبيخه يخرج الحصاة وبزره يدر ويعقل .
نيطافيلي : الماهية : هو اليتوع المسمّى بخمسة أوراق .
الخواص : قوي التجفيف بلا حدة ولا حرافة ولا لذع ويضمد به للنزف فيقطعه .
الأورام والبثور : يضمد به الدبيلات والخنازير والصلابات البلغمية والداحس و الجرب .


آلات المفاصل : ينفع من أوجاع المفصل وعرق النسا وينفع من القيلة شرباً وضماداً .
أعضاء الرأس : طبيخ أصله للسن الوجعة إذا تمضمض به وللقلاع وورقه بالشراب للصرع يشرب ثلاثين يوماً .
أعضاء الصدر : يغرغر بطبيخه لخشونة الحلق وعصارة أصله لوجع الرئة .
أعضاء الغذاء : أصله إذا اعتصر نافع لوجع الكبد واليرقان إذا شرب أياماً مع الماء والعسل والشربة ثلاث قوانوسات .
أعضاء النفض : ينفع أصله من الإسهال من قروح الامعاء والبواسير وكذلك طبيخ أصله .
الحميات : ورقه بأدرومالي أو بالشراب للربع والثانية .
السموم : عصارة أصله دواء قتال .
الماهية : بعض الأطباء يبني على لحمه بناءعظيماً .
الطبع : ذكر بعض الأطباء أن لحمه حار دسم يبسط الطعام ويقوي الجسم ويصلحه وهو غليظ لا ينهضم .
أعضاء النفض : يزيد من الباه .
نمر .
الماهية : هو حيوان معروف .
أعضاء المفاصل : قال الخوزي أن شحمه أعظم دواء للفالج .
السموم : مرارته قاتلة من ساعته .
فهذا آخر الكلام من حرف النون وجملة ما ذكرنا من الأدوية ستة وعشرون عدداً .
الفصل الخامس عشر حرف السين
سُعْد .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو أصل نبات له ورق يشبه الكراث غير أنه أطول وأرق وأصلب وله ساق طولها ذراع أو أكثر وساقه ليست مستقيمة بل فيها اعوجاج على زوايا شبيهة بساق الإذخر على طرفها أوراق صغار نابتة وبزر وأصوله كأنها زيتون منه طوال ومنه مدور منشبك بعضه مع بعض سود طيبة الرائحة فيها مرارة وينبت في أماكن غامرة وأرض رطبة وقد يكون ببلاد طرسوس وببلاد سوريا وقد يكون في الجزائر اللواتي يقال لها قوقلادس وزعم اصطفن أن بعض الأدهان تربى بعفص أو بأشياء قابضة ثم تطيب به وقد يكون ببلاد الهند والكوفة .
الاختيار : أجوده الكثيف الرزين العسير الإرضاض العطر الذي حشيشته قصيرة وحرافته شديدة ويدخل في المراهم .
الزينة : يحسن اللون ويطيب النكهة والهندي كما يقال يحلق الشعر .


الأورام والبثور : يدمل العسيرة الاندمال والليفية والمتأكلة .
آلات المفاصل : مع دهن الحبة الخضراء لوجع الخاصرة ويشد الصلب والإكثار منه يورث الجذام .
أعضاء الرأس : ينفع من عفن الأنف والفم والقلاع واسترخاء اللثّة ويزيد في الحفظ جداً وينفع من قروح الفم المتأكلّة .
أعضاء النفض : يخرج الحصاة ويدرها وينفع من تقطير البول وضعف المثانة جداً ومن بردها منفعة شديدة وكذلك يفعل بالكلي وينفع من برد الرحم جداً وينفع من البواسير وانضمام فم الرحم وينفع الاستسقاء .
الحمّيات : ينفع من الحميات العتيقة .
السموم : نافع من لسعة العقرب والحشراب جداً .
سندروس .
الماهبة : قال : ديسقوريدوس : هو صمغ شجرة تكون في بلاد العرب وبلاد الهند فيها شبه يسير من المرّ وهو كريه الطعم وقد يتدخن به الناس ويدخن به الثياب مع المر والميعة وتلك الصموغ تطبخ بالنار وتصير سندروساً .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : فيه قبض وخاصية يحبس الدم ويستعمله المصارعون ليخفوا ويقوا ولا يُبْهروا .
الزينة : فيه قوّة مهزلة جداً إذا شرب منه كل يوم ثلاثة أرباع درهم وسكنجبين .
القروح : يجفف النواصير إذا دخن به .
أعضاء الرأس : يمنع دخانه النوازل ومنفعته في تسكين وجع الأسنان عظيمة جداً لا يعدله فها شيء ويصلح اللثة .
أعضاء الصدر : ينفع من الخفقان كالكهرباء ويمنع من نزف الدم وويمنع من الربو الرطب بتجفيفه ولذلك يستعمله المصارعون لئلا يبهروا .
أعضاء العين : يجلو الآثار التي في العين جلياً سريعاً ويبرىء من ضعف البصر إذا ديف بشراب واكتحل به .
أعضاء الغذاء : يسمى منه المطحولون فينفع .
أعضاء النفض : جيد للإسهال المزمن ودخانه ينفع من البواسير .
سرخس .


الماهية : قال الحكيم ديسقوريدوس : إن السرخس صنفان منه ذكر وهو نبات ليس له أوراق ولا زهر ولا ثمر وله رفرف ثابت في قضيب طوله ذراع وأكبر والورق مشرف مغتثر ودقاق كأنه جناح وله رائحة فيها شيء مرس وله أصل ظاهر أسود طويل له شعب كثيرة في طعمه قبض وينبت هذا النبات أما في مواضع جبلية وأما في أماكن صخرية وأصله ينفض حب القرع .
ومن القدماء من يسميه قولورهون ومن الناس من يسميه بلخرون وبعضهم يسميه بلونطريس الذكر وبطبرستان يسمونه حار .
وصنف آخر الأنثى من الناس من يسميه نبقا اطاريس وهو نبات له ورق شبيه بورق الذكر غير أن له قضباناً كثيرة أطول منه .
وعروقه عراض طوال عظام حمر كثيرة إلى السواد ما هي وبعضها أحمر كالدم .
وينبغي لمن يريد شربه أن يقدم أكل شيء من الثوم أولاً والذكر أقوى فعلاً من الآخر .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : يجفف بلا لذع وفيه مرارة وقبض .
القروح : مدمّل ومن الأنثى يجفف ويسحق ويدر على القروح الرطبة العسيرة البرء فتبرأ .
أعضاء النفض : يقتل الديدان وحب القرع إذا شرب منه وزن أربعة مثاقيل بماء العسل وخصوصاً بسقمونيا أو بالخربق الأسود وزنه ستة قراريط أو تسعة كان أبلغ نفضاً وأقوى فعلاً في ذلك وإذا شرب من الأنثى ثلاثة مثاقيل مع الشراب آخرج الدود الطوال .
إن شربت المرأة منه مسحوقاً لم تحبل وأن شربته حبلى أسقطت .
وقد يجفف ويطلى على البطن وإن شرب قتل الجنين وورقه في أول ما يطلع يؤكل مطبوخاً فيليّن البطن .


ساذج . الماهية : قريب القوة من السنبل إلا أنه ألين وهي أوراق تظهر على وجه الماء وقضبان كالشاهسفرم وله زهو منفرك ينبت في بلاد الهند في مياه تستنقع في أراض حمئة فيعوم على وجه الماء كالنبات المعروف بعدس الماء من غير تعلق بأصل . وقد يستدل على المكان بخيط ويجفف ربما توهم قوم أنه ورق الناردين الهنلي لمشابهته له في القوة ولدهنه قوة دهن الأقحوان ولحد ن الزعفران بل هو أقوى قال ديسقوريدوس : ان أقواماً يغلطون حيث يتوهمون أنه ورق الناردين من تشابه الرائحة إذ قد توجد أشياء كثيرة رائحتها رائحة الناردين مثل الفو والاسارون والوج وليس هو كما ظنوا أو توهموا بل الساذج جنس آخر ينبت في أماكن بلاد الهند وهو ورق يظهر على وجه الماء .
وان الماء إذا جف في الصيف يحرق الأرض هناك بحطب يوقد في ذلك الموضع لأنه إن لم يفعل لم ينبت الورق ومن الساذج قسم منه المتفتت الذي رائحة الشيء المتكرج فإنه ردىء وقوّة هذا القسم شبيهة بقوّة الناردين .
الاختيار : أجوده الحديث الضارب إلى البياض الذي لا يتفتت وتكون رائحته ساطعة ناردينية ولا يكون متكرّجاً ولا مالحاً ولا مسترخياً .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : إذا جعل في الثياب حفظها من السوس فيما يقال .
الزينة : يطيّب النكهة إذا أخذ تحت اللسان ويمنع التأكّل .
الأورام والبثور : يطبخ في ماء الورد ويضمد به الورم الحار بعد السحق وهو دواء جيد للأورام الحارة .
أعضاء العين : الساذج صالح لأورام العين الحارة .
أعضاء النفض : هو أشد إدراراً من الناردين .
الأبدال : بدله وزنه طاليسفرم أو سنبل .
سولان .
الماهية : دواء رومي معروف .
الطبع : حار يابس إلى الرابعة .
الخواص : يحرق الجلد .
أعضاء الرأس : ينفع من اللقوة إذا سعط منه حبة بماء السلق . اعضاء العين : ينفع أورام الأجفان وتهيجها والأورام العارضة تحت العين .
سرو .


الماهية : شجرة طويلة معروفة لا يثور ورقه في الخريف والشتاء ويبقى كما هو أخضر لقوته وفي طعمه حدة وحرافة يسيرة ومرارة كثيرة .
وعفوصته أكثر من المرارة وحرارته وحدته بمقدار ما تغوص قوته ويوصل القبض بلا لذع ويخالف سائر المسخنات بأنه لا يجذب .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية وزعم بعضهم أنه بارد جداً وقضوا بأن قوته مركبة الأفعال والخوص : ورقه وجوزه قابض وفيه تحليل يحلل الرطوبات وجوزه أقوى في كل شيء من ورقه وفيه إلزاق وقطع للدم حتى .
إنه يذهب بالعفن وقديظن وجوز السرو والأغصان والورق إذا دخن أنه يطرد البق قطعاً .
الزينة : إذا طبخ مع الخل والترمس وطلي على الأظفار أذهب اًثارها وورقه يذهب بالبهق وهو مسود للشعر .
الجراح والقروح : ورقه وقضبانه وجوزه إذا كانت طرية لينة تدمل الجراحات التي في الأعضاء الصلبة وتنفع النملة والحمرة وخصوصاً مع دقيق الشعير .
آلات المفاصل : ورقه الطري وجوزه جيد للفتق إذا ضتد به وينفع مع دقيق الشعير للحمرة ونحوها ويقوي الأعصاب ويضمر القيلة ضماداً ويقوي الاسترخاء ويشده .
أعضاء الرأس : إذا دق جوز السرو ناعماً مع اللبن وجعل فتيلة في الأنف أبرأ اللحم الزائد وطبيخه بالخل يسكن وجع الأسنان .
أعضاء العين : نافع من أورام العين ضماداً .
أعضاء النفس : يسقى جوزه بالشراب لنفث الدم ولعسر النفس ونفس الانتصاب والسعال العتيق وكذلك طبيخه نافع جداً .
أعضاء النفض : يشرب ورقه بالطلاء فينفع من عسر البول وسيلان الفضول إلى المثانة وينفع أيضاً لقروح الامعاء والبطن التي تسيل إليها الفضول .
الأبدال : بدله نصف وزنه قشور الرمان ووزنه أنزروت أحمر .
سقورديون .
الماهية : هو الثوم البري وهو أصغر بكثير من البستاني له ورق وساق متطاول عليه زهر أبيض وقد استقصي أمره في الفصل الثالث .
الطبع : حار يابس إلى الثالثة بل إلى الرابعة عند قوم آخر .
الخواص : لطيف مفتح جلآء .


الجراح والقروح : يدمل الجراحات العظيمة والخبيثة .
آلات المفاصل : جيد لفسخ العضل .
سك .
الماهية : إن السك الأصلي هو الصيني المتخذ من الأملج والآن لما عز ذلك فقد يتخذونه من العفص والبلح على نحو عمل الرامك .
الطبع : الساذج منه حار في الأولى يابس في الثانية وللطيب حار يابس في الثالثة .
آلات المفاصل : جيد لأوجاع العصب .
أعضاء النفض : زعم بعضهم أن السك المطيّب يزيد في الباه ويعقل الطبيعة وينفع من النزف .
سرطان نهري .
الخواص : هو حيوان عسير الهضم كثير الغذاء ويصلحه الطبخ بالماش .
الخواص : يخرج الأزجة والشوك والبحري ألطف .
الزينة : رماده مع العسل المطبوخ جيد لشقاق الرجلين من البرد ومحرقه واقع في أدوية البهق واقع في أدوية البهق والكلف .
الأورام والبثور : السرطان النهوي يحلّل الأورام الجاسية إذا وضع عليها .
أعضاء الصدر : لحمه ينفع من السلّ خصوصاً بلبن الأتن ومرقها أيضاً .
أعضاء النفض : رماده جيّد مع العسل لشقاق المقعدة .
السموم : ينفع من لسع العقارب والرتيلاء ضمّاداً وأكلاً ورماده مع العسل لعضّة الكَلْب الكَلِب شرباً وقد يتّخذ منه مع الجنطيانا دواء لعضة الكَفب الكَلِب معروف ويعلم كيفية المعالجة به في باب السموم وزعم أنه إذا قرب مع الباذروج من العقرب مات العقرب على المكان .
الماهية : إذا قيل سرطان بحري فليس نعني به كل سرطان من البحر بل ضرب منه خاص حجري الأعضاء كلها وقال من نثق بقوله : إن هذا السرطان في بحر الصين يخرج من ماء البحر ويدخل في ماء آخر بجنب البحر وهو غير ماء البحر فلما يدخل في ذلك الماء يموت في الماء أو عند خروجه ويصير صلباً حجراً وحدثني هذا الحال من شاهد ذلك مراراً في الصين .
الخواص : محرقه ألطف من سائر المحرقات .
الزينة : محرقه يجلو الأسنان ويذهب الكلف والنمش .
القروح : يجفف محرقه القروح وينفع من الجرب .


أعضاء العين : يمنع الدمع ويحك مع الملح يبرىء الظفرة ويتخذ منه شياف يحك به الجرب من الجفن ويجلو العين جداً .
سدر .
قد ذكرنا أحواله وأفعاله حين ذكرنا أحوال النبق في فصل النون .
سراج القطرب .
الماهية : هو نبت قريب من الزوفا .
قال ديسقوريدوس : هو نبات له زهر شبيه بالخربق وفي لونه فرفيرية يعمل منه أشياف وزهره كأنه سراج على رأس نبت خضر ومنه صنف آخر الاختيار : الستعمل منه بزره .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية وهو في آخر الثانية منها .
الخواص : هو مفتح والأغلب عليه القبض يقطع النزف كيف كان .
القروح : مدمل جداً .
أعضاء الرأس : يضمد به فيقطع الرعاف .
أعضاء النفس : يمنع نفث الدم .
أعضاء النفض : ينفع لقروح الإمعاء حقنة به وزعم قوم أن بزر البرّي إذا أخذ منه مقدار درهمين أسهل البطن .
السموم : بزره إذا شرب بالشراب نفع من لسع العقرب ونهشه وزعم قوم أن بزر البرّي إذا وضع على العقارب خدرها وأبطل فعلها وجعلها كالميتة .
سطرونبون .
الماهية : قال ديسقوريدوس : من الناس من يسميه طريفالي ومعناه ذو ثلاث ورقات لأن أكثر ذلك ينبت بثلاث ورقات وهي مائلة نحو الأرض شبيهة في ميلها بورق الحماض أو زهر السوسن إلا أن ورق هذا أصغر من ورق الحماض وأشد حمرة و حمرته مائلة إلى الدم وساقه رقيق طوله نحو من ذراع وزهره شبيه بزهر السوسن الأبيض وله أصل شبيه ببصل البُلبوس مقدار تفاحة أحمر الظاهر أبيض الباطن كبياض البيض حلو الطعم .
ونبات آخر يشبهه ويسمى باسمه له بزر يشبه بزر الكتان وقشر أصله دقيق أحمر وداخله أبيض طيب الطعم حلو وينبت في أماكن جبلية مصاحبة للشمس .
الخواص : قد يقال : إن أصل هذا النبات إذا أمسكه الإنسان بيده حركه للجماع في لحال وإن شربه بالشراب يهيّج الجماع كالسقنقور .
آلات المفاصل : وكذلك إذا شرب بشراب قابض أسود نفع من الفالج الذي يميل لرأس والرقبة إلى خلف فيما يقال .
سورنجان .


الماهية : هو أصل نبات له ورد أبيض وأصفر ويفصح أول ما تفصح الأنوار في سفوح الجبال وفي الروابي وورقه لاطىء بالأرض .
الاختيار : أجوده الأبيض داخلاً وباطناً الصلب المكسر والأحمر والأسود رديئان .
الطبع : حار يابس إلى الثانية وفيه رطوبة فضلية زعم بعضهم أن في الأبيض حرارة لطيفة وفي غيره قوة قوية والألم يسهله وزعم آخرون أنه لو كان حاراً للذع القروح شيئاً ولا لذع فيه الخواص : معه قوة مسهّلة وإن كان فيه قبض فيما يقال .
القروح : الأبيض جيد للجراحات العتيقة .
آلات المفاصل : ينفع من النقرس ويسكن الوجع في الوقت ضماداً وأن استكثر منه ضماداً صلب الورم وهو حجر وكذلك هو ترياق جميع المفاصل وخصوصاً في أوقات النوازل .
أعضاء الغذاء : رديء للمعدة مضغف لها والأحمر والأسود يحبسان أدوية الإسهال في المعدة ويجلبان آفة عظيمة .
أعضاء النفض : فيه قوة مسهلة ويزيد في الباه خصوصاً مع الزنجبيل والفوتنج و الكمون .
السموم : الأحمر والأسود منه سم .
الأبدال : بدله في أوجاع المفاصل وزنه من ورق الحناء ونصف وزنه مقلاّ أزرق .
سلخ الحية : قيل في باب الحية .
سادآوران .
الطبع : بارد في الثانية يابس فى الثالثة .
الخواص : يحبس الدم .
الزينة : يمنع انتشار الشعر بخاصيته .
سوسن .
الماهية : قال ديسقوريدوس : السوسن نبات له ورق يشبه كسيقون غير أنه أعظم منه وأعرض وألزج وله ساق عليه زهر منحن فيه ألوان يشبه بعضها بعضاً وهي مختلفة منها بياض وصفرة وفرفير ولون السماء ومن أجل اختلاف الألوان فيه شبه بالايرسا وهي قوس قزح وله أصول صلبة ذات عقد طيبة الرائحة وينبغي أذا قلعت أن تجفف في ظلّ وتنظم في خيط كتان وتخزن وصنف آخر لونه أبيض مر وقوته دون القوة التي ذكرنا وإذا عتّق الإيرس السوسن وتثقب غير أنه يكون حينئذ أطيب رائحة منه والإيرس هو أصل هذه السوسن .
وبالجملة هو كثير المنافع في الأمراض والإيرسا قد قلنا فيه .


وأما السوسن البستاني ففيه أرضية لطيفة اكتسبت مرارة وفيه مائية معتدلة المزاج .
الطبع : الأبيض البستاني المعروف بسوسن أزاد حار يابس في الثانية والايرسا البرية أشدّ تسخيناً وتجفيفاً .
الخواص : جلاء يجفّف باعتداله وأصله أجلى ودهنه ألطف لأن زهره ألطف ودهنه أشد تحليلاً وتلييناً مطيباً أو غير مطيّب والايرسا أقوى في جميع ذلك وهو قابض مع ذلك وفيه شفاء للأوجاع والعفونات وقوته مسخنة ملطفة .
الزينة : ينفع من الكلف والنمش وخصوصاً أصله وينقي الوجه غسلاً به ويصقله ويزيل تشنجه .
الأورام والبثور : إن دن الورق والبزر ناعماً وعمل منه ضماداً بالشراب على الحمرة نفعها جداً وكذلك على الأورام الفخة البلغمية والجرب المتقرح والخشكريشات والسعفة خصوصاً إذا خلطناه بأدوية آخرى .
الجراح والقروح : يملأ القروح لحماً جيداً وأصله ينفع من حرق الماء الحار لأنه مجفف مع جلاء باعتدال وكذلك ورقه مطبوخاً ويدمل والأحسن أن يكون استعماله بدهن الورد .
وعصارة الايرسا وغيره يطبخ في العسل والخل في إناء من نحاس للقروح المزمنة والجراحات .
والبستاني أفضل الأدوية لحرق الماء الحار .
آلات المفاصل : جيد لانقطاع العصب والذين بهم تشنج في العصب وينفعهم جداً و ينفع من عرق النسا .
أعضاء الرأس : يتخذ من طبيخ أصله مضمضة لوجع الأسنان خصوصاً من البري منه ويجلب النوم ويوافق دهنه قروح الرأس والنخالة وإذا قطر في الأذن يسكن الدوي و مع الخل ودهن الورد ضماده نافع من الصداع وإذا لطخ به الأنف يزيل الرطوبة اللينة التي تظهر من ظاهر أعضاء الصدر : ينفع أصله من نفس انتصاب خصوصاً الايرسا ويصلح للسعال ويلطف ما عسر تنقية من الرطوبات التي في الصدر .
أعضاء الغذاء : ينفع الطحال وهو رديء للمعدة وخصوصاً دهنه .


أعضاء النفض : دهنه مفتح محلّل مليّن صلابة الرحم شرباً وتمريخاً وكذلك إذا طبخ أصله بدهن الورد ولا نظير له في أمراض الرحم وكذلك دهن الايرسا ويخرج الجنين وينفع من المغص إن طبخ أصله وحده بالخل أو مع بزر البنج ودقيق الحنطة سكن الأورام الحارة العارضة للانثيين .
وإذا شرب دهنه أسهل مقدار أوقية ونصف منه ويصلح لأصحاب إيلاوس الصفراوي .
ودهن الايرسا يفتح أفواه البواسير وكذلك أصل السوسن كيف كان وإذا شرب بالشراب أدر الطمث وإذا شرب بالخل نفع الذين يمذون بالجماع وإذا سلق وكمد بمائه النساء كان نافعاً لهن من أوجاع الرحم لتليينه الصلابة التي تكون فيه وفتحه فمها .
الحميات : ينفع من البرد والنافض .
السموم : ينفع من لسع الهوام خصوصاً العقرب هو وعصارته وشرابه وبزره شرباً وهو نافع لجميع اللسوع ودهنه ترياق البنج والكزبرة والفطر .
سعتر .
الاختيار : أقواه البري .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الخواص : محلل منشر ملطف .
آلات المفاصل : ينفع من أوجاع الوركين .
أعضاء الرأس : يمضغ فيسكّن وجع السن ويشفي اللثة المترهلة لقوته المحرقة .
أعضاء الصدر : دهنه ينفع الصدر والرئة .
أعضاء الغذاء : ينفع الكبد والمعدة .
أعضاء النفض : يدرهما ويخرج الديدان وحبّ القرع جداً .
سيساليوس .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو نبات معروف في أرض مسالو طيفيه وله ورق شبيه بورق الرازيانج إلا أنه أغلظ وساقه أخشن عليه إكليل كإكليل الشبث وفيه ثمر إلى الطول ما هو مر أو حريف يسرع إليه التأكل وله أصل طويل طيب الرائحة ومنه صنف آخر له ورق شبيه بورق اللبلاب الكبير إلا أنه أصغر منه مستطيل وهو ثمنش عظيم له قضبان طولها نحو شبر ورؤوس شبيهة برؤوس الشبث وبزر أسود كثيف وهو أشد حرافة وأطيب رائحة من الأول وهو لذيذ الطعم وينبت في مواضع مشرفة كثيرة المياه وقوّته وفعله مثل الأول .


ومنه صنف آخر يكون في جزيرة فالوفرنيس ورقه شبيه بورق فربيون إلا أنه أخشن وأغلظ وله ساق أكبر من سيساليوس الأول كالقثاء ويعلو صفرتها بياض عليه إكليل واسع فيه ثمر أعرض وأكبر وأطيب رائحة من ثمره وقوتهما واحدة وينبت في مواضع وعرة وتلول صنابية وزعم قوم أنه الأنجدان الرومي لكنه أطول منه قليلاً وأشد بياضاً جداً .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : محلل ملطف مفش وكذلك أصله وبزره مسكن للأوجاع الباطنة مذيب للبلغم الجامد .
ويسقي منه المواشي فيكثر نتاجها ويشرب في الشراب فيمنع البرد وضرره في الأشفار وخصوصاً مع الفلفل .
آلات المفاصل : نافع لأوجاع الظهر .
أعضاء الرأس : ينفع جداً من الصرع وتبلّه العقل .
أعضاء النفض : يحلل النفخ وِيسكن أوجاع الأحشاء ويهضم أصله خصوصاً الطعام هو جيد للمعدة .
أعضاء الصدر : نافع من الربو وعسر النفس ونفس الانتصاب والسعال المزمن خاصةً أصله أعضاء النفض : يحلل المغص الريحي ويسهل الولادة في جميع الحيوان ويزيل عسر البول ويحلل أوجاع الرحم واختناق الرحم وينفع أوجاع الأحشاء وعصارة ساق هذا النبات وبزره إذا كان طرياً وشرب منه ثلاث أثولوسات بميبختج عشرة أيام أبرأ وجح الكلي وهو نافع بالجملة للكلي .
وإذا شرب منه نفع من تقطير البول ويدر الطمث وينفع من الأوجاع الباطنة .
الحميات : نافع من الحمى البلغمية فيما يقال .
سوس .
الطبع : أصله معتدل فإن ضرب إلى شيء ضرب إلى حرارة ورطوبة .
الأورام : عصارته على الداحس وكذلك أصله .
القروح : عصا رته للجراحات .
أعضاء النفض : أصله ينفع من الظفرة وعصارته أقوى .
أعضاء الصدر : يلين قصبة الرئة وينقيها وينفع الرئة والحلق ويصفي الصوت .
أعضاء الغذاء : يسكن العطش لرطدبته وكذلك ينفع من التهاب المعدة .
أعضاء النفض : ينفع حرقة البول وينفع من قروح الكلي والمثانة وجربها .
الحميات : ينفع من الحميات العتيقة .
الماهية : قريب القوة من الساذنج بل هو أقوى .


الطبع : بارد يابس .
الخواص : قابض فيه من الاسفيذاج المبرد لكنه ألطف كثيراً يمنع النزوف .
القروح : يوضع بقيروطي على حرق النار .
أعضاء النفض : يمنع نزف الدم بقوة .
سقمونيا .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو نبات له ثلاثة أغصان كبيرة مخرجها من أصل واحد كل واحد منها ثلاثة أفرع أو أربعة دسمة مركبة وله ورق شبيه بورد العسني أو ورق اللبلاب إلا أنه ألين منه وله ثلاث زوايا وله زهر أبيض مستدير أجوف شبيه في شكله بالقرطالة ثقيل الرائحة وله أصل طويل غليظ مثل الساعد أبيض ممتلىء لبناً ويؤخذ لبناً ويؤخذ لبنه من رأسه الأعلى من أصله وذلك بأن يشق الأصل ويجوف على استدارتها فإن اللبن يسيل في ذلك التجريف ثم يجمع في صدف .
ومن الناس من يحفر الأرض على استدارة حول الأصل ويأخذ ورق الجوز ويبسطه ويصيره في الحفرة ثم يشق الأصل ويدعون اللبن حتى يسيل ويجف قليلاً ثم يرفعونه .
وأجوده ما كان صافياً خفيفاً رخواً ولا ينبغي لمن يمتحن هذه الصمغة أن يقتصر على الاختيار : الأجود الجلال الأزرق إلى البياض كأنه كسر الصدف وهو المتفرك السريع الانحلال الأزرق الذي إذا أنحل في الماء صيره كاللبن والأجود في استعماله أن يشوى في التفاح ويخلط بماء الكرفس فيذهب غائلته والجرمقاني رديء وقد يصلح السقمونيا بأن يشوى في تفاحة مأخوذة في عجين وأن يخلط بالأنيسون والدوقو ويُلَت بدهن اللوز أيضاً .
قال ديسقدريدوس : ومن علامة الجيد أن لا يحذو اللسان حذواً شديداً فإن اللذع يعرض من مخالطة ذلك اللبن .
وأردأ أصنافه ما كان من الشام ومن فلسطين .
فإن هذين الصنفين هما رديئان متكاثفان لأنهما يُغشان بلبن اليتوع .
الطبع : حار يابس في الثالثة وحرارته أكثر من يبسه .
الخواص : فيه جلاء وتحليل وهو عدو للمعدة والكبد خاصة .
الزينة : ينقي البهق والبرص والكلف .
الجراح والقروح : إذا طبخ بالعسل والزيت وضمد به الجراحات حللَها .
البثور : يطلى بالخل على الجرب المتقرح .


آلات المفاصل : بالخلّ والسوسن على أوجاع المفاصل والورك ضماداً وينفع من عرق النسا .
أعضاء الرأس : أصله وعصارته على الصداع المزمن مع الخلّ ودهن الورد والسقمونيا أعضاء الصدر : هو مما يؤذي القلب .
أعضاء الغذاء : يضر بالمعدة والكبد جداً وتكسر سورته بالتسوية وبزر الكرفس أو الأنيسون وهو مكرب مغثّ يذهب شهوة الطعام ويعطش .
أعضاء النفض : يسهل الصفراء بقوة ويختلف في البلدان حتى إني رأيت في بعض كتب الأطباء له شربة كبيرة الوزن لكن الطبيب ينبغي أن يراعي قوة المريض وقوة أعضائه الرئيسة وهواء البلد الحاضر .
والسمقونيا يضر بالأمعاء ويحتمل الإسقاط .
وأصل شجرته إذا شرب منه درخمي أسهل مرّة وبلغماً .
وذكر بعضهم أن السقمونيا إذا شرب منه المقدار المفرط وهو نصف درهم أمسك أولاً ثم أكرب وغثَّى وعرق عرقاً بارداً ثم ربما انبعث إسهاله بإفراط وهو قاتل .
وأصل هذا النبات مسهل البطن وقد يكتفى منها بستة قراريط للإسهال إذا خلط بسمسم أو ببعض البزور .
ومن القدماء من كان يقول : إن الشربة التامة ثلاث ملاعق والشربة الوسطى ملعقتان والدون معلقة واحدة وذلك بأنهم كانوا يأخذون من اللبن الذي أخذ من هذا النبات قدر ست قوانوسات ومن الملح ست قوانوسات ويسقون الإنسان بخلاف ما نأمر نحن في زماننا هذا .
وقال بعضهم : إن العتيق إذا تنوول منه مقدار قليل أدرّ ولم يسهل وسقيه مع الصبر أقل لهذا وكدلك مع ترمس والملح والبزور العطرة وإذا احتمل في صوفة قتل السموم : ينفع من لسع العقرب شرباً وطلاء على العضو .
سكبينج .
الماهية : شجرة لا منفعة فيها بل في صمغها وقد قيل : إن من القنة نوعاً يستحيل فيصير سكبينج .
قال ديسقوريدوس : هو صمغ نبات شبيه بالقثاء في شكله ينبت في بلد ماء .
والجيد منه ما كان صافياً وكان خارجه أحمر وداخله أبيض ورائحته فيما بين رائحة الحلتيت ورائحة القنة حريف وقد يغش بنوع من الصمغ .


الاختيار : أجود نوعيه الأكثف الأصفى الذي يضرب داخله إلى الحمرة وخارجه إلى البياض وينحلّ سريعاً في الماء لا كالمغشوش بالقنة وان كان يشبه القنة البيضاء وخيره الأصفهاني .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الثانية .
الخواص : محلل ملطف مفش مسخن جال .
الزينة : إذا استعمله أحد في طعامه حسن لونه .
آلات المفاصل : ينفع من الفالج ومن هتك العضل وأوتارها ويسهل المادة التي في الوركين حقنة وشرباً وكذلك أوجاع المفاصل الباردة .
أعضاء الرأس : يحلل الصداع البارد .
والريحي نافع من الصرع .
أعضاء العين : ينفع من ظلمة العين كحلاً ومن غلظ الأجفان ومن الاثار في العين وهو من أفضل الأدوية للماء النازل في العين وأن سحق بالخل وجعل على الشعيرة ذهب بها وقد يجلو القروح العارضة في العين .
أعضاء الصدر : نافع من وجع الصدر والجنب والسعال المزمن يسقى بماء السذاب المعصور ثلاثة أرباع درهم لسوء التنفس وهو ينقي الصدر بقوة ويخرج الأخلاط النيئة .
أعضاء الغذاء : نافع من الاستسقاء ويخرج الماء الأصفر وضماده مع اللوز المر أو السذاب أو العسل أو الخبز الحار ينفع من وجع الكبد .
أعضاء النفض : نافع من القولنج حقنةً وشرباً ومن المغص ويخرج الحصاة منهما ويزيد في الباه وينفع أوجاع الرحم وإذا شرب بأإدرومالي أدر الطمث وقتل الجنين وتليينه البطن برفق ويخرج الخلط اللزج والماء الأصفر .
الحميات : نافع من الحميات الدائرة .
السموم : يسقى في الشراب للسع الهوام ومن جميع السموم القتالة وفعله أقوى من فعل القنة وقد ينفم لطوخاً فى جميم ذلك .
سقولوقندريون .
الماهية : قيل : إنه نبات صخري ينبت في المكان الكثير الفيء وقال قوم : إنه ضرب من الأشقيل وقيل : غير ذلك .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : لطيف محلل ليس فيه كثير حرارة .


أعضاه الغذاء : ينفع الطحال منفعة عجيبة إذا تنوول بسكنجبين اتخذ بخلْ طبخ فيه ورقه أربعين يوماً أذهب الطحال وينفع من الفواق واليرقان .
أعضاء النفض : يفتت الحصاة في الكلية والمثانة وقيل : إنه إن علق منع الحبل فيما يقال .
سعالي .
الماهية : هو من جرهر حار وجوهر مائي .
الطبع : هو حار حريف باعتدال .
الأورام والبثور : ورمه يفجر الدبيلات ويحللها في حال ابتدائها والطرفي منه ينضج الأورام العاصية في النضج .
القروح : الطري منه يقلع الجرب المتقرح .
أعضاء العين : يقع في الأدوية المحدّة للبصر .
سيسارون .
الماهية : هو خشب الشونيز وفيه مرارة وقبض .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : فيه تحليل وقبض يسير .
أعضاء الغذاء : طبيخ أصله ينفع المعدة .
أعضاء العين : طبيخ أصله يدر .
سيون .
الماهية : هو قرّة العين يكون في المياه القائمة فيه عطرتة وقد قيل فيه في باب القاف .
أعضاء النفض : إنه مطبوخأ وغير مطبوخ ينفع من الحصاة ويدر وينفع من الدوسنطاريا .
سومقْوطون .
الح ماهية : قيل : إنه حي العالم وقيل : إنه ضرب من اللفّاح وقيل : غير هذا .
وهو نوعان : صخري وغير صخري .
الطبع : الغالب عليه ألبرد واليبس وفيه رطوبة حارة معتدلة ولطف به يقطع ولزوجة عنصلية بها يحلل ومعنى به يجمع ويقبض ولا رائحة له ولا حلاوة ما ويجلب اللعاب ويجمع بين أجزاء اللحم في القدر حتى يصير شيئاً واحداً .
أعضاء النفس : يشفي خشونة الحلق ويمنع النفث من الدم وفي ماء العسل ينقّي الرئة .
أعضاء النفض : ينفع من قروح الأمعاء ومن السحج ولفتق المعي المائي وأوجاع الكلية ويحبس نزف الحيض فيما يقال .
سماق .
الماهية : منه خراساني ومنه شامي أصغر من الخراساني أحمر عدسي وهو يصلح لما يصلح له الأقاقيا والورد وإذا طبخ بالماء ثم قوم طبيخه كالعسل صلح لما يصلح له الحُضَض .
الطبع : بارد في الثانية يابس في الثالثة .


الأفعال والخواص : قابض مقو ساد والخل ألطف منه يمنع النزف حتى إن قوماً يقولون : إنّ تعليقه يفعل ذلك ويمنع تحلب الصفراء إلى الأحشاء .
الزينة : طبيخ سماق الدباغين يسود الشعر .
الأورام : يضمد به الضربة فيمنع الورم والحصرة وينفع من الداحس ويمنع تزيد الأورام .
القروح : ينفع من سعي الخبيثة .
آلات المفاصل : ينطل بطبيخه الوثي فلا يرم .
أعضاء الرأس : يمنع قيح الأذن وصمغه إذا وضع في أكال الأسنان سكّن وجعها .
أعضاء الغذاء : دباغ للمعدة مقو لها يسكن العطش ويشهي لحموضته ويسكن الغثيان الصفراوي .
أعضاء النفض : عاقل يحبس الطمث والنزف ويمنع من السحج ويحقن به للدوسنطاريا ولسيلان الرحم والبواسير ويوافق إذا وقع في الطعام من كان به إسهال مزمن وقرحة الأمعاء ومن الذرب .
سلق .
الماهية : معروف .
قال ديسقوريدوس : إن السلق صنفان أسود وأبيض .
وكلا الصنفين رديء الكيموس للنطرونية التي فيهما وقال أصطفن : أصبنا في الدجلة العوراء بناحية البصرة سلقاً بريأ له قضبان متفرقة من أصل واحد طولها شبر ولون ورقه لون الجرجير وبزره متفرق على تلك القضبان عند أصل الورق وأصله واحد .
الطبع : عند بعضهم هو حار يابس في الأولى .
وفي الحقيقة أنه مركب القوة وعند بعضهم هو بارد فلا إشكال في أصله رطوبة .
الأفعال والخواص : السلق فيه بورقية ملطفة وفيه تحليل وتفتيح أشد من تفتيح السوسن وتليين وفي الأسود منه قبض وخاصة مع العدس والبورقية التي فيه محللة والأرضية مقبضة .
وجميع الزينة : تنفرد عصارته وطبيخ ورقه من شقاق البرد وينفع من داء الثعلب وينفع من الكلف إذا استعمل ورقه ضماداً بعد غسل الموضع بنطرون ويقلع الثآليل عصيره وعصيره يقتل القمل .
الأورام : تضمد به الأورام مسلوقاً فيحلها وينضجها وينفع من التوت ضمّاداً بحاله وينفع من الأورام الحارة إذا تضمد بها مع السوسن .


القروح : ورقه جيد مطبوخاً لحرق النار وينفع من القوابي طلاء بالعسل وإذا تضمّد به للقروح الخبيثة يبرىء من كل ذلك .
أعضاء الرأس : يسعط بمائه مع مرارة الكركي فتذهب اللقوة وينفع قروح الأنف .
وماؤه فاتراً يقطر في الأذن فيسكن الوجع ويغسل بمائه الرأس فتذهب النخالة .
أعضاء الغذاء : أصله رديء للمعدة مغث وأكثر ذلك لبورقيته اللذاعة وهو رديء الكيموس ويغسل ببورقيته حتى إنه يلذع المعدة القوية الحس .
وغذاؤه يسير وتفتيحه لسدد الكبد أشد من تفتيح الملوخيا خاصة مع الخردل والخل وكذلك الطحال ويجب أز يؤكل بالمري والتوابل .
أعضاء النفض : قيل : إن الأسود منه يعقل وخاصة مع العدس كما أن الآخر يلين وخاصة مع العدس ولا شك أن المسلوق المهرأ ماؤه إذا طحن عقل ويحقن به لآخراج الثفل وجميعه يولد النفخ والقراتر ويمغص وهو جيد للقولنج إذا أخذ بالتوابل والمرّي .
الماهية : قال ديسقوريدوس : منه بستاني ومنه برّي ومنه جبلي .
أما الجبلي فهو أحد وأشدّ حرافةً من البستاني وليس بمأكول في الطعام .
وأما الذي ينبت منه عند شجرة التين فأوفق .
والبري صنف يقال له : منعانوراعريون وله اسم عند كل قوم ويدعى عند بعضهم : مولى .
مخرجه من أصل واحد وله قضبان كثيرة وورقه أطول من ورق السذاب الآخر بكثير ثقيل الراحة له زهر أبيض ورؤس أكبر قليلاً من رؤس السذاب الآخر مثلثة فيها بزر لونه إلى الحمرة ما هو ذو ثلاث زوايا مر شديد المرارة والبزر هو المستعمل ونضجه في الخريف وصنف آخر أصله أسود وفي أرض رطبة .
الاختيار : أوفق السذاب البستاني ما ينبت عشد شجرة التين .
الطبع : حار يابس في الثانية واليابس حار يابس في الثالثة واليابس البري حار يابس في الرابعة فيما يقال .
الخواص : مقطع محلل مفش جداً منقّ للعروق مقرح قابض .
الزينة : مع النطرون على البهق الأبيض والثآليل والتوث ويذهب رائحة الثوم والبصل وينفع من داء الثعلب .


الأورام والبثور : البرّي إذا دق وضمّد به مع الملج عضو أحدث عليه ورماً حاراً واذا جعل الجراح والقروح : يجعل مع السمن والعسل على القوابي ومع الخلّ والأسفيداج على النملة والحمرة ويبرىء العتيقة وإذا جعل لصوقاً مع مر نفع من القروح .
آلات المفاصل : ينفع من الفالج وعرق النسا وأوجاع المفاصل شرباً وضماداً بالعسل .
أعضاء الرأس : يذهب رائحة الثوم والبصل ويضمد به مع السويق للصداع المزمن وقد يسعط به مع الخلّ في الأنف للرعاف فيحبسه .
وعصارته المسخّنة في قشور الرمان تقطر في الأذن فينقيها ويسكن الوجع والطنين والدوي ويقتل الدود ويخرجها من الأذن إن كان حياً ويطلى به قروح الرأس .
أعضاء العين : يحد البصر وخصوصاً عصارته مع عصارة الرازيانج والعسل كحلاً وأكلاً وقد يضمد به مع السويق على ضربان العين وإذا صنع منه طلاء مع الرازيانج ومرّ وعسل وطلي به حول العين نفع من ضعف البصر .
أعضاء الصدر : طبيخ الرطب منه مع الشبث اليابس نافع لوجع الصدر وعسر النفس على ما يشهد به روفس وينفع من أوجاع الرئة والجنب والسعال ووجع الأ ضلاع .
أعضاء الغذاء : يضمد به مع التّين للاستسقاء اللحمي والزقي ويسقى شراب طبخ فيه السذاب أيضاً وإذا شرب من بزره من درهم إلى درهمين للفواق البلغمي سكّنه وهو يمرىء أعضاء النفض : يجفف المني ويقطعه ويسقط شهوة الباه ويعقل صنفاه ويسكّن المغص ويحقن به مع الزيت القولنج ويوضع بالعسل على قروح المقعدة ويغلى بالزيت ويشرب للديدان .
والنوعان يستفرغان فضول البدن با لادرار وكذلك يعقلان ويضمّد به بورق الغار على الأنثيين لأورامهما وإذا سحق وعجن بالعسل ولطخ على فرج المرأة إلى المقعدة أو احتملته نفع من الوجع الذي يعرض منه الاختناق .
الحميات : ينفع من النافض أكله والتمريخ بدهنه .


السموم : يقاوم السموم ويشرب من يحاذر سقي السم أو النهش من بزره وزن درهم مع ورقه بشراب وخصوصأ إن شربه بالتين والجوز مدقوقاً كله مخلوط والإكثار من كل البري قاتل .
سقنقور .
الماهية : ورل نيلي يصاد بمصر ويزعمون أنه من نتاج التمساح في البر .
الاختيار : أجود مافيه ناحية كلاه .
أعضاء النفض : قد ينهض الباه حتى لا يسكن إلا بحسو مرق الخس والعدس .
سيبْسَبَان .
الطبع : كالمعتدل .
أعضاء الصدر : يلين الصدر والحلق .
أعضاء الغذاء : يسكّن العطش وخصوصاً مع بزره .
أعضاء النفض : يلين البطن .
سرمق .
الماهية : هي القَطفُ وهي بقلة معروفة وهي جنسان أحدهما بري والآخر بستاني وقد يطبخ أيهما كان ويؤكل .
الطبع : بارد رطب في الأولى وعند بعضهم معتدل .
سامُ أبرص .
الماهية : هو الوزغ ويقال خلافه .
الزينة : يضمد به على الشوك والسلاء وعلى الثآليل مدقوقاً فيجذب وعلى الثآليل والمسمارية فيقلعها وقيل : إن المجفّف منه إذا خُلط بالزيت أنبت الشعر على القرع .
الخواص : بوله ودمه عجيب النفع من فتق الصبيان إذا جلسوا في طبيخه وقد يجعل في بوله أو دمه شيء من المسك ويجعل في إحليل الصبي فيكون بالغ النفع في العنق .
أعضاه الرأس : قيل إن كبده يسكن وجع الضرس وإذا لحق رأسه ووضع على المواضع المتأكلة السموم : يُشق ويوضع على لسع العقرب .
سلحفاة .
الماهية : صنفان برّي وبحري .
أعضاء الرأس : دم البرّي منه قد قيل إنه ينفع من الصرع مشوياً ومرارة السلحفاة للقلاع ويقطر في منخري المصروع .
أعضاء الصدر : بيضه لسعال الصبيان ومرارته لطوخ للخناق .
السموم : دم البحري منه مع الأنفحة جيد من نهش الهوام ولمن سقي اليتوع .
سَمَاني .
الماهية : معروف .
آلات المفاصل : أكل لحمه يخاف منه التمدد والتشنج لا لأنه يأكل الخربق فقط بل لأن في جوهره هذه القوة وإذا ظن أن اغتذاءه بالخربق فهو لمشاكلة المزاج .
سكّر .


الماهية : قصب السكر في طبع السكّر وأشد تلييناً منه .
الطبع : أبرده الطبرزذ وهو ألطف .
وبالجملة هو حار في آخر الأولى رطب فيها والعتيق إلى الخواص : مليّن جلاء غسال والسليماني أكثر تلييناً وخصوصاً الفانيذ بل عسل القصب والسكر ليس دون العسل في الجلاء والتنقيه وكلما عتق السكّر صار ألطف .
أعضاء العين : المأخوذ كالصمغ عن القصب يجلو العين .
أعضاء الصدر : يليّن الصدر ويزيل خشونته .
أعضاء الغذاء : جيد للمعدة إلا التي تتولد فيه الصفراء فإنه يضرّها بالاستحالة إلى الصفراء وهو مفتح للسدد وفيه تعطيش دون تعطيش العسل خاصة العتيق .
والعتيق يولّد دماً عكراً ويجلو البلغم عن المعدة وفي قصب السكّر معونة على القيء .
أعضاء النفض : يسهّل وخصوصاً الذي يوجد على قصبه كالملح والسليماني والأحمر أشدّ تلييناً وربما نفخ وربما سكّن النفخ وهو مع دهن اللوز نافع للقولنج .
سُكَّرالعُشَر .
الماهية : هو مَن على العشر وهو كقطع الملح وفيه مع الحلاوة قليل عفوصة ومرارة فمنه يماني أبيض ومنه حجازي إلى السواد .
الخواص : جلاء مع عفوصة فيه .
أعضاء العين : سُكر العُشَر يحد البصر .
أعضاء الغذاء : نافع من الاستسقاء مع لبن اللقاح ليس يعطّش كسائر أنواع السكر لأن حلاوته قليلة وهو جيّد للمعدة والكبد .
أعضاء النفض : ينفع الكلى والمثانة .
سمن .
الماهية : معروف وهو يفعل أفعال الزبد وهو أقوى في الإنضاج والإرخاء والتليين فليقرأ ما قيل في فصل الزاي عند ذكرنا الزبد ويضاف إلى هذا .
الطبع : حار في الأول رطب فيها .
الخواص : منضح محلّل إنما يفعل في الأبدان الناعمة والمتوسطة دون الصلبة .
الأورام والبثور : يُنضِجُ الأورام وخصوصاً التي في أصل الأذن خصوصاً في الصبيان والنساء ولا يقدرعلى مثله في الأبدان الصلبة .
أعضاء الرأس : ينضج الأورام التي خلف الأذن الناعمة .
أعضاء الصدر : يلين الصدر : وينضج الفضول فيه وخصوصاً مع العسل والسكر واللوز المرّ .


أعضاء النفض : مع اللوز المرّ بما عقل البطن لقبض فيه وربما أطلق .
السموم : هو ترياق للسموم المشروبة .
الماهية : السُنْبُل سُنْبُلان : سُنْبُل الطيب وهو سُنْبُل العصافير والناردين وهو السُنْبُل الرومي .
والأقليطي أضعف من الهندي والسوري في جميع خصاله إلا في الإدرار .
والغليظ قريب القوة من السوري وشجرته صغيرة يقلع بطنها ويخرج وقد يُغش بنبات يشبهه .
ويفرق بينهما أن ذلك النبات زهم الرائحة .
ومن الناردين جبلي ورقه كورق العصفر وكذلك أغصانه كلها صفر ملس غير شائكة كثيرة الأصوال إثنان أو أكثر وليس له ساق ولا ثمرة ولا زهرة .
قال ديسقوريدوس : هو جنسان منه ما يقال له الهندي ومنه ما يقال له السوري لا لأْنه يوجد بسوريا لكن لأن الجبل الذي فيه يوجد منه مما يلي سوريا ومنه ما يلي بلاد الهند .
وأما الذي يقال له الهندي فمنه ما يقال غنغيطس واشتق له هذا الاسم من اسم نهر يجِري بجنب الجبل الذي يقال له غنطس ينبت بالقرب منه وهو أضعف قوة لرطوبة الأماكن التي ينبت فيها وأطوله أوفره سنبلاً ومخرج سنبله من أصل واحد وجمام سنبله وافرة وهو ملتف بعضهم ببعض زهم الرائحة ومنه ما هو داخل في الجبل الذي وصفنا فهو أطيب رائحة قصير السنبل رائحته شبيهة برائحة السُّعْد وفيه كل ما وصفنا في الناردين السوري وقد يوجد نبات باردس سقاريطفي واشتق هذا الاسم من اسم الأماكن التي بيبت فيها كثيراً سنبلاً أشد بياضاً من الذي وصفنا وربما كان له في وسطه ساق رائحته مثل رائحة البيش فينبغي أن يرفض هذا الصنف وربما بيع الناردين وقد أنقع بالماء .
ويستدل على ذلك من بياض السنبل وقحله ومن أن ليس فيه تراب .
وقد يغشّ بأن يُرشق عليه إثمد بماء وسكر ليتلبد ويبقل وقد ينبغي أن ينقى عند الحاجة إليه إن كان في أصوله شيء من طين وينخل ويؤخذ ترابه فإنه يصلح لغسل اليد . = =

ج2.القانون فى الطب

الاختبار : قال ديسقوريدوس : أجوده ما وفر شعره وكان إلى الشقرة طيب الرائحة كالسعد صغير السنبل يحذو اللسان وهذا هو السوري .
والهندي أضعف وأطول وأكثر سنبلاً ملتف زهم الرائحة يتفرّك سريعاً بكلية لوفه ويتناثر منه غبار أسود عظيم ويغش بأن يطبخ بعد النقع في ماء حار ثم يثقل بإثمد ثم يباع .
ويدل عليه بياضه وفحله وضعف قوته وضعف طعمه ورائحته .
والأسود الهندي خير من الأحمر وأجود النماردين الحديث الطيب الرائحة الكثير الأصول الممتلىء الذي لا يتفرك .
وأما الذي له ساق إلى البياض وخصوصاً في وسطه فليس بشيء خصوصاً الزهم الرائحة .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : مفتح محلل وفي الهندي قبض كثير وحرارة أقل بل خفيفة أول ما يذاق يكون مسخناً ثم تنبعث منه حرارة وحرافة .
ومن سنبل الطيب ذريرة تمنع العرق الكثير وطين السنبل غسول طيب جيد .
القروح : يجفف الرطوبة السائلة من القروح .
أعضاء الرأس : يمنع النوازل ويقوّي الدماغ .
أعضاء العين : ينبت الأشفار إذا وقع في الأكحال أو أمر سحيقه بالميل على الأجفان والناردين أقوى في ذلك على ما أحسب .
أعضاء الصدر : ينفع جميعه من الخفقان وينقي الصدر والرئة ويمنع انصباب المواد إلى المعدة .
أعضاء الغذاء : مفتّح لسدد الكبد والمعدة ويقويها وينفع جميعها من اليرقان ويمغ انصباب المواد إلى المعدة ويسكن لذعها وإذا شرب أي نوع كان منه بالشراب نفع الطحال وإذا شرب بالماء البارد سكن الغثيان .
أعضاء النفض : جميعه يدر والأقليطي أقوى لأنه أسخف وأقل قبضاً وينفع أورام الرحم كلها جلوسأ في طبيخه وينفع من أوجاع الكلى ويمنع سيلان المواد إلى الأمعاء وله خاصية في حبس النزف المفرط من الرحم .
سليخة .


الماهية : هي أصناف فمنها صنف أحمر طيب الطعم والريح وصنف يشبه طعمه طعم السذاب وصنف أسود إلى فرفيرية شبيه الرائحة بالورد وصنف أسود كريه الرائحة رقيق القشر متشقّق وصنف إلى البياض كرّاثي الرائحة وصنف دقيق الأنبوب أجوف .
وذكروا أنه قد يوجد شيء شبيه بالسيلخة يستحيل إلى الدارصيني وذكر بعضهم أنه قد يوجد على شجرة الدارصين سليخة بهذه الصفة وربما كان متصلاً بالدارصيني نفسه .
وقد سمعت من الثقة أن السليخه قشر شجرة مثل شجرة الدارصيني ويجلب من ناحية الصين .
والسلْيخة في قوة دارصيني ضعيف .
والجيد منها يلحق بالدارصيني .
قال ديسقوريدوس : السليخة أصناف كثيرة تكون في بلاد العرب المنبتة للأفاويه ولها ساق غليظ القشر وورق شبيه بورق النوع من السوسن والأصناف الآخر رديئة .
الاختيار : أجوده الأحمر اللون الصافي الأملس المستطيل العود غليظ الأنبوب دقيق الثقب مكسر ممتلىء ذكي الرائحة يلذع اللسان ويقبضه .
والأسود رديء والمستعمل لحاؤه ولا خير في خشبه .
الطبع : حارة يابسة في الثالثة .
الخواص : محلل للرياح الغليظة وفيه قبض قليل مع حرافة أكثر ولطافة كثيرة وتقطيع الحرافة وهو بقبضه يعين القابضة وبتحليله يعين المسهلة وهو بما فيه من التحليل والقبض واللطافة يقوي الأعضاء .
القروح : يطلى بالعسل على اللينة .
أعضاء العين : يقع في أدوية العين لما فيها من القبض مع التحليل .
أعضاء الصدر : ينفع الصدر .
أعضاء الغذاء : شرابه للكبد أو الشراب الذي تقع فيه السليخة ينفع المعدة .
أعضاء النفض : يدرهما خصوصاً ما كان السبب فيه منهما الأخلاط الغليظة وينفع من أوجاع الكلى والمثانة وإذا جلس في طبيخه نفع اتساع الرحم وزلقه وكذلك دخانه وشرابه والشراب الذيا ينفع فيه جيّد لعسر البول وزعم بعضهم أنه يسقط الأجنة .
السموم : يسقى لسم الأفعى .
الأبدال : بدلها في الأدوية من الدارصيني ضعيف ما يحلل منها .
سويق .


الماهية : قد ذكر في فصل الحنظة والشعير .
أعضاء الصدر : ينفع الصدر .
الماهية : هو أكثر البزور دهنية ولذلك يزنخ بسهولة .
قال بعضهم : لا منفعة دهنه إلا لأصحاب السوداء الطعم يسخنهم ويرطَبهم وأرسيمون جنس من السمسم كريه الطعم .
للطبع : حار في وسط الأولى رطب في آخرها .
الخواص : مغر ملين معتدل الاسخان وكذلك دهنه وطبيخه وهو مرخ وفى دهنه غلظ ومقلوه أقلِّ ضرراً .
الزينة : يحلل حضرة الضربة والدم الجامد وهو نافع للشقاق والخشونة والسوداوين شرباً وطلاء وهو مسمن وخصوصاً المقشر ويطول الشعر وخصوصأ عصارة شجره وورقه ويلينه ويذهب الأبرية .
ودهنه المطبوخ فيه الآس يحفظ الشعر ويقوؤيه ويصلبه .
الأورام : يحلل الأورام الحارة .
الجراح والقروح : على حرق النار وشرب دهنه يذهب الحكة البلغمية والدموية خاصة بنقيع الصبر وماء الزبيب .
آلات المفاصل : يضمد به غلظ الأعصاب .
أعضاء الرأس : ينفع دهنه مع فوه من الورد للصداع الاحتراقى .
عصارة شجرته تذهب الإبرية .
أعضاء الغذاء : رديء للمعدة مغث مسقط الشهوة مشبع بسرعة وإذا أكل بالعسل أذهب ضرره ويبطىء بهضمه ويرخي الأحشاء .
والمقلو منه أقل ضرراً وغذاؤه دهني جداً وفيه أعضاء النفض : نافع لقولون ونقيع السمسم شديد في إدرار الحيض حتى يسقط الجنين وإذا نفع وكل مع بزر الخشخاش وبزر الكتان بالاعتدال زاد في المني والباه .
السموم : ينفع من عض الحية المقرنة .
سمك .
الاختيار : أفضل السمك في جثته ما كان ليس بكبير جدأ ولا صلب اللحم ولا يابسه ولا دسومة فيه كأنه يفتت ولا مخاطية ولا سهوكة فيه .
وطعمه لذيذ فإن اللذيذ مناسب وما هو دسم دسومة غير مفرطة ولا غليظة ولا شحمية ولا حريفة والذي لا يسرع إليه النتن إذا فصل عن الماء .
ويختار من السمك الصلب اللحم ما هو أصغر ومن رخص اللحم ما هو أكبر إلى حد ما وصلب اللحم مملوحاً خير منه طرياً .


وأما في الأجناس فالشبابيط أفضلها ثم البني والمارماهيج والساج البحري لا بأس به والرجز والسثمُ غليظان .
وأما المارماهيج والكنعد فجيد والفرسيوك جيد جداً .
وأما في مأواه فالذي يأوي الأماكن الصخرية ثم الرملية والمياه العذبة الجارية التي لا قذر فيها ولا حمأة وليست بطيحية ولا برية ولا من البحيرات الصغار التي لا تشقها الأنهار ولا فيها عيون .
والسمك البحري محدود لطيف وأفضل أصنافها الذي لا يكون إلا في البحر واللجة والذي يأوي ماء مكشوفاً لترفرف الرياح عليه أجود من الذي بخلافه والذي يأوي ماء كثير الاضطراب والتموج أجود لأنه أشدّ حاجة إلى الارتياض من الذي يأوي الراكد .
والسمك البحري فاضل لطيف اللحم لا سيما إذا كان مأواه من الشطوط صخراً ورملاً .
واللجي من البحري كثير الارتياض والذي يصير من البحر إلى أنهار عذبة يعارض جريه الماء بالطبع أيضاً لطيف كثير الرياضة .
واًما في غذائه فالذي يغتندي جيّد الحشيش وأصول النبات خير من الذي يغتذي الأقذار التي تطرح في البلاد إلى المستنقعات وأصول النبات الرديء وإن كان في غاية الطبيعة .
وأفضل ما يؤكل السمك الاسفيدباج ثم المشوي على الطابق .
وأما المقلي فيصلح لأصحاب المعد القوية مع الأبازير .
والمشوي أغذى وأبطأ نزولاً والمطبوخ بالضد وأفضل طبيخه أن يطبخ الماء حتى يغلي ثم يلقى فيه .
وأما المالح فخيره ما كان طرياً ثم كان قريب العهد بالتمليح وأحمده الممقور بالخلّ والتوابل والماء الذي يسلق فيه السمك المالح خصوصاً الجِري شديد التنقية ويقع في الحقن المجفّفة .
الطبع : جميع السمك بارد رطب لكن بعض السمك أسخن بالقياس إلى مزاج السمك ثم الكوسج والجري والمارماهيج .
والمالح حار يابس وكلما عتق ازداد منهما .
وماء السمك المليح الأفعال والخواص : الطري مولّد للبلغم المائي مرخ للأعصاب غير موافق إلا للمعدة الحارة جداً ودمه إلى الرقّة .


وجلد السمك المعروف بسيفيانوس في ناحية بيت المقدس إن ذرّ رماد جلده في عيون المواشي أذهب بياضها .
والمالح من أصناف السمك يخرج السلى من المناشب وخصوصاً الجِرِّي .
الجراح والقروح : رأس سمارس محرقاً يقلع اللحم الزائد في القروح ويمنع سعيها ويقلع الثاًليل والتوت .
وماء السمك المالح ينفع من القروح العفنة ويغسلها والصحناة والسميكات جيدة في مداواة القروح العفنة .
آلات المفاصل : إذا احتقن بسلافة المالح مراراً نفع جدأ من وجع الورك والطري منه يرخي الأعصاب .
أعضاء الرأس : السمك الصغار الذي يسمّيه أهل الشام الصير إذا تمضمض صاحب القلاع الخبيث بالمري الذي يتخذ منه نفعه والرعاد الحي إذا قرب من رأس المصدوع أخدره عن الحس بالصداع .
أعضاء العين : جلد سيفيانوس يحك به الأجفان الجربة فينفع وجلده المحرق أيضاً يدخل في أدوية العين ويذهب الأكتحال به مع الملح الظفرة وأكله مقلياً يورث غشاوة العين بل جميع السمك .
أعضاء الصدر : الجِرِّي الطري ينقي قصبة الرئة ويصفي الصوت وكذلك المملوح رؤوس السميكات المملوحة المجفّفة نافعة للهاة الوارمة وغراء السمك يلقى في الأحساء فيمنع نفث الدم .
أعضاء النفض : حوصلة سيفيانوس تلين البطن مع صعوبة انهضامها ولحم الجري يلين البطن إذا أكل طرياً وجميع مرق السمك يليّن البطن ورؤوس السميكات المملوحة المقددة علاج جيد من شقاق المقعدة والكوسج خاصة .
والسك والمارماهيج والقوس والجري كله يزيد في الباه وكل سمك طري ويؤكل حاراً وماء ملح الجراد المالح جلس فيه من به قرحة الأمعاء في ابتداء العلّة .
السموم : رأس المالح من سماروس محرقاً يجعل على عضة الكَلْب الكَلِب ولسعة العقرب فينفع وكذلك كل سمك .
ومرقتها ومرقة كل سمك تنفع من السموم المشروبة والمنهوشة .
والسمك المسمى أوهوطادس الينة .
فإن شرب مرقه وألقى عليه مراراً : الاتصال ينفع من نهش الحية المقرنة والكلب الكَلِب .


لحم قونيون إذا تضمد به نفع عضة الكَلْب الكَلِب ومن نهشة الهوام .
لحم السمك المسمى الينة إذا استعمل مالحاً نفع من نهشة الأفعى وإذا ضمِّد نفع من عضة الكَلْب الكَلِب .
سقندليون .
الجراح والقروح : يجعل مع السذاب على النواصير .
أعضاء الرأس : يدخن به المسبوت ويمرخ به مع الزيت رأس صاحب فرانيطس وليثارغس ويقطر عصارة رطبة في الأذن المتقيّحة وهو نافع جداً من الصداع .
أعضاء الصدر : ينفع من عسر النفس والربو .
أعضاء الغذاء : ينفع أصله من أوجاع الكبد وينفع من اليرقان .
أعضاء النفض : يسهّل البلغم وينفع من اختناق الرحم .
سفرجل .
الماهية : معروف إذا غسل برماد أغصانه وورقه كان كالتوتياء وربه يبقى لصحة قبضه ورب التفاح يحمض لما فيه من رطوبة مائية باردة .
الاختيار : المشوي أخف وأنفع وتشويته بأن يقور ويخرج حبة ويجعل فيه العسل وبطين جرمه ويودع الرماد .
الطبع : بارد في آخر الأولى يابس في أول الثانية .
الخواص : قابض مقوّ وزهره قابض أيضاً وكذلك دهنه والحلو أقلّ قبضاً وحبه ملين بلا قبض وهو يمنع سيلان الفضول إلى الأحشاء .
الأورام والبثور : ينفع دهنه من النملة جيداً .
القروح : دهنه للقروح الخبيثة .
آلات المفاصل : كثرة كله تولد وجع العصب .
أعضاء العين : مشويه يوضع على أورام العين الحارة .
أعضاء الصدر : عصارته نافعة من انتصاب النفس والربو ويمنع نفث الدم وحبّه ينفع من خشونة الحلق ويلين قصبة الرئة ولعابه أيضاً يرطّب يبس القصبة .
أعضاء الغذاء : ينفع من القيء والخممار فيسكن العطش ويقوي المعدة القابلة للفضول شرباً به ونقيعه ومطبوخه يتنقل به على الشراب فيمنع الخمار ويتخذ منه شراب مقو للشهوة الساقطة جداً ونيئه يقوي المعدة ويمنع القيء البلغمي .
أعضاء النفض : مدر وقد قيل : إن ذلك بالعرض ونافع لعقله .


والمطبوخ بالعسل أشد إدراراً ولكنه ربما أطلق ولم يعقل ويولّد القولنج والمغص وينفع من الدوسنطاريا ويحبس نزف الطمث وينفع من حرقة البول إذا قطر عصارته أو دهنه في الاحليل وينفع دهنه للكلي والمثانة وإذا تنوول على الطعام أطلق حتى أنه إذا استكثرآخرج الطعام قبل الانهضام ويحقن بطبيخه لنتوء المقعدة والرحم .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الخواص : حريف حاد .
السموم : ينفع من السموم كلها .
سمرنيون .
الماهية : هو الكرفس البري وقد ذكر .
سفيدوس .
الماهية : قال ديسقوريدوس : إن سفيدوس هو قثاء الحمار ونحن نذكر ذلك في فصل القاف عند ذكرنا قثاء الحمار فليطلب جميع ما يتعلق بذلك من الأحوال والأفعال من هناك .
سلوثون .
الماهية : قال ديسقوريدوس : زعم بعض الناس إن سلوتون نبات يسمّيه أهل الشام العنكبوت وله ورق شبيه الأبيض من خامالاون ويؤكل إذا كان رطباً مع ملح ودهن بعد أن يسلق .
أعضاء الغذاء : إذا شرب من لبنه أودمعته المستخرج من أصله زنة مثقال مع ماء العسل قيأ بإفراط في اليوم .
الماهيةء : هي بقلة برية طعمه إلى الحرافة ما هو فيه شيء من مرارة ويؤكل نيئاً ومطبوخاً .
أعضاء النفض : مسهل البطن .
سريش .
الماهية : قال ديسقوريدوس : يسميه بعض الناس سريش إذ هو نبات يتخذ منه السريش معروف وله ورق كورق الكَرًاث الشامي وساق أملس وعلى طرفه زهر يُسمّى أنباريقون وله أصول طوال مستديره شبه شكل البلوط الكبار وقوتها حارة .
الطبع : حار في الأولى .
الخواص : مسخن .
الأورام والبثور : إذا خلط بالسويق نفع من الأورام الحارة في ابتدائها .
الجراح والقروح : ينفع من القروح الوسخة الخبيثة ضماداً ومن الجراحات والدماميل المتقرحة ومن حرق النار .
الزينة : رماده ينبت الشعر في داء الثعلب ضماداً بعد أن يدلك موضعه بخرقة صوف وإذا دُلك البهق الأبيض بخرقة في الشمس ثم لطخ عليه الأصل مع الخل قلعه .


أعضاء الرأس : إن كان وحده أو خلط بكندر وعسل وشراب ومر وفُتر وقطر في الأذن إلى المخالفة لناحية الضرس الوجع سكَن وجعه .
وماء أصله إذا خلط بشراب عتيق حلو ومرّ أعضاء العين : وكذلك هذا التركيب دواء فاضل لطلاء أوجاع العين المختلفة .
أعضاء الصدر : إذا شرب مثقالان بالطلاء نفعت من وجع الجنبين والسعال ووهن العضل .
أصله مطبوخاً بدردي الشراب ضماداً نافع لأورام الثدي جداً .
أعضاء النفض : إذا شرب منه وزن مثقال بالطلاء أدر البول والطمث .
السموم : يسقى منه وزن ثلاثة مثاقيل ينفع من نهش الهوام ورقه أيضاً نافع من نهشة الهوام إذا تضمد به وإذا شرب ثمره وزهره بشراب نفع منفعةً عظيمةً من لسعة العقرب .
فهذا آخر الكلام من حرف السين وجملة ما ذكرنا من الأدوية إثنان وخمسون عدداً .


القانون
القانون
( 20 من 70 )

الفصل السادس عشر حرف العين
عرعر .
الماهية : هو السرو الجبلي فمنه صغير ومنه كبير .
الطبع : هو إلى حر ويبس وحبه حار في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : مسخن ملطف مفش وفي ثمرته مع ذلك قبض وليس في قبض سائر أجزاء شجرته .
آلات المفاصل : جيد لشدخ العضل .
أعضاء الغذاء : ينقي ويفتح السدد فيهما وهو جيد للمعدة شرباً وللنفخ فيها نافع جداً .
أعضاء النفض : يدرهما وجيد لخناق الرحم وأوجاعها .
السموم : يدفع ضرر لسع الهوام والتدخين بأيهما كان وبأي أجزاء شجرهما كان يطرد الهوام والذباب .
عصا الراعي .
الماهية : هو البطباط وهو ذكر وأنثى وذكَره أقوى .
الخواص : فيه قبض لكن الجزء المائي فيه كثير ولكثرة ردعه المواد المنصبّة يظن أنه مجفّف وكذلك يمنع النزوف .
الأورام والبثور : وضماد الفلغموني والحمرة والنملة نافع جداً لأورام القروح .
الجراح والقروح : يدمل الجراحات الطريّة جداً .
أعضاء الرأس : عصارته تقتل دود الأذن وتجفف قروحها .
أعضاء الصدر : ماؤه ينفع من نفث الدم .
أعضاء الغذاء : يضمّد به من التهاب المعدة مبرد نافع .
أعضاء النفض : يمنع نزف الدم من الرحم ويشفي قروح الأمعاء زعم ديسقوريدوس أنه يدرّ عبيثران .
الخواص : محلل .
أعضاء الرأس : نافع من الأمراض الباردة في الدماغ ويمنع زكام البرودة .
أعضاء العين : ماؤه يحد البصر كحلاً .
علك .
الماهية : قد تكلمنا في علك الأنباط والراتينج وغير ذلك في موضعه .
الطبع : علك الأنباط حار ثم علك السرو ثم الراتينج .
الخواص : محلل وليس الراتينج وعلك السرو أشد تحليلاً من علك الأنباط وإن كان أسخن منه .
عرطنيثا .
الماهية : المستعمل أصله وقيل : إنه هو بخور مريم وقد قلنا فيه .


قال ديسقوريدوس : إن له كأقماع الحمص وورقه كورق الكرنب وأصله أسود مثل أصل اللفت وهذه الصفة ليس صفة ما نعرفه نحن في زماننا فإن المعروف بالعرطنيثا هو شوك كثيف قصير له أصل أبيض يغسل به الصوف من الوسخ .
قال ديسقوريدوس : ينبت في المزارع بين الحنطة والخواص التي نذكرها هي لهذا ويشبه أن يكون الغلط من المترجم .
آلات المفاصل : جيّد لأوجاع الوركين .
أعضاء الرأس : معطش شديد التفتيح للجسم وسد المصفاة .
أعضاء الحد ر : يدفع الفواق .
أعضاء النفض : يسقط الجنين .
السموم : طبيخه على اللسوع وكذلك شربه .
الأبدال : بدله في الأسقاط والمنفعة من السموم وزنه زراوند طويل وحب الأترج ونوتنج .
عصفر .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو نبات له ورق طوال مشرف خشن مشوّك وساق طولها نحو من ذراعين بلا شوكة عليها رؤوس مدوّرة مثل حب الزيتون الكبار وزهر شبيه بالزعفران ونور أبيض ومنه ما يضرب إلى الحمرة وقد يستعمل زهره في الطعام .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : فيه قبض معتدل مع إنضاج .
الزينة : ينقّي الكلف والبهق .
الجراح والقروح : يجعل بالخل على القوابي .
عنصل .
الماهية : هو بصل الفار وورقه كورق السوسن وله زهر إلى السواد .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : مقطع فيه لزوجة .
الزينة : محرقه يعجن بالعسل فيجعل على داء الثعلب والحية .
أعضاء الصدر : يخشن الحلق ويصلب لحمه وهو جيد للربو والحشرجة والسعال مزمن .
عاقر قرحا .
الماهية : أكثر ما يستعمل من هذا النبات أصله .
قال ديسقوريدوس : هو نبات له مثل ساق المازريون وإكليل مثل إكليل الشبث وهو شبيه بالشعر وعرق في غلظ الأصابع إلا أنه يحذو اللسان إذا ذيق حذواً شديداً .
الاختيار : أجوده الحار المحرق للسان حجمه في قدر الأصبع .
الطبع : زعم بعض من لا يؤبه به أنه بارد لطيف وإنما هو حار يابس في الثالثة .


الأفعال والخواص : يجلب البلغم مضغاً وقوته محرقة يدر العرق إذا تمسح به مع زيت .
الزينة : إن خلط بزيت وتمسح به أدر العرق .
آلات المفاصل : الدلك به وبطبيخه وبدهنه ينفع من استرخاء العصب المزمن وخدره ويمنع تولد الكزاز ممن يتولّد فيه الكزاز .
أعضاء الرأس : هو شديد التفتيح لسدد المصفاة والخشم وطبيخه نافع من وجع الأسنان وخصوصاً الباردة .
وأصله يشد الأسنان المتحركة ان طُبِخَ بالخل وأمسك في الفم .
الحميات : إذا دلك به البدن قبل نوبة النافض مع زيت نفع من النافض الكائن مع حمى وبلا حمى فيما زعم قوم .
عنب الثعلب .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو أصناف كثيرة : أحدها البستاني وهو نبات يؤكل وليس بعظيم وله أغصان كثيرة وورق لونه إلى لون السواد وأكبر وأعرض من ورق الباذروج وثمره مستدير يظهر خضراً ثم يسود وإذا نضج احمر وإذا كل هذا النبات لم يضر أكله .
والصنف الثاني منه يسمى التعفين ورقه شبيه بورق الصنف الأول إلا أنه أعرض منه وقضبانه إذا طالت انحنت إلى أسفل وله ثمر في علو مستدير كالمثانة وهو أحمر أملس مثل حبة العنب وقد يستعمل في الأكاليل وقوّته كقوة الصنف الأول غير أن هذا لايؤكل .
وقد تستخرج عصارة الصنفين ويجفّف كل في الظل ويخزن وفعلهما واحد .
والصنف الثالث منه وهو منوم هو نبات له أغصان كثيرة كثيفة متشعبة عسرة الرض مملوءة ورقاً دسماً شبيهاً بورق التفاح المطعم بالسفرجل وزهره كبار حمر وثمره في غلف لونه لون الزعفران .
وأصل قشره أحمر صالح العظم وينبت في أماكن صخرية .
والصنف الرابع منه هو المجنن وأهل طبرستان يسمونه كوبريل وله أسماء كثيرة عند اليونانيين وهو نبات ورق شبيه بورق الجرجير إلا أنه أكبر منه وأغصان كباره تخرج من الأصل عددها عشرة أو اثنا عشر .
طولها نحو من ذراع وفي أطرأفها رؤوس شبيهة بالزيتون إلا أن عليها زغبا مثل زغب جوز الدلب وهي أكبر من الزيتون وأعرض .


وزهره يكون له خمل شبيه بالعناقيد فيه عشر حبات أو اثنا عشر .
والحب مستدير رخو أسود في رخاوة العنب شبيه بحبّ اللبلاب وله أصل طيّب غليظ وجوف طوله نحو من ذراع وينبت في أماكن جبلية ومواضع تحرقها الرياح وفيما بين أشجاب الدلب .
والصنف الخامس يسميه بعض الناس وريطموس وهو نبات شبيه بشجر الزيتون في أول ما ينبت وله أغصان طولها أقل من ذراع وهو خشن جداً وله زهر أبيض جعد يشبه زهر الحمص وفيه بزر نحو من خمس أو ست حبات يشبه الحمص ملس صلب مختلفة الألوان وله آصل في غلظ إصبع وطوله ذراع وينبت بين صخور ليست ببعيدة من البحر أو الماء .
وهذا الاختيار : يستعمل منه الأخضر الورق الأصفر الثمرة وهو كما ذكرنا خمسة أنواع .
الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية والمخدّر بارد يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : البستاني منه بزره مقبض ومنه جنس مخدر منوم يشبه الأفيون في خصاله إلا أنه أضعف منه ومنه جنس قاتل كما قلنا .
الأورام والبثور : ضماده جيد للأورام الحارة كلها ظاهرها وباطنها ويُشرب ماؤه للأورام الحارة الباطنة ويجعل ماؤه بالإسفيداج ودهن الورد على الحمرة والنملة تضميداً ولحا أصله شديد التجفيف وكذلك ورقه مع الجنطيانا نافع من الحمرة والنملة .
أعضاء الرأس : إن شرب من المخدّر منه فوق اثني عشر حبة أحدث الجنون وإذا تغرغر بمائه نفع من أورام اللسان وإن شرب من لحا أصوله وزن مثقال بالشراب جلب النوم وعنب الثعلب إذا نعم دقه وتضمد به أبرأ الصداع وحلّل أورام أصل الأذن وأورام حجب الدماغ وينفع قطوراً من وجع الأذن .
وقشور أصل الثالث إذا طبخ بالشراب وأمسك طبيخه في الفم نفع من وجع الأسنان وإن شرب من الصنف الرابع مثقال بالشراب خُيل به خيالات ليست بوحشية ويرى رؤيا غير ضارة وأنسية .
أعضاء العين : يبرىء الغرب المتفجّر .
وعصارة أصنافه حتى المنوم منه إذا اكتحل بها قوى أعضاء الغذاء : إذا تضمد به وحده نفع التهاب المعدة والكلي .


أعضاء النفض : بزر المخدر منه مدرّ البول منقّ للكلي والمثانة وجميع أصنافه إذا احتمل قطع نزف الحيض وهو مما يبرد ويمنع الاحتلام .
السموم : نوع من عنب الثعلب غير الكاكنج وغير البستاني وغير المخدر المذكور إذا أكل منه أربع مثاقيل قتل وما دونه يورث الجنون وليس فيه شيء من منافع عنب الثعلب إلا تضميد .
عنبر .
الماهية : العنبر فيما يظن نبع عين في البحر والذي يقال من أنه زبد البحر أو رَوَث دابة بعيد .
إلا أنه أخبرني من أثق بقوله أنه كان ببحر في زمن الشباب وكان يسافر سفر البحر فقال إني لما دخلت بلداً من بلاد البحر المسمى عندهم بخاخ وجاء ضحوة النهار كنت مع أقوام على ساحل البحر وعند تموج البحر في الساحل كنا نجد العنبر على أقطاع وألوان مختلفة وكل من سبق وأخذه منا كان له وسألت من ساكني تلك البلاد عن ذلك وسببه فقالوا عادة هذا البحر هكذا ويكَون دائماً في كثير من الأوقات .
الاختيار : أجوده الأشهب القوي السلاهطي ثم الأزرق ثم الأصفر وأرجاء الأسود ويغشّ من الجص والشمع واللاذن والمندة وهو صنفه الأسود الرديء الذي كثيراً ما يؤخذ من أجواف السمك الذي يأكله ويموت .
الطبع : حار يابس يشبه أن تكون حرارته في الثانية ويبسه في الأولى .
الخواص : ينفع المشايخ بلطف تسخينه .
الزينة : من المندة صنف يخضب اليد ويصلح ليتبع به نصول الخضاب .
أعضاء الرأس : ينفع الدماغ والحواس .
أعضاء الصدر : ينفع القلب جداً .
عود .
الماهية : هو خشب وأصول خشب يؤتى به من بلاد الصين ومن بلاد الهند وبلاد العرب شبيه بالصلابة في صلابته وتلززه وبعضه منقط مائل إلى السواد طيب الرائحة قابض فيه مرارة يسيره وله قشر كأنه جلد .
الاختيار : أجود أصنافه العود المندلي ويجلب من وسط بلاد الهد عند قوم ثم الذي يقال له الهندي وهو جبلي أصولي ويفضل على المندلي بأنه لا يولد القمل وهو أعبق بالثياب .
ومن الناس من لا يفرق بين المندلي والهندي الفاضل .


ومن أفضل العود السمندوري وهو من سفالة وذلك بلد من بلاد الصين آخر بلاد الهند ثم القماري وهو من سفالة الهند .
والصنفي وهو صنف من السفالة ومن بعد ذلك القاقلي والبرى والقطفي والصيني ويسمّى بالقشموري وهو رطب حلو ودون ذلك الجلائي والمانطاقي واللوامي والربطاني .
والمندلي عامته جيدة .
ثم أجود السمندوري الأزرق الرزين الصلب الكثير الماء الغليظ الذي لا بياض فيه الباقي على النار .
وقوم يفضلون الأسود منه على الأزرق .
وأجود القماري الأسود النقي من البياض الرزين على النار الغليظ الكثير الماء وبالجملة فأفضل العود أرسبه في الماء والطافي عديم الحياة ولروح رديء .
والعود عروق وأصول أشجار تقلع وتدفن في الأرض حتى يتعفّن منها الخشبية والقير ويبقى العود الخالص فيما يقال .
الطبع : حار يابس في الثانية كما أظن .
الخوأص : لطيف مفتح للسدد كاسر للرياح ذاهب بفضل الرطوبة ويقوي الأحشاء جميع الأعضاء .
الزينة : مضغه يطيب النكهة جداً .
آلات المفاصل : يقوي الأعصاب ويفيدها ودهانه ولزوجة لطيفة .
أعضاء الرأس : العود ينفع الدماغ جداً ويقوي الحواس .
أعضاء الغذاء : إن شرب من العود وزن درهم ونصف أذهب الرطوبة العفنة من المعدة وقواها وقوّى الكبد .
عروق الصباغين .
الماهية : معروف .
الطبع : حار يابس إلى الثانية .
الخواص : فيه جلاء قوي .
أعضاء الرأس : ينفع مضغه من وجع الأسنان .
أعضاء العين : عصارته نافعة جداٌ في تحديد البصر وجلاء ما قدام الحدقة من الماء والبياض .
أعضاء الغذاء : نافع من اليرقان الكائن من السدد وخصوصأ مع أنيسون وشراب أبيض .
عناب .
الماهية : ثمرة شجرة معروفة أكثر ذلك بجرجان وما دون ذلك من البلدان فهو أصغر من الجرجاني .
الاختيار : أجوده أعظمه وأحسنه وأحمره لوناً .
الطبع : بارد إلى الأولى معتدل في اليبوسة والرطوبة وهو إلى قليل رطوبة .


الخواص : قال جالينوس : لا أرى في ذلك منفعة لا في حفظ الصحة الموجودة ولا في استرداد الصحة المفقودة .
وقال غيره : ينفع حدة الدم الحار أظن ذلك لتغليظه الدم وتدريجه إياه والذي يظن من أنه يصفي الدم ويغسله ظن لست أميل إليه وغذاؤه يسير وهضمه عسير .
والقول الجيّد فيه ما قال الحكيم الفاضل جالينوس حيث قال : ما وجدت له أثراً لا في الصحة ولا في المرض لكني وجدته عسر الهضم قليل الغذاء .
أعضاء الصدر : جيّد للصدر والرئة .
أعضاءالغذاء : رديء للمعدة عسر الهضم .
أعضاء النفض : زعم قوم أنه نافع لوجع الكلية والمثانة .
عفص .
الماهية : ثمرة شجرة كبيرة في بعض البلاد منه ما يوجد من شجره وهو غض صغير مضرس ملزز ليس بمثقب ويسمى أمغافنطس لأنه غض .
ومنه ما هو أملس خفيف منثقب .
الاختيار : أجوده الفج والرزين والصلب وأما الأصفر الرخو فقليل القوة ويحرق على الجمر .
الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : قبضه شديد ويمنع الرطوبات من السيلان وجوهره أرضي بارد .
الجراح والقروح : يطلى بالخل على القوابي فيذهب بها وإن نثر سحيقه على اللحم الرخو الزائد أضمره .
أعضاء الرأس : يمنع سيلان الرطوبات الفاسدة إلى اللسان واللثة وينفع من القلاع خصوصاً في الصبيان وخصوصاً بالخل وينفع إذا جعل في أكال الأسنان .
أعضاء النفض : يذر سحيقه على الماء ويشرب لقروح المعي والإسهال المزمن وكذلك إذا جعل في الأغذية يصلح لهذا .
عليق .
الماهية : قال بعضهم : أنه العوسج وصنف منه يسمى عليق الكلب له ثمرة كالزيتون صوفية الداخل وهذا الصنف يوجد ببلاد شهرزور وببلاد فاسوس وعندي أن العليق نبات سوى العوسج لأن ديسقوريدوس بين في كتابه الموسوم بالحشائش في هيولي الطب ماهية العليق وماهية العوسج وكلاهما يخالفان في النبت والأفعال .


وقال : العليق نبات معروف ومنه صنف ينبت في جبل أندي اشتق له هذا الإسم من ذلك فهو ألين أغصاناً بكثير من العلّيق الأول وفيه شوك صغار ومنه صنف بلا شوك البته وفعل هذا شبيه بفعل المتقدم إلا أنه يفضل عليه بأن زهر هذا إذا دق ناعماً مع العسل ولطخ على العين نفع من الورم الحار .
الطبع : هو بارد يابس وثمرته النضيجة فيها حرارة ما .
الأفعال والخواص : قابض مجفف بجميع أجزأئه وورقه أقل في ذلك لمائيته .
الزينة : طبيخ أغصانه بورقه يصبغ الشعر .
الأورام والبثور : يمنع ضماده وورقه من سعي النملة وهو جيد على الحمرة غليظ فإن جفّف قبض قبضاً ظاهراً وكذلك زهرته وفي أصل العليق لطافة مع قبض فلذلك يفتت الحصى .
الجراح والقروح : ينفع من القروح على الرأس ويدمل الجراحات .
أعضاء الرأس : إذا مضغت أوراقه سدت اللثة وأبرأت القلاع وكذلك ثمرته النضجة .
وعصارة ثمره وورقه تبرىء أوجاع الفم الحارة وورقه يبرىء قروح الرأس والإكثار من ثمر العليق يصدع .
أعضاء العين : ينفع من نتو العين .
أعضاء الصدر : تنفع أجزاؤه من نفث الدم .
أعضاء الغذاء : يضمد بورقه المعدة الضعيفة القابلة للمواد فيقويها .
أعضاء النفض : يعقل البطن .
وعليق الكلب إذا أخذ عن ثمرته الصوف الذي فيها وطبخ عقل طبيخه البطن ويقطع سيلان الرطوبة المزمنة من الرحم وينفع من البواسير النابتة في المقعدة التي يسيل منها الدم ضماداً وهو وزهرته ينفع من قروح المعي والاستطلاق ويفتت الحصى للطف فيه .
السموم : يوافق نهشة الحيوان المعروف بقرطس .
عوسج .
الماهية : قال قوم : إن العوسج هو العلّيق .
وقال ديسقوريدوس : شجرة تنبت في السباخ لها أغصان قائمة متشوّكة مثل الشجرة التي يقال لها داوكسوافيبس في قضبانها وشوكها وورق إلى الطول ما هو يعلوه شيء من رطوبة لزجة تدبق باليد .


ومن العوسج صنف آخر غير هذا الصنف أبيض منه ومنه صنف آخر وورقه أسود من ورقه وأعرض مائلاً قليلاً إلى الحمرة وأغصانه طوال يكون طولها نحواً من خمسة أذرع وهي أكثر شوكاً منه وأضعف وشوكه أقل حدة وثمره عريض دقيق كأنه في غلف وللعوسج ثمرة مثل التوت تؤكل ومنبته يكون في البلاد الباردة أكثر .
الخواص : زعم قوم أنه إذا علقت على الأبواب أو الكوى أبطلت فعل السحرة .
البثور : ورق جميع أصنافه نافع من الحمرة والنملة ضماداً .
عنكبوت .
الجراح والقروح : إذا وضع نسجه على القروح وعلى الجراح منعها أن ترم .
أعضاء الرأس : إذا طبخ العنكبوت الغليظ النسج الأبيض بدهن ورد وقطر في الأذن سكن وجعها .
الحميات : قال بعضهم : إن نسج العنكبوت إذا خلط ببعض المراهم ولطخ على خرقة كتان وألزقت على الجبهة أو على الصدغين أبرأ من حمّى الغب .
وزعم قوم أن نسج الصنف الذي يكون نسجه كثيفاً أبيض إذا شد في جلد وعلق على العنق أو العضد أبرأ حمى الغب .
وقال ديسقوريدوس : أبرأ من حمى الربع .
عدس .
الماهية : من العدس جنس مأكول وهو المشهور ومن العدس جنس برّي رديء .
والعدس المر ظاهر الحرارة وفيه يبس وقبض قليل وهو على ما يقول ديسقوريدوس : حشيشة طويلة كثيرة الأغصان مرتفعة القضبان سفرجلية الورق أطول وأضيق فيها خشونة ما وهي إلى البياض وهو يزرع بجبال طبرستان كثيرا ويسمونه باسم العدس وينسبونه إلى الحية وهو بلسانهم مار مرجو وله حب كعدس صغير في غلف طوال .
الاختيار : أجوده ما هو أسرع نضجاً وهو الأبيض العريض وإذا وقع في الماء لم يسوده ويجب الطبع : جالينوس : إنه إما معتدل في الحر واليبس وإما مائل يسيراً إلى الحرارة ولذلك لا يبرد عند أكله ولا وهو في المعدة ولا منحدراً .
الخواص : نفّاخ مركّب من قوة قابضة وجلاءة ويُري أحلاماً رديئة .


وقبض قشره كثير قابض وفي جملته نفخ كثير يغلظ الدم فلا يجري في العروق وهو يقل البول والطمث لذلك ويتولد منه خط سوداوي وأمراض سوداوية وربما كان كشك الشعير مضاداً له لما كان يجتمع من خلطهما غذاء جيد جداً يكاد يكون من جملة أفضل الأغذية ويجب أن يكون كشك الشعير أقل قدراً من العدس .
والعدس مع السلق أيضاً يجود غذاؤه لأنهما أيضاً متضادا الأحوال معتدلان ويجعل فيه شعير وفوتنج .
وشره ما يطبخٍ مع العدس النمكسود ويجب أن يلقى على من من العدس سبعة أمناء ماء وينضج جيداً .
الأورام : إذا طبخ بالخل وضمّد به حلل الخنازير والأورام الصلبة وفيه مع الردع جمع مدّة والإكثار منه يولد السرطان والأورام الصلبة المسماة سفيروس .
الجراح والقروح : إذا طبخ بالخل ملأ القروح العميقة وقلع خبث القروح فيقل وسخها وإن كانت عظيمة فيما هو أقبض مثل قشور الرمان وغيره ومع ماء البحر للآكلة والحمرة والنملة والشقاق العارض من البرد .
آلات المفاصل : رديء للأعصاب وأن وضع مع السويق ضماداً على النقرس نفع والإكثار منه يورث الجذام .
أعضاء العين : من أكثر أكله أظلم بصره لشدة تجفيفه وإذا ضمد به مع إكليل الملك والسفرجل ودهن الورد أبرأ أورام العين الحارة جداً .
أعضاء الصدر : يضمد به مطبوخاً في ماء البحر على أورام الثدي الكائنة من احتقان الدم واللبن .
أعضاء الغذاء : هو عسر الهضم رديء للمعدة مولّد للنفخ ثقيل وإذا قشرت منه ئلاثون حبة وابتلعت نفعت فيما يقال من استرخاء المعدة ولا يجب أن يخلط بالعدس حلاوة فإنه يورث حينئذ سدداً كثيرة في الكبد ومما يرجف به من أمر العدس إنه نافع من الاستسقاء ويشبه أن يكون لتجفيفه .


أعضاء النفض : إذا طبخ بغير قشره عقل البطن أو بقشره إذا طبخ بماء وأريق عنه ماؤه الأول فكذلك الماء الأول يسهل البطن والمطبوخ بالقشر المهراق الماء أعقل للبطن من المقشر لأن في قشره قوة قبض شديد جداً ويشتدّ عقل البطن إذا طبخ مع هندبا ولسان الحمل والحمقاء ومع السلق المسمّى بالأسود لشدة خضرته أو مع ورد أو شيء من القوابض بعد أن يسلق سلقاً جيداً قبل ذلك وإلا حرك البطن ويضمّد به مع إكليل الملك والسفرجل ودهن الورد لورم المقعدة وأن كان عظيماً فمع ما هو أقبض .
والعدس البري وهو العدس المرّ يسهل الدم والعدس يقل البول والطمث لتغليظه الدم فلا يقربنه صاحب آفة في البول من جهة تعصير وأما المر فيحدرهما ويدرهما وإذا استعمل البري بالخلٌ نفع من عسر البول وسكن الزحير والمغص .
عسل .
الماهية : العسل طل خفي يقع على الزهر وعلى غيره فيلقطه النحل وهو بخار يصعد فينضج في الجو فيستحيل ويغلظ في الليل فيقع عسلاً وقد يقع العسل كما هو بجبال قصران ويختلف بحسب ما يقع عليه من الشجر والحجر وأكثر الظاهر منه يلقطه الناس والخفىِ يلقطه النحل وأظن أن لتصرف النحل فيه تأثيراً وإنما يلقطه النحل ليغتذي وليدخره ومن العسل جنس حريف سمي .
الاختيار : أجود العسل الصادق الحلاوة الطيب الرائحة المائل إلى الحرافة وإلى الحمرة المتين الذي ليس برقيق اللزج الذي لا ينقطع .
وأجوده الربيعي ثم الصيفي والشتائي رديء فيما يقال .
الطبع : عسل النحل حار يابس في الثانية وعسل الطبرزد والقصب حار في الأولى ليس الأفعال والخواص : قوته جالية مفتحة لأفواه العروق محللة للرطوبات تجذب الرطوبات من قعر البدن وتمنع العفن به والفساد من اللحوم .
الزينة : التلطّخ به يمنع القمل والصيبان ويقتلها ومع القسط لطوخ خاصة المزمن وبالملح لآثار الضربة الباذنجانية .


الجراح والقروح : ينقي القروح الوسخة الغائرة والمطبوخ منه حتى يغلظ يلزق الجراحات الطرية وإذا لطخ به مع الشبث أبرأ القوابي .
أعضاء الرأس : يخلط به الملح الأندراني ويقطر فاتراً في الأذن فينقيه وينقي قروحه ويجففها ويقوي السمع وشم الحريف السمي منه يذهب العقل فكيف كله .
أعضاء العين : العسل يجلو ظلمة البصر .
أعضاء النفس : التحنك به والتغرغر يبرىء الخوانيق وينفع اللوزتين .
أعضاء الغذاء : ماء العسل يقوي المعدة ويشهي .
أعضاء النفض : عسل القصب يلين البطن وعسل الطبرزد لا يلين والعسل الغير المنزوع الرغوة ينفخ ويسهل البطن فإن نزعت قل ذلك والمطبوخ لا يحرك البطن بل ربما عقل المبلغمين ويغفو كثيراً والمطبوخ بالماء يدر البول أكثر ونقول : إن العسل وماءه إن تمكن من تنفيذ الغذاء عقل السموم : إن شرب العسل مسخناً بدهن ورد نفع من نهش الهوام ومن شرب الأفيون ولعقه وعلاج عضة الكَلْب الكَلِب وأكل الفطر القتال والمطبوخ منه نافع للسموم والمتقيء به يتخلص .
والحريف من العسل الذي يعطس شمه يورث ذهاب العقل بغتة والعرق البارد وعلاجه أكل السمك المالح وشرب ماء أدرومالي والتقيء به .
عُشر .
الماهية : شجرة أعرابيه يمانية وهو أحد اليتوعات وحكى أن من العشر ضرباً يقتل الجلوس في ظله .
الطبع : حار يابس وحرّه إلى الثالثة ويبسه في الرابعة .
الأفعال والخواص : فيه قبض معتدل .
الزينة : ينفع من السعف والقوباء طلاء .
أعضاء الرأس : يطلى على الرأس فيذهب الحرارة ويطلى بالعسل على القلاع في فم الصبيان فيذهب به .
أعضاء النفض : يطلق البطن ويضعف الأمعاء .
السموم : منه صنف إن قعد الإنسان في ظله ضره وربما قتله فليحذر منه وثلاثة دراهم من عقرب .
أعضاء الرأس : زيت العقارب نافع من أوجاع الأذن جداً .
أعضاء النفض : العقرب المحرق إذا شرب منه يفتت الحصاة فى المثانة والكلي عظاءة .


الماهية : قال ديسقوريدوس : إن العظاءة يسميه بعض الناس سورا وهو حيوان مثل سام أبرص إلا أن هذا أخضر اللون بطيء الحركة مختلف الألوان وزعم قوم أنه إذا دخل النار لا يحترق وله قوة ضعيفة ويخزن مثل ما يخزن الذراريح وكذلك تخرج أمعاؤه وتقطع يداه ورجلاه ويخرن العسل .
الجراح والقروح : ينفع من الجرب مثل ما ينفع الذراريح ويقع في المراهم المؤكلة والملائمة .
الزينة : ذنبه إذا طبخ حتى يتهرى يحلق الشعر .
عنعيلي .
الماهية : قال ديسقوريدوس : إن عنعيلي هو الشلجم البستاني ونحن نؤخر الكلام في ذلك ونذكره في فصل الشين .
عالوسيس .
الماهية : زعم قوم أن عالوسيس يسميه أهل طبرستان بربهم وهو نبات يشبه القريص في جميع الأشياء إلا أن ورقه أشد ملاسة من ورق القرّيص وإذا فرك ورقه فاحت منه رائحة منتنة جداً وله زهر دقاق وثمر صغار فرفيري وينبت في السباخات وفي الطرق والخرابات فيما يقال .
الخواص : قوته محللة للجسا .
القروح : نافع من القروح الخبيثة والآكلة .
الأورام : نافع من الأورام السرطانية والخنازير والأورام الآخر ضماداً فاتراً في النهار مرتين .
أعضاء الرأس : قوة الورق والقضبان نافعة لورم خلف الأذن واللوزتين .
عاليون .
الماهية : ومن الناس من يسمّيه : عاليون وقوم يسمونه عاليون واشتقاق الإسمين جميعاً من إجماد اللبن لأنه يجّمده كالأنفحة وهو نبات له ورق وقضبان شبيهان بورق وقضبان النبات المسمى الحرينان وعليه زهر أبيض مائل إلى صفرة دقاق كثيف كثير طيب الرائحة وينبت في الآجام والغياض .
الخواص : زهره إذا تضمد به نفع من انفجار الدم .
القروح : وكذلك زهره وورقه ينفع من حرق النار .
آلات المفالحل : وقد يخلط بقيروطي متخذ بدهن الورد ويكسر بالملح حتى يبيض فينفع من التعب ووجع الإعياء .
أعضاء النفض : أصله يهيج شهوة الجماع .
عرقون .


زعم ديسقوريدوس أن عرقون نبت له ورق شبيه بورق شقائق النعمان مشقّق طويل وله أصل مستدير حماس يؤكل وإذا شرب منه وزن درخمي بشراب حلل الرياح .
وقد ذكر أنه يكون منه صنف آخر وله أغصان دقاق رؤي عليها ورق شبيه بورق الملوخية وفي أطراف الأغصان شيء ناتىء شبيه برأس الكركي ومنقاره وليس له مندوحة في صناعة الطب بل في صناعة آخرى لايلين بنا أن نذكر ذلك في هذا المقام .
أعضاء النفض : وزن درخمي منه بشراب يحلل الرياح النافخة للرحم .
عظام .
الخواص : العظام الرقة محلّلة مجففة .
الزينة : قيل إن كعب الخنزير إذا طلي به على البرص نفع .
آلات المفاصل : قيل إن عظام الناس ينفع سقيها من وجع المفاصل .
أعضاء الرأس : قيل إن عظام الناس تشفي من الصرع .
وقال جالينوس : كان إنسان يسقي الناس هذا سراً فيزيل صرعهم وقد أدرِك ذلك الإنسان .
أعضاء الغذاء : قيل إن كعب التيس بالسكنجبين يذوب الطحال .
أعضاء النفض : قيل إن كعب التيس يهيّج الباه وسوق البقر المحرقة يقطع نزف الدم والدوسنطاريا واستطلاق البطن .
عنب .
الاخنيار : الأبيض أحمد من الأسود إذا تساويا في سائر الصفات من المتانة والرقة والحلاوة وغير ذلك والمتروك بعد القطف يومين أو ثلاثة خير من المقطوف في يومه .
الطبع : قشر العنب بارد يابس بطيء الهضم وحشوه حار رطب وحبّه بارد يابس .
الخواص : المقطوف في الوقت منفخ والمعلق حتى يضمر قشره جيد الغذاء مقوّي البدن وغذاؤه شبيه بغذاء التين في قلة الرداءة وكثرة الغذاء وإن كان أقل من غذاء التين والنضيج أقلّ ضرراً من غير النضيج وإذا لم ينهضم العنب كان غذاؤه فجاً نيئاً وغذاء العنب بحاله أكثر من غذاء عصيره لكن عصيره أسرع نفوذاً وانحداراً .
والعنب القابض يرجى أن يحلله التعليق والحامض ليس كذلك والزبيب صديق الكبد والمعدة .


أعضاء الغذاء ة العنب والزبيب بعجمه جيد لأوجاع المعي والزبيب ينفع الكلى والمثانة والعنب المقطوف في الوقت يحرك البطن وينفخ وكل عنب فإنه يضرّ بالمثانة .
عَرَق .
الماهية : العرق مائية الدم خالطها صديد مراري يجب أن يستعمل منه ما لم يجف بعد بل ما فيه رطوبة وهو أنضج من البول فإنه من فضل لدونة ورطوبة بعد الهضم الأخير .
والبول من فضل الهضم الثاني .
الخواص : هو أنضج من البول ويختلف بحسب الحيوان وفيه تحليل ليس بيسير .
الأورام : عرق المصارعين مع دهن الحناء ينفع ورم الأربية بل يحلّلها .
أعضاء الصدر : اليابس من عرق المصارعين مع دهن الحناء يجعل على أورام الثدي فيجللها ومع دهن الورد لجمود اللبن في الثدي .
عزيز .
أما عزيز الكبير وعزيز الصغير فهما القنطوريون الكبير والصغير ونؤخّر الكلام على ذلك إلى الفصل الذي نذكر فيه حرف القاف .
عود الصليب . الماهية : زعم ديسقوريدوس أن عود الصليب يسمّيه بعض الناس ذا الأصابع ويسمّيه قوم آخرون علعيسى ومعناه بالعربية حلوة الريح هو نبات له ساق نحو من شبرين يتشعب منه شعب كثيرة وورق الذكر منه يشبه ورق الشاه بلوط وورق الأنثى يشبه ورق سمرنيون مشرّف وعلى طرف الساق غلف شبيهة بغلف اللوز وإذا انفتحت تلك الغلاف ظهر منها حب أحمر مثل الدم كثيرة صغار تشبه حبّ الرمان وما بين ذلك الحب أسود إلى الفرفيرية خمسة أو ستة وأصل الذكر في غلظ إصبع وطوله شبر أبيض مذاقته قابضة ِ أصل الأنثى له شعب شبيه بالبلوط وهو سبعة أو ثمانية مثل أصول الخنثى .
أعضاء الرأس : إذا شرب منه خمس عشرة حبة مع ماء القراطن نفع من الكابوس أعضاء الغذاء : كله كما هو ينفع من لذع المعدة .


أعضاء النفض : وقد يسمى من أصله مقدار لوزة النساء اللواتي لم تستنظف أبدانهن من فْضل الطمث بعد النفاس فينفعن بإدراره وإذا شرب بالشراب نفع من وجع الأرحام والبطن والكلى والمثانة واليرقان وإذا طبخ بالشراب وشرب عقل البطن وإذا شرب من حبه الأحمر عشر حبّات أو اثنتا عشرة حبة بشراب أسود قابض قطع نزف الدم من الرحم وإذا أكله الصبيان أو شربوه ذهب بابتداء الحصى عنهم وعشر حبّات من حبه بالشراب العسلي تنفع من الاختناق عَرْن .
الماهية : زعم ديسقوريدوس إن عرن نبات له ورق شبيه بورق العدس الصغير إلا أنه أطول منه وله ساق طوله نحو شبر وزهره أحمر وأصل صغير ينبت في أماكن بطيئة معطلة وهذا النبات موجود في بعض البلاد .
الخواص : ضماد ورقه يدرّ العرق إذا ضمد به مع الزيت .
الأورام : إذا دق وتضمد به حلل الخراجات والبثر الملتهبة .
أعضاء النفض : إذا شرب بالشراب أبرأ من تقطير البول .
عكر الزبت .
الماهبة : عكر الزيت إذا طبخ في إناء من نحاس قبرسي إلى أن يثخن ويصير مثل العسل كان صالحاً لما يصلح له الحُضَض ويفضل على الحُضَض .
أعضاء الرأس : إذا طبخ بماء الحصرم إلى أن يثخن ولطخ به الأسنان المتأكلة قلعها .
أعضاء العين : قد يقع في أخلاط الأدوية للعين .
أعضاه النفض : إذا عتق كان أجود له وتهيأ منه حقنة نافعة للمعدة ولقروح الرحم .
آلات المفاصل : وما كان منه حديثاً لم يطبخ فإنه إذا سحق وصب على المنقرسين والذين بهم وجع المفاصل نفعهم فهذا آخر الكلام من حرف العين وجملة ما ذكرنا من الأدوية اثنان وثلاثون عدداً .
الفصل السابع عشر حرف الفاء
فضة .
ا لماهية : مشهور .
الطبع : مبرد مجفّف .
الخواص : خبثها قابض جداً وفيها جذب وتجفيف وإذا خلطت سحالتها بالأدوية الآخرى نفعت من الرطوبات اللزجة .
الأورام والبثور : جيدة جداً للجرب والحكة .
أعضاء الرأس : سحالتها نافعة من البخر إذا خلط بأخلاط آخرى .


أعضاء العين : إذا اكتحل بِمِيلٍ من فضة يزيد في البصر ويجلو العين .
أعضاء الصدر : سحالتها مع الأخلاط نافع من الخفقان .
الماهية : هو عصارة قصب مطبوخة إلى أن يثخن ويعمل منه الفانيذ ويكون ذلك ببلاد مكران من ناحية كرمان ويحمل من ثم إلى البلاد ولا يعمل الفانيد إلا في بلاد مكران لا غير .
الاختيار : أجوده ا لأبيض الرقاق الحرّاني .
المطبع : حار رطب في الأولى خصوصاً الأبيض فهو أرطب .
الخواص : أغلظ من السكّر وأحر بكثير .
أعضاء النفس : جيّد للسعال .
أعضاء النفض : ملين للبطن ينفع من برد الرحم والأمعاء .
فو .
الماهية : نبات له ورق كورق الكرفس العظيم الورق وله ساق قدر ذراع أو أكبر أملس ناعم غلظ أعلاه قريب من غلظ إصبع أرجواني ذو عقد وله زهر كالنرجس وأكبر من النرجس وفي بياضه كالفرفيرية ويتشعب أصله شعباً وفي أصله عطرية وقوته شبيهة بالسنبل في أشياء كثيرة ولهذا يسميه قوم ناردين بري ويتشعّب من أسفل الأصل شعب معوجة مثل الأذخر والخربق الأسود مشتبكة بعضها ببعض لونها إلى الشقرة ما هو وينبت في البلاد التي يقال لها نيطس .
أعضاء الصدر : ينفع من وجع الجنب .
أعضاء النفض : يدر البول إن شرب يابساً أو طبيخاً يدر الطمث وإدراره أكثر من إدرار السنبل الهندي والرومي وهو كالمنجوشة في ذلك .
فوفل .
الماهية : ثمرة نببات في الهند يشبه شكله شكل الجوزبوا إلا أن الفوفل أحمر اللون شديد الكسر ويتفرك أجزاؤه عند الكسر له رائحة طيبة وأهل الهند يتناولونه لطيب النكهة ويحمر الأسنان وقوته قريبة من قوة الصندل .
الطبع : بارد في الثالثة يابس فيها .
الخواص : مبرد بقوة قابض .
الأورام : جيد للأورام الحارة الغليظة .
أعضاء العين : موافق بمن به التهاب في عينه ويمنع المواد من المطبقات ضماداً .
فلنجمشك .
الماهية : زعم قوم أن فلنجمشك أغذى من المرزنجوش والنمام وأقل يبساً .


أعضاء الرأس : يفتح السدد العارضة في الدماغ والمنخرين شفا وطلاءً وأكلاً .
أعضاء النفض : جيد للبواسير شرباً وطلاءً .
فوَةُ الصباغين .
الماهية : هو عفص الطعم .
الخواص : يجلو باعتدال .
الزينة : يجعل على القوابي بالخلّ فيبرئها ويلطخ بالخل أيضاً على البهق الأبيض فيبرئه وينقّي الجلد من كل أثر .
آلات المفاصل : يسقى بماء القراطن فينفع من عرق النسا والفالج الذي مع آًفة في الحس ويسقى منه درهم مع درهمين من راوند صيني للضربة والسقطة بقدح نبيذ .
أعضاء الغذاء : يسقى ثمره بسكنجبين لأورام الطحال وينقي الكبد ويفتح سددهما وهو خاصيته .
أعضاء النفض : يدرّ البول شديداً حتى ربما أبال دماً ويجب للذي يشربه أن يستحم في كل يوم وإذا احتمل أدر الطمث وأحدر الجنين .
السموم : أغصانه مع ورقه تنفع من نهش الهوام .
فنجنجشت .
فل .
الماهية : قيل هو دواء هندي معروف قوته كقوة اليبروح واللفاح .
أعضاء الرأس : إن ضمّد به نفع من الصداع .
فاكرة .
الماهية : حب يشبه الحمص له حب كالمحلب وفي جوفه حب أسود كالشهدانج يحمل من السفالة .
الطبع : حارة يابسة في الثالثة .
الخواص : فيها تحليل وقبض .
أعضاء الغذاء : يدخل في الأدوية المصلحة للمعدة والكبد الباردتين وينفع من سوء الاستمراء البارد .
أعضاء النفض : ينفع من الإسهال البارد ويعقل البطن .
فلفل .
الماهية : قال جالينوس : أول ما يطلع ثمره يكون دار فلفل ثم ينفصل عن حب الفلفل ولذلك كان الدار فلفل أرطب ولذلك يتأكل ويلذع بعد قليل من أول ذوقه وأصله يشبه القسط الأسود وهو أشد حرافة والأبيض أضعف حرارة ورطوبة وأما قوم فيقولون : إن الأسود قد جف فسقطت قوة جذبه وبقيت في الأبيض الذي لم يبلغ شد الجفاف .
الطبع : حار يابس إلى الرابعة .
الخواص : فيه جذب وتحليل وجلاّء يمضغ من الزبيب فيقلع البلغم وهو يستأصل البلغم اللزج وهو من المسكنة للوجع ويسكن العصب وهو موافق للأصحاء .


الزينة : وهو بالنطرون جلاء للبهق ويهزل بالنطرون .
الأورام والبثور : بالزفت يحلل الخنازير .
آلات المفالحل : يسخن العصب والعضلات تسخيناً لا يوازيه فيه غيره .
أعضاء الرأس : ينفع الأسنان مع الخل .
أعضاء العين : يقع الأبيض في الأكحال ويجلو .
أعضاء الصدر : إذا استعمل في اللعوقات وافق السعال وأوجاع الصدر وهو نافع مع العسل تحنكاً من الخناق وينقي الرئة .
أعضاء الغذاء : هاضم مشة ويشرب مع ورق الغار الطري وينفع من النفخ والمغص وهو بالخل شرباً وطلاء جيد لورم الطحال والأبيض أصلح للمعدة وأشد تقوية لها والدار فلفل أعضاء النفض : يدر البول ويحدر الجنين وبعد الجماع يفسد الزرع بقوة وكثيره وقليله يطلق على خلاف السقمونيا وهو يجفف المني بشدة وأما الدار فلفل فيزيد في الباه لرطوبته الفضلية وإذا شرب من ورق الغار الطري ينفع من المغص .
الحميات : يمسح به مع الدهن فينفع من النافض .
السموم : يقع الأبيض في الترياقات وكذلك الدار فلفل نافع من نهش الهوام وطلاء بالدهن أيضاً .
فلفلموية .
الماهية : قالوا : هو أقل الفلفل .
الخواص : قيل : خاصيته النفع من الأوجاع الباردة والتَشنج منفعة شديدة .
آلات المفاصل : ينفع من النقرس .
أعضاء النفض : له خاصية في القولنج والرياح الباردة فيما يقال .
فسوريقون .
الماهية : هو أشد تجفيفاً من القلقطار مع أنه أقل لذعاً فهو ألطف .
القروح : يذهب الجرب .
فاشرا .
الطبع : حار يابس إلى الثالثة .
الخواص : حاد حريف يجلو ويجفف ويلطف ويسخن إسخاناً معتدلاً .
الزينة : أصله بالكرسنة والحلبة يجلو شديداً ظاهو البدن وينقيه ويصفيه ويذهب بالكلف والآثار الْسوداء الباقية بعد القروح وكذلك إذا طبخ بالزيت حتى يتهرى ويذهب كهبة الدم تحت العين الأورام والبثور : أصله يقطع الثآليل والبثور اللبنية وبالشراب يسكن الداحس ويحلل الصلبة ويفجر الدبيلة وان شرب ثلاثين يوماً كل يوم ثلاث أثولوسات بالخل حلل أورام الطحال .


وضماداً مع التين أيضاً للطحال ويسكن الطحال من الوجع ويسكن الداحس إذا ضمد به مع الشراب .
القروح : أصله ضماداً مع الملح على القروح الرديئة ويقع في المراهم الآكلة للحمة وثمرته للجرب المتقرح وغير المتقرح ملطخاً به ويقشر .
آلات المفاصل : أصله ضماداً بالشراب يخرج العظام ويشرب منه كل يوم درخمي للفالج ولشدخ العضل طلاء وشرباً .
أعضاء الرأس : يشرب منه كل يوم درخمي سنة فينفع من الصرع والسدر ويحدث أحياناً في العقل تخليطاً .
أعضاء الصدر : قد يتخذ منه بالعسل لعوق للمختنقين ولفساد النفس والسعال ووجع الجنب وإذا شرب عصارته مع حنطة مطبوخة أغزر اللبن .
أعضاء الغذاء : قال جالينوس : من أكل أطرافه في أول ما يطلع ينفع المعدة بقبضها وحرافتها مع قليل مرارة وحرافة .
أعضاء النفض : قلب هذا النبات أول ما يطلع إن أكل كما هو أو طُبخ أدر البول وأسهل البطن .
ومن أصله درخمي يقتل الجنين وإذا احتمل آخرج الجنين وينقي الرحم جلوساً في طبيخه .
وعصارته تسهل البلغم وهو من الأدوية الجيدة للطحال وإذا طُبخ بالدهن نفع من النواصير التي في المقعدة والماء الذي يطبخ به إذا صبّ على الأورام وجلس فيه نقاها وآخرج المشيمة وكذلك عصارته مع العسل تفعل ذلك .
السموم : أصله درخمي ينفع من نهش الأفعى وكذلك من لسع جميع الهوام .
الأبدال : بدل وزنه دورنج وثلثا وزنه بسباسة .
فاشر ستين .
الماهيهّ : هذا عن جنس الفاشرا له ورق كاللبلاب الكبير وأصله أسود الخارج أصفر الداخل .
آلات المفاصل : ينفع أيضاً من الفالج جداً .
أعضاء الرأس : قلبه أول ما يطلع يؤكل فيفعل في الصرع مثل ما يفعل الفاشرا .
أعضاء الصدر : ينقي الصدر .
أعضاء النفض : قلبه أول ما يطلع إذا كل أدر البول والحيض ويفعل ما يفعل الفاشرا في جميع ذلك .
فربيون .


الماهية : قال الحكيم ديسقوريدوس : هو صمغ شجرة شبيهة بالقثاء في شكلها تنبت في لينوى من أرض سدد أو بلاد موروشيا وهذه الشجرة مملوءة صمغاً مفرط الحرافة والحرارة والحدة ومستخرجوها يخافون منها لزيادة حرارتها فيعمدون إلى كروش الغنم فيغسلونها ويعلقونها في ساق الشجر ثم يطعنونه من البعد برمح أو بمرراق فينصب منه في الكروش صمغ كثير على المكان كأنه ينصب من إناء وقد ينصبّ منه في الأرض أيضاً لِحَمِيةِ خروجه من شجرة وهو صنفان أحدهما صاف يشبه العنزروت وعظمه في مقدار الكرسنة والآخر متّصل شبيه بالعكر وقد يغش بعنزروت وصمغ يخلطان به ومحنته بالمذاق عسرة لأنه إذا لذع اللسان مرّة واحدة دام لذعه فكلما لقي اللسان بعد الذوق من حرافته مدة علم أنه الخالص .
وأول من وقع على هذا الدواء واستنبط علمه يوناس ملك لينوى وتتغير قوّته بعد ثلاث أو أربع سنين والعتيق منه يضرب إلى الصفرة والشقرة ولا ينداف في الزيت إلا بصعوبة والحديث خلاف ذلك كله وزعم قوم أن قوته تحفظ إذا جعل مع الباقلا المنشّر في وعاء .
الاختيار : جيده الحديث الصافي الأصفر إلى الشقرة الحاد الرائحة الشديدة الحرافة وغير هذا فهو مغشوش كما قلنا .
الطبع : حار وله قوة لطيفة محرقة جلآءة والحديث منه أشد إسخاناً من الحلتيت على أنه لا صمغ كالحلتيت في إسخانه .
آلات المفاصل : يخلط ببعض الأشربة المعمولة بالإفاويه فينفع من عرق النسا ويطرح قشور العظام من يومه ولكن يجب أن يوقى اللحم الذي حول العظام بقيروطي مفتر في الدهن ويمرخ به الفالج والخمر فينفع جداً .
أعضاء العين : إذا اكتحل بها كانت جالية وتحلل الماء الأزرق في العين ولكن يدوم لذعها النهار كله فلذلك يخلط بالعسل وسائر الشيافات .
أعضاء النفض : ينفع من الماء الأصفر وبرد الكلى وينفع أصحاب القولنج .
والشربة منه مع بعض البزور الطيّب الرائحة وماء العسل ثلاث أثولوسات .


قالت الخوز : إنه يضم فم الرحم ضمًا شديداً حتى يمنع الأدوية المسقطة للجنين قال : ويسهل البلغم اللزج الناشب في الوركين والظهر والأمعاء فيما قالوا .
السموم : قال بعضهم أنه من نهشته الأفعى أو شيء من الهوام وشق جلدة رأسه وما يليه حتى يظهر القحف وجعل فيه هذا الصمغ مسحوقاً وحنط لم يصبه مكروه ويقتل منه ثلاثة دراهم في ثلاثة أيام تقريحاً للمعدة والمعي .
فطراساليون .
قد ذكرنا ما يليق في فصل الكاف .
وكذلك قد فرغنا من هذا في فصل الحاء عند ذكرنا الحناء .
فيلرهرخ .
الماهية : قيل : إنه شجرة الحُضَض وله ثمرة كالفلفل والحضض قد يتّخذ منه ويتخذ من الزرشك والأعرابي نوع آخر وقوة الفيلرهرج قريبة من قوة الحضض الذي يتخذ منه وأضعف يسيراً .
الزْينة : يقوي الشعر طلاء فرادى ومع زيت .
أعضاء الغذاء : تطبخ فروعه بالخل ويشرب للطحال فينفع نفعاً بالغاً وكذلك لليرقان .
أعضاء النفض : طبيخ ورقه وفروعه يدر الحيض وكذلك هو وإن شرب من ثمرته وزن مطروس أسهل خلطاً بلغمياً كثيراً .
فراسيون .
الماهية : حشيشة مرة الطعم .
الطبع : قال أربياسيوس : إسخانه وتجفيفه بقوتين وقال غيره أنه حار في الثانية يابس في الثالثة .
الخواص : مفتح يجلو ويذهب ويحلّل ويقطع .
أعضاء الرأس : عصارته لوجع الأذن المزمن وينقي ويفتح منافذ السمع ويزيل القديم من وجعه .
أعضاء العين : عصارته مع العسل لتحديد البصر .
أعضاء الصدر : ينقي الصدر والرئة بالنفث .
أعضاء الغذاء : مفتّح لسدد الكبد والطحال جداً .
أعضاء النفض : يدر الطمث وينقي الرحم .
السموم : هو مع الملح ضماده لعضة الكَلْب الكَلِب .
فوذنج .
الماهية : منه نهري ومنه جبلي شبيه الزوفا في العظم وكذلك ورقه يشبهها ومنه نوع يسمى غليجن ونوع يسمى فوذنج التيس وقوته كقوة غيره حريف وقوة شرابه مثل قوة شراب الحاشا والفوذنج جوهر لطيف والجبلي أقوى من النهري .


الخواص : يلطف تلطيفاً قوياً بحدته ومرارته وخصوصاً البرّي وكذلك هو محمر مقرح وإذا شرب وحده أدر العرق ويسخن شديداً ويجذب من عمق البدن ويقطع ويجفف ويسخن جداً .
الزينة : إذا طبخ خصوصاً طريه بشراب وضمد به أذهب الآثار السود من البدن والكهبة التي تعرض تحت العين .
الجراح والقروح : الجبلي ينفع الشجوج والفتوق ويستحمٌ بطبيخ الجبلي للحكّة والجرب .
آلات المفاصل : شرب طبيخه ينفع من رض العضل في لحومها وأطرافها وقد يضمّد به لعرق النسا فيحرق الجلد ويبدل مزاج العضو ويجذب من العمق وإذا أكل وشرب بعده ماء الجبن أياماً متوالية نفع من داء الفيل والدوالي والمعروف بغليجن إذا شرب نفع من التشنج ويطلى به النقرس فينفع بتحمره .
الجراح والقروح : ينفع شرب الفوذنج من الجذام لا لتحليله فقط بل لتقطيعه وتلطيفه أيضاً .
أعضاء الرأس : عصارته تقتل الديدان في الأذن وفيه تصديع والجبلي ينفع من قروح الفم ويحدر الفضول من المنخرين وحراقة غليجن تشد اللثة جداً .
أعضاء النفس : طجيخه ينفع من انتصاب النفس وهو قوي في آخراج الأخلاط .
الغليظة اللزجة من الصدر وخصوصاً إذا كل مع التين وينفع من وجع الأضلاع والبجلي أقوى في ذلك وغليجن ينفع في جميع ذلك ويرش عليه الخل ويؤخذ المخلل منه القريب العهد بالتخليل فيشمه المغشي عليه فيفيق وفوذنج التيس ينفع من الخفقان .
أعضاء الغذاء : ينفع من قلة الشهوة وضعف المعدة وخاصة البرّي ومن الفواق وينفع أصحاب اليرقان بجلائه وتفتيحه وتلطيفه السوداوي والصفراوي وكذلك طبيخه وقد يستحم بطبيخ الجبلي لذلك فيعرق اليرقان وينفع من الاستسقاء إذا أكل بالتين الجبلي تشهيه للطعام وسلاقته نافعة للاستسقاء أيضاً .
وغليجن يسكن الغثيان ويتخذ منه ضماد بالقيروطي على الطحال فيضمره وكذلك فوذنج التيس وهو شديد المنفعة من الخفقان المعدي والكرب والغثيان .


أعضاء النفض : طبيخه يدر البول وينفع من المغص والهيضة وإذا دق بحاله أو طبخ وشرب بالعسل قتل الأجنة وأدر الطمث وقد يقيء البلغم .
قال بعضهم : الأهلي يقطع الباه وخصوصاً البري ويمنع الاحتلام والبري منه مطلق للبطن إطلاقاً صالحاً ونافع للرحم ويقتل الديدان لا سيما الصغيرة .
والبري والجبلي منه يسهل مراراً أسود .
والشربة ثمانية عشر قيراطاً بالجلاٌب وذلك قد يفعله ضرب من الفوتنج البري .
وجميع ذلك يقوي إذا خلط بخل ومبيختج يسير والصواب أن يسحق وينثر على الخل الممزوج بالماء والملح ويشرب .
والمعروف بلغيجن يخرج الخلط السرداوي من طريق البول والفوتنج البري قد يفعل جميع هذه الأفعال كلها .
الحميات : يشرب طبيخه من النافض وكذلك التمريخ بدهن قد طبخ هو فيه .
السموم : إذا شرب أو تضمد به نفع من نهش الهوام ويقارب التضميد به في ذلك فعل الكي وإذا تقدم فشرب بالشراب ثفع السموم القاتلة .
والتدخين بورقه يرد الهوام وإن افترش به فعل ذلك أيضاً .
والبري للدغ العقارب والجبلي إذا شربت سلاقته مع المطبوخ نفع من عض السباع .
فاط .
الماهية : دواء تركي .
السموم : جيد لشرب الشوكران ولسع الهوام سقياً بالماء البارد وكذلك من جوز مائل وجميع السموم جداً .
فاوانيا .
الماهية : هو عود الصليب منه ذكر وأنثى .
والذكر اصول بيض غلاظ كالأصابع قابضة المذاق والأنثى كثيرة الأصل وفروعه .
الطبع : حار ليس بشديد .
الأفعال والخواص : فيه تجفيف وقبض مع تحليل وتفتيح وتلطيف وتقطيع وجلاء وإذا مضغ ساعة ظهر بعدها فيه حدة إلى قبض .
الزينة : يجلو الاثار السود في البشرة .
آلات المفاصل : نافع من النقرس .
أعضاء الرأس : ينفع من الصرع حتى تعليقاً وقد جرب تعليقه فوجد مانعاً بحيث كانت إبانته يعود معها الصرع .
قال اليهودي : التدخين بثمرته ينفع المجانين والمصروعين ويبريهم وكذلك إن أخذت ثمرته فشربت مع الجلنجبين نفعت نفعاً شديداً .


أقول : عسى أن يكون هذا ضرباً من الفاوانيا الرومي فإن الذي يقع إلينا من الهند ليس له أمر كبير في هذا الباب ويشرب من بزره خمس عشرة حبة بمالي قراطن أو الشراب فينفع الكابوس .
أعضاء الغذاء : يحبس الطبيعة إذا طبخ بالأشربة العفصية ويمنع المواد المنصبة إلى المعدة وبزره يقوي المعدة ويسكن أوجاعها ولذعها وينفع أصله من اليرقان ويفتح سدد الكبد .
أعضاء النفض : إذا شرب بالشراب وبالمدرات حرك الطمث وشربه يدر البول إيضاً وإذا أخذ من بزره خمس عشرة حبة بشراب أو بمالي قراطن وشرب نفع من اختناق الرحم لان شرب اثنتا عشرة حبة منه بشراب قطع نزف الدم وإذا سقي النفساء من أصله قدر لوزة نقاها عن فضول النفاس بإدرار الفضول .
وينفع أصله قدر لوزة منه من وجع الكلي والمثانة .
وطبيخه في الشراب يعقل البطن ويدر .
فرفخ .
الماهية : هي البقلة الحمقاء وقد فرغنا من بيان ذلك في فصل الباء .
الطبع : قال ديسقوريدس : هو صنفان أحدهما يؤكل والآخر يقتل .
والأسباب التي من أجلها يكون الفطر قاتلاً كثيرة منها نباته بالقرب من مسامير صدئة أو خرق متعفّنة أو أعشاش بعض الهوام الضارة وأصول شجر خاصتها أن يكون الفطر الذي ينبت بالقرب منها قاتلاً وقد يوجد على هذا الصنف من الفطر رطوبة لزجة أو عفونة كنسج العنكبوت فإذا جذ وقطف فسد من ساعته وتعفّن سريعاً وأما الآخر فإنه يستعمل في الأمراق ويؤكل وهو لذيذ وإذا أكثر منه أضر وربما قتل لأنه لا ينهضم وربما خنق أو أورث هيضة ويهيّج الأمراض السوداوية وعلاج الضرر العارض من كل جميعه أن يسقي البورق أو النطرون أو ماء الرماد بالخل والملح أو طبيخ الشعير لكن أصله النوع المعروف بالقلاعي لم يقتل أحداً ولكن يعرض منه الهيضة والمجفّف منه أقل رداءة .
الطبع : بارد في آخر الثالثة رطب في قربها .
الخواص : يولد خلطاً ظيظاً رديئاً واستصلاحه بأن يسلق ويجعل معه الكمّثري الرطب واليابس والحبق الجبلي ويشرب عليه نبيذ شديد .


أعضاء الرأس : يورث الخدر والسكتة .
أعضاء النفس : يعرض من الذي لا يقتل اختناق .
أعضاء الغذاء : يعرض من الذي لا يقتل منه هيضة إذا أكثر وهو عسر الهضم كثير الغذاء ويعرض من القاتل غشي وعرق بارد .
أعضاء النفض : يورث عسر البول .
السموم : منه ما هو قاتل وهو الذي ينبت في جوار حديد صدىء أو أشياء عفنة او بقرب مسكن بعض الهوام أو عند بعض الأشجار التي من خاصيتها أن يفسد ما ينبت عندها من الفطر كالزيتون ومن علامته أن يكون عليه رطوبة لزجة متعفنة ويسرع إليه التغير والتعفّن ويعرض منه ضيق نفس وغشي .
وعلاجه المقطعات والسكنجبين بالفوذنج أو درك الديك فْجل .
الماهية : أقوى ما فيه بزره ثم قشره ثم ورقه ثم لحمه .
ودهنه في قوّة دهن الخروع إلا أنه أشد حرارة منه والبري في جميع الأوصاف مشارك له لكنه أقوى .
الاختيار : أقوى ما فيه بزره وأغذاه المسلوق .
الطبع : أصله حار في الأولى رطب وبزره حار في الثالثة .
الأفعال والخواص : مولد للرياح لكن بزره يحللها وفيه تلطيف قويّ وخصوصاً بزره والبري ملهب .
ومسلوقه أغذى لمفارقته الدوائية وغذاؤه بلغمي وقليل مع ذلك وفيه جوهر سريع إلى التعقن وذلك بسبب ما فيه من المضار وورقه الربيعي إذا سلق وأكل بالزيت والمري غذى أكثر من الأصل .
الزينة : إن خلط معه دقيق الشيلم أنبت الشعر في داء الحيّة وداء الثعلب وإذا تضمد به مع العسل قلع الآثار العارضة تحت العين التي مع كهوبة وينفع بزره من النمش الكائن في الأعضاء وسائر الألوان الغريبة وآثار الضرب والكلف وهو مع الكندس بخل طلاء يذهب البهق الأسود وخصوصاً في الحمام وهو يكثر القمل في الجسد .
البثور : مع دقيق الشيلم للبثور اللبنية يجلوها .
الجراح والقروح : إذا تضمد به مع العسل قلع القروح الخبيثة والقروح اللبنية وبزره مع الخل يقلع قرحة غنغرانا قلعاً تاماً وكذلك على القوباء .


آلات المفاصل : بزره يدفع الضربان الذي في المفاصل وهو جيد لوجع المفاصل جداً .
أعضاء الرأس : ضار بالرأس والأسنان والحنك وعصارته ودهنه نافع من الريح في الأذن جداً .
أعضاء العين : ضار بالعين إلا أنه يجلوها إذا قطر فيها ماؤه ويذهب الاثار التي تحت المآق .
قال ابن ماسويه : إن ورقه يحدّ البصر .
أعضاء النفس والصدر : المطبوخ منه صالح للسعال العتيق المزمن والكيموس الغليظ المتولد في الصدر وهو ينفع الاختناق العارض من الفطر القتّال وإن طبخ بسكنجبين ثم تغرغر به نفع من الخناق .
وفيه مع ذلك مضرة بالحلق وهو يزيد في اللبن .
أعضاء الغذاء : رديء للمعدة يجشي وبعد الطعام يلين البطن وينفذ الغذاء وقبل طعام يطفي الطعام ولا يدعه يستقر ولذلك يسهل القيء وخصوصاً قشره بالسكَنجبين يوافق الجنب والطحال ضماداً وبزره بالخل يقيء جداً ويحلل ورم الطحال .
قال ابن ماسويه : إن أكل بعد الطعام هضم وخاصة ورقه .
وماء ورقه يفتح سدد الكبد ويزيل اليرقان .
قال بعضهم : ورقه يهضم وجرمه يغثي وبزره يحلل النفخ في البطن ويسهّل خروج الطعام ويشهي ويذهب وجع السموم : ينفع من نهش الأفعى وبالشراب من نهشة المقرنة أيضاً وبزره ينفع من السموم والهوام وإن وضع شدخة منه على العقرب ماتت وجرب ماؤه في ذلك فكان أقوى وإن لدغت العقرب من أكل فجلاً لم تضره .
فستق .
الماهية : شجرة معروفة موجودة في بعض البلاد .
الطبع : قيل إنه أشدّ حرارة من الجوز وهو حار في آخر الثانية وفيه رطوبة وزعم بعضهم أنه بارد وقد أخطأ .
الخواص : يفتح سدد الكبد لمرارته وعطريته وفيه عفوصة وغذاؤه يسير جداً .
أعضاء الغذاء : جيد للمعدة وخصوصاً الشامي الشبيه بحب الصنوبر لما فيه من المرارة مع العفوصة ويفتح سدد الكبد لمرارته وعطريته وينقّيها خاصةً ويفتح سدد الكبد ومنافذ الغذاء .


ودهنه ينفع من وجع الكبد الحادث من الرطوبة والغلظ فإن قال قائل لم أجد له في المعدة كبير مضرة ولا منفعة أقول بل يمنع الغثيان وقلب المعدة ويقوّي فمها .
أعضاء النفض : لا يلين البطن ولا يعقله .
السموم : ينفع من نهش الهوام خصوصاً مطبوخاً بالشراب الشديد .
الماهية : حيوان كالقراد معروف بالشام يكون في الأسرة ويشبه أن يكون المعروف عندنا بالأنحل .
أعضاء النفس : إذا شرب بالخلّ أو بالشراب آخرج العلق من الحلق .
أعضاء النفض : إذا شقت نفعت من اختناق الرحم وأنعشت فإذا شحقت وجعلت في ثقب الإحليل أبرأت من عسر البول .
الحميات : إذا أخذ منه سبعة عدداً وجعلت في باقلاة وابتلعت قبل أخذ الحمى الربع نفعت .
السموم : إذا ابتلعت بغير الباقلاء نفعت من لسع الهوام .
فار .
الزينة : دمه يقطع الثآليل وزبل الفار على داء الثعلب نافع وخصوصاً لطخاً بالعسل وخصوصاً المحرق .
أعضاء الرأس : إذا شوي وجفّف وأطعم الصبي انقطع سيلان اللعاب من فمه .
أعضاء النفض : إن شرب زبل الفار بالكندر وأونو مالي فتّت الحصاة وإن حمل شيافه أطلق بطن الصبي فإذا طبخ بالماء وقعد فيه من به عسر البول نفع .
السموم : اتفق الناس أنه إذا شق ووضع على لدغ العقرب نفع .
الخواص : يفعل زبله فعل زبل الحمار .
الأورام والبثور : جلد المهر إذا أحرق وطلي بالماء على البثور بدّدها .
أعضاء الرأس : قيل أن الزوائد التي في ركب الفرس إذا دقت وشربت بخلّ أبرأت الصداع .
أعضاء النفض : أنفخة الفرس خاصة موافقة للإسهال المزمن وقروح الأمعاء و الذرب .
فقلامينوس .
الماهية : قيل هو بخور مريم وهو جنس من العرطنيثا .
الخواص : قوّته منقية بجلاء وتقطيع مفتحة محلّلة وهو معرّق جداً إذا شرب أصله ويسدر .
الزينة : إن شرب منه ثلاث مثاقيل لا يجاوز ذلك بطلاء أو بمالي قراطن ممزوجاً بالماء أبرأ اليرقان .


ويجب أن يضطجع ويتغطّى بثياب كثيرة ليعرق عرقاً شديداً في لون المرة وأصله ينقي البشرة ويذهب بالكلف وينفع طبيخه من الشقاق العارض من البرد وكذلك الزيت الذي يسخن في أصله مقوراً على رماد حار .
الأورام والبئور : أصله يذهب بالبثر وعصارته تحلل الصلابات ويحلّل ورم الطحال والخنازير والجراحات طرياً أو يابساً ويذهب بالحصف أيضاً .
الجراح والقروح : إن خلط أصله بالخل وبالعسل أو وحده واستعمل أبرأ الجراحات قبل أن آلات المفاصل : ينفع من التواء العصب ومن النقرس كل ذلك ضماداً .
أعضاء الرأس : إذا خلط بالشراب أسكر سكراً شديداً وقد يسعط بمائه لتنقية الرأس وإذا صب طبيخه على الرأس وافق القروح التي فيه ويسكن الصداع البارد .
أعضاء العين : ماؤه بالعسل يوافق الماء العارض في العين وضعف البصر وكذلك مسعوطاً .
أعضاء الصدر : من الناس من يسقي أصله لأصحاب الربو .
أعضاء الغذاء : يضمّد به للطحال مع الخل .
أعضاء النفض : إذا شرب بأدرومالى أسهل بلغماً وكيموساً مائياً وأدر الطمث شرباً واحتمالاً .
وزعم بعضهم أن رطبه مسقط إذا شد في الرقبة أو العضد منع الحبل ويتحمل بصوفة لإسهال البطن وكذلك إن لطخ به السرة والمراق والخاصرة لين الطبيعة وأسقط الجنين وهو يقتل الجنين قتلاً قوياً وعصارته أقوى في ذلك .
وإن خلط ماؤه بالخل ولطخ على المقعدة الناتئة ردّها إلى داخل .
وعصارته تفتح أفواه العروق التي في المقعدة .
وأصله يدر الطمث شرباً واحتمالاً وان شرب من أصله خمسة دراهم بالعسل أسهل إسهالاً قوياً .
والشربة إلى أربع درخميات .
السموم : يشرب بشراب للأدوية القتّالة والسموم وخاصةً الأرنب البحري .
الماهية : معروف .
الاختيار : أصله المتخذ من خبز الحواري ونعنع وكرفس فإنه ليس المتّخذ من الخبز المطبوخ كالمتخذ من الخبز العجين الفطير .


الخواص : نفاخ يولد أخلاطاً رديئة رديء الغذاء ومضرته بأعضاء الحيوان أنه بحيث إن نقع فيه العاج لينَه فيسهل عليه العمل والذي يتخذ من الخبز الحواري والكرفس والنعنع جيد الكيموس موافق جداً للمحرورين .
آلات المفاصل : يضر بالعصب جداً .
عضاء الرأس : يضر بحجب الدماغ .
أعضاء الغذاء : المتّخذ منه من الحواري جيد للمعدة الحارة .
أعصاء النفض : المتخذ بالشعير يدر البول ويضر بالكلى والمثانة .
فسوريقون .
الماهية : هذا دواء للجرب يُتخذ من مرداسنج و ضعفه قلقديس يسحقان بخل شديد الثقافة ويجعل في قدر جديدة مطينة ويدفن في السرقين أربعين يوماً في القيظ .
الخواص : هو أشد تجفيفاً من القلقطار ومع أنه أقل لذعاً فهو ألطف .
فليلون .
الماهية : زعم ديسقوريدوس أن فليلون ينبت في مواضع صخرية ومنه صنف يسمى بلعون أي الأنثى ويشبه الطحلب وورقه أشد خضرة من ورق الزيتون وساقه رقيق قصير وله زهر أبيض وبزرَ صغار أكبر من بزر الخشخاش .
ومنه آخر يسمى أريبوعيون أي المولّد ذكراً وهو يشبه الأول غير أنه يخالفه في بزره لأن ثمرة هذا شبيهة بثمرة الزيتون وفي شكل عنقود .
الخواص : يقال انه إذا شربت منه الحامل كان الولد ذكراً وإذا شربت الآخر كان أنثى وقد قال ذلك فواسطوس الحكيم اللهم إلا أنه قد جرَّب ذلك وأظهر بعد التجربة إلى الناس ويوشك أنه هو قول فقط وهذا آخر الكلام في حرف الفاء .


القانون
القانون
( 21 من 70 )

الفصل الثامن عشر حرف الصاد
صندل .
الماهية : خشب غلاظ يؤتى به من حد بلاد الصين وهو على أصناف ثلاثة : أصفر وأحمر وصنف آخر أصفر مائل إلى البياض يسميه بعض الناس مقاصيري ولهذا رائحة أكثر من رائحة الصنفين المذكورين .
الاختيار : قال جالينوس وابن ماسويه : الآحمر أقوى .
وقال بعضهم : الآصفر أقوى .
وقال آخرون : المقاصيري أجود وأقوى .
الطبع : بارد في آخر الثانية يابس في الثانية .
الخوص : يمنع التحلب خصوصاً الأحمر .
الأورام : يحلل الأورام الحارة خصوصاً الأحمر ويطلى على الحمرة فإنه نافع .
أعضاء الرأس : ينفع من الصداع .
أعضاء الصدر : يتفع من الخفقان العارض في الحميات طلاء وشرباً .
أعضاء الغذاء : ينفع من ضعف المعدة الحارة طلاء وشرباً .
الحميات : ينفع من الحميات الحارة خصوصاً الأبيض المقاصيري .
صدف .
الخواص : لحم الصحف البري إذا سحق وطلي به البدن جفف بقوة ومحرق الصدف الفرفير له قوة مفشية جالية وقوته قوة حرافة نيطش وفي جميعها جذب السلى والعظام إذا استعملت بحالها .
الزينة : جميع أغطية الصدف وقشورها إذا أحرقت جلت البهق وكذلك الصدف بحاله يخرج الأورام والبثور : لزوجة الحلزون ويسمى صديده مع الكندر والصبر والمر حتى يصير في ثخن العسل يجفف الأورام الحادثة في أصل الأذن ولو صادف رطوبة غائرة فيها فإنه يشفي ذلك .
الجراح والقروح : حراقة الصدف الفرفيري تجلو القروح وتنقيها وتحملها وينفع المحرق مع الملح لحرق النار ذروراً يترك عليه حتى يجف وكل حراقة صدف نافع للجرب .
والصدف بلحمه نافع للجراحات وخصوصاً التي على العصب مسحوقه مع كُندُر ومر فيلزق وكذلك مع غبار الرحى وقد جرب جالينوس الحلزون كله كما هو .
آلات المفاصل : يسكن الصدف أوجاع النقرس وأورامه يضمد به كما هو على جميع أورام المفاصل .


أعضاء الرأس : حراقة الصدف الفرفيري تجلو الأسنان وخصوصاً ما أحرق مع الملح وأن سحق الصدف كما هو بخل قطع الرعاف .
أعضاء العين : إذا غسل حراقة كل صدف بلحمه وقع في الأكحال فأذاب غلظ الجفن والبياض والغشاوة وإذا أحرق لحم المعروف بالطيلس العتيق وخلط بقطران وسحق وقطر على الجفن لم يدع الشعر ينبت واللزوجة التي تكون على البرّي منه تلزق الشعر المنقلب على الجفن ولزوجة الحلزون التي ذكرت قبل - إن طلي بها الجبهة تمنع الموالح المنصبّة إلى العين وتلزق الشعر أيضاً .
أعضاء الغذاء : لحم الصدف المعرف بفروفس جيد للمعدة ولحوم الصدف غير مطبوخة ولا مشوية تسكن وجع المعدة .
صدف الفرفير إذا شرب بخلّ أزال الطحال وإذا ضمد الاستسقاء بالصدف لم يفارق حتى يحطه وينبغي أن يترك حتى يسقط من ذاته والصدف البري قوي في ذلك لشدة تجفيفه .
أعضاء النفض : لحم الفرفيري لا يلين الطبيعة ولحم الصمف المسمى بالشام طالبيس إذا كان طرياً ليّن البطن خصوصاً مرقه وكذلك مرق صغار الصدف وصدف الفرفير إذا بخر به ذوات اختناق الرحم نفع وهذا البخور يخرج المشيمة وبخور العطر الرائحة والبابلي القلزمي الذي على الساحل أيضاً ينفع من اختناق الرحم وينبه المصروعين أيضاً وفيه جندبيدسترية في رائحته .
والصدف يدر الطمث احتمالاً .
قال : والمعروف بفوحيل إذا حرق كما هو وخلط برماده عفص أخضر وفلفل أبيض نفع من القروح الحادثة في الأمعاء ما دامت طرية ولم تفسد نفعاً عظيماً والوزن رماد الصدف أربعة وعفص جزآن فلفل جزء يذر على الطعام ويسقى في الشراب .
السموم : ينفع لحمه من عضة الكَلْب الكلِب .
صمغ : الاختيار : أجوده العربي الصافي القليل الخشب .
الخواص : قابض ومغرّ مع تجفيف وتقوية وصمغ الأقاقيا أقوى جداً ولذلك يقع في الترياقات .
أعضاء الصدر : يلين السعال الحار ويدفع ضرر قروح الرئة ويصفّي الصوت .
أعضاء الغذاء : يقوّي المعدة .
صابون .
الخواص : مقرح معفن .


أعضاء النفض : يُحِل القولنج ويُسَهل الخام .
صحناة .
الخواص : مجفف جلاّء رديء الخلط .
الجراح والقروح : يورث الجرب والحكة .
آلات المفاصل : ينفع من وجع الورك البلغمي .
الزبنة : يزيل البخر الكائن من المعدة وفسادها .
أعضاء الغذاء : يجلو رطوبة المعدة ويجفّفها .
صنوبر .
الماهية : شجرة معروفة فأما حب الصنوبر فقد تكلمنا فيه في فصل الحاء وإنما نريد الآن أن الطبع : قوة لحاء الكبار أقوى ولحاء المسمى فوفي أضعف .
الخواص : في لحائه قبض كثير والدود الذي فيه في قوّة الذراريح قطعاً .
الجراح والقروح : لحاؤه ينفع من القروح الحرفية وفيه قوة مدملة وفي لحائه من القبض ما يبلغ أن يشفي السحج إذا وضع عليه ضماداً وذرور لحائه نافع من إحراق الماء الحار ويلزق ورقه للجراحات ذروراً ويصلح لحاؤه لمواقع الضربة ويدمل .
وورقه أصلح لذلك لأنه أرطب .
أعضاء الرأس : يغرغر بطبيخ قشره فيجلب بلغماً كثيراً وسلاقة لحائه بالخلّ صالحة إذا تمضمض بها لوجع الأسنان فإذا جعل فيها خل وتغرغر به أحدر بلغماً كثيراً .
أعضاء العين : دخانه نافع من انتشار الأشفار ولتأكّل الماق .
أعضاء الصدر : ينفع حبّه من السعال العتيق .
أعضاء الغذاء : قشره وورقه إذا شرب نفع من و جع الكبد .
أعضاء النفض : حبه يحبس البطن وبزره مع بزر القثاء بالطلاء يدر وينفع قروح الكلى والمثانة ولحاؤه بحبس البطن أيضاً .
السموم : الدود الأخضر الذي في الصنوبر هو في طبع الذراريح .
صبر .
الماهية : عصارة جامدة بين حمرة وشقرة منه أسقوطري ومنه عربي ومنه سمنجاني .
قال قوم : إن نباته كنبات الراسن وليس كذلك .
الاختيار : أجوده الأسقوطري وماؤه كماء الزعفران ورائحته كالمر بصاص متفرك نقي من الحصى والعربي دونه في الصفرة والرزانة والبصيص وألزج منه وأصلب والسمنجاني رديء منتن الرائحة غمر قليل الصفرة لا بصيص له وإذا عتق الصبر يكون أسود .


الطبع : حار إلى الثانية يابس فيها وقيل : حار يابس في الثالثة وليس كذلك .
الخواص : قوته قابضة مجففة للأبدان منومة والهندي كثير المنافع مجفف بلا لذع وفيه قبض يسير ومن قلة لذعه أن لا يلذع الجراحات الرديئة .
الزينة : بالعسل على آثار الضربة ويدمل الداحس المتقرح وبالشراب على الشعر المتساقط فيمنع تساقطه .
الأورام والبثور : ينفع أورام الدبر والمذاكير وخاصة أورام العضل التي عن جنبتي اللسان إذا كان بالشراب أو العسل .
الجراح والقروح : صالح للقروح العسرة الإندمال وخصوصاً في الدبر والمذاكير والأنف والفم والنواصير .
أعضاء الرأس : ينقي الفضول الصفراوية التي في الرأس وإذا طلي على الجبهة والصدغ بدهن الورد نفع من الصداع وأبرأه وينفع من قروح الأنف والفم وهو من الأدوية النافعة من رض الأذن وأورام العضل التي في جنبي اللسان طلاء بالشراب والعسل .
في الطب القديم أن الصبر يسهل السوداء وينفع من الماليخوليا .
والصبر الفارسي يذكي العقل ويحدّ الفؤاد .
أعضاء العين .
ينفع من قروح العين وجربها وأوجاعها ومن حكة المآق ويجفّف رطوبتها .
أعضاء الغذاء : ينقي الفضول الصفراوية والبلغمية التي في المعدة إذا شرب منه ملعقتان بماء بارد أو فاتر ويرد الشهوة الباطلة والفاسدة ويصلح الحرقة والالتهاب الكائن في اللهاة من حرارة صفراء المعدة وقد يتناول منه بكرةً وعشيةً حبات مخلوطة بمصلحانه فيسهل البطن ولا يفسد الطعام وربما ينفع من أوجاع المعدة في يوم واحد ويفتح سدد الكبد لكنه يضر بالكبد ويزيل اليرقان بإسهاله .
أعضاء النفض : درخمي ونصف منه بماء حار يسهل وثلاث درخميات ينقي تنقية كاملة والمعتدل درخميان بماء العسل يسهل بلغماً وصفراء وإذا وقع مع المسهّلة دفع ضررها للمعدة وهو أصلح مسهّل للمعدة والمغسول أضعف إسهالاً لكنه أنفع للمعدة خلطه بالعسل ينقص قوته حتى يكاد لا يسهل جذباً بل يخرج ما يلقاه .


على أن قوة الصرف منه لا تنفذ إلى المعدة بل لا يجاوز الكبد وإذا شرب العربي أكرب وأمغص وأسهل وبقيت قوته في صفاقات المعدة إلى يوم ويومين .
وسقي الصبر في أيام البرد خطر فربما أسهل دماً كيف كان الصبر وقد يجعل بالشراب الحلو على البواسير النابتة وشقاق المقعدة ويقطع الدم السائل منها ويشفي أورام الدبر والذكر طلاء بالشراب والعسل .
السموم : إذا سقي في أيام البرد خيف أن يسهّل دماً .
الأبدال : بدله مثلاه حُضَض .
صوف .
الجراح والقروح : الصوف المحرق نافع للقروح واللحم الزائد .
صغراغول .
الماهية : طائر اسمه هذا بالافرنجية .
الخواص : يقال أنه إذا شرب من جوفه قليلاً قليلاً فتّت الحصاة .
صدأ الحديد .
الخواص : فيه تبريد وقبض .
أعضاء النفض : ينفع من نزف النساء .
وهو الجدد .
أعضاء الرأس : إذا طبخْ في الزيت أو مرس فيه ثم طبخ وقطر في الأذن أذهب وجعها وضربانها .
صفصاف .
الماهية : هو الخلاف ونحن نؤخر الكلام ونبينه في فصل الخاء .
فهذا آخر الكلام في حرف الصاد وجملة ما ذكرنا من الأدوية أحد عشر عدداً .
الفصل التاسع عشر حرف القاف
قَرَنَفل : الماهية : نبات في حد الصين والقرنفل ثمرة ذلك النبات وهو يشبه الياسمين لكنه أسود وذكره كنوى الزيتون وأطول وأشد سواداً وعلكه في قوة علك البطم .
الاختيار : أجوده الشبيه بالنوى الجاف العذب الذكي الرائحة .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الزينة : يطيّب النكهة .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة والكبد وينفع من القيء والغثيان .
قاقلة .
الماهية : منها كبار ومنها صغار .
والكبار مثل الجوزة الصغيرة أسود يتفرك عن حبّ أبيض يحذو اللسان كالكبابة فيه عطرية .
والصغار مثل القرنفل في الشكل عطرة أيضاً .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الخواص : فيه مع .
التسخين قبض وخصوصاً الذي له قمع وخصوصاً القمع نفسه .
أعضاء الغذاء : ينفع من القيء والغثيان مع ماء المُصْطَكى وماء الرمانين ويقوي المعدة .


قرفة الطيب .
الماهية : قرفة القرنفل قشور غلاظ في لون القرفة وله طعم القرنفل فهو أضعف في أفعاله من القرنفل .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
قرفة الدارصيني .
الماهية : يقال أنها من الدارصيني ويقال بل هي من جنس آخر وهو صلب كالدارصيني ومنه ما ليس بصلب ومنه ما هو مخطط ومنه أبيض ومنه سريع التفتت وهو اْضعف من الطبع : حار يابس في الثانية .
قردمانا .
الماهية : شجرة تنبت بأرمينية والبلاد التي يقال لها قماعينا وقد يكون أيضاً ببلاد الهند وبلاد العرب والقردمانا تؤخذ من ذلك النبات وقد يكون في غير ذلك من البلاد .
الاختيار : أجوده ما يؤتى به من بلاد الهند وأرمينية وما كان منه عسر الرض ممتلئاً منضماً وما كان بخلاف هذا فهو مردود مرذول وكذلك ما كان منه ساطع الرائحة طعمه حريف مع شيء من مرارة .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الخواص : قوته مسخّنة محمرة وفيه قوّة مذيبة وخاصيته تقويم الأعضاء الباطنة .
القروح : هو نافع من الجرب والقوباء طلاء بالخل .
آلات المفاصل : ينفع من أمراض العصب ومن وجع الورك من البلغم وينفع من الفالج ورضّ العضل .
أعضاء الرأس : ينفع من الصرع شرباً في الماء .
أعضاء الصدر : منق للصدرمسكّن للسعال .
أعضاء النفض : ينفع من المغص ومن الديدان وحب القرع وبالشراب لوجع الكلى وعسر البول ويسقى منه درخمي مع قشر أصل الغار للحصاة ودخانه يقتل الجنين .
السموم : ينفع من لدغ العقرب وسائر النهوش .
الأبدال : بدله حرمل أو أذخر .
قصب .
الماهية : القصب على أنواع كثيرة منه المصمّت وهو الذي يعمل منه النشاب .
ومنه الأنثى وهو الذي منه ألسن النايات ومنه غليظ الجرم كثير العقد يصلح للكتابة .
ومنه ما هو غليظ مجوف ينبت على شواطىء الأنهار ومنه السباخي إلى الرقّة ما هو لونه أبيض .
وجلّ الناس يعرف أصله .
ومنه رقاق مجوّف في غاية الرقّة يعمل منه الحصر .


ومنه غليظ جداً طوال شديد المكسر يؤتى به من الهند يعمل منه الرمح .
الطبع : شديد التبريد ورماده حار .
الخواص : في أصله جلاء يسير بلا حدة وفي ورقه أيضاً ويجذب السلي والشوك وشظايا القصب والنشاب من عمق اللحم ضماداً .
الزينة : قشوره وأصله نافع من داء الثعلب وقشوره وأصله يجلو الأوساخ وأصله مع البصل الأورام والبثور : يجعل ورقه الرطب على الجمرة والأورام الحارة فينفع .
آلات المفاصل : يسكن انفتال العصب .
أعضاء الرأس : زهره إذا وقع في الأذن أحدث الصمم ولحج فلم يخرج والقصب المحرق نافع من السعفة والقوباء في الرأس .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث .
السموم : ينفع من لدغ العقرب .
قصب الفريرة .
الماهية : قصب الذريرة ينبت في بلاد الهند .
الاختيار : أجوده ما كان منه لونه ياقوتي متقارب العقد إذا هشم يتهشم الى شظايا كثيرة أنبوبته ملأى من شيء لونه إلى البياض ما هو شبيه بنسج العنكبوت لزج إذا مضغ قابض فيه شيء من حرافة ومسحوقه عطر إلى الصفرة والبياض .
الطبع : حار يابس إلى الثانية .
الخواص : ملطف وفيه قبض يسير مع حرافته وفي جوهره أرضيّة وهوائية حسنتا التمازج إلى الاعتدال وتجفيفه أأكثر وفيه جوهر لطيف كما في جميع الأفاويه .
الأورام : يحلل الأورام .
آلات المفاصل : ينفع من شدخ العضل .
أعضاء العين : يجلو البصر .
أعضاء الصدر : يبخّر به في قمع في الحلق فينفع من السعال وحده أو مع صمغ البطم .
أعضاء الغذاء : ينفع من ورم الكبد والمعدة مع العسل وبزر الكرفس وهو نافع من الجبن .
أعضاء النفض : هو مع بزر الكرفس نافع للكلى وللتقطير من البول وينفع طبيخه من وجع الرحم شرباً وجلوساً فيه ويشرب مع العسل وبزر الكرفس لأورام الرحم .
قنطوريون .
الماهية : ديسقوريدوس : من الناس من يقول أنه الداري الرومي ويسمّى بالعربية لوقا الصغير .


ومن الناس من سمّاه لمبيسون واشتق له هذا الاسم من المني وهو الماء القائم لأنه ينبت عند المياه والبطائح وهو يشبه هيوفاريقون وهو الفوتنج الجبلي وله ساق طوله أكثر من شبر وزهر أحمر إلى لون الفرفيرية شبيه بزهر النبات الذي يقال له لحمدس وورق صغار إلى الطول يشبه ورق السذاب وثمر شبيه بالحنطة وأصل صغير لا ينتفع به .
وطعم هذا النبات مر جداً ويستخرج هذا النبات شجراً حاملاً مثمراً بعد أن ينقع خمسة أيام ثم يوضع في قدر ويجعل عليه من الماء ويرمى بالثفل ويعاد ما صفي الى القدر ويصفّي ويطبخ بنار لينة إلى أن ينقعد ويصير في قوام العسل .
ومن الناس من يأخذ هذا النبات وهو طري أخضر وبزره ويدقّه ويخرج عصارته ويودعها في إناء خزف ويضعه في الشمس ويحركه بعود نظيف حتى يختلط بها ماء يطفو فوقها شبه القمامة ويقبضه بالليل من الندى والطلّ لأن الندى يمنع العصارات والرطوبات من أن تثخن أو تجمد فأما ما كانت من الأصول والعقاقير يابسة فتستخرج عصارتها بالطبخ الذي ذكرنا في طبيخ الجنطيانا وما كان من الأصول والقشور رطباً والنبات الطري فإنه يعصر ويوضع في الشمس ويحرّك كما وصفنا وبالجملة هو ضربان منه صغير ومنه كبير ينبتان في آخر الربيع وقد يكون ببلاد فارس وببلاد الروم وهي حشيشة ذات أوراق .
الاختيار : أجوده الدقيق الصغير المائل الى الصفرة الذي يحذو اللسان .
الطبم : حار يابس إلى الثالثة .
الأفعال والخواص : فيه جلاء وقبض وحرافة وقليل حلاوة وتجفيف بلا لذع ويقال إن طبخ مع اللحم المقطع جمعه .
الجراح والقروح : ينقي الجراحات الطرية ويختم القروح العتيقة ويابسه يقع في المراهم فيدمل النواصير والقروح العميقة والجراحات الرديئة وقد يملأ الناسور قنطوريوناً ويشد فيُصْلِحه .


آلات المفاصل : ينفع من الفسخ في العضل والقيح فيها والدقيق خاصة قد تنفع الحقنة المتخذة منه من عرق النسا ومن أوجاع العصب ورضْها بل الدقيق أنفع لجميع ذلك فإذا أسهل شيئاً من الدم تم نفعه وقد يحقنون برماده مع الماء لذلك فينتفع به .
أعضاء العين : عصارة الرقيق مع العسل نافعة للبياض العارض من اندمال القرحة في العين .
أعضاء الصدر : ينفع نفث الدم لقبضه وينفع غليظه ودقيقه من عسر النفس ويسقى منه وزن درهمين في الشراب لذات الجنب البارد ونفث الدم .
أعضاء الغذاء : ينفع من سدد الكبد وصلابة الطحال .
أعضاء النفض : يدر الطمث ويخرج الجنين ويقتل الديدان ويدر البول ويسقى منه وزن درهمين للمغص وأوجاع الرحم وينفع من القولنج والصغير قد يسهل طبيخه مع البلغم والخام الصفراء ويسقاه وإذا أقرطه أسهل دماً خصوصاً الدقيق .
الحميبات : نافع للحميات والشربة للمحموم درهمين .
قسب الماهية : تمر الأدفال وهو القسب عند أهل الحجاز وأهل نجد يسمّونه العرق و اليرسوم .
الخواص : فيه قبض .
أعضاء النفْض : يحبس الطبع .
أعضاء الغذاء : يقوّي المعدة .
قرطم : الماهية : هو صنفان بستاني وبري .
ومن الناس من يسمي البري أطريطولس وهو شوكة شبيهة بالقرطم البستاني إلا أنها أطول ورقاً من ورق القرطم البستاني بكثير وورقها إنما ينبت في طرف القضيب وباقي القضيب مجرد ولها زهر أصفر وأصل رقيق لا ينتفع به وإذا سحق ورقها أو ثمرها فهو نافع .
الطبع : البري منه حار في الثانية يابس في الثالثة والمعروف حار في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : يقرب دهنه من دهن الأنجرة إلا أنه أضعف وهو مما يجبن اللبن ويميز مائيته وقد زعم مسيح أنه يحلل اللبن الجامد ويجمد اللبن السائل وغذاؤه شديد القلة وزعم ديسقوريدوس أن البري منها مهما أمسكها الملسوع معه لم يجد وجعاً واذا هو طرحها عاد إليه الوجع .
أعضاء الصدر : ينقّي الصدر ويصفي الصوت .


أعضاء الغذاء : رديء للمعدة وهو يجبن اللبن في المعدة .
أعضاء النفض ينفع من القولنج ويسهّل البلغم المحترق إذا خلط بتين أو عسل وينفع الباه .
ودهن البستاني منه يطلق البطن وقد يستسهل به بأن يجعل لب حبّه في المرق أو يتخذ منه ومن اللوز والعسل حبّ والشربة منه أربع درخميات وإذا أخذ من لبه ومن القسط ومن اللوز المر ثلاثة أثولوسات ومن الأنيسون والنطرون من كل واحد درخمي بالتين اليابس والعسل فيؤخذ منه جوزة وجوزتان أسهل المائية وقد يتّخذ منه ناطف لذلك وصفته أن يخلط بلوز مقشّر وأنيسون وعسل مطبوخ ويعمل ناطفاً فيؤخذ منه على التفاريق قبل العشاء وقد يشرب من لبّه الطرفي عشرون درهماً مغموساً في رطل من ماء حار مع عشرة دراهم فانيذاً أبيض مسحوقاً فيسهل البلغم .
السموم : ينفع ورق البرّي أو ثمرته أو مجموعهما اذا أسقي للسعة العقرب وقد يدعي بعض الناس أن الملذوع إن أمسك في فمه البرّي أو ثمرته لم يجد وجعاً وإذا أبانه عن نفسه عاد الوجع .
قطران .
الماهية : هو عصارة شجرة تسمّى الشربين قوّة دخانه كدخان الزفت ويكون منه دهن يميز منه بالصوف كما يميز بالزفت .
الطبع : حار يابس في الرابعة .
الزينة : ينفع من القمل والصيبان ويقتلهما حتى في المواشي .
الجراح والقروح : يقوي اللحم الرخو وينفع من الجَرْب حتى جرب الحيوان وخصوصاً دهنه ذوات الأربع والكلاب والجمال .
آلات المفاصل : ينفع من شدخ العضل واجتماع الدم والقيح فيهما وهو دواء لداء الفيل والدوالي لعوقاً ولطوخاً .
أعضاء الرأس : هو أعظم شيء في تسكين الصداع البارد طلاء للرأس بالقطران ويقطر في الأذن فيقتل .
دود الأذن ويقطر فيهما مع ماء الزوفا للطنين والدوي ويقطر مع ماء الزوفا أيضاً للسنّ الوجعة فيسكن وجعها وينفع الأسنان المتأكلة .
أعضاء العين : يحد البصر ويجلو آثار القروح في العين .


أعضاء الصدر : يطلى على الحلق للوزتين ووجعهما وينفع لعق أوقية ونصف منه لقروح الرئة ويبرئها وينفع من السعال العتيق .
أعضاء الغذاء : ثمرة شجرته رديئة للمعدة .
أعضاء النفض : يقتل الدود في الأمعاء وخصوصاً حقنه به فيقتل جميع الدود ويدر الطمث ويقتل الجنين ويفسد المني وإذا لطخ به الذكر قبل الجماع منع الحبل واذا حقن يجذب الجنين السموم : يضمّد به على نهشة الحية ذات القرن فيشفى بالطلاء ويسقى بالطلاء لسقي الأرنب البحر ويذاب في شحم الإبل ويمسح به الأعضاء فلا تقربها الهوام .
قسط .
الماهية : ديسقوريدوس : القسط ثلاثة أصناف أحدها عربي وهو أبيض خفيف عطر مائل إلى الصفرة والثاني هندي أسود خفيف مثل القثاء والثالث يأتي من بلاد سوريا وهو يقتل ولونه لون الخشب الذي يقال له رائحة ساطعة ومن هذه الأضناف الدون ما رائحته رائحة الصبر وهو إلى السواد .
والشامي من هذه الأصناف يشبه المسمار وله رائحة ساطعة وقد يُغش القسط الجيد بأصول الراسن الصلبة والمعرفة به هيئته لأن الراسن لا يحذو اللسان وليست رائحته بقوية ولا بساطعة ومن هذه الأصناف صنف مر الطعم يظن أنه هندي .
الاختيار : أجوده العربي الأبيض الحديث الممتلىء غير متأكل ولا زهم يلذع ويحذي اللسان ثم الهندي الأسود الخفيف والأسود الشامي أجوده البحري الرقيق القشر .
الطبع : حار في الثالثة يابس في الثانية .
الخواص : فيه كيفية مرة جداً حريفة وحرارة حتى إنه يقرح وهو نافع لكل عضو يحتاج أن يسخن ويجتذب منه الخلط من عمقه .
الجراح والقروح : فيه تقريح والمرّ منه يجفف القروح الرطبة .
آلات المفاصل : نافع من استرخاء العضل والعصب وفسخ العضل جيد من عرق النسا ضماداً .
أعضاء الرأس : ينفع من ليثرغس .
أعضاء الصدر : ينفع من أوجاع الصدر .


أعضاء النفض : يدر الطمث شرباً وتبخيراً في قمع ويقتل الجنين ويدر البول ويخرج حب القرع والديدان ويقوّي على الباه وهو حمول لوجع الرحم فإنه ينفع من وجع الرحم البارد شرباً وجلوساً في طبيخه ويحرك الطبيعة إذا شرب بشراب وإنما يقوي على الباه الرطوبة فضلية نافخة فيه .
الحميات : ينفع من النافض لطوخاً بالزيت .
السموم .
ينفع من النهوش كلها نهشة الأفعى وغيرما إذا سقي يشراب وأفسنتين .
الأبدال : بدله من العاقر قرحا نصف وزنه .
قروقومغما .
الماهية : قيل أنه ثفل دهن الزعفران .
الاختيار : أجوده الطيب الرائحة الرزين الأسود الذي لا عيدان فيه وإذا ديف صبغ الماء بلون الزعفران وإذا مُضِغَ صبغ الأسنان صبغاً شديداً باقياً .
الخواص : مسخن منضج .
أعضاء العين : قوته جالية للعين مذهبة لظلمتها .
أعضاء النفض : مدر للبول .
قتقبين .
الماهية : قيل أنه دهن الخروع .
الجراح والقروح : يصلح للجرب والقروح التي في الرأس .
أعضاء النفض : يصلح لانضمام فم الرحم ولو بطلائه وللأورام الحارة في المقعدة وإذا شرب أسهل ويُخرج المود الذي في البطن وهو جيد جداً .
قنة .
الماهية : ديسقوريدوس : هو صمغ نبات يشبه القنا في شَكلِه ينبت في بلاد سوريا يعني الشام يسميه بعض الناس مكانيون وقد يغش بالراتينج ودقيق الحمص والباقلا وبالجملة هو صنفان صنف زبدي خفيف الوزن أشد بياضاً والآخر أكثف وأثقل .
الاختيار : أجودهما الأكثف الشبيه بالكندر الذي يدق باليد ليس فيه كثير من الخشب وفيه شيء من بزر نباته .
الطبع : حار في الثانية مجفف في الثالثة .
الخواص : قوته ملينة محللة يفش الرياح وهو مما يفسد اللحم وفيه تسخين وإلهاب وجذب وتحليل .
الزينة : يقطع العدسيات .
الأورام : ينفع من الخنازير .
القروح : يطلى على القروح اللبنية بالخل .
آلات المفاصل : ينفع من الإعياء ومن الكزاز ومن تشنج العضل .


أعضاء الرأس : ينفع من الصداع ومن الصرع فإذا شمه المصروع انتعش وينفع من السدر وينفع من وجع الضرس والسن المتأكلة في الحال وينفع من الأجاع الباردة في الأذن ويحلل أورامهما وأوجاعهما بلا أذى وذلك إذا جعل في دهن السوسن وفتر وقطر .
أعضاء الصدر : ينفع من الربر والسعال المزمن .
أعضاء النفض : يدر الطمث بقوة ويخرج الأجنة ويسقطها حمولاً وينفع من اختناق الرحم السموم : هو ترياق السموم الذي يسقاه السهام إذا سقي بشراب ولسموم الحيات والعقارب ودخانه يطرد الهوام وإذا تمسح به لم يقربن المتمسح وإذا تلطخ به مع سقندوليون وزيت قتل ما يقرب صاحبه من الهوام وهو يقاوم كل سم دون مقاومة السكبينج .
الأبدال : بدله السكبينج .
قنبيل .
الماهية : هو بزور رملية يعلوها حمرة ثون حمرة الورس .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الخواص : قال ابن ماسويه : فيه قبض شديد .
أعضاء النفض : يقتل الديدان وحب القرع ويخرجه شرباً وطلاء فيما يقال .
ففراليهود .
الماهية : ديسقوريدرس : إن القفر قد يكون ببلاد أفريقية ومدينة صيلون ومدينة أقريش وقد يكون ببلاد صقلية .
منه ما ينبع من بعض الجبال ومنه ما يطفو على مياه العيون يستعمله الناس في السراج بدل الزيت .
وأما الأسود منه الوسخ فرديء لأنه يغش بزفت يخلط به ولذلك إذا مضغ خرج منه طعم القار لكنّه متفرك وهو قطع سود خفيفة .
الاختيار : أجوده الفرفيري البصاص القوي الرزين وأما الأسود الوسخ فرديء .
الخواصا : قوته قريبة من قوة الزفت وهو يقوي الأعضاء ويذوب الدم الجامد في البطن إذا شرب .
الزينة : ينفع من بياض الاظفار لطوخاً .
الأورام والبثور : ينضج الخنازير .
الجراح والقروح : يطلى على القوابي وعلى تورُم الجراحات فينفعها .
آلات المفاصل : هو ضماد للنقرس ويشرب ويطلى لعرق النسا .
أعضاء الصدر : ينفع من السعال ومن قروح الرئة ويعين على الفث ويخرج المدّة من الصدر وينفع من أورام اللوزتين ومن الخناق .


أعضاء النفض : ينفع من صلابة الرحم وإذا احتمل هو أو دخانه نفع من نتوء الرحم وأوجاعه وإذا احتقن به مع ماء الشعير نفع من دوسنطاريا .
- .
قليميا الذهب .
الاختيار : أفضله الذهبي العنقودي الرمادي اللون الطري والصفائحي أغلظ .
الطبع : معتدل إلى يبس في الثالثة .
الخواص : هو ومغسوله ألطف من قليميا الفضة وفيه تجفيف وجلاء .
أعضاء العين : ينفع من بياض العين وابتداء الماء ويقوّي العين .
قليميا الفضة .
الماهية : قد يتخذ القليميا من الذهب والفضة وقد يُتخذ من النحاس ومن المارقشيتا وهو ثفل يعلو السبك أو دخان والذي يرسب صفائحي .
الطبع : قريب من قليميا الذهب وأبرد .
الخواص : فيه تجفيف وجلاء باعتدال بلا لذع وخصوصاً المغسول منه وهو أصلح في المراهم .
وتجفيفه وجلاؤه في الأبدان المعتدلة دون الصلبة اللحم .
الجراح والقروح : ينفع من الجرب والقروح العسرة والرطبة في المراهم ذروراً .
قلقند .
الطبع : حار يابس إلى الرابعة .
الخواص : مجفف مصلب مكثّف للبدن أكال فيه قبض وإحراق .
الجراح والقروح : ينفع من نواصير الأنف .
أعضاء الرأس : يمنع الرعاف وإذا قطر منه قطرة محلولة في الماء في الأنف نقي الرأس وهو من جملة الأدوية المنقية للأذن النافعة من أوجاعه الباردة ويقتل الديدان التي في الأذن .
السموم : يدفع مضرة الفطر .
قلقطار .
الماهية : قال جالينوس : إن قلقديس قد يستحيل قلقطاراً .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : فيه إحراق شديد وقبض للسيلانات الدموية وتجفيف والمحرق منه أكثر تجفيفاً وأقل لذعاً وفيه مع القبض الكثير حرارة كثيرة .
الأورام والبثور : ينفع من النملة والحمرة إذا طلي بماء الكزبرة ويذر على الخبيثة والساعية ويحرق اللحم الزائد ويحدث الخشكريشة .
أعضاء الرأس : ينفع من الرعاف ومن أورام اللثّة وينفع من أورام النغانغ .
أعضاء العين : يقع في الأكحال للجلاء ولترقيق خلط الأجفان .


أعضاء النفض : يقطع نزف الدم من الرحم .
قنابري .
الطبع : حار في الأولى .
الأفعال والخواص : لطيف جلاء مقطع قال فولس : يولّد السوداء وخاصةً ما كُبس منه بالملح .
الزينة : يجلو الكلف والبهق وبالحقيقة هو أنفع شيء للوضح أكلاً وضماداً يذهبه في أيام يسيرة وهذا مما تعرفه العرب .
الجراح والقروح : إذا تضمد بورقه ينفع من القروح الخبيثة في الثدي .
أعضاء الرأس : أصله إذا استعط به نفع من الرطوبات الغليظة في الدماغ .
أعضاء النفس : يفتح سدد الرئة وينقيها .
أعضاء الغذاء : يفتح سدد الكبد والطحال .
أعضاء النفض : ماؤه يطلق الطبيعة وهو ضماد للبواسير ويزيل المغص ويحلل صلابة الرحم ويخرج الكيموسات الغليظة .
السموم : القنابري : ضماد للسع الهوام كلّها .
قسوس .
الماهية : أصنافه ثلاثة أسود وأبيض وأحمر وجميعه حريف قابض وأحد أصنافه يكون منه شيء يسمى اللاذن والقسوس في الأصل هو اللاذن أو غيره فإنهما متقاربا الأحوال .
الطبع : طبيعته إلى الحرارة وربما كان في بعض أجناسه بارداً لكنَ اللاذن نفسه حار في آخر الثانية .
الخواص : ضار للعصب فيه قبض وخاصة في ورقه وفي زهره عقل .
وأما المعروف من جملته باللأذن فهو مسخن مفتّح لأفواه العروق وملين .
الزينة : دمعته قاتلة للقمل حالقة للشعر وإذا خلط اللاذن بشراب أدرومالي وطلي به على آثار القروح حسنها وإذا خلط بالشراب والمر ودهن الآس منع تساقط الشعر لكنه لا يبلغ أن ينفع مثل داء الثعلب لأن تحليله قليل .
الجراح والقروح : طبيخه بالشراب ينفع كثيراً من القروح ويتضمد به فيمنع سعي الخبيثة ويتّخذ منه قيروطي لحرق النار .
آلات المفاصل : ضارّ للعصب .
أعضاء الرأس : إذا استعمل عصيره سعوطاً بدهن الإيرسا والعسل والنطرون حلل الصداعات المزمنة وإذا أخذت عصارة رؤوس الأسود منه وسخنت في قشر الرمان وقطرت في أذن الجهة المخالفة للسن الوجعة نفع .


وماؤه سعوطاً جيّد لتنقية الرأس ويبرىء السيلان المزمن من الأنف ويجفف قروحه .
أعضاء الغذاء : إذا ضمّد الطحال يطريه بالخل نفعه .
أعضاء النفض : إذا سقي مقدار ما تحمله ثلاثة أصابع من زهره الأبيض بشراب نفع من دوسنطاريا وينبغي أن يسقى في النهار مرتين وإذا ضمد بطريه ورؤوسه فإنه يدر الطمث وإذا تبخّر بمقدار درخمي منه بعد الطهر منع الحبل .
والقضيب منه إذا احتمل من جهة رأسه أدر الطمث وآخرج الجنين .
واللاذن يبخر به للمشيمة فتسقط زهره عاقل للطبيعة .
السموم : إذا سقيت أصوله بخل وشراب نفع من نهشه الرتيلاء .
قيقهن .
الماهية : صمغ كريه الطعم يجلب من بلاد العرب .
وزعم بعضهم أنه السندروس وليس يثبت وقد يتدخن به مع المر والميعة .
الأفعال والخواص : فيه تغرية يسيرة .
الزينة : ينقي آثار القروح سريعاً وفيه قوة مهزلة إذا شرب كلّ يوم ثلاثة أرباع درهم بسكنجبين أو ماء .
أعضاء الرأس : لا يعدله شيء في إزالة وجع الأسنان وتساقط اللثة .
أعضاء العين : يجلو البصر .
أعضاء النفس : ينفع من الربو بماء العسل يستعمله المصارعون .
أعضاء الغذاء : إذا شرب منه ثلاثة أيام بسكنجببن أهزل الطحال جداً .
قطن .
الماهية : معروف .
الخواص : حبه مسخن ملين .
أعضاء الصدر : حبه جيد للصدر جدًا نافع من السعال .
أعضاء النفض : حبه ملين للبطن وعصارة ورقه تنفع لإسهال الصبيان .
قِنب .
الخواص : بزره يطرد الرياح ويجفف وهو عسر الانهضام رديء الخلط قوي الإسخان ومقلوه أقل ضرراً والسكنجبين السكّري يدفع ضرره .
الأورام والبثور : طبيخ أصول البري منه ضماد للأورام الحارة والحمرة .
أعضاء الرأس : تنفع عصارته ودهنه لوجع الأذن ويغسل بعصارة ورقه الرأس فينفع من الأبرية وبزره مصدّع لشدة إسخانه وتبخيره .
أعضاء الغذاء : حبه عسر الانهضام رديء للمعدة .
أعضاء النفض : بزره إذا استكثرمنه قطع المنيّ .
قناد .
الطبع : بارد يابس .
قلي .


الطبع : حار محرق جلاًء أكَّال أقوى من الملح .
الزينة : ينفع من البهق .
الجراح والقروح : ينفع من الجرب ويأكل اللحم الزائد .
قيموليا .
الماهية : صفائح كالرخام بيض براقة طيبة في طعمها كافورية ومنه ما لا بريق له وكله سريع التفرك .
الجراح والقروح : ينفع من حرق النار خاصة بالماء والخل ومحرقه المغسول نافع للقروح العسرة الاندمال .
قلقاس .
الماهبة : هو نبات فيه مشابهة من الأشنان .
الطبع : حار يابس في الأولى .
الخواص : فيه ملوحة مع قبض وأجزاؤه غير متشابهة مع تفتح يسير .
أعضاء النفض : يسهل .
الماء الأصفر وخصوصاً بزره وعصارة نباته ويقلّل لئلا يضعف ويدر البول ويولد المني وهو مسهل للصفراء والمائية بالرفق والشربة منه من ثلث رطل إلى ثلثي رطل .
قرطاس .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : يمنع محرقه من نفث الدم .
الأورام والبثور : المحرق منه ينفع من السعفة أعضاء الرأس : محرقه يمنع الرعاف .
قيصوم : الطبع : حار في الأولى يابس في الثالثة .
الخواص : لطيف مر فيه أرضية وتلطيف قال جالينوس : زهره أبلغ من الأفسنتين وفيه تلقيح .
الزينة : المحرق منه ينفع داء الثعلب خصوصاً مع دهن الخروع أو دهن الفجل أو الزيت .
والقيصوم ينفع في إنبات اللحية البطيئة النبات إذا طبخ ببعض الأدهان المسخنة لتفتيحه ويقبض اللثة .
الأورام والبثور يحلّل الأورام البلغمية وإذا طبخ مع السفرجل نفع من الأورام العسرة التحليل .
الجراح : لا يوافق الطرية من الجراح بل يلذعها .
آلات المفاصل : طبيخه ينفع من فسخ العضل وعرق النسا المزمن العسر .
أعضاء الرأس : إذا طبخ بالزيت سخن الرأس وأزال برودته .
أعضاء النفض : طبيخه ينفع من عسر النفس الانتصابي وأفضله طبيخ فُقاحه .
أعضاء الغذاء : إذا طبخ بالزيت سخن المعدة وأزال بردها .


أعضاء النفض : يدر الطمث ويخرج الجنين ويفتت حصا المثانة والكلية ودهنه مسخناً نافع لانضمام الرحم ومن عسر البول .
الحميات : ينفع من النافض إذا مزج بالدهن .
السموم : إذا سقي بشرب نفع من السموم وإذا افترش به طرد الهوام .
قاتل الذئب .
الخواص : قوته قوّة خانق النمر إلا أنه يختص بالذئاب .
أعضاء الرأس : يحدث الرعاف .
أعضاء النفس : يحدث نفث الدم .
السموم : يقتل الكلاب بسرعة ويحدث في الناس رعافاً ونفث الدم .
قَطَف .
الماهية : هو السرمق .
الطبع : بارد إلى الثانية رطب فيها .
أعضاء النفض : في بزره قوة ملينة لأصحاب الصفراء .
قرة العين .
الماهية : هو جرجير الماء ويقال له أيضاً كرفس الماء وهو عطر الرائحة ونباته في المياه الراكدة .
الأفعال والخواص : مسخّن محلّل .
أعضاء النفض : يدر الطمث والبول ويفتت الحصاة في الكلى إن أكل نياً أو مطبوخاً وينفع من قروح الامعاء .
قرع .
الخواص : المسلوق منه يغذو غذاء يسيراً وهو سريع الإنحدار وإن لم يفسد قبل الهضم لم يتولد منه خلط رديء ويفسد في المعدة بمخالطة خلط رديء أو أبطأ مناماً كسائر الفواكه .
والخلط الذي يتولّد منه تفه إلا أن يغلب عليه شيء يخالطه وإن خلط بالسفرجل كان محموداً للصفراويين .
وكذلك ماء الحصرم وماء الرمان لكن ضرره بالقولون يتضاعف .
ومن خاصيته أنه يتولّد منه غذاء يجانس لما يصحبه وإن أكل بالخردل تولد منه خلط حريف أو بالملح تولد منه خلط مالح أو مع القابض تولّد منه خلط قابض .
وهو بالجملة ضار لأصحاب السوداء و البلغم جيّد للصفراويين .
والمربى منه لا يدخل في الأدوية ولا يؤثر شيئاً من تبريد ولا تسخين ولكنه ربما استعمل للذة .
أعضاء الرأس : عصارته تسكن وجع الأذن الحار وخصوصاً مع دهن الورد وينفع الأورام الدماغية والسرسام وهو نافع لوجع الحلق .
أعضاء النفس : سويق القرع نافع من السعال ووجع الصدر الكائنين من حرارة .


أعضاء الغذاء : طبيخه ينفع من الفضول الحارة في المعدة ويزلقها وكذلك شراب صبّ في تجويفه ثم استعمل ويسعط بعصارته لوجع الأسنان جداً ويقطع العطش وهو مما يتولد منه بلّة بالمعدة .
والذيء منه ضار بالمعدة جداً حتى بالمعدة للصبيان والفتيان ولا دواء لآفته في المعدة أعضاء النفض : إذا طبخ ماؤه بالعسل وجعل فيه نطرون ليّن البطن وكذلك إذا دفن في الجمر وطبخ كما هو وشرب ماؤه بالسكر وهو شديد المضرة بالامعاء وقولون خاصة .
الحميات : ينفع من الحميات الحادة .
قِثاء .
الاختيار : بزره خير من بزر الخيار وأفضله وألطفه النضيج .
الطبع : بارد رطب إلى الثانية .
الأفعال والخواص : يسكن الحرارة والصفراء ولكن كيموسه رديء مستعدّ للعفونة ومهيج لحميات صعبة .
والبطيخ أسرع منه فساداً وفي نضيجه جلاء وبزره خير من بزر الخيار .
والخيار أبعد استمراء منه ويذهب في العروق نيئاً ويولد حميات مزمنة ويدفع مضرّته النانخواه أو شدة التهاب المعدة .
الأورام والبثور : يوضع ورقه مع العسل على الشري البلغمي فينفع منه .
أعضاء النفس : إذا شمه صاحب الغشي الحار انتفع به وانتعش .
أعضاء الغذاء : يسكن العطش جيد للمعدة إلا أنه قلما يستمرأ جيداً وإذا شرب من أصله أتولسات في أدرومالي قيأ خلطاً رقيقاً .
أعضاء النفض : فيه إدرار وتليين وينفع من أوجاع المذاكير وهو موافق للمثانة وهو دون النضيج في الإدرار .
السموم : ورقه ينفع من عضة الكَلْب الكَلِب .
قثاءُ الحمار .
تتخذ عصارته بأن تؤخذ ثمرته آخر الصيف بعد أن تصفر وتعلق في خرقة ليسيل ماؤها وتتروق وتجفّف في غضارة على رماد وتوضع على لوح في الظل .
الاختيار : جيده الأصفر المستقيم كالقثاء الصادق المرارة وجيّد عصارته الأبيض الأملس الخفيف الذي يشبه العنصل وقد أتى عليه سنة .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الأفعال والخواص : لطيف محلل وأصله وورقه وثمره يجلو ويحلل ويجفف قشره أكثر وقوة عصارة أصله وورقه واحد .


الزينة : عصارته وعصارة أصله وورقه نافع من اليرقان والذرور من يابسه يذهب آثار الإندمآلات السود وينقي أوساخ الوجه .
الأورام والبثور : إذا اتخذ من أصله ضماد مع دقيق الشعير حلل كل ورم بلغمي عتيق وهو الجراح والقروح : إذا ذر يابسه على الجَرَب والقوابي نفع منهما .
آلات المفاصل : ينفع من أوجاع المفاصل وطبيخه حقنة نافعة من عرق النسا ويتضمد به مع الخل على النقرس .
أعضاء الرأس : عصارته تحلّل الشقيقة الغليظة سعوطاً باللبن وإن لطخ به المنخر باللبن أفرغ فضولاً كثيرة وينفع من البيضة والصداع المزمن وعصارة الورق منه أضعف وإذا قطرت العصارة في الأذن سكن أوجاعها .
أعضاء النفس : الإسهال بعصارته شديد الموافقة لمن به سوء في النفس ويلطخ الحنك بعصارته للخناق البلغمي مع العسل والزيت العتيق .
أعضاء الغذاء : ينفع من الاستسقاء بإخراج المائية منفعة عجيبة بلا ضرر إذا سقي من أصله أتولوس ونصف أوإذا طبخ نصف رطل منه مع قسطين من شراب وسقي في كل ثلاثة أيام ثلاث قوانوسات إلى خمسة وإذا أخذ من أصله أوثولوس ونصف أو من قشره ربع إكسوثافن اليوم قيأ بلغماً ومرة صفراء .
ويشرب بماء العسل فينفع نفعاً بيناً ويدرهما بسهولة ومن غير أذى ولا ضرر بالمعدة .
ومما يجود الاستسهال به أن يخلط بعصارتها ضعفها ملحاً ثم يحبّب كالكرسنّة وتيجرع بالماء .
وأما للقيء فيؤخذ منها شيء مداف في الماء ويلطّخ به أصل اللسان وما يليه وإن شئت أن يكون أسرع وأقوى فافعل به ذلك بالزيت ودهن السوسن فإذا أفرط سقي الشارب شرباً بزيت فإنه يهدأ في الوقت فإن لم ينجع فسويق الشعير بالماء البارد والخل .
أعضاء النفض : يسهل البلغم والدم وعصارته تدر البول والطمث وتفسد الجنين حمولاً .
أعضاء الرأس : قرن الأيل والعنز المحرقان يجلو الأسنان بقوّة ويشدّ اللثة ويسكِّن وجعها الهائج ويجب أن يحرق حتى يبيض .


أعضاء العين : قرن الأيل المحرق المبيض كالملح المغسول يمنع المواد عن العين .
أعضاء النفس : قرن الأيل المحرق المغسول نافع من نفث الدم .
أعضاء الغذاء : يضمر الجبن ولا يضر بالمعدة وينفع من اليرقان .
أعضاء النفض : قرن الأيل المحرق المغسول نافع من دوسنطاريا .
قريص : الماهية : هو الأنجرة .
قطا .
الطبع : ضعيف الحرارة شديد اليبوسة .
أعضاء الغذاء : ينفع من الإستسقاء .
أعضاء النفض : ينفع من الإستطلاق .
قوانص : الخواص : قوانص الطير كثيرة الغذاء والتي للدجاج لا تنهضم بسرعة .
أعضاء الغذاء : يزعمون أن الطبقة الداخلة من القانصة مجففة تنفع فم المعدة ووجعها ابن ماسويه وخصوصاً قوانص الديوك .
قوقي .
الماهية : حيوان بحري قوّته قريبة من قوّة حيوان جندبيدستر .
أعضاء الرأس : ينفع لحمه من الصرع .
أعضاء النفض : ينفع من اختناق الرحم .
قنفذ .
الماهية : البري منه معروف والجبلي هو الدلدل ذو الشوك السهمي قريب الطبع من البري وأما البحري فهو ضرب من السمك ذيِ الصدف .
الأفعال والخواص : شحمه يمنع انصباب المواد إلى الأحشاء ركذلك كبده المجففة وفي رماد الزينة : المملح من القنفذ البري ينفع من داء الفيل وينفع لحم البرّي من الجذام لشدة تحليله وتجفيفه .
حراقة جلد القنفذ البري نافع من داء الثعلب مخلوطاً بالزفت .
الأورام والبثور : القنفذ البحرفي ينفع جلده في أدوية الجَرَب ولحمه نافع جداً من الخنازير .
الجراح والقروح : رماد جلده نافع من القروح الوسخة ويفني اللحم الزائد ولحمه نافع جداً من الخنازير والعقد الصلبة .
آلات المفاصل : لحم البري المملح ينفع من الفالج والتشنج وأمراض العصب كلها وداء الفيل .
أعضاء النفس : ينفع لحم القنفذ البري من السل .
أعضاء الغذاء : ينفع لحم البري من سوء المزاج ومملوحه مع السكنبجبين جيد للاستسقاء وكذلك كبده مجفّفة في الشمس على خرقة .
أعضاء النفض : القنفذ البحري جيد للمعدة ويلين البطن ويدر .


ولحم القنفذ البري المملح بالسنكجبين ينفع من وجع الرأس والكلى .
ولحم القنفذ البري ينفع لمن يبول في الفراش من الصبيان حتى إن إدمان أكله ربما عسر البول .
الحمّيات : ينفع لحم البري منه للحميات المزمنة .
السموم : القنفذ لحمه ينفع من نهش الهوام .
الماهية : معروف والطهيوج يشاركه في صفاته .
الخواص : لحمه ألطف اللحمان .
الزينة : لحمه يسمن .
أعضاء النفس : لحمه يجلو الفؤاد .
أعضاء الغذاء : ينفع لحم القَبَج من الأستسقاء وينفع المعدة .
أعضاء النفض : لحمهما خفيف يعقلان ويزيدان في الباه .
قبر : أعضاء الغذاء : إذا استمرىء غذى غذاء كثيراً ولكنه بطيء الهضم .
قَضْم قُرَيش : قيل في باب التنوب .
أعضاء النفض : جيد لوجع الكلى والمثانة .
قلت : الماهية : هو الماش الهندي وهو مثل بزر الكتان وأكبر قليلاً إلى الغبرة .
الطبع : بارد في الثانية رطب في الأولى .
أعضاء النفض : يفتت حصاة الكلي والمثانة جيد لاستطلاق البطن .
قيسور .
الماهية : هو الفينك وذكر في باب زبد البحر .
قت : الماهية : هو الأسفست أي الرطبة وهو علف الدواب .
آلات المفاصل : دهن القت أنفع شيء للرعشة يذهب بها .
قَرظ : الماهية : ديسقوريدوس : ومن الناس من يسميه أقاكيا وبعضهم يسميه أقاقيا وهو عصارة شجرة تنبت بمصر وغير مصر وهي شوكة لاحقة في عظمها بالشجر وأغصانها وشعبها ليست بقائمة ولها زهر أببض وثمر مثل الترمس أبيض في علف منه تعمل العصارة ويجفف في ظل وإذا كان الثمر نضيجاً كان لون عصارته أسود وإذا كان فجا كان لون عصارته إلى لون الياقوت ما هو فاختر منها ما كان في لونها شيء من لون الياقوت وكانت إذا أضيفت إلى سائر الأقاقيا طيبت الرائحة .
وقوم يجمعون ورقه مع ثمره ويخرجون عصارتهما .
والصمغ العريي أيضاً يكون من هذه الشوكة وقد يغسل الأقاقيا ليستعمل في أدوية العين بأن يسحق بالماء ويصب الذي يطفو عليه ولا يزال يفعل به ذلك حتى يظهر الماء نقياً .


ثم إنه يعمل منه أقراص .
وقد يحرق الأقاقيا في قمر من طين يصير في أتون مع ماء يراد به أن يصير في فخار وقد يشوى على جمر فينفخ عليه والجيد من صمغ هذه الشوكة ما كان شبيهاً بالدود ولونه مثل لون الزجاج صافي ليس فيه خشب والثاني بعد الجيد ما كان منه أبيض وأما ما كان منه شبيهاً بالدود ولونه مثل لون الزجاج صافي ليس فيه خشب والثاني بعد الجيد ما كان منه أبيض وأما ما كان منه شبيهاً بالراتينج وسخاً فإنه رديء وقوته مغرية بقمع حدة الأدوية الحارة إذا خلط بها .
وكذلك من شجرة الأقاقيا ما ينبت في قيادوقيا صنف آخر شبيه بالأقاقيا الذي ينبت بمصر غير أنه أصغر منه بكثير وأغض منه وهو فمي ممتلىء شوكاً كأنه السلاء وله ورق شبيه بورق السذاب ويبزر في الخريف بزراً في غلف مزدوجة كل غلف فيه ثلاثة أقسام أو أربعة .
وبزره أصغر من العدس وهذا الأقاقيا يقبض أيضاً وتخرج عصارة شجرته كما هو وقوة هذه الأقاقيا أضعف من قوة الأقاقيا النابت بمصر وهذا الصنف ليس يصلح أن يستعمل في الأدوية الداخلة في العين ونحن إنما أوردناه هنا وبينا ماهيته إذ من الناس من يسقيه القرظ وسمعت من ثقة أهل كرمان أنهم يسقون الأقاقيا عصارة القرظ لكنا قد فرغنا من جميع أفعالها وأحوال ما يتعقق بالبدن وقد سبق ما ذكرنا في فصل الألف .
قمر قريش : الماهية : قال ديسقوريدوس : إن قمر قريش يسقيه بعض الناس فنطونداس وهو ثمرة التنوب وهو يكون في غلف والغلف قد يسمى الصنوبر .
الخواص : قوته قابضة مسخنة إسخاناً يسيراً .
أعضاء الصدر : إن استعمل وحده أو بالعسل ينفع من السعال ومن وجع الصدر فهذا آخر الكلام في حرف القاف .
وجملة ما ذكرنا من الأدوية في هذا الفصل إثنان وخمسون عدداً .


القانون
القانون
( 22 من 70 )

الفصل العشرون حرف الراء
ريحان الماهية : نبت معروف ذو صنفين .
أعضاء النفض : ينفع من البواسير طلاء بعد أن يدق أو يؤخذ دهنه ويصير مرهماً فإنه نافع للنفخ العارض في المعدة .
الماهية : نبات يوجد بجبال أصفهان ويشبه الشبث الرطب وقيل : ورقه كالخطمي وفُقَاحه صغار يلتوي على الشجرة كاللبلاب يشبه أن يكون في اختلاف ويشبه أن يكون القول الثاني يشير إلى أنه النبت الذي يسمى جمسفرم فإن العامة يحسبون أن جما هو سليمان .
الخواص : لطيف مجفف .
الأورام : يُطلى بالخل على الحمرة فينفع ويُطلى على الأورام البلغميّة وورقه وأيضاً دهنه يُطلى على الأورام البلغمية .
القروح : يُطلى بالخل على القروح الساعية .
آلات المفاصل : يُطلى على النقرس فينفع منه وهو خاصيته .
أعضاء الرأس : ينفع من اللقوة .
أعضاء النفض : يُحتمل بدهن الورد لوجع الرحم .
السموم : يُطلى على لذغ العقرب .
رعي الحمام .
الماهية : حشيش له حب كحب الآس أو قريب منه لكنّه أشد منه غبرة ويشابه لبه في اللون والطعم العدس المقشر فيه أدنى حلاوة .
الجراح والقروح : يدمل الجراحات ويمنع سعي الخبيثة إذا ضمدت به مع الخل .
الأورام والبثور : يحلل الأورام البلغمية .
الزينة : طبيخه يسود الشعر .
أعضاء النفض : طبيخ أغصانه يدر البول والطمث ويخرج الجنين ويُسكن الحكّة العارضة في القُروح إذا اغتسل به .
رعي الإبل .
الطبع : حار لطيف مجفف في الثانية .
الخواص .
يقال أن الإبل إنما لا يضرها سمّ الحيات والهوام لما يحصل لها من هذا الرعي من الترياقية .
السموم : يسقى لنهش الهوام .
رتة .
الماهية : هو البندق الهندي وهو ثمرة في عظم البندق متخشخش وينفلق عن حب كالنارجيل .
الطبع : حار يابس .
القروح : ينفع من الجرب والحكة .
آلات المفاصل : يكسر الرياح المؤذية في الظهر .


أعضاء الرأس : يسعط به في اللقوة فيكثر النفع به وكذلك ينفع من الشقيقة والصداع وهو سعوط نافع من السدر والصرع والجنون والمالنخوليا وقد جرّب سعوطه في اللقوّة ثلاثة أيام فكان يسيل رطوبة من المنخرين وبلغماً كثيراً وتزول العلّة في اليوم الثالث ويجب أن يلزم الملقو بيتاً مظلماً وينفع من ريح الخام .
أعضاء العين : ينفع من الماء في العين كحلاً وخصوصاً عصارة صغيرة ومن ريح السبل والغشاوة سعوطاً بماء المرزنجوش ويكتحل به مع الإثمد للحَوَل .
أعضاء الصدر : يسقى من أصله وزن درهمين في الشراب لذات الجنب البارد وللربو والسعال المزمن ونفث الدم من الصدر لما فيه من القبض .
أعضاء الغذاء : ينفع من الهيضة ويسقى منه وزن درهمين للمعدة الباردة .
أعضاء النفض : يسقى لوجع الرحم .
والفرزجة المحتملة من محلوله تدر الطمث وتخرج الجنين وكذلك عصارته ويسهل المرة السوداء والبلغم والمائية أيضاً والصفراء من البدن كله من غير إكراه حتى إنه يعافى البرص واليرقان والكلف ونحوه ويحلّل القولنج والشربة ثلاث كرمات والكرمة ست قراريط يسقى مع شراب حلو أو سكنجبين ويعطى مع فطراساليون .
ودوقو والسقمونيا يحرك إسهاله إذا خلط به ويقويه ومقداره لكل درخمي ثلاث أثولوسات من السقمونيا وربما أخذ منه وزن درهمين ويدق ويجعل في شراب حلو أو في سكنجبين ويترك مدة ثم يطبخ ذلك الشراب أو السكنجبين بالعدس أو بالشعير بلحم الدجاج ويتحسى مرقه ويخلط به من السقمونيا .
الحميات : نافع من الحميات خصوصاً الربع .
السموم : ترياق للدغ العقرب والرتيلاء ويجتهد أن يؤخذ من قشره الأعلى كعدسة ويسعط في شق اللسعة .
راوند .
الماهية : زعم قول أن الراوند أصول بهمن فى الصين ويجلب من ثم إلى البلاد وقد يغش بأن يطبخ وتؤخذ مائيته وتجفف عصارته ثم يجفّف جوهره بعد ذلك ويباع كما هو لكنه حينئذ يكون متكاثفاً وأشد قبضاً والخالص أشد تخلخلاً وأقل قبضاً زعفراني الممضغ .


الخواص : جوهر شجرته ممتزج من المائية والهوائية وفيه أرضية مرة لفعل النارية فيه وكذلك رخاوته وقبضه من أرضيته وتلدّنه أيضاً في قبضة أرضية بل ينفع فيه ويتم فعله الزينة : ينفع من الكلف والآثار الباقية على الجلود إذا طلي بالخل واستفراغاً به .
الأورام : يضمد به مع بعض الرطوبات الأورام الحارة .
القروح : ينفع من القوباء طلاء بالخل .
آلات المفاصل : نافع جداً من السقطة والضرة قال الخوزي : والشربة درهمان في طلاء ممزوج وللفسوخ إذا سقي بشراب ريحاني وكذلك إذا دهن بدهنه لفسخ العضل وأوجاعها والامتداد وينفع من الفتق .
أعضاء الصدر : نافع من الربو ونفث الدم .
أعضاء الغذاء : وهو نافع للكبد والمعدة وضعفهما وأوجاعهما ومن الأوجاع الباطنة والفواق ويضمر الطحال .
أعضاء النفض : ينفع من الذرب والمغص ودوسنطاريا ووجع الكبد والمثانة وأوجاع الرحم ونزف الدم .
الحميات : نافع من الحميات المزمنة وذوات الأدوار .
السموم : نافع من نهش الهوام ومقدار شربته كمقدار الشربة من غاريقون فحسب .
رازيانج .
الماهية : بزره يشبه بزر الكرفس قريب القوّة من قوة البري لكنه أضعف وأقوى من البرّي بكثير .
الطبع : البري أشد حرارة ويبساً وأولى بالثالثة وأما البستاني فيكون حرارته في الثانية .
الخواص : يفتح السدد .
أعضاء العين : يحد البصر خصوصاً صمغه وينفع من ابتداء الماء وعند نزوله وزعم ابقراطيس أن الهوام ترعى بزر الرازيانج الطري ليقوي بصرها والإذاعي والحيات تحك بأعيانها عليها إذا خرجت من مأواها بعد الشتاء استضاءة للعين .
أعضاء الصدر : رطبه يغزر اللبن وخصوصاً البستاني مع الترنجبين .
أعضاء الغذاء : ينفع إذا سقي بالماء البارد من الغثيان والتهاب المعدة وهضمه بطيء وغذاؤه رديء جداً .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث والبري خاصة يفتت الحصاة .


وفي البري والنهري منفعة الكلية والمثانة وينفع خصوصاً البري منه من تقطير البول فينقي النفساء وإذا أكل أصله مع بزره عقل .
الحميات : ينفع من الحميات المزمنة فيسمى بالماء البارد فينفع من الغثيان في الحمييّات ومن السموم : ينفع طبيخه بالشراب من نهش الهوام ويُدق أصله ويجعل طلاء على عضة الكَلْب الكَلِب فينفع .
رامك .
الطبع : بارد يابس .
الخواص : قابض لطيف عاقل يمنع انصباب المواد ويسكن الحرارة .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة إذا سقي مع ماء الآس .
النفض : يعقل البطن .
رطب .
الاختيار : الجني من كل نوع .
الطبع : حار في الدرجه الثانية رطب في الأولى وقيل : إن حرارته أكثر من رطوبته وليس تتساوى جميع أصنافه بل كل ما كان أشد حلاوة كان أشد حرارة .
الخواص : الدم المتولد منه مريع التعقن رديء ويصلحه اللوز والجلنجبين وتقدم الخس والاختتام بالخل والسكنجبين .
أعضاء الغذاء : هو نافع للمعدة الباردة .
أعضاء النفض : يلين الطبع ويزيد في جوهر المني .
راتينج .
الماهية : هو نوع من صمغ شجرة الصنوبر .
الطبع : حار إلى الثالثة يابس في الأولى .
الخواص : منبت للحم في الأبدان الجاسية ولكنه يهيج الألم في الأبدان الناعمة وقد تبرأ به القروح وبالجلنار وما أشبههما .
راسن : منه بستا ني ومنه نوع كل ورقة منه من شبر إلى ذراع مفرش على الأرض كالنمام وورق العدس وأنفع ما فيه أصله .
الاختيار : قوة شرابه قوية في أفعاله وأفضل والمربى منه بالخل مكسور الحر .
الطبع : حار يابس في الثانية فيه رطوبة فضلية ولذلك ليس يسخن البدن كله كلما يلقاه .
الخواص : ينفع من جميع الأورام والأوجاع الباردة وهيجان الرياح والنفخ فيه قوة محمّرة وفيه جلاء بالغ .
آلات المفاصل : ينفع من عرق النسا ووجع المفاصل وأصله وورقه ضماداً وينفع من الأوجاع أعضاء الرأس : مصدع ولكنّه يحلل الشقيقة البلغمية وخصوصاً نطولاً .


أعضاء الصدر : يعين على النفث لعوقاً بعسل وهو جيد الفعل إذا خلط في اللعوقات المنقية للصدر وهو مما يفرح ويقوي القلب وقد يتخذ منه شراب بأن يؤخذ منه خمسون مثقالاً ويجعل في ست أثولوسات عصير ويشرب منه بعد ثلاثة أشهر فينقي الصدر و الرئة .
أعضاء النفض : طبيخ أصله يدرهما وخصوصاً شرابه ومن تعهّد استعمال الراسن لم يحتج أن يبول كل ساعة .
السموم : ينفع من نهش الهوام وخصوصاً المصري .
رماد .
الخواص : جلاء مجفف أكله وإن اختلف والغسل يقلل جلاءه ويورثه تغرية والتجفيف بلا لذع وماء الرماد داخل في الأدوية المعفنة وأقواها ماء رماد التين واليتوع وجلاء سائر مياه الرماد ويبسه أقل من هذين ورماد المازريون جلاّء معفن ورماد الخشب القابض كالبلوط وغيره يحبس الدم .
الأورام والبثور : رماد العظاية للجرب والقوابي يطلى عليها .
الجراح والقروح : ماء رماد التين يبرىء القروح الخبيثة ويأكل اللحم الزائد في القروح وينفع القروح العميقة العظيمة لأنه يبلغ اللحم الفاسد في القروح وينبت اللحم ويلزق مثل ما تلزق أدوية الجراحات الملزقة .
آلات المفاصل : وقد يسمى من ماء الرماد خصوصاً رماد التين بماء أو مع شيء يسير من زيت للسقطة من موضع عال والوهن وإذا خالط به زيت وتمسح به حللت العرق وينفع من وجع العصب والفالج نفعاً بيناً .
أعضاء الرأس : ماء الرماد يشد اللثة وخصوصاً ماء رماد البلوط .
أعضاء العين : رماد المازريون يحد البصر .
أعضاء الصدر : رماد المازريون ينفع من الرائحة وخصوصاً مع دواء الخطاطيف .
أعضاء الغذاء : ماء رماد التين مع زيت إذا شرب ينفع جمود الدم في المعدة .
أعضاء النفض : وقد يحقن ماء رماد التين أو البلوط لقرحة الامعاء ومن السيلان المزمن والبواسير والنواصير .
السموم : قد يشرب من نهشة الرتيلاء وكذلك ماء رماد البلوط والتين ينفع من شرب الجبسين .
رجل الجراد .
الماهية : يجري مجرى البقلة اليمانية .


الحميات : ينفع طبيخاً منفعة السرمق وغيره في حميات الربع والمطبقَة والطربطاوس نفعاً بليغاً .
رجل الغراب .
أعضاء النفض : أصل هذه الحشيشة إذا طبخ نفع من الإسهال المزمن وذكر بولس وغيره أنه ينفع من القولنج أيضاً ويعمل عمل السورنجان من غير مضرة .
رمان .
الطبع : الحلو منه بارد إلى الأولى رطب فيها والحامض بارد يابس في الثانية .
الخواص : الحاض يقمع الصفراء ويمنع سيلان الفضول إلى الأحشاء وخصوصاً شرابه وفي جميع أصنافه حتى الحامض جلاء مع القبض .
الأورام : حب الرمان مع العسل طلاء للداحس .
الجراح والقروح : حب الرمان مع العسل طلاء للقروح الخبيثة الخشنة وأقماعه للجراحات ولا سيما محرقاً والجلنار يلزق الجراحات بحرارتها والحلو منه ملين وجميعه قليل الغذاء جيده لكن حبه رديء وأقبض أجزائه أقماعه وجميعه حبه الحلو كان أو غير الحلو .
أعضاء الرأس : حبّ الرمان بالعسل ينفع من وجع الأذن وهو طلاء لباطن الأنف وينفع حبه مسحوقاً مخلوطاً بالعسل من القلاع طلاء وإن طبخت الرمانة الحلوة بالشراب ثم دقت كما هي وضمّد به الأذن نفع من ورمها منفعة جيدة وشراب الرمان وربه نافع من الخِمَار وخصوصاً ربّه الحامض .
أعضاء العين : تنفع عصارة الحامض من الظفرة مع العسل وعصارة الحلو والمر مع العسل المشمس أياماً تنفع حرارة العين والجهر .
أعضاء الصدر : الحامض يخشن الحلق والصدر والحلو يلينهما ويقوي الصدر وإذا سقي حب الرمان في ماء المطر نفع من نفث الدم وينفع جميعه من الخففان ويجلو الفؤاد .
أعضاء الغذاء : كله جيّد الكيموس وجيد للمعدة الرمّان المز وينفع من التهاب المعدة والحلو موافق للمعدة لما فيه من قبض لطيف والحامض يضرّ المعدة ومع ذلك فإن حبّ الرمان رديء للمعدة محرق وسويقه مصلح لشهوة الحبالى وكذلك ربّه خصوصاً الحامض ولأن يمصه المحموم بعد غذائه فيمنع صعود البخار أولى من أن يقدّمه فيصرف المواد عن أسفل وجميعه قليل الغذاء .


والمز منه ربما كان أنفع للمعدة من التفاح والسفرجل .
أعضاء النفض : الحامض أكثر إدراراً للبول من الحلو وكلاهما يدر وحبّ الرمان بالعسل ينفع من قروح المعدة والحامض منه يضر المعدة والمعي وسويقه ينفع من الإسهال الصفراوي ويقوي الحميات : الرمان المز ينفع من الحميات والالتهاب وأما الحلو فكثيراً ما ضرّ أصحاب الحميات الحارة .
ربباس .
الماهية : نبات ينبت في الربيع على الجبل وله قوّة حماض الأترج والحصرم .
الطبع : بارد يابس في الثانية .
الخواص : مطفىء قاطع للدم مسكن للحرارة .
الأورام : ينفع من الطاعون .
أعضاء العين : يحد البصر إذا اكتحل بعصارته .
أعضاء النفض : نافع من الإسهال الصفراوي .
الحميات : ينفع من الحصبة والجدري والطاعون .
رئة .
الخواص : غذاؤه قليل يميل إلى البلغمية وفيه نظر .
الجراح والقروح : رئة الجمل تشفي السحج من الخف إذا جعلت عليه حارة وكذلك رئة الخنازير تفعل ذلك وتمنع منه الورم .
أعضاء الغذاء : إنهضامها سهل .
أعضاء النفض : فيهاعقل للبطن .
رَخَمَة .
أعضاء الرأس : تقطر مرارته بدهن البنفسج في الجانب المخالف للشقيقة والمخالف من وجع الأذن ويسعط به الصبيان أو يقطر في أذنهم لما يكون بهم من ريح الصبيان .
أعضاء العين : يكتحل بمرارته لبياض العين بالماء البارد .
أعضاء الغذاء : قيل أن زبله يسقط الجنين تبخراً .
السموم : قال ابن البطريق أن مرارته تجفف في أناء زجاج في الظل ويكتحل به في جانب لسعة الأفعى ولست أصدق به وقد ذكر بعضهم أنه جُرب لسم العقرب والحية والزنبور فكان نافعاً وأحسبه لطوخاً .
رصاص .
الماهية : قد قيل في باب الأسرب وهذا هو القلعيّ وأما أسفيذاجه وأصناف اتخاذه فنذكره في الأقراباذين .
الاختيار : لطيفه هو المحرق والإسفيذاج ويجب أن يتوقّى رائحته عند الإحراق .


الخواص : محرقه فيه تلطيف وتليين وتحليل يقطع الدم وأسفيذاجه مغر مبرّد قوّته كقوّة التوتيا المحرق وخبث الرصاص في مثل قوّة الرصاص المحرق .
الأورام والبثور : إذا حكّ بشراب وغيره أو بشيء من العصارات الباردة نفع الأورام .
الجراح والقروح : ينفع القروح الخبيثة والساعية والإسفيذاج يملأ القروح الغائرة لحماً .
السموم : إذا دلك إسفيذاجه على لسعة العقرب البحري والتنين البحري نفع .
رعادة .
أعضاء الرأس : قيل أن الرعادة إذا وضعت على رأس المصدوع أذهبن الصداع .
قال جالينوس : أظنّ أنها إنما تفعل وهي حيّة وأما الميتة فقد جربتها فلم تفعل من ذلك شيئاً وهي السمكه المخدرة .
آلات المفاصل : قال بولس : الدهن الذي تطبخ فيه هذه السمكة يسكّن أوجاع المفاصل الحديثة إذا دهنت به .
أعضاء النفض : وإن احتمل شد المقعدة من ساعته التي تبزر إلى خارج ويضم البواسير .
روبيان .
الماهية : قال جالينوس : إن الحال فيه كالحال في السرطان .
الخواص : إذا ملح وعتق يولد سوداء وحكة رديئة .
الأورام : قال جالينوس : إنه يحلل الأورام الصلبة .
أعضاء الغذاء : يغذوغذاء صالحاً .
أعضاء النفض : يزيد في المني ويزيد في الباه ويليّن البطن ويستفرغ حب القرع .
رطبة .
الماهية : هي القتّ وقد فرغنا من بيان ذلك في فصل القاف .
ربيثا .
الطبع : قال ابن ماسويه هي أسخن من الروبيان .
أعضاء الغذاء : نافعة للمعدة تجفف الرطوبات التي فيها لا سيما إذا أكلت بالسذاب والشونيز والكرفس والزيت .
أعضاء النفض : نِعْم العون على الباه .
رخبين .
الطبع : قال ابن ماسويه أنه حار يابس في الثانية رديء الخلط جيّد للمعدة الحارة .
أعضاء النفض : يليّن البطن إن احتمل منه شياف .
رُقاقِس .
الماهية : قيل أن الرقاقس دواء فارسي يشبه الثوم وهما إثنان ملتويان رأسهما مشقّق .
أعضاء النفض : يزيد في المني جداً .
ربيتاع .
الماهية : حجر كالسرطان .
الطبع : بارد رطب في الثانية .


الخواص : ينشف ويجلو .
أعضاء العين : يحد البصر .
فهذا آخر الكلام من حرف الراء وجملة ما ذكرنا من الأدوية خمسة وعشرون عدداً .
الفصل الحادي والعشرون حرف الشين
شقائق .
قال الحكيم الفاضل ديسقوريدوس : من الناس من يسميه أرميون وأيضاً عامينون .
وهو صنفان أحدهما البرّي والآخر البستاني ومن البستاني ما زهره أحمر ومنه ما زهره إلى البياض من لون اللبن إلى الأرجوانية وله ورق شبيه بورق الكزبرة إلا أنه أرق .
قشرها من الأرض قريب منبسط عليها أغصان دقاق خضر على أطرافها زهر مثل الخشخاش وفي وسط الزهر رؤوس لونها أسود أو كحلي وأصله في عظم زيتونة وأعظم وكله معقد .
وما البري فإنه أعظم من البستاني وأعرض ورقاً وأصلب .
ورؤوسه أطول ولون زهره أحمر قاني وله أصول دقاق كثيرة ومنه ما يكون أسود وهو أشد حرافة من الآخر .
ومن الناس من يجعل ولا يفرق بين شقائق النعمان البري وبين الدواء المسمى لدحمونيا البرّي وبين الخشخاش الذي له رؤوس يشابه زهرها في الحمرة .
والأرغاموني نبات يشبه هذا يخرج منه دمعة لونها لون الزعفران ودمع الرؤوس إلى البياض أقرب لكن العلامة بين الشقائق وهذا النبات الآخر أنه ليس للشقائق دمعة ولا خشخاشة أو رمان لكن له شيء شبيه بأطراف الهِلْيَوْن .
الطبع : حار في الثانية رطب .
الخواص : جلاّء محلل .
قال جالينوس : هو جالة غسالة جاذب منضج .
الزينة : يسوّد الشعر مخلوطاً بقشور الجوز وإذا استعمل ورقه وقضبانه كما هو أو مطبوخاً يحسّن الشعر .
الأورام والبثور : يطبخ فيطلى على الأورام التي ليست بصلبة ويستفرغ به بسبب الدمامل والأورام الحارة .
الجراح والقروح : ينفع يابسه من القروح الوسخة ويدملها ومن التقشر وهو منقّ للقروح بالغ للتقشر والجرب المتقرّح وينقّي القروح الوسخة جداً .
أعضاء الرأس : عصارته سعوطاً لتنقية الرأس والدماغ وأصله يمضغ لجذب الرطوبات من الرأس ويقلع القوباء .


أعضاء العين : عصارته مع العسل نافعة لظلمة العين وبياضها وآثار قروحها وإذا طبخ بالطلاء وتضمد به أبرأ الأورام الصلبة من نواحي العين .
أعضاء الصدر : إذا طبخ ورقه بقضبانه بحشيش الصعتر وأكل أدر اللبن كما ينبغي .
أعضاء النفض : يدر الطمث إذا احتمل .
شهمانج .
الماهية : هو بزر شجرة القِنب وقد تكلمنا في القِنّب فيجب أن نجمع بين النظر في البابين جميعاً ومن الشهدانج بستاني معروف ومنه بري .
وقال حنين : إن البري شجرة تخرج في القفار على قدر ذراع ورقها يغلب عليه البياض وثمرها كالفلفل ويشبه حبّها السمنة وهو حب الطبع : حار يابس في الثالثة .
الخواص : يحلل الرياح ويجفف بقوة وخلطه قليل رديء .
الأورام والبثور : القنب البري إذا طبخت أصوله وضمّد بها الأورام الحارة في المواضع الصلبة التي فيها كيموسات لاحجة سكّن الحارة وحلل الصلبة .
أعضاء الرأس : يصلحع بحرارته وعصارته تقطر لوجع الأذن السددي ولرطوبة الأذن وكذلك دهنه وورقه قلاع للحزاز في الرأس .
أعضاء العين : يطلم البصر .
أعضاء الغذاء : يضرّ المِعَد فيما يقال .
أعضاء النفض : يجفف المني ولبن الشهدانج البري يسهّل برفق ونصف رطل من عصيره يحل الاعتقال ويطلق البلغم والصفراء ويذهب مذهب القرطم .
شاهترج .
الاختيار : جيّده الأخضر الحديث المر .
الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : يصفي الدم ويفتح السدد وفيه برد لما فيه من طعم القبض وحرّ لما فيه من القروح : يشرب للحكة والجرب .
أعضاء الرأس : يشدّ اللثّة .
أعضاء الغذاء : يقوي المعدة ويفتح سدد الكبد .
أعضاء النفض : يلين الطبيعة ويدر البول والشربة منه من عشرة دراهم إلى نصف رطل إلى ثلثي رطل مع سكر ومن يابسه مع الأدوية في المطبوخ إلى عشرة دراهم وكما هو مسحوقاً من ثلاثة إلى سبعة .
الأبدال : بدله في الجرب والحميات العتيقة نصف وزنه سنامكي .
شيطرج .


الماهية : الهندي منه قطاع خشب صغار دقاق وقشور كقشور الدارصيني والمكسر إلى الحمرة والسواد وينبت الشيطرج في الحيطان العتيقة وحيث لا يثلج وله ورق كورق الحرف ويكون في الصيف كثير الورق ويصغر ويزداد صغراً حتى لا يكاد يرى وليست فيه رائحة وهو كالحرف طعمه ورائحته تشبه القردمانا وقوّته مثله .
الطبع : حار يابس في آخر الثانية .
الخواص : جال مقرّح يشبه طعمه ورائحته وكذلك قوته القردمانا .
الجراح والقروح : يطلى على التقشر والجرب بالخلّ فيقلعه .
آلات المفاصل : يشرب لوجع المفاصل فينفع نفعاً بليغاً .
أعضاء الغذاء : يطلى على الطحال فيضمره .
أعضاء النفض : إذا علق أصله على أذن من به وجع المثانة يسكنه فيما يقال .
الأبدال : بدله مثله فوة .
شيلم .
الماهية : حشيشة تنبت بين الحنطة .
وقال جالينوس : يجوز أن يجعل في الأولى من الأشجار .
الطبع : يجوز أن يجعل في مبدأ الدرجة الأولى من الإسخان وفي نهاية الثاتية من التجفيف .
الخواص : لطيف جلاء محلل .
الزينة : يطلى على البهق مع الكبريت فينفع .
الأورام والبثور : يحلل الأورام والخنازير مع بزر الكتان ويفجرها مع خرء الحمام وبزر الكتان .
الجراح والقروح : يطلى النابت منه مع الحنطة على القروحٍ ويذر عليها فينفع ويطلى على القوباء وقد يجعل على الجروح مع قشر الفجل ضماداً فينفع .
أعضاء الرأس : يسكر ويسد .
أعضاء النفض : إذا بخّر به أعان على الحبل خصوصاً مع سويق الشعير .
شيح الماهية : الشيح جنسان رومي وتركي .
أحدهما شَاك سروي الورق أجوف العود وإنما يستعمل في الدخن والآخر طرفائي الورق وقد يوجد له صنف ثالث يسمّى سبرينون الأرمني الأصفر .


قال الحكيم الفاضل ديسقوريدوس : من الناس من يسميه ساريقون وهو الشيح ومن الناس من يسمّيه الأفسنتين البحري وهو ينبت كثيراً في جبل طوريس وبمصر في موضع يدعى بوصير وهو عشبة دبق الثمرة يشبه الأبهل الأصفر ممتلئة بزراً والغنم إذا اعتلفته تسمن خاصة بأرض بقيادوقيا .
وقال أيضاً : من الأفسنتين نوع ثالث وهو ينبت في المواضع التي في أرض غلاظية ويدعوه أهل تلك البلاد سندونيقون إستخرجوا له هذا الاسم من الموضع الذي ينبت فيه وهو سندونية وهو شبيه بالأفسنتين وليس بكثير البزر إلا أنه إلى المرارة وقوته قوة ساريقون .
الاختيار : أجوده الأرمني .
الأفعال والخواص : جميع أصنافه مقطّع محلل للرياح وفيه قبض دون قبض الأفسنتين وتسخينه أكثر من تسخينه ومرارته أكثر وفيه ملوحة .
الزينة : رماده بزيت أو بدهن اللوز طلاء نافع من داء الثعلب ودهنه ينبت اللحية المتباطئة .
الأورام والبثور : يسكن الأورام والدماميل .
القروح : يمنع الأكلة والسوداء .
أعضاء الرأس .
يصدع .
أعضاء العين : يكمد بمائه الرمد فيحلله .
ورماده يملأ حفرة العين العارضة من القرحة .
أعضاء النفس : ينفع من عسر النفس .
أعضاء الغذاء : ضار بالمعدة وخصوصاً الثالث .
أعضاء النفض : يخرج الديدان وحب القرع ويقتلها ويدر الطمث والبول وهو أقوى في ذلك من الأفسنتين الآخر .
الحميات : دهنه ينفع من برد النافض .
السموم : ينفع من لسع العقارب والرتيلاء ومن السموم .
شنجار .
الماهية : هو خس الحمار أنواعه كثيرة وله ورق كورق الخس محَدد شاك إلى السواد ويحمر في الصيف عوده كالدم بحيث يصبغ اليد .
الاختيار : ورقه أضعف ما فيه .
الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : المسمّى منه أنوقليا قابض فيه مرارة والمسمى فلوسي أشد قبضاً والمسمى أنولوس أشدّ منهما وأحرف والذي لا اسم له قريب منه وفي جميعه قبض وتجفيف وإذا خُلط بالدهن ومرخ به عرق .
الزينة : طلاء نافع من البهق واليرقان .


الأورام : يضمّد به مع شحم ويطلى على التقشّر ومع دهن السعتر على الجمرة خصوصاً النوع المسمى فالوس .
القروح : يدمل القروح إذا استعمل في القيروطي .
أعضاء الرأس : أنفع شيء لأوجاع الأذن .
أعضاء الغذاء : ينفع من اليرقان شرباً خصوصاً أنوقليا وخصوصاً من أوجاع الطحال وقشره دابغ للمعدة .
أعضاء النفض : إذا أسقي من الذي لا اسم له مثقال ونصف مع قردمانا أو زوفا أو الحرف آخرج الديدان وحب القرع والذي يسمى أنوقليا نافع لوجع الكلي .
السموم : المسمى يافسوس نافع من نهشة الأفعى جداً إذا استعمل ضماداً أو مشروباً والذي لا اسم له قريب من ذلك .
شل .
الماهية : دواء هندي يشبه الزنجبيل .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : هو مرّ قابض حريف يكسر الرياح وفي قوّة العسل له تحليل عجيب وتلطيف .
آلات المفاصل : نافع للعصب والفسوخ .
شوكَران .
الماهية : قال ديسقوريدوس : يسمّيه أهل جرجان البوط وهو نبات له ساق ذو عقد مثل ساق الرازيانج وهو كبير له ورق شبيه بورق بارنعس إلا أنه أرق منه ثقيل الرائحة في أعلاه شعب وإكليل فيه زهر أبيض وبزر شبيه بالأنيسون إلا أنه أبيض منه وله أصول أجوف وليس بمتقعّر في أصل .
وهذا الدواء أحدّ الأدوية القتالة ويقتل بالبرد وقد يؤخذ جملة هذا النبات ورقه قبل أن يجفّ البزر ويدق ويُعصر وتؤخذ العصارة وتجفف في الشمس وينتفع بها من أشياء كثيرة .
قال روفس : ورقه كورق اليبروح وأصفر وأشد صفرة وأصله رقيق لا ثمرة له وبزره في لون النانخواه أكبر بلا طعم ورائحة وله لعاب .
قال مسيح : هو ضرب من البيش ولم يحسن .
أقول : إنه قد جاء قوبيون باليونانية وترجم بالشوكران وقد ترجم بالبيش وقد نسب إلى قوبيون أعراض البيش فاختلف الناس فيه .
الطبع : بارد يابس في الثالثة إلى الرابعة .
الأختبار : أجوده ما يكون باقريطي وأطبعي وقاليقلا .
الخواص : يمنع نزف الدم مجمد للدم محدر .


الزينة : إذا طلي على موضع النتف منع تبريده نبات الشعر ثانياً ويضمّد به الثدي فلا يعظم .
الأورام والبثور : عصارته تسكّن الجمرة والنملة .
آلات المفاصل : طلاء على النقرس الحار .
أعضاء الرأس : عصارته جيدة للرطوبات التي تعرض في الأذن فيما يقال .
أعضاء الصدر : يضمد به الثدي فلا يعظم ويمنع درور اللبن .
أعضاء النفض : يحبس الدم وينفع من وجع الأرحام ويضمد به الخصية فلا تعظم ويمرخ به أعضاء المني فيمنع الاحتلام .
السموم : هو سم قاتل وعلاجه شرب الشراب الصرف .
شقاقل .
الطبع : حار في الثانية إلى رطوبة ما .
الخواص : فيه تليين وقوة المربى منه قوة الجزر المربى .
أعضاء النفض : يهيج شهوة الباه .
الأبدال : بدله البورندان .
شجرة مريم .
الماهية : هو بخور مريم وقد قيل فيه في فصل الميم عند ذكرنا مقلا مينوس وهي ثلاثة أنواع نوع بلا ثمرة ونوعان بثمرة .
أعضاء الرأس : ينفع من الزكام البارد .
أعضاء العين : نافع لنزول الماء في العين .
الطبع : حار يابس في الثانية .
الخواص : محلّل ملطف جداً وإذا وضع تحت وساد الصبيان نفع من لعاب أفواههم .
آلات المفاصل : ينفع من الفالج طلاء وسعوطاً وشرباً بالشراب .
أعضاء الرأس : إذا سعط بمائه نقى الدماغ وينفع أيضاً من اللقوة والصرع شرباً بالشراب .
أعضاء الغذاء : ينفع من رطوبات المعدة وينفع من لعاب أفواه الصبيان إذا وضع تحت رؤوسهم فيما زعموا .
أعضاء النفض : ينفع من رياح الرحم .
الماهية : قال ديسقوريدوس : أصناف الشب كثيرة والداخل منها في علاج الطبّ ثلاثة المشقّق والرطب والمدحرج .
فالمشقق هو اليماني وهو أبيض إلى صفرة قابض فيه حموضة وكأنه فقاح الشب ويوجد صنف حجري لا قبض فيه عند الذوق وليس هو من قبيل الشبّ .
الطبع : حار يابس في الثانية .


الخواص : فيه منع وتجفيف وينفع نزف كل دم ويمنع سيلان الفضول وانصبابها وقبضه أكثر من قبض الباذاورد وخصوصاً في قشره وأصله وكذلك هما أقوى في كل شيء منه .
الزينة : مع ماء الزفت على الخزاز والقمل والبحر وصنان الإبط .
الجراح والقروح : مع دردي الخمر بمثل الشب عفصاً للقروح العسرة والمتأكلة ومع مثليه ملحاً للأكلة وحرق النار .
أعضاء الرأس : طبيخه نافع إذا تمضمض به من وجع الأسنان .
شُكَاعَى .
الماهية : هو نبات له أصل شبيه بالسعْد شديد المرارة وقد يسمى كثير العقد .
الأفعال والخوص : قبضه أكثر من قبض الباذاورد وخصوصاً في قشره وأصله وكذلك أقوى في كل ثيء منه .
أعضاء الرأس : طبيخه نافع إذا تمضمض به من وجع الأسنان وينفع هو وأصله من ورم اللهاة .
أعضاء الغذاء : ينفع المعدة والكبد .
أعضاء النفض : طبيخ أصله يمنع من نزف النساء وهو حمولاً وجلوساً فيه لأورام المقعدة .
الحميات : نافع من الحميات العتيقة وخصوصاً للصبيان .
شيرخشك .
هو طل يقع على شجر الخلاف والكثيراء بهراة .
الخواص : جال .
أعضاء النفض : هو قريب من الترنجبين في إسهاله وأفعاله بل أقوى منه .
شونيز .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الخواص : حريف مقطع للبلغم جلاء ويحلل الرياح والنفخ وتنقيته بالغة .
الزينة : يقطع الثآليل المنكوسة والخيلان والبهق والبرص خصوصاً .
الأورام والبثور : يجعل مع الخَل على البثور اللبنية ويحل الأورام البلغمية والصلبة .
القروح : مع الخل على القروح البلغمية والجرب المتقرح .
أعضاء الرأس : ينفع من الزكاة خصوصاً مقلوا مجعولاً في صرة من كتان ويطلى على جبهة من به صداع بارد وإذا نقع في الخلٌ ليلة ثم سحق من الغد واستعط به وتقدم إلى المريض حتى يستنشقه نفع من الأوجاع المزمنة في الرأس ومن اللقوة .
وهو من الأدوية المنفخة جداً لسدد المصفاة .
وطبيخه بالخل ينفع من وجع الأسنان مضمضة وخصوصاً مع خشب الصنوبر .


أعضاء العين : إذا سعط مسحوقه بدهن الإيرسا منع ابتداء الماء .
أعضاء النفس : ينفع أيضاً من انتصاب النفس إذا شرب مع نطرون .
أعضاء النفض : يقتل الديدان وحب القرع ولو طلاء على السرة ويدر الطمث إذا استعمل الحميات : يحل الحميات البلغمية والسوداوية خاصة ويذهب بهما .
السموم : من دخانه تهرب الهوام وزعم قوم أن الإكثار منه قاتل وهو مما ينفع من لسعة الرتيلاء إذا شرب منه درخمي .
الطبع : إسخانه بين الثانية والثالثة وتجفيفه بين الأولى والثانية وإذا أحرق صار فيهما في الثانية .
الخواص : منضج للأخلاط البارة مسكن للأوجاع يفشً الرياح وكذلك دهنه .
وفيه تليين بالغ ومزاجه قريب من المنضج المفتح لكنه أسخن ورطبه أشد إنضاجاً ويابسه أشد تحليلاً .
الأورام : منضج للأورام .
القروح : رماده ينفع من القروح الرهلة .
آلات المفاصل : ينفع دهنه من أوجاع الأعصاب وما يشبهها .
أعضاء الرأس : منوم وخصوصاً دهنه وعصارته تنفع من وجع الأذن السوداوي ويبس رطوبة الأذن .
أعضاء العين : إدمان أكله يضعف البصر .
أعضاء الصدر : الشبث وبزره يدر اللبن خصوصاً في الأحشاء المكثرة للبن .
أعضاء الغذاء : ينفع من فواق الامتلاء الكائن من طفو الطعام قال جالينوس : ويضر بالمعدة وفي بزره تقيئة .
أعضاء النفض : ينفع من المغص ويقطع المني إذا حقن به وجلس في مائه وبزره يقطع البواسير النابتة ورماده جيد لقروح المقعدة والذكر .
شمع .
الماهية : قيل فيه في فصل الموم .
أعضاء النقض : يزيد في الباه .
شبرم .
الماهية : ينبت في البساتين له قصب دقيق مستوٍ وزغب وورق كورق الطرخون فيما أقدر ولبن .
الاختيار : أجوده الخفيف الذي إلى الحمرة كجلد ملفوف رقيق اللحاء والذي بقضيبين الخفيف اللحاء والغليظ القليل الحمرة الصلب الخيوطي رديء والفارسي رديء لا ينبغي أن يستعمل منه شيء .


الطبع : قال حنين حار في أول الثانية يابس في آخر الثالثة وأما لبنه فبالغ فيهما جميعاً بل في الخواص : فيه قبض وحدة وتفجير لأفواه العروق وذلك أحد ما يهجر له وإذا أصلح لم ينتفع به لما ذكر في موضعه وهو بالجملة ضار وخصوصاً بالأمزجة الحارة .
أعضاء الرأس : لبنه معين في قلع الأسنان .
أعضاء الغذاء : يضر بالمعدة والكبد ويسقى في علاج الاستسقاء فيجب أن ينفع أولاً في عصير الهندبا والرازيانج وعنب الثعلب ثلاثة أيام ثم يجفف ويقرص بشيء مم الملح الهندي والتربد والهليلج والصبر فيكون قوي النفع .
أعضاء النفض : يسهل السوداء والبلغم والماء وقد كان في الطمث القديم يستعمل في المسهلات ثم ترك لضرره بالباه والمني وتفجيره لعروق المقعدة وإذا أصلح لم ينتفع به وذلك لأن إصلاحه بأن ينفع في اللبن الحليب يوماً وليلة غير مدقوق ويجمد ذلك مراراً .
وذلك مما يضعفه ويبطل قلعه الأخلاط الرديئة ومن لم يجد بداً من استعماله فليخلط به أنيسون ورازيانج وكمون .
والشربة منه من دانق إلى أربعة دوانيق وهذا من حشيشه .
وأكل لبنه فلا خير فيه ولا أرى شربه وإذا أفرط إسهاله فمما يقطعه القعود في الماء البارد وإذا سقي للقولنج مع الأشق والمقل والسكبينج وشيء من زبل الذئب الموصوف في باب القولنج .
الحمّيات : هُجِر لتوليده الحميات .
شلجم .
الماهية : قال ديسقوريدوس : منه بري ومنه بستاني .
والبرّي هو نبت كثير الأغصان طوله نحو من ذراع ينبت في الخربة أملس الطرف له ورق أملس عرضه مثل عرض الإبهام أو يزيد قليلاً وله ثمر في غلف كالباقلى وتنتفخ تلك الغلف فيظهر فيها غلاف آخر فيها بزر صغار سود إذا كُسر كان داخله أبيض وقد نفع البرد في أخلاط الغمر والأدوية التي تنقي مثل الأدوية التي تعمل من دقيق الترمس وغيره من دقيق الحنطة والباقلى والكرسنّة وقد يكون صنف آخر من الشلجم وهو أقل غذاء ممّا تقدم ذكره وإذا تقدم في شرب بزره بطل الأدوية القتالة .


الطبع : كلاهما حاران في الثانية رطبان في الآولى .
الخواص : قال جالينوس : أكله مطبوخاً طبخاً جيداً يغذي غذاء غليظاً كثيراً وإدمان أكله يولد السدد والرياح .
والمطبوخ بالماء والملح أقلّ غذاء والأجود منه ما كان مطبوخاً مع اللحم السمين .
الزينة : وإن أخذت شلجمة وأحرقت وأذيب في تجويفها شمع بدهن الورد على رماد حار كان نافعاً من داء الثعلب العتيق .
القروح : وكذلك هذا العمل بعينه ينفع الشقاق المتقرح العارض من البرد والشلجم المطبوخ يفعل أعضاء الصدر : المطبوخ مع اللحم السمين يليّن الحلق والصدر .
أعضاء الفناء : وكذلك المطبوخ مع اللحم يغذي غذاء كثيراً ويسخّن الكلى والشلجم يبطىء في المعدة .
آلات المفاصل : طبيخه يصب على النقرس كثير المنفعة والمطبوخ مع اللحم يسخن الظهر .
أعضاء العين : قيل أن الشلجم تناله مطبوخاً أو نياً ينفع البصر .
أعضاء النفض : جرمه يولّد المني وماؤه يدر البول وهاتان القوتان ظاهرتان فيه والمطبوخ مع اللحم يدرّ البول ويهيّج الباه وكذلك البزر يحرّك شهوة الجماع وأكل ورق الشلجم يدر البول والمطبوخ بالماء والملح أقل تهييجاً للباه .
شاذنج .
الماهية : قد يوجد في المعدن وقد يحفر على حجر الشاذنج من معادن مصر وقد يغش بأن يؤخذ من حجر بأن يكسر وجزء من حجر مدوّر ويدفنان في رماد حار في جوف أجاجين ويترك ساعة ثم يؤخذ منه فيحكّ على مسن وينظر إنْ كان لون محكه بلون الشاذنج كفاه وإلا فليرده إلى النار .
الاخنيار : أجود هذا الجنس ما يتفتت سريعاً المستوي الصلابة ولا يختلط به وسخ وليس فيه خطوط وألوان مختلفة والفرق بين المغشوش وغير ذلك بأنه لا يرى فيه النفاخات وبانكسار الحجر أنه ليس بشاذنج على خطوط مستقيمة والشاذنج بخلافه وأيضاً يستدل عليه باللون وذلك أن الحجر الذي ليس بشاذنج إذا حكّ كان لونه أقل حمرة .


الطبع : غير المغسول حار في الأولى يابس إلى الثالثة والمغسول بارد إلى الثانية يابس إلى الثالثة .
الخواص : فيه قبض شديد ويظهر إذا حك في الماء حتى يتحلل فيه ويثخنه وقوته مانعة وفيها إسخان ما وتلطيف وتجفيف بالغ .
قال بعضهم : إنه قوة المارقشيثا لكنه أيبس وأقل حرا من غير تلطيف وجلاء .
القروح : يستعمل كالذرور على اللحم الزائد فيضمره جداً .
أعضاء العين : يجلو قروح العين ويدملها إذا استعمل ببياض البيض وينفع وحده من خشونة الأجفان فإن كان هناك أورام حارة استعمل أولاً بالماء بحيث أن يكون رقيقاً ثم يثخن بالتدريج أو ينز كالغبار على اللحم الزائد وربما نفع وحده من آثار قروح العين وينفع من الرمد مع اللبن وينفع مع الفتق في بعض الحجب .
وقد أصاب الأطباء في خلطهم الشاذنج في شيافات العين وقيل : استعمال الشاذنج وحده في مداواة خشونة الأجفان أولى فإن كانت الخشونة مع أورام حارة قيل : يداف ببياض البيض أو بماء الحلبة المطبوخ وقيل : إن كانت خشونة الأجفان خلواً من الورم الحار فحله بالماء وهو رقيق وقطر في العين حتى إذا رأيت العليل قد احتمل قوة ذلك فزد في ثخنه دائماً حتى يحمل بالميل ويكحل به تحت الجفن بعد أن يقلب .
وقيل : جملة ذلك قد امتحن وجرّب فوجد نافعاً .
أعضاء النفض : يسمى بالشراب لعسر البول ولدوام سيلان الطمث والشادنج يصلح لقذف المني .
شعر الغول : الماهية : نبات يقلع بعروق ولونه بين حمرة وسواد عروقه وأعاليه منبسطة متعفقة .
الطبع : حار يابس .
أعضاء الصدر : ينقي الصدر والرئة .
شابآبك .
الماهية : قيل هو شبيه بالقيصوم في القوة .
الطبع : حار يابس في الثانية .
أعضاء الرأس : ينفع من الصرع ويقطع اللعاب السائل وخصوصاً من أفواه الصبيان .
شربين .


الماهية : هو شجرة القطران وقد قلنا في القطران كلاماً مستوفى فلنورد الأفعال التي تختص بشجرته وهذه الشجرة من جنس شجرة الصنوبر ولها ثمرة كثمرة السرو ولكنها أصغر منها ولها شوكة وهي نوعان : طويل وقصير .
قال ديسقوريدوس : هي شجرة عظيمة كالسرو ومنها ما يكون منه القطران لها ثمر شبيه بثمر السرو غير أنه أصغر منه بكثير وقد يكون من شجرة الشربين ما هو صغير أيضاً متشوّك ولها ثمر شبيه بثمر العرعر مثل حب الآس مستدير وأما قدرنا وهو القطران فأجوده ما كان ثخيناً صافياً قوياً كريه الرائحة إذا قطر منه ثبتت قطراته على حالها غير متبددة وهذه الشجرة تسمى بالفارسية أوِرْس .
الأفعال والخواص : في قشر هذه الشجرة قبض .
قال ديسقوريدوس : للقطران قوة قابضة مخالفة للعفن تقبض الأجساد الحية وتحفظ الأجساد الميتة ولذلك سماه قوم حياة .
الموتى .
أعضاء الرأس : من أكثر من تناول ثمرة هذه الشجرة صدع بالتسخين ولمشاركة المعدة في لذعها لها وإذا تمضمض بخلّ طبخ فيه ورقها سكن وجع الأسنان .
أْعضاء الصدر : ثمرته نافعة من السعال .
أعضاء الغذاء : الغذاء : ثمرته رديئة للمعدة لذاعة لها لكنها تنفع الكبد .
أعضاء النفض : ثمرته نافعة من تقطير البول وإن شربت مع الفلفل أدزت البول وإذا تبخّر بقشرها آخرج الجنين والمشيمة وإذا شرب حبس البطن وربما حبس البول .
السموم : تسقى ثمرته بالشراب لشرب الأرنب البحري وإن خلطت بشحم الأيل وتمسح به البدن لم تقربه الهوام .
شعير وشلت .
الماهية : معروف والشلت توع بلا قشر وفعله قريب من فعله .
الطبع : بارد يابس في الأولى .
الخواص : فيه جلاء وغذاؤه أقل من غذاء الحنطة وماء الشعير أقوى من سويقه وكلاهما يكسران حدة الأخلاط وماء شعير الشلت أرطب وجميع ماء الشعير نافع .
الزينة : يستعمل على الكلف منه طلاء حار .


الأورام والبثور : يتّخذ منه مطبوخاً بالماء كالحسو مع الزفت والراتينج ضماداً على الأورام الصلبة ووحده وبكشكه على ا لأورام الحارة .
القروح : إذا لطخ بخل ثقيف ووضع ضماداً على الجرب المتقرح أبرأه .
آلات المفاصل : يضمد به مع السفرجل والخل على النقرس ويمنع سيلان الفضول إلى المفاصل .
أعضاء الصدر : ماؤه ينفع من أمراض الصدر وإذا شرب ببزر الرازيانج أغزر اللبن ويضمّد بدقيقه .
وإكليل الملك وقشر الخشخاش لوجع الجنب .
أعضاء الغذاء : ماؤه رديء للمعدة .
أعضاء النفض : سويقه يمسك البطن وكذلك طبيخ سويقه وكشكه يدر البول وماء كشك الحنطة أشد إدراراً .
الحميات : ماؤه مبرد مرطب للحميات أما للحارة فساذجا وأما للباردة فمع الكرفس والرازيانج ويسقى أيضاً المطبوخ منه بالتين ممزوجاً بماء القراطن للحميات البلغمية .
شحم .
الماهية : معروف .
الطبع : شحم الفحل أسخن وأيبس ثم شحم الخصي وشحم المسن أخب .
الخواص : شحم البط لطيف جداً وأسخن من شحم الدجاج وشحم الديك وسط وشحم الأيل شديد السخونة وشحم البقر متوسط بين شحم الأسد والماعز وشحم الدب لطيف وشحم الذكر في جميعه أقوى وشحم المسن أخف وشحم العنز أقبض الجميع وشحم التيس أشد تحليلاً .
الزينة : شحم الدب وشحم الوز نافعان من داء الثعلب وشحم الحمار نافع على آثار الجلد وشحم الوز ينفع من شقاق الوجه والشفة جداً .
الأورام والبثور : شحم الخنزير نافع من الأورام شحم الأسد يحلل الأورام الصلبة .
القروح : شحم الحمير نافع لحرق النار .
أعضاء الرأس : شحم الوز يسكن وجع الأذن وكذلك شحم الثعلب فإنه نافع لذلك جداً شحم الدجاج نافع لخشونة اللسان .
آلات المفاصل : شحم الإبل نافع من التشنج .
أعضاء العين : شحم السمك نافع لماء العين ويحد البصر مع العسل وشحم الأفعى الطري نافع من الغشاوة والماء النازل في العين وينبت الشعر المنتوف من الجفن .


أعضاء النفض : شحم الماعز نافع للذع الأمعاء إذا استعمل وينفع من قروحها وشحم العنز أقوى في علاج قروح الأمعاء من شحم الخنزير وذلك لسرعة جموده ولكن شحم الخنزير أشد تسكيناً للذع .
سنام الجمل بخوراً نافع للبواسير وجميع الشحوم اللينة كشحم الدجاج وغيره نافعة من أوجاع الرحم والعتيق رديء لها وكذلك شحم الوز ينفع الرحم .
السموم : شحم الخنزير نافع من لسع الهوام وشحم الفيل والأيل إذا لطخ به طرد الهوام وشحم شعر .
الخواص : الشعر المحرق مسخن مجفف بقوة جداً .
الزينة : المحرق يجلو الأسنان وماؤه ينبت الشعر .
القروح : الشعر المحرق يجفف الفروح الوسخة والرهلة بقوة .
أعضاء الرأس : الشعر المحرق يجلو الأسنان .
السموم : شعر الإنسان بالخلٌ ضماداً لعضة الكلب الكَلِب .
شقورس : الخواص : له قوة حارة تشرب عصارته للأوجاع .
الزينة : طريه بالشراب يطلى على البهق .
القروح : يلزق القروح المزمنة ويذر على اللحم الزائد .
آلات المفاصل : يطلى بالخل على النقرس ويتخذ منه قيروطي لوجع الصلب .
أعضاء الصلر : يتخذ منه بالحلاوات لعوق للسعال .
أعضاء الغذاء : يسقى منه درهمان بإدرومالي للذع المعدة .
أعضاء النفض : درهمان بإدرومالي لدوسنطاريا وعسر البول وإذا احتملته النساء أدر شجرة البق .
قيل فيه في فصل الدال عند ذكرنا دردار وهي شجرة البق .
شوكة البيضاء .
الماهية : قيل : أنه الباذاورد ينبت في جبال وغياض وله ورق شبيه بورق الخامالاون الأبيض غير أنه أدق وأشدّ بياضاً منه وعليه شيء شبيه بالذهب وهو مشوك وله ساق طوله أكبر من ذراعين في غلظ إصبع الإبهام وهو أبيض مجوف وعلى طرفه رأس مشوّك شبيه بشوك القنفذ البحري إلا أنه أصغر منه مستطيل وله زهر لونه مثل لون الفرفيرية وبزره شبيه بحب القرطم إلا أنه أشد استدارة منه وأصله أحمر .
الطبع : باردة يابسة في الأولى .
الخواص : قيل إذا علق في موضع طرد الهوام .


الأورام والبثور : أصله يضمد به الأورام البلغمية .
أعضاء الرأس : أصله إذا طبخ وتمضمض بطبيخه كان صالحاً لوجع الأسنان .
آلات المفاصل : ينفع طبيخها النقرس .
أعضاء الصدر : إذا شرب أصله كان صالحاً لنفث الدم .
أعضاء النفض : أصله إذا شرب ينفع الإسهال المزمن ويدر البول .
السموم : ينفع من لذع الهوام .
شوكة اليهودية .
الطبع : حار .
الخواص : لطيفة محللة .
آلات المفاصل : ينفع من الكزاز .
أعضاء الرأس : يتمضمض بطبيخها من وجع الضرس وينفع من النوازل كلها وهكذا أفاعيل أصوله .
أعضاء النفس : ينفع من نفث الدم من الصدر .
أعضاء الغذاء : أصله ينفع من تتابع القيء .
أعضاء النفض : أصله يوافق سيلان الرطوبات المزمنة من الرحم .
شوكة المصرية .
الطبع : باردة في الأولى يابسة في الثانية .
الخواص : مجففة قاطعة للنوازل .
أعضاء الصدر : ينفع من ورم الحلق .
أعضاء الغذاء : ينفع من ورم المعدة .
شراب .
الماهية : أعني به القهوة .
الخواص : يعدل الفضول التي من جنس المرار .
والنبيذ الطري والغليظ الكدر يجمعان في العروق امتلاء وأخلاطاً نيئة .
الاختيار : أجوده العتيق الرقيق الصافي العنبي ويختلف تناوله بحسب الأمزجة أما للشباب فالقدر القليل منه مع الرمان وأما للشيوخ كما هو من غير مزج .
والأفضل أن يأخذ الإنسان من الشراب بقدر معتدل إذ في إكثاره مضرة عظيمة والأولى للشباب عند شرب الشراب العتيق شرب الماء لتكسر سورة الشراب وعاديته .
الزينة : يحسن البشرة ويسمن بعض الأشخاص ويزيل البهق والبرص مع الأدوية المذكورة ويجلو البشرة .
الجراح والقروح : صب الشراب على القروح الخبيثة والآكلة التي تسيل إليها الفضول ينفعها وإذا غسل الناصور بالشراب نفعه وكذلك القروح اللبنية .
آلات المفاصل : إدمان شربه يضر بالأعصاب ويورث الرعشة وإدمان السكر في كل يوم يورث استرخاء العصب وضعفه وأما الشراب المعسل فينفع من وجع المفاصل .


أعضاء العين : قال ابن ماسويه : الشراب العتيق جداً يضرّ بالبصر والشراب العتيق تعجن به أدوية الظفرة فيحكّ به الشياف المعروف بقيصر وتكحل به الظفرة المزمنة فإنه ينفعها .
أعضاء الصدر : ينمي الحرارة الغريزية ويفرح القلب والشراب الحلو ينقّي مجاري الرئة ويبسط النفس .
أعضاء الغذاء : سريع الانحدار والانهضام كثير الغذاء يولّد كيموساً صالحاً وفي أوقات يغثي ويقيء وينقي المعدة من الفضول ويشهّي الطعام عند الاعتدال من الشرب .
والإكثار منه يورث السدد في الكبد والكلى وتقليل الشراب ينفذ الغذاء ويجوّد الهضم ويسرع استحالته إلى الدم ويربي الشهوة الكلية .
أعضاء النفض : وأما الأبيض الرقيق فيدر ألبول جيد للحرقة في المثانة والعتيق يضر بالمثانة والمعسل مليّن للبطن .
وأما ما يعمل بماء البحر فنافخ مسهّل للبطن يذهب باسترخاء المقعدة والمعسل ينفع من أوجاع الرحم والمائي أكثرها إدراراً من الصرف .
وأما الحلو فلا يدر والممزوج يضر بالأمعاء بأن يرخيها وينفخها والصرف يقويها بقبضه ويسخنها ويحلّ النفخ منها .
السموم : الشراب العتيق نافع للسع جميع الهوام شرباً وغسلاً والمعمول بماء البحر نافع لمن شرب السموم المخدّرة ومن شرب المرتك وأكل الفطر ولسع الهوام الباردة .
لنحمد اللّه الذي جعل الشراب دواء معيناً للقوى الغريزية .
فهذا آخر الكلام من حرف شين وجملة ما ذكرنا إثنان وثلاثون دواء .


القانون
القانون
( 23 من 70 )

الفصل الثاني والعشرون حرف التاء
تمرهندي : الماهية : معروف يؤتى به من الهند .
الاختيار : التمر الهندي أفضله وأجوده الحديث الطري الذي لم يذبل ولم يتحشف وحموضته صادقة .
الطبع : بارد يابس في الثانية .
الخواص : مسهّل ألطف من الإجاص وأقلّ رطوبة .
أعضاء الغذاء : ينفع من القيء والعطش في الحمّيات ويقبض المعدة المسترخية من كثرة القيء .
أعضاء النفض : يسهّل الصفراء والشربة من طبيخه قريب من نصف رطل .
تودري .
الماهية : قال ديسقوريدوس : عشبة شبيهة الورق بورق الفراسيون مربع الجذر وجذره قدر نصف ذراع له أقماع فيها بزر مستطيل أسود وهذا هو المستعمل من التودري وأما البرّي فبزره مدحرج .
الطبع : حار في الثانية رطب في الأولى .
الخواص : له حرافة كحرافة الحرف وفيه تقريج .
الأورام والبثور : ينفع من السرطانات التي ليست بمتقرحة طلاء بماء وعسل وينفع من جميع الأورام الصلبة ويضمد على التهيج .
آلات المفاصل : يضمد به صلابة النقرس فينفع .
أعضاء الرأس : ينفع من أورام أصول الأذن .
أعضاء العين : إذا اكتحل به مع العسل نقى قروح العين .
أعضاء الصدر : يعين إذا وقع في اللعوقات على نفث الأخلاط بعد أن ينقع ويغلى في ماء ثم يجعل في صرة ويلبس بالعجين ثم يشوى .
أعضاء النفض : ينفع في الباه وخصوصاً المطبوخ من الشراب .
الماهية : شجرة معروفة والفوفي ضرب منها وقضم قريش ثمرة شجرته والزفت البرّي يُتَخذ منه .
الخواص : أما بزره وهو قضم قريش فقوته قابضة لطيفة الإسخان .
الأورام والبثور : ورق هذه الشجرة ضماداً للأورام الحارة .
الجراح والقروح : ورقه وبزره إذا خلط بشحم الأوز ومرداسنج ودقاق الكندر ينفع من القروح الظاهرة .
وإذا خلط بشمع ودهن الآس ينفع في قروح الناعمة من الأبدان وجميع القروح الحارة والرطبة .
وقشره موافق للجرح ذروراً وإذا استعمل ورقه على الجراحات الطرية منع فسادها .


أعضاء الرأس : يتمضمض به وبطبيخه خصوصاً بالخل لوجع الأسنان وقد يشقق خشبه فيطبخ في الخل لذلك .
أعضاء العين : دخانه يقع في أكحآل العين .
أعضاء الصدر : بزره يعين على النفث من الصدر وصمغ التنوب عظيم النفع من السعال المزمن جداً وهو ضرب من الزفت .
أعضاء الغذاء : ينفع منه وزن مثقال بماء العسل للكبد المؤوفة .
ترنجبين .
الماهية : هذا طل أكثر ما يسقط بخراسان وما وراء النهر وأكثر وقوعه في بلادنا على الحاج الاختيار : أجوده الطري الأبيض .
الطبع : هو معتدل إلى الحرارة .
الخواص : ملين صالح للجلاء .
أعضاء الصدر : ينفع من السعال ويلين الصدر .
أعضاء الغذاء : يسكن العطش .
أعضاء النفض : يسهل الصفراء برفق وإسهاله بخاصية فيه والشربة من عشرة مثاقيل إلى عشرين مثقالاً بحسب الأمزجة .
توتيا .
الماهية : أصل التوتيا دخان يرتفع حيث يخلص الأسرب والنحاس من الحجارة التي يخالطا والآنك الذي يخالطه وربما صعد الإقليميا فكان مصعده توتيا جيداً ورسوبه قليميا يسمّى سقوديون والتوتيا منه أبيض ومنه أصفر ومنه أخضر ومنه رقيق ومنه غليظ ومنه إلى الحمرة وهذه كلها تعمل ببلاد كرمان والهندي غسالة التوتيا يجتمع كالدردي تحت الماء الذي يغسله وذلك سقوديون والفرق بين يون سقوديون والتوتيا أن التوتيا يصعد وذلك يبقى أسفل الأمانيق التي يسيل فيها النحاس .
وهذا كالإقليميا للنحاس وهذا إذا صعد صعد منه التوتيا وقيل : إن في البحر حيواناً مدوراً صلب الخدج يموت في البحر والأمواج ترمي به إلى الساحل يجعل منه التوتيا وهو لطيف جداً .
الاختيار : أجوده الأبيض الطيار ثم الأصفر ثم الفستقي الكرماني وأطرأ الجميع أفضله .
الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : يجفف بلا لذع ومغسوله أفضل المجففات .
الزينة : نافع من الصنان .
الجراح والقروح : يفع مغسوله من القروح حتى من القروح السرطانية .


أعضاء العين : نافع من وجع العين ويمنع الفضول الخبيثة المحتقنة في عروق العين والنفوذ في الطبقات خصوصاً المغسول .
أعضاء النفض : نافع من قروح المعدة والمذاكير وأورامها .
تنكار .
الماهية : منه معدني ومنه مصنوع ويقال : إنه لحام الذهب يستعمله الصائغون .
تشميرج .
الطبع : حار يابس .
الخواص : قابض بقوة .
ترمس .
الماهية : زعم ديسقوريدوس أن الترمس منه ما هو بستاني ومنه ما هو برّي .
والبري أصغر من البستاني وهو شبيه بالبستاني ويصلح لكل ما يصلح له البستاني .
وكلاهما حب مفرطح الشكل مرّ الطعم منقور الوسط وهو الباقلي المصري .
الاختيار : البرّي منه أقوى في جميع ما يوصف من أفعاله لكنه أصغر .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الأفعال والخواص : الترمس الذي فيه مرارة يجلو ويحلل بلا لذع فيه .
قال جالينوس : الترمس المنزوع المرارة غليظ ولا يبعد أن يكون مغرياً ولا تبقى فيه حلاوة .
وبالجملة هو رديء عسر الهضم يولّد خاماً في العروق إذا لم ينهضم جيداً .
والمطيب كثير الغذاء إذا أحكم طبيخه فإنهضم غير رديء الخلط وفيه تيبيس ولزوجة وهو المنقوع لتزول مرارته ثم يطحن .
وبالجملة هو إلى الدواء أقرب منه إلى الغذاء .
الزينة : يرقق الشعر ويجلو الكلف والبهق والآثار والكهبة والبثور ويجلو الوجه وخصوصاً إذا طبخ بماء المطر حتى يتهوى وينفع استعمال نطل طبيخه من البرص .
الأورام والبثور : ينفع من البثور في الوجه والقروح والأورام الحارة والخنازير والصلابة بالخل أو بالخل والعسل وكما يجب في بدن بدن وطبيخه إذا صبّ على الغنغرانا منع فساده .
الجراح والقروح : ينفع من الجرب حتى إنه مع أصل الماذريون الأسود قد يذهب جرب المواشي وينفع من الآكلة والحصف والقروح الرديئة والخبيثة ويسكّن دقيقه بدقيق الشعير أوجاع الحراحات وينفع من النار الفارسي .
آلات المفاصل : يتّخذ من الترمس ضماداً على عرق النسا فينفع .


أعضاء الرأس : ينفع دقيقه من قروح الرأس الرطبة .
أعضاء الغذاء : يفتح سدد الكبد والطحال خصوصاً إذا طبخ بالخلّ والعسل وخصوصاً مع العسل والسذاب والفلفل .
والذي لا مرارة له يسكن الغثيان ويفتق الشهوة ولكن الذي آخرجت مرارته ثقيل النفوذ .
أعضاء النفض : يخرج الديدان وحبّ القرع طبيخاً وطلاء على السرة ولعقاً بالعسل أو شرباً بالخل الممزوج وينفع من أوجاع عرق النسا ويدر الطمث ويخرج الأجنة مع السذاب والفلفل شرباً وحمولاً وقد يحمل مع المرّ والعسل لذلك ويخرج الديدان شرباً مع العسل والخل وكذلك يدر البول وفيه عقل للبطن ولكن المحلى فيما ذكر بعضهم لا مطلو ولا عاقل .
تنين بحري .
السموم : قال جالينوس : يشقّ ويوضع على عضّته فينفع ويوضع على ضربة التنين البحري الحيوان طريغلن فينفع .
تمساح : أعضاء العين : زبله ينفع من بياض العين قيل : أنه إذا أخذ من حوالي كليته وزن مثقال وشرب بشراب هيّج شهوة الجماع وبزر الخس يسكن شهوة الجماع الذي هيجه .
السموم : شحمه ضماداً على عضته يسكّن وجعه في الساعة .
تنبول .
الماهية : أوراق شجرة تنبت في الهند وفي موضع يقال له النغر ورقه شبيه بورق الليمون وكذلك أغصانه .
وأهل الهند يتناولونه مع النورة والفوفل وعند المضغ يصبغ الأسنان صبغاً أحمر وله رائحة طبية .
وأهل الهند يحبون تناوله ولا يزالون يتناولونه في أكثر أوقاتهم ويفتخرون بذلك .
الزينة : يطيب النكهة ويزيل البخر ويحمر الأسنان .
قيل : أن عصارة ورقه مع الشراب تجلو البهق .
أعضاء الرأس : يقوّي العمور ويشد اللثة ويمضغون الهندي لذلك دائماً .
أعضاء الغذاء : يقوي فم المعدة ويقوي على الهضم ويكسر الرياح ويطيب الجشاء ولذلك يمضغه الهند دائماً .
تمر .
الماهية : معر وف .
الطبع : حار رطب في الأولى وحرارته أكثر من رطوبته وهو يزيد المني ويصدع ويصلحه اللوز والخشخاش وبعده سكنجبين ساذج .
تفسيا .


الماهية : هو صمغ السذاب البري وقد يقال بالثاء لا ينفع إلا بطرية وإذا أتى عليه سنة ضعف ولم ينتفع به لتحلل ما فيه من الرطوبات الفضلية .
الطبع : حار جداً محرق قوي الإسخان والتجفيف وفيه رطوبة فضلية غريبة لسببها لا يلذع في الحال .
الخواص : منق مسهل منضج مفجر وبسبب رطوبته الفضلية لا يحرق إلا بعد ساعة وهو مما يجذب جذباً شديداً عتيقاً من دهن البدن ولكن بعد مدة لرطوبته الفضلية ولا نظير له في تغيير المزاج إلى الحرارة .
الزينة : ينبت الشعر وينفع من الثعلب جداً وقلما يوجد له فيه نظير .
وقد ذكرنا استعماله في بابه .
وينفع من كهبة الدم ولا يترك عليها دون ساعة وكذلك ينفع من الآثار والكلف والبرص .
آلات المفاصل : يمسح على الاسترخاء وعلى النقرس وعلى المفاصل الباردة ويحتقن به لعرق النسا .
أعضاء الصدر : ينفع من نفث القيح وعسر النفس نافع من وجع الجنبين وخصوصاً القديم من أوجاعها طلاء وضماداً واستفراغاً به ويعين على نفث الفضول طلاء وتلطيفاً في استعماله في اللعوقات .
أعضاء النفض : وفي أصله وقشوره ودمعه إسهال .
الحميات : يؤخذ من قشره ثلاث درخميات ومن العصارة ة ثلاث أثولوسات ومن الدمعة درخمي وإذا أكثر منه ضر .
الأبدال : بدله ثلثا وزنه كثيراء ومثله حُرفا .
الاختيار : أعدله الشامي والتفه منه رديء قليل المنافع ولا يفعل شيئاً إلا فعْلَهُ الخاص به وكذلك الفج .
الطبع : المسخ منه أبرد وأرطب لما فيه من المائية والعفص والقابض والحامض بارد غليظ والحلو مائي أميل إلى الحرارة من غيره وإن كان الغالب البرد فهي مختلفة وكذلك أوراقها وأشجارها مختلفة وبالجملة فإن الغالب في جوهره رطوبة فضلية باردة ولعل شديد الحلاوة في الحر معتدل ويميل إليه .
الخواص : فيه منع للفضول وخصوصاً في ورقه وفي التفاح نفخ وخصوصاً فيما ليس يحلو .


والعفص والقابض منه مائي أرضي والحلو مائي والتفه مائي جداً إلى جهة رطوبة فضلية ولذلك تغلى عصارته بسرعة .
والعسل يحفظ عصارته ويتولد من عفصه وقابضه خلط أرضي والحامض والفج يولد العفونات والحميات لخامية خلطه وفجاجته وقبوله العفونة وخلط الحامض ألطف من خلط القابض وشراب التفاح وغيره عتيقه خير من طريه لتحلّل البخارات الرديئة .
الأورام والبثور : ينفع ورقه وعصارته من ابتداء ا لأورام الحارة والنملة .
الجراح والقروح : ورقه ولحاؤه يدمل وكذلك عصارة القابض منه .
أعضاء الصدر : يقوي القلب خصوصاً العطر الشامي والعطر الحلو والحامض وإن كان هناك غمر من الحرارة كان عظيم المنافع وسويقه أيضاً .
أعضاء الغذاء : يقوّي ضعف المعدة والقابض منه ينفع المعدة وإن كان لحرارة أو لرطوبة وكذلك العفص والحامض ينفع ضعف المعدة إذا كان فيها خلط غليظ غير بارد جداً لغلظه .
والمشوي في العجين نافع لقلّة الشهوة .
وسويق التفاح يقوّي المعدة ويمنع القيء .
الحلو والحامض إذا صادف في المعدة خلطاً غليظاً ربما أحدره في البراز وإن كانت خالية حبس والمشوي في العجين ينفع من الدود ومن دوسنطاريا وأوفقه لدوسنطاريا العفص وسويقه اللهم إلا أن يغلبه لين السكر .
الحميات : قد يتولد من خامه حميات كثيرة لخامية خلطه .
السموم : نافع من السموم وكذلك عصارة ورقه .
تربد .
الماهية : قطاع خشبة غلاظ ودقاق يؤتى به من الهند .
الاختيار : أجوده الأبيض الغير المسوس الملتف كأنابيب القصب الدقيق الأنبوب والأملس السريع التفتت ليس بغليظ وقد يتأكل وتضعف قوّته والخفيف جدأ والثقوب ضعيف وإصلاحه أن الخواص : يورث استعماله يبساً وجفافاً في البدن لأنه يخرج الرطوبات الرقيقة ولذلك يستعمل مع دهن اللوز .
آلات النفض : يسهل بلغماً كثيراً ويسهل شيئاً من الأخلاط المحرقة قليلاً هذا إذا أخذ مسحوقاً .
وأما مطبوخاً فبالعكس قال ماسرجويه يسهل الأخلاط الغليظة اللزجة .


وقال بعضهم : يسهّل الخام من الوركين والأصحّ أنه يسهّل المحرقيق من البلغم فإن قوي بالزنجبيل وما له حِدَة قوته أسهل الغليظ والخام وأما وحده فليس يسهل الغليظة إلا إن صادفه متبرئاً في المعدة والأمعاء والشربة منه إلى درهمين وفي المطبوخات إلى أربعة .
تين .
الماهية : التين في نفسه له طبع ولأوراقه ولبنه قوة يتوعية وإذا لم توجد أوراقه طبخ أغصان البري منه مكسورة مرضوضة وأخذ ماؤها واتخذت منه عصارة كما تتخذ من سائر الحشيشات وعقيد التين يشبه العسل في أفعاله .
الاختيار : أجوده الأبيض ثم الأحمر ثم الأسود وشديد النضج فيه خيرة وقريب من أن لا يضر واليابس محدود في أفعاله إلا أن الدم المتولد منه غير جيد ولذلك يقمل إلا أن يكون مع الجوز فيجود كيموسه وبعد الجوز اللوز وأخف الجميع الأبيض .
الطبع : الرطب منه حار قليلاً ورطبه كثير المائية قليل الدوائية والفج منه جلاء إلى البرد فيما هو إلأ لبنه واليابس منه حار في الأولى وفي آخرها لطيف .
الخواص : اليابس منه وخصوصاً الحريف - قوي الجلاء منضج محلل واللحيم أكثر إنضاجاً وفيه تغرية وتقطيع وتلطيف والبري أحرف وأشد والتين أغذى من سائر الفواكه والشديد النضج قريب من أن لا يضر وفيه نفخ وربما خرج الحريف واليابس من الجلاء إلى التقريح حتى إن اليابس وورقه - إذا طبخ مع أصل المازريون الأسود - كان علاجاً لجرب البهائم وعصارته وورقه قوي التسخين والجلاء وفيه تليين بالغ يدفع العفونات إلى الجلد ويعرق وفي تناوله تسكين الحرارة لذلك فيما أظن واليابس أيضاً يدفع إلى خارج ويعرق ولبنه يجمد الذائب من الدماء ويذيب الجامد والرطب منه سريع الغور والنفوذ في المعدة وفي البدن وغذاء التين وإن لم يكن في اكتنازا غذاء اللحم والحبوب فهو أشد اكتنازاً من غذاء جميع الفواكه .


وقوة عصارة قضبانه - قبل أن يورق قريبة من قوة لبنه ويسمى ماء رماد خشبه المكرر لجمود اللبن في الباطن وماه رماد خشب البلوط قريب منه في المعاني .
وشراب التين لطيف رديء الخلط ولقضبان التين من اللطافة ما يهري اللحم إذا طبخ بها .
وفي الخمير قوة جاذبة من دهن وتحليل لما جذب بسرعة .
الزينة : الفج منه يطلى به ويضمد على الخيلان والثاًليل وأصنافها والبهق وكذلك ورقه وتناوله يصلح اللون الفاسد بسبب الأمراض والأورام الحارة الرخوة .
وينضج الدماميل وخصوصاً بالإيرسا والنطرون أو النورة بقشر الرمان على الداحس ولبن الجميز نافع للأورام العسرة التحليل والخنازير والعضلة وكذلك طبيخ الجميز وينفع التوث وخصوصاً الجميز وعصارة ورقه تقطع آًثار الوشم وبقيروطي على شقاق البرد وكذلك لبنه في جميع ذلك .
وهو مسمن سمناً كثيراً لتحليل وهويقمل مرة لفسد خلطه .
وقيل : لأنه سريع الإندفاع إلى خارج صالح للحيوانية .
الأورام والبثور : يضمد به الأورام الصلبة وبالجميز مطبوخاً مع دقيق الشعير .
والفج منه على البهق وينضج الدماميل ويحدث رطبه الحصف إذا استعمل وينفع طبيخه لأورام الحلق وأورام أصول الأذنين غرغرة لذلك مع قشور الرمان والداحس مع الفانيذ .
ويضر اليابس أورام الكبد والطحال بحلاوة وإذا كان الورم صلباً لم يضر ولم ينفع إلا أن يخلط بالملطفات المحللات فينفع جداً .
والجميز شديد التحليل للأورام العسرة .
الجراح والقروح : عصارة ورقه تفرّح ويطلى بطبيخه مع رغوة الخردل على الحكة وورقه ينفع من القوباء وورقه يجعل على الشرى وعلى القروح الغليظة الرطوبات والماء المكرر فيه رماد خشبه كّال منقّ للقروح العفنة العتيقة إن استعمل مع قشور الرمان أبرأ الداحس ومع القلقند لقروح الساقين الخبيثة ولبن الجميز ملزق للجراحات .
آلات المفاصل : يجعل مع الفج منه والورق ورق الخشخاش فيجعل على قشور العظام .


وماء رماد خشبه المكرر يصبِّ على العصب الرجع وقد يسقى منه قدر أوقية ونصف .
أعضاء الرأس : ينفع رطبه ويابسه من الصرع ويقطر طبيخه مع رغوة الخردل في الأذن التي بها طنين وينفع لبنه أو عصارة قضبانه قبل أن يورق إذا جعل في السن المتأكّلة وينفع استعماله على أورام ما تحت الأذن ضماداً .
والفجّ منه يبرىء قروح الرأس ذروراً .
أعضاء العين : لبنه مع العسل ينفع من الغشاوة الرطبة وابتداء الماء وغلظ الطبقات ويدلك بورقه خشونة الأجفان وجربها .
أعضاء الصدر : ينفع الرطب واليابس منه من خشونة الحلق ويوافق الصدر وقصبة الرئة وشراب التين يدر اللبن وكذلك شرابه ينفع من السعال المزمن وأوجاع الصدر وينفع من أورام القضيب والرئة .
أعضاء الغذاء : يفتّح سدد الكبد والطحال .
قال جالينوس : رطبه رديء للمعدة ويابسه ليس برديء وإذا أكل بالمري نقى فضول المعدة وهو مما يقطع العطش الذي من بلغم مالح ويابسه يهيج العطش وينفع من الاستسقاء خصوصاً بالأفسنتين وكذلك شرب شرابه نافع للمعدة ويقطع شهوة الطعام .
والتين سريع الانحدار سريع النفوذ بجلائه واليابس يضر بالكبد والطحال الورمين بجلائه فقط فإن كان الورم صلباً لم يضر ولم ينفع ولاستعماله على الريق منفعة عجيبة في تفتيحه مجاري الغذاء وخصوصاً مع اللوز والجوز على أن غذاءه مع الجوز أكثر من غذائه مع اللوز فإن أكل مع المغلظة صار حينئذ ضرره عظيماً .
والجميز رديء جداً للمعدة قليل الغذاء لكنه نافع لجساوة الطحال ضماداً بالأشق أو بلبنه .
وجميع أصناف التين غير موافق لسيلان المواد إلى المعدة .


أعضاء النفض : ينفع الكلى والمثانة رطبه ويابسه ويصبر على حبس البول ولا يوافق سيلان المواد إلى الأمعاء وعصارة ورقه تفتح أفواه عروق المقعدة ورطبه ملين ومسهل قليلاً وخصوصاً إذا تنوول منه بلوز مدقوق وكذلك لصلابة الرحم وكذلك إن خلط بالنطرون والقرطم وأخذ قبل الطعام ويحمل لبنه بصفرة البيض فينقي الرحم ويدر الطمث ويدر البول ويتخذ في ضماد الأرحام مع الحلبة في حقن المغص مع السذاب .
والتين وخصوصاً لبنه يخرج من الكلية رملاً إذا استعمل وإذا اتخذ ماء الجبن بلبنه المقطر على اللبن المحرك بقضيبه يسيراً كان أقوى في إطلاق الطبيعة وتنقية الكلية .
ويسقى من ماء رماد خشبه المكرر لمن به إسهال دوسنطاريا أوقية ونصف ويحتقن به وفي الحالين يخلط بالزيت وشراب التين يدر ويلين وهو بجلائه سريع الانحدار من البطن سريه النفوذ .
السموم : لبنه ينفع من لسعة العقرب مروخاً وكذلك الرتيلاء ويجعل الفج منه أو الورق الطرقي على عضة الكلب الكَلِب فينفع ويضمد بها مع الكرسنة على عضة ابن عرس فينفع .
وماء رماد خشبه المكرر نافع من لسع الرتيلاء مسحاً وسقياً .
والجميز نافع للنهوش شرباً وطلاءً .
توث .
الماهية : التوث صنفان أحدهما هو الفرصاد الحلو وهو يجري مجرى التين في الإنضاج إلا نه أردأ غذاء وأقل وأفسد دماً وأقل وأردا للمعدة وله سائر أحوال التين ولكن دونه وأما المر الذي يعرف بالتوث الشامي فليكن الان أكثر كلامنا فية والفج منه إذا جفف قام مقام السماق .
الطبع : الحلو حار رطب والحامض الشامي هو إلى البرد والرطوبة .
الأفعال والخوص : فيه قبض وتبريد وعصارة التوث قباضة خصوصاً إذا طُبخت في إناء نحاس ويمنع سيلان المواد إلى الأعضاء وخصوصاً الفج منه والفج كالسماق .
الزينة : إذا طبخ ورقه وورق الكرم وورق التين الأسود بماء المطر سود الشعر .
الأورام والبثور : الحامض يحبس أورام الحلق والفم وورقه نافع للذيحة والخوانيق .


أعضاء الرأس : رب الحامض نافع لبثور الفم وطبيخ أصله يرخي الآسنان والتمضمض بعصارة ورق الحامض جيد للسن الوجع .
أعضاء الغذاء : التوث رديء للمعدة يفسد فيها خصوصاً الفرصاد وإذا لم يفسد الفرصاد في المعدة بسرعة ولم يضر فيجب أن يؤكل جميع أصنافه قبل الطعام وعلى معدة لا فساد فيها .
وأما الشامي فلا يضر معدة صفراوية وليس فيه رداءة ولا تغثية فيه وغذاؤه قليل ويشهي الطعام ويزلقه ويخرجه بسرعة .
وبالجملة انحداره من المعدة سريع لكنة من المعي بطيء .
أعضاء النفض : العفص المملح المجفف من التوث يحبس البطن شديداً وينفع من دوسنطاريا .
ودمعة الترث تسهل وفي لحائه تنقية وإسهال وإسهاله أكثر .
وفي التوث الحلو سرعة انحدار .
إما لرطوبته وإما لحرافة ما تخالطه .
أرحخانس قال : هو بطيء الخروج مدر أظن أنه الحامض ومع ما به من طبيعة مطلقة فقد يمنع الإسهال المزمن وقروح المعي وخصوصاً مجفّفه وفي جميع أصناف التوث إدرار من البول والتوث الشامي وإن أسرع من المعدة فهو يبطىء من الأمعاء .
السموم : قشر التوث ترياق للشوكران وإذا شرب من عصارة ورقه أوقية ونصف نفع من لسوع الرتيلاء ولين الطبيعة للزوجته ونفخه .
ترسي .
توبال : الاختيار : أقواه توبال الحديد وهو ما يتساقط من الطرق عليها وجميعها مجففة .
وقد قيل أيضاً فيها .
فهذا آخر الكلام من حرف التاء وجملة ذلك تسعة عشر عدداً .
الفصل الثالث والعشرون حرف الثاء
ثوم : الماهية : الثوم منه البستاني المعروف ومنه الثوم الكراثي والثرم البرّي .
وفي البري مرارة وقبض وهو المسمى ثوم الحية والكراثي مركب القوة من الثوم والكراث .
الطبع : مسخن ومجفف في الثالثة إلى الرابعة والبري أكثر من ذلك .
الخواص : ملين يحل النفخ جداً مقرح للجلد ينفع من تغير المياه .
الزينة : يشرب بطبيخ الفوتنج الجبلي فيقتل القمل والصئبان ويمرخ عليها .


ورماده إذا طلي بالعسل على البهق وكهبة العين نفع وينفع من داء الثعلب الكائن من المواد العفنة .
الأورام والبثور : يفتح الدبيلات الباطنة ورماده على البثور .
الجراح والقروح : يقزح الجلد ورماده بالعسل على القوابي والجرب المتقرح .
والثوم البري يلرق آلات المفاصل : إذا احتقن به نفع من عرق النسا لأنه يسهل دماً وأخلاطاً مرارية .
أعضاء الرأس : الثوم مصدع وطبيخ الثوم ومشويه يسكن وجع الأسنان والمضمضة بطبيخه تنفع أيضاً من وجع السن وخصوصاً إذا خلط به الكندر .
أعضاء العين : يضعف البصر ويجلب بثوراً في العين .
أعضاء الصدر : يصفي الحلق مطبوخاً وينفع من السعال المزمن وينفع من أوجاع الصدر ومن البرد ويخرج العلق من الحلق .
أعضاء الغذاء : نافع من الحبن وخصوصاً الطبيخ الذي تستعمله النصارى من الثوم والزيتون والجزر .
أعضاء النفض : إذا جلس في طبيخ ورق الثوم وساقه أدر البول والطمث وآخرج المشيمة وكذلك إذا احتمل أو شرب .
وكذلك طعام النصارى المتخذ منه المذكور نافع جداً .
وإذا دق منه مقدار درخميين مع ماء العسل آخرج البلغم وهو يخرج المود وفيه إطلاق للطبع .
وأما فعله في الباه فإنه لشدة تجفيفه وتحليله قد يضر فإن طبخ بالماءٍ حتى انحلت فيه حدته لم يبعد أن يكون ما يبقى منه في مسلوقه قليل الحرارة لا يجفف ويتولد منه مادة المني وأن يجعل المواد البلغمية في الأمزجة البلغمية رياحاً ولا يقدر على تفشيها وإذا انحلت في العروق رياحاً لم يبعد السموم : نافع من لسع الهوام ونهش الحيات إذا سقي بشراب .
وقد جرّبنا ذلك وكذلك من عضة الكلب الكَلِب وإذا ضمد بالثوم وبورق التين وبالكمون على عضة موعالي نفع نفعاً بيناً فيما يقال .
ثومون .
الطبع : بزره قوي الحرارة .
أعضاء النفض : يدر ويخرج الجنين الميت ويسهل دماً وأخلاطاً مرارية والشربة نصف درهم ويخرج الديدان .
ثيل .


الماهية : قيل : إنه يندكنا وأهل طبرستان يسمونه بنداوش وهو نبات معروف وله أغصان ذات عقد يسعى على وجه الأرض ويضرب من أغصانه عروق فى الأرض طعمها حلو ولها ورق عراض حاعة الأطراف صلب مثل ورق القصب الصغير ويعتلفه البقر وسائر الدواب .
وقال ديسقوريدوس : قد رأينا من الثيل نوعاً آخر وهو صنفان : أحدهما ورقه وأغصانه وعروقه أكثر من الذي قدمنا ذكره وهو نافع في صناعة الطبّ هذا الصنف إذا أكلته المواشي قتلها وخاصة النابت ببلاد بابل على الطرق .
والصنف الثاني ينبت ببلاد أورسوس وورقه كورق اللبلاب وهو أكثر أغصاناً من غيره وزهره أبيض طيب الرائحة وله ثمر صغار ينتفع به وعروقه خمسة أو ستة في غلظ إصبع بيض لينة حلوة منتنة وإذا آخرجت عصارتها وطبخت بالشراب أو عسل كل واحد منهما مساو في المقدار ونصف جزء من مر وثلث جزء من فلفل ومثله من الكندر كان دواء نافعاً وينبغي أن يخزن في حق من نحاس لأمراض شتى .
وطبيخ الأصول يفعل مثل ما يفعله النبات وبزر هذا النبات يدخل في الأدوية ومنه صنف ثالث ينبت بقاليقلا ويسميه أهلها نبتاً وإذا أكلته الدابة رطباً شبعت سريعاً وإذا أكلته البقر تورّمت إن كثر ذلك .
الطبع : بارد يابس في الأولى خصوصاً أصله الطري .
الأفعال والخواص : قوته قابضة وفيه لذع وتمنع عصارته تحلب المواد إلى الأحشاء .
الجراح والقروح : ينفع من الجراحات الرديئة الطرية يلحمها ضماداً إذا جعل عليها خصوصاً أصله وفيه إدمال .
أعضاء الرأس : يمنع النوازل كلها .
أعضاء العين : عصارته مطبوخة في الشراب والعسل المتساوي الأجزاء والمر الكندر نصف جزء والصبر ربع جزء يقع في دواء جيد للعين .
وجعلوا تأليفاً آخر وهو تؤخذ العصارة أعضاء الغذاء : يقطع بزره وأصله القيء ويمنع التحلب إلى المعدة وبزره بالجملة صالح للمعدة .
أعضاء النفض : بزره لعوقاً مدر مفتّت للحصى لما فيه من يبس مع مرارة وكذلك أصله وطبيخهما ينفع من قروح المثانة .


وشرب طبيخه صالح للمغص وعسر البول والقروح العارضة في المثانة .
ثفل .
الاختيار : أجوده ثفل دهن الزعفران الرزين .
الطبع : ثفل عصير الزيت في الأولى من الحرارة .
الخواص : قد ذكرنا أن ثفل دهن الزعفران يصبغ اللسان والأسنان صيغاً يبقى ساعات .
الجراح والقروح : ثفل عصير الزيت من المدملات للقروح العارضة في الأبدان اليابسة .
ثلج .
الخواص : رديء للمشايخ ولمن يتولد فيه الأخلاط الباردة .
أعضاء الرأس : ماء الثلج يسكن وجع الأسنان الحارة .
آلات المفاصل : الثلج ضار بالعصب لحقنه البخارات الحارة الجارية فيها وحبسه إياها عن التحلل .
أعضاء الغذاء : ضار للمعدة خصوصاً التي يتولد فيها أخلاط باردة وهو يعطش لجمع الحرارة .
ثعلب .
الخواص : فيه تحليل .
وفراؤه أسخن الفراء ينتفع بها المرطوبون لتحليلها .
آلات المفاصل : إذا طبخ الثعلب في الماء وطليت المفاصل الوجعة به نفع نفعاً شديداً وكذلك الزيت الذي يطبخ فيه حياً بل هذا أقوى جداً ويجب أن يطيل الجلوس فيه .
والأجود أن يكون بعد الاستفراغ والتنقية لئلا يجذب بقوة جذبه وتحليله خلطاً إلى المفاصل وإذا استفرغ البدن بعد ذلك أيضاً لم يتحلب إلى المفاصل شيء .
فإن عاود كان خفيفاً وكذلك شحم الثعلب ربما جذب شيئاً أكثر مما يتحلل .
وقد يطبخ في الزيت حيا ويطبخ فيه مذبوحاً فأيهما استعمل حلل ما في المفاصل .
أعضاء الرأس : شحمه يسكن وجع الأذن إذا قطر فيها .
أعضاء الصدر : رئته المجففة نافعة لصاحب الربو جداً والشربة وزن درهم .
ثافسيا .
الماهية : هو صمغ السذاب البري .
الاختيار : لا ينتفع إلا بطريه وإذا أتى عليه سنة ضعف ولم ينتفع به لتحلل ما فيه من الرطوبات الفضلية .
الطبع : حار جداً محرق قوي الإسخان والتجفيف وفيه رطوبة فضلية غريبة بسببها لا يلذع في الحال .


الأفعال والخواص : منق مسهل منضج ممخر وبسبب رطوبته الفضلية لا يحرق إلا بعد ساعة وهو مما يجذب جذباً شديداً عنيفاً من دهن البدن ولكن بعد مدة لرطوبته الفضلية ولا نظير له في تغيير المزاج إلى الحرارة .
الزينة : ينبت الشعر وينفع من داء الثعلب جداً وقلما يوجد له فيه نظير وقد ذكرنا استعماله في بابه وينفع من كهوبة الدم ولا يترك عليها دون ساعة وكذلك ينفع من الاثار والكلف والبرص .
آلات المفاصل : يمسح على الاسترخاء وعلى النقرس وعلى المفاصل الباردة ويحتقن به لعرق النسا .
أعضاء النفس : ينفع من نفث القيح وعسر النفس نافع من وجع الجنبين وخصوصاً القديم من أوجاعها طلاء وضماداً و استفراغاً به ويعين على نفث الفضول طلاء وتلطفاً في استعماله في أعضاء النفض : في أصله وقشوره ودمعه إسهال .
الحميات : يؤخذ من قشره ثلاث درخميات ومن العصارة ثلاث أوثولوسات ومن الدمعة درخمي وإذا أكثر منه ضر .
الأبدال : بدله ثلثا وزنه كثيراء بمثله حرف .
فهذا آخر الكلام من حرف الثاء وعدد ذلك سبعة من الأدوية .
الفصل الرابع والعشرون حرف الخاء
خشخاش : الماهية : قال ديسقوريدوس : من الناس من يسميه منقور وهو أصناف كثيرة : منها البستاني ويتّخذ من بزره خبز يؤكل في الصحة وقد يستعمل أيضاً مع العسل بدل السمسم ومع الناطف ورؤوس هذا الصنف مستطيلة وبزره أبيض .
ومنه البري له رؤوس إلى العرض ما هو وبزره أسود .
ومن الناس من يسميه راوس لأنه تسيل منه رطوبة لينة ومنها صنف ثالث بري أصغر من الصنفين وأشد كراهة له رؤوس مستطيلة .
وقوّة الثلاثة الأصناف مبردة وينبغي أن تدق الرؤوس وهي طرية ويعمل منها أقراص .
وتجفّف وتخزن .


وأما عمل استخراج الأفيون فإن من الناس من يأخذ رؤوس الخشخاش الأسود وورقه ويدقهما ويخرج عصارتهِما بالمعصرة ويصير العصارة في صلابة ويسحقها ثم يعمل منها أقراصاً ويسمي هذا الصنف من الأفيون منفونيون وهو أضعف قوة من الأفيون الذي إنما هو صمغه .
وأما صمغة الخشخاش فإنما تستخرج إذا زال عنه الطلّ الذي يقع على النبات بأن يشق بالسكين حول رأس الخشخاش شقا رقيقاً بقدر ما لا ينقب ويشرط جوانب الخشخاش شرطاً ابتداؤه من الشق الأوّل ماراً على استقامة ولا يدهن الشرط فإذا نبع لبنه وصمغه أخذ بالإصبع ويجمع في صدفة وعلى هذا كل ما نبع مسح وجمع فيها وقتاً بعد وقت فإنه إذا مسح موضع الشرط وتركه قليلاً وجد من الصمغة شيئاً قد ظهر طول النهار ومن الغد وينبغي أن تؤخذ هذه الصمغة وتسحق على صلابة ويعمل منها أقراص الخشخاش وتخزن .
ومن الخشخاش صنف آخر يسميه بعض الناس مارالول ومعناه السواحلي وهو نبات له ورق أبيض عليه زغب يشبه ورق قلومس مشزف الطرف كتشريف المنشار مثل ورق الخشخاش البري وساق شبية بساقه وله زهر أصفر وثمر صغار بغلف منحن كالقرون وفيه بزر أسود صغار شبيه ببزر الخشخاش الأسود وينبت أصله على وجه الأرض غليظ أسود وينبت في سواحل البحر وأماكن خشنة .
ومن الناس من غلط وظن أن الماميثا إنما يستخرج من هذا النبات وإنما غلطوا من تشابه الورق .
ومن الخشخاش صنف آخر يسمى الخشخاش الزبدي وإنما سمي بهذا الاسم لأنه يشبه الزبد في بياضه .
ومن الناس من سماه منقور أفردوس وله ساق طوله نحو من شبر وورق صغار شبيه بورق أسمطوريون وله ثمر .
وهذا النبات كله أبيض وساقه وورقه وثمره يشبه الزبد وله أصل دقيق ويجمع ثمره إذا استكمل العظم وذلك يكون في الصيف وإذا جمع جفف وخزن .


الاختيار : أجوده وأسلمه الأبيض يجب أن تدق رؤوس الخشخاش من كل صنف طرياً ويقرص ويخزن ويستعمل وأجود ما يكون من صمغه ما كان كثيفاً رزيناً شديد الريح مر الطعم هيّن الذوب ليناً أملس أبيض وليس بخشن ولا محبب ولا يجمد إذا ديف بالماء كما يجمد الموم وإذا وضع في الشمس ذاب وإذا قرب من لهيب السراج اشتعل ولم يكن له مظلماً وإذا أطفىء كانت رائحته قوية وقد يغش بأن يخلط به ماميثا أو عصارة ورق الخسّ البري أو بالصمغ .
والذي يغش بماميثا يصير زعفراني اللون والرائحة إذا ديف والذي يغش بعصارة الخس البري إذا ديف كانت رائحته ضعيفة وكان خشن الملمس .
والذي يغشّ بالصمغ يصير لونه صافياً وتضعف قوته .
ومن الناس من يبلغ به خبثه إلى أن يغشه بشحم .
وقد قال حكيم من حكماء اليونان : إنه ينبغي أن يعفى من هذا الدواء وما أشبهه من كان به وجع العين أو الأذن لأنه يظلم العين ويثقل السمع .
وقال آدريوس الحكيم : إن الدواء لولا أن يغش لكان يعمي من يكتحل به .
وقال آخر : إنما ينتفع به من الرائحة فقط لينوم وأما في سائر الأشياء فهو ضار .
وقد لعمري أنهم غلطوا وخالفوا ما يتعرف بالتجارب من قوّة هذا الدواء فإن ما يظهر منه عند التجارب يدل على حقيقة ما أخبرنا من فعله .
الطبع : البستاني بارد يابس في الثانية والأسود في الثالثة وقيل إلى الرابعة .
الأفعال والخواص : أصناف الخشخاش مبردة وليس فيه تغذية يغتذى بها والأسود منه مغلظ مجفف والخشخاش البحري المقرن الذي ثمرته معقفة كقرن الثور جال مقطع شديد الجلاء وزهره البري منه ينقي اًثار قروح عين المواشي .
الأورام والبثور : قد تطلى أصنافه سوى البحري على الحمرة .
الجراح والقروح : ورق المقرن الساحلي نافع من القروح الوسخة ويأكل اللحم الزائد لجلائه ويقلع الخشكريثات وكذلك زهره ولا يصلح للقروح الظاهرة لفرط جلائه .
والبري يتخذ منه ضماد بالزيت على القروح فيقلعها .


آلات المفاصل : يطلى البحري مع اللبن على النقرس فينفع وءإذا طبخ أصل الخشخاش البري في الماء إلى أن يذهب النصف وسقي نفع من عرق النسا .
أعضاء الرأس : منوم وخاصه الأسود منه مخدر يحتمل في الفتيلة فيرقد ويمنع النزلة وصاحب السهر إذا ضمد به جبهته انتفع به .
وكذلك إذا نُطل بطبيخه والزبدي منه إذا تقيء به شرباً بقدر أكسوثافن ماء القراطن انتفع به المصروعون من جهة أن ينقّي معدهم خاصة .
ودهنه مع دهن الورد صالح للصداع إذا مرخ به الرأس على أن اجتنابه ما أمكن أولى وقد يقطر طبيخه في الأذن الشديدة الألم فيسكن وجعها .
أعضاء العين : العين : يستعمل البارد منه في أوجاع العين الشديدة عند الضرورة وفيه خطر كما قلنا في الأفيون إلا أن يخلط ببعض الأدوية المانعة لمضرته فيقل ضرره .
أعضاء الصدر : نافع من السعال الحار والنوازل إلى الصدر ومن نفث الدم وقد يتخذ منه لعوق نافع لذلك جداً وخصوصاً إذا خلط بأقاقيا وعصارة لحية التيس قال ابن ماسة : إن بزر الأسود ينقي الصدر وأما القشر فالأظهر من حاله أنه يعسر النفث وفي جميع بزره تنقية .
أعضاء الغذاء : نافع من رطوبات المعدة والبحري المقرن منه - إذا طبخ أصله بالماء حتى ينتصف الماء نفع من علل الكبد ولمن في بطنه خلط غليظ .
وبزر الزبدي منه يقيء وقيل مثل هذا في البري أيضاً .
أعضاء النفض : الأبيض الأسود إذا دق ناعماً وسقي بالشراب الأسود العفص قطع الإسهال المزمن وليس تخلو طبيعتبما من قوة مطلقة ومع ذلك ينحل في الماء .
وطبيخه القوي الطبخ إذا حقن به نفع لدوسنطاريا وإذا شرب بزره بشراب قراطن لين الطبيعة وإذا سقي من الزبدي قدر إكسوثافن ماء القراطن قيأ ويسهل بزر الزبدي البلغم والخام وكذلك بزر ضرب من المصري يسمى في الناطف والأطرية وبزر البستاني منه بالعسل يزيد في المني .
خِطمي .
الماهية : إسمه باليونانية مشتقّ من اسم كثير المنافع .
الطبع : حار باعتدال .


الخواص : فيه تليين وإنضاج وإرخاء وتحليل وبزره وأصله في قوته وأقوى وأكثر تجفيفاً وألطف .
الزينة : يطلى به على البهق بالخلّ ويجلس في الشمس وبزره أقوى في ذلك .
الأورام والبثور : يليّن الأورام ويمنعها ويحلل الدموية وينضج الدماميل وينفع من الأورام النفخية ومن الخنازير ويحتمل مع صمغ البطم لصلابة الرحم ويجعل بالكبريت على الخنازير مع صمغ .
آلات المفاصل : يسكّن وجع المفاصل وخصوصاً مع شحم الأوزّ وينفع من عرق النسا ومن الارتعاش وشدخ أوساط العضل وتمدّد الأعصاب .
أعضاء العين : يحلل التهيّج والنفخه التي تكون في الأجفان .
أعضاء الصدر : بزره نافع من السعال الحار ويسهل النفث ويمنع نفث الدم لقوة قابضة فيه وينفع ورقه من أورام الثدي ويقع في ضمادات ذات الجنب والرئة .
أعضاء الغذاء : صمغه يسكّن العطش .
أعضاء النفض : طبيخ أصوله ينفع إذا شرب من حرقة البول ومن حرقة المعي أيضاً وأورام المقعدة وكذلك ورقه وكذلك من الإسهال الرديء ويحتمل بزره مع صمغ البطم لصلابة الرحم وانضمامه وكذلك طبيخه وحده وينقي النفاس .
وطبيخ أصله إذا سقي بالشراب نفع من عسر البول ومن الحصاة وخصوصاً بزره وصمغه يحبس البطن .
السموم : إذا طلي بالخل والزيت منع مضرة الهوام وينفع طبيخه بخل ممزوج أو شراب من لسعِ النحل طلاء وذلك طلاء كما قدر .
خردل .
الماهية : هو بقلة معروفة .
الطبع : حار يابس إلى الرابعة .
الأفعال والخواص : يقطع البلغم وذهنه أسخن من دهن الفجل وتهرب من دخانه الهوام والبري الزينة : ينقي الوجه ويزيل الكهبة وأثر الدم الميت .
والبري ضماده جيد للبهق ويجفف اللسان وينفع من داء الثعلب .
الأورام والبثور : يحلل الأورام الحارة وكل ورم مزمن ويوضع بالكبريت على الخنازير .
الجراح والقروح : ينفع من الجرب والقوابي .
آلات المفاصل : ينفع من وجع المفاصل وعرق النسا .


أعضاء الرأس : ينقّي رطوبات الرأس ويضمد به رأس من به ليثرغس وماؤه قطوراً لوجع الأذن والضرس وكذلك دهنه خصوصاً وقد طبخ فيه حلتيت وهو من الأدوية المفتّحة لسدد المصفاة .
قال بعضهم : إن شُرب على الريق ذكى الفهم .
أعضاء العين : يستعمل في أكحال الغشاوة والخشونة .
أعضاء الصدر : إن دق وشرب بماء العسل أذهب الخشونة المزمنة في قصبة الرئة .
أعضاء الغذاء : يزيل الطحال ويعطش .
أعضاء النفض : ينفع من اختناق الرحم ويشفي الباه .
الحميات : نافع من الحميات الدائرة والعتيقة .
خصي الثعلب .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو نبات ورقه مفروش على وجه الأرض وهو أخضر شبيه بورق الزيتون الناعم إلا أنه أدق منه وأطول وله أغصان طولها شبر عليها زهر لونه فرفيري وله أصل ضبيه ببصل البُلْبُوس إلا أنه إلى الطول ما هو وهو يتضاعف زوانج مثل زيتونتين إحداهما فوق الآخرى رخوة منسحبة وقد يؤكل هذا الأصل كما يؤكل البلبوس مسلوقاً .
وقد يقال في هذا الأصل أنه إذا أكل الرجل القسم الأعظم منه ولد الذكران وأن القسم الأصغر إذا أكله النساء ولدن الإناث .
وهذا الصنف ينبت في مواضع حجرية ومواضع رملية .
ومن خصي الثعلب صنف آخر يسميه بعض الناس أندرياس لكثرة منافعه وهو نبات ورقه يشبه ورق الكراث إلى الطول إلا أنه أعرض منه رخص فيه رطوبة دبقية وله ساق طوله نحو من شبرين وزهر لونه إلى لون الفرفير ما هو وأصل شبيه بالخصيتين .
وقيل : في هذا الأصل ما قيل في الذي قبله وحشيش كليهما خشن حلو .
الطبع : حار في الأولى رطب فيها رطوبته فضلية .
آلات المفاصل : ينفع من التشنج والتمدد اللذين إلى خلف ومن الفالج نفعاً بليغاً .
يشهي الباه ويعين عليها وخصوصاً بالشراب ويقوم منام أسقنقور .
أعضاء النفض : ضماد يفتح النواصير وإذا شرب في الشراب عقل سيلان البطن فيما زعم خُصَي الكلب .


الماهية : هو نبات شبيه بنبات خُصى الثعلب حتى إن قوماً اشتبهوا في الفرق بينهما فقال واحد منهم : إن ذاك هذا وقال آخرون : إن هذا النبات ذاك لمشابهة الأصول والنبات وهما فريبا الأفعال وهو صنفان : أحدهما أصغر وهو زوجان زوج تحت وزوج فوق وأحدهما رخو والآخر ممتلىء ونوع آخر أعظم من ذلك .
الخواص : في النوع العظيم رطوبة فضلية .
الأورام : يحلّل الأورام البلغمية .
القروح : ينقّي القروح ويمنع النملة أن تنتشر ويفتح النواصير ويدمل القروح الخبيثة والمتأكلة .
أعضاء الرأس : ينفع من القلاع .
أعضاء النفض : إذا تناول الرجل أكبرهما صار مذكاراً وإذا تناولت المرأة أصغرهما صارت مئناثاً ويقال : إن الرطب منه يزيد في الجماع واليابس يقطعه ويبطل كل منهما فعل الآخر .
وقد قيل جميع ذلك في الأعظم والأصغر .
خُصْيَة .
الماهية : هي من جنس اللحم الرخو من أعضاء الحيوان .
الاختيار : أجود خصي ما هو جيد الخصي خصي الفتيان وخصي الكبار مثل التيوس وما أشبهها من الكباش والثور لا ينهضم وليس كخصي الديوك لا سيما المسمنة فإنها جيدة جداً .
الأفعال والخواص : ليس له جودة غذاء الثديين إلا كخصي الديك المسمنة فهو جيّد الغذاء كثيره .
وجميع أصناف الخصي إذا انهضم خاصة ما هو أعسر انهضاماً فإنه يغذو غذاء كثيراً .
أعضاء الغذاء : أكثرها عسرة الهضم كثيرة الغذاء وخصوصاً ما كان من الحيوان الكبير الغليظ اللحم .
خربق أسود .


الماهية : قال ديسقوريدوس : من الناس من يسميه مالينوديون وسمي بهذا لأنه كان رجل اسمه مالينوس أسهل بنات فروطوس بهذا النبات فبرأن من الجنون وهو نبات له ورق أخضر شبيه بورق الدلب إلا أنه أصغر منه وأكبر تشريفاً مثل سفندوليون وهو أشد منه سواداً وفيه خشونة وله ساق قصيرة وزهر أبيض فيه لون فرفيري في هيئة الورد وفي العنقود ثمر يشبه القرطم ويسمونه سمسمونداس وله عروق دقاق سود مخرجها من أصل واحد كأنه رأس بصلة وإنما يستعمل من الخربق الأسود عروقه وينبت في المواضع الخشنة والكهوف والتلول وأماكن صلبة يابسة .
ومن الناس من يطرحه في الماء ويرش به البيوت وذلك أنهم يظنون أنه طهور ولذلك إذا أرادوا قلعه من الأرض قاموا في وقت ما يحفرون حوله يصلون للمعبود ويقلعونه وهم يصلون ويحذرون في وقت احتفاره أن تمرّ بهم عقاب لأن من مذهبهم أنه يتخوف على قالعه الموت إن رأى العقاب الخربق محفوراً عنه فينبغي لمن يحفر عنه أن يسرع الحفر لأنه يعرض من رائحته ثقل في الرأس .
وينبغي أن يحتاطوا قبل ذلك بأكل الثوم وشرب الشراب دفعاً لمضرة ذلك .
ويعملون به مثل ما يعمل بالخربق الأبيض ويسقونه مثل مايسقى .
الإختيار : أجوده المتوسط من العتيق والحديث والسمين والمهزول الرمادي اللون السريع الإنكسار الغير النخر الذي في جوفه مثل نسج العنكبوت الحاد الطعم الحاذيَ اللسان والجيد مما يستعمل منه أن تؤخذ العيدان الصغار التي عند أصله وتبلّ بقليل ماء وتقشر وتؤخذ تلك القشور وتجفف في الظل ويستعمل مسحوقاً منخولاً .
والشربة ثلاث كرمات .
والأجود أن يسقى مع فطراساليون ودوقوا وقد يسقى إلى درخمي بحسب اختلاف مزاج الإنسان ويجب على الطبيب النظر في ذلك ويتصرف فيه بحسب السن والعادة والزمان والوقت الحاضر والسبب الطبع : حار يابس إلى الثالثة .
الأفعال والخواص : هو محلل ملطف قوي الجلاء حتى إنه يأكل اللحم الميت لماذا نبت عند أصول كرمة صارت قوة شرابه مسهلة .


ومن خواص الخربق أن يحيل البدن عن مزاجه ويفيده مزاجاً جديداً شبابياً .
وكثير ممن يتناول الخربق الأبيض للقيء فلم يقيئه ولم يسهله لكنه يفعل فعل ما يقيء ويسهل .
ومرافقته للرجال وللمذكرات من النساء والأقوياء والشبان والذين لهم خصب في البدن وكثرة دم أكثر ولا يصلح للحبنان والرخو وموافقته في نيسان ثم في تشرين إلا أنه يجب أن يتقدم قبله ثلاثة أيام بالحمية عن المطاعم والمشارب الغليظة وأن يستعمل اللهو والسرور وأن يتقيأ بعد العشاء مرتين أو ثلاثة ثم يتناول .
الزينة : يطلى على البهق بالخل وكذلك على الوضح .
الجراح والقروح : يطلى بلبن الأسود والأبيض على الجرب والقوابي بالخل والقشر طلاء واستفراغاً به والناسور الصلب يقلع صلابته ويتخذ منه كالقالب ويدخل في الناسور ويترك أياماً ثلاثة فإنه إذا آخرج منه قلع محرقه .
آلات المفاصل : ينفع من الفالج وأوجاع المفاصل والإستفراغ به دواء لها قوي .
أعضاء الرأس : إذا طبخ بالخل وقطر في الأذن سكن الدويّ وإذا تمضمض بذلك الخل سكن وجع الأسنان وإذا قطر طبيخه في أذن الضعيف السمع قواه وينفع من الوسواس والماليخوليا والصرع والشيققة وأمراض الرأس جملة .
أعضاء العين : يقوي البصر إذا وقع في الأكحال .
أعضاء النفض : ينفع من السواد وغلبتها ويسهلها إسهالاً من جميع البدن من غير إكراه ويخرج الصفراء والبلغم كذلك ويخرج كل فضل يخالط الدم حتى من أقصى البدن ومن الجلد ويجب أن يجعل سريع الإسهال بالسقمونيا ويخلط به فطراساليون ودوقوا وقد يسقى بأن ينقع في سكنجبين أو شراب حلو ويترك فيه مدة ثم يطبخ ذلك الشراب بعدس و بماء الشعير أو بالدجاجة ويتحسى مرقه قد يخلط بالدرخميين منه قدر ثلاث أوثولوسات سقمونيا وقد يطبخ في العسل .
وقد قيل في لوح الخواص من تدبيره ما يجب أن يتأمل في هذا الموضع أيضاً وهو نافع جداً للأورام في الأمعاء والمثانة ويدر الطمث و البول .


الأبدال : بدل الأسود نصف وزنه مازريون وثلثا وزنه غاريقون وذكر ماسويه أن بدله كندس .
خسرودارو .
الماهية : قال ماسرجويه : هو خولنجان وقال غير .
بخلاف ذلك .
الأفعال : محلل مذيب أعضاء النفض : ينفع من القولنج ووجع الكلى ويزيد في الباه وأكثر خاصيته في أوجاع اكلى .
خربق أبيض .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو نبات له ورق مثل لسان الحمل أو السلق البري إلا أنه أضر منه وهو ثخين أسود يضرب إلى الحمرة قليلاً وله ساق طوله نحو من أربع أصابع مضمومة أجوف .
وإذا ابتدأ جفافه يتقشر وعروقه كثيرة دقاق مخرجها من رأس واحد مستطيل شبيه ببصلة وينبت في أماكن جبلية وينبغي أن يقلع في زمان حصاد الحنطة وأجوده ما كان منبسط السطح انبساطاً معتدلاً وكان أبيض هين التفتت كثير اللحم ولا يكون حار الأطراف شبيهاً بالأذخر وإذا فتت ظهر منه شيء شبيه بالغبار ونسج العنكبوت في المحرقة ولا يلذع اللسان لذعاً شديداً على المكان ويجلب اللعاب .
فإن هذا الصنف منه رديء وقد وصف الأولون الذين كانوا من الحذاقين قوته ومنافعه على ما يحق وينبغي .
وأوضحهم صفة وأقبلها عندنا فلونيدس المتطبب والقول في وصفه طويل لأنه أوفق في صناعة الطدت من سائر الأدوية .
وبعض الناس قد يسقون منه قليلاً في الأحشاء مع السويق ومن كان ضعيف الجسم إذا أخذه على هذه الصفة لم يضره شيء لأنه لا يقرب من الأعضاء الرئيسة وحده بغير واسطة شيء آخر .
وأهل أنطيقون يسمون الدواء المسمى بلغة غيرهم سمرنداس الخربق لأنه يخلط بالخربق الأبيض وهو أيضاً فاضل يدخل في الأدوية التي يقع فيه الخربق الأبيض وهو نبات يشبه الفوتنج وله ورق طوال وزهر أبيض وأصل دقيق لا ينتفع به وبزر شبيه بالسمسم من الطعم وله منافع كثيرة .
الاختيار : المخًتار منه المنبسط السطح باعتدال الأبيض السريع التفتت الكبير الحجم الرقيقة لا يلذع اللسان في الحال لذعاً شديداً ويجلب اللعاب .


وأما الشديد اللذع في الحال فخانق وأفعال المدبرات فيه مذكورة في باب الخواص .
الطبع : حار يابس في أوساط الثالثة .
الأفعال والخواص : الأبيض أشدّ مرارة والأسود أشد حرارة وإذا أكله الفار مات ويتعمد ذلك ويطعم الفار منه في سويق وعسل وإذا طبخ مع اللحم هراه .
وأضعفه المنقوع منه خمس درخميات من المقطع في تسع أواق من ماء المطر ثلاثة أيام يصفّى ويفتّر ويشرب ثم المبطوخ منه رطل في قسطين من ماء المطر مقطعاً بعد الإنقلاع ثلاثة أيام ويطبخ حتى يبقى الثلث ثم يخرج عنه الخربق ويطرح على الماء عسل فائق مصفى قدر رطلين ويقوم ويؤخذ منه ملعقة كبيرة كما هو أو مع ماء حار وهذا سليم مأمون ثم القشر المقطع ثم الجريش في مثل ماء الشعير لئلا يبقى شيء في الحلق والمعدة ثم السحيق منه معقوداً مع ماء العسل .
وهذا هو الذي يقتل في أكثر لبقائه في المسالك ويجب أن يعد شاربه أشياء يدرأ بها ما يكاد يقع به من التشنج مثل مرقة الدجاج وشراب الزوفا بالفوتنج أو السَّذاب والعدس والأدهان العطرة كالمتّخذ من السعد والسوسن والترمس وأن يكون عنده خل حاد الرائحة وتفاح وسفرجل وخبز حار وشراب ريحاني ودواء معطس وريشة وكرسي وسرر وفراش وطيء ومحاجم مختلفة .
فإذا استسهلوا بسهولة حسوا ماء بارداً وشموا روائح طيبة ويغذون بما يجود كيموسه وإن كان قد عرض تشنج وضعف فخبز مثرود في شراب أو ماء العسل وربما وجب أن يعاد بعد ذلك فيطعم خبزاً مغموسآ في ماء بارد فإن عرض لهم فواق فى وسط العمل أعطوا ماء العسل مطبوخاً فيه الفجل .
فإن لم يتحرك الدواء فيهم بعد مدة جرعوا ماء عسل بماء حار مطبوخاً فيه السذاب أو سقوا ماء ودهناً وقبئوا بريشة مدهونة بدهن السعد أو السوسن وأرجحوا في أرجوحة فإن عرض كالاختناق سقوا طبيخ الخربق مقدار ثلاث أواق فإن ذلك يغير الدواء ويزيل العارض فإن لم ينجع فالحقن الحارة .


وسقي ثلاث أوثولوسات منه لا ليقيء بل ليدفع الاختناق ويعطشهم بالمعطشات فإن لم يزل الفواق بالقيء استعملنا المحاجم على الفقرة الكبرى التي بين الأكتاف وعلى سائر خرز الظهر فإن المحجمة تسوي الإلتواء العارض بعد الزينة : يفعل في هذا الباب مثل ما يفعل الأسود .
الجراح والقروح : يفعل في هذا الباب فعل الأسود .
أعضاء الرأس : إذا شم سحيقه يهيج العطاس .
أعضاء العين : يحد البصر .
أعضاء الغذاء : الأبيض يقيء بقوة وفيه خطر لأنه يخنق وقْد يجعل في الخبيص ليقيء ومن خيف عليه الاختناق فيجب أن لا يسقي والمعدة خالية وهؤلاء هم الضعفاء .
السموم : يقتل الإفراط منه الناس وهو سم للكلاب والخنازير ورجع شاربه يقتل الدجاج .
خيار شنبر .
الماهية : منه كابلي ومنه بصري ويمكن أن لا ينبت في البصرة إذ يحمل من الهند إلى البصرة وإلى غيرها من البلاد .
الاختيار : أجوده ما يؤخذ عن القصب وما هو أبرق وأدسم وأجود قصبه أيضاً البراق الأملس .
الطبع : معتدل في الحر والبرد وهو رطب .
الخواص : محلِّل ملين .
به بماء عنب الثعلب ويطلى على الأورام الصلبة فينتفع به .
آلات المفاصل : يطلى به النقرس والمفاصل الوجعة .
أعضاء الصدر : إذا مرس في ماء الكزبرة الرطبة بلعاب بزر قطونا ثم تغرغر به نفع من الخوانيق .
أعضاء الغذاء : منقّ للكبد نافع من اليرقان ووجع الكبد .
أعضاء النفض : ملين للبطن يخرج المرة المحرقة والبلغم وإسهاله إسهال بلا أذى حتى إنه يصلح للحبالى ويسهلهن .
الأبدال : بدله نصف وزنه ترنجبين وثلاثة أوزانه لحم الزبيب ودهن وزنه تربد وقد يجعل بدل الزبيب ربّ السوس فيما زعم قوم .
خس .
الماهية : البرّي منه في قوّة الخشخاش الأسود .
الطبع : قال جالينوس : ليس برودة البستاني منه بالغة بل مثل برد ماء الغدران ورطوبته أغلظ من رطوبة السلق وألطف من رطوبة الخبازى .
وقيل : إنه في الترطيب والتجفيف بين الكرنب والقطف واليمانية .


أقول : من قال إنه بارد في الثالثة حكم عليه أنه رديء الغذاء قليله وليس الخواص : لا جلاء فيه ولا قبض ولا إطلاق لخلوة عن الملوحة والعفوصة وسائر ذلك والدم المتولّد منه أحمد من الدم المتولّد من البقول .
وأغذاه المطبوخ وهو نافع من اختلاف المياه وغيرا المغسول عنه أجود .
والغسل يزيده نفخاً وكذلك جميع البقول الباردة وهو سريع الهضم وإذا استعمل في وسط الشراب منع إفراط السكْر والبري منه في قوّة الخشخاش الأسود .
الأورام والبثور : ينفع من الأورام الحارة والحمرة طلاء إذا لم يكونا عظيمين شديدين .
آلات المفاصل : هو ضماد على الوثى نافع .
أعضاء الرأس : ينوم ويزيل السهر مسلوقاً ونياً وينفع من الهذيان وإحراق الشمس للرأس وهو دواء لسدّة المنخرين .
أعضاء العين : لبن البرّي منه يجلو قروح القرنية ولبن البستاني قريب منه وهو ضماد للرِمد الحار ولبن البرّي ينفع من الغرب وإدامة أكله تظلم العين .
أعضاء الصدر : يزيد في اللبن .
أعضاء الغذاء : نافع من العطش وحرارة المعدة والتهابها .
والبستاني جيّد للمعدة سريع الهضم وتناوله بالخل يشهّي وينفع كله من اليرقان .
أعضاء النفض : بزره يجفّف المني ويسكن شهوة الجماع وينفع من كثرة الاحتلام .
وبقله أقل في ذلك من بزره .
ولبن الخسّ إذا سقي منه نصف درهم بماء أسهل كيموساً مائياً ولبن البستاني إذا عظم قريب من لبن البرّي ونفس الخس لا يعقل ولا يطلق لأنه لا مالح ولا عفص ولا جال لكنه مدر والبري منه يدر الطمث .
السموم : لبن البري يسقى للسعة الرتيلاء والعقرب .
خنثى .
الماهية : ورقه كالكَرَّاث الشامي وله ساق أملس على رأسه زهر وله ثمرة طوال مستديرة كالبلوط وهو حريف .
الطبع : هو حار يابس وقال بعض : إنه بارد رطب وأبعد .
الأفعال والخواص : جلآء محلل وخصوصاً أصله وإذا أحرق صار مسخناً مجففاً محللاً وأكثر منه أصله وقوته كقوة اللوف الجعد .


الزينة : ينفع من داء الثعلب والحية وخصوصاً رماد أصله وإذا طلي برماده البهق الأبيض وجلس في الشمس نفع .
الأورام والبثور : أصله بدردي الشراب على أورام الغدد كلها وعلى الدماميل وإذاى ضمد بدقيق الشعير نفع في ابتداء الأورام الحارة .
آلات المفاصل : ينفع من وهن العضل والوثى .
أعضاء الرأس : إذا قطرت عصارته وحدها أو مع كندر وعسل وشراب ومر نفع من قيح الأذن ولوجع الضرس إذا قطر في الأذن في الجانب المضاد للضرس الوجع .
أعضاء العين : في عصارة أصله منفعة للعين .
أعضاء النفس : إذا سقي منه وزن درخمي بشراب نفع من وجع الجنبين والسعال وأصله بدردي الشراب جيد لأورام الثدي .
أعضاء الغذاء : نافع من اليرقان .
أعضاء النفض : يدر البول والطمث وثمرته وزهره إذا سقيا بشراب أسهلا أصله بدردي الشراب ضماد جيد لأورام الخصي .
السموم : يسقى منه ثلاث درخميات لنهش الهوام وإذا سقيت ثمرته وزهره في شراب نفع نفعاً عظيماً من لدغ العقرب وذي الأربعة والأربعين مع أنه يسهل .
خولنجان .
الماهية : قطاع ملتوية حمر وسود حاد المذاق له رائحة طيبة خفيف الوزن يؤتى به من بلاد الصين .
قال ماسرجويه : هو خسرودارو بعينه .
الأفعال والخواص : لطيف محلل للرياح .
الزينة : يطيب النكهة .
أعضاء الغذاء : جيد للمعدة هاضم للطعام .
أعضاء النفض : ينفع من القولنج ووجع الكلي ويعين على الباه وبدله وزنه من قرفة قرنفل .
خس الحمار : الماهية : هو كورق الخس الدقيق كثير العدد إلى السواد أزغب وأوراقه لاصقة بالأصل ثابتة تحبسه ولون أصله إلى الحمرة وبصبغ اليد والأرض أحمر وينبت في أرض طيبة وهو من جوهر مائي وأرضي وهو الشنجار وقد قيل فيه .
الاختيار : الأصفر أقوى والأبيض مائي ضعيف .
الطبع : حار يابس في أول الثانية .
الخواص : جال مفتح ويابس زهره أقوى في ذلك وطبع أصله قريب من طبع بزره والأصل أقوى وخصوصاً اليابس .
قال بولس : فيه قوة جذابة من عمق حتى إنه يجذب السلا .


الأورام : ينفع الأورام الصلبة حيث كانتَ .
القروح : إذا اتخذ منه بالقيروطي أدمل وكذلك ماؤه بالقيروطي .
أعضاء الرأس : عصارته منقّية للرأس سعوطاً ويستعمل بالعسل في القلاخ فينفع لطوخاً .
أعضاء العين : يابسه ينقّي الأثر الباقي فىِ العين وغلظ الطبقات .
أعضاء الغذاء : منق للكبد والمكبوس بالخل نافع للطحال أكلاً وضماداً .
أعضاء النفض : يدر الطمث بقوة ويخرج الجنين الميت ويقتل الجنين الحيّ وهو ينفع من الأورام الصلبة في الرحم حمولاً وجلوسآ في مائه وهو أدر شيء للطمث وأصلحه والمبلغ مثقال واحد شرباً واحتمالاً ويستعمل بْالقيروطي على شقاق المقعدة .
خرنوب .
الاختيار : أصلحه الشامي المجفَف .
الطبع : النبطي أشد يبساً وبرودة .
الأفعال والخواص : الشامي مجفف قابض وكذلك ثمرته إلا أن فيه حلاوة ومع ذلك يعقل .
والنبطي أشد يبساً وتجفيفاً ولا يلذع والنبطيٌ يؤكل رطباً وخلطه وديء .
ثقيل .
الزينة : إذا دلكت الثآليل بالخرنوب النبطي الفجّ دلكاً شديداً أذهبها البتة .
أعضاء الرأس : المضمضة بطبيخه جيدة لوجع الأسنان .
أعضاء الغذاء : الشامي الرطب ردىء للمعدة ولا ينهضم واليابس أبطأ انهضاماً ونزولاً قال أعضاء النفض : الجلوس في طبيخه يقوي المعدة وفيه إدرار وخصوصاً ما يربى بعقيد العنب والرطب من الشامي يطلق واليابس يعقل وينفع من الخلفة .
والنبطي نافع من سيلان الطمث المفرط احتملا وأكلاً والينبوت هو جيد للمغص والإسهال .
خزف .
الخواص : مجفف جلآء وخاصة خزف التنور وألطف الأخزاف خزف السرطان البحري والقراميد في طبيعة السنباذج .
الزينة : خزف السرطان البحري مجفّف يجلو الكلف والنمش .
الأورام : يتّخذ من الخزف قيروطي على الخنازير ينفعه .
الجراح والقروح : المرهم المتخذ من الخزف قوي الإدمال وينفع من القروح ويجلو الجرب وخصوصاً خزف السرطان البحري .


أعضاء العين : خزف العضائر الصيني المدقوق مع دهن حب القطن يقلع الظفرة المزمنة وخزف السَرطان البحري مع الملح المحتفر ينفع من المرة ويقلع البياض العارض من اندمال القرحة .
آلات المفاصِل : خزف التنور يطلى على النقرس .
خفّاش .
الطبع : في شيرزق جلاء شديد الحرارة .
الزينة : دهن الخفاش يمنع أثداء الأبكار عن العظم ويمنع نبات الشعر فيما يقال وليس بصحيح .
أعضاء العين : دماغه مع العسل نافع لابتداء الماء في العين ورماده يحد البصر والشيرزق نافع للظفرة والبياض .
خانق الذئب .
الخواص : دواء يخنق الذئاب والخنازير والكلاب معفن جداً لا يستعمل لا داخلاً ولا خارجاً .
السموم : هو قاتل للذئاب وقد قيل فيه في باب القاف .
خانق النمر .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو نبت له قضبان دقاق طوال عسرة الرض وله ورق شبيه بورق اللبلاب إلا أنه ألين منه وأحد طرفاً ثقيل الرائحة ريان من رطوبة لزجة صفراء وله حمل شبيه بغلف الباقلا في طول أصبع وفي جوفه بزر صغار صلب أسود .
الخواص : وورق هذا النبات إذا خلط بالشحم وخبز بالخبز وأطعمه للذئاب والكلاب والثعالب والنمور قتلها .
وهو يضعف قواتها ساعة تأكله ولا يستعمل لا داخلاً ولا خارجاً .
السموم : سم قتال قيل إذا قرزبَ من العقرب أخمدها .
هو قاتل النمر وقد قيل فيه .
خِلاف .
الماهية : معروف وقد يخرج لورقه - إذا شدخ - صمغ قوي .
الأفعال والخواص : ثمرته وورقه قابض بلا لذع وله تجفيف كاف ورماده شديد التجفيف وإذا تضمد به رطباً حبس نزف الدم وقد يشدخ ورقه فيخرج له صمغ شديد ملطف .
الزينة : رمادد يقلع الثآليل طلاء بالخل .
الجراح والقروح : ضماد للجراحات الواقعة في العظام وخصوصاً ثمرته وورقه ورماده يزيل النملة إذا طلبت به بالخلّ .
أعضاء الرأس : فقاحة وماؤه مسكن للصداع وعصير ورقه لا شيء أبلغ منه في قلاع المدة التي تسيل من الأذن .


أعضاء العين : توضع ثمرته وماؤه على ضربة الحدقة وصمغه نافع جداً للبصر الضعيف .
أعضاء الغذاء : ماؤه نافع من سدد الكبد ومن اليرقان .
أعضاء النفض : ثمرته نافعة لأصحاب اختلاف الدم .
خُبازَى .
ومن الخبازى نوع يقال له ملوخيا السحرة وهو الخِطمِي .
وبقلة اليهود ليس بعيداً أن يكون من أصنافه وهو أحمر .
الاختيار : البري ألطف وأيبس وشدة مائية البستاني تنقص من قوته .
الطبع : بارد رطب في الأولى وقيل : إن البستاني حار يابس وقائل هذا القول هو المسمى بولس يشبه أن يكون ذهب إلى البقلة اليهودية فإنها تسمى ملوخيا .
الخواص : فيه تليين وقيل : هو ألطف من السرمق وأغلظ من السلق والبري ألطف وأيبس وقيل : إن البستاني يسخن قليلاً وينحدر سريعاً لرطوبته ولزوجته وخاصةً مع المري والزيت وهو معتدل الانهضام ورطوبته - فيما يقال أغلظ رطوبة من الخس .
قال بولس : وهو يقبض ويقشر ويحلّل بلا .
لذع ويشبه أن يعني به البقلة اليهودية .
الأورام : هو نافع للنملة والحمرة وورق البري مع الزيتون نافع لحرق النار وكذلك طبيخه تطولاً والبستاني نافع لابتداء الورم الحار وتزيده .
القروح : إذا مُضغ مع الملح نيئا وجعلى على النواصير وخصوصاً الصغار وفي العين .
أعضاء الرأس : يضمّد به قروح الرأس مع البول فينفع جداً ويمضغ للقلاع .
أعضاء العين : إذا مضغ ورقه واستعمل منه مع ملح يسير نقى نواصير العين وأنبت اللحم .
أعضاء الصدر : ورقه وزهره كل ملين للصدر ومغزر للبن مسكن للسعال الحادث عن الحرارة واليبس وبزره أجود منه في إزالة خشونة الصدر .
أعضاء الغذاء : البستاني رديء للمعدة وفيه تفتيح لسدد الكبد .
أعضاء النفض : زهره نافع لقروح الكلي والمثانة شرباً وضرباً بالزيت وبزر الملوخيا ينفع من السحج .
وقروح المعي وقضبان الخبازى البستاني نافع للأمعاء والمثانة مليّن للبطن وأوجاعها وذلك إذا شرب ماؤه أو اتخذ منه شراب .


وطبيخه نافع لصلابات الرحم جلوساً فيه واحتقاناً وفيه قوّة مدرة للبول .
ومن الخُبَّازَى البري يدور مع الشمس ما يسهل خاماً ومرة وربما أفرط وأسهل الدم .
السموم : ورقه يسكّن لسع الزيتون ضماداً وخصوصاً مع الزيت ومن السموم يشرب بزره ويتقيأ دائماً وينفع من لسع الرتيلاء .
خمير .
الطبع : فيه حرارة وأما يبوسته ورطؤبته فبقدر كثرة ملحه وبورقه وقلتهما .
الخواص : فيه قوة جلاّءة للملح والبورقية والحنطية وفيه قوة مبردة للحموضة يجذب المواد العميقة إلى ظاهر البدن ويحلل .
خوخ .
الطبع : بارد في آخر الثانية رطب في الأولى دون آخرها .
الخواص : رطوبته سريعة العفونة مليّن فيه قبض ما وأقبضه المقدد وفيه منع لسيلان الفج قابض .
الزينة : يقطع ورقه إذا طلي به رائحة النورة .
أعضاء الرأس : يقطر ماء ورقه في الأذن فيقتل الديدان وينفع دهنه من الشقيقة وأوجاع الأذن الحارة والباردة .
أعضاء الغذاء : النضيج منه جيد للمعدة وفيه تشهية للطعام ويجب أن لا يؤكل على غيره فيفسد عليه ويفسده بل يقدمه على الطعام .
وقديده بطيء الهضم ليس بجيّد الغذاء وإن كان أكثر غذاء .
أعضاء النفض : يضمّد بورقه السرة فيقتل ديدان البطن وكذلك إن شربت عصارة فقاحه وورقه .
والنضيج منه يليّن البطن والفج عاقل .
وقد قال بعضهم : إنه يزيد في الباه ويشبه أن يكون ذلك في الأبدان اليابسة الحارة .
خطّاف .
أعضاء الرأس : قال ديسقوريدوس : إذا أخذ فرخه في زيادة القمر وكان أول ما أفرخ وشق وأخذ من الحصى الموجود في جوفه حصاتان إحداهما ذات لون واحد والآخرى كثيرة الألوان فإن أخذتا قبل أن تقعا على الأرض ثم صرتا في قطعة جلد عجل أو أيل قبل أن يصيبهما تراب وربطتا على عضد من اختلط عقله أو من به صرع أو على رقبته تنتفع به .
وكثيراً ما فعل ذلك فأبرأ من به صرع برءاً تاماً .
قال : وقد جربت ذلك .


أعضاء العين : أكل الخطاف يحد البصر وقد يجفف وينقي والشربة مثقال وخصوصاً حراقة الألم والولد في الزجاجة إذا اكتحل به بالعسل وقيل : إن دماغه بعسل نافع من ابتداء الماء وكذلك دماغ الخفش .
أعضاء النفس : يحد الخناق برمادها لينفع وكذلك إذا ملحت وجففت وشرب منها وزن درخمي بماء نفغَ من السعال وورم اللهاة واللوزتين .
خَلّ .
الطبع : مركب من حار وبارد وكلا جوهريه لطيف .
والبارد أغلب والذي فيه حرافة أسخن وأن لم يكن فهو بارد ورطب والطبخ ينقص من برودته .
الأفعال والخواص : قويّ التجفيف ويمنع انصباب المواد إلى داخل ويلطف ويقطع وقد يشرب أو يصب على نزف الدم إن كان خارجاً فيمنعه ويمنع الورم حيث يريد أن يحدث ويعين على الهضم ويضاد البلغم وهو نافع للصفراويين ضار للسوداويين .
الزينة : يطلى مع عسل على آثار الدم فينفع لكن الإكثار منه يصفر .
الأورام والبثور : يمنع حدوث الأورام وسعي الغانغرينا ويشفي الحمرة أكلاً ونطلاً ويمنع من سعي كل ورم وينفع من الداحس ويمنع من النملة والجمرة فإذا طلي به أن يحدث منه الورم .
الجراح والقروح : إذا وضع على الجراحات صوف مبلول بخل منعها أن ترم وينفع سعي القروح الساعية والجرب والقوباء وينفع من حرق النار أسرع من كل شيء .
آلات المفاصل : هو ضار للعصب واذا طلي مع الكبريت على النقرس نفع .
أعضاء الرأس : إذا خلط بدهن زيت ودهن ورد وضرب به ضرباً وبل به صوف غير مغسول ووضع على الرأس نفع من الصداع الحار ويشد اللثّة وكذلك التنطيل به والتمضمض به وخصوصاً مع الشب ينفع من حركة الأسنان ودمويتها .
وبخار الخل الحاو ينفع من عسر السمع ويحدّه ويفتح سدد المصفاة ويحلل الدودي .
أعضاء العين : يلطّخ بالعسل على الكهبة تحت العين وإدمانه يضعف البصر .
أعضاء الصدر : ينفع اللهاة ويمنع التغرغر به سيلان الخلط إلى الحلق ويبرىء اللهاة الساقطة ويتحسّى للعلق والسعال المزمن ولنفس الانتصاب مسخناً .


أعضاء الغذاء : صالح للمعدة الحارة الرطبة مقو للشهوة ويعين على الهضم كل ذلك لديغة المعدة .
وبخار الخلّ يحلل الاستسقاء .
والإدمان منه ربما أدى إلى الاستسقاء .
أعضاء النفض : يبرد الرحم ويحقن بالخل المسخّن والملح لقروح الأمعاء الساعية بعد الحقن اللينة .
السموم : يصب على النهوس وينفع من الأفيون والشوكران .
والخلّ المتّخذ من العنب البري بملح ينفع من عضة الكَلْبِ الكَلِب وغير ذلك .
وقد يشرب مسخناً على الأدوية القتالة فينفع .
خنافس .
أعضاء الرأس : زيته الذي يغلي فيه نافع لوجع الأذن إذا صب فيه وكذلك أجرامها مسحوقة .
الاختيار : يجب أن يكون الخبز نقياً مملوحاً مملّك العجين مخمراً جيّد النضج في التنّور غاباً بائتاً غير مأكول حاراً كما هو .
والخبز الحار غير مقبول عند الطبيعة ويتلو التنوري الفرني وسائره رديء .
والخبز السمين أفضل من الرقيق .
وكلما كان أنقى فيجب أن يخمّر ويترك حتى يدرك أكثر ويملك عجينه أكثر ويملح أكثر .
وخبز الفرني ليس كخبز التنّور الواحد للنضج من الجانبين وخبز الملة خام الباطن والمغسولى مبرد قليل للغذاء طاف على المعدة صاح للمحرورين ولا يولد سدداً ولا يسخن .
وصفة غسله أن يؤخذ الخبز الثابت ويؤخذ لبابه وينقع في الماء الحار ثم يصب عنه الماء الذي يطفو ويجدد عليه الماء حتى تذهب عنه قوة الخمير وغيره ويبلغ غاية انتفاخه .
الخواص : السميذ أغذى من غيره وأجود غذاءً لكنه أبطأ نفوذاً والحواري تتبعه في أحواله .
والخشكار الكثير النخالة سريع النفوذ لكنه أقل غذاء وأردأه والذي ينضج جيداً أكثر غذاءً وكذلك قليل الخمير لكن غذاؤه لزج مسدّد لا يصلح إلا لكثيري الرياضة .
وخبز الملّة من هذا القبيل فإن باطنه قلّما ينضج جيداً .
والخبز المغسول قليق الغذاء بعيد عن التسديد خفيف النضج والوزن .
وخبز الحنطة السخيفة في حكم الخشكار وخبز القطائف يولد خلطاً غليظاً والفتيت بطيء الهضم .


وأجوده المخلوط بدهن اللوز ويجب أن يكون تجفيفه في الظلّ .
والخبز المعمول باللبن كثير الغذاء بطيء الإنحدار مسدد وضماد الخبز أسخن من ضماد الحنطة بسبب الملح .
.
الزينة : الخبز الندي من الحنطة الحديثة يسمن بسرعة .
الأورام والبثور : خبز الحنطة مع ماء القراطن والعصارات الموافقة جيّد للأورام الحارة يلينها ويبردها .
أعضاء الغذاء : الخبز الحار يعطش لحرارته ويطفو في المعدة لرطوبته البخارية ويشبع بسرعة لذلك والحار أسرع إنهضاماً وأبطأ انحداراً .
أعضاء النفض : الخبز الخشكار ملين للطبيعة والحواري عاقل والمخمر يلين والفطير يعقل والملة مما يعقل والخبز العتيق اليابس يعقل وأن لم يخلط به غيره وخبز القطائف يعقل البطن والخبز الرقيق يعقل البطن أكثر من السمين .
خبث .
الاختيار : أقوى الخبث تجفيفاً خبث الحديد .
الطبع : خبث الحديد يابس في الثالثة وخبث النحاس قريب منه وسائر الخبث أقل حرارة .
الأفعال والخواص : كلها تجفّف وأقواها تجفيفاً خبث الحديد .
الأورام : خبث الحديد يحلّل الأورام الحارة .
القروح : خبث الفضة ينفع من الجرب والسعفة ويدمل القروح ويمنع نزف النواصب .
أعضاء العين : خبث الحديد نافع من خشونة الجفن وخبث الرصاص نافع من قروح العين بدل المرداسنج .
أعضاء الغذاء : خبث الحديد يقوّي المعدة وينشف فضله ويذهب باسترخائه إذا سقي في أعضاء النفض : خبث الحديد يمنع نزف البواسير وخصوصاً إذا قعد في نبيذ مخلوط به عتيق ويمنع الحبل ويقطع نزف الحيض وهو غاية فيه وكذلك في البول ويشد الدبر .
طلاء خبث الحديد بالسكنجبين ينفع من مضرة الدواء المسمى فرينطس .
خاليدونيون .
الماهية : حال بعضهم : وهو العروق ويقال له ماميران وقال آخرون : صغيرة الماميران وكبيرة الزردجوق .
الخواص : منه جنس صغير حار مقرح .
أعضاء الرأس : يمضغ أصله فيسكّن وجع السن .


أعضاء العين : إذا أغليت عصارته على جمر حتى ينتصف أحدّ البصر وإذا عمي فرخ الخطاطيف حملت إليه الأم هذا النبات فيرتد بصيراً ولذلك سُمي الخطافي فسبحان من أعطى كل شي خلقه ثم هدى .
خمسة أوراق .
الماهية : هو قنطافلون .
الخواص : فوي التجفيف بلا حدة ولا حرافة ولا لذع ويضمد به للنزف فيقطعه .
الأورام والبثور : يضمّد الدبيلات والخنازير والصلابات البلغمية والداحس .
وطبيخ أصله للقروح الساعية .
والمطبوخ منه بالخل للنملة .
وينفع الجمرة والداحس والجرب .
آلات المفاصل : ينفع من أوجاع المفاصل وعرق النساء وينفع من القيلة شرباً وضماداً .
أعضاء الرأس : طبيخ أصله للسنّ الوجعة إذا تمضمض به وللقلاع وورقه بالشراب للصداع يشرب ثلاثين يوماً .
أعضاء الثفس والصدر : يغرغر بطيخه لخشونة الحلق وعصارة أصله لوجع الرئة .
أعضاء الغذاء : عصارة أصله لوجع الكبد واليرقان إذا شرب أياماً مع الملح والعسل والشوبة منه ثلاث قوانوسات .
أعضاء النفض : ينفع أصله من الإسهال وقروح الأمعاء والبواسير وكذلك طبيخ أصله الحميات وورقه بإدرومالي أو بالشراب للربع والنائبة .
السموم : عصارة أصله دواء قتال .
خندروس .
الماهية : هو الحنطة الرومية .
الطبع : غذاؤه أبرد من غذاء الحنطة وأقل وهو مع ذلك جيد كثير قوي غليظ .
الخواص : لا يشرب في شيء ولكن يستعمل من خارج وفي جملة الجاليات من خارج وفي الملينات القلة من الأضمدة .
الزينة : يطلى على البهق .
القروح : يطلى على الجرب والقوابي ويضمد به القروح المتأكلة .
أعضاء الغذاء : يسقى من أصول الأبيض إكسوباً بشراب فينتفع به صاحب الاستسقاء .
أعضاء النفض : أصول الآبيض منه تقتل الديدان .
السموم : في الأسود منه شيء قتال .
خرء .
الماهية : ذكر في فصل الزاي عند بياننا الزبل .
الخواص : كله مسخن محلّل مجفّف .
خراطين .
الطبع : يجب فيما أقدر أن يكون حاراً .


القروح : يضمد بمدقوقه جراحات الأعصاب ولا يُحَل عنها ثلاثة أيام فيكون نافعاً جداً .
أعضاء الرأس : طبيخه بشحم الوزّ نافع من وجع الأذن وقد يقطر بالزيت في الجانب المخالف أعضاء الغذاء : يبرىء إذا شرب بالطلاء اليرقان .
أعضاء النفض : يدق ناعماً ويسقى بالطلاء فيدر البول وينفع من الحصاة ذلك أيضاً .
خيربُوا .
الماهية : حب صغار مثل القاقلة الصغار يجلب من السفالة .
الطبع : حار يابس في الثالثة .
الخواص : قوته قوة القرنفل يجلو ويلطّف وهو ألطف من القاقلّة .
أعضاء الغذاء : جيد للمعدة والكبد الباردتين وهو أجود للمعدة من القاقلة ويحبس القيء .
خِروع .
الماهية : قال ديسقوريدوس : من الناس من يسميه قراوطيا وهو القراد وإنما سمّوه بهذا لأن حبه شبيه بالقراد وهو شجرة صغيرة في مقدار شجرة صغيرة من التين ولها ورق شبيه بورق الدلب إلا أنه كبر وأملس وأشدّ سواداً وساقها وأغصانها مجوفة مثل القصب ولها ثمرة في عناقيد خشنة وإذا قشر الثَمَرُ بدا الحب في شكل القراد ومنه يعصر الدهن المسمّى أقنقس وهو دهن الخروع وهذا لا يصلح للطعام وإنما يصلح للسراج وأخلاط بعض المراهم وبعض الأدوية .
وإن لقي من حبه ثلاثون حبة عدداً ودقّت وسحقت وشربت أسهلت بلغماً .
الأفعال والخواص : قال الدمشقي : إن الخروع محلل ملين ودهنه ملطف ألطف من الزيت الساذج .
الزينة : إذا دق وتضمّد به قلع الثآليل والكلف .
الأورام : ورقه إذا دق بدقيق الشعير سكن الأورام البلغمية .
القروح : دهنه يصلح للجرب والقروح الرطبة .
أعضاء الغذاء : إذا سحقت ثلاثون حبة وشربت هيجت القيء لأنه يرخي المعدة جداً ويغثي .
أعضاء الصدر : إذا تضمد به وحده ومع الخل سَكَن أورام الثدي .
أعضاء النفض : حبه مسحوقاً مشروباً يسهل بلغماً ومرّة ويخرج الدود من البطن .
خمر .
الماهية : الخمر هو القهوة وقد ذكرناها في فصل الشين فهذا آخر الكلام من حرف الخاء وجملة ما ذكرنا سبعة وثلاثون دواء .



القانون
القانون
( 24 من 70 )

الفصل الخامس والعشرون حرف الذال
ذهب : الطبع : لطيف معتدل .
الخواص : سحالته تدخل في أدوية السوداء وأفضل الكيّ وأسرعه برءاً ما كان بمكوى من ذهب .
الزينة : إمساكه في الفم يزيل البخر تدخل سحالته في أدوية داء الثعلب والحية طلاء وفي مشروباته .
أعضاء العين : يقوي العين كحلاً .
أعضاء الصدر : ينفع من أوجاع القلب ومن الخفقان وحديث النفس نفعاً بليغاً .
ذريرة .
الماهية : قيل في فصل القاف عند قصب الذريرة إلا أنا نذكر طرفاً آخر من الأفعال .
القروح : قيل أنه لا شيء أفضل لحرق النار من الفريرة بدهن ورد وخل .
أعضاء الغذاء : ينفع من أورام المعدة والأمعاء ومن أورام الكبد والاستسقاء .
ذنب الخيل .
الماهية : نبات ينبت في الحفائر والخنالحق له قضبان مجوفة إلى الحمرة خشنة صلبة معقدة بعقد متداخلة وعند العقد كورق الأذخر دقاق متكاثفة تتشبث بما يقرب من الشجر ثم يتدلى منه الطبع : بارد في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : قابض وخصوصاً عصارته شديد التجفيف بلا لذع نافع جداً لنزف الحد .
الجراح والقروح : يدمل القروح والجراحات إدمالاً عجيباً ولو كان فيها عصب أدمل أيضاً .
آلات المفاصل : ينفع أيضاً إذا طلي به أو ضمد من شدخ أوساط العضل ويضمر قيلة الأمعاء .
أعضاء الغذاء : ينفع من أورام المعدة والكبد ومن الاستسقاء .
ذراريح .
الماهية : حيوان شبيه بالفسافس إلا أنه أحمر وإن ما يوجد منه في الحنطة ويتولد فيها هو أحدها ويصلح أن يخزن ولكن ينبغي أن يجعل في إناء فخّار ويشد على رأسه خرقة كتان سخيفة نقية ويقلب ويصير فم الإناء على بخار خل خمر ثقيف مغلي ولا يزال يمسك الإناء على بخاره إلى أن يموت الذراريح ثم يشد بعد موته في خيط كتان ويخزن .


الاختيار : وأقوى الذراريح فعلاً ما كان منه مختلف الألوان وفي أجنحته خطوط صفر بالعرض شبيه في العظم ببنات وردان وما كان منه لونه واحداً غير مختلف فعله ضعيف .
الطبع : قال بعضهم : هو مفرط الحر وقال آخرون هو حار يابس في الثانية والأول أصح .
الزينة : يقلع الثآليل طلاء ويتخذ منه قيروطي فطلي به بياض الأظفار فينتفع به ويقطع الأظفار المستوجبة للقلع بسرعة إذا ضمدت به ويزيل البهق والبرص طلاء بالخل وإذا طلي به مسحوقاً مع الخردل أنبت الشعر وكذلك إذا طبخ بزيت حتى يغلظ .
الأورام : يطلى على الأورام السرطانية فيحللها .
القروح : يطلى به على الجرب والقوابي .
أعضاء العين : قيل يقلع الظفرة جداً .
أعضاء النفض : القليل منه مدر البول جداً حتى ينفع من الاستسقاء وقليله أيضاً يعين الأدوية المدرة من غير مضرة ويدر الطمث ويسقط .
قال بعضهم : سقي واحد منها لمن يشكو مثانته ولا ينفغ فيها العلاج نافع وسي ثلاث طساسيج منه يقرح المثانة قال جالينوس : تقريحه للمثانة هو لإمالته المادة الحادة إليها التي لا يخلو عنها بدن مع خاصية فيها .
السموم : من الناس من يزعم أن أجنحة الذراريح وأرجلها مضادة لها إذا شربت بعد ذلك وقيل من شرب منه مثقالاً ورم بدنه وصار بوله دماً ثم قتله من يومه .
ذباب .
السموم : قال عيسى : قد جربته مراراً فوجدته نافعاً إذا دُلك الذباب على لسع العقرب نفع ذئب .
أعضاء النفض : قيل زبل الذئب عجيب في القولنج .
فهذا آخر الكلام من حرف الذال وجملة ما ذكرنا من الأدوية ستة أعداد .
الفصل السادس والعشرون حرف الضاد
ضرو : الماهية : الضرو معروف ورب الضرو وهو صمغه يجلب إلى مكّة ويسمّى بهذا الاسم .
الطبع : حار في الثالثة رطب في الأولى .
الخواص : جلاّء محلّل جذّاب من دهن البدن وصمغه صمغ في شجرة الكمكام وهو كالذن في القوة طيّب يدخل في طيب النساء بحلب . أعضاء الرأس : ربّ الضرو نافع جداً لسيلان الرطوبة من الفم وقروحه .


أعضاء النفض : فيه قوة عاقلة للبطن .
ضيمران .
الماهية : قيل هو شاهسفرم الحماحم .
الطبغ : قال ابن ماسويه : فيه حرارة وهو يابس في الثانية وكثير من الناس يقولون أنه بارد إذ لم يتأذ بحرارته محرور بل الحمام بارد في الأولى والأصحّ أن قوّته مركّبة من حرارة مع برودة ويجوز اْن تكون البرودة غالبة فيه .
الخواص : نافع للمحرورين خصوصاً إذا رش عليه ماء ورد .
القروح : يضمّد به الاحتراق .
أعضاء الرأس : نافع جداً من القلاع والحماحم مفتّح لسدد الدماغ .
أعضاء النفض : يسقى بزره المقلي للإسهال المزمن بدهن الورد وماء بارد .
ضرع : الطبع : بارد يابس بسبب العصب الكبير الذي فيه .
الغذاء : غذاء الضرع الممتلىء لبناً إذا استمرىء قريب من غذاء اللحم وأحمده ما يكون فيه لبن وبالإفاويه فإنها تعجل بانحداره وهو من الحيوان الجيد اللحم جداً جيد الخلط غليظه قويه .
ضفدع .
الخواص : رماد الضفدع إذا جعل على موضع الدم حبسه .
الأورام : مرقه نافع لأورام الأوتار إذا صبّ عليها .
أعضاء الرأس : قيل : إن الضفادع النهرية بتمضمض بسلاقتها لوجع الأسنان وأظن أنه من الشجري البستاني فإن هذا الصنف ما تشهد به الأطباء وأصحاب التجربة من العامة تقول : إنها تسقط أسنان البهائم إذا نالته في العلف والرعي .
السموم : من أكل دمه أو جرمه ورم بدنه وكمد لونه وقذف المني حتى يموت وقيل : أنه إذا طبخ بملح وزيت وأكل كان بادزهر الجذام والهوام .
ضان .
الخواص : قوة مرارته كقوة مرارة البقر .
ضب .
الماهية : الضب غير الورل الموجود في بلادنا وإن كان يشبهه وكان قريب الأحوال والقوى منه وكان الضب يقل إلا في بادية العرب .
الزينة : يطلى بعره على الكلف والنمش فينتفع .
أعضاء العين : زبله نافع لبياض العين ونزول الماء .
ضبع .
الخواص : قد ذكرنا في الكتاب الثالث مبلغ الانتفاع به من النقرس ووجع المفاصل ولا حاجة بنا أن نكرر ذلك فليطلب الغرض من هناك .


فهذا آخر الكلام من حرف الضاد وجملة ذلك سبعة أعداد من الأدوية .
الفصل السابع والعشرون حرف الظاء
ظليم : الماهية : قيل فيه في فصل النون عند ذكرنا النعام .
ظلف .
الماهية : معروف .
الزينة : إذا طلي داء الثعلب برماد ظلف الماعز مخلوطاً بالخل أو بالشراب نفع منفعة بينة .
فهذا آخر الكلام من حرف الظاء وما ذكرنا فيه أكثر من دواءين .
الفصل الثامن والعشرين حرف الغين
غبيراء : الخواص : يحبس كل سيلان وهو أقل قبضاً وعقلاً من الزعرور يقمع الصفراء المنصبّة إلى الاحشاء وإذا تنقل به أبطأ السكر .
أعضاء الصدر : ينفع من السعال الحار .
أعضاء الغذاء : يحبس القيء .
أعضاء النفض : ينفع من السحج الصفراوي ويحبس البطن والقيء وكذلك الزعرور ينفع من إكثار البول ودقيقه أقل حبساً للبطن من الزعرور وكلاهما يحبسان البطن ولا يحبسان البول .
غاريقون .
الماهية : قال ديسقوريدوس : هو ذكر وأنثى ومن الغاريقون ما يشبه أصل الأنجدان ولكن ظاهوه ليس باستحصاف ظاهر أصل الانجدان ويقول قوم : إنه يتولد في الأشجار المتأكلة على سبيل العفونة وفي طعمه حرارة وحرافة وقبض وجوهره مائي هوائي أرضي لطيف والفرق بين الذكر والأنثى أن في داخل الأنثى توجد طبقات مستقيمة .
والذكر مستدير ليس بذي طبقات بل هو شيء واحد وكلاهما في الطبع متشابهان أول ما بدا فإنه يوجد في طعمهما حلاوة ثم من بعد يتغير طعمه عما كان يظهر فيه من الحلاوة إلى أن يظهر فيه شيء من مرارة وينبغي أن يسقى منه على حسب العلّة ومقدار القوة والسن والعادة والهواء الحاضر إذ النظر الاختيار : جيده الأملس الأبيض السريع التفتّت الحصيف جداً الأملس الأطراف الذي يوجد في مرارته حلاوة والمتفرك ذو شظايا وهو الأنثى والذكر ليس بجيد والصلب والأسود رديئان جداً .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : محلل مقطع للأخلاط الغليظة مفتتح لجميع السدد ملطف .


يقول بعضهم : فيه قوة قابضة في أول طعمه كالحلاوة ثم المرارة .
الأورام : نافع لجميع الأورام .
آلات المفاصل : يسقى بالسكنجبين لعرق النساء وهو مما ينقي فضول العصب لخاصية فيه وينفع من وهن العضل ومن السقطة والشربة من ذلك ثلاثة قراريط فإن كان حمى فماء القراطن أو الجلاب .
أعضاء الرأس : ينفع أصحاب الصرع وينقي فضول الدماغ الخاصية فيه .
أعضاء الصدر : ينفع من الربو وقرحة الرئة إذا سقي بالطلاء والشربة إلى درخمي وإذا شرب ثلاث أنولوسات بالماء نفع من نفث الدم من الصدر .
أعضاء الغذاء : ينفع من اليرقان ويسقي بالسكنجبين لورم الطحال وإذا مضغ وحده أو ابتلع نفع أعضاء النفض : يسهّل الأخلاط الغليظة المختلفة من السوداء والبلغم والشربة من درخمي إلى درخميين وخصوصاً بماء القراطن وقد يعين الأدوية المسهّلة ويبلغها إلى أقاصي البدن ويدر البول والطمث ويسكّن وجع الكلي والشربة لذلك درخمي وينفع اختناق الرحم .
الحمّيات : ينفع من النافض ومن الحميّات العتيقة الغليظة : إذا سقي مثقال بشراب قتل الدود فيمنع النافض .
السموم : يضمد به للسع الهوام إذا سقي بشراب إلى درخميين فهو عظيم النفع جداً لذلك ويضمد به للسع الهوام الباردة السموم .
غار .
الماهية : حبه على شكل البندق الصغار عليها قشور سود دقاق تتفزك بالغمز فلقتين عن حبّ أسود إلى الصفرة طيّب الطعم والرائحة عطر وورقه كورق الآس غير أنه أكبر وثمرته حمراء وينبت في المواضع الجبلية وقوّته في ثمرته وورقه .
الطبع : حبّه أسخن وقشوره أقل حرارة وهو بالجملة حار يابس في الثانية .
الخواص : في حبّه إرخاء وفي جميعه تسخين وحبه أحر من ورقه وتسخين أجزائه وتجفيفه أقوى والحبُّ أبلغ واللحاء أضعف وأقل حرارة ودهنه أحر من دهن الجوز .
الأورام والبثور : ينفع مع خبز وسويق للأورام الحارة .
آلات المفاصل : ينفع من أوجاع العصب كلها ودهنه يحلّل الإعياء .


أعضاء الرأس : يحلل الصداع دهنه أيضاً وكذلك لأوجاع الأذن الباردة ويعيد السمع وينفع من الطنين والنزلات .
أعضاء الصدر .
نافع من ضيق النفس ونفس الانتصاب لعوقاً بعسل أو طلاء وكذلك لسيلان الفضول إلى الرئة ويتخذ منه لعوق بالعسل لقروح الرئة ونفس الأنتصاب وخصوصاً حبة نافع .
أعضاء الغذاء : دهنه نافع من وجع الكبد إذا سقي بالشراب الريحاني وكذلك قشره لكنه وحبّه مرخ للمعدة يحرك القيء .
أعضاء النفض : دهنه يغثي ويقيء وفيه إدرار للحيض وللبول وطبيخ ورقه ينفع من أمراض المثانة والرحم حتى جلوساً فيه والشربة منه للإسهال درهمان مع ماء العسل أو السكنجبين وإذا شرب من قشره درخمي فتت الحصاة وقتل الجنين لمرارته الزائدة على مرارة غيره والشربة تسع قراريط وحئه يفتت أيضاً .
الحميات : ينفع دهنه من القشعريرة مروخاً .
السموم : يسمى للدغ العقرب بالشراب والطري ضماده جيّد للزنابير والنحل إذا لسعت وفي الأبدال : بدله ورق النمام .
غافت .
الماهية : هذا من الحشائش الشائكة وله ورق كورق الشهدانج أو ورق القنطافلون وزهره كالنيلوفر وهو المستعمل أو عصارته .
الطبع : حار في الأولى يابس في الثانية .
الخواص : لطيف قطاع جلاء بلا جذب ولا حرارة ظاهرة وفيه قبض يسير وعفوصة ومرارته شديدة كمرارة الصبر .
الزينة : جيد من إبتداء داء الثعلب وداء الحية .
الجراح والقروح : يطلى بشحم عتيق على القروح العسرة والإندمال عصارته نافعة من الجرب والحكّة إذا شربت بماء الشاهترج والسكنجبين وكذلك زهره والعصارة أقوى .
أعضاء الغذاء : نافع من أوجاع الكبد وسددها ويقويها ومن صلابة الطحال وأورام الكبد وأورام المعدة حشيشاً وعصارة وينفع من سوء القنية وأعراض الاستسقاء .
أعضاء النفض : يسقى بالشراب فينفع من قروح المعي .
أعضاء الحميات : نافع من الحميّات المزمنة والعتيقة خصوصاً عصارته وخصوصاً مع عصارة الأبدال : بدله وزن أسارون ونصف وزنه أفسنتين .
غاغاطي .


الماهية : حجر خفيف له رائحة القفر .
آلات المفاصل : ينفع من النقرس .
أعضاء الرأس : إذا تدخن به المصروع نفعه .
أعضاء النفض : ينفع من اختناق الرحم .
السموم : يطرد دخانه الهوام .
غراء : الطبع : غراء الجلود حار يابس في الأولى وغراء السمك أقل حرارة لكنه يابس .
الخواص : لكل غراء قوة مغرية مجففة .
الزينة : غراء السمك يقع في الغمرة ويقع في أدوية البرص وإذا أحرق غراء الجلود وغراء جلد البقر وغسل قام منام التوتيا في علاج الصنان .
القروح : غراء الجلود يطلى على السعفة ويمنع تنفط الحرق وكذلك غراء السمك وغراء جلد البقر إذا طلي بالخل على القوبا والجرب المتقشر إذا لم يكن شديد الغور نفع وإذا طلي أعضاء الرأس : غراء السمك يقع في مراهم قروح الرأس .
أعضاء الصدر : غراء السمك يسقى بالخل لنفث الدم ويدخل في أحشاء نفث الدم .
غاليون .
الماهية : دواء طيب الرائحة .
الخواص : مجفف يجمد اللبن وفيه يسير حدّة ويمنع من انفجار الدم .
القروح : ينفع من حرق النار .
غوشنة .
الماهية : جنس من الكمأة والفطر يجفف فينضم كغضروف وشكله شكل كأس على كرش صغيرة متشنّجة يغسل به الثياب ويؤكل في الحموضات وله لذة كلذة الغضاريف وأكثر .
الطبع : ليس في برد سائر الكمأة .
الخواص .
ليس برديء الخلط كالكمأة رلكن في طبعه تًخمير أو قلوية .
غرب .
الاختيار : يستعمل لحاؤه ويشعمل صمغه وصمغه يخرج بالمشرط ويتولد عليه بورق جيد من أجود أصناف البوارق للأكل .
الخواص : زهره وورقه وعصارتهما من المجفّفة بلا لذع وفيه عفوصة ولحاؤه في قوته لكنه أيبس ويتخذ من ورقه عصارة يحفظونه فيجفّف بلا لذع .
الزينة : رماد شجره بالخلّ يجفّف الثآًليل ويسقطها منكوسة كانت أو غير منكوسة ولحاء أصله يدخل في خضاب الشعر .
الجراح والقروح : قشوره وورقه مسحوقة إذا جعلت على القطع والجراحات الرديئة الطرية نفع .
آلات المفاصل : طبيخه نطول جيّد للنقرس .


أعضاء الرأس : إذا قطرت عصارة ورقه مع دهن الورد مغلاة فيم قشر الرمان في الأذن نفعت من وجع الأذن وكذلك قشره الرطب إذا فعل به ذلك وطبيخه غسول للحزاز .
أعضاء العين : يجلو صمغه وزهره لظلمة البصر .
أعضاء الصدر : ثمرته نافعة من نفث الدم وقشره أيضاً نافع .
أعضاء الغذاء : عصارته تخرج العلق .
غالية .
الماهية : دواء معروف .
الأورام والبثور : الغالية تليّن الأورام الصلبة .
أعضاء الرأس : الغالية يداف في دهن البان أو الخيري ويقظر في الأذن الوجعة وشمه ينفع المصروع وينعشسه والمسكوت ويسكن الصداع البارد وإذا جعل منه في الشراب أسكر .
أعضاء الصدر : شمّ الغالية يفرح القلب .
أعضاء النفض : الغالية نافعة من أوجاع الرحم الباردة حمولاً ومن أورامها الصلبة والبلغمية وتدر الطمث وتستنزل الرحم المختنقة والمائلة وتنقيها وتهيئها للحبل جدأً .
غالمون .
الماهية : دواء طيّب الرائحة لونه لون السفرجل .
الأفعال والخواص : يجمد اللبن وقوته مجفّفة مع حدّة يسيرة زهره نافع لانفجار الدم .
الجراح والقروح : قد يظن أن هذا الدواء يشفي من حرق .
فهذا آخر الكلام من حرف الغين .
وجملة ما ذكرنا من الأدوية في هذا الفصل أحد عشر عدداً وهو آخر الكلام من الكتاب الثاني .
وإذا قد وفينا بما وعدنا فلنشرع الآن في الكتاب الثالث .
في نسخة بدل آخر الكلام من الكتاب الثاني تم الكتاب الثاني وبعد تمّ الكتاب الثاني ما نصه مالي قراطون : هو ماء العسل .
أونومالي : هو أن يؤخذ الشهد فيغسل بالماء ويحفظ ذلك الماء من غير طبخ .
إدرومالي : هو أن يؤخذ من العسل جزء ومن ماء المطر المعتق جزآن ويخلط ويوضع .
في الشمس .
الشراب المعسل : هو أن يؤخذ من عصير فيه قبض خمسة أجزاء ومن العسل جزء واحد يلقى في إناء واسع لمكان الغليان ويلقى عليه من الملح شيء يسير حتى يقذف رغوته فإذا سكن غليانه خزن في الخوابي .


شراب العسل : هو أن يؤخذ من الشراب العتيق القابض جزآن ومن العسل الجيّد جزء ويخزن في الأواني ليدرك .
الطلاء : هو أن يؤخذ العنب ويشمس ويعصر ويطبخ .
أوكسومالي : هو أن يؤخذ من الخل قوطولان ومن ملح البحر منوان ومن العسل عشرة أمناء أو من العسل عشر قوطولات حتى يغلي عشر غليات ويرفع .
رودومالي : هو شراب متخذ من عصارة الورد مع العسل .
تم الكتاب الثاني والحمد لله رب العالمين وصلّى اللّه على سيدنا محمد وآله .
الكتاب الثالث الأمراض الجزئية
الفن الأول أمراض الرأس والدماغ
يشتمل على خمس مقالات :
المقالة الأولى أمراض الرأس والدماغ
فصل في معرفة الرأس وأجزائه
قال جالينوس : إن الغرض في خلقة الرأس ليس هو الدماغ ولا السمع ولا الشمّ ولا الذوق ولا اللمس فإن هذه الأعضاء والقوى موجودة في الحيوان العديم الرأس ولكن الغرض فيه هو حسن حال العين في تصرّفها الذي خلقت له .
وليكون للعين مطلع ومشرف على الأعضاء كلّها في الجهات جميعها فإن قياس العين إلى البدن قريب من قياس الطليعة إلى العسكر .


وأحسن المواضع للطلائع وأصلحها هو الموضع المشرف ثم أيضاً لا حاجة إلى خلق الرأس لكل عين على الإطلاق بل للحيوان اللين العين المحتاجة عينه إلى فضل حرز ووثاقة موضع فإن كثيراً من الحيوانات العديمة الأرؤس خلق له زائدتان مشرفتان من البدن وهندم عليهما عينان ليكون لكل منهما مطلع ومشرف لبصره ثم لم يحتج في تصرفات عينه إلى خلقة رأس لصلابة مقلته وإنما الحاجة إلى الرأس للحيوانات التي تحتاج أعينهم إلى كنّ وتحتاج إلى أن تأتيها أعصاب لحركات شتّى من حركات المقلة والأجفان لا يصلح لمثلها عضو واحد متباعد متضائل ونحن نستقصي ذلك في باب العين وأجزاء الرأس الذاتية وما يتبعها هي : الشعر ثم الجلد ثم اللحم ثم الغشاء ثم القحف ثم الغشاء الصلب ثم الغشاء الرقيق المشيمي ثم الدماغ جوهره وبطونه وما فيه ثم الغشاءان تحته ثم الشبكة ثم العظم الذي هو القاعدة للدماغ .
فصل في تشريح الدماغ
فأما تشريح الدماغ فإن الدماغ ينقسم إلى جوهر حجابيّ وإلى جوهر مخي وإلى تجاويف فيه مملوءة روحاً .
وأما الأعصاب فهي كالفروع المنبعثة عنه لأعلى إنها أجزاء الخاص به .
وجميع الدماغ منصّف في طوله تنصيفاً نافذاً في حجبه ومخّه وبطونه لما في التزويج من المنفعة المعلومة وإن كانت الزوجية في البطن المقدم وحده أظهر للحس وقد جوهر الدماغ بارداً رطباً .
أما برده قليلاً فلشغله كثرة ما يتأذى إليه من قوى حركات الأعصاب وانفعالات الحواس وحركات الروح في الاستحالات التخيلية والفكرية والذكرية وليعتدل به الروح الحار جداً النافذ إليه من القلب في العرقين الصاعدين منه إليه وخلق رطباً لئلا تجففه الحركات وليحسن تشكّله وخلق ليّنماً دسماً .
أما الدسومة فليكون ما ينبت منه من العصب علكاً .
وأما اللين فقد قال جالينوس : إن السبب فيه ليحسن تشكله واستحالته بالمتخيلات فإن اللين أسهل قبولاً للاستحالات .
فهذا ما يقوله .


وأقول : خلق ليناً ليكون دسماً وليحَسن غذاؤه للأعصاب الصلبة بالتدريج فإن الأعصاب قد تغتذي أيضاً من الدماغ والنخاع ثم الجوهر الصلب لا يمد الصلب بما يمدّه اللين وليكون مِا ينبت عنه لدنا إذا كان بعض النابت منه محتاجاً إلى أن يتصلّب عند أطرافه لما سنذكره من منافع العصب ولما كان هذا النابت محتاجاً إلى التصلب على التدريج وتكون صلابته صلابة لدنٍ وجب أن يكون منشؤه جوهراً لدناً دسماً والدسم اللزج لين لا محالة .
وأيضاً ليكون الروح الذي يحويه الذي يفتقر إلى سرعة الحركة ممداً برطوبة وأيضاً ليخص بتخلخله فإن الصلب من الأعضاء أثقل من اللين الرطب المتخلخل .
لكن جوهر الدماغ أيضاً متفاوت في اللين والصلابة وذلك لأن الجزء المقدم منه ألين والجزء المؤخر أصلب وفرق ما بين جزأين باندراج الحجاب الصلب الذي نذكره فيه إلى حد ما وإنما لين مقدم الدماغ لأن أكثر عصب الحسّ وخصوصاً الذي للبصر والشتم ينبت منه لأن الحس طليعة البدن وميل الطليعة إلى جهة المقدم أولى .
وعصب الحركة أكثره ينبت من مؤخره وينبت منه النخاع الذي هو رسوله وخليفته في مجرى الصلب وحيث يحتاج إلى أن ينبت منه أعصاب قوية وعصب الحركة يحتاج إلى فضل صلابة لا يحتاج إليه عصب الحس بل اللين أوفق له فجعل منشؤه أصلب وإنما أدرج الحجاب فيه ليكون فضلاً وقيل ليكون اللين مبرأ عن مماسة الصلب لأن ما يغوص فيه صلب وليّن جداً .
ولهذا الطي منافع أخرى فإن الأوردة النازلة إلى الدماغ المفترقة فيه تحتاج إلى مستندٍ وإلى شيء يشدها فجعل هذا الطي دعامة لها وتحت آخر هذا العطف وإلى خلفه المعصرة وهي مصبّ الماء إلى فضاء كالبُركة ومنها تتشعب جداول يفترق فيها الدم ويتشبه بجوهر الدماغ ثم تنسفها العروق من فوهاتها وتجمعها إلى عرقين كما سنذكره في تشريح ذلك .
وهذا الطي ينتفع به في أن يكون مثبتاً لرباطات الحجاب اللصيق بالدماغ في موازاة الدروز من القحف الذي يليه .


وفي مقدم الدماغ منبت الزائدتين الحلميتين اللتين بهما يكون الشم وقد فارقتا لين الدماغ قليلاً ولم تلحقهما صلابة العصب وقد جلل الدماغ كله بغشاءين أحدهما رقيق يليه والآخر صفيق يلي العظم وخلقا ليكونا حاجزين بين الدماغ وبين العظم .
ولئلا يماس الدماغ جوهر العظم ولا يتأدى إليه الآفات من العظم وإنما تقع هذه المماسة في أحوال تزيد الدماغ في جوهره أو في حال الانبساط الذي يعرض له عقيب الانقباض وقد يرتفع الدماغ إلى القحف عند أحوال مثل الصياح الشديد .
فلمثل هذا من المنفعة ما جعل بين الدماغ وعظم القحف حاجزان متوسطان بينهما في اللين والصلابة وجعلا اثنين لئلا يكون الشيء الذي تحسن ملاقاته للعظم بلا واسطة هو بعينه الشيء الذي تحسن ملاقاته الدماغ بلا واسطة بل فرق بينهما فكان القريب من الدماغ رقيقاً والقريب من العظم صفيقاً وهما معاً كوقاية واحدة وهذا الغشاء مع أنه وقاية للدماغ فهو رباط للعروق التي في الدماغ ساكنها وضاربها وهو كالمشيمة يحفظ ألم .
ضاع العروق بانتساجها فيه .
وكذلك ما يداخل أيضاً جوهر الدماغ في مواضع كبيرة مزردة .
ويتأدى إلى بطونه وينتهي عند المؤخر منقطعاً لاستغنائه بصلابته عنه .
والغشاء الثخين غير ملتصق بالدماغ ولا بالرقيق التصاقاً يتهندم عليه في كل موضع بل مستقل عنه إنما يصل بينهما العروق النافذة في الثخين إلى الرقيق والثخين مسمر إلى القحف بروابط غشائية تنبت من الثخين تشده إلى الدروز لئلا تثقل على الدماغ جداً .
وهذه الرباطات تطلع من الشؤون إلى ظاهر القحف فتثبت هناك حتى ينتسج منها الغشاء المجلل للقحف . وبذلك ما وللدماغ في طوله ثلاثة بطون وإن كان كل بطن في عرضه ذا جزأين فالجزء المقدّم محسوس الانفصال إلى جزأين يمنة ويسرة وهذا الجزء يعين على الاستنشاق وعلى نفض الفضل بالعطاس وعلى توزيع أكثر الروح الحساس وعلى أفعال القوى المصورة من قوى الإدراك الباطن .


وأما البطن المؤخر فهو أيضاً عظيم لأنه يملأ تجويف عضو عظيم ولأنه مبدأ شيء عظيم أعني النخاع ومنه يتوزعّ أكثر الروح المحرّك وهناك أفعال القوّة الحافظة لكنه أصغر من المقدم بل من كل واحد من بطني المقدم .
ومع ذلك فإنه يتصاغر تصاغراً متدرجاً إلى النخاع ويتكاثف تكاثفاً إلى الصلابة وأما البطن الوسط فإنه كمنفذ من الجزء المقدم إلى الجزء المؤخر وكدهليز مضروب بينهما .
وقد عظم لذلك وطول لأنه مؤدّ من عظيم إلى عظيم وبه يتّصل الروح المقدّم بالروح المؤخر وتتأدى أيضاً الأشباح المتذكّرة ويتسقف مبدأ هذا البطن الأوسط بسقف كري الباطن كالازج ويسمى به ليكون منفذاً ومع ذلك مبعداً بتدويره من الآفات وقوياً على حمل ما يعتمد عليه من الحجاب المدرج وهناك يجتمع بطنا الدماغ المقدمان اجتماعاً يتراءيان للمؤخر في هذا المنفذ وذلك الموضع يسمى مجمع البطنين وهذا المنفذ نفسه بطن . ولما كان منفذاً يؤدي عن التصور إلى الحفظ كان أحسن موضع للتفكّر والتخيل على ما علمت ويستدل على أن هذه البطون مواضع قوى تصدر عنها هذه الأفعال من جهة يعرض لها من الآفات فيبطل مع آفة كل جزء فعله أو يدخله آفة والغشاء الرقيق يستبطن بعضه فيغشي بطون الدماغ إلى الفجوة التي عند الطاق وأما ما وراء ذلك فصلابته تكيفه تغشية الحجاب إياه وأما التزريد الذي في بطون الدماغ فليكون للروح النفساني نفوذ في جوهر الدماغ كما في بطونه إذ ليس في كل وقت تكون البطون متّسعة منفتحة أو الروح قليلاً بحيث تسعه البطون فقط .


ولأن الروح إنما تكمل استحالته عن المزاج الذي للقلب إلى المزاج الذي للدماغ بأن ينطبخ فيه انطباخاً يأخذ به من مزاجه فهو أول ما يتأدى إلى الدماغ يتأدّى إلى جوفه الأول فيطبخ فيه ثم ينفذ إلى البطن الأوسط فيزداد فيه انطباخاً ثم يتمّ انطباخه في البطن المؤخر والانطباخ الفاضل إنما يكون لمخالطة وممازجة ونفوذ في أجزاء المطبوخ من أجزاء الطابخ كحال الغذاء في الكبد على ما نصفه فيما يستقبل لكن زرد المقدّم أكثر إفراداً من زرد المؤخّر لأن نسبة الزرد إلى الزرد كنسبة العضو إلى العضو بالتقريب والسبب المصغر للمؤخر عن المقدم موجود في الزرد وبين هذا البطن وبين البطن المؤخر ومن تحتهما مكان هو متوزعّ العرقين العظيمين الصاعدين إلى الدماغ اللذين ذكرناهما إلى شعبهما التي تنتسج منها المشيمة من تحت الدماغ .
وقد عمدت تلك الشعب بجرم من جنس الغد يملأ ما بينها ويدعمها كالحال في سائر المتوزعات العرقية فإن من شأن الخلاء الذي يقع بينها أن يملأ أيضاً بلحم غددي وهذه الغدة تتشكّل بشكل الشعب الموصوفة وعلى هيئة التوزعّ الموصوف .
فكما أن التشعب والتوزعّ المذكور يبتدئ من مضيق ويتفرع إلى سعة يوجبها الانبساط كذلك صارت هذه الغدّة صنوبرية رأسها يلي مبدأ التوزعّ من فوق وتذهب متوجهة نحو غايتها إلى أن يتم تدلي الشعب ويكون هناك منتسج على مثال المنتسج في المشيمة فيستقر فيه .


والجزء من الدماغ المشتمل على هذا البطن الأوسط خاصة أجزاؤه التي من فوق دودية الشكل مزردة من زرد موضوعة في طوله مربوط بعضها ببعض ليكون له أن يتمدد وأن يتقلّص كالدود وباطن فوقه مغشى بالغشاء الذي يستبطن الدماغ إلى حد المؤخر وهو مركب على زائدتين من الدماغ مستديرتين إحاطة الطول كالفخذين يقربان إلى التماس ويتباعدان إلى الانفراج تركيباً بأربطة تسقى وترات لئلا يزول عنها تكون الدودة إذا تمددت وضاق عرضها ضغطت هاتين الزائدتين إلى الاجتماع فينسد المجرى وإذا تقلصت إلى القصر وازدادت عرضاً تباعدت إلى الافتراق فانفتح المجرى وما يلي منه مؤخر الدماغ أدقّ وإلى التحدّب ما هو فيتهندم في مؤخر الدماغ كالوالج منه في مولج ومقدمه أوسع من مؤخره على الهيئة التي يحتملها الدماغ .
والزائدتان المذكورتان تسميان : العنبتين ولا تزريد فيهما البتة بل هما ملساوان ليكون سدهما وانطباقهما أشد ولتكون إجابتهما إلى التحريك بسبب حركة شيء آخر أشبه بإجابة الشيء الذي بعده والآخر في البطن الأوسط وليس للبطن المؤخر مجرى مفرد وذلك لأنه موضوع في الطرف وصغير أيضاً بالقياس إلى المقدم فلا يحتمل المجرى ويكفيه .
وللأوسط مجرى مشترك لهما وخصوصاً وقد جعل مخرجاً للنخاع يتحلل بعض فضوله ويندفع من جهته وهذان المجريان إذا ابتدآ من البطنين ونفذا في الدماغ نفسه توربا نحو الالتقاء عند منفذ واحد عميق مبدؤه الحجاب الرقيق وآخره وهو أسفله عند الحجاب الصلب وهو مضيق فإنه كالقمع يبتدئ من سعة مستديرة إلى مضيق فلذلك يسقى قمعاً ويسمى أيضاً مستنقعاً فإذا نفذ في الغشاء الصلب لاقى هناك مجرى في غدة كأنها كرة مغموزة في جانبين متقابلين فوق وأسفل وهي بين الغشاء الصلب وبين مجرى الحنك ثم هناك المنافذ التي في مشاشية المصفى في أعلى الحنك .
فصل في أمراض الرأس الفاعلة للأعراض


فيه يجب أن يعلم أن الأمراض المعدودة كلها الرأس ولكن غرضنا ههنا في قولنا الرأس هو الدماغ وحجبه ولسنا نتعرض لأمراض الشعر ههنا في هذا الموضع فنقول : إنه يعرض للدماغ أنواع سوء المزاجات الثمانية المفردة والكائنة مع مادة وهي : إما بخارية وإما ذات قوام .
ويكثر فيه أمراض الرطوبة فإن كل دماغ فيه أول الخلقة رطوبة فضلية تحتاج إلى أن تتنقّى إما في الرجم وإما بعده .
فإن لم تنق عظم منها الخطب وكلها إما في جره الدماغ وإما في عروقه وإما في حجبه .
ويعرض له أمراض التركيب إما في المقدار مثل أن يكون أصغر من الواجب أو أعظم من الواجب أو في الشكل مثل أن يكون شكله متغيراً عن المجرى الطبيعي فيعرض من ذلك آفة في أفعاله .
أو تكون مجاريه وأوعيته منسدة والسدد إما في البطن المقدم وإما في البطن المؤخر وإما في البطنين جميعاً ناقصة أو كاملة وإما في الأوردة وإما في الشرايين وإما في منابت الأعصاب وإما أن تنخلع رباطات حجبه أو يقع افتراق به بين جزأين .
ويعرض له أمراض الاتصال لانحلال فرد فيه نفسه أو في شرايينه وأوردته أو القحف .
ويعرض له الأورام إما في جوهر الدماغ نفسه أو في غشائه الرقيق أو الثخين أو الشبكة أو الغشاء الخارج وكله عن مادة من أحد الأخلاط الحارة أو الباردة أما من الباردة العفنة فيلحق بالأورام الحارة والباردة الساكنة تفعل أوراماً هي التي ينبغي أن تسمّى باردة وكأنك لا تجد من أمراض الدماغ شيئاً إلا راجعاً إلى هذه أو عارضاً من هذه .


وأمراض الدماغ تكون خاصية وتكون بالمشاركة وربما عظم الخطب في أمراض المشاركة فيه حتى تصير أمراضاً خاصية قتّالة فإنه كثيراً ما يندفع إليه في أمراض ذات الجنب والخوانيق مواد فصل في الدلائل التي يجب أن يتعرّف منها أحوال الدماغ فنقول المبادي التي منها نصير إلى معرفة أحوال الدماغ هي من الأفعال الحسية والأفعال السياسية أعني التذكر والتفكر والتصوّر وقوّة الوهم والحدس والأفعال الحركية وهي أفعال القوّة المحركة للأعضاء بتوسّط العضل ومن كيفية ما يستفرغ منه من الفضول في قوامه ولونه وطعمه أعني حرافته وملوحته ومرارته أو تفهه .
ومن كميته في قلّته وكثرته أو من احتباسه أصلاً ومن موافقة الأهوية والأطعمة إيّاه ومخالفتها وإضرارها به ومن عظم الرأس وصغره ومن جودة شكله المذكورة في باب العظام ورداءته ومن ثقل الرأس وخفّته ومن حال ملمس الرأس وحال لونه ولون عروقه وما يعرض من القروح والأورام في جلدته ومن حال لون العين وعروقها وسلامتها ومرضها وملمسها خاصة ومن حال النوم واليقظة ومن حال الشعر في كميته أعني قلّته وكثرته وغلظه ورقّته وكيفيته أعني شكله في جعودته وسبوطته ولونه في سواده وشقرته وصهوبته وسرعة قبوله الشيب وبطئه وفي ثباته على حال الصحة أو زواله عنها بتشقّقه أو انتثاره أو تمرّطه وسائر أحواله .
ومن حال الرقبة في غلظها ودقّتها وسلامتها أو كثرة وقوع الأورام والخنازير فيها وقلتهما وكذلك حال اللهاة واللوزتين والأسنان .
ومن حال القوى والأفعال في الأعضاء العصبانية والاستدلال على المشاركة يكون على وجهين : أحدهما من حال العضو المشارك للدماغ فيما يعرض للدماغ على ما عرض للدماغ والثاني من حال العضو الذي ألم الدماغ بمشاركته إياه أنه أي عضو هو وما الذي به وكيف يتأدى إلى الدماغ .


وهذه الاستدلالات قد يستدل منها على ما هو حاضر من الأفعال والأحوال وعلى ما يكون ولم يحضر بعد مثل ما يستدلّ من طول الحزن والوحوش على المنالنخوليا المطلّ أو القطرب الواقع عن قرب ومن الغضب الذي لا معنى له على صرع أو مالنخوليا حاراً ومانيا ومن الضحك بلا سبب على حمق أو على رعونة .
فصل في كيفية الاستدلال من هذه الدلائل على أحوال الدماغ
وتفصيل هذه الوجوه المعدودة حتى ينتهي إلى آخر تفصيل بحسب هذا البيان فصل في الاستدلال الكلي من أفعال الدماغ أما الدلالة المأخوذة من جنس الأفعال فإن الأفعال إذا كانت سليمة أعانت في الدلالة على سلامة الدماغ وإن كانت مؤفة دلت على آفة فيها وآفات الأفعال كما أوضحنا ثلاث هي : الضعف والتغير والتشوش ثم البطلان .
والقول الكلي في الاستدلال من الأفعال أن نقصانها وبطلانها يكون للبرد ولغلظ الروح من الرطوبة والسدّة ولا يكون من الحر إلا أن يعظم فيبلغ أن فصل في الاستدلالات المأخوذة من الأفعال النفسانية الحسّية والسياسية والحركية والأحلام من جملة السياسية .
فنقول هذه الأفعال قد تدخلها الآفة على ما عرف من بطلان أو ضعف أو تشوّش مثال ذلك : إما في الحواس فلنبدأ بالبصر : فإن البصر تدخله الآفة إما بأن يبطل وإما بأن يضعف وإما بأن يتشوّش فعله ويتغيّر عن مجراه الطبيعي فيتخيّل ما ليس له وجود من رج مثل الخيالات والبقّ والشعل والدخان .
وغير ذلك فإن هذه الآفات إذا لم تكن خاصة بالعين استدل منها على آفة في الدماغ .
وقد تدل الخيالات بألوانها ولقائل أن يقول إن الخيال الأبيض كيف يدلّ منها على البلغم الغالب وهو بارد وأنتم نسبتم التشوش إلى الحرّ فنقول ذلك بحسب المزاج لا بحسب اعتراض المواد للقوة الصحية الكاملة الحرارة الغريزية .


وأما في السمع فمثل أن يضعف فلا يسمع إلا القريب الجهير أو يتشوّش فيسمع ما ليس له وجود من خارج مثل الدوي الشبيه بخرير الماء أو بضرب المطارق أو بصوت الطبول أو بكشكشة أوراق الشجر أو حفيف الرياح أو غير ذلك .
فيستدلّ بذلك إمّا على مزاج يابس حاضر في ناحية الوسط من الدماغ أو على رياح وأبخرة محتبسة فيه أو صاعدة إليه وغير ذلك مما يدل عليه .
وإما أن يبطل أصلاً والضعف والبطلان لكثرة البرد والذي يسمع كأنه يسمع من بعيد وأما في الشم فبأن يعدم أو يضعف أو يتشوش فيحس بروائح ليس لها وجود من خارج منتنة أو غير منتنة فيدلّ في الأكثر على خلط محتبس في مقدم الدماغ يفعله إن لم يكن شيئاً خاصاً بالخيشوم .
وأما الذوق واللمس فقد يجريان هذا المجرى إلا أن تغيرهما عن المجرى الطبيعي في الأكثر يدل على فساد خاص في الإنهاء القريبة وفي الأقل على مشاركة من الدماغ خصوصاً مثل ما إذا كان عاماً كخدر جميع البدن وقد تشترك الحواس في نوع من الضعف والقوة يدل على حالة في الدماغ دائمة وهي الكدورة والصفاء .
وليس مع كل ضعف كدورة فقد يكون ضعف مع الصفاء مثل أن يكن الإنسان يبصر الشيء القريب والقليل الشعاع إبصاراً جيّداً صافياً ويرى الأشياء الصغيرة منها ثم إذا بعدت أو كثر شعاعها عجز عن إدراكها فإذن الكدورة والصفاء قد يكونان معاً في الضعف والصفاء قد يكون لا محالة مع القوة لكن الكدورة دائماً تدل على مادة والصفاء على يبوسة . وهذه الكدورة ربما استحكمت بغتة فكان منها السَدر وهو يدلّ على مادة بخارية في عروق الدماغ والشبَكة والحكم في الاستدلالات عن هذه الآفات أن ما يجري مجرى التشوش فهو في أكثر الأمر تابع لمزاج حار يابس .
وما يجري مجرى النقصان والضعف فهو في الأكثر تابع لبرد إلا أن يكون مع شدة ظهور فساد وسقوط قوّة فربما كان مع ذلك من الحرارة ولكن الحرارة ملائمة للقوى بالقياس إلى البرد .


فما لم يعظم استضرار المزاج به وفساده لم يورد في القوى نقصاناً فيجب أن لا يعوّل حينئذ على هذا الدليل بل تتوقّع الدلائل الأخرى المذكورة لكل مزاج من المزاجين والبطلان قد يدل على تكّد أسباب النقصان إن كان لسبب دماغي ولم يكن لسبب آفات في الآلات من فساد وانقطاع وسدّة وبالجملة زوال عن صلوحها للأداء أو لسبب في العضو الحسّاس نفسه ومن الأعضاء الحساسة ما هو شديد القرب من الدماغ فيقلّ أن لا تكون الآفة فيهما مشتركة مثل السمع والشم فأكثر آفاته التي لا تزول بتنقية وتعديل مزاج يكون من الدماغ .
ولذلك ما يكون سائر الحواس إذا تأذت بمحسوساتها دلّت على آفة فيها من حر أو يبس لم يبلغا أن يسقط القوة والسمع ثم الشمّ وفي الأكثر يدل على أن ذلك المزاج في الدماغ .
وأما الأفعال السياسية : فإن قوة الوهم والحدس دالة على قوة مزاج الدماغ بأسره وضعفه دالّ على آفة فيه موقوفة إلى أن يتبين أيّ الأفعال الأخرى اختلّ فمنها فساد قوة الخيال والتصور وآفتها فإن هذه القوّة إذا كان قوية أعانت في الدلالة على صحة مقدم الدماغ وهذه القوة إنما تكون قوية إذا كان الإنسان قادراً على جودة تحفظ صور المحسوسات مثل الأشكال والنقوش والحلو والمذاقات والأصوات والنغم وغيرها فإن من الناس من يكون له في هذا الباب قوّة تامة حتى إن الفاضل من المهندسين ينظر في الشكل المخطوط نظرة واحدة فترتسم في نفسه صورته وحروفه ويقضي المسألة إلى آخرها مستغنياً عن معاودة النظر في الشكل .
وكذلك حال قوم بالقياس إلى النغم وحال قوم بالقياس إلى المذاقات وغير ذلك وبهذا الباب تتعلّق جودة تعرف النبض فإنه يحتاج إلى خيال قويّ ترتسم به في النفس قوى الملموسات وهذه القوة إذا عرضت لها الآفة .


أما بطلان الفعل فلا تقوى فيه صورة خيال محسوس بعد زواله عن النسبة التي تكون بينه وبين الحاسة حتى يحسّ بها وإما ضعف وإما نقصان وإما تغير عن المجرى الطبيعي بأن يتخيّل ما ليس موجوداً دل ضعفه وتعذره وبطلان فعله في الأكثر على إفراط برد أو يبس في مقدم الدماغ أو رطوبة .
والبرد هو السبب بالذات والآخران سببان بالعرض لأنهما يجلبانه .
ودل تغير فعله وتشوّشه على فضل حرارة وهذا كلّه بحسب أكثر الأمور وعلى نحو ما قيل في القوى الحساسة وقد يعرض هذا المرض لأصحاء العقل حتى تكون معرفتهم ميل والقبيح تامة وكلامهم مع الناس صحيحاً لكنهم يتخيّلون قوماً حضوراً ليسوا بموجودين خارجاً ويتخيّلون أصوات طبالين وغير ذلك كما حكى جالينوس أنه كان عرض لروطلس الطبيب ومنها فساد في قوة الفكر والتخيّل إما بطلان ويسمّى هذا : ذهاب العقل وإما ضعف ويسمى حمقاً ومبدؤهما برد مقدّم الدماغ أو يبوسته أو رطوبته وذلك في الأكثر على ما قيل وإما تغيّر وتشوّش حتى تكون فكرته في ما ليس .
ويستصوب غير الصواب ويسمّى : اختلاط العقل فيدلّ : إما على صرم وإما على مادة صفراوية حارة يابسة وهو الجنون السبعي ويكون اختلاطه مع شرارة وإما على مادة سوداوية وهو المالنخوليا ويكون اختلاطه مع سوء ظن ومع فكر بلا تحصيل .
والمائل من تلك الأخلاق إلى الجبن أدلّ على البردَ والمائل منها إلى الاجتراء والغضب أدلّ على الحر وبحسب الفروق التي بينها ونحن نوردها بعد وربما كان هذا بمشاركة عضو آخر .
ويتعرف ذلك بالدلائل الجزئية التي نصفها بعد . وبالجملة إذا تحركت الأفكار حركات كثيرة وتشوشت وتفنّنت فهناك حرارة .


وقد يقع أيضاً تشوّش الفكر في أمراض باردة المادة إذا لم تخل عن حرارة مثل اختلاط العقل في ليثرغس ومنها آفة في قوة الذكر إما بأن يضعف وإما بأن يبطل كما حكى جالينوس أن وباء حدث بناحية الحبشة كان عرض لهم بسبب جيف كثيرة بقيت بعد ملحمة بها شديدة فصار ذلك الوباء إلى بلاد يونان فعرض لهم أن وقع بسببه من النسيان ما نسي له الإنسان اسم نفسه وأبيه .
وكثر ما يعرض من الضعف في الذكر يعرض لفساد في مؤخر الدماغ من برد أو رطوبة أو يبس ويتشوّش فيقع له أنه يذكر ما لم يكن له به عهد فيدلّ على مزاج حار مع مادة أو بلا مادة .
والمادة اليابسة أولى بذلك .
كل ذلك إذا لم يفرط المزاج فتسقط القوّة ونقول قولاً مجملاً أن بطلان هذه الأفاعيل ربما يكون لغلبة البرد إما على جرم الدماغ فيكون مما يستولي على الأيام أو على تجاويفه وقد يكون لبرد مع رطوبة وربما جلبه اليبس .
وكذلك ضعفها وإما تغيرها فلورم أو مزاج صفراوي أو سوداوي أو جسم مجرد والاستدلال من أحوال الأحلام مما يليق أن يضاف إلى هذا الموضع فإن كثرة رؤية الأشياء الصفر والحارّة تدل على غلبة الصفراء وكذلك كثرة رؤية أشياء تناسب مزاجاً مزاجاً ولا يحتاج إلى تعديدها .
والأحلام المتشوشة تدل على حرارة ويبوسة ولذلك تنذر بأمراض حارة دماغية وكذلك الأحلام المفزعة والتي لا تذكر تدل على برد ورطوبة في الأكثر ورؤية الأشياء كما هي تدل على ذلك .
فصل في الاستدلال من الأفعال الحركية
وما يشبهها من النوم واليقظة وأما الدلائل المأخوذة من جنس الأفعال الحركية فأما بطلانها وضعفها فيدل على رطوبة فضلية في آلاتها رقيقة كثيرة ويدل في أي عضو كان على آفة قي الدماغ إلا أن الأخص به ما كان في جميع البدن كالسكتة أو في شق واحدٍ كالفالج واللقوة الرخوة .


وربما اتفقا أعني البطلان والضعف من حرّ الدماغ أو يبسه في نفسه أو في شيء من الأعصاب النابتة عنه لكن ذلك يكون بعد أمراض كثيرة وقليلاً قليلاً وعلى الأيام والذي في عضو واحد كالاسترخاء ونحو ذلك .
فربما كان لأمراض خاصة بذلك العضو وربما كان عن اندفاع فضل من الدماغ إليه وأما تغيرها فإن كان بغتة دلّ على رطوبة أيضاً وإن كان قليلاً قليلاً فعلى يبوسة أعني في الآلات والذي يخصّ الدماغ فمثل تغيّر حركات المصروع بالصرع الذي هو تشنّج عام ولا يكون إلا عن رطوبة لأنه كائن دفعة أو بمشاركة عضو آخر بحسب ما تبيّن ويدلّ على سدّة غير كاملة ومثل رعشة الرأس فإن جميع هذه يدلّ على مادة غليظة في ذلك الجانب من الدماغ أو ضعف أو يبوسة إن كان بعض أمراض سبقت وكان حدوثه قليلاً قليلاً .
وأما ما كان في أعضاء أبعد من الدماغ فالقول فيه ما قلنا مراراً وهذه كلّها حركات خارجة عن المجرى الطبيعي ونقول أيضاً إن كان الإنسان نشيطاً للحركات فمزاج دماغه في الأصل حاراً ويابس وإن كان إلى الكسل والاسترخاء فمزاجه بارد أو رطب .
وإذا كان به مرض وكانت حركاته إلى القلق هو حار .
وإن كانت إلى الهدء ولم تكن القوّة شديدة السقوط فهو إلى البرد .
ومما يناسب هذا الباب الاستدلال من حال النوم واليقظة : فاعلم أن النوم دائماً تابع لسوء مزاج رطب مرخٍ أو بارد مجمّد لحركة القوى الحسية أو لشدّة تحلّل من الروح النفساني لفرط الحركة أو لاندفاع من القوى إلى الباطن لهضم المادة ويندفع معها الروح النفساني بالاتباع كما يكون بعد الطعام .
فما لم يجر من النوم على المجرى الطبيعي ولم يتبع تعباً وحركة فسببه رطوبة أو جمود فإن لم تقع الأسباب المجمّدة ولم تدلّ الدلائل على إفراط برد مما سنذكره فسببه الرطوبة ثم ليس كل رطوبة توجب نوماً .


فإن المشايخ مع رطوبة أمزجتهم يطول سهرهم ويَرَى جالينوس أن سبب ذلك من كيفية رطوباتهم البورقية فإنها تسهر بأذاها للدماغ إلا أن اليبوسة على كل حال مسهّرة لا محالة .
فصل في الدلائل المأخوذة عن الأفعال الطبيعية
مما ينتفض وما ينبت من الشعر وما يظهر من الأورام والقروح .
وأما الدلائل المأخوذة من جنس أفعال الطبيعة فتظهر من مثل الفضول بانتفاضها في كميتها وكيفيتها أو بامتناعها وانتفاضها يكون من الحنك والأنف والأذن وبما يظهر على الرأس من القروح والبثور والأورام وبما ينبت من الشعر فإن الشعر ينبت من فضول الدماغ ويستدلّ من الشعر بسرعة نباته أو بطئه وسائر ما قد عدد من أحواله .
فلنذكر طريق الاستدلال من انتفاضات الفضول عن المسالك المذكورة وهذه الفضول إذا كثرت دلت على المواد الكثيرة ودلّت على السبب الذي يكثر به في العضو الفضول كما قد علمته وعلى أن الدافعة ليست بضعيفة .
وأما إذا امتنعت أو قلّت ووجد مع ذلك إما ثقل وإمّا وخز وإما لذع وإما تمدد وإما ضربان وإمّا دوار وطنين دل على سدد وضعف من القوّة الدافعة وامتلاء .
ويستدلّ على جنسه بأن اللاذع الواخز المحرق القليل الثقل المصفر للون في الوجه والعين يدلّ على أن المادة صفراوية .
والضرباني الثقيل المحمّر للّون في الوجه والعين والنافخ للعروق يدلّ على أنها دموية .
والمكسِّل المبلد المصبِّر اللون معه إلى الرصاصيّة الجالب للنوم والنعاس يدل على أنها بلغمية .
فإنَ كمد اللون في تلك الحال وفسد الذِّكر وكان الرأس أخف ثقلاً ولم يكن النوم بذلك المستولي ولم يكن سائر العلامات دل على أنها سوداوية .
فإنّ كان شيء من هذه مع طنين ودوار وانتقال دل على أن المادة تولّد ريحاً ونفخاً وبخاراً وأن له حرارة فاعلة فيها وأما إن كان احتباس الفضول مع خفّة الرأس دل على اليبس على الإطلاق .


وهذا الباب الذي أوردناه يختص بكميّة الانتفاض والامتناع وإما من كيفيته فمثل الضارب إلى الصفرة والرقّة والحرارة والمرارة واللذغ يدلّ علي أنها صفراوية وإلى الحمرة والحلاوة مع حمرة الوجه والعينين ودرور العَرَق والحرارة يدل على أنها دمويّة .
والمالح أو الحلو مع عدم سائر العلامات أو البور في البارد المَلْمَس أو الحار الملمس يدلّ على بلغم فعلت فيه حرارة والتفه الغليظ البارد الملمس يدل على بلغم فجّ وهذه الاستدلالات من كيفية المنتفض في طعمه ولونه ولمسه وقوامه .
وأما من الرائحة فعفن الرائحة وحدتها يدلّ على الحر وعدم الرائحة ربما دل على البرد ليس بدلالة الأوّل على الحر .
وأما ما يتعلق بالأشياء التي تظهر على جلدة الرأس وما يليها من القروح والبثور والأورام فإنها تدلّ في الأكثر على مواد كانت فانتفضت ولا تدل على حال الدماغ في الوقت دلالة واضحة اللهم إلا أن يكون في التزيد ولأنك عارف بأسباب الأورام الحارة والباردة والصلبة منها والسرطانيّة والقروح الساعية والساكنة وغير ذلك فليس بصعب عليك الاستدلال منها على حال الرأس والشعر أيضاً فقد عرفت في الكتاب الأوّل أسباب حدوثه وعرفت السبب في جعودته وسبوطته ورقّته وغلظه وكثرته وقلته وسرعة شيبه وبطئه وستعلم سبب تشقّقه وتمرطه وانتثاره في أبواب مخصوصة فيعرف منها كيفية الاستدلال من الشعر ونحن نحيل بذلك على ذلك الموضع هرباً من التطويل والتكثير .
فصل في الدلائل المأخوذة من الموافقة والمخالفة
وسرعة الانفعالات وبطئها أما العلامات المأخوذة من جنس الموافقة والمخالفة وسرعة الانفعال وبطئه فإنّ الموافقات والمخالفات لا تخلو إمّا أن تعتبر في حال لا ينكر صاحبها من صحّته التي يحسبه شيئاً أو في حال خروجه عن الصحة وتغير مزاجه عن الطبيعة فموافقه في حال صحّته التي يحسبه هو الشبيه لمزاجه فمزاجه .
يعرف من ذلك ومخالفه في تلك الحالة ضدّ مزاجه .


وأما في حال خروجه عن صحته وتغيّر مزاجه عنه فالحكم بالضدّ وقد قلنا فيما سلف من الأقاويل الكليّة أنّ الصحّة ليست في الأبدان كلها على مزاج واحد وأنه يمكن أن تكون صحة بدن عن مزاج يكون مثله مما يجلب مرضاً لبدن آخر لو كان له ذلك المزاج إلاّ أنه يجب أن يعتبر ما يخالفه في الطرف الآخر أيضاً مقيساً بما يخالفه في هذا الطرف حتى يعلم بالحدس المقدار الذي له من المزاج .
فإنّ الإفراطين معاً مخالفان مؤذيان لا محالة وإنما يوافق صحة ما من الخارج عن الاعتدال ما لم يفرط جداً والدماغ الذي به سوء مزاج حار ينتفع بالنسيم البارد والأطلية الباردة والروائح الباردة طيبة كانت كالكافوريّة أو الصندليّة والنيلوفريّة ونحوها أو منتنة كالحمئية والطحلبية .
وينتفع بالدعة والسكون والذي به سوء مزاج بارد ينتفع بما يضاد ذلك فينتفع بالهواء الحار والروائح الحارة الطيبة والمنتنة أيضاً المحلِّلة المسخّنة وبالرياضات والحركات والذي به سوء مزاج يابس يتأذّى بما يستفرغ منه وينتفض عنه .
والذي به سوء مزاج رطب ينتفع بما يستفرغ منه وينتفض عنه .
وأما الاستدلال من سرعة انفعالاته مثل أن يسخن سريعاً أو يبرد سريعاً فالذي يسخن سريعاً يدل على حرارة مزاج على الشريطة المذكورة في الكتاب الكلّي وكذلك الذي يبرد سريعاً وكذلك الذي يجفّ سريعاً فقد يكون ذلك لقلّة رطوبته أو لحرارة مزاجه ولكنّ الفرقان بينهما أنّ الأوّل يوجد معه سائر علامات يبوسة الدماغ مثل السهر وغيره مما نذكره في باب علامات مزاج الدماغ .
وهذا الثاني إما يعرض له اليبوسة في الأحايين عند حركة عنيفة أو حرارة شديدة أو ما يجري مجراه من أسباب اليبوسة ثم لا يكون له في سائر الأوقات دليل اليبوسة .
والذي لحرارة مزاجه فيكون معه سائر علامات الحرارة في المزاج .


والذي يرطب سريعاً فقد يكون لحرارة جوهره وقد يكون لبرد جوهره وقد يكون لأنّ مزاج جوهره الأصلي رطب وقد يكون لأنّ مزاج جوهره الأصلي يابس فإن كانت من حرارة كانت هناك علامات الحرارة ثم كان ذلك الترطيب ليس مما يكون دائماً ولكنه عقيب حرارة مفرطة وقعت في الدماغ فجذبت الرطوبات إليه فملأته ثم إن بقي المزاج الحار غالباً أعقبه اليبس النفض وإن غلبت الرطوبات عاد الدماغ فصار بارداً رطباً وإن استويا حدثت في أكثر الأمر العفونة والأمراض العفنة والأورام لأن هذه الرطوبة ليست بغريزيّة فتتصرف فيها الحرارة الغريزيّة تصرفاً طبيعيّاً بل إنما تتصرف فيها تصرفاً غريباً وهو العفونة .
وأما إن كان لبرد المزاج لم يكن حدوث الرطوبة دفعةً بل على الأيام ثم يصير الترطّب ويكون بسرعة وتكون علامات برودة مزاج الدماغ موجودة وإن كان ذلك لرطوبة الدماغ نفسه فتكون السرعة في ذلك لأحد شيئين : إمّا لأن الرطوبة بفعل البرد ويفسد البرد القوة الهاضمة المغيرة لما يصل إلى الدماغ من الغذاء فيظهر ترطب فماذا حدث ذلك البرد دفعةً كان الترطب بسرعة بعده دفعة .
وإذا حدث مع ذلك سدد في المجاري عرض أن تحبس الفضول ثم هذا يكون دائماً ولازماً ليس مما يكون نادراً وكائناً دفعةً دفعةً .
وأمّا الكائن ليبوسة الدماغ فسببه النشف الذي يقع دفعة إذا وقعت يبوسة ويكون مع علامات اليبوسة المتقدمة ويكون شبيهاً بما يقع من الحرارة إلا فيما يختلفان فيه من علامات الحرارة وعلامات اليبوسة .
فهذه الدلائل المأخوذة من سرعة الانفعال وليس يجب أن يعتبر سرعة الانفعال بحسب ضعف القوى الطبيعية لا سيّما في الترطب لأن ضعف القوى الطبيعية تابع لأحد هذه الأسباب وليس كل الموافقات والمخالفات مأخوذة من جهة الكيفيّات بل قد تؤخذ من جهة الهيئات والحركات كما يرى صاحب العلّة المعروفة بالبيضة يؤثر الاستلقاء على سائر أوضاع ضجعته .
فصل في الاستدلال الكائن من جهة مقدار الرأس


وأمّا التعرُّف الكائن بحسب صغر الرأس وكبره فيجب أن تعلم أنّ صغر الرأس سببه في الخلقة قلّة المادة كما أنّ سبب كبره كثرة المادة أعني المادة النطفيّة المتوزعة في التوزيع الطبيعي للرأس ثم إن كان قلة المادة مع قوة من القوة المصورة الأولى كان حسن الشكل وكان أقل رداءة من الذي يجمع إلى صغر الرأس رداءة الشكل في الخلقة التي تدلّ على ضعف القوّة على أنه لا يخلو من ردِاءة في هيئة الدماغ وضعف من قواه وضيق لمجال القوى السياسية والطبيعية فيه .
ولذلك ما بتّ أصحاب الفراسة القضية بأنّ هذا الإنسان يكون لجوجاً جباناً سريع الغضب متحيّراً في الأمور .
وقال جالينوس : إنّ صغر الرأس لا يخلو البتة عن دلالة على رداءة هيئة الدماغ وإن كان كبر الرأس ليس دائم الدلالة على جودة حال الدماغ ما لم يقترن إليه جودة الشكل وغظ العنق وسعة الصدر فإنها تابعة لعظم الصلب والأضلاع التابعين لعظم النخاع وقوته التابعين لقوّة الدماغ فإنّ كثرة المادة إذا قارنها قوة من القوّة المصورة كان الرأس على هذه الهيئة .
ومما يؤكد ذلك أن يكون هناك مناسبة لسائر الأعضاء فإن قارنه ضعف منها كان رديء الشكل ضعيف الرقبة صغير الصلب أو مؤفّ ما يحيط به .
وينبت عنه على أنّه قد يعرض من زيادة الرأس في العظم ما ليس بطبيعي مثل الصبيان يعرض لهم انتفاخ الرأس وتعظمه ما ليس في الطبع بل على سبيل المرض ويكون السبب فيه كثرة مادة تغلي وكذلك يعرض أيضاً للكبار في أوجاع الرأس الصعبة وقد يعرض أن يصغر اليافوخ ويلطأ الصدغ عند استعلاء الحمرة على الدماغ فقد عرفت إذاً دلائل صغر الرأس وكبره .
ومن علامات جودة الدماغ أن لا ينفعل من أبخرة الشراب وما سنصفه معها وينفعل من تلطيفه وحرارته فيزداد ذهنه .
فصل في الاستدلال من شكل الرأس


أمّا دلائل شكله فقد عرفناك في باب عظم القحف أن الشكل الطبيعي للرأس ما هو والرديء منه ما هو وأن الرداءة للشكل إذا وقعت في جزء من أجزاء الرأس أضرت لا محالة بخواص أفعال ذلك الجزء من الدماغ كالذي قد قال جالينوس : إن المسفط والمربّع مذموم دائماً والناتئ الطرفين مذموم إلاّ أن يكون السبب فيه قوّة من القوة المصورة أي تكون أفرطت في فعلها ويدلّ على قوة هذه القوة شكل العنق ومقداره والصدر .
فصل في الاستدلال ممّا يحسه الدماغ
بلمسه من ثقل الرأس وخفته وحرارته وبرودته وأوجاعه .
وأما الدلائل المأخوذة من ثقل الرأس وخفته فإن ثقل الرأس دائماً يدلّ على مادة فيه لكن المادة الصفراوية تفعل ثقلاً أقل وإحراقاً أشد .
والسوداوية ثقلاً أكثر من ذلك ووسوسة أكثر .
والدموية ثقلاً أشد منهما وضرباناً ووجعاً في أصول العين لنفوذ الكيموس الحار وحمرة وانتفاخاً في العروق أشدَ .
والبلغم ثقلاً أكثر من الجميع ووجعاً أقل من الدموي والصفراوي ونوماً أكثر من وأما الدلائل المأخوذة من الحرارة والبرودة أعني ما يلمسه الرأس منهما في نفسه وما يلمسه غيره من خارج فلا يخفى عليك : أما الحار فدليل على حرارة إن دام فمزاجيّة وإن حدث وآذى فعرضية .
وكذلك حكم البارد على قياسه وكذلك حكم القشف اليابس وعلى قياسه إن لم يكن برد من خارج مخشّن مقشف وكذلك الرطب إنْ لم يكن حرّ من داخل معرق والأوجاع الأكالة التي تخيل أن في رأس الإنسان دبيباً يأكل واللذّاعة فإنها تدلّ على مادة حارة والضربانية على ورم حار .
ويؤكد دلالتها لزوم الحمّى والثقيلة الضاغطة على مادة ثقيلة باردة والممددة على مادة ريحيّة .
والانتقال يؤكد ذلك .


والوجع الذي كأنه يطرق بمطرقة يدل على مثل البيضة والشقيقة المزمنة والوجع أيضاً يدل بجهته مثل أن الوجع الذي بمشاركة المعدة يكون على وجه والذي بمشاركة الكبد على هيئة أخرى كما سنذكره وقد يدل مع ذلك بدوامه فإنّ الوجع إذا دام في مقدم الرأس ومؤخّره أنذر بالعلّة المعروفة بقرانيطس .


القانون
القانون
( 25 من 70 )

فصل في الاستدلالات المأخوذة من أحوال أعضاء
هي كالفروع للدماغ مثل العين واللسان والوجه ومجاري اللهاة واللوزتين والرقبة والأعصاب .
أما الاستدلال من العين من جملتها فمن حال عروقها ومن حال ثقلها وخفتها من حال لونها في صفرته أو كمودته أو رصاصيته أو حمرته وحال ملمسها وجميع ذلك يقارب جداً في الدلالة لما يكون في الدماغ نفسه .
وقد يستدل بما يسيل منها من الدمع وْالرمص وما يعرض لها من التغميض والتحديق وأحوال الطرف ومن الغور والجحوظ والعظم والصغر والآلام والأوجاع فإن جفاف العين قد يدلّ على يبس الدماغ وسيلان الرمص والدموع إذا لم يكن لعلة في العين نفسها يدلّ على رطوبة مقدم الدماغ وعظم عروق العين يدل على سخونة الدماغ في الجوهر وسيلان الدمع لغير سبب ظاهر يحلّ في الأمراض الحارة على اشتعال الدماغ وأورامها وخصوصاً إذا سالت من إحدى العينين وإذا أخذ يغشي الحدقة رمص كنسج العنكبوت ثم يجتمع فهو قريب وقت الموت .
والعين التي تبقى مفتوحة لا تطرف كما قد يكون في قرانيطس وأحياناً في ليثرغس ويكون أيضاً في فرانيطس عند انحلال القوّة يدل على آفة عظيمة في الدماغ والكثيرة الطرف تدل على اشتعال وحرارة وجنون .
واللازمة ينظرها موضعاً واحداً وهي المبرسمة تدل على وسواس ومالنخوليا وقد يستدل من حركاتها على أوهام الدماغ من اعتقادات الغضب والغم والخوف والعشق والجحوظ يدل على الأورام أو امتلاء أوعية الدماغ والصغر والغور يدل على التحلل الكثير مِن جوهر الدماغ كما يعرض في السهر والقطرب والعشق .
وإن اختلفت هيئاتها في ذلك كما سنفصله في موضعه وكذلك قد يدل على حمرة الدماغ وقوبا فيه .


وأما المأخوذة من حال اللسان فمثل أن اللسان كثيراً ما يدل بلونه على حال الدماغ كما يدلّ ببياضة على ليثرغس وبصفرته أولاً واسوداده ثانياً على فرانيطس وكما يدلّ بغلبة الصفرة عليه واخضرار العروق التي تحته على مصروعية صاحبه وليس الاستدلال بلون اللسان كالاستدلال بلون العين فإنّ ذلك شديد الاختصاص بالدمغ وأما لون اللسان فقد يستدل به على أحوال المعدة لكنه إذا علم أن في الدماغ آفة لم يبعد الاستدلال به .
وأما المأخوذ من الوجه فإما من لونه فأنت تعلم دلالة الألوان على الأمزاجة وإما من سمنه وهزاله فإن سمنه وحمرته يدل على غلبة الدم وهزاله مع الصفرة يدلّ على غلبة الصفراء وهزاله مع الكمودة يدل على غلبة اليبس السوداويّ والتهيّج يدلّ على غلبة الدم والمائية بعد أن تكون هذه أحوالاً عارضة ليست أصليّة وبعد أن يعلم أن لا علّة في البدن تغير السحنة إلا في جانب من الدماغ وأما المأخوذة من حال الرقبة فإنها إن كانت قويه غليظة دلت على قوة من قوى الدماغ ووفوره وإن كانت قصيرة دقيقة فبالضد وإن كانت مهيأة لقبول خنازير وأورام فالسبب في ذلك ليس ضعفاً فيها ولا إذا خلت عن ذلك فالسبب فيه قوّة لها بل السبب في ذلك ضعف القوة الهاضمة التي في الدماغ لشيء من أنواع المزاج الذي نذكره وقوّة من القوة الدافعة فإنّ نواحي العنق قابلة لما يدفعه الدماغ باللحم الرخو الغددي الذي فيها .
وكذلك حال الدلائل المأخوذة من حال اللهاة واللوزتين والأسنان أيضاً وأمّا المأخوذة من حال الأعضاء العصبانية الباطنة فذلك من طريق أحكام المشاركة فإنها من الواجب أن تشارك الدماغ والنخاع كما إذا دامت الآفات عليها جلبت إلى الدماغ النوع من المرض الذي بها أو ربما أحدث بها ذلك من الدماغ فالأعصاب إذاً قويت وغلظت وقويت مسالكها التي تتحقق عليها دلت على قوّة الدماغ ودل ضد ذلك على ضدها .
فصل في الاستدلال من المشاركات لأعضاء يشاركها الدماغ
ويقرب منها .


إذا كانت الأعضاء المشاركة للدماغ قوية فالدماغ قوي وإن كانت كثيرة الآفات لا لأسباب ظاهرة تصل إليها فإن الدماغ ضعيف أو مؤف وربما كانت تلك الآفات في الأعضاء الأخرى بمشاركة آفة الدماغ مثل ما يتّفق أن لا ينهض المريض لبول أو براز محتاج إليه لعدم الحس كما يتفق في ليثرغس وقد السبات السهري ونحوه أو أثقل الحركة عليه كما فيهما .
وفي فرانيطس ومثل العجز عن الازدراد والغصص والشرق في هذه الأمراض ومثل دلائل النفس فإن النفس قد ينقطع ويبطل بسبب آفة في الدماغ متعدية إلى الحجاب وأعضاء النفس وكما أن كبر النفسِ وعظمه أدلّ على صبار أو ضيقه وصغره على السباب السهري والليثرغس وقد يستدل من طريق المشاركات في الأوجاع أيضاً على أحوال الدماغ وعلى النحو المذكور وقد يستدل من كيفية المشاركة مثل إنه إن بلغ الوجع أصول العينين في الصداع دلّ على أن السبب خارج القحف وقد يستدل أيضاً من امتلاء العروق وخلائها ومن لون الجلدة وغير ذلك مما سلف بعضه في خلل أبواب أخرى .
فصل في الاستدلال على العضو الذي يألم الدماغ بمشاركته
إن أكثر الأعضاء إيذاء للدماغ بالمشاركة هي : المعدة فيجب أن يستدل على ذلك من حال الشهوة والهضم وحال الجشاء والقراقر وحال الفواق والغثيان وحال الخفقان المعدي .
وينظر في كيفية الاستدلال من هذه على المعدة حيث تكلمنا في المعدة .
ويستدل أيضاً من حال الخواء والامتلاء فإن مشاركات الدماغ للمعدة وهي ممتلئة أو ذات نفخة يظهر في حال امتلائها .
وأما مشاركته إياها بسبب الحرارة والمرّة الصفراء وأوجاعها التي تكون من ذلك ومن شدّة الحس فيظهر في حال الخواء وكثيراً ما يكون الامتلاء سبباً لتعدل المزاج وساداً بين البخار الحار وبين الدماغ .


وأخص ما يستدلّ به موضع الوجع في ابتدائه واستقراره فإن أمراض الدماغ بمشاركة المعدة قد يدلّ عليها الوجع إذا ابتدأ من اليافوخ ثم انصبّ إلى ما بين الكتفين ويشتدّ عند الهضم وقد يمرض الرأس بمشاركته الكبد فيكون الميل من الأوجاع إلى اليمين كما إذا كان بمشاركة الطحال كان الميل من الأوجاع إلى اليسار وقد تكثر مشاركة الدماغ للمراق وما يلي الشراسيف فيكون الوجع مائلاً إلى قدام جداً وقد يشارك الرحم فيكون مع أمراض الرحم .
ودلائلها المذكورة في بابه ويقف الوجع حاق اليافوخ وأكثر مشاركات الدماغ للأعضاء يقع بأبخرة تصعد إليه وطريق صعودها إما ما يلي قدام الشراسيف فيحس أولاً بتمددها إلى فوق وتوتر وضربان في العرق الذي يليها ويحس ابتداء الألم من قدام .
وأما ما يلي ناحية القفا فيحس ابتداء الألم من خلف وتوتر العروق والشرايين الموضوعة من خلف ويحس هناك بالضربان وإذا راعيت أعراض العضو المشارك فيجب أن لا يكون العرض عرض لذلك العضو في نفسه بل لسبب مشاركته للدماغ لا مشاركة الدماغ له .
فإنك كما تستدلّ من الغثيان على أن العلة الدماغية بشركة المعدة فلا يبعد أن تغلط فتكون العلة في الدماغ أولاً وتكون خفيفة وإما يظهر الغثيان في المعدة لمشاركتها للدماغ في علة خفية به فيجب أن ترجع إلى الأصول التي أعطيناك في الكتاب الأول التي تميز بها الأمراض الأصلية من أمراض المشاركة .
فصل في دلائل مزاج الدماغ المعتدل
فالدماغ المعتدل في مزاجه هو القوي في الأفاعيل الحساسية والسياسية والحركية المعتدل في انتفاض ما ينتفض منه واحتباسه القوي على مقاومة الأعراض المؤذية أشقر شعر الطفولة نارية أحمر شعر الترعرع وإلى السواد عند الاستكمال من الخلقة والنشو وسط في الجعودة والسبوطة ونباته ومدة شبابه كل في وقته وشبيه غير مستعجل ولا متأخر عن الوقت الطبيعي ولا يسرع إليه الصلع .
فصل في دلائل الأمزجة الواقعة في الجبلة


يرى جالينوس أن الحرارة تولد اختلاط العقل والهذيان وليلحق بهذا الطيش وسرعة وقوع البداءات وافتتان العزائم وأن البرودة تولد البلادة وسكون الحركة وليلحق بهذا بطء الفهم وتعذر الفكر والكسل وأن اليبوسة تفعل السهر ويدل عليها السهر وليشرط في هذا ما لم يكن من الرطوبات البورقية ولم يكن مع ثقل في الدماغ ودوام استفراغ الفضول أو غير ذلك من دلائل الرطوبة فإن الرطوبة المالحة والبورقية بشهادة جالينوس نفسه تفعل أرقاً كما في المشايخ وأما الرطوبة فتفعل النوم المستغرق واشترط مع نفسك الشرط المذكور .
ويرى جالينوس أن الدلالة على أن مزاجاً غالباً بلا مادة وهو عدم سيلان الفضول مع دلالة سوء المزاج والدلالة على أنه غالب بمادة سيلان الفضول ونحن نقول إن لم يكن سد أو ضعف من القوة الدافعة وعلامة ذلك ما ذكرناه فرغنا عنه فالدلائل حرارة المزاج للدماغ سرعة نبات الشعر في أول الولادة أو في البطن وسواده في الابتداء .
أو تسوده بعد الشقرة سريعاً وجعودته وسرعة الصلع وسرعة امتلاء الرأس وثقله من الأسباب الواقعة مثل الروائح ونحوها وتأذيه بالروائح الحادة وقلة استعمال النوم مع خفته وظهور عروق العينين وذكاء ما سرعة التقلب في الآراء والعزائم كحال الصبيان ويدل عليه اللمس وحمرة اللون ونضج الفضول المنصبة المنتصبة والمنتفضة واعتدالها في القوام بالقياس إلى غيره .
وإما دلائل المزاج البارد فزيادة نفض الفضول على ما ذكر من الشرط وسبولة الشعر وقلة سواده وسرعة الشيب وسرعة الانفعال من الآفات وكثرة النوازل وعروض الزكام لأدنى سبب وخفاء العروق في العينين وكثرة النوم وتكون صورته مثل صورة الناعس بطيء حركة الأجفان والثبات على العزائم كحال المشايخ .
وأما دلائل المزاج اليابس فنقاء مجاري الفضول وصفاء الحواس والقوة على السهر وقوة الشعر وسرعة نباته لدخانية المزاج في السنّ الأوّل وسرعة الصلع وجعودة الشعر .


وأما دلائل المزاج الرطب فسبوطة الشعر بوطء النبات منه وبطء الصلع وكدورة الحواس وكثرة الفضول والنوازل واستغراق النوم .
وأما دلائل المزاج الحار اليابس فعدم الفضول وصفاء الحواس وقوة السهر وقلّة النوم وإسراع نبات الشعر في الأول وقوته وسواده وجعودته وسرعة الصلع جداً وحرارة ملمس الرأس وجفوفه مع حمرة بيّنة فيه وفي العين وتنقّل في العزائم وعجلة وأما دلائل المزاج الحار الرطب فإنه إن كان ذلك المزاج غير بعيد جداً من الاعتدال كان اللون حسناً والعروق واضحة والملمس حاراً ليّناً وكون الفضول أكثر وأنضج والشعر أسبط إلى الشقرة غير سريع الصلع ويكون التسخّن والترطب سريعين إليه .
وأما إن كان بعيداً منه فيكون مسقاماً قبولاً للنكايات من الحر والبرد والأمراض العفنية في جوهره سريعاً وتكون حواس صاحبه ثقيلة كدرة وعيناه ضعيفتان ولا يصبر عن النوم ويرى أحلاماً مشوّشة .
وأما دلائل المزاج البارد اليابس فأن يكون الرأس بارد الملمس حائل اللون خفي العروق فيه وفي العينين بطيء نبات الشعر أصهبه رقيقه بطيء الصلع خصوصاً إن لم يكن يبسه أغلب من برده ويكون متضرراً بالمبردات على الشرط المذكور وتكون الحواس صافية في الشيبة فإذا طعن في السن ضعف بسرعة وهرم وظهر التشنج والتعفن والتقبض في نواحي رأسه ويكون سريع الشيخوخة وتكون صحته مضطربة فتارة يكون خفيف الرأس منفتح المسالك وتارة يكون بالخلاف .
وأما المزاج البارد الرطب فيكون الإنسان فيه كثير النوم مستغرقاً فيه رديء الحواس كسلان بليداً كثير استفراغ الفضول من الرأس ويدلّ عليه أيضاً بطء الصلع وسرعة وقوع النوازل وأما دلائل الأورام وغيرها فسنقوله في التفصيل .
فصل في علامات أمراض الرأس مرضاً


هذا الباب والذي قبله كالنتيجة من الأصول التي أعطيناها في الاستدلال على أحوال الرأس ويجب أن تحفظ هذه الدلائل فلا يحتاج أن تعاد في كل باب من الأبواب التي نتكلم عليها في أمراض نواحي الرأس فإنَا إن أعدناها في باب ما فإنما نعيدها ليكون ذلك معيناً على معرفة كيفية الرجوع إلى هذه القوانين الكلية في أبواب أخرى قد اقتصرنا فيها على ما يكون أوردناه في ذلك الباب الواحد .
وكذلك يجب أن توطن نفسك عليه من الرجوع إلى القوانين الكلية في المعالجات الجزئية للرأس اللهم إلا فيما لا يكون قد ذكر في الكلّيات ووجب تخصيص ذكره في الجزئيات . في علامة سوء المزاج الحار بلا مادة : يدل عليه التهاب مع عدم ثقل وسهر وقلق في الحركات وتشوّش في التخاييل وإسراع إلى الغضب وحمرة عين وانتفاع بالمبردات وتقدم المسخّنات .
في علامة سوء المزاج البارد بلا مادة : برد يحس مع عدم ثقل وكسل وفتور وبياض لون الوجه والعين ونقصان في التخيلات وميل إلى الجبن وانتفاع بالمسخنات وتضرر بالمبرّدات .
في علامة سوء المزاج اليابس بلا مادة : خفة وتقدم إستفراغات وجفاف الخيشوم وغلبة سهر .
في علامة سوء المزاج الرطب بلا مادة : كسل وفتور مع قلة ثقل وقلة سيلان ما يسيل أو اعتداله وإفراط نسيان وغلبة نوم .
في علامة الأمزجة المركبة التي تكون بلا مادة : امتزاج علامتي المزاجين واستدل على غلبة الحر مع اليبوسة بسهر واختلاط عقل وعلى غلبة البرد معه بحالة تشبه المرض المعروف بالجمود وربما تأدت إليه واستدلّ على غلبة الرطوبة مع الحرارة بغلبة نوم ليس شديد الإسبات وعلى غلبة البرودة مع الرطوبة بالنوم السباتي .
وأضيف إلى ما أوردناه سائر الدلائل المركّبة من دلائل الأفراد في علامة غلبة المواد : أما الصفراوية فنقل ليس بالمفرط ولذع والتهاب وإحراق شديد ويبس في الخياشيم وعطش وسهر وصفرة لون الوجه والعين .


في علامة غلبة المواد الدموية : يدلّ عليها زيادة ثقل وربما صحبه ضربان ويكون معه انتفاخ الوجه والعينين وحمرة اللون ودرور العروق وسبات .
في علامات المواد الباردة البلغمية : برد محسوس وطول الأذى وأزماته وقلّة حمرة اللون والوجه والعين وقلة صفرته مع ثقل محسوس .
لكن ذلك الثقل في المادة البلغمية أكثر ومع كسل وبلادة وسبات ونسيان ورصاصية اللون في الوجه والعين واللسان .
في علامة المواد السوداوية : يكون الثقل أقلّ ويكون السهر أكثر ووساوس وفكر فاسدة وكمودة لون الوجه والعين وجميع الأعضاء .
في علامة الأورام الحارة : فحمى لازمة وثقل وضربان ووجع يبلغ أصل العين وربما جحظت معه العينان واختلاط عقل وسرعة نبض فإن كان في نفس الدماغ كان النبض مائلاً إلى الموجبة وإن كان في الحجب كان الألم أشد وكان النبض مائلاً إلى المنشارية .
وأما علامات الأورام البلغمية : فنسيان وسبات وكثرة الثقل ونبض موجي وترهل وتهيج .
وأما علامات الأورام السوداوية : فسهر ووسواس مع ثقل مخصوص وصلابة نبض وقد تركنا ما يجب أن نذكر ههنا دلائل ضعف الدماغ وقوّته وعلامات الخلط الغالب عليه ودلائل أمراضه الخاصية والتي تكون بالمشاركة تعويلاً على ما أوردناه من ذلك في باب الصداع فليتأمل من هِناك فإنه مورد هذا الموضع ولينقل منه إلى الأبواب .
فصل في قوانين العلاج
إنا إذا أردنا أن نستفرغ مادة فإن دلت الدلالة على أن معها دماً وافراً وليس في الدم نقصان أي مادة كانت بدأنا بالفصد من القيفال ومن عروق الرأس المذكورة في باب الفصد مثل عروق الجبهة والأنف وعروق ناحية الأذن .
ويجب أن يقع فصدها في خلاف جانب الوجع .


فإن كان الأمر عظيماً والدم غالباً فصدنا الوداج وإنما يميل إلى الفصد وإن غلبت الأخلاط الأخرى أيضاً فنبدأ به لأن الفصد استفراغ مشترك للأخلاط فإن كانت المادة دماً فقط كفى الفصد التام وإن كانت أخلاطاً أخرى نظرنا فإن كان ذلك بشركة البدن كله استفراغنا البدن كله ثم فصدنا الرأس وحده واستعملنا الاستفراغات التي تخصه ولا نقدم عليها البتة إلا بعد استفراغ البدن كله إن كان في البدن خلط وذلك إن علمنا أن المادة فيه نضجية وذلك بمشاهدة ما ينجلب إليه وإن لم يكن رقيقاً جداً أو غليظاً جداً .
وإن كان المرض قد وافى المنتهى وكنا قد تقدمنا بالإنضاج بالمروخات والنطولات والضمّادات المنضجة استفرغنا من الرأس خاصة بالغرغرة إن لم نخف آفة في الرئة ولم تكن النوازل المستنزلة بالغرغرة من جنس خلط جاد لاذع ولم يكن الإنسان قابلاً لأمراض الرئة وكان يمكنه الاحتراس عن نزول شيء رديء إلى الرئة وكان حال الرأس أشدّ اهتماماً له من حال الرئة .
واستعملنا أيضاً المشمومات المفتحة المعطسة والسعوطات والنطولات لتجذب المواد من الرأس .
وربما ضمدنا الرأس بعد الحلق بأدوية مسهلة لحبس الخلط الذي فيه إذا لم نخف من تلك الضمادات إفساد مزاج وكنا نثق أن المادة منضجة سهلة الاستفراغ ومع هذا كله فنتوقى في استفراغ الأخلاط الباردة أن لا نسهل منها الرقيقة ونحبس الغليظة وسبيل وصولنا إلى هذا الغرض أن نستفرغ بعد التليين بالملينات المنضجات .


وكلما استعملنا استفراغاً أتبعناه تلييناً ونتوقى في إستفراغات الأخلاط الحادة التي يضطر فيها لا محالة إلى أدوية حارة في بعض الأوقات مثل الأيارج والسقمونيا والتربد مع الاسطوخودس أن يبقى بعدها سوء مزاج حار بل نجتهد في أن لا يبقى بعدها ذلك وذلك بأن نتدارك الإسهال الكائن بها والاستفراغ الواقع بالغرغرة وغير ذلك تداركاً بالضمادات المبردة وأن نتوقى استعمالها إلا بعد نقة مأخوذة من عادة المريض إنّ ما يشربه من ذلك يسهله ويستفرغه حتى لا يكون سقينا إياه سبباً لهلاك أو فساد فإن كانت الأخلاط غير نضيجة أنضجنا أولاً كلاً بواجبه كما نذكر وإن كانت الأخلاط متصعدة من جانب أو من البدن كله جذبنا إلى الخلاف مثلاً إن كان من أسافل أو من البدن كله استعملنا الحقن والحمولات وعصبنا الأطراف وخصوصاً الرجل واستفرغنا العضو مثلاً إن كانت المعدة فبأيارج فيقرا أو كان الطحال فيما يخصه وكذلك كل عضو ودبرنا كلاً بحسب تدبيره الذي يخصه فهذه قوانين كلية في أمر المواد وأي مادة استفرغت وحدث بسببها سوء مزاج عالجنا بالضد .
ومما تشترك فيه المواد المختلفة في الرأس من الرطوبات على مذهب أصحاب الكي أن يكون حيث ينتهي إليه السبابة والخنصر ممسوحاً من طرف الأنف أو حيث ينتهي إليه نصف خيط طوله من الأذن إلى الأذن وليحلق أولاً الرأس ولنرجع الآن إلى التفصيل .


أما الدم فإن كان في البدن كله وكان حصل في الرأس مادة وافرة فصدت القيفال وإن كان يعد لم يحصل وهو في الحصول فصحت الأكحل وإن خفت الحصول قبل أن يأخذ في الحصول مثل أن يقع سبب جذاب للأخلاط حول الرأس من حر خارجي أو ضربة أو غير ذلك فصدت الباسليق وإن شئت أن تجذب أكثر من ذلك فصدت الصافن وحجمت الساق فوق الكعب بشبر وفصدت عروق الرجل وإن كان بمشاركة عضو فصدت العرق المشترك لهما إن أردت أن تستفرغ منهما جميعاً وكانت المادقارة وإن أردت الجذب إلى ناحية مع استفراغ العضو المشارك فصحت عرقاً يشارك العضو المتقدم بالعلة ويقع في خلاف جهة الرأس ثم إذا توجهت نحو الرأس وحده أو كان الدم من أول الأمر وحده فيه فما كان واقعاً في الحجب الخارجة من القحف على ما سنذكره من الأمراض الجزئية أو كان الوجع محسوساً بقرب الشؤون وأردت علاجاً خفيفاً فالحجامة عند النقرة وكان غائراً وكان لا يرجى انجذابه إلى خارج القحف فصدت عرق الجبهة خاصة إن كان الوجع مؤخراً وبعد أخذ الدم يتناول المستفرغات المتخذة من الهليلج وعصارات الفواكه إن بقيت حاجة ويستعمل الحقن وإن كانت العلة صعبة مثل سكتة دموية مثلاً فصدت من الوداج . وأما المنضجات : فإن كانت المادة بلغمية فأمهات الأدوية التي تستعمل في إنضاجها هي ما فيه تلطيف وتقطيع وتحليل كالمرزنجوش وورق الغار والشيح والقيسوم والأذخر والبابونج وإكليل الملك والشبث والبسفانج والأفتيمون وهما : أخصّ بالسوداوية وحاشا وزوفا والفوذنج والسذاب والبرنجاسف وكل مما كتبناه في جداول التحليل والإنضاج من الأدوية والحارة وإن كان تحصيل التدبير في البلغمي والسوداوي مختلفاً بما سنذكره .


وهذه الأدوية يجب أن يتصاعد في درجاتها بمقدار المادة فإن كانت كثيرة الكمية شديدة الكيفية جعلنا الأدوية الحارة قوية حتى في الدرجة الرابعة مثل العاقر قرحا والفربيون وغير ذلك اللهم إلا أن يخاف غليان المواد وذلك إن كانت كثيرة جداً وخفنا أنها إذا سخنت إزداد حجمها وأوجب تمدداً مؤلماً أو ورماً فهنالك يجب أن نبدأ فنستفرغ منها شيئاً ثم نأخذ في إنضاج الباقي والأصوب في إنضاج الأخلاط الليّنة الفجة أن يكون العلاج والتضميد بأدوية معتدلة التسخين وتستعمل الهدّ والتعصيب لينضج برفق وإن كانت قليلة الكمّية أو كانت ضعيفة الكيفية اقتصرنا من التي لا كثير تسخين فيها على اللطيفة في الدرجة الأولى وإن كانت متوسّطة فعلى المتوسّطة وإن كانت المادة سوداوية لم نقتصر على هذه الأدوية حتى لا يزيد في التخفيف .
ولا سيما إن كان السوداء غير طبيعي بل حراقياً بل يحتاج في إنضاج المادة السوداوية إلى التليين والترطيب لا محالة ثم يعقب بالمنضجات المحللة اللطيفة التحليل التي في درجة الثانية والثالثة والأولى أن يجمع الملينة والمرطبة مع الحارة المقطّعة المحللة .
وأما المادة الحارة فإنضاجها يجمع قوامها ويفتح مع ذلك ويقطع وهذه هي المبردات المرطبة التي فيها جلاء وغسل مثل ماء الشعير ولبن الماعز الحليب ويجتنب اللبن من كان به ضعف قوّة مع الصداع والمنضجات التي بهذا الشرط ويستعمل المياه التي طبخ فيها أوراق الخلاف والبنفسج والنيلوفر وعصا الراعي والبقول الباردة كلها المكتوبة في جداولها من الأدوية المفردة مخلوطة بشيء من الخلّ ليغوِّصها وينفذ قوّتها .
فإن كان فيها أدنى غلظ زيد البابونج والخطمي وإن كان بصاحب العلة سهر وأراد أن لا يسهر جعل فيها قشور الخشخاش .


وأقول أن الخلّ مشترك لجميع المواد فإن تبريده يمكن أن يكسر بأدنى شيء ثم يبقى غوصه بالأدوية وتقطيعه هذا إذا استعمل في المواد الباردة وأما في إنضاج المواد الحارة فلا إيثار عليه والأدهان الحارة كلّها المذكورة في القراباذين المتخذة من الرياحين والزهر والنبات داخلة في إنضاج الباردة .
وإن كانت المواد شديدة البرد أو كثيرة الكمية أو عسرة الانحلال فالأدهان المتّخذة بالصموغ الحارة والأفاويه القوية ودهن البان والزنبق والنرجس والسوسن والأقحوان والغار والمرزنجوش والناردين أو زيت قد طبخ فيه سذاب رطب أو فوذنج رطب أو شبث رطب أو بابونج رطب وما أشبهه مما يذكر في القراباذين والنفط وأما دهن البلسان فللطفه يتحلّل بسرعة فلا ينتفع فيه في الأطلية والمروخات انتفاعا كثيراً يليق بقوّته ونحن نقابل المادة بالاستفراغ وبالجذب إلى خلاف وبهما جميعاً والجذب إلى الخلاف هو الجذب إلى اليد والرجل ويعين عليه دلكها بملح ودهن بنفسج أو دهن بابونج بحسب المزاج ومما يستعمل فيما نحن فيه الرياضة التي يحفظ فيها الرأس حتى لا يتحرّك مع البدن وإنما تحرّك الأسافل وحدها وهي رياضة يكون الإنسان فيها متعلقاً في حبل أو متدلياً من جدار يتماسك عليه أعالي بدنه ولا يزال يحرّك الرجل ويتعبها وهذا بعد الاستفراغ وذلك الأطراف وشدّها من فوق إلى أسفل من هذا القبيل وخصوصاً عند التغذية وقد يبقى الرأس وحده بالرياضة الخفيفة كالدلك والغمز حتى المشط واستعمال الأراجيح من المنقّيات الخاصة كما يفعل في آخر ليثرغس حسب ما تعلم .
وأما الأمر الجامع للتدبيرين جميعاً فالحقن والحمولات والمُدرَات والمعرقات بحسب المادة والقوة وكلها معدَودة في القراباذين .


وأما المسهّلات التي تستفرغ الرأس بشركة البدن فبحب الأيارج وحبّ القوقايا وحب أسطوخودوس وهذه هي أوفق للأخلاط المحترقة التي الغلبة عليها المرار وفيها مع ذلك غلط بل هي كالمشتركة للمرارية والبلغمية وأقوى من كله نقيع الصبر المتخذ بماء الهندبا وخصوصاً الذي هو أقوى منه وهو المكتوب في القراباذين أو نقيع الأيارج والقيء بالسكنجبين مع بزر وأما طبيخ الهليلج والإجاص والشاهترج وشراب الفواكه وشراب البنفسج وطبيخ الخيار شنبر وما أشبه هذه مقوّاة بالسقمونيا وغير مقواة بحسب حال البدن وخلوه عن الحمى أو كونه فيها . وبحسب السنّ والقوة وأمثال ذلك في موافقة للأخلاط المرارية الرقيقة وأما أيارج أركاغانيس وأيارج روفس وأيارج لوغاديا وأيارج جالينوس والحب المتخذ بحجر اللازورد والخربق على ما نذكره فموافقة للأخلاط الغليظة والسوداوية وكذلك كل ما وقع فيه أسطوخودوس ويصلح لها أيضاً القيء بشرب السكنجبين وبزر الفجل وشحم الِحنظل مع سائر الأدوية المخرجة للأخلاط الغليظة اللزجة مما حددنا وذكرنا وسائر المركبات المفصّلة في القراباذين على أن لها طبقات الأولى ما كان بأيارج وتربد وأفتيمون وغاريقون وجندباستر وما أشبهه ثم الحبوب الكبار ثم الأيارجات ثم الخربقان الأسود للسوداء والأبيض للبلغم مع حذر وتقية واللازورد والحجر الأرمني للسوداء بلا حذر ولا تقية ويجب أن يبتدأ من الأضعف ويتدرج حتى يعلم من حال العلة أنها قد انقطعت . وأما المسهلات الرقيقة لتنقية الرأس فهي : الشبيارات التي يتخذ منها حبّ كبار ليفعل الوزن القليل الفعل الكافي باللبث ولا يضرّ لقلّته تكريره وينام عليه لئلا يبطل الحركة واليقظة فعله وكان القانون والعمدة فيها الصبر والأيارج ثم تقع معها المصطكى لتقوية المعدة ويقع فيها الهليلج ليمنع البخار الحاد أن تولد منها في المعدة عن الرأس فإن أريد للأخلاط المرارية استعين فيها بالسقمونيا وما أشبهه وربما كان استعمال السقمونيا


مع الصبريات المستعملة لسبب تنقية الرأس نفسه أو المعدة وإن كان مرض الدماغ بمشاركتها مانعاً لتسخينها المفرط لفضل مكثها وتهييجها المقصر عن تمام التنقية بما يعين على التنقية . وإن أريد المعين في إخراج الأخلاط البلغمية استعين بشحم الحنظل مع الزنجبيل والتربد والأسطوخودوس .
وإن أريد للأخلاط السوداوية استعين بالخربق القليل أو الأفتيمون والبسفايج وما أشبهه وهي حبوب كثيرة بنسخ مختلفة تجدها في القراباذين ويعرف منافعها واختيارها هناك . وأما المنقّيات الخاصة بالرأس فمن ذلك الغرغرات وكان المرِّي مستعمل في جميعها فإن كانت الأخلاط مرارية صرفة لم تستعمل في تنقيتها الغرغرة خوفاً من نزولها إلى الصدر وقد اكتسبت فضل حدة من الأدوية المنقّية الحادة فإن المطلقة للصفراء برفق ولطف واعتدال مزاج لا تؤثر في الغرغرة أثراً كبيراً فإن كان شيء من ذلك نافعاً فالسكنجبين البزوري مع الهندبا وحده والسكنجبين العنصلي المتّخذ بالسقمونيا وماء اللبلاب وماء الإجاص وشراب البنفسج والتمر هندي مع قليل سقمونيا وما يجري هذا المجرى .
وأما إن كانت الأخلاط مرارية مع غلظ : فالغرغرة تكون بالمرّي والصبر أو بالأيارج أو السكنجبين البزوري والعنصلي مع الأيارج ولك أن تقوِّي ذلك بالسقمونيا وقليل تربد ولا نزيد على هذا .
وأما إن كانت الأخلاط الغليظة بلغمية فزد عليها شحم الحنظل والزنجبيل والأسطوخودوس والتربد وأيارج أركاغانيس ويوسطوس وربما احتجت إلى أن تستعمل معها الخردل والعاقر قرحا والفلفل مع المصطكى تزيد بذلك تقوية فعل الدواء إذا كانت الأخلاط شديدة القوة وكذلك ربما مضغت العاقر قرحا والفلفل والزنجبيل والوج حتى الميويزج وما أشبهها وقد يخلط بها الملطّفات مثل الزوفا والدار صيني والسليخة والصعتر وقشور أصل الكبر والفودنج وما يجري مجراها .


وأما العطوسات فللأخلاط المرارية مثل بخار الخل المذاب فيه قليل سقمونيا وشمِّ الفقاع الحامض الحاد وللبلغمية الكندس والفلفل والبصل والثوم والحرف والخردل والبزور الحادة وما جرى مجراها وقد يتّخذ من هذه الأدوية ضمّادات ويتّخذ منها أطلية على الأصداغ .
وأما السعوطات فمنها ما يراد به التبريد والترطيب ومنها ما يراد به التحليل ومنها ما يراد به التقوية وإذا استعملت السعوطات المحللة القوية فتدرج في استعمالها . واستعملها أول مرة بدهن الورد أو باللبن أو بما يجري مجراهما وفي المرة الثانية بعصارة السلق ونحوها وفي المرة الثالثة بماء المرزنجوش ونحوه فإن كان مبدأ المادة والبخارات إنما هو من المعدة فتأمل جوهر الخلط الحاصل في المعدة وتعرفه بما تعلم في باب أمراض المعدة واستفرغه .
وأما إذا كانت المادة الرأسية بخارات ورياح محتقنة : فيجب أن تحتلها بماء طبخ فيه الشيح والأفتيمون والحاشا والأدوية المذكورة في أبوابه وتقطر أيضاً دهن الياسمين والمرزنجوش والغار في الأذن وأما إذا أردت أن تقوي جرم الدماغ وتمنع الأخلاط المرارية عن الصعود إليه من المعدة وما يليها فيجب أن تطعمه الفواكه الحامضة وخاصة الرمان الحامض والتفاح والكمثري والحصرم وخصوصاً بعد الطعام .
وأما معالجتك السدد فبالنطولات المفتحة دائماً ويجب أن يكن سكبها وسكب كل نطول يستعمل في كل غرض سكباً من مكان علو ليكون غوص قوتها أكثر والرأس منتصب ليقع على اليافوخ فوق مؤخر الرأس والعظام الصلية ويكون أيضاً بالمضوغات وحبوب الشبيار والأدهان المحللة .
وإن كان سبب الألم رياحاً في المعدة نقيت ثم أعطيت دهن اللوز الحلو والمر بماء طبيخ الأصول والحلبة والقردمانا وما أشبهه وأعطيت دهن الخروع مع نقيع الصبر .


وأما معالجتك للأورام الحارة : فيجب أن يبتدأ فيها أولاً بما يدفع من المبردات المذكورة مخلوطة بالخل وماء الورد إلا أن يكون هناك وجع شديد وحينئذ فاجتنب الخلّ وينفع فيها استعمال دهن الورد مبرداً مقداراً صالحاً غير مفرط مضروباً بالخل الكثير أو القليل في الجبهة والرأس وماء عنب الثعلب والقرنفل والزعفران والصندل وشياف ماميثا والطين الأرمني والعدس المقشر ونحو ذلك ومياه قد طبخت فيها القوابض الباردة ومن الحارة القابضة القوية ما فيها تركيب أيضاً في مزاجها بالبرد كالأثل واجتنب الأدوية الشديدة البرد المتخذة من مثل الخشخاش والأفيون وغير ذلك إلا عند حاجة شديدة ووجع شديد والبابونج قد يكسر قوة المخدرات في الأنطلة والقيء مما لا ينتفع به في معالجات أمراض الرأس إلا أن يكون بمشاركة مادة في المعدة أصلح وجوه دفعها القيء قال جالينوس : ليس حال الصداع في شدة الحاجة إلى المخدرات حال القولنج فإن وجع القولنج قد يبلغ أن يقتل ولا كذلك الصداع في كثر الأمر فإن كانت المواد شديدة الحدة استعملت ماء الفواكه المذكورة ثم تشتغل بالمنضجات المذكورة للمواد الحادة ثم تستعمل ما فيه أدنى تحليل مثل مياه قد طبخ فيها الكشك وأصول الآس ومن الأدهاندهن البابونج الطري وحده أو مخلوطاً بدهن الورد بحسب حدة المرض وقوام المادة وقرب العهد من المبتدي وبعده ثم مياه قد طبخ فيها أصول الكِرَفس والرازيانج وبزورهما والنخالة والحلبة والخطمي وإكليل الملك والأقحوان الأبيض ومن الأدهان دهن الشبث ونحوه أيضاً حتى ينتهي فيحلل حينئذ .
وأيضاً ضمادات متخذة من هذه وأما الاستفراغات الواجبة فتتقدم بها بحسب المادة ويستعمل في تغذية صاحب الورم الصفراوي خاصة الأغذية الخفيفة الرطبة .
وأما الأورام الباردة فيبدأ فيها أولاً كما في غيرها بالاستفراغ ويستعمل فيها ما يقع فيه دهن الخروع ودهن اللوز المر والفيقرا ونحو ذلك من أصناف الأشربة المعروفة .


بمياه الأصول ويقتصر من الرادعات في ابتدائه على دهن الورد ويخلط بها الملطفات كالحاشا والفودنج والجندبيدستر خاصة ثم يستحمل العنصل وخلّه ضماداً أو غرغرةً إن أمكن ذلك وربما سقوا من الجندبيدستر ثلثي مثقال وخصوصاً لأصحاب ليثرغس ثم يستعمل المنضجات التي فيها إرخاء وقليل تحليل مما ذكرناه ثم بعد ذلك وعند الانتهاء فيستعمل في جميع الباردة والحارة المرخيات ويكون المستعمل في الباردة المرخيات التامة والمحللات القوية من المياه والضمادات والأدهان .
واعلم أن جميع من يشكو علة مادية في رأسه فإنه يتضرر بالخمر وبالإبطاء في الحمام وجميع من به مرض في حجب الدماغ فإنه يتضرر بالماء البارد جداً .
وأما معالجات سوء المزاج الحار وحده : فما فيه تبريد من البقول والأدهان الباردة المبردة كدهن الورد والخلاف والنيلوفر والبنفسج وخير ذلك كه دهن الورد ودهن حب القرع ودهن بزر الخس ودهن بزر الخشخاش وربما استعملوا دهن بزر البنج عند شدة الوجع وخير هذه الأدهان ما أصله زيت معتصر من زيتون إلى الفجاجة غير مملح وقد أكثر ورق ما يربى فيه وكان طرياً .
وأما البقول الباردة وما يجري مجراها فأنت تعرفها كلها وهي : مثل الخس والبقلة الحمقاء وجرادة القرع وما يشبه ذلك وأيضاً ورق الخلاف وورق النيلوفر وعنب الثعلب وعصا الراعي وحيّ العالم أو ماء الخيار والقرع وسويق الشعير مع الخلّ وماء الورد والكافور والصندل وأقاقيا واللخلخة بدهن الورد والخلّ ولا يتجاوز ذلك إلى ما فيه تخدير وإجماد للروح إلا لضرورة شديدة .


وقالوا : ولا يجب أن يكون الخلّ شديد الحدّة والخمرية فإن فيه ضرراً ومن ذلك لعاب بزر القطونا بالخل وماء الكزبرة وأوراقه ويجب أن يجنب هذه الأضمدة والأطلية مؤخّر الدماغ الذي هو منشأ العصب فإن هذه الأشياء إنما تنفع الدماغ من طريق الشأن الذي في اليافوخ والشأن الأكليلي وأما من طريق الخلف فلا يصل إلى صميم الدماغ وتفسد منابت الأعصاب . أيضاً مما يعالجون به أن يتشمّموا الروائح الباردة ويسعطوا بمثل هذه الأدهان والعصارات ويجعل الأغذية من العدس والمحّ أعني الماش والكشك والأسفاناخ والقطف والطفشيل وما أشبه ذلك ويفرش هذه البقول والأوراق في مسكنه حتى يكون في بيت بارد مفروشاً فيه الأغصان المبرّدة وقد أمر أن يكون فيها ماء الشاهسفرم فاغية الحنّاء وأظن إن الأصوب أن يكون القرب منه من الشاهسفرم مرشوشاً بالماء البارد وكذلك ينفعه تقريب الفواكه الباردة والجمد أو المياه الغزيرة فإن لم يجد مع الحرارة يبوسة بل رطوبة بلا مادة وهذا قليل جداً في أمراض الدماغ فاجعل الأطلية من مياه الفواكه التي فيها قبض كما ذكرنا ولا سيما في ابتداء الأورام الحارة وجميع هؤلاء يجب أن يمنعوا الحركات النفسانية الباطنة وترديد الحدقة في الملامح ويجنبوا النظر في التباريق والتراويق وكذلك يخفّف على أسماعهم .
وأما إن كان سوء المزاج بارداً فاستعمل الضمّادات والمياه المتخذة من الأدوية الحارة المذكورة والأدهان المذكورة خاصةً دهن السذاب المسخن وإن احتيج فيه إلى زيادة تقوية خلط به فربيون كذلك دهن الغار والمرزنجوش ونحوها وإن كان مع ذلك سوداوياً وكان سوداء طبيعياً أو بلغمياً فسخّنه مع ترطيب .
وأما إن كان إحتراقياً فاجتنب كل ما يجفّف أو يسخن واقتصر على المرطبات من الألبان والأدهان والنطولات والأضمدة والأغذية .
فإن كان مع البرد يبس جمعت أيضاً بين الترطيب والتسخين .


وإن كان مع البرد رطوبة استعملتَ المفرغات المذكورة والأدوية التي فيها نشف مع الحرارة مما ذكر لك في الجداول .
ويجب أن تعلم أن السيالات تستعمل على الرأس قطراً على ما ذكرنا وتستعمل حبساً في محبس من عجين أو صوف مبلول يكلّل به الرأس ويكون مصبّها مما يلي المقدم من اليافوخ وما كان منها ليّناً فيجب أن لا يترك عليه اللطخ منه بل يغسل ولا يحبس نفسه في المحبس الإكليلي مدّة كثيرة بل يجدد فإنه سريع التعفّن وأجود ذلك أن يستعمل بعد الحلق وكذلك جميع الضمّادات والمروخات وإذا غذوت أصحاب أمراض الرأس المادية فادلك الأطراف وجفف جانب الرأس وقوِّه بالرادعات ثم أغذه حسب ما ترى من كمية المادة وكيفيتها وقس على ذلك نظائره .
المقالة الثانية أوجاع الرأس
وهو أصناف :
الفصل الأوّل كلام كلي في الصداع


الصداع ألم في أعضاء الرأس وكل ألم فسببه تغيّر مزاج دفعة واختلافه أو تفرق اتصال أو اجتماعهما جميعاً وتغيّر المزاج هو أحد الستة عشر المعروفة وإن كان الرطب هو غير مؤثر ألماً إلا أن يكون مع مادة تتحرك فتفرق الاتصال وتفرُّق الاتصال معلوم وأصنافه بحسب أسبابه معلومة واجتماع سببي الألم معاً يكون في الأورام والأورام كما علمت معدودة الأصناف وأصنافها أربعة وجميع ذلك قد يكون في جوهر الدماغ نفسه وقد يكون في الحجاب المطيف به وقد يكون في الجانبين المطيفين به وقد يكون في العروق وقد يكون في الأغشية الخارجة عن القحف لما بينها من العلائق المعروفة في التشريح الموصوف وقد يكون السبب المؤذي لأي هذه الأعضاء كان ثابتاً في العضو نفسه وقد يكون بمشاركة غيره له : إما عضو يصل بينه وبين أعضاء الرأس واشجة العصب مثل المعدة والرحم والحجاب وأعضاء أخرى إن كانت أو عضو يصل بينه وبين الدماغ واشجة العروق من الأوردة والشرايين مثل القلب والكبد والطحال وإما عضو يجاوره مجاورة أخرى مثل الرئة الموضوعة تحته فيؤدي إليه آفته وإما عضو مشارك لعضو من جهة وللدماغ من جهة أخرى مثل مشاركته للكلية في أوجاعها .


وإما بمشاركة البدن كله كما يكون في الحمّيات وما كان بمشاركة فقد يكون بأدوار ونوائب بحسب أدوار ونوائب السبب الذي في العضو المشارك مثل ما يكون بمشاركة المعدة إذا كان لانصباب المواد المرارية أو غيرها إليها أدوار ومثل ما يكون مع أدوار تزيد أصناف الحميات والصداع فقد ينقسم من جهة أخرى فإن منه ما سببه صنف من الأسباب البادية مثل صداع الخمار ما دام صداع خمار ولم يرسخ لرسوخ سبب أريد من ذلك متولّد من ذلك ومثل صداع كل شيء حار نحو الثوم وغيره ومنه ما سببه سابق قد وصل فهو لابث فيلبث هو لأجله وربما كان عرضاً ثم صار مرضاً وإذا بقي مرضاً بعد الحميات الحارة أنذر بعلل دماغية ودلّ على عجز الطبيعة عن دفع المادة بالكمال برعاف أو غيره من العلل التي ينذر بها سبات وسكات وجنون أو استرخاء أو صمم بحسب جوهر المادة وبحسب حركاتها .
والصداع قد ينقسم من جهة مواضعه فإنه ربما كان في أحد شقي الرأس وما كان من ذلك معتاداً لازماً فإنه يسقى شقيقة وربما كان في مقدّم الرأس وربما كان في مؤخر الرأس وربما كان محيطاً بالرأس كله وما كان من ذلك معتاداً لازماً فإنما يسمّى : بية وخوذة تشبيهاً ببيضة السلاح التي تشتمل على الرأس كله .
والصداع قد يختلف أيضاً بالشدة والتوسّط والضعف فمن الصداع ما هو شديد جداً حتى إنه إذا صادف يافوخ صبي لين العظام مرقه وصدع درزه ومنه ما هو ضعيف مثل أكثر ما يكون في ليثرغس ومن الضعيف ما هو لازم ومنه ما هو غير لازم وربما كان الصداع الذي سببه ضعيف يعرض لبعض دون بعض فيعرض لمن حسّ دماغه قوي ولا يعرض لمن حس دماغه ضعيف وبالجملة فإن من هو قوي حسّ الدماغ ممنوّ بالتصدع من كل سبب مصدع وإن وبالجملة فإن الدماغ يكون سريع القبول للمصدعات : إما لضعفه : وقد عرف في الكليات أن الضعف تابع لسوء مزاج .


وإما لقوة حسه فيتأذى عن كل سبب وإن خفّ وأيضاً فإن من الصداع ما لا أعراض له ومنه ما يؤدي إلى أعراض تختفي بنواحي الرأس : مثل أن يحدث أعني الصداع لشدة الوجع أوراماً في نواحي الرأس ومنه ما يؤدي إلى أعراض تتعدى إلى أعضاء أخرى مثل أن يتأدى أفاه وأضراره أو إيلامه إلى أصول الأعصاب فيحدث التشنّج أو يتعدّى شيء من ذلك إلى المعدة فيحدث سقوط الشهوة والفواق والغثيان وضعف الهضم ونحو ذلك .
واعلم أن الصداع المزمن إما أن يكون لبلغم أو لسوداء أو ضعف رأس أو ورم صلب مبتدا أو حار قد صلب وهو الكثير والصادع وجميع الأمراض قد تختلف فربما كان المرض مسلماً والمسلم هو الذي لا مانع من تدبيره بما يجب له في نفسه ومنه ما ليس بمسلم بل هو ذو قرينة وربما منعت عن تدبيره بالواجب مثل أن يكون صداع ونزلة فتعارض النزلة الصداع في واجبه من التدبير .
والصداع أيضاً قد ينقسم باعتبار آخر فإن من الصداع ما يعرض .
أحياناً للصحيح لا قلبة به ومنه ما إنما قد يعرض لذي أورام وأوصاب ومن الأبدان أبدان مستعدة للصداع وهي : الأبدان الضعيفة الرؤوس الضعيفة الأعضاء الهاضمة فتتولّد فيها بخارات وتنصب إلى معدهم أخلاط مرارية فتصدع .
وأيضاً فإن من التناولات أشياء مصدّعة قد ذكرت في جداول الأدوية المفردة وجميع الأفاويه مصدّعة خصوصاً السليخة والقسط الزعفران والدارصيني والحماما .
وجميع المبخرات مصدّعة حارة كانت أو باردة لكنها إذا تعاقبت تدافعت أعني إذا كان قد تقدّم ما آذى بحرارة بخاره وعقبه ما يبخر بخاراً بارداً أو بالعكس .
وأما إذا كان الأذى ليس بالكيفية وحدها بل وبالكميّة فلا ينفع تعاقبها بل يضر وقد يكثر الصداع البارد للاحتقان في الشتاء وإذا كان الصيف شمالياً قليل المطر وكان الخريف جنوبياً مطيراً كثر الصداع في الشتاء وكثيراً ما يكون الصداع بسبب تأدية الريان البخارات الخبيثة إلى الرأس . فصل في تفصيل أصناف الصداع الكائن من سوء المزاج :


فلنأت بكلام يفصل كل واحد من هذه الجمل وهذا هو التفصيل الأول فنقول : أما الجملة المزاجية فإن المزاج الحار والمزاج البارد والمزاج اليابس والرطب قد يحدث عنها الآلام على نحو ما علمنا في الأصول الكلية وإن كان الحال في المزاج اليابس ما علمت من أنه قليل التأثير للألم والمزاج الرطب بما هو رطب فليس يؤلم إلا أن يكون هناك مادة رطبة مؤلمة من جهة تبخير أو إحداث ريح يفعل تفرّق الاتصال والحار اليابس والبارد اليابس يؤلمان بالكيفيتين وأما الحار الرطب والبارد الرطب فلا يؤلمان إلا من حيث هما حار وبارد لا من حيث هما رطبان إلا على الجهة المذكورة .
والمزاج الحار إما أن يكون سببه مادة حارة دموية أو صفراوية أو مركبة محتدّة ملتهبة تفعل بكيفيتها التأثير وإما أن يكون سببه ريحاً وبخاراً حاراً وإما أن يكون سببه حركة مسخّنة بدنية أو نفسانية على ما علمت من أقسامها في الأصول الكلّية أو يكون سببه مثل ملاقاة نار .
أو إحراق شمس أو تناول غذاء أو دواء مسخّن أو مجاورة أعضاء قد سخنت ومشاركتها وأسباب المزاج البارد المصدع مقابلات هذه مما إليك عدة .
وأسباب اليابس إما مجفّفات منا خارج بالتحليل والإحراق وكالسمائم والأضمدة الحارة أو مجمّدات طبيعية أو عارضة بغتة وغير بغتة تمنع الغذاء من أن ينفذ إلى الرأس فتجف أعضاؤه لانقطاع الشرب وتحلل الرطوبة الأصلية أو مجفّفات من داخل بتحليلها أو باستفراغها أو بأن قوّتها مجفّفة أو أن الغذاء الكائن منها يابس أو قليل الرطوبة ومجاورة أعضاء قد يبست ومشاركتها والحركات النفسانية والبدنية المفرطة مجفّفات بطريق الاستفراغ والتحليل .
وكذلك الجماع والإدرار والنزف والرياضة القوية .


والاستفراغات منها إستفراغات في أعضاء غير أعضاء الرأس يشاركها الرأس مثل الاستفراغات الكلية من البدن كله أو الاستفراغات الجزئية من عضو دون عضو ومنها إستفراغات في أعضاء الرأس مثل الزكام والنزلة والرعاف وأصناف التحلب المكتسب بالسعوطات والعطِوسات والغراغر ومن أسباب اليبوسة انقطاع مواد الرطوبة وإن لم يكن باستفراغ مثل الصيام وترك الطعام أو فقدانه .
فصل في تفصيل أصناف الصداع الكائن بسبب تفرّق الاتصال
تفرّق الاتصال قد يعرض في حجب الدماغ وقد يعرض في جوهره وقد يعرض في العروق فتفتق وربما كان كما تعلم من حركة البخارات والرياح ابتداء أو لسدّة وربما كان لخلط أكّال وربما كان من ضربة أو سقطة أو قطع من خارج والذي يكون من داخل فربما لم يلتحم وبقي قرحة تؤذي الرأس وتديم التصديع والضربة والسقطة ربما كانت خفيفة المؤنة فتعالج وربما بلغت أن يتقلقل لها الدماغ ويهلك وقد ذكر بعض أطباء الهند أنه ربما كان السبب في الصداع دوداً يتولد في نواحي الرأس فتؤذي بحركتها وتمزيقها وأكلها وقد استبعد هذا قوم وليس بالواجب أن يستبعد فإن الدود كثيراً ما يتولد فيما بين مقدم الرأس وأعلى الخياشيم فيجوز أن يتولد عن الحجب وإن كان الندرة .
فصل في تفصيل أصناف الصداع الكائن عن الأورام
الورم الذي يحدث عنه الصداع ربما كان في حجب الدماغ وربما كان حاراً ويسمى : سرساماً حاراً وربما كان بارداً ويسمى : ليثرغس أي النسيان وربما كان مركباً ويسمى حال صاحبه السبات السهري وربما كان صلباً وقد يكون في نفس الدماغ وجوهره فيكون إما حاراً فلغمونياً أو حمرة وإما بارداً وتفصيل جميع ذلك مما يأتيك عن قريب وهذه كثيراً ما تنحل بأن يخرج من الرأس في الأذن وغيره قيح أو صديد أو مادة مائية .
فصل في كيفية عروض الصداع من المواد
نقول : إن المواد تكون سبباً للصداع إما بالذات وإما بالعرض والذي بالذات فبأن تغير المزاج بالذات أو تفرق الاتصال بالذات .


وإنما تغتر المزاج بالذات على وجهين إما بالمجاورة وإما بالتحليف .
أما الذي بالمجاورة فبأن يكون الخلط مخالطاً حاراً أو بارداً فيسخن أو يبرد تسخيناً أو تبريداً إذا فارق الخلط مما خالطه ففنى وتلاشى ولم يلبث لبثاً يعتد به .
وأما الذي بالتحليف فأن يكون الخلط قد أرسخ الأثر وثبته فلو فارق باستفراغ وتحلّل بقيت الكيفية راسخة .
وأما كونها سبباً للصداع بالذات على سبيل تفرّق الاتصال فذلك بحركتها ونفوذها أو بلذعها وتأكّلها وأكثر ما يصدع بالتحريك أن يهيّج رياحاً وأكثر ما يفعل ذلك مواد باردة ضربتها حرارة طارئة أو أغذية ريحية مخالطة لحرارة وأما اللذّاعة الأكّالة فهي الأخلاط الحارة وأما الصداع الكائن عنها بالعرض فإذا حدثت سدة ورمية أو غير ورمية والسدة يتبعها تغيّر المزاج كما علمت ويتبعها تفرّق الاتصال وذلك لأن الموادّ التي تحركها الطبيعة في البدن إما على سبيل نفض أو على سبيل تمييزه وقسمته غذاء فإنما تحركه في منافذ طبيعية إذا سدت منعت وإذا منعت قاومت .
والمقاومة توجب التمديد والتمديد يوجب تفرق الاتصال والسدد قد تعرض في جوهر الدماغ وقد تحدث في الأوردة التي فيه وقد تحدث في شرايينه وقد تحدث في ذينك من حجبه والسدة تعرض عن الأخلاط إما للزوجتها وإما لغلظها وإما لكثرتها واللزوجة لا قصاب إلا في البلغم والغلظ يصاب في البلغم والسوداء والبلغم يسد باللزوجة وبالغلظ وبالكثرة والسوداء بالغلظ أو الكثرة والصفراء تسد بالكثرة وكذلك الدم والصداع البحراني يكون من قبيل الصداع الذي سببه تحريك طبيعي على سبيل النفض والصداع الذي يكون بعقب انهضام الطعام يكون من قبيل الصداع الذي سببه تحريك طبيعي على سبيل التمييز .


وأما حصول المادة المؤذية في العضو فيجب أن نذكره من الأصول الكلية بعد أن تعلم أنها إما أن تكون متقادمة الحصول والاحتباس وإما أن تكون غذائية أي تولدت في الوقت عن الغذاء تولد كيموس رديء في جوهره وكيفيته لفساد في نفس الغذاء أو ترتيبه أو قدره أو هضمه أو سائر وجوه فساده المذكورة في بابه ومن هذا القبيل صداع أكل الثوم والبصل والخردل وصداع الخمار وصداع من تناول الباردات وحركات المواد في الأعضاء يجب أن تتذكّرها من الأصول الكلية والريح من جملة المواد المصدعة ويصدع بالتحديد وذلك إذا ضاق عليه منفذ طبيعي قد خلق أضيق مما ينبغي له في وقته أو طلب أن يحدث منفذاً غير طبيعي .
والبخار أيضاً من جملة ذلك ويفعل إما بكيفيته وإما لمزاحمة الأخلاط في الأمكنة فتحركها والرياح والبخارات قد تتولد في البدن وفي الدماغ نفسه وقد تستنشق من خارج أو تأتي من جهة المسام ثم تحتقن في الدماغ فيصدع .
ومن هذا القبيل صداع النتن وصداع الطيب .
واعلم أن الرياح البلغمية والبخارات البلغمية ثقيلة بطيئة الحركة محتبسة والسوداوية موحشة ثابتة أقل كماً أو أردأ كيفاً والأخلاط الحادة لا تهيج رياحاً بل أبخرة والأبخرة الدموية عذبة أقل من الأبخرة ضرراً بل أكثرها بكميتها والصفراوية حادة ملتهبة فاعلم جميع ما قلناه .
فصل في أصناف الصُداع الكائن بالمشاركة
الصداع الكائن بالمشاركة منه ما هو بمشاركة مطلقة ومنه ما هو بمشاركة غير مطلقة والمشاركة المطلقة هو أن لا يتأدي إلى ناحية الدماغ من العضو المشارك شيء جسماني البتة إلا نفس الأذى وأما المشاركة الغير المطلقة فأن يتأدى إلى جوهر الدماغ من ذلك العضو مادة ومن القسم الأول : أصناف الصداع الكائن في التشنج والكزاز والتمدد ورياح الأفرسة وأوجاع المفاصل ومثل ما يكون في النقرس وعرق النسا القويين .


وربما كان المتأدي من الكيفيات المشاركة كيفية ساذجة من اليكفيات الطبيعية أو كيفية غريبة رديئة لا تنسب إلى حر أو برد مثل الكيفيات السمية فربما يكون في بعض الأعضاء خلط سمي رديء الجوهر فتتأذى كيفيته وربما كان المتأدي من المواد مواد غير غريبة في طبائعها وإنما أدت باشتداد كيفياتها أو تزايد كمياتها وربما كان المتأدي مادة غريبة تولدت في بعض الأعضاء تولداً غريباً فاسداً كما يكون في احتقان الرحم أو يكون لمن طال عهده بالجماع أو حدث في مرات خلط رديء وفي شيء من أطرافه وربما صارت الكيفية المؤذية المتأدية سبباً لحصول مادة مؤذية أيضاً وذلك على وجهين .
أحدهما : أن تفسد تلك الكيفية ما تجده في نواحي الدماغ من المواد الجيدة أو ما يتأدى إليها من الغذاء الجيد .
والثاني : أن يجعل الدماغ قابلاً للمواد الرديئة وهذا القبول على وجهين أحدهما قبول عن جذب منه مثل أن يسخن منه الدماغ فيجذب إليه بالسخونة المواد .
والثاني : قبول عن ضعف مقاومة قد علمت في الأصول أن العضو إذا ضعف قبل ما يصير إليه من المواد .
والمشاركة التي تكون مع البدن كله فإما لمادة فاشية في البدن كله والصداع البحراني من قبيله وإما لكيفية فاشية في البدن كله كما تكون في الحميات .
وإذا اشتد الصداع في الحتيات الحادة كان اشتداده علامة رديئة بل قاتلة إذا قارنه سائر العلامات الرديئة فإن انفرد دل على بحران برعاف .
وربما محلى على بحران بقيء .


والأعضاء المشاركة للرأس أولها وأولاها المعدة فإنه قد يفضل في المعدة أخلاط أو يتولد فيها أو ينصت إليها مرار على أدوار وغير أدوار وتكون حلقة المرار بحيث ينصب المرار من وعائها الغليظ دون الرقيق إلى المعدة على ما شرحناه في بابه أو يحتبس فيها رياح أو يتصعد منها أبخرة فيكون منه صداع والخمار يصدع ويسرع إليه البرد لتخلخل أطرافه والرحم مما يشاركه الدماغ مشاركة قوية والمراق أيضاً والكبد أيضاً والطحال والحجاب والكلية والأطراف كلها وناحية الظهر وأول ما يشارك الدماغ ما يطيف به من الغشاء المجلل للقحف وكثيراً ما يكون صدع المشاركة عند انتقال المادة من أورام الأعضاء الباطنة المشاركة إذا تحركت إلى فوق .
فصل كلام كلي في العلامات الدالة على أصناف الصداع وأقسامه
أما الصداع الكائن عن الأسباب الكائنة من خارج مثل ضربة أو سقطة وملاقاة أشياء حارة أو باردة أو سمائم مجففة أو رياح ذفرة طيبة أو منتنة أو احتقان ريح في الأنف والأذن فالاستدلال عليها من وجودها فإن غفل عنها رجع إلى آثارها فاشتغل بالاستدلال منها على نحو ما نبين .
والذي يكون عن ضعف الدماغ فيدل عليه هيجانه مع أدنى سبب ومع كدورة الحواس ووجود الآفة في الأفعال الدماغية والذي يكون عن قوة حس الدماغ فيدل عليه سرعة الانفعال أيضاً عن أدنى سب محسوس في الدماغ عن الأصوات والمشمومات وغيرها لكن الحس يكون ذكياً والمجِاري نقية وأفعال الدماغ غير مؤفة .


وأما الكائن عن الأسباب المادية كلها فيشترك في الثقل الموجوَد ورطوبة المنخر وإذا كانت المادة حادة وكان مع النقل حمرة وحرارة وخصوصاً فيما هو من المواد أغلظ وربما صحبها ضربان وأما رطوبة المنخر فقد ثقل إذا كانت المواد غليظة ولا يكون يبس الخياشيم في مثلى ذلك الصداع دليلاً عدم المواد إذا صحبة ثقل والصفراوي يختصَ باللذع والحرقة الشديدة النخس ويكون ذلك فيه أشد مما في غيره مع يبس الخياشيم والعطش والسهر وصفرة اللون ويكون الثقل فيه أقلّ والبارد قد يدل عليه : البول والأزمان واللون وإن كان ذلك الامتلاء عن تخمة دل عليه ذهاب الشهوة والكسل والمواد الرطبة باردة كانت أو حارة فقد يدل عليها السبات والبلغمي والسوداوي لا يؤلمان جداً والمواد اليابسة يقلّ معها الثقل ويكثر السهر والباردة تخلو عن الالتهاب ويكثر معها الفكر الفاسد وتكمّد اللون وقد يستدل على كل خلط بلون الوجه والعين .
وربما اختلف ذلك في القليل والسبب في ذلك إما اندفاع من الخلط الملتهب إلى العمق أو احتقان فيه وإما انجذاب من مواد حارة غير المواد الموجعة الباردة إلى ناحية العينين والوجه بسبب الوجع .
فإن الوجع إذا حل في عضو جذب إليه وإلى ما يجاوره وأكثر ما ينجذب في مثل هذه الحال إلى العضو هو الدم وقد ينجذب غيره أحياناً وأما الكائن عن الرياح فيقل معه الثقل ويكثر معه التمدّد وربما كان معه نخس وربما كان كالتآكل .
ولا يكون في الريحي ثقل وقد يدل على الريحي والبخاري الدويّ والطنين وربما ردت معه الأوداج كثيراً وقد يكثر معه الانتقال أعني انتقال الوجع من موضع إلى موضع .


وإذا كثر البخار اشتدّ ضربان الشرايين وخيل تخييلات فاسدة وصحبه سدر ودوار وأما الكائن عن أمزجة ساذجة فعلاماته الإحساس بتلك الأمزجة مع عدم ثقل ومع يبس الخياشيم فإن يبس الخياشيم دليل مناسب لهذا وأما الحارة فيحس العليل نفسه ويحس لامس رأسه حرارة والتهاباً ويكون هناك حمرة عين وينتفع بالمبردات والبرد وأما البارد فيكون الأمر فيها بالضد ولا يكون في وجههم نحافة الهزال ولا حمرة اللون ولا يكون الوجع مفرطاً وإن كان وأما اليابسة فيدل عليها تقدّم إستفراغات أو رياضات أو شهر كثير أو جماع كثير أو غموم ويكون من شأنها أن تزداد مع تكرّر شيء من هذه .
وأما الكائنة بالمشاركة فأن تحدث وتبطل وتشتد وتضعف بحسب ما .
يحدث بالعضو المشارك من الألم أو يبطل ويشتد ويضعف وإن لم يكن بمشاركة كان في سائر أفعال الدماغ كظلمة في العين وسبات وثقل دائم مع صلاح حال سائر الأعضاء وإذا كانت الآفة في نفس حجب الدماغ وكانت قوية دل على ذلك تأدي الألم إلى أصول العينين وإن كانت الآفة في الغشاء الخارج أو في موضع آخر لم يتأد الألم إلى أصول العينين وأوجع مس جلدة الرأس والكائن بمشاركة المعدة فيدل عليه وجود كرب وغثي أو قلة شهوة أو بطلانها أو رداءة هضم أو قلته أو بطلانه بعد وجود الدليل السابق وإذَا كان بسبب انصباب مرار إليها اشتد على الخواء وعلى النوم ريقاً .
وربما كان الصداع بسبب في الدماغ فأوجب في المعدة هذه الأحوال والآفات على سبيل مشاركة من المعدة للدماغ لا على سبيل ابتداء من المعدة ومشاركة من الدماغ فيجب أن تثبّت في مثل هذا وتتعرف حال كل واحد من العضوين في نفسه فتحدس السابق من المسبوق ومما يدلّ على ذلك في المعدة خاصة اختلاف الحال في الهضم وغير الهضم واختلاف الحال في الخواء والامتلاء .
فمان ألم المعدة إن كان من صفراء هاج على الخواء وإن كان من خلط بارد كان في الخواء أقل ويسكّنه الجوع .


وربما هيّج الجوع منه بخاراً فآذى لكنه مع ذلك لا يسكّنه الأكل تمام التسكين في أكثر الأمر وربما سكّنه في الندرة لكن الالتهاب والحرقة والجشاء يفرق بينهما وأنت ستعرف دلائل الجشاء في موضعه وكذلك يفرق بينهما سائر العلامات التي تذكر في باب المعدة وقد يدل على ذلك ما يخرج بالقيء ويدلّ عليه اختلاف الحال في الصداع بحسب اختلاف حال ما يرد على المعدة وكثير من الناس ينصبّ إلى معدتهم مرار بأدوار فإذا هاج الصداع وأكلوا شيئاً سكن فيكون ذلك دليلاً على أنه بمشاركة المعدة وكذلك يسكن أن قذفوا مراراً .
ويدل ذلك الدليل وقد يستدلّ عليه من جهة الألم فإن الذي بمشاركة المعدة أكثره يبتدئ في الجزء المقدم من اليافوخ وربما كان مائلاً إلى وسط اليافوخ ثم قد ينزل والذي يكون من الكبد يكون مائلاً إلى الجانب الأيمن والذي يكون من الطحال يكون مائلاً إلى الجانب الأيسر والذي يكون بسبب المراق يكون مائلاً إلى قدام جداً والذي يكون بسبب الرحم يكون في حاق اليافوخ ويكون أكثره بعد ولادة أو إسقاط أو احتباس طمث أو قلّته .
وأما علامة ما يدعى من صداع يتولّد من دود قال الهندي : وعلامة الصداع الكائن من الدود أن يكون أكّال شديد ونتن رائحة واشتداد الصداع مع الحركة وسكونه مع السكون والذي يكون من الكلية وأعضاء الصلب فيكون مائلاً إلى خلف جداً والذي يكون بمشاركة الأوجاع الحادثة في أعضاء أخرى فيكون مع هيجانها واشتدادها والذي يكون مع الحميات والبحرانات فيكون معها ويسكن ويضعف بسكونها وضعفها وقد يدلّ عليها ابيضاض البول مع شدة الحمى لميل الأخلاط المرارية إلى فوق وكثيراً ما تكون الأشياء الملطّفة سبباً للصداع بما يفتح من طريق الأبخرة إلى الدماغ وإن كانت غير حارة مثل السكنجبين .


وكذلك حال الشقيقة والتدبير اللطيف ضار لمن صداعه يوجب العلاج بالتدبير الغليظ بسبب المرار وربما زاد الصداع في نفسه لشدة وجعه فتجلب شدّة وجعه مزيداً فيه فاعلم هذه الجمل


القانون
القانون
( 26 من 70 )

فصل في العلامات المنذرة بالصداع في الأمراض
البول الشبيه بأبوال الحمير يحلّ على أن الصداع كان فانحل أو هو كائن ثابت أو سيكون وكذلك ابيضاض البول ورقته في الحميّات وأوقات البحران يدل على انتقال المواد إلى الرأس وذلك مما يصدع لا محالة .
فصل في تدبير كلي للصداع
تعلم أن الصداع إسوة بغيره من العلل في وجوب قطع سببه ومقابلته بالضدّ .
وبعد ذلك فإن من الأمور النافعة في إزالة الصداع قلة الأكل والشرب وخصوصاً من الشراب وكثرة النوم على أن الإفراط في قلّة الأكل ضار في الصداع الحار . مضرّة الزيادة فيه في الصداع المزمن ولا شيء للصداع كالتوديع وترك كل ما يحرّك من الجماع ومن الفكر وغير ذلك .
ويجب أن يجتهد في علاج الماديات منه في جذب المواد إلى أسفل ولو بالحقن الحارة ويجب أن تقوى حتى يمكنها أن تستفرغ من نواحي الكبد والمعدة ومن الأشياء القوية في جنب مادة الصداع إلى أسفل والتسليم من الصداع دلك الرجلين فإن كثيراً ما ينام عليه المصدوع وقد يلحّ على الرجل في ذلك إلى أن ينحلّ الصداع .
وإذا أردت أن تستعمل أطلية وضمّادات وكانت العلة قوية مزمنة حارة كانت أو باردة فيجب أن يحلق الرأس وذلك أعون على نفوذ قوة الدواء فيه ومما يعين عليه تكليل اليافوخ إما بعجين أو بصوف ليحبس ما يصبّ عليه من الأشياء الرقيقة عن السيلان فيستوفي الدماغ منه الانتشاق ولا يسلب قوتها الهواء بسرعة .
قال فيلغريوس : إن فصد العرق من الجبهة وإلزام الرأس المحاجم إلى أسفل ودلك الأطراف ووضعها في الماء الحار والتمشّي القليل وترك الأغذية النافخة والمبخرة البطيئة الهضم نافعة جداً لمن يؤثر أن يزول صداعه ولا يعاوده .
أقول : وربما صببنا الماء الحار على أطراف المصدوع ونديم ذلك فيحس بأن الصداع ينزل من رأسه إلى أطرافه نزولاً ينحلّ معه .


واعلم أن الأغذية الحامضة لا تلائم المصدوعين إلا ما كان من الصداع بمشاركة المعدة وكان ذلك الغذاء من جنس ما يدبغ فم المعدة ويقويه ويمنع انصباب المرار إليه وإذا صحب الصداع المزمن من الآلام مؤذ فانح في تدبيرك نحوه فإنه ربما كان ذلك العارض سبباً للزيادة في الأصل الذي عرض له العارض مثل السهر فإنه إذا عرض بسبب الصداع ثم اشتدّ كان من أسباب زيادة الصداع فيحتاج أن ننطله مثلاً يحتاج فيما مثلنا به أن يستعمل مثل دهن القرع ودهن الخلاف ودهن النيلوفر ومثل الألبان معطرة بالكافور وغيره .
وربما احتجت في مثالنا إلى أن يخدر قليلاً وينوّم .
وكل صداع صحبته نزلة فلا تمل إلى تبريد الرأس وترطيبه بالأدهان ونحوها بل أفزع إلى الاستفراغ وشدّ الأطراف ودلكها ووضعها في ماء حار وإذا أردت أن تجعل على الرأس ما ينفذ قوته إلى باطن الرأس فلا حاجة بك - كما علمت - إلى غير ناحية مقدّم الدماغ حيث الدرز الإكليلي وغير اليافوخ فعندهما يتوقع نفوذ ما ينفذ وأما مؤخّر الدماغ فإن العظم الذي يحيط به أصل من ذلك فلا ينفذ ما يحتاج إلى نفوذه إلى الدماغ فإن شدد في ذلك لم ينتفع به منفعة تزيد على المنتفع بها لو اقتصر على ناحية المقدم وحاق اليافوخ .
ومع ذلك فإن كان الدواء مبرّداً ضرّ مبادي العصب وأصل النخاع ضرراً عنه غني .
والصداع الضرباني قد يصحب الحار والبارد من الأورام وهو الذي كأنه ينبض فإن كان السبب حاراً فاستعمل المبرّدات التي فيها لين واستعمل أيضاً حجامة النقرة وإرسال العلق على الصدغين وربط الأطراف .


وإن كان بارد أفل إلى ما يفش واخلط معه أيضاً ما فيه تقوية وبرد ماء مثل أن يخلط بدهن الورد سذاباً أو نعناعاً وإذا اشتد مثل هذا الصداع حتى يبلغ بالصبيان إلى أن تنفتق دروزهم فقد حمد في علاجهم العروق المسحوقة ناعماً المخلوطة بدهن الورد والخل طلاء بعد أن يغسل الرأس بماء وملح وإذا استعملت السعوطات المحللة القوية فتمزج في استعمالها على ما قيل في القانون وعليك أن لا تميل نحو المخدرات ما أمكنك ولكنا سنذكر منها وجوهاً في باب مسكّنات الصداع بالتخدير .
واعلم أن القيء ليس من معالجات الصداع وهو شديد الضرر بصاحب الصداع إلا أن يكون بسبب المعدة وبمشاركتها فينتفع بالقيء .
والصداع الذي يكون في مؤخر الرأس فإنه إن لم يكن حمى كان علاجه بالاستفراغ بالمطبوخ أولاً بقدر القوة ثم الفصد .
ومن وجد صداعاً ينتقل في رأسه ويسكنه البرد فلعل الفصد لا بد منه أو الحجامة لئلا تجذب مداومة الوجع فضولاً إلى الرأس .
فصل في علاج الصداع الحار بغير مادة
مثل الاحتراق في الشمس وغيره وبمادة صفراوية أو دموية : الغرض في علاج هذا الصداع التبريد .
والمتبدئ منه لا أنفع فيه من دهن الورد الخالص المبرد يصب على الرأس صباً وأفضل ذلك أن يحوّط حول اليافوخ الحائط المذكور ولا يجب كما علمت أن يستقل بمؤخر الدماغ .
وإن لم ينفع دهن الورد وحده خلطت به عصارات البقول وأصناف النبات الباردة ومما يكاد أن لا يكون أنفع منه أن يسعط العليل باللبن ودهن البنفسج أو دهن الورد مبردين على الثلج ويصلح أن يخلط دهن الورد بالخل فإن الخل لا يعين على التنفيذ على الشرط المذكور في القانون .
وربما نفع سقي الخل الممزوج بماء كثير منفعة شديدة .


وأما الكائن من هذه
الجملة عن إحراق الشمس فإن علاجه هذا العلاج أيضاً مع زيادة احتياط في تعديل الهواء وتبريده والإيواء إلى المساكن الباردة واستعمال الأضمدة والنطولات والمروخات من الأدهان كلها باردة بالطبع مبردة بالثلج وكذلك النشوقات والنطولات والشمومات .
وقد عرفت ذلك ويجب أن تجتنب في ذلك وغيره كل ما يحرك بعنف من صياح وإكثار فكر وجماع وجوع .
والذي من إحراق الشمس فإنه إذا تلون في ابتدائه سهل تغييره وإذا أهمل فلا يبعد أن يتعذر علاجه أو يتعسر أو يصير له فضل شأن .
وكثيراً ما يعرض من الشمس صداع ليس من حيث يسخن فقط بل من حيث يثير أبخرة ويحرك أخلاطاً ساكنة .
فمثل هذا لا يستغنى معه عن استفراغات على الوجوه المذكورة وربما احتيج أيضاً فيما لم يثر أبخرة ولم يحرك أخلاطاً إلى الاستفراغ وذلك عندما يحدث بامتلاء يُخْشى .
وانجذاب المادة فيه إلى الموضع الألِم على ما علمته من الأصول فهناك إن أغفل أمر استفراغ الخلط الغالب لم يؤمن استعجال الآفة وإذا التهب الرأس جداً في أنواع الصداع الحار وسخن جداً مجاوز للحد أخذ سويق الشعير وبزر قطونا وعجنا بماء عصا الراعي وبرد وضُمد به الرأس .
وأما الكائن عن مادة حارة دموية فيجب أن يبادر فيها إلى الفصد وإخراج الدم بحسب الحاجة واحتمال القوة وإن لم يكف الفصد من عروق الساعد ولم يبلغ به المراد وبقي الوجع بحاله وعرّت العروق على جملتها ورأيت في الرأس والوجه والعين امتلاء واضحاً فيجب أن تقصد فصد العروق التي يستفرغ فصدها من نفس الدماغ كفصد العروق التي في الأنف من كل جانب وفصد العروق التي في الجبهة فإنه عرق يستأصل فصده كثيراً من آلام الرأس .
ويجب أن يراعى في ذلك جهة الوجع فإن كان من الجانب المؤخَّر فصد العروق التي تلي جهة القدام وإن كان في جانب آخر فصد العرق الذي يقابله في الجهة وإذا أعوز في الجهة المقابلة عرق اعتمدت الحجامة بدل الفصد .


وقد قال الحكيم أركيغايس : إن ذلك إن لم يغن فالواجب أن يحجم على الكاهل ويسرح منه دم كثير ويمسح موضع الحجامة بملح مسحوق ويلزم الموضع صوفاً مغموساً في زيت ثم يوضع عليه من الغد دواء خراجي وليس ذلك في هذا بعينه بل في جميع أنواع الصداع المزمن من مادة خبيثة أية مادة كانت .
وقد ينتفع كثيراً في هذا النوع من الصداع وما يجري مجراه بفصد الصافن وحجامة الساق فهذا تدبيرهم من جهة الفصد .
وإذا أحس أن هناك شوباً من مادة صفراوية فلا بأس باستفراغها بما يلين الطبيعة ويزلق المادة مما يذكر في باب الصداع الصفراوي ويجب أن يدام تليين الطبيعة بالجملة بمثل المرقة النيشوقية والإجاصية ومرقة العدس والمج أعني الماش دون جرمهما وأن يغذي المشتكي بأغذية مبرّدة تولّد دماً بارداً إلى اليبس والغلظ ما هو يميل إلى القبض مثل السماقية والرمانية والعدسيّة بالخل والطِفشيل إلا أن يتوقى يبس الطبيعة وأنت في معالجة أمراض الرأس كثير الحاجة إلى اللين من الطبع وفي مثل هذه الحالة ذلك أن تعدل هذه القوابض بالترنجبين والشرخشك وجميع ما يحلي مع تليين ويجب أن تكون هذه الأغذية حسنة الكيموس ويقلل من مقدارها ولا يتملأ منها .
وإذا استعملت النطولات والمروخات استعملت منها ما فيه تبريد وليس فيه ترطيب شديد بل فيه ردع ما وقبض ما مثل ماء الرمان والعصارات الباردة القابضة من الفواكه والأوراق والأصول ولعاب بزر قطونا بالخل وماء عصا الراعي .
وأما علاج الكائن من مادة صفراوية فإن رأيت معه أدنى حركة للدم فالعلاج هو أن يستفرغ الدم قليلاً وإلا جعلت الابتداء من الاستفراغ بمثل الهليلج إن لم يكن حمى وإلا فبالمزلقة والتي ليس فيها خشونة وعصر شديد مثل الشرخشك وشراب الفواكه ومياه واللبلاب وقد يستفرغ بالشاهترج أيضاً والحقن الليّنة .


وإن كانت المواد الصفراوية غليظة أو كانت متشرّبة في طبقات المعدة لا تنقذف بالقيء ولا تنزلق بالمسهّلات المزلقة احتجت أن تستفرغ بأيارج فيقرا مع سقمونيا على النسخ المذكورة أو تزيدها وتحملها على المزلقات أو تستفرغ بطبيخ الهليلج على ما تراه في القراباذين ثم تبدل المزاج بما فيه تبريد وترطيب .
أما من البدن فبالأغذية والأشربة وأما من الرأس - إن كان السبب فيه وحده - فبالمعالجات المذكورة في القانون وبكل ما يعالج به سوء المزاج الحار اليابس وبحسب الأسباب العامية للحرّ والعامية لليبس .
ومن اللطوخات النافعة من الصداع الحار أقراص الزعفران وينفع من السهر أيضاً .
ونسخته يؤخذ من الزعفران سبعة مثاقيل ومن المر مثقالان ومن عصارة الحصرم والقلقديس والصمغ من كل واحد مثقال ونصف ومن الشبّ اليماني ثمانية مثاقيل ومن القلقطار خمسة مثاقيل تدق هذه الأدوية دقاً ناعماً وتُعجن بشراب عفص وتقرّص وإذا احتيج إليها ديف الواحد منها بخل ممزوج بماء الورد ويطلى على الصدغين .
والصداع الحار في الحميات يكره استعمال الأدوية العاطفة للأبخرة عليه ويعافيه كثرة استنشاق الخل وماء الورد .
فصل في علاج الصداع البارد بغير مادة
أو بمادة بلغمية أو سوداوية : ينفع من ذلك التكميد بما هو مسخن بِالفعل من الخرق المسخنة ومن الجاورس المسخن والملح المسخّن .
والجاورس ألطف وأعدل وقد ينفع جماعتهم وخصوصاً المصرودين منهم إذا كانت أبدانهم نقية ولم يخش منهم حركة الأخلاط أن يحسروا عن رؤوسهم في الشمس مقيمين في شرقها إلى أن يعافوا وينحلّ صداعهم .
والمصرود يجب أن يقلل غذاؤه وتسهل طبيعته ولو بالحقن ويحال بينه وبين الحركات البدنية والنفسانية والفكرية ويمنع الشراب البارد ويحرم عليه البروز للبرد .
وينفع جميع من به صداع من البرد بعد التنقية - إن احتيج إليها - المروخات والسعوطات والنشوقات والشمومات والنطولات والأضمدة المسخنة المذكورة .


ومما ينفعهم سقي الشراب الريحاني الرقيق القوي مع البزور أعني مثل بزر الكرفس وبزر الرازيانج وبزر الجزر والأنيسون والكمّون والدوقو وفطر اساليون وما جرى مجرى ذلك .
وهذا عندما يؤمّن حصول أخلاط في المعدة مستعدة للثور وعندما لا يكون بالعليل حمى فيخاف أن تشتد .
وينفعهم ضماد الخردل وجميع الأضمدة المحمّرة وخصوصاً إذا وقع فيها خردل وثافسيا وقد جرب الرماد بالخلّ طلاء وكذلك العروق بدهن اللوز المر مروخاً كل ذلك بعد الحلق .
وكل الثوم أيضاً مما يقطع الصداع البارد .
فأما علاج الصداع البارد مع مادة بلغمية فهو أن يستفرغ البدن إن كان الخلط مشتركاً فيه ثم يستعمل تقليل الغذاء أو تلطيفه ويستعمل الأبازير التي ليست مصدعة ويستعمل المنضجات المذكورة والاستفراغات المحدودة مبتدئاً من الأقل فالأقل ثم المعالجات الأخرى الموصوفة في القانون .
ويستعمل أيضاً ما يسكّن أوجاعها وجميع ما يجب أن يستعمل في علاجي البارد والرطب .
واستعمال الترياقات من المعاجين في الأسبوع مرة واحدة نافع .
وأما علاج الصداع البارد مع مادة سوداوية فإن الواجب فيها أيضاً أن يعمل على حسب ما قيل في القانون من الفصد إن احتيج إليه لكون الدم غالباً أو فاسداً والاستفراغات بدرجاتها بعد الإنضاجات المفصّلة ثم تبديل المزاج بالطرق المذكورة واستعمال ما يولد دماً لطيفاً محموداً رطباً رقيقاً وقد وفى الكلام فيه .
ومما ينفع منه جيّداً حب القرنفل ونذكر ههنا أيضاً ما ذكره أركاغانيس في باب فصد الكابل وقد أوردناه .
صفة أطلية نافعة للصداع البارد : ينبغي أن يبدأ بحلق الرأس أوّلاً ثم يؤخذ مثقالان من أوفربيون ومثقال من بورق ومثقالان من السذاب البري ومثقال من بزر الحرمل ومثقالان من الخردل تدق وتعجن بماء المرزنجوش ويطلى به الرأس .


أخرى : ومن الأطلية الجيدة النافعة أن يؤخذ فلفل مثقال ثقل دهن الزعفران مثقال وثلث أوفربيون حديث مثقال زبل الحمام مثقالان يجمع الجميع بعد السحق الشديد بالخل الثقيف ثم يطلى به موضع التحمير .
وأيضاً طلاء من مرّ وأوفربيون وملح وبورق .
وأيضاً فربيون ومرّ وصبر وصمغ عربي وجندبيدستر وزعفران وأفيون وأنزروت وقسط وكندر يتّخذ منه طلاء بماء السذاب .
أخرى : ومن الأطلية الجيدة لكل من الخوذة والشقيقة الباردين أن يطلى بالحجر المصري فإنه شديد النفع جداً .
أخرى : يؤخذ فلفل أبيض وزعفران من كل واحد درهمان فربيون درهم خرء الحمام البرّي وزن درهم ونصف يعجن بخلّ ويطلى به الجبهة .
أخرى : يؤخذ صبر ومر وفربيون وجندبيدستر وأفيون وقسط وعاقر قرحا وفلفل يطلي بشراب عتيق .
وأيضاً دواء زبل الحمام وهو قوي .
أخرى : فلفل وخلط الزعفران أي قرص الزعفران المذكور من كل واحد مثقالان فربيون نصف مثقال زبل الحمام مثقال ونصف مداد مثقال ونصف الخلّ مقدار الحاجة وهذه الأدوية تارة تستعمل مكسورة بالدقيق أو بمزاج لين أو بياض بيض وتارة صفرة ودرجات ذلك مختلفة .
صفة سعوطات نافعة للصداع البارد : منها سعوط الشونيز المذكور في المفردات ومنها المومياء مع الجندبيدستر والمسك .
وزعم بعضهم أنه إذا سعط بسبع ورقات سعتر وسبع حبات خردل مسحوقة بدهن البنفسج كان نافعاً .
ومما جرّب مسك وميعة وعنبر ويؤخذ عدسة منه ويسعط به كل وقت .
ومما يسعط به لذلك فيسخّن ويستفرغ دهن شحم الحنظل أو دهن ديف فيه عصارة قثاء الحمار وما زعم قوم أنه شديد النفع من ذلك أن يؤخذ عصارة ورق الحاج معتصراً بلا ماء ويسعط منه في الأنف ثلاث قطرات على الريق ثم يتبع بدهن البنفسج بعد ساعة ويحسى إسفيدباجاً كثير الدسم .
ومما يمدح لهذا الشأن أن يؤخذ من مرارة الثور الأشقر وزن ثلاثة دراهم ومن المومياء وزن درهمين ومن المسك درهم ومن الكافور وَزن نصف درهم ويسعط منه .


أخرى : يؤخذ ثافسيا مثقال ونصف أصل السوسن مثقال فربيون مثقال ونصف عسل مصفى مثقال ونصف يجمع الجميع بعصارة أصل السلق ويسعط منه بحبة جاورس مقطراً من طرف الميل .
أخرى : يؤخذ فربيون وثلثاه خضَض هندي ويعجن بعصارة السلق ويقطر في الأنف .
أخرى : يؤخذ بخور مريم يابس ثمانية مثاقيل بورق وسماق من كل واحد أربعة مثاقيل ليسحق صحقاً ناعماً وينفخ في الأنف .
بأنبوبة ويرفع العليل رأسه ويستنشقه بقوة .
أخرى : يؤخذ شونيز أربعة مثاقيل عصارة قثاء الحمار مثقالان نوشادر مثقالان يعجن بدهن الحنا وبدهن قثاء الحمار يطلى به داخل الأنف ويستنشق العليل ريحه بقوة فإذا نزل من ساعته من رأسه شيء كثير فحينئذ يغسل الأنف بماء حار .
صفة أدهان يمرخ بها رأس من به صداع بارد : وذلك أنه ينفع منه جميع الأدهان الحارة والأدهان التي قد طبخ فيها مثل الشبث والفودنج والمرزنجوش والشيح والنمام والسذاب وورق الغار وما قد ذكرناه في القانون .
وأما دهن البلسان فحاله ما قد عرفته هناك وهذه أيضاً تصلح سعوطات وقطورات في الأذن .
صفة نفوخ نافع من الصداع المزمن : وهو أن يؤخذ عصارة قثاء الحمار وشونيز وقليل ثافسيا ويسحق وينفخ في الأنف أو بخور مريم ونطرون وعصارة قثاء الحمار .
في علاج الصداع اليابس : أما اليابس الذي يكون مع مادة صفراوية أو دموية فقد مضى الكلام فيه وإنما بقي الكلام في الصداع اليابس بلا مادة فأول علاجه تدبير العليل بالأغذية المرطبة الجيّدة الكيموس وخصوصاً الكثيرة الغذاء مثل محّ البيض ومثلا مرق الفراريج السمينة والقباج والطياهيج والأحساء الدسمة بالأدهان الرطبة ثم يمال من جهة الحار والبارد إلى ما هو أوفق .
ومما ينتفع به استعمال السعوطات المرطبة بالأدهان المحمودة كدهن اللوز ودهن القرع وغير ذلك .


وإن احتيج في شيء منها إلى تعديل مزاج بتبريد أو تسخين مزج به من الأدهان ما يعدّله وربما أوقع اليبس نقصاناً بيناً في جوهر الدماغ وهيأه للأوجاع .
ويجب هنالك أن يستعملوا السعوطات بالأمخاخ المنقّاة من عظام سوق الغنم والعجاجيل وشحوم الدجاج والدراريج والطياهيج والتدارج والزبد زبد البقر والماعز .
ومما ينفعهم تضميد الرأس بالفالوذج الرقيق المتّخذ من سميذ الحنطة الشعير بحسب الحاجة وبالسكر الأبيض ودهن اللوز أو القرع أو صبّ الرقيق منه على اليافوخ وقد طوق بإكليل من عجين يحبس ما يصبّ على الرأس .
في علاج الصداع الورمي : وأما علاج أصناف الصداع الكائن عن الأورام فنذكر كل واحد في باب مفرد في المقالة التي بعد هذه .
في علاج صداع السدّة : وأما صداع السدة فعلاجه بالإنضاج بما تعلم ثم الاستفراغ واستعمال الشبيارات ثم التحليل بالنطولات والأضمدة والشمومات والغرغرات ثم بالإنضاج ثم الاستفراغ ثم التحليل حتى يزول وقد علم كيفية ذلك في موضعه فإن كان المزاج في الرأس حاداً والسدّة غليظة صعب عليك العلاج فيجب أن يستعمل التفتيح ثم إذا هاج صداع أو تضرّر الرأس بالعلاج الحار تداركت ذلك بالمبرّدات التي معها إرخاء ولا قبض فيها ثم إذا سكن عاودت لا تزال تفعل ذلك حتى تفتح السدّة وقد فصلنا كل هذا .
فصل في علاج الصداع الكائن من رياح وأبخرة
محتقنة في الرأس ليست من خارج
أما الكائن عن رياح غليظة فيعالج أولاً باجتناب كل ما يبخر وينفخ مثل الجوز والتمر والخردل حاراً كان أو بارداً ويستعمل النطولات والضمّادات المذكورة والشمومات والسعوطات الموصوفة في القانون ويشم الجندبيدستر والمسك خاصة .


ولدخول الحمام على الريق منفعة في هذا الباب وإن كان مبدؤها من المعدة استعملت في علاجها الاستفراغات المذكورة وخاصة النسخ التي يقع فيها دهن الخروع وبدله الزيت العتيق واستعملت الكموني وما يجري مجراه مما يذكر في علل المعدة وقويت الرأس بعد المعالجة بدهني الآس واللاذن ودهن السوسن وبعصارة السرو والأثل والسعد وما فيه تسخين وقبض ويستعمل أيضاً في الأطراف ليجذب إلى الخلاف .
وأما الكائن عن الأبخرة فإن كان تولّدها في الرأس نفسه ولم يكن العليل يجد في المعدة نفخاً وقراقر ولا كان ذلك يزداد وينتقص بحسب الامتلاء والفراغ وبحسب الأغذية المبخرة وقليلة البخار فعلاجهم النطولات المفشّشة المعروفة وتقوية الرأس بالأضمدة المحلّلة وفيها قبض يسير والمشمومات الملطّفة وبها كفاية .
وإن كان من المعدة فما ينفعها ما يقوّي المعدة كالمصطكي والجلنجبين ثم الكمّوني وما أشبهه .
وإذا تناول الطعام وأخذ يبخر ويصدع فليتناول عليه لعاب بزر قطونا أو الكزبرة اليابسة مع السكر وإن خاف برد المعدة من لعاب بزر قطونا استعمل لعاب بزر كتّان مع الكزبرة اليابسة .
وتقوّي الرأس بما عرفته بعد أن تعالجه فتسكنه بما يجب من النطولات والشمومات الموصوفة وخصوصاً المرزنجوش فربما كان هو وحده سبباً للخلاص التام ويستعمل الجذب إلى الخلاف .
وإذا أحسست أن في المادة البخارية فضل حرارة بما تجد من علامات الحرارة اجتنب المحلّلات الكثيرة التسخين كالأوفربيون وغيره اجتنابا شديداً بل ابتدأت أولاً بالجذب إلى الخلاف والتنقية بالغراغر ثم استعملت النطولات المعتدلة في الحمام .
فصل في علاج الصداع الحادث من ريح
نفذت إلى داخل الرأس عن خارج


وأما الصداع الحادث من ريح نفذت إلى داخل الرأس من خارج فيتأمّل هل كانت الريح حارة صيفية أو باردة شتوية ثم يتأمل موضع دخولها فإن كانت حارة ومدخلها الأذن قطر فيها دهن البابونج مفتر أوَ دهن الخيري أو دهن الشبث مكسوراً بدهن الورد القليل وكذلك إن كان مدخلها الأنف قطر ذلك في الأنف واستعمل التنطيل بما يحلل برفق مما ذكرناه فإن تعقبه سوء مزاج حار عولج بالرفق وابتدئ بما هو أقلّ برداً فإن لم ينفع زيد .
وأما إن كان بارداً جعلت الأدهان من أي الطريقين وجب استعمالها حارة وفيها جندبيدستر أو مسك ويقلل ويكثر بمقدار الحاجة ويستعمل النطولات والضمّادات المذكورة بحسب ذلك محلّلة حارة ويجتنب كل ما ينفخ ويليّن الطبيعة .
فصل في علاج الصداع الحادث من أبخرة رديئة
أصابت الرأس من خارج
وكذلك علاج البخارات الرديئة الواصلة من خارج وإنما تكون باردة في الأقل مثل بخارات المواضع المتكرجة الحمامية وأما في الأكثر فتكون حارة وتحللها بالنطولات المعتدلة إن احتبس منها شيء كثير وتخيل سدر ودوار ويتشمم الروائح الطيبة المعتدلة مثل ماء الورد ودهنه والنيلوفر والبنفسج وإن أحسّ بحرارة شديدة فالكافور والصندل .
ويستعمل تحميم الرأس في الحمام بالماء الحار والخطمي .


وأما الباردة فينفع منها شمّ المسك والجندبيدستر وذلك كاف فإن كانت الأبخرة دخانية احتاج إلى ترطيب شديد بالادهان المذكورة وبالمرطّبات المعدودة واحتيل في غسل الأنف بمثل هذه الأدهان يستنشق منها استشناقاً شديداً جاذباً إلى فوق حافظاً فيه ثم يخلى لينصب ثم يجدّد يعمل ذلك دائماً وكذلك بماء الورد وماء الخلاف وماء القرع وليكب على أبخرة هذه المياه إكباباً كثيراً فإن تولد منها آفة وسوء مزاج كما يكون عن دخان الكبريت ودخان الزرنيخ وما أشبهه استعمل الكافور في دهن القرع ليرطب أحمدهما ويبرد الآخر وكذلك يستعمل الكافور في دهن الخسّ ودهن البنفسج ويفرش الموضع بأوراق الخلاف والرياحين المرطّبة .
فصل في علاج الصداع الحادث من الروائح الطيبة
أما الكائن عن الروائح الطيبة فإن كانت حارة وضرت بحرارتها لا باليبوسة وحدها عولج بالروائح الطيبة الباردة مثل ما أن الضرر اللاحق من شمّ المسك والزعفران يعالج بالكافور والصندل واللاحق من الكافور يعالج بالمسك والزعفران والزعفران وإن كانت إنما تضرّ مع ذلك بالتجفيف واليبس فالعلاج أن لا يقتصر في علاج ضرر المسك مثلاً بالكافور بل إن أمكن أن يتدارك بإسعاط الأدهان الرطبة مبردة فقد كفى وإلا فمع الكافور مدوفاً فيها وكذلك بالعكس .
فصل في علاج الصداع الحادث من الروائح المنتنة
وأما الصداع الكائن عن الروائح المنتنة فعلاجه بالطيبة المضادة لها في المزاج فإن كان لتلك الروائح تجفيف احتيل أن تكون الروائح التي تقابل بها مرطبة مثل روائح النيلوفر والبنفسج الذكيين ولدهن الخلاف الذكي مزية على جميع الروائح لمقابلة الروائح الطيبة والمنتنة الضارة بالحر لتعلم ذلك .
فصل في علاج الصداع الحادث من الخمار


وأما صداع الخمار فأوّل ما يجب فيه أن يستعمل تنقية المعدة إما بقيء بسكنجبين وبزر الفجل أو بالسكنجبين وعصارة الفجل أو بالسكنجبين بماء فاتر وبالمقيئات اللينة والمتوسطة مما تعلمه في الاقراباذين وإن لم يجب القيء أو أبقي استعماله أسهلت بأيارج مقوى بسقمونيا لئلا يطول لبثه وإن كان هناك مانع عن استعمال ما هو حار من مرض حاراً أطلقت بطبيخ الهليلج الكابلي أو شراب الفواكه المطلق وإن كرهت النفس أمثال هذه الأشياء أطلقت بماء الرمانين مع الشحم على ما نقوله في القراباذين مقوى بسقمونيا يسير .
ولا تبال من حرارته فإن كان عن الاستفراغات بأي وجه كان حائل ألزمتهم النوم إلى أن يهضم ما في معدهم من الشراب ويظهر ذلك بتلون البول وانصباغه وتدلك منهم الرجل بالملح وثمن البنفسج وتصب على الأطراف منهم نطول البابونج ثم ليدخلوا الحمام وليغرقوا رؤوسهم بدهن الورد مبرّداً غير شديد التبريد ويغذوا بالعدس والحصرم وما أشبهه وبالكرنب لخاصية فيه يمنع بها البخار عن الرأس .
قال جالينوس : فإن غذوته بفراخ الحمام لم تخط ويشبه أن يكون السبب رقة الدم المتولد منه وقوته على تحليل الأبخرة ويجب أن تعطيهم الفاكهة القابضة وليكن الشراب الماء لا غير اللهم إلا أن تكون المعدة ضعيفة ويخاف استرخاؤها فتمنعه الاستكثار من شرب الماء البارد وتسقيه ماء الرمان الحامض والريباس خاصة وربه وحماض الأترج وربه خاصة والسفرجل والتفاح وما أشبهه .
واستفاف الكزبرة اليابسة مع السكر وزناً بوزن نافع له ثم تنوّمه وتسكنه فهو الأصل في علاجه وإن لم يسكن بذلك عاودته به من يومه ومن الغد وجعلت غذاءه ما يبرد ويرطب أو يلطف بمثل صفرة البيض وصببت عليه ماء حاراً كثيراً ليحلل واشتغل بتنويمه ما استطعت .
ثم إذا زال الغثيان إن كان وبقي الصداع قطعت دواء الورد عنه فإنه ضار له بعد ذلك إذ كانت الحاجة إليه أولاً لتقوية الرأس ومنع البخار وقد زالت الآن .


ويجب أن تستعمل الآن دهن البابونج مكانه غرقاً لتحلل فإن لم يزل بذلك فإن السوسن فإنه غاية ومجرب .
ثم إذا جعل الخمار يخفّ وينحطّ مشيته يسيراً يسيراً ورجحته واغذه حينئذ أيضاً بالسمك الرضراضي وخصي الديوك والفراريج بالبقول الباردة وينبغي أن لا يمشي على الطعام بل بعد ثلاث ساعات .
وبالجملة الأولى أن ينتظر الهضم بالنوم أو بالسكون الطويل حتى تجف معدته قليلاً ثم يستعمل السكنجبين السكري إن كان محروراً أو العسلي إن كان مرطوباً ويقبل على ذلك قدميه ثم يمشي مشياً غير متعب أو يحرك حركة أخرى غير متعبة وعلى أنه ينبغي أن يجتنب الخل الساذج والمري وإن لم يكن بد فليصطبغ بغير الحاذق منه وإذا مشيته قليلاً فاستعمل له الأبزن .
والحمام أيضاً ثم يجب آخر الأمر أن تنطله بالنطولات المعتدلة التحليل وتغذوه بما يخف من اللحوم .
صفة دواء جيد للخمار : الهندبا وبزر الكرنب والأمير باريس منقى من حبّه والسماق والعدس المقشر والورد والطباشير بالسوية يجمع الجميع ويشرب منه وزن ثلاثة دراهم مع قيراط كافور وأوقية ماء الرمان وأو ماء الريباس أو ماء حماض الأترج أو ربه .
فصل في علاج الصداع الحادث من الجماع
هذا الصداع يحدث إما بسبب ما يورثه ذلك من اليبس وعلاجه ما ذكرناه في باب معالجة الصداع اليابس بعد أن يمال بالمرطبات .
وأما بسبب امتلاء في البدن فطرأ عليه الحركة الجماعية المركبة من البدنية والنفسية فتثير الأبخرة الخبيثة فيجب لمن يعتريه ذلك عقيب الجماع وبه امتلاء أن يبدأ بالفصد ثم بالإسهال إن وجب كل واحد منهما أو أحدهما ثم يقوي الدماغ بالأدهان المقويّة مثل دهن الورد ودهن الآس وبالمياه المقوية المطبوخ فيها مثل الورد والآس ويتغذّى بما يسرع هضمه ويجود كيموسه ويهجر الجماع فإن لم يجد منه بداً فلا يجامعن على الخواء .
فصل في علاج الصداع الكائن عن ضربة أو سقطة


وتدبير من يعرض له زعزعة الدماغ والشجة : يجب أن يكون قصاراك وغاية قصدك في معالجة من به صداع حادث عن ضربة أو سقطة أن تسكن الوجع ما أمكن وتبعد المادة عن موضع الألم إما باستفراغ وإمّا بجذب إلى الخلاف لئلا يرم وتعالج الجراحة إن حدثت لتندمل ولا يمكن أن تندمل وسوء المزاج ثابت بل يجب أن يعدل في إدمالها مزاج ناحيتها .
واعلم أنه إذا ظهرت بصاحب هذه الآفة حمى واختلط العقل فقد أخذ في التورم فأول ما ينبغي أن يعمل في علاجه هو فصد القيفال أو الأكحل لتمنع التورّم وإن كان هناك امتلاء فيجب أن يستعمل الحقن الحارة ولو بشحم الحنظل إلا أن يكون به حمى فيعدل الحقن وإن لم يجب الحقن وجب أن يستفرغ بمثل حبّ القوقايا إن لم يكن حمّى وإن كان هناك حرارة ما دون الحمى لم تترك سقيه فلا بد من تعديل الموضع في مزاجه حتى يقبل العلاج وإن لم يكن ضمد الموضع بما يقوي مثل أضمدة مياه الآس والخلاف وأدهانهما وأدهان الآس والسوسن والورد وأخلاطها وما فيه قبض لطيف وتحليل يسير مثل الورد وإكليل الملك وقصب الذريرة والبابونج والطين الأرمني والشبّ اليماني بشراب ريحاني وربما اقتصر منها على الأدهان وقد يصيب من يستعملها مفترة وربما أوجب الوجع وخوف الورم أن يبرد سريعاً .
ويجب أن يحذر الحمام والشراب والغضب والمبخرات والمسخّنات من الأغذية وإن ابتدأ الموضع يرم فلا بد حينئذ من استعمال القوابض القوية القبض والتبريد مثل قشر الرمان والجلنار والعدس والورد وينطل الرأس بمياهها ويضمد بأثقالها ثم بعد ذلك ينتقل إلى ما فيه مع ذلك تلطيف ما مثل السرو والطرفا والسفرجل والكندر وإذا كانت الضربة مزعزعة الرأس فينبغي أن تبادر إلى سقي الأسطوخودوس بماء أو شراب العسل فإنهم يتخلّصون به .


واعلم أن الألم إذا وصل إلى حجب الدماغ كان فيه خطر وإذا خرج بسبب الضربة دم من الدماغ فيجب أن يسقى صاحبه أدمغة الدجاج ما أمكن ثم يسقى عليه ماء الرمان الحامض وإذا حللت الورم أكثر من سقي الأدمغة إلى بعد الثالث وبعد الفصد .
علاجه تبديل سوء المزاج الذي به وتقويته بمقويات الرأس من الأدوية العطرية التي فيها تلطيف وقبض باجتماع الأسباب المحركة وكثيراً ما يكون السبب الفاعل المقارن للسبب المنفعل الضعفي اجتماع أخلاط رديئة حارة أو غير حارة في المعدة فيجب أن نستفرغ بما يليق بها وأن تورد غذاء يجمع إلى حمد ما يتولّد عنه قوة محللة وقبولاً للانهضام وإن لم يوجد الخلتان الأخيرتان فآثر الأولى عليهما .
وأجود وقت يغذى فيه بعد دخول الحمام ويجب أن يخفف عشاؤهم وأن يختموا طعامهم بمثل القصب والزيتون مع الخبز ليقوي فم المعدة منهم .
وبقراط يرخص لهم في شرب الشراب مطلقاً وجالينوس يؤثر أن يكون ممزوجاً أو رقيقاً ريحانياً أو جامعاً لذينك وليتناولوه بالخبز .
فصل في علاج الصداع الكائن من قوة حسّ الرأس
علاجه أن يبلد الحس يسيراً مما يغلظ غذاء الدماغ من الأغذية كالهرايس المتخذة من الحنطة والشعير ولحوم البقر إن كان الهضم قويّاً أو بالأغذية المتخذة بالخسّ والعرفج ولحم السمك وربما استعمل شيء من المخدّرات مثل شراب الخشخاش ومثل بزر الخس وقد يستعمل طلاء .
فصل في علاج الصداع الكائن عرضاً للحميّات والأمراض الحادة
من هذا ما يعرض مع اشتداد المرض أو النوبة ثم يزول .
ومنه ما يبقى بعد زوال المرض أو إقلاع النوبة والذي يعرض منه في الحميات فقد يقلق المريض حتى يزيد في سببه الذي هو الحمى وقد يدل عليه أيضاً إبيضاض البول دفعةً واستحالته إلى مشاكلة بول الحمير .
لكن لمشابهته لبول الحمير ربما دلّ على كونه في الحال وربما دل على الانحلال فيجب أن يرجع إلى سائر الدلائل .


وأما صواب علاجه فأن يغرق الرأس في زيت الأنفاق متخذاً منه دهن الورد المعتاد أو بدهن الورد مخلخلاً بالخل مفتّراً في الشتاء وفي لين الحمى مبرداً في الصيف وفي شدة الحمّى وينفع منه النطول من طبيخ الشعير والخشخاش والبنفسج والورد إن كانت الأبخرة توفي بحدّتها .
وإن آذت بكثرتها فلا تفعل من ذلك شيئاً بل استفرغ واستعمل ما يحلل بالرفق مثل زيت قد طبخ فيه النمام وعصا الراعي ومرزنجوش مع عصا الراعي إن رأيت أن تحلل وحتى إن بعض القدماء رأى أن يُطلى ببابونج .
وإن اضطررت لشدة الوجع إلى المخدرات والمنومات فعلت مع حذر وتقية وقد يمنع ارتفاع المواد فيه بالسويق وبزر القطونا في الابتداء ويسقيان أيضاً .
وقد يمنع بالكزبرة ودهن الورد وقد يحتجم فيه .
وأما ربط الأطراف ودلكها واستعمال تدبير المخمور فيه فصواب جداً وإذا استعملت ربط الأطراف فيجب أن تضعها عند الخل في ماء حار فإن لم يسكن بجميع ذلك حُلق الرأس وضُمِّد بالبابونج والخطمي والبنفسج والحسك مخيضة وذلك بعد حلق الرأس وربما احتجنا إلى الحجامة والعلق وربما بقي الصداع بعد الحمى وبعد الأمراض الحادة .
وعلاجه تبريد الأغذية وترطيبها وتقوية الرأس بدهن الورد مع دهن البابونج وأن يصبّ على اليدين والرجلين ماء حار في اليوم مرتين غدوة وعشية ويمرخ بدهن البنفسج ثم يعان بالملطفات إذا ظهر الانحطاط البين حسب ما تعلم العلامات .
فصل في علاج الصداع البحراني


أما الصداع البحراني فينظر هل يجد العليل غثياناً وتقلب نفس واختلاجاً في الشفة ودواراً وبالجملة علامات ميل الطبيعة بالمادة إلى فوق فيعان على القيء بالسكنجبين المسخن وبالمقيئات الباردة أو هل يجد قراقر ونفخاً في الجنبين وبالجملة علامات ميل الطبيعة بالمادة إلى تحت فيعان على تليين الطبيعة بالمزلقات الخفيفة مثل شراب الإجاص . والإجاص المنقع في الجلاب بعد غرغرة ليربو وشراب البنفسج وشراب التمر الهندي والشرخشت وزناً غير كثير بل مقدار خمسة دراهم وما جرى مجرى ذلك . أو هل يجد ثقلاً في نواحي الكلى وتحت أضلاع الخلف إلى خلف وبالجملة علامات ميل الحادة إلى طريق البول فيعالج بالإدرار بالسكنجبين ملقى عليه وزن درهمين بزر البطيخ وبزر الخيار مناصفة ويطعم السفرجل فإنه يمنع البخار ويدر .
أو هل يجد شعاعاً وحمرة قدام العين وخيالات صفر أو تطاولاً ولا يرعف فيعطس بالخل وبخاره وينفخ في أنفه ويخلخل أنفه ببعض الخشونات أو يقابل بعينه شعاع الشمس إن أمكن مغافصة ويتأملها ثم يتركه .
وإن وجد نبضاً مرخياً ووجد ليناً في الجلد استعمل المعرقات دلكاً وشرباً ونطلاً على الرأس ويجب أن تكون معتدلة وإن وجد شبه لذع ووجع اعتاد تحت أذنه أو في إبطه أو في أرنبته استعمل عليه الأضمدة الحارة الجاذبة كالنعناع والكرفس مع السمن العتيق وربما احتاج أن يضع المحاجم بلا شرط لتندفع المادة من الدماغ إلى ما مالت إليه و تو .
فصل في علاج الصداع الذي يدعي أنه يكون بسبب الدود
يجب أن يبدأ بتنقية البدن والدماغ ثم يسعط بأيارج فيقرا قليل ويكرّر ذلك في الأسبوع مراراً ويستعمل جميع الأدوية التي تذكر في باب نتن الأنف وجميع ما يقتل الدود في البطن مثل عصارة ورق الخوخ وعصارة أصل التوت والصبر ويتبع بالسعوطات والعطوسات المنقية حسبما تعلم جميع ذلك .
فصل في علاج الصداع الذي يهيج بعقب النوم والنعاس


يجب أن ينقّى معه البدن والرأس بما قد علمت وينفع منه أن يضمّ الصدغان والجبهة برماد وخل .
وأفضل الرماد له رماد خشب التين .
فصل في تدبير أصناف الصداع الكائن بالمشاركة
نبتدئ بكلام جامع فيها فنقول : يجب في جميع أصناف الصداع الكائن بمشاركة أعضاء أن يُعتنى يتلك الأعضاء وأن يستفرغها بما يخصّها وأن يبدل مزاجها ومع ذلك يقوي الرأس بالمقوّيات لئلا يقبل فإن كان في الابتداء فبالباردة كدهن الورد والخل .
وأما يعد ذلك فإن كانت المادة حارة أو الكيفيّة حارة عملت ذلك العمل بعينه دائماً وإن كانت باردة انتقلت إلى دهن البابونج مع دهن الآس أو دهن ديف فيه صمغ السرو أو اتخذ بورق السرو وعصارته أو الأثل وإذا فرغت من العضو تأمّلت هل استحال العرض مرضاً بنفسه وهل صار سبب الصداع راسخاً في الرأس وتتعرف المادة والكيفية فتفعل ما علمته .
والذي يكون بمشاركة الساق ويحسّ صاحبه كأن شيئاً يرتفع من ساقيه فجب إذا كان هناك امتلاء أن تفصد الصافن أو تحجم الساقين وتنقي بدنه بالأسطمخيقون وإن لم يكن هناك امتلاء ظاهر فشد الساقين إلى الأربية ودلك قدميه بملح ودهن خيري وإن عرف الموضع الذي منه كواه واستعمل عليه دواء مقرحاً ليقرح ويتقيح .
وأما علاج الصنف الكائن بسبب أبخرة تتصاعد من أعضاء البدن فإن كان السبب بخارات تصعد فيتناول قبل الدور الفاكهة فإن لم تحضر فالماء البارد ولو على الريق وأكثر الفواكه موافقة هو السفرجل .


والكزبرة مما ينتفع به وهو مما يمنع صعود البخارات وكذلك حال ما يكون بمشاركة الكبد وينفع من ذلك خاصة الإدرار وتضميد وأما علاج الصنف الكائن بمشاركة المعدة أمّا ما يكون منه بسبب ضعف المعدة وخصوصاً ضعف فمها حتى تقبل المواد وتفسد فيها الكيموسات وذلك إنما يهيج في الأكثر على الخواء فليلقم لقماً مغموسة في ماء الحصرم وماء الريباس وما أشبه ذلك أو في ربوب الفواكه القابضة الطيّبة الرائحة وليحسُ حساء من خبز أو دقيق الحنطة محمضاً بمثل حبّ الرمان ونحوه فإنّه إذا استكثر من هذا قوي فم معدته وإلى أن يعمل ذلك فإن وجد غثياناً تقيأ ليقذف الصفراء المنصب ويستريح .
فإن كانت المعدة مع ذلك باردة استعملت هذه الأشياء مبزّرة بالأفاويه الطيّبة الرائحة الحارة أو اتخذ له جلاّب بالأفاويه وليغمس اللقم فيما يتّخذ له من ذلك .
وإن كانت الحموضة واللذع لا تلائمها وتهيّج من أذاها اقتصر على لقم في الجلاّب إما ساذجاً وإما بأفاويه بحسب الحاجة .
وهذا الإنسان ينتفع جداً بأن يبادر قبل الصداع فليلقم لقماً أو يتحسّى حسواً وإذا حسّ بانحدار طعامه وانهضامه تناول شيئاً مما فيه قبض كلقم خبز في ربّ فاكهة أو نفس الفاكهة أو خبز بقسب أو زيتون .
وأما ما يكون بسبب أخلاط فيها فأوّل ما يجب أن يبادر إليه التنقية وبعد ذلك ومعه أن يغتذي بالأغذية اللطيفة المحمودة الخفيفة الهضم الجيدة الكيموس ثم يميل بالكيفية إلى الواجب فيكون مع ذلك فيه تحليل وهضم وإطلاق وإن لم يجد الحمد وتوليد الدم الجيّد مقارناً للجنسين الآخرين آثر الحمد وتوليد الدم الجيد عليهما .


وأحمد ذلك أن يكون بعد دخول الحمام ويجب لهؤلاء أن يجفف بخارهم فإن كانت الأخلاط مرارية فعالج بما علمناك في القانون من المعالجات مع تقوية الدماغ بدهن الورد أو دهن الآس وإن كانت الأخلاط بلغمية باردة تهيج منها رياح شديدة فالمقيئات التي هي أقوى والملطفات فإن لم تزل فالأيارجات الكبار بطبيخ الأفتيمون وينفع في ذلك قطع شرياني الصدغ أو كيّتان خفيفتان على الصدغين بحيث لا يحرق الرأس ولكن يضيق على الشرايين .
وكثيراً ما يسل الشريان أو يقطع أو يُكوى .
وأصلح الكي أن يكشف عن الشريان ثم يُكوىالشريان نفسه حتى لا يقع أثر على الجلد والمكاوي مِسَلات محماة .
وأما ما أمكن أن يدافع لا سيّما في الصيف دوفع ويجب أن يجعل غذاؤه أحساء ولا يمضغ شيئاً إلى عشرة أيام وتكون وقت تغذيته في الصيف وقت البرد .
ويجّب أيضاً أن لا يكثر الكلام وكذلك أن يلصق القوابض على الشرايين ويخلط بها الأنزروت والزعفران ونحن نصفها في الأقرباذين وقد يوضع عليها الأسرب ويُشدّ بعصابة لئلا ينبض فيوجع وكذلك الخشب .
وأما الكيّ القوي المذكور لهذا فثلاثة على أم الرأس واثنان على الصدغين وواحد فوق النقرة وعند مؤخر الرأس .
ويجب أن يجتنب الخمر على كل حال وإن كان السبب أبخرة تصعد من المعدة فهو على جملة ما أمرنا به في علاج الصداع الكائن عن أبخرة تصعد إلى الدماغ من الأعضاء الأخرى ومن هذا القبيل علاج الصداع الذي يهيج مع شرب الماء فإنّ هذا أيضاً يكون لضعف المعدة .
وأجود العلاج له أن يسقى صاحبه شراباً ريحانياً قليلاً يمزج أيضاً به ماؤه الذي يشربه لئلا ينكى في المعدة .
وأما الكائن بمشاركة الكلية والمراق والرحم وغير ذلك فيكفي في تدبيره ما قدمناه في أول الباب وصداع الحمّيات قد قلنا فيه .
فصل في علاج ثقل الرأس


ينفع منه الاستفراغ واستعمال الشبيار . وإن كان دموياً فعلاجه بالفصد ثم فصد عرق الجبهة خصوصاً إن كان الثقل إلى خلف وأيضاً فصد عرق الحشا والشريان الذي خلف الأذن وخصوصاً إذا كان الثقل إلى قدام .
فصل في الصداع المعروف بالبيضة والخودة
هذا النوع من الصداع يسمّى بيضة وخودة لاشتماله على الرأس كله وهو صداع مشتمل لابث ثابت مزمن وتهيج صعوبته كل ساعة ولأدنى سبب من حركة أو شرب خمر أو تناول مبخر ويهيجه الصوت الشديد وربما هاجه الصوت المتوسط .
حتى أن صاحبه يبغض الصوت والضوء والمخالطة مع الناس ويحب الوحدة والظلمة والراحة والاستلقاء .
ويختلفون فيما يؤذيهم من الأسباب المذكورة فبعضهم يؤذيه شيء من ذلك وبعضهم شيء آخر ويحسّ كل ساعة كأنّ رأسه يطرق بمطرقة أو يجذب جذباً أو يشق شقاً ويتأدى وجعه إلى أصول العين .
وجالينوس يجعل السبب الجالب لهذه العلّة ضعف الدماغ أو شدة حسه .
والسبب المولّد لها خلط رديء أو ورم حار أو بارد .
على أنه كثيراً ما يكون عن ورم سوداوي أو صلب وأكثر ما يكون في وسط الحجاب إما الخارج من القحف وإما الداخل وقد علمت أنه إذا كان السبب ورماً أو غيره إنما هو في الحجاب الداخل في القحف أحس الوجع ممتداً إلى العين لأن ذلك الغشاء يشتمل على العصمة المجوفة ويمتد جزء منه إلى الحدقة .
وإذا كان في الحجاب الخارج أحس الوجع بمسّ اليد وكره صاحبه وقوع المسّ عليه بالعنف .
وأكثر ما يحدث عن أمراض سبقت فضعف جوهر الدماغ وحجبه الداخلة والخارجة حتى صارت تتأذى بالحركات اليسيرة من حركات البدن الغذائية والبخارية والحركات الخارجة ويقبل الفضول المؤذية .


ومن الأطباء من لا يرعى في البيضة هذه الشرائط بل يقول بيضة لكل وجع يشتمل على الرأس كله خارج القحف أو داخلاً كان سببه من بخارات في المعدة أو بخارات في الرأس أو مواد أو فلغموني في نفس الدماغ أو حجبه فيكون مع ثقل وضربان أو حمرة ويكون مع تلهب ولذع بلا كثير ثقل أو عن الأخلاط الأخرى إن لم تكن حمرة وكان ثقل وكان هناك علامات الأخلاط الباردة .
ويعالج كلاً بحسبه إلا أن اسم البيضة في الحقيقة مستعمل عند المهرة من الأطباء على ما هو بالشرائط المذكورة .
العلاج : إن علمت أن دماً كثيراً وأن سببه الأول أو سببه المحرّك هو الدم فصدت .
وأما إن قامت الدلائل على أن الأخلاط باردة وكانت المدة طالت على العلة وكنت قد استعملت في الأول أيضاً ما يرح فاستعمل النطولات بمياه فيها محللات يسيرة مسخنة مع قمع يسير وقبض مثل فقاح الأذخر والبابونج والنعنع وسائر ما علمته في القانون وتدرج إلى القوية واستفرغ بما يليق به .
واستعمال حب الصنوبر بالمصطكى مما هو نافع جداً فيه وتتعهده كل ثلاث ليال ويستعمل القوقايا في استفراغاته إن احتيج إليها وإلى القوي منها ثم يسقى طبيخ الخيار شنبر مع أربعة مثاقيل دهن الخروع .
واعلم أنك إذا استفرغت فقد بقي لك أن تنقتي الدماغ وحجبه بالأشياء التي تقوّيه مما علمته ومن ذلك شمومات المسك والعنبر والكافور أيضاً يخلط بهما وربما خلطوا مع ذلك الصبر ليجمعوا مع التقوية التحليل وألزمه الضمادات الحارة والمخدرة التي علمتها فإذا انحط فاستعمل الحمام والأضمدة القوية وأما ما دام في الابتداء وعلمت أن المواد حارة فدبر بما بين لك وعلمته في قانون تدبير الدماغ وواتر سقيه لبّ الخيار شنبر مع دهن اللوز أياماً واعلم أن البيضة إذا طالت فقد استحالت إلى مزاج البرد وإن كان عن سبب حار .


واعلم أن البيضة المزمنة لا يقلعها إلا ما هو قوي التحليل والإسخان وقد ينفعهم أن يسعطوا بأقراص الكوكب وشيليثا ودواء المسك وما يجري مجراها يداف أي ذلك كان في لبن مرضعة جارية وخصوصاً عند اشتداد الوجع وغلبة السهر .
وأما الكي وفصد الشرايين وقطعها وعرق الجبهة في البيضة فعلى ما كان في الصداع العتيق .
وأما الغذاء فما لا يخبر كما علمت حتى العدس بدهن اللوز للحار وكذلك مرق البقول ولا بأس أن تغذي المبرود منهم بمثل ذلك بسبب قلة بخاره .
وأما الأطلية فيجب أن تمال تارة إلى ما يخدر مليلاً ويكون الغرض الأعظم التحليل ومن هذه الأطلية أفيون ودم الأخوين وزعفران وصمغ يطلى به من الصدغ إلى الصدغ عند الضرورة المحوجة إلى التخدير ومنها الزعفران والعفص وأقراص الكوكب فإن ذلك إذا طلي به جميع الجبهة كان نافعاً وارجع إلى الأقرباذين وإلى ألواح الأدوية المفردة .
فصل في الشقيقة
فنقول هي وجع في أحد جانبي الرأس يهيج ويحدها جالينوس بأنها الساترة المتوسطة وربما كان سببه من داخل القحف وربما كان في الغشاء المجلِّل للقحف وأكثر ما يكون يكون في عضل الصدغ وما كان خارجاً فقد يبلغ إلى أن لا يحتمل المس وتكون المواد واصلة إلى موضعه إما من الأوردة والشرايين الخارجة وإما من الدماغ نفسه وحجبه فيصعد أكثر ذلك من طريق الدروز وقد يكون من بخارات تندفع من البدن كله أو عضو من ذلك الشق .
وأكثر ما تكون الشقيقة تكون ذات أدوار وإنما تكون على الأغلب عن الأخلاط ولا تكون شقيقة لها قدر من سوء مزاج مفرد .
والتي تكون من الأخلاط فقد تكون من أخلاط حارة ومن أخلاط باردة ومن رياح وبخارات .
وقد علمت العلامات وتجد مع البارد سكوناً بالتسخين وتمدداً قريباً ومع الحار سخونة بالملمس وضرباناً في الأصداغ وراحة بالمبردات وأيضاً فإن البارد يحسّ معه ببرد والحار يحس معه بحر وذلك عند اشتداد الوجع .


العلاج : علاجها الفصد على نحو ما علمت في البيضة وغيرها وخصوصاً عرق الجبهة والصدغ والإسهال والحقن والجذب كل بحسبه على ما حد لك في القانون .
ومما ينفع الحارة نقيع الصبر في ماء الهندبا المذكور في الأقراباذين .
والشربة منه ما بين أوقية إلى ست أواق وينفع فيها فصد الجبهة وفصد عرق الأنف جداً وإذا كان دوراً فيجب أن ينقّى البدن قبله ويبدل المزاج بعد التنقية فإن كانت المادة حارة جعلت المخدرات على الصدغين من الأفيون وقشور أصل اللفاح والشب والبنج والكافور وبردت الموضع بما تدري مما ذكر في القانون وقد ينتفعون بمداد الكتاب يطلى به الشق الذي فيه الشقيقة ومن أطلية جباه أصحاب الشقيقة الزعفران وينتفعون بضماد متّخذ من سذاب ونعنع بخبز ودهن ورد وكذلك الطلاء بأقراص بولس المذكورة في الأقراباذين وكذلك استعمال ضمّاد حب الغار وورق السذاب جزء جزء خردل نصف جزء يجمع بالماء ويستعمل .
وأبلغ منه قيروطي متّخذ من الذراريح حتى ينفط الموضع أو من ثافثيا وهو مقرّح يحاكي منفعة الكيّ وإن كانت المادة الباردة شديدة البرد جدا ضمدت بفربيون وخردل وعاقر قرحا وما أشبه ذلك .
وأما المزمن الذي طالبت مدته فهو بارد على كل حال ويحتاج إلى التحليل وإلى ما يسخّن بقوة .
وقد ذكرنا أطلية ونطولات مشتركة وخاصة بالشقيقة في الأقراباذين فيستعمل ذلك لماذا استعملت الأطلية وكنت قد استفرغت البدن ونقيته فتقدّم بتمريخ عضل الصدغ في جهة الوجع بأصابعك وبمنديل خشن عند وقت الدور ثم اطلِ وإذا احتجت إلى التخدير واشتدّ الوجع الضرباني فقد ينفع أن يطلى على الشريان في الصدغ الذي يلي الموضع بأفيون مع الأنزروت والقوابض وأن يشدّ الآنك أو خشبة مهندمة عليه لتمنع من النبض القوي المحدث للوجع الضرباني كما قد بيناه فيما سلف من القانون في الكي .


وقد ذكر بعض المتقدّمين علاجاً للشقيقة المزمنة مجرباً نافعاً مأخوذاً من امرأة وذلك أن يطبخ أصول قثاء الحمار وأفسنتين في ماء وزيت حتى يتهربا ثم تنطل شقّ الألم بالماء والزيت حارين وتضمّد بالثقل وكان كما استعمل هذا أبرأ الشقيقة كانت بحمّى أو بغير حمى وليس من الأضمدة كضمّاد الخردل وإذا طالت العلة ضمّدت بثافسيا وقشور أصل الكبر والعنصل والفربيون مسحوقة منخولة معجونة بشراب ريحاني فإنه علاج عظيم النفع منها .
ومما ينتفعون به أن يتبدئوا فيدخلوا الحمام ويكثروا الإكباب على الماء الحار ثم يسعطوا بدهن الفستق فإن ذلك يخدر الوجع إلى الكتفين من ساعته والتقط النسخ المكتوبة في الأقراباذين والمفردات الموردة في ألواح الأدوية المفردة .
المقالة الثالثة أورام الرأس وتفرق اتصالاته
فصل في قرانيطس
وهو السرسام الحار : يقال قرانيطس للورم الحار في حجاب الدماغ الرقيق أو الغليظ دون جرمه وإن كان جرمه قد يعرض له ورم وليس كما ظنّ بعض المتطبّبين أن الدماغ لا يرم بنفسه محتجاً بأن ما كأن ليّناً كالدماغ أو طلباً كالعظام فإنه لا يتمدّد .
وما لا يتمدّد فإنه لا يرم فإن هذا الكلام خطأ وذلك لأن اللين اللزج يتمدّد والعظام أيضاً ترم .
وقد أقرّ به جالينوس وسنبيّن القول فيه في باب الأسنان بل نقول أن كل ما يتغذي فإنه يتمدد ويزداد بالغذاء وكذلك يجوز أن يتمدد ويزداد بالفضل وذلك هو الورم ولكنه وإن كان الدماغ قد يتورّم فإن قرانيطس والسرسام اسم مخصوص بورم حجاب الدماغ إذا كان حاراً وإن كان في بعض المواض قد أُطلق أيضاً على ورم جوهر الدماغ وهو الاستعمال الخاص لهذا الاسم إلا أنه منقول من اسم العرض الذي يلزمه وهو الهذيان واختلاط العقل مع حرارة محرقة فالاسم العاميّ واقع على هذا العرض والصناعيّ على هذا الورم .


وهذا النقل شبيه بنقل اسم العرض وهو النسيان إلى مرض يوجبه ويقتضيه وهو السرسام البارد وإذا استعمل السرسام بالاستعمال العاميّ دخل فيه السرسام الدماغي وهو هذا .
ومن الناس ممن لا يعرف اللغات يحسب أن البرسام اسم لهذا الورم وأن السرسام أخفّ منه وليس ذلك بشيء فإن البرسام هو فارسي والبرّ هو الصدر والسام هو الورم والسرسام أيضاً فارسي والسر هو الرأس والسام هو الورم والمرض والسرسام الكائن في الحميات والكائن لأخلاط في فِم المعدة محرقة والذي ربما كان لأورام في نواحي الرأس خارجة أو في الغشاء الخارج .
والسرسام الكائن مع البرسام وهو الذي يكون بمشاركة الحجاب وأورامه وسائر عضلات الصدر والكائن في ورم المثانة والرحم والمعدة .
والاشتراك الواقع في هذا الاسم تختلف أوصاف المصنفين له كما تختلف أوصاف المصنّفين لليثرغس الذي هو السرسام البارد الذي يسمى النسيان لكن السرسام الحقيقي بحسب الاستعمال الصناعي هو ما قلناه وربما ورم معه جوهر الدماغ أيضاً مشاركة أو انتقالاً وذلك شديد الرداءة يقتل في الرابع فإن جاوزه نجا وأكثر من يموت بالسرسام يموت لآفة في النفس .
ولهذا الورم مواضع مختلفة بحسب أجزاء الدماغ المختلفة وربما اشترك فيه جزءان أو عمّ المواضع كلها .
وأكثر ما يكون إنما يستقر عموده إلى ما يلي التجويف المقدم وإلى الأوسط ومبدأه دم أو صفراء صحيحة أو حمراء صحيحة أو محرقة ضاربة إلى السوداء وهو رديء جداً وكأنه ليس يكون في الأكثر إلا عن دم مراري دون الدم النقي أو عن صفراء وكأنه لا ينقضي إلا بعرق أو رعاف وكثيراً ما يرم الحجاب والعروق التي تخرج من الرأس حتى تكاد تتفتّح الشؤون معه .


وما كان منه اختلاط عقل مركب من بكاء وضحك ساعة بعد أخرى فهو رديء وكذلك إذا كان انتقالاً من ذات الرئة لأنه يدلِّ على شدة حرارة الخلط وكذلك لو انتقل إلى غير الحقيقي وإذا كان عرض أن دام الثقل في نواحي الرأس والرئة ثم عرض تشنّج وقيء زنجاري مات العليل في ساعته وأطول مهلته يوم أو يومان إن كانت القوة قوية وأرجى أصناف قرانيطس أن يذكر العليل ما كان يهذي به بعد خفّ حمّاه وإذا عرض لهم هموريذوس كان دليلاً محموداً وإذا شخص المبرسم فتقيأ مراراً أحمر وهو ضعيف فإنه يموت في يومه أو قوي فبعد يومين .
وما رؤي أحد به ورم في نواحي الدماغ يكون بوله مائياً فيخلص وكثيراً ما ينحل قرانيطس بالبواسير إذا سالت وقد يبرد وينتقل إلى ليثرغس وربما تخلّص عنه فأوقع في دق أو جنون وكثيراً ما ينتقل الغير الحقيقي إلى الحقيقي وقلما يتخلص المشايخ من علة قرانيطس .
وقد زعم بعض المتطببين أنه ربما عرض مرض شبيه بقرانيطس من غير حمّى وكونه من غير حمّى دليل على خلوّه من الورم .
قال : لكنه يكون شديد القلق والتوثّب لا يملك صاحبه قراراً ويكاد يتسلّق الحيطان ويشتد ضجره وغمه عطشه وضيق نفسه وإذا شرب الماء شرق به وقذفه قيل : وهو قاتل من يومه في الأكثر وربما امتدّ إلى أربعة أيام ولن ينجو منه أحد بل يعرض لهم أن يسوّد وجوههم وألسنتهم وتكون أعينهم جامدة وحالتهم كحالة الملهوفين ثم تلين حركاتهم ويسقط نبضهم ويموتون وأكثر موتهم بالاختناق وتراه يعدو ثم تراه إثر ذلك قد سقط ومات .
أقول : لا يبعد أن يكون السبب في ذلك مشاركة من الدماغ لعضو آخر كريم مثل عضل النفس إذا عرض له تشنّج عظيم أو فساد آخر ينحو نحو الخناق ويتأدّى إلى الدماغ فيشوّشه ويفسده ويخلط العقل ويعطش بتجفيف نواحي الحلق والصدر .


أما علاماته المشتركة لأصنافه الحقيقية فحمى لازمة يابسة تشتدّ في الظهائر على الأكثر وهذيان يفرط تارة وينقطع أخرى كراهة للكلام وكسلاً عنه ويختلط العقل وأكثره بقرب الرابع وعبث الأطراف ونفس مضطرب غير منتظم ولكنه عظيم وامتداد من الشراسيف إلى فوق كثيراً واختلاج أعضاء معه وقبله ينذر به وربما كان معه نوم مضطرب ينتبهون عنه فيصيحون وتارة ينامون وتارة يسهرون ويكون في الأكثر نومهم مضطرباً مشوّشاً مع خيالات وأحلام فاسدة هائلة وانتباه مشوّس مع صياح ويكون هناك وقاحة وجسارة وغضب فوق المعهود ويبغضون الشعاع ويعرضون عنه وتضطرب ألسنتهم اضطراباً شديداً وتخشن ويعضون عليها وربما ورمت .
وكثيراً ما ينقطع صوتهم ويشتهون الماء فيشربون منه قليلاً لا يكثرون وليس أيضاً شهوتهم له كثيرة .
وكثيراً ما تبرد أطرافهم من غير برد من خارج يوجبه .
وأما أبوالهم فتكون مائلة إلى الرقّة واللطافة وأما نبضهم فيكون صلباً بسبب كون الورم في عضو عصبي صعب لصلابة العرق وضعف القوة مضغوطاً للمادة في نبضهم قوة ما إلا أن يقاربوا الخطر لأن اليبس يجمع ويشد .
ويكون آخر الانقباض وأول الانبساط أسرع ولا تخلو منشاريته عن موجية ما لأن الدماغ جوهر رطب .
وقد يعرض لنبضهم أن يعرض مراراً أو يعظم للحاجة وأن يتواتر وأن يختلف في أجزاء الوضع ويرتعش وذلك مما ينذر بغشي اللهم إلا أن يكون جنساً من الاختلاف والارتعاش والارتعاد توجبه صلابة العرق وقوة القوة فلا ينفر به .
وقد يعرض للنبض منهم أن يكون تشنجياً فينذر بتشنّج .
وإذا رأيت علامات أمراض حادة وحميات صعبة واعتقلت الطبيعة فإن ذلك ينذر بسرسام وكأنه من المنذرات القوية ويتقدّم قرانيطس نسيان للشيء القريب وحرن بلا علّة وأحلام رديئة وصداع كثير وثقل وامتلاء ويتقدمه في الأكثر صفار الوجه وسهر طويل ونوم مضطرب .
وتشتدّ هذه الأعراض ما دامت المواد تتوجه إلى الدماغ وتدور في عروقه وتترقرق .


وإذا قربوا منه وتشرب الدماغ المادة وجدوا ابتداء وجع من خلف الرأس عند القفا وخصوصاً في الصفراوي .
وإذا وقعوا فيها وورم الدماغ تيبّست أولاً أعينهم يبساً شديداً ثم أخذت تدمع وخصوصاً من إحدى العينين ورمصت وكثيراً ما يعرض أن تحمر عروقها حمرة شديدة وربما عقبه قطرات دم من الأنف وكثيراً ما يدلكون أعينهم ومالوا إلى سكون وهدوّ في أكثر البدن إلا في اليدين فإنه ربما يعبث بهما ويلقط التبن والزئبر .
وقد يكون ذلك في الأكثر مع تغميض وقد يكون مع تحديق وضجر وربما كسلوا عن الكلام الفصيح لا يزيدون على تحريك اللسان وربما حدث بهم تقطير بول بمعرفة منهم أو بغير معرفة .
وهو في الحميات من الدلالات القوية على السرسام الحاضر ويغفلون عن الآلام إن كانت بهم في أعضائهم بل لو مس شيء من أعضائهم الألمة بعنف لم يشعروا به .
ونزيد فنقول : إذا وقع الورم في الجانب المقدم أفسد التخيل فأخذوا يلقطون الزئبر من الثياب والتبن وما أشبهه من الحيطان وتخيلوا أشباحاً لا وجود لها .
وإن كان إلى الوسط أفسد الفكر فخلط فيما يعلمه ويلفظ الهذيان الكثير وإذا وقع إلى ما يلي خلف نسي ما يراه ويفعله في الحال حتى أنه ربما دعا بالشيء فيقدم إليه فلا يذكر أنه طلبه وربما دعا بالطشت ليبول فيه فيقدّم إليه فينساه وإن اشتمل الورم على الجهات كلها ظهرت هذه العلامات كلها وإن تورّم معه الدماغ إحمرّ الوجه والعين وجحظت العينان جحوظاً شديداً أو احمرتا إن كانت المادة المورمة دماً واصفرتا إن كانت المادة المورمة صفراء صرفاً .
وأما الكائن من الاختلاط بالمشاركة فيدلّ عليه وقوعها دفعة وتابعاً لسوء حال عضو آخر ونائباً مع نوائب اشتداد ينقص لنقصان في حال غيره وتزيد بزيادتها .
والكائن عن السرسام الدماغي يحدث قليلاً قليلاً ويلزم .
وعلامات السرسام الحقيقي تتقدّم ثم يعرض المرض وأما الغير الحقيقي فتتقدّمه أمراض أعضاء أخرى ثم تظهر علاماته .


وأما الكائن من جهة الحجاب الحاجز وعضلات الصدر فتتقدّمه علامات السرسام وذات الجنب من وجع ناخس في الجنب عند التنفّس وضيق نفس ونبض منشاري وسعال يابس أولاً ثم يرطب في الأكثر وينفث ويكون مع حمّى لازمة أكثر حرارتها في نواحي الصدر وفي الحقيقي في نواحي الرأس ويكثر فيه تمدد الشراسيف إلى فوق ويختصّ به حسّ وجع فوق الجمجمة غير شامل ولا تكون العلامات المذكورة فيما سلف قوية كثيرة ونفسه يكون مختلفاً يضعف مرة فيتواتر ويعظم أخرى ويكون ميله إلى الصغر والضعف أكثر ويكون مرة كالزفرة .
وأما في قرانيطس الحقّ فيكون النفس أعظم بل عظيماً ويشترك السرسامان في قوة الاختلاط ولكن يفارق السرسام التابع للسرسام الحقّ بأنها تتبع في قوتها قوة الحمى وتخفا معه خفة الحمى .
وأما الكائن لخلط في فم المعدة فإنه يحسّ معه بلذع في فم المعدة وغثيان وعطش ومرارة فم .
والكائن بسبب أورام أعضاء أخرى فيعلم ما يظهر من أحوالها فإنها ما لم تكن ظاهرة جلية لم تؤد إلى اختلاط العقل والسرسام البين ليعلم ذلك .
فصل ولنذكر الآن علامات أصناف الحقيقي في السرسام : فنقول : أما الكائن عن الدم فأول علاماته أن عامة عوارضه المذكورة المشتركة تعرض مع الضحك وتعرض له قطرات رعاف ويعظم نفَسُهُ وتدمع عينه وترمص ولا يكون السهر الذي يعتريه بذلك وتكون خشونة اللسان فيه إلى حمرة مائلة إلى السواد ثم يسود ويكون اللسان فيه ثقيلاً وربما كسل عن الكلام لثقل اللسان وتكون خيالات التي تتشنج له حمراً وتكون عروق وجهه حمراً وعينه ممتلئة ويعرض له تواتر قعود وقيام من غير حاجة إليهما .


وأما الكائن عن صفراء صحيحة فإنه يسهر كثيراً وتجف معه العينان شديداً جداً ويخشن اللسان شديداً ويصفر أولاً ثم يسود وتشتد الحمى ويكثر الولوع بمسح العينين ويتخيلون أشياء صفراً وتدخل في أخلاقهم سبعية وسوران وحرص على الخصام وكأنه في هيئة من يريد أن يقاتل وتدق أنوفهم خصوصاً في أطرافها ويعرض لجباههم انجذاب شديد إلى فوق .
وأما الكائن من صفراء محترقة وهو الرديء المهلك فأول علاماته أن عامة عوارضه تعرض مع جنون وضجر ونفس عظيم وعبث وتكون أعينهم كدرة وتشبه صبار أو كأنه هو .
وأما علامات انتقاله فإن كان ينتقل إلى ليثرغس - وذلك أجرى لهم - رأيت العين تغور والتغميض يدوم والريق يسيل والنبض يبطئ ويلين .
وأما علامات انتقاله إلى سفاقلوس والورم الدماغي : أن تظهر علامة سفاقلوس ويغيب سواد العين ويظهر البياض في الأحيان ويأبى الاضطجاع إلا مستلقياً وينتفخ بطنه وتمتد شراسيفه ويكثر اختلاج أعضائه .
وعلامة انتقاله إلى الدقّ غؤور العينين وهدو الحمى وقحل البدن وصغر النبض وصلابته .
وأما علامات انتقاله إلى التشنّج فقد أوردناه في باب التشنج .
أما المشترك لأصنافه الحقيقية فالفصد من القيفال وإخراج دم صالح بل كثير جداً وتبادر إلى ذلك كما تبتدئ الأخلاط إن لم يمنع من ذلك مانع قوي ويجب أن يكون فصده مع احتياط في تعرّف حاله من الغشي هل وقع فيه أو قرب منه ويحبس الدم عند القرب من الغشي ويحتال في معرفة ذلك فإنه لا يظهر فيهم حال الإفاقة من حال الغشي ظهوراً كثيراً ولكن النبض قد يدل عليه فإنه إذا ارتعش أو انخفض واختلف بلا نظام حتى تجد واحدة عظيمة وأخرى صغيرة دل على قرب الغشي .


ويجب أن يحتاط في عصب العصابة عليه حتى يكون موثقاً لا تحله حركاته واضطراباته التي لا عقل له معها فربما حله وأرسله بنفسه بخيال فاسد يستدعيه إليه ثم بعد ذلك يفصد عرق الجبهة إن كانت القوة قوية وأوجبته الحال وقوة المرض وأما إن لم تساعد القوة والأحوال على فصده الكلي من يده أو لم يُمَكَنْكَ من يده وأحوجه ما يراود عليه من ذلك إلى قلق وضجر شديد فافصده من الجبهة واجعل على رأسه في الابتداء دهن الورد مع الخل مبرداً وسائر ما عددنا لك من العصارات المبرّدة وينتفع الصفراوي بتضميد رأسه بورق العلّيق جداً وأسكنه بيتاً معتدل الهواء ساذجاً لا تزاويق ولا تصاوير فيه فإن خيالاته تولع بها بتأملها وذلك مما يؤذي دماغه وحجب دماغه .
ويجب أن يكون في مسكنه وبالقرب منه من المشمومات الباردة مثل النيلوفر والبنفسج والورد والكافور والتي عددناها لك في القانون .
وأصْحِبْة أصدقاءه الظرفاء المَحبوبين إليه المشفقين عليه ومن يستحي منه فيكف بسببه عن تخليطه واضطرابه الضارين واجتهد في تنويمه ولو بتقريب شيء من الأفيون من جبينه وأنفه إن كانت القوة قوية وإلا فإياك وذلك فإنه مهلك بل استعمل مثل شراب الخشخاش وضمّد رأسه بالخس واسقه بزر الخشخاش في ماء الشعير .


على أن الأصوب أن يدافع بالفصد إن احتمله الوقت ولم يكن في تأخيره خطر تفعل ذلك في الابتداء يومين أو ثلاثة ثم إذا افتصد لم يبالغ إن أمكن حتى يبقى في البدن دم تقوى به الطبيعة على مصارعة البحرانات وعلى فقد الغذاء إن أوجبه الوقت وبعد فصدك إياه فإن من الصواب أن تحقنه بحقنة ليّنة جداً مثل دهن ورد مع ماء شعير أو الماء والزيت وإن احتجت إلى ما هو أقوى من هذا بعد أن يكون في درجة اللّينة فعلت واجذب المواد إلى أسفل من كل وجه من دلك اليدين والرجلين وغمزهما وصبّ الماء الحار عليهما بل بالعَصْبِ والشدّ المذكورين بل بتعليق المحاجم عليهما وخصوصاً في حال هبوط الحمى وقبل اشتدادها إن كان لها ذلك .
وربما وجب في ابتداء العلة أن تلزم المحجمة كاهله وخذه أولاً بغاية تلطيف الغذاء حتى يقتصر على السكنجبين السكري ثم بعد ذلك بيوم أو يومين فانقله إلى ماء الشعير الرقيق مع السكنجبين ثم الغليظ وراع في ذلك القوة والعلّة وكلما رأيت أعراض العلة أشدّ فحدّه بتلطيف الغذاء أكثر إلا أن يخاف سقوط القوة فيغذوا وجنّبهم الماء الشديد البرد خاصة إن كان في الحجاب الحاجز ورم أو في الأحشاء وكلما ترى العلّة تنحطّ فدرج في الغذاء وَزِدْ منه واجعله من القرع والبقول الباردة والماش والحبوب الباردة إمَّا إسفيذباجة وإما محمّضة بالفواكه الباردة وفي هذا الوقت ينتفعون بالخبز السميذ منقوعاً في ماء بارد جداً أو جلاب مبرّد بالثلج جداً .
ويجب أن يستعمل في الابتداء الرادعات الصرفة إلاّ أن يكون من الجنس العظيم الذي ترم فيه العروق التي تخرج من الرأس مشاركة للحجاب فهناك يحتاج أن يبدأ بما فيه قليل إرخاء وتسكين وجع ثم القوابض وتلتجئ إلى الحقن التجاء شديداً ثم استعمل في الأكثر نطولات مبرّدة ليست بقابضة واجعل فيها قليل خشخاش لينوم وقليل بابونج أيضاً ليقاوم الخشخاش ويحلّل أدنى تحليل .


وإذا انتقصت العلّة بهذه العلاجات وبقي الهذيان فاحلب على الرأس اللبن من الضرع والثدي أما إن كانت القوة قوية فلبن الماعز وإن كانت ضعيفة فلبن النساء وكل حلبة أتت عليها ساعة فاعقبها غسلة بالنطولات المعتدلة التي يقع فيها بنفسج وأصل السوسن وبابونج مع سائر المبردات كما قال بقراط في القراباذين .
فإن طالت العلّة ولم تزل بهذه المعالجات أو كانت ثقيلة سباتية وجاوز حد الابتداء وكان السكون فيها أكثر من الحركية فجنبه المبرّدات الشديدة التبريد وخاصة الخشخاش وزد في النطولات حينئذ بعد السابع نماماً وفودنجاً وسذاب وعصارة النعناع وإكليل الملك واجعل على الرأس لعاب بزر الكتان بالزيت والماء وعرق البدن في أدهن مسخّن دائماً .
وإذا أردت أن تحفظ القوة بعد طول العلة ومجاوزة السابع فما فوقه فلك أن تسقيه قليل شراب ممزوج .
وكثيراً ما يعرض لهم القيء فينتفعون به وربما سقي بعضهم ماء ممزوجاً بدهن بارد رطب فيسهّل قذفهم ويرطبهم وإذا لم يبولوا لفقدان العقل وضعف الحسّ مرخت مثانتهم بدهن فاتر وأفضله الزيت أو نطلتها بماء حار أو بماء طبخ فيه البابونج ثم غمرت عليها حتى يحرّ البول واعتن بهذا منهم كل وقت واغمر مثانتهم في كل حين يتوقع فيه بوله فإن لم يجب بذلك استعمل النطولات على ما ذكر ويجب أن تشدهم رباطاً إن وجدتهم يكثرون التقلب في الاضطراب ويتضررون به تضرراً شديداً وخاصة إذا كنت فصدتهم ولم يلتحم الشقّ بعد ثم إذا أمعنوا في الانحطاط وخرجوا عن عمود العلة أكثر الخروج دبرتهم تدبير الناقهين وألزمتهم الأرجوحات وجنبتهم الأهوية والرياح الرديئة والحارة والسموم والشمس لئلا ينتكسوا وإن أردت تحمّمهم حممهم في مياه عذبة تحميمات خفيفة لتنوِّمَهُمْ ففي تنويمهم منافع كثيرة وأطعمهم اللحوم الكثيرة الخفيفة .
فهذا هو القول الكلي في علاجهم .


وأما الذي يختلف فيه الصفراوي والدموي فإن الصفراوي يحتاج في علاجه إلى إسهال الصفراء أكثر وفصد أقلّ ويكون إسهال الصفراء منه بما يسهِّل شرباً من المزلقات اللطيفة المذكورة والمنقِّيات للدم ولك أن تجعل فيها الشاهترج إن علمت أن الطبيعة تجيب على كل حال وربما جعلوا فيها سقمونيا إذا كانوا على ثقة من إجابة الطبيعة بحسب عادة العليل ولا يبلغ الصفراوي عند الفصد قرب الغشي بل يفصد فصداً صالحاً مع تحرز من ذلك ثم يستفرغ بالإسهال وأيضاً لتجعل أدويته باردة رطبة .
وأما أغذية الدموي فباردة ويجوز أن تكون قابضة إذا وقع الفراغ من الإسهال والحقن مثل الحصرمية والرمانية والسفرجلية والتفاحية .
وأما الصفراوي فلا تصلح له هذه بل مثل القرعية والكشكية أعني المتّخذ من الشعير المقشر والإسفيدباجية والقطفية والمُحِّية وما أشبه ذلك ويكون تحميضها بخل وسكر أو بالنيشوق أو بالإجاص وما أشبه ذلك .
واعلم أن الصفراوي محتاج إلى تطفئة أكثر والدموي إلى تحليل أكثر ولا تحذر في الصفراوي من التبريد كل الحذر الذي تحذر في الدموي ولا تجنبه الماء البارد كل ذلك التجنب ويجب أن تعتني فيه بالتنويم أكثر وذلك بمثل النطولات المرطّبة وباستعمال أدهان الخسّ والقرع وما أشبههما سعوطات وما كان من الصفراوي صفراؤه محترقة أكثرت العناية بالترطيب واستعملت
فصل في الفلغموني العارض لنفس جوهر الدماغ
أكثر ما يعرض هذا يعرض من دم عفن يورم الدماغ وربما فرق الشؤون وخلخل الشبكة ويكاد الرأس معه أن ينصاع وينشق ويشتدّ معه الوجع وتحمرّ العيان وتجحظان جداً وتحمرّ الوجنتان جداً وربما عرض معه قيء وغثيان بمشاركة المعدة ويميل إلى الاستلقاء جداً على خلاف المعتاد من الاستلقاء وعلى خلاف النظام وهو يقتل في الأكثر في الثالث فإن جاوزه رجي .
وأعلم أن العلّة ليست بصعبة جداً وإلا لما احتملها عضو بهذا القوام وبهذا الشرف .


وعلاجه علاج السرسام وأقوى وينفع منه فصد العرق الذي تحت اللسان منفعة شديدة وذلك بعد فصد العرق المشترك والعروق الأخرى .
فصل في الحمرة في الدماغ والقوباء
ربما عرض أيضاً في الدماغ نفسه حمرة وقوباء ويكون الوجع شديداً والالتهاب شديداً لكن الوجه يعرض فيه برد لكمون الحرارة وصغره لذلك وخاصة في العين ثم يسخن دفعة ويحمر وأما في الأغلب فيكون إلى الصفرة والبرد ويكون اليبس شديداً في الفم ولا يكون معه من السّبات كما في الفلغموني ولكن الأعراض فيه أهول والحمّى أشدّ .
وعلاجه علاج صباري وأكثره قاتل في الثالث فإن لم يقتل نجا .
ويعرض للصبيان الحمرة في الدماغ فيغور معه اليافوخ والعينان وتصفرّ العين وييبس البدن كله فيعالجون بمخ البيض مع دهن الورد مبرّداً مبدّلاً كل ساعة وبالعصارات والبقول الرطبة الباردة على الرأس خاصة القرع وقشور البطيخ والقثاء وغير ذلك حسب ما تعلم .
فصل في صباري
يقال صباري لجنون مفرط يعرض مع سرسام حار صفراوي حتى يكون الإنسان - مع أنه مسرسم - يهذي مجنوناً مضطرباً مشوّشاً والقرانيطس الساذج يكون بعد هذيان واختلاط عقل ولا يكون معه جنون فإن كان فهو صباري وأيضاً كأنه مانيا مركّب مع قرانيطس .
كما أن قرانيطس كأنه مالنخوليا مركب مع ورم وحمى وكثيراً ما يتقدّم فيه الجنون ثم يعقبه الورم والحمى .
وإنما يكون صباري إذا كان قرانيطس عن الحمراء الصرف والمحترقة فإنها إذا اندفعت إلى الدماغ وأحدثت جنوناً بأول وصولها وأحدثت معه أو بعده ورماً كانت سبب صباري .


وفي قرانيطس يكون الجنون عارضاً عن الورم وفي صباري الجنون والورم حادثان معاً عن المادة ليس أحدهما سبباً للآخر منه وجد الآخر وإن كان ربما صار كل واحد منهما سبباً للزيادة في الآخر وِإذا جعل صباري يظهر كان سهر طويل ونوم مضطرب وفزع في النوم ووثب ونَفس كثير متواتر ونسيان وجواب غير شبيه بالسؤال واحمرار العينين واضطرابهما وثقل فيهما وكأنهما قذيتان وربما كان فيهما على نحو ما ذكرناه اصفرار ويكون هناك إحساس تمدد عند القفا ووجع لتصاعد البخار ويكون أيضاً فيهما سيل من الدمع بغير إرادة من عين واحدة ثم إذا استقرّ المرض صلبت الحمّى وخشن اللسان ويبس ثم في آخره تسكن حركات الجفون للضعف وتثقل الحركة حتى تحريك الجفون ويبقى من الجنون الهذيان المتقطّع مع عجز عن الكلام وقلّة منه ويقبل في الأكثر على التقاط الزيبر والتبن ويزداد النبض ضعفاً وصغراً وصلابة لليبس .
وقد يقع منَ صباري ما ليس بمحض صرف فتختلف حالاته من الكلام والذكر والحركات فتكون تارة منتظمة وتارة غير منتظمة .
وعلاجه بعينه علاج السرسام الصفراوي مع زيادة في الترطيب كثيرة ويجب أن يدام ربط أطرافه .


القانون
القانون
( 27 من 70 )

فصل في ليثرغس
وهو السرسام البارد وترجمته النسيان : يقال ليثرغس للورم البلغمي الكائن داخل القحف وهو السرسام البلغمي وأكثره يكون في مجاري جوهر الدماغ دون الحجب والبطون وجرم الدماغ لأنّ البلغم قلّما يجتمع وينفذ في الأغشية لصلابتها ولا في جوهر الدماغ للزوجته كما أن ذات الجنب أيضاً في الأكثر صفراوية وفلما تكون بلغمية لقلة نفوذ البلغم في جوهر صفاقي عصبي صلب .
على أنه يمكن أن يكون ذلك الأقل منهما جميعاً فيمكن أن يقع هذا الورم في جوهر الدماغ وفي حجبه .
وهذه العفَة مسماة باسم عرضها لأن ترجمة ليثرغس هو النسيان وهذه العلة يلزمها النسيان .
ومن اسمها أخطأ فيها كثير من الأطباء فلم يعرفوا أن الغرض فيها هو المرض الكائن من ورم بارد بل حسبوا أن هذه العلة هي نفس النسيان وعلى أن بعض الأطباء يسمي ليثرغس كل ورم بارد في الدماغ سوداوياً كان أو بلغمياً إلا أن كثر المتقدمين يخصّون بهذا الاسم البلغمي ولك أن تسقي به كليهما .
ومادة هذه العلة قريبة من مادة السدر لكنها أشدّ استحكاماً وهذه العلة تتولد عن كل ما يولد خلطاً بلغمياً وفيه تبخير ولذلك كثيراً ما تتولد عن أكل البصل وتتولّد عن التخمة الكثيرة وكثرة الشرب وكثرة أكل الفواكه .


العلامة : صداع خفيف وحمى لينة فإنه لا بد من الحمى في كل ورم عن خلط عفن وبذلك يفارق السُبات لكنها تكون لينة لأن المادة بلغمية وهذه الحمى ربما لم يحس بها ويكون معها سُبَات ثقيل كلما يفتح صاحبه العين يغمض ويكون معها نسيان ونَفَس متخلخل بطيء وجداً ضعيف وكله مع ضيق يسير وبزاق وكثرة تثاؤب وفتح فم وضمه وربما بقي فمه بعد التثاؤب ونحوه مفتوحاً لنسيانه أنه يجب أن يضم أو لكسله عنه وإن أراده ويكون به فواق لمشاركة المعدة وبياض في اللسان وكسل عن الجواب وعن حركة الأجفان واختلاط عقل ويكون البرازقي الأكثر رطباً وإن جف جف جفافاً معتدلاً والبول كبول الحمير .
وربما عرض لهم الارتعاش وعرق الأطراف .
وهم بخلاف أصحاب قرانيطس يتصدعون ويكون النبض عظيماً متفاوتاً بطيئاً زلزلياً متموجاً بنبض ذات الرئة أشبه لكنه أقلّ عرضاً وطولاً وأبطأ وأشدّ تفاوتاً وأقل اختلافاً لأن تأذي القلب به أقل ويقع في نبضه الواقع في الوسط أكثر لأن القوة الحيوانية فيه أسلم والحمى معه أقل لبعده من القلب وسباته أكثر لأن المادة ههنا في نفس الدماغ وفي ذات الرئة متصاعدة من ورم الرئة .
وأما إن قيل للسوداوي أنه ليثرغس فعلامته أن الوجع يكون أشد ويكون معه ضجر وهذيان وتكون العين مفتوحة مبهوتة وإذا كان الليثرغس في جوهر الدماغ كان السبات أشد وَعسر الحركات أكثر وبياض اللسان فيه شديداً جداً والعين إلى الجحوظ وعسر الحركة والوجع إلى الرخاوة .
وإن كان في الحجاب كان الوجع أشد والحركات أخف ويقع فيه كثيراً احتباس البول للنسيان ولضعف العضل المبولة .
ومن علامات مصير الإنسان إلى ليثرغس كثرة اختلاج رأسه مع كسل وثقل وإذا اشتدت أعراض ليثرغس وكثر العرق جداً فهو قاتل لإسقاط العرق للقوّة وإذا اتسع النفس وجاد وانحطت الأعراض فهو إلى السلامة وخصوصاً إن ظهرت أورام خلف الأذن فإنَ كثيراً من بحراناته تكون بها .


العلاج : إن لم يعق عائق فصدت أولاً ثم استعملت الحقن الحارة وجذبت المواد إلى أسفل وقيأته بريشة لطختها خردلاً وعسلاً وأسكنته بيتاً مضيئاً ومنعته الاستغراق في السبات ملحاً عليه بالانتباه ومنعت المادة في أول الأمر بدهن الورد والخل ثم بعد يومين من ابتدائه تخلط به جندبيدستر وتجعل الخلّ خل العنصل ولم تسقه الماء البارد إلا قليلاً وفي الابتداء خاصة وعند الانتهاء وخاصة في آخره تمنعه ذلك منعاً ثم يمرخ البدن بزيت ونطرون وبزر الأنجرة وبزر المازريون وفلفل وعاقر قرحا وما أشبهه وتستعمل النطولات القوية التحليل والشمومات والعطوسات وغراغر ملطفة فيها حاشا وزوفا وفودنج وصعتر وغراغر بعسل وعنصل وسائر ما علمته في القانون .
وإذا استعملت العنصل على رأسه - خصوصاً الرطب - انتفع به جداً ويستعمل أيضاً سائر المحمرات على الرأس ولطوخ الخردل وتديم دلك أطرافه وتغمزها حتى تحمر وتتألم فإنه عظيم المنعة .


وإذا غرقوا في السبات مددت شعور رؤوسهم وتنفف بعضها وتضع على أقفائهم عند النقرة محاجم كثيرة بنار من غير شرط وربما احتجت إلى شرط عندما كان محتاجاً إلى استفراغ دم وإذا غذوت أحداً منهم غفوته بمثل ماء الترمس وماء الحمص مع ماء الكشك وإذا غفوته فأقبل على غمز أطرافه ساعات لئلا ينجذب البخار إلى فوق فإن احتجت لطول العلة أن تسقيه مسهلاً - وخاصة إذا ظهر به ارتعاش - سقيته ثلثي مثقال جندبيدستر مع قليل سقمونيا أقل من دانق فإن خفت إفراطاً في الحمى اجتنب السقمونيا واقتصر على جندبيدستر وعلى تبديل المزاج دون الاستفراغ وأولى الاستفراغات به ما يكون بالحقن فإن اضطررت إلى غيرها سقيت أيارج فيقرا وزن درهم مع ربع درهم شحم الحنظل وثلث درهم هليلج ودانق مصطكي إن لم تكن الحمى شديدة الحرارة وكنت على ثقة من أنه يسهل فإن لم تثق بذلك فحمله حمولاً أو شيافة ليتعاون السببان على ذلك ثم نبّهه وكلفه أن يتكلف البراز وإذا عرض له نسيان البراز والبول نطلت الحالبين والبطن بالمياه المطبوخ فيها بابونج وإكليل الملك وبنفسج وأصول السوسن وغمزت المثانة ليبول ثم إذا انتبهت العلة استعملت الأراجيح والحمل ثم الرياضة اليسيرة وتدبير الناقهين حسب ما أنت تعلم ذلك .
فصل في الماء داخل القحف
إنه قد تجتمع رطوبات مائية داخل القحف وخارجه فإن كان خارج القحف دلّ عليه ما سنذكره عن قريب وان كان داخل القحف - وموضعه فوق الغشاء الصلب - أحس بثقل داخل وعسر معه تغميض العين فلا يمكن وترطبت العين جداً ودمعت دائماً وشخصت ولا حيلة في مثله .
فصل في الأورام الخارجة من القحف


قد يعرض في الحجب التي من خارج الرأس أورام حارة وباردة وقد يعرض - وخصوصاً للصبيان - علّة هي اجتماع الماء في الرأس وقد يعرض للكبار أيضاً هذه العلة وهذه العلّة هي رطوبات تحتبس بين القحف وبين الجلد أو بين الحجابين الخارجين مائية فيعرض انخفاض في ذلك الموضع من الرأس وبكاء وسهر . أما الصبيان فيعرض لهم ذلك في أكثر الأمر إذا أخطأت القابلة فغمزت الرأس ففرقته وفتحت أفواه العروق وسال إلى ما تحت الجلد دم مائي وقد يكون أخلاط أخرى غير الرطوبات المائية فإن كان لون الجلد بحاله وكان متعالياً متغمزاً مندفعاً فهو الماء في الرأس وإن كان اللون متغيراً واللمس مخالفاً وثم قوّة وامتناع على الدفع أو يحسّ بلذع ووجع فهو ورم من خارج القحف وأما في الصبيان وغيرهم إذا كان في رؤسهم ماء وأكثر ما يكون هذا للصبيان فيجب أن يتعرف هل هو كثير وهل هو مندفع من خارج إلى داخل إذا قهر فإن كان كذلك فلا يعالج وإن كان قليلاً ومستمسكاً بين الجلد والقحف فاستعمل إما شقاً واحداً في العرض وإما إن كان كثيراً شقّين متقاطعين أو ثلاثة شقوق متقاطعة إن كان أكثر وتفرغ ما فيه ثم تشد وتربط وتجعل عليه الشراب والزيت إلى ثلاثة أيام ثم تحلّ الرباط وتعالج بالمراهم والفتل إن احتجت إليها أو بالخيط والدرزان كفى ذلك ولم تحتج إلى مراهم وإن أبطأ نبات اللحم فقد أمروا بأن يُجرد العظم جرداً خفيفاً لينبت اللحم وإن كان الماء قليلاً جداً كفاك أن تحل الخلط المانع بالأضمدة .


وأما الأورام الحارة فأنت تعرف حارها وباردها باللمس واللون وبموافقة ما يصل إليه وتحسّ في كلها بألم ضاغط للقحف فإذا لمست أصبت الألم وتعالجه بأخفّ من علاج السرسام على أنك في استعمال القوي فيه آمن والحجامة تنفع فيه أكثر من الفصد قطعاً وأما عطاس الصبيان فينبغي أن تسقي المرضع ماء الشعير أو ماء سويقه إن كان بالصبي إسهال وتسقي حينئذ شيئاً من الطباشير المقلو وبزر البقلة مقلواً فإن الأسهال في هذه العلة رديء ولتجتنب المرضع التحميم ويجعل على يافوخه بنفسج مبرد .
فصل في السبات السهري
قد يسقيه بعض الأطباء الشخوص وليس به بل الشخوص نوع من الجمود فنقول : هذه علة سرسامية مركبة من السرسام البارد والحار لأن الورم كائن من الخلطين معاً أعني من البلغم والصفراء وسببه امتلاء ولده النهم وإكثار الأكل والشرب والسكر وقد يعتدل الخلطان وقد يغلب أحدهما فتغلب علاماته فإن غلب البلغمي سقي سباتاً سهرياً وإن غلب الصفراوي سمي سهراً سباتياً وقد يتفق في مرض واحد بالعدد أن يكون لكل واحد منهما كرة على الآخر فتارة يغلب البلغم فيفعل فيه البلغم سباتاً وثقلاً وكسلاً وتغميضاً ويشق عليه الجواب عما يخاطب به فيكون جوابه جواب متمهل متفكر .
وتارة تغلب فيه الصفراء فتفعل فيه أرقاً وهذياناً وتحديقاً متصلاً ولا تدعه يستغرق في السبات بل يكون سباته سباتاً ينبه عنه إذا نبه .


وعندما يغلب عليه البلغم يثقل السبات ويتغمّض الجفن إذا فتحه وعندما تغلب الصفراء يتنبه بسرعة إذا نبه ويهذي ويقصد الحركة ويفتح العين بلا طرف ولا تغميض بل ينجذب طرفه الأعلى كما يعرض لأصحاب السرسام ويشتهي أن يكون مستلقياً ويكون استلقاؤه غير طبيعي ويتهيّج وجهه ويميل إلى الخضرة والحمرة وعلى أنه في أغلب حالاته ينجذب جفنه إلى فوق ويغط فإذا فتح عينه فتح فتحاً كفتح أصحاب الشخوص والجمود بلا طرف وإذا نطق لم يكن لكلامه نظام ويشرق بالماء حتى إنه ربما رجع الماء من منخره وكذلك يشرق بالإحساء وهذه علامة رداءته .
وكثيراً ما يعرض فيه احتباس البول والبراز معاً أو قلتهما ويعرض له ضيق نفس وقد يشبه في كثير من أحوال اختناق الرحم ولكن الوجه يكون في اختناق الرحم بحاله ويكون سائر علامات اختناق الرحم المذكور في بابه وههنا يمكن أن يجبر فيه العليل على الكلام بشيء ما وأن يكلّف التفهم .
والمختنق رحمها لا يمكن ذلك فيها ما دامت في الاختناق وهذه العلّة تشبه ليثرغس أيضاً ولكن تفارقه بأن الوجه فيها لا يكون بحاله كما في أصحاب ليثرغس وأيضاً يعرض لهم سهر وتفتيح عين غير طارف والحمّى فيه أشدّ وتشبه قرانيطس ولكن يفارقه بأن السبات فيه أكثر والهذيان أقلّ وأما بالنبض فنبضه سريع متواتر بسبب الورم والاختلاط الحموي فيخالف نبض ليثرغس وعريض وقصير بسبب البلغم وورمه فيخالف قرانيطس وقصره لعرضه ثم هو أقوى من نبض ليثرغس وأضعف من نبض قرانيطس ويكون النبض غير متمدّد متشنّج متفاوت كما في اختناق الرحم ولا تكون القوة فيه باقية ولا خارجة عن النظم كل ذلك الخروج كما تكون في اختناق الرحم بل تكون القوّة ساقطة والنبض متواتر .


العلاج : أما العلاج المشترك فالفصد كما علمت ثم الحقن تزيد في حدّتها ولينها بقدر ما تجد عليه المادة بالعلامات المذكورة حين يتعرف هل الغالب مرة أو بلغم ويمنع الغذاء أيضاً على ما في قرانيطس وخاصة إن كان سببه إكثار الطعام وإن كان سببه إكثار الطعام قيأت المريض ونقّيت منه المعدة وإن كان سببه السكر لم يعالج البتة حتى ينقطع السكر ثم يقتصر على مرطبات رأسه ثم يعالج أخيراً بما يعالج به آخر الخمار .
وتشترك أصنافه في النطولات والضمّادات والعطوسات المذكورة والاستفراغات اللطيفة بما يشرب ويحقن مما علمت وتكون هذه الأدوية فيه لا في حدّ ما يؤمر به في قرانيطس من البرد ولا في حدّ ما يؤمر به في ليثرغس من السخونة بل تكون مركبة منهما ويغلب فيهما ما يجب بحسب ما يظهر من أن أيّ الخلطين أغلب .
وقد سبق لك في القانون جميع ما يجب أن تعمله في مثل هذا ويجب أن تجعل في نطولاته إن كانت المرّة غالبة أوراق الخلاف والبنفسج وأصول السوسن والشعير مع بابونج وإكليل الملك وشبث وربما سقيته شراب الخشخاش إن لم تخف عليه من غلبة البلغم .
والغرض في سقيه إياه هو التنويم فإن كانت المادتان متساويتين زيد فيه الشيح والمرزنجوش وإن كان البلغم غالباً زيد فيه ورق الغار والسذاب والفودنج والزوفا والجندبادستر والصعتر وكذلك الحال في الأضمدة والحقن على حسب هذا القانون ويمكنك التقاطها له من القراباذين .
وأما في آخر المرض وبعد أن تنحطّ العلّة فجنبه النطولات الباردة واقتصر على الملطّفات التي علمتها ثم حمّمه ودبره تدبير الناقهين .
فصل في الشجّة وقطع جلد الرأس وما يجري مجراه
التفرّق الواقع في الرأس أما في الجلد واللحم وأما في العظم موضحة أو هاشمة أو مثقلة أو سمحاقاً .
ومن السمحاق الفطرة وهو أن يبرز الحجاب إلى خارج ويرم ويسمن ويصبر كفطرة ومنها الآمة والجائفة وفيها خطر .


ويحدث في الجراحات الواصلة إلى غشاء الدماغ استرخاء في جانب الجراحة وتشتج في مقابله وإذا لم يصل القطع إلى البطون بل إلى حدّ الحجاب الرقيق كان أسلم وإذا وصل القطع إلى الدماغ ظهر حمّى وقيء مراري وليس مما يفلح إلا القليل .
وأقربه إلى السلامة ما يقع من القطع في البطنين المقدّمين إذا تدورك بسرعة فيضم .
واللذان في البطنين المؤخرين أصعب والذي في الأوسط أصعب من الذي في المؤخر وأبعد أن يرجع إلى الحالة الطبيعية إلا أن يكون قليلاً يسيراً وتقع المبادرة إلى ضمّه وإصلاحه سريعاً .
وأما العلاج فالمبادرة إلى منع الورم بما يحتمل .
فأما تفصيله فقد ذكرنا علاج الجراحة الشجيّة التي في الجلد واللحم حيث ذكرنا القروح في الكتاب الرابع وذكرنا علاج الكسِر منها في باب الكسر والجبر .
وللأطباء في كسر القحف المنقلع الذي هو المنقلة مذهبان مذهب من يميل إلى الأدوية الهادئة الساكنة الشديدة التسكين للألم ومذهب من يرى استعمال الأدوية الشديدة التجفيف ويستعملون نبعد قطع المنكسر وقلع المنقلع وجذب انكساره بالأدوية الجذابة من المراهم وغيرهما على الموضع من فوقه من خارج لطخاً من خلّ وعسل وكانت السلامة على أيدي هؤلاء المتأخرين منها أكثر منها على أيدي الأوّلين
المقالة الرابعة أمراض الرأس
وأكثر مضرتها في أفعال الحس والسياسة
فصل في السبات والنوم
يقال سبات للنوم المفرط الثقيل لا لكل مفرط ثقيل ولكن لما كان ثقله في المدّة والكيفية معاً حتى تكون مدّته أطول وهيئته أقوى فيصعب الانتباه عنه وإن نبّه فالنوم منه طبيعي في مقداره وكيفيته ومنه ثقيل ومنه سبات مستغرق .
والنوم على الجملة رجوع الروح النفساني عن آلات الحسّ والحركة إلى مبدأ تتعطل معه آلاتها عن الرجوع بالفعل فيها إلا ما لا بدّ منه في بقاء الحياة وذلك في مثل آلات النفس .


والنوم الطبيعي على الإطلاق ما كان رجوعه مع غور الروح الحيواني إلى باطن لإنضاج الغذاء فيتبعه الروح النفساني كما يقع في حركات الأجسام اللطيفة الممازجة لضرورة الخلاء وما كان أيضاً للراحة وليجتمع الروح إلى نفسه ريثما يغتذي وينمى ويزداد جوهره وينال عوض ما تحلّل في اليقظة منه وقريب من هذا ما يعرض لمن شارف الإقبال من مرضه فإنه يعرض له نوم غرق فيدل على سكون مرضه لكنه لا يدِلّ في الأصحّاء على خير .
وقد يعرض أيضاً من هذا القبيل لمن استفرغ كثيراً بالدواء وذلك النوم نافع له رادّ لقوّته وقد يعرض نوم ليس طبيعياً على الإطلاق وذلك إذا كان الرجوع إلى المبدأ لفرط تحلّل من الروح لا يحتمل جوهره الانبساط لفقد زيادته على ما يكفي الأصول بسبب التحلّل الواقع من الحركة فيغور كما يكون حال التعب والرياضة القوية وذلك لإستفراغ مفرط يعرض للروح النفساني فتحرص الطبيعة على إمساك ما في جوهرها إلى أن يلحقها من الغذاء مدد .
والفرق بين هذا وبين الذي قبله كالفرق بين طلب البدن الصحيح للغذاء ليقوم بدل التحلّل الطبيعي منه وطلب البدن المدنف بالإسهال والنزف للغذاء فإن الأوّل من النومين يطلب بدل تحليل اليقظة وهو أمر طبيعي والثاني يطلب بدل تحليل التعب وهو غير طبيعي .
وقد يعرض نوم غير طبيعي على الإطلاق أيضاً وهو أن يكون رجوع الروح النفساني عن الآلات بسبب مبرّد مضادّ لجوهر الروح إما من خارج وإما من الأدوية المبرّدة فتكتسب الآلات برداً منافياً لنفوذ الروح الحيواني فيها على وجهه أو مخدراً للتصبّب الحاصل فيها من الروح النفساني يفسد المزاج الذي به يقبل القوة النفسانية عن المبدأ فيعود الباقي غائراً من الضدّ ويتبلّد عن الانبساط لبرد المزاج وهذا هو الخدر .


وقد يعرض أيضاً بسبب مرطّب للآلات مكدر لجوهر الروح سادّ لمسالكه مُرَخ لجواهر العصب والعضل إرخاء يتبعه سدد وانطباق فيكون مانعاً لنفوذ الروح لأن جوهر الروح نفسه قد غلظ وتكدر لأن الآلات قد فسدت بالرطوبة ولاسترخائها جميعاً وهذا نوم السكر .
وقريب من هذا ما يعرض بسبب التخمة وطول لبث الطعام في المعدة وهؤلاء يزول سباتهم بالقيء .
وهذان السببان هما بعينهما سبباً أكثر ما يعرض من السبات إذا استحكما وقد يجتمع البرد والرطوبة معاً في أسباب النوم إلا أن السبب المقدّم منهما حينئذ يكون هو البرد وتعينه الرطوبة كما يجتمع في السهر الحر واليبوسة ويكون السبب الحقيقي هو الحَر وتعينه اليبوسة .
وللسبات أسباب أخر من ذلك اشتداد نوائب الحمّى وإقبال الطبيعة بكنهها على العلة وانضغاطها تحت المادة فيتبعها الروح النفساني كما قيل وخصوصاً إن كانت مادة الحمّى بلغمية باردة وإنما سخنت بالعفونة .
وقد يكون لرداءة الأخلاط والبخارات المتصعّدة إلى مقدّم الدماغ من المعدة والرئة في عللهما وسائر الأعضاء .
وقد يكون من كثرة الديدان وحبّ القرع وقد يكون من انضغاط الدماغ نفسه تحت عظم القحف أو صفحه أو قشره إذا أصاب الدماغ ضربة .
وأشد البطون إسباتاً عند القطع هو أشدّها منه إسباتاً عند الضغط وقد يكون لوجع شديد من ضربة تصيب عضلات الصدغ أو على مشاركته لأذى في فم المعدة أو في الرحم فينقبض منه الدماغ وتنسدّ مسالك الروح الحساس انسداداً تعسر معه حركة الروح إلى بارز وقد يكون لشدّة ضعف الروح وتحلله فيعسر انبساطه .


ولأنّ أول الحواس التي تتعطل في النوم والسبات هو البصر والسمع فيجب أن تكون الآفة في السبات في مقدم الدماغ وبمشاركة فساد التحليل فإنه لو كان قد سلم مقدم الدماغ وإنما عرض الفساد لمؤخره لم يجب أن يصيب البصر والسمع تعطل ولم يكن نوم بل كان بطلان حركة أو لمس وحده ولكانت الحواس الأخرى بحالها كما يقع ذلك في أمراض الجمود والشخوص ولم يكن ضرر السبات بالحسّ فوق ضرره بالحركة فإنه يبطل الحس أصلاً ولا يبطل الحركة أصلاً فإنها تبقى في التنفس سليمة .
ويجب أن تكون السدة الواقعة في السبات ليست بتامّة ولا بكثيفة جداً وإلا لأضرت بالتنفس .
وكل سبات يتعلق بمزاج فهو للبرد أولاً وللرطوبة ثانياً وقد ينتقل إلى السبات من مثل ذات الجنب وذات الرئة ونحو ذلك .
ومن الناس من تكون أخلاطه ما دام جالساً منكسرة غير مؤذية فيغلبه النعاس فإذا طرح نفسه غارت الحرارة الغريزية فتثوّرت وهاجت أبخرة إلى الدماغ فلم يغشه النوم لا سيما في يابس المزاج .
وإذا كثر غشيان النوم أنفر بمرض وقيل : ماء الرمان مما يبطئ في المعدة ويحبس البخارات ويخلص من السهر .
وقد ذكرنا كيف ينبغي أن تكون هيئات المضطجع على الغذاء .
ونقول الآن : إن استعمال الاستلقاء للغذاء كثيراً يوهن الظهر ويرخيه وعلاجه استعمال الانتصاب الكثير .
والنوم في الشمس وفي القمر على الرأس مخوف منه مورث لتنخّع الدم لما يحرك من الأخلاط والخرخرة سببها انطباق فم القصبة فلا يخرج النفس إلا بضرب رطوبة .


علامات أصناف السبات : أما إذا كان السبات من برد ساذج من خارج فعلامته أن يكون بعقب برد شديد يصيب الرأس من خارج أو لبرد في داخل البدن والدماغ ولا يجد في الوجه تهيجاً ولا في الأجفان ويكون اللون إلى الخضرة والنبض متمدد إلى الصلابة مع تفاوت شديد وإن كان السبات من برد شيء مشروب من الأدوية المخدرة وهو الأفيون والبنج وأصل اليبروح وبزر اللفاح وجوز ماثل والفطر واللبن المتجبن في المعدة والكزبرة الرطبة وبزر قطونا الكثير ويستدلّ عليه بالعلامات التي نذكرها لكل واحد منها في باب السموم وبأن يكون السبات مع أعراض أخرى من اختناق وخضرة أطراف وبردها وورم لسان وتغير رائحة ويكون النبض ساقطاً نملياً ضعيفاً ليس بمتفاوت بل متواتر تواتر الدودي والنملي .
وإن كان متفاوتاً لم يكن له نظام ولا ثبات بل يعود من تفاوت إلى تواتر ومن تواتر إلى تفاوت ومن الناس من قال : إن سبات البرد الساذج أخفّ من سبات المادة الرطبة وليس ذلك بالقول السديد الصحة بل ربما كان قوياً جداً وجميع أصناف السبات الكائن عن برد الدماغ في جوهره أو لدواء مشروب فإنه يتبعه فساد في الذكر والفكر .
وأما إن كان السبات من رطوبة ساذجة فعلامته أن لا يرى علامات الدم ولا ثقل البلغم .
وأما الكائن من البلغم فيعلم ذلك من تقدم امتلاء وتخمة وكثرة شرب ولين نبض وموجية مع عرض ويعلم باستغراق السبات وثقله وبياض اللون في الوجه والعين واللسان وثقل الرأس ومن التهتج في الأجفان وبرد اللمس والتدبير المتقدم والسن والبلد وغير ذلك .
وأما الكائن عن الدم فيعلم ذلك من انتفاخ الأوداج وحمرة العينين والوجنتين وحمرة اللسان وحس الحرارة في الرأس وما أشبه ذلك مما علمت .
وإن كان الدم أو البلغم مع ذلك مجتمعاً اجتماع الأورام رأيت علامات قرانيطس أو ليثرغس أو السبات السهري .


وإن كان السبب فيه بخارات تجتمع وترتفع من البدن في حمّيات وخاصة عند وجع الرئة والورم فيها المسمى ذات الرئة والبخارات من المعدة علمت كلاً بعلاماته فإنه إن كان من المعدة تقدّمه سدر ودوار ودوي وطنين وخيالات وكان يخفّ مع الجوع ويزيد مع الامتلاء وإن كان من ناحية الرئة والصدر تقدّمه الوجع الثقيل أو الوجع في نواحي الصدر وضيق النفس والسعال وأعراض ذات الجنب وذات الرئة .
وكذلك إن كان من الكبد تقدّمه دلائل مرض في الكبد وإن كان من الرحم تقدمه علل الرحم وامتلاؤها .
والذي يكون من ضربة على الهامة أو على الصدغ فيعرف بدليله .
والفرق بين السبات وبين السكتة أن المسبوت يمكن أن يفهم وينبه وتكون حركاته أسلس من إحساسه والمسكوت معطل الحسّ والحركة .
وجملة الفرق بين المسبوت وبين المغشي عليه لضعف القلب أن نبض المسبوت أقوى وأشبه بنبض الأصحاء ونبض المغشي عليه أضعف وأصلب والغشي يقع يسيراً يسيراً مع تغير اللون إلى الصفرة وإلى مشاكلة لون الموتى وتبرد الأطراف .
وأما السبات فلا يتغير فيه لون الوجه إلا إلى ما هو أحسن ولا ينحف رقعة الوجه والأنف ولا يتغير عن سحنة النوام إلا بأدنى تهيج وانتفاخ .
والفرق بين المسبوت وبين المختنقة الرحم أن المسبوت يمكن أن يفهم ويتكلم بالتكلف والمختنقة الرحم تفهم بعسر ولا تتكلم البتة وتكون الحركة - خاصة حركت العنق والرأس والرجل - أسهل على المسبوت والحس وفتح الأجفان أسهل على المختنق رحمها ويكون اختناق الرحم سبباً يقع دفعة ويقضي سلطانه وينقضي أو يقتل .


والسبات قد يمتد ويكون الدخول في الاستغراق فيه متدرجاً ويبتدئ بنوم ثقيل إلا أن يكون سببه برداً يصيب دفعة أو دواء يشرب فيعلم علاج السبات والنوم الثقيل الكائن في الحميات : أما السبات الذي هو عرض مرض في بعض الأعضاء فطريق علاجه فصد ذلك العضو بالتدبير ليتنقى ويزول ما به ويقويه الدماغ حتى لا يقبل المادة وذلك بمثل دهن الورد والخل الكثير لئلا ينوم الدهن إذا انفرد وحده وبعصارات الفواكه المقوية وبعد ذلك النطولات المبردة ثم ينتقل إلى المحللة إن كان احتبس في الدماغ شيء وقد عرفت جميع ذلك في القانون الذي يكون في الحميات وفي ابتداء الأدوار فيجب أن يبادر إلى ربط الأطراف وتحريك العطاس دائماً وتشميم الخل وبخاره وتعريق الرأس بدهن الورد والخل الكثير أو ماء الحصرم والرمان والقوابض التي تكون لشرب المخدرات فيعالج بحسب ذلك المخدر وسقي ترياقه كما نقول في الكتاب الخامس .


وأما السبات الكائن من برد يصل من خارج فعلاجه سقي الترياق والمثروديطوس ودواء السمك وتنطيل الرأس بالمياه المطبوخ فيها سذاب وجندبيدستر وعاقر قرحا وتمريخ الرأس بدهن البان ودهن الناردين مع جندبيدستر ودهن المسك ودهن القسط مع جندبيدستر وكذلك الضمّاد المتخذ من جندبيدستر والعنصل والمسك من جندبيدستر جزءان ومن العنصل جزء ومن المسك قدر قليل ويشمم المسك دائماً ويستعمل ما قيل في تسخين مزاج وأما الكائن لغلبة الدم فيجب أن يبادر إلى الفصد من القيفال وحجامة الساق أو فصد الصافن ويستعمل الحقنة المعتدلة ويلطف الغذاء ويستعمل ماء حمص وأما الكائن لغلبة الرطوبة الساذجة التي ليست مع مادة فيجب أن يعالج بالضمادات المتخذة من جندبيدستر وفقاح الأذخر والقسط وجوز السرو والأبهل والفربيون والعاقر قرحا ويخفف الغذاء ويجتنب الأدهان والنطولات إلا بالاحتياط فإن الترطيب الذي في الأذهان ربما غلب قوة الأدوية إلا أن يكون قوياً جداً ويجب أن يستعمل تمريخ الرأس وتخميره وتشميم المسك وإن كانت الرطوبة مع مادة بلغم فيجب أن يستفرغ بالحقن القوية أولاً ويحتال له ليتقيأ وأكثر ما يكون عن بلغم في المعدة أيضاً فيجب أن تنقيه بما ينفع البلغم مما نذكره في موضعه ويستعمل النطولات المنضجة القوية والسعوطات والعطوسات والغرغرات وسائر ما علمت في القانون كما مضى لك .
ومن معالجاته أنه يسمع صاحبه ويرى ما يغمّه فإن الغمّ في أمثال هذه الأمراض التي يضعف فيها الفكر ويجمد فهو مما يحرك النفس ويرده إلى الصلاح .
ومن الأدوية المشهورة طلي المنخر بالقلقند ومسح الوجه بالخلّ وشد الأعضاء السافلة واستعمال المعطسات .
فصل في اليقظة والسهر


أما اليقظة فحال للحيوان عند انتصاب روحه النفساني إلى آلات الحسّ والحركة يستعملها وأما السهر فإفراط في اليقظة وخروج عن الأمر الطبيعي وسببه المزاجي وهو الحر واليبس لأجل نارية الروح فيتحرّك دائماً إلى خارج والحرّ أشدّ إيجاباً للسهر وأقدم إيجاباً وقد يكون السهر من بورقية الرطوبة المكتنة في الدماغ أو للوجع أو للفكر العامة .
ومن السهر ما يكون بسبب الضوء واستنارة الموضع إذا وقع مثله للمستعد للسهر ومن السهر ما يكون بسبب سوء الهضم وكثرة الامتلاء ومن السهر ما يكون بسبب ما ينفخ ويشوش الأخلاط والأحلام ويفزع في النوم مثل الباقلا ونحوه ومن السهر ما يكون في الحمّيات لتصعّد بخارات يابسة لاذعة إلى الدماغ والوجع الذي يعرض للمشايخ من السهر فهو لبورقية أخلاطهم وملوحتهما ويبس جوهر دماغهم ومن السهر مما يكون بسبب ورم سوداوي أو سرطان في ناحية الدماغ .
وقد قيل : إن من اشتد به السهر ثم عرض له سعال مات وقد ذكرنا في باب النوم ما يجب أن يتذكر .
العلامات : أما علامة ما يكن من يبس ساذج بلا مادة ولا مقارنة حرّ فهي خفة الحواس والرأس وجفاف العين واللسان والمنخر وأن لا يحسّ في الرأس بحر ولا برد وأما ما يكون من حرارة مع يبوسة فعلامته وجود علامة اليبس مع التهاب وحرقة وربما كان مع عطش واحتراق في أصل العين وما كان من بورقية الأخلاط فعلامته وجود بلة في المنخر ورمص في العين وإحساس ثقل يسير وسرعة انتباه عن النوم ووثوب ويستدلّ عليه بالتدبير الماضي والسنّ .
وما كان من استضاءة الموضع أو من الغذاء فعلامته أيضاً سببه وأما كان من ورم سوداوي فعلاماته العلامات المذكورة مراراً وأما ما كان من وجع أو أفكار عامة أو حمّيات حادّة فعلامته سببه .


المعالجات : أما ما كان سببه اليبس فينبغي أن يستعمل صاحبه الغذاء المرطّب والاستحمامات المعتدلة خاصة فإن لم ينوّمه الحمام فهو غير معتدل البدن ولا جيّد المزاج وإن هو إلا في سلطان اليبس أو في سلطان أخلاط رديئه يثيرها الحمام ويجب أن يهجر الفكر والجماع والتعب ويستعمل السكون والراحة وإدامة تعريق الرأس بالأدهان المذكورة وحلب اللبن على الرأس والنطولات المرطبة المذكورة واستنشاق الأدهان واستسعاطها وتقطيرها في الأذن وخصوصاً دهن النيلوفر لا سيما سعوطاً وذلك أسفل القدم .
وأما ما كان من حر مع ذلك فتدبيره الزيادة في تدبير هذه الأدوية واستعمالها مثل جرادة القرع والبقلة الحمقاء ولعاب بزر قطونا وعصا الراعي وحي العالم وما أشبه ذلك .
ومن المنوّمات الغناء اللذيذ الرقيق الذي لا إزعاج فيه وإيقاعه ثقيل أو هزج متساو ولأجل ذلك ما صار خرير الماء وحفيف الشجر منوماً .
وأما ما كان من وجع فتدبيره تسكين الوجع وعلاجه بما يخصّ كل وجع في بابه .
وأما ما كان في الحميات فكثيراً ما يسقى صاحبه الديافود الساذج فينوم ويجب أن يستعمل صاحبه غسل الوجه والنطولات وتفريق الصدغ والجبهة بدهن الخشخاش والخس وأن تجعل في أحشائه بزر الخشخاش الأبيض وربما بخر بالمخدرات التي نسختها في الأقراباذين وأقراص الزعفران المذكورة في باب الصداع الحار إذا ديفت في عصارة الخشخاش أو ماء ورد طبخ فيه الخشخاش أو ماء خس وطلي على الجبهة كان نافعاً .
ومما جرِّب في ذلك أن يؤخذ السليخة والأفيون والزعفران فيداف بدهن الورد ويمسح به الأنف وكذلك الطلاء المتّخذ من قشور الخشخاش وأعمل اليبروح على الصدغين والاشتمام منه أيضاً .
ومن أخذ من هؤلاء قدر حبّة كرسنّة نام نوماً معتدلاً وإن كان الخلط المتصاعد إليه غليظ أضمدّت الجبهة بإكليل الملك مع بابونج وميبختج .


ومما ينوم أصحاب الحميات وغيرهم أن يربط أطراف الساهر منهم ربطاً موجعاً ويوضع بين يديه سراج ويؤمر الحضور بالإفاضة في الحديث والكلام ثم يحل الرباط بغتة ويرفع السراج ويؤمر القوم بالسكوت بغتة فينام .
وأما الكائن من رطوبة بورقية مالحة فيجب أن يجتنب تناول كل حريف ومالح ويغتذي بالسمك الرضراضي واللحوم اللطيفة شورباجة قليلة الملح ويستفرغ بحب الشبيار ويديم تفريق الرأس بالأدهان العذبة المفتّرة .
وإذا عرض هذا النوع من السهر في سن الشيخوخة كان علاجه صعباً ولكن ينبغي أن يستعمل صاحبه التنطيل بماء طبخ فيه الصعتر والبابونج والأقحوان لا غير كل ليلة فإنه ينوّم تنويماً حسناً وكذلك ينشق من دهن الأقحوان أو دهن الإيرسا أو دهن الزعفران وربما اضطررنا إلى أن نسقي صاحب السهر المفرط الذي يخاف انحلال قوته قيراطاً ونحوه من الأفيون لينوّمه .
ومن ليس سهره بذلك المفرط فربما كفاه أن يتعب ويرتاض ويستحم ثم يشرب قبل الطعام بعض ما يسدد ويأكل الطعام فإنه ينام في الوقت نوماً معتدلاً .
فصل في آفات الذهن
إن أصناف الضرر الواقعة في الأفعال الدماغية هي لسببين وتتعرف من وجوه ثلاثة فإنه إذا كان الحق من الإنسان سليماً وكان يتخيل أشباح الأشياء في اليقظة والنوم سليماً ثم كانت الأشياء والأحوال التي رآها في يقظته أو نومه مما يمكن أن يعبر عنها وقد زالت عنه وإذا سمعها أو شاهدها لم يبق عنده فذاك آفة في الذكر وفي مؤخر الدماغ .
فإن لم يكن في هذا آفة ولكن كان يقول ما لا ينبغي أن يقال ويستحسن ما لا ينبغي أن يُستحسَن ويرجو ما لا يجب أن يرجى ويَطلب ما لا يجب أن يُطلب ويصنع ما لا يجب أن يُصنع ويحذر ما لا ينبغي أن يُحذر وكان لا يستطيع أن يروي فيما يروي فيه من الأشياء فالآفة في الفكرة وفي الجزء الأوسط من الدماغ .


فإن كان ذكره وكلامه كما كان ولم يكن يحدث فيما يفعله ويقوله شيئاً خلاف السديد وكان يتخيل له أشياء محسوسة ويلتقط الزئبر ويرى أشخاصاً كاذبة ونيراناً ومياهاً أو غير ذلك كاذبة أو كان ضعيف التخيل لأشباح الأشياء في النوم واليقظة فالآفة في الخيال وفي البطن المقدم من الدماغ .
لأن اجتمع اثنان من ذلك أو ثلاثة فالآفة في البطنين أو الثلاثة ولأن يمرض الفكر ويقع فيه تقصير بمشاركة آفة في الذكر سبقت أولاً اسهل من أن يمرض الفكر فيتبعه مرض الذكر .
وما كان من هذا يميل إلى النقصان فهو من البرد وما كان يميل إلى التشوش والاضطراب فهو من الحر .
وزعم بعضهم أنه قد يميل إلى النقصان لنقصان جوهر الدماغ وليس هذا ببعيد وجميع ذلك فأما أن يكون سببه بدياً في الدماغ نفسه وإما من عضو آخر وقد يكون من خارج كضربة أو سقطة .
فأما المعالجات فيجب أن يعول فيها على الأصول التي ذكرت في القانون وتلتقط من ألواح أمراض أعضاء الرأس .
وفي الكتاب الثاني أدوية نافعة من جميع ذلك لتستعملها عليه وتتأمل منها ومن الأغذية ما يضرها فيجتنبها فيه .
أما اختلاط الذهن والهذيان من بين ذلك فالكائن بسبب الدماغ نفسه فهو إما مرة سوداء وإما دم حار ملتهب وإما مرة صفراء وإما مرّة حمراء إما حرّ ساذج وإما بخار حار وذلك مما تخفّ المؤنة في مثله وإما يبس لتقدم سهر أو فكر أو غير ذلك مما يجفف فيعدم الدماغ مادة روح غريزية بمثلها يمكن أن يحفظ طريقة العقل .
والكائن بسبب عضو آخر أو البدن فذلك العضو هو كالمعدة أو فمها أو المراق أو الرحم أو البدن كله كما في الحميات .
وكل ذلك إمّا لكيفية ساذجة تتأدّى إليه كما يرتفع عن الإصبع من الرجل ومن اليد إذا ورمت ومن الأعضاء الفاسدة المزاج المتورِّمة وإما من بخار حار من مرّة أو بلغم قد عفن واحتدّ .
وأسلم اختلاط العقل ما كان مع ضحك وما كان مع سكون وأردؤه ما كان مع اضطراب وضجر وإقدام .


العلامات : اعلم إن كل من به وجع شديد ولا يشكوه ولا يحسّ به فيه اختلاط .
والبول الذهبي قد يدلّ في الحميات على اختلاط العقل .
أما الكائن من السوداء فيكون مع غموم وظن شيء ومع علامات المالنخوليا التي نذكرها في بابه وإن كانت السوداء صفراوية كان معه سبعية وإقدام وإن كان السوداء دموية كان هناك طرب وضحك مع درور العروق .
وأمّا الكائن عن الصفراء فيكون مع التهاب وحرارة وضجر وسوء خلق واضطراب شديد وتخيّل نار وشرار وحرقة آماق وصفرة لون والتهاب رأس وامتداد جلد الجبهة وغؤور العينين ووثب إلى المقابلة .
والذي من الحمراء فتكون هذه الأعراض فيه أشدّ وأصعب .
ومن هذا القبيل اختلاط العقل الذي في الحميات وأكثرِ ما يكون في الوبائيات .
وأما الكائن من حرّ ويبس ساذج فلا يكون معه ثقل ولا علامات المواد المذكورة في القوانين وفي الأبواب المقدمة .
والكائن من بلغم قد عفن واحتد فيعرض لأصحابه أن يكون بهم مع الاختلاط رزانة وأن يشيلوا حواجبهم بأيديهم كل وقت وأن تثقل رؤوسهم ويسبتوا لجوهر البرد كما تختلط عقولهم لعارض الحرارة وهؤلاء لا يفارقون ما يمسكونه وربما عرض لهم أن يتوهموا أنفسهم دواب وطيور .
أو بالجملة فإن اختلاط العقل إذا عرض عن حرارة يابسة فإنه يدل عليه السهر أو عن حرارة رطبة من دم أو بلغم عفن فإنه يدل عليه السبات .
وأما الذي سببه بخار متصاعد من عضو فيعرف من حال ذلك العضو الألم إن كان عضواً أو البدن كله إن كان شاملاً كما في الحمّيات المشتملة ويعرف هل هو ساذج أو مع مادة أو بخار فعلامات جميع ذلك مذكورة في باب الصداع .


العلاجات : أما علاج المالنخوليا فسنذكره في باب المالنخوليا وأمّا علاج الاختلاط الكائن من وأما الكائن من الصفراء والحمراء فعلاجه أن يبادر ويستفرغ ويبدّل المزاج إما من البدن كله وإما من الرأس خاصة ويستعمل التدبيرات والترطيبات المذكورة في القانون ويستعمل أضمدته بعد حلق الرأس وإن اشتدّ وقوي دبّر تدبير مانيا ومما يصلح لاختلاط الذهن الحار قيروطي مبرد من دهن الورد والخلّ على اليافوخ أو دهن البنفسج واللبن إن لم يكن حمى أو دهن الورد والخشخاش مع محاذرة انعطاف البخَارات .
وإذا كان سهر فجميع الأطلية غير نافعة وربما أورثته حقن حادة فلا يستعطن فيزيد في الجذب بل اتّبع حقناً ليّنة .
وأما الكائن بسبب شركة عضو فليستعمل فيه تقوية الرأس وتبريده والجذب إلى الّخلاف وقد علم كل هذا في القوانين الماضية الكلّية والجزئية وإذا لم يكن مع الاختلاط ضعف وعلامات أورام فيجب أن يلطم صاحبه لطماً شديداً وربما وجب ضربه ليثوب إليه عقله وربما احتيج إلى أن يكوى رأسه كياً صليبياً إن لم ينفع شيء .
ومن الأشياء النافعة له أن يصبّ على الرأس منه طبيخ الأكارع والرؤوس وكثيراً ما يعافيهم الفاشرا إذا سقوا منه أياماً كما هو أو في شيء آخر من الثمار والحلاوة مما يخفيه يستسره فيه فإنه نافع .
فصل في الرعونة والحمق
الفرق بين اختلاط الذهن وبين الرعونة والحمق وإن كانا آفتي العقل وكان السبب المحدث لهما جميعاً قد يكون واقعاً في البطن الأوسط من الدماغ إن اختلاط الذهن آفة في الأفعال الفكرية بحسب التغير والرعونة والحمق آفة بحسب النقصان أو البطلان وحاله شبيهة بالخرفية والصبوبة وقد عرفت أن أصناف آفات الأفعال ثلاثة .
وأما أسباب هذا المرض فإما برودة ساذجة وإما مع يبس مشتمل على جوهر البطن الأوسط من الدماغ في طول الأيام والمدد وإما برودة مع بلغمية في تجاويف أوعيته .


وإنما كان سبب هذا الضرب من البرودة ولم يكن من الحرارة لأن هذا ضرر بطلان ونقصان لأن الحرارة فعالة للفكرة التي هي حركة ما من حركات الروح فيحرك بها مقدم الدماغ إلى مؤخره وبالعكس والحرارة تثير الحركة وتعينها والجمود يمنعها ولذلك جعل مزاج هذا الجزء من الدماغ مائلاً إلى الحرارة وجعل في الوسط ليكون له الرجوع من التخيل إلى التذكر وقد عرفت التخيل والتذكر في موضعه .
وهذه العلة تعالج بتسخين الدماغ وترطيبه إن كان مع يبوسة أو بتحليل ما فيه الاستفراغات بالأدوية الكبار والقيء بالسكنجبين العنصلي وبزر الفجل إن كان عن مادة ومع ذلك فيجب أن يقبل على تنبيه القلب بالأدوية الخاصية به مثل دواء المسك والمثروديطوس والمفرح وما أشبه ذلك .
ولا يجب أن نطول القول في هذا الباب فقد عرف وجه مثل هذا التدبير في القوانين فيما سلف .
ويجب أن يكون مسكنه بيتاً مضيئاً وبالجملة فإن اليقظة والسهر وتلطيف الغذاء وتقليله والميل إلى مزاج أيبس وإلى تلطيف الدم وتعديله وتقليله وتسخينه بحيث لا يكون شديد الغليان والتبخير بل حاراً لطيفاً غير غالٍ هو مما يذكي الذهن ويصفيه ولا أعدى للذهن من الامتلاء عن أغذية الرطوبات واليبس يضر بالذهن لا من حيث النقصان ولكن من حيث الإفراط في سرعة الحركة أو من حيث قلة الروح جداً وانحلاله مع أدنى حركه .
فصل في فساد الذكر
هو نظير الرعونة إلا أنه في مؤخر الدماغ لأنه نقصان في فعل من أفاعيل مؤخر الدماغ أو بطلان في جميعه وسببه الأول عند جالينوس هو البرد إما ساذجاً وإما مع يبوسة فلا ينطبع فيه المثل وإما مع رطوبة فلا يحفظ ما ينطبع فيه .
فإن كان مع يبوسة دل عليه السهر وأنه يحفظ الأمور الماضية ولا يقدر على حفظ الأمور الحالية والوقتية .
وإن كان مع رطوبة دل عليه السبات وأنه لا يحفظ الماضية البتة ولعله يحفظ الوقتية الحالية مدّة أكثر من الماضية فإن كان هناك برد ساذج كان خَدر وسَدر .


وربما كان من يبس مع حر ويكون معه اختلاط الذهن وذلك إما في ذلك الجزء من الدماغ نفسه أو في بطن منه أو في وعائه .
وقد يكون لاختلاط أو سوء مزاج في الصدغين يتادى إلى الدماغ .
فقد ذكر هذا بعض المتقدّمين وهو مما جُرِّب وشوهد .
وأكثر ما يعرض النسيان وفساد الذكر إنما يعرض عن برد ورطوبة وقد يكون عن أورام الدماغ وخصوصاً الباردة .
واعلم أن النسيان إما عرض مع صحة أنذر بأمراض الدماغ القوية مثل الصرع والسكتة وليثرغس .
علامات أسبابه وأصنافه : ينبغي أن يتعرّف ذلك من القوانين المذكورة ولا نكررها في كل علّة .
المعالجات : أما المقارن للحرّ واليبس فهو أسهل علاجاً ومعالجته هو بما قيل مراراً .
وأما الكائن عن يبس مجرد فيجب فيه أن يغذّى العليل بالأغذية المرطبة المعتدلة وأن يستعمل رياضة ناحية الرأس بالدلك والغمز بالخرقة الخشنة وتحريك اليدين والرجلين .


وبالجملة الرياضة التي ليست بقوية بل بمقدار ما يجيع ويقتضي الزيادة في الغذاء والدعة والنوم والحمّام ويسخن بالضمّادات المسخنة المعروفة التي لا نكرر ذكرها وبالمحاجم على الرأس بلا شرط وبالأدوية المحمّرة وربما احتيج إلى أن يكوى كيتين خلف القفا ويستعمل مياهاً طبخ فيها بابونج وإكليل الملك وكرعان الماعز ومن الأدهان دهن السوسن والنرجس والخيري وأمّا ما كان من مادة ذات برد ورطوبة فاستفرغه بعد الإنضاج بما تدري وليسكن بيتاً كثير الضوء وليبتدئ أولاً من الاستفراغات التي هي أخف مثل أيارج وشحم الحنظل وجندبيدستر ثم تدرج إلى الأيارجات الكبار ثم استعمل - إن أمنت سوء المزاج الحار - معجون البلاذر فإنه أقوى شيء في تقوية الذهن وإفادة الحفظ واستعمل أيضاً سائر المسخّنات من المحمرات والغراغر والشمومات التي تدري ولا تستعجل في تجفيفه بل تدرّج واحذر أن يبلغ تجفيفك إفناء الرطوبات الأصلية فيتبعها برد المزاج وذلك مما يزيد في النسيان ويجب أن يجتنبوا السكر ومهاب الرياح والامتلاء ويجتنبوا الاغتسال بالماء أصلاً أما الحار فلما فيه من الإرخاء وأما البارد فبما يخدر ويضر بالروح الحاس فإن عرض لهم امتلاء لطفوا التدبير بعده ويجب أن يجتنبوا الأغذية المسكتة المنقلة والمخدرة والمبخّرة وأما الشراب فإن الامتلاء منه ضار جداً وأما القليل فإنه ينشط النفس ويقوّي الروح ويذكّيها ويغني عن الاستكثار من الماء .
والاستكثار منه أضرّ شيء لهم والقيلولة الكثيرة وبالجملة النوم الكثير ضار لهم وخصوصاً على امتلاء كثير والإفراط من السهر أيضاً يضعف الروح ويحلّه ومع ذلك فيملأ الدماغ أبخرة وقد جرب لهم الوجّ المربّى والدار فلفل المربّى ووجدا يزيدان في الحفظ زيادة بيّنة وقد جرب هذا الدواء .
وصفته : يؤخذ كندر وسعد وفلفل أبيض وزعفران ومرّ أجزاء سواء تعجن بعسل وتتناول كل يوم وزن درهم واحد .


وجرّب أيضاً هذا ونسخته : يؤخذ فلفل كمون جزءان سكر طبرزد ثلاثة أجزاء وجرّب أيضاً كل يوم على الريق يسقى مثقال فيه من الكندر ثلاثة أرباع ومن الفلفل ربع .
وأيضاً كمون خمسة فلفل واحد وجّ اثنين سعد اثنين إهليلج أسود اثنين عسل البلافر واحد العسل ضعف الجميع ويجب أن يرجع إلى الأدوية المفردة المكتوبة في الكتاب الثاني وموضعها في ألواح علل الرأس ويجب أن يكون مسكن مثله بيتاً فيه الضوء .
وأما الكائن عن أورام الدماغ فيعالج بما قيل في قرانيطس وليثرغس والسبات السهري .
فصل في فساد التخيل :
هو بعينه من الأسباب والعلامات الموصوفة في الأبواب الأخر إلا أنه في مقدم الدماغ وفساده إما بأن يتخيل ما ليس موجوداً ويرى أموراً لا وجود لها وذلك لغلبة مرار على مقدم الدماغ أو لغلبة سوء مزاج حار بلا مادة وإما أن ينقص التخيّل ويضعف عن تخيّل الأمور التخيّلية ولا يرى الرؤيا والأحلام إلا قليلاً وينساه وينسى صور المحسوسات كيف كانت ولا يتخيّلها ويكون سببه بعينه سبب نقصان الذكر إلا أن فساد الذكر إنما يكون أكثره عن البرد والرطوبة وأقله عن اليبوسة .
والأمر ههنا بالعكس ولأن هذه الآلة خلقت ليّنة ليسرع انطباعها بما تتخيّله وتلك صلة ليعسر تخليتها عما انطبع فيها فالأمور تقع فيها بالضد وفساد الذكر يقع في معاني المحسوسات وبسبب تركيبها وفساد التخيّل يقع في مثل المحسوسات وأشباحها .
وهذا يعلم من صناعة أخرى وأدل ما يدل على أن العلة من رطوبة أو يوبسة حال النوم والسهر وحال جفاف العين والأنف ورطوبته وحال لون اللسان ورطوبته أو جفافه وإذا كانت العلة فساد التخيل لا نقصانه فأنت يمكن أن تتعرّف أيضاً أنه عن سوداء أو صفراء أو مزاج حار مفرد بما قيل وعرف وأن المعالجات فبحسب المعالجات في العلل الماضية إلا أنَّ العلاج يجب أن يكون في ناحية مبادي الحسّ وإن احتيج إلى دلوك أو وضع حجامة إلى مقدم الدما فاعمل حسب ما تعلم .


فصل في المانيا وداء الكَلْب
تفسير المانيا هو الجنون السبعي وأما داء الكَلْب فإنه نوع منه يكون مع غضب مختلط بلعب وعبث وإيذاء مختلط باستعطاف كما هو من طبع الكلاب واعلم أن المادة الفاعلة للجنون السبعي هو من جوهر المادة الفاعلة للمالنخوليا لأن كليهما سوداويان إلا أن الفاعل للجنون السبعي سوداء محترق عن صفراء أو عن سوداء وهو أردأ .
والفاعل للمالنخوليا سوداء طبيعية كثيرة أو احتراقية ولكن عن بلغم أو عن دم عذب وقليلاً ما يكون عن بلغم محترق وجنون وإن كان يكون عنه المالنخوليا .
وأكثر ما يكون المالنخوليا إنما يكون بحصول المادة السوداوية في الأوعية وأكثر ما يكون المانيا إنما يكون بحصولها في مقدم الدماغ وجوهره لأنّ وصوله إلى الدماغ كوصول مادة قرانيطس ويكون المالنخوليا مع سوء ظن وفكر فاسد وخوف وسكون ولا يكون فيه اضطراب شديد .
وإما المانيا فكله اضطراب وتوثّب وعبث وسبعية ونظر لا يشبه نظر الناس بل أشبه شيء به نظر السباع ويفارق صنفاً من قرانيطس يشبهه في جنون صاحبه بأنّ هذه العلة لا يكون معها حمى في أكثر الأمر وفرانيطس لا يخلو عنها وداء الكلب هو نوع من مانيا فيه معاسرة شديدة ومصاعبة مع مساعدة وموافقة معاً وليس فيه من الاعتقاد السوء كل ما في المانيا وكأنه إلى الدموية أقرب .
وأكثر ما تعرض هذه العلة في الخريف لرداءة الأخلاط وقد تكثر في الربيع والصيف ويكون له عند هبوب الشمال هيجان لتجفيف الشمال وهذه العلة كثيراً ما يحلها البواسير والدوالي وإذا عرض عقيبها الاستسقاء حقها برطوبته خصوصاً إن كان سببها حر الكبد ويبوستها وكثيراً ما تحدث هذه العلة بمشاركة المعدة فيشفيه القذف .


العلامات : للمانيا جملة علامات ولأصنافه علامات فعلامات جملته أن تتغير الأفعال السياسية والحركية التغير المذكور والعلامات المنذرة به فمثل الكابوس مع حرارة الدماغ ومثل أن يمتلئ القدمان دماً ويحمران وينعقد الدم في ثدي المرأة فيدل على حركات مفسدة للدم والأول قد يدل على ذلك وقد يدل على أنه سيصير سبباً لفساد الدم في عضو لا حار غريزي قوي فيه فيدبر الدم تدبيراً جيداً بل يفسد فيه الدم نوعاً من الفساد يوفي الدماغ .
وإذا عرضت العلامة الأولى في آخر المانيا فربما دلّ على انحلاله دلالة الدوالي وكثيراً ما يعرض المانيا في الأمراض الحادة دليلاً للبُحران فإن شهدت الدلائل الأخرى شهادة جودة دل على بُحران سيكون حينئذ وربما كان اشتدا المانيا دليلاً على بُحران مانيا نفسه .
أما علامة الكائن من سوداء محترقة فاعلم أنّ جنونه وسبعيته يكون مع فكر وسكون يمتد مدة ثم إذا تحرك وتكلّم ابتدأ يتعاقل متفكراً ثم إذا كرر عليه لم يمكن الخلاص منه ولا إسكاته وتكون نحافة البدن فيه أشدّ واللون إلى السواد أميل والأحلام أردأ وربما تقيأ شيئاً حامضاً تغلي منه الأرض .
وأما الذي عن السوداء الصفراوي فيكون الانبعاث إلى الشرّ أسرع والسكون عنه أسرع ولا يذكر من الشر والحقد ما يذكره الأول ويقلّ سكونه وتكثر حركته وضجره واضطرابه .
المعالجات : إن رأيت امتلاء من الأخلاط فافصد وان رأيت غلبة مرار في البدن بالبول وسائر العلامات فاستفرغ بطبيخ الأفتيمون أو بطبيخ الهليلج إن كان صفراء سوداوية وإن كان سوداء صرفة فربما احتجت أن تستفرغ بالأفتيمون الساذج وزن ثمانية دراهم مع السكنجبين وبحجر اللازورد ثم أقبل على الرأس واستفرغ إن كان به امتلاء دموي أو سوداوي من العرق الذي تحت اللسان وأدم استفراغه بهذا الحب .


وصفته : يؤخذ أيارج وأفتيمون وأسطوخولحس من كل واحد جزء وسْقَمُّونيا نصف جزء هليلج جزء يتّخذ منه حب كبار ويشرب بعد الاستفراغ الكلي في ليال متفرقة كل ليلة وزن درهمين .
ومما ينفع منه حب بهذه الصفة ونسخته : يؤخذ أفتيمون وبسفايج من كل واحد وزن خمسة دراهم حجر أرمني درهم هليلج كابلي درهم أسطوخدس عشرة دراهم ملح هندي شحم الحنظل أربعة بليلج أملج حاشا خربق أسود من كل واحد ثلاثة دراهم تربد عشرون درهماً يعجن بكسنجبين عسلي ويستعمل ويُغرغر بالسكنجبين السقمونيا ولا يفرط في استعمال حبّ الشبيار بل استعمله مدة ما دمت تجد به خِفة فإذا أحسست سوء مزاج حار فاقطع وبعد الاستفراغ فأقبل على التبريد والترطيب بالنطولات وغيرها وربما احتيج إلى أن ينطلوا في اليوم خمس مرات ويطلى رؤوسهم بطبيخ الأكارع والرؤوس وبحليب اللبن ويوضع عليها الزبد وليكن قصدك الترطيب أكثر من قصدك التبريد إلا أنك لا تجد أدوية شديدة الترطيب إلا باردة فاجعل معها البابونج .
وربما احتجت في تنويمه إلى سقيه دياقوذا فاسقه ماء الرمان الحلو ليرطب أو مع شراب الأجاص ليلين أو مع ماء الشعير وينطله أيضاً بماء طبخ فيه الخشخاش للتنويم ولكنّ الأصوب أن تجعل فيه قليل بابونج وتحلب اللبن على رأسه .
والأدهان نافعة في ذلك جداً .
وإذا استعملت النطولات والسعوطات المرطبة والأدهان فاحتل أن ينام بعدها على حال بما ينوّم من النطولات والأدهان المسبتة خاصة دهن الخس واسقه من الأشربة ما يرطب كماء الشعير ولا تسقه ما يجري مجرى السكنجبين وما فيه تلطيف وتجفيف وتقطيع .
وكلما رأيت الطبيعة صلبة فاحقن لئلا ترتفع إلى الرأس بخارات مؤذية من النقل ويجب أن يسقوا في مياههم أصول الرازيانج البرّي وبزره وأصل الكرمة البيضاء وهو الفاشرا فإنها نافعة .


والشربة منه كل يوم مثقال فإن لم يشربوا دُسّ ذلك في طعامهم ويجلس بين يدي العليل من يستحي منه ويهابه ويشدّ فخذاه وساقاه دائماً ليجذب البخار إلى أسفل وإن خيف أن يَجْنوا على أنفسهم ربطوا ربطاً شديداً وأدخلوا في قفص وعلقوا في معلاق مرتفع كالأرجوحة ويجب أن تكون أغذيتهم رطبة على كل حال إلا أنها مع رطوبتها يجب أن لا تكون مما يحدث السدد مثل النشاء وما أشبهه فإن ذلك ضار لهم جداً ولا يعطون ما يدرّ البول كثيراً فإن ذلك يضرّهم .
وسائر علاجاتهم فيما يجب أن يتوقّوه ويحذروه هو علاج المالنخوليا ونذكره في بابه وإذا انحطوا فلا بأس بأن يسقوا شراباً كثير المزاج فإن ذلك يرطبهم وينومهم وعليك أن تجتنب من الأشياء الحارة المسخّنة .


القانون
القانون
( 28 من 70 )

فصل في المالنخوليا
يقال مالنخوليا لتغيّر الظنون والفكر عن المجرى الطبيعي إلى الفساد وإلى الخوف والرداءة لمزاج سوداوي يوحش روح الدماغ من داخل ويفزعه بظلمته كما توحش وتفزع الظلمة الخارجة على أنّ مزاج البرد واليبس منافٍ للروح مضعف كما أن مزاج الحرّ والرطوبة كمزاج الشراب ملائم للروح مقوّ .
وإذا تركت مالنخوليا مع ضجر وتوثّب وشرارة انتقل فسمّي مانيا وإنما يقال مالنخوليا لما كان حدوثه عن سوداء محترقة وسبب مالنخوليا إما أن يكون في الدماغ نفسه وإما من خارج الدماغ .
والذي في الدماغ نفسه فإنه إمّا أن يكون من سوء مزاج بارد يابس بلا مادة تنقل جوهر الدماغ ومزاج الروح النيّر إلى الظلمة وإمّا أن يكون مع مادة .
والذي يكون مع مادة فإما أن تكون المادة في العروق صائرة إليها من موضع آخر أو مستحيلة فيها إلى السواد باحتراق ما فيها أو تعكّره وهو الأكثر أو تكون المادة متشرّبة في جرم الدماغ أو تكون مؤذية للدماغ بكيفيتها وجوهرها فتنصبّ في البطون وكثيراً ما يكون انتقالاً من الصرع .
والذي يكون سببه بخار مظلم فإما أن يكون ذلك الشيء في البدن كله إذا استولى عليه مزاج سوداوي أو الطحال إذا احتبس فيه السوداء ولم يقدر على تنقيتها أو عجز ولم يقدر على جذب السوداء من الدم وإما لأنه قد حدث به ورم أو لم يحدث بل آفة أخرى أو لسبب شدة حرارة الكبد وإما أن يكون ذلك الشيء هو المراق إذا تراكمت فيه فضول من الغذاء ومن بخار الأمعاء واحترقت أخلاطه واستحالت إلى جنس سوداوي أحدثت ورماً أو لم تحدث فيرتفع منها بخار مظلم إلى الرأس ويسمى هذا نفخة مراقية ومالنخوليا نافخاً ومالنخوليا مراقياً وهو كثيراً ما يقع عن ورم أبواب الكبد فيحرق دم المراق وهو الذي يجعله جالينوس السبب في المالنخوليا المراقي .
وروفس جعل سببه شدة حرارة الكبد والمعي .


وقوم آخرون يجعلون سببه السدة الواقعة في العروق المعروف بالماساريقا مع ورم .
وآخرون يجعلون السبب فيه اسدد الواقعة في الماساريقا وإن لم يكن ورم .
واستدلّ من جعل السبب في ذلك السدد الواقعة في الماساريقا بأن غذاء هؤلاء لا ينفذ إلى العروق فيعرض له فساد .
واستدلّ من قال أن ذلك من ورم بطول احتباس الطعام فيهم نيئاً بحاله في الأكثر فلا يكون هذا الورم حاراً لأنه لا يكون هناك حمّى وعطش وقيء مرار .
وربما كَان سبب تولده هو من خارج الدماغ ومبدأ تولده هو في الدماغ كما إذا كان في المعدة ورم حار فأحرق بخاره رطوبات الدماغ أو كان في الرحم أو سائر الأعضاء المشاركة للرأس .
والذي يكون عن برد ويبس بلا مادة فسببه سوء مزاج في القلب سوداوي بمادة أو بلا مادة يشركه فيه الدماغ لأن الروح النفساني متصل بالروح الحيواني ومن جوهره فيفسد مزاجه الفاسد السوداوي مزاج الدماغ ويستحيل إلى السوداوية وقد يكون لأسباب أخرى مبردة ميبّسة لا من القلب وحده على أنه لا يمكن أن يكون بلا شركة من القلب بك عسى أن يكون معظم السبب فيه من القلب ولذلك لا بد من أن يكون علاج القلب مع علاج الدماغ في هذا المرض .
واعلم أن دم القلب إذا كان صقيلاً رقيقاً صافياً مفرحاً قاوم فساد الدماغ وأصلحه .
ولا عجب أن يكون مبدأ ذلك في أكثر الأمر من القلب وإن كان إنما تستحكم هذه العلل في الدماغ لأنه ليس ببعيد أن يكون مزاج القلب قد فسد أولاً فيتبعه الدماغ أو يكون الدماغ قد فسد مزاجه فيتبعه القلب ففسد مزاج الروح في القلب واستوحش ففسد ما ينفذ منه إلى الدماغ وأعان الدماغ على إفساده وقد يعرض في آخر الأمراض المادية خصوصاً الحادة مالنخوليا فيكون علامة موت .


وحينيذٍ يعرض لذلك الإنسان أن يذكر الموت والموتى كثيراً وبالجملة فإن السوداء تكثر فتتولد تارةً بسبب العضو الفاعل للغذاء وهو الكبد إذا أحرق الدم أو ضعف عن دفع الفضل السوداوي وهو الأقل وتارة بسبب العضو الذي هو مفرغة للسوداء وهو الطحال إذا ضعف عن أمرين : أحدهما : جذب ثقل الدم ورماده عن الكبد والآخر : دفع فضل ما ينجذب إليه منه إلى المدفع الذي له وقد يتولد السوداء في عضو آخر إما بسبب شدة إحراقه لغذائه أو بسبب عجزه عن دفع فضل عذائه فيتحلل لطيفه ويتعكر كثيفه سوداء أو بسبب شديد تبريده وتجفيفه لما يصل إليه وقد يكون السبب في تولده أيضاً الأغذية المولدة للسوداء .
وقد رأى بعض الأطباء أن المالنخوليا قد يقع عن الجن ونحن لا نبالي من حيث نتعلم الطب أن ذلك يقع عن الجن أو لا يقع بعد أن نقول : إنه إن كان يقع من الجن فيقع بأن يحيل المزاج إلى السوداء فيكون سببه القريب السوداء ثم ليكن سبب تلك السوداء جنّاً أو غير جن ومن الأسباب القوية في توليد المالنخوليا فراط الغم أو الخوف .
ويجب أن تعلم أن السوداء الفاعل للمالنخوليا قد تكون إما السوداء الطبيعية وإما البلغم إذا استحال سوداء بتكاثف أو أدنى احتراق وإن كان هذا يقل ويندر .
وأما الدم إذا استحال بانطباخ أو بتكاثف دون احتراق شديد .
وأما الخلط الصفراوي فإنه إذا بلغ فيه الاحتراق الغاية فعل مانيا ولم يقتصر على المالنخوليا .
فكل واحد من أصناف السوداء إذا وقع من الدماغ الموقع المذكور فعل المالنخوليا لكن بعضه يفعل معه المانيا .


وأمسلم المالنخوليا ما كان عن عكر الدم وما كان معه فرح وكثيراً ما ينحل المالنخوليا بالبواسير والدوالي وقد يقل تولد هذه العلة في البيض السمان ويكثر في الأدم الزب القضاف ويكثر تولدها فيمن كان قلبه حاراً جداً ودماغه رطباً فتكون حرارة قلبه مولّدة للسوداء فيه ورطوبة دماغه قابلة لتأثير ما يتولد في قلبه ومن المستعدين له اللثغ الأحذاء الخفاف الألسنة والطرف الأشد حمرة الوجه والأدم الزب وخصوصاً في صدورهم السود الشعور الغلاظها الواسعو العروق الغلاظ الشفاه لأن بعض هذه دلائل حرارة القلب وبعضها دلائل رطوبة الدماغ وكثيراً ما يكونون في الظاهر بلغميين وهذه العلة تعرض للرجال أكثر وللنساء أفحش .
وتكثر في الكهول والشيوخ وتقلّ في الشتاء وتكثر في الصيف والخريف وقد تهيج في الربيع كثيراً أيضاً لأن الربيع يثير الأخلاط خالطاً إياها بالدم وربما كان هيجانه بأدوار فيها تهيج السوداء وتثور .
والمستعد للمالنخوليا يصير إليها بسرعة إذا أصابه خوف أو غم أو سهر أو احتبس منه عادة سيلان الدم أو قيء سوداوي أو غير ذلك .
العلامات : علامة ابتداء المالنخوليا ظن رديء وخوف بلا سبب وسرعة غضب وحُب التخلي واختلاج ودوار ودوي وخصوصاً في المراق فإذا استحكم فالتفزغ وسوء الظن والغم والوحشة والكرب وهذيان كلام وشبق لكثرة الريح وأصناف من الخوف مما لا يكون أو يكون وأكثر خوفه مما لا يخاف في العادة وتكون هذه الأصناف غير محدودة .
وبعضهم يخاف سقوط السماء عليه وبعضهم يخاف ابتلاع الأرض إياه وبعضهم يخاف الجن وبعضهم يخاف السلطان وبعضهم يخاف اللصوص وبعضهم يتقي أن لا يدخل عليه سبع .
وقد يكون للأمور الماضية في ذلك تأثير ومع ذلك فقد يتخيلون أموراً بين أعينهم ليست وربما تخيلوا أنفسهم أنهم صاروا ملوكاً أو سباعاً أو شياطين أو طيوراً أو آلات صناعية .
ثم منهم من يضحك خاصة الذي مالنخولياه دموي لأنه يتخيل ما يلذه ويسره .


ومنهم من يبكي خاصة الذي مالنخولياه سوداوي محض ومنهم من يحب الموت ومنهم من يبغضه .
وعلامة ما كان خاصاً بالدماغ إفراط في الفكرة ودوام الوسواس ونظر دائم إلى الشيء الواحد وإلى الأرض .
ويدل عليه لون الرأس والوجه والعين وسواد شعر الرأس وكثافته وتقدم سهر وفكر وتعرض للشمس وما أشبهه وأمراض دماغية سبقت وأن لا تكون العلامات التي نذكرها للأعضاء الأخرى المشاركة للدماغ خاصة وأن لا يظهر النفع إذا عولج ذلك العضو ونقي وأن تكون الأعراض عظيمة جداً .
وأما الكائن بمشاركة البدن كله فسواد البدن وهلاسه واحتباس ما كان يستفرغ من الطحال والمعدة وما كان يستفرغ بالإدرار أو من المقعدة أو من الطمث وكثرة شعر البدن وشدّة سواده وتقدم استعمال أغذية رديئة سوداوية مما عرفته في الكتاب الثاني .
والأمراض المعقبة للمالنخوليا هي مثل الحمّيات المزمنة والمختلطة .
وعلامة ما كان من الطحال كثرة الشهوة لانصباب السوداء إلى المعدة مع قلة الهضم لبرد المزاج وكثرة القراقر ذات اليسار وانتفاخ الطحال وذلك مما لا يفارقهم وشبق شديد للنفخة وربما كان معه حمّى ربع وربما كانت الطبيعة لينة وربما أوجب للذع السوداء ألماً .
وما كان من المعدة فعلامته وجود علامات ورم المعدة المذكورة في باب أمراض المعدة وزيادة العلّة مع التخمة والامتلاء وفي وقت الهضم وكثيراً ما قد يهيج به عند الأكل إلى أن يستمرأ أوجاع ثم يسكن عند الاستمراء فإن كان حاراً دل عليه الالتهاب في المراق وقيء المرار وعطش .


وأكثر من به مالنخوليا فإنه مطحول وعلامة المراقي ثقل في المراق واجتذاب إلى فوق وتهوّع لازم وخبث نفس وفساد هضم وجشاء حامض وبزاق رطب وقرقرة وخروج ريح وتلهّب وأن يجد وجعاً في المعدة أو وجعاً بين الكتفين وخصوصاً بعد الطعام إلى أن يستمرأ بالتمام وربما قذف البلغم المراري وربما قذف الحامض المضرس وعرض له هذه الأعراض مع التناول للطعام بل بعده بساعات فيكون برازه بلغمياً مرارياً ويخف بجودة الهضم ويزيد بنقصانه وربما تقدمه ورم في المراق أو كان معه ويجد اختلاجاً في المراق في أوقات وتزداد العلّة مع التخمة وسرعة الهضم .
ونقول : إن السوداء الفاعل للمالنخوليا إن كان دموياً كان مع فرح وضحك ولم يلزم عليه الغمّ الشديد وإن كان من بلغم كان مع كسل وقلّة حركة وسكون وإن كان من صفراء كان مع اضطراب وأدنى جنون وكان مثل مانيا وإن كان سوداء صرفاً كان الفكر فيه كثيراً والعادية أقلّ إلا أن يحرك فيضجر ويحقد حقداً لا ينسى .


المعالجات : يجب أن يبادر بعلاجه قبل أنيستحكم فإنه سهل في الابتداء صعب عند الاستحكام ويجب على كل حال أن يفرح صاحبه ويطرب ويجلس في المواضع المعتدلة ويرطّب هواء مسكنه ويطيّب بفرش الرياحين فيه وبالجملة يجب أن يشمم دائماً الروائح الطيبة والأدهان الطيّبة ويناول الأغذية الفاضلة الكيموس المرطّبة جداً ويدبّر في تخصيب بدنه بالأغذية الموافقة وبالحمّام قبل الغذاء ويُصبّ على رأسه ماء فاتر ليس بشديد الحرارة وإذا خرج من الحمّام - وبه قليل عطش - فلا بأس أن يسقى قليل ماء ويستعمل الدلك المخصب المذكور في باب حفظ الصحة واعتن بترطيبه فوق اعتنائك بتسخينه ما أمكن وليجتنب الجماع والتعرّق الشديد ويجتنب الباقلاء والقديد والعدس والكرنب والشراب الغليظ والحديث وكل مملّح ومالح وحريف وكل شديد الحموضة بل يجب أن يتناول الدسم والحلو وإذا أريد تنويمهم فلك أن تنطل رؤوسهم بماء الخشخاش والبابونج والأقحوان فإن النوم من أوفق علاجاتهم ويتدارك بما يفيده من الصلاح ما يورثه الخشخاش من المضرّة فإما إن كان المالنخوليا من سوء مزاج مفرط برد ويبس فينبغي أن يشتغل بتسخين القلب وبالمفرّحات وأدوية المسك والترياق والمثروديطوس وما أشبه ذلك ويعالج الرأس بما مرّ وذكر في باب الرعونة .
والقويّ منه يعرض عقيب مرض آخر حار فيسهل علاجه حتى إنه يزول بالتنطيلات .
وأما إن كان من مادة سوداوية متمكنة في الدماغ فملاك علاجه ثلاثة أشياء .
أولها : استفراغ المادة وربما كان بالحقن وبالقيء إلا من كانت معدته ضعيفة فلا تقيّئه في هذه العلة البتّة حتى ولا في المراقي أيضاً .


والثاني : أن يستعمل مع الاستفراغ الترطيب دائماً بالنطولات والأدهان الحارّة ويجعل فيها من الأدوية مثل البابونج والشبث وإكليل الملك وأصل السوسن لئلا يغلظ الخلط بتحليل ساذج لا تليين فيه ولا يغلظ بما يرطب ولا تحليل فيه وإن كان السوداء بعيداً من الحرارة فلك أن تزيد الشيخ وورق الغار والفوتنج مع الترطيب ولا تبالي وتستعمل الأغذية المولدة للدم المحمودة مثل السمك الرضراضي واللحوم الخفيفة المذكورة وفي الأوقات بالشراب الأبيض الممزوج دون العتيق القوي .
والثالث : أن تستعمل تقوية القلب إن أحسّ بمزاج بارد فبالمفرّحات الحارّة وإن أحسّ بمزاج يميل إلى الحرارة فبالمفرحات المعتدلة وإن كانت الحرارة شديدة جداً استعمل المفرحات الباردة الغير المفرطة البرد ويتعرّف ذلك من النبض ولنشرع في تفصيل هذا التدبير فنقول : أما الاستفراغ فإن رأيت أن العروق ممتلئة كيف كان وأن السوداءَ دموي فافصد من الأكحل بل يجب على كل حال أن تبتدي بالفصد إلا أن تخاف ضعفاً شديداً أو تعلم أن المواد قليلة وهي في الدماغ فقط وأن اليبس مستول على المزاج ثم إن فصدت ووجدت دماً رقيقاً فلا تحبس الدم لذلك فإنه كثيراً ما يتقدم فيه الرقيق ولذلك يجب أن يوسّع الفصد لئلا يتروق الرقيق ويحتبس الغليظ فيزيد شراً وانظر أي الجانبين من الرأس أثقل فافصد الباسليق الذي يليه وربما احتجت أن تفصد من الباسلقين إذا وجدت العلامة عامة وقبل فصد عروق الجبهة تحرك أكثر ثم إن وجدت الخلط سوداوياً بالحقيقة وإلى البرد فاستفرغ بالحبوب المتخذة من الأفتيمون والصبر والخربق وابتدئ بالإنضاج ثم استفرغ في أول الأمر بأدوية خفيفة يقع فيها أفتيمون وشحم الحنظل وسقمونيا يسير ثم بطبيخ الأفتيمون والغاريقون ثم إن لم ينجع استعملت الأيارجات الكبار ثم لم احتجت بعد ذلك إلى استفراغ استعملت الخربق مع خوف وحذر وحجر اللاؤورد والحجر الأرمني والحب المتخذ منهما بلا خوف ولا حذر .


وكثيراً ما ينفعهم استعمال هذه الأدوية المذكورة في ماء الجبن على المداومة وتقليل المبلغ من الدواء فإن لم ينجع عاودت من رأس ويكون في كل أسبوع يستفرغ مرة بحب لطيف وسط وتستعمل فيما بين ذلك الإطريفل الأفتيموني وقد جرب سقيهم الأطريفل بالأفتيمون على هذه الصفة وهو أن يؤخذ من الإطريفل ثلاثة دراهم ومن الأفتيمون درهم ومن الأيارج نصف درهم وفي كل شهر يستفرغ بالقوي من الأيرجات الكبار والحبوب الكبار إلى أن تجد العلة قد زالت .
ويستعمل أيضاً القيء خصوصاً إن رأيت في المعدة شيئاً يزيد في العلة ولم تكن المعدة بشديدة الضعف ويجب أيضاً أن يكون القيء بمياه قد طبخ فيها فوذنج وكركند وبزر الفجل ويتناول عصارة فجل غرز فيه الخربق وترك أياماً حتى جرت فيه قوته مع سكنجبين أو يتناول هذا الفجل نفسه منقعاً في السكنجبين وليكن مقدار السكنجبين ثلاثة أساتير ومقدار عصارته أستار ويزيد ذلك وينقصه بقدر القوة وأما إن خِفْت ضعف القوة فاجتنب الخربق وإذا نقيت فاقصد القلب بما ذكرناه مراراً وهذا الإطريفل الأفتيموني مجرّب النفع في هذا الباب .
وإذا أزمنت العلّة استعملت القيء بالخربق واستعملت المضوغات والغرغرات المعروفة واستعملت الشمومات الطيبة والمسك والعنبر والأفاويه والعود فإن كانت المادة إلى المرار الصفراوي فاستفرغ بطبيخ الأفتيمون وحب الأصطمحيقون المعتدل وبما نستفرغ الصفراء المحرقة وما يقال في بابه وزد في الترطيب وقلل من التسخين على أنه لا بد لك من البابونج وما هو في وقته إذا استعملت النطولات ولا سبيل لك إلى استعمال المبرِّدات الصرفة على الرأس وقد حمد بعض القدماء في مثل هذا الموضع أن يأخذ من الصبر كل يوم شيئاً قليلاً أو ينجرع كل يوم ماء طبخ فيه أفسنتين ثلاث أوق أو عشرة قراريط من عصارة الأفسنتين مدوفاً في الماء وقد حمد أن يتجرع كل ليلة خلاً ثقيفاً سيما خلّ العنصل .


وأما أنا فأخاف غائلة الخلّ في هذه العلة إلا أن يكون على ثقة أن المادة متولدة عن صفراء محترقة وأنها حارة فيكون الخل أنفع الأشياء له وخصوصاً العنصلي والسكنجبين المتخذ بخل العنصل وكذلك الخل الذي جعل فيه جعدة أو زراوند .
وقد ينفع الخل أيضاً إذا كان المرض بمشاركة الطحال والمادة فيه ويجب أن تطيب مشمه من التركيبات المعتدلة التي يقع فيها كافور ومِسك مع دهن بنفسج كثير غالب برائحته يبوسة الكافور والمسك وسائر الروائح الباردة الطيبة خصوصاً النيلوفر .
وأما إن كان سبب المالنخوليا ورماً في المعدة والأحشاء أو مزاجاً حاراً فيها محرقاً تداركت ذلك وبردت الرأس ورطبته وقويته لئلا يقبل ما يتأدّى إليه من غيره وإن كان السبب في المراق ووجدت رياحاً وقراقر فإن كان في المراق ورم حار عالجته وحلّلته بما يجب مما يقال في باب الأورام وقويت الرأس وعرّقته في أدهان مقوّية ومرطبات واستعملت المحاجم بشرط ليستفرغ الدم ولا تسخن في مثل هذه الحال الكبد بل عليك أن تبرّده إذا وجدته حاراً محرقاً للدم بحرارته وقو الطحال وضع على المراق المحاجم ودواء الخردل ونحوه وذلك لئلا يرسل الطحال المادة إلى الدماغ .
وإن كان المراق بارد المزاج نافخه ولم يكن ثَمَّ ورم ولا لهيب سقيته ماء طبيخ الأفسنتين وعصارته على ما ذكر وتنطل معدته بالنطولات الحارة المذكورة وتضمدها بتلك الضمّادات واستعمل فيها بزر الفنجنكشت وبزر السذاب وأصل السوسن وشجرة مريم وتمسك الأضمدة عليها مدة طويلة ثم إذا نزعتها وضعت على الموضع قطناً مغموساً في ماء حار أو صوفاً منفوشاً أو إسفنجة .
وينفع استعمال ضماد الخردل على ما بين الكتفين وضمادات ذروروتيس أيضاً المذكورة في القراباذين فينفع أن يستعمل عليه المحاجم بغير شرط إلا أن يكون هناك ورم أو وجع فيمنع ذلك .


وكثيراً ما ينتفع أصحاب المالنخوليا المراقي بالأشياء المبرِّدة من حيث أن تكون مرطبة مضادة ليبس السوداء ولأنها تكون مانعة من تولد الريح والبخار اللذين يؤذيان بتصعّدهما إلى الرأس وإن كان الانتفاء بالبارد ليس انتفاعاً خفيفاً قاطعاً للمرض : ولكن البارد إذا كان رطباً لم يتولد منه السوداء وانحسمت مادته ولم يبخر أيضاً المادة الحاصلة ورجي أن يستولي عليها الطبيعة فيصلحها .
واعلم أن التدبير الغليظ المولد للبلغم وربما قاوم السوداء والتدبير الملطّف لما يفعل من الاحتراق بسهولة ربما أعانه ولا يغرنّك انتفاع بعضهم ببلغم يستفرغه قذفاً أو برازاً فإن ذلك ليس لأن استفراغ البلغم ينفعه بل لأن الكثرة وانضغاط الأخلاط بعضها ببعض يزول عنهم .
وأما النافع بالذات فاستفراغ السوداء وقانون علاج المالنخوليا أن يبالغ في الترطيب ومع ذلك أن لا يقصر في استفراغ السوداء وكلما فسد الطعام في بطون أصحاب المالنخوليا فاحملهم على قذفه وخصوصاً حين يحسّون بحموضة في الفم فيجب أن تقيئهم لا محالة حينئذ ويحرم عليهم أن يأكلوا عليه طعاماً آخر ويستعمل الجوارشنات المقوّية لفم المعدة وليحذروا إدخال طعام على طعام قد فسد ويجب أن يشغل .


صاحب المالنخوليا بشيء كيف كان وأن يحضره من يحتشمه ومن يستطيبه والشرب المعتدل للشراب الأبيض الممزوج قليلاً ويشغل أيضاً بالسماع والمطربات ولا أضر له من الفراغ والخلوة وكثيراً ما يغتمُّون بعوارض تقع لهم أو يخافون أمراً فيشتغلون به عن الفكرة ويعاقون فإن نفس أعراضهم عن الفكرة علاج لهم أصيل فإن كان السبب دروراً احتبس من طمث أو مقعدة أو غير ذلك فادرأ فإن حدث سقوط الشهوة فالعلة ومن كانت السوداء في بدنه منهم متحرّكة فهو أقبل للعلاج ممن لم تكن سوداؤه كذلك والذي تكون فيه السوداء متحركة فهو الذي يظهر سوداؤه في القيء وفي البراز والبول وفي لون الجلد والبهق والكلف والقروح والجرب والدوالي وداء الفيل والسيلان من المقعدة ونحو ذلك فإن ذلك كله يدل على أنه قاتل للتمييز عن الدم .
وإذا ظهر بهم شيء من هذا فهو علامة خير وإذا عرض لبعضهم تشنّج بعد الإسهال والاستفراغ فإنهم أولى بذلك من غيرهم ليبسهم فيجب أن يقعدوا في ماء فاتر ويطعمون خبزاً منقوعاً في جلاَّب وقليل شراب ويسقوا ماء ممزوجاً ثم ينومون ويحمّمون بعده ثم يغذون كما يخرجون .
فصل في القطرب
هو نوع من المالنخوليا أكثر ما يعرض في شهر شباط ويجعل الإنسان فرَّاراً من الناس الأحياء محبّاً لمجاورة الموتى والمقابر مع سوء قصد لمن يغافصه ويكون بروز صاحبه ليلاً واختفاؤه وتواريه نهاراً كل ذلك حباً للخلوة وبعداً عن الناس ومع ذلك فلا يسكن في موضع واحد أكثر من ساعة واحدة بل لا يزال يتردّد ويمشي مشياً مختلفاً لا يدري أين يتوجه مع حذر من الناس وربما لم يحذر بعضهم غفلة منه وقلة تفطن لما يرى ويشاهد .


ومع ذلك فإنّه يكون على غاية السكون والعبوس والتأسف والتحزّن أصفر اللون جاف اللسان عطشان وعلى ساقه قروح لا تندمل وسببها فساد مادته السوداوية وكثرة حركة رجله وتنزل المواد إليها ولا سيما هو كل وقت يعثر ويساك رجله شيء أو يعضّه كلب فيكون ذلك سبباً لكثرة انصباب المواد إلى ساقيه فيكون فيها القروح ولبقائها على حالها وحال أسبابها لا تندمل ويكون يابس البصر لا يدمع بصره ويكون بصره ضعيفاً وغائراً كل ذلك ليبس مزاج عينه .
وإنما سمي هذا قطرباً لهرب صاحبه هرباً لا نظام له ولأجل مشيه المختلف فلا يعلم وجهه وكما يهرب من شخص يظهر له فإنه لقلة تحفظه وغور صواب رأيه يأخذ في وجهه فيلقى شخصاً آخر فيهرب من الرأس إلى جهة أخرى والقطرب دويبة تكون على : وجه الماء تتحرك عليه حركات مختلفة بلا نظام وكل ساعة تغوص وتهرب ثم تظهر وقيل دويبة أخرى لا تستريح وقيل : الذكر من السعالي وقيل : الأمعط .
والأشبه لموضعنا القولان الأولان وسبب هذه العلة السوداء والصفراء المحترقة .
المعالجات : علاجه علاج المالنخوليا بعينه إذا كان من صفراء أو سوداء محترقة ويجب أن تبالغ في فصده حتى يخرج منه دم كثير ويقارب الغشي ويدبّر بالأغذية المحمودة والحمامات الرطبة ويسقى ماء الجبن ثلاثة أيام ثم بعد ذلك يستفرغ بأيارج أركاغانيس ثم يُحتال في تنويمه ثم يقوى قلبه بعد الاستفراغ بالترياق وما يجري مجراه ومع ذلك يرطب جداً وينطل بالمنومات لئلا يجتمع تسخين تلك الأدوية التي لا بدّ منها مع حركات رياضية بل يحتاج أن يسخن قلبه بما يقويه ويرطّب بدنه وينوّم ليعتدل مزاجه .
وتمام علاجه التنويم الكثير وأن يسقى الأفتيمون أحياناً لتهدأ طبيعته ويقطع فكره وإذا لم ينجع فيه الدواء والعلاج أُدِّب وأُوجِعَ وضُرِبَ رأسه ووجهه وكوِيَ يافوخه فإنه يفيق فإن عاد أعيد .
فصل في العشق


هذا مرض وسواسي شبيه بالمالنخوليا يكون الإنسان قد جلبه إلى نفسه بتسليط فكرته على استحسان بعض الصور والشمائل التي له ثم أعانته على ذلك شهوته أو لم تعن وعلامته غؤر العين ويبسها وعدم الدمع إلا عند البكاء وحركة متّصلة للجفن ضحاكة كأنه ينظر إلى شيء لذيذ أو يسمع خبراً ساراً أو يمزح ويكون نفَسه كثير الانقطاع والاسترداد فيكون كثير الصعداء ويتغيّر حاله إلى فرح وضحك أو إلى غم وبكاء عند سماع الغزل ولا سيما عند ذكر الهجر والنوى وتكون جميع أعضائه ذابلة خلا العين فإنها تكون مع غور مقلتها كبيرة الجفن سُمّيته لسهره وتزفره المنجز إلى رأسه ولا يكون لشمائله نظام ويكون نبضه نبضاً مختلفاً بلا ويتغير نبضه وحاله عند ذكر المعشوق خاصةً وعند لقائه بغتة ويمكن من ذلك أن يستدلّ على المعشوق أنه من هو إذا لم يتعرّف به فإن معرفة معشوقه أحد سبل علاجه .
والحيلة في ذلك أن يذكر أسماء كثيرة تعاد مراراً ويكون اليد على نبضه فإذا اختلف بذلك اختلافاً عظيماً وصار شبه المنقطع ثم عاود وجرّبت ذلك مراراً علمت أنه اسم المعشوق ثم يذكر كذلك السكك والمساكن والحرف والصناعات والنسب والبلدان وتضيف كلاً منها إلى اسم المعشوق ويحفظ النبض حتى إذا كان يتغير عند ذكر شيء واحد مراراً جمعت من ذلك خواص معشوقه من الاسم والحلية والحرفة وعرفته فإنا قد جربنا هذا واستخرجنا به ما كان في الوقوف عليه منفعة ثم إن لم تجد علاجاً إلا تدبير الجمع بينهما على وجه يحلّه الدين والشريعة فعلت وقد رأينا من عاودته السلامة والقوة وعاد إلى لحمه وكان قد بلغ الذبول وجاوزه وقاسى الأمراض الصعبة المزمنة والحميات الطويلة بسبب ضعف القوة لشدّة العشق لما أحس بوصل من معشوقه بعد مطل معاودة في أقصر مدة قضينا به العجب واستدللنا على طاعة الطبيعة للأوهام النفسانية .


المعالجات : تتأمل هل أدّت حاله إلى احتراق خلط بالعلامات التي تعرفها فتستفرغ ثم تشتغل بترطيبهم وتنويمهم وتغذيبتهم بالمحمودات وتحميهم على شرط الترطيب المعلوم وإيقاعهم في خصومات وإشغال ومنازعات وبالجملة أمور شاغلة فإن ذلك ربما أنساهم ما أدنفهم أو يحتال في تعشيقهم غير المعشوق ممّن تحله الشريعة ثم ينقطع فكرهم عن الثاني قبل أن تستحكم وبعد أن يتناسوا الأول وإن كان العاشق من العقلاء فإن النصيحة والعظة له والاستهزاء به وتعنيفه والتصوير لديه أن ما به إنما هو وسوسة وضرب من الجنون مما ينفع نفعاً فإن الكلام ناجع في مثل هذا الباب وأيضاً تسليط العجائز عليه ليبغضن المعشوق إليه ويذكرن منه أحوالاً قذرة ويحكين له منه أموراً منفراً منها ويحكين له منه الجفا الكثير فإن هذا مما يسكّن كثيراً وإن كان قد يغري آخرين . ومما ينفع في ذلك أن تحاكي هؤلاء العجائز صورة المعشوق بتشبيهات قبيحة ويمثلن أعضاء وجهه بمحاكيات مبغضة ويُدِمنَ ذلك ويُسهبن فيه فإنّ هذا عملهن وهنّ أحذق فيه من الرجال إلا المخنثين فإن المخنثين لهم أيضاً فيه صنعة لا تقصر عن صنعة العجائز .
وكذلك يمكنهن أن يجتهدن في أن ينقلن هوى العاشق إلى غير ذلك المعشوق بتدريج ثم يقطعن صنيعهن قبل تمكن الهوى الثاني .
ومن الشواغل المذكورة اشتراء الجواري والإكثار من مجامعتهن والاستجداد منهن والطرب معهن .
ومن الناس من يسلّيه إمّا الطرب والسماع ومنهم من يزيد ذلك في غرامه ويمكن أن وأما الصعيد وأنوع اللعب والكرامات المتجدّدة من السلاطين وكذلك تنوعّ الغموم العظيمة وكلها مسلّ وربما احتيج أن يدبّر هؤلاء تدبير أصحاب المالنخوليا وَالمانيا والقطرب وأن يستفرغوا بالأيارجات الكبار ويرطّبوا بما ذكر من المرطبات وذلك إذا انتقلوا بشمائلهم وسحنة أبدانهم إلى مضاهاة أولئك وعليك أن تشتغل بترطيب أبدانهم .
المقالة الخامسة أمراض دماغية
آفاتها في أفعال الحركة الإرادية قوية


فصل في الدُّوَار
الدوار هو أن يتخيل لصاحبه أن الأشياء تدور عليه وأن دماغه وبدنه يدور فلا يملك أن يثبت بل يسقط وكثيراً ما يكره الأصوات ويعرض له من تلقاء نفسه مثل ما يعرض لمن دار على نفسه كثيراً بالسرعة فلم يملك أن يثبت قائماً أو قاعداً وأن يفتح بصره وذلك لما يعرض للروح الذي في بطون دماغه وفي أوردته وشرايينه من تلقاء نفسه ما يعرض له عندما يدور دوراناً متصلاً .
والفرق بين الصرع والحوار أن الدوار قد يثبت مدة والصرع يكون بغتة ويسقط صاحبه ساكناً ويفيق وأما السَدَر فهو أن يكون الإنسان إذا قام أظلمت عينه وتهيأ للسقوط .
والشديد منه يشبه الصرع إلا أنه لا يكون مع تشنّج كما يكون الصرع .
وهذا الدوار قد يقع بالإنسان بسبب أنه دار على نفسه فدارت البخارات والأرواح فيه كما يدور الفنجان المشتمل على ماء مدة ويسكن فيبقى ما فيه دائراً مدة وإذا دار الروح تخيل للإنسان أنّ الأشياء تدور لأنه سواء اختلف نسبة أجزاء الروح إلى أجزاء العالم المحيط به من جهة الروح أو اختلف ذلك من جهة العالم إذا كان الإحساس بها وهي دائرة يكون بحسب المقابلة فإذا تحرّك الحاس استبدل المقابلات كما إذا تحرك المحسوس .
وقد يكون هذا الدوار من النظر أيضاً إلى الأشياء التي تدور حتى ترسخ تلك الهيئة المحسوسة في النفس ولهذا قيل : إن الأفاعيل الحسية كلها متعلقة بآلات جسدانية منفعلة أولها وأولاها الروح الحساس وتبقى فيه عن كل محسوس مئة بعد مفارقته إذا كان المحسوس قوياً فإن كل محسوس إنما يفعل في الآلة الحاسة هيئة هي مثاله ثم تثبت تلك الهيئة وتبطل بمقدار قبول الآلة وقوة المحسوس وشرح هذا في العلم الطبيعي .


وكلما كان البدن أضعف كان هذا الانفعال فيه أشدّ كما في المرضى فإنه قد يبلغ المريض في ذلك مبلغاً بعيداً حتى إنه ليدار به بأدنى حركة منهم لأنهم يحتاجون في الحركة إلى تكلف وقد يكون اِلدوار إما من أسباب بدنية حاضرة في جوهر الدماغ حاصلة فيه من بخارات حائلة في العروق التي فيه وفي العصب .
وإما من أخلاط محتقنة فيه من كل جنس فيتبخر بأدنى حركة أو حرارة فإذا تحركت تلك الأبخرة حركت بحركتها الروح النفساني الذي إنما ينضج ويتقوّم في تلك العروق ثم يستقرّ في جوهر الدماغ ثم يتفرّق في العصب إلى البدن .
وإما بسبب كثرة بخارات قد احتقنت فيه متصعدة إليه من مواضع أخرى ثم مستقرة فيه باقية عن مرض حاد متقدم أو مرض بارد فتكون رياح فجّة تحركها القوة المنضجة والمحللة .
وقد يكون لا لحركة بخارات في الدماغ ولكن لسوء مزاج مختلف بغتة يلزم منه هيجان حركة مضطربة في الروح لا لمحرّك جرماني يخالطه من بخار أو غيره كما يعرض ذلك من الحركة المختلفة الحادثة من الماء والنار إذا اجتمعا وقد يكون من محرّك للروح من خارج مثل ضارب للرأس أو كاسر للقحف حتى يضغط الدماغ والروح الساكن فيتبعه حركات مختلفة دائرة متموّجة كما يحدث في الماء من وقوع ثقل عليه أو وقوع ضرب عنيف على متنه فيستدير موجه ووقوع مثل ذلك في الهواء والجرم الهوائي أولى لكنه لا يحس .
وقد يكون من بخارات متصاعدة إلى الدماغ حال تصاعدها وإن لم تكن متولدة في جوهره ولا محتقنة فيه قديماً فإذا تصاعدت حركت ويكون تصاعدها إليه إما في منافذ العصب فيكون من المعدة والمرارة بتوسط المعدة والمثانة والرحم والحجاب إذا أصابها أمراض أو تحرّكت الأخلاط التي فيها .
وأكثر ذلك من المعدة وبعده من الرحم القابلة للفضول وإما في الأوردة والشرايين . أما الغائرة وأما الظاهرة .
ومادة البخار قد تكون صفراء وقد تكون بلغماً .


والدوار البلغمي شبيه بصرع وكثيراً ما تكون المشاركة المسمرة والمديرة لا لأجل مادة تصل بل لأجل تأذّ بكيفية تتصل بالدماغ فتورث السدر والدوار مثل الذي يعرض عند الخوى والجوع لبعض الناس وخصوصاً لمن لا يحتمل الجوع لأن فم المعدة منه يتأذى فيشاركه الدماغ وقد يكون الدوار والسدر على طريق البخران والدوار المتواتر خصوصاً في المشايخ ينذر بسكتة وكذلك الدوار الحادث عقب خمر لازم لعضو وقد يحلّ الدوار صداع عارض وقد يحل الصداع دوار عارض .
علامات أصنافه : أما الكائن من دوران الإنسان على نفسه أو من نظره إلى الأشياء الدائرة أو المستضيئة أو المرتفعة فمعلوم بنفسه وكذلك ما كان عن ضربة أو سقطة . وأما الذي يكون لاحتقان بخارات قديمة في الدماغ أو متولّدة في نفس الدماغ فتكون العلة دائمة غير تابعة لمرض في بعض الأعضاء ولا هائجة مع الامتلاء ساكنة مع الخوى ويكون قد تقدمه أوجاع الرأس والدويّ والطنين والثقل في الرأس ويجد ظلمة بصره ثابتة ويجد في الحواس تقصيراً حتى في الذرق والشم ويحس في الشريانات المتقدمة ضرباناً شديداً ويصيب ثقلاً في الشم فإن كان الخلط الذي في الدماغ أو في غيره الذي منه تهيج البخارات بلغماً كان ثقل وجبن وكثرة نوم وعسر حركة وعلامات البلغم المذكورة في القانون .
وإن كان صفراء كان سهر والتهاب يحس بلا كثير ثقل وخيالات صفر ذهبية .
وإن كان دماً كانت العروق منتفخة والوجه والرأس والعين حمراً حارة وكان ثقل وإعياء ونوم وضربان .


وإن كان عن سوداء كان ثقل بقدر وسهر وتخيل شعر وصفائح سود ودخان وفكر فاسد وسائر العلامات المذكورة . وأما إن كان سببه من المعدة كان مع بطلان من الشهوة أو آفة فيها وفساد في الهضم وخفقان وفتور من النفس وتقلب من المعدة وميل من الأذى إلى مقدم الرأس ووسطه ولا يبعد أن يتأدى إلى مؤخّره واختلاف حال الوجع فتارة يسكن وتارة يزيد بحسب الامتلاء والخوى ويكون لحمى قد سلفت . ويجد أيضاً وجعاً في المعدة ونفخاً في الأحايين ويكون طريق مشاركته .
العصب ويجد قبله وعند اشتداده في آخره وجعاً خلف اليافوخ عند منبت الزوج السادس وفي نواحي القفا .
وإن كان من الرحم تقدمه اختناق الرحم واحتباس المني أو الطمث أو أورام فيه وكذلك إن كان من المثانة وإن كان المبدأ من الأعضاء كلها أو من ينبوع الغذاء وهو الكبد أو ينبوع الروح وهو القلب كان نفوذه في العروق والشرايين النابتين منهما .
أما الذي خلف الأذن أو الذي في القفا وعلامة ذلك أن يكون مع ضربان شديد وتوتّر من العروق التي في الرقبة وإن لا يجد وجعاً يعتريه في الرقبة وأعصابها ولا في سائر العصب وإذا رأيت الشرايين الخارجة متمدّدة عند القفا وكان إذا منعت النبض بيدك أو بالرباط الأعجمي أو بالأسرب أو طليت عليه القوابض المذكورة قبل فإن علمت أن المسالك فيها وإلا ففي الآخر ولذلك جرّب في الآخر فإن لم يجد فهي في الغائرة .
وأما الذي يكون عن سوء مزاج مختلف فيعرف بخفة الدماغ وعدم الأسباب المذكورة ووقوع برد أو حرّ معافص من خارج أو من المتناولات المبردة والمسخنة دفعة فيتبعه الدوار وصاحب السدر لا ينتفع بالشراب انتفاعه بشرب الماء واعلم أن السدر والدوار إذا طال فالعلة باردة وعلامة البحراني ظاهرة .
المعالجات : أما الكائن بسبب في دوران الإنسان على نفسه ونظره إلى الدورات أو نظره من مكان عالٍ فيعالج بالسكون والقرار والنوم إن لم يسكن سريعاً ويتناول القوابض الحارة ويكسر لقماً فيها ويتناولها .


وأما الكائن عن دم وأخلاط محتقنة في البدن فيعالج بالفصد من القيفال ثم من العرق الساكن الذي خلف الأذن فإنه أفضل علاج لجميع أصناف الدوار المادي .
وربما كُوي كياً وخاصة فيما كان سببه صعود أبخرة من البدن في أي الطريق صعدت وتنفع الحجامة على النقرة وعلى الرأس أيضاً .
وإن كان مِع الدم أخلاط مختلفة أو كان سببه الأخلاط دون الدم فليبادر بالاستفراغ بحب الأيارج أو نقيع الصبر إن كانت الأخلاط حارة أو طبيخ الهليلج أو طبيخ الأفتيمون وحب الإصطمحيقون إن كانت مختلفة .
وبعد الاستفراغ يستعمل حقنة بماء القنطريون والحنظل ثم يحتجم على الرأس والنقرة ثم يقبل على الغرغرات والعطوسات والشمومات التي فيها مسك جوجِندبادستر وشونيز ومرزنجوش وإذا هاجت النوبة فليستعن بالدلك للأسافل وإن كان السبب في ذلك من المعدة وأخلاط فيها فليستعمل القيء بما طبخ فيه شبث وفجل وجعل فيه عسل وملح وسائر المقيئات المعتدلة ثم يستفرغ بالقوقايا إن كانت القوة قوية أو حب الأيارج ونقيع الصبر إن كانت القوة دون القوية .
وإذا علم أن الأخلاط مرة ساذجة فبطبيخ الهليلج مع الشاهترج ويعلم ذلك بالدلائل المذكورة في هذا الباب وفي باب المعدة .
وإن كان السبب في عضو آخر عالجت كلاً بما وجب وقويت الرأس في ابتدائه بدهن الورد مع قليل دهن بابونج وبعد الاستحمام بدهن البابونج المفرد .
وإذا علم أن المادة في الرأس وحدها احتجم على الرأس والنقرة وفصد العرق الذي خلف الأذن واستعمل الشبيارات والغرغرات والنطولات والشمومات والعطوسات والسعوطات المذكورة وما أشبهها بحسب المواد على ما علمت في القانون .
وإن رأى أن السبب سوء مزاج مختلف فيجب أن تعرف سببه وعلامته بما علم وتعالج بالضد ليستوي مزاجاً طبيعياً .


وإن كان السبب ضربة أو سقطة عالجتها أولاً بما قيل في بابه فان برأت وبقي الدوار عالجت الدوار بما بين ويجب أن يجتنب صاحب الدوار النظر إلى كل شيء دائر بالعجلة ويجتنب الإشراف من المغارات ومن القلل والآكام والسطوح العالية .
وأما السدر والدوار الكائن بسبب خوى المعدة فيسكّنه تناول لقم مغموسة في رب الفواكه القابضة ومياهها وخصوصاً الحصرم .
فصل في اللِّوى
ويعرض للبدن من جهة تواتر الامتلاء ونحوه في العضل والعروق حاله كالإعياء تتمدد له العروق ويكثر التثاؤب والتمطي لكثرة الريح والبخار ويحمر معه الوجه والعين ويستدعي التَلَوي والتمدد وإذا كثر بالإنسان ذلك دَل على امتلاء فيجب أن يستفرغ الخلط الدموي والصفراوي ويستعمل الماء البارد فإن ذلك ربما سكنه في الحال بما يفشّ الغليان وللوج خاصية في إزالته إذا مضغ واستف وشرب ولعله بما يجلّل الريح المغلية وكذلك الكزبرة بالسكر والحماميون يشقون صاحبه بشد اليد على العرق السباتي حتى يصيب الإنسان كالغشي ولعله بما يزعج من الروح المتصعد إلى الدماغ بحملة عنيفة مستولية على المواد بالتحليل وفيه خطر ويجب أن لا يحبس اليد على العرق بقدر ما لا يطيق الإنسان أن يمسك معه نفسه . فصل في الكابوس
ويسمى الخانق وقد يسمى بالعربية الجاثوم والنيدلان .
الكابوس مرض يحسّ فيه الإنسان عند دخوله في النوم خيالاً ثقيلاً يقع عليه ويعصره ويضيق نفسه فينقطع صوته وحركته ويكاد يختنق لانسداد المسام وإذا تقضى عنه انتبه دفعة وهو مقدمة لإحدى العلل الثلاث إما الصرع وإما السكتة وإما المانيا وذلك إذا كان من مواد مزدحمة ولم يكن من أسباب أخرى غير مادية ولكن سببه في الأكثر بخار مواد غليظة دموية أو بلغمية أو سوداوية ترتفع إلى الدماغ دفعة في حال سكون حركة اليقظة المحلّلة للبخار ويتخيل كل خلط بلونه .
وعلامة كل خلط ظاهرة بالقوانين المتقدمة .


وقد يكون من برد شديد يصيب الرأس دفعة عند النوم فيعصره ويكثفه ويقبضه ويختل منه تلك الخيالات بعينها ولا يكون ذلك إلا لضعف أيضاً من الدماغ لحرارته أو سوء مزاج به .
المعالجات : علاجه الفصد والإسهال بما يخرج كل خلط وإن كانت الأخلاط غليظة كثيرة ينتفع بهذا المسهل ونسخته : يؤخذ من الخربق مقدار درهم مع ثلث درهم سقمونيا وربع درهم شحم حنظل ودانقين أنيسون إن كانت القوة قوية وإلا حب اللازورد أو حب الأصطمحيقون الأفتيموني أو الأيارجات الكبار : أيارج قثاء الحمار وأيارج روفس خاصة ثم يقوي الرأس بما تعلمه من القانون الكلي .
ومما ينفع منه سقي حب الفاواينا على الاتصال وإن كان السبب فيه برداً يصيب الدماغ فيؤثر فيه هذا الخيال فيجب أن يستعمل الأدهان الحارة المسخنة القابضة والضمادات المحمرة وغير ذلك ويجب أن لا يطول الكلام فيه فقد تقدم منا ما يغني .
فصل في الصَرَع
الصرع علة تمنع الأعضاء النفسية عن أفعال الحسّ والحركة والانتصاب منعاً غير تام وذلك لسدة تقع وكثره لتشتج كلي يعرض من آفة تصيب البطن المقدم من الدماغ فتحدث سمة غير كاملة فيمنع نفوذ قوة الحس والحركة فيه وفي الأعضاء نفوذاً تاماً من غير انقطاع بالكلية ويمنع عن التمكّن من القيام ولا يمكن الإنسان أن يبقى معه منتصب القامة لأن كلّ تشنّج كما نبينه فإما عن امتلاء وإما عن يبس وإما عن قبض بسبب مؤذٍ وكذلك الصرع لكنه لا يكون عن اليبوسة لأن الصرع يكون دفعة والتشنج اليابس لا يكون دفعة ولأن الدماغ لا يبلغ الأمر من يبسه أن يتشنّج له أو يعطب البدن قبله فيبقى أن سببه إما بقبض الدماغ لدفع شيء مؤذٍ هو إما بخار وإما كيفية لاذعة أو رطوبة رديئة الجوهر وإما خلط يحدث سدة غير كاملة في بطن الدماغ أو أصول منابت العصب .


وقد يكون ذلك من الخلط لحركة موجية تقع في الخلط أو لغليان من حرارة مفرطة فيما يقع من السدة لا تنفذ قوة الحس والحركة نفوذه الطبيعي وبما لا تتم ينفذ منه شيء بمقدار ما فلا يعدم الأعضاء قوة الحسّ وقوة الحركة بالتمام وإما لريح غليظة تحتبس في منافذ الروح على ما يراه الفيلسوف الأكبر أرسطاطاليس ويراه أحد أسباب الصرع وإذا كان هناك خلط ساد فإن الدماغ مع ذلك أيضاً ينقبض لدفع المؤذي مثل ما يعرض للمعدة من الفواق والتهوع ومثل ما يعرض من الاختلاج إذ كان التقبّض والانعصار أصلاً في دفع الأعضاء ما تدفعه وإذا تقبض الدماغ اختلفت حركاته وتبعه تقبض العصب في الوجه وغيره واختلاف حركاته .
وأما الإفاقة فإما أن تقع لاندفاع الخلط أو لتحلل الريح أو لاندفاع المؤذي وأما التشنج النازل إلى الأعضاء الذي يصحب الصرع فسببه أن المادة التي تغشي الدماغ أو الأذى الذي يلحقه يلحق العصب أيضاً فتكون حالها حاله وذلك لعلل ثلاث اتباعها لجوهر الدماغ وتأذّيها بما يتأذى به وامتلأوها من الخلط المندفع إليها في مباديها ليزداد عرضُها وينقص طولُها وإنما كان الصرع يجري مجرى التشنّج ليس مجرى الاسترخاء فيفعل انقباضاً من الدماغ ويقصلها ولا يفعل استرخاء وانبساطاً لأن الدماغ يحاول في ذلك دفع شيء عن نفسه .
والدفع إنما يتأتى بالانقباض والانعصار وكل تشنج مادي فإنه ينتفع بالحمى والصرع تشنج مادي فهو ينتفع بالحمى والأورام إذا ظهرت به فربما حلّته ونقصت مادته .


وكثيراً ما ينتقل المالنخوليا إلى الصرع وكثيراً ما ينتقل الصرع إلى المالنخوليا . وقد ظن بعض الناس أنه قد يكون من الصرع ما ليس عن مادة فإن عنى بهذا أن السبب فيه بخاراً وكيفية تضرّ بالدماغ فيفعل فيه التقلص المذكور فلقوله معنى وإن عنى أن سبب ذلك هو نفس المزاج الساذج إذا كان في الدماغ فيفعل الصرع فذلك ما لا وجه له لأن تلك الكيفية إذا كانت قد تكيف بها الدماغ وجب أن يكون الصرع ملازماً إياها ولا يكون مما يزول في الحال بل سبب الصرع هو مما يكون دفعة ويزول في الحال أو يغلب فيقتل .
ومثل ذلك لا يكون كيفية حاصلة في نفس الدماغ بل مادة وكيفية تتأدّى إليه وتنقطع وذلك من عضو آخر لا محالة والذي يعرض في الصرع لاضطراب حركة النفس لاختناقه وذلك الاضطراب لاضطراب التشنج ويعرض في السكتة للاختناق ولاستكراء التنفس فكان الصرع تشنج يخص أولاً الدماغ والتشنّج صرع يخص أولاً عضواً ما وكأن حركة العطاس حركة صَرَع خفيف وكأن الصرع عطاس كبير قوي إلا أن أكثر دافع العطاس إلى جهة المقدّم لقوّة القوّة وضعف المادة ودفع الصرع إلى أي وجه كان أمكن وأسهل .
ويجب أن يحصل مما قيل : إن الصرع إذا كان في الدماغ نفسه فالسبب فيه مادة لا محالة تفعل ريحاً محتبسة في مجاري الحس والحركة أو تملأ البطنين المقدّمين بعض الملء وهذه المادة إما دم غالب وكثير وإما بلغم وإما سوداء وإما صفراء وهو قليل جداً وبعده في القلّة الدم الساذج .
وأما الدم الذي يضرب مزاج السوداء والبلغم فقد يكثر كونه سبباً لكن السبب الأكثر هو الرطوبة مجردة أو إلى السوداء فإن أغلب ما يعرض الصرع يغلب عن بلغم وقد قال بقراط : إن أكثر الغنم التي تصرع إذا شرح عن أدمغتها وجد فيها رطوبة رديئة منتنة وكل سبب للصرع دماغي فإنه يستند إلى ضعف الهضم فيه فلا يخلو إما أن يكون في جوهر الدماغ ومخّيته وهو أردأ وإما أن يكون في أغشيته وهو أخف .


والصرع السوداوي القوي أردأ وإن كان البلغمي أكثر فإن السوداوي أسد لمنافذ الروح والمخصوص عند بعضهم باسم أم الصبيان قاتل جداً وإذا اتصلت نوائب الصرع قَتلَ .
وأما الصرع الذي يكون سببه في عضو آخر فذلك إما بأن يرتفع منه إلى الدماغ بخارات ورياح مؤذية بالكمّية حتى يجتمع منها على سبيل التصعيد ثم يتكاثف بعده مادة ذات قوام تفعل بقوامها أو بما يتكون منها من ريح وإما أن يرتفع إليه بخار أو ريح مؤذ لا لكمية بل بالكيفية إما بالإجماد وإمّا بالإحراق وإما بالسمية ورداءة الجوهر وإما أن ترتفع إليه كيفية ساذجة فقط وإمّا أن يرتفع إليه ما يؤذي من الوجهين .
وأما العضو الذي يرتفع منه إلى الدماغ بخارات تصرع بكثرتها فهو إما جميع البدن وإما المعدة وإما الطحال وإما المراق .
ويقع ذلك أيضاً في سائر الأعضاء .
وأما المؤذي ببخار رديء الجوهر والكيفية فهو في جميع البدن أيضاً حتى إصبع الرجل واليد ويكون سبب ذلك احتباس دم أو خلط في منفذ قد عرضت له سدة فتنقطع عنه الحرارة الغريزية فيموت فيه ويعفن ويستحيل إلى كيفية رديئة وينبعث منه على الأدوار أولاً على الأدوار مادة بخارية أو كيفية سمّية أو يكون وقع عليها بعض السموم فأثرت في العصب كما يؤثّر لسع العقرب على العصب فتندفع سميته بوساطة العصب إلى الدماغ فيؤذّيه فينقبض منه ويتشنّج وتضطرب حركاته كما يصيب المعدة عند تناول ما له لذع على الخلاء مثل الفواق وعند كون فم المعدة قوي الحس .
والفواق نوع من التشنّج وإذا عرض للدماغ من مثل هذا السبب تشنج وانقباض فإنه حينئذ يتبعه انقباض جميع العصب وتشنجه .
وحكى جالينوس عن نفسه أنه كان يصيبه الفواق عند تناوله الفلافلي ثم الشرب للشراب بعلى لتأذّي فم المعدة بالحدّة .


وقد شاهدنا قريباً من ذلك لغيره وقد حكى جالينوس وغيره وشاهدنا نحن أيضاً بعده أنّ كثيراً ما كان يحس المصروع بشيء يرتفع من إبهام رجله لريح باردة ويأخذ نحو دماغه فإذا وصل إلى قلبه ودماغه صرع .
قال جالينوس : وكان إذا ربط ساقه برباط قوي قبل النوبة امتنع ذلك أو خف .
وقد شاهدنا نحن من هذا الباب أموراً عجيبة وقد كُوي بعضهم على إبهامه وبعضهم على إصبع آخر كان البخار من جهته فبرأ .
ومن هذا الباب الصرع الذي يعرض بسبب الديدان أو حب القرع وضرب من الصرع مركّب بالغشي يكاد الأطباء يخرجونه من باب الصرع وهو فيه وضرب منه ومن قبيله يسمى اختناق الرحم وهو أن المرأة إذا عرض لها أن احتبس طمثها لا في وقته فاحتقن أو احتبس منيها لترك الجماع استحال ذلك في رحمها إلى كيفية سمّية وكان له حركات وتبخيرات إما بأدوار وإما لا بأدوار فيعرض أن يرتفع بخارها إلى القلب والدماغ فتصرع المرأة وكذلك قد يتفق للرجل أن يجتمع في أوعية المنيّ منه كثير ويتراكم ويبرد ويستحيل إلى كيفية سمية فيصيبه مثل ذلك .
كذلك يتفق للمرأة صرع في الحمل فإذا وضعت واستفرغت المادة الرديئة الطمثية زال ذلك . وقد حكى لنا صرع يبتدئ من الفقار وصرع يبتدئ من الكتف وغير ذلك وأما أن يكون من المعدة ومن المراق وبسبب تخم تورث سدداً في العروق فلا تقبل الغذاء المحمود ويفسد فيها الخلط أو يبقى فيها الغذاء المحمود مختنقاً للسدد فيفسد وكثيراً ما يتراجع إلى المعدة فاسداً فيفسد الغذاء الجديد المحمود الكيموس وكثيراً ما يعرض بسبب ذلك القيء للطعام غير منهضم وعلى كل حال كان الصرع بشركة أو بغير شركة فإنّ مبدأ الصرع القريب هو الدماغ أو البطن المقدّم منه والبطون الأُخر معه لأن أول آفة يعتد بها تقع في حسّ البصر والسمع وفي حركات عضل الوجه والجفن وإن كان سائر الحواس والأعضاء المتحركة تشترك في الآفة ولولا المشاركة في الآفة لسائر البطون لما بطل الفهم ولما تضرروا في التنفس .


والصرع في أكثر الأمر يتقدمه التشنج ثم يكون من بعده الصرع وذلك لأنه إذا استحكم التشنّج كان الصرع فإذا اندفع السبب المؤذي أو تحلل الريح عادت الأفعال الحسّية والحركيّة وربما ظهر الخلط المندفع معاينة في المنخر وفي الحلق .
وكثيراً ما يكون الصرع بلا تشنّج محسوس وذلك لأنّ المادة الفاعلة له تكون والصرع يصيب الصبيان كثيراً بسبب رطوباتهم فربما ظهر بهم أول ما يولدون وقد يكون بعد الترعرع فإن أصيب في تدبيرهم زال وإلا بقي ويجب أن يجتهد أن يزال عنهم ذلك قبل الإنبات .
وأبعد الصبيان من ذلك من يعرض له في ناحية رأسه قروح وأورام ويكون سائل المنخرين .
وللدماغ رطوبة في أصل الخلقة من حقها أن تنبثق فربما تنبثق في الرحم وربما انبثقت بعد الولادة فإن لم تنبثق لم يكن بد من صرع .
وأكثر الصرع الذي يصيب الصبيان فإنه قد يخفّ علاجه ويزول بالبلوغ إذا لم يعنه سوء التدبير وترك العلاج .
والصرع قد يصيب الشبان فإنّ كثر بعد خمس وعشرين سنة لعلّة في الدماغ وخاصة في جوهره كان لازماً ولا يفارق ويكون غاية فعل العلاج فيهم تخفيف من عاديته وأبطأ بنوائبه .
وقد قال بقراط : إن الصرع يبقى بهم إلى أن يموتوا وأما المشايخ فقلما يصيبهم الصرع السددي وقد يعين الأسباب المحركة للصرع أسباب من خارج مثل التغذي في المطعم والمشرب والتخم ومثل التعرّض الكثير لشمس مما يجذب من المواد إلى الرأس وذلك لما يمنع من انتشار المواد في جهتي البدن فيحركها إلى فوق .
والجماع الكثير من أسبابه ومن أسبابه التنغم والسكون وقلة الرياضة ومن أسبابه الرياضة على الامتلاء كما تتحرك لها الأخلاط إلى تحلّل غير تام وتملأ التجاويف ومن أسبابه ما يضعف القلب من خوف أو وقع هدة وصيحة بغتة .
ومن أسبابه الصوم لصاحب المعدة الضعيفة وشرب الشراب الصرف أيضاً لما يؤذي المعدة وهذه أسباب بعيدة توجب الأسباب القريبة .


ونحن نجعل لهذه الأسباب باباً مفرداً وقيل : إن المصروع إذا لبس مسلاخ عنز كما سلخ وشرع في الماء صرع وكذلك إذا دخن بقرن الماعز والمر والحاشا وكثيراً ما ينحل الصرع بحميات يقاسيها صاحبه وخصوصاً ما طال والربع خاصة لشدة طوله ولإنضاجه المادة السوداوية حتى ينحلّ والنافض القوي فإن النفض يزعج ما تلحج بالدماغ من الفضول والعرق الذي يتبع النافض ينفضه .
وكما أن السكتة تنحلّ إلى فالج فكذلك كثير من الصرع ينحل إلى فالج وقد زعم بعضهم أن البلغمي يصحبه ارتعاش واضطراب لأن البلغم لا يبلغ من كثافته أن يسد المجاري سداً تاماً وأما السوداوي فقد يسد سداً تاماً فيعرض منه قلة الاضطراب وزعم بعضهم أن الذي يكثر معه الاضطراب فبالحري أن يكون سببه الخلط الأقل مقداراً والأقل نفاذاً في المجاري فجعل الأمر بالعكس ولا شيء من القولين بمقطوع به .
قال روفس : إذا ظهر البرص بنواحي الرأس من المصروع دلّ على انحلال مادة الصرع وعلى البرء وكثيراً ما ينحل الصرع إلى فالج ومالنخوليا .
المهيئون للصرع : يعرض الصرع للمرطوبين بأسنانهم كالصبيان والأطفال والمرطوبين بتدبيرهم كأصحاب التخم والذين يسكنون بلاداً جنوبية الريح لأنها تملأ الرأس رطوبة .
والصرع للنساء والصبيان وكل من هو قليل الدم ضيق العروق أقلّ .


العلامات : يقولون : إن العلامات المشتركة لأكثر أصناف المصروعين ضفرة ألسنتهم وخضرة العروق التي تحتها وكثيراً ما يتقدمه تغيّر من البدن عن مزاجه وثقل في الرأس خصوصاً إذا غضب أو حدث به نفخ في البطن ويتقدّمه ضعف في حركة اللسان وأحلام رديئة ونسيان أو فزع وخوف وجبن وحديث النفس وضيق الصدر وغضب وحدة وليس كل صنف منه يقبل العلاج والمؤذي منه هو الذي يتقدّمه هزّ شديد واضطراب كثير قوي ثم يتبع سكون شديد مديد وازدياد وضرر في التنفس فيدلّ على كثرة مادة وضعف قوة فإذا أردت أن تعلم أن العلة في الرأس أو في الأعضاء الأخرى فتأمل هل يجد دائماً ثقلاً في الرأس ودواراً وظلمة في العين وثقلاً في اللسان والحواس واضطراباً في حركاته وصفرة في الوجه .
فإذا وجدت ذلك مع اختلاط في العقل ونسيان دائم أو بلادة أو رعونة ولم يكن يقل وينقص على الخلاء وربما يحدث من لين الطبيعة بالمستفرغات فاحكم أن العلة من الدماغ وحده ثم إن لم تجد في الأعضاء العصبية وفي الطحال والكبد ولا في شيء من الأطراف والمفاصل آفة ولا أحس العليل بشيء يصعد إلى رأسه ودماغه من موضع صح عندك أن الآفة في الدماغ .
وعلامة الصرع السهل أن تكون الأعراض أسلم وأن يكون صاحبه يثوب إليه العقل بسرعة فيخجل كما يفيق وأن تسرع إليه إفاقته بالعطوسات والشمومات وبما يحرك القيء مما يدخل في الحلق قاء به أو لم يقئ .
وعلامة الصعب منه عسر النفس وطول الاضطراب ثم طول الخمود بعده وقلّة إفاقة بالتشميم والتعطيس ودون هذا ما يطول فيه الاضطراب ولا يطول الخمود أو يطول فيه الخمود ويقل الاضطراب .
فعلامة ما كان سببه من ريح غليظة تتولّد فيه أن لا يجد معه وقريباً منه ثقلاً بل يجد دويّاً وتمدداً ولا يكون تشنّجه شديداً .
وعلامة ما كان منه سببه البلغم فأن يكون الريق حاراً زبدياً غليظاً كثيراً ويكون في البول شيء كالزجاج الذائب ويكثر فيه الجبن والفزع والكسل والثقل والنسيان .


وقد يتعرف من القيء أيضاً ومن لون الزبد وأيضاً من لون الدم .
وقد يتعرف من السن والبلد والأسباب الماضية من الأغذية والتدابير وبما يدل عليه السكون والدعة ولون الوجه والعين وسائر ما علمته في القانون فإن كان البلغم مع ذلك فخاً بارداً كان النسيان والبلادة وثقل الرأس والبدن والسبات أكثر ويكون الصرع أشد إرخاء وإضعافاً .
وهذا النوع رديء جداً .
وأما الكائن عن البلغم المالح فيكون السبات فيه أقل وبرد الدماغ أخف والحركات أسلم .
وأما علامة ما كان سببه السوداء فقيء السوداء أما الشبيه بالدم الأسود وأما الجريف المحترق وأما الحامض الذي تغلي منه الأرض ويكون طباع صاحبه مائلاً إلى الاختلاط في ذهنه وإلى حالة المالنخوليا ولا يصفو عقله عند الأفواق .
ويستدلّ على السوداء أيضاً من لون الوجه والعين ومن جفاف المنخر واللسان والتدابير المولّدة للسوداء فإن كان السوداء عكر دم طبيعي كان الصرع مع استرخاء وقلّة كلام ومع سكون ويكون صاحبه صاحب أفكار ساكنة هادئة .
فإن كان السوداء من جنس الصفراء المحترق وهو الحريف فإن اختلاطه يكون جنونياً ومع كثرة كلام وصياح ويكون صرعه مضطرباً وخفيف الزوال وربما كان مع حمى ولا سيما إذا كان سوداؤه رقيقاً .
وإن كان عن دم سوداء دموي كان أحواله مع ضحك وأنت تقدر على أن تتعرف جوهر السوداء من القيء هل هو شبيه بثقل الدم فهو سوداء طبيعي أو شبيه بثقل النبيذ فهو سوداء محترق أو خشن فهو عفص يخشن الحلق ويدل على غاية برده ويبسه أو حامض رقيق مع رغوة فهو يغلي على الأرض أو غليظ لا رغوة له .


وأما علامة مما يكون سببه الدم فإنا فقول : أن الدم إن فعل الصرع بالغليان والحركة دون الكمية لم يظهر له كثير فعل في اللون والأوداج ولا حال كالاختناق في أوقات قبل الصرع ولكن يظهر منه ثقل وبلادة واسترخاء وكثرة ريق ومخاط كما يظهر من البلغم ولكن مع حرارة وحمرة في العين وبخار على الرأس دموي فإن فعل بالكمية كان مع العلامات درور في الأوداج وتقدم حال كالاختناق .
وعلامة ما كان من الصرع بسبب مادة صفراوية وذلك في الأقل هو أن يكون التأذي والكرب عنه أشد والتشنّج معه أقل ومدته أقصر ولكن الحركات تكون فيه أشد اضطراباً ويدل عليه القيء والالتهاب وشدة اختلاط العقل وصفرة اللون والعين .
وأما ما كان سببه من المعدة فعلامته اختلاج في فم المعدة لاسيما عند تأخر الغذاء ورعدة وارتعاش واهتزاز عند الصرع وصياح وخصوصاً في ابتداء الأخذ ويكون معه انطلاق وبراز ودرور بول وإمذاء وإمناء وخفقان وصداع شديد .
وخفة الصرع أو زواله باستعمال القيء وأحوال تدل على فساد المعدة وزيادة من الصرع ونقصان بحسب تلطخ المعدة ونقائها وربما يقتل هذا بتواتر الأدوار فمن ذلك أن يفعل الخلط الذي فيها بكثرته وكثرة بخاراته .
وهذا هو الخلط البلغمي في الأكثر وربما خالطه غيره فعلاماته أن يعرض الصرع في أوقات الامتلاء والتخمة ويخف عند الخواء وعند قوة استطلاق الطبيعة بالطعام ويكون على ترادف من التخم فإن كان مع ذلك مخالط المادة صفراوية وجد عطشاً ولهيباً ولذعاً واحتراقاً .
وإن كان بعد ذلك سوداء كثرت شهوته في أكثر الأحوال وأحس بطعم حامض وتولد منه الفكر والوسواس على أن الدلائل البلغمية تكون أغلب ومن ذلك أن يفعل الخلط الذي فيه براءته لا بكثرته فعلامته أن يعرض الصرع في أوقات الخواء ومصادفة المادة فم المعدة خالياً وانقطاع الصرع مع الغذاء الموافق والمحمود فإن كان الخلط حاداً من جنس الصفراء عرفته بالدلائل التي ذكرناها .


وإن كان من المراق فعلامته جشاء حامض نفخ وقراقر موجعة بطيئة السكون والتهاب في المراق وربما هاج معه وجع بين الكتفين بعد تناول الطعام بيسير لا يسكن إلا عند هضمه ثم يعود بعد تناول الطعام .
وإذا عرض على الخلاء فإنما يعرض مع صلابة ويبطل تلين الطبيعة وخاصة إن كان يجد تمدداً في المراق إلى فوق ورعدة ويعرض لهؤلاء في الطعام الغير المنهضم لما بيناه من تراجع غذائهم لفساد وانسداج مسالكه فمن ذلك ما يكون بخار المراق الفاعل للصرع صفراوياً يعرف ذلك بالالتهاب الحادث ومن اللون واختلاط العقل المائل إلى الضجر وإلى التعنت ومن ذلك ما يكون بخاره سوداوياً يحدث معه شعبة من المالنخوليا وجبن وحديث نفس وخوف لظلمة المادة ويعرض منه حب الموت أو بغض له وخوف سائر ما قبل في المالنخوليا .
وأما ما كان سببه ومبؤه من الكبد أو من جميع البدن فيدل على اللون والشعر يبوسة الجلد وقحله أو رهله وسمنه وهزاله وكثرة تنديه ببخار الدم ويدل على النبض والبول وحال الأغذية المتقدمة والتدبير السالف ويدل عليه على احتباس ما كان يستفرغ من المقعدة والرحم والعرق وغير ذلك فإن كان دموياً إلى الاحتراق رأيت حمرة لون وموجية عرق وضحكاً عند الوقوع وإن كان صفراوياً أو بلغمياً وسوداوياً عرفته بعلاماته المذكورة وأما ما كان سببه الرحم فيكون لا محالة مع احتباس طمث أو مني أو رطوبات تنصب إلى الرحم ويتقدمه وجع في العانة والاربتين ونواحي الظهر وثقل في الرحم .
وأما ما كان سببه الطحال فيعرف ذلك بأن العلة سوداوية ويحس الوجع في جانب الطحال ويكون مع نفخة الطحال أو صلابته ومع قراقر في جانبه ومع مشاركة البدن له في أكثر الأمر .


وأما ما كان من مادة سمية تطلع من بعض الأعضاء بواسطة العصب فإما أن يكون مبدؤه من خارج وعلامة ذلك ظاهرة مثل لسع عقرب أو رتيلاء أو زنبور إذا وقع شيء من هذا اللسع على العصب وإما أن يكون من داخل فيحس بارتفاع بخار منه إلى الرأس يظلم له البصر فيسقط وذلك العضو وإما الرجل وإما اليد وإما الظهر وإما العانة وإما شيء من الأحشاء كالمعدة أو الرحم .
وأما علامة ما يكون من الديدان فسيلان اللعاب وسقوط الديدان وحب القرع .
في الأسباب المحركة للصرع : من الأسباب المحركة للصرع الانتقال إلى هواء معين للصرع كما أن من الأسباب المزيلة له الانتقال إلى هواء معين عليه وكل حر مفرط شمسي أو ناري وكل برد والجماع الكثير .
والصرع قد يثيره كثرة الأمطار وريحا الشمال والجنوب معاً .
أما الشمال والبلاد الشمالية فلحقنه المواد ومنعه التحلل .
وأما الجنوب والبلاد الجنوبية فلتحريكه الأخلاط وملئه الدماغ وترقيقه إياها وتثويره لها ويهيج في الشتاء كثيراً كما يهيج في الشمال وفي الخريف لفساد الأخلاط ويقل في البلاد الشمالية لكنه يكون قاتلاً لأنه لولا سبب قوي لم يعرض .
والروائح الطيبة وغير الطيبة ربما حركته والحركة ومطالعة الحركات السريعة والدائرة والاطلاع من الاشراف وطول اللبث في الحمام والحمام قبل الهضم وصب الماء الحار على الرأس وتناول ما يولد دماً بخارياً عكراً أو مظلماً مثل الشراب العكر .


والعتيق أيضاً يضره والذي لم يصفّ من الحديث ولم يتروق والصرف الناكي في الدماغ والكرفس خاصة بخاصية فيه والعدس لتوليده دماً سوداوياً اللهم إلا أنه يخلط بكشك الشعير والباقلا أيضاً والثوم لملئه الرأس بخاراً والبصل كذلك ولأن جوهره يستحيل رطوبة رديئة واللبن أيضاً والحلاوى وكثرة الدسم في الطعام كل غليظ ونفّاخ وقباض وبارد وكل حادّ حريف والهيضة أيضاً مما يحرّك الصرع لتثويرها الأخلاط وتحريكه إياها والتخمة وسوء الهضم والسهر والآلام النفسانية القوية من الغمّ والغضب والخوف والانفعالات الحسية القوية من سماع أصوات عظيمة مثل الرعد وضرب الطبول وزئير الأسد والأصوات الصلاّلة مثل صوت الجلاجل والصرّارة مثل صريف الناب الحاد وكذلك من إبصار أنوار باهرة مثل البرق الخاطف للبصر ونور عين الشمس ومن ملامسة حركات قوية كحركات الرياح العاصفة .
وقد يهيج الصرع من الرياضة على الامتلاء أريد بها التحليل أو لم يرد .
في الأدوية الصارعة : وقد ذكرنا الأدوية التي تصرع وتكشف عن المصروع في جداول أمراض الرأس بعلامة مثل التبخير بالقنّة والمر وقرون الماعز وأكل كبد التيس وشمّ رائحته وكذلك إذا جعل المرّ في أنفه .
المعالجات : أما صرع الصبيان فيجب أن يعالج بأن يصلح غذاء المرضعة ويجعل مائلاً إلى حرارة لطيفة مع جودة كيموس وتجتنب المرضعة كل ما يولِّد لبناً مائياً أو فاسداً أو غليظاً وتمنع الجماع والحبل ويجب أن يجنب هذا الصبي كل شيء فيه مغافصة ذعر أو إزعاج مثل الأصوات العظيمة والجشّ كصوت الطبل والبوق والرعد والجلاجل وصياح الصائحين وأن يجنب السهر والغضب والخوف والبرد الشديد والحرّ الشديد وسوء الهضم وأن يكلّف الرياضة قبل الطعام برفق ويحرم عليه الحركة بعد الطعام فإن احتمل استفراغاً بالأدوية المستفرغة للبلغم رقيقاً فعل ذلك .


وينفعهم أن يقيئوا أحياناً بماء العسل وأن يسقوا الجلنجبين السكري والعسلي ويشمموا السذاب وسائر الملطّفات فإن التشميم بالشمومات التي نذكرها ربما كفى الخطاب فيهم ثم يعم المصروعينكلهم أن يستعملوا الأغذية المحمودة التي لها ترطيب محمود غير مفرط وليحترزوا من الامتلاء وليحذروا سوء الهضم وذلك بأن يكفوا ولا يبلغوا تمام الشبع ومن لم تجر عادته بالوجبة قسّم غذاءه الذي هو دون شبعه ثلاثة أقسام فيتناول ثلثة غداء وثلثيه عشاء بعد رياضة لطيفة ولا يستكثروا من الخمر فإنها شديدة الملء للدماغ ثم إن لم يكن بدّ من أن يستعملوا من الشراب شيئاً فقليل عتيق مروّق إلى العفوصة .
وأضرّ الأشياء بهم الشرب عقيب الاستحمام وأيضاً البرد المغافص بل يجب أن يوقوا الرأس ملاقاة كل حرّ مفرط أو برد مفرط ولا يبطئوا في الحمّام وعلى المصروع أن يجتنب اللحوم الغليظة كلها والقوية الغذاء والسمك كله بل لحوم جميع ذوات الأربع الكبار ويقتصر على الفراريج والدراريج والطياهيج والعصافير الأهلية والجبلية والقنابر والشفانين والجداء والغزلان والأرانب .
وقد قيل أن لحم الخنزير البري شديد النفع له وقد يمدح لهم لحوم الماعز لما فيها من التجفيف وقلة الترطيب كما تكره لهم الحلاوات والدسومات ونحوها ويجتنب البقول كلها وخصوصاً الكرفس فإن له خاصية في تحريك الصرع فإن كان ولا بدّ فليستعمل الشاهترج والهندبا وقد رخص لهم في الخس وأنا لا أحمده لهم كثير حمد وكذلك رخص لهم في الكزبرة لمنعها البخار من الرأس وأنا أكرهها واستكثارها لهم إلا في الدموي والصفراوي .
وأما السلق المسلوق في الماء ثم المصلح بالزيت والمري وما يجري مجراه فإن قدم تناوله على الغذاء لتليين الطبيعة جاز والسذاب من جملة البقول نافع برائحته شممّاً وإذا وقع الشبث والسذاب في طعامهم كان نافعاً .


ويجب أن يجتنبوا الفواكه الرطبة كلها وجميع الفواكه الغليظة إلا بعض القوابض على الطعام بقدر خفيف يسير جداً ليشدّ فم المعدة ويحدر الغذاء ويلين الطبيعة ويمنع البخار .
ويجب أن يجتنب جميع الأغذية الثقيلة الجارية مجرى اللفت والفجل والكرنب والجزر .
ويجب أيضاً أن يجتنبوا كل حريف مبخر .
والخردل من جملة ما يؤذيهم بتبخيره وإرساله الفضول إليه وتوجيهه إياها نحوه وبقرعه الدماغ لحرافته ويجتنبوا السكر ومهاب الرياح والامتلاء ويجتنبوا الاغتسال بالماء أصلاً .
أما الحار فلما فيه من الإرخاء وأما البارد فبما يخدّر فيضرّ بالروح الحاس فإن عرض للمصروع امتلاء من طعام قذفه ولطف التدبير بعده .
ويجب أن يجتنب الأغذية الميبّسة المنقلة والمخدرة والمبخّرة .
وأما الشراب فإن الامتلاء منه ضار جداً وأما القليل فإنه ينشط النفس ويقوي الروح ويذكّيها ويغني عن الاستكثار من الماء فالاستكثار منه أضر شيء والقيلولة الكبيرة وبالجملة النوم الكثير ضار وخصوصاً على امتلاء كثير .
والإفراط من السهر أيضاً يضعف الروح ويحله ومع ذلك فيملأ الدماغ أبخرة .
وأول تدبير الصراع اجتناب الأسباب المحركة للصرع التي ذكرناها .
والسكون والهدوء أولى به .
فإن احتيج إلى رياضة بعد الاستفراغ وتنقية البدن اللذين نذكرهما فيجب أن يستعمل لا على الملء رياضة لا تبلغ الإعياء ثم يراح بعدها ويجتهد في أن يكون رأسه منتصباً ولا يدلينه ما أمكن ولا يحرّكنه كثيراً فيجذب إليه المواد .


ويجب أن يحرك الأسافل في تحريكه الأعالي ومما يجذب المادة إلى أسفل دلك البدن متحرجاً من فوق إلى أسفل يبتدئ من الصدر وما يليه فيدلكه بخرق خشنة حتى يحمر ثم ينزل بالتدريج إلى الساق ويكون كل ثان أشدّ من الأول ويكون الرأس في الحالات منتصباً وبعد ذلك يكلّفه المشي ويجب أن يريحه في موضع الرياضة ليعود إليه نفسه ويهدأ اضطرابه وإنما يفارق موضعَه بعد ذلك فإذا جذب المواد كلها إلى أسفل جاز له حينئذ أن يدلك الرأس ويمشطه ليسخنه بذلك ويغير مزاجه .
ومما ينفعه المحاجم على الرأس والكي عليه تسخيناً للدماغ وبعد التنقية والإسهال والإراحة أياماً لا بأس أن يدخلوا الحمّام وأن يضع المحاجم على ما تحت الشراسيف منهم وتسخن رؤوسهم بما علمت وقد يلقم في وقت النوبة كرة تقع بين أسنانه وخصوصاً من الشعر لينة ليبقى فمه مفتوحاً .
ويجب أن يبدءوا بالاستفراغ للمادة بحبسها ثم يقصد تنقية الرأس بالغراغر الجاذبة وإن كان يعتريه ذلك بأدوار أو يكثر مع كثرة الأخلاط فيستفرغ مع الربيع للاستظهار وليخرج الخلط الذي يغلب عليه على ما سنذكره وإن كان لا مانع له من الفصد افتصد فإن افتصاده في الربيع - وخصوصاً من الرجلين - مما ينفعه إذا لم يبلغ به تبريد دماغه وعلى ما سنذكره .
وإذا حان وقت النوبة وتمكنت من تقيئته بريشة مدهونة بدهن السوسن يدخلها فمه وخصوصاً إن كان للمعدة في ذلك مدخل ليقذفوا رطوبة انتفعوا بها في الحال .
وإن كان استعمال القيء الكثير ضاراً بالصرع الدماغي ومن الوجورات في حال الصرع وغيره حلتيت وجندبيدستر في سكنجبين عسلي ومن النفوخات للصرع شحم الحنظل وقثاء الحمار وعصارته والنوشادر والشونير ونحوه والكندس والخربق الأبيض والفلفل والزنجبيل والمرّ والفربيون والجندبيدستر والاسطوخودس تفاريق ومركّبة والحلتيت والزفت والقطران ومن البخورات الفاواينا ومن المشمومات السذاب في الصرع وفي وقت الراحة .


ومما اختاره حنين ثافسيا يعجن بدقيق شعير وخل خمر ويتخذ منه نفّاخات ويدام شمّها .
ومن الأشربة السكنجبين العنصلي خاصة يسقاه كل يوم وكذلك شراب الأفسنتين وطبيخ الزوفا بالصعتر أو السكنجبين الذي يتّخذ منهما والسكنجبين العنصلي أيضاً يسقى بماء حار في الشتاء وفي الصيف بماء بارد .
ومن المروخات الجيّدة لهم مما قد قيل منح ساق الجمل بدهن الورد على الأصداغ والشؤون والفقار والصدر .
وأما تعليق الفاواينا فقد جرب الأوائل منعه للصرع ويشبه أن يكون ذلك بالرومي الرطب أخصّ .
ومن الأدوية التي يجب أن تسقى أبداً الغاريقون وأصل الزراوند المدحرج والسيساليوس وسفرديون والفاواينا يسقون منه في كل وقت بالماء .
وقد استوفق أن يشرب كل يوم نبقة من التيادريطوس مرتين غدواً وعند النوم فإنه مما برأ به عالم واستجب له بعضهم أن يسقوا من زبد البحر كل يوم مرتين ومن الجعدة لخاصية في الجعدة والحساء أيضاً ومما ينفعهم دواء الإشقيل بهذه الصفة ونسخته : يؤخذ الإشقيل ويجعل في برنية قد كان فيها خلّ ويشدّ رأسها بصمام قوي ثم يعلى بجلد ثخين ويترك فيه أربعين يوماً أولها قيل طلوع الشعرى بعشرين يوماً وينصب البرنية في الشمس معترضة للجنوب ولتقلب كل حين قليل ليكون ما يصل إلى أجزائه من الحر متشابه الوصول ثم تفتح البرنية فتجد الأشقيل كالمطبوخ المتهرّي فتعصره وتأخذ عصارته وتخلطة بعسل وتسقى منه كل يوم قدر ملعقة وإن أعجل الوقت طبخ الاشقيل في ماء وخلّ واتخذ منه سكنجبين عسلي .
ومن الأدوية الجيدة لهم أن يؤخذ من السيسالوس ثلاثة مثاقيل ومن حبّ الغار ثلاثة مثاقيل ومن الزروند المدحرج مثقالان ومن أصل الفاواينا مثقالان ومن الجندبيدستر وأقراص الاشقيل من كل واحد مثقال يعجن بعسل منزوع الرغوة ويستعمل كل يوم مع السكنجبين .


ومما ينفعهم الانتقال فإن الانتقال إلى البلدان حتى يصادف هواء ملائماً ملطفاً مجففاً كالانتقال في الأسنان من الصبا إلى الشباب في المنفعة من المصروعين وإذا عرض للمصروعين التواء عضو وتشنّجه سوي بالدلك بالدهن والماء الفاتر والغز القوي .
وإذا كان الصرع دماغياً فالأولى به الاستفراغ بالخربق وما يجري مجراه وشحم الحنظل وسقمونيا وأيارج وطبيخ الغاريقون إسهالاً بعد إسهال في السنة وإذا وجب الفصد من أي خلط كان فيجب أن لا يقصر بل يفصد ولو من القيفالين معاً ويتّسع بفصد العروق التي تحت اللسان .
وقد يحجم على القفا لجنب المادة في الأسبوع عن الدماغ إن لم يكن هناك من مزاج الدماغ وضعفه ما يمنعه وربما احتجت أن تكثر الفصد فإذا فعلت ذلك فالواجب أن تريح أسبوعاً ثم تسهل بمشروبات وبحقن قوية من قنطريون وشحم الحنظل والخروع وغير ذلك ثم تريح ثم يحجم عند الكاهل والرأس ونقرة القفا وعلى الساق ثم تريح ثم تسهل ولا تزال تستمر على إراحات وتعاود إلى أن يتنقى .
ويستعمل بعد ذلك الغراغر والعطوسات وما ينقي الرأس وحده مما علمته وإذا سعطوا بالشليثا ثم بالشابانك وبماء المرزنجوش كان نافعاً .
ويجب أن تتلقى التوبة بنقاء المعدة وإن أمكن له أن يتقيأ قبل الطعام وخصوصاً عن مثل السمك المليح وغيره كان موافقاً .
وبعد ذلك فيدل على مزاج الدماغ بالمقويات المسخنة من الأضمدة بالخردل وما يجري مجراه مما عرفته وأشممه السذاب ويجب أن لا تحمل عليه بالمسخّنات ومبدلات المزاج دفعة بل بتدريج في ذلك فإن عرض من ذلك ضرر في أفعاله فأرح وما كان منه سببه البلغم فأفضل ما يستفرغون به أيارج شحم الحنظل وأيارج هرمس وإن استعملوا من أيارج هرمس كل يوم وزن نصف درهم بكرة ونصف درهم عشية عظم لهم فيه النفع وإن كان مع البلغم امتلاء كلّي فالفصد على ما وصفناه نافع لهم وكذلك الاستفراغ بالتربد والغاريقون والاسطوخودوس وأيارج روفس خاصة .


وأما السوداوي فيسهل بمثل طبيخ الأفتيمون والخربق وحجر اللازورد والحجر الأرمني والاسطوخودوس والبسفايج والهليلج .
ومن المروخات مخّ ساق الجمل بدهن الورد على الفقار والأصداغ والصدر .
والصرع الصفراوي فيجب أن يعتنى فيه بالتبريد والترطيب وخصوصاً بالحقن .
وإن كان محترقاً فهو في حكم السوداوي أو بين الصفراوي والسوداوي .
والمسمّى بأم الصبيان عسى أن يكون من قبيل الصفراوي عند بعضهم ولذلك نأمر في علاجه بالأبزن والسعوطات الباردة الرطبة وحلب اللبن على الرأس واستعمال الترطيب القوي للبدن .
وإن كان صبياً فإننا نأمر أن تسقى مرضعته ما يبرّد لبنها ونأمر أن تسكن موضعاً بارداً سردابياً ويشبه أن يكون هذا عنده صرع صباري أو مانيا وليس استعمال هذا الاسم مشهوراً عند محقّقي الأطباء وإذا عرض لبعض أعضاء المصروع التواء وتشنّج فإنه ينفعه الدلك بالدهن والماء الفاتر وأن يحمل عليها بالغمز .
وأما إذا كان الصرع معدياً فأرفق ما يستفرغون به شحم الحنظل والأسطوخودوس ويستعمل ذلك في السنة مراراً ويجب بعد التنقية للمعدة أن يتعهدها بالتقوية ولا يورد عليها إلا أغذية سريعة الهضم جيدة الكيموس ونوردها على ما نصف في موضعه ويجتهد في تحصيل جودة الهضم ويجب أن يتركوا المعدة خالية زماناً طويلاً وما كان يهيج من ذلك على الجوع فلتيدارك وأما الذي يكون مع تصعد شيء من عضو فيجب أن يبطّ فوق العضو عند النوبة فربما منع النوبة ويستفرغ الخلط الذي في العضو إما بالاستفراغات المعروفة - إن كان قد يصل إليه قوة الاستفراغ - أو بالتقريح والتصديد في وقت السكون بالأدوية التي تقرح وتسيل القيح وبإحراق المادة بمثل طلاء ثافسيا وفربيون وغير ذلك .
وهذه الأدوية تعرفها من ألواح الكتاب الثاني ورجا وجب أن يستعمل فيها درجة استعمال الذراريح والكيبكج وخرء البازي والبلاذر وغير ذلك .
وإن احتجت إلى شرط البدن فاشرطه .


وأما الذي يصعد عن البدن كله فقال بعضهم : لولا الخطر في فصد شرياني السبات وإن كان يمكن حبس الدم ولكن بما يحدث من تبريد الدماغ وانقطاع الروح ويتبعه من السكتة لكان فيه برء تام لمن به صرع بمشاركة البدن كله وربما يتصعّد إلى الدماغ منه .
ونقول : إن كان ليس يمكن هذا فما كان من الشرايين الصاعدة ليس في قطعه هذا الخطر فلا يبعد أن يعظم ببتره النفع فاعلم جميع ما قلنا .
فصل في السكتة
السكتة تعطّل الأعضاء عن الحس والحركة لانسداد واقع في بطون الدماغ وفي مجاري الروح الحساس والمتحرك فإن تعطّلت معه آلات الحركة والتنفس أو ضعفت فلم تسهل النفس كان هناك زبد وكان ذا فترات كالاختناق أو كالغطيط فهو أصعب يدل على عجز القوة المحرّكة لأعضاء النفس .
وأصعبه أن لا يظهر النفس ولا الزبد ولا الغطيط وإن لم تعظم الآفة في التنفس ونفذ في حلقه ما يوجر ولم يخرج من الأنف فهو وإن كان أرجى من الآخر فليس يخلو من خطر عظيم .
وقد قال بقراط : إن السكتة إذا كانت قوية لم يبرأ صاحبها وإن كانت ضعيفة لم يسهل برؤه وهذا الانسداد يكون إما لانطباق وإما لامتلاء .
والانطباق هو أن يصل إلى الدماغ ما يؤلمه أو يؤذيه فيتحرّك حركة الانقباض عنه أو تكون الكيفية الواصلة إليه قابضة مكثفة لطباعها كالبرد الشديد .
وأما الامتلاء فأما أن يكون امتلاء مورماً أو يكون غير مورم .
والامتلاء المورم هو أن يحصل هناك مادة فتسدّ من جهة الامتلاء وتسدّ من جهة التمديد وهذا من أنواع السكتة الصعبة وسواء كانت المادة حارة أو كانت باردة .
والذي يكون بغير ورم - وهو الذي يكون في الأكثر - فإما أن يكون في نفس الدماغ وبقربه في مجاري الروح من الدماغ وإما أن يكون في مجاري الروح إلى الدماغ .


والذي يكون في مجاري الروح من الدماغ وفي الدماغ فإما خلط دموي ينصبّ إلى بطون الدماغ دفعة وإما خلط بلغمي - وهو الغالب الأكثري - وأما الذي يكون في مجاري الروح إلى الدماغ فذلك عندما يسدّ الشريانات والعروق من شدة الامتلاء وكثرة الدم فلا يكون للروح منفذ فلا يلبث أن يختنق ويعرض من ذلك ما يعرض عند الشدّ على العرقين السباتيين من سقوط الحس والحركة فإن مثل ذلك إذا وقع من سبب بدني فعل ذلك الفعل .
فهذه أنواع السكتة وأسبابها وربما قالوا سكتة وعنوا بها الفالج العام للشقّين جميعاً وإن كانت أعضاء البدن سليمة وربما قالوا الاسترخاء شق سكتة ذلك الشق قد جاء ذلك في كلام بقراط وقد يعرض أن يسكت الإنسان فلا يفرّق بينه وبين الميت ولا يظهر منه تنفس ولا شيء ثم أنه يعيش ويسلم وقد رأينا منهم خلقاً كثيراً كانت هذه حالهم وأولئك فإن النفس لا يظهر فيهم والنبض يسقط تمام السقوط منهم ويشبه أن يكون الحار الغريزي فيهم ليس بشديد الافتقار إلى الترويح ويفضي البخار الدخاني عنه إلى نفس كثير لما عرض له من البرد ولذلك استحبّ أن يؤخر دفن المشكل من الموتى إلى أن تستبين حاله ولا أقل من اثنتين وسبعين ساعة .
والسكتة تنحل في أكثر الأمر إلى فالج وذلك لأن الطبيعة إذا عجزت عن دفع المادة من الشقين جميعاً دفعتها إلى أقبل الشقين الموصب وأضعفهما ونفذتها في خلل المجاري مبعدة إياها عن الدماغ وبطونه .
وقد يدل على أن السدة في السكتة مشتملة على البطون إنها لو كانت في البطن المؤخّر وحده لما كان يجب أن يتعطل الحسّ في مقدّم الرأس والوجه وقد قال بقراط : من عرض له - وهو صحيح - وجع بغتة في رأسه ثم أسكت فإنه يهلك قبل السابع إلا أن يعرض به حمى فيرجى أي الحمى يرجى معها أن تنحلّ الفضلة .


واعلم أن أكثر ما تعرض السكتة تعرض لذوي الأسنان والأبدان والتدابير الرطبة وخصوصاً إذا كان هناك مع الرطوبة برد فإن عرض لحار المزاج ويابسه فالأمر صعب فإن المرض المضاد للمزاج لن يعرض إلا لعظم السبب .
وقد يكون المزاج بعيداً منه غير محتمل له وقلما تعرض سكتة عن حرارة وإذا انبسطت مادة الفالج في الجانبين أحدثت سكتة كما إذا انقبضت مادة السكتة إلى جانب أحدثت فالجاً .
وكثر سبب السكتة في البطنين المؤخرين وإذا كان مع السكتة حمّى فهناك ورم في الأكثر والذي يحوجون إلى فصد كثير لسوداوية مائهم فينتفعون بكثرة الفصد يخسرون في العقبى فيقعون في السكتة ونحوها .
الاستعداد للسكتة الدائرة : تناول الأدوية الحادة معجل لاستعجال الأخلاط المتوانية وقد ذكرنا إنذار الدوائر بالسكتة فلتقرأ من هناك .
العلامات : الفرق بين السكتة والسبات أنّ المسكوت يغطّ وتدخل نفسه آفة والمسبوت ليس كذلك والمسبوت يتدرّج من النوم الثقيل إلى السبات والمسبوت يعرض ذلك له دفعةً .
والسكتة يتقدمها في أكثر الأوقات صُداع وانتفاخ الأوداج ودُوار وسَدر وظلمةُ البَصر واختلاج في البدن كله وتريف الأسنان في النوم وكسل وثقل وكثيراً ما يكون بوله زنجارياً وأسود وفيه رسوب نشاري ونخالي .
أما ما كان عن أذى وضربة وسقطة ومشاركة عضو فتعرفه من الأصول التي تكرّرت عليك .
وأما ما كان من ورم فلا يخلوَ من حمى ما .
ومن تقدم العلامات التي ذكرناها للأورام وما كان من الدم .
فيدل عليه علامات الدم المذكورة مراراً كثيرة ويكون الوجه محمراً والعينان محمرّتين جداً وتكون الأوداج وعروق الرقبة متمدّدة ويكون العهد بالفصد بعيداً وتناول ما يولد السوداء سابقاً وأما ما كان من بلغم فيدل عليه السحنة ولون العين وبلّة الخياشيم وغير ذلك مما قيل إذا حدث بالتشنّج دوار لازم أو متكرّر فذلك ينذر بسكتة .


المعالجات : أما العلاج الكائن من أذى من خارج فهو تدبير ذلك السبب البادي والذي من مشاركة فهو تدبير العضو الذي يشاركه بما مر لك في القانون ومرّ لك في أبواب أخرى .
والذي يكون من الدم فتدبَيره الفصد في الوقت وإرسال دم كثير يفيق في الحال وبعد الفصد فيحقن بما عرفت من الحقن لينزل المادة عن الرأس ويلطف تدبيره ويقتصر به على الجلاّب وماء الشعير الرقيق وماء الجبن ويشمم ما يقوي الدماغ ولا يسخن مما قد عرفت .
وأما الكائن من البلغم فإن وجد معه علامات الدم فصد أيضاً ثم حُقن بحقن قوية وحمل شيافات قوية يقع فيها الصموغ ومرارة البقر ثم جرع بما يسهل أن تقذفه ومن الحبوب المعتمدة في سقيهم حب الفربيون وأكب بعد ذلك على رأسه وأعضائه بالكمادات المسخنة وبالنطولات المتخذة من مياه طُبخ فيها الحشائش المسخّنة مثل الشبث والشيح والمرزنجوش وورق الأترج والمفوتنج والحاشا والزوفا وأكليل الملك والصعتر والقيسوم وبأدهان فيها قوة هذه الحشائش ودهن السذاب قد فتق فيه عاقر قرحا وجندبيدستر وجاوشير وقنة وادهن بدنه كله بزيت فيه كبريت وإن كانت الكمّادات من القرنفل والهال والبسباسة وجوزبَوا والوجّ كان صواباً وتدلك رجله بالدهن الحار المسخن والماء الحار والملح وتمرّخ الخرز بالميعة والزئبق ويجعل على أصل النخاع الخردل والسكبينج والجندبيدستر والفربيون .
ومن الأدهان الجيدة لهم دهن قثاء الحمار ودهن السذاب ودهن الاشقيل المتخذ بالزيت العتيق إما إنقاعاً للرطب فيه أربعين يوماً أو طبخاً إياه فيه بأن يؤخذ من الزيت العتيق قسط ومن الاشقيل أوقيتان يطبخ فيه حتى ينهرس وكذلك دهن العاقر قرحا على الوجهين المذكورين .


وأي دهن استعمل عليهم فأصلح ذلك بأن يخثر بالشمع حتى يقف ولا يزلق وينبغي أن يبتدأ بالأضعف من المروخات فإنّ أنجح وإلاّ زيد وانتقل الأقوى ولا بأس بعد استفراغه بالحقن وغيره من أن يقرب إلى أنفه وخصوصاً الكندس والسعوطات القوية وبالأدهان القويّة وأن تحمي الحديد وتحاذيه رؤوسهم وأن يضمّد رأسه بالضمادات المحللة التي عرفتها .
وأما إن أمكن تقيئته بريشة تدخل في حلقه ملطخة بدهن السوسن أو الزيت وخصوصاً إذا حدس أن في معدته امتلاء ويقون قد تقدمه تخمة انتفع به نفعاً شديداً .
وفي القيء فائدة أخرى فإن التهوّع وتكلف القيء يسخّن مزاج رؤوس من سكتته باردة رطبة ويجب أن تسهل رياحهم بما يخرجها فيجدون به خفاً .
وقد يبادر إلى إلقامهم ما تقدم ذكره قبل لئلا تفسد أسنانهم بعضها ببعض ويجب إذا بقوا يسيراً أن يسقوا دهن الخروع المطبوخ بماء السذاب كلّ يوم درهمين مع ماء الأصول ويدرج حتى يسقى كل يوم خمسة دراهم وإن أمكن بعد الاستفراغ أن يوجروا قدر بندقة من الترياق والمثروديطوس ومن الشليثا والأنقرديا والشجرنيا وما أشبه ذلك ومن البسيط : جندبيدستر مثقال بماء العسل والسكنجبين العسلي فعل .
وأيضاً إذا شرب منه باقلاة وشرابهم ماء العسل الساذج أو بالأفاويه بحسب الحاجة وإذا رأيت خفّاً غرغرت وعطست ووضعت المحاجم على القفا والنقرة بشرط أو بغير شرط على حسب المادة ورجحتهم في أرجوحة ثم تحمّمهم بعد ثلاثة أسابيع وتمرخهم يوم الحمّام بأدهان مسخّنة .
ومن الغراغر النافعة لهم بعد تنقية الكلية طبيخ الحاشاء والفوتنج والسعتر والزوفا ونحو ذلك في الخلّ يخلط به عسل وأيضاً ماء سلق طبخ فيه العاقر قرحا الميويزج والحاشا والسمّاق .
وأقوى من ذلك أن يؤخذ الفلافل والدارفلفل الزنجبيل والميويزج والبورق والورد والسمّاق فيُدقّ ويُعجن بميبختج ويتخذ منه شيافات ثم تستعمل مضوغاً أو غرغرة في طبيخ الزوفا بالمصطكي .


ومما يقرب منه إذا فعل ذلك الفلفل والدارفلفل والخردل والفوتنج ومن المضوغات الفوتنج والميويزج والفلفل والمرزنجوش والخردل إفراداً ومجموعة ويخلط بها مثل الورد والسمّاق لا بدّ منه .
والوجّ مما ينفع في هذا الباب ويقوي تأثيره وينفعهم التدهين بالأدهان الحارة المقويّة للروح الذي في الأعصاب ولجوهر الأعصاب المحلّلة للفضول في التي لا عنف فيها مثل دهن السوسن وبعده دهن المرزنجوش ودهن البابونج والشبث ودهن الأذخر وخصوصاً على الرأس فإنه الذي يجب أن يعتمد عليه في أمر الرأس خصوصاً وقد أخذ قوّة من الزوفا والسعتر والفوتنج والحاشا ونحو ذلك .
وتغذية أصحاب السكتة ألطف من تغذية أصحاب والأصوب أن يقتصر بهم في الغدوات على الخبز وحده .
والخبز بالتين اليابس جيد لهم الشرب على الطعام من أضرّ الأشياء لهم وإذا أرادوا أن يتعشوا فلا بأس أن يقوموا قبله رياضة خفيفة وحرّكوا الأعضاء المسترخية تحريكاً .
وإذا تناولوه لم يناموا عليه بسرعة بل يصبرون ريث ما ينزل وينهضم انهضاماً ولا يسهرون أيضاً كثيراً فإن ذلك يُعي الدماغ ويُحلّل من الأغذية بخارات غير منهضمة لمنعه الهضم .
وقوم يستحبون لهم الشعير بالعدس والزبيب واللوز والتين من الأنقال الموافقة لهم .
والشراب الحديث لا يوافقهم لما فيه من الفضول والعتيق لما فيه من سرعة النفوذ إلى الدماغ وملئه بل أوفق الشراب لهم ما بين بين وإذا حُمَّ المسكوت فتوقف في أمره حتى ينكشف فربما كان بُحراناً .
والمهلة إلى اثنين وسبعين ساعة فإن كان ليس كذلك بل الحمّى لورم وعفونة فهو مهلك .
واعلم أن السكتة والفالج تضيق المجاري إليهما فلا تكاد الأدوية المستفرغة تستفرغ من المادة الفاعلة لها خاصة فاعلم جميع ذلك .
الفن الثاني أمراض العصب
يشتمل على مقالة واحدة :


القانون
القانون
( 29 من 70 )

فصل في أمراض العصب
أمّا نفس العصب فقد عرفت منشأة وتوزّعه وشكله وطبعه وتشريحه .
وأما أمراضه فاعلم أنه قد تعرض له أصناف الأمراض الثلاثة أعني المزاجية والآلية وانحلال الفرد المشترك وتظهر الآفة في أفعاله الطبيعية والحاسّة والمحرّكة .
والحركات العنيفة في إحداث علل العصب مدخل عظيم فوق ما في غيرها فإنها آلات الحركات .
والحركات العنيفة هي مثل التمديد بالحبل ورفع الشيء الثقيل وكل ما فيه تمديد قوي أو عصر وتقبيض ومأخذ الاستدلال في أحواله من أفعال الحسّ والحركة ومن الملمس في اللين والصلابة ومن مشاركة الدماغ والفقار إياه ومن الأوجاع والمواد التي تختصّ بالعصب وأكثر العلامات التي يتوصل منها إلى معرفة أحوال الدماغ من ضرّ الأفعال ومن الملمس وإذ أشكل في مرض من أمراض العصب أنه رطب أو يابس تؤمل كيفية عروضه فإنه إن كان قد عرض دفعةً لم يشك أنه رطب .
وأيضاً يعتبر انتشاف العضو للدهن فإنه إن نشفه بسرعة لم يشك أنه يابس بعد أن لا يكون العضو قد سخن سخونة غريبة .
والرياضة بعد التنقية أفضل مبدّل لمزاجه ولكل عضو بحسبه ويجب أن يبدأ بالأرفق ويتدرّج إلى ما فيه قوّة معتدلة .
وأما وجه العلاج في تنقية الأعصاب وتبديل أمزجتها فإن أكثر ما يحتاج أن يستفرغ عنه بالكلية إنما هو من المواد الباردة .
ومستفرغاتها هي الأدوية القوية مثل شحم الحنظل والخربق وخصوصاً الأبيض إذا قيء به والفربيون والأشج والسكبينج وسائر الصموغ القوية والأيارجات الكبار القوية .
ومن استفراغاتها اللطيفة الحمام اليابس والرياضة المعتدلة .
وأما مبدّلات أمزجتها فهي المذكورة في باب الدماغ وخصوصاً ما كان فيه دهنية أو كان دهناً وإذا استعملت شحوم السباع وإعكار الأدهان الحارة مثل عكر الزيت وعكر دهن الكتّان كان موافقاً لأمراض العصب الباردة وملائماً لصلابته .


ودهن القسط ودهن الحندقوقي شديد الاختصاص بالأعصاب ثم الأنطلة والعصارات بحسب الأمزجة ولكنها تحتاج أن تكون أقوى جداً وأن تبالغ في التدبير في تنفيذها بتحليل البدن وتفتيح المسام مبالغة أشدّ .
فصل في إصلاح مزاج العصب
وأكثر ما يحتاجون إليه من المبدّلات ما يسخن مثل ضمّاد الخردل والثافيسا وضمّاد الزيت واستعمال الزيت المطبوخ فيه الثعالب الذي نصفه في باب أوجاع المفاصل وكذلك المطبوخ فيه الضباع وينتفعون بالصمغ الصنوبري جداً .
واعلم أن أكثر أمراض العصب يقصد في علاجها فصد مؤخر الدماغ إلا ما كان في الوجه ثم بعد ذلك مبدأ العصب الذي يحرك ذلك العضو المريض عصبه .
والعصب قد يضرّ بأشياء وينتفع بأشياء قد ذكرنا كثيراً منها في ألواح الأدوية المفردة وإنما يعتبر ذلك في أحواله وأمراضه التي هي أخص به .
فالأشياء المقويّة للأعصاب من المشروبات الوج المربّى وجندبادستر ولب حب الصنوبر ودماغ الأرنب البري المشوي والاسطوخودوس خاصة .
والشربة منه كل يوم وزن درهم محبباً أو بشراب العسل .
وأوفق المياه لهم ماء المطر وتنفعهم الرياضة المعتدلة والأدهان الحارة .
والأشياء الضارة بالأعصاب الجماع الكثير المفرط والنوم على الامتلاء وشرب الماء البارد المثلوج والكثير السكر والشرب الكثير لشدة لذع الشراب ولاستحالته إلى الخلية فيبرد مع ذلك ويضرهم كل حامض نافخ ومبرّد بقوة .
والفصد الكثير يضرهم ونحن نريد أن نذكر في هذه المقالة ما كان من أمراض العصب مزاجياً أو سددياً .
وأما أورامها وقروحها فنحن نؤخّرها إلى الكتاب الرابع الذي يتلو هذا الكتاب .
واعلم أن الماء البارد يضرّ بالعصب لما يعجز عن هضم الرطوبات فيه فينقلب
فصل في الفالج والاسترخاء


الفالج قد يقال قولاً مطلقاً وقد يقال قولاً مخصوصاً محقّقاً فأما لفظة الفالج على المذهب المطلق فقد تدلّ على ما يدل عليه الاسترخاء في أي عضو كان وأما الفالج المخصوص فهو ما كان من الاسترخاء عاماً لأحد شقّي البدن طولاً فمنه ما يكون في الشق المبتدأ من الرقبة ويكون الوجه والرأس معه صحيحاً ومنه ما يسري في جميع الشق من الرأس إلى القدم .
ولغة العرب تدل بالفالج على هذا المعنى فإن الفلج قد يشير في لغتهم إلى شق وتنصيف وإذا أخذ الفالج بمعنى الاسترخاء مطلقاً فقد يكون منه ما يعم الشقين جميعاً سوى الأعضاء الرأس التي لو عمها كان سكتة كما يكون منه ما يختص بإصبع واحد .
ومعلوم أن بطلان الحس والحركة يكون لأن الروح الحساس أو المتحرك إما محتبس عن النفوذ إلى الأعضاء وإما نافذ ولكن الأعضاء لا تتأثر منه لفساد مزاج .
والمزاج الفاسد إما حار وإما بادر وإما رطب وإما يابس ويشبه أن يكون الحال لا يمنع تأثير الحس فيها ما لم يبلغ الغاية كما ترى في أصحاب الذبول والمدقوقين فإنهم مع حرارتهم لا تبطل حركتهم وحسهم .


واليابس أيضاً قريب الحكم منه بل المزاج الذي يمنع على الحس والحركة في الأكثر هو البرد والرطوبة وليس ذلك ببعيد فإن البرد ضد الروح وهو يخدره والرطوبة لا يبعد أن تجعل العضو مهيأ ولكن مثل ما يسهل تلافيه بالتسخين وكأنه لا يكون مما يعم أكثر البدن أو شقاً واحداً منه دون شق بل إن كان ولا بد فيعرض لعضو واحد فيشبه أن يكون الفالج والاسترخاء الأكثري ما يكون بسبب احتباس الروح وسبب الاحتباس الانسداد أو افتراق المسام والمنافذ المؤدية إلى الأعضاء بالقطع والانسداد إما على سبيل انقباض المسام وإما على سبيل امتناع من خلط ساد وإما على سبيل أمر جامع للأمرين وهو الورم فيكون سبب الاسترخاء والفالج الفاعل لانقطاع الروح عن الأعضاء انقباضاً من المسام أو امتلاء أو ورماً أو انحلال فرد فالانقباض من المسام قد يعرض لربط من خارج بما يمكن أن يزال فيكون ذلك الاسترخاء وذلك البطلان من الحس والحركة أمراً عرضياً يزول بحل الرباط وقد يكون من انضغاط شديد كما يعرض عند ضربة أو سقطة وكما يعرض إذا مالت الفقرات وانكسرت إلى أحد جانبي يمنة ويسرة فتضغط العصب الخارج منها في تلك الجهة أو إلى قدام وخلف فيعرض منه أكثر الأمر تمديد لا ضغط لأن التقاء الفقرات في جانبي قدام وخلف ليس على مخارج العصب لأن مخارج العصب على ما علمت ليست من جهتي قدام وخلف .
وقد تنقبض المسام بسبب غلظ جوهر العضو .


وأما الامتلاء الساد فيكون من المواد الرطبة السيالة التي ينتفع بها العضو فتجري في خلل الأعصاب كلها أو تقف في مبادي الأعصاب أو شغب الأعصاب وتسد طريق الروح وأما الورم فذلك أن يعرض أيضاً في منابت الأعصاب وشعبها ورم فيه المنافذ وأما القطع الذي يعرض للعصب فما كان طولاً فلا يضر الحس والحركة وما كان عرضاً فيمنع الحس والحركة من الأعضاء التي كانت تستقي من المجاري التي كانت متصلة بينه وبين الليف المقطوع الآن واعلم أن النخاع مثل الدماغ في انقسامه إلى قسمين وإن كان الحس لا يميزه وكيف لا يكون كذلك وهو ينبت أيضاً عن قسمي الدماغ فلا يستبعد أن تحفظ الطبيعة إحدى شقيه وتدفع المادة إلى الشق الذي هو أضعف أو الذي هو أقبل للمادة أولاً أو الذي عرضت له الضربة والصدمة أو الذي اندفع إليه فضل من الشق الذي يليه من الدماغ ولا ينبغي أن يتعجب من اختصاص العلة بشق دون شق فإن الطبيعة بإذن خالقها تعالى قد تميز ما هو أدق من هذا وتذكر هذا من أصول أعطيناك في الكتاب الأول .
واعلم أنه كثيراً ما تندفع المادة الرطبة إلى أطراف العلية حر على البدن أو لحركة مغافصة من خوف أو جزع أو غضب أو كدر أو غم .
واعلم أنه إذا كانت الآفة والمادة التي تفعل الفالج في شق من بطون الدماغ عم شق البدن كله وشق الوجه معه أو مجاريه كانت سكتة فإن كانت عند منبع النخاع كان البدن كله مفلوجاً دون أعضاء الوجه وربما وقع في ذلك خدر في جلدة الرأس إن امتنع نفوذ الحس لأن جلدة الرأس يأتيها العصب الحاس من العنق كما بينا وإن كان في شق من منبت النخاع عم الشق كله دون الوجه وإن كان نازلاً عن المنبت مستغرقاً أو في شق من استرخى وفلج ما يليه العصب منه عن الأعضاء وإن لم يكن من النخاع بل من العصب استرخى ما يخص ذلك العصب إن كان في جل العصب أو في نصفه أو بعض منه استرخى ما يتحرك بما يأتيه من ذلك المؤف بسبب مادة أو انحلال فرد أو ورم .


ومن الفالج ما يكون بحراناً للقولنج وكثيراً ما يبقى معه الحس لأن المادة تكون معه في أعصاب الحركة دون الحس .
وذكر بعض الأولين أن القولنج عم بعض السنين فقتل الأكثر ومن نجا نجا بفالج مزمن أصابه كأن الطبيعة نفضت تلك المادة التي كانت تأتي الأمعاء وردّتها إلى خارج وكانت أغلظ من أن تنفذ بالعرق فلحجت في الأعصاب وفعلت الفالج .
وأكثر ما يقع من هذا يكون مع ثبات الحسّ بحاله .
ومن الفالج ما يكون بُحراناً في الأمراض الحادّة ستنتقل به المادة إلى الأعصاب وذلك إذا لم تقو الطبيعة للسن أو الضعف على تمام استفراغ فبقيت بواق من المادة في نواحي الدماغ فبقي بعد المنتهى صداع وثقل رأس ثم دفعته الطبيعة دفع ثقل لا دفع استفراغ تام فأحدثت فالجاً ونحوه .
وأكثر ما يعرض الفالج يعرض في شدّة برد الشتاء وقد يعرض في الربيع لحركة الامتلاء وقد يعرض في البلاد الجنوبية لمن بلغ خمسين سنة ونحوه على سبيل نوازل مندفعة من رؤسهم لكثرة ما يملأ المزاج الجنوبي الرأس .
ونبض المفلوج ضعيف بطيء متفاوت وإذا أنهكت العلّة القوة ضعف النبض وتواتر ووقعت له نترات بلا نظام .
والبول قد يكون فيه على الأكثر أبيض وربما أحمر جداً لضعف الكبد عن تمييز الدم عن المائية أو ضعف العروق عن جذب الدم أو لوجع ربما كان معه أو لمرض آخر يقارنه وقد يعرض أن يكون الشقّ السليم من الفالج مشتعلاً كله في نار والآخر المفلوج بارداً كأنه ثلج ويكون نبض الشقين مختلفاً فيكون نبض الشق البارد ساقطاً إلى ما توجبه أحكام البرد وربما تأذى إلى أن تصغر العين من ذلك الشقّ وما كان من الأعضاء المسترخية والمفلوجة على لون سائر البدن ليس يصغر ولا يضمر فهو أرجى مما يخالفه وقد ينتقل إلى الفالج من السكتة ومن الصرع ومنَ القولنج ومن اختناق الأرحام ومن الحميات المزمنة على سبيل البحران أيضاً .


والفالج الحادث عن زوال الفقار قابل في الأكثر والذي عن صدمة لم يدقّ العصب دقاً شديداً فقد يبرأ فإن أفرط لم يرج أن يبرأ والذي يرجى منه يجب أن يبدأ فيه بالفصد .
وقد ذكرنا كيف تنبسط مادة الفالج إلى السكتة وبالعكس .
العلامات : أما إن كان عن التواء أو سقطة أو ضربة أو قطع فالسبب يدلّ عليه وربما خفي لسبب في القطع إذا كان العصب غائراً فيدل عليه أنه يقع دفعه ولا ينفعه تدبير .
وأما الذي يقبل العلاج فهو ما ليس عن قطع بل مع ورم ونحوه وإن كان عن ورم حار فالتمدد والوجع والحمّى يدلّ عليه وإن كان عن ورم صلب فيدل عليه اللمس وتعقد محسوس في العصب ووجع متقدم فإنه في الأكثر بعد ضربة أو التواء أو ورم حار .
وأما إن كان عن ورم رخو فالاستدلال عليه شاق إلا أنه على الأحوال لا يخلو عن وجع يسير وخدر وعن حمّى لينة وعن زيادة الوجع ونقصانه بحسب الحركات والأغذية ولا يكون حدوثه دفعة .
ومن جميع هذا فإن العليل يحسّ عند إرادة الحركة كأنَّ مانعاً له في ذلك الموضع بعينه .
وأما الفالج الكائن عن الرطوبة الفاشية فيحسّ صاحبه بسبب فاش في جميع العضو المفلوج .
وأما الكائن عن غلظ العصب فيدل عليه عسر ارتداد العضو عن قبض يتكلّفه العليل إن أمكنه أو يفعله غير إلى الانبساط والاسترخاء ولا تكون الأعضاء لينة كما في الفالج المطلق وإن كانت المادة مع دم دلّت عليه الأوداج والعروق والعين وامتلاء النبض والدلائل المتكررة مراراً وإن كان من رطوبة مجرّدة دلّ عليه البياض والترهّل وإن كان عقيب قولنج أو حميّات حادة دل عليه القولنج والحمّيات الحادة .
وأما إن كان سببه سوء مزاج مفرد بارد أو رطب فأن لا يقع دفعة ولا يكون هناك علامات أخرى ويحكم عليه باللمس والأسباب المؤثرة في العضو .
قيل : إذا رأيت بول الصبي أخضر فانذر منه بفالج أو تشنج .


يجب أن يكون فصدك في أمراض العصب الخمسة أعني الخَدَر والتشنّج والرعشة والفالج والاختلاج قصد مؤخر الدماغ ولا تعجّل باستعمال الأدوية القوية في أول الأمر بل أخّر إلى الرابع أو السابع فإن كانت العلة قوية فإلى الرابع عشر وفي هذا الوقت فلتقتصر على أشياء لطيفة مما يليّن وينضج ويسهّل .
والحقن لا بأس بها في هذا الوقت ثم بعد ذلك فاستفرغ بالمستفرغات القوية .
وأما تدبير غذائهم فإنه يجب أن تقتصر بالمفلوج في أول ما يظهر على مثل ماء الشعير وماء العسل يومين أو ثلاثة فإن احتملت القوة فإلى الرابع عشر فإن لم تحتمل غذّيته بلحوم الطير الخفيفة واجتهد في تجويعه وإطعامه الأغذية اليابسة عليه ثم تعطّشه تعطيشاً طويلاً وينفعهم الانتقال بلبّ حب الصنوبر الكبار لخاصية فيه .
واعلم أن الماء خير لهم من الشراب فإن الشراب ينفذ المواد إلى الأعصاب والكثير منه ربما حمض في أبدانهم فصار خلاً والخلّ أضرّ الأشياء بالعصب .
وأما ما كان عن التواء أو انضغاط فتعالج بما حددناه في باب الالتواء والانضغاط من بعد وإن كان عن سقطة أو ضربة فعلاجه صعب على أنه على كل حال يعالج بأن ينظر هل أحدث ذلك الالتواء ورماً أو جذب مادة فتعالج كلاً بواجبه ويجب أن توضع الأدوية في علاج ذلك في أي عرض كان على مواضع الضربة وعلى المبدأ الذي يخرج منه العصب المتجه إلى العضو المفلوج وأما وضع الأدوية على العضو المفلوج نفسه فمما لا ينفع نفعاً يُعتد به وعليك بمنابت الأعصاب سواء كان الدواء مقصوداً به منع الورم أو كان مقصوداً به الإرخاء أو كان مقصوداً به التسخين وتبديل المزاج .
وربما احتيج أن يوضع بقرب العضو المضروب والمتورّم الآخذ في الانحلال محاجم تجنب الدم عنه إلى جهة أو إلى ظاهر البدن .


وأما إن كانت العلة هي الفالج الحقيقي الكائن لاسترخاء العصب فالذي يجب بعد التدبير المشترك هو استفراغ مادته بما ذكرناه ورسمناه وحمدناه في استفراغ المواد الرقيقة بعينه بلا زيادة ولا نقصان .
وأنفع ما يستفرغون به حبّ الفربيون والحبّ البيمارستاني وحبّ الشيطرج وحب المنتن وأيارج هرمس والتنقية بالخربق الأبيض بحاله أو بعصارة فجل فيه قوّته وكذلك سائر المقيّئات نافعة له وربما درج عليه في ذلك فيسقى الترياق من دانق دانق ثم يزيد يسيراً يسيراً ولا يزاد على الدرهم وقد يخلط بسمسم مقشّر وسكر وقد يتناول السكنجبين بحاله والجاوشير بحاله والجندبادستر بحاله بشراب العسل .
والشربة مقدار باقلاة وهي نافعة لهم جداً .
ويجب أن يحقنوا بالحقن القويّة ويحملوا الشيافات القوية وتمال موادهم إلى أسفل وتمرخ فقارهم بالأدهان القويّة وينفعهم المروخات الحارة من الأدهان والضمادات المحمرة التي تكرر ذكرها مراراً خصوصاً إذا بطل الحسّ .
وأصل السوسن من الأدوية الجيدة التحمير يحكّ تحكيكاً مروخياً وينفعهم وضع المحاجم على رؤوس العضل من غير شرط ولكن بعد الاستفراغ وإنما ينفعهم من جهة ما يسخن العضل وربما احتيج إلى شرط ما ويجب أن تكون المحاجم ضيقة الرؤوس وتلصق بنار كثيرة ومصّ شديد عنيف وتقلع بسرعة وإذا استعملت المحاجم فيجب أن تستعمل متفرقة على مواضع كثيرة إن كان الاسترخاء كثيراً متفرقاً وإن كان غير كثير فتوضع مجتمعة ويستعمل عليها بعد ذلك الزفت وصمغ الصنوبر وتستعمل عليها الضمّادات الحارة المحمرة مثل ضمّاد دقيق الشيلم والسوسن بعسل .
وضمّاد الخردل أيضاً مما ينفعهم ويبدل كلما ضعف إلى أن يحمّر العضو وإلى أن يتنفّط .
وضماد الشيطرج عظيم النفع من الفالج وهو عند كثير منهم مغن عن الثافسيا والخردل .
وضماد الزفت أيضاً نافع وخصوصاً بالنطرون والكبريت والدلك بالزيت والنطرون والمياه الكبريتية وماء البحر والنطولات الملطّفة .


وإذا كان الحس ضعيفاً فربما نكأ الضمّاد القوي ولم يحس به وتأدّى ذلك إلى آفة وتقريح شديدين فيجب أن يتحرّز من ذلك وأن يتأمل حال أثر الضماد فإن حمّر ونفخ تحميراً ونفخاً لا يتعدّى الجلد ويتعرّف بغمز الإصبع غمزاً لطيفاً ويبيضّ مكانه فالأثر لم يجاوز الجلد وإن كان التحمير أثبت والحرارة أظهر فامسك .
ووجه تعرّف هذا أن تزيد الضمّاد كل وقت وتطالع الحال فإن أوجبت الإمساك أمسكت وإن أوجبت الإعادة أعدت .
واعلم أن نفخ الكندس في اَنافهم نافع جداً وكذلك ما يجري مجراه لأنه ينقّي الدماغ ويصرف المواد الفاعلة للعلة عن جهة العلة والشراب القليل العتيق نافع جداً من أمراض العصب كلها والكثير منه أضرّ الأشياء بالعصب واستعمال الوجّ المربى مما ينفعهم وكذلك تدريجهم في سقي الأيارجات ومخلوط بمثله جندبيدستر حتى يبلغوا أن يسقى منه وزن ستة دراهم وكذلك سقي دهن الخروع بماء الأصول نافع جداً .
ومن الناس من عالج الفالج بأن سقى كل يوم مثقال أيارج بمثقال فلفل فشفي .
ويجب إذا سقوا شيئاً من هذا أن لا يسقوا ماء ليطول بقاؤه في المعدة وربما مكث يوماً أجمع ثم عمل وربما سقوهم ليلاً مثِقالاً من فلفل مع مثقال جندبيدستر ولا شيء لهم كالترياق والمثريديطوس والشليثا والأنقرديا خاصة .
والحلتيت أيضاً شديد النفع شرباً وطلاء وخصوصاً إذا أخذ في اليوم مرتين والمرقة عجيبة أيضاً وإذا أقبل العضو فيجب أن تروّضه بعد ذلك وتقبضه وتبسطه لتعود إليه تمام العافية وقد ينتفعون بالحمّى وينتفعون بالصياح والقراءة الجهيرة وبعد الاستفراغات والانتفاع بها يستعملون الحمام الطويل اليابس أو ماء الحمّامات وفي آخر الأمر وبعد الاستفراغات وحيث يجب أن يحلّل ينبغي أن لا تكون التحليلات بالمليّنة الساذجة ولكن مع أدنى قبض ولذلك يجب أن يكون التحليل بماء الأنيسون والميعة والأذخر والجندبيدستر وما أشبهه من الحارة القابضة .


وأما الكائن بعد القولنج فينفعهم الدواء المتخذ بالجوز الرومي المكتوب في القراباذين وينفعهم الأدهان التي ليست بشديدة القوة وكثرة التركيب ولكن مثل دهن السوسن ودهن الناردين ودهن الخروع ودهن النرجس ودهن الزنبق وجرب دهن الجوز الرومي ودهن النرجس المتخذ بصمغ البلاذر فوجد جميعه نافعاً لخاصيته .
وقد انتفع منهم خلق كثير بما يقوّي ويبرد ويمنع المادة وكان إذا عولج بالحرارة زادت العلة وذلك لأن المادة الرقيقة كان ينبسط بها أكثر وكان إذا برد العضو يقوى العضو بالبرد ويصغر حجم المادة وصار إلى التلاشي ولا يجب أن يبالغ في تسخينهم ولكن يحتاج أن تكون الأدوية مقوّاة بمثل البابونج وإكليل الملك والمرزنجوش والنعناع والفوتنج ويخلط بها غيرها أيضاً مما له أدنى تبريد مثل رب السوس وبزر الهندبا وغيره فهذه الأشياء إذا استعملت نفعت جداً .
وأما الكَائن عن القطع فلا علاج له البتة وأما الكائن عن مزاج بارد فبالمسخّنات المعروفة ومن كان سبب مزاجه ذلك شرب الماء الكثير فليستعمل الحمّام اليابس .
واعلم أنه إذا اجتمع الفالج
فصل في التشنّج
التشنج علة عصبية تتحرّك لها العضل إلى مباديها فتعصى في الانبسَاط فمنها ما تبقى على حالها فلا تنبسط ومنها ما يسهل عوده إلى البساط كالتثاؤب والفواق .
والسبب فيه إما مادة وإما سبب غير المادة مثل حر أو يبس .
ومادة التشنّج في الأكثر تكون بلغمية وربما كانت سوداوية وربما كانت دموية وذلك في أورام العضل إذا تحللت المادة المورمة قرح ليف العصب فزادت في عرضه ونقصت من طوله . وكل تشنّج مادي فإما أن تكون المادة الفاعلة له مشتملة على العضل كله وذلك إذا كان تشنجاً بلا ورم وإما أن تكون حاصلة في موضع واحد ويتبعها سائر الأجزاء كما تكون عن التشنج الكائن للورم عن مادة منصبة لضربة أو لقطع أو لسبب آخر من أسباب الورم ولا يبعد أن يكون من التشنج ما يحدث من ريح نافخة كثيفة .


وأرى أنه مما يعرض كثيراً ويزول في الوقت .
والتشنج المادي قد يعرض كثيراً على سبيل انتقال من المادة كما يعرض عقيب الخوانيق وعقيب ذات الجنب وعقيب السرسام .
وأما الذي يكون من التشنج لفقدان المادة والرطوبة وغلبة ليبس فيعرض من ذلك أن ينتقص طولاً وعرضاً وينشوي فيجتمع إلى نفسه كحال السير المقدّم إلى النار وأنت تعلم حال الأوتار أنها تقصر في الشتاء للترطب وتقصر في الصيف للتجفف وكذلك حال العصب وقد يكون من التشنّج الذي لا ينسب إلى مادة ما تقع بسبب شيء مؤذٍ ينفر عنه العصب ويجتمع لدفعه .
وذلك السبب إما وجع من سبب موجع وكثيراً ما يكون من خلط حار لاذع وإما كيفية سمية تتأدى إلى الدماغ والعصب كما تعرض لمن لسعته العقرب على عصبه وإما كيفية غير سمية مثل ما يعرض التشنّج من برد شديد يجمع العصب والعضل ويكتفه فيتقلص إلى رأسه وكما أن الاسترخاء قد كان يختلف في الأعضاء بحسب مبادي أعضائه فكذلك التشنّج .
والقياس فيهما واحد فيما يكون دون الرقبة وفي قدام وخلف في جهة وما يكون فوق الرقبة .
والتشنّج الامتلائي الرطب سببه الذاتي أما الرطوبة والبرد يعينه على إجماده وتغليظه فلا ينبسط وأما اليبوسة والحرّ يعين على مبالغته بتحليل الرطوبة .
والمادة الفاعلة للتشنج إنما تشنج ولا ترخي لغلظها ولأنها غير مداخلة لجوهر الليف مداخلة سارية منتفعة فيها ولكنها مزاحمة في الفرج وكأن التشنج صرع عضو كما أن الصرع تشنج البدن كله . والفرق بينهم العموم والخصوص وأن أكثر الصرع ينحلّ بسرعة وقد يكون بأدوار وغير ذلك من فروق تعلمها .
ومن التشنج الرطب ما يعرض للمرضعات بمجاورة الثدي وترطيب اللبنية للأوتار وجمود اللبن فيها ومنه ما يعرض للسكارى ومنه ما يعرض للصبيان لرطوبتهم وكثيراً ما يعرض لهم في حميّاتهم الحادة وعند اعتقال بطونهم وفي سهرهم وكثرة بكائهم يتشنّجون أيضاً في حمّياتهم وإن كانت حمياتهم خفيفة .


وبالجملة فإن الصبيان يسهل وقوعهم في التشنج لضعف قوى أدمغتهم وأعصابهم وضعف عضلهم ويسهل خروجهم عنه لقوة قوى أكبادهم وقلوبهم ولأن أخلاطهم ليست بعاصية شديدة الغلظ ولذلك يعافون عن التشنج اليابس بسرعة لرطوبة مزاجهم ورطوبة غذائهم .
وأما البالغون فلا يسهل أحد الأمرين فيهم .
على أنه قد يعرض للصبيان تشنج رديء عقيب الحميات الحادة وتكون معه العلامات التي تذكر فقلما يتخلصون منها .
وأما من جاوز سبع سنين فلا يتشنج إلا لحمى صعبة جداً ومن التشنّج ما يعرض للخوف والسبب فيه أن الروح الباسط يغور دفعة ويستتبع العضل متحركة إلى المبادي ثم تجمد على هيئتها .
ومن التشنج ما يقع بسبب الاعتماد على بعض الأعضاء وهو منقبض فتنصب إليه مادة وتحتبس فيه وفي هيئته وعلى هندام انقباضه وربما كان عن ضربة فعلت ذلك أو حمل حمل ثقيل أو نوم على مهاد صلب وهذا مما يزول بنفسه وربما كان هذا الخدر يصيب العضو لامتلاء من ماد منصبة تزاحم الروح المحرّك وتمنع نفوذه فلا يمكن أن يحرك إلى الانبساط وإذا عادت القوة وفرّقت المادة انبسط .
وقد يكون من الامتداد مثله وهذا كثيراً ما يكون بعد النوم عند الانتباه إذا بقيت الأعضاء المقبوضة لا تتمدد لأن الروح أيضاً في النوم أكسل فلا يلج في وأما التشنج اليابس فمنه ما يكون عقيب الدواء المسهل وهو رديء جداً وكذلك عقيب كل استفراغ ومنه ما يكون أيضاً عقيب الحميات المحرقة أو خصوصاً في حمّيات السرسام وعقيب الحركات العنيفة البدنية والنفسانية كالسهر والغم والخوف وذلك مما يضل التخلص عنه وقد يكون من التشنج ما يعرض في الحمّيات مع ذلك وليس برديء جداً وهو الذي يكون من تسييلها المواد في العصب والعضل وخصوصاً إذا كان البدر ممتلئاً وربما عرض ذلك فيها بمشاركة فم المعدة ويزيله القيء .


ومثل هذا التشنّج من الحميات ليس بذلك الصعب الرديء إنما الصعب الرديء ما كان في الحميات المحرقة والسرسام الذي يجفف العصب والعضل ويشوي الدماغ وما كان في الحمّيات المزمنة الذي يجفف العصب والعضل بل الدماغ ويفني الرطوبة الغريزية فيشنّج وقد يكون من هذا اليابس ما يكون ويبطل سريعاً والسبب فيه يبوسة الدماغ للضعف فيتبعه يبوسة الأعصاب فإنه إذا أصاب الدماغ أدنى سبب مجفف استرجع الرطوبة من الأعصاب والنخاع فانقبضت الأعصاب ثم إذا عنيت الطبيعة بإفادة الدماغ رطوبة كافية عادت الأعضاء مطيعة للانبساط بتكلف وكما يقع من شدة برد فإنه كثيراً ما ينفع التشنج لبرودة الدماغ ومشاركة العضل له .
والتشنّج المؤذي هو الكائن عن اليبوسة ومن التشنج الكائن باليبوسة ما يكون بنوع جمود الرطوبة فيقل حجمها ويتكاثف جماً فيشنج العضو كما يقع من شدة البرد وكما يقع لمن شرب الأدوية المخدرة كالأفيون .
وأما التشنج الكائن بسبب الأذى فكتشنج شارب الخربق فإنه يشنج بعد الإسهال باليبوسة ويشنج أيضاً قبله لمضادته وسميته فيؤذي العصب أذى شديداً ينقبض معه .
ومن هذا القبيل تشنج من قاء خلطاً زنجارياً نكأ في فم المعدة والتشنّج الكائن بسبب قوة حس فم المعدة إذا اندفع إليه مرار والتشنج الكائن بمشاركة الدماغ للرحم في أمراضها والمثانة وغير ذلك والتشنج الكائن عن لسعة العقرب والرتيلاء والحية على العصبة أو قطع يصيب العصب أو كله والكائن لعلة في المعدة والرحم والأعضاء العصبية .
وقريب من هذا التشنج العارض بسبب الديدان .
ومن التشنج الرديء ما كان خاصاً في الشفة والجفن واللسان فيعلم أن سببه من الدماغ نفسه وإذا مال البدن في تشنجه إلى قدام فالتشنج في العضلات المتقدمة أو إلى خلف فالتشنج في عضلات الخلف أو مال إليهما جميعاً فالعلة فيهما جميعاً مثل ما كان في الفالج .


وربما اشتد التشنج حتى يلتوي العنق وتصطك الأسنان وكل من مات من التشنج مات وبدنه بعد حار وذلك مما يقتل بالخنق وإنما يقتل بالخنق لأن عضل التنفس تتشنّج وتبطل حركتها وكل تشنج يتبع جراحة فهو قتال وهو من علامات الموت في أكثر الأمر .
العلامات : نبض المتشنّجين متمدد مختلف في الموضع يصعد وينزل كسهام تنقلب من قوس رام وتختلف حركات نقراته في السرعة والبطء ويكون العرق حاراً أسخن من سائر الأعضاء ويكون جرم العرق مجتمعاً كاجتماع العرق في النافض لا كالمنضغط وكما يكون عند صلابة العرق لطول المرض أو الكائن مع وجع الأحشاء ولكن كاجتماع أجزاء مصران متمدد من طرفيه . وسنذكر أمارات الوجع في التشنج من بعد قليل أما التشنج الكائن عن الامتلاء فعلامته أن يحدث دفعة ولا يتشرب سريعاً ما يجعل عليه من دهن إلا أن يكون أصابته حرارة قريبة العهد .
وأما الكائن عن اليبوسة فيكون قليلاً قليلاً وعقيب أمراض استفراغية أي جنس كان أو استفراغ بأدوية أو هيضة واستفراغ من ذاته .
وأما الكائن عن الأذى فتعرفه بالسبب الخارج والمشروبات مثل الأفيون والخربق وغيره ومثل أنه إذا كان الأذى من المعدة فيشاركها الدماغ ثم العصب أحس قبل ذلك بغشي وكرب وانعصار المعدة وربما كان يجد ذلك مدة التشنج وربما كان ذلك التشنج عقيب قيء كراثي أو زنجاري وكذلك الذي يكون لِقُوة حسّ فم المعدة فكلما انصب إليه مادة تشنج صاحبها ولكن يتقدمه أذى في فم المعدة ولذع .
وقد يقع مثل ذلك في أمراض الرحم والمثانة وغيرهما إذا قويت ويكون مع ألم ووجع شديد وآفة في ذلك العضو ويتقدم التشنج .
وأما سائر التشنج فإما أن لا يكون معه ألم أو يكون الألم حادثاً ومن الدلائل الدالة على حدوث التشنّج صغر النبض وتفاوته أولاً ثم انتقاله إلى ما قيل وكثيراً ما يحمر الوجه ويظهر بالعينين حول وميلان وفي التنفس انقطاع وانبهار وربما عرض ضحك لا على أصل وتعتقل الطبيعة وتجفّ .


والبول أيضاً كثيراً ما يحتبس وكثيراً لا يحتبس ويخرج كمائية الدم ويكون ذا نفاخات ويعرض لهم فواق وسهر وصداع ورعشة ووجع تحت مفصل العنق بين الكتفين وعند مفصل القطن والعصعص ودون ذلك ويدلّ على أن التشنج الواقع بسبب الحمى وينذر به في الحميات عوج في العين وحمرة في الطرف وحول وتصريف الأسنان وسواد اللسان وامتداد جلدة الرأس واحمرار البول أولاً ثم ابيضاضه لصعود المادة إلى الرأس وضربان الأصداغ وعروق الرأس وربما جف به البطن أو تشنج .
وقد قال بقراط : لأن تعرض الحمى بعد التشنج خير من أن يعرض التشنج بعد الحمى معناه أن الحمّى إذا طرأت على التشنج الرطب حللته وأما التشنج الذي يحدث من الحمى فهو اليابس الذي قلما يقبل العلاج ويعرض قبله تفزع في النوم وتحول من اللون إلى حمرة وخضرة وكمودة واعتقال من الطبيعة .
والبول القيحي في الحمّى والقشعريرة إذا صحبه عرق في الرأس وظلمة في العين دلّ على تشنّج سببه دبيلة في الأحشاء فإن كان التشنّج مع الحمى ولم يكن من قوة تلك الحمّى وطول مدتها أن تحرق الرطوبات أو تفشيها فذلك من الجنس الذي ليس به ذلك اليابس كله ومن العلامات الرديئة في التشنّج الرطب أن في الريح في الأعضاء وخصوصاً إذا انتفخ معه البطن وخصوصاً إذا كان في ابتدائه .
والبول الحار في التشنّج وفي التمدّد رديء يدل على أن السبب حرارة ساذجة وإذا كان مع التشنّج ضربان في الأحشاء أو اختلاج فذلك دليل رديء فإن الضربان يدل على أحد أمرين إما ورم في الأحشاء معظم للضربان أو نحافة فيها فيظهر النبض العظيم الذي للضارب الكثير والخوانيق إذا مالت موادها إلى العصب منتقلة إليه لتحدث التشنّج دلّ عليه ظهور التشنّج في النبض .
وذات الجنب إذا مالت مادتها إلى ذلك دل عليه شدّة ضيق النفس وأن لا تكون الحمى شديدة جداً وإذا انتقل مادة السرسام إلى ذلك ابتدأ بكثرة طرف وتصريف أسنان ثم احولت العين واعوجّ العنق ثم فشا التشنّج .


المعالجات : أما الكائن عن ضربة فيجب أن تستعمل فيه النَطُولات المرخيّة المتخذة بكشك الشعير والبابونج والخطمي ودقيق الحلبة وما أشبه ذلك .
وقد بينا في القانون موضع استعماله .
وأما الكائن من الأذى فإن كان لشرب شيء فيعالج بما تعرفه في أبواب السموم وإن كان لحمّى فيعالج بالترطيب الشديد للدماغ والعصب والعضلات بالمروخات الشديدة الترطيب مما قد عرف ويلزم البيت البارد وإن كان لوجع فيسكن الوجع بعد أن ينظر ما هو ويقطع سببه وإن كان من لسعة فيعالج بما نقوله في أبواب اللسوع وإن كان عن ورم فيعالج بما نقوله في علاج أورام العصب وإن كان عن يبس فعلاجه يصعب .
وأوفق علاجه الآبزن والتمريخ بالدهن المرطب بعده وتكريره مراراً وذلك إن لم يكن حمى بحيث لا تفتر البتة وتتعهد للمفاصل كلها بذلك وإن أمكن أن يجعل الآبزن من لبن فعل وإلا فمن مياه طبخ فيها ورق الخلاف والكشك والبنفسج والنيلوفر والقرع والخيار ويتخذ له آبزن كله من عصارة القرع أو عصارة القثاء أو يكون كل ذلك من ماء الورد الذي طبخ فيه شيء من هذه أو ماء بطيخ هندي أو ما أشبه ذلك .
وإذا اتخذ لهم حقن من هذه العصارات والأدهان والسلاقات المرطبة الدسمة كان شديد النفع ويستعمل على المفاصل وعلى منابع العضلات الأدهان تعرق تعريقاً بعد تعريق مع عناية بالدماغ جداً وترطيب ما علمناكه في ترطيب الدماغ ويسقى العليل اللبن الحليب شيئاً صالحاً إن لم يكن حمى وماء الشعير وماء القرع وماء البطيخ الهندي والجلاب كان حمى أو لم يكن فإن مزج بشيء من هذه قليل شراب أبيض رقيق لينفذ كان صالحاً وكذلك يجعل ماؤه ممزوجاً بشيء من شراب ويجب أن يدام عليه هذا العلاج من غير أن يحرّك أو يلزم رياضة وإن أمكن أن يغمس بكلية بدنه في دهن مفتر فعل وليسعط بالمرطبات من الأدهان والعصارات وليرطّب رأسه بما قد عرفته من المرطبات ويجب أن يبيتوا على بزر قطونا ودهن الورد .


ومما وصاحب التشنج الرطب إن كان ضعيف القوة لم يقطع عنه اللحوم ولكن يجب أن يجعل لحمه من اللحوم اليابسة مثل لحوم العصافير والقباج والقنابر والطياهيج وإن لم تكن القوة ضعيفة جعل غذاؤه الخبز بالعسل وماء الحمص بالشبث وبالخردل وأيضاً المري بالزيت وليجعل فيما يتناوله الفلفل . وأما غذاء أصحاب التشنّج اليابس فكل ما يرطب ويلين وجميع الأحساء الدسمة اللينة المتخذة من ماء الشعير ودهن الوز والسكر الفائق وماء اللحم المتخذ من لحوم الخرفان والجديان وقد جعل فيه من البقول المرطّبة ما يكسر أذى اللحم إن كان هناك حرارة وإن مزج الشراب القليل بذلك لينفذه لم يكن بعيداً من الصواب خصوصاً إذا لم تكن حرارة مفرطة وكذلك إن مزج الشراب بما يسقونه من الماء جاز .
وأما العلاج فإن الرطب يجب أن يعالج بالاستفراغات والتنقيات القوية المذكورة عند ذكرنا استفراغ الخلط الغليظ من العصب بالمسهّلات والحقن الحادة وإن رأيت علامات غلبة الدم واضحة جداً فافصد أولاً وخصوصاً إن كان سبب الامتلاء شرب الشراب الكثير ولا تخرج جميع ما يحتاج إليه من الدم كان إخراجه بسبب التشنج أو بسبب علة أخرى يقتضي إخراجه بل آبق منه شيئاً ليقاوم التشنّج ويتحلل بتحليل حركات التشنج . ومن علاجاته الانغماس في مياه الحمّامات والجلوس في زيت الثعالب والضباع الذي نذكره في باب أوجاع المفاصل فإنه نافع .
وكذلك التمريخ بشحم الضباع وبدهن السوسن إن لم يكن حمى .


وكذلك طبيخ جراء الكلاب والجلوس في مياه طبخ فيها العقاقير الملطّفة مثل القيصوم وورق السعد وقصب الفريرة وورق الغار واللطوخ المتخذة من أصل الشوكة اليهودية وبزر الشوكة البيضاء وبزر الشوكة المصرية وعصارة القنطوريون الدقيق مفردة ومركبة . واعلم أن طول مدة المقام في الآبزن زيتاً كان أو غيره مما يضره بسبب إرخاء القوة فيجعل كثرة العدد بدل طول المدة فأجلسه في اليوم مرتين ومما ينفع من به التشنج العامي المسمى طاطالس والتمدد الكائنين عن مادة أن ينضغط دفعة في الماء البارد على ما ذكره بقراط فإن الظاهر من البدن يتكاثف به وينحصر الحار الغريزي في الباطن ويقوي ويحلل المادة وليس كل بدن يحتمل هذا سالماً عن الخطر بل البدن القوي الشباب اللحيم الذي لا قروح به وفي الصيف .
وقد عوفي بهذا قوم واستعمل المحاجم على المواضع التي يمتد إليها آخر الوتر بلا شرط إن كان الأمر خفيفاً وإن لم يكن كذلك احتجت إلى شرط فإنك إن لم تشرط حينئذ ربما أضررت بجذب المادة ومواضع المحاجم في الرقبة وفقار الظهر من الجانبين والأجزاء العضلية من الصدر .
وأما قدام المثانة وعلى موضع الكلية فإنما نفعل به ذلك عند خوفنا وإشفاقنا أن يكون خروج دم وينبغي أن لا تستعمل المحاجم كثيرة ولا دفعة معاً وتراعي موضع المحاجم فتحفظ أن لا يبرد فيبرد البدن .
ومن علاجه أيضاً أن يسوى ما تشنج بالرفق .
ومن علاجه الواقع بالطبع عروض الحمّى الحادة ولذلك قال بقراط : لأن تعرض الحمى بعد التشنج خير من أن يعرض التشنّج بعد الحمّى والربع تنفع في ذلك لزعزعة نافضها ولكثرة تعريقها .
ومن يعتريه الربع فقلما يعتريه التشنج فإنه أمان منه .
ومن المعالجات العجيبة المجرّبة للتشنّج أن يلصق على العضو المتشنج الألية وتترك عليه حتى تنتن ثم تبدل بغيرها .
والتشنج الذي يعم البدن قد ينفع فيه فصد الدماغ أيضاً بالتنقية بالعطوسات منفعة عظيمة .


وقد جرب عليهم أن يقلدوا قلادة من صوف كثير رخو ويرشّ عليها كل وقت دهن حار .
والحمّام اليابس ينفعهم منفعة عظيمة وأن يكبّوا على حجارة محماة يرش عليها الشراب وأن يعرقوا أيضاً بالتزميل . ومن أضمدتهم الجيدة مرهم يتّخذ من الميعة السائلة والفربيون والجندبيدستر والشمع الأصفر ودهن السوسن ومراهم ذكرت في القراباذين والشحوم وغيرها والتمريخ بعكر دهن السمسم ودهن بزر الكتان ولعاب الحلبة .
ومن كماداتهم الجيدة المخ المسخن على مخارج العصب ومما يسقونه مما يجلب الحمّى جندبادستر وحلتيت معجونين بعسل قدر جوزة فإنه يجلب الحمّى ويحلّل التشنج على المكان وكذلك دهن الخروع وماء العسل بالحلتيت وطبيخ حب البلسان .
ومما ينفعهم جداً سقي الترياق والمعاجين الكبار وقد ينتفع بتناول المدرات وقد جرب هذا الدواء وهو أن يسقى من أصل الفطر عشرون درهماً يطبخ برطلين من ماء حتى يبقى الثلث ويشرب منه أربعة أواق فاتراً بدرهمين دهن اللوز وذلك نافع خصوصاً للتشنج إلى خلف .
وقد يطبخ بدل أصل الفطر حبّ البلسان عشرة دراهم والشربة ثلاث أواق وكذلك الفوتنج البرّي .
ومما هو شديد النفع سقي الجاوشير يسقى منه القوي مثقالاً واحداً والوسط درهماً واحداً والضعيف ما يلي ربع درهم وليراع حينئذ المعدة فإنها تضعف به شديداً والحلتيت أيضاً قدر حبة كرسنة في قدر أربع أواق ونصف عسل وكذلك الأشق وقد يسقى ذلك كله وطبيخ الزوفا وطبيخ الانجدان .
وأما الجندبادستر فهو أكثر نفعاً وأقل ضرراً ويشرب به منه قدر ملعقتين إلى ثلاث يسقى في مرار كثيرة يكون مبلغ المشروب منها القدر المذكور وأقلّ ما يضر فيه أن يكون بعد الطعام كيف كان فلا خطر فيه .


ومن معالجاته أن يمرخ بالأدهان القوية التحليل المذكورة كدهن قثاء الحمار ودهن الخروع ودهن السذاب ودهن القسط مع جندبادستر وعاقر قرحا فإنه نافع جداً والألية المذابة ودهن النرجس ودهن هذه صفته : وهو أن يؤخذ من دهن الناردين قسط واحد ومن دهن الحضض قسط ومن الشمع أوقيتان ومن الجعدة والحماما والميعة والمصطكي من كل واحد أوقية ومن الفلفل والفربيون من كل واحد أربعة مثاقيل ومن السنبل أوقية ومن دهن البلسان أوقية ويجمع ومما ينفع أن يستعمل عليها ضماد الفربيون فإنه نافع جداً .
وأما العارض من التشنج للمرضعات فيكفيهن أن يضمد مفاصلهن بعسل عجن به زعفران وأصل السوسن وأنيسون على أن يكون أصل السوسن أكثرها ثم الأنيسون ويكون من الزعفران شيء يسير ويدام وضع أعضائهن في مياه طبخ فيها بابونج وإكليل الملك وحلبة وربما نفع دهن البابونج وحده .
والشراب القليل نافع لأصحاب التشنج الرطب يحلله كما يحلل الحمى وأما الكثير فهو أضر أسبابه ويجب أن يسقى القليل العتيق وعلى غذاء قليل .
واعلم أن التشنج إذا كان عاماً للبدن دون أعضاء الوجه فإن الأطباء يفصدون بالأضمدة والمروخات فقار العنق وإن كان في أعضاء الوجه أيضاً فصدوا الدماغ مع ذلك وإذا كان التشنج من مشاركة المعدة ورأيت العلامة المذكورة فبادر إلى تنقية ذلك الإنسان فإنه ربما قاء مرة واحدة حادة أو خلطاً عفناً ويبرأ في الوقت .
التمدد مرض آلي يمنع القوة المحركة عن قبض الأعضاء التي من شأنها أن تنقبض لآفة في العضل والعصب وأما لفظ الكزاز فقد يستعملونه على معان مختلفة فتارة يقولون كزاز ويعنون به ما كان بمتدئاً من عضلات الترقوة فيمددها إلى قدام وإلى خلف وإما في الجهتين جميعاً .


وربما قالوا كزازاً لكل تمدد وربما قالوا كزازاً للتشنج نفسه وربما قالوه لتشنج العنق خاصة وربما عنوا به التمدد الذي يكون من تسخين أو تمددين من قدام ومن خلف وربما خصوا باسم الكزاز ما كان من التمدد بسبب برد مجمد .
والتمدد بالحقيقة هو ضد التشنج وداخل في جنس التشنّج دخول الأضداد في جنس واحد واعتراؤهما إلى سبب واحد يقع وقوعاً متضاداً إلا أن التشنج يكون إلى جهة واحدة فإذا اجتمع تشنجان في جهتين متضادتين صاراً تمدداً يعرض له التشنج من قدام وخلف جميعاً فيعرض له من الحركتين المتضادتين في أعضاء بدنه أن يتمدد ولما كان هذا التمدد تشنجاً مضاعفاً وجب أن يكون أحد من التشنج البسيط فيكون بحرانه أسرع .
وقد يكون هذا المضاعف ليس من تسخين بل من تمددين ولا يخلو التشنج في أكثر الأمر من وجع شديد .
وأسباب الكزاز شبيهة بأسباب التشنّج من وجه مخالفة لها من وجه .
أما مشابهتها لها فلأن الكزاز قد يكون من امتلاء وقد يكون من يبوسة وقد يكون لأذى يلحق الأعضاء العصبية وقد يكون من أورام .
وأما مخالفته له فلأن التشنج في النادر يكون من الريح والكزاز كثيراً ما يكون عن ريح ممددة بل الكزاز الذي هو مركب من تشنجين قد يكون كثيراً من الريح إذا استولى على البدن ويكون مع ذلك علة صعبة وإن كان التشنج المفرد العارض في عضو واحد من الريح فلا يكون صعباً وذلك لأن هذا يكون لاستيلاء الريح على البدن كله وقد كان التشنج المفرد إذا غلب معه الريح كان هناك خطر وعلامة موت فكيف المضاعف .
ويخالف من وجه آخر وهو أن السبب في التشنج المادي كان يقع في موضع من العصب وقوعاً على هيئة تمنع الانبساط لأنه يمدد الليف عرضاً أو يقبضه إلى أصله فيشنج .


وأما السبب في الكزاز المادي فإن وقوعه في الخلاف فإنه إما أن تكون الرطربة الكازة جرت خلال الليف ثم جمدت وبقيت على الصلابة فيعسر رجوعها إلى الانقباض أو تكون وقعت دفعة فملأت الليف من غير أن تختلف نسبتها من نسبة الليف بل وقعت على امتداد الليف فعرضت من غير أن نقصت من الطول نقصاناً لكنها تحفظ الطول بميلها للفرج .
وأما التشنج فإن المادة الفاعلة له مختلفة الوضع في خلل العصب غير نافذة فيها نفوذاً متشابهاً ولا نفاذاً كثيراً ويشبه أن يكون نفوذ مادة الكزاز الذي على هذه الصفة يشبه نفوذ مادة الاسترخاء إلا أن تلك المادة رقيقة مرخية وهذه جامدة صلبة لا تدع العضو أن ينعطف وإما أن تكون المادة في الكزاز لم تقع في واسطة العضلة أو الوتر أو العصبة ولكن في مبدئه فحفرت العصب أو الوتر طولاً فهو لا يقدر على أن ينقبض .
وإما أن يكون هناك ورم وإما أن تكون المادة وقعت خلال الليف وقوعاً إذا قبضت احتاجت إلى أن يتضاغط لها الليف ويتأذى ويوجع .
وإما أن يكون السبب الموجع والمؤذي مادّة أو غير مادة وقعت في مبادي العضل أو الأوتار فهي تهرب عنها طولاً كما يقع عن نوع من الكزاز عقيب القيء العنيف والاستفراغ الكثير للأذى لأن الأوتار والعصب تتأذّى عن المعدة .
هذا وإن كان السبب في الكزاز اليبوسة فيكون لأن العضل لما انتقص عرضاً بانحلال الرطوبات ازداد طولاً وتقبّضت منه المنافذ فتعسّر نفوذ القوة المحرّكة فيها فضعفت عن نقل الأعضاء إلى التقبّض وخصوصاً إذا أعان التصلّب الحادث عن الجفاف على العصبات وأما مثله من التشنّج اليابس فقد ينقص من الطول والعرض جميعاً على سبيل الاستواء فلذلك كان التشنّج اليابس أردأ من الكزاز اليابس وكما أن الاسترخاء ربما وقع للقطع فكذلك التمدّد قد يقع للجراحة إذا عرضت فتأذّت العضل عن الانقباض .


والكزاز قد يقع منه شيء عظيم بسبب قوي ومادة قوية كثيرة وقد يقع على نحو وقوع التشنج لخدر امتلائي يسدّ مسالك الروح فتبقى الأعضاء الممدودة لا تنقبض كما تبقى الأعضاء المقبوضة لا تمتد إلى أن تجد الروح سبيلاً ومنفذاً فهو كثيراً ما يكون بعد النوم لأن الروح منه أذهب إلى الباطن ولما قلنا في التشنّج وقد يقع لأجل هيئة غير طبيعية شاقة تعرض للعضل فتقلّ قوتها أو تصير وجعة غير محتملة لتحريك فتبقى على ذلك الشكل كمن مدد بحبل أو رفع شيئاً ثقيلاً أو حمل على ظهره حملاً ثقيلاً أو نام على الأرض فآذت الأرض عضلاته ورضّتها أو أصابته سقطة أو ضربة راضة للعضل أو قطع أو حرق نار توجعت لها فهي عاجزة عن الانقباض وربما كان مع ذلك مادة منصبّة إليها أو ريح .
غليظة متولّدة فيها أو صائرة إليها تمددها .
وكما أن التشنّج الخاص بأعضاء الوجه كذلك التمدد إذا لحق الجفن أو اللسان أو الشفة وحدها وقد يقع من الكزاز نوع رديء يبوسي تتقدمه حميّات لازمة مع قلق وبكاء وهذيان ويصفر لها اللون وييبس الفم والشفة ويسودّ اللسان وتعتقل الطبيعة ويستحصف الجلد ويتمدد وهو رديء .
وكل كزاز عن ضربة يصحبه فواق ومغص واختلاط وذهاب عقل فهو قتال يصحب تجفيف العضل وغليان رطوبتها حتى يمددها طولاً ثم يحفظ ذلك عليه بالجفاف البالغ الحافظ للهيئات .
والكزاز يعرض كثيراً للصبيان ويسهل عليهم كلما كانوا أصغر على ما قيل في التشنج وقد يتقدم الكزاز كثيراً اختلاج البدن وثقله وثقل الكلام .
وصلابة في العضلات وفي ناحية القفا إلى العصعص وعسر البلع واحتكاك إذا حكوه لم يلتذوا به .


وإذا كان في البول كالمدة والقيح وكان قشعريرة وغشاوة في البصر وعرق في الرأس والرقبة دل على امتداد في الجانبين سيكون لأن مثل هذه المادة يكثر فيها أن لا تستنقي من أسفل بالتمام بل يصعد منها شيء فيما بين ذلك إلى الدماغ ويؤذيه ويكسر البدن وإذا بدأ الكزاز العام انطبق الفم واحمرّ الوجه واشتد الوجع وصار لا يسيغ ما تجرعه ويكثر الطرف وتدمع العين .
وقد رأينا نحن إذ بدأ الكزاز العام بامرأة انطبق فمها واصفر وجهها وظهر لها اصطكاك أسنانها ثم بعد زمان مديد اخضرّ وجهها وكانت لا تقدر أن تفتح فاها حتى بقيت زماناً طويلاً ممتدة مستلقية بحيث لا يمكن لها أن تنقلب ثم بعد ذلك انحلّ عنها الكزاز وانقلبت إلى الجانبين وتكلمت ونامت إلى الغد فهذا ما شاهدنا من حالها وعالجناها كل مرة وكل مدة . ثم الفرق بين التشنج والتمدد أن التشنّج يبتدئ في العضلة بحركة والتمدّد يكون ابتداؤه في العضلة بسكون وقد يقع الانتقال إلى التمدد من الخوانيق وذات الجنب والسرسام على نحو ما كان في التشنج .
وقد يكثر في البلاد الجنوبية للامتلاء وحركة الأخلاط .
وخصوصاً في البلغميين وقد يعرض في البلاد الشمالية لاحتقان الفضول وخصوصاً للنساء فإنهن أضعف عصباً .
أما علامات التمدّد مطلقاً فأن لا يجيب العضو إلى الانقباض .
وأما علامات الكزاز إن كان إلى قدام فأن يكون الشخص كالمخنوق مختنق الوجه والعين وربما خيل أنه يضحك لتمدد عضل الوجه منه ويكون رأسه منجذباً إلى قدام بارزاً مع امتلاء العنق لا يستطيع الالتفات وربما لم يقدر أن ببول لتمددِ عضل البطن وضعف الدافعة .


وربما بال بلا إرادة لأن عضلة المثانة منه تكون متمددة غير منقبضة وربما بال الدم لأنفجار العروق لشدة الانضغاط وربما عرض له الفواق . وإن كان الكزاز إلى خلف وجدت الرأس والكتفين والعضلة منجذبة إلى خلف ويعرض ذلك لامتداد عضل البطن إلى خلف بالمشاركة وامتداد عضلة المقعدة ولا يقدر أن يحبس ما في المعي المستقيم ولا يقدر أن يستنزل ما في المعي الدقاق ويشتركان في الاختناق والسهر والوجع ومائية البول وكثرة نفاخات فيه للريح وفي السقوط عن الأسرّة .
وأما علامة الرطب واليابس والورمي والكائن عن الأذى فعلى ما قيل في التشنّج .
وكثيراً ما يصيبهم القولنج للبرد إن كانت العلة باردة .
المعالجات : علاجه بعينه علاج التشنّج ويستعمل ههنا من المحاجم على الأعضاء أكثر مما يستعمل في التشنج وذلك لتسترجع الحرارة وأن يكون بشرط خاصة على عضل العنق والفقارات والشراسيف ومما يجب أن يراعى في المكزوز أنه إذا عرق بدنة بشدة الوجع أو من العلاج لم يترك أن يبرد عليه فإنه يؤذيه ولكن يجب أن ينشّف بصوفة مبلولة وربما أجلس في زيت مسخن فإنه قوي التحليل ويسقى الجاوشير إلى درهم بحسب القوة ومن الحلتيت أيضاً .
والكزاز أولى بأن يبادر إلى علاجه من التشنج لأن الكزاز مؤذ خانق قاتل .
ومما ذكر أنه نافع جداً في علاج الكزاز والتشنج أن تغلي سلاقة الشبث ويطرح فيه جرو ضبع أو جرو كلب أو جرو ثعلب ويطبخ حتى يتهرى ثم يستنقع العليل فيه مرتين وكذلك ينفعهم التمريخ شحم الحمام الوحشي وشحم الأيل وبشحم الأسد والدب والضبع مفردة أو مع الأدوية .
وينفعهم الحقنة بدهن السذاب مع جندبادستر وقنطوريون وكل الحمولات اللاذعة الحادة التي فيها بورق وشحم الحنظل وما أشبهه فإن أحرقت بإفراط حقن بعدها بلبن الأتن أو السمن أو دهن الألية مفردة أو مع شحم من المذكورة .


وأنفع الأشياء للتمدد البارد والرطب جندبادستر فإنه يجب أن يتعاهد وإذا غذي أصحاب الكزاز فيجب أن لا يلقموا من الطعام إلا لقماً صغاراً ضعافاً جداً وأن يزجوا بالحسو الرقيق لأن البلع يصعب عليهم فيزيد في مناخرهم ويضطربون فيزيد ذلك في علتهم وقد ذكرنا أدوية يسقونها ويمسح بها أعضاؤهم ومقاعدهم في القراباذين وكذلك المروخات النافعة لهم مثل دهن الخيار وغير ذلك مما قيل وكذلك السعوطات والعطوسات .
وخير العطوسات لهم ميعة الموميا ببعض الأدهان . والحمّى التي تقع بالطبع خير علاج لما كان منه رطوبياً .
فصل في اللقوة
هي علة آلية في الوجه ينجذب لها شق من الوجه إلى جهة غير طبيعية فتتغير هيئته الطبيعية وتزول جودة التقاء الشفتين والجفنين من شق .
وسببه إما استرخاء وإما تشنج لعضل الأجفان والوجه . وقد عرفتهما وعرفت منابتهما .
وأما الكائن عن الاسترخاء فإنه إذا مال شق جذب معه الشقّ الثاني فأرخاه وغيّره عن هيئته إن كان قوياً وإن كان ضعيفاً استرخى وحده .
وعند بعضهم أن الاسترخاء في الجانب السليم وهو جذب الأعوج وليس بمعتمد ومنهم فولس وهذا الكائن عن الاسترخاء يكون لأسباب الاسترخاء المعدودة التي قد فرغنا من بيانها ولا حاجة بنا أن نكرّرها .
وأما الكائن عن التشنّج وهو الأكثري فلأنه إذا تشنّج شق جذب الشق الثاني إليه والسبب فيه هو السبب في التشنّج وما قيل في باب التشنّج اليابس مثل الكائن في حميات حادة واستفراغات من اختلاف وقيء ورعاف وغير ذلك فإنه قاتل رديء وقد قال بعضهم : إن الجانب المريض في اللقوة هو الجانب الذي يرى سليماً وأن السبب فيه والجانب الصحيح يحاول جذبه للتسوية وهذا غير سديد في أكثر الأمر .
والتشريح وما علمته من حال عضل الوجه يعرفك فساد وقوع هذا عاماً ولأن الحس يبطل معه لمن بطل فيه منهم من جانب اللقوة .


وكثير من الناس ما يعرض له ورم في عضل الرقبة فيكون من جملة الخوانيق فيصيبه من ذلك لقوة ويصيبهم أيضاً فالج يمتدّ إلى اليدين لأن العصب الذي يسقى منه عضل اليدين القوة المحرّكة منبته أيضاً من فقار الرقبة وكل لقوة امتدت ستة أشهر فبالحري أن لا يرجى صلاحها .
واعلم أن اللقوة قد تنذر بفالج بل كثيراً ما تنذر بسكتة فتأمل هل تصحبها مقدمات الصرع والسكتة فحينئذ بادر باستفراغ قوي .
وقد زعم بعضهم أن الملقو يخاف عليه الفجأة إلى أربعة أيام فإن جاوز نجا ويشبه أن يكون ذلك بسبب سكتة قوية كانت اللقوة تنذر بها . العلامات : هي أن تقع النفخة والبزقة من جانب ولا يستمسك الريح ولا يستمسك الريق من شق وكثيراً ما يلحق معها صداع وخاصة في التشنجية منها ومعرفة الشق المؤف من الشقين أنه هو الذي إذا مد وأصلح باليد سهل رجوع الآخر بالطبع إلى شكله . وأما علامات اللقوة الاسترخائية فأن تكون الحركة تضعف والحواس تكدر ويحسّ في الجلد لين وفي العضل أيضاً ولا يحس تمدّد ويكون الجفن الأسفل منحدراً وترى نصف الغشاء الذي على الحنك المحاذي لتلك العين مسترخياً أيضاً رطباً رهلاً ويظهر ذلك بأن يغمز اللسان إلى أسفل ويتأمل .
والسبب في ذلك اتصال هذا الصفاق بالصفاق الخارج من طريق اللسان القاطع للحنك طولاً فهو يشركه ويكون الجلد مائلاً عن نواحي الرقبة يتباعد عنها ويعسر ردة إليها .
وأما علامات التشنجي فأن لا تكون الحواس كدرة في أكثر وتكون جلدة الجبهة متمددة تمدداً تبطل معه الغضون وعضل الوجه صلبة ويكون تمدد هذا الشقّ إلى الرقبة ويقلّ الريق والبزاق في أكثر وميل الجلد إلى نواحي الرقبة أكثر قطعاً وردها عنها أعسر .
وأما علامة الرطب واليابس من التشنجي فيما تعرف .
ومن علامات حدوث اللقوة أن يجد الإنسان وجعاً في عظام وجهه وخدراً في جلدته وكثرة من اختلاجه .


المعالجات : الحزم هو أن لا يحرك الملقوّ إلى السابع وقال قوم إلى الرابع ويغذّى أيضاً بما يلطف تلطيف ماء الحمص بزيت ولا يجفف تجفيف العسل والفراخ وإن كانت الطبيعة يابسة فحرك في اليوم الثاني بحقنة شديدة اللين كان موافقاً .
والمبادرة إلى الغراغر في الابتداء ضارة وربما جذبت القريب ولم تحلل الفج القريب .
والتشنجي أولى بقويّ فلا يستفرغ بضعيف غير كاف إلى أن ينضج مرة .
والاستعجال إلى الدواء الحاد من أضر الأشياء .
وأردأ المعالجة أن تجفف المادة وتغلظها وييبس العصب فيصعب تأثير المواء فيه بل الصبر أولى ويجب أن يعالج بعلاج الفالج أو التشنج كما تعرف بحسب ما يناسب .
وأنت تعلم جميع ذلك وقد جرب أن الملقوّ إذا سقي كل يوم وزن درهمين من أيارج هرمس شهراً متصلاً أثر أثراً قوياً .
ومما جرب أن يسقى كل يوم زنجبيلاً ووجّاً معجونين بالعسل بكرة وعشية قدر جوزة ويجب أن لا يقطع عنهم ماء العسل .
وقد ذكر بعض أطباء الهند أن من أبلغ ما يعالج به اللقوة أن يخبص العضو الألم والرأس بلحم الوحش مطبوخاً ويشبه أن يكون أولى الوحش بهذا الأرنب والضبع والثعلب والأوعال والأيل والحمر الوحشية دون الظباء وما يجري مجراها مما لا تسخين للحمه ويجب إن كان المريض رطباً أن يربط الشقّ بالذي فيه مبدأ العلة على الهيئة الطبيعية فإن كان تشنّجاً بدأت بتليينه أولاً ثم بتحليله .
وعليك أن تعرق مؤخّر رأسه بالأدهان اللينة الرطبة كدهن البنفسج ودهن اللوز والقرع ولا بأس بدهن البابونج ويستنشق بهذه الأدهان في يومه وليلته مرة بعد مرة ويشرب الشراب الممزوج دون السكر .


وإن وجدت علامات الدم فصدت العرق الذي تحت اللسان وحجمت على الفقرة الأولى بلا شرط ولا شك أن المادة الفاعلة للقوة مستكنة في عبادي العصب وعضل الوجه ولذلك يستحبّ أن تستعمل الأدوية المحمّرة على فقرات العنق وعلى الفك أيضاً إذا كان الليف الكثير يأتي منها إلى العضل التي في الوجه هذا إذا كان استرخائياً وأما إن كان تشنّجياً يابساً فإياك والأشياء الحارة من الطلاء والتكميد والأدهان والمتناولات .
وقد شاهدنا نحن من كان به لقوة تشنجية يابسة فعالجه بعض الأطباء بالتكميد والمتناولات المحارة فصار شق وجهه أردأ مما كان وثقل لسانه عند المكالمة وقد طال عليه زمان فلما داويته أنا بضد ذلك برئ من ذلك بعد مقاساة في المعالجة .
وأما عضل الجفن فليست من تلك
الجملة وتدبيرها تنقية الجزء المقدم من الدماغ وكذلك التكميد اليابس علىِ هذه الفقرات واللحى ودلكها ودلك الرأس أيضاً وخصوصاً على جوع شديد .
ومما ينفع الملقو أيضاً إدامة غسل وجهه بالخل ولطخ المواضع المذكورة بالخلّ وخصوصاً إذا طبخ فيه الملطفات .
أو كان خلاً سحق فيه خردل فهو عجيب حيث يكون الاسترخاء بخلاف التشنّجي وأن يكب على طبيخ الشيح والقيصوم والحرمل والغار والبابونج ونحوه ويوقد تحته بمثل الطرفاء والأثل وإذا لم ينفعه الأدوية كوي العرق الذي خلف أذنه ويجتنب الحمام إذا كان استرخائياً ويواظب عليه كل يوم مراراً في التشنّجي ويجب أن يكلف الغرغرة أكثر من غيرها بما أنت تعلم ذلك وتستعمل المضوغات وخاصة الوفي وجوزبوا وعاقر قرحا .
ومن مضوغاتهم الهليلج الأسود ويجب أن يمسك المضوغ في الشق الألم ويكون في بيت مظلم .
وقيل من يمشي في حوائجه فلا بأس بذلك ويسعط بمرارة الكركي أو باشق أو ذئب أو شبوط أو عصارة الشهدانج أو الموزنجوش أو السلق أو ماء السكبينج بدهن السوسن أو فربيون مقدار عدسة بلبن امرأة ويعالج الرأس بما ينقيه مما ذكرنا في قانون أمراض الرأس من كل وجه .


ومن العطوسات المجربة لهم الرتة وهو الفندق الهندي وخاصة قشره الأعلى وآذان الفار وعصارة قثاء الحمار والعرطنيثا وقد يخلط ذلك بما يسخن مع التعطيس مثل الجندبادستر والشونيز وغيره وأفضل ما يسعط به ماء آذان الفار وهو المسمى أباغلس وإذا سعط بوزن درهمين من مائه مع دانق سكبينج ونصف درهم زيت نفع بل أبرأ في خمسة أيام وقد يؤمرون بالنظر في المرأة الصينية ليتكلفوا دائماً تسوية الوجه .
وأوفقها المرآة المشوشة في إبراء الوجه وهي الضيقة والصبيان إذا ضربتهم اللقوة في آخر الربيع شفاهم الاطريفل الأصفر أياماً إلى سبعة والغذاء ماء حمص .
فصل في الرعشة وعلامات أصنافها وعلاجاتها
هي علّة آلية تحدث لعجز القوة المحركة عن تحريك العضل على الاتصال مقاومة للنقل المعاوق المداخل بتحريكه لتحريك الإرادة فتختلط حركات إرادية بحركات غير إرادية أو ثبات إرادي بتحريكات غير إرادية وهي آفة في القوة المحركة كما أن الخمر آفة في الحساسة .
وهذا السبب إما في القوة وإما في الآلة وإما فيهما جميعاً فإن القوة إذا ضعفت لاعتراض الخوف أو لوصول شيء مفظع هائل كالنظر من موضع عال أو المشي على حائط أو مخاطبة محتشم مهيب أو غير ذلك مما يقبض القوى النفسانية أو غم أو حزن أو فرح مشوش لنظام حركات القوة عرضت الرعشة .
والغضب قد يفعل ذلك لأنه يحدث اختلافاً في حركة الروح .
ومن أسبابها على سبيل إيهان القوة كثرة الجماع على الامتلاء والشبع .
وأما الكائن عن الآلة فقد يكون بأن يسترخي العصب بعض الاسترخاء ولا يبلغ به الفالج فلا يتماسك عند التحريك كما يعرض عند الشرب الكثير والسكر المتواتر وكثرة شرب الماء البارد أو شربه في غير وقته أو بأن يقع في الأعصاب سدد لامتلاء كثير حادث عن الأسباب المعلومة من التخمة وترك الرياضة فلا تنفذ لأجلها القوة تمام النفوذ .


والمادة السادة إما منفعلة عن المجاري متحركة فيها تارة تطرق النفوذ وتارة تمنع وإما غير منفعلة البتة وقد يكون من أن تجف الآلة جفوفاً فلا تطاوع للعطف مطاوعة مسترسلة .
وأما المشتركة فأن يصيب الآلة ضرر يتأذى إلى الإضرار بالقوة كما يصيبها برد شديد من خارج أو من لسع حيوان أو من خلط أو من حر شديد كما يعترض عند الاحتراق وغيره فيصيب معها القوة آفة أو يصيب القوة على حدتها آفتها التي تخصها ويصيب العضو على حدته آفة تخصه ويتوافى الضرران معاً .
والرعشة ربما كانت في جميع الأعضاء وربما كانت في اليدين وربما كانت في الرأس وحده بحسب وصول الآفة إلى عضل دون عضل وقد تكون الرعشة في اليدين دون الرجلين إما لأن السبب ليس في أصل النخاع بل في الشعب النافذة إلى اليدين من العصب وإما لأن السبب في أصل النخاع لكنه ينفضه إلى أقرب المواضع وأقرب الجوانب .
والطبيعة تحوط النخاع من أن ينفذ ذلك السبب فيه فيبلغ أقصاه وإما لأن الروح المحرك في أصافل البدن أقوى وأشد لحاجة تلك الأعضاء إلى مثله فلا ينفعل عن الأسباب التي ليست بقوية جداً انفعالا شديداً وإن انفعلت الآلة قوي على قهرها واليد ليست كذلك .
والسبب الغالب في إحداث الرعشة الثانية برد يضعف العصب والروح معاً أو رطوبة بآلة مرخية دون إرخاء الرطوبة الفاعلة للفالج .
وقد قال بقراط : من عرضت له في الحمى المحرقة رعشة فإن اختلاط الذهن يحلها ولم يض جالينوس هذا الفصل وليس مما لا وجه له .
واعلم أن أصعب الرعشة ما يبتدئ من اليسار .
والرعشة في المشايخ لا تزول بعلاج .
العلامات : هي الأسباب المذكورة وهي الظاهرة .


يعمل ما قيل في سائر الأبواب من تفتيح السدد وإبطاء الاسترخاء والاستفراغ وتقوية العصب والترطيب إن احتيج إليه والإنعاش إن كان لضعف عن مرض والتسخين إن وقع لبرد مغافص أو مشروب والغمز والدلك والنفض إن وجب وعلى ما بين في القانون والاستحمام بمياه الحمآت مثل الماء النطروني أو الزرنيخي أو القفري أو الكبريتي وماء البحر نافع أيضاً .
وإن كان سببه الماء البارد كمد بالنطرون والخردل ومرخ بدهن القسط وإن كان سببه شرب الخمر الكثير استفرغ واستعمل دهن قثاء الحمار وما يجري مجراه وأديم التمريخ بدهن القت .
ولدهن الحندقوقي خاصية عجيبة في ذلك وكذلك إن ضمد بالرطبة وحدها وإن كان من أخلاط متشربة أو غليظة أو رسخت العلة فليستعمل وضع المحجمة على الفقرة الأولى وليجلس في أبزن دهن مسخن وفي مرق الحيوان المذكور في باب الفالج والتشنج والكزاز وآخر الأمر يسقى جندبيدستر في شراب العسل أو بالايارجات الكبار ويسقى الحب المتخذ بالسذاب وسقولوقندريون وينتفعون بدماغ الأرنب جداً فليكلوا منه مشوياً .
ومما ينفع المرعش أن يسقى ضراب العسل بماء طبخ فيه حب الخطمي وورق دامامون نصف أوقية وكذلك يسقون عصارة الغافت مع الماء ويستعملون علاج الاسترخاء بعينه فإن كانت الرعشة خاصت في الرأس فقد جرب لهم استعمال الاسطوخودوس وزن درهم أو درهمين وحده ومع أيارج فيقرا إما محبباً وإما في شراب العسل وجرب لهم شرب حب القوقاي من درهم إلى درهم ونصف كل عشرة أيام مرة ويجب أن يكون الغذاء ما يسرع هضمه والشراب يضرهم وكذلك الماء البارد .
وأسلم المياه لهم وأقلها ضرراً ماء المطر وكذلك لكل مرض عصبي ويتضررون بكثرة الغذاء الغليظ والرطب والفصد .
فصل في الخَدر
لفظة الخَدر تستعمل في الكتب استعمالاً مختلفاً فربما جعل لفظة الخدر مرادفة للفظة الرعشة وأما نحن وكثير من الناس فنستعمله على هذا الوجه .


الخدر علة آلية تحدث للحس اللمسي آفة إما بطلاناً وإما نقصاناً مع رعشة إن كان ضعيفاً أو استرخاء إن استحكم لأن القوة الحسية لا تمتنع عن النفوذ إلا والحركية تمتنع كما أوضحنا مراراً وإن كان في الأحايين قد يوجد خَدر بلا عسر حركة لاختلاف عصب الحركة والحس .
وسبب الخَدر إما من جهة القوة فأن يضعف كما في الحميات القوية والحادة المؤدية إلى الخدر وكما في الذي يريد أن يغشي عليه وعند القرب من الموت وإما من جهة الآلة فأن يفسد مزاجها ببرد شديد من شرب دواء أو لسع حيوان كالعقرب المائي أو مس الرعادة المسمى نارقا أو شرب دواء كالأفيون فيحدث ذلك غلظاً في الروح التي هي آلة القوة وضعفاً أو يفسد مزاجها بحر شديد كمن لسعته الحية أو بقي في حمام شديد الحر أو في الحميات المحرقة أو لغلظ جوهر العصب فلا ينفذ فيه الروح نفوذاً حسناً ولذلك ما تجد في لمس الرجل بالقياس إلى لمس اليد كالخدر أو يكون لسدد من أخلاط غليظة إما لحم وإما بلغم وإما سوداء وقد يمكن أن يكون من الصفراء أو لسدد من ضغط ورم أو خراج أو ضغط شد ورباط أو ضغط وضع يلوي العصب أو معصره شديداً أو لأجل وضع ينصت إلى العضو معه دم أو خلط غيره كثير فيسد المسالك .
وهذا أكثره عن الدم ولذلك إذا بدل وضعه فزال ورجع عنه ما انصب إليه عاد لحس وربما عرض ذلك من اليبس والِجفاف فتنسد المسالك لاجتماع الليف وانطباقه وهذا رديء .
وقد تعرض السدة للاسترخاء الكائن عن رطوبة مزاجية دون مادة يتبع ذلك لاسترخاء انطباق المجاري .
وأسباب الخَدر قد تكون في الدماغ نفسه فإن كان كَلّياً يعمّ البدن كله فهو قاتل من يومه وربما كانت في النخاع وربما كان ابتداؤها من فقرة واحدة وربما كان في شعبه عصب فإن أَزْمَنَ الخدر البارد وطال أدّى إلى الاسترخاء .
والخدر الغالب ينذر بسكتة أو صرع أو تشنّج أو كزاز أو فالج عام وخدر كل عضو إذا دام واشتدّ ينذر بفالج أو تشنّج يصيبه .


وخدر الوجه ينذر باللّقوة وكثيراً ما يعقب ذات الرئة وذات الجنب والسرسام البارد خدر .
واعلم أن الخدر إذا دام في عضو ولم نر له الاستفراغ ثم العلامات : العلامات بعينها هي الأسباب وكما قيل في الرعشة ويدلّ على ذلك منها وزيادة الخدر بزيادته ونقصانه بنقصانه والعلاج على ما قيل في الرعشة بعينه إلا أنه إن كان عن دم غالب وقامت دلالة من امتلاء العروق وانتفاخ الأوداج وثقل البدن ونوم وحمرة وجه وعين وغير ذلك فينبغي أن يفصد فصداً بالغاً فإنه في أكثر يزيل الخدر وحده ومع إصلاح التدبير وتجفيف الغذاء وإذا ظهر الخدر بعضو من الأعضاء بسبب سابق أو باد مثل برد أو غير ذلك نال مبدأ العصب فيجب أن لا يقتصر على معالجة الموضع بل يكوى وكذلك علاج مبدأ العصب السالك إليه .
ومن المعالجات النافعة للخدر رياضة ذلك العضو ودوام تحريكه .
واعلم أن القرطم الواقع في الحقن مسخن للعصب .
فصل في الاختلاج
الاختلاج حركة عضلانية وقد يتحرك معها ما يلتصق بها من الجلد وهي من ريح غليظة نفّاخة أما الدليل على أنها من ريح فسرعة الانحلال وأنه لا يكون إلا في الأبدان الباردة َ والأسنان الباردة وشرب الأشياء الباردة ويسكنها المسخنات والنفوذ .
وأما الدليل على أنها غليظة فهو أنها لا تنحل إلا بتحريك العضو والدليل على أنها عضلانية لحمية عصبية أن ما لانَ جداً مثل الدماغ فإن الريح لا تحتقن فيه وكذلك ما صلب مثل العظم بل يعرض في الأكثر لما توسّط في الصلابة واللين .
وأسباب الاختلاج قوة مبرّدة ومادة رطبة وقد يعرض الاختلاج من الأعراض النفسانية كثيراً خصوصاً من الفرح وكذلك يعرض من الغم والغضب وغير ذلك لأن الحركة من الروح قد تحلّل المواد رياحاً . واعلم أن الاختلاج إذا عمّ البدن أنذر بسكتة أو كزاز .
وإذا دام بالمراق أنذر بالمالنخوليا والصرع وإذا دام بالوجه أنذر باللقوة واختلاج ما دون الشراسيف ربما دلّ على ورم في الحجاب فإنه من توابعه .


علاج الاختلاج المتواتر : يكمد بالكمادات المسخنة فإن زال وإلا استعملت الأدهان المحللة مبتدئاً من الأضعف إلى الأقوى فإن زال وإلا سقي المسهل ويدام بعد ذلك تمريخ العضو بالأدوية المسخّنة .
وللجندبيدستر مع الزنبق خاصية في هذا الباب ولا يتناول ماء الجمد ولا الخدر الكثير وما له نفخ وتبريد ويقرب علاجه من علاج أخواته فلنختم الكلام في أمراض العصب ههنا ولنقتصر على الحسيّة والحركية والِوضعية منها .
وأما الأورام وتفرقات الاتصال وغير ذلك فلتأخر إلى الكتاب الرابع إن شاء الله .
الفن الثالث تشريح العين وأحوالها وأمراضها
وهو أربعة مقالات
المقالة الأولى أحوال العين والرمد
فصل في تشريح العين
فنقول : قوّة الإبصار ومادة الروح الباصر تنفذ إلى العين من طريق العصبتين المجوّفتين اللتين عرفتهما في التشريح وإذا انحدرت العصبة والأغشية التي تصحبها إلى الحجاج اتّسع طرف كل واحد منهما وامتلأ وانبسط اتساعاً يحيط بالرطوبات التي في الدقّة التي أوسطها الجليدية وهي رطوبة صافية كالبرد والجليد مستديرة ينقص تفرطحها من قدّامها استدارتها وقد فرطحت ليكون المتشنج فيها أوفر مقداراً ويكون للصغار من المرئيات قسم بالغ تتشنّج فيه ولذلك فإن مؤخرها يستدقّ يسيراً ليحسن انطباقها في الأجسام الملتقمة لها المستعرضة المستوسعة عن دقة ليحسن التقامها إياها وجعلت هذه الرطوبة في الوسط لأنه أولى الأماكن بالحرز وجعل وراءها رطوبة أخرى تأتيها من الدماغ لتغذوها فإن بينها وبين الدم الصرف تدريجاً .
وهذه الرطوبة تشبه الزجاج الذائب ولون الزجاج الذائب صفاء يضرب إلى قليل حمرة .


أما الصفاء فلأنها تغذو الصافي وأما قليل حمرة فلأنها من جوهر الدم ولم يستحل إلى مشابهة ما يغتذي به تمام الاستحالة وإنما أخرت هذه الرطوبة عنها لأنها من بعث الدماغ إليها يتوسط الشبكي فيجب أن تلي جهته وهذه الرطوبة تعلو النصف المؤخر من الجليدية إلى أعظم دائرة فيها وقدامها رطوبة أخرى تشبه بياض البيض وتسمى بيضية وهي كالفضل عن جوهر الجليدية وفضل الصافي صافٍ ورضعت من قدام لسبب متقدم ولسبب كالتمام .
والسبب المتقدم هو أن جهة الفضل مقابلة لجهة الغذاء والسبب التمامي هو أن يدرج حمل الضوء على الجليدية ويكون كالجنة لها ثم أن طرف العصبة يحتوي على الزجاجية والجليدية إلى الحد الذي بين الجليدية والبيضية والحد الذي ينتهي عنده الزجاجية عند الإكليل احتواء الشبكة على الصيد فلذلك تسمى شبكتة وينبت من طرفها نسج عنكبوتي يتولد منه صفاق لطيف تنفذ معه خياطات من الجزء المسمى الذي سنذكره وذلك الصفاق حاجز بين الجليدية وبين البيضية ليكون بين اللطيف والكثيف حاجز ما وليأتيه غذاء من أمامه نافذ إليه من الشبكي والمشيمي وإنما كان رقيقاً كنسج العنكبوت لأنه لو كان كثيفاً قائماً في وجه الجليدية لم يبعد أن يعرض منه لاستحالته أن يحجب الضوء عن الجليدية من طريق البيضيّة وأما طرف الغشاء الرقيق فإنه يمتلئ وينتسج عروقاً كالمشيمة لأنه منفذ الغذاء بالحقيقة وليس يحتاج إلى أن يكون جميع أجزائه مهيأة للمنفعة الغذائية بل الجزء المؤخر ويسمى مشيمياً .


وأما ما جاوز ذلك الحدّ إلى قدام فيثخن صفاقاً إلى الغلظ ما هو ذا لون أسمانجوني بين البياض والسواد ليجمع البصر وليعدل الضوء فعل إطباقنا البصر عند الكلال التجاء إلى الظلمة أو إلى التركيب من الظلمة والضوء وليحول بين الرطوبات وبين القرني الشديد الصلابة ويقف كالمتوسط العدل وليغذو القرنية بما يتأذى إليه من المشيمية ولا يتم إحاطته من قدامه لئلا يمنع تأدي الأشباح بل يخلي قدامه فرجة وثقبة كما يبقى من العنب عند نزع ثفروقه عنه وفي تلك الثقبة تقع التأدية إذا انسدت منع الإبصار وفي باطن هذه الطبقة العنبية خمل حيث يلاقي الجليدية ليكون أشبه بالمتخلخل اللين وليقل أذى مماسِّتِهِ .
وأصلب أجزائه مقدمه حيث تلاقي الطبقة القرنية الصلبة وحيث يتثقب ليكون ما يحيط بالثقبة أصلب والثقبة مملوءة رطوبة للمنفعة المذكورة وروحاً يدل عليه ضمور ما يوازي الثقبة عند قرب الموت .
أما الحجاب الثاني فإنه صفيق جداً ليحسن الضبط ويسمى مؤخره طبقة صلبة وصفيقة ومقدّمه يحيط بجميع الحدقة وتشف لئلا تمنع الإبصار فيكون ذلك في لون القرن المرقق بالنحت والجرد ويسمى لذلك قرنية .
وأضعف أجزائه ما يلي قدّام وهي بالحقيقة كالمؤلفة من طبقات رقاق أربعة كالقشور المتراكبة إن انقشرت منها واحدة لم تعم الآفة .
وقول قوم : إنها ثلاث طبقات ومنها ما يحاذي الثقبة لأن ذلك الموضع إلى الستر والوقاية أحوج وأما الثالث فيختلط بعضل حركة الحدقة ويمتلئ كله لحماً أبيض دسماً ليليّن العين والجفن ويمنعها أن تجف وتسمى جملته الملتحم فأما العضل المحركة للمقلة فقد ذكرناها في التشريح وأما الهدب فقد خلق لدفع ما يطير إلى العين وينحدر إليها من الرأس ولتعديل الضوء بسواده إذ السواد يجمع نور البصر وجعل مغرسه غشاء يشبه الغضروف ليحسن انتصابها عليه فلا يضطجع لضعف المغرس وليكونا للعضلة الفاتحة للعين مستنداً كالعظم يحسن تحريكه .


وأجزاء الجفن جلد ثم أحد طاقي العشاء ثم شحمه ثم عضله ثم الطاق الآخر وهذا هو الأعلى .
وأما الأسفل فينعقد من الأجزاء العضلية والموضع الذي في شقه خطر هو ما يلي موقه عند مبدأ العضلة .
فصل في تعرّف أحوال العين
وأمزجتها والقول الكلي في أمراضها
يتعرف ذلك من ملمسها ومن حركتها وعن عروقها ومن لونها ومن شكلها ومن قدرها ومن فعلها الخاص وحال ما يسيل منها وحال انفعالاتها .
فأما تعرف ذلك من ملمسها فأن يصيبها اللمس حارة أو باردة أو صلبة يابسة أو لينة رطبة .
وأما تعرف ذلك من حركتها فأن تتأمل هل حركتها خفيفة فتمد على حرارة أو على يبوسة كما يفصل ذلك ملمسها أم ثقيلة فتدل على برد ورطوبة .
وأما تعرف ذلك من عروقها فأن تتعرف هل هي غليظة واسعة فيدل ذلك على حرارتها أم دقيقة خفية فيدل ذلك على برودتها وأن تتعرف هل هي خالية فيدل ذلك على يبوستها أم ممتلئة فيمل ذلك على كثرة المادة فيها .
وأما تعرف ذلك من لونها فإن كل لون يحل على الخلط الغالب المناسب أعني الأحمر والأصفر والرصاصي والكمد .
وأما تعرف ذلك من شكلها فإن حسن شكلها يدل على قوتها في الخلقة وسوء شكلها على ضد ذلك .


وأما حال عظمها وصغرها فعلى حسب ما قيل في الرأس وأما تعرّف ذلك من فعلها الخاص فإنها إن كانت تبصر الخفي من بعيد ومن قريب معاً ولا تتأذى بما يرد عليها من المبصرات القوية فهي قوية المزاج معتدلة وإن كانت ضعيفة الإبصار وعلى خلاف ذلك ففي مزاجها أو خلقتها فساد وإن كانت لا تقصر في إدراك القريب وإن دق وتقصر في إدراك البعيد فروحها صافٍ صحيح قليل تدعي الأطباء أنه لا يفي للانتشار خارجاً لرقته ويعنون بذلك الشعاع الذي يعتقدون أنه من جملة الروح وأنه يخرج فيلاقي المبصر وإن كانت لا تقصر في إدراك البعيد فإن أدنى منها الدقيق لم تبصر وإن نحي عنها إلى قدر من البعد أبصرته فروحها كبير كدر غير صاف لطيف بل رطب ومزاجها رطب تدّعي الأطباء أنه لا يرقّ ولا يصفو إلا بالحركة المتباعدة .
وإذا أمعن الشعاع في الحركة رق ولطف وإن كانت تضعف في الحالين فروحها قليل كدر وأما تعرف ذلك من حال ما يسيل منها فإنها إن كانت جافة لا ترمص البتة فهي يابسة وإن كانت ترمص بإفراط فهي رطبة جداً .
وأما من حال انفعالاتها فإنها إن كانت تتأذى من الحر وتتشفى بالبرد فبها سوء مزاج حار وإن كانت بالضد فبالضد .
واعلم أن الوسط في كل واحد من هذه الأنواع معتدل إلا المفرط في جودة الإبصار فهو المعتدل .
والعين يعرض لها جميع أنواع الأمراض المادية والساذجة والتركيبية الآلية والمشتركة .
وللعين في أحوالها التي تعرض لها من هيئة الطرف والتغميض والتفتيح واللون والدمعة أحكام متعلقة بالأمراض الحادّة يجب أن تطلب منها .
وأمراض العينين قد تكون خاصة وقد تكون بالمشاركة .
وأقرب ما تشاركه الدماغ والرأس والحجب الخارجة والداخلة ثم المعدة .
وكل مرض يعرض للعين بمشاركة الحجاب الخارج فهو أسلم مما كان بخلافه .


علامات كون مرض العين بشركة الدماغ أن يكون في الدماغ بعض دلائل آفاته المذكورة فإن كان الواسطة الحجب الباطنة ترى الوجع والألم يبتدئ من غور العين وإن كانت المادة حارة وجدت عطاساً وحكةً في الأنف وإن كانت باردة أحسست بسيلان بارد .
وقلما تكون هذه المشاركة بسوء مزاج مفرد وإن كانت المشاركة مع الحجب الخارجة وكانت المادة تتوجّه منها أحس بتمدد يبتدئ في الجبهة والعروق الخارجة .
وتظهر المضرة فيما يلي الجفن أكثر وإن كانت بمشاركة المعدة كانت العلامات المذكورة في باب مشاركة الدماغ للمعدة وإن كان هناك خيالات بسبب المعدة قلت في الخواء وكثرت في الامتلاء .
وأما علامات المرض المادي من حيث هو في نفس العين فان الدموي يدل عليه الثقل والحمرة والدمع والانتفاخ ودرور العروق وضربان الصدغين والالتزاق والرمص وحرارة الملمس وخصوصاً إذا اقترن به علامات دموية الرأس .
وأما البلغمي فيدل عليه ثقل شديد وحمرة خفية مع رصاصية ما والتصاق ورمص وتهتج وقلة دموع .
وأما الصفراوي فيدل عليه النخس والالتهاب مع حمرة إلى صفرة ليست كحمرة الدموي ورقة دمع حاد وقلة الالتصاق .
وأما المزاجات الساذجة فيمل عليها الثقل مع الجفاف ومع وجود دلائل ذكرناها في باب التعرف .
وأما الأمراض الآلية والمشتركة فيأتي لكل


القانون
القانون
( 30 من 70 )

فصل قي قوانين كلية في معالجات العين
معالجات العين مقابلة لأمراض العين ولما كانت الأمراض إما مزاجية مادية وإما مزاجية ساذجة وإما تركيبية وإما تفرق اتصال فعلاج العين إما استفراغ ويدخل فيه تدبير الأورام وإما تبديل مزاج وإما إصلاح هيئة كما في الجحوظ وإما إدمال وإلحام والعين تستفرغ المواد عنها إما على سبيل الصرف عنها وإما على سبيل التحليب منها .
والصرف عنها هو أولاً من البدن إن كان ممتلئاً ثم من الدماغ بما عرفت من منقيات الدماغ ثم النقل عنها من طريق الأنف ومن العروق القريبة من العين مثل عرقي المأقين .
وأما التحليب منها فيكون بالأدوية المدمعة . وأما تبديل المزاج فيقع بأدوية خاصية أيضاً .
وأما تفرق الاتصال الواقع فيها فيعالج بالأدوية التي لها تجفيف غير كثير وبعيد من اللذع وأنت ستطلع على هذه الأدوية من كلامنا في الرمد وسائر علل العين .
ويجب أن تعلم أن الأمراض المادية في العين يجب أن يستعمل فيها تقليل الغذاء وتناول ما يولد الخلط المحمود واجتناب كل مبخر وكل ما يسوء هضمه وإذا كانت المادة منبعثة من عضو قصدت فصد ذلك العضو وإذا كانت المادة تتوجه من الحجاب الخارج استعملت الحجامة واستعملت الرواح على الجبهة ومن جملتها قشر البطيخ للحارة والقلقديس للباردة والعروق التي تفصد للعين هي مثل القيفال ثم العروق التي في نواحي الرأس فما كان من قدّام كان أنفع في النقل من الموضع وما كان من خلف كان أنفع في الجذب .
واعلم أن ما يحدث في العين من المواد ويحتاج إلى نقله عنها إلى عضو آخر فأصوب ما ينقل إليه هو المنخران وذلك إذا لم تكن في فريق الانصباب إلى العين .
وهذا النقل إنما هو بالعطوسات والنشوقات المذكورة في مواضع أخر حيث ذكرنا تدبير أوجاع الرأس .


وأدوية العين منها مبدلات للمزاج إما مبردة مثل عصارات عنب الثعلب وعصا الراعي وهو البطباط وماء الهندبا وماء الخس وماء الورد وعصارته ولعاب بزر قطونا ومنها مسخنات مثل المسك والفلفل والوج والماميران ونحوها ومنها مجففات مثل التوتيا والأثمد والإقليميا ومن جملتها مقبضات مثل شياف ماميثا والصبر والفيلزهرج والزعفران والورد ومنها ملينات مثل اللبن وحكاك اللوز وبياض البيض واللعاب ومنها منضجّات مثل العروق وماء الخلبة والزعفران والميبختج وخصوصاً منقوعاً فيه الخبز ومنها محلّلات مثل الأنزروت وماء الرازيانج ومنها مخدرات مثل عصارة اللفّاح والخشخاش والأفيون .
واعلم أنه إذا كان مع علل العين صُداع فابدأ في العلاج بالصداع ولا تعالج العين قبل أن تزيله وإذا لم يغن الاستفراغ والتنقية والتدبير الصائب فاعلم أن في العين مزاجاً بارداً أو مادة خبيثة لحجة في الطبقات تفسد الغذاء النافذ إليها أو هناك
فصل في حفظ صحة العين وذكر ما يضرّها
يجب على من يعتني بحفظ صحة العين أن يوقيها الغبار والدخان والأهوية الخارجة عن الاعتدال في الحر والبرد والرياح المفججة والباردة والسمومية ولا يديم التحديق إلى الشيء الواحد لا يعدوه .
ومما يجب أن يتقيه حقّ الاتقاء كثرة البكاء ويجب أن يقل النظر في الدقيق إلا أحياناً على سبيل الرياضة ولا يطيل نومه على القفا وليعلم أن الاستكثار من الجماع أضرّ شيء بالعين وكذلك الاستكثار من السكر والتملؤ من الطعام والنوم على الامتلاء وجميع الأغذية والأشربة الغليظة وجميع المبخّرات إلى الرأس ومن جملتها كل ما له حرافة مثل الكرّاث والحندقوقي وجميع ما يجفّف بإفراط ومن جملته الملح الكثير وجميع ما يتولد منه بخار كثير مثل الكرنب والعدس وجميع ما ذكر في ألواح الأدوية المفردة ونسب إلى أنه ضارّ بالعين .
وليعلم أن كل واحد من كثرة النوم والسهر شديد المضرّة بالعين وأوفقه المعتدل من كل واحد منهما .


وأما الأشياء التي ينفع استعمالها العين ويحفظ قوتها فالأشياء المتخذة من الإثمد والتوبا مثل أصناف التوتيا المرباة بماء المرزنجوش وماء الرازيانج .
والاكتحال كل وقت بماء الرازيانج عجيب عظيم النفع وبرود الرمان الحلو عجيب نفعه أيضاً وأيضاً البرود المتخذ من ماء الرمانين معتصراً بشحمهما منضجين في التنور مع العسل كما ستقف عليه في موضعه .
وأما الأمور الضارة بالبصر فمنها أفعال وحركات ومنها أغذية ومنها حال التصرّف في الأغذية فأما الأفعال والحركات فمثل جميع ما يجفف مثل الجماع الكثير وطول النظر إلى المضيئات وقراءة الدقيق قراءة بإفراط فإن التوسّط فيها نافع وكذلك الأعمال الدقيقة والنوم على الامتلاء في العشاء بل يجب على من به ضعف في البصر أن يصبر حتى ينهضم ثم ينام وكل امتلاء يضره وكل ما يجفف الطبيعة يضرُّه وكل ما يعكر الدم من الأشياء المالحة والحريفة وغيرها يضرّه والسكر يضره وأما القيء فينفعه من حيث ينقي المعدة ويضرّه من حيث يحرك مواد الدماغ فيدفعها إليه وإن كان لا بد فينبغي أن يكون بعد الطعام وبرفق والاستحمام ضار والنوم المفرط ضار والبكاء الكثير وكثرة الفصد وخصوصاً الحجامة المتوالية ضارة .
وأما الأغذية فالمالحة والحريفة والمبخرة وما يؤذي فم المعدة والكراث والبصل والثوم والبافرو أكلاً والزيتون النضيج والشبث والكرنب والعدس .
وأما التصرّف في الأغذية فأن يتناولها بحيث يفسد هضمها ويكثر بخارها جمل ما بين في موضعه وقد وقفت عليه وتقف عليه في مقالات هذا الكتاب الثالث .
فصل في الرمد والتكدر
الرمد منه شيء حقيقي ومنه شيء يشبهه ويسمى التكدر والتخثر .
والخثر وهو يسخن ويرطب يعرض من أسباب خارجة تثيرها وتحمّرها مثل الشمس والصداع الإحتراقي وحُمى يوم الاحتراقية .


والغبار والدخان والبرد في الأحيان لتقبيضه والضربة لتهييجهما والريح العاصفة بصفقها . وكلّ ذلك إثارة خفيفة تصحب السبب ولا ترتث بعده ريثاً يعتدّ به ولو أنه لم يعالج لزال مع زوال السبب في آخر الأمر ويسمى باليونانية طارطسيس فإن عاونه سبب بدني أو بادئ معاضد للبادئ الأول أمكن حينئذ أن يستفحل وينتقل ورماً ظاهراً حقيقياً انتقال حمّيات اليوم إلى حميات أخرى وإذا انتقل فهو في بدء ما ينتقل يسمى باليونانية لقويكما . ومن أصناف الرمد ما يتبع الجرب في العين ويكون السبب فيه خدشة للعين وهو يجري في أول الأمر مجرى التكدر وإنما يتأتى علاجه بعد حكّ الجرب .
وأما الرمد بالجملة فهو ورم في الملتحمة فمنه ما هو ورم بسيط غير مجاوز للحد في درور العروق والسيلان والوجع ومنه ما هو عظيم مجاوز للحد في العظم يربو فيه البياض على الحدقة فيغطيها ويمنع التغميض ويسمى كيموسيس ويعرف عندنا بالوردينج .
وكثيراً ما يعرض للصبيان بسبب كثرة موادهم وضعف أعينهم وليس يكون عن مادة حارة فقط بل وعن البلغمية والسوداوية ولما كان الرمد الحقيقي ورماً في الحدقة بل الملتحمة وكل ورم إما أن يكون عن دم أو صفراء أو بلغم أو سوداء أو ريح فكذلك الرمد لا يخلو سببه عن أحد هذه الأسباب وربما كان الخلط الموزم متولّداً فيها وربما كان صائراً إليها من الدماغ على سبيل النزلة من طريق الحجاب الخارج المجلّل للرأس أو من طريق الحجاب الداخل وبالجملة من الدماغ ونواحيه فإنه إذا اجتمع في الدماغ مواد كثيرة وامتلاء فأقمن بالعين أن ترمد إلا أن تكون قوية جداً وربما كانت الشرايين هي التي تصمت إليها فضولها إذا كانت الفضول تكثر فيها سواء كانت الشرايين من الداخلة أو الخارجة .
وربما لم تكن المادة صائرة إليها من ناحية الدماغ والرأس بل تكون صائرة إليها من الأعضاء الأخرى وخصوصاً إذا كانت العين قد لحقها سوء مزاج وأضعفها وجعلها قابلة للآفات وهي التي تصب إليها تلك الفضول .


ومن أصناف الرمد ما له دور ونوائب بحسب دور انصباب المادة ولولدها واشتداد الوجع في الرمد إما لخلط لذّاع يأكل الطبقات وإما لخلط كثير ممدّد وإما لبخار غليظ وبحسب التفاوت في ذلك يكن التفاوت في الألم .
ومواد ذلك كما علمت إما من التمدد وإما من الرأس نفسه وإما من العروق التي تؤدي إلى العين مادة رديئة حارة أو باردة وربما كان من العين نفسها وذلك أن يعرض لطبقات العين فساد مزاج لخلط محتبس فيها أو رمد طال عليها فتحيل جميع ما يأتيها من الغذاء إلى الفساد ومن كانت عينه جاحظة فهو أقبل لعظم الرمد ونتوئه لرطوبة عينه واتساع مسامها .
وقد تكثر الدموع الباردة في أصناف من الرمد لعدم الهضم وكثيراً ما ينحلّ الرمد بالاختلاف الطبيعي .
واعلم أن رداءة الرمد بحسب كيفية المادة وعظمه بحسب كمية المادة .
واعلم أن البلاد الجنوبية يكثر فيها الرمد ويزول بسرعة أما حدوثه فيهم كثيراً فلسيلان موادهم وكثرة بخاراتهم وأما برؤه فيهم سريعاً فلتخلخل مسام أعضائهم وانطلاق طبائعهم فإن فاجأهم برد صعب ومدهم لاتفاق طرو مانع قابض على حركة سيالة من خلط ثائر .
وأما البلاد الباردة والأزمنة الباردة فإن الرمد يقل فيها ولكنه يصعب أما قلته فيها فلسكون الأخلاط فيها وجمودها وأما صعوبتها فلأنها إذا حصلت في عضو لم يتحلل بسرعة لاستحصاف المجاري فمددت تمديداً عظيماً حتى يعرض أن يتقطر منها الصفاق وإذا سبق شتاء شمالي وتلاه ربيع جنوبي مطير وصيف ومد كَثُر الرمد وكذلك إذا كان الشتاء دقياً جنوبياً يملأ البدن الأخلاط ثم تلاه ربيع شمالي يحقنه .
والصيف الشمالي كثير الرمد خصوصاً بعد شتاء جنوبي وقد يكثر أيضاً في صيف كان جنوبي الربيع جاف الشتاء شمالية وقس الأبدان الصلبة على البلاد الشمالية والأبدان اللينة المتخلخلة على البلاد الجنوبية وكما أن البلاد الحارة ترمد فكذلك الحمام الحار جدا إذا دخله الإنسان أوشك أن يرمد .


واعلم أنه إذا كان الرمد وتغير حال العين يلزم مع العلاج الصواب والتنقية البالغة فالسبب فيه مادة رديئة محتقنة في العين يفسد الغذاء أو نوازل من الدماغ والرأس على نحو ما بيناه فيما سلف .
العلامات : اعلم أنّ الأوجاع التي تحدث في العين منها لذّاعة أكّالة ومنها متمدّدة : واللذّاعة تدلّ على فساد كيفية المادة وحدّتها والممددة تدل على كثرتها أو على الريح .
وأسرع الرمد منها أسيله دمعاً وأحدّه لذعاً .
وأبطؤه أيبسه .
والرمص دلالة على النضج أو على غلظ المادة والذي يسرع من الرمص مع خفة الأعراض الأثقل فهو يدل على غلظ المادة .
والذي يصحب النضج وتخفّ معه العين في الأول قليلاً وينحلّ سريعاً فهو المحمود .
والذي حده صغار أقل دلالة على الخير فإن صغر الحبّ يدل على بطء النضج وإذا أخذت الأجفان تلتصق فقد حان النضج كما أنه ما دام سيلان مائي فهو ابتداء بعد .
وبعد هذا فنقول : أما التكدّر فيعرف لخفته وسببه وفقدان الورم البادي وما كان من الرمد بمشاركة الرأس دل عليه الصُداع وثقل الرأس فإن كان الطريق للنزلة من الدماغ إلى العين وإنما هو من الحجاب الخارج المحلّل للرأس كانت الجبهة متمدّدة والعروق الخارجة دارَّة وكان الانتفاخ يبادر إلى الجفن ويكون في الجبهة حمرة وضران فإن كان من الحجاب الداخل لم يظهر ذلك وظهر عطاس وحكّة في الفم والأنف وإن كان بمشاركة المعدة رافقه تهوعّ وكرب .
وعلامة ذلك الخلط في المعدة .
وأما الرمد الدموي فيدلّ عليه لون العين ودرور العرق وضربان الصدغين وسائر علامات الدم في نواحي الدماغ ولا يدمع كثيراً بل يرمص ويلتزق عند النوم .
وأما الصفراوي فيدلّ عليه نخس أشدّ ووجع محرق ملتهب أشد وحمرة أقل ودمعة رقيقة حارة ربما قرحت وربما خلت عن الدمع خلو الدموي ولا يلتزق عند النوم وقد يكون من هذا الجنس ما هو حمرة تضرب العين وهي من جملة الأمزجة الخبيثة وربما كوت العين وقرّحتها قراحة ذبابة ساعية .


ومن الرمد الصفراوي جنس حكّاك حاف مع قلة حمرة وقلّة رمص ولا يظهر الورم منه حجم يعتد به ولا سيلان وهو من مادة قليلة حادة .
وأما البلغمي فيدل عليه ثقل شديد وحرارة قليلة وحمرة خفيفة بل السلطان يكون فيه للبياض ويكون رمص والتصاق عند النوم ويكون مع تهيّج ويشاركه الوجه واللون وإن كان مبدؤه المعدة صاحَبَه تهوع وقد يبلغ البلغمي أن تنتأ فيه الملتحمة على السواد غطاً من الورم إلا أنه لا يكون بين الحمرة شديدها ولا يكون معه دموع بل رمص .
وأما السوداوي فيدل عليه ثقل مع كمودة وجفاف وإدمان وقلة التصاق .
وأما لريحي فيكون معه تمدّد فقط بلا ثقل ولا معالجات التكدر : التكدر وما يجري مجراه من الرمد الخفيف فربما كفى فيه قطع السبب فإن كان السبب معيناً من امتلاء من دم أو غيره استفرغ وربما كفى تسكين حركتها وتقطير لبن وبياض بيض وغير ذلك فيها فإن كان التكَثر من ضربة قطر في العين دم حار من ريش حمام وغيره أو من دم نفسه وربما كفى تكميد بإسفنجة أو صوفة مغموسة بمطبوخ أو دهن ورد وطبيخ العدس أو يقطر فيها لبن النساء من الثدي حاراً فإن لم ينجع ذلك فطبيخ الحلبة والشياف الأبيض .
والذي يعرض من برد فينفعه الحمّام إن لم يكن صار رمداً وورماً ولم يكن الرأس والبدن ممتلئين وينفع منه التكميد بطبيخ البابونج والشراب اللطيف بعد ثلاث ساعات من الطعام .
والنوم الطويل على الشراب من علاجاته النافعة كان من الشمس أو من البرد أو غيره .
وما كان من الرمد سببه الجرب ثم كان خفيفاً فليحك الجرب أولاً ثم يعالج الرمد وربما زال بعد حكّ الجرب من تلقاء نفسه فإن كان عظيماً لا يحتمل مقارنة تدبير الحك استعمل الرفق والتليين والتنقية حتى ينقاد ويحتمل المقارنة بينه وبين تدبير الحك .
فصل في العلاج المشترك في أصناف الرمد
وانصباب النوازل إلى العين


القانون المشترك في تدبير الرمد المادي وسائر أمراض العين المادية تقليل الغذاء وتخفيفه واختيار ما يولّد خلطاً محموداً واجتناب كل مبخّر واجتناب كل سوء هضم واجتناب الجماع والحركة وتدهين الرأس والشراب واجتناب الحامض والمالح والحريف وإدامة لين الطبيعة والفصد من القيفال فإنه يوافق جميع أنواعه .
ويجب أن لا يقع بصر الرمد على البياض وعلى الشعاع بل يكون ما يفوش له ويطيف به أسود وأخضر ويعلق على وجهه خرقة سوداء تلوح لعينه .
والأسود في حال المرض والأسمانجوني في حال الصحة .
ويجب أن يكون البيت الذي يسكنه إلى الظلمة ويجب أن يجلب إليه النوم فإنه علاج جيد ويجب أن لا يترك الشعر يطول فإنه ضار بالرمد جداً إلا أن يكون الشعر مرسلاً في الأصل فإنه يقع من حيث يجفف الرطوبات جذباً إلى غذائها وإذا كان البدن نقياً والخلط الفاعل للرمد ناشئاً في العروق ومن جنس الدم الغليظ وخصوصاً في تخر الرمد فإن الاستحمام ليرقق المادة وشرب الشراب الصرف ليزعجها ويخرجها نافعان والحمام بعد الاستفراغ أفضل علاج للرمد وخصوصاً إذا كان التكميد يسكن الوجع ومما يجب أن يدبر في الرمد وسائر أمراض العين المادية هو إعلاء الوسادة والحذر من طأطأته ويجب أن يبعد الدهن من رأس الأرمد فإنه شديد المضرة له وأما تقطير الدهن ولو كان دهن الورد في وإن كانت المادة منبعثة من عضو فينبغي أن يستفرغ من ذلك العضو ويجذب إلى ضد الجهة بأي شيء كان بفصد وحقنة وغير ذلك وربما لم يغن الفصد من القيقال واحتيج إلى فصد شريان الصدغ أو الأذن لينقطع الطريق الذي منه تأتي المادة وذلك إذا كانت المادة تأتي العين من الشرايين الخارجة وإذا أريد سل هذه الشراييون فيجب أن يحلق الرأس ويتأمل أي تلك الصغار أعظم وأنبض وأسخن فيقطع ويبالغ في استئصاله إن كان مما يسل وهي الصغار دون الكبار وربما سل الذي على الصدغ .


ويجب أن يخزم أولاً ثم يقطع بعد أن يختار ما سلف ذكره من أن يكون ما يُبتَر أو يقطع أعظم الصغار وأسخنها .
ويجب قبل البتر أن يشد ما دونه بخيط إبريسم شداً شديداً طويلاً ويترك الشد عليه ثم يقطع ما وراءه فإذا عفن جاز أن يبان الشد وهذا يحتاج إليه فيما هو أعظم وأما الصغار فيكفي أن يشرط شرطاً عنيفاً ليسيل ما فيها من الدم وقد يقارب ذلك النفع حجامة النقرة وإرسال العلق على الجبهة وإذا لم يغن ما عمل فصد من المأق ومن عروق الجبهة .
على أن حجامة النقرة بالغة النفع .
وإذا تطاولت العلة استعملت الشياف الذي يقع فيه نحاس محرق وزاج محرق وربما كفى الاكتحال بالصبر وحده .
وإذا طال الرمد ولم ينتفع بشيء فاعلم أن في طبقات العين مادة رديئة تفسد الغذاء الوارد عليها فافزع إلى مثل التوتياء المغسول مخلوطاً بالملينات مثل الاسفيذاج وإقليميا الذهب المغسول والنشا وقليل صمغ وربما اضطر إلى الكي على اليافوخ لتحتبس النزلة فإنه ربما كان دوامه لدوام نزلة فإذا كان المبدأ من الحجب الباطنة كان العلاج صعباً إلا أن مداره على الاستفراغات القوية مع استعمال ما يقوي الرأس من الضمادات المعروفة لهذا الشأن مثل الضماد المتخذ من السنبل والورد والأقاقيا بماء الكزبرة الرطبة والكزبرة الرطبة نفسها واليابسة مع قليل زعفران يترك على الموضع ساعة أو ساعتين ثم يبان وقد تستعمل فيها المغريات ومعدلات المواد الحادة والألبان من جملتها .
ولا يصلح أن يترك القطور منها في العين زماناً طويلاً بل يجب أن يراق ويجمد كل وقت ومنها بياض البيض وليس من الواجب فيه أن يجمد بل أن يترك ساعة لم تضر وهو أحمد من اللبن وإن كان اللّبن أحلى .
وبياض البيض يجمع مع تليينه وتمليسه أن لا يلحج ولا يسد المسام .
وطبيخ الحلبة يجمع مع تحليله وإنضاجه أن يملس ويسكّن الوجع .
ودهن الورد من هذا القبيل .


وبالجملة يجب أن يكون الدواء المستعمل في العين خصوصاً في الرمد لا خشونة فيه ولا كيفية طعم كمر أو حامض أو حريف .
ويجب أن يسحق جيداً ليذهب الخشونة وما أمكنك أن تجتزئ بالمسخنة العديدة الطعم فذلك خير .
وقد تستعمل فيه السعوطات السلقية وما يجري مجراها مما يخرج من الأنف بعض المادة وذلك عندما لا يخاف جذبها إلى العين مادة أخرى وقد تستعمل ومن المعالجات النافعة التكميد بالمياه الفاترة بإسفنجة أو صوفة وربما أغنى استعماله مرة أو مرتين غنى كثيراً وربما احتاج إلى تكرير كثير بحسب قوة الرمد وضعفه وإذا كان الماء المكمد به طبيخ إكليل الملك والحلبة كان أبلغ في النفع وقد يطلى على الجبهة الروادع خصوصاً إذا كان الطريق لانصباب المادة هو الحجاب الخارج وهنه الروادع مثل قشر البطيخ خاصة ومثل شياف ماميثا ومثل الفيلزهرج والصبر وبزر الورد والزعفران والأنزروت والمياه مثل : ماء عنب الثعلب وماء عصا الراعي وكذلك العوسج وسويق الشعير وعنب الثعلب والسفرجل .
وإن كانت الفضلة شديدة الحدة والرقة استعملت اللطوخات الشديدة القبض كالعفص والجلنار الحسك .
والتضميد به لمجاري النوازل تأثير عظيم هذا إن كانت المادة حارة وإن كانت باردة فيما يجفف ويقبض ويقوي العضو مع تسخين مثل اللطخ بالزئبق والكبريت والبورق .
ويجب أن يدام تنقية العين من الرمص بلبن يقطر فيه فيغسلها أو ببياض البيض فإن احتيج إلى مسّ فيجب أن يكون برفق .
ويجب إن كان الرمد شديداً أن يفصد إلى أن يخاف الغشي فإن إرسال الدم الكثير مبرئ في الوقت ويجب ما أمكن أن يؤخر استعمال الشيافات إلى ثلاثة أيام وليقتصر على التدبير المذكور من الاستفراغات وجذب المواد إلى الأطراف ولزوم ما ذكرناه من الأماكن والأحوال .
ثم إن استعمل شيء بعد ذلك فلا بأس به وكثيراً ما يبرأ الرمد بهذه الأشياء من غير علاج آخر .


وإما لين الطبيعة فأمر لا بد من الإسهال للخلط المستولي على الحم بعد الفصد ولا خير في التكميد قبل التنقية ولا في الحمام أيضاً فربما صار ذلك سبباً لجذب مادة كثيرة بقطر طبقات العين .
ويجب أن لا يستعمل في الابتداء المكثفات القوية والقابضة الشديدة فتكثف الطبقة وتمنع التحليل ويعظم الوجع خصوصاً إذا كان الوجع شديداً .
والضعيفة القبض أيضاً في الابتداء لا تغني في منع المادة وتضر بتكثيف الطبقة الظاهرة وتحقن فيها المادة فإن اتفق شيء من هذا تدورك بالتكميد بالماء الحار دائماً والاقتصار على الشياف الأبيض محلولاً في ماء إكليل الملك صواب فإن الأقوى من ذلك مع امتلاء الرأس ربما أضر .
وأما المحللة فاجتنبها في أول الأمر اجتناباً شديداً وربما احتيج بعد استعمال هذه القابضات وخصوصاً إذا خالطتها المخدرات إلى تقطير ماء السكر وماء العسل في العين فإن حدث من هذا هيجان للعلة برّدته بما لا تكثيف فيه لتتداركه به .
ويجب أن يعني كما قلنا قبل هذا بتنقية الرمص برفق لا يؤذي العين فإن في تنقية الرمص خفيفاً للوجع وجلاء للعين وتمكيناً للأدوية من العين وربما أحوج اشتداد الوجع إلى استعمال المخدرات مثل عصارة اللفاح .
والخس والخشخاش وشيء من السمّاق فدافع بذلك ما أمكنك فإن استعملت شيئاً من ذلك للضرورة فاستعمله على حذر وإما أمكنك أن تقتصر على بياض بيض مضروب بماء قد طبخ فيه الخشخاش فافعل وربما وجب أن تجعل معه حلبة لتعين في تسكين الوجع من جهة التحليل وتحلّل أيضاً وتزيل آفة المخدر .
فأما إن كانت المادة رقيقة أكالة فلا بأس عندي باستعمال الأفيون والمخدرات فإنه شفاء ولا يعقب وجعاً وإن كان يجب أن يعتقد أنه من حيث يضر بالبصر مكروه ولكن الأفيون فيما حدث من الأوجاع عن مادة أكّالة ليست ممددة شفاء عاجل .
وعلاج اللذع التغرية والتبريد والتلطيف وعلاج التمديد إرخاء العين والتحليل بما نذكر كلاّ في مكانه وتقل المادة .


وإذا أزمنت العلة ففصد المأقين وفصد الشريان الذي خلف الأذن .
ويجب أن يجتنب أصحاب الرمد وأصحاب النوازل إلى العين - كما .
قلنا مراراً - تدهين الرأس وتقطير الدهن في الأذن .
وجملة العلاج للرمد كعلاج سائر الأورام من الردع أولاً والتحليل ثانياً إلا أنه يستدعي لأجل العضو نفسه فضل ترفق وهو أن يكون ما يقمع ويردع أو يلطف ويحلّل ويجلو ليس بعنيف الممر مؤلم للحس محدث للخشونة وذلك لا يتم إلا بأن يكون قبض ما يردع معتدلاً ولذع ما يحلل خفياً بل الأولى أن يكون في ذلك تجفيف بلا لذع وأن يكون مكسور العنف بما يخلط من مثل بياض البيض ولبن المرأة محلوباً على محك الشيافِ الذي وإذا كانت المادة قد استفرغت ولم تسكّن الأوجاع في غاية العنف فاستعمل الشياف المعروف باليومي مخلوطاً بمثل صفرة البيض فلا يبعد أن يبرأ العليل من يومه ويدخل الحمام من مسائه ويكون الذي بقي تحليل لبقية مادة بمثل الشياف السنبلي وربما أوجب الوقت أن يشمّمه من شياف الأصطفطيقان في اليوم الأول شيئاً يسيراً ويزيده في اليوم الثاني منه فيكون معه البرء .
فإذا استعصت المادة في الرمد المتقادم على التحليل فربما احتجت إلى مثل عصارة قثّاء الحمار وغير ذلك مما أنت تعلم .
معالجات الرمد الصفراوي والدموي والحمرة : التدبير المشترك لما كان من الرمد ما سببه مادة صفراوية أو دموية الفصد والاستفراغ فإن كان الدم دماً حاراً صفراوياً أو كان السبب صفراء وحدها نفع مع الفصد الاستفراغ بطبيخ الهليلج وربما جعل فيه تربد وإن كان فيه أدنى غلظ وعلمت أن المادة متشربة في حجب الدماغ قوّيته بأيارج فيقرا وربما اقتصر في مثله على نقيع الصبر .


وإن كان هناك حرارة كان الماء الذي ينقع فيه ماء الهندبا أو ماء المطر وجميع ذلك يجب أن تبتدئ فيه بتضميد العين بالمبرّدات من انعصارات مثل عصارة لسان الحمل وعصارة ورق الخلاف واللعابات وتقطيرها فيها ثم بياض البيض بلبن الأتن ومفرداً ثم الشياف الأبيض وسائر الشيافات التي نذكرها في الروادع ولا يبلغ بها مبلغاً تتكثِّف له الطبقات وتحتقن المواد ويشتدّ الوجع .
فإذا ارتدعت المادة بالاستفراغ والجذب والرواح فتمرّج المنضجات ولتكن أولاً مخلوطة بالرواح ثم تصرف ولتكن أولاً مرفقة مخلوطة بمثل ماء الورد .
والألبان فيها قوة انضاج وفي لعاب بزر قطونا مع الردع انضاج مّا ولعاب حبّ السفرجل أشدّ إنضاجاً منه وماء الحلبة جيد الإنضاج مسكّن للوجع وهو أول يبدأ به من المنضجات وليس فيه جذب وإن احتيج إلى تغليظ شيء من ذلك فبالعابات أو إلى تبريده فبالعصارات .
وقد جربت عصارة شجرة تسمى باليونانية أطاطا وبالفارسية أشك وفي ابتداء الرمد الحار وانتهائه فكان ملائماً بالخاصية القوية .
وقد تعقد هذه العصارات وتحفظ ثم يتخطّى أمثال ذلك إلى طبيخ إكليل الملك مدوفاً فيه الأنزروت الأبيض خصوصاً المربّى بألبان النساء والأتن وإذ أخذ ينحطّ زدت في استعمال المحلّلات مما هو أقوى كالأنزروت في ماء الحلبة والرازيانج والتكميد بماء طبخ فيه الزعفران والمرّ واستعملت الحمّام إن علمت أن الدماغ نقي وسقيته بعد الطعام القليل بساعات شيئاً من الشراب انصرف القويّ العتيق قليل المقدار .
فإن استحم بعده بماء حار أو كمد كان ذلك أنفع .


واستعمل أيضاً الشيفات المذكورة الموصوفة في القراباذين لانحطاط الرمد وآخره فإن كانت المادة دموية حجمت بعد الفصد وأدمت دلك الأطراف وشدها أكثر مما في غيرها واستعملت في أول الأمر العصارات المذكورة ثم خلطت بها ألباب الخبز ثم نقعت ذلك الخبز في الميبختج وخلطته به وربما وجب أن يخلط بذلك قليل أفيون إذا اشتدّ الوجع فإن كانت المادة الصفراوي استفرغت بعد الفصد بما يخرج الصفراء واستعملت الاستحمام بالماء العذب وربما وافق صبّ البارد منه على الرأس والعين وربما غسل الوجه بماء بارد مع مزج قليل مع الخلّ فنفع .
ويجب أن يكون في الصفراوي اجتراء على استعمال القابضات في الأول بلا إفراط أيضاً ويستعمل الشيافات القابضة محلولة في العصارات وأما الحمرة من جملة ذلك فيجب أن يستعمل عليها بعد الاستفراغ بالمسهّلات والحقن الضمّاد المتخذ من قشور الرمان مطبوخة على الجمر ومسحوقة بميبختج أو عسل ويدام تكميدها بإسفنج حار .
والتضميد بدقيق الكرسنّة والحنطة مطبوخاً بشراب العسل أو بأصل السوسن المدقوق ينفعه .
ويجب أن يدام غسل العين باللبن ويدام تبريدها وترطيبها لكن الاقتصار على التبريدات مما يبطئ ويبلّد وإذا تحلّلت العلّة وبقيت الحمرة ضمدت بصفرة البيض المشوية مسحوقة بزعفران وعسل وسائر ما كتب للحمرة في القراباذين .
معالجات الرمد البارد : وأما الرمد الكائن من الأسباب الباردة فيجب أن يستفرغ الخلط البارد وربما احتيج إلى التكرير مشروباً كان أو محتقناً أو غرغرة وأن يكون أول العلاج بالرادعات التي ليست بالباردة جداً ولكن التي فيها تلطيف ما مثل المر والأنزروت .
وإن استعملت شياف السنبل مع بعض المياه المعتدلة كان صالحاً وإن لم يكن في طبقات الحدقة آفة إكتحلت بماء أغلي فيه الزعفران وقلقليس وعسل .
ويجب أن تلطخ الجبهة في الابتداء بقلقديس وخصوصاً إذا كان طريق المادة من الحجاب الخارج وكذلك لا بأس بغسل الوجه بماء أديف فيه القلقديس .


وإن لطخت الأجفان في الابتداء بالترياق وبالكبريت والزرنيخ كان جيد .
وشرب الترياق أيضاً نافع وقد جرّب في ذلك ورق الخروع مدقوقاً مخلوطاً بشب وورق الخطمي مطبوخاً في شراب ونحن نذكر في القراباذين أقراصاً صالحة لأن تلطخ الأجفان بها وماء الحلبة ولعاب بزر الكتان مما ينفع تقطيره في عين الرمد البارد وبعد ذلك الشياف الأحمر اللين والشياف الأحمر الآخر الأكبر وشياف لافرة حيانا والأنزروت مدوفاً في عصارة أوراق الكبر والتضميد بأوراق الكبر وحدها .
وينفع هؤلاء كلهم التدبير اللطيف واستعمال الحمّام والشراب الصرف الأبيض .
معالجات الوردينج : وما كان من الرمد صار وردينجاً فعلاجه الاستفراغ والفصد والحجامة وربما احتجت إلى سل الشريان فإن كان من ورم حار واستفرغت من جميع الوجوه ومن عروق الرأس وحجمت فيجب أن يستعمل مثل الشياف الأبيض من الرادعات ومن العصارات اللينة الباردة وأما الأضمدة من خارج فمثل الزعفران وورق الكزبرة وإكليل الملك بصفرة البيض والخبز المنقوع في ربّ العنب وربما احتيج أن يخلط به من المخدرات شيء والأطلية أيضاً من مثل ذلك ومن الماميثا والحضض والصبر .
ومما جرّب له صفرة البيض مع شحم الدب يجعل منهما كالمرهم ويجعلان على خرقة توضع على العين .
وكذلك الورد ينفع في عقيد العنب ثم يسخن مع صفرة البيض ويوضع على العين وإذا اشتدّ الوجع ينفع زعفران مسحوق بلبن وعصارة الكزبرة تقطر في العين ويستحب في الوردينج أن يشغل بالعلاجات الخارجة ويقتصر على تقطير اللبن في العين ثلاثة أيام إن احتمل الحال والوقت .
وقد جرّب الكحالون في الوردينج لوجع المتقرّح أن يكحل بالأنزروت والزعفران وشياف ماميثا والأفيون فإن كان الوردينج بعد الرمد الغليظ البارد استفرغت بالايارجات ضرره واستعملت اللعابات اللينة المأخوذة بعصارة الكرنب أو سلافته وربما احتجت أن تمزجها بماء عنب الثعلب وربما احتجت أن تخرجها بمرّ وزعفران .


معالجات الرمد الريحي : فأما الرمد الريحي فيعالج بالأطلية والتكميدات والحمّامات .
والتكميد بالجاورس أنفع التكميدات له وربما أقدم المخاطرون على استعمال المخدرات عند شلة الوجع وذلك وإن سكّن في الوقت فإنه يهيجه بعد ساعة تهييجاً أشد مما كان لمنعه الريح من التحلل فعليك بالمحلّلات اللطيفة .
فصل كلام قليل في أدوية الرمد المستعملة
أما الشياف الأبيض فإنه مغر مبرّد مسكّن للوجع مصلح للخلط اللذاع وقد يخلط به الأفيون فيكون أشدّ إسكاناً للوجع لكنه ربما أضر بالبصر وطول بالعلة للتخدير والتفجيج .
ومما يجري مجراه القرص الوردي فإنه عظيم المنعفة في الالتهاب والوجع وهو كبير وصغير .
وتجد في القراباذين أقراصاً وشيافات من هذا القبيل وتجد في جدول العين من الأدوية المفردة الرادعة مثل المرداسنج والكثيراء والحضض والورد والاثمد الأصفهاني وأقاقيا وماميثا وصندل وعفص وطين مختوم وسائر العصارات والصمغ وغير ذلك من المفردات التي تخصّ بالمواد الغليظة مثل المرّ والزعفران والكندر والسنبل وجندبيدستر وقليل من النحاس الأحمر والصبر خاصةً وحماما وقرن أيل محرق وأقراص .
وأما التقدير والخلط بما هو أبرد وبما هو أسخن فذلك إلى الحس الصناعي في الجزئيات .
وأما سائر المختلطات المجربة فنذكر هذا في القراباذين .
ومن الرّادعات المجربة لشدة الوجع والمادة الغليظة شداد الأساكفة بعسل خالص وماء الحلبة يجعل في المأقين بميل وأما من المركبات فمثل شياف أصطفطيقان والأحمر اللين وشياف الشاذنج الأكبر وأقراص الورد من جملتها جيد بالغ النفع جداً .
المقالة الثانية أمراض المقلة
وأكثره في العلل التركيبية والاتصالية
فصل في النفاخات
قد يحدث في العين نفاخات مائية في بعض قشور القرنية التي هي أربع طباق عند قوم وعند الباقين ثلاث طباق فتحتقن هذه المائية بين قشرين من هذه الطبقات الأربع أو الثلاث وتختلف لا محالة مواضعها .


وأغورها أردؤها وقد تختلف بحسب زيادتها ونقصانها في المقدار وقد تختلف من قبل كيفها وقد تختلف من قبل لونها وقوامها وقد تختلف من قبل عذوبتها وحدّتها وأكالها .
وما كان منها إلى القشرة الأولى رديء أسود لأن ذلك لا يعوق البصر عن إدراك العنبية .
والغائر يمنع عن إدراكه لأنه أبعد من تشفيق الشعاع إياه فيرى أبيض والكثير الحاد المائية رديء لأنه يؤلم بتمديده وبتأكيله جميعاً وكلما كان أغور كان كثر تمديداً وكثر انتشاراً تأكل وما يحاذي البقية منه يضر بالإبصار خصوصاً إذا أكل وقرح .
المعالجات : علاجها ما دامت صغيرة بالأدوية المجففة بمثل دواء طين شاموس أي طين الكوكب وهو أن يؤخذ طين شاموس مقلياً ثلاث أواق وتوتيا أوقية واحدة وإقليميا مغسول وكحل مغسول من كل واحد أوقيتان توبال النحاس المغسول في نسخة أربع أواق وفي بعض النسخ أوقية واحدة أفيون ثلاث أواق صمغ أربع أواق يسحق بماء المطر ويعمل منه شيات يستعمل بماء الحلبة .
وإذا كبرت فيعالج بالحديد أي بالشقّ بالمبضع وقد عالجت أنا بالمبضع من به هذه العلة فخرجت المائية المجتمعة تحت القرنية واستوى سطح القرنية وعالجت بعد ذلك باللبن وشياف الأيارج فبرئ .
فصل في قروح العين وخروق القرنية


قروح العين تتولد في الأكثر عن أخلاط حادة محرقة وهي سبعة أنواع أربعة في سطح القرنية يسميها جالينوس قروحاً وبعض من قبله خشونة أولها قرح شبيه بدخان على سواد العين منتشر فيه يأخذ موضعاً كثيراً ويسمى الخفي وربما سمي قتاماً ثم صنف آخر وهو أعمق وأشد بياضاً وأصغر حجماً ويسمى السحاب وربما سمي أيضاً قتاماً والثالث الإكليلي ويكون على الإكليل أي إكليل السواد وربما أخذ من بياض الملتحمة شيئاً فيرى على الحدقة أبيض وما على الملتحمة أحمر والرابعة يسمى الاحتراقي ويسمى أيضاً الصوفي ويكون في ظاهر الحدقة كأنه صوفة صغيرة عليه وثلاثة غائرة إحداها يسمى لوبويون أي العميق الغور وهي قرحة عميقة ضيقة نقية والثانية تسمى لوبوما أي الحافر وهو أقلّ عمقاً وأوسع أخذاً والثالثة أوقوما أي الاحتراقي أيضاً وهي وسخة ذات خشكريشة في تنقيتها مخاطرة فإن الرطوبة تسيل لتأكّل الأغشية وتفسد معها العين .
والقروح تحدث في العين إما عقيب الرمد وإما عقيب بثور وإما بسبب ضربة وكثيراً ما يكون مبدأ القرحة من داخل فينفجر إلى خارج وربما كان بالعكس .
العلامات : علامة القروح في المقلة نقطة بيضاء إن كانت على القرنية وحمراء إن كانت على الملتحمة أو على الإكليل ويكون معها وجع شديد وضربان وإذا كانت المدة التي توجد بالرفادة بيضاء دلّت على وجع ضعيف وضربان قوي وإن كانت صفراء أو كمدة أو رقيقة كانت في ذلك أخف .
وأما إذا كانت حمراء فالوجع أخف جداً وإذا كانت كبراء فالوجع المعالجات : متى كانت القرحة في العين اليمنى نام على اليسرى أو في اليسرى نام على اليمنى .
ويجب أن يلطّف تدبيره أولاً فإذا انفجرت القرحة يقل التدبير إلى الأطراف وإلى الفراريج لئلا تضعف قوته فلا تندمل قرحته ويكثر فضول بدنه .
ويجب أن لا يمتلئ ولا يصيح ولا يعطس ما أمكن ولا يدخل الحمام إلا بعد نضج العلة فإن دخل لم يجب له أن يطيل المكث .


والعمدة تنقية الرأس بالاستفراغات الجاذبة إلى أسفل وكذلك ينفع فيه الاحتجام على الساق كثيراً وفصد الصافن وإدامة الإسهال كل أربعة أيام بما يخرج الفصل الحار الرقيق من الأطبخة والنقوعات وإن كان هناك رمد عولج أوّلاً بالاستفراغ المذكور في بابه بأدوية تجمع بين تسكين الوجع وإدمال القرح مثل شياف النشاستجي والكندري والاسفيذاج وتقطير لبن النساء في العين وإن كان هناك سيلان خلط بذلك ما له قوة مانعة .
وبالجملة فإن قانون اختيار الأدوية فيه أن يختار كل ما يجفف بلا لذع إذا اشتدت الحرارة واستعملت شياف الشادنج اللين والشياف الكندري كان نافعاً جداً .
ومن الشيافات النافعة شياف سفانيون وقويبس وإن كان سيلان فشياف مادرفوس وأما لروسرس وإن كان السيلان مع حدة فشياف ساير بابون وإن كان بلا حدة فالشياف الذي يقع فيه مر وناردين .
وإن كان في القروح وسخ نفي بشراب العسل أو بماء الحلبة مع شيء من هذه الشيافات المذكورة أو بلعاب بزر الكتان أو بألبان النساء .
وإن كان تأكل شديد اضطربت إلى استعمال طرحاطيقون وإذا تنقّت القرحة فاقبل على المجففات بلا لذع مثل شياف الكندر ومثل الكندر نفسه والنشاستج والاسفيداج والرصاص المحرق المغسول والشياف الأبيض وشياف الآبار خاصة وكذلك رماد الصدف المغسول ببياض البيض أو رماد الصدف الكبير المغسول بمثله شاذنج .
وهنا صفة شياف لونابيس وهو قوي .
نسخته : يؤخذ إقليمياً ستة عشر مثقالاً إسفيذاج مغسول أوقية نشا وأفيون وكثيراء من كل واحد مثقالان يدقّ ويلت بماء المطر يعجن ببياض البيض .
أخرى : باسمه وأقوى منه يؤخذ إقليمياً بحرق مغسول وإسفيذاج مغسول ثمانية ثمانية مر ستة كحل محرق مغسول واحد نشا ستة رصاص محرق مغسول طلق من كل واحد أربعة كثيراء ثمانية يسحق بالماء ويعجن ببياض البيض ويستعمل فإنه نافع جداً .
فصل في خروق القرنية


قد تكون عن قرحة نفذت وقد تكون عن سبب من خارج مثل ضربة أو صدمة خارقة وحينئذ تظهر العنبية .
فإن كان ما يظهر منها شيئاً يسيراً سقي النملي والمورشارج والذبابي وذلك بحسب العظم والصغر وإن كان أزيد من ذلك حتى تظهر حبة العنبية سمي العنبي وما هو أعظم سمّي النفاخي .
فإن خرجت العنبية جداً حتى حالت بين الجفنين والانطباق سمّي المسماري وإن ابيضت العنبية فلا برء له . واعلم أن القرنية إذا انخرقت طولاً لم ير بياض ولكن يرى صدع وكأن الناظر قد طال وقد يمكن أن يبين هذا بوجه أوضح فيقال أن الخرق قد يكون في جميع أجزاء القرنية وقشورها فيكون النتوء من جوهر العنبية وقد يكون في بعض أجزاء القرنية ويكون الناتئ منها نفسها ويكون عند تأكل بعض قشورها ويشبه النفّاخة .
ويفارق النفاخات والنفّاطات بأن النفاخات والنفاطات يكون منها في بياض العين حمرة معها ودمعة وضربان وتنكبس تحت الميل وليس كذلك هذا وإذا كان النتؤ من جهة القرنية أي من نفسها تكون صلبة جاسية ولا تنكبس تحت الميل .
وأما النتوء الذي يكون سببه انخراق القرنية في جميع قشورها وبروز العنبية كلها أو بعضها فأصنافه أربعة الصغير الذبابي والنملي وقد يشبه إذا صغر النفاخة والنفّاطة ويفارقها بأنها تكون على لون العنبية في السواد والزرقة والشهلة فإن فارق لونها لون الطبقة العنبية فهي نفّاخة وقد يحقق بالحدس في أمرها أن يرى مطيفاً في أصلها شيء أبيض كالطراز وإنما ذلك يكون حافة خرق القرنية وقد ابيضت عند اندمالها والثاني الذي ذكرناه وسميناه العنبي والثالث أكبر من ذلك ويمنع الانطباق ويقال له النفّاخي والمسماري والرابع كأنه من جنس النفاخي إلا أنه مزمن ملتحم بما خرج منه من القرنية بارز عنه ويقال له الفلكي وهو الشبيه بفلكة المغزل الملتحمة بالغزل .


المعالجات : ما دام في طريق التكوّن فعلاجه علاج القروح والبثور على ما قلناه من أنه يحتاج إلى تنقية البدن كيف كانت العلة استفراغاً بالفصد والإسهال وبعد الاستفراغ يستعمل الاستحمام بالماء العذب وخصوصاً إذا كان في المزاج حدة من غير أن يلبث في هواء الحمام إلا قليلاً ولا أيضاً أن يكثر غمس رأسه في ماء الإبزن حاراً كان أو بارداً ولا يستعمل الأدهان على الرأس فإن بعض ذلك يرسل المادة إلى العين بتحليل المادة الموجودة في الدماغ ويجذب ما ليس فيه إليه وبعضه بتكثيف مسام التحلل فإذا لم يجد تحللاً سالت إلى أطراف الدماغ .
ويجب أن تكون الأغذية جيدة الكيموس معتدلة باردة رطبة وسائر البدن كذلك وما دام بثراً أنضج وعولج علاج القروح فإذا تقرح استعمل عليه أولاً الأضمدة القابضة مع الجالبة مثل السفرجل والعدس مطبوخين بعسل ومثل مز الرمّان وعصارة ورق الزيتون ومحّ البيض والزعفران أو رمان مزّ مطبوخ مع يسير من الخل أو ماء الحصرم مهري ثم يتخذ ضمّاداً فإن وأما النملي فيعالج بالمائعات القابضة والتكميد بالخلّ والماء والخمر العفص أو بماء أغلي فيه ورد ويكحل بالشيافات القابضة .
ومن النوافع فيه عصارة ورق الزيتون وعصارة عصا الراعي .
ومن الأدوية المفردة القابضة السنبل والورد والرصاص المحرق والقيموليا والطين المختوم والاسفيذاج ومن الأكحال عفص جزءين كحل عشرة أجزاء ومن الشيافات شياف حنون وأغردينون وباروطيون وديالناس والشياف العربي .
ولما هو أقوى شياف بريطوسلس إذا قطر منه شياف عصب ونام مستلقياً .
نسخة شياف قوي لذلك : يؤخذ رماد المسك الذي يخلص فيه النحاس والزعفران والنشا والكثيراء يعجن ببياض بيض دجاج باض من يومه وربما جعل فيها الحجر اليماني .


شياف جيد : وهو شياف باردبيون ينفع من جميع أنواع البثر وصفته : يؤخذ كحل محرق مغسول أربعة مثاقيل إسفيذاج محرق مغسول ستة مثاقيل حُضَض هندي ستة عشر مثقالاً سنبل ثمانية مثاقيل جعدة مثقالين إقليميا محرق مغسول ثمانية مثاقيل أقاقيا أصفر عشرون مثقالاً جندبيدستر ستة مثاقيل صبر مثله صمغ عشرون مثقالاً يسحق بماء المطر وينشّف .
واعلم أن الواجب عليك إذا أخذت القرحة في النتوء أن يلزم للعين الرفادة والاستلقاء .
وأما المسماري فلا علاج له .
وقوم لأجل الحسن يقطعون النواتئ من المورشارحات .
والأصوب أن
فصل في البثور في العين
ما كان على القرنيّة يكون إلى البياض وما كان على الملتحمة يكون إلى الحمرة .
علاجه : الفصد وتقطير الدم في العين على ما نذكر في باب الطَرفة وتضميد العين بصوفة مغموسة في بياض البيض مضروباً بالخمر ودهن الورد وتقطير لبن يقع فيه بزر المرو وشياف الآبار وشياف خنافيون .
فصل في المدة تحت الصفاق
هذه مدة تحتبس تحت القرنية إما في العمق وإما في القرب فيشبه موضع القرنية الظفرة وإذا تأكلت معه شظية سمي قلقطانا .
المعالجات : قال بولس : يعالج بمثل شراب العسل وعصارة الحلبة إذا أزمن وغلظ وشياف الكندر بالزعفران وبالآبار أو يفتح بإكليل الملك ولعاب بزر الكتان والفجل الرطب المطبوخ إن لم يمنع رمد وينقى بمثل شياف المرّ والشتاهترج . وإن لم يكن قرحة استعملت هذا الشياف .
ونسخته : يؤخذ قلقديس وزعفران من كل واحد أوقية مرّ درهم ونصف عسل رطل ويشيف حسبما تدري وأيضاً دواء المغناطيس المتخذ للظفرة وأيضاً دواء طين ساموس المذكور في باب النفّاخات .
أكثره يعرض في الصفاق القرني .
العلامات : وجع شديد وتمدد في عروق العين ونخس قوي يتأذى إلى الأصداع وخصوصاً كما يتحرّك صاحبه وحمرة في صفاقات العين وصداع وسقوط شهوة الطعام والتألّم بكل ما فيه حرارة وهو مما لا يطمع في برئه وإن طمع في تسكينه .


وليس يوجع السرطان في عضو من الأعضاء كإيجاعه إذا عرض في العين .
واستعمال الأدوية الحادة مما يؤذي صاحبه ويثير وجعاً لا يطاق .
المعالجات : إن لم يكن بدّ من علاجه فليكن الغرض تسكين الوجع وأن ينقّى البدن وناحية الرأس من الخلط العكر ويغتذي بالأغذية الجيدة الكيموس الحنطية التي لا تسخين فيها .
وشرب اللبن نافع منه ويجب أن يستعمل فيه بياض البيض مع إكليل الملك وشيء من زعفران والشياف الأبيض وكل شياف يتخذ مثل النشا والاسفيذاج والصمغ والأفيون وجميع اللواتي تقع فيها سائر المليّنات والمخدرات وشياف سمرديون وشياف مامون والقيروطي المتخذ من مح البيض ودهن الورد .
فصل في الغَرب وورم الموق
إنه قد يخرج في موق العين خرّاج فربما كان صلباً يتحرك بالمسّ ولا ينفجر ويكون من جنس الغدد وأكثر عادته أن يرى نتوءاً في الموق ويصاب بالغمز ويوجع غمزه ويكثر معه الرمد وربما كان خراجاً بثرياً يجتمع وينفجر فإذا انفجر فعل ناصوراً في أكثر الأمر ويشتركان في أن كل واحد منهما يتزعزع تحت المس ويغيب بالغمز وينتأ بالترك وربما كان جوهر هذا البثر ونتوءه في الغور فلا يظهر نتوءه من خارج ولكن تدل عليه الحكة وربما أصابته اليد عند الغمز البالغ . والغَرب ناصور يحدث في موق العين الأنسي وأكثره عقيب خراج وبثر يظهر بالموضع ثم ينفجر فيصير ناصوراً وذلك الخراج قبل أن ينفجر يسمى أخيلوس ولأن ذلك العضو رقيق الجوهر يؤدي من باطنه إلى ظاهره كالجوبة يجدها من جانب عظم الأنف ومن جانب المقلة وإذا انفجر ترك بعد أو عسر التئامه لأن العضو رطب ومع رطوبته متحرّك دائم الحركة ولذلك ما يصير ناصوراً .
وربما كان انفجاره إلى خارج وربما كان انفجاره إلى داخل يمنة أو يسرة وربما كان انفجاره إلى الجانبين جميعاً وكثيراً ما يطرق انفجاره إلى الأنف فيسيل إليه وقد يبلغ خبث صريده العظما فيفسده ويسوده ثم يأكله ويفسد غضاريف الجفن ويملأ العين مدة تخرج بالغمز .


المعالجات : الغرب ورم مزمن وأخفه الحديث فأما الحديث منه فيعالج بأدوية مسهلة نذكرها وأما الزمن فإن علاجه الحقيقي هو الكي الذي نَصِفُه أو ما يقوم مقامه مثل الديك برديك يبدأ فيُحَكّ الناصور بخرقة ثم يتخذ فتيلة بديك برديك وتحشى .
وقد زعم بعضهم أنه نقي وأخذ عنه اللحم الميت وغمست قطنة في ماء الخرنوب النبطي وجعلت فيه نفعت منه نفعاً شديداً .
وإن أريد استعمال دواء غير الكي فأفضله أن يعصر حتى يخرج ما فيه ثم يغسل بشراب قابض يقطر فيه وإن كان قليلاً لا يخرج ترك يومين وثلاثة معصوباً حتى يجمع شيئاً له قدر ثم يغسل ثم يقطر فيه شياف الغرب الذي نسبه محمد بن زكريا إلى نفسه وخصوصاً المدوف منه في ماء العفص .
وأفضل التقطير أن يقطره قطرة بعد قطرة بين كل قطرتين ساعة ومن أفضل تدبيره على الميل قطنة تغمس في الأدوية وتجعل فيه سواء كان الدواء سيالاً أو ذروراً .
ويجب إذا استعمل الدواء أن يشد بعصابة ويلزم السكون .
ومن الشيافات المجربة أن يؤخذ زرنيخ أحمر وذرايج وكلس ونوشادر وشب أجزاء سواء يجمع سحقاً ببول صبي وييبس ويستعمل يابساً .
وقد ينفع في ابتدائه وقبل الانفجار أن يجعل عليه الزاج ويجعل عليه أشق وميوزج وكذلك الجوز الزنخ وكل ما هو قليل التحليل وإذا سحق ورق السذاب البستاني بماء الرماد وجعل أخيلوس قبل بلوغه العظم وبعده يدمله ويصلح اللحم لكنه يلذغ في أول وضع ثم لا يلذغ وإذا صار غرباً فاعلم أن القانون فيه أن ينقى أولاً ثم يعالج .
وينقيه أن يؤخذ غرقئ القصب الموجود في باطنه وخصوصاً القريب من أصله الذي له غلظ ما ويغمس في العسل ويلزم الغرب القصب يابساً وحده بلا دواء آخر يجفف فيكفي .
ومن المجريات للغرب شياف مامثيا ومر وزعفران بماء الطلحشقوق ولا يزال يبدل .
ومنها أن يسحق الحلزون بخرقة ويختلط من مر وصبر ويستعمل وهو مما ينتفع به في العلة وهي بعد بثرة ولم يجمع .
وقد ينتفع به فيه وهو قرحة .


ومنها ودع محرق وزعفران وطلحشقوق يابس بماء السماق الشمس .
ومن العجيب فيه ورق السذاب بماء الرمان يجعل عليه ومن خصوصيته أن يمنع أن يبقى أثر فاحش ويجب أن لا يبالي بلذعه .
ومما يفجر الخراج الخارج ضماد من خبز مع بزر مرو أو كندر بلبن امرأة أو زعفران بماء الجرجير أو مر بثلثه صمغ إعرابي يعجن بمرارة البقر ويلزق عليه ولا يحرك حتى يبرئه .
ومن أدوية الغرب أن يتخذ فتيلة من زنجار معقود بالكور والأشق وزعمت الهند أن الماش الممضوغ يبرئه وزعم بعضهم أن المر وحده يبرئه إذا وضع عليه .
ومن الذرور المجرب فيه يؤخذ من العروق جزء ومن النانخواه ثلث جزء يسحقان أجزاء سواء ويجعل في المأق والصبر وحده مع قشار الكندر أيضاً وتتأمل الأدوية المذكورة في وإذا بلغ العظم ولم ينتفع بالأدوية فلا بد من شقه والكشف عن باطنه وأخذ اللحم الميت إن كان حتى يبلغ العظم ثم تدبيره بعد ذلك على ثلاثة أوجه : إن كان العظم صحيحاً حك سوادان ظهر به وملئ دواء من الأدوية المدملة وشد وترك مدة وإن كان الأمر أعظم من هذا فلا بد من كي وربما احتيج إلى أن يثقب اللحم الفاسد ثقباً نافذاً ويقصد بذلك إلى أن يكون أمر الكي أغور ما يكون في أسفل الجوبة لا يميل إلى الأنف ولا يميل إلى العين فيسيل الملتحمة بل إلى جانب الأنف في الغور حتى إذا ثقب الموضع ثقباً واحداً أو ثقوباً صغاراً ثلاثة ونفذ وسال إلى الدم ناحية الفم والأنف يكوى حينئذ كية بالغة مع تقية أن يصيب ناحية المقلة بل يجب أن يضغط المقلة ضبطاً بالغاً ثم يكوى ويذر فيه الأدوية ويعصب وربما أغنى الكي عن الثقب وليقصر عليه ما أمكن .
والدواء الرأسي من الأدوية الجيدة في ذلك ويجب إذا كوي وذر فيه الدواء أن يوضع على نفس العين إسفنج مبلول بماء مبرد أو عجين دقيق مبرد بالثلج إثر عجين مبرد بالثلج كما كاد الدواء أن يسخن بدلته .
فصل في زيادة لحم الموق ونقصانه


قد تعظم هذه اللحمة حتى تمنع البصر وقد تنقص جداً حتى تخفى حتى لا تمنع الدمعة وأكثر عند خطأ الطبيب في قطع الظفرة .
أما الزيادة فيعالج بأدوية الظفرة ولا يستأصل فيحدث الدمعة وأما النقصان الحادث عن القطع فلا علاج له وإن كان من جهة أخرى فربما أمكن أن يعالج بالأدوية المنبتة للحم التي فيها قبض وتخفيف كالأدوية المتخذة من الماميثا والزعفران والصبر بالشراب والأدوية المتخذة بالصبر والبنج بالشراب والحب وحده إذا ذر على الموق نفع والشراب نفسه نافع خصوصاً إذا طبخ فيه ما له قوة نابضة .
فصل في البياض في العين
اعلم أن البياض في العين منه رقيق حادث في السطح الخارج يسمى الغمام ومنه غليظ يسمى البياض مطلقاً كلاهما يحدثان عن اندمال القرحة أو البثرة إذا انفجرت واندملت .
المعالجات : أما الرقيق منه والحادث في الأبدان الناعمة فيجب أن يدام تبخيره بالمياه الحارة والاستحمام بالماء الحار ثم يستعمل اللحس دائماً وقد ينفعه عصارة شقائق النعمان وعصارة قنطوريون الرقيق وأيضاً عروق جزء ونانخواه ثلثا جزء يتخذ منه ذروراً .
وأقوى منه أنزروت سكر طبرزد زبد البحر زراوند بورق يكتحل به بعد السحق .
ومما ينفع منه كحل أسطريماخون وكحل الآبار القوي وأصطفطيقان وطرخماطيقون .
وأما المزمن الغليظ والكائن في أبدان غليظة فيجب أن يستعمل تليين البياض بالتبخرات والاستحمامات المذكورة وتكون الشيافات المذكورة التي يكتحل بها مدفونة في ماء الوج أو ماء الملح الأندراني المحلول ومكتحلاً بها في الحمام .
وإن لم ينجع الحمامات استعمل الاكتحال بالقطران مع النحاس المحرق يتخذ منه كالشياف وأيضاً شياف قرن الأيل وأيضاً الاكتحال ببعر الضب وحده أو مع مسحقونيا أو نحاس محرق أو مع الملح الدرداني مقلواً .
وأقوى من هذا خرء الخطاطيف بشهد أو عسل وزبل سام أبرص يكتحل به بكرة وعشية .


ومما هو معتدل شيح محرق مع سرطان بحري وقليميا الذهب وإذا كان للبياض تقعره استعمل ماميران وأشق ومر وبعر الضب سواء أو دواء مغناطيس المذكور في باب الظفرة .
وقد يستعمل أصباغ يصبغ البياض منها أن يؤخذ المتساقط من ورد الرمان الصغار وقاقيا وقلقديس وصمغ من كل واحد أوقية إثمد وعفص من كل واحد ثلاثة دراهم يذاب بالماء وإن لم يوجد ورد الرمان فقشره أو أقماعه أو الغشاء الشحمي الذي بين حبه وأيضاً عفص وقاقيا من كل واحد درهمان قلقديس درهم واحد يتخذ منه صبغ .
ومن الأصباغ كحل بهذه الصفة .
ونسخته : يؤخذ رصاص محرق مغسول وزعفران وصمغ من كل واحد مثقالان رماد بيوت سبك النحاس مغسولاً بماء المطر مثقالان توبال النحاس مغسولاً نصف مثقال .
ويستعمل منه كحل آخر جيد في الغاية نسخته : يؤخذ قلقطار عفص أخضر من كل واحد أربعة مثاقيل يحل بالماء ويستعمل دفعات كثيرة : آخر : عفص أقاقيا من كل واحد جزء نصف جزء يسحق بماء شقائق النعمان وكذلك الاكتحال بخرء الحمام والعصافير .
فصل في السبل
السبل غشاوة تعرض للعين من انتفاخ عروقها الظاهرة في سطح الملتحمة والقرنية وانتساخ شيء فيما بينها كالدخان وسبه امتلاء تلك العروق إما عن مواد تسيل إليها من طريق الغشاء الظاهر أو من طريق الغشاء الباطن لامتلاء الرأس وضعف العين وقد يعرض من السب حكة ودمعة وغشاوة وتأذ من ضوء الشمس وضوء السراج فيضعف البصر فيهما لأنه متأذ قلق فيؤذيه ما يحمل عليه وقد يعرض للعين السبلة أن تصير أصغر وينقص جرم الحدقة منها والسبل من الأمراض التي تتوارث وتعدي .
العلامات : علامة السبل الذي مبدؤه الحجاب الخارج ما ذكرناه مراراً من درور العروق الخارجة وحمرة الوجه وضربان شديد في الصدغين أو درور في عروق الرقبة .


وعلامات المعالجات : يجب أن يهجر معه جميع ما يهجره صاحب النوازل إلى العين مما ذكرناه ولا نعيده الآن وأن يستعمل من الإستفراغات والمنقّيات ما ذكرناه وأن يتجنب الأدهان والأضمدة على الرأس والسعوط فقد كُره فيه أيضاً وأنا لا أرى بأساً باستعماله إذا كان الرأس نقياً .
وقد رخص جالينوس في سقيه شراباً وتنويمه عقيبه إذا كان نقيّاً ولا مادة في بدنه ورأسه ويشبه أن يكون هذا موافقاً في السبل الخفيف .
والقوي منه لا يستغنى فيه عن اللقط .
وأحسن اللقط أن ينفذ خيوط كثيرة تحت العروق فإذا استوفيت جذبت إلى فوق لتشيل السبل ثم يلقط بمقراض حاد الرأس لقطاً لا يبقي شيئاً إذ لو أبقى شيئاً لرجع إلى ما كان بل أردأ ثم يستعمل بتدبير منع الالتزاق المذكور في باب الظفرة وإذا وجعت العين من تأثير اللقط لم يقطع عنها صفرة البيض وذلك شفعاؤه وبعد ذلك يستعمل الشياف الأحمر والأخضر ليحلّل بقايا السبل وينقي العين .
وأجود الأوقات للّقط الربيع والخريف ولكن بعد التنقية والاستفراغ وإلا أمال الوجع الفضول إلى العين .
وأما الأدوية النافعة من السبل فإنما تنفع الحديث في الأكثر فمما جُرِّب قشر البيض الطري كما يسقط من الدجاجة يغمس في الخلّ عشرة أيام ثم يصفى ويجفف في كن ويسحق ويكتحل ومما جرّب كحل العين ببول ترك فيه برادة النحاس القبرسي يوماً .
ومن المركّبات شياف أصطفطيقان والأحمر الليّن والأحمر الحاد والأخضر وطرخاطيقون وشياف روسختج ودواء مغناطيس المذكور جميع ذلك في الأقراباذين وشياف الجلنار والشبث .
وإذا قارن السبل جَرب فقد جُرّب له شياف السماق وهو شياف يتخذ من السماق وحده وربما جعل فيه قليل صمغ وأنزروت ويكتحل به فإنه يقطع السبل ويزيل الرمد .
فصل في الظفرة


فنقول هي زيادة من الملتحمة أو من الحجاب المحيط بالعين يبتدئ في أكثر الأمر من الموق ويجري دائماً على الملتحمة وربما غشت القرنية ونفذت عليها حتى تغطي الثقبة ومنها ما هو أصلب ومنها ما هو ألين وقد يكون أصفر اللون وقد يكون أحمر اللون وقد يكون كمد اللون .
ومن الظفرة ما مجاورته للملتحمة مجاورة ملتزق وهو ينكشط بسرعة وبأدنى تعليق ومنه ما مجاورته مجاورة اتحاد ويحتاج إلى سلخ حسبما أنت تعلم ذلك . المعالجات : أفضل علاجه الكشط بالحديد وخصوصاً لما لان منه وأما الصلب فإن كاشطه إذا لم يرفق أدى إلى ضرر ويجب أن يشال بالصنارات فإن تعلق سهل قرضه وإن امتنع سلخ بشعرة أو إبريسم ينفذ تحته بإبرة أو بأصل ريشة لطيفة وإنما يحتاج إلى ذلك في موضع أو موضعين فإن لم يغن احتيج إلى سلخ لطيف بحديد غير حاد ويجبَ أن تستأصل ما أمكن من غير تعرض للحمة الموق فيعرض الدمعة واللون يفرق بينهما .
وإذا قطعت الظفرة قطر في العين كمون ممضوغ بملح ثم يتلافى لذعه بصفرة البيض ودهن الورد والبنفسج وإذا لم يستعمل تقطير الكمون الممضوغ بالملح التزقت الملتحمة بالجفن ولذلك يجب أيضاً أن يقلب المريض العين كلّ وقت ثم بعد ثلاثة أيام يستعمل الشيافات الحادة ليستأصل البقية وأما استعمال الأدوية عليه فأمر لا كبير غناء له فيما غلظ من الظفرة ومع ذلك فإنها لا تخلو من نكاية بالحدقة لحدتها فإنها لا بد من أن تكون شديدة الجلاء مخلوطة بالمعفنة .
ومن الأكحال المجربة له شياف طرخماطيقون وقلطارين وشياف قيصر وباسليقون الحاد وروشناي ودينارحون وهذه كلها مكتوبة في الأقراباذين .


وقد جرب له أن يؤخذ من النحاس المحرق ومن القلقديس ومرارة التيس أجزاء سواء ويتخذ منه شياف أو أن يؤخذ قلقديس وملح أندراني من كل واحد جزء صمغ نصف جزء ويستفّ بالخمر أو نحاس محرق وقلقند وقشور أصل الكبر ونوشادر ومرارة التيس أو البقر مع عسل أو عسل وحده مع مرارة المعز أو مغناطيس وزنجار ومغرة وأشق من كل واحد جزءان زعفران جزء للأوقية من ذلك قوطولي عسل وأيضاً قلقند ونوشادر يتخذ منه كحل فانه عجيب للظفرة وهو يقرب من تأثير الكشط أن يؤخذ خزف الغضائر الصيني ويحكّ عنه التغضير ويسحق سحقاً ناعماً وبعد ذلك فيخلط بدهن حبّ القطن أو يسحقان معاً ثم يدخل ميل في جلد ويؤخذ به من الدواء ويحك به الظفرة دائماً كل يوم مراراً فإنه يرقّقها ويذهب بها .
ويجب أن يكبّ قبل استعمال الأدوية على بخار ماء حار حتى يسخّن العين ويحمر الوجه أو يدخل الحمام وعندي أن يكبّ على بخار شراب مغلي أو يشرب قليل من الشراب الممزوج ثم يحك به الظفرة .
وقد ينفع في الظفرة الخفيفة والغليظة أن يسحق الكندر وينقع في ماء حار حتى يأتي عليه ساعة ويصفى ويكتحل به .
وقد جرّبت أنا من كان به ظفرة غليظة حمراء متقادم سحق الكندر القديم سحقاً ناعماً وصببت الماء الحار في الغاية على رأسه في الهاون ثم خلطت بدستج الهاون معاً خلطاً بالغاً حتى صار لون ذلك إلى الإخضرار واستعملت فوجدت نافعاً في الغاية .
فصل في الطرفة
فنقول هي نقطة من دم طري أحمر أو عتيق مائت أكهب أسود قد سال عن بعض العروق المنفجرة في العين بضربة مثلاً أو لسبب آخر مفجر للعروق من امتلاء أو ورم حتى يعتق فيه ومن جملته الصحيحة والحركة العنيفة وربما كان عن غليان الدم في العروق وربما حدث عن الطرفة الضربية خرق لطيف في الحدقة والذي في الملتحمة من الخرق أسلم .


المعالجات : يقطر عليه دم الحمام أو الشفانين أو الفواخت والوراشين وخاصة من تحت الريش وإن كان في الابتداء خلط به شيء من الرادعات مثل الطين المعروف بقيموليا والطين الأرمني . وأما في آخره فيخلط بالمحللات حتى الزرنيج مع الطين المختوم وقد يعالج بلبن امرأة مع كندر والماء المالح وخصوصاً والمدوف فيه ملح أندراني أو نوشادر وخصوصاً إذا جعل فيه مع ذلك الكندر وقطر على العين منه .
وأيضاً شياف دينار دون نافع منه جداً .
ودواء متخذ من حجر الفلفل والأنزروت أجزاء سواء زرنيخ مثل الجميع وقد يخلط بذلك ملح اندراني فيتخذ منه شياف وقد يضمد به من خارج بقلي محرق بالخمر أو بالخل وكذلك فرق الحمام بالخل أو الحمر أو زبيب منزوع العجم ضماداً وحده أو بخل أو بسائر ما قيل وخصوصاً إذا كان ورم .
وكذلك الجبن الحديث والقليل الملح والجبن الحديث وقشر الفجل وإكليل الملك مع دم الأخوين وأصل السوسن وزعفران أو عدس بدهن الورد وصفرة البيض والأكباب على ماء حار طبخ فيه زوفا وسعتر أو التكميد به أو خل طبخ فيه رماد أو نقيع اللبان مع الصبر أو ماء عصفر بري أو نقيع الزعفران أو ماء طبخ فيه بابونج وإكليل الملك أو عصارتهما أو سلاقة ورق الكرنب أو التضميد بورق الكرنب مطبوخاً مدقوقاً .
وللقوي المزمن خردل مدقوق مخلوط بضعفه شحم التيس ضماداً أو زرنيخ محلول بلبن أو رمان مطبوخ في شراب يضمد به أو نانخواة وزوفا بلبن البقر فإن حدث مع الطرفة خرق في الملتحمة مضغت الكمون والملح وقطرت الريق فيه .
وورق الخلاف نافع منه جداً إذا ضمد به .
فصل في الدمعة
هذه العلة هي أن تكون العين دائماً رطبة برطوبة مائية فربما سالت دمعة ومنه مولود ومنه عارض .
ومن العارض لازم في الصحة ومنه تابع لمرض إن زال زال كما يكون في الحميات .
والسبب في العارض ضعف الماسكة أو الهاضمة المنضجة أو نقصان من الموق في الطبع أو بسبب استعمال دواء حاد أو عقيب قاطع الظفرة .


ومبدأ تلك الرطوبات الدماغ ويسيل منه إلى العين في أحد الطريقين المتكرر ذكرهما مراراً وما كان مولوداً أو مع استئصال قطع الموق فلا يبرأ وسيلان الدمع الذي يكون في الحميات والأمراض الحادة ويكون بلا علة فيكون لآفة دماغية وأورام دماغية وقد يعرض في الحميات السهرية من حميات اليوم .
وأما في الحميات العفنية المطوية فيكثر وقد يكثر سيلان الدمع في التمدد وهذا كله من جنس ما هو عارض سريع الزوال تابع لمرض إن زال زال معه .
المعالجات : القانون في علاجها استعمال الأدوية المعتدلة للقبض فأما الكائن عقيب قطع الظفرة أو تأكيلها بدواء فيعالج بالذرور الأصفر وأقراص الزعفران وشياف الصبر وشياف الزعفران بالبنج وإن تكحل على الماق نفسه بالكُندر أو بِدخانه خاصةً وبالصبر والماميثا والزعفران وإن كانت قد فنيت واستؤصلت فلا تنبت البتة والكائن لا عن قطع الظفرة فالتوتياء والأكحال التوتيائية خاصة الكحل التوتيائي المذكور في باب البياض وجميع الشيافات اللزجة والشياف الأبيض والأنزروتي وشياف أصطفطيقان وسائر ما ذكرنا في القراباذين .
ومما حرب فيه الدواء المتخذ من ماء الرمان الحامض بالأدوية وصفة ذلك أن يطبخ الرطل منه على النصف ثم يلقى فيه من الصبر الأسقوطري ومن الحضض ومن الفيلزهرج ومن الزعفران ومن شياف ماميثا من كل واحد مثقال ومن المسك دنقان ويشمس أربعين يوماً في زجاج مغطى .
ومما جرب فيه دخول الحمام على الريق والمقام فيه وتقطير الخلّ والماء في العين كثيراً .
وأما المولود منه فعسر ما يقبل العلاج البتة .
قد يكون الحول لاسترخاء بعض العضل المحركة للمقلة فتميل عن تلك الجهة إلى الجهة المضادة لها وقد يكون من تشنج بعضها فتميل المقلة إلى جهتها .
وكيف كان فقد يكون عن رطربة وقد يعرض عن يبوسة كما يعرض في الأمراض الحادة .
وما يكون السبب فيه تشنج العضل فإنما يكون عن تشنج العضل المحركة فإن تشنجها هو الذي يحدث في العين حولاً .


وإما لتشنج العضل الماسكة في الأصل فلا يظهر آفة بل ينفع جداً .
وكثيراً ما يعرض الحول بعد علل دماغية مثل الصرع وقرانيطس والسَدر ونحوه للاحتراق واليبس أو الامتلاء أيضاً .
واعلم أن زوال العين إلى فوق وأسفل هو الذي يُرِي الشيء شيئين وأما إلى الجانبين فلا يضر البصر ضرراً يعتد به .
المعالجات : أما المولود به فلا يبر اللهم إلا في حال الطفولية الرطبة جداً فربما رجي أن يبرأ خصوصاً إذا كان حادثاً فينبغي في مثله أن يسوّى المهد ويوضع السراج في الجهة المتقابلة لجهة الحول ليتكلف دائماً الالتفات نحوه وكذلك ينبغي أن يربط خيط بشيء أحمر يقابل ناحية الحول أو يلصق شيء أحمر عند الصدغ المقابل أو الأذن وكل ذلك بحيث يلحقه في تأمله وتبصّره أدنى كلفة فربما نجع ذلك التكليف في تسوية العين وإرسال الدم مما يجعل النظر مستقيماً .
وأما الذين يعرض لهم ذلك بعد الكبر والمشايخ ويكون سببه استرخاء أو تشنجاً رطباً فيجب أن يستعملوا تنقية الدماغ بالاستفراغات التي ذكرنا بالأيارجات الكبار ونحوها ويلطفوا التدبير ويستعملوا الحمام المحلّل .
ومن الأدوية النافعة في الحول أن يسعطوا بعصارة ورق الزيتون فإن كان عروضه عن تشنّج من يبس فيجب أن يستعملوا النطولات المرطبة وإذا لم يكن حمى سقوا ألبان الأتن مع الأدهان المرطبة جداً .
وبالجملة يجب أن يرطب تدبيرهم وأن يقطَر في العين دماء الشفانين وأن يضمدوا ببياض البيض ودهن الورد وقليل شراب ويربط يفعل ذلك أياماً .


القانون
القانون
( 31 من 70 )

فصل في الجحوظ
قد يقع الجحوظ إما لشقة انتفاخ المقلة لثقل بها وامتلائها وإما لشدة إنضغاطها إلى خارج وإما لشدة استرخاء علاقتها والعضلات الجاحظة لعلاقتها المذكورة والواقع لشدة انتفاخ المقلة لثقلها وامتلائها فإما أن تكون المادة في نفس العين ريحية أو خليطية رطبة وربما كان الامتلاء خاصاً بها وربما كان بمشاركة الدماغ أو البدن مثل ما يعرض عند احتباس الطمث للنساء .
والذي يكون لشدة انضغاطها إلى خارج فكما يكون عند الخنق وكما يكون عند الصُداع الشديد وكما يكون بعد القيء والصياح وللنساء بعد الطلق الشديد للتزحير وربما كان مع ذلك من مادة مالت إلى العين أيضاً إذا لم يكن النفاس نقتاً وربما كان من فساد مزاج الأجنة أو موتها وتعفنها .
وأما الكائن لاسترخاء العضلة فلأن العضلة المحيطة بالعصبة المجوّفة إذا استرخت لم تثقل المقلة ومالت إلى خارج .
والجحوظ قد يكون من استرخاء العضلة فقط فلا يبطل البصر وقد يكون مع انتهاكها فيبطل البصر .
وقد يجحظ العينان في مثل الخوانيق وأورام حجب الدماغ وفي ذات الرئة ويكون السبب في ذلك إنضغاطاً وقد يكون السبب في ذلك امتلاء أيضاً .
وكثر ما يكون مع دسومة ترى وتورم في القرنية .
العلامات : ما كان من مادة كثيرة مجتمعة في الحدقة فيكون هناك مع الجحوظ عظم وما كان من انضغاط فربما كان هناك عظم إن أعانته مادة وربما لم يكن عظم وفي الحالين يحس بتمدد دافع من خلف ويعرف من سببه .
وما كان الاسترخاء العضلة فإن الحدقة لا تعظم معها ولا يحس بتمدد شديد من الباطن وتكون الحدقة مع ذلك قلقة .
المعالجات : أما الخفيف من الجحوظ فيكفيه عصب دافع إلى باطن ونوم على استلَقاء وتخفيف غذاء وقلة حركة وإدامة تغميض فإن احتيج إلى معونة من الأدوية فشياف السماق .


وأما القوي منه فإن كان هناك مادة احتيج إلى تنقيتها من البدن والرأس بما تمري من المسهّلات والفصد والحجامة في الأخدعين والحقن الحارة .
وبالجملة فإن الإسهال من أنفع الأشياء لأصنافه وكذلك وضع المحاجم على القفا .
ويجب أن يدام التضميد في الابتداء بصوف مغموس في خلّ وتنطيل الوجه بماء بارد أو ماء ملح بارد وخصوصاً مطبوخاً فيه القابضات مثل قشور الرمان والعلّيق ومثل الخشخاش والهندبا وعصا الراعي فإن لم يكن عن امتلاء انتفع الجميع بهذا التدبير في كل وقت إن كان هناك امتلاء فيجب بعد الابتداء أن تحلل المادة وإن كان عن استرخاء فيجب أن يستعمل الأيارجات الكبار والغراغر والشمومات والبخورات المعروفة وبعد ذلك يستعمل القابضات المشددة .
وأما الذي عند الطلق فإن كان عن قلة سيلان دم النفاس أو فساد الجنين فإدرار الطمث وإخراج الجنين وإن كان عن الانضغاط فقط فالقوابض .
ومن الأدوية النافعة في النتوءوالجحوظ دقيق الباقلا بالورد والكندر وبياض البيض يضمد به وأيضاً نوى التمر المحرق مع السنبل جيّد للنتوء والجحوظ .
فصل في غؤر العين وصغرها
قد يكون ذلك في الحميّات وخصوصاً في السهرية وعقيب الاستفراغات والأرق والغم والهم .
والأرقية منها تكون العين فيها نعاسية ثقيلة عسرة الحركة في الجفن دون الحدقة وفي الغمّ ساكنة الحدقة .
وقد حكي أنه عرض لبعض الناس اختلاف الشقين في برد شديد وحر شديد فعرض للعين التي في الشقّ البارد غؤر وصغر فاعلم ذلك بجملته .
فصل في الزرقة
اعلم أن الزرقة تعرض إما بسبب في الطبقات وإما بسبب في الرطوبات .
والسبب في الرطوبات أنها إن كانت الجليدية منها كثيرة المقدار والبيضية صافية وقريبة الوضع إلى خارج ومعتدلة المقدار أو قليلته كانت العين زرقاء بسببها إن لم يكن من الطبقة منازعة وإن كانت الرطوبات كَدِرة أو الجليدية قليلة والِبيضية كثيرة أظلم إظلام الماء الغمر أو كانت الجليدية غائرة كانت العين كحلاء .


والسبب في الطبقات هو في العتبيّة فإنها إن كانت سوداء كانت العين بسببها كحلاء وإن كانت زرقاء صيرت العين زرقاء .
والعنبيّة تصير زرقاء إما لعدم النضج مثل النبات فإنه أول ما ينبت لا يكون ظاهر الصبغ بل يكون إلى البيض ثم أنها مع النضج تخضر ولهذا السبب تكون عيون الأطفال زرقاً وشهلاً وهذه زرقة تكون عن رطوبة بالغة .
وإما لتحلّل الرطوبة التي يتبعها الصبغ إذا كانت نضيجة جداً مثل النبات عندما تتحلّل رطوبته يأخذ يبيضّ وهذه والمرضى تشهل أعينهم والمشايخ لهذا السبب لأن المشايخ تكثر فيهم الرطوبة الغريبة وتتحلّل الغريزية وإما أن يكون ذلك لون وقع في الخلقة ليس لأن العنبية صار إليها بعد ما لم يكن وقد يكون لصفاء الرطوبة التي منها خلقت وقد يكون لإحدى الآفتين إذا عرضت في أول الخلقة ويعرف ذلك بجودة البصر ورداءته .
فالزرقة منها طبيعية ومنها عارضة والشهلة تحدث من اجتماع أسباب الكحل وأسباب الزرقة .
فيتركب فنها شيء بين الكحل والزرقة وهو الشهلة وإن كانت الشهلة للنارية على ما ظنه أمبادقلس لكانت العين الزرقاء مضروُرة لفقدانها النارية التي هي آلة البصر وبعض الكحل يقصر عن الزرق في الإبصار إذا لم يكن الزرق لا آفة .
والسبب فيه أن الكحل الذي يكون بسبب البيضية يمنع نفوذ أشباح الألوان بالبياض لمضادته للأشفاق ومثل الذي يكون لكدورة الرطوبة وكذلك إن كان السبب كثرة الرطوبة فإنها إذا كانت كثيرة أيضاً لم تجب إلى حركة التحديق والخروج إلى قدام إجابة يُعْتَدُّ بها .
وإذا كانت العين زرقاء بسبب قلّة الرطوبة البيضية كانت أبصر بالليل وفي الظلمة منها بالنهار لما يعرض من تحريك الضوء للمادة القليلة فتشغلها عن التبيّن فإن مثل هذه الحركة يعجز عن تبيُّن الأشياء كما يعجز عن تبيُّن ما في الظلمة بعد الضوء .


وأما الكحلاء بسبب الرطوبة فيكون بصرها بالليل أقلّ بسبب أن ذلك يحتاج إلى تحديق وتحريك للمادة إلى خارج والمادة الكثيرة تكون أعصى من المعالجات : قد جرب الاكتحال ببنج مجفف يطبخ في الماء حتى يصير كالعسل ويكتحل به أو يؤخذ إثمد أصفهاني وزن ثلاثة دراهم لؤلؤ دراهم مسك وكافور من كل واحد وزن دانق دخان سراج الزيت أو الزنبق وزن درهمين زعفران درهم يجمع الجميع بالسحق ويستعمل .
والزعفران نفسه ودهنه مما يسوّد الحدقة وكذلك عصارة عنب الثعلب أو يؤخذ من عصارد الحسك وزن درهمين ومن العفص المسحوق وزن درهم نوى الزيتون المسودّ على الشجر ودهن السمسم غير مقشّر من كل واحد وزن درهم يطبخ بنار لينة ويكتحل به .
ومما جرّب أن يحرق البندق ويخلط بزيت ويمرخ به يافوخ الصبي الأزرق العين وأيضاً يدخل الميل في حنظلة رطبة ويكتحل به حتى قيل أن ذلك يسوّد حدقة السنور جداً وكذلك قشور الجلّوز مسحوقة منخولة ويؤخذ أقاقيا جزءاً مع سدس جزء من عفص يجمع ذلك بماء شقائق النعمان وعصارته ويتخذ منه قطور كذلك عصارة البنج وعصارة قشور الرمان وكذلك الظئر إذا كانت زنجية أو حبشية وترضع الصبي فتزول الزرقة .
المقالة الثالثة
فصل في القمل في الأجفان
مادة القمل رطوبة عفنة دفعتها الطبيعة إلى ناحية الجلد والقوة المهيئة لتولّدها حرارة غير طبيعية وأكثر من يعرض له ذلك من كان كثير التفنُّن في الأطعمة قليل الرياضة غير متنظف ولا يستعمل الحمّام .
المعالجات : تبدأ بتنقية البدن والرأس ناحية العين بما علمت وخصوصاً بغراغر متخذة من الخل والخردل ثم تستعمل غسل العين ونطلها بماء البحر المالحة والكبريتية ويلطّخ شفر الجفن بدواء متخذ من الشبّ ونصفه ميويزج وربما زيد عليه من الصبر والبورق من كل واحد نصف جزء والأحسن أن يكون ما يعجنه به خل العنصل وأما الميويزج مع البورق فدواء جيد له .
فصل في السلاق


وهو باليونانية أنيوسيما : السلاق غلظ في الأجفان عن مادة غليظة رديئة أكالة بورقيّة تحمرّ لها الأجفان وينتثر الهدب ويؤدي إلى تقرّح أشفار الجفن ويتبعه فساد العين وكثيراً ما يحدث عقيب الرمد ومنه حديث ومنه عتيق رديء .
المعالجات : أما الحديث فينتفع بضمّاد من عدس مطبوخ بماء بارد أو بضمّاد من البقلة الحمقاء والهندبا مع دهن الورد وبياض البيض يستعمل ذلك ليلاً ويدخل الحمام بعده أو يؤخذ عدس مقشّر وسقاق وشحم الرمان وورد يعجن ذلك بميبختج ويستعمل ليلاً ويُستحم بكرةً .
وإدمان الحمام من أنفع المعالجات له .
وأما العتيق المزمن فيجب فيه أن يحجم الساق ويفصد عرق الجبهة ويدام استعمال الحمام .
وأما الأدوية الموضعية فمنها أن يؤخذ نحاس محرق نصف درهم زاج ثلاثة دراهم زعفران فلفل درهماً درهماً يسحق بشراب عفص حتى يصير كالعسل الرقيق ويستعمل خارج الجفن .
وأما الكائن عقيب الرمد فقد جرب له شياف على هذه الصفة ونسخته : زاج الحبر المحرق زعفران سنبل من كل واحد جزء ساذنج عشرة أجزاء يشتف ويحك به الجفن .
فصل في جسا الأجفان
هو أن يعرض للأجفان عسر حركة إلى التغميض عن انفتاحه وإلى الانفتاح عن تغميضه مع وجع وحمرة بلا رطوبة في الأكثر ويلزمه كثيراً أن لا يجيب إلى الانفتاح مع الانتباه عن النوم .
وكثره لا يخلو عن تفاريق رمص يابس صلب ولا يكون معه سيلان إلا بالعرض لأنه عن يبس أو خلط لزج مائل إلى اليبوسة جداً ولكن قد يكون وجع وحمرة .
وأما إذا كانت حكة بلا مادة تنصت إليها فتسمى يبوسة العين وكثيراً ما يكون هناك مزاج حار ومادة كثيرة غليظة تحتاج أن تُستفرغ . المعالجات : يجب أن يُدام تكميد العين بإسفنج مغموسة في ماء فاتر ويدمن الاستحمام بالماء العذب المعتدل ويوضع على العين عند النوم بياض البيض مضروباً بدهن الورد ويدام تغريق الرأس بالمرطبات والأدهان والنطولات والسعوطات المرطبة بدهن البنفسج والنيلوفر وغيره .


وإن دلت الأحوال على أن مع اليبس مادة صفراوية بدهن البنفسج استسهل باللبلاب فإن فيه خاصية وإن ظن أن هناك مادة غليظة مجففة تحتاج إلى تحليل حلّلت بلعاب الحلبة ولعاب بزر الكتان المأخوذين باللبن فإن هذين إذا جعلا في العين أزالا الجسا واستفرغا الخلط الرديء .
ومما جرب له شحم الدجاج ولعاب بزر قطونا وشمع ودهن الورد يجعل عليه دائماً وفي الأحيان يستعمل ما يجلب الدموع مثل شياف أراسياطراطس فانه قد ينتفع به في المأدى المزمن منه باستعمال الأكحال المدمعة فإنها تحلّل المادة الغليظة وتسيّلها وتجلب من الرطوبات الرقيقة ما يليّنها ويحللها بتحللها .
فصل في غلظ الأجفان
هو مرض يتبع الجرب وربما أورثه الأطلية الباردة على الجفن وعلاجه : الاكتحال المتخذ من اللازورد ومن الحجر الأرمني ومن نوى التمر محرقاً ومن الناردين واستعمال الحمام دائماً واجتناب النبيذ وقد يحد كثيراً بالميل وبالشياف الأحمر الليّن وأما الحك بالسكر فربما هاج أو جَرُبَ به .
فصل في تهيّج الأجفان
يقع لموادّ رقيقة وبخارات ولضعف الهضم وسوئه كما يكون في السهر والحميات السهرية وقد يكون في أوائل الاستسقاء وسوء القنية ولأورام رطبة مثل ذات الرئة ومثل ليثرغس وإذا حدث بالناقهين أنذر كثيراً بالنكس وخصوصاً إذا أطاف بها من سائر الأعضاء ضمور وبقيت هي متهيجة منتفخة والمعلاج قطع السبب والتكميد .
فصل في ثقل الأجفان
قد يكون للتهتج وأسبابه وقد يكون لضعف القوة وسقوطها كما في الدق وقد يكون للغلظ والشرناق ونحوه وقد يعرض ثقل واسترخاء في ابتداء نوائب الحميات .
فصل في التصاق الجفنين عند الموق وغيره


قد يعرض للجفن أن يلتصق بالمقلة إما بالملتحمة وإما بالقرنية وإما بكليهما وقد يكون في أحد جانبي الموق وقد يكون إلى الوسط كما قد يكون شاملاً . والسبب فيه إما قروح حديثة وإما خرق الكحال إذا لقط من المقلة سبلاً أو كشط ظفرة أو حك من الجفن جرباً ثم لم يكوه بالكمّون والملح ونحوه كما ذكرنا كياً بالغاً ولم يراع كل وقت ما يجب أن يراعى فيه حتى التصق وانحس الأمر .
فصل في السدية
هو لحيمة بثرية تزيد في المقلة فإن كان عند الموق فالأصوب أن ينكأ ثم يعالج بعلاج الغرب أو يكحل بباسليقون وبالدواء البنفسجي وأدوية الظفرة وخصوصاً الشياف الزرنيخي .
وإن كان مع البياض والسواد فعلاجه علاج الظفرة حسب ما بيناه .
فصل في انقلاب الجفن وهو الشترة
أصنافه ثلاثة : أحدها أن يتقلص الجفن ولا يغطي البياض وذلك إما خلقة وإما لقطع أصاب الجفن وتسمى عين مثله العين الأرنبية .
والثاني : الصنف الأوسط وهو أن لا يغطي بعض البياض ويسمى قصر الجفن وسببه سبب الأول إلا أنه أقل من ذلك .
والثالث : هو أن لا ينطبق الجفن الأعلى على الأسفل وذلك يكون إما من غدة وإما من نبات لحم زائد كان ابتداء أو من تشنج عرض للجفن من قرحة اندملت عليه لا تدع الجفن الأعلى أن ينطبق على فصل في العلاج : أما الذي عن قصر الجفن فعلاجه أن يشق ولا يخاط ويندمل بعد نشء لحم جلدي وهذا للصنف الأول والثاني بالأكثر والأقل وأما الذي عن غدة ولحم زائد فيأخذهما بالحديد وكذلك الذي عن أثر قرحة اندملت مقصرة للجفن علاجه بالحديد يفتق ويدمل والذي من تشنج علاجه علاج التشنج بنوعيه .
فصل في البَرَدة
هي رطوبة تغلظ وتتحجر في باطن الجفن وتكون إلى البياض تشبه البَرَد .
العلاج : يستعمل عليها لطوخ من وسخ الكوائر وغيرها وربما زيد عليه دهن الورد وصمغ البطم وأنزروت أو يطلى بأشق مسحوق بخل وبارزذ أو حلتيت أو طلاء أو ربياسيوس المذكور في باب الشعيرة .
فصل في الشعيرة


الشعيرة ورم مستطيل يظهر على حرف الجفن يشبه الشعير في شكله ومادته في الأكثر دم غالب .
العلاج : تعالج بالفصد والاستفراغ بالأيارج على ما تدري ثم يؤخذ شيء من سكبينج ويحل بالماء ويلطخ به الموضع فإنه جيد جداً .
وينفعه الكماد بالشحم المذاب أو دقيق الشعير وقنّة أو خبز مسخّن يرقد عليه والكماد بذنب الذباب والذباب المقطوف الرأس أو بماء أغلي فيه الشعير أو دم الحمام أو دم الوراشين والشفانين أو يؤخذ بورق قليل وقنّة كثيرة فيُجمعان ويوضعان على الشعيرة .
وطلاء أوربياسيوس وهو أن يؤخذ من الكندر والمر من كل واحد جزء لاذن ربع جزء شمع شب بورق أرمني من كل واحد نصف جزء ويُجمع بعكر دهن السوسن ويُطلى .
فصل في الشرناق
الشرناق زيادة عن مادة شحمية تحدث في الجفن الأعلى فتثقل الجفن عن الانفتاح وتجعله كالمسترخي ويكون ملتحجاً ليس متحركاً تحرك السلعة وأكثر ما يعرض يعرض للصبيان والمرطوبين والذين تكثر بهم الدمعة والرمد .
ومن علاماته أنك إذا كبست الانتفاخ بإصبعين ثم فرقتهما نتأ في وسطهما .
المعالجات : علاج اليد وصفته أن يجلس العليل ويمسك رأسه جذباً إلى خلف ويمدّ منه جلد الجبهة عند العين فيرتفع الجفن ويأخذه المعالج بين سبابته ووسطاه ويغمز قليلاً فتجتمع المادة منضغطة إلى ما بين الأصبعين ويجذب ممسكاً لرأس الجلدة من وسط الحاجب فإذا ظهر النتؤ قطع الجلدة عنه قطعاً شأفاً رقيقاً غير غائر فإن الاحتياط في ذلك .
ولأن يشرح تشريحاً بعد تشريح أحوط من أن يغوص دفعةً واحدةً فإذا ظهر بالتشريحة الأولى فبها ونعمت وإلا زاد في التشريح حتى يظهر فإن وجده مبرأ لف على يديه خرقة كتان وأخذ الشرناق مخلصاً إياه يمنة ويسرة وإن بقيت بقية لا تجيب ذر عليها شيئاً من الملح ليأكلها وإن كانت في كلاف وشديدة الالتصاق أخذ المتبري منه وترك الآخر لا يتعرّض له ويفوّض أمره إلى تحليل الملح الذي يُذرّه عليه ثم يضع عليه خرقة مبلولة بخلّ .


وإذا أصبح من اليوم الثاني وأمنت الرمد فعالجه بالأدوية الملزقة ويكون فيها حُضَض وشياف ماميثا وزعفران وربما تعرّض للمتحد الذي لا تبرأ فيه بكشطه وسلخه بشعرات تنفذ بالصنانير تحته ويحرّك يمنةً ويسرةً حتى يتبرأ أو يفعل ذلك بأسفل ريشة ويحتاج أن يحتاط في البطّ حتى لا يأخذ في الغور فإن الباطّ إن مدد الجفن بشدة وأمعن في البطّ حتى قطع الجلدة والغشاء الذي تحته بضربة واحدة طلع الشحم من موضع القطع إذا ضغطه بالأصابع التي أدارها حول الجلدة الممتدة فيحدث وجع شديد وورم حاد وتبقى بقية صلبة معوقة هي شرّ من الشرناق وربما انقطع من العضلة الرافعة للجفن شيء صالح فيضعف الجفن عن الانفتاح .
وأما الحديث الضعيف منه فكثيراً ما تشفى منه الأدوية المحللة دون عمل اليد .
هي لحم رخو يحدث في باطن الجفن فلا يزال يسيل منه دم أحمر وأسود وأخضر .
وعلاجها التنقية بالمجففات الأكَالة والشيافات الحارة فإذا أكلت التوتة استعمل حينئذ الذرورات والشيافات التي تنبت اللحم فيما يقال في قروح الأجفان .
وبالجملة علاجات الحكّة والجرب القرنيين .
فصل في التحجّر
التحجّر ورم صغير يدمى ويتحجر وقد يخلص عنه عمل اليد ثم استعمال أدوية القروح للأجفان .
فصل في قروح الجفن وانخراقه
يستعل عليها ضماد من عدس مقشر وقشور الرمان مطبوخة بالخل فإذا سقطت الخشكريشة وبطل التأكّل استعمل عليها صفرة البيض مع الزعفران فإنه يدمل وإن شئت استعملت عليها شياف الكندر وشياف الأبار مع شياف الاصطفطيقان والأحمر اللين وأما انخراق الجفن فيقبل الالتحام ويعالج بعلاج انخراق الجلود المذكور في بابه .
فصل في الجرب والحكّة في الأجفان
سببه مادة مالحة بورقية من دم حاد أو خلط آخر حاد يحدث حكاً ثم يجرّب .
وأكثره عقيب قروح العين ويبتدئ العلة أولاً حكة يسيرة ثم تصير خشونة فيحمرّ الجفن ثم يصير تبنياً متقرّحاً ثم يحدث المحبب الصلب عند اشتداد الشقاق في الحكة و التورّم .


المعالجات : إذا قارن الجرب رمد فعالج الرمد أولاً ثم أقبل على الجرب بعد أن لا تهمل أمر الجرب وكذلك الحال والحكم إن كان هناك مرض آخر فالواجب أن يراعي أشدّهما اهتماماً وإذا رأيت تقرّحاً وورماً فإياك أن تستعمل الأدوية الحادة ونحوها إلا بعد التوصل بالرفق إلى إمكان الحك فإنك لجلب بالأدوية ألماً شديداً .
فأما الثاني والثالث من الأنواع المذكورة فلا بد من الحك إما بالحديد وإما بأدوية تتخذ محاك مثل زبد البحر وخصوصاً الجنس المعروف منه بقيشورا وبورق التين أو يتخذ محك من ساذنج وزعفران ومارقشيثا يتخذ منه شياف ويحك به .
وأما الذي يقبل العلاج بالأدوية وهو ما لم يبلغ درجة الثاني والثالث فأول علاجه إدامة الاستفراغ والفصد ولو في الشهر مرتين وفصد المأقين بعد الفصد الكلّي ومداومة الاستحمام واجتناب الغبار والدخان والصياح والتحرّز من شدة زَرِّ الأزرار وضيق قوارة الجيب والغضب والحرد وكثرة الكلام ولط المخدة وطول السجود وكل ما يصمد المواد إلى فوق ويجذبها إلى الوجه .
وينفع في ابتدائه الشياف الأحمر الليّن وبعده الشياف الأخضر الليّن .
فإن كان أقوى من ذلك فالحاد من كل واحد منهما وطرخماطيقون وكحل أرسطراطس وشياف الزعفران .
وقد يعالج بمرارة العنز ومرارة الخنزير وبالنوشادر والنحاس المحرق والقلقديس مجموعة وأفراداً والباسليقون .
والشياف الرمادي جيد جداً وأيضاً دواء أراسسطس جيد جداً .
ومن الأدوية النافعة دواء بهذه الصفة ونسخته : كهربا جزء قشور النحاس جزءان يعجن بعسل ويستعمل أو صبر جزء نوشادر نصف جزء يعجن بعسل ويستعمل .
أخرى : يؤخذ من النحاس المحرق ستة عشر مثقالاً ومن الفلفل ثمانية مثاقيل ومن القليميا أربعة مثاقيل ومن المر مثقالان ومن الزعفران مثقالان ومن الزنجار خمسة مثاقيل ومن الصمغ عشرون مثقالاً يجمع ويحقّ بماء تودري أو بماء المطر .
فصل في الانتفاخ


الانتفاخ ورم بارد مع حكة وقد يكون الغالب عليه الريح وقد يكون فضلة بلغمية رقيقة وقد يكون فضلة مائية وقد يكون فضلة سوداوية .
العلامات : الريحي يعرض بغتة ويمتدّ إلى ناحية المأق فيكون كمن عضه ذباب في ذلك الموضع ويعرض في الصيف وللمشايخ ولا يكون ثقل .
والبلغمي يكون أبرد وأثقل ويحفظ أثر الغمز ساعة والمائي لا يبقى أثر الغمز فيه ولا وجع معه .
والسوداوي في الأكثر يعم الجفن والعين ويكون مع صلابة وتمدد يبلغ الحاجبين والوجنتين ولا يكون معه وجع شديد يعتدّ به ويكون لونه كمداً وأكثره يعرض بعد الرمد وبعد الجدري قطعاً .
المعالجات : يجب أن يبدأ أولاً فيستفرغ البدن وينقى الرأس منه فما كان منه إلى البلغم أميل استعمل التضميد بالخطمي .
وأقوى منه ورق الخِروَع مدقوقاً مخلوطاً بالشبّ والتكميد بإسفنجة مبلولة بخلّ وماء حار وأيضاً يتخذ لطوخ من صبر وفيلزهرج وشياف ماميثا وفوفل وزعفران بماء عنب الثعلب فإنه نافع .
فصل في كثرة الطرف
كثرة الطرف تكون من قذى في العين خفيف وتكون من بثر وقد تكثر في أصحاب التمدد والمتهيئين له وتندر في الأمراض الحادة بتمدد وتشنّج .
فصل في انتثار الشعر
ينتثر شعر العين إما بسبب المادة وإما بسبب الموضع .
وسبب المادة إما أن تقل مثل ما يكون في آخر الأمراض الحادة الصعبة وإما أن تفسد بسبب ما يخالطها عند المنبت مثل ما يقع في داء الثعلب وهو أن يكون في باطن الجفن رطوبة حادة أو مالحة أو بورقية لا تظهر في الجفن آفة محسوسة ولكنها تضر بالشعر .
وأما الذي بسبب الموضع فأن يكون هناك آفة ظاهرة إما صلابة وغلظ فلا يجد البخار المتولد عنه الشعر منفذاً وإما ورم وإما تأكل ويدلّ عليه حمرة ولذع شديد .
المعالجات : ما كان من ذلك بسبب الموضع فتعالج الآفة التي بالموضع على حسب ما ذكر علاج كل باب منه في موضعه وما كان سببه عدم المادة فيعالج البدن بالإنعاش والتغذية .


وتستعمل الأدوية الجاذبة لمادة الشعر إلى الأجفان مما نذكره ومما هو مذكور في القراباذين وفي ألواح الأدوية المفردة .
وما كان بسبب رطوبة فاسدة استعملت فيه تنقية الرأس وتنقية العضو ثم عالجت علاج الشعر .
وأما الأكحال النافعة من ذلك فالحجر الأرمنيَ و اللازورد .
ومن المركبات كحل نوى التمر باللاذن المذكور في القراباذين أو يؤخذ نوى البسر محرقاً وزن ثلاثة دراهم ومرت الناردين درهماً يتخذ منهما كحل .
ومما جرب أن يسحق السنبل الأسود كالكحل ويستعص بالميل وأيضاً يكتحل بخرء الفار محرقاً وغير محرق بعسل وخصوصاً للسلاقي أو يؤخذ تراب الأرض التي ينبت فيها الكرم مع الزعفران والسنبل الرومي وهو الاقليطي أجزاء سواء ويستعمل منه كحل .
ومما جرب وجرّب لما كان من ذلك مع حكّة وحمرة وتكحل أن يطبخ رمانة بكليتها وأجزائها في الخل إلى أن تتهرى وتلصق على الموضع وجميع اللازوقات نافعة .
وأيضاً لذلك بعينه قليميا قلقطار زاج أجزاء سواء يسحق ويستعمل .
ومما جرب أيضاً أن يؤخذ خرء أرنب محرقاً وزن ثمانية دراهم وبعر التيس ثلاثة دراهم ويكتحل بهما أو يكتحل بذباب منزوعة الرؤوس مجفّفة أو يحرق البندق ويسحق ويعجن بشحم العنز أو شحم الدب ويطلى به الموضع فإنه يُنبت الشعر إنباتاً ومع ذلك يسوده .
وأيضاً يؤخذ من الكحل المشوي جزء ومن الفلفل جزء ومن الرصاص المحرق المغسول أربعة أجزاء ومن الزعفران أربعة ومن الناردين ثلاثة ومن نوى التمر المحرق اثنان ويتخذ كحلاً .
فصل في الشعر المنقلب والزائد
بالجملة فإنّ علاج هذا الشعر أحد وجوه خمسة الإلزاق والكي والنظم بالإبرة وتقصير الجفن بالقطع والنتف المانع .
فأما الإلصاق فأن يشال ويسوّى بالمصطكي والراتينج والصمغ والدبق والأشق والغراء الذي يخرج من بطون الصدف وبالصبر والأنزروت والكثيراء والكندر المحلول ببياض البيض ومن الألزاق الجيد أن يلزق بالدهن الصيني .


وأجود منه بغراء الجبن وقد ذكرناه في القراباذين .
وأما علاج الإبرة فأن تنفذ إبرة من باطن الجفن إلى خارجه بجنب الشعر في سمها ويخرج إلى الجانب الآخر ويشد .
وإن عسر إدخال الشعر في سم الإبرة جعل في سمّ الإبرة شعر امرأة وأخرجت من الإبرة طرفاً من ذلك الجانب بالشعر حتى يبقى مثل العروة من الجانب الباطن فيجعل فيها الشعر ويخرج فإن اضطررت إلى إعادة الإبرة فاطلب موضعاً آخر فإن تثنية الغرز توسع الثقبة فلا يضبط الشعر .
وأما القطع فأن يقطع منبته من الجفن وقد أمر بعضهم أن يشق الموضع المعروف بالإجانة وهو عند حرف الجفن ثم يدمل فينبت عليه لا محالة لحم زائد فيسوى الشعر ولا يدعه ينقلب .
وأما الكي فأحسنه أن يكون بإبرة معقفة الرأس تحمي رأسها فيمد الجفن ويكوى بها موضع منبت الشعر فلا يعود وربما احتيج إلى معاودات مرتين أو ثلاثة فلا يعود بعد ذلك إليه البتة .
وأما النتف المانع فأن ينتف ثم يجعل على الموضع الأدوية المانعة لنبات الشعر وخصوصاً على الجفن مما قيل في ألواح الأدوية المفردة ونقوله في باب الشعر الزائد .
فصل في الشعر الزائد
المعالجات : علاجه تنقية البدن والرأس والعين بما علمت ثم استعمال الأكحال الحادة المنقّية للجفن مثل الياسليقون والروشناي الأحمر الحاد والأخضر الحاد والشياف الهليلجي وخصوصاً إن كانت هناك دمعة أو عارض من أعراض الأخلاط فإن لم يغن عولج بالنتف ينتف ويطلى على منبته دم قنفذ ومرارته ومرارة خمالاون ومرارة النسر ومرارة الماعز وربما خلطت هذه المرارات والدماء بجندبيدستر واتخذ منها شياف كفلوس السمك .
وتستعمل عند الحاجة محلولة بريق الإنسان ويصبر المستعمل عليه نصف ساعة .
ومن المعالجات الجيدة أن يؤخذ مرارة القنفذ ومرارة خمالاون وجندبيدستر بالسوية يجمع بدم الحمام ويقرص .
ومما وصف دم القراد وخصوصاً قرادة الكلب ودم الضفدع ولكن التجربة لم تحقَقه .
ومن الصواب فيما زعموا أن يخلط بالقطران .


ومما وصف أيضاً أن تستعمل مرارة النسر بالرماد أو بالنوشادر أو بعصير الكراث وخصوصاً إذا جعلا على مقلى فوق نار حتى يمتزجا وينشى وإن كان رماد صدف فهو أفضل وسحالة الحديد المصدأ برِيق الإنسان غاية وإن أوجع .
ومما جُرب الأرضة بالنوشادر وصوصاً مع حافر حمار محرق بخل ثقيف وكذلك زبد البحر بماء الاسفيوش فإنه إذا خدر وبرد الموضع لم ينبت شعراً .
يكون ذلك في الأكثر بعد الرمد فيجب أن يستعمل أنزروت وسكر طبرزذ أجزاء سواء زبد البحر ربع جزء ويسحق الجميع سحقاً ناعماً ويذر على موضع الأشفار فإنه نافع .
المقالة الرابعة أحوال القوّة الباصرة وأفعالها
فصل في ضعف البصر
ضعف البصر وآفته إما أن يوجبه مزاج عام في البدن من يبوسة غالبة أو رطوبة غالبة خلطية أو مزاجية بغير مادة أو بخارية ترتفع من البدن والمعدة خاصة أو برد في مادة أو غير ذي مَادة أو لغلبة حرارة مادّية أو غير مادية .
وإما أن يكون تابعاً لسبب في الدماغ نفسه من الأمراض الدماغية المعروفة كانت في جوهر الدماغ أو كانت في البطن المقدم كله مثل ضربة ضاغطة تعرض له فلا يبصر العين أو في الجزء المقدّم منه .
وأكثر ذلك رطوبة غالبة أو يبوسة تعقب الأمراض والحركات المفرطة البدنية والنفسانية والاستفراغات المفرطة تسقط لها القوة وتجف المادة .
وإما أن يكون لأمر يختصّ بالروح الباصر نفسه ما يليه من الأعضاء مثل العصبة المجوفة ومثل الرطوبات والطبقات والروح الباصر وقد يعرض أن يرق ويعرض له أن يكثف ويعرض له أن يغلظ ويعرض له أن يقل .


وأما الكثرة فأفضل شيء وأنفعه وأكثر ما يحدث الرقة تكون من يبوسة وقد تكون من شدة تفريق يعرض عند النظر إلى الشمس ونحوها من المشرقات وربما أدى الاجتماع المفرط جداً إلى احتقان محلل فيكثف فيه أولاً ثم يرق جداً ثانياً وهذا كما يعرض عند طول المقام في الظلمة والغلظ يكون لرطوبة ويكون من اجتماع شديد ليس بحيث يؤدي إلى استعمال مزاج مرقق وقد يكون السبب فيهما واقعاً في أصل الخلقة .
والقلة قد تكون في أصل الخلقة وقد تكون لشدة اليبس وكثرة الاستفراغات أو لضعف المقدّم من الدماغ جداً وصعوبة الأمراض ويقرب الموت إذا تحللت الروح .
وأما الضعف والآفة التي تكون بسبب طبقات وأكثرها بسبب الطبقات الخارجة دون والذي يكون بسبب الطبقة نفسها فيكون لمزاج رديء وأكثره احتباس بخار فيها أو فضل رطوبة تخالطها أو جفاف ويبس وتقشف وتحشف يعرض لها وخصوصاً للعنبيّة والقرنية أو فساد سطحها بآثار قروح ظاهرة أو خفية أو مقاساة رمد كثير يذهب إشفافها أو لون غريب يداخلها كما يصيب القرنيّة في اليرقان من صفرة أو آفة من حمرة أو انسلاخ لون طبيعي مثل ما يعرض للعنبيّة فيزداد إشفافاً وتمكيناً لسطوة الضوء من البصر ومن تفرقه للروح الباصرة وربما أحدث تجفيفاً وتسخيناً لتمكن الهواء والضياء من الرطوبات أو يرقق منها بسبب تأكّل عرض فلا يتدرّج الضوء في النفوذ فيها بل ينفذ دفعة نفوذاً حاملاً على الجليدية أو لنبات غشاء عليها كما في الظفرة أو انتفاخ وغلظ من عروقها كما في السبل .
وأما العارض للثقبة والمنفذ : فإما أن يضيق فوق الطبيعي لما نذكره من الأسباب في بابه وإما أن يتسع وإما يفسد سدّة كاملة أو غير كاملة كما عند نزول الماء أو عند القرحة الوسخة العارضة للقرنية حيث تمتلئ ثقب العنبية من الوسخ ونحن نذكر هذه الأبواب كلها باباً باباً .


وأما الكائن بسبب الرطوبات : فأمّا الجليدية منها فبأن تتغير عن قوامها المعتدل فتغلظ أو تشتد دفعة أو تزول عن مكانها الطبيعي فتصير متأذّية عن حمل الضوء والألوان الباهرة لها وأما البيضية فأن تكثر جداً أو تغلظ ويكون غلظها إما في الوسط بحذاء النقب وإما حول الوسط وإما في جميع أجزائها فيكون ذلك سبباً لقلة إشفافها أو لرطوبات وأبخرة تخالطها وتغير إشفافها فإن الأبخرة والأدخنة الغريبة الخارجة تؤذيها فكيف الداخلة .
وجميع الحبوب النفّاخة المبخرة مثقلة للبصر وأما الزجاجية فمضرّتها بالإبصار غير أولية بل إنما تضرّ بالإبصار من حيث تضرّ بالجليدية فتحيل قوامها عن الاعتدال لما تورده عليها من غذاء غير معتدل .
وأما الطبقة الشبكية فمضرتها بالإبصار تفرق اتصالها إما في بعضها فيقل البصر وإما في كلها فيعدم البصر .
وأما الآفة التي تكون بسبب العصبة فأن يعرض لها سدّة أو يعرض لها ورم أو اتساع بها أو انهتاك .
العلامات : أما الذي يكون بشركة من البدن فالعلامات فيه ما أعطيناه من العلامات التي تدل على مزاج كلية البدن والذي يكون بشركة الدماغ فأن يكون هناك علامة من العلامات الدالة على آفة في الدماغ مع أن تكون سائر الحواس مؤفة مع ذلك فإن ذلك يفيد الثقة بمشاركة الدماغ وربما اختص بالبصر أكثر اختصاصه وبالشم دون السمع مثل الضربة الضاغطة إذا وقعت بالجزء المقدم من الدماغ جداً فربما السمع بحاله وتبقى العين مفتوحة لا يمكن تغميض الجفن عليها ولكن لا يبصر .


وعلامة ما يخصّ الروح نفسه إنه إن كان الروح رقيقاً وكان قليلاً رأى الشيء من القرب بالاستقصاء ولم ير من البعد من الاستقصاء وإن كان رقيقاً كثيراً كان شديد الاستقصاء للقريب وللبعيد لكن رقته إذا كانت مفرطة لم يثبت الشيء المنير جداً بل يبهره الضوء الساطع ويفرّقه وإن كان غليظاً كثيراً لم يعجزه استقصاء تأمل البعيد ولم يستقص رؤية القريب والسبب فيه عند أصحاب القول بالشعاع وإن الإبصار إنما يكون بخروج الشعاع وملاقاته المبصر إن الحركة المتّجهة إلى مكان بعيد يلطف غلظها ويعدل قوامها كما أن مثل تلك الحركة يحلل الروح الرقيقة فلا يكاد يعمل شيئاً .
وعند القائلين بتأدية المشف شجّ المرئي غير ذلك وهو أن الجليدية تشتدّ حركتها عند تبصّر ما بعد وذلك مما يرقّق الروح الغليظ المستكنّ فيها ويحلل الروح الرقيق خصوصاً القليل .
وتحقيق الصواب من القولين إلى الحكماء دون الأطباء .
وأما تعرّف ذلك من حال الطبقات والرطوبات الغائرة فمما يصعب إذا لم يكن شيء آخر غيرها ولكن قد يفزع إلى حال لون الطبقات وحال انتفاخها وتمددها أو تحشّفها وذبولها وحال صغر العين لصغرها وحال ما يترقرق عليها من رطوبة ويتخيل من شبه قوس قزح أو يرى فيها من يبوسة .
والكدورة التي تشاهد من خارج ويكاد لا بصر معها إنسان العين وهو صورة الناظر فيها ربما دلّت على حال القرنية وربما دلّت على حال البيضية .
وصاحبها يرى دائماً بين عينيه كالضباب فإن رؤيت الكدورة بحذاء الثقبة فقط ولم يكن سائر أجزاء القرنية كدراً دل على أن الكدورة في البيضية وأنها غير صافية .
وإن عمت الكدورة أجزاء القرنية لم يشك أنها في القرنية وبقي الشك أنها هل هي كذلك في البيضية أم لا .


وقد يعرض للبيضة يبس وربما عرض من ذلك اليبس أن اجتمع بعض أجزائه فلم يشفّ فرأى حذاءه كوة أو كوى وربما كان ذلك لآثار بثور في القرنية خفيّة تختل خيالات فربما غلظ فيها ويظن أنها خيالات الماء ولا يكون وأما الضيق والسعة والماء وأحوال العصبة فلنؤخر الكلام فيها .
وَأما علامة تفرق اتصال الشبكية إذا كانت في جملتها فيعدم البصر بغتة واعلم أن كل فساد يكون عن اليبس فإنه يشتد عند الجوع وعند الرياضة المحللة وعند الاستفراغات وفي وقت الهاجرة والرطب بالضد .
المعالجات : إن كان سبب الضعف يبوسة انتفع بماء الجبن والمرطبات وحلب اللبن وشربه وجعل الأدهان مرطبة على الرأس وخصوصاً إن كان ذلك في الناقهين وينفعه النوم والراحة والسعوطات المرطبة وخصوصاً دهن النيلوفر وما كان من ذلك في الطبقة فيصعب علاجه .
وأما إن كانت عن رطوبة فاستعمال ما يحلل بعد الاستفراغات .
وأما القيء فالرقيق منه مما ينفع وخصوصاً للمشايخ والعتيق يضرّ جداً والغراغر والمخوطات والعطوسات نافعة .
ومن الإستفراغات النافعة في ذلك شرب دهن الخروع بنقيع الصبر واستعمال ما يمنع البخار من الرأس كالإطريفل وخصوصاً عند النوم نافع أيضاً .
وينتفع برياضات الأطراف وخصوصاً الأطراف السفلى وكذلك يجب أن يستعمل دلكها فإن كان السبب غلظاً فيعالج بما يجلو من الأدوية المذكورة في لوح العين ويجب إذا استعملت الأدوية الحادّة أن تستعمل معها أيضاً الأدوية القابضة .
وعن الأشياء النافعة في ذلك التوتيا المغسول المربى بماء المرزنجوش أو ماء الرازيانج أو ماء الباذروخ وعصارة فراسيون .
وإدامة الاكتحال بالحضض تنفع العين جداً وتحفظ قوتها إلى مدة طويلة والاكتحال بحكّاكة الهليلج بماء الورد وينفع جداً إذا كانت الرطوبة رقيقة مع حرارة وحكة .


ومن الأكحال النافعة في مثل ذلك المرارات كانت مفردة مثل مرارة القبّج ومرارة الرق والشبّوط والرخمة والثور والدب والأرنب والتيس والكركي والخطّاف والعصافير والثعلب والذئب والسنّور والكلب السلوقي والكبش الجبلي .
ولمرارة الحبارى خاصةً خاصية عجيبة جداً أو مركّبة .
ومن الأدهان النافعة دهن الخروع والنرجس ودهن حبّ الغار ودهن الفجل ودهن الحلبة ودهن السوسن ودهن المرزنجوش ودهن البابونج ودهن الأقحوان والاكتحال بماء الباذروج نافع .
ومن الأدوية الجيدة المعتدلة أن يحرق جوزتان وثلاثون نواة من نوى الهليلج الأصفر ويسحق ويلقى عليه مثقال فلفل غير محرق ويكتحل به .
ومن الأدوية النافعة أن يؤخذ عصارة الرمان المزّ وكذلك إن أخذ ماء الرمانين وشُمس شهرين في القيظ وصُفِّي وجعل فيه دار فلفل وصبر ونوشادر وقد يكون بلا نوشادر ينعّم سحق الجميع ويلقى على الرطل منه ثلاثة دراهم ويحفظ وكلما عتق كان أجود ومن النوافع مع ذلك الوفي مع ماميران إذا سحقا كالاكتحال .
والاكتحال بماء البصل مع العسل نافع وشياف المرارات قوي والمرارات القوية هي مثل مرارة البازي والنسر أو يؤخذ صلابة وفهر كل من النحاس يقطر عليها قطرات في خل وقطرة من لبن وقطرة عن عسل ثم يسحق حتى يسود ذلك ويكتحل به .
واعلم أن تناول الشلجم دائماً مشوياً ومطبوخاً مما يقوي البصر جداً حتى أنه يزيل الضعف المتقادم ومن قَدرَ على تناول لحوم الأفاعي مطبوخة على الوجه الذي يطبخ في الترياق وعلى ما فصل في باب الجذام حفظ صحة العين حفظاً بالغاً .
ومن الأدوية الجيدة للمشايخ ولمن ضعف بصره من الجماع ونحو ذلك .
ونسخته : يؤخذ توتيا مغسول ستّة وشراب بقدر الحاجة دهن البلسان أكثر من التوتيا بقدر ما يتفق يسحق التوتيا ثم يلقى عليه دهن البلسان ثم الشراب ويسحق سحقاً بالغاً كما ينبغي ويرفع ويستعمل .
وأيضاً دواء عظيم النفع حتى أنه يجعل العين بحيث لا يضرّها النظر في جرم الشمس .


ونسخته : يؤخذ حجر باسفيس وحجر مغناطيس وحجر أحاطيس وهو الشبّ الأبيض والشادنج والبابونج وعصارة الكندس من كل واحد جزء ومن مرارة النسر ومرارة الأفعى من كل واحد جزء يتخذ منه كحل .
واستعمال المشط على الرأس نافع وخصوصاً للمشايخ فيجب أن يستعمل كل يوم مرات لأنه يجذب البخار إلى فوق ويحركه عن جهة العين والشروع في الماء الصافي والانغطاط فيه وفتح العينين قدر ما يمكن وذلك مما يحفظ صحة العين ويقويها وخصوصاً في الشبان .
ويحب خصوصاً لمن يشكو بخارات المعدة ومضرّة الرطوبة أن يستعمل قبل الطعام طبيخ الأفسنتين وسكنجبين العنصل وكل ما يلين ويقطع الفضول التي في المعدة .
فصل في الأمور الضارّة بالبصر
وأما الأمور الضارة بالبصر فمنها أفعال وحركات ومنها أغذية ومنها حال التصرّف في الأغذية فأما الأفعال والحركات فجميع ما يجفف مثل الجماع الكثير وطول النظر إلى المشرفات وقراءة الدقيق بإفراط فإن التوسّط فيه نافع .
وكذلك الأعمال الدقيقة والنوم على الامتلاء والعشاء بل يجب على من به ضعف في البصر أن يصير حتى ينهضم وكل امتلاء يضره وكل ما يجفف الطبيعة يضره وكل ما يعكّر الدم من الأشياء المالحة والحريفة وغيرها يضرّه والسكر يضرّه وأما القيء فينفعه من حيث ينقي المعدة ويضره من حيث يحرك مواد الدماغ فيدفعه إليه وإن كان لا بد فينبغي أن يكون بعد الطعام وبرفق .
والاستحمام ضار والنوم المفرط ضار والبكاء الشديد وكثرة الفصد وخاصة الحجامة المتوالية .
وأما الأغذية فالمالحة والحريفة والمفجّرة وما يؤذي فم المعدة والشراب الغليظ الكدر والكزاث والبصل والبافروج أكلاً والزيتون النضيج والشبث والكرنب والعدس .
فصل في العشاء
هو أن يتعطل البصر ليلاً ويبصر نهاراً ويضعف في آخره .
وسببه كثرة رطوبات العين وغلظها أو رطوبة الروح الباصر وغلظه .


وأكثر ما يعرض للكحل دون الزرق ولصغار الحدق ولمن تكثر الألوان والتعاريج في عينه فإن هذه تدل على قلة الروح الباصر في خلقته وقد تكون هذه العلة لمرض في العين نفسها وقد تكون بمشاركة المعدة والدماغ وتعرف ذلك بالعلامات التي عرفتها .
المعالجات : إن كان هناك كثرة فليفصد القيفال والمأقين ويستعمل سائر المستفرغات المعروفة ويكرر وربما استفرغ بسقمونيا وجندبيدستر فانتفع به ويسقون قبل الطعاه شراب زوفا أو زوفا وسذاب يابس سفوفاً ويسقون بعد الهضم التام قليلاً من الشراب العتيق .
ومن الأدوية المُجَرية سيالة كبد المعزى المغزوز بالسكين المكببة على الجمر فإذا سالت أخذ مما يسيل وذر عليه ملح هندي ودار فلفل واكتحل به وربما ذر عليه الأدوية عند التكبيب .
والانكباب على بخاره والأكل من لحمه المشوي كل ذلك نافع جداً وربما قطع قطعاً عريضةً وجعل منها شياف ومن دار فلفل شياف وجعل الشياف الأسفل والأعلى من الكبد ويشوى في التنور ولا يبالغ ثم يؤخذ وتصفى عنه المائية ويكتحل بها وكذلك كبد الأرنب وكذلك الشياف المتخذ من دار فلفل والذي على هذه النسخة وصفته : يؤخذ فلفل ودار فلفل وقنبيل أجزاء سواء يكتحل به .
والمرارات أيضاً نافعة وخاصة مرارات التيوس والكباش الجبلية وكذلك الاكتحال بدهن البلسان مكسوراً بقليل أفيون والاكتحال بالفلافل الثلاثة مسحوقة كالغبار نافع جداً .
وكذلك بالشب المصري والاكتحال بالعسل وماء الرازيانج يغمّض عليها العين مدة طويلة نافع جداً وأقوى منه العسل إذا كان فيه قوة من الشب والنوشادر ودماء الحيوان الحارة المزاج ينفع الاكتحال بها .
وينفع الاكتحال بعصارة قثاء الحمار مكسورة ببزر البقلة الحمقاء وشياف القلي وشياف الزنجار .
وينفع منه خرء الورل والاصقنقور أو يؤخذ منه مرارة الحدأة جزء وفلفل جزآن أشجّ ثلاثة أجزاء يعجن بعسل ويستعمل وينفع منه فصد عرق الماقين إن لم يكن مانع حسب ما تعلم ذلك .
فصل في الجهر


وهو أن لا يرى نهاراً : فنقول : سبب الجهر وهو أن لا يبصر بالنهار رقة الروح وقلته جداً فيتحلل مع ضوء الشمس ويجتمع في الظلمة وربما كان سبب الجهر قليلاً فيرى في الظلمة والظل ليلاً ونهاراً ويضعف في الضوء وعلاجه من الزيادة في الترطيب وتغليظ الدم ما تعلم .
فصل في الخيالات
الخيالات هي ألوان يحس أمام البصر كأنها مبثوثة في الجو والسبب فيها وقوف شيء غير شفّاف ما بين الجليدية وبين المبصرات .
وذاك الشيء إما أن يكون مما لا يحرك مثله في العادة أصلاً وإنما يدركه القوي البصر الخارج عن العادة إدراكاً وإما أن يكون مما تدركه الأبصار إذا توسطت وإن لم تكن في غاية الذكاء بل كانت على مجرى العادة .
ومعنى الأول أن البصر إذا كان قوياً أدرك الضعيف الخفي من الأمور التي تطير في الهواء قرب البصر من الهباءات التي لا يخلو منها الجر وغيره فتلوح له ولقربها أو لضوئها لا يحققها .
وكذلك إذا كانت في الباطن من آثار الأبخرة القليلة التي لا يخلو عنها مزاج وطبع البتة إلا أن هذين يخفيان على الأبصار ليست التي في غاية الذكاء وإنما يتخيلان لمن هو شديد حدة البصر جداً وهذا مما لا ينسب إلى مضرة .
وأما القسم الآخر : فإما أن يكون في الطبقات وإما أن يكون في الرطوبات .
والذي يكون في الطبقات فهو أن يكون على الطبقة القرنية آثار خفية جداً بقيت عن الجدري أو عن رمد وبثور أو غير ذلك فلا يظهر للعين من خارج ويظهر للعين من باطن من حيث لا يشف المكان الذي هو فيه فيخفى تحته من المحسوس ومن الهواء الشاف أجزاء ترى كثيرة بمقدار ما لو كانت بالحقيقة موجودة من خارج لكان ذلك الجزء الصغير قدر شجها من الثقبة العنبية .
وأما التي تكون في الرطوبات فهي على قسمين لأنها إما أن تكون قد استحال إليها جوهر الرطوبة نفسه أو تكون قد وردت على جوهر الرطوبة مما هو خارج عنها .


والتي تكون قد استحال إليها جوهر الرطوبة نفسه فإما أن يعرض لجزء منها سوء مزاج يغير لونها ويزيل شفيفها فلا يشفّ ذلك القدر منها لبرد أو لرطوبة أو لحرارة يغلى ذلك القدر ويثير فيه هوائية ومن شأن الهوائية إذا خالطت الرقيقة الشفافة أن تجعلها كثيفة اللون زبدية غير شافة أو ليبوسة مكثفة جماعة جداً .
والذي يكون الوارد عليها منه هو من غيره فلا يخلو إما أن يكون عرضياً غير متمكن وهو من جنس البخارات التي تتصعد من البدن كله أو من المعدة أو من الدماغ إذا كانت لطيفة تحصل وتتحلل وكما يكون في البُحرانات وبعد القيء وبعد الغضب وإما أن يتمكن فيها وينذر بالماء .
وتختلف هذه الخيالات في مقاديرها فتكون صغيرة وكبيرة وقد تختلف في قوامها فتكون كثيفة ورقيقة خفية وقد تختلف في أوضاعه فتكون متخلخلة وقد تكون متكاثفة ضبابية وقد تختلف في أشكالها فتكون حبيبية وتكون بقية وذبابية وقد تكون خيطية وشعرية بالطول .
العلامات : علامة ما يكون من ذكاء الحس أن يكون خفيفاً ليس على نهج واحد وشكل واحد ويصحب الإنسان مدة صحة بصره من غير خلل يتبعه .
والذي يكون بسبب القرنية تحل عليه أسبابه المذكورة وأن يثبت مدة لا يتزايد ولا يؤدي إلى ضرر في البصر غيره .
والذي يكون من سبب في البيضية فأن تكون مدته طويلة ولم يؤد إلى آفة عظيمة ويكون إما عقيب رمد حار وإما عقيب سبب مبرد أو مسخن وهو مما يعلم بالحدس وخصوصاً إذا وجدت القرنية صقيلة صافية لا خشونة فيها بوجه ثم كان شيء ثابت لا يزيد ولا يؤدي إلى ضرر عظيم .
وأما الذي يكون سببه بخارات معدية وبدنية فيعرف بسبب أنها تهيج مع المبخرات وعند الامتلاء والهضم وعند الحركات والدوار والسدر ولا يثبت على حالة واحدة بل يزيد وينقص ولا يختص بعين واحدة بل يكون في العينين وإذا كان معه الغثيان صحت دلالته وإذا كان القيء والاستفراغ بالأيارج وتلطيف الغذاء والعناية بالهضم يزيده أو ينقصه .


وقد علمت في باب ضعف البصر علامات ما سببه يبس البيضية أو غيره وإذا استمرت صحة العين والسلامة بصاحب الخيالات ستة أشهر فهو على الأكثر في أمن والذي هو من الخيالات مقدمة للماء فإنه لا يزال يتدرج في تكدير البصر إلى أن ينزل الماء أو ينزل يعده الماء دفعةً وقلما يجاوز ستة أشهر فإذا رأيت الخيالات تزول وتعود وتزيد وتنقص فاعلم أنها ليست مائية .
وإذا رأيت الثانية تطول مدتها ولا تستمر في إضعاف البصر فاعلم أنها ليست مائية .
المعالجات لابتداء الماء والخيالات : أولى الخيالات بأن يقبل على علاجه ما كان منذراً بالماء وأما سائر ذلك فما كان منه من يبوسة فربما نفع منه المرطبات المعلومة .
وإن كان عن رطوبة وغير ذلك مما ليس عن يبوسة تقع منه كل ما يجلو من الأكحال .
وأما المنذر بالماء فيجب أن يبدأ فينقي البدن وخصوصاً المعدة ثم تقبل على تنقية الرأس بالغرغرات والسعوطات والمضوغات .
وأما العطوصات فمن جهة ما ترخي وتنقي يرجى منها التنقية وتنقي من جهة عنف تحريكها فيخاف منها تحريك الماء وخصوصاً إن كان واقعاً دون العصبة وبقربها .
واعلم أن أيارج فيقرا جليل النفع فيه .
وكذلك حب الذهب وما يقع فيه من أدوية القنطوريون والقثاء المر وقد علمت في أبواب علاج الرأس وتنقيته ما ينبغي أن تعتمده ويجب أن تكون التنقية بأيارج فيقرا وحب الذهب على سبيل الشبيار متواترة جداً ولا يستعمل لأدوية الملطفة والجلاءة أكحالاً إلا بعد التنقية .


وينفع في ابتداء الماء فصد شريان خلف الأذن وينبغي أن يبتدأ بالأدوية اللينة مثل ماء الرازيانج بعسل وزيت وبمثل ما قيل من أن شم المرزنجوش نافع لمن يخاف نزول الماء إلى عينه وكذلك ينشف دهنه وقد قيل أن إرسال الحرق على الصدغين ينفع في ابتدائه وقد مُدح الاكتحال ببزر الكَتَم وذكر أنه يزيل الماء ويحلله وأنه غاية ثم يتدرّج إلى الأدوية المركَّبة من السكبينج وأمثاله من ذلك : السكبينج ثلاثة الحلتيت والخربق الأبيض من كل واحد عشرة العسل ثمانية قوطوليات .
وعما هو مجرّب جداً رأس الخطّاف بعسل يكتحل به وشياف أصطفطيقان وجميع المرارات المذكورة في باب ضعف البصر .
وأقوى منه شياف المرارة المارستاني وأيضاً كحل أوميلاوس والكحل المذكور في الكتاب الخامس وهو القراباذين بمرارة السلحفاة أو دواء اتعاسيوس بماء الرازيانج أو شياف المرزنجوش والساروس والمرحومون .
ودهن البلسان نافع فيه .
ومما ينفع في ابتداء الماء أن يؤخذ مرارة ثور شاب صحيح البدن فتجعل في إناء نحاس وتترك قريباً من عشرة أيام إلى أسبوعين ثم يؤخذ من المرّ والزعفران المسحوقين ومن مرارة السلحفاة البرية ومن دهن البلسان من كل واحد وزن درهمين ويخلط الجميع ويجمع جمعاً بالغاً ويُكْتَحَل به .
وأيضاً يؤخذ من الخربق جزء ومن الحلتيت جزء ومن السكبينج خمس وعشر جزء وهو ثلاثة أعشار جزء ويُتَّخذ شياف ويُكتحل به .
وأيضاً من الخربق الأبيض والفلفل جزء ومن الأشق ثلاثة أجزاء ويتخذ منه شياف بعصارة الفجل ويستعمل ويجتنب السمك والمغلظات من الأغذية والمبخرات والشرب الكثير من الماء والشراب أيضاً ومتواترة الفصد والحجامة بل يؤخر ذلك ما أمكن إلا أن يشتد مساس الحاجة إلى ذلك والثقة بأن الدم حار وكثير .
فصل في الانتشار


الانتشار هو أن تصير الثقبة العَنبية أوسع مما هي بالطبع وقد يكون ذلك عقيب صداع أو سبب باد من ضربة أو صدمة وقد يكون لأسباب في نفس الحدقة وذلك إما في البيضية وإما في العنبيّة فإن البيضية إن رطبت وكثرت زحمت العنبية وحركتها إلى الاتساع .
وأما يبوسة البيضية فلا يوجب الاتساع بالذات بل بالعرض من حيث يتبعها يبوسة العنبية .
والعنبية نفسها إن يبست وتمددت إلى أطرافها تمدد الجلود المثقبة عند اليبس عرض لها أن تتسع كما يتسع ثقب تلك الجلود وخصوصاً إذا زوحمت من الرطوبات وقد يعرض لها ذلك من رطوبة تداخل جوهرها وتزيد في ثخنها وتمددها إلى الغلظ فيعرض للثقبة أن تتسع وقد يعرض ذلك لورم ممدد يحدث فيها وقد تكون سعة العين طبيعية ويضر ذلك بالبصر فإنه يرى الأشياء أصغر مما يجب أن ترى وقد يكون عارضاً فيكون كذلك وربما بالغ إلى أن لا يرى شيئاً فإنه كثيراً ما تتسع العين حتى تبلغ السعَة الإكليل ولا يبقى من البصر ما يُعتدّ به .
وما كان من ضربة أو صدمة فلا علاج له وقد سمعت من ثقة أنه عالج الاتساع الذي حصل من ضربة بأن فصد المريض في الحال وأعطاه حب الصبر فبرئ بعد أيام قلائل .
وإذا كان الاتساع من تفرق اتصال الطبقة الشبكية فلا علاج له بتة من كل وجه وما كان من اتساع العصب المجوّف فبرؤه عسير .
العلامات : قد ذكرناها في باب ضعف العين .
المعالجات : ما كان من ذلك طبيعياً فلا علاج له وما كان من يبوسة فينفع منه ترطيب العين بالمرطبات المذكورة وما كان من رطوبة فينفع منه الفصد إن كان في البدن كثرة وأيضاً فصد عررق المأقين يستفرغ من الموضع وينفع منها وكذلك فصد عروق الصاع وسلها والاستفراغات التي علمتها وصب الماء الملح والمملح على الرأس خصوصاً ممزوجاً بالخلِّ ولا ينبغي أن يكثر الاستفراغات بالمسهّلات فيضعف القوة ولا يستفرغ المطلوب بل ربما كفاه الاستفراغ كل عشرة أيام بدرهم أو درهم ونصف من حب القوقايا .


والغذاء ماء حمص بشيرج ويكحل العين الأخرى بالتوتيا لئلا تنتشر كالأولى ويجب أن يستعمل الأكحال المذكورة في باب الخيالات والماء .
وينفع منه الحجامة على القفا لما فيه من الجذب إلى خلف .
وأما الكائن عقيب ضربة فمما يتكلف في علاجه أن يفصد ثم يحمم الرأس ثم يستعمل المبردات ويُضمد بدقيق الباقلا من غير قشره أو دقيق الشعير مبلولاً بماء ورق الخلاف أو بماء الهندبا وبصوفة مبلولة بمحّ بيض مضروب بدهن الورد وقليل شراب ويقطر في العين دم الشفانين والفراخ وفي اليوم الثالث يقطر فيها اللبن والأكحال التي هي أقوى .
وبالجملة فإن أكثر علاج هذا من جنس علاج الورم الحار وبعد ذلك فيستعمل شيافاً متخذاً من كندر وزعفران ومرّ من كل واحد جزء ومن الزرنيخ نصف جزء .
وهذا الدواء نافع من أمور ياسفيس وهو الإتساع .
ونسخته : يؤخذ مرارة الجدي ومرارة الكركي مثقالان مثقالان زعفران درهم فلفل مائة وسبعين عمداً رب السوس خمسة مثاقيل وثلثين أشجّ مثقالان عسل مقدار الحاجة ويستعمل منه كحل يسحق بماء الرازيانج ويخلط بالعسل .
وللكائن من ضربة نصف مثقال يسحق بعصارة الفجل إلى أن يجف ويستعمل يابساً وأيضاً مرارة التيس مثقال واحد بعر الضب أو الورل يابساً مثقال ونصف نطرون مثقال فلفل مرارة الكركي من كل واحد مثقالان زعفران مثقال أشج نصف مثقال خربق أبيض مثقال يسحق أيضاً بماء الرازيانج ويخلط بالعسل وما كان من الاتساع من انحراف الطبقة الشبكية أو اتساع العصبتين المجوّفتين فلا علاج له اللهم إلا أن اتساع العصبتين المجوفتين عسر العلاج ومع ذلك يرجى .
فصل في الضيق


الضيق هو أن تكون الثقبة العنبية أضيق من المعتاد فإن كان ذلك طبيعياً فهو محمود وإن كان مرضياً فهو رديء أردأ من الانتشار . وربما أدى إلى الانسداد . وأسبابه : إما يبس من القرنية محشف يجمعه فتنقبض الثقبة ويحدث الضيق أو السدة وإما رطوبة ممددة للقرنية من الجوانب إلى الوسط فتتضايق الثقبة مثل ما يعرض للمناخل إذا بقت واسترخت وتمددت في الجهات وإما يبس شديد من البيضية فتقل وتساعدها الطبقة إلى الضمور والاجتماع المخالف لحال الجحوظ .
وكثر ما يعرض هذا يعرض من اليبوسة وقد يمكن أن يكون ضيق الثقب من ضيق العصب المجوف حسب ما يكون اتساع الحدقة من اتساع العلامات : قد ذكرناها في باب ضعف العين .
المعالجات : أما اليابس منه فعلاجه بالمرطّبات من القطورات والسعوطات والنطولات من العصارات الرطبة وغيرها كما تعلم والأغذية اللينة والدسمة .
وفي الأحيان لا تَجد بُداً من استعمال شيء فيه حرارة ما ليجذب المادة الرطبة إلى العين ويجب أن يستعمل دَلْك الرأس والوجه والعين دلكاً متتابعاً قصير الزمان وذلك كله ليجذب فإن استعمال المرطبات الصرفة قد يضر أيضاً وإذا استعملت أكحالاً جاذبة فعاود المرطّبات .
وأما الرطب منه فالأكحال المعروفة المذكورة في باب ضعف البصر والماء والخيالات ومنها شياف بهذه النسخة .
ونسخته : يؤخذ زنجار أشق من كل واحد جزء زعفران جزء وثلث صبر خمسة أجزاء مسك نصف جزء يتخذ منه شياف .
وأيضاً أشق مثقالان زنجار أربعة مثاقيل زبل الورل ثلاثة مثاقيل زعفران مثقالان صمغ مثقال واحد يعجن بعسل ويستعمل .
وأيضاً فلفل وأشج من كل واحد جزءان دهن البلسان تسع جزء زعفران جزء يُحلىّ الأشج في ماء الرازيانج ويلقى عليه دهن البلسان ويُستعمل بعد أن يعجن بعسل فإن هذا جيد جداً .


وقد عالجت أنا من كان به ضيق قد حصل بعد اندمال القرحة القرنية وكانت القرحة غير غائرة فعالجت بالمجلّيات المحلول بلبن النساء تارة وبعصارة شقائق النعمان تارةً وبعصارة الرازيانج الرطب الذي يعقد بالعسل تارةً فبرأ وكالة يرى الأشياء مثل ما كان يرى قبل ذلك .
فصل في نزول الماء
اعلم أن نزول الماء مرض سدي وهو رطوبة غريبة تقف في العقبة العنبية بين اِلرطوبة البيضيّة والصفاق القرني فتمنع نفوذ الأشباح إلى البصر وقد تختلف في الكمّ وتختلف في الكيف . واختلافها في الكم أنه ربما كان كثيراً بالقياس إلى الثقبة يسد جميع الثقبة فلا ترى الحين شيئاً وربما كان قليلاً بالقياس إليها فتسد جهة وتخلي جهة مكشوفة فما كان من المرئيات بحذاء الجهة المسدودة لم يحركه البصر وما كان بحذاء الجهة المكشوفة أدركه وربما أدرك البصر من شيء من الأشياء نصفه أو بعضه ولم يحرك الباقي إلا بنقل الحدقة وربما أدركه بتمامه تارة ولم يدركه بتمامه أخرى وذلك بحسب موضعه .
فإنه إذا حصل بتمامه بإزاء السدة لم يدرك منه شيئاً وإذا حصل بتمامه لإزاء الكشف أدرك جميعه .
وهذه السدة الناقصة قد تقع إلى فوق ففوق أو إلى فوق وأسفل وقد يتفق أن يكون ذلك في حاق واسطة الثقبة وما يطيف بها مكشوفاً وحينئذ إنما يرى من كل شيء جوانبه ولا يرى وأما اختلافه في الكيف فتارة في القوام فإن بعضه رقيق صاف لا يستر الضوء والشمس وبعضه غليظ جداً .
وفي اللون فإن بعضه هوائي اللون وبعضه أبيض جصي اللون وبعضه أبيض لؤلؤي اللون وبعضه أبيض إلى الزرقة أو الفيروزجية والذهبية وبعضه أصفر وبعضه أسود وبعضه أغبر .
وأقبله للعلاج من جهة اللون الهوائي والأبيض اللؤلؤي والذي إلى الزرقة قليلاً وإلى الفيروزجيّة .
وأما الجبسي الجصي والأخضر والكدر والشديد السواد والأصفر فلا يقبل القدح .
ومن أصناف الغليظ صنف ربما صار صلباً جداً حتى يخرج أن يكون ماء ولا علاج له .


وأقبله للعلاج من جهة القوام هو الرقيق الذي إذا تأملته في الفيء النير فغمزت عليه إصبعك وجدته يتفرق بسرعة ثم يعود فيجتمع فهذا يرجى زواله بالقدح على أن مداومة هذا الامتحان مما يشوش الماء ويعشر القدح وربما جربوا ذلك بوجه آخر .
وهو أن يوضع على العين قطنة ويُنفخ فيها نفخ شديد ثم ينحى وينظر بسرعة هل يرى في الماء حركة فإن رأى فهو منقدح وكذلك إن كان التغميض لعين يوجب اتساع الأخرى .
وما كان بعد سقطة أو مرض دماغي فحدث بعده عسر برؤه .
العلامات : العلامة المنذرة بالماء الخيالات المذكورة التي ليست عن أسباب أخرى وقد شرحنا أمرها في باب الخيالات وأن يحدث معها كدورة محسوسة خصوصاً إذا كان في إحدى العينين وأن تتخيل له الأشياء المضيئة كالأسرجة مضاعفة وقد يفرق بين الماء والسدة الباطنة بأن إحدى العينين إذا غمضت اتسعت الأخرى في الماء ولم تتسع في السدة وذلك لأن سبب ذلك الاتساع إندافع الروح الذي كان في العين المغمضة إلى الأخرى بقوة فإذا أصابت سدة من وراء لم تنفذ وهذا في أكثر الأمر وفي أكثر الأمر تتسع الأخرى إلا أنا يكون الماء شديد الغلظ وإن لم تكن سدة وفي الانتشار لا يكون شيء من هذا .
المعالجات : إني قد رأيت رجلاً ممن كان يرجع إلى تحصيل وعقل قد كان حدث به الماء فعالج نفسه بالاستفراغات والحمية وتقليل الغذاء واجتناب الأمراق والمرطبات والاقتصار على المشويات والقلايا واستعمال الأكحال المحتلة الملطفة فعاد إليه بصره عوداً صالحاً وبالحقيقة أنه إذا تدورك الماء في أوله نفع فيه التدبير وأما إذا استحكم فليس إلا القدح فيجب أن يهجر صاحبه الامتلاء والشرب والجماع ويقتصر على الوجبة نصف النهار ويهجر السمك والفواكه واللحوم الغليظة خاصة .
فأما القيء فإنه وإن نفع من جهة تنقية المعدة فهو ضار في خصوصية الماء وقد عرفنا قانون علاجه الدوائي في باب الخيالات .


ولنذكر أشياء مجربة : وصفتها : يؤخذ حب الغار المقشر عشرة أجزاء والصمغ جزء واحد يسحقان ببول صبي غير مراهق للماء ولضعف البصر بالماء الساذج ويستعمل .
وكذلك أطيوس الأمدي يعجن بمرارة الأفعى بالعسل ويكتحل به جيد جداً .
أقول قد جرب ناس محصلون مرارة الأفعى فلم يفعل فعل السموم البتة وهذه التجربة مما ينقص وجوب الاحتراز منها وأيضاً هذا الدواء مجرب جيد .
ونسخته : يؤخذ عصارة الحب المنسوب إلى جزيرة فنقدس وكمادريوس ويسد من كل واحد مثقال يعجن بماء الرازيانج .
وأما التدبير بالقدح فيجب أن يتقدم قبله بتنقية البدن والرأس خاصة ويفصد إن كان يحتاج إليه ثم يراعى أن لا يكونا المقدوح مصدوعاً فيخاف أن يحدث في الطبقات ورم أو مبتلى بسعال أو شديد الضجر سريع الغضب فإن الضجر والغضب كلها مما يحرك إلى العود ويجب أن يهجر الشراب والجماع والحمام ومع هذا فلا يجب أن يستعمل القدح إلا بعد أن يقف الماء وينزل ما يريد أن ينزل منه ويغلظ قوامه قليلاً ومن هذا يسمى الاستكمال وبعد المنفذ أسبه .
والفصد ضار له وغناؤه ماء الحمص ليلزم المرضع الذي تحركه إليه المقدحة من أسفل العين ولذلك قد يؤخر ذلك من المبدأ وإذا أرادت أن تقدح تقدم إلى صاحب الماء بأن يغتذي بالسمك الطري والأغذية المرطبة المثقلة للماء ويستعمل شيئاً مما هو مقوّ لمضرة الماء ثم يقدح .
وبالجملة فإن الماء إن كان رقيقاً جداً أو غليظاً جداً لم يطع القدح فإذا أردت أن تقدح ألزم العليل النظر إلى الموق الإنسي وإلى الأنف ويحفظ على ذلك الشكل فلا يكون بحذاء الكوة ولا في موضع شديد الضَوء جداً ثم يقدح يبتدئ ويثقب بالمثقبة أي بالمقدحة فيمر بين الطبقتين إلى أن يحاذي الثقبة ويجد هناك كفضاء وجوبة ثم من الصناع من يخرج المقدحة ويدخل فيها ذنب المهت وهو الأقليد إلى موافاة الثقبة ليهيئ للطرف الحاد من المهت مجالاً .


وليعود العليل الصبر ثم يدخل المهت إلى الحد المحدود ويعلو به الماء ولا يزال يحطه حتى تصفو العين ويكبسن الماء خلف القرني من تحت ثم يلزم المهت موضعه زماناً صالحاً ليلزم الماء ذلك المكان ثم يشيل عنه المهت وينظر هل عاد فإن عاد أعاد التدبير حتى يأمن وإن كان الماء لا يجيب إلى ناحية خطه وإمالته بل إلى ناحية أخرى دفعه إلى النواحي التي يميل إليها وفرقه فيها فإن رأيت الماء عاد في الأيام التي تعالج فيها العين فأعد المهت في ذلك الثقب بعينه فإنه يكون باقياً لا يلتحم .
وإذا سال إلى الثقبة دم فيجب أن يكبس أيضاً ولا يترك يبقى هناك فيجمد فلا يكون له علاج .
وإذا قدحت فضع على عين المقدوح محّ بيض مضروباً بدهن البنفسج بقطنة ويجب أن تشدّ الصحيحة أيضاً لئلا تتحرك فتساعدها العليلة .
ويلزمه النوم على القفا ثلاثة أيام في ظلمة وربما احتيج إلى معاودات كثيرة لهذا التضميد ومحافظة هذه النصبة والاستلقاء أسبوعاً وذلك إذا كان هناك ورم أو صداع أو غير ذلك .
لكن الورم يوجب حل الرباط القوي وإرخاءه .
وبالجملة فالأولى أن يحفظ العليل نصبته إلى أن يزول الوجع فلا يحل الرباط إلا في كل ثلاثة أيام ويجدّد الدواء ويجوز أن يكمد عند الحل بماء ورد وماء خلاف أو قرع أو ماء عصا الراعي وما أشبه ذلك .
وللناس طرق في القدح حتى أنَ منهم من يعتق أسفل القرنية ويخرج الماء منها وهذا فيه خطر فإن الماء إذا كان أغلظ خرجت معه الرطوبة البيضيّة .
فصلان في بُطلان البصر : إنَ بطلان البصر قد يقع من أسباب ضعف البصر إذا أفرطت فلينظر من هناك ولكنا نقول من رأس ولنترك ما يكون بمشاركة الدماغ وغيره فإن ذلك مفهوم من هناك .
فاعلم أن بطلان البصر إما أن يكون وأجزاء العين الظاهرة سليمة في جوهرها أو يكون ذلك وقد أصابتها آفة محرقة أو مسيلة أو ما يجري مجراهما .


وكلامنا في الأول فإن كانت أجزاء العين في الظاهر سليمة في جواهرها ولكنها أصابتها آفة من جهة أخرى غير ظاهرة للجمهور والعامة فإما أن تكون الثقبة على حال صحتها أو لا تكون .
فإن كانت الثقبة على حال صحتها فإما أن يكون هناك سدة مائية أو تكون السدة ليست هناك بل في القصبة المجوفة إما لشيء واقف في أنبوبتها وإما لانطباق عرض لها من جفاف أو من استرخاء أو ورم فيها أو ورم في عضلاتها ضاغط في نفسه أو تابع لضغط عرض لمقدّم الدماغ على ما فسرناه فيما سلف أو عرض لها انهتاك أو تكون الجليدية أصابها زوال عن محاذاة الثقبة أو يكون فسد مزاجها فلم يصلح أن تكون آلة للإبصار .
وأكثر ما يعرض ذلك لرطوبة تغلب عليها جداً أو ليبوسة تغلب عليها فتجتمع إلى ذاتها وتستحصف وتسمى هذه العلة علقوماً .
ولا دواء لها وتصير لها العين منخسفة شهلاء .
وإما إن لم تكن الثقبة سليمة فإما أنه يكون قد بلغ بها الاتساع الغاية القصوى أو بلغ بها الضيق الانطباق .
العلامات : أما علامة الماء والاتّساع والضيق وغير ذلك فهو ما ذكر في بابه وأما السبب فيما يكون للعصبة المجوفة فذلك مما يسهل الإحاطة به جملة بالعلامة المذكورة فيِ باب الماء .
وأما تفصيل الأمر فيه فيصعب ولا يكاد يحاط به علماً وإذا كان هناك ضرَبان وحمرة فاحدس أن في العصبة ورماً حاراً .
فإن كان ثقل وقلّة حرارة فاحدس أن هناك ورماً بارداً .
وإن كان الثقل شديداً والعين رطبة جداً فالمادة رطبة .
وإن كانت العين يابسة فالمادة سوداوية . وإذا عرض على الرأس ضربة أو سقطة أجحظت العين أولاً ثم تبعه غور منها وبطلان العين فاحدس أن العصبة قد انهتكت .


القانون
القانون
( 32 من 70 )

فصل في بغض العين للشعاع
ذلك مما يدلّ على تسخن الروح واشتعاله وترققه وينذر كثيراً بقرانيطس إلا أن يكون بسبب جَرب الأجفان وعلاجه ما تعرف .
فصل في القمور
قد يحدث من الضوء الغالب والبياض الغالب كما يغلب إذا أديم النظر في الثلج فلا يرى الأشياء أو يراها من قريب ولا يراها من بعيد لضعف الروح وإذا نظر إلى الألوان تختل أن عليها بياضاً .
المعالجات : يؤمر بإدامة النظر في الألوان الخضر والاسمانجونية وتعليق الألوان السود أمام البصر فإن كان قد اجتمع مع آفة الثلج ببياضه آفته ببرده قطر في العين ماء طُبخ فيه تبن الحنطة فاتراً لا يؤذي وقد يُكتحل عشية بالعسل وبعصارة الثوم وأيضاً قد يفتح العين على بخار نبيذ مقطور على حجر رحى محماة أو تكمد العين بنبيذ صلب أو يكب على بخار ماء طبخ فيه الحشائش
الفن الرابع أحوال الأذن
وهو مقالة واحدة :
فصل في تشريح الأذن
اعلم أن الأذن عضو خلق للسمع وجعل له صدف معوج ليحبس جميع الصوت ويوجب طنينه وثقب يأخذ في العظم الحجري ملولب معوج ليكون تعويجه مطولاً لمسافة الهواء إلى داخل مع قصر تحته الذي لو جعل الثقب نافذاً فيه نفوذاً مستقيماً لقصرت المسافة وإنما دبر لتطويلِ المسافة إليه لئلا يغافص باطنه الحر والبرد المفرطان بل يَرِدان عليه متدرجين إليه . وثقب الأذن يؤدي إلى جوبة فيها هواء راكد وسطحها الإنسي مفروش بليف العصب السابع الوارد من الزوج الخامس من أزواج العصب الدماغي وصلب فضل تصليب لئلا يكون ضعيفاً منفعلاً عن قرع الهواء وكيفيته .
فإذا تأذى الموج الصوتي إلى ما هناك أدركه السمع .
وهذه العصبة في أحوال السمع كالجليدية في أحوال الأبصار .
وسائر أعضاء الأذن كسائر ما يطيف بالجليدية من الطبقات والرطوبات التي خلقت لأجل الجليدية .
ولتخدمها أو تقيها أو تعينها .
والصماخ كالثقبة العنبية .


وخلقت الأذن غضروفية فإنها لو خلقت لحمية أو غشائية لم تحفظ شكل التقعير والتعريج الذي فيها ولو خلقت عظمية لتأذت ولآذت في كل صدمة بل جعلت غضروفية لها مع حفظ الشكل لين انعطاف وخلقت الأذن في الجانبين لأن المقدم كان أوفق للبصر كما علمت فأشغل بالعين وخلقت تحت قصاص الشعر في الإنسان لئلا تكون تحت ستر الشعر وستر اللباس .
وهذا العضو يعرض له أصناف الأمراض وربما كانت أوجاعها قاتلة وكثيراً ما يعرض من أمراضها حمياتَ صعبة .
فصل في حفظ صحة الأذن
يجب أن يعتنى بالأذن فتوقى الحر والبرد والرياح والأشياء الغريبة المفرطة لئلا يدخلها شيء من المياه والحيوانات وأن ينقى وسخها ثم يجب أن يدام تقطير دهن اللوز المر فيها في كل أسبوع مرة فإنه عجيب .
ويجب أن يراعى لئلا يتولّد فيها أورام وبثور وقروح .
فإنها مفسدة للأذن .
إن خيف أن يحدث بها بثور استعمل فيها قطور من شياف ماميثا في خلّ . وفي تقطير شياف ماميثا فيها في لك أسبوع مرة أمان من النوازل أن تنزل إليها .
ومما يضرّ الأذن وسائر الحواس التخمة والامتلاء وخصوصاً النوم على الامتلاء .
فصل في آفات السمع
إن آفات السمع كآفات سائر الأفعال وذلك لأن آفة كل فعل هو إما أن يبطل الفعل فيكون نظيره ههنا بطلان السمع أو ينقص فيكون نظيره ههنا أن ينقص السمع فلا يستقصى ولا يسمع من بعيد أو يتغير فيكون نظيره ههنا أن يسمع ما ليس مثل ما يعرض في الأذن من الدوي والطنين والصفير .
واعلم أن آفة السمع إما أن تكون أصلية فيكون صمم أو طرش أو وقر ولادي وإما أن تكون عارضة . ومعنى الصمم غير معنى الطرش فإن الصمم أن يكون الصماخ قد خلق باطنه أصمّ ليس فيه التجويف الباطن الذي ذكرناه الذي هو كالعنبة المشتملة على الهواء الراكد الذي يسمع الصوت بتموجه .


وأما الطرش والوقر فهو أن لا تبلغ الآفة عدم الحسّ منها ولا يبعد أن يكون الوقر كالبطلان العام للصمم ولا أن يكون هناك تجويف لكن العصبة ليست تؤدي قوة الحس والطرش كالنقصان من غير بطلان أو أنُ يتواطآ على العكس في الدلالة والطرش كثيراً ما يعرض عقيب القذف وهو سهل الزوال .
وفقدان السمع منه مولود طبيعي علاج له وكذلك سائر أصناف الوقر والطرش منه مولود طبيعي أيضاً لا علاج له ومنه حادث لكنه إن طال عهده فهو مزمن وذلك أيضاً قريب من اليأس أو عسر العلاج .
وأما الحادث القريب العهد من الطرش فقِد يقبل العلاج .
وأما أسباب ذلك فقد يكون من مشاركة عضو مثل ما يكون من مشاركة الدماغ أو بعض الأعضاء المجاورة له كما يقع لخد أول نبات الأسنان وكما يقع عند أوجاع الأسنان وقد يكون لآفة خاصة في السمع إما العصبة وإما الثقبة .
أما الآفة في عصب السمع فقد تعرض لجميع أسباب الأمراض المتشابهة الإجزاء فيها والآلية وانحلال الفرد .
أما الأمراض المتشابهة الأجزاء فيها فكل واحد من أصناف سوء المزاج المفرد .
والمركب أكثره من برد وقد يكون كل واحد من ذلك تغير مادة وقد يكون مع مادة سوداوية أو صفراوية أو بلغمية من بلغم فج أو ريحية .
وكثيراً ما يحتبس إسهال مراري فيعقبه صمم ولا يبعد أن يكون كذلك في إسهالات أخرى وقعت بالطبع فحبست ومنعت في الوقت .
وأما الآلية في العصب فمثل سدة يوجبها خلط أو مدة أو ورم دبيلة أو ورم حار أو صلب أو غشاوة من وسخ أو ترهل أو نفخة .
وانحلال المفرد منها قد يكون من قرحة أو تأكل .
وأما الكائن بسبب المجرى فأكثره عن سدة بسبب بدني أو بسبب من خارج والبدني مثل ثؤلول أو ورم أو لحم زائد أو دود أو كثرة وسخ أو خلط غليظ أو صملاخ أو جمود مدة من ورم انفجر أو دود .


وأما الخارجي فمثل رمل أو حصاة أو نواة يدخلها أو جمود دم سال عن الأذن بعضه وبقي بعضه وذلك قد يقع بغتة وقد يعرض قليلاً قليلاً وقد تعرض آفة للسمع على طريق البحران وعلى سبيل انتقال المادة في آخر الأمراض الحادة وعندما يبقى بعد زوال الحمى ثقل الرأس .
وقد تكون الآفة التي هي من هذا الباب إما على سبيل عرض يزول كما يكون عند حركات البحران وإما على سبيل عارض ثابت بأن يكون هو من نفس دفع البحران أعني أن يكون البحران قد دفع المادة إلى ناحية الأذن فاقرها فيها ليس إنما يخبرها بها على سبيل المجاورة وكثيراً ما تنذر هذه العرضية بقيء أو رعاف وكثيراً ما يبطله الإسهال .
العلامات : أما الكائن بشركة الدماغ فيدلّ عليه الحال في الحواس الأخرى ومشاركتها السمع فيه ومشاركة قوى الحركة أيضاً إياه .
وأدل الدلائل عليه مشاركة اللسان وخصوصاً إذا كان عقيب السرسام وعقيب اختلاط العقل وبعد آفات دماغية مزاجية وغيرها مما قيل في باب الدماغ .
وأما إذا كان خاصاً بالعصب فيستدل عليه بسلامة الدماغ والثقبة وسلامة منافذ السمع والعهد باستمرار سلامة السمع من قبل وإن كان السبب دبيلة أو ورماً حارفاً في نفس العصب دل عليها الحميات يكون معها نافض وقشعريرة ويلزمها حمى واختلاط عقل وهذيان وفيه خطر إلا أن ينفتح فإن لم يكن الورم في نفس العصبة لم يجب أن يكون حمى إلا على حكم حتى يوم وكان تمدد ووجع وثقل وضربان .
وأما الوجع الثقل فيشترك فيه جميع ما كان من ورم ومادة حيث كان وإن كان السبب رياحاً دل عليها دوي وطنين غير وأما السدة فقد تكون كثيراً بلا ثقل وقد تكون مع ثقل وإذا لم يكن ثقل وكانت آفة ولم يكن هناك .


سوء مزاج قاهر فهو من السدة والتدبير المتقدم قد يدل عليه فإن كانت السدة من دمل ونحوه دل عليها الضربان وإن كانت من دم دل عليها سيلان الدم المتقدم وما كان من سوء مزاج مفرد دل عليه وجع في العمق بلا ثقل ولا تمتد فإن كان بارداً تأذى بالباردات واشتد في أبرد آخر النهار وإن كان حاراً كان بالضد وأحس بالتهاب ولذع فلا كان هناك مادة أحس مع ذلك بثقل وخصوصاً عند السجود .
وما كان من يبس فعلامته أنه يكون بعد السهر والصوم ومع ضمور الوجه والعين وما كان سببه الدود دل عليه دوام الدغدغة مع خروج الدود في الأحيان .
المعالجات : نقول أولاً : أنه يجب أن يكون جميع ما يقطر في الأذن فاتراً غير بارد ولا حار .
هذا قول كلي ثم نفضل الأمر فيه فأما المراري منه فيجب أن يستفرغ فيه المرار بالمسهل فإنه كثيراً ما يقع فيه إسهال مراري بالطبع فيزول معه الصمم كما أنه كثيراً ما يعرض اختلاف مراري فيحبس فيعرض صمم .
وأما إذا كان هناك حرارة فقط فالمبردات من الأدهان وغيرها أو تعصر رمانة ويعاد عصيرها في قشرها مع شيء من خل وكندر ودهن ورد ويطبخ حتى يقوم ويقطر فيها أو يقطر فيها ماء الخس أو ماء عنب الثعلب .
وأما الكائن عن برد ومادة باردة فينفع منه جميع الأدهان الحارة والمفتق فيها جندبيدستر وخاصة ثمن البلسان والقسط أو دهن اللوز المر وعصارة الأفسنتين ودهن البابونج مع شحم البقر ومرارة الثور أو دهن حل مطبوخ فيه شحم الحنظل أو أصوله .
وقد ينقع بول الثيران إذا ديف فيه المر وجعل قطوراً أو عصارة قثاء الحمار وذلك كله بعد استفراغ المادة الباردة إن كانت محتقنة بما تعرفه من الاستفراغات العامة للبدن والخاصة بناحية الرأس وبعد استعمال النطولات التي تعرفها لها وخصوصاً ما يقع فيه ورق الدهمست وحبه .


والرياضة شديدة المنفعة في ذلك وكذلك الصياح الشديد في الأذن وأصوات البوقات ونحوها وربما جعل القمع في الأذن ليصل إليها فيه البخار من المطبوخات المحللة .
وينفع من جميع ذلك البخار من المطبوخات المحللة وينفع من جميع ذلك عصارة الساب مع عسل أو جندبيدستر ودهن الشبث وبول المعز ومرارة المعز خصوصاً مع القنة .
ومما جرب في ذلك أن يؤخذ من الجندبيدستر وزن ثلاثة دراهم ومن النطرون وزن درهم ونصف ومن الخربق درهم ونصف ويتخذ منه كالأقراص ويستعمل قطوراً .
وفي نسخة من الخربق ثلاثة أرباع درهم ومن النطرون ثلث درهم وأيضاً يؤخذ من الكندس والزعفران والجندبيدستر بالسوية جزء جزء ومن الخربق والبورق من كل واحد أربعة أجزاء ويذاب بالشراب ويستعمل أو يؤخذ صبر وجندبيدستر وشحم الحنظل وفربيون بمرارة البقر .
وقد جرب ودهن الفجل ودهن الميوزج فكان شديد النفع أو عصارة الأفسنتين أو طبيخه أو عصارة الفجل بالملح وخصوصاً إذا كانت بلة وسدة .
وقد جرب ذلك أن يتخذ فتيلة من خردل مدقوق بالتين وربما زيد فيه النطرون .
وتقطير ماء البحر فيها حاراً نافع .
والخربق الأسود والمرارات نافعة وخصوصاً مرارة العنز بدهن الورد .
وقد زعم بعضهم أنه إذا أغلي الأبهل في دهن الحل في مغرفة مقدار ما يسود الأبهل كان قطوراً نافعاً من الصمم .
ومما ينفع دهن الشبث أو الغار أو السوسن أو الناردين بجندبيدستر أو رغوة الأفسنتين أو عصير السذاب .
وأما الكائن بسبب اليبس فالعلاج ملازمة الحمام والغذاء والشراب المرطب وصبّ الدهن المعتدل والماء الفاتر على الرأس والسعوط بمثل دهن النيلوفر والخلاف وحب القرع وغيره .
وأما الكائن بسبب السدة فيعالج بما ذكر في باب السدة وينفع منه عصارة حب الشهدانج وعصارة الحنظل الرطب منفعة جيدة .


وإذا وقع الطرش بغتة فقد ينتفع فيه بماء طبخ فيه الأفسنتين أو عصارة الأفسنتين وخلط به مرارة الثور أو مرارة الشبوط أو مرارة السلحفاة أو مرارة الثور بدهن أو خربق مع خلّ أو سلخ الحية مع الخل .
وأما الكائن عقيب الصداع فينفع منه ماء الفجل ودهن الورد أو جندبيدستر مع حب الغار بدهن الورد .
والكائن عقيب السرسام يجب أن يبدأ فيه بالاستفراغ بأيارج فيقرا ثم يقذر فيه جندبيدستر في دهن القسط أو دهن وحدة أو دهن اللوز الحلو أو ماء الفجل ودهن الورد أو جندبيدستر مع الغار بدهن الورد .
ومن الحبوب المجرّبة لما يكون من ستة ومن خلط أو ريح أن يؤخذ من التربد عشرون درهماً ومن الحنظل عشرة دراهم ومن الأنزروت درهمان ونصف ومن الكثيراء سبعة دراهم ومن الهليلج عشرة دراهم يتخذ منه حب شبيار والشربة منه وزن درهم .
ونقول كالعائدين إلى رأس الكلام أن جميع ما هو كائن من ثقل السمع وأوجاعه ورياحه ودويّه وطنينه بسبب مادة باردة وبرد فمن الأدوية المشتركة لجميع ذلك بعد تنقية الرأس أن يقطر في الأذن بورق بخلّ وعسل ومرارة الضأن مع الزيت والشراب أو مع دهن اللوز المرّ أو ماء الكرّاث وماء البصل بعسل أو لبن امرأة .
وأدوية مشتركة ذكرت في باب الأوجاع وقطرتان من قطران غدواً وغشياً أو خربق أسود وأبيض ببعض الأدهان وخصوصاً بدهن السوسن أو ماء الأفسنتين وماء قشور الفجل وكذلك دهن طبخ فيه سلخ الحية أو حب الغار أو فربيون وجندبيدستر بدهن أو دهن البلسان أو النفط أو يؤخذ من علك الأنباط أوقية ومن دهن الخيري أوقيتان ومن دهن اللوز المر نصف أوقية يغلى الجميع معاً ويستعمل منه ثلاث قطرات بكرة وثلاث قطرات عشية وكذلك عسل لبني بدهن الخيري وكذلك ماء ورق الحنظل الطري .
وعصارة اللوف والهزارجشان شديدة القوة جداً .
وأدوية مشتركة ذكرت في باب الأوجاع .


وإن عرض مثل هذا للصبيان انتفعوا بدهن الدادي المطبوخ فيه السذاب والمرزنجوش أو بزاق من مضغ السعتر بالملح الانحرافي وحده .
ومن الكمادات النافعة ما كان بطبيخ البابونج والشبث وورق الغار والمرزنجوش والحبق اليابس والعاقر قرحا تكمد به العين وأسفل الأذن .
وكذلك النطولات المذكورة في باب الرأس تجعل في بلبلة وتحاذي بإذائها الأذن ليدخل منها بخارها .
والاستفراغ لأجل الطرش الأوفق فيه أن يكثر عدده ويقلّل مقداره كل مرة ليتحفظ القوة ويوافي النضج .
وأما الكائن بسبب الأورام فيعالج الحار منها والبارد بما علمت ولا حاجة بنا أن نكرّر .
فصل في وجع الأذن
وجع الأذن إما أن يكون من سوء مزاج أو يكون بسبب ورم أو بثر أو يكون بسبب تفرق اتصال .
فسوء المزاج إما حار بلا مادة بل مثل ما يكون بسبب هواء حار وريح حارة وخصوصاً إذا انتقل إليه عن البرد دفعة أو اغتسال بماء حار دخل في الأذن أو ماء من المياه التي تغلب عليها قوة حارة وإما حار بمادة دموية أو صفراوية وإما بارد بلا مادة بل بسبب من الأسباب المضادة للأسباب المذكورة من هواء أو ريح باردين وخصوصاً إذا انتقل إليهما عن حرّ فجأة أو ماء بارد أو ماء يغلب عليه شيء بارد وإما بارد بمادة ريحية باردة أو خلطية لحجة .
وأما الكائن بسبب أورام أو بثور فإما أن تكون أوراماً حارة أو باردة .
وأما الكائن بسبب تفرّق الاتصال فمثل ريح تمدد أو قروح وجراحات .
ومن جملة أسباب أوجاع الأذن المفرقة للاتصال ريح يتولّد فيها أو ماء يدخل فيها أو حيوان يخلص إلى صماخها أو دود يتولد فيها وقد يكون عقيب سقطة أو ضربة .
وأصعب أوجاع الأذن ما كان عن ورم حار غائص وذلك يكون مع حمى لازمة خصوصاً إذا أدى إلى اختلاط العقل .
وأما ما كان في الغضاريف الخارجة فلا يكون هناك شدة وجع ولا شدّة خطر .


وأما المذكور أولاً فربما قتل بغتة كما تقتل السكتة وهو أقتل للشاب منه للشيخ وأسرع قتلاً له فربما قتل في السابع وأما أكثر المشايخ فيتقيح فيهم هذا الورم ولكن الشبان يقتلهم كثيراً قبل التقيح فإن قاح وكانت هناك علامات محمودة رجي الخلاص .
ووجع الأذن قد يكون مع حكة وقد يكون بلا حكة وقد ذكرنا للحكة في الأذن باباً في موضعه .
العلامات : أما العلامات فمثل العلامات المذكورة في باب الطرش .
المعالجات : يجب أن يحفظ القانون في تقطير ما يجب أن يقطر في الأذن هو أن يكون غير شديد الحرّ والبرد .
وأما إن كان السبب امتلاء في البدن أو في الرأس فيجب أن تستفرغ ناحية الرأس من جنس ذلك الامتلاء فإن كان حاراً فالفصد والإستفراغ الذي يكون بمنقّيات الرأس عن المادة الحارة على ما عرفته فإن كان الخلط خَلَطاً لزجاً لحجاً فبحبوب الشبيار المعروفة والغراغر .
وإن كان لحجاً مستكناً في ناحية الأذن فيجب أن يشتغل من بعد الإسهال أيضاً بالأبخرة المليّنة والقطورات الملينة ثم يقصد مرة أخرى بما يستفرغه من العضو .
وإن كان السبب حرارة مفرطة فيجب أن يبرّد الدماغ بالمطفئات المعروفة المذكورة في باب الدماغ وإن كان يقطر في الأذن دهن الورد مفتراً وبياض البيض فإن كان الوجع شديداً خلط به كافور وربما كان دهن البنفسج مع الكافور أسكن للوجع من دهن الورد لإرخاء فيه وأيضاً بقطر في الأذن الشيافات المسكنة لأوجاع العين ببياض البيض ونحوه فإن لبياض البيض وحده خاصية عجيبة أو اللبن بماء عنب الثعلب وماء الكزبرة .
وخير اللبن ما حلب من الضرع فهو نافع جداً .
أو يغلى الخراطين في دهن ورد ويقطر في الأذن أو يطبخ الحلزون في دهن الورد ويَقطر فيها أو يطبخ دهن الورد في ثلاثة أمثال خلّ خمر حتى يذهب الخلّ ويبقى دهن الورد ويستعمل ذلك قطوراً فإنه نافع جداً من الحار ومن الضرباني وكذلك دهن حب القرع ودهن النيلوفر ودهن الخلاف وأمثال ذلك .


وكذلك العصارات التي تشبه عصارة القرع من جرمه ومن ورقه وكذلك الضمادات المبرّدة من خارج .
وقد ذكر بعضهم أن ماء اللبلاب جيّد جداً في مثل هذه الحال وعصارة الشهدانج الرطب وإذا اشتدّ الضربان والوجع وخيف منه التشنج لم يكن يدمن المرخيّات وليس كسمن البقر العتيق مسخناً وربما كفى الخطب فيه إدخال أنبوبة في الأذن تهندم على قمقمة فيها ماء حار ليتأدّى البخار إلى الأذن فربما سكن وأغنى عن غيره وأغنى عن المخدرات وخصوصاً إذا كان الماء مطبوخاً فيه ما يرخّي برفق وكان أيضاً مخلوطاً بشيء مما يخدر .
وإذا احتيج إلى مخدر فأسلمه شياف ماميثا مع شدة من أفيون يسحق ويخلط بلبن النساء ويقطر في الأذن .
وإن كان دخول الماء فيه عولج بما ذكر في بابه .
وإن كان السبب برودة متمكّنة في العمق أو من خارج فيجب أن تكون القطورات من الأدهان الحارة مثل دهن السذاب ودهن الشبث ودهن السنبل الرومي ودهن الغار ودهن الأقحوان ودهن البلسان ودهن الخروع وما أشبه ذلك .
أما مثل زيت طبخ فيه ثوم وصفّي أو زيت مع فلفل وفربيون وجندبيدستر أو غالية مقدار دانق في مثقال دهن بان أو دهن آخر من الأدهان الحارة العطرة وربما شرب صاحب هذا الوجع شراباً صرفاً قوياً ونام وانتبه وما به قلبة .
وإن كان السبب فيه ريحاً باردة فينقع منه ما نذكره في باب الدويّ والطنين وما ذكرناه في باب ما يكون سببه خلطاً لحجاً وما يكون سببه برداً .
ومما يليق بذلك أن يملأ محجمة ماء حاراً وتلصق حوالي الأذن وأن يقطر فيها سذاب وحماماً بعسل أو قيصوم ومرزنجوش في دهن السوسن أو جندبيدستر معها بعد أن يطبخ فيه ويصفّى أو نطرون وخل بدهن الورد أو عصارة اللوف .
وإن احتيج إلى ما هو أقوى فمثل أوفربيون وجندبيدستر بدهن القسط أو قسط بحري وزراوند .
وقد ينفع منه التكميد بالجاروش واللبد المسخّن .
وإن كان السبب فيه بثوراً فما نذكره في باب بثور الأذن .


وإن كان السبب فيه دوداً فما نذكره في باب الدود المتولّد في الأذن .
وإن كان السبب فيه دخول شيء من ماء أو حصاة فما نذكر هناك .
وإن كان السبب فيه ورماً حاراً غائصاً وهو مخاطرة لقربه من الدماغ إلى أن يجتمع اللبن مرة بعد أخرى إلى اليوم الثالث وكذلك دهن الورد المطبوخ بالخلّ المذكور في الأوائل ثم لعاب الحلبة ولعاب بزر الكتان ولعاب بزر المر وفي اللبن وماء اللبلاب مما ينفع في مثل هذا الوقت وقد جرب فيه السمسم المدقوق ثم يستعمل دائماً الكمّاد بزيت إلى الحرارة ما هو ويجب أن يكون الزيت عذباً ويكون مع ذلك فاتراً يغمس فيه قطنة ملفوفة في طرف ميل دقيق وتجعل في الأذن مرة بعد مرّة ويضمّد من خارج بالملينات المنضجة .
فإن لم يكن شديد القوة إذا كان جاوز الابتداء فيجب أن يقطر في الأذن شحم الثعلب أو الورل أو الباسليقون بدهن الورد أو بدهن الحناء أو شحم البطّ أو شحم الرخمة أو مرهم من شحوم الدجاج أو البط وإذا لم يكن الورم شديد الحرارة استعمل فيه دواء متخذ من شحم العنز مذاباً مخلوطاً بأجزاء سواء من العسل والميبختج والزوفا كل واحد منها مثل إهال ذلك الشحم ويجعل في الأذن .
ومما هو أقوى من ذلك وينضج بقوة مرتك وإسفيذاج من كل واحد أوقية كندر غبار الرحا ريتبانج من كل من واحد ثلاث أواق زيت رطل شحم الخنزير أو شحم الماعز الطري رطلان عصارة بزر الكتان مقدار الكفاية يتخذ منه مرهم .
وربما احتيج إلى المخدرات فلتستعمل على النحو الذي سنذكره وإذا استحال إلى المدة فلتستعمل لعاب بزر كتان مع دهن الورد أو دهن البابونج وسائر ما نقوله في بابه .
وأما إن كان الورم خارج الأذن فهز قليل الخطر ويعالج بدقيق الشعير والضمّاد المتّخذ من دقيق الباقلا جيد جداً وهو دقيق الباقلا والبابونج والبنفسج ودقيق الشعير والخطمي وإكليل الملك يدقّ وينخل ويبلّ بماء فاتر ودهن بنفسج وربما اكتفي بعنب الثعلب ودهن الخلّ ودقيق الحنطة .


وأما البثور التي تكون في الأذن فربما كفى الشأن فيها طبيخ التين بالحنطة إذا قطّر في الأذن أو جعل منه فتيلة وربما سكّن الوجع استعمال الأنبوبة على النحو الذي ذكرناه وربما كفى في التخدير وتسكين الوجع ما ذكرناه عقيب ذكر الأنبوبة في هذا الفصل .
ومن الأدوية المشتركة لأوجاع الأذن وخصوصاً التي تميل إلى البرد زيت أنفاق أغلي فيه خنافس أو خراطين أو الدود الذي يكون تحت الجرار أو مرارة السمك بزيت أنفاق أو شحم ورل أو ثعلب أو رخمة أو كركي أو دهن العقارب فإنه نافع جداً .
أو ماء المرزنجوش الطري أو سلاقة ورق الغرب وقشوره أو سلاقة الخراطين في مطبوخ مرّ صفّى مذاب فيه شحم البط وإن كان إلى البرد شديداً فتطبخ مرارة الثور في دهن الخيري إلى أن يظنّ أن المرارة قد تحلّلت وفنيت ثم يرفع ذلك ويستعمل قطوراً فإنه عجيب .
وربما احتيج في معالجات الأوجاع الشديدة في الأذن إلى استعمال المخدرات وذلك مثل شيء من الفلونيا بلبن وكذلك أقراص الزعفران وأقراص الكوكب أو أفيون وجندبيدستر وزعفران بلبن امرأة .
ويجب أن يؤخر ذلك إلى أن يخاف الغشي وخصوصاً إذا كانت أخلاطاً باردة فإن ذلك ضارّ لها جداً .
فإن حدث ضرر من استعمال المخدرات فاستعمل الجندبيدستر بعد ذلك وحده وقد يتخذ أقراص من جندبيدستر تسحق بالغاً ثم يلقى عليه الأفيون سحقاً ثم يتخذ منه أقراص بشراب صرف .
وإن كان هناك قرحة مؤلمة جداً فاستعمل الحضض والأفيون باللبن أو يؤخذ عشرون لوزة مقشّرة وأفيون وبورق وكندر من كل واحد درهم ونصف وستة دراهم زعفران وقنة ومرّ من كل واحدة درهم ونصف يجمع ويسحق بخل ثقيف ويجفف وعند الحاجة يبلُّ بدهن الورد ويقطر فإن كان هناك مدة فبدل الخل خمر أو عسل أو سكنجبين وغير ذلك من الأدوية حسب ما بيناه .
فصل في الدوي والطنين والصفير


هذه الحال هي صوت لا يزال الإنسان يسمعه من غير سبب خارج وقياسه إلى السمع قياس الخيالات والظلم التي يبصرها الإنسان من غير سبب من خارج إلى العين ولما كان الصوت سببه تموّج يعرض في الهواء يتأدّى إلى الحاسة فيجب أن يكون في هذا العرض الذي نتكلم فيه من الدوي والطنين حركة من الهواء وإذ ليس ذلك الهواء هواء خارجاً فهو الهواء الداخل والهواء الداخل هو البخار المصبوب في التجاويف وهذا التموّج إما أن يكون خفياً لا يكاد يعرى عنه فإن كان خفياً ومن الجنس الذي يعسر الخلو عنه فإذا كان يعرض في بعض الأبدان أن يسمع عن مثله دوي وطنين ولا يعرض في بعضها فذلك إما لسبب ذكاء الحس في بعضها دون البعض على قياس ما قلناه في تخيل الخيالات أو لضعفه فيفعل عن أدنى تموج كما يصيب الضعيف برد أدنى برد وحر عن أدنى حر .
وأصناف الضعف هو ما علمته من أصناف سوء المزاج وإن كان فوق الخفي وفوق ما يختلف فيه القوي والضعيف فسببه وجود محرك للبخار ومموج له فوق التحريك والتموج المعتاد والمموج للبخار أما ريح متولدة في ناحية الرأس المتحركة فيه أو نشيش من الصديد الذي ربما تولد فيه وغليان من القيح في نواحيه أو حركة من الدود الحادث كثيراً في مجاريه .
والسبب السابق لهذه الأسباب إما اضطراب يغلي أخلاط البدن كله كما يكون في الحميات وفي ابتداء نوائب الحميات وأما امتلاء مفرط في البدن أو خاصة في الرأس كما يكون عقيب القيء العنيف وكما يكون عقيب صدمة أو ضربة .
وقد يكون ذلك لا سبب اضطراب الحركة بل بسبب مادة لزجة تتحلل ريحاً يسيراً فيدوم ذلك وقد يكون لشدة الخوي وذلك أيضاً لاضطراب يقع في الرطوبات المبثوثة في البدن الساكنة فيه إذا لم تجد الطبيعة غذاء فأقيلي عليها تحللها وتحركها وربما حدث الدوي والطنين عقيب أدوية من شأنها أن تحبس الأخلاط والرياح في نواحي الدماغ .


وسبب هذا الدوي ربما كان في الأذن نفسها وربما كان لمشاركة المعدة وأعضاء أخرى ترسل هذه الرياح إليها .
العلامات : أما المواصل الدائم منه فالسبب فيه متسكن في الرأس فإن كان يسكن ثم يهيج بحسب امتلاء أو خوى أو حركة وعند اشتداد حر أو برد فهو بمشاركة ثم هيئة الصوت تدل عليه فإنه يكون تارة كأنه صوت شيء يغلي إلى فوق وأكثره بمشاركة البدن أو المعدة أو كأنه صوت شيء يدور على نفسه وكحفيف الشجر فذلك يدل على استكان ريح فإن كان هناك حمى ووجع أدى إلى قشعريرة دل على اجتماع قيج وإذا كان تكوينه على سبيل تولد بعد تولد خفي متصل فهو لخط لزج وأما الذي لذكاء الحس فيدل على فقدان أسباب الرياح والامتلاء وبقاء السمع وهيجانه عند الخوى والجوع .
وأما الكائن عن يبوسة فيكون عقيب الاستفراغات والحميات والكائن عن ضعف فتعلمه من الإفراطات الماضية وربما كان من مزاج حار فيكون دفعة ومع التهاب والبارد بالخلاف .
المعالجات : جميع هؤلاء يجب أن يجتنبوا الشمس والحمام والحركة العنيفة والصياح والقيء والامتلاء وأن يلينوا الطبيعة أما الكائن بالمشاركة فيجب أن يقصد فيه فصد العضو الفاعل له وخصوصاً المعدة فتنقى ويقصد الدماغ والأذن فيقويان أما الدماغ فبمثل دهن الآس وأما الأذن فبمثل دهن اللوز ونحوه وينظر في ذلك إلى المزاج الأول ويقصد لمعونته على القولين المعلومين وكذلك الكائن من الامتلاء فيجب أن ينقى البدن أو الرأس بما يعلم ويلطف التدبير .
وأما البحراني فلا يجب أن يحرك فإنه يزول بزوال الحمى .
وأما الكائن لذكاء الحس فمن الناس من يأمر فيه بالمخدرات مثل دهن الورد المطبوخ بالخل المذكور أمره مع قليل أفيون أو الممزوج بدهن البنج أو الشوكران مسحوقاً بجندبيدستر بدهن .
وأصلح ما أمروا به أن يؤخذ حب الصنوبر وجندبيدستر ويسحقن في خل ويقطر .
وأما الكائن عن قيح فيعالج بعلاج الورم والقيح .


وأما الكائن في الناهقين ولمن يبس مزاجه فإن كان السبب يبساً فالتغذية والترطيب بالأدهان المعتدلة المائلة إلى البرد أو الحر بحسب الحاجة .
وإن كان السبب الضعف فاستعمال ما يعدل المزاج العارض من القطورات المذكورة .
وأما إن كان السبب مادة اندفعت إليها في حال السرسام أو خلطاً لزجاً فجميع الأشياء المذكورة في باب الوجع والطرش ومما يخص الذي يعقب السرسام والحميات خاصة عصارة الأفسنتين بدهن الورد أو بالخل ودهن السوسن فإنها معالجة صالحة أما الذي عن خلط لزج بارد فيخصه قرص مجرب في هذا الشأن نسخته : يؤخذ من الخربق الأبيض ثلاثة دراهم ومن الزعفران خمسة دراهم ومن النطرون عشرة يتخذ أقراصاً ويستعمل ومن الأدوية المشتركة الجامعة المجربة لما كان عن ضعف أو كان عن سدة أو خلط أن يؤخذ من القرنفل ومن بزر الكراث من كل واحد نصف درهم ومن المسك دانق يقطر بماء المرزنجوش والسذاب أو بالشراب وكذلك طبيخ ورق الصنوبر وطبيخ ورق شمشار وطبيخ ورق الغار ويجب أن يجتنب في جميعها العشاء .
قال بعض العلماء المتقدمين : أنه لا شيء أنفع للصفير من دواء الفوتنج الموصوف للحفظ فإنه أنفع ما خلق اللّه تعالى لذلك وينفع منه قطور متخذ من الزوفا بورق الصنوبر وحبّ الغار .
وليتأمل ما قيل في باب الطرش والوجع من معالجات مشتركة وخصوصاً الباردة حسب ما أنت تعلم ذلك .
فصل في القيح والمدة والقروح في الأذن


أول ما ينبغي أن يقدّمه تلطيف الغذاء واستعمال ما يتولد منه الخلط الطيب العذب المحمود من البقول واللحوم وإمالة التدبير إلى ما يجب من الكيفية المعتدلة وإن أوجب المزاج تناول ماء الشعير وما أشبهه فعل ويخفّف الرياضة ويميل المادة إلى الأنف والفم بالعطوسات والغراغر ثم لا تخلو القروح من أن تكون ظاهرة للحس أو تكون عميقة لا يوصل إليها بالحس فالظاهر منها يغسل بخل ماء أو بسكنجبين وماء أو بعسل وماء أو خمر أو بطبيخ العسل مع الورد والآس وبعد ذلك فينفخ في الأذن ما يجفّف مثل الزاج المحرق ونحوه وقد ينفع الصديدية والقيح دهن الشهدانج والأولى أن لا يردع ولا يمنع ما لم يفرط بل يجب أن يغسل ويجلى بمثل ماء المر بدهن الورد وأيضاً عصارة ورق الزيتون بالعسل يستعمل قطراً .
وأما العميقة فمنها قريبة العهد ومنها مزمنة .
والقريبة العهد تعالج بمثل شياف ماميثا بالخل أو بشياف الورد والمرو بالصبر في العسل أو الشراب يجعل في الأذن وربما يقع تقطير ماء الحصرم فيه خصوصاً إذا جعل معه عسل وكذلك عصير ورق الخلاف أو طبيخه أو شب يمان محرق ومر من كل واحد درهم يسحق بالعسل ويحتمل في صوفة أو دم الأخوين وزبد البحر والأنزروت والبورق الأرمني واللبان والمر وشياف ماميثا أجزاء سواء تذر على فتيلة ملفوفة على ميل مغموسة في العسل وتجعل في الأذن وإن كان لها وجع عولجت بخبث الحديد مسحوقاً فيها كثيراء وخلط بما يجفّف ما يسكن الوجع وذلك مثل استعمال دهن اللوز مع المرّ والصبر والزعفران .
وربما احتيج إلى أن يخلط به قليل أفيون واستعمال الدواء الراسني نافع أيضاً فإنه مع ما فيه من التجفيف يصحبه قوّة مسكّنة للوجع وينفع من ذلك مركبات ذكرناها في القراباذين وقد ينفع منه أقراص أندرون وينفع أن يؤخذ من نوى الهليلج والعفص محرقين مجموعين بدهن الخيري ودردريّ البزر وينفع منه مرهم الاسفيذاج ومرهم باسليقون مخلوطين قطوراً .


وأما المزمنة من العميقة فإنها رديئة جداً ربما أدّت إلى كشف العظام ويدلّ عليها اتساع المجرى وكثرة الصديد المنتن فيحتاج إلى مثل القطران مخلوطاً بالعسل ومثل مرارة الغراب والسلحفاة بلبن امرأة أو قردمانا ونطرون مجموعين بتين منزوع الحب يتخذ منه فتائل وتستعمل بعد تنقية الوسخ وكذلك في سائر الأدوية .
ومن الأدوية القوية في هذا الباب توبال النحاس مع زرنيخ وعسل وخل أو صدأ خبث الحديد نفسه مقلياً مسحوقاً كالغبار بعد تواتر القلي مراراً بخلّ خمر حتى يصير كالعسل ويقطر في الأذن وربما احتيج إلى درهم الزنجار وذلك إذا أزمن وتوسّخ .
ومما هو متوسط في هذا الباب شبّ محرق مع مثله عسل وربما زيد فيه التمر وأقوى من ذلك تركيب بهذه الصفة .
ونسخته : يؤخذ زنجار وقشور النحاس من كل واحد أربعة دراهم عصارة الكرّاث أوقية عسل ماذي أوقية يستعمل وإذا كثر القيح جداً فلا بد من استعمال فتيلة مغموسة في مرارة الثور أو قطور من بول الصبيان .
وأقواه خبث الحديد المغسول المقلي على الطابق مراراً إذا طبخ في الخلّ واستعمل وإذا كان مع القيح المزمن وجع وصبّ في الأذن نبيذ صلب مضروب بدهن الورد أو بماء الكراث أو ماء السمك المالح وربما أحوج الوجع إلى صبر وأفيون وزعفران يعجن بالعسل ويجعل فيها وإذا رأيت الرطوبة احتبست بالأدوية المانعة المجففة فصب في الأذن دهن الورد لتسقط الخشكريشة ثم أجعل فيها ما ينبت اللحم .
ويجب بالجملة أن لا يحبس الصديد بل يمنع تولده ويجفف قروحها .
وكثير من المعالجين المحتالين يحشون الأذن المقيّحة خرقاً تمنع سيلان القيح عنها ويمنعون نوم العليل من ذلك الجانب لئلا يجد القيح مندفعاً فيه فيحوج إلى أن يميل نحو اللحم الرخو الذي في أصل الأذن فيحدث ورماً ويبّطونه بعد الإنضاج ويعالجونه فيبرأ سيلان المادة عن الأذن .
فصل في انفجار الدم من الأذن


قد يكون منه ما يجري مجرى الرعاف في أنه بحراني وربما كان عن امتلاء أدى إلى انشقاق عرق أو انقطاعه أو انفتاحه وربما كان عن صدمة أو ضربة .
المعالجات : أما البحراني فلا يجوز أن يحبس إن لم يؤدّ إلى ضعف وغشي وأما غير ذلك فإنه يحبس أما بالقابضات وأما بالكاويات وأما بالمبرّدات .
أما القابضة فمثل طبيخ العفص بماء أو خل وطبيخ العوسج وربما خلط معه مرّ بخمر عتيق أو خلّ وكذلك شياف ماميثا وحضض وطبيخ ورق شجرة المصطكي أو رمانة طبخت في الخل وعصرت .
وأما المبرّدات فمثل عصارة عصا الراعي ولسان الحمل مع خمر أو شياف ماميثا والأفيون .
وأما الكاوية فكعصارة الباذروج .
ومما هو عجيب جداً أنفحة الأرنب بخل أو عصارة الكرّاث بالخل .
ومما هو مجرّب لذلك أن تؤخذ كِلْيَتا ثور وشيء من شحمه فيملّح ثم يشوى نصف شية ويعصر ماؤه في الأذن .
فصل في الوسخ في الأذن والسدّة الكائنة منه
أما العلاج الخفيف له فأن يقطر فيها دهن اللوز المرّ الجبلي خاصة ليلاً ويدخل الحمّام ويوضع الأذن على الأرض الحارة ليذوب الوسخ وربما ينفع من ذلك نفخ الزاج فيها وأيضاً قردمانا مثقال بورق أرمني نصف مثقال تين أبيض ما يعجنه به ويتخذ منه فتيلة أو يصبّ فيه مرارة ماعز مع دهن فراسيون مسحوقاً أو الفراسيون مسحوقاً أو ماء الفراسيون أو يُذاب البورق بالخلّ ويترك حتى يسكن غليانه ويمرخ بدهن ورد ويقطر أو يخلط البورق بالتين المنزوع الحب ويحبّب منه حب صغار ويوضع في الأذن وينزع في اليوم الثالث فيصحبه وسخ كثير ويعقبه خفة بينة .
وربما جعل فيها قردمانا وأنجرة .
ومما هو أقوى عصارة ورق الحنظل قطوراً ويؤخذ بورق وزرنيخ بالسوية ويعجن بالعسل ويداف بالخل ويقطر في الأذن ويصبر عليه ساعة ثم يغسل الموضع بماء العسل أو بماء حار .
والفتائل القوية لا تستعمل إلا بعد الاستفراغ ومنها فتيلة مغموسة في زيت ودهن البابونج ودهن الناردين .


فقد زعم قوم أن الكافور شديد النفع من الطرش ويشبه أن يكون للمراري .
وما جرّب زيت العقارب فإنه يبرئ الصمم .
ومما ينفع من السدّة الوسخية فتيلة متّخذة من الحرف والبورق وتلزم الأذن ثلاثة أيام ثم تخرج فيخرج وسخ كثير وكذلك الفتائل بالعسل .
فصل في السدة العارضة في الأذن
قد تكون هذه السدّة في الخلقة لغشاء مخلوق على الثقب وقد تكون لوسخ وقد تكون لدم جامد وقد تكون للحم زائد أو ثؤلول وقد تكون لحصاة أو نواة تقع فيها أو حيوان يدخلها فيموت فيها وربما كانت مع خلط لزج يسدّ الثقبة أو مجاري العصبة فيحسّ الإنسان كأن أذنه مسدودة دائماً وربما حدث ذلك بعد ريح شديدة .
المعالجات : أما ما كان من صفائق أو لحم يسدّ المجرى في أصل الخلقة فالغائر منه أصعب علاجاً والظاهر أسهل وأما الباطن فيحتال له بآلة دقيقة تقطعه ثم تمنع الإدمال على ما نقوله عن قريب .
وإن كان ظاهراً فينبغي أن يشق بالسكين الشوكي الذي يقوّر به بواسير الأنف ثم يلقم فتيلة ذرّ عليها قلقطار وما يجري مجراه مما يمنع نبات اللحم .
وأما إن كانت السدّة من شيء نشب فيه فيجب أن يتهطر الدهن في الأذن مثل دهن الورد أو السوسن أو الخيري وإن كان ذلك الناشب مثل حيوان مات فيها فيصبّ فيها من الأدهان ما يفسخه ثم يستخرج بمنقبة الأذن برفق وأما إن كانت السدّة بسبب لحم زائد أو تؤلول فيجب أن يغسل بماء حار ونطرون ثم يقطر فيها نحاس محرق وزرنيخ أحمر مسحوقان جداً بالخل حتى يحرق اللحم ثم تعالج القرحة .
وقد ذكر أن إدمان صبّ مرارة الخنزير فيه نافع منه جداً .
والذي يتخيّل إلى الإنسان من أن أذنه مسدودة ينفع منه تقطير دهن السوسن أو مرارة الثور في عصارة السلق .


ولعصارة الشهدانج وعصارة الحنظل خاصية في سدد الأذن وإن كانت السدة وسخية عولجت بما ذكرناه في باب السدد الوسخية ومما ينفع من السدّة الوسخية وغيرها فتيلة متخذة من الحرف والبورق تلزم الأذن ثلاثة أيام ثم تخرج ومما هو أقوى من ذلك وينقي أيضاً العصبة أقراص الخربق .
ونسختها : يؤخذ من الخربق الأبيض مثقالان ومن النطرون ستة عشر مثقالاً ومن الزعفران ثلاثة مثاقيل يدق ويسحق بخلّ ويقرّص ثم إذا احتيج إليها حلت في خلّ وقطرت في الأذن فهو عجيب جداً .
وأما السدة التي تكون في الخلقة فهو أن تخلق الأذن غير مثقوبة ومسدودة الداخل خلقة وقد يجرب بعمل اليد حتى إن أدّى الكشط والتطريق إلى الصماخ الباطن نفع وربما لم ينفع بكل فصل في المرض يعرض للأذن والضربة
أما بقراط فيرى أن لا تعالج بشيء وأما من بعده فما يعالجون به أن يأخذوا أقاقيا ومراً وصبراً وكندراً ويتخذ منه لطوخ بالخلّ أو ببياض البيض أو لبّ الخبز بالعسل .
فصل في حكة الأذن : يؤخذ ماء الأفسنتين ويصبّ فيه ببعض الأدهان أو يغلى الأفسنتين بالدهن ويقطر . فصل في دخول الماء في الأذن
قد يدخل الماء في الأذن إذا لم يصبّها المستحم والمغتسل فيؤذي ويورم أصل الأذنين ويوجع وجعاً شديداً .
المعالجات : مما ينفع من ذلك أن يمتص بأنبوبته امتصاصاً يجذبه دفعة ثم يصبّ فيها دهن اللوز الحلو وربما أخرجه السعال والعطاس أو يؤخذ عود .


من شبث أو شقة من بردي مقدار شبر واحد ويلفّ على أحد طرفيه مقدار ثلثه قطنة ويغمّس في زيت ويهندم الطرف الآخر في الأذن بما يهندم فيه ويضجع صاحبه ويشعل في الطرف المقطن نار ويترك حتى يشتعل إلى أن ومما ينفع من ذلك وخصوصاً في الابتداء أن يؤخذ راحة ماء فيملأ به الأذن ثم ينقلب على صاحبه وهو يحجل حجلاً حتى يخرج الجميع وقد يستخرج أيضاً بالزراقة يدخل رأسها ويجذب عمودها فينجذب معها الماء وربما أكنى في القليل منه صب الأدهان في الأذن وصبّ الألبان الفاترة مراراً متتابعة وخصوصاً إذا بقي وجع وزالت العلة .
وإن أوجع ذلك شديد أضمدت الأذن بقشور الخشخاش وإكليل الملك والبابونج والبنفسج والخطمي وبزر الكتان ودقيق الشعير بلبن النساء .
فصل في دخول الحيوانات في الأذن وتولد الدود فيها
قد يتفطن لدخول الهامة في الأذن بشدة الوجع مع خدش وحركة بمقدار الحيوان وأما الدود فيحسّ معه بدغدغة .
المعالجات : مما يعمّ جميع ذلك تقطير القطران في الأذن فإنه يسكن في الحال حركة الحيوان فيها ويقتلها عن قريب وخصوصاً الصغير وكذلك تقطير عصارة قثاء الحمار وحدها أو مع السقمونيا وكذلك الكبريت والزراوند الطويل والقلقديس والميعة .
ومن الجيد أن يقطر فيها سيلان لحم البقر المشوي وقد ينفع من ذلك أن يؤخذ الزيت ويجعل في الأذن ويجلس في الشمس ومن العصارات وخصوصاً اللدود عصارة أصل الكبر وعصارة أصل الفرصاد وعصارة الحوك وهو البادروج وعصارة ورق الإجاص وعصارة ورق الخوخ وعصارة الأفسنتين أو القنطريون أو الفراسيون وعصارة ورق البطم الأخضر أو ورق الشمشار .


أو ورق الصنوبر وخصوصاً إذا طبخ بخل خمر وعصارة قثاء الحمار وعصارة الخربق الأبيض أو طبيخه أو الأفتيمون وعصارة الفوتنج بالسقمونيا أو عصارة الشيح أو عصارة المرماخور أو ماء العسل بشيء عن هذه العصارات وكذلك عصارة الفجل وعصارة البصل وخصوصاً الطلخسار أو بزر البصل بماء العسل أو بعض المرارات وخصوصاً إذا سخنت في جوف رمان بشحمه .
وكذلك طبيخ حب الكبر الطري أو عصارته وعصارة الترمس أو الصبر بالماء الفاتر أو قسط مسحوق أو عاقر قرحا وجميع هذه في الدود أنجع وأقوى .
ومما جرب للدود أن يؤخذ عن الشراب درهمان ومن العسل ثلاثة دراهم ومن دهن الورد درهم واحد يخلط ببياض بيضتين ويفتر ويجعل في الأذن بصوفة مغموسة فيها يملأ بها الأذن ويتكئ عليها المتشكي ولا ينام ثم يختطف دفعة فيخرج دود كثير .
وقد ينفع من أذى الدود صحت عصارة الخسّ المر أو العوسج أو الأفسنتين أو طبيخهما أو سحيق لحاء أصل الكبر أو ماء المرماخور أو المرزنجوش أو البول المعتق .
هذه الأورام من جنس الأورام الحادثة في اللحوم الرخوة وخاصة اللحوم الغددي ويسمى باريطوس ويسمى نبات الأذن وربما بلغ أحياناً من شدة ما يؤلم أن يقتل ومثل ذلك فقد يتقدمه كثيراً اختلاط العقل وهو والورم الكائن في الصماخ أقتل للشبان منه للمشايخ لأنه يكون في المشايخ ألين .
وأما الشبان فهم أسخن مزاجاً ومادة وأورامهم المؤلمة أحدّ كيفية وأشد إيجاعاً وأقلّ إمهالاً إلى أن يجع .
والأورام التي تكون تحت أصل الأذن أسلمها ما كان على سبيل بحران حسن العلامات أما إذا كان عن بحران ليس معه علامة نضج أو كان سباقاً لوقت البحران فهو رديء .
وهذه الأورام بالجملة قد تكون عن مادة حارة صفراوية أو دموية وقد تكون عن سوداء أو من بلغم ويدلّ على الدموي منها حمرة وثقل ومدافعة للحس وضيق في المجاري .
ويدلّ على الصفراوي وعلى الكائن من الدم الرقيق وجع لذّاع ماشراوي بلا ثقل ولا تضييق للمجاري ولكن مع تلهب شديد .


والبلغمي يكون مع تذبّل ولين وقلة حمرة .
والسوداوي مع صلابة وقلّة وجع ومن جنس ما يجب أن يعتني في الأكثر بتبريده وجذبه لا يردعه إذا كانت المادة المنصبة فضل عضو رئيس ولا سيما في بحرانات أمراضها مثل ما يحدث في بحران ليثرغس كثيراً .
وقد أشرنا إلى معرفة هذا في الكتاب الكلي فيجب إذن أن لا يهتم بعلاجه من حيث يستحق العلاج الورمي قبضاً وردعاً في الابتداء ثم تركيباً للتدبير ثم تحليلاً صرفاً بل يجب أن تبدأ وخصوصاً إذا عرض في الحميات وأوجاع الرأس فيعان على جذب المادة إلى الورم بكلّ حيلة ولو بالمحاجم إن كان ليس منجذباً سريع الانجذاب ويتبغي أن تقلّل المادة بالفصد إن احتيج إليه وإن كان شديد التحلب والانجذاب .
تركناه على الطبيعة لئلا يحدث وجعاً شديداً وتتضاعف به الحمى بل يجب أن يقتصر إن كان هناك وجع شديد على ما يرخي ويسكّن الوجع مما هو رطب حار .
وإن كان ابتداؤه بوجع شديد فاقتصر على التكميد بالماء القراح وإن كان خفيفاً فاقتصر على الكماد بالملح أو على دواء الأقحوان وعلى الداخليون ومرهم ماميثا ومر .
وإن لم يكن شديد الخفة وظهر له رأس فليستعمل ما يجمع بين تغرية وتهشيش وإنضاج مثل دقيق الحنطة والكتان مع شارب العسل أو ماء الحلبة والخطمي أو البابونج فإن حدس إنه ليس يتحلل بل يقيح فالواجب أن يخرج القيح إما بتحليل لطيف إن أمكن أو عنيف ولو بشرط ومص ومما يخرج القيح منه بعد البط أو الشرط دواء أسميلون ومما هو موافق في هذه العلة لجذبه وتحليله ولخاصية فيه بعر الغنم بشحم الأوز أو الدجاج ومن ذلك نورة وكعك وشحم البقر الغير المملح .
وأما المزمن فيحتاج إلى رماد الصدف والودع مع العسل أو مع شحم عتيق أو يؤخذ التين ويطبخ بماء البحر أو يستعمل الأشق وحده أو مع غيره وكذلك الزفت الرطب والمقل بوسخ .
الكوائر والميعة السائلة ومخ الإبل .
فإن صارت خنازير وثبتت فليتخذ مرهم من هذه العناصر .


ونسخته : علك البطم وزفت وحب الدهمست وميويزج وصمغ عربي وكمّون وفلفل وأصل اللوف وقنة وكزبرة وقردمانا ورماد قشور أصل الكبر وعاقرقرحا وبعر الغنم والماعز والشحوم وخصوصاً شحم الخنزير والماعز والتيوس الجبلية خصوصاً للسوداوي .
وكذلك أدمغة الدجاج والقبج والبقر ومخاخ البقر وخصوصاً الوحشية والأدهان .
أما لما هو أسخن مادة فإن الورد والبنفسج ولما هو أبرد مادة دهن السوسن والشبث والبابونج والخروع وينفع من هذه الأورام إذا عسرت مرهم الريتبانج .
فصل في هرب الأذن من الأصوات العظيمة
يكون السبب فيه ضعف في القوة النفسانية في الدماغ أو الفائضة إلى السمع ولا بدّ من علاج الدماغ بما يقويه على ما علمت .


القانون
القانون
( 33 من 70 )

الفن الخامس أحوال الأنف
وهو مقالتان :
المقالة الأولى الشمّ وآفاته والسيلانات
فصل في تشريح الأنف
تشريح الأنف يشتمل على تشريح عظامه وغضروفه والعضل المحركة لطرفيه وذلك مما فرغ منه .
ومجرياه ينفذان إلى المصفاة الموضوعة تحت الجسمين المشبهين بحلمتي الثدي والحجاب الدماغي هناك أيضاً يثقب ثقباً بإزاء ثقبة من المصفاة لينفذ فيها الريح ويؤدّي ولكل مجرى ينفذ إلى الحلق وتشريح الآلة التي بها يقع الشم وتلك هي الزائدتان الحلميتان اللتان في مقدّم الدماغ ويستمدان من البطنين المقدمين من الدماغ وكذلك تتصفّى الفضول في تلك النقب .
ومن طريقها ينال الدماغ والزائدتان الناتئتان منه الرائحة ينشق الهواء .
والدماغ نفسه يتنفس ليحفظ الحار الغريزي فيه فيربو ويأزر كالنابض وقد يربو عند الصياح وعند اختناق الهواء والروح إلى فوق .
وفي أقصى الأنف مجريان إلى الماقين ولذلك يذاق طعم الكحل بنزوله إلى اللسان .
وأما كيفية الشم فقد ذكرت في باب القوى .
وأما أن الرائحة تكون في الهواء بانفعال منه أو تأدية أو بسبب بخار يتحلّل فذلك إلى الفيلسوف وليقبل الطبيب أن الشمّ قد يكون في الأصل باستحالة ما من الهواء على سبيل التأدية ثم يعينه سطوع البخار من في الرائحة .
وإذ قد ذكرنا تشريح الأنف ومنفعته والعضل المحركة لمنخريه فيما سلف فالواجب علينا الآن أن نذكر أمراضه وأسبابها وعلاماتها معالجاتها .
فصل في كيفية استعمال الأدوية للأنف
اعلم أن معالجات الأنف منها ما لا يختصّ بأن يكون من طريق الأنف مثل الغراغر والأطلية على الرأس ومنها ما يختصّ به مثل البخورات والشمومات ومثل السعوطات وهي أجسام رطبة تقطر في الأنف ومنها النشوقات وهي أجسام رطبة تجتذب إلى الأنف بجذب الهواء .


ومنها نفوخات وهي أشياء يابسة مهيأة تنتفخ في الأنف ويجب أن تنفخ في الأنبوب وكل من أسعطته شيئاً فمن الصواب أن يملأ فمه ماء ويؤمر بأن يستلقي وينكس رأسه إلى خلف ثم يقطر في أنفه السعوطات .
ويجب أن ينشق كل ما يجعل في الأنف إلى فوق كل التنشّق حتى يفعل فعله وكثيراً ما يعقب الأدوية الحادة المقطّرة في الأنف والمنفوخة فيها لذع شديد في الرأس وربما سكن بنفسه وربما احتيج إلى علاج بما يسكن والأصوب أن يكون على الرأس عندما يسعط بشيء حاد حريف خرق مبلولة بماء حار وقد عرق قبله إما بلبن حلب عليه أو دهن صب عليه مثل دهن حبّ القرع ودهن الورد ودهن الخلاف فإذا فعل السعوط فعله أتبع بتقطير اللبن في الأنف مع شيء من الأدهان الباردة فإنه نافع .
فصل في آفة الشمّ
الشمّ تدخله الآفة كما تدخل سائر الأفعال فإنّ الشمّ لا يخلو إما أن يبطل وإما أن يضعف وإما أن يتغير ويفسد بطلانه وضعفه على وجهين فإما أن يبطل ويضعف عن حس الطيب والمنتن جميعاً أو يبطل ويضعف عن حس أحدهما .
وفساده تغيّره أيضاً على وجهين .
أحدهما : أن يشمّ روائح خبيثة وإن لم تكن موجودة .
والثاني : أن يستطيب روائح غير مستطابة كمن يستطيب رائحة العذرة ويكره المستطابة .
وسبب هذه الآفات .
إما سوء مزاج مفرد وإما خلط رديء يكون في مقدّم الدماغ والبطنين اللذين فيه أو في نفس الشيئين الشبيهين بحلمتي الثدي وأما شدّة في العظم المشاشي عن خلط أو عن ريح أو عن ورم وسرطان ونبات لحم زائد أو سدّة في الحجاب الذي فوقه .
وكثيراً ما يكون الكائن من سوء المزاج المفرد حادثاً من أدوية استعملت وقطورات قطرت فسخّنت مزاجاً أو أخدرت وبردت أو فعل أحد ذلك أهوية مفرطة الكيفية وقد يكون من ضربة أو سقطة تدخل على العظم آفة .


العلامات : إذا عرض للإنسان أن لا يدلك الروائح ووجدت هناك سيلاناً للفضول على العادة فلا سدّة في المصفاة وإن وجدت امتناع نفوذ النفس في الأنف وغنة في الكلام فهناك سدّة في نفس الخيشوم وإن احتبس السيلان ولم يكن لسوء مزاج الدماغ وقلّة فضوله وكان ما دون المصفاة مفتوحاً فهناك سدّة غائرة .
وإن كان السيلان جازياً على العادة ولا سدّة تحت الخيشوم وما يليه فالآفة في الدماغ فتعرف مزاجاته وأفعاله وأحواله مما قد عرفته وكذلك إن كان ضعف في الشمّ ونقصان .
وأما إن كان يجد ريح عفونة ويستنشق نتناً فالسبب فيه خلط في بعض هذه المواضع عفن يستدلّ عليه بمثل ما علمت .
وإذا اشتم في الأمراض الحادة روائح غير معتادة ولا معهودة ولا عن شيء ذي رائحة حاضر ومع ذلك يحسّ رائحة مثل السمك أو الطين المبلول أو السمن وغير ذلك وهناك علامات رديئة فالموت مظل .
وإن كان سببه سوء المزاج فيجب أن يعالج بالضدّ ويقصد مقدّم الدماغ من النطولات والشمومات والنشوقات والأطلية والأضمدة المذكورة في باب معالجات الرأس .
وأكثر ما يعرض من سوء المزاج هو أن يكون المزاج بارداً إما في البطنين المقدّمين بكلتيهما أو في نفس الحلمتين .
وأنفع الأدوية لذلك السعوطات المتخذة من أدهان حارة مدوفاً فيها الفربيون والجندبيدستر والمسك .
وإن كان السبب فيه خلطاً في بطون الدماغ استدلّ عليه بما قيل في علل الدماغ .
واستفرغ البدن كله إن كان الخلط غالباً على البدن كله أو الدماغ نفسه بما يخرج ذلك الخلط عنه بالشبيارات والغراغر والسعوطات والنشوقات والشمومات الملطفة وما أشبه ذلك مما قد عرفته .
وإن احتيج إلى فصد العرق فعل يرجع في جميع ذلك إلى الأصول المعطاة في علاج الدماغ .


وإن كان السبب سدّة في العظم المشاشي المعروف بالمصفاة استعمل النطولات المفتحة المذكورة في باب معالجات الرأس فينطل بها ويكبّ على بخارها ويستنشق منها مدوفاً فيهما فلفل وكندس وجاوشير ويجب أن يلزم الرأس المحاجم بعد ذلك وغرغرة بالأشياء المفتحة الحارة .
ومما جرّب الشونيز ينقع في الخلّ أياماً ثم يسحق به ناعماً ثم يخلط بزيت ويقطر في الأنف وينشق ما أمكن إلى فوق وربما سحق كالغبار ثم خلط بزيت عتيق ثم سحق مرة أخرى حتى يصير بلا أثر .
ومما جرّب وذكر أن يؤخذ زرنيخ أحمر وفوتنج يسحقان جيداً ويغمران ببول الجمل الأعرابي ويشمّس ذلك كله ويخضخض كل يوم مرتين فإذا انتشق الدواء البول أعيد عليه بول جديد ثم يبخر الأنف بوزن درهم منه ثم يعرّق من دهن الورد ومما مدح للسدّة الريحية السعط بدهن لوز مرّ جبلي أو نفخ الحرمل والفلفل الأبيض مدوفين فيه .
وقد ذكر بعضهم أن قشر الرتة إذا جفّف ونفخ سحيقه في الأنف كان نافعاً .
وإن كان السبب فيه بواسير عولج بعلاج البواسير .
وأما الذي يحسّ الطيّب ولا يحسّ النتن فلا يزال يسعط بجندبيدستر مراراً حتى يصلح .
وأما الذي يحسّ النتن ولا يحس الطيّب فلا يزال يسعط بالمسك حتى يحسن حاله ويصلح .
فصل في الرعاف
الرعاف قد يكون قطرات وقد يكون هائجاً لحقن شديد وبسبب غلبة من الدم العالي بقوة وربما كان الانفجار عن شبكة عروق الدماغ وشرايينه وهو غير قابل في الأكثر للعلاج .
وأكثره يكون عقيب حدوث صداع والتهاب ومرض حاد أو عقيب سقطة أو ضربة ويتبعه أعراض فساد أفعال الدماغ لا محالة وربما كان لبخارات حارة متصعدة .
والذي يكون عن الشرايين يتميز عن الذي يكون عن الأوردة لرقّته وحمرته وحرارته وأيضاً فقد يكون عائداً بأدوار وقد يكون عائداً دفعة .
وسيلان الرعاف من الأحوال التي تنفع وتضرّ .


ومن وجد عقيبه خفّة رأس عن امتلاء واعتدال لون عن حمرة شديدة واعتدال سحنة بعد انتفاخ فقد انتفع به لا سيما في الأمراض الحارة وفي الأورام الباطنة وخاصة الدموية والصفراوية في الدماغ ثم في الكبد ثم في الحجاب ثم في الرئة فإن نفع الرعاف في ذات الجنب أكثر منه في ذات الرئة .
والرعاف بحران كثير في أمراض حادة كثيرة وخاصة مثل الجدري والحصبة وأما إذا أسرف فأعقب صفرة لم تكن معتادة أو رصاصية أو كمودة من صفرة واسوداد وذبولاً مجاوزاً للعدّ وبرد الأطراف فإنه وإن احتبس فعاقبته محذورة .
ومن حال لونه إلى الصفرة فقد غلب عليه المرار الأصفر وتضرّره بإخراج الدم أقل .
ومن حال لونه إلى الرصاصية فقد غلب عليه البلغم .
ومن حال لونه إلى الكمودة فقد غلب عليه المرار الأسود .
وهذان شديداً الضرر بما نقص من الدم .
والجميع ممن أفرط عليه الرعاف على خطر من أمراض ضعف الكبد والاستسقاء وغير ذلك .
وأشد الأبدان استعداداً للرعاف هو المراري الصفراوي الرقيق الدم وينتفع بالمعتدل منه .
وللرعاف دلائل مثل التباريق يلوح للعينين والخطوط البيض والصفر والحمر وخصوصاً عقيب الصداع وسائر ما فصل حيث تكلمنا في الأمراض الحادة وبحراناتها وقد يستدل من الرعاف وأحواله على أحوال الأمراض الحادة وبحارينها وقد ذكرناه في الموضع الأخص به .
أما البحراني وما يشبهه من الواقع من تلقاء نفسه فسبيله أن لا يعالج حتى يحس بسقوط القوة وربما بلغ أرطالاً أربعة منه ويجب أن يحبس حين يفرط إفراطاً شديداً .
وأما غيره فيعالج بالأدوية الحابسة للرعاف .
وأما الكائن بسبب استعداد البدن ومراريته فيجب أن يداوم استفراغ المرار منه وتعديل دمه بالأغذية والأشربة .


والفصد أفضل شيء يحبس به الرعاف إذا فصد ضيقاً من الجانب الموازي المشارك وخصوصاً إذا وقع الغشي فأما الأدوية الحابسة للرعاف فهي إما شديدة القبض وإما شديدة التبريد والتغليظ والتجميد وإما شديدة التغرية وإما حادة كاوية وإما الدوية لها خاصية وإما أدوية تجمع معنيين أو ثلاثة .
والقوابض مثل عصارة لحية التيس والقاقيا ومثل الجلنار والورد والعدس والعفص ومثل عصارات أوراق العوسج وورق الكمثري وورق السفرجل وعصا الراعي والمبردات فمثل الأفيولت والكافور وبزر البنج والجصّ وبزر الخس وعصارته والخلاف وماء بلح النخل ولسان الحمل والقاقلي كلها غير مطبوخة .
والمغريات مثل غبار الرحى ودقاق الكندر .
وأما الكاوية مثل الزاجات والقلقطار وهذه إذا استعملت فيجب أن تستعمل بالاحتياط فإنها ربما أحدثت خشكريشة إذا سقطت جلبت شراً من الأولى .
وأما التي لها خاصية مثل علاج الخفيف من الرعاف : أما السعوطات فيؤخذ ماء بلح النخل وقاقيا من كل واحد نصف أوقية كافور حبة لا يزال يقطر في الأنف ومنها عصارة البلح مع عصارة لحية التيس وكافور وأيضاً ماء البلح مع عصارة الكراث وأيضاً الماء الملح المر يقطر في الأنف وماء الكزبرة وأيضاً عصارة القاقلي بحالها غير مطبوخة وأيضاً ماء القثاء بكافور وأيضاً عصارة الباذروج بكافور أو عصارة لسان الحمل مع طين مختوم وكافور أو عصارة عصا الراعي معهما .
ومما هو بالغ في ذلك الباب عصارة روث الحمار الطري وإن أحسست كثرة دم فالزنجار المحلول في الخل يقطر يسيراً يسيراً وأيضاً استعمال سعط من سحيق الجلنار ناعماً بماء لسان الحمل وأيضاً ماء ديف فيه أفيون .
ولا يجب أن يفرط صبّ الماء الشديد البرد فربما عقد الدم وأجمده في أغشية الدماغ .
وههنا سعوطات كتبت في الأقراباذين غاية جيدة .


وأما الفتائل تؤخذ فتيلة وتغمس في الحبر ثم ينثر عليه زاج حتى يغلظ الجميع ثم يدس في الأنف وأيضاً تؤخذ عصارة ورق القريص وقلقطار ووبر الأرانب وسرقين الحمار يابساً ورطباً وعصارة الكرّاث وكندر ويتخذ منه فتيلة .
ومما جرب فتيلة متخذة من الحضض الهندي المحرق وماء الباذروج وأيضاً فتيلة من غبار الرحى ودقاق الكندر وصبر بالخلّ وبياض البيض وأيضاً فتيلة متخذة من زاج وقرطاس محرق وقشار الكندر بماء الباذروج وأيضا فتيلة مبلولة بماء الورد مغموسة في قلقطار وصبر أو فتيلة من ماء الكراث مذروراً عليه نعناع مسحوق أو فتيلة من اسفنج وزفت مذاب مغموسة في الخل أو تتخذ فتيلة من سراج القطرب أو نسج العنكبوت بقلقطار وزاج وقليل زنجار أو فتيلة متخذة من وبر أرنب منفوش مغموس في الكندر والصبر المعجونين ببياض البيض وأيضاً فتيلة متخذة من زاج محرق جزءين أفيون جزء يجمع بخلّ أو فتيلة من قشور البيض محرقة تخلط بحبر وعفص .


وأما النفوخات فمنها الحضض الهندي المحرق وأيضاً ضفادع محرقة تذر في الأنف وأيضاً غبار الرحا أو تراب حرف أبيض أو نورة وأيضاً قشار الكندر وقرطاس وزاج أجزاء سواء ينفخ في الأنف وأيضاً قشور شجرة الدلب مجففة مسحوقة يجب أن يؤخذ ذلك بالدستبان على المسح فيؤخذ زئبره ويجعل في كيزان جحد بترابها وإن كان معها تراب الفخار فهو أجود وتسد رأسها حتى يجف في الظل ويسحق عند الحاجة كالهباء وينفخ في الأنف فيحتبس الرعاف على المكان أو قشور البيض مسحوقة وأيضاً قصب الذريرة ونوار النسرين وبزر الورد والقرنفل من كل واحد درهم مرّ وعفص من كل واحد نصف درهم قليل مسك وكافور ينفخ في الأنف أياماً متوالية وإذا نفخت النفوح فيه فليمسك الأنف ساعة وأما الأطلية والصبوبات فمنها طلاء على الجبهة بهذه الصفة ونسخته : يؤخذ عصارة ورق الخلاف وورق الكرم وورق الآس وماء ورد مبرد الجميع ويلزم الجبهة بخرق كتان وكذلك يتخذ من جميع الأدوية الباردة القابضة والمخدرة المعروفة مدوفة في العصارات المبردة المقبضة مثل عصارة أطراف الخلاف والعوسج وقضبان الكرم وورق الكمثري والسفرجل وعصا الراعي أطلية وأضمدة .
وأما المشمومات فروث الحمار الطري وأما الحشايا فأن يحشى بريش القصب وبرؤوس المكانس وبقطن البردي أو قطن سائر ما يخرج من النبات .
وأما الصعب من ذلك الكائن لغليان حرارة شديدة أو انفجار الشرايين فلا بدّ فيه من فصد القيفال الذي يلي ذلك المنخر فصداً ضيقاً جداً ومن الحجامة في مؤخر الرأس بشرط خفيف وعلى الثدي الذي يليه تعليقاً بلا شرط وربما احتيج أن يخرج الدم بالفصد إلى الغشي من القيفال ومن العرق الكتفي الذي من خلف فإنه أبلغ لأنه يمنع الدم أن يرتفع إلى الرأس فإنه إذا أدى إلى الغشي سكن على المكان وذلك في الرعاف الشديد حافر بل يجب أن يبادر في الوقت كما يحس بشدة الرعاف وحفره قبل أن تسقط القوة .


أما إن لم يكن حفر شديد ولكن كان قطرات أو كان بنوائب فيجب أن يكون الفصد قليلاً قليلاً مرات متوالية وإذا بلغ الفصد مبلغ الكفاية فيجب أن يقبل على تغليظ الدم بما يبرده وبما يخثره وإن لم يبرد مثل العناب .
وأما المحجمة فإنها لا تقدر على مقاومة الدم الغالب بل يجب أن ينقص أولاً بالإخراج بالفصد ثم يوضع المحجمة .
ووضع المحاجم على الكبد إن كان الرعاف من اليمين وعلى الطحال إن كان الرعاف من اليسار وعليهما جميعاً إن كان من الجانبين من أجل المعالجات .
ويجب أيضاً أن يشد الأطراف حتى الخصيتان والثديان من النساء .
وشد الأطراف والأذنين غاية جداً .
ويجب أن يستعمل نطول كثير بالماء البارد وربما احتيج إلى أن يجلس العليل في الماء المبرّد بالثلج حتى تخضر أعضاؤه وربما احتيج أن نجصص رأسه بجصَّ ميت أو بجصّ محلول في خل وأن يصب على رأسه المياه المبرّدة بالثلج حتى تخدر وربما لم يوجد فيه من الفتائل قوية الزنجارية ومن ماء الباذروج بالكافور ومن الموميائي الخالص يسعط به زنة درهم ولا أقلّ من أن يمسك الماء البارد المثلوج في فمه .
واعلم أنه ربما عاش الإنسان في رعافه إلى أن يخرج منه فوق عشرين رطلاً وإلى خمسة وعشرين رطلاً دماً ثم يموت وربما كان الغشي الذي يقع منه سبباً لقطعه .
وأما الأغذية فعدسية بسمّاق أو بخل أو بحصرم وما أشبه ذلك .
والجبن الرطب من الأغذية الملائمة للمرعوفين .
وكذلك الألبان المطبوخة حتى تغلظ والبيض المسلوق لمن يستعد للرعاف لمرارة دمه على أن الحوامض ربما ضرّت بالمراعيف لما فيها من التقطيع والتلطيف .
وقد زعم جماعة من المجرّبين أن أدمغة الدجاج لَمِنْ أفضل الغذاء لهم بل من أفضل الدواء لمن به رعاف من سقطة وضربة ولكن يجب أن يكثر منه ويكون مرات متوالية .
وأما الشراب فإنه ينفع من حيث أنه يقوي ويضرّ من حيث أنه يهيج الدم .


فإذا اضطررت إليه من حيث يقوي فامزجه قليلاً وإذا لم تضطر إليه ولم يكن الرعاف قد ناهز إسقاط القوّة فلا تسقه .
ويجب أن يراعى حتى لا ينزل شيء منه إلى البطن فينفخ المعدة ويضعف النبض ويهيج الغشي فإن نزل شيء فيجب ما دام في المعدة أن يتقيأ ويبادر ذلك كما يحسّ بنزوله إلى المعدة فإن جاوزها فيجب أن يحقن ليخرج بسرعة ولا يبقى في المعدة .
وفي التدبير المرعف : أن الضرورة ربما صوّبت الترعيف وخصوصاً في الأمراض الدماغية ولذلك ما كان القدماء يتخذون آلة مرعفة تعقر الأنف ليعالجوا بذلك كثيراً من الأمراض الدماغية ولذلك ما كان القدماء يتخذون آلة مرعفة تعقر الأنف ليعالجوا بذلك كثيراً من الأمراض المحتاج في عاقبتها إلى رعاف سائل .
ومن التدبير في الترعيف الدغدغة بأطراف النبات الليّن الجسّ الخشن خصوصاً الذي ينبت على العشب الأذخري كالزهر ويكون كالعنكبوت والشياف المتخذ من فقاح الأذخر أو من الفوذنج البري أو المتخذ من الأدوية الحادة
فصل في الزكام والنزلة
هاتان العلتان مشتركتان في أن كل واحد منهما سيلان المادة من الدماغ لكن من الناس من يخصّ باسم النزلة ما نزل وحده إلى الحلق وباسم الزكام ما نزل من طريق الأنف .
ومن الناس من يسمّي جميع ذلك نزلة ويسمى بالزكام ما كان نازلاً من طريق الأنف رقيقاً وملّحاً متواتراً مانعاً للشمّ منصبّاً إلى العين وجلدة الوجه .
وبالجملة إلى مقدّمة أعضاء الوجه .
والنزلة قد تنتفض إلى الحلق والرئة وإلى المريء والمعدة فربما قرّحتها وكثيراً ما يهيج بها الشهوة الكلبية وقد تنتفض في العصب إلى أبعد الأعضاء وقد يتولّد منها الخوانيق .
وذات الرئة وذات الجنب والسلّ خاصة ولا سيما إذا كانت النزلة حارة حادة وأوجاع المعدة وإسهال وسحج إذا كانت حامضة أو مالحة وقد يتولّد منها أيضاً القولنج وخصوصاً من المخاطي الخام منها .


وسبب جميع ذلك إما حرارة مزاجية خاصة أو خارجية من شمس أو سموم أو شمّ أدوية مسخّنة كالمسك والزعفران والبصل وإما برودة مزاجية خاصة أو واردة من خارج من هواء بارد وشمال وخصوصاً إذا كشف الرأس لهما ولا سيما وقت ما يتخلخل الدماغ من حمّام أو رياضة و غضب أو فكر أو غير ذلك .
وقد يحدث من الفصد تخلخل يهيئ البدن لقبول الحر والبرد فيحدث النزلة ولا سيما بعد فصد كثير وكذلك في سوء المزاج الحار المصيب .
والبرد المزاجي إذا قوي واستحكم كما يكون في المشايخ يقال أنها لا تنضج إلا بعد أن يبلغوا الغاية في صحة المزاج وحرارته وأن الدماغ البارد إذا وصل إليه الغذاء في المشايخ وفي ضعفاء الدماغ فلم يهضم فيه ما ينفذ إليه لضعفه فضل ونزل والكائن من البرد أكثر من الكائن من الحرّ .
وأصحاب المزاج الحار أشدّ استعداداً لقبول الأسباب الخارجة الفاعلة للزكام من أصحاب الأمزجة الباردة وأصحاب الأمزجة الحارة في أنفسهم أكثر أمناً لعروض ذلك لهم من الأسباب البدنية من أصحاب الأمزجة الباردة فإن الدماغ البارد لا ينضج ما يصل إليه من الغذاء ولا يتحلّل ما يتصاعد إليه من الأبخرة بل ينكس وصول الغذاء وترتكم البخارات نكس الإنبيق لما يتصاعد إليه من القرع فيدوم عليه النوازل .
والنزلة قد تكون غليظة وقد تكون رقيقة مائية وقد تكون حارة مرة ومالحة ورديئة الطعم وقد تكون حارة لذّاعة وقد تكون باردة .
والنزلة الباردة تنضج بالحمى وأما الحارة فلا تنتفع بالحمّى والنوازل .
والأمراض النزلية تكثر عند هبوب الشمال وخصوصاً بعد الجنوب وتكثر أيضاً في الشتاء وخاصة إذا كان الصيف بعده شمالياً قليل المطر والخريف جنوبياً مطيراً .
وقد تكثر النوازل أيضاً في البلاد الجنوبية لامتلاء الرؤوس .
قال بقراط : أكثر من تصيبه النوازل لا يصيبه الطحال .
قال جالينوس : لأن أكثر من به مرض في عضو فإن أعضاءه الأخرى سليمة .


أقول : عسى ذلك لأن المتهيئ للنوازل أرقّ أخلاطاً ومن غلظت أخلاطه لم يتهيأ النوازل كثيراً والصداع إذا وافق النزلة زاد فيها بالجذب .
العلامات : علامة النزلة الحادة الحارة إن كانت زكامية حمرة الوجه والعينين ولذع السائل ورقته وحرارة ملمسه وربما عرضت معه حمى فلا ينتفع بها .
وإن كانت حلقية فحدّه ما ينزل إلى الحلق وشدة إحراقه ورقته مع التهاب يحسّ به إذا تنخع به ويدلّ عليه نفث إلى الصفرة والحمرة وقد يكون هناك سدّة أيضاً وغنّة ودغدغة حريفة .
وعلامة النزلة الباردة برد السيلان إن كان في الأنف ودغدغة في الأنف مع تمدد الجبهة وشدة السدة والغنة وربما دلّ عليها غلظ المادة .
وإن كانت إلى الحلق فبرد ما يتنخّع به وبياضه والانتفاع بحمّى إن عرضت .
المعالجات : علاج النزلة محصورة في أعراض النقصان من المادة ومقابلة السبب الفاعل وقطع السيلان أو تعديله أو تحريكه إلى جهة أخرى .
والتقدّم بمنع ما عسى أن يتولد منه مثل خشم في الأنف وقروح على المنخر أو مثل خشونة في الحلق وسعال وقروح الرئة وما يليها وورم وجميعه محتاج إلى هجر التخم وترك الامتلاء من الطعام والشراب والعطاس ضارّ في أول حدوث النزلة والزكام مانع من نضج الأخلاط الحاصلة في الدماغ التي لا تنضج إلا بالسكون ومع ذلك فإنه يجذب إليه فضول أخرى وهو بعد النضج بالغ جداً بما يستفرع من الفضل النضيج .
والمبتلي بالزكام والنزلة يجب أن لا يبيت ممتلئ البطن طعاماً فيمتلئ رأسه وأن يديم تسخين الرأس وتبعيده عن البرد ويقيه الشمال خصوصاً عقيب الجنوب فإن الجنوب يملأه ويخلخل والشمال يقبض ويعصر ويقلّ شرب ماء الثلج ولا ينام نهاراً ويعطش ويجوع ويسهر ما أمكن فهو أصل العلاج .


والإسهال وإخراج الدم يبدأ به ثم بالإسهال بعده إذا دعت الحاجة إليهما جميعاً وقلّما يستعجل إلى الفصد خصوصاً في الابتداء إلا لكثرة لا تحتمل وأولى نزلة لا يفصد فيها ما خلا عن السعال فإن كان سعال قليل النفث فلا بد من قليل فصد مخلف عدة لما لعله أن يخرج إلى تكريرات ويستعمل شراب الخشخاش الساذج إن كان سهر وإلا فبالسكران لم يكن سهر والحقنة تجذب الفضل وتليق الطريق بمثل ماء الشعير في نفوذه وإذا وجد مع النزلة نخس يندوه دلّ على أن المادة تميل إلى الجنب فليبادر وليفصد .
والتدخينات ربما أورثت حمّى وحب السعال لخشونة الصدر لا لمواد الرأس ويجب أيضاً أن يصابر العطش ويكسر بمزاج من شراب الخشخاش والماء وإن أردنا التقوية فبماء الشعير والسويق وإذا كان مع النزلة حمّى لم يستحم ومن دامت به النوازل صيفياً وشتاءً فحبّ القوقايا له من أنفع العدد وحركة الأعضاء السافلة نافعة جداً من النوازل لجذب المواد إلى أسفل ثم استعمال ما يوصف من التكميدات والتبخيرات مع مراعاة أن لا يستعمل على امتلاء والمعتاد للنزلة فإنه قد يمنع حدوث النزلة به بادره إلى رّق في الحمّام قبل حدوث النزلة ويجب على كل حال أن يديم تنكيس الرأس ويلطئ الوساد ولا يستلقي في النوم وأما لنقصان من المادة فهو باستعمال تنقية البدن أما في الحار فبالفصد والإسهال المزاج للأخلاط الحارة والحقن الجاذبة للمادة إلى أسفل .
وأما في الباردة فبالأدوية المسهّلة للخلط البلغمي من الرأس من المشروبة والمحقون بها وفي
الجملة يجب أن لا يقل الأكل والشرب من الماء ويهجره أصلاً يوماً وليلة ويزول .
وأما مقابلة السبب الفاعل .


إما الحار فأن يجتهد في تبريد الرأس بما هو مبرّد بالقوة مثل دخول الحمام العذب بكرة على الريق وصبّ الماء على الأطراف ومسح الرأس والأطراف والسرّة حلقة والمذاكير وما يليها بدهن البنفسج واستعمال النطول المتخذ من الشعير خشخاش والبنفسج والبابونج وصبّ المبرّدات القوية الفحل على الرأس والميل أغذية إلى ما خص وبرد ورطب واستعمال الجلنجبين كل يوم .
وإما البارد فأن يجتهد كما يبدأ الدغدغة والعُطاس بتسخين الرأس وتكميده خرق المسخنة إلى أن يحس بالحر يصل إلى الدماغ وحفظ الرأس على تلك
الجملة بما احتيج إلى أن يكون بالملح والجاورس وربما كمد بالمياه الحارة في غاية ما يمكن أن يحتمل من الحرارة ويستعمل فيها النطولات المنضجة المحللة وتمريخ الأطراف بالأدهان الحارة كدهن الشبث ودهن البابونج والمرزنجوش .
وأقوى من ذلك دهن السذاب ودهن البان ودهن الغار ودهن السوسن يمسح به الذكر وما يليه والحلقة والسرة والأطراف ويغسل الرأس بالصابون القسطنطيني .
وأما الدهن فما أمكنك أن لا يمسه الرأس فافعل إلا أن لا يجد بداً حين يحتاج إلى تبريد ثابت أو تسخين ثابت وليكن بجد الاستفراغ وأن يستعمل على الرأس والجبهة لطوخات من الخردل والقسط ونحوه ويغسله بمثل الصابون ونحوه وأن يميل بالأغذية إلى ما لطف وخف وسخن وجفف مع تليين منه للصدر وربما احتيج إلى استعمال الأدوية المحمرة وبحيث يقع فيها خرء الحمام مع الخردل والتين والفوتنج والثافسيا بل استعمال الكي وبالجملة فإن تسخين الرأس وتجفيفه نافع لما حدث ومانع لما يحدث ويجب في هذه النزلة أن لا يدخل الحمام قبل النضج بل يستعمل التكميدات اليابسة ومما ينفع فيه شمّ المسك وكذلك إلقام الأذن صوفة مغموسة في دهن حار مسخن .


وأما قطع السيلان فبالغراغر المجمدة الباردة مثل الغرغرة بالماء البارد وبماء الورد وماء العدس وماء الكزبرة وماء قد طبخ فيه قشور الخشخاش وماء الرمان أيضاً أما باردة للحار أو حارة للبارد ومثل تلطيخ الحلق بشراب سحق فيه مر وخصوصاً في البارد وكذلك إمساك بنادق في الفم متخذة من الأفيون والميعة والكندر والزعفران من غير بلع لمائيته ومثل الأشربة التي لها خاصية ذلك كشراب الخشخاش الساذج الحار وشراب الكرنب وشراب الخشخاش المتخذ بالسلاقة المجعول فيها المر وغيره مما يذكر في الأقراباذين للبارد ولا يجب أن يسقى شراب الخشخاش إلا في الابتداء ليمنع عن الصدر فأما إذا احتبس واحتيج إلى نفث لم يصلح هذا الشراب ومثل البخورات الحابسة يستعمل بحيث يلج في الخيشوم أو تحنكاً حابساً للبخار وهذه البخورات كالسندروس للحار والبارد جميعاً وكالشونيز للبارد بخوراً وشموماً والقسط أيضاً والشونيز المقلي إذا شمّ مصروراً في خرقة كان نافعاً .
وكذلك بخور القشر المسمّى قوقي وكذلك بخار الخمر أو العسل عن حجر الرحا المحمّي .
ومما ينفع في ذلك التبخير بالكندر والعود الخام والسندروس والقسط واللبني والعود .
وأما الطرفاء والورد فللحار وكذلك الطبرزذ والباقلا والشعير المنقع في مخيض البقر خاصة والسكر والكافور والنخالة المنقوعة في الخل يبخر بها للحارة وكذلك بخار الخل عن حجر الرحا محمى مغسولاً منظّفاً .
وأما التعديل للقوام مثل استعمال اللعوقات وأخذ الكثير وحب السفرجل في الفم ليخالط غلظها رقة ما ينزل فيغلظ بها ويلزج ولا ينزل إلى العمق ويسهل لها النفث واستعمال ما يرقّق ذلك حتى لا يؤذي بغلظه ولحوجه وإذا كانت النزلة بارعة لم يصح دخول الحمام قبل النضج وإن كانت حارة لم يكن بذلك كبير بأس بل انتفع به .


وأما تحريكه إلى جهة أخرى فمثل ما يعامل به النزلة إلى الحلق بأن يجذب إلى الأنف بالمعطسات ولجميع ما يلذع المنخرين ومثل ما يعامل به كل نزلة حارة تسيل إلى أسفل من استعمال الحجامة على النقرة .
وكذلك الإكباب على النطولات المتخذة من الرياحين الجاذبة للمادة إلى ناحية الأنف .
وأما التقدم فمثل أن يصان الحلق والرئة عن آفته وأكثره بالأغذية أما في الحارة فبتمريخ الصدر بدهن البنفسج وتناول ماء الشعير بالبنفسج المربى وماء الرمان الحلو واستعمال الأحساء المتخذة من النشا ودقيق الشعير والباقلا باللبن الحليب إن لم يكن حمى ويضر اللبن إن كان حمى واستعمال اللعوقات اللينة الباردة والأشربة الزوفائية .
وأما في البارد فمثل تمريخ الصدر بدهن البنفسج والبان واستعمال الأحساء الحارة المليّنة مثل الأطرية بالعسل وبمثل ماء نخالة الحنطة بدهن اللوز والعسل ومثل الخبز بالمبيختج واستعمال اللعوقات اللينة الحارة والأشربة الزوفائية الحارة وأيضاً الزوفا نفسه مع الاصطرك .
وشرب الماء الحار نافع في النوازل بنضجها ويدفع غائلتها من أعضاء النفس إنضاجاً لما نزل وتلييناً والنبيذ لا يوافقهم وربما اتفق أن ينفعهم هذا في الابتداء وأما بعد النضج فالمعتدل منه موافق ويجب أن يكون في تلك الحال للحار الشراب ممزوجاً والزهومات تمنع النضج في الرقيق في الابتداء .
المقالة الثانية باقي أحوال الأنف


فصل في سبب النتن في الأنف : إما بخارات عفنة تتصعد إليه من نواحي الصدر والرئة والمعدة وإما خلط متعفن في عظام الخياشيم لو كان حاراً لأحدث قروحاً ولكنه عفن منتن الريح ربما تأدى ريحه إلى ما فوق فأحس بمشمه أو خلط متعفن في البطن وفي الدماغ كله أو في مقدمه أو فيما يلي الأنف منه المعالجات : يجب أن يتقدم بتنقية ما يكون اجتمع من الخلط الرديء إن كان في غير الخيشوم وقعره بل في المعدة والدماغ ثم يستعمل الأدوية الموضعية من الفتائل والسعوطات والنفوخات وغير ذلك أما الفتائل المجربة في ذلك فالأصوب أن يغسل الأنف قبلها بالشراب ثم تستعمل .
فمن تلك الفتائل فتيلة من المر والحماما والقاقيا متخذة بعسل أو من حماما ومر .
وورد بدهن الناردين وفتائل كثيرة الأصناف متخذة من هذه الأدوية على اختلاف الأوزان وهي السعدة والسنبل وورد النسرين والذريرة والحماما والقرنفل والآس والصبر والورد وشيء من ملح مجموعة ومفرقة أو فتيلة مبلولة بمثلث رقيق يذر عليه ذرور متخذ من القرنفل والسعد والرامك واللاذن أجزاء سواء وأيضاً آس وقصب الزريرة ونسرين وورد وقرنفل بالسوية من كل واحد درهم مر وعفص من كل واحد نصف درهم مسك أربع حبات كافور أربع حبات قليميا وملح أنحراني من كل واحد أربعة قراريط يستعمل فتيلة .
ومن السعوطات السعوط بعصارة الفوتنج .
وأفضل السعوطات وأنفعها أبوال الحمير فإنها لا تخلف .
ومن المجرّب الجيد أن تحل أقراص أنحروخورون الواقع في الترياق في الشراب ويقطر في الأنف فيبرئ .
وطبيخ الدارشيشعان بالشراب الريحاني جيد جداً يستعمل أياماً يستنشق به .
ومن اللطوخات أن يلطخ باطنه بالقلقطار وأيضاً ورق الياسمين يسخن ثم يسحق بالماء ويطلى به الأنف ودواء قريطن وهو : مر أربعة وثلثان سليخة درهم وسدس حماما مثله يعجن بعسل .


ومن النفوخات أن ينفخ فيه الفودنج نفسه أو خربق أبيض وصدف محرق ومن الدواء المذكور في آخر الفتائل وأن ينفخ عود البلسان في الأنف .
ومن النشوقات ما جرّب طبيخ دارشيشعان بماء أو خمر يستعمل أياماً .
ومما جرب في علاجه وخصوصاً إذا كان في الدماغ أو مقدّمة عفونة : كيتان يمنة اليافوخ ويسرته بحذاء الأذنين مائلتين إلى الصدغين أو كية على وسط الرأس .
فصل في القروح في الأنف
إنه قد يتولد في الأنف قروح إما من بخارات حادة أو رديئة أو من نوازل حادة وهي إما منتنة عفنة وإما خشركيشات وإما قروح بثرية وإما قروح سلاَّخة وهي إما ظاهرة وإما باطنة .
المعالجات : الأنف عضو أرطب من الأذن وأيبس من العين فيجب أن يكون علاج قروحه بين علاجي قروح الأذن والعين فيحتاج أن تكون الأدوية المجفّفة لقروح الأنف أقلّ تجفيفاً من الأدوية المجففة لقروح الأذن وأشد تجفيفاً من الأدوية المجفّفة لقروح العين فإن قروح الأذن تحتاج إلى شيء في غاية التجفيف وقروح العين تحتاج إلى شيء في أول حدود التجفيف . ثم أنه إن كان السبب مواد تسيل أو أبخرة تصعد فتعالج باستفراغها وجذبها إلى ناحية أخرى على ما يدري .
وبالجملة يحتاج أول شيء أن يجفّف الرأس ويقوّى بما عرفته ثم تفصد المنخران . واعلم أن جميع الأدوية النافعة في البواسير والأربيان مما سنذكره نافعة أيضاً في القروح إذا كانت قوية .
وإذا أغليت باللعابات وما يشبهها حتى لانت صلحت لجميع القروح الخفيفة أيضاً .


أما القروح اليابسة فتعالج بمسوح متّخذ من شمع مخلوط به نصفه ساق البقر المذاب في مثل دهن النيلوفر والشيرج وأصلحه عندي دهن الورد خصوصاً المتّخذ من زيت الأنفاق وأيضاً يعالج بمسوح متّخذ بدهن البنفسج مع الكثيراء أو قليل رغوة بزر قطونا وخطمي وأيضاً بفتيلة مغموسة في زوفا وشحم البط والشمع الأصفر وشحم الأيل وشحم الدجاج والعسل وأيضاً شمع ودهن هليلج أصفر أو عفص وربما نفع فصد عرق في طرف الأنف بعد القيفال وحجامة النقرة والإسهال .
وأما القروح التي تسيل إليها مادة حريفة أو رديئة أو منتنة فإن علاجها يصعب ولا بد من الاستفراغ والفصد وربما احتيج إلى الإسهال بالأيارجات الكبار .
ويجب أن يدام غسلها بالنطرون والصابون خصوصاً الصابون المنسوب إلى اسقلينادس والصابون المنسوب إلى قسطيطبونس .
ثم تستعمل الأدوية الشديدة التجفيف .
ومنها : أن يؤخذ قشور النحاس وقلقديس وزرنيخ أحمر وخربق ويسحق وينقع في مرارة الثور أياماً حتى تتخمّر فيه ثم يستعمل وربما زيد فيه حماما ومر وفوتنج وفراسيون وزعفران وشب وعفص ودواء روفس المجرب .
ونسخته : يؤخذ سعد وعفص وزعفران وزرنيخ ويستعمل .
وأما القروح الشديدة الوجع فتعالج بالإسرب المحرق المغسول في الإسفيداج والمرادسنج يتخذ منها مرهم بدهن ورد والشمع .
وأما القروح البثرية فعلاجها بدهن الورد ودهن الآس والمرداسنج وماء الورد وقليل خل يتخذ منها مرهم .
وأما القروح الظاهرة فتعالج بهذا المرهم .
ونسخته : يؤخذ إسفيداج رطل مرداسنج ثلاث أواق خبث الرصاص المحرق ثلاث أواق يخلط بالخمر ودهن الآس .
ومن الأدوية المشتركة أن يؤخذ ماء الرمان الحامض فيطبخ في إناء نحاس حتى يصير إلى النصف ويلطخ به فتيلة ويستعمل .
ومما يعالج به أقراص أندرون تارة محلولة في شراب وتارة بخل وتارة بخل وماء بحسب ما ترى .


ومن المراهم الجيّدة أن يؤخذ خبث الأسرب وشراب عتيق ودهن الآس يجمع بالسحق على نار لينة فحمية ويحرّك حتى يغلظ ويحفظ في إناء من نحاس والإسرب المحرق في حكم خبث الأسرب وينبغي أن تستعمل عصارة السلق وحدها أو مع الأدوية فإنها نافعة جداً .
فصل في علاج القروح التي تسمّى حلوة
أما الابتداء فيكفي دهن الورد وحده أو بشمع وشحم الدجاج .
وأقوى من ذلك مرهم الاسفيداج ولا سيما مخلوطاً بلعاب حب السفرجل فإن ريد زيادة تجفيف جعل فيه خبث الفضة .
وقد ينقع خبث الفضة وحده بدهن الآس وأما إذا اشتدّت العلّة يسيراً فليستعمل هذا المرهم . ونسخته : إسفيداج رطل مرداسنج ثلاث أواق خبث الرصاص ثلاث أواق رصاص محرق مغسول مسحوقاً بالخمر أربع أراق يتخذ منه مرهم بدهن الآس والخل .
وأما إذا أزمنت العلة واشتدّت جداً يؤخذ مرهم بهذه الصفة مرداسنج أربعة دراهم سذاب رطب أربعة دراهم شبّ درهمين يتخذ منه مرهم بدهن الآس والخلّ .
وأقوى منه زاج وقلقنت ومر من كل واحد سبعة أجزاء قلقديس ستّة شبّ يماني عفص توبال النحاس من كل واحد أربعة كندر جزء ونصف خلّ رطل وثمان أواق يطبخ في إناء نحاس حتى يصير في قوام العسل ويتخذ منه لطوخ .
فصل في السدة في الخيشوم
السدة في الخيشوم هي الشيء المحتبس في داخله حتى يمنع الشيء النافذ من الحلق إلى الأنف أو من الأنف إلى الحلق وقد يكون خلطاً لزجا لحجاً وقد يكون لحماً ناتئاً وقد يكون خشكريشة .


العلامات : هذه السدّة تفعل الغنة حتى تمنع فضلة النفخة عن أن تتسرّب في الخيشوم فتفعل الطنين الكائن منه . المعالجات : يؤخذ من العدس المر درهم جندبيدستر نصف درهم أفيون قيراط زعفران قيراط مر نصف درهم يتّخذ منها حب ويسعط بماء المرزنجوش الرطب وكثيراً ما يحوج الحال إلى عمل اليد وخرط الأنف بالميل الخاص بالأنف الذي يمكن به الجرد فلا يزال يجرد حتى يتنقّى وربما خرج بالجرد شيء كثير يتعجّب الإنسان من مبلغه يكاد يبلغ نصف رطل فإن لم يغن فعل ما ذكرنا في باب البواسير .
في علاج الخنان : من معالجته أن يسعط ويغرغر بدواء هذه نسخته : يطبخ العفص المسحوق بماء الرمان الحلو غمره حتى يشربه ثم يجفّف ويخلط به نصفه كندر وأنزروت ويعجن كرة أخرى بماء الرمان الذي قد طبخ العفص فيه ويستعمل سعوطاً وغيره أياماً ومما يعالج به أن يجعل في الأنف تنكار بشمع ودهن لا يزال يستعمل حتى يبرأ .
فصل في رضّ الأنف
الأولى والأفضل أن يحشى من داخل ثم يسوّى من خارج ويخرج الحشو كل قليل حتى يستوي .
وأما الأطلية النافعة في ذلك فالذي يجب أن يجعل على الكسر قليلاً صبر وماش مرّ وزعفران ورامك وسكّ وطين أرمني وطين مختوم رومي وخطمي ولاذن يطلى بماء الأثل أو ماء الطرفاء .
على أنا ربما عاودنا ذكر هذا الباب في كتاب الكسر والجبر .
فصل في البواسير والأربيان في الأنف
أما البواسير فهي لحوم زائدة تنبت فربما كانت لحوماً رخوة بيضاء ولا وجع معها وهذه أسهل علاجاً وربما كانت حمراء وكمدة شديدة الوجع وهذه أصعب علاجاً لا سيما إذا كان يسيل منها صديد منتن .
وربما كان منها ما هو سرطاني يفسد شكل الأنف ويوجع بتمديده الشديد وهو الذي يكون كمد اللون رديء التكوّن جداً في غور كثير وسبيله المداراة دون القطع والجرد .


وقد يفرق بين السرطاني وبين البواسير الرديئة أن اللحم النابت إن حدث عقيب علل الرأس والنوازل فإنه بواسير وإن كان ليس عن ذلك بل حدث عن صفاء الأنف وعدم السيلانات فهو سرطان وخصوصاً إن كان قبل حدوثه في الدماغ أعراض سوداوية وكان ابتداؤه كحمّصة أو بندقة ثم أخذ يتزايد وأحدث في الحنك صلابة .
والسرطان في أكثر الأمر غير ذي صديد وسيلان إلى الخلق بل هو يابس صلب والبواسير ربما طالت وصارت بواسير معلقة وربما طالت حتى تخرج من الأنف أو الحنك وجميع الأدوية التي تنفع من الأربيان فإنها تنفع من البواسير وربما احتيج أن تكسر قوّتها .
المعالجات : ما كان من ذلك من القسم الأول قطع بسكين دقيقة ثم جرد بالمجرد ناعماً وما كان من القسم الثاني فالأولى أن يكوى أما بالأدوية التي نذكرها وأما بالنار بمكاوٍ صغار دقاق أو تقطع بمجارد تخرج جميع ما في الأنف من الزوائد والفضول .
وأجود المجارد ما كان أنبوبياً ثم يحسبّ في المنخرين بعد ذلك خلّ وماء فإن جاد النفس بعد ذلك وزالت السدة وإلا فقد بقيت منه في العمق بقية فحينئذ يحتاج أن يستعمل المنشار الخيطي وصفته : أن تأخذ خيطاً من شعر أو إبريسم فتعقده عقداً يصير بها كالمنشار في الأسنان وتدخله في إبرة من إسرب معقفة إدخالاً من المنخر حتى يخر إلى الحنك ثم ينشر به بقية اللحم جذباً له من الجانبين كما يفعل بالمنشار ثم تأخذ أنبوباً من الرصاص أو من الريش وتلف عليه خرقة وتذر عليها أدوية البواسير مثل دواء القرطاس ودواء أندرون وسائر ما نذكره بعد ويدخله في الأنف ليبقى موضع النفس مفتوحاً وإذا عمل مجرد كالمبرد لكنه أنبوبي أمكن أن تبلغ به المراد من التنقية وإذا استعمل على البواسير آلات القطع والجرد أو الأدوية الأكّالة فيجب أن يعطس بعد ذلك حتى تنتثر كل عفونة ونشارة .


وأما الأدوية التي يعالج بها ما خص من ذلك ففتيلة معمولة من قشر الرمان مسحوقاً بالماء حتى ينعجن ولا يزال يستعمل ذلك فإنه مجرب لكنه بطيء النفع .
أو فتيلة من أشنان أخضر ساذج أو بشحم الحنظل أو من جوز السرو مع شيء من التين يستعمل أياماً أو فتيلة مغموسة في عصارة الحبق وحدها أو مغموسة في عصارته ثم يذرّ عليها اليابس منه أو في خمر ويذر عليها سحيق الحبق أو من عقيد ماء الرمانين المدقوقين مع القشر والشحم أو فتيلة بعسل وورد يكرر في اليوم مرات أو نفوخ من الزرنيخ والقلقنت مسحوقين بخل مجففين .
وأما الأدوية التي يعالج بها ما أزمن من ذلك ففتائل ذرورات ومراهم من مثل الشب والمر والنحاس المحرق وقشور النحاس وأصل السوسن الأبيض والقلقنت والقلقطار والزاج والنطرون يتخذ منها بالخمر أو بماء الحبق أو ماء الرمانين بالشحم والقشر فتائل ويستعمل .
أو يستعمل نفوخات فإن لم ينجح اتخذت فتيلة من مثل هذه المياه مذروراً عليها شيء كثير من القلقديس والقلقطار والقلي والزنجار والزاج والشبّ على السوية .
والأصوب أن يستعمل بعد الشرط فإن لم ينجح فالقلقنديون وقد قيل أن بزر اللوف يشفي بواسير الأنف وإذا عصر العنقود الذي على طرف لوف الحيّة فشرب منه صوفة وأدخل في المنخرين أذهب اللحم الزائد والسرطان .
وأما الأربيان فالأصوب أن يعالج بعلاج اليد وذلك بعد نفض الامتلاء عن البدن والرأس فإن كان خفيفاً استعملت الأدوية القوية من أدوية القروح مثل نفوخ متخذ من شبّ ومر جزء جزء وقلقطار وعفص نصف جزء نصف جزء وينفخ فيه أو يتّخذ فتيلة .


والدواء الذي اختاره جالينوس فهو أن يؤخذ من ماء الرمانين المعصورين بقشورهما وشحمهما ويطبخان طبخاً يسيراً ثم يرفعان في إناء من إسرب ثم يؤخذ الثفل ويدق حتى يصير كالعجين ويسقى من العصارتين قدر ما يليق به ثم يتخذ منه شيافات مطاولة ويدخلها أنف العليل ويتركها فيه ثم تريحه في بعض الأوقات وتخرجها عن أنفه وتطلي الأنف حينئذ والحنك بالعصارتين تواظب على هذا التدبير .
وهذا للقروح والبواسير نافع .
ومن منافعه أنه غير مؤلم ألماً يعتد به وربما جمع ذلك من ثلاث رمانات عفصة وحامضة وحلو فإن كان الباسور صلباً زاد في الحامض وإن كان كثير الرطوبة زاد في العفص وقوم من بعد .
قال جالينوس : ربما زادوا فيه قليل قلقطار ونوشادر وزنجار .
ومما يقلعه دواء المقر .
والأدوية الحادة الأكالة كلها تنفخ فيه فإذا ورم أجمّ حتى يسكن ثم يستعمل الشمع والدهن والعسل ثم يعاود النفخ ثم يعاود الإجمام لا يزال يعمل به ذلك حتى يسقط .
وقد جرب الخرنوب النبطي الرطب فإنه إذا حشي صوفاً وأدخل الأنف أكل الأبيان كله للثآليل وأيضاً جوز السرو نافع .
ومما جرب أن يسحق الزاج الأخضر كالكحل وينفخ في الأنف غدوة وعشية فإنه يبرأ وإذا قطع الاربيان فمن الأدوية الحابسة لدمه الطين المبلول بالماء المبرد حتى يصير طيناً غليظاً ويبرد جداً ويطلى به الأنف .
فصل في العطاس
العطاس حركة حامية من الدماغ لدفع خلط أو مؤذ آخر باستعانة من الهواء المستنشق دفعاً من طريق الأنف والفم .


والعطاس للدماغ كالسعال للرئة وما يليها وقد ظن قوم أن الدماغ لا يفرغ إلى العطاس إلا إذا استحال الخلط المؤذي هواء فيخرجه بالهواء المستنشق وليس ذلك بواجب بل إنما يخرج إلى الهواء في ذلك ليكون البدن مملوءاً هواء متصلاً بهواء جذبه إلى ناحية الخلط فإذا تزعزع الهواء كله تحركه عضلات الصدر والحجاب حركة عنيفة وانتفض من داخل إلى خارج حافراً لما هو أبعد من الصدر من أجزائه حذر إلى الخروج كان معونة على النفض والعطاس ضار جداً في أول النزلة والزكام لحاجة الخلط المطلوب فيه النضج إلى السكون وربما كثر في الحمّيات وما يشبهها كثرة تسقط القوة وتملأ الرأس وربما هيّج رعافاً شديداً فيجب أن يتعجل في حبسه لكنه يحل الفواق المادي بزعزعته .
ومن العطاس ما يعرض في ابتداء نوائب الحميات .
وقد زعمت الهند ولم يعد صواباً أن العاطس أوفق أوضاع رأسه أن يكون أمامه حذر وصدر غير ملتفت ولا متنكس فلا يلحقه غائلة .
والعطاس أنفع الأشياء لتجفيف الرأس إذا كانت المادة أما قليلة مقدوراً على نفضها وإن لم تنضج أو كانت ريحية .
فإن كانت كثيرة أو بخارية فإن العطاس أنفع شيء للامتلاء البخاري في الرأس أو كانت غليظة لكن نضيجة .
فإن كانت أكثر من ذلك فيدل على قوّة من الدماغ ولذلك من قرب موته لا يستطيع أن يعطس ومن عطس منهم بالمعطّسات فلم يعطس فلا يرجى برؤه البتّة وهو مما يعين على نفض الفضول المحتبسة ويسهّل الولادة وخروج المشيمة ويسكّن ثقل الرأس لكنه ضار لمن في رأسه مادة تحتاج أن تسكّن لتنضج وأن لا يسخّن ما يليها ولا يتحرّك خوفاً من أن ينجذب إليها غيرها وهو ضارّ أيضاً لمن في صدره مادة كثير أو فجّة .
فصل في الأدوية المانعة للعطاس
مما يمنعه التسعّط بدهن الورد الطيب ودهن الخلاف شديد التسكين له .
وقد يمنعه أن يحسى حسواً حاراً وتحميم الرأس بماء حار وصبّ دهن حار في الأذنين والإستلقاء على مرفقة حارة توضع تحت القفا .


واشتمام التفاح والسويق وكذلك اشتمام الاسفنج البحري مما يقطعه والفكر والاشتغال عنه ربما قطعه .
وأما الصبيان فينتفعون بسيلان الكلية الصحيحة تجعل على النار وتشوى وتؤخذ قبل أن تنضج ويؤخذ سيلانها ويستنشق أو يسعط به .
ومما ينفعه شدّة الصبر عليه فإنه يحبسه وهو علاج كافٍ للضعيف منه ومما يمنعه ذلك العين والأذن والأطراف والحنك وقوّة الفغر والتحشّي وتحديد النظر إلى فوق والتململ والتقلّب وتمريخ العضل بالأدهان المرطّبة وخصوصاً عضل اللحيين والإستغراق في النوم واتّقاء الانتباه المباغت والتحرّز عن الغبار والدخان .
في الأدوية المعطسات : هي الخربق الأبيض والجندبيدستر والكندس والفلفل والخردل يجمع أو يؤخذ أفراداً ويلصق بريشة في الأنف أو يؤخذ عاقرقرحا والسنبل والسكّ المدخن أي المتخذ دخنه والسذاب البري والصبر ويلطخ كذلك .
وأما المعطسات الخفيفة فالأفيون إذا شمّ وقضبان الباذروج والزراوند والورد بزغبه وهو مما يعطّس المحرورين .
فصل في الشيء الذي يقع في الأنف
يعطس صاحبه ببعض الأدوية ويؤخذ على فمه ومنخره الصحيح فإذا عطس خرج منه الشيء وكأنّ هذا مما سلف ذكره .
فصل في جفاف الأنف : قد يكون لحرارة وقد يكون ليبوسة شديدة وقد يكون لخلط لزج جفّ فيه .
وعلاج كل واحد منه ظاهر . وأنفع شيء فيه الأدهان والعصارات الباردة الرطبة وإخراج الخلط إن كان بعد تليينه بدهن أو عصارة حتى لا يخرج ما لا يتعاطى إخراجه .
فصل في حكّة الأنف
قد تكون لبخار حادّ أو نزلة حادة كانت أو تكون أو لنزلة قوية السيلان وإن كانت باردة .
وقد يكون لبثور وقد يكون لحركة الرعاف وهي من دلائل البحران ومن دلائل الجدري والحصبة على ما نذكره في موضعه .
وعلاج كل واحد من ذلك بما عرف من الأصول سهل .
الفن السادس أحوال الفم واللسان
وهو مقالة واحدة
فصل في تشنج اللسان


الفم عضو ضروري في إيصال الغذاء إلى الجوف الأسفل ومشارك في إيصال الهواء إلى الجوف الأعلى ونافع في قذف الفضول المجتمعة في فم المعدة إذا تعقر أو عسر دفعها إلى أسفل وهو الوعاء الكلي لأعضاء الكلام في الإنسان والتصويت في سائر الحيوانات المصوتة من النفخ .
واللسان عضو منه هو من آلات تقليب الممضوغ وتقطيع الصوت وإخرج الحروف وإليه تمييز الذوق .
وجلدة سطحه الأسفل متصلة بجلدة المريء وباطن المعدة .
وجلدة النطع مقسومة منصّفة بحذاء الدرز السهمي وبينهما مشاركة في أربطة واتصال .
وقد عرفت عضلة المحرّكة والمحبسة .
وأفضل الألسنة في الإقتدار على جودة الكلام المعتدل في طوله وعرضه المستدق عند أسَلَته . وإذا كان اللسان عظيماً عريضاً جداً أو صغيراً كالمتشنج لم يكن صاحبه قديراً على الكلام .
وجوهر اللسان لحم رخو أبيض قد اكتنفته عروق صغار مداخلة دموية أحمرّ لونه بها ومنها أوردة ومنها شريانات وفيه أعصاب كثيرة متشعبة من أعصاب أربعة ناتئة قد ذكرناها في تشريح الأعصاب وفيه من العروق والأعصاب فوق ما يتوقّع في مثله ومن تحته فوهتان يدخلهما الميل هما منبع اللعاب يفضيان إلى اللحم الغددي الذي في أصله المسمى مولد اللعاب .
وهذان المنبعان يسقيان ساكبي اللعاب يحفظان نداوة اللسان .
والغشاء الجاري عليه متصل بغشاء جملة الفم وإلى المريء والمعدة وتحت اللسان عرقان كبيران أخضران يتوزع منهما العروق الكثيرة يسقيان الصُرَدين .
فصل في أمراض اللسان
قد يحدث في اللسان أمراض تحدث آفة في حركته إما بأن تبطل أو تضعف أو تتغير .
وقد يحدث له أمراض تحدث آفة في حسّه اللامس والذائق بأن يبطل أو يضعف أو يتغيّر .


وربما بطل أحد حسيه دون الآخر كالنوق دون اللمس لاقتدار المرض على إحلال الآفة بأضعف القوّتين وقد يكون المرض سوء مزاج وقد يكون آلياً من عظم أو صغر أو فساد شكل أو فساد موضع فلا ينبسط أو لا ينقبض أو من انحلال فرد وقد يكون مرضاً مركّباً كأحد الأورام .
وربما كانت الآفة خاصة به وربما كانت لمشاركة الدماغ وحينئذ لا يخلو عن مشاركة الوجنتين والشفتين في أكثر الأمر وربما شاركه سائر الحواس إذا لم تكن الآفة في نفس شعبة العصب الذي يخصّه وقد يألم أيضاً بمشاركة المعدة وأحياناً بمشاركة الرئة والصدر وقد يستدل على أمزجة المزاج من جهة اللون الأبيض والأصفر والأحمر والأسود ومن جهة لمسه ومن جهة الطعم الغالب عليه من إحساس شبه حموضة أو حلاوة أو تفه أو مرارة أو بشاعة تتولد عن عفونة أو عفوصة وقبض .
على أن الاستدلال من لونه وما يجده من أطعم قد يتعداه إلى أعضاء أخرى فإن حمرته وخصوصاً مع الخشونة قد تدل على أورام دموية في نواحي الرأس والمعدة والكبد .
وبياضه قد يدل على برد فم المعدة والكبد وبلغمية الرأس .
وربما دلّ على اليرقان وإن كان لون البدن بالخلاف وطعمه يدل الغالب من الأخلاط على البدن كله أو على المعدة والرأس .
وقد يستدلّ عليه من جهة رطوبته ويبوسته .
واليبوسة تحسّ على وجهين : أحدهما مع صفاء سطح اللسان وهذا هو اليبوسة الحقيقية والثاني مع سيلان خلط غروي لزج عليه قد جففه الحرّ وهذا لا يدلّ على يبوسة في جوهره بل على رطوبة لزجة تجتمع عليه إمّا من نزلة وإما من أبخرة غليظة ثخينة وهذا مما يغلط فيه الأطباء إذا تعرّفوا من المريض حال جفاف الفم فلم يميزوا بين الضرب الذي قبله وبينه .
والخشونة تتبع الجفاف والملاسة تتبع الرطوبة .


وقد يستدل على اللسان من حاد حركته عند الكلام ومن حال ضموره وخفّته ومن حال غلظه حتى ينعضّ كل وقت وتثقل حركته عند الكلام فيدل على امتلاء من دم أو رطوبة وقد يستدل عليه من الأورام والبثور التي تعرض فيه وأنت يمكنك أن تبسط وجوه الاستدلالات من هذا المأخذ بعد إحاطتك بأصول كلية سلفت وجزئية تليها .
واللسان قد يألم بانفراده وقد يألم بمشاركة الدماغ أو المعدة .
ولما كانت عصبة اللسان متّصلة بعدة أعصاب لم يخل إما أن تكون تلك الأعصاب مواتية لها في الحركة لا تعاوقها وتواتيها فيكون حال أصحاء الكلام وإما أن تعاوقها ولا تواتيها بسهولة فيكون التمتمة ونحو ذلك وربما وقعت التمتمة من الحبسة بسبب أن العصبة تستقي القوّة من عصب آخر فينحبس إلى أن يتجه .
في معالجات اللسان : قد تكون معالجته بمشاركة مع رأس أو معدة بما يصلحها مما علمت كلاً في بابه وقد تكون معالجته معالجة خاصة بالمشروبات المستفرغة بالإسهال وهي أنفع من المقيّئة والمبدلة للمزاج أو القابضة أو المحلّلة المقطّعة الملطفة التي إذا أشربت تأدّت قوتها إليه وأولى ما يشرب أمثالها أن يشرب بعد الطعام .
وقد يعالج بالمضمضات وبالدلوكات وبالغراغر وبالأدهان تمسك في الفم وبالحبوب الممسكية في الفم المتخذة من العقاقير التي لها القوى المذكورة بحسب الحاجة .
والأجود أن تتخذ مفرطحة ويجب أن يحترس في استعمال أدوية الفم واللسان إذا كانت من جنس ما يضرّ الحلق والرئة كيلا يتحلّب شيء من سيلاناتها إليها .
فصل في فساد الذوق
الآفة تدخل في الذوق على الوجوه الثلاثة المعلومة وكل ذلك قد يكون بمشاركة وقد يكون لمرض خاص من سوء مزاج أو مرض آلي أو مشترك فيستدلّ عليه بما أشرنا إليه .
العلاج : علاجه إن كان بمشاركة فأن تتعرف حال الدماغ فتصلحه بما عرفناكه في باب علل الدماغ أو حال المعدة وإن كان من غير مشاركة اشتغل باللسان نفسه .


وإذا كان السبب امتلاء وخلطاً رديئاً فيجب أن يستفرغ فإن كان حاداً استفرغ بمثل أيارج فيقرا وحب القوقايا أو حبوب متخذة من السقمونيا وشحم الحنظل النفطي .
وإن كان خلطاً غليظاً فيجب أن يستفرغ بالايارجات ويستعمل الغراغر المذكورة في باب استرخاء اللسان ويطعم صاحبه الأغذية الحريفة كالبصل والخردل والثوم والخلّ .
فصل في استرخاء اللسان
وثقله والخلل الداخل في الكلام
استرخاء اللسان من جملة أصناف الاسترخاء المذكورة فيما سلف والسبب المعلوم .
وقد يكون من رطوبة دموية مائية وقد يكون لسبب في الدماغ وقد يكون لسبب في العصبة المحرّكة له أو الشعبة الجائية منها إليه .
وأنت تعلم ما يكون بشركة من الدماغ وما يكون عن غير شركة بما تجد عليه الحال في سائر الأعضاء المستقية من الدماغ حساً وحركة وقد يدل على أن المادة دموية حمرة اللسان وحرارته وقد يدلّ على أن المادة رقيقة مائية كثرة سيلان اللعاب الرقيق وقلّة الانتفاع بالمحلّلات والانتفاع بما فيه قبض .
وقد يبلغ الاسترخاء باللسان إلى أن يعدم الكلام أو يتعسر أو يتغيّر ومنه الفأفاء والتمتام .
ومن الصبيان من تطول به مدة العجز عن الكلام ومن المتعتع في كلامه من إذا عرض له مرض حار انطلق لسانه لذوبان الرطوبة المتعتعتة للسان المحتبسة في أصول عصبه ولمثل هذا ما يكون الصبي ألثغ فإذا شبّ واعتدلت رطوبته عاد فصيحاً .
المعالجات : يجب أن ينقى البدن بالأيارج الصغير ثم بالأريارجات الكبار ثم يقصد ناحية الرأس بالأدوية الخاصة به وإن ظنّ أن مع الرطوبة غلبة دم فصد عروق اللسان وحجم الذقن ثم عولج بالغراغر والدلوكات اللسانية وبإدامة تحريكه بعد الاستفراغ والبابان الأولان فقد وقفت عليهما في تدبير أمراض الرأس .


وأما الأدوية الخاصة بالموضع فالذي في أكثر الأمر هو بالدلك بالمحلّلات المقطّعات والتغرغر بمياهها والتمضمض بها وهي مثل السعتر والحاشا والخردل والعاقر قرحا وقشور أصل الكبر بل مثل الخردل والكندس كل ذلك بمثل المري وبمثل خلّ العنصل .
وقد ينتفع بدلك اللسان بالنوشادر مع الرخبين أو المصل حتى يسيل منه لعاب كثير .
والسكنجبين العنصلي إذا استعمل غرغرة ومضمضة نفع جداً .
والوج جيد جداً لاسترخاء اللسان وثقله وإذا اشتد الاسترخاء وامتنع الكلام فيؤخذ شيء من الأوفربيون وكندس ويدام ذلك اللسان وأصله به .
ويجب أن توضع هذه الأدوية وأمثالها على الرقبة أيضاً وقد يتخذ من هذه الأدوية وأمثالها حبوب تعجن بما يمنعها من سرعة الانحلال مثل اللاذن والعنبر والراتينج والصموغ اللزجة .
نسخة حبّ يمسك تحت اللسان : ينفع من استرخائه ودلعه علك الأنباط درهمان حلتيت درهم يتخذ منه حبّ كالحمص ويمسك تحت اللسان .
ومما جرب في هذا الباب غرغرة من النوشادر والفلفل والعاقر قرحا والخردل والبورق والزنجبيل والميويزج والصعتر والشونيز والمرزنجوش اليابس والملح النفطي يدقّ وينخل ويتغرغر بها في ماء أياماً تباعاً .
ومن الجوارشنات التي تذكرها الهند لهذا الشأن .
صفة الجوارشن : يؤخذ كمّون أسود كمون كرماني قرفة ملح هندي من كل واحد نصف مثقال دار فلفل مائة عدداً فلفل مائتان عدداً سكّر ثمانية أساتير والأستار ستة دراهم ونصف يستفّ منه كل وقت فإذا لم تنجع المحللات وحدست أن الرطوبة رقيقة سيّالة استعنت بالمحللات القابضة مثل الدارشيشعان مخلوطاً بالورد ومثل فقاح الأذخر بالطباشير وكثيراً ما ينفعه تدليك اللسان بالحوامض القابضة فإنها تشدّ مع تحليل الريق وإسالته بسبب الحموضة مثل المصل والحصرم والفواكه التي لم تنضج .


وإذا أبطأ الصبي بالكلام وجب أن يدام تحريك لسانه ودلكه وتسييل اللعابات منه وينفع في ذلك خصوصاً إذا استعمل في دلكه العسل والملح الدارّاني ويمنع ما قيل في علاج رطوبة اللسان ومما يحرّك لسانهم ويطلقه إجبارهم على الكلام .
قد يكون تشنّج اللسان من رطوبة لزجة تمدد عضله عرضاً وقد تكون من سوداء مقبضة وقد تكون في الأمراض الحادة إذا أحدثت تشنجاً في عضلة اللسان على طريق التجفيف والتشويه .
والتشنج قد يظهر أيضاً ضرراً في الكلام .
المعالجات : ليس يبعد علاج تشنّج اللسان في القانون من علاج التشنج الكلي المذكور في الفن الأول من هذا الكتاب .
وأما على طريق الأخص فإن علاجه على ما حد من جملة ذلك : التكميدات لأصل العنق بمثل البابونج وإكليل الملك والرطبة والمرزنجوش .
والشبث أفراداً ومجموعة وكذلك الغرغرة بأدهانها واحتساؤها ملء الفم وهي فاترة ثم إمساكها فيه مدة واستعمال أخبصة متخذة من أدهان حارة وحلاوات محللة وبزور كالحلبة وما يشبهها .
وإذا كان في الحميات فلتكن الأدهان اسمتعملة مثل دهن البنفسج ودهن القرع والخلاف مفتّراً ويجب أن ينطل المواضع المذكورة بالماء الفاتر والعصارات الرطبة مفترة .
فصل في عظم اللسان
قد يكون عظم اللسان من دم غالب وقد يكون من رطوبة كثيرة بلغمية مرخية مهيجة وقد يعظم كثيراً حتى يخرج من الفم ولا يسعه الفم وهذا العظم قد أفردنا ذكره من باب الورم لمن هو مختص به من اللرق .
المعالجات : أما الدموي والكائن من مادة حارة فيعالج بأن يدام دلكه بالمقطعات الحامضة والقابضة مثل الريباس وحماض الأترج والكائن عن الرطوبات فبأن يدام دلكه بالنوشادر والملح مع مصل وخل بعد الإستفراغات أو يؤخذ زنجبيل وفلفل ودار فلفل وملح أندراني يدق جيداً ويدلك منه اللسان فيعود إلى حجمه ويدخل الخارج منه واسترخاء اللسان إذا عرض للصبيان كفى المهم فيه الحمية والتغذية بالعصافير والنواهض .


وقد احتجم إنسان فضرب المبضع ليف عصيب في جوار الغشاء المتصل باللسان فأرخى اللسان .
فصل في قصر اللسان
قد يعرض لاتصال الرباط الذي تحته برأس اللسان وطرفه فلا يدع اللسان ينبسط وقد يعرض على سبيل التشنج .
المعالجات : أما الكائن بسبب التشنج فقد قيل فيه .
وأما الكائن بسبب قصر الرباط فعلاجه قطع ذلك الرباط من جانب طرفه قليلاً وتدارك الموضع بالزاج المسحوق ليقطع الدم ومبلغ ما يحتاج إليه من قطعه في إطلاق اللسان أن ينعطف إلى أعلى الحنك وأن يخرج من الفم وإن لم يجسر على قطعه بالحديد تقية وخوفاً من انفجار دم كثير جاز أن يدخل تحت الرباط إبرة بخيط خارم فيخرم من غير قطع ويجعل على العضو ما يمنع الالتصاق وهي الأدوية الكاوية الحادة وإن رفق في قطعه مع تعهد العروق التي تحت اللسان كي لا يصيبها قطع لم يصبها سيلان دم مفرط .
فصل في أورام اللسان
قد يعرض للسان أورام حارة وأورام بلغمية وأورام ريحية وأورام صلبة وسرطان .
وعلامات جميع ذلك ظاهرة إذا رجعت إلى ما قيل في علامات الأورام .
وقد يرم اللسان لشرب السموم مثل الفطر والأفيون .
المعالجات : أما الأورام الحارة فتعالج أولاً بالفصد والإسهال وذلكخير في أورام اللسان من القيء وربما لم يستغن عن فصد العرق الذي تحت اللسان ثم يمسك في الفم عند ابتدائها عصارة الهندبا وعصارة الخس خاصة عصارة عنب الثعلب واللبن الحامض وخاصة ماء الورد وماء ورد طبخ فيه الورد وعصارة عصا الراعي وقشور الرمان ويدلك بالجوخ الرطب فإنه شديد النفع من ذلك .
فإذا لم يتحلل ولم ينفتح احتيج في آخره إلى المنضجات المحللة يتغرغر بها مثل العسل باللبن ومثل طبيخ أصل السوس ومثل طبيخ التين والحلبة وطبيخ الزبيب والرزيانج وشرب أيارج فيقرا ليسهّل المادة الغليظة عن فم المعدة ويجعل الأغذية من جنس ما ينضج ويحلل مثل الكرنبي والقطفي بدهن الخلّ .


فإن تقيح استعمل القوابض في الفم مثل طبيخ السماق والآس والعدس وورق الزيتون والشواب العفص .
ومما ينفع من ذلك مرهم يتخذ من عصارة عنب الثعلب ودهن الورد والعدس المقشر والورد .
وإن كان الورم رخواً بلغمياً فقد ينفع منه س من الورم الحار فيه البالغ منتهاه أن يحرق أصل الرازيانج ويلصق عليه .
وقد يسعطون في أمثالها وفي بعض الأورام الحارة التي فيها غلظ هذا الدواء .
وصفته : يؤخذ من الزعفران وأيارج فيقرا من كل واحد جزء ومن الكافور والمسك من كل واحد ثلث جزء ومن السكر الطبرزذ جزء ونصف يحلّ من
الجملة وزن دانقين في لبن جارية ويسعط به .
قال جالينوس : ورم لسان إنسان ورماً عظيماً وكان ابن ستين سنة ولم يكن له عهد بالفصد فلم أفصده وسقيته القوقاي وأردت أن أغلف لسانه في الضمّادات الباردة وكان عشاء فخالف طبيب فرأى في الرؤيا ليلته تلك أن يمسك في فمه عصارة الخس فبرأ برأً تاماً وكان ذلك وفق مشورتي .
وأما إن كان الورم صلباً فينبغي أن تلطف التدبير وتجود الغذاء وتستفرغ الأخلاط الغليظة بالأيارجات الكبار المذكورة في أبواب سلفت ويستعمل الغراغر الملطفة ويمسك في الفم نقيع الحلبة وطبيخها بالتين وحبّ الغار مع الزبيب المنقى ويمسك في الفم لبن النساء أو الأتن أو الماعز وأيضاً طبيخ التمر والتين بالنبيذ الحلو أو برب العنب أو بغسل الخيارشنبر ويدام تليين الطبيعة بمثل الأيارج الصغير أو الخيار شنبر .
فصل في الخلل في الكلام
قد ذكرنا بعض ما يجب أن يقال فيه في باب استرخاء اللسان وأما الآن فنقول أن الخرس وغيره من آفات الكلام قد يكون من آفة في الدماغ وفي مخرج العصب الجائي إلى اللسان المحرك له وقد يكون في نفس الشعبة وقد يكون في العضل أنفسها .
وذلك الخلل إما تشنّج وإما تمدّد أو تصلّب أو استرخاء أو قصر رباط أو تعقّد عن جراحة اندملت أو ورم صلب .


وقد يكون ذلك كما تعلم من رطوبة في الأكثر وقد يكون من يبوسة وقد تكون الآفة في الكلام من جهة أورام وقروح تعرض في اللسان ونواحيه .
وقد يعرض السرسام لاندفاع العضل من الدماغ إلى الأعصاب وفي الحمّيات الحارة لشدّة تجفيفها ويكون اللسان مع ذلك ضامراً متشنّجاً وهو قليلاً ما يكون .
وهذه من الآفات العرضية الغير الأصلية وقد تكون الآفة في الكلام لسبب في عضل الحنجرة إذا كان فيها تمدّد أو استرخاء .
فبما كان الإنسان يتعذّر عليه التصويت في أول الأمر إلا أنه يعنف في تحريك عضل صدره وحنجرته تعنيفاً لا تحتمله تلك العضلة فتعصى فإذا يبس في أول كلمة ولفظة استرسل بعد ذلك .
ومثل هذا الإنسان يجب أن لا يستعدّ للكلام بنفس عظيم وتحريك للصدر عظيم بل يشرع فيه بالهويني فإنه إذا اعتاد ذلك سهل عليه الكلام واعتاد السهولة فيه .
وأما سائر الوجوه فقد ذكرت معالجاتها في أبوابها .
والكائن بعد السرسام فقد ينفع منه فصد العرقين
فصل في الضفدع
هو شبه غدّة صلبة تكون تحت اللسان شبيهة اللون المؤتلف من لون سطح اللسان والعروق التي فيه بالضفدع وسببه رطوبة غليظة لزجة .
المعالجات : يجرّب عليه الأدوية الأكّالة المقطّعة المحللة والتي فيها أفضل تجفيف مثل النوشادر والخلّ والملح والدلك بالزنجار والزاج . فإن لم ينجع استعملت الأدوية الحادة مثل دواء أبيرون ودواء اسفارون ودواء البيض الرطب المذكور في الأقراباذين واستعمال الفصد تحت اللسان وأدوية القَلاع القوي فإن لم ينجع لم يكن بدّ من عمل اليد .
ومن الأدوية الممدوحة فيه أن يؤخذ الصعتر الفارسي وقشور الرمان والملح ويدلك به لسان الصبي المضفدع فإنه يبرئه .
ومما جرّب فيه الزاج المحرق والسورنجان يجمعان بياض البيض ويوضع تحت اللسان .
فصل في حرقة اللسان
قد يكون ذلك بسبب حرارة في فم المعدة أو الدماغ لا يبلغ أن يكون حمّى أو بسبب تناول أشياء حريفة ومالحة ومرّة وحلوة والعطش الشديد .


ويكون لأسباب أعظم من ذلك مثل الحميات الحارة والأورام الباطنة .
وعلاج ذلك في
الجملة أنه يجب أن يمنع من يشكو ذلك وخصوصاً من المرضى أن ينام على القفا ومن أن يديم فغر الفم ويلزم استعمال الحبوب المتخذة من حبّ البطيخ والقثاء والخيار القرع والترنجبين والنشا وما أشبه ذلك ويمسك في الفم نوى الإجاص والتمرة الهندية وسكّر الحجاز والألعبة المعلومة والعصارات المبردة المرطّبة ويمسح عليه إن كان هناك خلط لزج ودهن ثم يتعهّد بأن يدهن ويمضمض بالأدهان والموم ودوغنات والألعبة والعصارات وشحوم الطير .
ومن الناس من يعالج ذلك بدلكه بالنعناع .
فصل في علاج الشقوق في اللسان
لعاب بزرقطونا يمسكه في الفم ويتجرعه وتناول الأكارع والبيض النيمبرشت .
ومما جرب فيه الزبد الحادث من تدلك قطع القثاء والسبستان .
فصل في دلع اللسان
قد يكون لأورامه العظيمة وقد يكون عند الخوانيق فتدلع الطبيعة أو الإرادة اللسان ليتسع مجرى التنفّس .
فصل في البثور في الفم : أكثر ما يتبثر الفم يكون لحرارة في نواحي المعدة والرأس وبخارات وقد يكون في الحمّيات .
وقد قيل إذا ظهر في الحمّيات الحادة بثور سود في اللسان مات العليل في اليوم الثاني .
وأما المفردات النافعة في البثور في أول الأمر إذا احتيج إلى تبريد وتجفيف فهو مثل الأملج والعفص وبزر الورد والنشا وثمر الطرفاء وشياف ماميثا والجلنار والكثيراء والصندلين والورد والطباشير والسقاق والعدس والطين الأرمني وأقماع الرمان وجفت البلوط وقليميا وفوفل والعصارات الباردة مثل عصارة الخس وعنب الثعلب وعصا الراعي والبقلة الحمقاء وأطراف الكرم .
وكثير من الصبيان من يعالج بثور أفواههم بالشكّر الطبرزذ والكافور .


وأما الحارة المحتاج إليها في آخر الأمر فمثل الماميران والدارشيشعان خاصة وقشور جوزبوا والسعد والزعفران وجوز السرو ولسان الثور وعاقرقرحا وقرنفل وفوتنج والسك من الأدوية القذرة خرء الكلب وربما احتيج في المتقرّح منها إلى الزرنيخ .
وقد جرب للغليظ منها طبيخ الدارشيشعان أوقية عروق نصف أوقية ماميران ربع أوقية صبر وزن درهمين زعفران مثقال وكذلك ما طبخ فيه القرنفل وجوزبوا والدارشيشعان أجزاء سواء أو متقاربة .
وإذا أخذت البثور تتقيّح فيجب أن يقرب منها اللعابات المتخذة من مثل بزر الكتان وبزر المرو والشاهسفرم وبزر الخطمي وهذه البزور أنفسها ودقيق الشعير ولبن الأتن وحده أو مع شيء من هذه .
وربما احتيج إلى طبيخ بزر كتان بالتين والسمن ودقيق الحنطة والنعناع والحلبة .
قال بعض محصلي الأطباء أنه لا شيء أبلغ في علاج بثور الفم من إمساك دهن الأذخر فاتراً في الفم .
فصل في القلاع والقروح الخبيثة
القلاع قرحة تتكوّن في جلدة الفم واللسان مع انتشار واتساع وقد يعرض للصبيان كثيراً بل أكثر ما يعرض لهم إنما يعرض لرداءة اللبن أو سوء انهضامه في المعدة وقد يعرض من كل خلط ويتعرف بلونه والأبيض منه بلغمي وتولده من بلغم مالح في الأكثر والأصفر صفراوي ويكون أشد تلقباً من غيره والأسود سوداوي والأحمر الناصع دموي .
وأخبث الجميع هو السوداوي .
وقد يكون من أصناف القلاع ما هو شديد التآكل ويكون منه ما هو أمكن وقد يكون مع ورم وقد يكون مفرداً وكل قرحة تحدث في سطح الفم فإنها تسرع إلى الإنبساط لما لا ينفك عنه من حرارة لازمة وجلدته رطبة لينة .
ومن عادة جالينوس أن يسمّيها قلاعاً ما دامت في السطح فإذا تعفّنت وغاصت لم يسمّها قلاعاً بل قروحاً خبيثة وهي التي تحتاج إلى أدوية كاوية وقد يكثر القلاع إذا كثرت الأمطار ويكثر في الحمّيات الوبائية .


العلاج : يجب أن يقصد أولاً الخلط الغالب الفاعل للقُلاع فيستفرغ من البدن كله إن كان غالباً ثم من العرق الذي تحت الذقن ومن الجهارك خاصة فإن فصده نافع في جميع أمراض الفم الحارة المادية .
ثم يستعمل الأدوية البثرية المذكورة على أن يعالج القوي الكثير الرطوبة والصديد والمدّة بالقوي والمعتدل بالمعتدل والضعيف بالضعيف .
إذا كاد القرح يبلغ العظم فيحتاج إلى القوية جداً مثل الفلفلموية بأقاقيا كثير ويجب أن يجتنب الأدهان كلها حتى الزيت .
وأما الأدوية : فتلتقط من أدوية البثور الباردة والحارة التي ذكرناها في الباب الأول وما كان من أحمر دموياً فأوفق أدويته في الأول ما فيه قبض يسير وتبريد ثم من بعد ذلك ما يحلل وما كان منه إلى الشقرة والصفرة فيجب أن يزاد في تبريد الدواء .
وأما غير ذلك فيحتاج أولاً إلى ما يجفف ويجلو وبكيفية معتدلة في أول الأمر ثم إلى ما يجفف ويحلل بقوة ويراعى السن في جميع ذلك .
وأما الصبيان فيجب أن تكون أدويتهم أضعف وأن يصلح لبنهم .
وأما الكبار .
فيجب أن تكون أدويتهم أقوى .
والصبيان ربما نفعتهم الأغذية وحدها فإن لم يكونوا يأكلون وجب أن تطعمها المرضع .
وأما الأدوية الصالحة للحار من القلاع فمثل مضغ ورق العليق ومثل العدس بالخلّ .
وجميع المخاخ إذا خلطت بالسفرجل كانت نافعة وخصوصاً مخ الأيل والعجل والتفاح القابض والكمثري القابض والزعرور والسفرجل والعنّاب وأطراف الكرم والخبازي البستاني جافاً ودقيق العدس ودقيق الأرز .
وأقوى من ذلك الذرور والمتخذ من العفص والطباشير والورد والأقاقيا ونحو ذلك .
وللماميران مع القوابض قوة عجيبة في القُلاع والكافور شديد المنفعة في القُلاع .
وأما الباردات فاستعن عليها بالجوالي المجفّفة وخصوصاً على البلغمي منها وبالمحلّلات القوية التحايل والتجفيف خصوصاً السوداوي مثل دقيق الكرسنّة .


والعسل مع عفص ومرارة الرقّ شديد المنفعة في ذلك وخصوصاً للصبيان إذا خلط بالخلّ وللخبيث زاج بخلّ وإذا كانا أكّالين رديئين فلا بد من استعمال الزنجار مع القلقطار والعفص في الميبختج أو عفص وشبّ وجلّنار سواء واستعمال أقراص موشاس أو كحل طرخماطيقون بعصارة قابضة مثل عصارة الحصرم .
ومن الأدوية المشتركة الشبّ والعفص المسحوقان كالذرور والغابر يدلك به الفم دلكاً ناعماً .
والعفص نافع من كل قُلاع خبيث .
وخصوصاً إذا طبخ بخلّ وملح ويمضمض به في قلاع الصبيان .
ولرماد المازريون خاصية في القُلاع الرديء وهو من الأدوية المشتركة لأصناف القلاع وكذلك البستان أفروز بالماء النحاسي والمردي المحرق .
وأما القلاع السوداوي الأسود فينفع منه أن يطلى بعسل عجن به زبيب منزوع العجم وأنيسون فإن كان هناك ورم أيضاً فاستعمل هذا المرهم وصفته : يؤخذ ماء الباذروج سكرجة دهن الورد نصف سكرجة عدس نصف سكرجة زعفران وزن مثقالين يتخذ منه مرهم .
فصل في كثرة البصاق واللعاب وسيلانه في النوم
قد يعرض هذا من كثرة الحرارة والرطوبة وخصوصاً في المعدة وقد يكون لاستيلاء الحرارة وحدها كما يعرض للصائم ولمقل الغذاء أو فاقده من البصاق الدائم حتى يطعم فيهدأ ذلك منه وقد يعرض من بلغم أو من برد .
المعالجات : إن كان من حرارة فيجب أن يفصد الباسليق أوَّلاً ويستعمل الربوب الحامضة والفواكه الباردة القابضة والنبيذ الغير العتيق بمزاج كثير ويجعل الغذاء من السمك واللحمان الخفيفة مثل لحم الجداء والطير ويدام التمضمض بالسلاقات القابضة المتخذة من العدس والسماق ومثله .


وإن كان من برد وبلغم استعمل القيء بما تعلمه في كل أسبوع مرتين أو ثلاثة ويسقى في كل أسبوع مرة من هذا الدواء نحن واصفوه . ونسخته : أيارج فيقرا درهمان ملح هندي دانقان أنيسون نانخوا من كل واحد دانق يسقى بالسكنجبين العسلي أو البزوري ويستعمل بعد ذلك الترياق والجوارشنات الحارة وأما غذاؤه فالفراخ المطجّنة بالأفاوية والثوم والخردل والتناول في العشيّات الكعك بالمري النبطي ثم يتجرع الماء الحار ويستاك قبيل النوم .
ومن المعالجات المشتركة الجيدة أن يتناول كل يوم درهم ملح جريش بالهندبا الطري ثم يستعمل الأطريف الصغير ويديم استعمال السواك الطويل وقد جربت الفارة المشوية فوجدت نافعة وخصوصاً للصبيان .
فصل في قطع الروائح الكريهة من المأكولات
ينفع من ذلك مضغ السذاب ومضغ ورق العليق والمضمضة بعدهما بخلّ العنصل واستعمال السعد والزرنباد في الفم .
فصل في نزف الدم
إن كان خروجه من جوهر الفم وجلدته فعلاجه بالقوابض المذكورة في باب البثور وغيرها ولطبيخ قضبان الكرم وعساليجه منفعة عظيمة وإن كان من موضع آخر فنحن قد أفردنا له باباً بل أبواباً .
فصل في البخر
إما أن يكون مبدؤه اللثة لعفونة منها أو لاسترخاء يعرض لها أو عفونة في أصل الأسنان آذت نفس السن وإما أن يكون مبدأه جلدة الفم لمزاج رديء فيها بغير الرطوبات .


وأكثر هذا المزاج حار وإما أن يكون مبدؤه فم المعدة لخلط عفن في فمّ المعدة إما صفراوي أو بلغمي وقد تكون من نواحي الرئة كما يعرض لأصحاب السل . المعالجات : أما ما كان مَن اللثة والعمور فيجب أن يعتنى بتنقية الأسنان دائماً وغسلها بالخلّ والماء فإن نجع ذلك فبها ونعمت وإن لم ينجع بل كان هناك فضل عفونة فيجب أن يمضغ بعد ذلك تمرة الطرفاء والعاقرقرحا والسذاب والسادج والعود والمصطكي وقشر الأترج والقرنفل وأن يجعل على اللثة الصبر والمرّ ونحوهما وأن يتمضمض بخل العنصل وأن يتدلك بالأنيسون والطلي أو النبيذ الحلو وإن كان أقوى من ذلك مضغ الميويزج وتفل الريق .
فإن لم ينجع وظهرت العفونة ظهوراً بيناً أخذ من الزاج المحرق جزءاً ومن أصل السوسن والزعفران من كل واحد نصف جزء ويعجن بعسل ويقرّص ويستعمل ويتمضمض بعده بالخل صرفاً أو ممزوجاً بماء الورد أو يؤخذ دواء أقوى من هذا وهو من القرطاس المحرق ثلاثة دراهم ومن الزرنيخ درهمان ونصف وسكّ وسماق وزنجبيل وفلفل محرق أقراص فلدفيون من كل واحد درهمان يتخذ منه دلوكاً ولصوقاً ويجعل عليه خرقة كتان .
والقلي وحده إذا استعمل على العفونة قلعها وأسقطها وأنبت لحماً جيداً .
ومما جرب : أقاقيا زرنيخ أحمر زرنيخ أصفر نورة شب يتخذ منه أقراص بخلّ ثم يسحق بماء العسل أو طبيخ الأبهل .
أما إن كانت العفونة في نفس السن فدواؤه حكها إن كانت في الطرف أو بردها بالمبرد أو قلع السن إن كانت العفونة تلي أصل السن .
وإن كان هناك استرخاء اللثة وكان السبب حدوث العفونة فعلاجها شدها بما نذكر في باب استرخاء اللثة .
وإن كان الخلط صفراوياً عفن في المعدة أو في جلدة الفم فلا شيء أنفع له من المشمش الرطب على الريق وكذلك البطيخ أو الخيار أو الخوخ .
وإذا لم يحضر المشمش أو الخوخ الرطب استعمل نقوع القديد منهما على الريق وخصوصاً قديد المشمش .


ومما ينفع من ذلك استعمال السويق بالسكر وماء الثلج واستعمال حبوب صبريه ذكرناها في الأقراباذين .
ويجعل غذاءه كل غسّال مبرد غير مستحيل إلى الصفراء وإن كان الخلط بلغمي استعمل القيء أولاً واستعمل الأيارجات المنقّية لفم المعدة المذكورة في باب المعدة واستعمل الأطريفل الصغير والزنجبيل المربى والصحناة خاصة ويجعل غذاءه المطجّنات ويقلّ شرب الماء الكثير ويهجر الفواكه والبقول الرطبة ويتخذ مساويكه من الأشجار المرّة المقطّعة مثل الأراك والزيتون .
ومما ينفعهم من الأدوية أن تأخذ كل بكرة من ورق الآس مع مثله زبيباً منزوع العجم كالجوزة ومثل ذلك من جوز السرو والابهل والزبيب وينفعهم حب الصنوبر وأيضاً حب الفوفل قرنفل خولنجان من كل واحد نصف درهم مسك كافور من كل واحد دانق عاقر قرحاً درهم صبر ثلاثة دراهم خردل درهم يتخذ حباً بالطلي .
والأدوية البسيطة المجرّبة فهي مثل الكندر والعود الهندي والقرفة وقشور الأترج والورد والكافور والصندل والقرنفل والكبابة والمصطكي والبسباسة وجوزبوا وأصل الأذخر والأرمال والأشنة وأظفار الطيب والقاقلة والفلنجمشق وورق الأترج والسنبل والنارمشك والزنجبيل وسائر ما تجده في الألواح المفردة ومما يعجن به الأدوية الميبة والميسوسن وعصارة الأترج .
فصل في بقاء الفم مفتوحاً
الفم يبقى مفتوحاً إما لشدّة الحاجة إلى التنفس العظيم أو للالتهاب الملهب أو للضيق والخناق أو لضعف عضل الفم فلا تعمل عملها في النوم وذلك في الأمراض الحادة رديء وأما ألوان اللسان فأولى المواضع بتفصيلها مواضع أخرى وعند ذكر الأمراض الحادة .
الفن السابع أحوال الأسنان
وهو مقالة واحدة
فصل في الكلام في الأسنان


قد علمتَ أنَّا تكلمنا في الأسنان وتشريحها ومنافعها فيجب أن يتأمّل ما قيل هناك وليعلم أن الأسنان من جملة العظام التي لها حسّ لما يأتيها من عصب دماغي لين فإذا أَلِمَتْ أحسّ بما يعرض فيها من ضربان واختلاج وربما أحست بحكّة ودغدغة .
وقد يعرض فيها أعراض من الاسترخاء والقلق والانقلاع والنتوّ ومن تغير اللون في جوهرها وفي الطليان المركب عليها ويعرض لها التألم والتأكل والتعفّن والتكسّر .
وقد يعرض لها الأوجاع الشديدة والحكة ويعرض لها الضرس وهو صنف من أوجاعها ويعرض لها العجز عن مضغ الحلو والحامض والتضرّر من الحار والبارد وقلة الصبر عن لقاء أحدهما أو كلاهما .
وقد يعرض لها تغير في مقاديرها بالطبع بأن تطول وتعظم أو تنسحق وتصغر .
وقد يعرض فيها أنواع من الورم - ولا عجب من ذلك - فإن كل ما يقبل التمدد بإنماء الغذاء يقبل التمدد بالعضل ولو لم تكن قابلة للمواد النافذة فيها المزيدة إياها ما كانت تخضر وتسودّ فإن ذلك لنفوذ الفضل فيها .
وقد خلقت الأسنان قابلة للنمو والزيادة دائماً ليقوم لها ذلك بدل ما ينسحق حتى إن السنّ المحاذية لموضع السنّ الساقطة أو المقلوعة تزداد طولاً إذا كانت الزيادة ترد عليها ولا يقابلها الانسحاق .
واعلم أن الأسنان قد يستدل على مزاجها من اللثة ولونها هل هي صفراء مرّية أو بيضاء بلغمية أو حمراء دموية وهل هي إلى كمودة وسواد سوداوي .
فصل في حفظ صحة الأسنان
من أحب أن تسلم أسنانه فيجب أن يراعي ثمانية أشياء : منها أن يتحرّز عن تواتر فساد الطعام والشراب في المعدة لأمر في جوهر الطعام وهو أن يكون قابلا للفساد سريعاً كاللبن والسمك المملوح والصحناة أو لسوء تدبير تناوله مما قد عرف في موضعه .
ومنها : أن لا يلح على القيء وخصوصاً إذا كان ما يتقيأ حامضاً .
ومنها : أن يجتنب مضغ كل علك وخصوصاً إذا كان حلواً كالناطف والتين العلك .
ومنها : اجتناب المضرسات .


ومنها : اجتناب كل شديد البرد وخصوصاً على الحار وكل شديد الحرّ وخصوصاً على البارد .
ومنها : أن يديم تنقية ما يتخلّل الأسنان من غير استقصاء وتعد إلى أن يضرّ بالعمور وباللحم الذي بين الأسنان فيخرجه أو يحرّك الأسنان .
ومنها : اجتناب أشياء تضرّ الأسنان بخاصيتها مثل الكرّات فإنه شديد الضرر بالأسنان واللثِّة وسائر ما ذكرنا في المفردات .
وأما السواك : فيجب أن يستعمل بالاعتدال ولا يستقصى فيه استقصاء يذهب ظلم الأسنان وماءها ويهيئها لقبول النوازل والأبخرة الصاعدة من المعدة وتصير سبباً للخطر .
وإذا استعمل السواك باعتدال جلا الأسنان وقوّاها وقوى العمور ومنع الحفر وطيَّب النكهة .
وأفضل الخشب بالسواك ما فيه قبض ومرارة ويجب أن يتعهّد تدهين الأسنان عند النوم وقد يكون ذلك الدهن إما مثل دهن الورد إن احتيج إلى تبريد وأما مثل دهن البان والناردين إن احتيج إلى تسخين .
وربما احتيج إلى مركَب منهما والأولى أن يدلك أولاً بالعسل إن كان هناك برد أو بالسكّر إن كان هناك ميل إلى برد أو قلة حرّ وكل واحد منهما يجمع خلالاً محمودة الجلاء والتغرية والتسخين والتنقية .
والسكر في ذلك كله دون العسل وإن سحق الطبرزذ وخلط بالعسل واستعمل جلّى ونقّى وشد اللثة .
ثم يجب أن يتبع بالدهن .
ومما يحفظ صحة الأسنان أن يتمضمض في الشهر مرتين بشراب طبخ فيه أصل اليتّوع فإنه غاية بالغ لا يصيب صاحبه وجع الأسنان وكذلك رأس الأرنب المحرق إذا استنّ به وكذلك الملح المعجون بالعسل إذا أحرق أو لم يحرق .
والمحرق أصوب ويجب أن يتخذ منه بندقة ويجعل في خرقة ويدلك به الأسنان وكذلك الدلك بالترمس وكذلك الشبّ اليماني بشيء من المرّ وخصوصاً الشبّ المحرق بالخلّ .
وإذا اندبغت الأسنان بهذه الأدوية فيجب أن يستعمل بعدها العسل والدلك به أو بالسكر ثم يستعمل الدلك بالأدهان على نحو ما وصفناه .


وإذا كانت السن عرضة للنوازل وجب أن يمسك في الفم طبيخ الأشياء القابضة إمساكاً طويلاً ويدام ذرّ الشب والملح المحرقين عليها .
قول كلّي في علاج الأسنان والأدوية السنية : الأدوية السنية منها حافظة ومنها معالجة لأن جوهر الأسنان يابس والأدوية الحافظة لصحة الأسنان ولردّها في أكثر الأمر إلى الواجب هي الأدوية المجففة وأما الحارة أو الباردة فيحتاج إليها عند عارض من إحدى الكيفيتين قد زالت بها عن المزاج الطبيعي زوالاً كبيراً فأشدّ الأدوية مناسبة لمصالح الأسنان هي المجففة المعتدلة في الكيفتين الأخريين وكل سنّي يجفف إما ليس للسنّ لا لأنه سني بل لأجل عارض يعرض له ثم المجففات باردة يابسة وحارة يابسة .
وأجود أدوية الأسنان ما يجمع إلى التجفيف والنشافة جلاء وتحليل فضل إن اندفع إلى السنّ تحليلاً باعتدال ومنع مادة تنجلب إليها فالمجففات الباردة والتي إلى برد ما لا تضرس بحموضتها أو عفوصتها تضريس الحصرم وحماض الأترج وهي السكّ والكافور والصندل والورد وبزره والجلنار ودم الأخوين وثمرة الطرفاء والعفص والكهرباء واللؤلؤ والفوفل ودقيق الشعير ولحاء شجرة التوت وورق الطرفاء وأصل الحماض .
و الحارة والتي إلى حرّ ما فمنها ما حره في جوهره ومنها ما حرّه مكتسب .
والذي الحر في جوهره مثل الملح المحرق والشيح المحرق والسعد الحيّ والمحرق والدارصيني والزوفاء وفقّاح الأذخر وثمرة الكبر .
وأقوى منها قشر أصله والعود والمسك والبرشاوشان الحي والمحرق وورق السرو والأبهل والساذج وقرن الأيل المحرق وغير المحرق ورماد قشر الكرم ورماد رأس الأرنب والتمر المحرق والحارة بقوّة مكتسبة كرماد العفص وإذا طفئ بالخلّ كان إلى الاعتدال أقرب ورماد قضبان الكرم ورماد القصب وما أشبه ذلك .


وأما المعتدلة فمثل قرن الأيل المحرق إذا غسل ومثل جوز الدلب ومنها لحاء شجرة الصنوبر ومنها أدوية جاءت من طريق التركيب وهي مثل دقيق الشعير إذا عجن بملح وميسوسن ثم أحرق والتمر المعجون بالقطران يحرق حتى يصير جمراً ثم يرشّ عليه ميسوسن .
ومن السنونات المجرّبة سنون مجرّب ونحن واصفوه ونسخته : قرن الأيل المحرق عشرة دراهم ورق السرو عشرة دراهم جوز الدلب بحاله خمسة دراهم أصل فيطايلون عشرة برشياوشان محرق خمسة ورد منزوع الأقماع ثلاثة سنبل ثلاثة ينعّم سحقه ويتخذ منه سنون .
وأيضاً سنون أخر جيّد نسخته : يؤخذ قرن الأيل محرق كزمازك وهو ثمرة الطرفاء وسعد وورد وسنبل الطيب من كل واحد درهم ملح إندراني ربع درهم يتخذ منها سنون .
وسنذكر أيضاً سنونات أخرى في أبواب مستقبلة وسنونات أخرى في القراباذين .
ونبتدئ فنقول : إنَّ علاج الأسنان بالمجففات علاج كما علمت مناسب وبالمسخّنات والمبرّدات علاج يحتاج إليه عند شدّة الزوال عن الاعتدال الخاص .
والأدوية السنيّة منها سنونات ومنها مضوغات ومنها لطوخات ومخبّصات على الأسنان أو على الفكّ ومنها مضمضات ومنها دلوكات ومنها أشياء تحشى ومنها كمادات ومنها كاويات ومنها قالعات ومنها بخورات ومنها سعوطات ومنها قطورات في الأذن ومنها استفراغات للمادة بفصد أو حجامة من أقرب المواضع .
ومن أدوية الأسنان ما هي محلّلة ومنها ما هي مبردة ومنها ما هي مخدرة .
والمخدرات إذا استعملت في الأسنان كانت أبعد شيء من الخطر لكن إكثارها ربما أفسد جوهر الأسنان .
وكذلك الأدوية الشديدة التحليل والتسخين يجب أن لا تستعمل إلا عند الضرورة وهي مثل الحنظل والخربق وقثاء الحمار وغير ذلك وأن يتوفى وصول شيء منها ومن المخدرات إلى الجوف .
وكثيراً ما يحتاج إلى ثقب السن بمثقب دقيق لينفس عنه المادة المؤدية ولتجد الأدوية نفوذاً إلى قعره .
والخل مع كونه مضراً بالأسنان قد يقع في أدوية الأسنان المبردة والمسخنة معاً .


أما المبردة فلأنه يبرد بجوهره ولأنه ينفذ وأما في المسخنة فلأنه ينفذ ولأنه يعين بالتقطيع على التحليل وأما مضرّته حينئذ فتكون مكسورة بالأدوية السنيّة التي تخالطه .
فصل في أوجاع الأسنان
اعلم أن الأسنان قد توجع بسبب وجع يكون في جوهرها على ما أخبرنا به سالفاً وقد يكون لسبب وجع يكون في العصبة التي في أصلها وقد يكون لسبب وجع يكون في اللثّة وورم وزيادة لحم نابت فيها يقبل المادة أو لاسترخائها وترهّلها فتقبل المواد الرديئة فتعفن فيها وتؤذي الأسنان وأيضاً تجعل الأسنان قلقة .
وقد يعسر على كثير من المتألمين في أسنانهم الوجعة التمييز بينها .
وأنواع علاجها مختلفة .
وأسباب أوجاع الأسنان : إما سوء مزاج ساذج من برد أو حرّ أو جفاف لعدم الغذاء كما في المشايخ دون الرطب على ما علم في موضعه أو مع مادة أو ريح .
والمادة إما أن توجع بالكثرة أو بالغلظ أو بالحدّة .
وقد تكون المادة مورمة للسنّ نفسها وقد تكون مؤكلة وربما ولدت دوداً .
ومبدأ المادة إما من المعدة أو من الرأس أو من الموضعين جميعاً وإن كان البدن كله ممتلئاً من تلك العادة فإن المجرى من البدن إلى الأسنان من هذين الطريقين .
وقد توجع الأسنان في الحميات الحادة على سبيل المشاركة في سوء المزاج .
وإذا حدث تحت المتكل من الأسنان وجع وضربان ففي أصله فضل لم تنضج فيعالج الوجع والورم ثم ليقلع .
العلامات : يجب أن تتأمل فتنظر هل مع وجع السن مرض في اللثة أو في نواحيها فإن وجدت ورماً في اللثة حدست وحكمت أنه ربما لم يكن السبب في نفس السن وكذلك إن كان الغمز على نفس اللثة يؤلم .
وإن لم تجد ورماً في اللثة فالسبب إما في نفس السن وإما في العصب الذي في أصله .
فإن أحسست ورماً في السن أو تأكلاً فالسبب في جوهره .
وكذلك إذا أحسست الألم يمتد طول السن .


وإما إن لم تحس ألماً إلا في الغور فالسبب في العصبة التي في أصله وخصوصاً إذا وجدت وجَعاً فاضياً في العمور أو في الفك وأحسست كالضرس .
وأنت تستدل على الأمزجة الحارة والباردة بما عملته وعلى اليابس بضمور السن وقلقه وعلى الريح بانتقال الوجع الممدد وعلى الخلط الغليظ برسوخ الوجع من غير حرارة وبرودة ظاهرتين جداً وعلى الخلط الحار الدموي أو الصفراوي بسرعة التأذي بما يوجع وبغرز يكون في الوجع وتغير لون إلى مشاكلة الخلط وحرارة حادة عند اللمس .
ويعرف أن مبدأ الخلط من الدماغ أو من المعدة بما يجد في أحدهما أو كليهما من الامتلاء وإذا كان سبب الوجع في اللثة لم يغن القلع ولم يحتج إليه .
وإذا كان في السنّ زال الوجع بالقلع وإذا كان في العصبة فربما زال بالقلع وربما لم يزل وإنما يزول بسبب وجدان المادة التي تطلب الطيعة أو المواء تحليلها مكاناً واسعاً تندفع فيه بعدما كانت مخنوقة محبوسة في السن .
المعالجات : أما إن كان الوجع بمشاركة عضو فابدأ بتنقية العضو المشارك بفصد أو بإسهال بمثل الأيارج وشحم الحنظل أو بمثل السقمونيا أو بمثل النقوعات أو بالغرافرات المنقية للرأس إن كان السبب في الرأس .
وأما إذا كان هناك ورم محسوس في اللثة والعمور فيجب أن تبدأ بالفصد في الإسهال بحسب القوة والشرائط وأن تمسك في الابتداء في جميعها المبردات من العصارات والسلاقات ونحوها في الفخ مقواة بالكافور من غير إفراط في القبض وكثيراً ما يكفي الاقتصار على دهن الورد والمصطكي أو على زيت الأنفاق أو على مثل دهن الآس وينفع من ذلك أن يؤخذ نبيذ عتيق ودهن ورد خام يطبخ نبيذ الزبيب فيه طبخاً جيداً ويمسك في الفم ثم بعد ذلك يتمزج إلى المحللات المنضجة ويتوقّى أن يسيل من القوية منها شيء إلى الجوف ويتدرج أيضاً إلى استفراغ من نفس العضو بأن يرسل على أصول الأسنان العلق أو يفصد كعرق الذي تحت اللسان أو يحجم تحت اللحية بشرط .


وإذا اشتد الوجع فيجب أن يلصق على أصل السن عاقرقرحا مع كافور ويعيدهما كلّما انحلا وإن زادت الشدة من الوجع احتيج كثيراً إلى استعمال أفيون مع دهن الورد .
وكلما وجد عن ذلك محيص فتركه أولى بل يجب أن يستعمل بالإنضاج وأما إذا كان السبب في نفس السن أو في العصبة ولم يكن مادة بل سوء مزاج عولج مما يضاده من الأدوية السنية المعلومة .
فإن كان سبب سوء مزاجه وضعفه عضا على حار تمضمض بدهن بارد المزاج مفتر ثم تصيره بارداً بالفعل .
وإن كان سبب سوء مزاجه عضاً على بارد استعمل بدل ذلك من الأدهان الحارة مثل دهن النادرين ودهن البان وعضّ على صفرة البيض المشوية الحارة أو على خبز حار .
وقد ينفع التدبير أن في كل الأصناف لسوء المزاجين المذكورين .
وأما إذا كان السبب الساذج يبساً فينفع منه أن يدلك بمثل الزبد وشحم البط وإن كان مع مادة أي مادة كانت حارة أو غليظةً أو كثيرة وجب أن يستفرغ بحسبها ويجب أن تبدأ في الابتداء بما يبرد ويردع في جميع ذلك وإن كان ذلك في المادة الحارة أزيد وجوباً وفي الغليظة أقلّ .
ومن الأشياء القوية الردع وخصوصاً في المواد الباردة الشبّ المحرق والمطفئ بالخل مع مثله ملح يسحقان جيداً ثم يستعملان ثم يتمضمض بعدهم بالخمر .
ومما يصلح للردع العفص بالخل فإن كانت المادة حارة عولجت بالعصارات المبردة ودبر في تعديلها فإن لم ينجع ذلك دبر إما في تحليلها وإما في تحديرها وإن كانت المادة غليظة أو كثيرة دبر بعدما ذكرناه من علام الابتداء بالتحليل أيضاً والأولى أن يكون في المضمضة بالخل ودهن الورد فإنه ربما جذب الخل الرطوبات الأصلية بعد الفضول وربما أحتجت أنتجمع إلى المحلّلات أدوية قوابض لأن العضو يابس .
وأما إن كان السبب ريحاً فالعلاج المحللات التي تذكر وخصوصاً السكبينج وحب الحرمل والقنّة .
فصل في الأدوية المحلّلة المستعملة في أوجاع الأسنان
المحتاجة إلى التحليل


منها مضمضات يجب في جميعها أن تمسك في الفم مدة طويلة مثل خلّ طبخ فيه سلخ الحية أو خلّ طبخ فيه حنظل وهو قوي نافع جداً وإذا كان البرد ظاهراً فبالشراب أو زرنباد أو عاقرقرحا أو حلتيت مع خردل أو قشور الكبر أو قشور الصنوبر أو فوذنج أو ورق الدلب أو الجعدة وقشوره بخل أو ماء وكذلك ورق الغار والشيلم وكذلك عيدان الثوم مع عاقرقرحا أو خل جعل فيه كندس يمسك في الفم أو عاقرقرحا وثمر الطرفاء في الخلّ أو مرزنحوش يابس أو أصل قثاء الحمار أو عصارته في الخل أو مع حرمل مطبوخين في الخل أو كبيكج مطبوخاً في الخلّ .
وللوجع الضرباني طبخ العفص الفج بالخل أو عنب الثعلب بالخل وطبيخ البنج بالخلّ أو قرن الأيل المحرق مطبوخاً بالخلّ العنصلي أو مسحوقاً مجعولاً في سكنجبين ومنها غرغرات بمثل ما ذكرنا من المضمضات ومن ذلك أن يطبخ الزبيب الجبلي والثوم في الماء ويتغرغر به ويترك الفم مفتوحاً ليسيل لعاب كثير .
ومنها مضوغات تتخذ من الأدوية المذكورة وأمثالها من ذلك : أن يؤخذ فوتنج جبلي وعاقرقرحا وفلفل أبيض ومر ويعجن بلحم الزبيب وببندق ويمضغ منه بندقة بندقة .
ومنها لطرخات وأطلية ونضوخات وأضمدة تتخذ من الأدوية المحللة المعروفة وتجمع بما له قوام مثل عسل أو قطران أو شيء محلول في الماء ينحل به أو عجناً بالماء وحده أو يؤخذ كرنب بحضض ويطلى أو يؤخذ للضربان خردل مسحوق ويوضع على أصل السن .
ومما جرّب أن يؤخذ لبّ نوى الخوخ ونصفه فلفل يعجن بقطران ويدلك بالسنّ أو يلصق عليه أو يلطخ بالترياق وحده أو الحلتيت وحده أو الشجرنا أو أراسطنحان أو سورطنحان أو شونيز مسحوقاً معجوناً بزيت يلطخ به .
مما جرب أن يؤخذ مر فلفل وعاقرقرحا وميويزج وزنجبيل من كل واحد جزء وبورق أرمني جزء ونصف ينعّم سحقها وتطلى به الأسنان واللثّة فإنه شديد النفع .
وقد تضمّد اللحى بمثل الخطمي والبابونج والشبث والحلبة وبزر الكتان بطبيخ الشبث ودهنه ويستعمل .
وقد .


زعم جالينوس أن كبد سام أبرص إذا جعلت على السنّ الوجعة المتألمة سكن وجعها وقتها .
ومنها كمّادات من خارج ويجب أن يستعمل إمّا قبل الطعام بساعتين أو بعده بأربع ساعات .
وهذا يحتاج إليه لشدة الوجع مثل أن يكمّد بالملح والجاورش أو بالزيت المسخّن أو بالشمع الذائب وقد تكمّد اللحى تكميداً بعد تكميد ليجذب إليه المادة فإذا ورم اللحى سكن الوجع وخصوصاً إذا كويت السن بدهن يغلي في الوقت .
ومنها كاويات وتدبير بالكي مثل أن يطبخ الزيت ببعض الأدوية المحلّلة المذكورة أو وحده وتؤخذ مسلّة تحمّى وتغمس في ذلك الزيت وتنفذ في تجويف أنبوب متهندم على السنّ الوجعة حتى تبلغ السن وتكويه وقد جعل على ما حواليه شمع أو عجين أو شيء آخر يحول بين السنّ وما حواليه من الأسنان والعمور .
ونفع هذا لما تكون المادة فيه في نفس السن أكثر وقد يقطر أيضاً في الأنبوب الدهن المغلي بعد الاحتياط المذكور والزيت أوفق من أدهان أخرى .
وربما احتيج في الكاويات إلى أن تثقب السن بمثقب دقيق لتنفذ فيه القوة الكاوية .
وإذا لم تنجع المعالجات كويت السن بالمسلّة المحمّاة مرات حتى تكون قد بالغت في كيه فيسكن الوجع وتفتت السن .
ومنها دلوكات تتخذ مما سلف والزنجبيل بالعسل دلوك جيد .
وأيضاً الخل والملح وأيضاً الخل وشحم الحنظل مع عاقرقرحا .
ومنها دخن وبخورات وأجودها أن تكون في القمع .
وقد يتخذ من المحلّلات مثل عروق الحنظل أو حبّه أو حبّ الخردل أو حافر حمار أو بزر البصل - وخصوصاً الدود - أو ورق الآس أو جعدة أو ورق السذاب أو عاقرقرحا .
ومنها سعوطات محللة مثل ماء قثاء الحمار وعصارة أصول السلق أو الرطبة أو ماء المرزنجوش .
ومنها قطورات في الأذن التي للوجع مثل أن تستعمل هذه السعوطات قطوراً في الأذن أو عصارة الكبر الرطب .
ومنها حشو للتأكل إن كان سبب الوجع من التأكّل ويجب أن يرفق ولا يحشى بعنف وشدّة فيزيد في الوجع مثل سكّ مع سعد أو مع مصطكى .


وأقوى من ذلك الحلتيت مع كبيكج أو شونيز مسحوقاً بزيت أو فلفل أو درديّ محرق أو فربيون أو عاقرقرحا أو يحشى بدواء لب الخوخ أو الفلفل المذكور بل يحشى الحار بالباردات والبارد بالحارات .
ومنها قلوعات نفرّد لها باباً ولا يجوز استعمالها إلا أن يكون الوجع في نفس السنّ لا غير .
فصل في الأدوية المخدرة
قد تستعمل على الوجوه المذكورة في التحليل لكن الأولى أن تكون ملطوخة أو ملصقة أو محشوة على أنها قد تستعمل مضمضات وبخورات فمنها أن يؤخذ بزر البنج والأفيون والميعة والقنّة من كل واحد درهمان فلفل وحلتيت شامي من كل واحد درهم يتخذ منه شياف بعقيد العنب ويوضع على السنّ الوجعة . أو يؤخذ أفيون وجندبيدستر بالسواء ويقطر منهما حبة أو حبتان في دهن الورد في الأذن من الجانب الوجع أو يتخذ لصوق من أصل اليبروح بماء يمسكه أو يبخر على ما بين من صفة التبخير ببزر البنج أو بطبيخ أصل اليبروح وحده أو مع البنج بشراب ويمسك أيضاً في الفم وقد يسقى أيضاً المخدرات مثل الفلونيا فإنه يسقاه المشتكي سنه ويأخذ منه في فمه فينام فينضج مرضه ويسكن ألمه .
ومن جملة ما يخدّر من غير أذى الماء المبرد بالثلج تبريداً بالغاً ويؤخذ بالفم أخذاً بعد أخذ حتى يخدر السنّ فيسكن الوجع البتة وإن كان ربما زاد في الابتداء . فصل في السن المتحرّكة
قد تفلق السن بسبب باد من سقطة أو ضربة وقد يقع من رطوبة ترخي العصب الشادّ للسن وتكون السنّ مع ذلك سمينة لم تقصف وقد يقع لتأكل يعرض لمنابت الأسنان فيوسّعها أو يدقق السن بما ينقص منها أو لانثلام الدردر وقد يقع لضمور يعرض في الأسنان ليبس غالب كما يعرض للناقهين والمشايخ الذين جاعوا جوعاً متوالياً وقصّر عنهم الغذاء وقد يقع لقصور لحم العمور .
المعالجات : يجب أن يجتنب المضغ بتلك السنّ ويقل الكلام ولا يولع بها بيد أو لسان وبالجملة يترك المضغ إلى الحسو ما أمكن .


فإن كان السبب تأكلاً وعولج التآكل واستعمل القوابض المسددة من الأدوية السنية مضمضات ودلوكات وغير ذلك .
وإن كان السبب ضموراً تدورك بالأغذية على أن هذا مما يعسر تلافيه .
ثم تعالج بالمرطبات إلصاقاً ودلكاً وقطوراً في الأذن مثل دهن الورد والخلاف وعصارة ورق عنب الثعلب بل بالقوابض وإن كان لضمور السن لم تنجع الأدوية فإنها لا تكاد تسمتها مسرعة بل يجب أن تعالج بالأدوية القابضة الباردة وكذلك إن حدث عن ضربة .
فإن حدث عن رطوبة مرخية وجب أن تعالج بالقوابض المسخّنة كالمضمضة بماء طبخ فيه السحر وورق السرو أو نبيذ زبيب طبخ فيه الشب بنصفه ملحاً أو ماء طبخ فيه السكبينج .
ومن اللصوقات : شبّ درهمان ملح درهم يلصق على أصله أو قشور النحاس مع الزيت وأصل السوسن وقشور السرو من كل واحد أربعة دراهم ومن الشبّ جزء أو يؤخذ رماد الطرفاء وملح سواء أو قرن أيل محرق وملح معجون بعسل محرق تمر محرق من كل واحد عشرة دراهم ومن المر والزعفران والسنبل والمصطكي من كل واحد جزءان سذاب يابس سمّاق وجلنار ومن كل واحد ثلاثة يتخذ منه سنون ولصوق .
وأيضاً القوابض مخلوطة بالصبر بالقلقطار وقليميا .
سنون : صالح لهذا الباب وغيره : ونسخته : سعد وورد وسنبل الطيب ملح إندرتي كزمازك قرن أيل محرق أجزاء سواء .
والذي يكون بسبب نقصان لحم العمور يؤخذ له شبّ يمان وعود محرق وسعد وجلنار وسمّاق .
فصل في تثقّب الأسنان وتآكلها
يعرض ذلك كله من رطوبة رديئة تعفن فيها . الغرض في علاج التآكل منع الزيادة على ما نأكل وذلك بتنقية الجوهر الفاسد منه وتحليل المادة المؤدية إلى ذلك ويمنع السنّ أن تقبل تلك المواد وتصرف تلك المواد عنها بالاستفراغات إن احتيج إليها .
والأدوية المانعة من التآكل هي المجفّفة فإن كان قوياً احتاج إلى قوي شديد التجفيف والإسخان وإن كان ضعيفاً كفى ما فيه تجفيف وقبض مثل الآس والحضض والناردين .


واستعمالها يكون من كلّ صنف ما ذكر وأكثرها من باب الحشو فمن ذلك تحشى بسكّ وسعد أو بسكّ ممسك وحده فإنه يمنع التآكل ويسكّن الوجع أو يحشى بمصطكى وسعد أو بمرّ أو بميعة أو بعفص وحضض أو بميعة وأفيون أو بقنّة وكبريت أصفر وحضض أو بعلك البطم والفلفل أو بسك وعلك البطم والفوتنج أو بالشونيز المدقوق المعجون بالخلّ والعسل أو بالكبريت حشواً وطلاءً أو بزنجبيل مطبوخاً بعسل وخلّ فإنه غاية .
أو بحلتيت وقطران أو بحلتيت وشيح أو بحلتيت وحده ويغلى بموم لئلا يتحلّل فإنه شديد التسكين للوجع أو بالقير وحده أو مع الأدوية أو بالحضض والزاج وقد جرّب الكافور في الحشو فكان نافعاً غاية ويمنع زيادة التآكل ويسكّن الألم ويجب أن يستعين بما مضى في باب وجع الأسنان .
وقد يستعمل في ذلك أطلية من جندبيدستر وعاقرقرحا وأفيون وقنة أجزاء سواء وبفلفل وقاقلة بعسل أو عاقرقرحا ومر بعسل وحبة الخضراء بعسل أو تراب طيب صب عليه خل مغلي أو كبد عظاية أو كبريت حي بمثله حضض أو فلفل ولبن اليتّوع أو بورق وعاقرقرحا أو قنة وبزرينج أو ميعة وأفيون .
دواء جيد وصفته : يؤخذ من البورق والبنج من كل واحد جزآن ومن العاقرقرحا والفلفل من كل واحد جزء من الأفيون ثلاثة أجزاء يوضع على الموضع .
وأيضاً : يؤخذ من ميعة الرمان ومن الفلفل ومن الأبهل من كل واحد جزء ومن الميويزج وبزر الأنجرة والأفيون من كل واحد نصف جزء وقد يستعمل الحشو والطلاء معاً وقد يجعل على الموضع فلفنديون قوي أو سورنجان أو نورة جزآن نوشادر وشب ومرّ وعفص وأقاقيا وإيرسا جزء جزء وسعتر محرق وزبد البحر وربما زيد فيه قنة وقد ينفع من المضمضات الممسكة في الفم نفعاً عظيماً أن يطبخ أصول الكبر بالخل حتى يذهب نصف الخل ويمسك في الفم وقد يستعمل قطورات في نفس التآكل مثل الزرنيخ المذاب في الزيت يغلى فيه ويقطر في الأكحّال ومما ينفع أن يقطر في جانب السن المأكولة دهن اللوز .
فصل في تفتت الأسنان وتكسرها


يكون السبب في ذلك في الأكثر استحالة مزاجها إلى رطوبة وقد يعرض أن تيبس يبساً شديداً .
والفرق بينهما الضمور وضدّه فإن كان هناك دليل تغيّر لون أو تأكل دلّ على مزاج رطب ذي مادة .
وعلاج : الأول منع المادة وتقوية السن بالقوابض القوية المذكورة والشب .
والنوشادر قوي التأثير في ذلك فإن كانت مسخنة مع ذلك لم يغن إلا مثل الخربق الأسود معجوناً بالعسل .
وأما إن كان عن يبس فعلاجه علاج اليبس المذكور .
فصل في تغير لون الأسنان
قد يكون ذلك لتغير لون ما يركبها من الطلاوة فيحدث قلح وربما تحجر في أصول السن تحجّراً يعسر قلعه وقد يكون لمادة رديئة تنفذ في جوهر السن وتتغير فيها ويفسد لونها إلى باذنجية ونحوها من غير أن يكون عليها قلح .
المعالجات : أما الأوّل : فيعالج بما يجلو وينقي مثل زبد البحر والملح والحرف المسحوق ورماد الصدف ورماد أصل القصب والزرواند المدحرج والصعتر المحرق والملح الأندراني أجزاء سواء وإن شئت زدت فيه صدف الحلزون محرقاً أو يؤخذ من القيشور المحرق جزء .
ومن الفلفل جزء ومن الحماما ثلاثة أجزاء ومن الساذج اثنان ومن الجصّ المحرق عشرة يدقّ ويستعمل .
فإن كان مفرطاً فالزنجار بالعسل ومما يبيض في الحال سحيق الغضار الصيني أو سحيق الزجاج أو المسحقونيا أو السنباذج وحجر الماس .
وأما الثاني : فيعالج بما يحلل المادة ويخرجها ويجلو معاً مثل الفلفل والفوذج والقسط والزراوند المدحرج والحلتيت يخلط بالجالية المذكورة ومثل السنون الذي ذكرناه قبل هذا الباب .
سنون جيّد وصفته : أصل الزراوند جزء قرن الأيل المحرق جزآن مصطكي ثلاثة أجزاء دهن الورد خمسة أجزاء يسحق ويستعمل .
آخر : يؤخذ القيشور والملح المشوي والسوسن من كل واحد أربعة سعد خمسة سنبل واحد فلفل ستة .
آخر : يؤخذ من الملح الذي صيّر في الإحراق كالجمر ثلاثة ومن الساذج جزآن ومن السنبل جزء وأيضاً رماد الصدف أربعة ورد يابس خمسة سعد ثلاثة فقاح الأذخر واحد .


فصل في تسهيل نبات الأسنان
قد يعرض للصبيان أن يعسر نبات أسانهم فيألمون وربما شاركه استطلاق الطبيعة فيحتاج أن تعدل بالأطلية على البطن والعصارات المسقاة لإمساكها فيحتاج أن تطلى بالشيافات المذكورة في الكتاب الكلّي .
فمما يسهّل نبات الأسنان الدلك بالشحوم والأدمغة وخصوصاً بدماغ الأرنب مستخرجاً من رأسه بعد الطبخ والحنّاء والسمن ودهن السوسن .
وقد قيل أن لبن الكلبة ينفع في ذلك منفعة شديدة بالخاصية .
وإن اشتدّ الوجع طلي بعصارة عنب الثعلب بدهن ورد مسخّن ويجب أن يمنع المضغ على شيء له قوام بل يجب أن تدخل الظئر أصبعها في فمه حين ما يبتدئ بوجع لنبات الأسنان فتدلك لثّته دلكاً شديداً لتسيل عنه الرطوبة من طريق اللثّة ثم يمسح بالأدوية المذكورة .
وإذا ظهرت الأسنان يسيراً وجب أن يضمّد الرأس والعنق والفكّان بصوف مغموس في دهن مفتَر ويمطر أيضاً في أذنه الدهن وقد ذكرنا نحواً من هذا الباب في الكتاب الأول . فصل في تدبير قلع الأسنان
إنه قد يتأدّى أمر السنّ الوجعة إلى أن لا تقبل علاجاً البتّة أو تكون كلما سكن ما يؤذيها من الآفة عاد عن قريب ثم تكون مجاورتها لسائر الأسنان مضرّة بها يعديها ما بها فلا يوجد إلى استصلاحها سبيل فيكون علاجها القلع .
وقد يقلع بالكلبتين بعد كشط ما يحيط بأصلها عنها .
ويجب أن يتأمّل قبل القلع فينظر هل العلّة في نفس السنّ فإنه لم تكن لم يجب أن تقلع فلا تقلعنّ وذلك حين يكون السبب في اللثّة أو في العصبة التي تحت السنّ فإن ذلك وإن خفّف الوجع قليلاً فليس يبطله بل يعود وإنما يخفّفه بما تحلّل من المادة في الحال وبما يوصل من الأدوية إليه .
وفي قلع ما لا يتحرّك من الأسنان خطر في أوقات كثيرة فربما كشف عن الفكّ وعفن جوهراً وهيّج وجعاً شديداً وربما هيّج وجع العين والحمّى .


وإذا علمت أن القلع يعسر ولا يحتمله المريض فليس من الصواب أن تُحرك بشدة فإن ذلك مما يزيد في الوجع على أنه يتفق أحياناً أن تكون العلة ليست في السنّ فإذا زعزعت انحلّت المادة التي تحتها وسكن الوجع .
وقد تقلع بالأدوية والأصوب أن يشرط حوالي السنّ بمبضع ويستعمل عليه الدواء .
فمن ذلك أن يؤخذ قشور أصل التوت وعاقرقرحا ويسحق في الشمس بخلّ ثقيف حتى يصير كالعسل ثم يطلى به أصل السن في اليوم ثلاث مرات أو يسحق العاقرقرحا ويشمس في الخلّ أربعين يوماً ثم يقطر على المشروط ويترك عليه ساعة أو ساعتين وقد درعت الصحيحة موماً ثم يجذب فيقلع .
أو يجعل بدل العاقرقرحا أصول قثاء الحمار أو تطلى بالزرنيخ المربى بالخلّ فإنه يرخيه أو يؤخذ بزر الأنجرة وقنه بالسوية أو بزر الأنجرة ومن الكندر ضعفه فيوضع في أصل الضرس .
وربما أغلي بورق التين فإنه يرخّيه ويقلعه بسهولة .
ودرديّ الخلّ نفسه عجيب .
أو يؤخذ قشور التوت وقشور الكبر والزرنيخ الأصفر والعاقرقرحا والعروق وأصول الحنظل وشبرم ويعجن بماء الشب أو بالخل الثقيف ويترك ثلاثة أيام ثم يطلى .
أو يؤخذ عروق صفر وقشور التوت من كل واحد جزء ومن الزرنيخ الأصفر جزءان يعجن بالعسل ويجعل حوالي الضرس مدة فإنه يقلعه .
أو يؤخذ أصل القيصوم ولبن اليتوع جزء وأصل اليتوع جزءان ويوضع عليه .
وإن كانت السنّ ضعيفة فأذب الشمع مع العسل في الشمس ثم قطّر عليه زيتاً
فصل في تفتيت السنّ المتآكلة
وهو كالقلع بلا وجع : يعجن الدقيق بلبن اليتوع ويوضع عليه ساعات فإنه يفتّت ويجب أن يوضع فيه ورق اللبلاب العظيم الحاد .
وشحم الضفدع الشجري قاطع مفتت وهو الضفدع الأخضر الذي يأوي النبات والشجر ويطفر من شجرة إلى شجرة .


القانون
القانون
( 34 من 70 )

فصل في دود الأسنان
يؤخذ بزور البنج وبزر كراث من كل واحد أربعة بزر بصل اثنان ونصف يعجن بشحم الماعز دفا ويحبب كلَ حبة وزن درهم ويبخّر منه بحبة مع تغطية لرأس القمع .
فصل في سبب صرير الأسنان
صرير الأسنان في النوم يكون لضعف عضل الفكين وكالتشنج لها ويعرض للصبيان كثيراً ويزول إذا أدركوا . وإذا كثر صرير الأسنان وصريفها في النوم أنذر بسكتة أو صرع أو تشنّج أو دلّ على ديدان في البطن .
والذي من الديدان يكون ذا فترات ويجب أن يعالج المبتلي بذلك بتنقية الرأس وتدهين العنق بالأدهان الحارة العطرة التي فيها قوّة القبض .
فصل في السنّ التي تطول
يجب أن تؤخذ بالأصبعين أو بالآلة القابضة ثم تُبْرَدُ بالمبرد ثم يؤخذ حبّ الغار والشبّ فصل في الضَرَس : الضَرَس خدر ما يعرض للسنّ بسبب مخشن وهو إما قابض وإمّا عفص وقد يكون مما لاقى السنّ وارداً من خارج أو مقيئاً .
وقد يكون مما يتصعّد إليه من المعدة إذا كان هناك خلط حامض وقد يتبع التصوّر الوهمي عند مشاهدة من يقضم الحامض جداً قضماً باسترسال .
المعالجات : ينفع منه مضغ البقلة الحمقاء جداً أو الحوك أو بزر البقلة الحمقاء مدقوقاً مبلولاً بالماء وعلك الأنباط أو لوز أو جوز ملكي والنارجيل خاصة أو البندق أو زيت الأنفاق دلكاً أو عكر الزيت المغلظ في إناء نحاس كالعسل في الشمس أو على النار أو المضمضة بلبن الأتن والدهن المفتر أو قير دنان الشراب أو حبّ الغار أو زراوند طايل أو حلتيت أو لبن اليتّوع أو العنصل والملح لمضادته للحموضة نافع جداً من الضَرَس .
فصل في ذهاب ماء الأسنان
هو أن يكون السنّ لا يحتمل شيئاً بارداً أو حاراً أو صلباً وأكثره من برد وهو مقدمة لوجع الأسنان .
المعالجات : إذا كان السبب في ذلك برداً : استعمل حب الغار والشب والزراوند الطويل والتكميد الدائم بصفرة بيض فإن لم يسكن بذلك دلك بأيارج فيقرا .


فإن لم ينجع فالترياق ودهن الخردل نافع جداً والقطران المسخن إذا مسح به مراراً فهو نافع جداً .
وإن كان السبب مزاجاً حاراً - وهو قليل - يدلّ عليه لون اللثّة وملمسها وملمس الأسنان فيجب أن يدام تمريخها بدهن الورد المفتت فيه كافور وصندل ويستعمل عليه لعاب بزرقطونا بماء الورد ومضغ البقلة الحمقاء أو بزرها خاصة فصل في ضعف الأسنان : ينفع منه القوابض المذكورة والعفص المحرق المطفأ بالخلّ وحبّ الآس الأبيض والملح الدراني المقلي والمطفأ بالخلّ والرامك والسنونات الفاضلة .
سنون جيّد : يؤخذ سعد ثلاثة دراهم هليلج أصفر منزوع خمسة دراهم قرفة خمسة دراهم دارصيني ثلاثة دراهم شبّ درهمان عاقرقرحا سبعة دراهم نوشادر درهم دارفلفل درهم وسك درهم زعفران درهم ملح خمسة دراهم سمّاق درهمين ثمرة الطرفاء ثلاثة قاقلة أربعة زرنياد ستة عشر جلّنار أربعة يسحق الجميع ويجمع .
سنون جيد : يؤخذ صندل أحمر كباية فوفل من كل واحد خمسة دراهم قرفة خمسة دراهم سنون : لهذا الشأن جيد يؤخذ كشك الشعير فيرضّ ويلتّ بعسل وقطران يسير شامي ويقرص ويقمص قرطاساً ويوضع على آجرة موضوعة في أصل تنور فإذا أسودّ لونه أخرج فأخذ منه جزء ومن فتات العود والجلنار والسعد وقشر الرمان والملح من كل واحد جزء يسحق ويتخذ منه سنون .
وربما أخذ من الشعير المحرق الموصوف عشرون جزءاً ومن السعد والفول والمزمازك من كل واحد أربعة أجزاء ومن الزنجبيل جزء ويتخذ منه سنون .
الفن الثامن أحوال اللثة والشفتين
وهو مقالة واحدة :
فصل في أمراض اللثّة
اللثة تعرض لها الأورام بسبب مادة تنزل إليها في أكثر الأمر من الرأس وقد يكون بمشاركة المعدة وقد يعرض لها أورام في ابتداء الاستسقاء وعروض سوء القنية لما يتصعد إليها من الأبخرة الفاسدة .
ويستدل على جنس المادة باللون واللمس .
وقد يكون منه ظاهر قريب سريع القبول للعلاج وغائر بعيد بطيء القبول للعلاج وقد يكون مع حمى .


المعالجات : إن كانت المادة فضلة حارة استعمل الاستفراغ وفصد الجُهارك وعولج في الابتداء بالمضمضات المبردة وفيها قبض مثل ماء الورد واللبن الحامض وماء الآس ومياه أوراق القوابض الباردة وسلاقة الجلنار وماء لسان الحمل ونقيع البلوط وعصارة بقلة الحمقاء ثم بعد ذلك يتمضمض بزيت انفاق ودهن شجرة المصطكى ودهن الآس في كل أوقية منه ثلاثة دراهم مصطكى أو ولدهن شجرة المصطكي قوة عجيبة شديدة في تسكين أوجاع أورام اللثة وخصوصاً الحديث . فإنه يقمع ولا يخشن وأخصّ منافعه في حال الوجع ثم بعد ذلك يستعمل مثل عصارة إيرسا الرطب فإنه يسيل الدم ويريح أو عصارة ورق الزيتون أو عكر الخمر أو عصارة السذاب أو دهن الحبّة الخضراء مغلي بماء فيه ورقه أو سلاقة الزراوند الطويل فإن كان الورم الحار غائراً ويسمى باروليسر ولا يتحلّل بالأدوية بل يتقيّح فربما احتيج إلى علاج الحديد وربما أدّى جوهره إلى إنبات لحم جديد .
فإذا قاح استعمل عليه الزنجار والعفص أو قشور النحاس بالخلّ أياماً أو سوري محرق مع عفص .
وإذا كانت اللثة لا تزال تنتفخ وترم ولا تبرأ احتيج إلى كي .
وأجوده أن يؤخذ الزيت المغلي بصوفة ملفوفة على ميل مراراً حتى تضمر وتبيضّ .
وإذا كان الورم من رطوبة فضلية وجب في الابتداء أن يتمضمض بالأدهان الحارة وبالعسل والزيت والربّ ثم يستعمل المحلّلات القوية المذكورة كثيراً .
فصل في اللثّة الدامية
ينفع منها الشبّ المحرق المطفأ بالخل مع ضعفه ملح الطعام ومثله ونصفه سوري ينثر عليه وأيضاً يحرق الطريخ المملوح إلى أن يصير كالجمر فيؤخذ من رماده جزء ومن الورد اليابس جزءان وأيضاً يؤخذ الآس والعدس المحرق جزء جزء والسمّاق والسوري جزءان فقّاح الأذخر فصل في شقوق اللثّة
يجري في علاجها مجرى شقوق الشفة وسيذكر .
فصل في قروح اللثّة وتآكّلها ونواصيرها
قروح اللثة بعضها ساذجة وبعضها مبتدئة في التعفّن وبعضها آخذ في التآكل .


المعالجات : أمَّا الساذجة فعلاجها علاج القُلاع وأما الآخذة في التعفّن فيجب أن تعالج بمثل الأبهل والحسك فإن نفع وإلا أخذ من العفص جزء ومن المرّ نصف جزء وجمع بدهن الورد واستعمل . ومن أصناف المضمضات النافعة المضمضة بخلّ العنصل والمضمضة بألبان الأتن والمضمضة بسلاقة ورق الزيتون وسلاقة الورد والعدس والعفص وأقماع الرمان .
وأما المتآكل فإن كان ممعناً فيه فيحتاج أن يعالج بالقلقنديون الخاص به المذكور في الأقراباذين وكذلك النواصير ثم تنثر عليه الأدوية القابضة .
ومما جرّب حينئذ ثمرة الطرفاء وعاقرقرحا من كل واحد ثلاثة دراهم ماميران درهم هليلج أصفر درهمان ورد يابس درهمان باقلى ونوشادر وكبابة وزبد البحر من كل نصف درهم جلنار وزعفران وعفص من كل واحد درهم كافور ربع درهم ويتّخذ منه سنون .
وأيضاً السنونات الواقع فيها الزراوند وأما المتوسّط فيؤخذ عاقرقرحا وأصل السوسن من كل واحد جزء ومن الجلّنار والسمّاق والعفص الغير المثقوب والشبّ من كل واحد درهمان يسحق ويتخذ منه سنون ويستعمل على المتوسط من التآكل والناصور وكذلك الجلنار وخبث الحديد يكبس به اللثّة ثم يتمضمض بخل العنصل أو خل طبخ فيه ورق الزيتون وأيضاً يستعمل فلونيا في الموضع المتآكل فيكون جيداً والفودنجي والمعاجين المانعة للعفونة المحللة لما حصل .
ومنها المعجون الحرملي فإن لم ينجع فلا بد من قلقنديون . ومما يقرب منه أن يؤخذ شب ونورة وعفص وزرنيخان أجزاء سواء يؤخذ منه دانق بعد السحق الشديد ويدلك به دلكاً جيداً ثم يصبر عليه ساعة ثم يتمضمض بدهن الورد وربما جعل فيه أقاقيا ويصلح أن يتخذ منه أقراص وتجفف وتعدّ للحاجة وربما اقتصر على الزرنيخين والنورة وأقاقيا وقرص .
وقد ينفع الكي المذكور وهو مما يسقط التآكل وينبت اللحم الصحيح ثم يستعمل سنون من العفص مع ثلاثة من المر فإنه ينبت اللحم ويشد اللثة وفصد الجُهارك نافع فيه .
فصل في نتن اللثة


علاجه مذكور في باب البخر . فصل في نقصان لحم اللثة
يؤخذ من الكندر الذكر ومن الزراوند المدحرج ومن دم الأخوين ومن دقيق الكرسنة وأصل السوسن أجزاء سواء يعجن بعد السحق بعسل وخلّ العنصل ويستعمل دلوكاً وقد يؤخذ دقيق الكرسنّة عشرة دراهم فيعجن بعسل ويقرّص ويوضع على آجرة أو خزفة موضوعة في أسفل تنور أو يخبز في تنور حتى يبلغ أن ينسحق ويكاد أن يحترق .
ولما يحترق فيسحق ويلقى عليه من دم الأخوين أربعة ومن الكندر الذكر مثله ومن الزراوند المدحرج والايرسا من كل واحد درهمان ويستن به على الوجه المذكور .
فصل في استرخاء اللثة
أما إن كان يسيراً فيكفي فيه التمضمض بما يطبخ فيه القوابض الحارة أو الباردة بحسب المزاج .
ومما هو شديد النفع في ذلك الشبّ المطبوخ في الخلّ . وأما إن كان كثيراً فالصواب فيه أن يشرط ويترك الدم يجري ويتفل ما يجري منه ثم يتمضمض بعده بسلاقة القوابض على الوجه المذكور في ما سلف .
ومما هو موافق لذلك من السلاقات أن يؤخذ من ثمر الطرفاء المدقوق ثلاثة دراهم ورق الحناء درهمين زراوند درهمين يفتّر ويستعمل .
أو يؤخذ من الجلّنار وقشور الرمان ستّة ستّة ومن الزرنيخين والشبّ اليماني ثلاثة ثلاثة ومن الورد والسمّاق البغدادي ثمانية ثمانية ومن سنبل الطيب وفقّاح الأذخر عشرة عشرة يتخذ منه صفة لصوق لذلك يستعمل بعد المضمضة نافع ورد بأقماعه فلفل سبعة سبعة جفت البقوط جلّنار حبّ الآس الأخضر أربعة أربعة الخرنوب النبطي والسمّاق المنقّى الأرماك خمسة خمسة أو بدل الأرمام آس ثمانية وقد ينفع التحنيك بالأيارج الصغير ويتمضمض بعده بخلّ العنصل وبخلّ الحنظل ويستعمل السنونات القوية .
فصل في اللحم الزائد
يجعل عليه قلقنت ومرّ فإنه يذهبه ويذيبه .
فصل في الشفتين وأمراضهما
الشفتان خلقتا غطاء للفم والأسنان ومحبساً للعاب ومعيناً في الناس على الكلام وجمالاً وقد خلقتا من لحم وعصب هي شظايا العضل المطيف به .
فصل في شقوق الشفتين


الأدوية المحتاج إليها في علاج الشقوق هي التي تجمع إلى القبض والتجفيف تلييناً . ومن الأدوية النافعة في ذلك الكثيراء إذا أمسكه في الفم وقلبه باللسان .
ومن التدبير النافع فيه تدهين السرة والمقعدة وأن يطلى عليه الزبد الحادث من ذلك قطعة قثاء على أخرى ويطلى عليه ماء السبستان أو ماء الشعير أو لعاب بزرقطونا .
ومن الدسومات الزبد والمخّ .
والشحوم شحوم العجاجيل والأوز بعسل ودهن الحبة الخضراء أو دهن الورد وفيه بياض البيض ومن الأدوية المجرّبة عفص مسحوق وإسفيذاج الرصاص ونشا وكثيراء وشحم الدجاج .
وأيضاً العفص مسحوقاً بالخل وأيضاً المصطكى وعلك البطم وزوفا والعسل يتخذ منها كالمرهم وأيضاً مرداسنج ساذنج عروق الكرم من كل واحد نصف جزء دهنج نصف جزء وأظلاف المعز مسحوقة زعفران من كل واحد ثلث جزء وكافور سدس جزء يجمع بستّة أجزاء شمع وستّة عشر جزءاً دهن ورد .
وأيضاً العنبر المذاب بدهن البان أو دهن الأترج ربع جزء ويستعمل قيروطياً ويجعل غذاءه الأكارع والنمبرشت .
فصل في أورام الشفتين وقروحهما
يجب أن يبتدأ فيها باستفراغ الخلط الغالب ثم يستعمل الأدوية الموضعية أما الأورام فهي قريبة الأحكام من أورام اللثة وحاجتها إلى علاج أقوى قليلاً أمسّ .
وأما الأدوية الموضعية للقروح فيتخذ من القوابض مثل الهليلج والحضض وبزر الورد وجوز السرو وأصل الكركم .
وربما وقع فيها دهنج وأظلاف المعز محرقة وسعتر محرق ودخان مجموع والأشنة .
وأما الأدهان التي تستعمل فيها فدهن المشمش ودهن الجوز الهندي .
فصل في البواسير
فإن كان هناك بواسير فما ينفع منها خبث الحديد ومرداسنج وأسفيذاج وزعفران وشب
فصل في اختلاج الشفة
أكثر ما يعرض يعرض لمشاركة فمّ المعدة وخصوصاً إذا كان بها غثيان وحركة نحو دفع شيء بالقذف لا سيما في الأمراض الحادة وأوقات البحارين .
وقد يكون بمشاركة العصب الجائي إليها من الدماغ والنخاع بمشاركتها للدماغ .
الفن التاسع أحوال الحلق


وهو مقالة واحدة : وهو مقالة واحدة
فصل في تشريح أعضاء الحلق
يعني بالحلق الفضاء الذي فيه مجريا النفس والغذاء ومنه الزوائد التي هي اللهاة واللوزتان والغلصمة .
وقد عرفت تشريح المريء وتشريح الحنجرة .
وأما اللهاة فهي جوهر لحمي معلّق على أعلى الحنجرة كالحجاب .
ومنفعته تدريج الهواء لئلا يقرع ببرده الرئة فجأة وليمنع الدخان والغبار وليكون مقرعة للصوت يقوي بها ويعظم كأنه باب مؤصد على مخرج الصوت بقدره .
ولذلك يضر قطعها بالصوت ويهيئ الرئة لقبول البرد والتأذّي به والسعال عنه .
وأما اللوزتان فهما اللحمتان الناتئتان في أصل اللسان إلى فوق كأنهما أذنان صغيرتان وهما لحمتان عصبيتان كغدتين ليكونا أقوى وهما من وجه كأصلين للأذنين .
والطريق إلى المريء بينهما .
ومنفعتهما أن يعبّيا الهواء عند رأس القصبة كالخزانة لكيلا يندفع الهواء جملة عند استنشاق القلب فيشرق الحيوان .
أما الغلصمة فهي لحم صفاقي لاصق بالحنك تحت اللهاة متدلّ منطبق على رأس القصبة وفوق الغلصمة الفائق وهو عظيم ذو أربعة أضلاع اثنان من أسفل .
وأما القصبة والمريء فنذكر تشريحهما من بعد .
فصل في أمراض أعضاء الحلق
قد يعرض في كل واحدة من هذه أمراض المزاج والأورام وانحلال الفرد .
فصل في الطعام الذي يغصّ به وما يجري مجراه
إذا نشب شيء له حجم فيجب أن يبدأ ويلكم العنق وما بين الكتفين ضرباً بعد ضرب فإن لم يغن أعين بالقيء وربما كان في ذلك خطر .
فصل في الشوك وما يجري مجراه
أما الشوك وشظايا العود والعظم وما أشبه ذلك فيجب أن ينظر فإن كان الحس يدركه أو كانت الريشة أو عقافة من خيزران أو وتر القوس مثنياً يناله فإنه يدفع به أو يجذب به فإن كانت الآلة الناقشة للشوك تناله فالصواب استخراجه على ما نَصِف .
وإن فات الحس فيجب أن يتحسّى عليهالأحساء المزلقة فإن لم ينجع هيّج الفواقي والقيء بالإصبع والريشة والدواء .


ومما جرب أن يشرب كل يوم درهم واحد من الحرف المسحوق بالماء الحار ويتقيأ فإنه يقذف بالناشب . والأولى أن يتقيأ بعد طعام مالئ وقد يشدّ خيط قوي بلحم مشروح ويبلع ثم يجذب فيخرج الناشب وكذلك بالتين اليابس المشدود بخيط إذا مضغ قليلاً ثم بلع وقد يغرغر برب العنب المطبوخ فيه التين فيبيّن الناشب عن موضعه وقد يضمد الحلق من خارج بأضمدة فيها إنضاج وتفتيح رقيق لينفتح الموضع وتخرج الشوكة أو ما يجري مجراها بذاتها ومثال هذا الضماد المتخذ من دقيق الشعير بالزيت والماء الفاتر .
فصل في العلق
إنه قد يتفق أن يكون بعض المياة عالقاً علقاً صغاراً خفية يذهل خفاؤها عن التحرّز منها فتبلع وربما علقت في ظاهر الحلق وربما علقت في باطن المريء وربما علقت في المعدة وربما كانت صغيرة لا يبصرها متأمل وقت علوقها وإذا أتى على ذلك وقت يعتد به وامتصت من الدم مقداراً صالحاً ربت جثتها وظهر حجمها .
علاماته : يعرض لمن علق به العلق غم وكرب ونفث دم وإذا رأيت الصحيح ينفث دماً رقيقاً أو يقيئه أحياناً فتأمل حال حلقه فربما كانت به علقة .
معالجات : قد يعالج المدرك منه بالبصر بعلاج الأخذ والنزع على ما نصفه وقد يعالج بالأدوية من الغراغر إن كانت بقرب الحلق والبخورات ومنها السعوطات إن كانت مالت إلى الأنف وبالمقيئات والمسهلات للديدان وما أشبهها إن كانت وقعت في الغور وفي المعدة .


وقد يحتال لها بحيل أخرى من ذلك أن ينغمس الإنسان في ماء حار أو يقعد في حمّام حار وخصوصاً على ثوم تناوله ثم لا يزال يكرّر أخذ الماء البارد المثلوج في فمه وقتاً بعد وقت حتى تترك العلقة الموضع الذي علقت به هرباً من الحرّ وتميل إلى ناحية البرد فإن احتيج أن يصبر على ذلك الحرّ إلى أن يخاف الغشي صبر عليه فإنه تدبير جيد جداً في إخراجه وكثيراً ما ينفع فيه الاقتصار على أكل الثوم والقعود في الشمس فاغر الفم بحذاء ماء بارد مثلوج ومن الناس من يسقي صاحب العلق الفسافس وضرباً من البقّ الحمر الدموية الشبيهة بالقراد الصغار الجلود التي يكاد يفسخها المس وإن كان برفق بخلّ أو شراب أو يبخر به الحلق بقمع ولعله الذي يسقى في بلادنا الأنجل .
والخل وحده إذا تحسي فربما أخرجه من الحلق وخصوصاً مع الملح .
وأما الغراغر : فمنها الغرغرة بالخلّ والحلتيت وحدهما أو بملح والغرغرة بالخردل مع ضعفه من بورق أو الخردل مع مثله نوشادر أو الغرغرة بشيح مع نصفه كبريت أو أفسنتين مع مثله شونيز أو بخلّ خمر طبخ فيه الثوم وشيح وترمس وحنظل وسرخس أو خل خمر مقدار أوقيتين جعل فيه من البورق ثلاثة دراهم ومن الثوم سنان .
وللغرغرة بعصير ورق الغرب خاصيّة في إخراجه وكذلك الغرغرة بالخلّ مع الحلتيت أو قلقطار وماء .
وأما إذا حصل في المعدة فيجب أن يسقى من هذا الدواء ونسخته : شيح قيسوم أفسنتين شونيز ترمس قسط جوف البرنج الكابلي سرخس من كل واحد درهمان أن بخلّ ممزوج وأيضاً يطعم صاحبه الثوم والبصل أو الكرنب أو الفودنج النهري الرطب والخردل مطيباً وكل حاد حريف ثم يتقيأ بعده إن سهل عليه القيء .
فإن لم يسهل فالشيء المالح الحاد وإن كان علوقها في الأنف وأوجب إسعاطها فسعط بالخلّ والشونيز وعصارة قثاء الحمار والخربق وإذا عرض أن ينقطع فليحذر صاحبه الصياح والكلام .
وإن سال عم أو قذفه أو أسهله فعالج كلاً بما تدري في باب .
وللسورنجان خاصية في دفع ذلك .


وأما كيفية أخذها بالقالب فأن يقام البالغ للعلقة في الشمس ويفتح فمه ويغمز لسانه إلى أسفل بطرف الميل الذي كالمغرفة فإذا لمحت العلقة ضع القلب في أصل عنقها لئلا تنقطع وهذا القالب هو الذي تنزع به البواسير .
فصل في الخوانيق والذبح
إن الاختناق هو امتناع نفوذ النفس إلى الرئة والقلب وهو شيء يعرض من أسباب كثيرة مثل شرب أدوية خانقة وأدوية سمّية ومثل جمود اللبن في بعض الأحشاء .
لكن الذي كلامنا فيه الآن هو ما كان بسبب يعرض في نفس آلات التنفس القريبة من الحنجرة من ورم أو انطباق أو عجز قوّة عن تحريك آلات الاستنشاق .
وأنت تعلم أن الورم يسدّ وأن ضغط العضو والمجاور يسدّ منافذ جار . وأنت تعلم أن العضل المحرّكة للأعضاء التحريك الجاذب إليها للهواء وهي عضل الحنجرة كما نذكر حالها في باب التنفّس .
إذا عجزت عن تحريكها وفعلها ليبس استولى على هذه العضل التي في داخل الحنجرة وما يليها أو لاسترخاء أو لتشنج أو لآفة أخرى لم يمكن الحيوان أن يتنفس وإن كان المجرى غير مسدود .
وأما الانطباق بسبب ضغط المجاور فإنه قد يقع بسبب زوال الفقرات التي في أول العنق إلى داخل بسبب ضربة أو سقطة ولا علاج له ولورم في عضل الخرز أو أربطتها أو في عضل المريء وأربطته بالمشاركة أو لشيء من الأسباب التي تجذبها إلى داخل أو لتشنّج يعرض فيها أيضاً بجذبها وأردؤه اليابس أو لآفات أخرى من آفات العصب يهيئ لذلك .
وأكثر ما يعرض ذلك يعرض للصبيان بسبب لين رباطاتهم .
وأعظمه خطراً ما كان في الفقرة الثانية وما فوقها وإذا كان دون ذلك فهو أسلم .
وأشدّه ما كان في الفقرة الأولى فإنه أشدّ وأحدّ ومن باب المجاور ما يكون بسبب الديدان .
وقد ذكرناه في باب عسر الازدراد .


وأما أقسام الورم بحسب الأعضاء المتورّمة فهي أربعة : فإنها إما أن يكون الورم في العضلات الخارجة عن الحنجرة المائلة إلى قدّام وإلى أسفل حتى يكون الورم يظهر وتظهر حمرته في مقدم العنف أو الصدر أو القص أو يكون في العضلات الخارجة عنها ولكن في التي إلى خلف وفي عضلات المريء حتى يكون الورم ولونه يظهر في داخل الفم وربما تأدّى إلى الفقار والنخاع بالمشاركة أو يكون في العضلات الباطنة من المريء وما يليه فبضيق النفس بالمجاورة ولا يظهر للحسّ ويكون في العضلات الباطنة من الحنجرة وفي الغشاء المستبطن لها وهو شرّ الأربعة وهو لا يظهر للحسّ أيضاً وقد يجتمع من هذه الأورام عدة اثنان أو ثلاثة .
وسبب هذه الأورام سبب سائر الأورام وربما كان لبعض الأغذية خاصية في إحداث هذه الأورام كالحندقوق .
وقيل إن ترياقه الخسّ أو الهندبا وربما لم يكن السبب الامتلائي في البدن كله بل كان البدن نقيّاً وإنما فضلت الفضلة في الأعضاء المجاورة لأعضاء الحلق فأحدثت ورماً وقد يقسم هذا الورم فيقال منه ظاهر للحسّ خارج ومنه ظاهر للحسّ إذا تأمل باطن الحلق داخلاً ومنه ما لا يظهر للحس فمنه في المريء ومنه في داخل الحنجرة وإنما يتأمل ذلك بدلع اللسان بعد فغر الفم بشدة مع غمز اللسان إلى أسفل .
وقد تعرض هذه الأورام من الدم وقد تعرض من المرّة الصفراء وقد تعرض من البلغم وأكثر خنقه بإطباق العضل مرخياً .
والبلغمي سليم وبرؤه سريع سهل وربما تطاول أربعين يوماً .
ومن البلغمي ما تولّده من بلغم لزج غليظ بارد ومنه ما تولده من بلغم لطيف حار .
ومثل هذا البلغم إذا نزل من الرأس وهو إنما يكون من الرأس في أكثر الأمر فإنه يتمكن إلى العضلات السفلى من الحنجرة والذي من البلغم الغليظ فيكون في عضلات أعلى الحنجرة لثقله وقلّة نفوذه وقلّما يعرض من السوداء .


وقال بعضهم : أنه لا يعرض البتّة لأن السوداء يقلّ انصبابها من عضو إلى عضو دفعة ولكنه لا يبعد مع نحور ذلك أن يعرض دفعة أو قليلاً قليلاً ثم يختنق .
وربما كان انتقالاً من الورم الحار وعلى كل حال فهو رديء .
وكل ورم خناقي فإما أن يقتل وإما أن تنتقل مادته وإما أن يجمع ويقيح .
وقد يرم داخل القصبة لكنه لا يبلغ أن يخنق .
والخناق الرديء المحرج إلى إدامة فتح الفم ودلع اللسان يسمّى الكلبي .
فتارة يقال ذلك للكائن في العضل الداخل في الحنجرة وتارة يقال للواقع في صنفي العضل معاً وتارة يقال للذي يعرض إلى التشنّج إذا اندفعت المادة إلى جهة الأعصاب وقد تنصبّ إلى ناحية القلب فتقتل وقد تنصبّ إلى ناحية المعدة .
وكل مخنوق يموت فإنه يتشنّج أولاً .
والخناق الكلبي قد يقتل فيما بين اليوم الأول والرابع وقد تكثر الخوانيق وأشباهها في الربيع الشتوي وإذا اشتدّ الخناق جعل النشر منخرياً يستعان فيه بتحريك الورقة وأحوجّ كثيراً إلى تحريك الصدر مع الورقة وإلى إسراع وتواتر إن أعانت القوة ولم يكن لنفسهم نفخة وإن لم يكن خناقاً .
وعروض الاختناق في الحمّيات الحادة رديء جداً لأن الحاجة فيها إلى التنفس شديدة .
العلامات : العرض العام لجميع أصناف الخوانيق : ضيق النفس وبقاء الفم مفتوحاً وصعوبة الابتلاع حتى إنه ربما أراد صاحبه أن يشرب الماء فيخرج من منخريه وجحوظ العينين وخروج اللسان في الشديد منه ضعف حركته وربما دام كثيراً ويكون كلامه من الصنف الذي يقال أن فلاناً يتكلم من منخريه وهو بالحقيقة بخلاف ذلك فإن الذي ينسب إلى هذا في عادة الناس إنما هو مسدود المنخرين فهو بالحقيقة لا يتكلم من المنخرين .
وأما الوجع فلا يشتدّ في البلغمي والصلب ويشتدّ في الحار .
وإن اشتد الوجع فربما انتفخت الرقبة كلها والوجه وتدلّى اللسان .
وأسلم الذبحة ما لا يعسر معها النفس .


ونبض أصحاب الخناق في أوله متواتر مختلف ثم يصير صغيراً متفاوتاً ويشترك جميع الورم في أنه يحسّ إما بالبصر وإما باللّمس بأن تحس أعضاء المريء والحنجرة جاسية متمدّدة ويكون صاحبه كأنه يشتهي القيء والزوالي يكون معه انجذاب من الرقبة إلى داخل وتقصّع حيث زال الفقار وإذا لمس أوجع وإذا نام على قفاه لم يسغ شيئاً يبلغه البتّة والفرق بين ضيق النفس الكائن بسبب الذبحة والكائن بسبب ذات الرئة أن الذي في ذات الرئة لا يختنق دفعة وهذا قد يختنق .
والفرق بين الورم في الحنجرة والورم في المريء أنه إذا كان البلع ممكناً والنفس ممتنع فالورم في الحنجرة أو كان بالعكس فالورم في المريء وربما عظمت الحنجرة حتى يمتنع البلع وربما عظم المريء حتى يمتنع التنفّس وإنما يضيق النفس من أورام المريء ما كان في أعلاه وأما دون ذلك فلا يمنعالنفس وإن عسر أو ضيّق لأنه لا يبلغ أن يزاحم القصبة وطرفها فلا يدخلها هواء البتة .
وإذا كان الورم في المريء وفي العضلات الداخلة لم يتبين للحسّ ولطئ اللسان بالحنك لطأً شديداً .
والفرق بين الورم الرديء الذي لا يبرأ والورم الذي ليس بذلك الرديء بل هو في آخر عضل المريء وإن كان لا يرى أنه لا يضيق معه النفس إلا عند البلع .
والرديء منه الذي يكون داخل الحنجرة ولا يظهر للحس من خارج منه شيء ولا من داخل إذا تؤمل حلقه بل هو غائر ثم الذي لا يرى من داخل ويرى من خارج .
والخناق الرديء فإنه يعجّل إلى منع التنفّس وإذا استلقى صاحبه امتنع نفسه أصلاً وإذا لم يستلق يكون عسر النفس أيضاً دائم تمديد العنق احتيالاً للتنفس يتململ ويحبّ الانتصاب ويقدر على الاضطجاع .
وإذا بلع ضيق النفس والحاجة إلى إخراج البخار الدخاني إلى أن تزعج القوة المتنفسة الرطوبات إلى خارج في التنفس فيظهر الزبد فلا رجاء فيه ولا يجب أن يعالج .
على أنه قد يعرض أن يزيد المخنوق أحياناً ثم يعافى وذلك إذا كانت هناك قوة وشهوة غذاء .


وغلظ اللسان واسوداده من العلامات الرديئة وإذا كان مع الخوانيق الرديئة حمى شديدة فالموت عاجل لأن الحمى تحوج إلى نفس كثير .
وقد قيل في علامات الموت السريع أن من كان به خوانيق فتغير لون مؤخر عنقه عن حمرته المعتادة تغيراً إلى البياض أو إلى الخضرة وعرق إبطه وأرنبته عرقاً بارداً فإنه يموت في أحد يوميه .
وأما علامات الرجاء فأن تنتقل الحمرة إلى خارج وكثيراً ما يفتحون حينئذٍ أعينهم ويفيقون وكذلك إذا تغير نفسهم وأخذوا يتنفسون نفساً قصيراً وذلك لأنهم يبتدرون في حال الشدة إلى تطويل النفس ليدخلوه قليلاً قليلاً فإذا قصر فقد زال سبب المستدعي للتطويل وعادت الأعضاء إلى الحال الطبيعية .
وكذلك إذا حدث ورم في الجانب المقابل رجي معه الانحلال لما عرفت .
وأما علامات انتقال الخناق فهو أن يرى في الورم ضمور وانحلال من غير انفجار إلى خارج مع استراحة ثم يجب أن يتأمل أمر النبض فإن صار موجباً عظيماً وحدث سعال فهو ذا ينتقل إلى ذات الرئة وإن كان النبض متشنّجاً فهو ينتقل إلى التشنّج وإن ضعف النبض جداً وصغر وتفاوت وهاج خفقان وانحلّت الغريزية وحدث غشي فالمادة منصبّه إلى ناحية القلب .
وإن حدث وجع في المعدة وغثيان فقد انصبّ إلى المعدة .
وأما علامات الجمع فأن يوجد لين قليل مع مجاوزة الرابع وقد يعرض للخناق الذي تظهر حمرته في العنق وناحية الصدر أن تغيب الحمرة وذلك يكون على وجهين إما لرجوع المادة إلى الباطن وإما لاستفراغ المادة .
وإذا كان بسبب استفراغ المادة فهو مرجو ويخفّ معه النفس الشديد .
والآخر رديء .
وعلامات الدموي منه علامات الدم المعلومة وحمرة اللسان والوجه والعين .
ووجدان طعم الدم إما حلاوة أو مثل طعم الشراب الشديد والوجع الشديد التمددي ضيق النفس .
وعلامات الصفراوي التهاب وحرارة وغمّ شديد وعطش شديد ووجع شديد جداً لذّاع ومرارة ويبس وسهر وليس يبلغ تضييقه للنفس مبلغ الواقع من الدم .


وقد دلّ عليه لون اللسان وحرقة الموضع وحدته وكأن في الموضع شيئاً حريفاً لاذعاً .
ووجع الصفراوي أقل من وجع الدموي .
وعلامات البلغمي ملوحة أو بورقية مع حرارة ولزوجة لأن هذا البلغم يكون فاسداً متعفناً .
وقد يدل عليه بياض لون اللسان والوجه وقلة العطس وقلة الالتهاب وقد يدلع اللسان بالإرخاء وقلّما يعرض معه ورم في الغدد ويكون الوجع معه قليلاً أو معدوماً ولا يكون معه حمّى وتتطاول مدته إلى أربعين يوماً .
وإذا جاهد صاحبه أمكنه الإساغة .
وذلك لأنه ينفذ وعلامات السوداوي الصلابة وطعم الحموضة والعفوصة وأن يعرض قليلاً قليلاً وربما كان انتقالاً من الورم الحار .
وعلامات الكائن عن يبس الأعضاء المنفّسة أيها كانت قلّة رطوبة في الفم والانتفاع بالماء الحار في الوقت لما يرطّب ويرخّي .
واعلم أنه قد يعرض للإنسان وجع راتب سنة أو سنتين في حلقه فيدل على تحجّر فضل في نواحي الحلق .
فصل في كلام كلّي في معالجات الأورام العارضة
في نواحي الحلق والحنجرة والغدد التي تطيف بها واللهاة والغلصمة واللوزتين
يجب أن يستفرغ أوّل كل شيء من المادة الفاعلة لذلك بالفصد والإسهال وأن يجذب المادة إلى الجهة المخالفة ولو بالمحاجم توضع على المواضع البعيدة المقابعة لها وربط الأطراف ربطاً مؤلماً وأن يبتدأ بالأدوية القابضة ممزوجة بما له قليل جلاء كالعسل وأفضلها قشور الجوز ثم بربّ التوت .
واعلم أن المبادرة إلى التغرغر بالخلّ كما يبتدئ ورم اللهاة أو خناق مما يمنع ويردع ويجلب رطوبة كثيرة ويكون معه امتناع ما كاد يحدث .
ومن هذه الأدوية مثل الشبّ والعفص والجلّنار والرمانين المطبوخين إلى النهري يتّخذ منهما لعوق .
ومما ينفع من ذلك حلق اليافوخ ثم طلاؤه بعصارة أقاقيا هذا في الأول ثم يتدرّج إلى المنضجات ثم إلى المفتّحات القوية حتى إلى درجة النوشادر والعاقرقرحا وما نذكره .
ومما ينفع في ذلك التعطيس بمثل الكندس والقسط وورق الدفلي والمرزنجوش .


ومن الأشياء المجرّبة التي تفعل بخاصيتها في أورام الخوانيق واللهاة واللوزتين وبالجملة أعضاء الحلق نفعاً عظيماً أن يؤخذ خيوط وخصوصاً مصبوغة بالأرجوان البحري فيخنق بها أفعى ثم يطوّق عنق من به هذه الأورام فإن ذلك ينفعه نفعاً بليغاً عظيماً عجيباً مجاوزاً للقدر المتوقّع .
واللبن من الأدوية الشريفة .
والانتهاء بما يردع ويليّن ويسكّن الأوجاع ويجب أن يتأمل في استعمال ما يقبض أو يحلّل أو ينضج وينظر إلى حال البدن في لينه وصلابته فتقوى القوى في الصلبة وتليّن في اللينة وكذلك يراعي السنّ والمزاج والزمان والعادة وقد يخص أورام اللهاة واللوزتين واسترخاؤهما القطع ويفرد له باباً ومن وجوه العلاج الغمز على الموضع .
ومواضعه ثلاثة : أحدهما عندما يزول الفقار والثاني في أورام اللهاة واللوزتين المحوجة إلى إشالتها عن سقوطها إلى فوق والثالث في الأورام البلغمية إذا ضيقت المنفذين فاستعين بالغمز على تنقيتها وتلطيفها .
علاج الذبح والخوانيق وكل اختناق من كل سبب : أما الحار فيجب أن يبدأ فيه بالفصد ولا يخرج الدم الكثير دفعة وخصوصاً إذا كانت قد أخذت القوّة في الضعف بل يؤخذ عشرة عشرة كل ساعة إلى اليوم الثالث بالتفاريق المتوالية فإن لم يكن أخذ في الضعف فيجب أن لا يزال يخرج الدم إلى أن يعرض الغشي في القوي ويجب أن لا ينحى بالتفريق نحو حفظ القوة ودفع الغشي فإن الغشي إذا عرض لهم أسقط قوتهم فيجتمع عسر التنفس وسقوط القوة وخصوصاً وهم مؤاخذون بتقليل الغذاء اختياراً أو ضرورة لا سيما إن كانت حمى .
وقد يجب أن يراعى في أمر الفصد شيئاً آخر وهو أنه ربما كان سبب غلبة الورم في الخوانيق احتباساً لا سيما من معتاد كدم حيض ودم البواسير وفي مثل ذلك يجب أن يكون الفصد من جانب يجذب إلى الجهة التي وقع عنها الاحتباس مثل ما يجب ههنا من فصد الصافن وحجامة الساق فإذا خرج دم كثير فربما سكن العارض من ساعته وربما احتجت إلى إعادته من غد .


وبالحقيقة أنه إن احتملت الحال المدافعة بالفصد إلى النضج فذلك أفضل لتبقى القوّة في البدن ويقع الاستفراغ من نفس مادة المرض ويقتصر على إرسال متواتر أياماً عشرين بعشر وزنات دم أو خمس وزنات ويسهل التنفس وكذلك أيضاً الغراغر تؤخّر أن كان هناك امتلاء وكانت الغراغر تؤلم خوفاً من الجذب بل تستعمل الغراغر بعد التنقية .
من الذبح صنف آخر يكون في أقصى الغلصمة فإذا فصد قبل انحطاط العلة انحطّ إلى المخنق وأكثر ما يعرف به وقت الخناق من الابتداء والتزيد والانتهاء والانحطاط هو من حال الازدراد وتزيد عسره ووقوفه أو انحطاطه وما دام في التزيد ولم يكن ضرورة لم يفصد الفصد البالغ بل يقتصر على ما قلنا .
وإذا كان الخناق ليس بمشاركة من امتلاء البدن كله بل كانت الفضلة في ناحية الحلق فقط ولم يخش مدداً جاز أن لا يفصد بل يبعد عن بدنه أسباب التحلل المحوج إلى البدل الكثير ويمنع الغذاء ليكون بدنه مستعملاً لدمه في الاغتذاء وصارفاً إياه عن جهة الورم كأنه يغصبها الدم ثم يقبل على التحليل والإنضاج .
وإن فصدت ربما لم يحتمل ذلك ولم يكن بد من تغذية وفي التغذية تعذيب وخصوصاً حين لا يشبع ولا يؤخر فصد العرق الذي تحت اللسان بل يجب أن يبادر إلى ذلك ولو في اليوم بل ولو في خلل التفاريق المذكورة وخصوصاً إذا كانت العروق التي تحت اللسان متمدّدة .
وربما احتيج إلى فصد الوداج وربما احتيج إلى شرط اللسان نفسه وإلى حجامة الساق فإنه نافع جداً .
ومن كان يعتاده الخوانيق فيجب أن يفصد قبل عروضها كما ترى امتلاء وعند الربيع .
ومما هو شديد النفع المبادرة إلى استعمال الحقن القوية جداً إلا أن تمنع الحمى فحينئذ يجب أن يقتصر على الحقن اللينة .
وللحقن القوية والشيافات منفعة في ذلك قوية .


ويجب أن تربط الأطراف ويطوق العنق بصوف وخصوصاً صوف الزوفا مغموساً أية كان في الزيت أو في دهن البابونج فإنه مليّن مسكن للوجع ثم في آخره تخلط به الجواذب حين لا تنفع هذه وهي مثل البورق والخردل والقسط والجندبيدستر والكبريت والمراهم القوية المحمّرة وأيضاً بمثل عسل البلاذر وكل ما ينقط ويجب أن يقتصر في غذائهم إلى اليوم الثالث على السكنجبين وشراب العسل ثم يتدرج إلى ماء الشعير مع بعض الأشربة اللذيذة ثم إلى محّ البيض ثم إذا سهل البلغ استعملت الأحساء بخندروس .
وفي آخره نجعل الأحساء من المنضجات ثم المحلّلات .
وإذا عسر البلع وضعت المحاجم على الرقبة عند الخرزة الثانية بالمصّ أو بالنار ليتسع المنفذ قليلاً قليلاً ويسيغ كل ما يتجرع من الأغذية فإذا فرغ من ذلك أزلت المحاجم .
وأما النارية فإنها تسقط بنفسها ولا بأس أن يشرط أيضاً ويخرج الدم من هنا ومن الأخدعين ثم يحجم محجمة واحدة على الرأس وتوضع أيضاً محاجم على الذقن تحت الحلق وذلك بعد قطع المادة فإن جميع هذا يجذب المادة إلى خلاف ويقلّلها .
وكذلكالأول ويضعها تحت الثدي وعلى الكاهل ولا بأس بإدخال ما ينقّي من الخيزران ونحوه ملفوفاً عليه قطنة فإن في التنقية توسيعاً وربما أدخل في الحلق قصبة معمولة من ذهب أو فضة أو نحوهما تعين على التنفس .
وكذلك إذا اشتد الضيق لم يكن من وضع المحاجم على الرقبة .
وقد ينفع في توسيع البلع والنفس غمز الأكتاف وأما الأدوية في الابتداء فالقوابض وخصوصاً للدموي .
وأفضل القوابض ما له مع قبضه جوهر لطيف يغوص به .
ومن الأشياء التي أخرجتها التجربة فإن القوابض المخلوطة المركبة أنفع من المفردة البسيطة .
وربما اشتد الوجع في أول الأمر .


فاحتيج إلى أن يخلط بالقوابض ما يسكّن الوجع ويلين مثل شراب البنفسج والفانيذ واللبن الحار ولعاب بزر كتان والمبيختج وربما لم تكن الانصباب فلم يكن بدّ من المحلّلة يخلط بها أو ربما لم يكن المادة كثيرة في الانصباب ويكون الورم ليس قوياً فيبتدأ ويستعمل العفص والنوشادر فإنه يمنع بقوّة ويحلل بقوة .
وأما الصفراوي فيجب أن يكون أكثر الفصد مصروفاً فيه إلى التبريد مع القبض وقد يستعمل فيه لطوخات وقد يستعمل فيه وفي كل غرغرات ويستعمل نفوخات بمنفاخ ونثورات .
فمن ذلك التغرغر بالسكنجبين والماء والخلّ والماء فإنه عظيم المنفعة في أول الحار والبارد وبرب التوت وخاصة البري ثم الذي ليس فيه سكر أو عسل ويستعمل في الابتداء صرفاً ومقوى بقوابض من جنس عصارة السماق والحصرم مجفّفين وكما هما والجلنار وإنما يجعل في مثله العسل لينقَي لا ليقوي وكذلك طبيخ القسب بالعسل أو طبيخ السمّاق وبعقيد العنب .
وأقوى من ذلك عصارة الجوز الرطب وهي من أفضل أدوية هذا الورم عصارة الورد الطري .
ورب الخشخاش إذا خلط بالقوابض كان شديد النفع في الابتداء .
وأقوى من طبيخ الآس .
والبلوط والسماق وماء الكزبرة والسماق وماء قشور الجوز وماء الآس وماء طبخ فيه العدس جداً أو السفرجل القابض جداً .
وللزعرور خاصية والشب اليماني أيضاً له خاصية في ذلك وأيضاً ينفخ في الحلق نفوخاً من بزر الورد والسماق والجلنار أجزاء سواء والكافور شيء قليل .
وللصفراوي عصارات البقول الباردة مخلوطة بما له قبض ما وعصارة عصا الراعي وعصارة عنب الثعلب وعصارة قضبان الكرم .
ومن المشتركات بينهما في الابتداء بزر الورد وبزر البقلة ولعاب بزر قطونا ونشاء وطباشير وسمّاق وكثيرا وكافور ويتخذ منه حبّ مفرطح ويؤخذ تحت اللسان وإذا انقطع التحلب فيجب أن يخلط بربّ التوت المرّ والزعفران فإن المر غواص بقوة قبضه تحليله .


ويغوص الزعفران فيجتمعان على الإنضاج وإن رأيته يميل إلى الصلابة خلط بالتوت شيئاً من البورق وإذا قارب المنتهى أو حصل فيه فيجب أن يستعمل أيضاً ما فيه تسكين وتليين كاللبن الحليب مدافاً فيه فلوس من الخيار شنبر والزفت في رب التوت أو طبخ التين والحلبة أو ربّ الآس مع الميبختج أو عصير الكرنب بعسل أو ميبختج أو المقل العربي محلولاً برب العنب فإنه نافع جداً أو ماء الأصول مطبوخاً فيه زبيب أو حلبة وتمر وتين والمرّ والزعفران والدارصيني غرغرة بالسكنجبين وماء العسل .
وتستعمل الأضمدة أيضاً للإنضاج مثل ضمّاد الساهر .
وتقطير دهن اللوز في الأذن نافع في هذا الوقت .
وإذا رأيته لا ينضج ورأيت صلابة وجب أن يستعمل في أدويته الكبريت .
وإذا كان قد نضج فاجتهد في تفجير الورم بالغراغر التي تجمع إلى التليين التفجير كبعض الأدوية الحادة في اللبن يغرغر به وإن كان ظاهراً وتطاول ولا ينفجر فلا بأس باستعمال الحديد .
ومن الأدوية المعتدلة مع المبادرة إلى التفجير طبيخ التين بالحلبة والتمر وطبيخ العدس بالورد ورب السوسن وبزر المرو .
وبعد ذلك يتدرج إلى ما هو أقوى فيخلط بربّ التوت بورق وكثيرا وأيضاً بزر مرو مدافاً في لبن ماعز والأدهان المسخّنة وخصوصاً مع عسل وسكّ ويتغرغر بمثل ماء العسل طبخ فيه تين وفودنج ومرزنجوش وشبث ونعناع وأصل السوس ونمام مجموعة ومفرقة .
وللقسط - وخصوصاً البحري - منفعة عظيمة في مثل هذا الوقت .
وفي حقيقة الانتهاء تقصد الجلاء التام والتفجير بمثل النطرون والبورق والحلتيت والمرّ والفلفل والجندبيدستر وفرق الخطاطيف وخرء الديك يغرغر به مع رب التوت بل بالنوشادر والعاقرقرحا وبزر الحرمل والخردل وبزر الفجل بالماء والسكنجبين ويستعمل هذه نفوخات .
ونفخ النوشادر مريح وإذا انحطت العلة استعملت الشراب والحمّام والتنطيل .
صفة حب نافع في الانتهاء : أصل السوسن أربعة أجزاء حلتيت نصف جزء يجمع بعصارة الكرنب أو عقيد العنب .


وأما علاج البلغمي .
فمن ذلك أن يدخل في الحلق قضيب مغموز معوّج ملفوف عليه خرق يطلى به الورم وتنقّى به الرطوبة .
وللعتيق منه حلتيت بدارصيني أو يسهل بالقوقايا والأيارج ونحوه ويحقن بالحقن الحادة القوية جداً .
وأما علاج السوداوي فأنفع الأدوية له دواء الحرمل غرغرة ولطوخاً من داخل وخارج .
وأما الأدوية التي لها خاصية وموافقة في كل وقت فخرء الكلب الأبيض والذئب الأبيض .
يجوع الكلب ويطعم العظام وحدها حتى يبقى يخرأ أبيض يكون قليل النتن .
وكذلك زبل الإنسان وخصوصاً الصبي ويجب أن يجهد حتى يكون ما يغتذي به بقدر ما ينهضم وأفضله له الخبز والترمس بقدر قليل ويسقى عليه شراباً عتيقاً ثم يؤخذ رجيعه ويجفف فإنه أقل نتناً .
فإن اشتهى مع الخبز شيئاً آخر فالأغذية الجيدة الهضم الحسنة الكيموس الحارة المزاج باعتدال مثل لحوم الدجاج والحجل وأطراف الماعز فإن هذه مع جودة الهضم تخرج ثفلاً قليل النتن .
ومن أدويته الفاعلة بالملح بالخاصية الخطاف المحرق يذبح ويسيل الدم على الأجنحة ثم يذر عليها ملح ويجعل في موز كطين ويسدر رأسه ويودع التنور .
لأن يودع الزجاج المطيّن بطين الحكمة أصوب عندي .
وكذلك خرء الخطاطيف المحرق بقوة وقد يحنّك صاحب الخناق الملح بالعسل والخل والزيت .
وكذلك أورام اللهاة وقد يحنّك أيضاً بمرارة الثور بالعسل ومرارة السلحفاة وزهر النحاس ورؤوس السميكات المملوحة خصوصاً اللهاة وكذلك الغرغرة بالسكنجبين المطبوخ فيه بزر الفجل والقلقطار والقلقديس جيدان لورم النغانغ .
ومن المركبات دواء التوث بالمر والزعفران ودواء الخطاطيف ودواء الحرمل ودواء قشور الجوز الطري وأقراص أندروس ودواؤه جيد بهذه الصفة .
ونسخته : خرء الكلب الأبيض محرقاً في خزف أو غير محرق أوقية فلفل درهمين عفص محرق قشور الرمان لحى الخنزير أو القرد أو الضبع من كل واحد نصف أوقية مر وقسط من كل واحد نصف أوقية ينفخ أو يلطخ .


وأيضاً في آخره وفي وقت الشدّ عذرة صبي عن خبز وترمس وخرء الكلب والخطاطيف المحرقة والنوشادر يكرر في اليوم مرات .
وربما ورم لسان المخنوق أيضاً وربما يحوج إلى معالجته وقد تكلمنا في أمراض اللسان والذي يخص هذا الموضع مع وجوب الرجوع إلى ما قيل هناك أن يحتال بعد الفصد في جذب المواد إلى أسفل وقد يفعل ذلك في هذا الموضع أيارج فيقرا فإن له خاصية في جذب المواد إلى أعالي فم المعدة والمريء والحلق ثم يستعمل عليه المبردات الرادعة كعصارة الخس وهو ذو خاصية دل عليها رؤيا نافعة ثم إن احتيج إلى تحليل لطيف فعل .
وأما الفقاري فما ينتفع به في تدبيره أن يحتال بغمز الموضع بالرفق إلى خلف فربما ارتدت الفقارة .
وذلك الغمز قد يكون بآلة أو بالإصبع وقد يجد بذلك راحة والآلة شيء مثل اللجام يدخل في الحلق ويدفع ما دخل إلى داخل .
والغمز ضارّ جداً في الأورام وإذا اشتدت الخوانيق ولم تنجع الأدوية وأيقن بالهلاك كان الذي يرجى به التخليص شقّ القصبة وذلك بأن تشقّ الرباطات التي بين حلقتين من حلق القصبة من غير أن ينال الغضروف حتى يتنفس منه ثم يخاط عند الفراغ من تدبير الورم ويعالج فيبرأ .
ووجه علاجه أن يمد الرأس إلى خلف ويمسك ويؤخذ الجلد ويشق .
وأصوبه أن يؤخذ الجلد بصنارة ويبعد ثم يكشف عن القصبة ويشق ما بين حلقتين من الوسط بحذاء شق الجلد ثم يخلط ويجعل عليه الذرور الأصفر ويجب أن تطوى شفتا شق الجلد ويخاط وحده من غير أن يصيب الغضروف والأغشية شيء .
وهذا حكم مثل هذا الشقّ وإن لم ينفع بهذا الغرض .
فإن ظنّ أن في تلك الأربطة نفسها ورماً أو آفة لم يجب أن يستعمل الشق وإذا غشي على العليل وخشيت أن يتم الاختناق بادرت إلى الحقن القوية وفصد العرق الذي تحت اللسان وفصد عرق الجبهة وتعليق المحاجم على الفقار وتحت الذقن بشرط وغير شرط فإن كان سبب اختناقه وغشيه العرق فإنه ينكس ليسيل الماء ثم يدخن بما له قوة وطيب حتى يستيقظ .


أما المتخلص عن خناق الشدّ فيجب أن يفصد ويحقن ويحسى أياماً حسواً من دقيق الحمص واللبن أو ماء اللحم مدافاً فيه الخبز وصفرة البيض .
واعلم أن من كان به وجع في الحلق فالأولى به هجر الكلام من أي وجع كان . فصل في اللهاة واللوزتين
هذه قد يعرض لها نوازل تورمها حتى تمنع النفس وقد تسترخي اللهاة من غير ورم فيحتاج إلى ما جففها ويقبضها من الباردة والحارة وربما احتيج إلى قطعها . وتقرب معالجتها من معالجة الخوانيق وتعالج في الابتداء بلطوخات ويرقق بمسها بريشة فإن الإصبع في غير وقية وغير رفقة ربما عنف .
والعظيم منها القليل الالتهاب تستعمل عليه الأدوية العفصة .
والملتهب يصلح له ما هو أشد تبريداً مثل ماء عنب الثعلب ومثل بزر الورد وورقه فإن لهما فعلاً قوياً .
ومما هو أقوى في هذا الباب الصمغ العربي والكثيراء والعنزروت بالبسفايخ لطوخاً وأيضاً جلّنار جزآن شب يماني جزء منخولين بحرير ويستعمل بملعقة مقطوعة الرأس عرضاً وربما زيد فيه زعفران وكافور ويستعمل لطوخاً وأيضاً العفص مسحوقاً بالخل يلطخ بريشة وأيضاً ماء الرمان الحامض بالقوابض وأيضاً حجر شاذنج وحجر خروجوس محرقاً الذي يسمى أخراطيوس والحجر الأفررجي وطباشير وطين مختوم والأرمني وربّ الحصرم وثمرة الشوكة والتبخّر بأعواد الشبث مما يقبض اللهاة جداً وأيضاً عصارة الرمان الحلو المدقوق مع قشره مع سدسه عسلاً مقوماً مثخّناً فإنه لطوخ جيد .


ويجب مع التغرغر بالقوابض أن يديم الغرغرة بالماء الحار فإن ذلك يعده لفعل القوابض فيه وتليينه ويمنع تصليب القوابض إياه فإن أورثها القوابض صلابة أو انعصاراً وانقباضاً مؤلماً استعمل فيها اللعابات والصمغ والكثيراء والنشا والأنزروت وبزر الخطمي وماء النخالة والشعير أو يقوم عصارة أطراف العوسج بخمسه عسلاً أو وزنه زيتاً أو طبيخ الورد والسماق بسدسه عسلاً يطبخ ويقوّم ويطلى من خارج بما له تجفيف وقبض قوي مثل ما يتخذ بالعفص والشب اليماني والملح وهو المتقدم على جميع ذلك قبل .
وللسودواي عفص فجّ جزء زاج أحمر سماق من كل واحد ثلاثة أجزاء وثلث ملح مشوي عشرين جزءاً ويستعمل .
دواء جيد في الأحوال والأوقات ونسخته : شب يماني ثلاثة أجزاء بزر ورد جزآن قسط جزء يستعمل ضماداً بريشة أو بمرفعة اللهاة وهو دواء جيد .
أخرى : يؤخذ عصارة الرمان بقشره ويقوم بخمسه عسلاً ويطلى .
وأيضاً : يؤخذ شب جزء ونوشادر نصف جزء وعفص فج ثلثا جزء وزاج ثلاثة أجزاء وإذا بلغ المنتهى أو قاربه استعمل المرّ والزعفران والسعد وما أشبهه .
وللدارشيشعان خاصية وفقّاح الأذخر وعيدان البلسان والأشنبة تستعمل لطوخات .
ومياهها غراغر وخصوصاً إذا استعمل منها غراغر بطبيخ أصل السوسن وبزر الورد مع عسل ويقطر دهن اللوز في الأذن في كل وقت فإنه نافع .
فإن جمعت اللوزتان وما يليها استعملت السلاقات المذكورة في باب الخناق فإن دام الوجع ولم يسكن عاودت الإسهال فإن لم يتم بذلك استعملت القوية التحليل مثل عصارة قثاء الحمار والكرنب والقنطوريون والنطرون الأحمر بعسل أو وحدها وإذا صلب الورم وطال فليس له كالحلتيت وإذا أخذت تدقّ في موضع وتغلظ في موضع فاقطع وما أمكن أن يدافع بدلك وتضمره بنوشادر يرفعه إليه بملعقة كاللجام فهو أولى .
ولا يجب أن تقطع إلا إذا ذبل أصلها فإنّ فيه خطراً عظيماً .


وهذه صفة غرغرة تجفف قروح أورام النغانغ وتنقّيها ونسخته : عدس جلّنار من كل واحد خمسة شياف ماميثا زعفران قسط من كل واحد جزء يطبخ بالماء ويؤخذ من سلاقته جزء ويمزج بنصفه ربّ التوث وربعه عسلاً ويتغرغر به .
فصل في سقوط اللهاة
قد تسقط اللهاة بحمّى وقد تسقط بغير حمى وسقوطها أن تمتدّ إلى أسفل حتى لا ترجع إلى موضعها وربما احتاج المزدرد إلى الغمز بالإصبع حتى يسوغ .
المعالجات : إن كان هناك حرارة وحمرة فصدت ثم استعملت الغراغر المذكورة في الأبواب الماضية مثل الغرغرة بالخلّ وماء الورد ثم يشال بورد وصندل وجلنار وكافور ورب التوث خاصة في الآلة الشبيهة باللجام .
ويجب أن يكون برفق ما أمكن فإن لم يكن هناك حرارة وحمرة استعملتا غرغرة بالسكنجبين والخردل أو المريّ النبطي ويشال بالآلة المذكورة .
والدواء الذي يشال به العفص والنوشادر مسحوقتين .
وأقوى العلاج أن يكبس بالآلة إلى فوق ممتدّاً إلى خارج بالأدوية القوابض أو المخلوطة بالمحلّلات على ما يجب وربما غمز بالإصبع ملطوخة بمثل رث التوت والجوز وغير ذلك .
ومن الأدوية الجيدة للكبس جلنار وشب وكافور .
ومن الجيدة في الإشالة المسك والنوشادر والعفص بالجلّنار .
والسك ألطف بعد أن لا يكون هناك آفة من ورم وامتلاء فإذا وقف تغرغر بماء الثلج غرغرة بعد غرغرة .
ومما جرت لذلك أن يؤخذ بزر الورد نصف رطل عصارة لحية التيس ثلاث أواق يطبخ في العسل أو في الطلاء وهو أقوى .
والصبيان قد يشيل لهاتهم العفص المسحوق بالخل وخصوصاً إذا طلي منه على نوافيخهم .
فصل في إفراد كلام في قطع اللهاة واللوزتين


يجب أن ينظر في اللهاة دقّتها وضمورها وخصوصاً في أسفلها وخصوصاً إن غلظ طرفها ورشح منه كالقيح فهو أوّل وقت وحينئذ يقطع بالحديد أو بالأدوية الكاوية ويحتاط بإسهال لطيف يتقدمه ونقص البدن عن الامتلاء إن كان به من دم أو غيره فإن القطع مع الامتلاء خطر والدقيق المستطيل كذنب الفارة الراكب على اللسان من غير امتلاء وحمرة .
أو سواد فإن قطعه قليل الخطر .
فصفة قطعها أن يكبس اللسان إلى أسفل ويتمكّن من اللهاة بالقالب ويجر إلى أسفل ولا يستأصل قطعها بل يترك منها شيء فإنك إن قربته من الحنك لم يكد الدم يرقأ البتة مع أنه لا يجب أن يقطع شيئاً قليلاً فتكون الآفة تبقى بحالها بل يجب أن يقطع قدر ما زاد على الطبيعي .
وأما إذا كانت حمراء وارمة ففي قطعها خطر وربما انبعث دم لا يرقأ بكَل رقوء .
ومن الأدوية القاطعة لها الحلتيت والشب لا يزال يجعل على أصلها فإنه يسقطها .
من الأدوية المسقطة إياها بالكي هو النوشادر مع الحلتيت والزاجات .
ويجب أن يقبض بهذه الأدوية على اللهاة بالآلة الموصوفة وتمسك ساعة من غير قطع حتى يعمل فيه ثم يعاد فيه إلى أن تسودّ فإن اسودت سقطت بعد ثلاثة أيام في الأكثر ويجب أن يكون المعالج منكباً فاتح الفم حتى يسيل لعابة ولا يحتبس في فمه .
وأما اللوزتان فيعلقان بصنّارة ويجذبان إلى خارج ما أمكن من غير أن ينجذب معها الصفاقات فيقطعان باستدارة من فوق الأصل وعند ربع الطول بالآلة القاطعة من بعد أن تقلب الآلة القاطعة وتقطع الواحدة بعد الأخرى وبعد مراعاة الشرائط المذكورة في لونها وحجمها فإذا سقط منها ما قطع ترك الدم يسيل بقدر صالح وصاحبها منكبّ على وجهه لئلا يدخل الدم حلقه ثم يتمضمض بماء وخل مبردين ويتقيأ ويسعل لينقّي باطنه ثم يجعل عليه ما يقطع الدم مثل القلقطار والشبّ والزاج يتغرغر بطبيخ العليق وورق الآس مفتراً .
فصل في ذكر آفات القطع


من ذلك الضرر بالصوت ومن ذلك تعريض الرئة للبرد والحر فيعرض سعال عن كل برد وحرّ ولا يصبر على العطش ومن ذلك تعريض المعدة لسوء مزاج عن سبب بارد من ريح وغبار ونحوه وكثيراً منهم يستبرد الهواء المعتدل وكثيراً منهم استحكم البرد في صدره ورئته حتى مات وقد يعرض منه نزف دم لا يحتبس .
علاج نزف دم قطع اللهاة واللوزتين : يجب أن توضع المحاجم على العنق والثديين ويفصد من العروق السافلة المشاركة كالأبطي ونحوه فصداً للجذب .
وأما المفردات الحابسة للدم واللطوخات المستعملة لذلك فهي مثل الزاج يلطخ به أو يذر الزاج عليه والمبرّدات بالفعل فكماء الثلج والعصارات الباردة القابضة المعروفة مثل عصارة الحصرم وعراجين الكرم والريباس وعنب الثعلب وماء السفرجل الحامض .
ومن الأشياء المجربة التي لها خاصية في هذا الباب ويجب أن يستعمل في الحال دواء شهد به من العلماء المعروف بديوحانس وهو الكوهارك وأيضاً عصارة لسان الحمل إذا استعمل وخصوصاً بأقراص الكهرباء والطين المختوم ويجب أن لا يستعمل منها شيء حار بل بارد بالفعل فإن الحرارة بما تجذب تبطل فعل الدواء .


القانون
القانون
( 35 من 70 )

الفن العاشر أحوال الرئة والصدر
وهو خمس مقالات :
المقالة الأولى الأصوات والنفس
فصل في تشريح الحنجرة والقصبة والرئة
أما قصبة الرئة : فهي عضو مؤلف من غضاريف كثيرة دوائر يصل بعضها على بعض فما لاقى منها منفذ الطعام الذب خلفه وهو المريء وجعل ناقصاً وقريباً من نصف دائرة وجعل قطعه إلى المريء ويماس المريء منه جسم غشائي لا غضروفي بل الجوهر الغضروفي : منه إلى قدّام والتفّت هذه الغضاريف برباطات يجللها غشاء ويجري على جميع ذلك من الباطن غشاء أملس إلى اليبس والصلابة ما هو وذلك أيضاً من ظاهره وعلى رأسه الفوقاني الذي يلي الفم والحنجرة وطرفه الأسفل ينقسم إلى قسمين ثم ينقسم أقساماً تجري في الرئة مجاورة لشعب العروق الضاربة والساكنة وينتهي توزعها إلى فوهات هي أضيق جداً من فوهات ما يشاكلها ويجري معها .
فأما تخليقها من غضروف فليوجد فيها الانتفاخ ولا يلجئه اللين إلى الانطباق ولتكون صلابتها واقية لها إذا كان وضعها إلى قدام ولتكون صلابتها سبباً لحدوث الصوت أو معيناً عليه .
وتأليفها من غضاريف كثيرة مربوطة بأغشية ليمكنها الامتداد والاجتماع عند الاستنشاق والنفس ولا تألم من المصادمات التي تعرض لها من تحت وفوق ومن الانجذابات التي تعرض لها إلى طرفيها ولتكون الآفة إذا عرضت لم تتسع ولم تستمل وجعلت مستديرة لتكون أحوى وأسلم .
وإنما نقص ما يماس المريء منها لئلا يزاحم اللقمة النافذة بل يندفع عن وجهها إذا مددت المريء إلى السعة فيكون تجويفها حينئذ كأنه مستعار للمريء إذ المريء يأخذ في الانبساط إليه وينفذ فيه وخصوصاً والإزدراد لا يجامع النفس لأن الإزدراد يحوج إلى انطباق مجرى قيصبة الرئة من فوق لئلا يدخلها الطعام المار فوقها ويكون انطباقها بركوب الغضروف المتكئ على المجرى وكذلك الذي يسمى الذي لا اسم له .


وإذا كان الازدراد والقيء يحوجان إلى انطباق فم هذا المجرى لم يكن أن يكونا عندما يتنفس .
وخلق لأجل التصويت الشيء الذي يسمى لسان المزمار يتضايق عنده طرف القصبة ثم يتسع عند الحنجرة فيبتدئ من سعة إلى ضيق ثم إلى فضاء واسع كما في المزمار فلا بد للصوت من تضييق المحبس .
وهذا الجرم الشبيه بلسان وأما تصليب الغشاء الذي يستبطنها فليقاوم حدة النوازل والنفوث الرديئة والبخار الدخاني المردود من القلب ولئلا يسترخي بقرع الصوت .
وأما انقسامها أولاً إلى قسمين فلأنّ الرئة ذات قسمين .
وأما تشعبها مع العروق السواكن فليأخذ منها الغذاء .
وأما ضيق فوهاتها فليكون بقدر ما ينفذ فيها النسيم إلى الشرايين المؤدية إلى القلب ولا ينفذ إليها فيها دم الغذاء ولو ينفذ يحدث نفث الدم فهذه صورة قصبة الرئة .
أما الحنجرة : فإنها آلة لتمام الصوت ولتحبس النفس وفي داخلها الجرم الشبيه بلسان الزمامر من المزمار .
وقد ذكرناه وما يقابله من الحنك وهو مثل الزائدة التي تشابه رأس المزمار فيتمّ به الصوت .
والحنجرة مشدودة مع القصبة بالمبريء شداً إذا همَ المريء للإزدراد ومال إلى أسفل لجذب اللقمة انطبقت الحنجرة وارتفعت إلى فوق واستند انطباق بعض غضاريفها إلى بعض فتمددت الأغشية والعضل .
وإذا حاذى الطعام مجرى المريء يكون فم القصبة والحنجرة ملتصقين بالحنك من فوق فلايمكن أن يدخلها من الحاصل عند المريء شيء فيجوز بها الطعام والشراب من غير أن يسقط إلى القصبة شيء إلاّ في أحايين يستعجل فيها بالإزدراد قبل استتمام هذه الحركة أو يعرض للطعام حركة إلى المريء مشوّشة فلا تزال الطبيعة تعمل في دفعه بالسعال .
وقد ذكرنا تشريح غضاريف الحنجرة وعضلها في الكتاب الأول .
وأما الرئة : فإنها مؤلفة من أجزاء أحدها شعب القصبة والثاني شعب الشريان الوريدي والثالث شعب الوريد الشرياني ويجمعها لا محالة لحم رخو ما متخلخل هوائي خلق من أرقّ دم وألطفه .


وذلك أيضاً غذاؤها وهو كثير المنافذ لونه إلى البياض خصوصاً في رئات ما تم خلقه من الحيوان .
وخلق متخلخلاً ليتسع الهواء وينضج فيه ويندفع فضله عنه كما خلق الكبد بالقياس إلى الغذاء وهو ذو قسمين : أحدهما إلى اليمين والآخر إلى اليسار والقسم الأيسر ذو شعبتين والقسم الأيمن ذو ثلاث شعب ومنفعة الرئة بالجملة الاستنشاق .
ومنفعة الاستنشاق إعداد هواء للقلب أكثر من المحتاج إليه في نبضة واحدة .
ومنفعة هذه الاعداد أن يكون للحيوان عندما يغوص في الماء وعندما يصوّت صوتاً طويلاً متّصلاً يشغله عن أخذ الهواء أو يعاف استنشاقه لأحوال وأسباب داعية إليه من نتن وغيره هواء معد يأخذه القلب .
ومنفعة هذا الهواء المعد أن يعدل بروحه حرارة القلب وأن يمدّ الروح بالجوهر الذي هو أغلب في مزاجه من غير أن يكون الهواء وحدة كما ظنّ بعضهم يستحيل روحاً كما لا يكون الماء وحده يغذو عضواً ولكن كل واحد منهما أما جزء غاذ وأما منقذ مبذرق .
أما الماء فلغذاء البدن وأما الهواء فلغذاء الروح وكل واحد من غذاء البدن والروح جسم مركب لا بسيط .
وأما منفعة إخراج الفضل المحترق من الروح وكل واحد من غذاء البدن والروح جسم مركب لا بسيط .
وأما منفعة إخراج الفضل المحترق من الروح وهو دخانيته والرئة لدخول الهواء البارد فإن هذا المستنشق يكون لا محالة قد استحال إلى السخونة فلا ينفع في تعديل الروح .
وأما تشعّب العروق والقصبة في الرئة فإن القصبة والشريان الوريدي يشتركان في تمام فعل النفس .
والشريان الوريدي والوريد الشرياني يشتركان في غذاء الرئة من الدم النضيج الصافي الجائي من القلب .
وأما منفعة اللحم فليسدّ الخلل ويجمع الشعب .
وأما تخلخله فليصلح للاستنشاق فإنه ليس إنما ينفذ الهواء في القصبة فقط بل قد يتخلص إلى جرم الرئة منه وفي ذلك استظهار في الاستكثار وليعين أيضاً بالانقباض على الدفع فيكون مستعداً للحركتين ولذلك ما تنتفخ الرئة بالنفخ .


وأما بياضه فلغلبة الهواء على ما يتغذى به ولتردده الكثير فيه .
وأما انقسامها باثنتين لئلا يتعطل التنفّس لآفة تصيب أحد الشقّين .
وكل شعبة تتشعّب كذلك إلى شعبتين .
وأما الخامسة التي في الجانب الأيمن فهي فراش وطيء للعرق المسمّى الأجوف وليس نفعه في النفس بكثير ولما كان القلب أميل يسير إلى الشمال وجد في جهة الشمال شاغل لفضاء الصدر وليس في اليمين فحسن أن يكون للرئة في جانب اليمين زيادة تكون وطاء للعروق فقد وقعت حاجة .
والرئة يغشيها غشاء عصبي ليكون لها على ما علمت حسن ما يوجّه فإن لم يكن مداخلاً كان مجللاً .
على أنّ الرئة نفسها وطاء للقلب بلينها ووقاية له .
والصدر مقسوم إلى تجويفين يفصل بينهما غشاء ينشأ من محاذاة منتصف القصّ فلا منفذ من أحد التجويفين إلى الآخر .
وهذا الغشاء بالحقيقة غشاءان وهو يتصل من خلف بالفقار ومن فوق بملتقى الترقوتين .
والغرض في خلقهما أن يكون الصدر ذا بطنين إن أصاب أحدهما آفة كمل الآخر أفعال التنفّس وأغراضه .
ومن منافعها ربط المريء والرئة وأعضاء الصدر بعضها لبعض .
وأما الحجاب فقد ذكرنا صورته ومنفعته في تشريح العضل فإنه بالحقيقة أحد العضل وهو من ثلاث طبقات المتوسّطة منها هي حقيقة الوتر الذي به يتمّ فعلها والطبقة التي فوقها هي كالأساس والقاعدة لأغشية الصدر التي تستبطنه والطبقة السافلة مثل ذلك لأغشية الصفاق .
وفي الحجاب ثقبان : الكبير منهما منفذ المريء والشريان الكبير والأصغر ينفذ فيه الوريد المسمى الأبهر وهو شديد التعلّق به والالتحام .
فصل في أمزجة الرئة وطريق سلامات أحوالها
نقول : أما المزاج الحار فيدلّ عليه سعة الصدر وعظم النفس وربما تضاعف والنفخة والصوت وثقله وقلّة التضرّر بالهواء البارد وكثرته بالحار وأعراض عطش يسكنه النسيم البارد كثيراً من غير شرب وكثيراً ما يصحبه لهب وسعال .


وأما المزاج البارد فيدل عليه صغر الصدر وصغر النفس والصوت وحدتهما والتضرر بكل بارد وكثر تولد البلغم فيها وكثيراً ما يتضاعف به النفس ويصحبه الربو والسعال .
وأما المزاج الرطب فيدل عليه كثرة الفضول وبحوحة الصوت والخرخرة وخصوصاً إذا كانت مع مادة وكانت مائلة إلى فوق والعجز عن رفع الصوت لا لضعف البدن .
وأما المزاج اليابس فيدلّ عليه قلّة الفضول وخشونة الصوت ومشابهته بصوت الكراكي وربما كان هناك ربو لشدة التكاثف وكل واحد من هذه الأمزجة قد يكون للرئة طبيعياً وقد يكون عرضياً ويشتركان في شيء من العلامات ويفترقان في شيء .
فأما ما يشتركان فيه : فالعلامات المذكورة إلاّ ما يستثنى من بعد وأما ما يفترقان فيه فشيئان : أحدهما أن المزاج إذا كان طبيعياً كانت العلامة واقعة بالطبع وإن كان عرضياً كانت العلامة له عرضية وقد حدث به إلا أن تكون العلامة من جنس ما لا يقع إلا بالطبع فقط فتكون علامة للطبيعي مثاله عظم الصدر أو صغره .
واعلم أنّ أخصّ الدلائل على أحوال الصدر والرئة النفس في حرّه وبرده وعظمه وصغره وسهولته وعسره ونتنه وطيب رائحته وغير ذلك من أحواله وكذلك الصوت أيضاً في مثل ذلك ومثل ما يدلّ الخناقي منه على أن الآفة في العضل الباسطة والأبحّ على أنها في العضل القابضة إن كانت الآفة في العضل والسعال والنفث والنبض .
وقد تبيّن لك كيفية دلائل النفس وكيفية دلائل الصوت وكيفية دلائل السعال وكيفية دلائل النفث .
وأما النبض وما يوجبه بحسب الأمزجة والأمراض فقد عرفت ذلك .
والرئة مجاورة للقلب والاستدلال من أحواله عليها أقوى والنبض أدلّ على ما يلي شعب العصبة من الرئة والسعال أدلّ على ما يلي القصبة ولحمية الرئة .


وإحساس اللذع والنخس دليل خاص على أن المادة في الأغشية والعضلات فإذا كان الانتفاث بسعال خفيف فالمادة قريبة من أعالي القصبة وما يليها وإن كانت لا تنفث إلا بسعال قوي فالمادة غائرة بعيدة وقد تصحب آفات أعضاء الصدر علامات من أعضاء بعيدة مثل الدوار في أورام الحجاب وحمرةَ الوجه في أورام الرئة .
فصل في الأمراض التي تعرض للرئة
تعرض للرئة الأمراض المختصة بالمتشابهة الأجزاء والأمراض الآلية وخصوصاً السدد في عروقها وأجزاء قصبتها وخصوصاً العروق الخشنة وفي خلخلة جرمها وقد تكون لأسباب السدد كلها حتى الانطباق والأمراض المشتركة . و قد تكثر أمراض الرئة في الشتاء والخريف لكثرة النوازل وخصوصاً في خريف مطير بعد صيف يابس شمالي والهواء البارد ضارّ بالرئة إلا أن تكون متأذّية بالحر الشديد وكثيراً ما تؤدّي أمراض الرئة إلى أمراض الكبد كما تؤدي شدة بردها وشدة حرها إلى الاستسقاء وكذلك الحجاب .
فصل في علاجات الرئة
لتتأمل ما قيل في باب الربو والتنفُّس ولتنتقل إلى غيره مما يشاركه في السبب من الأمراض وقد تراض الرئة بمثل رفع الصوت ومثل النفس النافخ لتلطف بذلك فضولها ولاستعمال الأدوية الصدريّة هيئة خاصة فإنها تجب أن تستعمل حبوباً ولعوقات في أكثر الأمر تمسك في الفم ويبلع ما يتحلل منها قليلاً قليلاً لتطول مدة عبورها في جواز القصبة ويتعاود فيتأدّى إلى القصبة والرئة وخصوصاً إذا نام مستلقياً وارتخت العضل كلها التي على الرئة وقصبتها .
وأقرب وجوه إمالة فضول الرئة هو الجانب الذي يلي المرء فذلك ينتفع بالقيء كثيراً إذا لم يكن هناك مانع .
فصل في المواد الناشبة في الرئة
وأحكامها ومعالجاتها
المواد التي تحصل في الرئة قد تكون من جنس الرطوبة وقد تكون من جنس القيح وقد تكون من جنس الدم .
والمواد الحارة الرقيقة .


والمواد الناشبة في الرئة قد يعسر انتفائها أما لغلظها ولزوجتها فلا تتنفث وأما لرقتها فلا يلزمها الريح الدافعة إياها بالسعال بل تنعقد الرطوبة عن الريح فتباينها الريح غير قالعة وإما لشدة كثرتها وإذا كانت الأخلاط الصدرية غليظة فلا تبالغ في التجفيف بل اشتغل بالتليين والتقطيع مع تحليل بمداراة ويكون أهم الأمرين إليك التقطيع أي تكون العناية بالتقطيع أكثر منها بالتحليل واستعمل في جميع تلك الأدوية ماء العسل فإنه ينفذها ويجلو أو يلين وأنت تعرف طريق استعمال ماء العسل .
فصل في الأدوية الصدرية المفردة والمركبة وجهة استعمالها
الأدوية الصدرية هي الأدوية التي تنقي الصدر وهي على مراتب .
المرتبة الأولى مثل دقيق الباقلا وماء العسل وبزر الكتان المقلو واللوز والشراب الحلو فإنه شديد التفتيح لسدد الرئة كما أنه شديد التوليد لسدد الكبد كما ستعلم علّته في باب الكبد .
ومن الباردات حب القثاء والقند والبطيخ والقرع .
وأما السمن فإن اقتصر عليه كان إنضاجه أكثر من تنقيته فإن لعق مع عسل ولوز مرّ كان إنضاجه أقلّ وتنقيته أكثر .
وأقوى من ذلك علك البطم واللوز المر وسكنجبين العنصل والحلبة والكُندر .
وتمر هيرون له قوة في هذه المعنى وأقوى من ذلك الكمّون والفلفل والكرسنّة وأصول السوسن وأصل الجاوشير والجندبيدستر بالعسل والعنصل المشوي مسحوقاً معجوناً بالعسل والقنطوريون الكبير والزراوند المدحرج والشونيز والدودة التي تكون تحت الجرار إذا جفّفت على خزف فوق الجمر أو في التنّور حتى تبيض وتخلط بالعسل وكذلك الراسن إذا وقع في الأدوية وماؤه شديد النفع والراوند من جملة ما يسهّل النفث والساليوس شديد المنفعة والبُلْبُوس نافع منقّ جداً خصوصاً النيء وبعده الذي لم يسلق إلا سلقة واحدة .
والزعفران يقوي آلات النفس جداً ويسهل النفس جداً وهذه الأدوية تصلح مشروبةً وتصلح ضماداً .


ومن الأدوية المركّبة : حبّ أفلاطون وهو حبّ الميعة وشراب الزوفا بالنسخ المختلفة ودواء أندروماخس ودواء سقلنيادوس ودواء جالينوس وأشربة الخشخاش بنسخ ودواء مغناوس ودواء البلاذر بالهليلجات .
ومما ينفث الأخلاط الغليظة والمدة أن يؤخذ من السكبينج والمر من كل واحد مثقال قردمانا مثقالين أفيون مثقال جندبيدستر مثقال يعجن بشراب حلو الشربة منه نصف مثقال .
ومما جُرب : هذا الدواء وصفته : يؤخذ كندر أربعة ومر اثنين مع ثلاث أواق ميبختج يُطبخ كالعسل ويُلعق أو عصارة الكرنب بمثله عسلاً أو سلاقته يطبخان حتى ينعقد أو النار نار الجمر .
وأيضاً : يؤخذ مرّ وفلفل وبزر الأنجرة وسكبينج وخردل يتخذ منه حبّ ويسقى منه غدوة وعشية عند النوم .
وأيضاً : خردل درهم بورق تسع قراريط عصارة قثاء الحمار وأنيسون من كلّ واحد قيراط ومن الأدوية القوية في ذلك أن يؤخذ المحروث والخردل وبزر الأنجرة وعصارة قثّاء الحمار وأنيسون يجمع ذلك كله بعسل ويعجن به .
ومن الأخلاط المائلة إلى الحار حلبة أوقيتين بزر كتان أوقية ونصف كرسنّة نصف أوقية جوف حبّ القطن نصف أوقية ربّ السوس أوقيتين يلتّ الجميع بدهن اللوز ويجمع بعسل .
وأيضاً : يؤخذ سبستان وتين أبيض وزبيب منزوع العجم وأصول السوسن وبرشاوشان يطبخ بالماء طبخاً ناعماً ويسقى منه وإن طبخ في هذا الماء بسفايج وتربد كان نافعاً .
واعلم أنه كثيراً ما يحتبس الشيء في الصدر وهو قابل للانتفاث إلا أن القوة تضعف عنه وحينئذ فيجب أن يستعان بالعطاس .
فصل في كلام كليّ في التنفس


التّنفس يتمّ بحركتين ووقفتين بينهما على مثال ما عليه الأمر في النبض إلا أن حركة التنفس إرادية يمكن أن تغيَّر بالإرادة عن مجراه الطبيعي والنبض الطبيعي صرف والغرض في النفس أن يملأ الرئة نسيماً بارداً حتى بعد النبضات القلبية فلا يزال القلب يأخذ منه الهواء البارد ويردّ إليه البخار الدخاني إلى أن يعرض لذلك المستنشق أمران : أحدهما استحالته عن برده بتسخين ما يجاوره وما يخالطه واستحالته عن صفاته بمغالطة البخار الدخاني له فحينئذ يزول عنه المعنى الذي به يصلح لاستمداد النبض منه فيحتاج إلى إخراجه والاستدلال منه .
وبين الأمرين وقفتان واستدخاله - وهو الاستنشاق - يكون بانبساط الرئة تابعة لحركة أجرام يطيب بها حين يعسر الأمر فيها وإخراجه يكون لانقباض الرئة تابعة لحركة أجرام يطيف بها .
والنفس عند العامة هو المخرج وعند الأطباء وفي اصطلاح ما بينهم تارةً المخرج كما عند العامة وتارة هذه
الجملة كما أن النبض عند العامة هو الحركة الانبساطية وعند الأطباء فيه اصطلاح خاص على النحو المعلوم فيه وحركة النفس المعتدل الطبيعي الخالي عن الآفة يتمّ بحركة الحجاب فإن احتيج إلى زيادة قوة لما ليس يدخل إلا بمشقة أو لتقوي النفس ليخرج نفخه شارك الحجاب في هذه المعونة عضل الصدر كلها حتى أعاليها أو لا بد فبعض السافلة منها فقط فإن احتيج إلى أن يكون صوتاً لم يكن بد من استعمال عضل الحنجرة فإن احتيج إلى أن يقطع حروفاً ويؤلف منه كلام لم يكن بدّ من استعمال عضل اللسان وربما احتيج فيها إلى استعمال عضل الشّفة .


وكما أنّ في النبض عظيماً وصغيراً وطويلاً وقصيراً وسريعاً وبطيئاً وحاراً وبارداً ومتواتراً ومتفاوتاً وقوياً وضعيفاً ومنقطعاً ومتّصلاً ومتشنّجاً ومرتعشاً وقليل حشو العروق وكثيره وأموراً محمودة وأموراً مذمومة ولكلِّ ذلك أسباب كل ذلك دليل على أمر ما ولها اختلاف بحسب الأمزجة والأسنان والأجناس والعوارض البدنية والنفسانية كذلك للنفس هذه الأمور المعدودة وما يشبهها ولكلّ أمر منها فيه سبب وكل أمر منها دليل .
فمن النفس عظيم ومنه صغير ومنه طويل ومنه قصير ومنه سريع ومنه بطيء ومنه متفاوت ومنه متواتر ومنه ضيّق ومنه واسع ومنه سهل ومنه عسر ومنه قوي ومنه ضعيف ومنه حار ومنه بارد ومنه مستوٍ ومنه مختلف .
ومن أصناف النفس ما له أسماء خاصة مثل النفس المنقطع والنفس المضاعف والنفس المنتصب والنفس الخناقي والنفس المستكره في الفترات كما يكون في السكتة ونحوها .
والآفات التي تعرض في آلات النفس فيدخل منها آفة في النفس إما أن يكون في أعضاء النفس أو في مباديها أو فيما يشاركها بالجوار .
وأعضاء النفس هي الحنجرة والرئة والقصبة والعروق الخشنة والشرايين والحجاب وعضل الصدر والصدر نفسه فإن الآفة قد تكون في الصدر نفسه إذا كان ضيقاً صغيراً فيحدث لذلك في النفس آفة وأما مباديها فالدماغ نفسه والنخاع أيضاً لأنه منشأ للحجاب فإنه ينبت أكثر من الزوج الرابع من عصب النخاع وتتصل به شعبة من الخامس والسادس والعصب الجائي إليها .
وأما الأعضاء المشاركة بالجوار إليها فكالمعدة والكبد والرحم والإمعاء وسائر الأحشاء وتلك الآفات إما سوء مزاج مضعّف حار أو بارد أو رطب أو يابس أيا كان ساذجاً أو بمادة من خلط محتبس أو منصبّ إليه كثيراً أو لزجاً أو غليظاً والمدة والقيح من جملتها أو من ريح أو بخار وإما مرض آلي من فالج أو تشنج أو انحلال فرد من تصدع أو تعفن أو تقرّح أو تأكل أو من ورم بارد أو حار أو صلب أو من وجع .


وأنت تعلم مما نقصه عليك أن النفس قوي الدلالة وجار مجرى النبض بعد أن تراعى العادة فيه كما يجب أن تراعي الأمر الطبيعي المعتاد في النبض أيضاً .
فصل في النفس العظيم والصغير وأسبابه ودلائله
النفس العظيم : هو النفس الذي ينال هواء كثيراً جداً فوق المعتدل وهو الذي تنبسط منه أعضاء النفس في الجهات كلها انبساطاً وافر العظم ما يستنشق .
والصغير الضيق يكون حاله في ذلك بالضد فيصغر ما يستنشق وكذلك في جانب الإخراج .
وأسباب النفس العظيم هي : أسباب النبض العظيم أعني الثلاثة المذكورة فقد يظن أن الصغير هو الذي يتم بحركة الحجاب فقط وذلك ليس صحيحاً على الإطلاق فإنه - وإن كان قد يكون ما يتم بحركة الحجاب وحده صغيراً - فربما كان ذلك معتدلاً فإن المعتدل لا يفتقر إلى حركة غير الحجاب إذا كان الحجاب قويّ القوة وربما كان النفس صغيراً فإن كانت الأعضاء الصدرية كلها تتحرك إذا كانت كلها ضعيفة فلا يفي الحجاب وحده بالنفس المحتاج إليها ولا إن كانت الحاجة إلى المعتدل بل يحتاج أن يعاونه الجميع ثم لا يكون بالجميع من الوفاء باستنشاق الهواء وإخراجه الواقع مثلهما عن الحجاب وحده لو كان سليماً صحيحاً قوياً لأنه ليس واحد من تلك الأعضاء يفي بانبساط تام ولا بالقدر الذي إذا اجتمع إليه معونة غيره حصل من الجميع بسط للرئة كاف معتدل وذلك لضعف من القوى أو الضيق من المنافذ كما يعرض في ذات الرئة لكن يجب أن يكون عظيم النفس معتبراً بمقدار ما يتصرّف فيه من الهواء مقبولاً ومردوداً ولن يتمّ ذلك إلا بحركة جامعة من العضلة الصدريّة وما يليها ثم لا تنعكس حتى تكون كلها تتحرك فيه العضل كلها فهو نفس عظيم بل إذا تحِركت كلها الحركة التي تبلغ في البسط والقبض تصرفاً في هواء كثير .


والصغير هو على مقابلته وقد يبلغ من شدّة حركة أعضاء النفس للاستنشاق أن تتحرك منبسطة من قدّام إلى الترقوتين ومن خلف إلى عظم الكتفين ومن الجانبين إلى معظم لحم الكتف وربما استعانت بالمنخرين بل تستعين بهما في أكثر الأحوال وقد يختلف الحال في الانقباض أعظم وذلك بحسب المادة التي تحتاج إلى أن تخرج الانقباض والكيفية التي تحتاج أن تعدل بالإدخال والانبساط فأيهما كانت الحاجة إليه أمس كانت الحركة التي تحبسه أزيد فإن احتيج إلى إطفاء اللهيب كان الانبساط عظيماً وإذا اتفق في إنسان إن كان غير عظيم الاستنشاق بل صغيره ثم كان عظيم الإخراج للنفس كان ذلك دليلاً على أن الحرارة الغريزية ناقصة والغريبة الداخلة زائدة .
والأسباب في تجشم هذه الأعضاء كلها للحركة بعنف أربعة : فإنها إما أن تكون بسبب عظيم الحاجة لالتهاب حرارة في نواحي القلب وإما لسبب في العضل المحركة من ضعف في نفسها أو بمشاركة الأصول ومثل ما هو في آخر الدق والسل وفي جميع المدة فإنها تضعف القوّة أو لعلة إليه بها خاصة أو بمشاركتها المذكورة فيما سلف عن تشنج يعرض لها أو فالج أو سوء مزاج أو ورم ووجع أو غير ذلك يعرض للعضل عن الانبساط مثل امتلاء المعدة عن أغذية أو رياح إذا جاوز الحد فحال بين الحجاب والانبساط فلم ينبسط هو وحده .
وإما لضيق المنافذ التي هي الحنجرة وجداول القصبة والشرايين وما يتصل بها من منافذ النفس مثل التخلخل الذي في الرئة فإنها إذا امتلأت أخلاطاً كثرت فيه السدد أو عرض فيها الورم وهؤلاء كأصحاب الربو وأصحاب المدة وأصحاب ذات الرئة .


وأما الغفلة مع حاجة أو قلّة حاجة حتى طالت المدة بين النفسين فاحتيج إلى نفس عظيم يتلافى ما وقع من التقصير مثل نفس ومن جملة هذه الحاجة عظم نفس النائم لأنه يكثر فيه البخارات الدخانية ويغفل فيه النفس عن إرادة إخراج النفس إلى أن يكثر بها الداعي فيخرج لا محالة عظيماً وكذلك نفس من مزاج قلبه ليس بذلك الحاد المتقاضي بالنفس فيدافع إلى وقت الضرورة ويتلافى بالعظم ما فاته بالمدافعة العلامات التي يفرّق بها بين أسباب حركة الصدر كله إن كان ذلك بسبب كثرة الحاجة وتكون القوة قرية كان النفس كثيراً في إدخاله وفي نفخه ويكون ملمس النفس حاراً ملتهباً والنبض أيضاً عظيماً دالاً على الحرارة وتكون علامات الالتهاب موجودة في الصدر والوجه والعينين وفي اللسان في لونه وخشونته وغير ذلك فإن لم يكن ذلك ولم تكن القوة ساقطة وكأنها لا يمكنها البسط التام فالسبب الضيّق في شيء مما عددناه .
وأما إن كانت الأعضاء كلها تحاول أن تتحرّك ثم لا تتحرك حركة يعتد بها ولا تنبسط البسط التام مثل ما يروم ما لا يكون ويعول كل التعويل على المنخرين ولا يكون هناك عند الرد نفخة فالقوّة المحرّكة التي للعضل مؤفّة وإذا كان الضيق من رطوبة في القصبة وما يليها كان مع العلامات في النفس خرخرة واحتاج صاحبه إلى تنحنح وهو زيادة علامة على علامة الضيق الكلي وإن لم يكن ذلك كان السبب أغوص من ذلك وإذا حدث الضيق الخرخري دفعة فقد سالت إلى الرئة مادة من النوازل أو سال إلى الرئة أولاً ثم إلى القصبة ثانياً مدة وقيح من عضو .
فصل في النفس الشديد
هو الذي يكون مع عظمه كأن القوة تتكلف هناك فضل انزعاج للإدخال والنفخ بالإخراج فيكون مع العظم قوة هم .
فصل في النفس العالي الشاهق : هو الصنف من النفس العظيم الذي يفتقر فيه إلى تحريك أعالي عضل الصدر ولا تبلغ الحاجة فيه إلى تحريك الحجاب وأسافل عضل الصدر وكثيراً ما يحدث هذا النفس في الحميات الوبائية . فصل في النفس الصغير


تعرف أسبابه للمعرفة بأسباب العظيم على سبيل المقابلة وقد يصغر النفس بسبب الوجع إذا حال الوجع بين أعضاء التنفس وبين حركاتها وقد يصغر النفس الضيق وإذا اقترن به التثاؤب دل على موت الطبيعة وإذا اقترن به التواتر دل على وجع في أعضاء التنفس وما يليها من المعدة ونحوه مثل قروحها وأورامها .
العلامات : علامات أسباب النفس الصغير المقابلة لأسباب النفس العظيم معلومة بحسب المقابلة وأما الذي يكون صغره عن الوجع لا عن الضيق فيدل عليه وجود الوجع وإن صاحب الوجع لو احتمل ارجع وصبر عليه أمكنه أن يعظم نفسه ومع ذلك فقد يقع في خلال نفسه نفس عظيم تدعو الحاجة إليه وإلى احتمال الوجع أو تصيب الحاجة فيه غفلة من الوجع والكائن عن الضيق بخلاف ذلك كله .
النفس الطويل هو الذي يطول فيه مدّة تحريك الهواء في استنشاقه ورده لتتمكن القوة من التصرف في الهواء الكثير وربما منع عن العظيم السريع وجع أو ضيق فأقيم الطول في استيفائه المبلع المستنشق مقام العظيم السريع .
فصل في النفس القصير
هو مخالف للطويل وإذا قرن به التواتر كان سببه وجعاً في آلة التنفس وما يليها وإذا قرن به التفاوت دل على موت الغريزة .
فصل في النفس السريع
هو الذي تكون الحركة فيه في مدة قصيرة مع بلوغ الحاجة لا كالقصير والصغير والسبب فيه شقة الحاجة إذا لم يبلغ الكفاية فيها بالعظم إما لأن الحاجة فوق البلوغ إليه بالعظم وإما لأن العظم حائل مثل ما قيل في النبض .
وذلك الحائل إما في الآلة وإما في القوة قد تكون السرعة في إحدى الحركتين أكثر منها قي الأخرى مثل المذكور في النفس العظيم .
فصل في النفس البطيء
هو ضد السريع وضد أسبابه وقد يبطئ الوجع إذا كان العضو المتنفّس يحتاج إلى أن يتحرك برفق وتؤدة .
فصل في النفس المتواتر
هو الذي يقصر الزمان بينه وبين الذي قبله .


ومن أسبابه شدة الحاجة إذا لم ينقض بالعظم والسرعة لأنها أكثر من البلوغ إليه بهما لأن دونهما حائلاً من وجع أو ورم أو ضيق لمواد كثيرة أو انضغاط أو انصباب قيح في فضاء الصدر أو شيء آخر من أسباب الضيق .
وأنت تعرف الفرق بين الواقع بسبب الحاجة والواقع بسبب الوجِع وغير ذلك مما سلف لك في باب العظيم .
والنفس المتواتر على ما شهد أبقراط يستتبع آفة لتجفيف الرئة وأتعاب أعضاء النفس فيما يليها .
فصل في النفس البارد
يدل على موت القوة وطفء الحرارة الغريزية واستحالة مزاج القلب إلى البرد وهو أردأ علامة في الأمراض الحادة وخصوصاً إذا كان معه نداوة فتتمّ دلالته على انحلال الغريزية . فصل في النفس المنتن
هو داخل في البخر ويفارق سائر أصناف البخر بأن تلك الأصناف قد تروح النتن في غير حال التنفس وهذا إنما ينتن عندما يخرج النفس وهذا يدل على أخلاط عفنة في أعضاء التنفس إمّا القصبة وإما الرئة إذا عفن فيها خلط أو مدة . فصل في الانتقالات التي تجري بين النفس
العظيم والنفس السريع والنفس المتواتر و أضدادها
لقد علمت أن الحاجة إذا زادت ولم يكن لها حائل عظم النفس فإن زادت أكثر أسرع فإن زادت أكثر تواتر فإذا تراجعت الحاجة نقص أولاً التواتر ثم السرعة ثم العظم وكذلك إذا قلّ الحول والمنع وإذا فقد التراجع في المعاني الثلاثة وجد التفاوت أكثر ثم الإبطاء ثم الصغر فيكون الخروج عن الطبيعي إلى الصفر أقلّ من إلى البطء وأليهما أقل منه إلى التفاوت .
واعتبر هذا في الانبساط والانقباض جميعاً تحسب اختلاف الحاجتين المذكورتين اختلافاً في الزيادة والنقصان وإذا كان السبب في الانبساط أدعى إلى الزيادة كان الزمان الذي قبل الانبساط أقصر وإذا كان مثل ذلك السبب في الانقباض كان زمان السكون الذي قبل الانقباض أقصر والنفس المتتابع السريع يتبع ورماً حاراً وضيقاً عن سدة .
فصل في النفس المتحرّك أي المحرك للرئة


هذا النفس يدلّ على خور من القوة أو ضيق شديد خانق في الذبحة أو جمع مدّة وانصبابها أو خلط .
سوء التنفس يعم الأحوال الخارجة عن الطبيعة في التنفس التي لا تتبع أعراضاً صحية بل أعراضاً مرضية آلية وذلك مثل عسر البول وضيق النفس وتضاعف النفس وانقطاع النفس ونفس الانتصاب .
وقد يعرض لأنواع سوء المزاج والامتلاء والسدد ومجاورة ضواغط وأورام وأوجاع ولموانع للحركة ولقروح في الحجاب ونواحي الصدر وسقوط القوة من أمراض ناهكة وحمّيات حادة وبائية وسموم مشروبة .
وكل سوء تنفس وضيقه وعسره لمادة فإنه يزداد عند الاستلقاء ويكون وسطاً عند الاضطجاع على جنب ويخف مع الانتصاب .
وفي الخوانيق الداخلة يمتنع عند الاستلقاء أصلاً .
فصل في ضيق النفس
هو أن لا يجد الهواء المتصرف فيه بالنفس منفذاً في جهة حركته إلا ضيقاً لا يتسرّب فيه إلا قليلاً قليلاً .
وأسبابه إما أورام في تلك المنافذ التي هي الحنجرة والقصبة وشعبها أو الشرايين وفي نفس خلخلة الرئة وجرمها . وأشد أورامها تضييقاً للنفس ما كان صلباً أو أخلاط كثيرة فيها غليظة أو لمزجة أو مائية تجتمع في الرئة أو انطباق يعرض لها من ضاغط مجاور من ورم حار في كبد أو معدة أو طحال أو أخلاط منصبة في الفضاء لاستسقاء أو غيره مثل ما يكون من انفجار أورام في الجوف الأسفل تحول دون الانبساط أو تكاثف عن يبس أو قبض أو عن برد يصيب الرئة والحجاب أو عن سبب في العصب والحجاب وهو أولى بأن يسمى عسر النفس أو عن أبخرة دخانية تضيق مداخل النفس في المواضع الضيقة .
وقد يكون سبب ضيق الصدر فلا تجد الأعضاء المنبسطة للنفس مجالاً وقد يكون بسبب البُحران وعلامة له إذا مالت المواد عن الأورام الباطنة إلى فوق وقد يكون عسر النفس وضيقه بسبب سيلان المواد عن الأورام الباطنة منتقلة إلى نواحي الرأس وتُنذر بأورام خلف .
الأذنين إن كان الأمر أسلم أو في الدماغ إن كان أصعب .
العلامات : علامات الأورام الخناقية قد سلفت لك .


وأما علامة الورم الذي يكون في نفس الرئة فالوجع الثقيل وفي العضلات والحجب الصدرية الوجع الناخس الباطن وهو أقوى وأشدّ والظاهر وهو أضعف .
وأما في غضاريف الرئة فالوجع الذي فيه مصيص وربما أدى إلى السعال وإن كانت حارة فالحمى .
وعلامات الخناقية معروفة تشتدّ عند الاستلقاء وأما علامات امتلاء الأخلاط فإن كانت في القصبة فالنفث والشوق إلى السعال والانتفاع به مع انتفاث الشيء بأدنى سعال ومع خرخرة وإن كانت في الرئة كان الحال كذلك إلا أن السعال يأخذ من مكان أغور ولا يكون خرخرة إلا بقدر ما يصعب من المنفث وإن كان في الفضاء فثقل ينصبّ من جانب إلى جانب مع تغيّر الاضطجاع ثم يبدو النفث ولا يكون فيه مع ضيق النفس سعال يعتدّ به .
فصل في النفس المختلف
النفس يختلف مثل أسباب اختلاف النبض ويكون اختلافه منتظماً وغير منتظم . فصل في النفس المتضاعف
هو من أصناف المختلف وهو النفس الذي يتمّ بالانبساط فيه وهو الفحم أو الانقباض وهو التغيّر بحركتين بينهما وقفة كنفس الصبي إذ بكى فيكون فيه فحم إذا انبسط وتغير إذا انقبض .
وسببه إما حرارة كثيرة فلا ينتفع بما استنشق بل يوجب ابتداء حد في الزيادة وإما ضعف في آلات النفس المعلومة يحوج إلى استراحة في النفس وإما لسوء مزاج مسقط للقوّة أو مجفّف أو مصلب للآلة وهو الأكثر وإما لوجع فيها أو في مجاوراتها أو ورم .
والمجاورات مثل الحجاب والكبد والطحال .
والكبد أشدّ مشاركة من الطحال وإما لمرض آلي مما قد عدّ مراراً أو كثرة تشنج كائن أو يكون وهذا النفس علامة رديئة في الأمراض الحادة والحمّيات الحادة .
وأما إذا عرض من برد فإنه مما يشفيه الحمّى . فصل في النفس المنتصف
فصل في النفس العسر
هو أن تكون التصرّف في الهواء شاقاً كان ضيّق أو لم يكن ضيق .


والسبب في آفات أعضاء التنفس على ما قيل في غيره وربما كان لسبب كلهيب ناريّ يغلب على القلب ويكون لبرد مميت للقوة المحركة أو آيف لهما كما يعرض عند برد الحجاب بسبب تبرده من طلاء أو غيره وقد يكون لسوء مزاج يعرض للحجاب مثل برد من الهواء أو برد من ضماد يوضع عليه لسبب في نفسه أو لسبب في المعدة والكبد فيقع هو في جوار ذلك الضمّاد ولا يجود انبساطه وقد يكون لسدّة فيحتبس عندها الريح المستنشق ويحتاج إلى جهد حتى ينفتح . وهذا مخالف للضيق وربما كانت السدّة ورماً وقد يكون لدواء مسهّل أثاره ولم يسهل أو لحقنة حادّة لم تسهّل وكذلك إذا لم يبلغ الفصد في ذات الجنب الحاجة ويجب أن تقرأ ما كتبناه في آخر قولنا في ضيق النفس ههنا أيضاً .
فصل في انتصاب النفس
هو النفس الذي لا يتأتى لصاحبه إلا أن ينتصب ويستوي ويمدّ رقبته مداً إلى فوق فينفتح بسببه المجرى ولا يستطيع أن يحني العنق لأنه يضيّق عليه النفس كما يضيق على منجذب الرقبة نحو خلف وكذلك لا يقدر أن يحني الصدر والصهر إلى خلف .
وإذا أزال هذه النصبة وخصوصاً إذا استلقى عرض له أن تنطبق منه أجزاء الرئة بعضها مع بعض فتسدّ المجاري لأنها في الأصل في مثله تكون مسدودة في الأكثر وإنما فيها فتح يسير يبطله ميلان الأجزاء بعضها على بعض .
وقد يكون ذلك الإنسداد عارضاً في الحميات ونحوها لأبخرة مائية ورطوبات متحلبة وقد تكون بالحقيقة لأخلاط مالئة وسادة وأورام أو لأن العضل مسترخية فإذا لم تتحلّ إلى ناحية الرجل بل تدلّت إلى ناحية الظهر والصدر ضغطت .
فصل في كلام كلّي في نفس الطبائع والأحوال
في نفس الأسنان
أما الصبيان فإنهم محتاجون إلى إخراج الفضول الدخانية حاجة شديدة لأن الهضم فيهم أكثر وأدوم وليست حاجتهم إلى التطفئة بقليلة وقوتهم ليست بالشديدة جداً لأنهم لم يكملوا في أبدانهم وقواهم فلا بد من أن يقع في نبضهم تواتر وسرعة شديدان مع عظم ما ليس بذلك الشديد .


وأما الشبان فنفسهم أعظم ولكن أقل سرعة وتواتراً إذا الحاجة تبغ فيهم بالعظم .
وأما الكهول فنفسهم أقلّ في المعاني الزائدة من نفس الشبان وليس في قلّة نفس المشايخ وأما المشايخ فنفسهم أصغر وأبطأ وأشدّ تفاوتاً لما لا يخفى عليك . فصل في نفس الممتلئ
من الغذاء ومن الحبل والاستسقاء وغيره
نفسهم إلى الصغر لأن الحجاب مضغوط عن الحركة الباسطة ولما صغر نبضهم لم يكن به من سرعة وتواتر وإن كانت القوة كافية أو تواتر وحده إن كانت منقوصة .
فصل في نفس المستحم
أما المستحم بالحار فإنه يعظم نفسه للحاجة ولين الآلة ويسرع ويتواتر للحاجة وأما المستحمّ بالبارد فأمره بالعكس .
فصل في نفس النائم
إذا كانت القوّة قوية فإن نفسه يعظم ويتفاوت للعلة المذكورة في باب النبض ويكون انقباضه أعظم وأسرع من انبساطه لأن الهضم فيه أكثر .
فصل في نفس الوجع في أعضاء الصدر
هو كما علمت مما سلف منا لك بيانه إلى الصغر والقصر وربما تضاعف وربما عسر وقد يبطؤ إذا لم يكن تلهب وتواتر كما علمت ويكون صغره وقصره أكثر من بطئه لأن داعيه إلى الاحتباس وقلة الأنبساط أكثر من داعية إلى الرفق والتأدي بعظم الإنبساط أشدّ من التأدي بالسرعة فإن التهب القلب وسخن لم يكن بد من سرعة وإن تؤدىّ بها .
فصل في نفس من ضاق نفسه لأي سبب كان
ونفس صاحب الربو : يحتاج أن يتلافى ما يكون بالضيق تلافياً من جهة السرعة والتواتر لأي سبب كان في أكثر الأمر فيكون نفسه صغيراً ضيقاً متواتراً ونفس صاحب الربو مما يشرح في بابه . فصل في نفس أصحاب المدة
قد يتكلّفون بسط الصدر كله مع حرارة ونفخة ولا يكون هناك عظم ولا موجبات القوّة لأنّ صاحب هذه العلة يكون قد أمعن في الضعف والقوة في أصحاب ذات الرئة والربو باقية . فصل في أصحاب الذبحة والاختناق : يكون مع بسط عظيم ومع سرعة وتواتر للحاجة وغور المادة لا يكون لهم نفخة .
فصل في كلام مجمل في الربو


الربو علة رئية لا يجد الوادع معها بداً من تنفس متواتر مثل النفس الذي يحاوله المخنوق أو المكدود .
وهذه العلّة إذا عرضت للمشايخ لم تكد تبرأ ولا تنضج وكيف وهي في الشباب عسرة البرء أيضاً .
وفي أكثر الأمر تزداد عند الاستلقاء وهذه العلّة من العلل المتطاولة ولها مع ذلك نوائب حادة على مثال نوائب الصرع والتشنّج .
وقد تكون الآفة فيها في نفس الرئة وما يتّصل بها لتلحّج أخلاط غليظة في الشرايين وشعبها الصغار ورواضعها وربما كانت في نفس قصبة الرئة وربما كانت في خلخلة الرئة والأماكن الخالية وهذه الرطوبات قد تكون منصبّة إليها من الرأس خصوصاً في البلاد الجنوبية ومع كثرة هبوب الرياح الجنوبية وتكون مندفعة إليها من مواضع أخرى وقد تكون بسبب توليدها فيها بردها فتبتدئ قليلاً قليلاً وقد تكون بسبب خلط ليس في الرئة وشرايينها بل في المعدة منصبّاً من الرأس والكبد أو متولداً في المعدة والبُهر الحادث عند الإصعاد هو لمزاحمة المعدة للحجاب ومزاحمة الحجاب للرئة وقد تكون الكبد إذا بردت أو غلظت معينة على الربو .
وهذه الأخلاط قد تؤذي بالكيفية وقد تؤذي بالكمّية والكثرة وقد تكون في النادر من جفاف الرئة ويبسها واجتماعها إلى نفسها وقد تكون من بردها وقد تكون لآفة مبادئ أعضاء التنفّس من العصب والنخاع والدماغ أو نوازل تندفع إليها منها وقد تكون بمشاركة أعضاء مجاورة تزاحم أعضاء النفس فلا ينبسط مثل المعدة الممتلئة إذا زاحمت الحجاب وقد يعرض بسبب كثرة البخار الدخاني إذا احتقن في الرئة وصار إليها وقد يكون بسبب ريح يحتقن في أعضاء التنفّس ويزاحم النفس وقد يكون بسبب صغر الصدر فلا يسع الحاجة من النفس ويكون ذلك آفة جبلية في النفس كما يعرض في الغذاء من صغر المعدة وقد يشتدّ الربو فيصير نفس الانتصاب وكثيراً ما ينتقل إلى ذات الرئة .


العلامات : إن كان سبب الربو أخلاطاً ورطوبات في القصبة نفسها كان هناك ضيق في أول التنفس مع تنحنح ونحير واحتباس مادة واقفة وثفل مع نفث شيء من مكان قريب .
وإن كانت الأخلاط عن نزلة كان دفعة وإلا كان قليلاً قليلاً .
وإن كانت في العروق الخشنة دام اختلاف النبض خفقانياً وربما أذى إلى خفقان يستحكم ويهلك .
وأكثر نبض أصحاب الربو خفقاني وإن كان خارج الفضاء كيف كان لم يكن سعال وإن كان بمشاركة المبادئ دل عليه ما مضى لك وإن كان بمشاركة المجاورات دلّ عليه إزدياده بسبب هيجان مادة بها وامتلاء يقع فيها وإن كان عن نزلات دلّ عليه حالها وإن كان عن انفجار مدة دفعه إلى أعضاء التنفس دل عليه ما تقدّم من ورم وجمع ثم ما حدث عن انفجار إن كان عن يبس دلّ عليه العطش وعدم النفث البتة وأن يقلّ عند تناول ما يرطّب واستعمال ما يرطّب وإن كان بسبب ريح دل عليه خفّة نواحي الصدر مع ضيق يختلف بحسب تناول النوافخ وما لا نفخ له وإن كان بسبب برد مزاج الرئة وكما يكون في المشايخ فإنه يبتدئ قليلاً قليلاً ويستحكم .


علاج الربو وضيق النفس وأقسامه : أما الكائن عن الرطوبات فالعلاج والوجه فيه أن يقبل على إفناء الرطوبات التي في رئاتهم بالرفق والاعتدال وإن علمت أن الآفة العارضة فيها هي الكثرة فاستفرغ البدن لا محالة بالإسهال ويجب أن تكون الأدوية ملطّفة منضّجة من غير تسخين شديد يؤدي إلى تجفيف المادة وتغليظها ولهذا لم يلق الأوائل في معاجين الربو أفيوناً ولا بنجاً ولا يبروحاً اللهم إلا أن يكون المراد بذلك منع نزلة إذا كثرت بل ولا بزرقطونا إلا ما شاء الله ولذلك يجب أن تتعهّد ترطيب المادة وإنضاجها إذا كانت غليظة أو لزجة ولا تقتصر على تلطيف أو تقطيع ساذج بل ربما أدى عنفه وعصيان المادة إلى جراحة في الرئة فإن جميع ما يدر يضرّ هذه العلة من حيث يدرّ لإخراجه الرقيق من الرطوبة وإذا أحسست مع الربو بغلظ في الكبد فيجب أن تخلط بالأدوية الصدرية أدوية من جنس الغافت والأفسنتين .
والذي يجمع بين الأمرين جمعاً شديداً هو مثل قوّة الصبغ والزراوند أيضاً وإذا كان المعالج صبياً فيجب أن تخلط الأدوية بلبن أمه وتكفيهم الأدوية المعتدلة مثل الرازيانج الرطب مع اللبن .
ومما يعين على النضج والنفث مرقة الديك الهرم .
ومن التدبير النافع لهم أن يستعمل دلك الصدر وما يليه بالأيدي والمناديل الخشنة خاصةً إذا كان هناك نفس الانتصاب دلكاً معتدلاً يابساً من غير دهن إلا أن يقع إعياء فيستعمل بالدهن ويجب أن يستعمل في بعض الأوقات القيصوم والنطرون ويدلك به دلكاً شديداً .
وإن كانت المادة كثيرة فلا بد من تنقية بمسهل متّخذ من مثل بزر الأنجرة والبسفانج وفثاء الحمار وشحم الخنظل .
ومن التدبير في ذلك بعد التنقية والقيء استعمال الصوت ورفعه متدرّجاً فيه إلى قوة وطول .
ومن التدبير في ذلك استعمال القيء المتّصل وخصوصاً بعد كل الفجل وشرب أربعة دراهم من البورق مع وزن خمس أواق من شراب العسل وذلك إذا قويت العلّة .
صعب الأمر .


والخربق الأبيض نافع جداً وهو في أمراض الصدر مأمون غير مخوف .
والأصوب أن يؤخذ قطع من الخربق فيغرز في الفجل ويترك كذلك يوماً وليلةً ثم ينزع عنه ويؤكل ذلك الفجل وأيضاً يؤخذ من الخردل فيغرز في الفجل ويترك كذلك يوماً وليلةً ثم ينزع عننه ويؤكل ذلك الفجل وأيضاً يؤخذ من الخردل والملح من كل واحد وزن درهم ومن البورق الأرمني نصف درهم ومن النطرون دانق يسقى في خمسة أساتير ماء وعسلاً ومقدار العسل فيه أوقية .
ومن التدبير في ذلك إدامة تليين الطبيعة ويعينهم على ذلك تناول الكبر المملّح قبل الطعام والطريخ العتيق ومرقة الديك الهرم مع لبّ القرطم واللبلاب والسلق فإن لم يلن بذلك سقي ماء الشعير شديد الطبخ فيه قليل أو فربيون .
والأفتيمون شديد النفع في هذه العلة .
فإن اتخذ من ماء طبخ فيه الأفتيمون ماء عسل .
كان شديد النفع وكذلك ليتناول منه مثقال بالميبختج .
وكذلك طبيخ التين والفوذنج والسذاب في الماء يتخذ منه ماء العسل .
وأيضاً طبيخ الحلبة بالتين السمين مع عسل كثير يستعمل قبل ومن التدبير في ذلك رياضة يتدرّج فيها من بطء إلى سرعة لئلا تحدث فيهم المعاجلة اختناقاً لتحريكها المادة بعنف .
وأما اغتذاؤهم فيجب أن يكون بعد مثل ما ذكرناه من الرياضة ويكون خبزهم خبزاً نضيجاً متوبلاً من عجين خمير ونقلهم الملطّفات التي يقع فيها حبّ الرشاد وزوفا وصعتر وفوذنج ودسومة أطعمتهم من شحوم الأرانب والأيايل والغزلان والثعالب خاصةً ولا سيما رئاتها فإن رئة الثعلب دواء لهذه العلة إذا جفف وسُقي منه وزن درهمين .
وكذلك رئة القنفذ البري .
وأما لحمانهم فمثل السمك الصخوري النهري دون الآجامي ومثل العصافير والحجل والدرّاج .
ومرقة الديوك تنفعهم .
وقد يقع لسان الحمل في أغذية أصحاب الربو .
وأما شرابهم فليكن الريحاني العتيق الرقيق القليل المقدار فأما إذا أرادوا أن يكثروا النضج ويعينوا على النفث فليأخذوا منه الرقيق جداً .


وشراب العسل ينفعهم أيضاً .
وفي الخمور الحلوة المعانة بأشياء ملطفة تضاف إليها منفعة لهم لما فيها من الجلاء والتليين والتسخين المعتدل .
ويجب أن يساعدوا بين الطعام والشراب ولا يرووا من الماء دفعة بل دفعات وأما الأمور التي يجب أن يجتنبوها فمن ذلك الحمّام ما قدروا وخصوصاً على الطعام والنوم الكثير وخصوصاً نوم النهار .
والنوم على الطعام أضرّ شيء لهم إلا أن يصيبهم فترة شديدة وإعياء وحرارة فليناموا حينئذ نوماً يسيراً ويجب أن يجتنبوا كلَ حبة فيها نفخ وأن يجتنبوا الشراب على الطعام كان ماء أو شراباً .
والأدوية المسهلة القوية التي تلائمهم فمثل أن يسقوا من الجاوشير وشحم الحنظل من كل واحد نصف درهم بماء العسل أو جندبادستر مع الأشقّ وحب الغاريقون لا بد من استعماله في الشهر مرتين إذا قويت العلة .
ونسخته : غاريقون ثلاثة أصل السوسن واحد فراسيون واحد تربد خمسة أيارج فيقرا أربعة شحم حنظل وأنزلوت من كل واحد درهم مر درهم تعجن بميبختج والشربة وزن درهمين .
وأيضاً شحم حنظل نصف مثقال أنيسون سدس مثقال يعجن بالماء ويحبّب ويستعمل بعد استعمال الحقنة الساذجة قبله بيوم وهي التي تكون من مثل ماء السلق ودهن السمسم والبورق وما يجري مجرى ذلك .
وأيضاً شحم الحنظل دانقين بزر أنجرة درهم أفتيمون نصف درهم يعجن بماء العسل وهو شربة ينتظر عليها ثلاث ساعات ثم يسقون أوقية أو ثلاث أواق ماء العسل .
وأيضاً شحم حنظل والشيح بالسوية بورق نصف جزء وأصل السوسن جزء ويحبّب .
والشربة منه من نصف درهم إلى درهمين ينتظر ساعة ويسقى نصف قوطولي ماء العسل .
وأيضاً خردل مثقال ملح العجين نصف مثقال عصارة قثّاء الحمار نصف مثقال يتّخذ منه ثمانية أقراص ويشرب يوماً قرصاً ويوماً لا وليشربه بماء العسل فإن هذا يليق الطبيعة وينفث بسهولة .
وأما سائر الأدوية فيجب أن ينتقل فيها ولا يواصل الدواء الواحد دائماً منها فتألفه الطبيعة .


وأيضاً بين الأدوية والأبدان مناسبات لا تحرك إلاّ بالتجربة فإذا جربت فالزم الأنفع .
ويجب أن تراعي جهة مصب المادة فإن كان من الرأس فدبر الرأس بالعلاج المذكور للنوازل مع تدبير تنقية الخلط وربما وقع فيها المخدرات .
والطين الأرمني عجيب في منع النوازل .
وأما تفاريق الأدوية فمثل دواء ديسقوريدس ومثل الزراوند المدحرج يسقى منه كل يوم نصف درهم مع الماء أو مثل سكبينج مع شراب والأبهل وجوز السرو وأيضاً الفاشرستين والناشر أربعة دوانيق ونصف بماء الأصول وأيضاً الخل المنقوع فيه بزر الأنجرة مراراً أو وزن درهمين بزر الحرف مقطّراً عليه دهن لوز حلو أو أصل الفوّة نصف وربع مع سكنجبين عنصلي فإن سكنجبين العنصل نافع جداً .
والعنصل المشوي نفسه خصوصاً مع عسل وزراوند مدحرج والفوتنجين والشيح والسوسن وكمافيطوس وجندبادستر .
وأيضاً مطبوخ قنطوريون والقنطوريون بصنفيه نافع لهم في حالين : الغليظ عند الحركة وفي الابتداء والرقيق عند السكون وفي الأواخر يتّخذ لعوقا بعسل .
وأيضاً علك الأنباط وحده أو مع قليل عاقرقرحا وبارزد وجاوشير قوي جداً من هذه العلّة إلا أنه مما يجب أن تتّقى غائلته العظيمة بالعصب .
ودواء الكبريت شديد النفع لهذا .
وأيضاً يؤخذ من الحرف والسمسم من كل واحد ثلاثة دراهم ومن الزوفا اليابس سبعة دراهم والشربة بقدر المشاهدة وأيضاً رئة الثعلب يابسة خمسة فوتنج جبلي أربعة بزر كرفس وساذج من كل واحد ثمانية حماما وفلفل من كل واحد أربعة بزر بنج اثنان ويؤخذ عصارة بصل العنصل بمثلها عسلاً ويعقد على فحم ويسقى منه بنطرون قبل الطعام ومثله بعده .
وأيضاً فوتنج وحاشا وإيرسا وفلفل وأنيسون يعجن بعسل ويستعمل قدر البندقة بكرةً وعشية .
وأيضاً فوتنج وحاشا وإيرسا وفلفل وأنيسون يعجن بعسل ويستعمل قدر البندقة بكرةً وعشية .
وأيضاً جعدة وشيح أرمني وكمافيطوس وجندبادستر وكندر وزوفا من كل واحد مثقال يخلط بعسل وهو شربتان .


أو بورق أربعة فلفل أبيض اثنان أنجدان ثلاثة أشقّ اثنان يعجن بميبختج .
والشربة منه قدر باقلاة بماء العسل .
أو جندبادستر وزراوند مدحرج وأشقّ من كل واحد درهمان فلفل عشر حبات تخلطه بربّ العنب .
والشربة مقدار باقلاة في السكنجبين .
وأيضاً فراسيون وقسط وميعة وحب صنوبر من كل واحد مثقال جعدة وجندبادستر من كل واحد مثقال فلفل أبيض وعصارة قثاء الحمار من كل واحد نصف يعجن بعسل والشربة منه قدر باقلاة بماء العسل المسخّن .
وأيضاً خردل وبورق من كلّ واحد جزآن وفوتنج نهري وعصارة قثاء الحمار من كل واحد جزء يعجن بخلّ العنصل .
والشربة منه مقدار كرسنّة بماء الشهد على الريق .
وأيضاً شيح وأفسنتين وسذاب معجوناً بعسل أو تطبخ هذه الأدوية بعسل أو يعقد السلاقة بالعسل .
والأول يسقى بالسكنجبين أو طبيخ الفوتنج باللبن وخصوصاً إذا كان هناك حرارة .
واعلم أن الراسن وماءه شديد النفع من هذه العلة .
ومن الأدوية القوية فيها : الزرنيخ بالراتينج يتّخذ منه حبّ للربو ويسقى الزرنيخ بماء العسل أو الكبريت بالنمبرشت .
ومن الأدوية الجيدة القريبة الاعتدال : الكمون بخلّ ممزوج وهو نافع جداً لنفس الانتصاب وأيضاً لعاب الخردل الأبيض بمثله عسل يطبخ لعوقاً ويستعمل وعند شدة الاختناق وضيق النفس يؤخذ من البورق أربعة دراهم مع درهمين من حرف مع خمس أواق ماء وعسلاً فإنه ينفع من ساعته وهو نافع من عرق النسا والأدهان التي تقطر على أشربتهم دهن اللوز الحلو والمرّ ودهن الصنوبر .
والمروخات فمثل دهن السوسن ودهن الغار يمزج به الصدر وكذلك دهن الشبث .
وأما التدخّن .
فبمثل الزرنيخ والكبريت يدخّن بهما شحم وأيضاً الميعة السائلة والبارزد والصبر الأسقوطري .
وأيضاً زرنيخ وزراوند طويل يسحقان ويعجنان بشحم البقر ويتخذ منه بنادق ويبخّر منه بدرهم عشرة أيام كل يوم ثلاث مرات .


وأما الكائن من الربو وضيق النفس بسبب أبخرة دخانية يستولي على القلب وعن أخلاط تكون في الشرايين فقد ينتفع فيهما بالفصد وأولاه من الجانب الأيسر .
وأما الكائن بسبب الريح فالقصد في علاجه أمران : أحدهما تحليل الريح برفق وذلك بالملطّفات المعلومة والثاني تفتيح السدد ليجد العاصي عن التحليل منها منفذاً .
ومما ينفع ذلك التمريخ أيضاً بدهن الناردين ودهن الغار ودهن السذاب .
ومن الأضمدة النافعة الشبث والبابونج والمرزنجوش مطبوخات يُكمّد بها الصدر والجنبان .
ومن المشروبات الشجرينا والأمروسيا وأيضاً السكبينج والجاوشير الشربة من أيهما كان مثقال .
وأما الكائن من الربو وضيق النفس بسبب النوازل فيجب أن يشتغل بعلاج منع النوازل وتفتيت ما اجتمع .
وأما المظنّون من ضيق النفس أنه بسبب الأعصاب وهو بالحقيقة ضرب من عسر النفس ومن سوء النفس ليس من باب ضيق النفس فقد ذكرنا علاجه في باب عسر النفس .
وأما الكائن عن النفس فينفع منه شِرب ألبان الأتن والمعز والعصارات والأدهان الباردة المرطبة ودهن اللوز في الإحساء الرطبة والشراب الرقيق المزاج وهجر المسخّنات بقوة والمحللات والمجففات مما عملت .
ويوافقهم الأطلية المرطّبة والمراهم والمروّخات الناعمة .
وأما ضيق النفس الكائن بسبب الحرارة ويوجد معه التهاب فيجب أن يستعمل فيها المراهم المبردة والقيروطات المبرّدة وهو بالحقيقة ضرب من سوء النفس لا ضيق النفس وشراب البنفسج وماء الشعير نافع فيه .
وأن الكائن عن البرد فالمسخنات المشروبة والمطلية وطبيخ الحلبة بالزيت نافع .
فصل في سائر أصناف سوء النفس
إن كان السبب في سوء التنفس حرارة القلب استعملت الأدوية المبردة مشروبة وطلاء وإن كان السبب كثرة البخارات التي في القلب نفسه أو التي تأتي الرئة من مواضع أخرى فافصد الباسليق واستعمل الاستفراغ بماء الجبن المتخذ بالكسنجبين مع أيارج فيقرا واستعمل دلك اليدين والرجلين .


وإن كان السبب رطوبة معتدلة إلا أنها سادة فاستعمل ما يجلو مثل حب الصنوبر والجوز والزبيب وينفع من سوء التنفّس الرطب سكّرجة من ماء الباذروج أو من ماء السذاب .
وإن كان السبب رطوبة غليظة فاستعمل المنقيات المذكورة القوية الجلاء كالعنصل والزوفا ونحوه .
ونرجع إلى ما قيل في باب الربو وما عدّ في الصدريات وإن كانت الأبخرة والرطربات تأتي من مواضع أخرى عولج الدماغ منها بعلاج النزلة وتنقية الرأس إلا أن تكون النزلة من ضعف جوهر الدماغ فلا علاج له وعولج ما يأتي من مواضع أخرى بعد الفصد والاستفراغ وتقبل على تقوية الصدر بمثل الزراوند والأسقورديون والاسطوخودس والديافود الساذج والمقوى نافعان جداً في تقوية الرأس .
وإن كان بسبب الأعصاب فاستعمل ما يقوّيها ويقوّي الروح مثل الأدهان العطرية .
وإن كان الورم في المريء أو سوء مزاج عولج ذلك بما قيل في بابه .
وإن كان بمشاركة المعدة نقّيت المعدة وقوّيت بما نذكره في بابه .
وإن كان من برد فاستعمل مثل الشجرينا والأمروسيا والأنقرديا .
وإن كان من يبس فاستعمل مثل الفانيذ باللبن الحليب وما قيل في أبواب أخرى .
وإن كان من رياح استعملت الكمّادات المذكورة في باب الربو والضمّادات وغيرها .
واعلم أن الزعفران من جملة الأدوية النافعة من سوء التنفس وعسره لتقويته آلات التنفّس وتسهيله للنفس حسبما ينبغي .
فصل في عسر النفس من هذه الجملة ومعالجاته
إن كان ذلك من رطوبة فان جالينوس يأمر بدواء العنصل المعجون بالعسل في كل شهر مرتين والشربة ستة وثلاثون قيراطاً واليوم الذي يأخذ فيه لا يتكلّم ولا يتحرك قبل ذلك اليوم بيومين وفي الساعة السابعة يتناول الخبز بالشراب الممزوج وبالعشي صفرة البيض مع لب الخبز ومن الغد فروجاً صغيراً يتخذ منه مرقاً ويستحم من عشية الغد .


فإن لم يزل بهذا استعمل معجون البسذ ودواء أندروماخس خصوصاً إذا تطاولت العلة . وإن كان السبب من الرأس استعمل غسل الرأس كل أسبوع مرتين بصابون وبورق ويستكثر من المعطسات ويتغرغر برب التوث مع الصبر والمر يستعمل رياضة التمريخ على الظهر ويستعمل ربط الساق مبتدئاً من فوق إلى أسفل ويستعمل المنقيات المذكورة وحباً بهذه الصفة وهو أن يؤخذ شيح وقضبان السذاب وحشيش الأفسنتين يحبّب كل يوم حبتين كالحمص وبعد السكنجبين وخصوصاً العنصلي .
وأيضاً يؤخذ جندبادستر وشيح من كل واحد جزء أفسنتين وكمون من كل واحد نصف جزء ويحبّب كالحمص .
ولعوق الكرنب جيد لهم .
وأيضاً يؤخذ كلس العلق الذي تحت الجرار إذا أحرق في كوز خزف حتى يترمد ويخلط بعسل ويستعمل منه كل يوم ملعقة .
وهذه الوجوه كلها تنفع إذا كان السبب عصبياً .
وأما إن كان من حرارة فهذا القرص نافع جداً وهو أن يؤخذ ورد ستبة أصل السوسن أربعة عشرة أمير بارس اثنان لك وراوند مصطكى وصمغ وكثيراء ورب سوس وبزر الخبازي من كل واحد درهم عصارة الغافت وعصارة الأفسنتين والسنبل الأنيسون وبزر الرازيانج من كل واحد ثلاثة دراهم زعفران نصف درهم بزر الخيار والقثاء والقرع والبطيخ من كل واحد درهم ويجب أن يستعمل الاستفراغ بما يخرج الأخلاط الحارة .
وأما إن كان بسبب ضعف منابت العصب أو آفة فيجب أن يعالج بما يقوي الروح الذي في العصب والأدهان الحارة العطرة مثل دهن النرجس والسوسن والرازقي والأدهان المتخذة بالأفاويه والقيروطيات المتخذة من تلك الأدهان ودهن الزعفران .
والزعفران نفسه غاية في المنفعة . وإن كان السبب ضربة أصابت منابت تلك لأعصاب عالجت بما ينبغي من موانع الورم .
المقالة الثانية الصوت


الصوت فاعله العضل التي عند الحنجرة بتقدير الفتح ويدفع الهواء المخرج وقرعه وآلته الحنجرة والجسم الشبيه بلسان المزمار وهي الآلة الأولى الحقيقية وسائر الآلات بواعث ومعينات وباعث مادته الحجاب وعضل الصدر ومؤدّي مادته الرئة ومادته الهواء الذي يموج عند الحنجرة .
وإذا كان كذلك فالآفة تعرض له أما من الأسباب الفاعلة وأما بسبب الباعث للمادة .
وآفته إما بطلان وإما نقصان وإما تغيّر بحوحة أو حدّة أو ثقل أو خشونة أو ارتعاش أو غير ذلك . وكل واحد من هذه الأسباب إنما يعتلّ إما لسوء مزاج مفرد أو مع مادة وخصوصاً من نزلة تعرض للحنجرة أو لما يعرض لها من انحلال فرد أو انقطاع أو ورم أو وجع أو ضربة أو سقطة .
وقد تكون الآفة فيه نفسه وقد تكون بشركة المبدأ القريب من الأعصاب التي تتشظى إلى تلك العضل ومباديها أو البعيد كالدماغ وقد تكون بشركة العضو المجاور من أعضاء الغذاء أو أعضاء النفس أو المحيط بهما من البطن والصدر والمتصل بهما من خرزة الفقار أو من الحنك فإن تغيره إلى رطوبة أو إلى يبوسة وخشونة قد تغيّر الصوت .
ومن هذا القبيل قطع اللهاة واللوزتين فإن صاحبها إذا صوت أحسّ كالدغدغة القوية الملجئة إلى التنحنح وربما انسدت حلوقهم عند كل صياح .
وأما من جهة المؤدّي فإن الصوت يتغير بشدة حر الرئة أو بردها أو رطوبتها وسيلان القيح إليها من الأورام أو سيلان النوازل إليها أو يبوستها .
فالحرارة تعظم الصوت والبرودة تخدره وتصغّره واليبوسة تخشنه وتشبهه بأصواب الكراكي والرطوبة تبحّه والملاسة تعدّل الصوت وتملّسه .
وإذا امتلأت الرئة رطوبة ولم تكن القصبة نقية لم يمكن الإنسان أن يصوت صوتاً عالياً ولا صافياً لأن ذلك بقدر صفاء الرئة والحنجرة وضد صفائها .


وقد يختلف الصوت في ثقله وخفته بحسب سعة قصبة الرئة وضيقها وسعة الحنجرة وضيقها وإذا اشتدت الآفات المذكورة في الأعضاء الباعثة والمؤدية بطل الصوت ولم يجب أن يبطل الكلام فإن الكلام قد يتم بالنفس المعتدل كرجل كان أصاب عصبه الراجع عند الحاجة إلى كشفه بالحديد برد فذهب صوته والآخر عولج في خنازير فانقطعت إحدى العصبتين الراجعتين فانقطع نصف صوته .
وإذا كانت الآفة بالعضل المثنية صار الصوت أبح وإذا كانت بالعضل المحرّكة الباسطة كان الصوت خناقياً بل ربما حدث منه خناق وإذا كانت بالعضل المحرّكة القابضة صار الصوت نفخياً وإذا بطل فعلها بطل الصوت وإذا حدث فيها استرخاء غير تام وحالة شبيهة بالرعشة ارتعش الصوت وإذا لم تبلغ الرطوبة أن ترخي أبحت الصوت فالبحّة إذا عرضت تعرض عن رطوبة ولو كثرت قليلاً أرعشت ولو كثرت كثيراً أبطلت .
وقد يبح الصوت لسعة آلات التصويت فيحدث بها إعياء أو تورّم وتوتّر .
وأردؤه ما كان على الطعام وقد يبح للبرد الخشن وللحر المفرط بما ييبسان المزاج وكذلك السهر والأغذية المخشنة ويبح لكثرة الصياح وتجلب بلة بسببها إلى الطبقة المغشية للحلق والحنجرة .
والبحوحة التي تعرض للمشايخ لا تبرأ وإذا كان الصيف شمالياً يابساً .
وخريفه جنوبي مطير فإن البحوحة تكثر فيه .
والدوالي إذا ظهرت كانت كثيراً من أسباب صلاح الصوت .
واعلم أن الناقهين والضعاف والمتخاشعين المتشبهين بالضعفاء لقلّة قوتهم كأنهم يعجزون عن التصريف في هواء كثير فيضيقون الحنجرة حتى يحتد صوتهم وإذا اجتهد الضعيف أن يوسع حنجرته ويثقل صوته لم يسمع البتة .
علاج انقطاع الصوت : إن كان لسوء مزاج في بعض العضل أو آفة عولج بما يجب في بابه مما علمته ومن أحس بابتداء انقطاع الصوت وجب أن يبادر بالعلاج قبل أن يقوى فيأخذ من صفرة بيضة مسلوقة وسمسماً مقشراً ولبناً حليباً من كل واحد ملعقة ويسقى بالماء كل يوم ثلاثة أيام .


ويجب أن يتحسى ما ينطبخ في باطن الرمانة الأمليسية الحلوة المطبوخة المدفونة في رماد حار وتؤخذ عنه إذا لانت ويقلع أعلاها ويصبّ ما فيها بالمخوض ويصب فيه قليل ماء السكر ويشرب .
وإن كانت من رطوبة في العضل القريبة من الحنجرة أو الحنجرة بالغت في الإرخاء ولا يكون هناك وجع ويكون كدورة وثقل فيجب أن يؤخذ تين يابس وفوتنج ويطبخان ثم يخلط الصمغ العربي المسحوق بسلاقتهما حتى يصير كالعسل ويلعق أو يؤخذ مرّ وزعفران بعقيد العنب أو يؤخذ زعفران ثلاثة دراهم ونصف ربّ السوس وكُندر من كل واحد درهم يجمع برب العنب أو بعسل ويعقد أو يؤخذ من الزعفران واحد ومن الحلتيت نصف ومن العسل ثلاثة يطبخ حتى ينعقد ويحبّب ويمسك تحت اللسان .
ولعوق الكرنب نافع لهم أيضاً .
ومضغ قضبان الكرنب الرطب وتجرعّ مائه قليلاً قليلاً نافع .
وإذا لم ينجع لعوق الكرنب جعل عليه قليل حلتيت ودقيق الكرسنة والحلبة والكراث الشامي والنبطي والبصل وعصارته والثوم والفستق والعنب الحلو الشتوي نافعة .
وأيضاً يؤخذ الزنجبيل المربى باللبن البالغ في التربية ويدق حتى يصير مثل المح ويلقى عليه نصفه دار فلفل مسحوقاً كالكحل وربعه زعفران كذلك ومثل الجميع نشاء ويسحق ويعجن بالطبرزد المحلول المقوم أو بالعسل وهو منقّ جداً .
ومن الأغذية ما يقوي الجنين مثل الأكارع خصوصاً أكارع البقر يأكل منها العصب فقط وخصوصاً بعسل أو مطبوخة بالعسل وإن كان من يبس وخصوصاً بمشاركة المري وعلامته أن لا يكون مع البحّة عظم بل صغر وحده وصفاء ما ويكون مع خشونة ووجع فيجب أن يؤخذ عند النوم ملعقة من دهن بنفسج طري مذاب بالسكّر الطبرزد وينفعه لعاب بزرقطونا بماء سكّر كثير والأغذية المرطّبة الملينة ومرق الدجاج إسفيذباجات ومرق البقول المعلومة والتين نافع لانقطاع الصوت كان من رطوبة أو يبوسة ودواء التين المتّخذ بالفوتنج والاستلقاء نافع لضعف الصوت وبحّته .


قد علمت أسباب البحة فاعلم أن من بُحَّ صوته فيجب أن يجتنب كل حامض مالح خشن وحاد حريف إلا أن يريد بذلك العلاج والتقطيع فيستعملها مخلوطة بأدوية ليّنة فإن عرضت البحة من كثرة الصياح أخذ التين والنعنع والصبر أجزاء سواء ويعجن بالميبختج ويتحسّى من لباب القمح وكشك الشعير ودهن اللوز والزعفران ويستعمل طلاء العنب . وينفعه ما قيل في انقطاع الصوت خصوصاً دواء الحلتيت بالزعفران وإن كان هناك حرارة فرق السرمق والخيار وماء الشعير وحبّ القثاء واللوز والنشاء .
وإن كان السبب برداً انتفع أيضاً بدواء الحلتيت والزعفران المذكور وأن يأخذ من الخردل المقلو ثلاثة دراهم ومن الفلفل واحداً ومن الكرسنة ومن اللبني والقنّة من كل واحد أربعة دراهم ويتخذ منه حباً ويمسكه تحت اللسان أو يأخذ من المرّ وزن درهمين ومن اللبان عشرة وتجمع بطلاء .
وإن كان من صياح وتعب انتفع بالحمام انتفاع سائر أصناف الأعياء وتنفعهم الأغذية المرخّية والمغرية كاللبن وصفرة البيض النيمبرشت بلا ملح والأطرية والاحساء المعروفة ومرق السرمق والخبازى وما أشبهه والحبوب المتخذة من النشاء والكثيراء وربّ السوس والصمغ والحبوب اللّينة المنضجة فإنه إن كان كالورم تحلل بها .
وكذلك الغراغر واللعوقات اللّينة من جملة ما يعالج به الخوانيق الحارة .
وكذلك الاحساء التي تجمع إلى التغرية جلاء بلا لذع مثل المتخذ من دقيق الباقلا وبزر الكتّان .
وأقوى من ذلك صمغ البطم ويجب لصاحب هذه البحة أن يهجر الشراب أصلاً وخصوصاً في الابتداء .
وإذا كان ورم : فإذا تقادم شرب الشراب الحلو . والفجل المطبوخ والمري ينفعهم .
وإن كان من رطوبة فلا بدّ من الجوالي المذكورة في انقطاع الصوت .
وجميع تلك الأدوية تنفعه والأحساء المتخذة من دقيق الباقلاء وفيها دقيق الكرسنّة نافعة في هذا الباب .


ودقيق الكرسنّة نافع والأشياء التي في الدرجة الأولى من الجلاء وكذلك الأطرية واللبن ثم السمن وعقيد العنب وأصل السوس وربّه ثم الباقلا بالعسل وطبيخ التين ثم المرّ والعنصل وما يجري مجراها وإن كانت هذه البحوحة الرطبة من النوازل أعطى صاحبها الخشخاش وربّه ومما يصفّي الصوت الخشن والكدر مضغ الكبابة . ومن الأدوية المزيلة للبحوحة ماء رمان حلو مغلي ثم يقطر عليه دهن البنفسج ويقوّم .
كلام في الأدوية الحافظة لملاسة الصوت المخشنة له : هي الباقلا وحبّ الصنوبر والزبيب والتين والصمغ والحلبة وبزر الكتّان والتمر وأصل السوس واللوز وخصوصاً المرّ وقصب السكر والسبستان وشراب العسل بالميبختج المذكور بعد . ومن الأدوية الحارة المرّ والحلتيت والفلفل والبارزد واللبان وعلك البطم والفوتنج واللبني والراتينج وخل العنصل إذا لم يكن من حرارة ويبس وأصول الجاوشير .
ومن الأدوية الباردة حبّ القثاء والقرع والنشاء والكثيراء والصمغ ولعاب بزرقطونا والجلاب وربّ السوس . وصفرة البيض من أصلح المواد لتركيب سائر الأدوية بها وكذلك اللبن الحليب .


القانون
القانون
( 36 من 70 )

فصل في الصوت الخشن وعلاجه
تعرض خشونة الصوت من البرد من توتّر عضل الصوت ومن حالة كالتشنّج تعرض فيها ومن جفاف رطوبة فيها من كثرة الترنّم ومن قطع اللهاة ومن الجماع والسهر .
وعلاجه الحمية من الأسباب التي ذكرناها مرة وترك الترنم وتناول المليّنات المذكورة في باب البحوحة والتين الرطب واليابس والزبيب وخصوصاً المنقع في دهن اللوز فنفعه عظيم والذين يعرض لهم ذلك من قطع اللهاة فالصواب لهم أن يطبخ عقيد العنب بمثله عسلاً طبخاً بقدر ما ينزع به الرغوة ثم يمزج بماء حار ويتغرغر به ويسقى صاحبه منه وعتيقه أنفع من طريه .
فصل في الصوت القصير
وسبب قصر الصوت قصر النفس ويجب أن يتدرّج في تطويل النفس بأن يعتاد حصر النفس ويتدرج في الرياضة والصعود والهبوط في الروابي والدرج والإحصار المحوج إلى التنفس ليتدرج إلى تطويل النفس كتطويل المكث أيضاً في الحمّام الحار وفي كل ما يستدعي النفس وتعجيله وليحبس نفسه ويفعل ذلك كله ويرتاض ويستحمّ وبعد الخروج من الحمّام يجب أن يشرب الشراب فإن الشراب أغذى للروح وكذلك بعد الطعام وليكن كثيراً بنفس واحد والنوم نافع لهم .
فصل في الصوت الغليظ
قد يعرض من أسباب البحّة المرخّية الموسّعة للمجاري ويعرض من كثرة الصياح .
وعلاجه أصعب وقد يعرض لمن يزاول النفخ الكثير في المزامير وفي البوقات خاصة لما يعرض من تقطيع نفسهم واحتباسه في الرئة فتتوسع المجاري .
فصل في الصوت الدقيق
هذا ضدّ الكدر وأسبابه ضدّ ذلك من السهر والإعياء والترنم وخصوصاً بعد الطعام والرياضة المتعبة والاستفراغات .
وعلاجه أن يودع الصوت ويلزم الرياضة المعتدلة المخصبة والأغذية المعتدلة ودخول الحمّام كل بكرة ويهجر القوابض والمجفّفات والمياه .
فصل في الصوت المظلم الكدر


هو الذي يشبه صوت الرصاص إذا صكّ بعضه ببعض وسببه رطوبة غليظة جداً وتنفع منه الرياضة والمصارعة وحصر النفس والتدلّك اليابس بخرق الكتان ودخول الحمام واستعمال فصل في الصوت المرتعش
يؤمر صاحبه أن لا يصيح ولا يرفع صوته مدة شهر ويقل كلامه ما أمكن وضحكه والحركة والعدو والصعود والهبوط والغضب ويودع اليدين ويريحهما ما أمكن ثم ليستلق وليتكلّف الكلام وقد أثقل صدره بمثل الرصاص وضعاً فوق صدره بقدر ما يحتمل .
وأفضل الأغذية له ما يقوّي جنبه وهي العضل والأكارع وما فيه تغرية وقبض .
المقالة الثالثة السعال ونفث الدم
فصل في السعال
السعال من الحركات التي تدفع بها الطبيعة أذى عن عضوٍ ما وهذا العضو في السعال هو الرئة والأعضاء التي تتصل بها الرئة أو فيما يشاركها .
والسعال للصدر كالعطاس للدماغ ويتم بانبساط الصدر وانقباضه وحركة الحجاب .
وهو إما لسبب خاص بالرئة وإما على سبيل المشاركة .
والسبب الموجب للسعال إما باد وإما واصل وإما سابق .
فأسباب السعال البادية شيء من الأسباب البادية تجعل أعضاء الصدر مؤفة في مزاجها أو هيئتها مثل برد يصيب الرئة والعضلات في الصدر أو غير ذلك فتتحرك الطبيعة إلى دفع المؤذي أو لشيء من هذه الأسباب البادية يأتيها فيشجنها أو شيء ميبس أو مخشن مثل غبار أو دخان أو طعم غذاء حامض أو عفص أو حريف أو شيء غريب يقع في المجرى التي لا تقبل غير النفس كما يعرض من السعال بسبب سقوط شيء من الطعام أو الشراب في تلك المجرى لغفلة أو اشتغال بكلام .
وأما أسباب السعال الواصلة فمثل ما يعرض من الأسباب البدنية المسخّنة للمزاج أو المبردة أو المرطّبة أو المجففة بغير مادة أو بمادة دموية أو صفراوية أو بلغمية رقيقة أو غليظة أو سوداوية .
وذلك في الأقل .


فإن كانت تلك المادة منصبة من فوق فإنها ما دامت تنزلق على القصبة كما ينزل الشيء على الحائط لم تهيج كثير سعال فإذا أرادت أن تنصب في فضاء القصبة هاج سعال وكذلك إذا لذعت وكذلك إذا استقرت في الرئة فأرادت الطبيعة أن تدافعها أو كانت مندفعة من المعدة أو الكبد أو من بعض أعضاء الصدر إلى بعضها ومتولّدة فيها .
وقد تكون بسبب انحلال الفرد وبسبب الأورام والسدد في الحجاب أو في الرئة أو الحلقوم وجميع المواضع القابلة لهذه المواد والآفات من الرئة والحجاب الحاجز وحجاب ما بين القلب والرئة .
وأما الأسباب السابقة فالامتلاء وتقدّم أسباب بدنية للأسباب الواصلة المذكورة .
وأما السعال الكائن بالمشاركة فمثل الذي يكون بمشاركة البدن كله في الحمّيات خصوصاً مع حمّى محرقة أو حمّى يوم تعبية ونحوها أو وبائية أو بمشاركة البدن بغير حمى .
والسعال منه يابس ومنه رطب .
واليابس هو الذي لا نفث معه ويكون إما لسوء مزاج حار أو بارد أو يابس مفرد .
وقد يكون في ابتداء حدوث الأورام الحارة في نواحي الصدر إلى أن ينضج وقد يكون مع الورم الصلب سعال يابس جداً وقد يكون لأورام الكبد في نواحي المعاليق وفي الأحيان لأورام الطحال وقد يكون لمدة تملأ فضاء الصدر فلا تندفع إلا بالسعال .
واعلم أنه ربما خرج من السعال شيء حجري مثل حمص أو برد .
وسببه خلط غليظ تحجره فيه الحرارة وقد شهد به الاسكندر وشهد به فولس وذكر أنه خرج من هذا الصنف في النفث ونحن أيضاً قد شاهدنا ذلك .
والسعال الملح كثيراً ما يؤدي إلى نفث الدم وقد يكثر السعال في الشتاء وفي الربيع الشتوي وربما كثر في الربيع المعتدل ويكثر عند هبوب الشمال وإذا كان الصيف شمالياً قليل المطر وكان الخريف جنوبياً مطيراً كثُر السعال في الشتاء .


العلامات : أما علامة السعال البارد فتبريده مع البرد ونقصانه مع نقصان البرد ومع الحرّ ورصاصية الوجه وقلة العطش وربما كان مع البارد نزلة فيحسّ نزول شيء إلى الصدر وامتداده في الحلق ويقلّ مع جذب المادة إلى الأنف وتلقى ما ينزل إلى الحلق بالتنحنح ويرى علامات النزلة من دغدغة في مجاري النزلة وتمدّد فيما يلي الجبهة وممدّة في المنخرين وغير ذلك وأن لا ينفث في أول الأمر ثم ينفث شيئاً بلغمياً نيئاً ثم إلى صفرة وخضرة وربما كان مع ذلك حمّى .
وعلامة الحار التهاب عطس وسكونه بالهواء البارد أكثر من سكونه بالماء وحمرة وجه وعظم نبض .
وعلامات الرطب رطوبة جوهر الرئة وعروضه للمشايخ والمرطوبين وكثرة الخرخرة وخصوصاً في النوم وبعده .
وعلامة اليابس ازدياده مع الحركة والجوع وخفّته عند السكون والشبع والاستحمام وشرب المرطّبات .
وعلامة الساذج في جميع ذلك أن لا يكون نفث البتة وعلامة الذي مع المادة النفث ويدل على جنس المادة جنس النفث وعلامة ما يكون عن الأورام ونحوها وجود علامات ذات الجنب وذات الرئة الحارين والباردين وغير ذلك مما نذكره في بابه .
وعلامة ما يكون من التقيح علامات التقيّح التي نذكرها ووجع ويبس وكثيراً ما يكون رطباً .
وعلامة ما يكون من القروح علامات ذكرت في باب قروح الرئة من نفث حشكريشة أو قيح أو طائفة من جرم الرئة وحلق القصبة وكونه بعد نوازل أكالة وبعد نفث الدم والأورام .
وأكثر اليابس يكون إذا كان هناك مادة لضعف الدافعة للنقاء كما تعلم في بابه .


وعلامة ما يكون بالمشاركة إما مشاركة المعدة فيما يعرف من دلائل أمراض المعدة ويزيد السعال مع تزيد الحال الموجبة له في المعدة كان امتلاء أو خلاء وبحسب الأغذية وأكثر ذلك يهيج عند الامتلاء وعند الهضم والكائن بمشاركة الكبد فيعلم بعلامات الكبد وإذا كان الورم حاراً لم يكن بد من حمى فإن لم يكن حاراً لم يكن بدّ من ثقل ثم تأمل سائر الدلائل التي تعلمها واعلم أن الأشياء الحارة ترق المادة فلا تتفث والباردة كشراب الخشخاش والحريرة تجمع المادة إلى انتفاث إلا أنها إذا أفرطت أجمدت .
وشراب الزوفا إنما يصلح إذا أريد جلاء المسعل الغليظ فنعم الجالي هو .
وأما الرقيق فلا وإذا لم يكن هناك نفث لا رقيق ولا غليظ فالعلة خشونة الصدر والعلاج اللعوقات .
وقد يعرض للمحموم سعال فإن لم يسكن السعال رجعت الحمّى إلى الابتداء .
والقوابض جداً تضيّق مجاري النفث وماء الشعير نعم الجامع لنفث وإذا احتبس النفث وحُم الرجل فقد عفنت المادة وأوقعت في حمّى عفونة أو دقّ .
أما علاج المزاج البارد فهو أنه إن كان خفيف المبلغ وكان من سبب بادٍ خارجي أصلحه حصر النفس فإنه يسخّن الرئة بسهولة في الحال فإن احتيج إلى علاج أقوى لهذا ولغيره من المزاج البارد فمن علاجه أن يمسك تحت اللسان بندقة من مر أو ميعة متخذة بعسل وأن يتناول من دردي القطران ملعقة أو من علك البطم مع عسل أو يشرب دهن البلسان مع سكبينج إلى مثقال وكذلك الكبريت بالنيمبرشت ولعوقات اللعاب الحارة والكرسنة بالعسل وماء الرمان الحلو مفتَّراً ملقى عليه عسل أو فانيذ .
ويستعمل في المروخات على الصدر مثل دهن السوسن ودهن النرجس بشمع أحمر وكثيراء .
وينفع الجلنجبين العسلي بماء التين والزبيب وأصل السوس والبرشاوشان ودهن لوز مع مثقال قوفي مدوفاً فيه .
وينفع طبيخ الزوفاء بالزوفا والأسارون مع تين وغير ذلك .
وأغذيتهم الأحساء الحنطية بالحلبة والسمن والتين والتمر وأصول الكرّاث الشامي .


ومن الأدهان دهن الفستق وحبّ صنوبر .
والأطرية بالفانيذ نافع لهم .
وأما اللحوم فلحوم الفراريج والديوك والاسفيذباجات بها ولحوم الحوليات من الضأن والتنقل والفستق وحب الصنوبر والزبيب مع الحلبة وقصب السكر والتين والمشمش والموز .
وأكل التين اليابس مع الجوز واللوز يقطع المزمن منه .
والشراب الرقيق الريحاني العتيق وأما علاج السعال الحار فبالملطفات المعروفة من العصارات والأدهان أطلية ومروخات .
والجلاب أيضاً نافع لهم وسقي الدياقود الساذج بكرة وعشية على النسخة التي نذكرها وكذلك لعوق الخشخاش جيد ونسخته : يؤخذ خمسة عشر خشخاشة ليست طرية جداً ويُنقع في قسط من ماء العين أو ماء المطر وهو أفضل يوماً وليلة ثم يهرى بالطبخ ويصفّى ويُلقى عليه على كل جزء من المصفى نصف جزء عسلاً أو سكراً ويقوّم لعوقاً والشربة ملعقة بالعشى .
ومما ينفع هؤلاء ماء الشعير بالسبستان وشراب البنفسج والبنفسج المربى وطبيخ الزوفاء البارد وخصوصاً إذا نضج أو في آخره وماء الرمان المقوّم يلقى عليه السكر الطبرزذ وقصب السكر أيضاً ولعوقاتهم من لعاب بزرقطونا وحب السفرجل والنشاء والصمغ العربي والحبوب واللبوب التي نذكرها في باب حبوب السعال وربما جعل فيها مخدّرات .
وأغذيتهم من البقول الباردة ولبوب مثل القثاء والقرع والخيار بدهن اللوز والباقلا المرضوض المهري بالطبخ بدهن اللوز ودهن القرع وماء الشعير والأحساء المتخذة من الشعير والباقلا والبقول والنشاء وماء النخالة .


فإن كانت الطبيعة إلى الانحلال فسويق الشعير بالسكّر والأطرية وإن اشتدّ الأمر فماء الشعير نسخة دياقودا بارد : يؤخذ الخشخاش الرطب بقشوره ويهرى طبخاً في الماء ويصفى ويُلقى عليه سكر ويقوم تقويم الجلاب وإن لم يكن الرطب نقع بزره اليابس مدقوقاً في الماء يوماً وليلةً ثم يطبخ فإن احتيج إلى ما هو أقوى جمع معه القشر وخصوصاً من الأسود وإن اشتد الأمر جعل معه شيء يسير من بزر البنج ديف فيه قليل أفيون .
وأما علاج المزاج الرطب والرطوبة في نفس الرئة فبالمجففات اليابسة مخلوطة بالجالية .
ومن ذلك تركيب على هذه الصفة طين أرمني وكثيراء وصمغ عربي من كل واحد جزء فوذنج وزوفاء وحاشا ودارصيني وبرشاوشان من كل واحد نصف جزء ويعجن ويستعمل .
وأما علاج المزاج اليابس فلا يخلو إما أن يكون حمى أو لا يكون فإن لم يكن حمّى فأوفق الأشياء استعمال ألبان الأتن والماعز وغيرها مع سائر التدبير .
وإن كان حمّى فاستعمال سائر المرطّبات المشروبة واستعمال القيروطات المبرّدة المعروفة واستعمال ماء الشعير وترطيب الغذاء دائماً بالأدهان وتحسّي الأحساء اللوزية المرطبة .
وإن كان مزاج مركّب فركب التدبير وإن كان هناك مادة رقيقة فأنضجها بالدياقودات الساذجة واللعوقات الخشخاشية واللعابية التي ذكرناها في القراباذين .
فإن كانت غليظة حلّلتها وجلوتها على الشرط المذكور فيما سلف من أن لا يسخن إلا باعتدال بل تجتهد في أن تليّن وتقطع وتزلق واستعمل المقيئات المذكورة ومما هو أخص بهذا الموضع علك الأنباط بالعسل أو قرطم بالعسل أو سعد بمثله عسلاً أو ربّ السوس وكثيراء أو قنّة ولوز حلو سواء .
والصبر قد يمسك في الفم مع العسل فينفع جداً .
أو يأخذ ثلاث بيضات صحاح وضعفها عسلاً ونصفها سمناً يؤخذ من الفلفل أربعون حبة تسحق وتعجن بذلك وتعقد من غير إنضاج .


وأيضاً يؤخذ سبعة أرؤس كرّاث شامي وتطبخ في ثلاثة أرطال ماء حتى يبقى الثلث ويصفّى ويُخلط بالباقي عصارة قشره وعسل ويطبخ .
وأيضاً يؤخذ ورد رطب ثمانية وحبّ الصنوبر واحد صمغ البطم واحد زبيب أربعة عسل صنوبر وبزر الأنجرة من كل واحد أوقية بزر كتان وفلفل من كل واحد ثلاث أواق تُعجن بعسل وتستعمل .
أو يؤخذ تمر لحيم خمسة أجزاء سوسن ثمانية أجزاء زعفران وفلفل من كل واحد جزآن كرسنّة عشرين جزءاً وتعجن بعسل منزوع الرغوة .
أو يؤخذ من الزعفران ومن سنبل الطيب ومن الفلفل من كل واحد جزء فراسيون وزوفا من كل واحد ثلاثة أجزاء مرّ وسوسن من كل واحد جزآن تعجن بعسل مصفّى ويُسقى للمزمن القطران بالعسل لعقا أو القسط الهندي بماء الشبث المطبوخ قدر سكرجة مع ملعقة خلّ .
وأيضاً بزر كتان مقلو بعسل وحده أو مع فلفل لكل عشرة واحد أو فوذنج .
وأيضاً يلعق عسل اللبني مع عسل النحل والجاوشير أيضاً .
والخردل واللوز المرّ وأيضاً المثروديطوس .
والصبيان يكفيهم الحبق المطبوخ بلبن امرأة حتى يكون في قوام العسل أو بماء الرازيانج الرطب وإن كان السبب فيها نزلة عولجت النزلة وإن احتيج في منعها إلى استعمال ضماد التين فاستعمل على الرأس وامسك تحت اللسان كل وقت وفي الليل خاصة حبّ النشاء ويغرغر بالقوابض التي لا طعم حامض ولا طعم عفص لها والدياقودا الساذج إن كانت حارة أو مع المر والزعفران وغيره إن كانت باردة .
وأما الكائن عن الأورام والقروح في الرئة والصدر فليرجع في علاجها إلى ما نذكره في باب ذات الرئة وذات الكبد والسلّ وقد يُتخذ للسعال حبوب تمسك في الفم فمنها حبوب للسعال الحار من ذلك حبّ السعال المعروف ومن ذلك حبوب تؤلف من ربّ سوس وصمغ وكثيراء والنشاء ولعاب بزرقطونا وحبّ السفرجل ولبّ الحبوب حبّ القثاء والقرع والقثد والخبازي ومن الطباشير وحبّ الخشخاش ونحو ذلك .
وقد يتخذ بهذه الصفة نشاء وكثيراء ورب سوس يحبّب بعصارة الخسّ .


ومن ذلك حبوب للسعال البارد تتخذ من ربّ السوس والتمر الهندي المنقّى ولباب القمح والزعفران وكثيراء وحبّ الصنوبر وحبّ القطن وحبّ الآس وبزر الخشخاش وقشره والأنيسون والشبث والمرّ والزعفران والفانيذ .
ومن ذلك حبوب يزاد فيها التخدير والتنويم ويكون العمدة فيها المخدّرات وتخلط بها أدوية بادزهرية حارة .
فمن الحبوب المجرّبة لذلك - وهو يسكن السعال العتيق المؤذي حبّ الميعة المعروف وأيضاً يؤخذ - ميعة وجندبادستر وأسارون وأفيون سواء يتخذ منه حبّات ويمسك في الفم .
وأيضاً بزر بنج شبّ وحبّ صنوبر ثلاث وزعفران واحد بميبختج ويُحبب .
وأيضاً ميعة ومرّ وأفيون من كلّ واحد نصف أوقية دهن البلسان وزعفران من كلّ واحد درخميان يحبّب كالكرسنّة .
وقد يستعمل في السعال العتيق الرطب الدخن المذكورة في باب الربو وإذا كانت الرطوبة إلى قدر استعمل بخور من زرنيخ أحمر وخرء الأرنب ودقيق الشعير وقشر الفستق معجوناً بصفرة البيض مقرّضاً كل قرص منه درهماً مجفّفهّ في الشمس ويدخّن به ثلاث مرات وأيضاً زراوند ومرّ وميعة وباذاورد بالسويّة وزرنيخ مثل الجميع يعجن بسمن البقر وببندق ويُتَبخّر بواحدة .
وأما السعال الكائن في الحمّيات فقد أفرد له تدبير عند أعراض الحمّيات .
فصل في نفث الدم
الدم قد يخرج ثفلاً فيكون من أجزاء الفم وقد يخرج تنخّماً فيكون من ناحية الحلق وقد يخرج تنحنحاً فيكون من القصبة وقد يخرج قيئاً فيكون من المريء وفم المعدة أو من المعدة ومن الكبد وقد يخرج سعالاً فيكون من نواحي الصدر والرئة والذي من الصدر ليس فيه من الخوف أما في الذي من الرئة فإن الذي من الصدر يبرأ سريعاً وإن لم يبرأ لم يكن له غائلة قروح الرئة وكثيراً ما يصير قروحاً ناصورية يعاود كل وقت بنفث الدم .
والأسباب القريبة لجميع ذلك جراحة لسبب باد من ضربة أو سقطة على الصدر أو على الكبد والحجاب أو شيء قاطع أو سعال ملحّ أو صياح أو تحديد صوت بلا تدريج أو ضجر .


ولهذا يكثر بالمجانين وبالذين يضجرون من كل شيء وقد ينتفث من القيء العنيف خصوصاً في المستعدّين .
وقد ينتفث عن تناول مسهّلات حادة وأغذية حادّة كالثوم والبصل أو خوف أو غمّ محدّ للدم أو نوم على غير وطاء أو علقة لصقت بالحلق داخله أو سبب واصل وهو إما في العروق أو في غيرها .
والذي في العروق إما انقطاع وإما انصداع وإما انفتاح وسعة من حدّة أو استرخاء وإما تأكل لحدّة خلط وإما لسخافة راسخة .
وكثيراً ما تتسع المنافذ من أجزاء القصبة والشرايين فوق الذي في الطبع فيرشح الدم إلى القصبة .
والذي في غير العروق إما جراحة وإما قرحة وقد يكون عن ورم دموي في الرئة يرشح منه الدم ومثل هذه الأسباب إلا العلقة ولهذه الأسباب الواصلة أسباب أقدم منها وهي إما لكثرة المادة وذلك إما لكثرة الأغذية وترك الرياضة وإما لأنها فاضلة عن أعداد الطبيعة كما يعرض مما أنبأنا عنه في الكتاب الكلّي عند ترك رياضة أو احتباس طمث أو دم بواسير أو قطع عضو وإما لجذبها وإما لشدة حركتها وإما لرياح في العروق نفسها وخصوصاً في المتحنجين فإنهم يكثر ذلك فيهم وإما لاستعداد الآلات الخاوية للمادة وذلك لبرد يقبضها ويعسر انبساطها فلا تطيع القوة المكلفة ذلك بالإمداد بل بالاستنشاق وإما لحرارة خارجة أو داخلة أو يبوسة قد أعدّها أي ذلك كان بالتكثيف والتجفيف للانشقاق عن أدنى سبب أو لرطوبة أرختها فوسعت مسامها أو ملاقاة خارق أكّال أو قطاع أو معفن .


وإذا عرض الامتلاء الدموي أقبلت الطبيعة على دفع المادة إلى أي جهة أمكنتها إذا كانت أشدّ استعداداً أو أقرب من مكان الفضل فدفعتها بنفث أو إسالة من البواسير أو في الطمث أو في الرعاف فإن كانت العروق قوية لا تخلى عن الدم عرض الموت فجأة لإنصباب الدم إلى تجاويف العروق ومن يعتريه نفث الدم فهو يعرض أن تصيبه قرحة الرئة فإنّ النفث في الأكثر يكون عن جراحة والجراحة تميل إلى أن تكون قرحة وإذا أعقب نفث الدم المحتبس نفث دم خيف أن يكون هذا الثاني عارضاً عن قرحة استحالت إليها الجراحة الأولى وكثيراً ما يكون الدم المنفوث رعافاً سال من الرأس إلى الرئة .
وإذا كان نفث الدم من نواحي الرئة تعلّق به خوفان خوف من إفراطه وخوف من جراحته أن يصير قرحة وليس كل نفث دم مخوفاً بل ما كان لا يحتبس أو كان مع حمّى وكثيراً ما يكون نفث الدم بسبب البرد وورم في الكبد أو في الطحال .
العلامات : القريب من الحنجرة ينفث بسعال قليل والبعيد بسعال كثير وكلما كان أبعد تنفث بسعال أشدّ وإذا نيم على الجانب الذي فيه العلة ازداد انتفاث ما ينتفث ويجب أن ينظر أولاً حتى لا يكون ما ينفث مرعوفاً ويتعرّف ذلك بمادة الرعاف وبعروضه ويخفة عرضت للرأس بعد ثقل .
وعلامات رعاف كانت مثل حمرة الوجه والعين والتباريق أمام العين وأن لا يكون زبدياً ويكون دفعة .
وعلامة الدم المنفوث من جوهر لحم الرئة من جراحة أو قرحة أن يكون زبدياً ويكون منقطعاً لا وجع له وهو أقلّ مقداراً من العرقي وأعظم غائلة وأردأ عاقبة وقد يقذف الزبدي أصحاب ذات الجنب وذات الرئة إذا كان في رئاتهم حرارة نارية مغلية .
وقد يكون الزبدي من قصبة الرئة ولكن يجيء بتنخع وسعال بسير ويكون ما يخرج يسيراً أيضاً ويكون هناك حس ما بالألم .
والمنفوث من عروقها لا يكون زبدياً ويكون أسخن وأشد قواماً من قوام الذي في الرئة وأشبه بالدم وإن لم يكن في غلظ الدم الذي في الصدر .


وعلامة المنفوث في الصدر سواد لونه وغلظه وجموده لطول المسافة مع زبدية ما ورغوة مع وجع في الصدر يدل على موضع العلة ويؤكده ازدياده بالنوم عليه وسبب ذلك الوجع عصبية أعضاء الصدر ويكون انتفاثه قليلاً قليلاً ليس قبضاً ويكون نفثه بسعال شديد حتى ينفث .
وعلامة الكائن من انقطاع العروق غزارة الدم وعلامة التأكّل تقدم أسباب التأكل من تناول أشياء حريفة ونزول نوازل حريفة وأن يكون حمّى ونفث قيح أو قشره أو جزء من الرئة ويكون نفث مثل ماء اللحم ويبتدئ نفث الدم قليلاً قليلاً ثم ربما انبثق دفعة فانتفث شيء صالح ولونه رديء وعلامة تفتح أفواه العروق من الامتلاء أن لا يكون وجع البتة وتوجد راحة ولذّة ويخرج في الأول أقل من الخارج بسبب الانقطاع والانشقاق في أول الأمر وهو أكثر من الذي يخرج عن التأكل في أكثر الأوقات .
وعلامة الراشح عن ورم قلته وحضور علامات ذات الرئة وغيرها .
المعالجات : المبتلي بنفث الدم كل وقت يجب أن يراعي حال امتلائه فكلما أحس فيه بامتلاء بودر بالفصد وخصوصاً إذا كان صدره في الخلقة ضيقاً أو كان السعال عليه ملحاً .
والأصوب أن يمال الدم منهم إلى ناحية السفل بفصد الصافن وبعده بفصد الباسليق وإذا درّ طمث النساء في الوقت وعلى الكفاية زال بذلك نفث الدم منهن كما قد يحدث فيهن باحتباسه ويجب أن يتحرز عن جميع الأسباب المحركة للدم مثل الأغذية المسخنة ومثل الوثبة والصيحة والضجر والجماع والنفس العالي والكلام الكثير والنظر إلى الأشياء الحمر وشرب الشراب الكثير وكثرة الاستحمام ويجتنب المفتحات من الأدوية مثل الكرفس والصبر والسمسم والشراب والجبن العتيق فإنه ضار لهم .
وأما الطري فنافع .
والأغذية الموافقة لهم كل مغرّ ومسدد وكل ملحم وكل مبرد للدم مانع من غليانه .


ومن ذلك اللبن المبطوخ لما فيه من تغرية ومخيض البقر لما فيه من القبض والزبد والجبن الطري غير مملوح والفواكه القابضة وضرب من الإجاص الصغير فيه قبض وزيت الأنفاق الطري العصر قد يقع فَي تدسيم أطعمتهم والمياه الشبية شديدة المنفعة لهم .
وأما الكائن عن نفس جرم الرئة فيجب أن يسقى صاحبه الأدوية الملحمة اليابسة كالطين والشافنج بماء لسان الحمل والخل الممزوج بالماء .
وأما علاجه عن تدبير غذائه فأن يبادر ويفصد منه الباسليق من الشق الذي يحدس أن انحلال الفرد فيه فصداً دقيقاً ويؤخذ الدم في دفعات بينها ساعات ثلاث أو نحوها مع مراعاة القوة فإن الفصد يجذب الدم إلى الخلاف ويمنع أيضاً حدوث الورم في الجراحة وتدلك أطرافهم وتشد شداً مبتداً من فوق إلى أسفل ويمنعون الأمور المذكورة ويعدّل هواؤهم ويكون اضطجاعهم على جنب وعلى هيئة كالانتصاب لئلا يقع بعض أجزاء صدره على بعض وقد يوافقهم الخل الممزوج بالماء فإنه يمنع النزف وينقي ناحية الصدر والرئة عن دم إن احتبس فيها فلا يجمد ويسقون الأدوية الباردة والمغرية فإن المغرية ههنا أولى ما يجب أن يشتغل به وإذا وجد مع التغرية التنقية كان غاية المطلوب .
وبزرقطونا نافع مع تبريده حيث يكون عطش شديد .
وربما احتيج أن تخلط بها المدرّات لأمرين : أحدهما : لتسكين الدم وترقيقه والثاني : للتنويم وإزالة الحركة .
وسنذكر الأدوية المشتركة لأصناف نفث الدم في آخر هذا الباب .
وإذا عرض نفث الدم من نزلة ولم تكن النزلة حريفة صفراوية فصدت الرجل من ساعته وأدمت ربط أطرافه منحدراً من فوق إلى أسفل ودلكتها بزيت حار ودهن حار مثل دهن قثاء الحمار ونحوه ولا يدهن الرأس البتة ويكون أغذيتهم الحنطة بشيء من العفوصات على سبيل الأحساء وتكون هذه العفوصات من الثمار وما يشبهه .


وعند الضعف يطعمون خبزاً منقوعاً في خل ممزوج بماء بارد ويستعمل عليهم الحقن الحادة لتجذب المادة عن ناحية الرأس وخصوصاً إذا لم يمكن الفصد لمانع ويجب أن يجتهد في تبريد الرأس ما أمكن ولا يجهد جهداً كثيراً في ترطيبه .
ومما ينفعه سقي أقراص الكهرباء فإن لم ينجع ما ذكرنا لم يكن بد من علاج النزلة وحبسها مثل حلق الرأس واستعمال الضماد المتخذ بزبل الحمام يضمّد وينزع بحسب الحاجة .
وزعم جالينوس أن امرأة أصابها نزف دم من النزلة فحقنتها بحقنة حادّة وخصوصاً إذا لم يمكن فصدها لأنها كانت نفثت أربعة أيام وضعفت وغذّاها بحريرة وفاكهة فيها قبض إذ كان عهدها بالغذاء بعيداً وعالج رأسها بدواء ذرق الحمام وأذن لها في الحمام لأجل الدواء ولم يدهن رأسها لئلاّ يرطب وسقاها الترياق الطري لينوّمها فإنّ في هذا الترياق قوى الأفيون ينوم ويمنع دغدغة السعال ويسكّن من سيلان المواد بالتغليظ .
وأما في اليوم الثاني من هذا الدواء فلم يتعرّض لتحريكها بل تركها هادئة ساكنة على حاجة بها إلى تنيقية الرئة وأكثر ما دبرها به أن دلك أطرافها وسقاها قدر باقلاة من الترياق الحديث أقلّ من الأمس وكان غرضه أن يمزجها إلى العسل لتسقي به الرئة ثم تركها ساعة ثم ذلك أطرافها وأعطاها بعد ذلك ماء الشعير مع قليل خبز لينعش القوة وفي الرابع أعطاها ترياقاً عتيقاً مع عسل كثير لينقي رئتها تنقية شديدة وغذّاها في سائر الأيام على الواجب ودبرها تدبير الناقهين ومع ذلك فقد كان يضع على رأسها وقتاً بعد وقت قيروطي الثافسيا ويحرّم عليها الاستحمام .
وهذا تدبير جيد ويجب أن يكون الترياق ترياق ما بين شهرين إلى أربعة أشهر فإنه ينوم ويحبس النزلة ولا يقرب رؤوس هؤلاء بالدهن ولا بد من حلق الرأس لاستعمال هذه المحمرات ولو للنساء ولا بد من إسهال بمثل حب القوقايا إن كان هناك كثرة وذلك بعد الفصد ثم يلزم الأدوية المحمّرة .


وما كان من انشقاق عرق أو انقطاعه وكان سببه الامتلاء فيجب أن لا يغذى ما أمكن بل يجوع ثلاثة أيام يقتصر فيها كل يوم على غذاء قليل من شيء لزج وأما إذا لم يظهر سقوط القوة دوفع بالتغذية ما أمكن إلى الرابع وإن خيف سقوط القوة خوفاً واجباً غذوا بما يتولد عنه خلط معتدل أو إلى برد وفيه تغرية ولزاق وتلزيج وقبض وخاصة تغليظ الدم كالهريسة بالأكارع وكالرؤوس وكالنيمبرشت وكالأطرية خاصة ما طبخ بالعدس وكالعدس والعناب وإن أمكن أن لا يغذى بالقوي فعل واقتصر على ماء الشعير وخصوصاً المطبوخ مع عدس أو عناب أو سفرجل والخبز المغموس في الماء البارد أو في شيء حامض مزور كله مبرد بالفعل .
ومخيض البقر إذا تطاولت العلة نافع لقبضه وبرده والألبان المغلاة لتغريتها وللزاقها نافعة في ذلك .
فإن لم يغن وزادت في الدم فضرّت .
والسمك الرضراضي شديد المنفعة .
ويجب أن يكون أغذية هؤلاء والذين بعدهم باردة بالفعل .
والجبن الطري الغير المملوح شديد المنفعة لهم جداً .
وإذا غذوت هذا وأمثاله بلحم فاختر من اللحمان ما كان قليل الدم يابساً خفيفاً كلحوم القطا والشفانين والدرّاج مطبوخاً في قبوضات وعفوصات .
ومن الأشياء المجرّبة في قطع دم النفث مضغ البقلة الحمقاء وابتلاع مائه فربما حبس في الوقت .
ومن الفواكه السفرجل والتفاح القابضان العفصان والعناب الرطب وحب الآس والخرنوب الشامي وما يجري هذا المجرى .
وقد يتخذ لهم نقل من الطين المختوم والأرمني بالصمغ العربي وقليل كافور .
وإذا احتبس الدم ووصل إلى الرابع يجب أن يغذّي ويقوّي ويبدأ بمثل الخبز المغموس في الماء وبمثل الهرائس والأكارع والأدمغة وإن كان الانشقاق والانقطاع بسبب حدّة الدم فاعمل ما يجب من إمالة الدم إلى الأطراف وإلى خلاف الجهة واستفراغ الصفراء ثم برّد بقوة ورطّب واستعمل القوابض أيضاً والمغريات وماء الشعير والسرطانات والقرع ودواء أندروماخس ودواء جالينوس .


وأما الكائن من انفتاح العروق فالأدوية التي يجب أن تستعمل فيه هي القابضة والعفصة مع تغرية كما كانت الأدوية المحتاج إليها فيما سلف هي المغرية الملحمة مع قبض وهذه مثل الجلنار وأقماع الرمان والسماق وعصارة الطراثيث وعصارة عساليج الكرم وورق العوسج والبلوط والكهربا والأقاقيا والحُضَض وعصارة الورد وعصارة عصا الراعي والشكاعى وعصارة الحصرم وهو فاقسطيداس .
وقد يقوي هذه وما يتّخذ منها بالشبّ والعفص والصبر والأفسنتين يتخذ منها أدوية مركبة وأقراص معدودة لهذا الباب .
وقد ركبت من هذه الأدوية المذكورة وربما طبخت هذه الأدوية في المياه الساذجة أو بعض العصارات وشرب طبيخها وربما اتخذ منها ضمّادات وقد تخلط بها وتجمع أدوية النفث المذكورة والأدوية الصدرية مثل الكرفس والنانخواه والأنيسون والسنبل والرامك وقد يخلط بها المخدّرات أيضاً مثل قشور أصل اليبروج والبنج والخشخاش وقد يخلط بها المغرّيات كالصمغ وقشار الكندر وكوكب ساموس والطباشير وبزر لسان الحمل ولعاب بزرالقطونا وبزره وعصارة البقلة الحمقاء ولعاب حبّ السفرجل .
وأما إذا كان رشحاً من ورم فعلاجه الفصد والاستفراغ ثم الإنضاج .
ولا يعالج بالقوابض فذلك يجلب آفة عظيمة بل يجب أن يعالج بعلاج ذات الرئة .
وأما الكائن عن التأكّل فهو صعب العلاج عسر وكالميئوس منه فإنه لا يبرأ ولا يلتحم إلا مع زوال سوء المزاج وذلك لا يكون إلا في مدة في مثلها أما أن تصلب القرحة أو تعفن لكن ربما نفع أن لا يدع الأكّال يستحكم بنفض الخلط الحار وربما أسهل الصفراء والغليظة معاً بمثل حبّ الغاريقون .
فإن احتجت إلى فعل تقوية لذلك قوّيته واحتملت في تسكين دغدغة السعال بدواء البزور فإنه يرجى منه أن ينفع نفعاً تاماً .


وبالجملة فإن علاجهم التنقية بالاستفراغ بالفصد وغيره والأغذية الجيدة الكيموس وربما يسقى للأكال اللبان والمرّ وآذان الجداء وبزر البقلة الحمقاء وأصل الخطمي وأقراص الكوكب زيد فيه من الأفيون نصف جزء .
وأدوية مركبة ذكرها فولس وتذكر في القراباذين .
وأدويتهم النافعة هي ما يقع فيها الشادنة ودم الأخوين والكهربا والسندروس والطين المختوم .
وبالجملة كلّ مجفّف مغر ملحم .
وأما الكائن من الصدر فيعالج بالأضمدة وبالأدوية التي فيها جوهر لطيف أو معها جوهر لطيف قد خلط بها وهي مما ذكرناه ليصل إلى الصدر وماء الباذروج في نفسه يجمع بين الأمرين وإذا حدس أن سبب نفث الدم حرّ فالأدوية المذكورة كلها موافقة لذلك وإذا حدس أن السبب برد أورث نفث الدم على الوجه المذكور فعلاجه كما زعم جالينوس أن ذلك أصاب فتى فعالجه هو بأن فصده في اليوم الأول وثني ودلك أطرافه وشدّهاعلى ما يجب في كل حبس نزف دم وغذّاه بحساء ووضع على صدره قيروطياً من الثافسيا ورفعه عنه وقت العشاء لئلا يزيد إسخانة على القدر المطلوب وغذَّاه بحساء وسقاه دواء البزور ولما كان اليوم الثالث استعمل على صدره ذلك القيرطي ثلاث ساعات ثم أخذه وغذّاه بماء الشعير واسفيدباجة بلحم البط فلما اعتدل مزاج رئته وزال الخوف عن حدوث الورم نقّى الرئة بترياق عتيق متكامل ودرجه إلى شرب لبن الأتن وإلى سائر تدبير نافث الدم .
وزعم جالينوس أن كان من أدركه من هؤلاء في اليوم الأول برأ والأخرون اختلفت أحوالهم وقد شاهدنا أيضاً من هذا من نفعته هذه الطريقة ونحوها وإذا حدس أن السبب رطوبة واسترخاء استعمل ما فيه تجفيف وتسخين وقبض مثل أصل الأذخر والمصطكي والكمّون المقلو والفودنج الجبلي والقلقديس والجندبيدستر والزعفران للإبلاع وقد يخلط بها قوابض معتدلة بمثل الشاهبلّوط وقد اتخذت من هذه مركّبات ذكرت في القراباذين .


وإذا حدس أن السبب يبوسة وذلك في الأقل استعمل المرطّبات المعلومة من الألبان والأدهان والعصارات بعد التدبير المشترك من إمالة المادة إلى خلاف الجهة ولكن الذي يليق بهذا الموضع عن الفصد وغيره أقلّ وأضعف من الذي يليق بغيره .
وإذا كان السبب صدمة على الكبد فعلاجه هذا السفوف .
ونسخته : رواند صيني عشرة لكّ خمسة طين أرمني خمسة والشربة من مجموعة درهم ونصف .
وإما الأدوية المشتركة فالمفردات منها مذكورة في الكتاب الثاني في الجداول المعلومة والذي يليق بهذا الموضع الشادنج فإنه إذا سحق سحقاً كالغبار وشرب منه مثقال في بعض القوابض أو العصارات نفع أجل نفع وإذا مضغت البقلة الحمقاء وابتلع ماؤها فربما حبس في الحال وماء الخيار وعصارته وخصوصاً مع بعض المغريات القابضة جداً إذا تجرعّ يسيراً يسيراً وقرن الأيل المحرق إذا خلط بالأدوية كان كثير النفع وذلك ماء النعناع وأيضاً ثمرة الغرب وزن درهم وأيضاً فقّاح الكزبرة وزن ثلاثة دراهم بماء بارد غدوة وعشية وأيضاً البسّد فإنه شديد النفع وطين ساموس وزعم أنه يسمى باليونانية كوكب الأرض ويشبه أن يكون غير الطلق وأيضاً يؤخذ دم الجدي قبل أن يجمد يسقى منه نصف أوقية نيئاً ثلاثة أيام وأيضاً حبّ الآس وبزر لسان الحمل وزن درهمين في ماء لسان الحمل أو عصارة الورد فإنه غاية والسفرجل نافع وخصوصاً المشوي .
وأيضاً أنفحة الأرانب بماء الورد وهي وغيرها من الأنافح بمطبوخ عفص أو بماء الباذونج وخصوصاً للصدري أو طين مختوم وبدله طين ساموس بشيء من الخل وأيضاً سومقوطون وهي حيّ العالم .
وقال رجل في بعض ما جمع أنه نوع من الفوذنج ينبت بين الصخر يفرك ويؤكل بالملح ويسمى بالموصل اليبروح البرّي أو التفاح البري وفي ذلك نظر وهذا الدواء يسقى مع مثله نشا .


وأيضاً : مما ينفعه أن يسقى من الشبّ اليماني فإنه غاية وخصوصاً في صفرة بيض مفترة لم درهم من بزر البنج بماء العسل ويجب أن يسقى الأدوية الحابسة للنفث بالشراب العفص لتنفذ اللهم إلا أن يكون حمى فيسقى حينئذ مع عصارة أخرى .
وللعتيق القديم بزر الكراث النبطي وحبّ الآس جزآن بالسواء يسقى منهما إلى درهمين بماء عصا الراعي أو تؤخذ عصارة الكراث الشامي أوقية والخلّ نصف أوقية يسقى بالغداة أو يسقى حراقة الإسفنج بشيء من نبيذ .
وجالينوس يعالج نزف الدم بالترياق والمثروديطوس والأدوية الطيبة الرائحة فإنها تقوّي الطبيعة على البخل بالدم وإلحام الجرح وكذلك أقراص الكوكب ودواء أندروماخس والقنطوريون يجمع إلى حبس النفث التنقية فليسق منه المحموم بماء وغيره بشراب .
والصقالبة يعالجون بطبيخ أصل القنطوريون الجليل .
ومن الأشربة عصارة لسان الحمل وزن درهم عصارة لسان الثور وزن درهمين عصارة بقلة الحمقاء وزن درهمين عصارة أغصان الورد الغضّة أوقية يدق بلا رشّ الماء عليها ويصفّى ولا يطبخ بل يداف فيه شيء من الطين المختوم ويسقى أو تؤخذ عصارة أغصان الورد ويداف فيها عصارة هيوفقسطيداس أو الشاذنج وقرن الأيل محرقاً وتسقى ومن الأقراص قرص بهذه الصفة .
ونسخته : أقاقيا وجُلَّنار وورد أحمر وعصارة لحية التيس وجفت البلّوط وقشور الكندر سواء .
وأيضاً يؤخذ زرنيخ قشور أصل اللفّاح طين البحيرة كندر أقاقيا بزر بقلة الحمقاء بزر باذروج جلّنار كافور يتخذ أقراصاً .
الشربة درهمان بنصف أوقية ماء أو شراب عفص أو ماء الباذروج .
وأيضاً بزر خشخاش وطين مختوم هيوفقسطيداس كندر كافور تسقى بماء الباذروج .
وأيضاً قرص ذكره ابن سرافين وهو المتخذ بصمغ اللوز .
وأما الأدهان المستعملة على الصدر ففي الصيف دهن السفرجل وفي الشتاء دهن السنبل .
وهذه صفة قرص جيد : يؤخذ طين البحيرة .


وبُسذ وكوكب ساموس وورد يابس من كل واحد جزآن كهرباء وصمغ ونشا من كل واحد جزء يخلط ويقرص والشربة منه أربعة مثاقيل للمحموم في عصارة قابضة ولغير المحموم في شراب وخصوصاً القابض .
ومن الأضمدة المشتركة دقيق الشعير ودقاق الكندر وأقاقيا ببياض البيض وإذا حبست الدم فاقبل على إلحام الجراحة .
ومنع الورم وإلحام الجراح هو مما تعلمه من المغرّيات القابضة ومنع الورم لمنع الغذاء وجذب المواد إلى الأطراف وتبريد الصدر ويجب أن يجرع الخل الممزوج مراراً ويجب أن يتحرّز بعد الاحتباس والإقبال أيضاً عن الأمور المذكورة .
وأما الماء الذي يشربونه فيجب أن يكون ماء المطر أو ماء يقع فيه الطين الأرمني والورد .
وماء الحديد المطفأ فيه الحديد نافع جداً لقبضه .
وإذا خيف جمود الدم في الرئة فيجب أن يسقى في الابتداء خلاً ممزوجاً بماء إلا أن يكون سعال فيجب أن يحذر حينئذ الخلّ وأمر للدم الجامد بنصف درهم دندكركم بشيء من ماء الكراث وملعقة سكنجبين .
ومن المركبات كذلك حلبة مطبوخة درهمان زراوند درهم مر ثلاث دراهم دهن السوسن درهم فلفل واحد بنج واحد ورد درهمان يقرص ويصف في الظل ويسقى بماء الرازيانج والكرفس .
وأيضاً أنفحة الأرنب ورماد خشب التين مع حاشا أو شعير مع عسل أو يسهّلون بما يستفرغ من أدوية مفرعة ذكرناها في الكتاب الثاني ومركبات ذكرناها في القراباذين واقرأ كتابنا في تحليل الدم الجامد من الكتاب الرابع .
المقالة الرابعة أورام أعضاء
نواحي الصدر أصول نظرية من علم أورام أعضاء نواحي الصدر وقروحها سوى القلب
فصل في كلام كلي في أوجاع نواحي الصدر والجنب
ذات الجنب : إنه قد يعرض في الحجب والصفاقات والعضل التي في الصدر ونواحيها والأضلاع أورام دموية موجعة جداً تسمى شوصة وبرساماً وذات الجنب وقد تكون أيضاً أوجاع هذه الأعضاء ليست من ورم ولكن من رياح فتغلظ فيظن أنها من هذه العلّة ولا تكون .


وذات الجنب ورم حار في نواحي الصدر إما في العضلات الباطنة وفي الحجاب المستبطن للصدر وإما في الحجاب الحاجر وهو الخالص أو في العضل الظاهرة الخارجة أو الحجاب الخارج بمشاركة الجلد أو بغير مشاركة .
وأعظم هذا وأهوله ما كان في الحجاب الحاجز نفسه وهو أصعبه .
ومادة هذا الورم في الأكثر مرار أو دم رديء لأن الأعضاء الصفاقية لا ينفذ فيها إلا اللطيف المراري ثم الدم الخالص ولذلك تكون نوائب اشتداد حماة غباً في الأكثر ولذلك قلّما يعرض لمن يتجشأ في الأكثر حامضاً لأنه بلغمي المزاج ومع ذلك قد يكون من دم محترق وقد يكون من بلغم عفن وقد يكون في الندرة من سوداء عفن ملتهب وقد بينا في الكتاب الكلّي أنه ليس من شرط الورم الحار أن لا يكون من بلغم وسوداء بل قد يكون من بلغم وسوداء على صفة إلا أنه لا يكون حاراً إلا إذا كان من مرة أو دم .
فإن كان من غيرهما كان مزمناً وهذا شيء ليس يحصله كثير من الناس .
ولما كان كل ورم إما أن يتحلّل وإما أن يجمع وإما أن يصلب فكذلك حال ذات الجنب .
لكن الصلابة في ذات الجنب ممّا يقلّ فهو إذن إما أن يتحلّل وإما أن يجمع أي في غالب الأحوال .
وذات الجنب إذا تحلّلت قبلت الرئة في الأكثر ما يتحلل منه ونفثته وأخرجته وربما تحلّل إلى جهة أخرى .
وإذا اجتمعت المدة احتيج ضرورة إلى أن تنضج لتتفجر فربما تنفث الرئة المدة وربما قبلها العرق الأجوف فخرجت بالبول وربما انصبت إلى مجاري الثفل فاستفرغت في الإسهال .
وقد تقع كثيراً إلى الأماكن الخالية واللحوم الغددية فتحدث أوراماً في مثل الأرنبتين والمغابن وخلف الأذنين .


وكثيراً ما تندفع المادة إلى الدماغ وأعضاء أخرى كما سنذكر فيقع خطر أو يهلك وربما خنقت المادة الرئة بكثرتها وملئها مجرى النفس وربما لم تكن كثرتها هذه الكثرة ولا كانت إلا نضيجة مدة كانت أو نفثاً مثل المدة إلا أن القوى تكون ساقطة فتعجز عن النفث ولذلك يجب أن تقوى القوة في هذا الوقت حتى تقوى على الانقباض الشديد للسعال النافث فإن هذا النفث فعل يتم بقوّتين إحداهما طبيعية منضجة ودافعة أيضاً والأخرى إرادية دافعة وإذا لم تقويا جميعاً أمكن أن تعجز عن التنقية .
واعلم أن عسر النفث إما أن يكون من القوة إذا كانت ضعيفة أو من الآلة إذا كانت الآلة تتأذى بحركة نفسها أو حركة جارها أو من المادة إذا كانت رقيقة جداً أو كانت غليظة أو لزجة .
وفي مثل هذه الأحوال قد يعرض في الرئة كالغليان لاختلاط الهواء بالمادة العاصية المنصبة إلى الرئة والعصبة ومتى لم يستنق بالنفث في ذات الجنب إلى أربعة عشر يوماً فقد جمع .
ومتى لم يستنق القيح بعد أربعين يوماً فقد وقع في ذات الرئة والسلّ وقد ينق التقيح في السابع وأما في الأكثر فيكون في العشرين وفي الأربعين وفي الستّين وقد يقع انفجار قبل النضج لدفع الطبيعة المادة المؤذية بكثرتها أو حدّتها أو لحرارة المزاج والسن والفصل والبلد أو لتناول المفجرات من المشروبات قبل الوقت من جهة خطأ الطبيب .
وسنذكر المفجرات من بعد أو لحركة من العليل مفرطة متعبة أو صيحة وذلك خطر .
وقد يعرض أن ينتقل ذات الجنب إلى ذات الرئة بأن تقبل الرئة مادة الورم ثم لا تجيد نفثها وتحتبس فيها فتتورّم .


وقد يعرض أن ينتقل ذات الجنب إلى السل تارة بوساطة ذات الرئة على النحو الذي سنذكر وتارة بغير وساطة ذات الرئة بأن تقرّح المادة أو المدة المتحللة منه جوهر الرئة لحدّتها ورداءتها وقد يعرض أن ينتقل إلى التشنج والكزاز بأن تندفع المادة في الأعصاب المتصلة والعضو الذي فيه الورم فإنه عضو عصباني وهذا انتقال قاتل قد لا ينفع معه سائر العلاجات الجيدة .
وقد يعقب ذات الرئة والجنب كالخدر في مؤخر عضد صاحبه وأنسيه وساعده إلى أطراف الأصابع وقد يحمل على جهة القلب فيعرض منه خفقان يتبعه الغشي وإلى جانب الدماغ أيضاً في حال التحلل قبل الجمع وفي حال الجمع وقد تنتقل المادة إلى الأعضاء الظاهرة فتصير خراجات وقد يكون انتقالها هذا بنفوذها في جواهر العصب والوتر بل العظام وإذا مالت إلى المواضع السفلية ثم انفتحت وصارت نواصير كان ذلك من أسباب الخلاص ولكن تكون النواصير خبيثة معدية .
وإن مالت إلى المفاصل وصارت نواصير خلص العليل أيضاً لكن ربما أزمن العضو خصوصاً إذا لم يكن هناك استفراغ آخر ببراز أو بول غليظ كثير الرسوب أو نفث كثير نضيج فإن كان شيء من هذا كان أسلم فإن ذلك يدل على قلّة المادة المحدثة للخراج وإمكان إصلاحها بالنضج .
وهذه الخراجات إذا خفيت وغارت دلت على آفة ونكس وخصوصاً إذا زحفت المادة إلى الرئة وقد يعرض من شدة الحمّى تواتر النفس ومن تواتر النفس لزوجة النفث فإن النفث يجف بسبب النفس المتواتر ويعرض من لزوجة النفث شدة الوصب وازدياد اللهيب ومن ازدياد اللهيب تواتر النفس ومن تواتر النفس اللزوجة فلا يزالان يتعاونان على الغائلة .


وأما أنه أي أصناف ذات الجنب والرئة أردأ أهو الذي يكون في الجانب الأيسر المجاور للقلب أو الذي يكون في الجانب الأيمن فإن بعضهم جعل هذا أردأ وبعضهم جعل ذلك أردأ إلا أن الحق هو أن القريب من جهة المكان أردأ لكنه أولى بأن ينضج ويقبل التحليل إن كان من شأنه وقد يوقع في ذات الجنب الامتلاء من الأخلاط إذا عرض في ناحية الرأس أو ناحية الصدر أو في بعض العروق المنصبة إلى نواحي الصدر وقد يورثه كثيراً من شرب المياه الباردة الحاقنة للمواد والبرد الزائد كما تحدثه الحرارة الشديدة وشرب الشراب الصرف المحرّك للأخلاط المثير لها .
وذات الجنب أكثر ما يعرض في الخريف والشتاء وخصوصاً بعد ربيع شتوي ويكثر في الربيع الشتوي وهبوب الشمال يكثر الفضول أو يحقن الفضول فتكثر معه أوجاع .
الجنب والأضلاع خصوصاً عقيب الجنوب وفي الصيف .
وعند هبوب الجنوب يقلّ جداً لكنه إذا كان الصيف جنوبياً مطيراً وكذلك الخريف يكثر في آخر الخريف في أصحاب الصفراء ذات الجنب وأما على غير هذه الصورة .
فذات الجنب يقلّ في الأهوية والبلدان والرياح الجنوبية .
ويقل أيضاً في النساء اللاتي يطمثن لأن مزاجهن إلى الرطوبة دون المرارية وإذا عرض للحوامل كان مهلكاً ويقل في الشيوخ فإن عرض قتل لضعف قواهم عن النفث والتنقية .
وذات الجنب ربما التبس بذات الكبد فإن المعاليف إذا تمددت لورم الكبد تأدى ذلك إلى الحجاب والغشاء فأحس فيه بوجع وتأذى إلى ضيق النفس فيحتاج إلى أن يعرف الفرق بينهما وربما التبس بالسرسام وذات الجنب أو غير ذلك مما قيل .
واعلم أن ذات الجنب إذا اقترن به نفث الدم كان مثل الاستسقاء تقترن به الحمّى فيحتاج الأول - وهو ذات الجنب - إلى علاج قابض بحسب نفث الدم ملين بحسب ذات الجنب كما أن الثاني يحتاج إلى علاج مسخن مجفّف أو مجفّف معتدل بسبب الاستسقاء مبرّد مرطّب بسبب الحمّى .


وكثيراً ما يكون سبب ذات الجنب وذات الرئة تناول أغذية غليظة الغذاء مغلظة للدم كالقبيط فيندفع إلى نواحي الثندوة والجنب وعلاجه ترقيق المادة بالحمام ويخرج منه إلى سكنجبين يشربه ويجتنب التمريخ بالدهن فإنه جذّاب وربما استغنى بهذا عن الفصد .
علامات ذات الجنب : لذات الجنب الخالص علامات خمسة : وهي حمّى لازمة لمجاورة القلب والثانية وجع ناخس تحت الأضلاَع لأن العضو غشائي وكثيراً ما لا يظهر إلا عند التنفس وقد يكون مع النخس تمدّد وربما كان أكثر والتمدّد يدلّ على الكثرة والنخس على القوة في النفوذ واللذع والثالثة ضيق نفس لضغط الورم وصغره وتواتر منه والرابعة نبض منشاري سببه الاختلاَف ويزداد اختلافه ويخرج عن النظام عند المنتهى لضعف القوة وكثرة المادة والخامسة السعال فإنه قد يعرض في أول هذه العلّة سعال يابس ثم ينفث وربما كان هذا السعال مع النفث من أول الأمر وهو محمود جداً وإنما يعرض السعال لتأذي الرئة بالمجاورة ثم يرشح ما يوشح إليها من مادة المرض فيحتاج إلى نفثه فإن تحلّل كله وترشّح فقد استنقى ما جمع والخالص منه لا يكون معه ضربان لأن العضو عادم لكثرة الشرايين ولما كان ذات الجنب يشبه ذات الكبد بسبب السعال والحمّى وضيق النفس ولتمدّد المعاليق واندفاع الألم إلى الغشاء المستبطن وجب أن يفرق بينها وبينها وأيضاً يشبه ذات الرئة بسبب ذلك وبسبب النفث فيجب أن يفرق بينهما .
فالفرق بين ذات الجنب وذات الكبد أن النبض في ذات الكبد موجي والوجع ثقيل ليس بناخس والوجه مستحيل إلى الصفرة الرديئة والسعال غير نافث بل تكون سعالات يابسة متباطئة وربما اسودّ اللسان بعد صفرته والبول يكون غليظاً استسقائياً ويكون البراز كبدياً ويحسّ بثقل في الجانب الأيمن ولا يدركه اللمس فيوجع .


وربما كان في ذات الكبد إسهال يشبه غسالة اللحم الطري لضعف القوة وإذا كان الورم في الحدبة أحسّ به في اللمس كثيراً وإن كان في التقعير كشف عنه التنفس المستعصي إذا دل على شيء ثقيل معلّق وضيق النفس في ذات الكبد متشابه في الأوقات غير شديد جداً وأما المجنون فسعاله نافث ووجعه ناخس وبوله أحسن قواماً ولونه أحسن ما يكون وضيق نفسه أشدّ وهو ذاهب إلى الازدياد على الاتصال حتى يتبين له في كلّ ست ساعات تفاوت في الازدياد كثير .
والفرق بينه وبين ذات الرئة أيضاً هو أن نبض ذات الرئة موجي ووجعه ثقيل وضيق نفسه أشدّ ونفسه أسخن وعلامات أخرى ولما كان ذات الجنب قد تعرض معه أعراض السرسام المنكرة مثل اختلاط الدهن والهذيان وتواتر النفس والخفقان والغشي وما هو دون ذلك وصعوبة الكرب وشدة الضجر وشدّة العطش وتغيّر السحنة إلى ألوان مختلفة وشدّة الحمّى وقيء المرارة والسبب في هذه الأعراض مشاركة الصدر للأعضاء الرئيسية ومجاورتها وجب أن نفرق بين الأمرين أعني البرسام والسرسام .
فمن الفروق أن اختلاط الدهن يعرض في السرسام أولاً ثم تشتدّ فيه سائر الأعضاء ويكون التنفس فيه أسلم ويتأخر فساد النفس عن الاختلاط ويكون معه أعراضه الخاصة كحمرة العينين وانجذابهما إلى فوق .
وأما في البرسام فيتأخر اختلاط الذهن وربما لم يكن إلى قرب الموت بل كان عقل سليم ولكنه يتقدّمه فيه تغير النفس وسوءه ويكون في الأولى تمدّد في المراق إلى فوق كأنه ينجذب إلى الورم ووجع ناخس .
ومن الفروق في ذلك أن النبض في السرسام عظيم إلى التفاوت وفي ذات الجنب صغير إلى التواتر ليتلافى الصغر وذات الجنب إذا اشتدّ اشتدت الأعراض المذكورة معه ويبس اللسان وخشن .
وإذا ازداد عرض احمرار في الوجه والعين والقلق الشديد وفساد النفس واختلاط الذهن والعرق المنقطع وربما أدى إلى اختلاف رديء .


إذا لم يكن ذات الجنب خالصاً بل كان في الغشاء المجلّل للأضلاع أو في العضل الخارجة كان له علامات وكان الوجع فيه والآفة إلى حد فإن الذي يكون في الغشاء الخارج يدركه اللمس وربما شاركه الجلد فيظهر للبصر وربما انفجر خراجاً ولم يوجب نفثاً .
وهذا الانفجار قد يكون بالطبع وقد يكون بالصناعة .
والذي يكون في العضل الخارجة يكون معه ضربان فإن كان الإحساس به مع الاستنشاق كان في العضل الباسطة وإن كان الإحساس به في الردّ كان في العضل القابضة .
وقد علمت أنهما جميعاً موجودان في الطبقتين جميعاً الداخلة والخارجة .
والغمز أيضاً يدرك هذا الضرب من ذات الجنب التي ليست بخالصة وهذا الغير الخالص لا يفعل من الوجع الناخس ومن ضيق النفس والسعال ومن صلابة النبض ومنشاريته وشدّة الحمّى وأعراضها ما يكون في الخالص .
وربما كان النبض ليّناً وربما كان حمّى بسبب ورم في غير المواضع المذكورة أو لسبب آخر مثل نفث مفرط وغيره ولا يكون ذات الجنب إذ ليس هناك وجع ناخس ونبض منشاري وغير ذلك وفي الأكثر غير الحقيقة يكون الوجع أسفل مشط الكتف وما كان من الخالص في الحجاب الحاجز كان الوجع إلى الشراسيف وكان اختلاط العقل فيه أكثر واشتدت الأعراض والموجع وعسر النفس ولم تكن سرعة شدة الحمّى كما في غيره بل ربما تأخّر إلى أن يعفن العضل فتقوى الحمى جداً وإن كان في الغشاء المستبطن للصدر وكان الوجع إلى الترقوة واختلف الوجع لاختلاف مماسة أجزاء الغشاء للترقوة ولاختلاف الأجزاء في الحس ولا يكون معه ضربان البتة .
والوجع المائل إلى ناحية الشراسيف قد يكون بسبب الورم في الحجاب الحاجز وقد يكون لحدوث الورم في الأعضاء اللحمية التي في الأضلاع وليس فيه كثير خطر .


علامات الرديء منه والسليم : يدل على سلامته النفث السهل السريع النضيج وهو الأبيض الأملس المستوي والنبض الذي ليس بشديد الصلابة والمنشارية وقلّة الوجع وسائر الأعراض وسلامة النوم والنفس وقبول العلاج واحتمال المريض لما به واستواء الحرارة في البدن مع لين وقلة عطش وكرب وكون العرق البارد والبول والبراز على الحالة المحمودة .
ونضج البول علامة جيدة فيه كما أن رداءته علامة رديئة جداً ورداءة البراز ونتنه وشدة صفرته علامة رديئة وظهر الرعاف من العلامات الجيدة النافعة في ذات الجنب والرديء أن تكون أعراضه ودلائله شديدة قوية والنفث محتبساً أو بطيئاً وهو غير نضيج إما أحمر صرفاً أو أسود ويزداد لزوجة وخنقاً كمداً وعسراً ويكون على ضد من سائر ما عددنا للجيّد .
ومن العلامات الرديئة أن يكون هناك بول عكر غير مستو وهو دموي فإنه رديء يدل على التهاب شؤون الدماغ ومن العلامات الرديئة أن يكون هناك حرارة شديدة وخصوصاً إذا كان مع برد في الأطراف ووجع يمتد إلى خلف وزيادة من الوجع إذا نام على الجانب العليل فإذا حدث به أو بصاحب ذات الرئة اختلاف في آخره دل على أن الكبد قد ضعفت وهو رديء وهو في أوله جيد بل أمر نافع .
وإما الاختلاف الذي يجيء بعد ذلك ولا يزول به عسر النفس والكرب فربما قتل في الرابع أو قبله .
واختلاج ما تحت الشراسيف في ذات الجنب كثيراً ما يدل على اختلاط العقل لمشاركة الحجاب الرأس وتكون هذه حركة من مواد الحجاب .
وحركتها في الأكثر في مثل هذه العلة حركة صاعدة .
ومن العلامات الرديئة أن تغور الخراجات المنحياة عن ذات الجنب من غير سكون الحمّى ولا نفث جيد فإن ذلك يدل على الموت لما يكون معه لا محالة من رجوع المادة إلى الغور .
وأما العلامات الجيدة والرديئة التي تكون بعد التقيّح فنفرد له باباً .
واعلم أن ذات الجنب إذا لم يكن فيه نفث فهو إما ضعيف جداً وإما رديء خبيث جداً .


فإنه إما أن لا يكون معه كثير مادة يعتدّ بها وإما أن تكون عاصية عن الانتفات خبيثة .
قال أبقراط : أنه كثيراً ما يكون النفث جيداً سهلاً وكذلك النفس ويكون هناك علامات أخرى رديئة قاتلة مثل صنف يكون الوجع منه إلى خلف ويكون كأنّ ظهر صاحبه ظهر مضروب ويكون بوله دموياً قيحياً وقلما يفلح بل يموت ما بين الخامس والسابع وقليلاً ما يمتد إلى أربعة عشر يوماً وفي الأكثر إذا تجاوز السابع نجا وكثيراً ما يظهر بين كتفي صاحبه حمرة وتسخن كتفاه ولا يقدر أن يقعد فإن سخن بطنه وخرج منه براز أصفر مات إلا أن يجاوز السابع .
وهذا إذا أسرع إليه نفث كثير الأصناف مختلفها ثم اشتدّ الوجع مات في الثالث وإلا برئ .
وضرب آخر يحسّ معه بضربان يمتد من الترقوة إلى الساق ويكون البزاق فيه نقياً لا رسوب معه والماء نقياً وهو قاتل لميل المادة إلى الرأس فإن جاوز السابع برئ .
علامات أوقاته : إذا لم يكن نفث أو كان النفث رقيقاً أو قليلاً أو الذي يسمى بزاقاً على ما نذكره فهو الابتداء وما تزداد الأعراض فيه ويزداد النفث ويأخذ في الرّقة ويزداد في الخثورة وفي السهولة ويأخذ في الحمرة إن كانت إلى الاصفرار المناسب للحمرة فهو الازدياد ثم إذا نفث العليل نفثاً سهلاً نضجاً على ما ذكرناه من النضج ويكون كثيراً ويكون الوجع خفيفاً فذلك هو وقت المنتهى ووقت موافاة النضج التام ثم إذا أخذ النفث ينقص مع ذلك القوام وتلك السهولة ومع عدم الوجع ونقصان الأعراض فقد انحط فإذا أحتبس النفث عن زوال الأعراض البتة فقد علامات أصنافه بحسب أسبابه : الأشياء التي منها يستدلّ على السبب الفاعل لذات الجنب النفث في لونه إذا كان بسيط اللون .
أو مختلط اللون ومن موضع الوجع ومن الحمّى وشدتها ونوبتها فإن النفث إذا كان إلى الحمرة دل على الدم وإذا كان إلى الصفرة دل على الصفراء .


والأشقر يدلّ على اجتماعهما وإذا كان إلى البياض ولم يكن للنضج دل على البلغم وإذا كان إلى السواد والكمودة ولم يكن لسبب صابغ من خارج من دخان ونحوه دل على السوداء .
وأيضاً فإن الوجع في البلغم والسوداء في أكثر الأمر يكون منسفلاً وإلى اللين وفي الآخرين متصعِّداً ملتهباً وأيضاً فإن الحمى إن كانت شديدة كانت من مواد حارة وإن كانت غير شديدة كانت من مواد إلى البرد ما هي وربما دلت بالنوائب دلالة جيدة .
علامات انتقاله : أنه إذا لم ينفث نفثاً محموداً سريعاً ولم يستنشق في أربعة عشر يوماً فقد انتقل إلى الجمع ويدل على ابتدائه في تصعده شدة الوجع وعسر النفس وضيقه وتضاغطه عند البسط مع صغر وشدة الحمّى وخشونة اللسان خاصة ويبس السعال لتلزج المادة وكثافة الحجاب وضعف القوة وسقوط الشهوة والأخلاط والسهر ويقل نخسه في ذلك الموضع وإذا جمع وتم الجمع سكنت الحمّى والوجع وازداد الثقل فإذا انفجر عرض نافض مختلف واستعراض نبض مع اختلافه وتسقط القوّة وتذبل النفس .
وكثيراً ما تعرض حمى شديدة لِلذع المدة للأعضاء ولذع الورم فإذا انفجر ثم لم يستنق من يوم الانفجار إلى أربعين يوماً أدى إلى السلّ وانفجار المتقيح في اليوم السابع وأبعده في الأقل وأكثره بعد ذلك إلى العشرين والأربعين والستين .
وكلما كانت عوارض الجمع أشدّ كان الانفجار أسرع وكلما كانت ألين كان الإنفجار أبطأ وخصوصاً الحمى من جملة العوارض .
وإذا ظهرت العلامات الظاهرة الهائلة وكنت قد شاهدت دلائل محمودة في النفث وغيره فلا تجزع كل الجزع فإن عروضها بسبب الجمع لا بسبب آخر .
وكل ذات جنب لا يسكن وجعه بنفث ولا فصد ولا إسهال ولا غير ذلك فتوقع منه تقييحاً أو قتلاً قبله بحسب سائر الدلائل .
وإذا رأيت النبض يشتد تمدده وخصوصاً إذا اشتد تواتره فإن ذلك ينذر إن كانت القوة قوية بأنه ينتقل إلى ذات الرئة والتقيح والسل .


وبالجملة إذا كان هناك دلائل قوة وسلامة ثم لم يسكن الوجع بنفث أو إسهال أو فصد وتكميد فهو آيل إلى التقيح .
وأما إن لم تكن دلائل السلامة من ثبات القوة وثبات الشهوة وغير ذلك فإن ذلك يُنذر بأنه قاتل وينذر بالغشي أولاً .
على أن الشهوة تسقط في أكثر الأمر عند الانفجار وتحمر الوجنتان لما يتصاعد إليهما من البخار وتسخن الأصابع لذلك أيضاً .
وإذا انفجر إلى فضاء الصدر أوهم الخفة أياماً ثم يسوءه حاله وإذا انفجر رأيت النب على ما حكيناه قد ضعف واستعرض وأبطأ وتفاوت لانحلال القوة بالاستفراغ وانطفاء الحرارة الغريزية .
ويعرض أيضاً كما ذكرناه نافض يتبعه حتى بسبب لذع الأخلاط فإن كانت المادة من المنفجر كثيرة والقوة ضعيفة أدت إلى الهلاك .
واعلم أنه إذا كانت القوة ضعيفة واشتد التمدد والتواتر فإن ذلك كما علمت ينذر بالغشي وإن كان التواتر دون ذلك ودون ما يوجبه نفس ذات الجنب فربما أنذر بالسبات أو التشنج أو بطء النضج وإنما يحدث السبات لقبول الدماغ الأبخرة الرطبة التي هي لا محالة ليست بتلك الحادة إلا لتواتر النبض جداً قبولاً مع ضعفه عن دفعها في الأعصاب .
ويحدث التشنج لقوة الدماغ على دفعها في الأعصاب ويدل على بطء التقيح لغلظ المادة ولأنها ليست تنتقل وأن الدماغ والأعصاب قوية لا تقبله .
وربما أنذرت بالتشنج وذلك إذا كان النفس يشتد ضيقه اشتداداً والحمى ليست بقوية .
وإذا رأيت العلة قد سكنت يسيراً وخفت ولم يكن هناك نفث فربما انتقص المادة ببول أو براز وظهر اختلاف مراري رقيق أو ظهر بول غليظ .
فإن لم ير ذلك فسيظهر خراج فإن رأيت تمدداً في المراق والشراسيف وحرارة وثفلاً أنذر ذلك بخراج عند الأرنبتين أو إلى الساقين .
وميله إلى الساقين شديد الدلالة على السلامة .
وفي مثل هذا يأمر أبقراط بالاستسهال بالخربق .


فإن رأيت مع ذلك عسر نفس وضيق صدر وصداعاً وثفلاً في الترقوة والثدي والساعد وحرارة إلى فوق أنذر ذلك بميل المادة إلى ناحية الأذنين والرأس .
فإن كانت الحالة هذه ولم يظهر ورم ولا خراج في هذه الناحية فإن المادة تميل إلى الدماغ نفسه وتقتل .
فصل في كلام جامع في النفث
يبدأ في الثاني والثالث : أفضل النفث وأسرعه وأسهله وأكثره وأنضجه الذي هو الأبيض الأملس المستوي الذي لا لزوجة فيه بل هو معتدل القوام .
وما كان قريباً من هذا النضج يسكن أخلاطاً إن كانت قبله أو سهراً أو عرضاً آخر رديئاً ويليه المائل إلى الحمرة في أول الأيام والمائل إلى الصفرة وبعد ذلك الزبدي .
وسبب الزبدية هو أن يكون في الخلط شيء رقيق قليل يخالطه هواء كثير وتكون المخالطة شديدة جداً .
على أن الزبدي ليس بذلك الجيد بل هو أميل إلى الرداءة .
وأردؤه في الأول الأحمر الصرف أو الأصفر الصرف الناري .
ومن الرديء جداً الأبيض اللزج المستدير .
وأردأ الجميع الأسود وخصوصاً المنتن منه .
والأصفر خير من الأسود .
ومن الغليظ المدحرج المستدير وهذا المستدير خير من الأحمر وإن كان رديئاً ودليلاً على غلظ المادة واستيلاء الحرارة وينفر بطول من المرض يؤول إلى سلّ وذبول .
والأحمر خير من الأصفر لأن الدم الطبيعي - وهو الأحمر - والبلغم المعتدل ألين جانباً من الأصفر الأكال المحرق والأخضر يدل على جمود أو على احتراق شديد ولا يزيل حكم رداءة النفث في جوهره سهولة خروجه والمنتن رديء وانتفاث أمثال هذه الرديئة يكون للكثرة لا للنضج وكل نفث لا يسكن معه الأذى فليس بجيد .
ومن عادتهم أنهم يسمون الساذج الذي لا يخالطه شيء غريب نضيج أو شيء من الدم أو شيء من الصفراء أو السوداء بزاقاً ولا يسمونه نفثاً ومثل هذا إذا دام ولم يختلط به شيء ولم يعرض له حال يدل على أن الأخلاط هو داء ينضج فإنه يدلّ على طول العلة وإذا كان مع عدم النضج رديئاً دلّ على الهلاك .


وبالجملة فإن النفث يدل بلونه ويدل بقوامه من غلظه ورقته ويدل بشكله من استدارته وغير استدارته ويدلّ بمقداره في كثرته وقلّته والنفث المالح يدلّ على نزلة أكّالة ونفث الخلط الغليظ بل القيح قد لا يكون بسبب قروح الرئة بل بسبب رطوبة صديديّة تتحلّب من أبدان من جاوز الثلاثين إلى الخمسين وترك الرياضة فيجتمع في فضاء الصدر وينتفث ويقع به الاستسقاء في مدة أربعين يوماً إلى ستين ولا يكون به كبير بأس .
وإذ أنفث في اليوم الأول شيئاً رقيقاً غير نضيج فيتوقع أن ينضج في الرابع ويتحرّز في السابع .
فإن لم ينضج في الرابع أو كان ابتداء النفث ليس من اليوم الأول فبحرانه في الحادي عشر أو الرابع عشر .
فإن لم ينفث إلى ما بعد الرابع ثم نفث وفيه نضج ماء فالأمر متوسط .
وإن لم يكن فيه نضج فالعلة تطول مع رجاء وخصوصاً إذا كانت هناك علامات جيدة من القوة والشهوة والنبض .
وأما إذا لم ينفث إلى السابع أو نفث بلا نضج البتة بل إنما هو خلط ساذج فإن وجدت القوة ضعيفة علمت أنها لا تنضج إلا بعد زمان فإنها تخور قبل ذلك ولا تجاوز الرابع عشر .
وربما هلك قبله لأن بحران مثل هذا إلى أربعين وستين .
والطبيعة الضعيفة لا تمتد سالمة إلى ذلك الوقت وإن وجدت القوة قويّة ورأيت الشهوتين معتدلتين محمودتين ورأيت النوم والنفس على ما ينبغي ورأيت البول نضيجاً جيداً رجوت أن يجاوز الرابع عشر ثم يموت في الأكثر بعدها .
وكلّ هذا إذا كانت المادة التي توجب العلة حادة .
وبالجملة فإن أطول بحران الخفيف منه أربعة عشر يوماً وربما امتد إلى عشرين يوماً وربما امتد إلى عشرين .


وقد زعم جالينوس أنه ربما استسقى بالنفث إلى ثلاثين يوماً وصادف به بحران بحراناً تاماً وقد قلنا أن النفث الساذج البزاقي يدل على طول العلة وقد يتفق أن يكون توقع البحران لوقت بعرض دليل يجعله أقرب أو دليل فيجعله أبعد مثلاً إذا كان النفث والأحوال تدل على أن البحران يكون في الرابع عشر فيظهر بعد السابع نفث أسود وخصوصاً في يوم رديء كالثامن فإنه يدلّ على أن البحران الرديء يتقدم وإن ظهر يدلّ ذلك دليل جيد على نضج محمود دل على أن البحران الرديء يتأخر والجيد يتقدم .
فصل في ذات الرئة
ذات الرئة ورم حار في الرئة وقد يقع ابتداء وقد يتبع حدوث نوازل نزلت إلى الرئة أو خوانيق انحلت إلى الرئة أو ذات جنب استحال ذات الرئة .
وأمثال هذه يقتل إلى السابع وإن قويت الطبيعة على نفث المادة فإنها في الأكثر توقع في السل .
وذات الرئة تكون عن خلط ولكن أكثر ما تكون تكون عن البلغم لأن العضو سخيف قلما يحتبس فيه الخلط الرقيق كما أن أكثر ذات الجنب مراري بعكس هذا المعنى لأن العضو غشائي كثيف مستحصف فلا ينفذ فيه إلا اللطيف الحاد .
على أنه قد يكون من الدم وقد يكون من جنس الحمرة وهو قتال في الأكثر بحدّته ومجاورته للقلب وقلة انتفاعه بالمشروب والمضمود فإن المشروب لا يصل إليه وهو يحفظ من قوة تبريده ما يقابله والمضمود لا يؤدي إليه تبريداً يوازيه .
وذات الرئة قد تزول بالتحلل وقد تؤول إلى التقيّج وقد تصلب وكثيراً ما تنتقل إلى خراجات وقد تنتقل إلى قرانيطس وهو رديء .
وربما انتقل إلى ذات الجنب وهو في القليل النادر وقد يعقب خدراً مثل المذكور في ذات الجنب وهو أكثر عقاباً له وليس نفع الرعاف في ذات الرئة كنفعه في ذات الجنب لاختلاف المادتين ولأنّ الجذب من الرئة أبعد منه في الحجاب وأغشية الصدر وعضلاته .


العلامات : علامات ذات الرئة حمّى حادة لأنه ورم حار في الأحشاء وضيق نفس شديد كالخانق ينصب المتنفس لأجل الورم ويُضيّق المسالك وحرارة نفس شديد وثقل لكثرة مادة في عضو غير حساس الجوهر حساس الغشاء الذي لُف فيه وتمدد في الصدر كله بسبب ذلك ووجع يمتد من الصدر ومن العمق إلى ناحية القصر والصلب .
وقد يحس به بين الكتفين وقد يحس بضربان تحت الكتف والترقوة والثدي إما متصلاً وإما عندما يسعل ولا تحتمل أن يضطجع إلا على القفا وأما على الجنب فيختنق .
وصاحب ذات الرئة يحمرّ لسانه أولاً ثم يسودّ ويكون لسانه بحيث تلصق به اليد إذا لمسته بها مع غلظ وربما شاركه في التمدد وامتلاء الوجه كله ويظهر في الوجنتين حمرة وانتفاخ لما يتصعد إليهما من البخار مع لحميتهما وتخلخلهما ليسا كالجبهة في جلديتها .
وربما اشتدت الحمرة حتى المصبوغ وربما أحس بصعود البخار كأنه نار تعلوه وتظهر نفخة شديدة ونفس عالٍ سريع لعظم الحمى وآفتها .
وتهيج العينان وتثقل حركتهما وتمتلئ عروقهما وتثقل الأجفان والسبب فيه أيضاً البخار ويظهر في القرنية شبه تورّم وفي الحدقة شبه جحوظ مع دسومة وسمن وتغلظ الرقبة .
وربما حدث سبات لكثرة البخار الرطب وربما كان معه برد أطراف .
وأما النبض فيكون موجيّاً ليناً لأنّ الورم في عضو لين والمادة رطبة والموج مختلف لا محالة في انبساط واحد .
وربما انقطع وربما صار ذا فرعتين وذلك في انبساط واحد .
وربما كان ذلك بحسب انبساطات كثيرة وقد يقع في الانبساطات الكثيرة وقد يقع فيه الواقع في الوسط .
ونبضه في الأكثر عظيم لشدة الحاجة ولين الآلة إلا أن تضعف القوة جداً .
وأما التواتر فيشتد ويقل بحسب الحمى والحاجة وبحسب كفاية القوة وذلك بالعظم أو عجزها هنه .
وقد ذكر أبقراط أنه إذا حدث بهم خراجات عند الثديين وما يليهما وانفتحت نواصير تخلصوا .
وذلك معلوم السبب وكذلك إذا حدثت خراجات في الساق كانت علامة محمودة .


وإذا انتقل في النادر إلى ذات الجنب خف ضيق النفس وحدث وخز .
ونفثهم قد يكون أيضاً على ألوان مثل نفث ذات الجنب وأكثره بلغمي .
وأما ذات الرئة الذي يكون من جنس الحمرة فيكون فيه ضيق النفس .
والثقل المحسوس في الصدر أقل لكن الاتهاب يكون في غاية الشدة .
وعلامات انتقاله إلى التقيّح قريبة من علامات ذات الجنب في مثله وهو أن تكون الحمى لا تنقص ولا الوجع ولا يرى نقص يعتدّ به بنفث أو بول غليظ في رسوب أو براز فإنه إن رأيت المريض مع هذه العلامات سالماً قوياً فهو يؤول إلى التقيح أو إلى الخراج إما إلى فوق وإما إلى أسفل بحسب العلامات المذكورة في ذات الجنب .
وإن لم يكن هناك قوة سلامة فتوقع الهلاك .
وإذا صار بصاقه حلواً فقد تقيح فإن تنقى في أربعين يوماً وإلا طال وإذا طال الزمان بذات الرئة أورث تهيج الرجلين لضعف الغاذية وخصوصاً في الأطرف وإذا مالت المادة إلى المثانة رجيت السلامة .


القانون
القانون
( 37 من 70 )

فصل في الورم الصلب في الرئة
قد يعرض في الرئة ورم صلب ويدلّ عليه ضيق النفس مع أنه يزداد على الأيام ويكون مع ثقل وقلة نفث وشدة يبوسة من السعال وتواتره وربما خص في الأحيان مع قلة الحرارة في الصدر .
فصل في الورم الرخو في الرئة
قد يعرض في الرئة الورم الرخو ويدل عليه ضيق نفس مع بصاق كثير ورطوبة في الصدر من غير حرارة كثيرة ولا حمرة في الوجه بل رصاصية .
فصل في البثور في الرئة
وقد يعرض في الرئة بثور وعلامته أن يحسّ ثقل وضيق نفس مع سرعة وتواتر في الصدر والتهاب من غير حمى عامة .
فصل في اجتماع الماء في الرئة
قد تجتمع في الرئة مائية ويدل على ذلك مليلة وحمى لينة وورم في الأطراف وسوء التنفس ونفث رقيق مائي وحال كحال المستسقي .
فصل في الورم أو الجراحة العارضة لقصبة الرئة
علامات ذلك حمى ضعيفة وضربان في وسط الظهر فإن القصبة ليست كالرئة في أن لا تحسّ ولكنه وجع خفيف ويعرض مع ذلك حكة الجسد وبحّة الصوت فإن تقرحت كانت نكهة سمكية ونفث نزر .
فصل في القيح وجمع المدة
القيح في كلام الأطباء يأتي على معنيين : أحدهما : ماء يستعمل في كل موضع وهو جمع الورم للمدة .
والثاني : ما يستعمل خاصةً في أمراض الصدر ويراد به امتلاء الفضاء الذي بين الصدر والرئة من قيح انفجر إليه إما في الجانبين معاً وإما في جانب واحد .
وأسباب هذا الامتلاء : إما نزلة تصبّ المادة دفعة أو قروح في الرئة تسيل منها مدة صديدية فينتفح بعد عشرين يوماً في الأكثر ثم ينفث وإما انفجار ورم في نواحي الصدر وهو الأكثر ويكون ذلك إما مدة نضيجة وإما شيئاً كالدردي .


وأحوال ذلك أربعة فإنه : إما يحيق بالكثرة ليقتل ويظهر ذلك بأن يأخذ نفسه يضيق ولا ينفث وإما أن تعفن الرئة فيوقع في السل وإما أن يستنقي بالنفث المتدارك السهل وإما أن يستنقي باندفاع من طريق العرق العظيم والشريان العظيم إلى المثانة بولاً غليظاً ويكون سلوكه أولاً من الوريد إلى الكبد ثم إلى الكلية وقد يرد إلى الأمعاء برازاً وهما محمودان وقد سلف منا كلام في ذكر مدة الانفجار .
ويعرف ذلك بحسب قوّة العلامات وبحسب السن والفصل والمزاج .
والمشايخ يهلكون في التقيح أكثر من الشباب لضعف ناحية قلوبهم والشباب يهلكون في الأوجاع أكثر من المشايخ لشدة حسهم .
وقد ذكرنا علامات التقيّح في باب علامات انفعالات ذات الجنب وكذلك علامات الانفجار .
وأما علامات امتلاء فضاء الصدر من القيح فثقل وسعال يابس مع بهر ووجع . وربما كان في كثير منهم سعال رطب يحيل حفة من النفث ويكون نفسهم متتابعاً ولذلك يكون كلامهم سريعاً وتتحرك وترات أنوفهم إلى الانضمام عند التنفس وتلزمهم حمّى دقية إلى الإستسقاء .
وأما علامة الجهة التي فيها المدة فتعرف بأن يضطجع العليل مرّة على جنب ومرة على آخر والجانب الذي يتعلق عليه ثقل ضاغط هو الجانب المقابل لموضع المدة ويعرف من صوت المدة ورجرجتها وخضِخضتها .
ومن الناس من يضع على الصدر وجوانبه خرقة كتان مغموسة في طير أحمر مداف في الماء ويتفقد الموضع الذي يجفّ أولاً فهو موضع القيح .
وأما علامات الانفجار السليم فأن يكون الانفجار يعقبه سكون الحمى ونهوض الشهوة وسهولة النفث والتنفس أو تحدث معه خراجات في الجنب أو نواحيها تصير نواصير وكذلك الذي يكون منهم أو يبط فتخرج منه مدة نقية بيضاء .
وأما علامات الرديء فأن تظهر علامات الاختناق والغشي أو النفث الرديء أو السل .
وإذا كوي أو بط خرجت منه مدة حميّة منتنة .


وأما العلامات المفرّقة بين المدة وبين البلغم في النفث فهي رسوب مدة النفث في الماء وإنتانها على النار والبلغم طاف في الماء غير منتن على النار على أن المدة قد تنفث في غير السل على ما بيناه في موضع متقدّم .
وقد ينفث المتقيح شيئاً كثيراً جداً وقد رأيت من نفث في ساعة واحدة قريباً من منوين بالصغير أو مناً وأكثر من نصف وجالينوس شهد بأنه ربما قذف المتقيح كل يوم قريباً من خمسين أوقية وهو قريب من تسع قوطولات .
وقد عرفت الفرق بين المدة وبين الرطوبات الأخرى فإن المدة تتميز بالنتن عند النفث وعند الإلقاء على النار وترسب ولا تطفو .
وأما علامات انتقال التقيح إلى السل فكمودة اللون وامتداد الجبين والعنق وتسخّن الأصابع كلها سخونة لا تفارق حتى فيمن عادة أطرافه أن تبرد في الحميات وحمى تزيد ليلاً بسبب الغذاء وتعقف من الأظفار لذوبان اللحم تحتها وتدسّم من العينين مع ضرب من البياض والصفرة وعلامات أخرى سنذكرها في باب السلّ .
فصل في قروح الرئة والصدر ومنها السل
هذه القروح إما أن تكون في الصدر وإما أن تكون في الحجاب وإما أن تكون في الرئة وهذا القسم الأخير هو السل وإما أن تكون في القصبة وقد ذكرناها .
وأسلم هذه القروح قروح الصدر وذلك لأن عروق الصدر أصغر وأجزاؤه أصلب فلا يعظم فيها الشر ولأن الصديد لا يبقى فيها بل يسيل إلى فضاء الصدر وليس كذلك حال الرئة ولأن حركته غير قوية محسوسة كحركة الرئة بل يكاد أن يكون ساكناً لأنه لحمي واللحمي أقبل للالتحام .
وكثيراً ما يعرض لقروح الصدر الكائنة عن خراجات متعفنة أن تفسد العظام حتى يحتاج إلى قطع العفن فيها ليسلم ما يجاوره وربما تعدى العفن إلى الأجزاء العصبية فلا يلتحم وإما أن يقع في الأجزاء اللحمية فيلتحم أن تدورك في الابتداء ولم يترك أن يرم .
وأما إذا تورمت أو أزمنت فلا تبرأ .


وأما قروح الرئة فقد اختلفت الأطباء في أنها تبرأ أو لا تبرأ فقال قوم : إنها لا تبرأ البتّة لأن الالتحام يفتقر إلى السكون ولا سكون هناك .
وجالينوس يخالفهم ويزعم أن الحركة وحدها تمنع الالتحام إن لم تنصف إليها سائر الموانع والدليل على ذلك أن الحجاب أيضاً متحرّك ومع ذلك فقد تبرأ قروحه .
وأما جالينوس نفسه فإن قوله في قروح الرئة هو أنها إن عرضت عن انحلال الفرد ليس عن ورم أو عن تأكّل من خلط أكّال بل لعله أخرى فما دام جرحه لم يتقيّح بعد ولا تورم فإنه قابل للبرء وكذلك ما كان من القروح الذي يحدث فيها نفث ولم تتقيّح وما كان عن ورم أو تأكّل لم يقبل البرء لأن القرحة المنضجة المتقيّحة حينئذ لا يمكن أن تبرأ إلا بتنقية المدة وذلك بالسعال .
والسعال يزيد في توسّع القرحة وخرقها والدغدغة الكائنة منها تزيد في الوجع والوجع يزيد في جذب المواد إلى الناحية والأدوية المجففة مانعة النفث والمنقّية مرطبة ملينة للقرحة والكائنة عن خلط أكّل لا تبرأ دون إصلاحه وذلك لا يتأتى إلا في مدة يجب في مثلها إما تخرق القرحة ومصيرها ناصوراً لا تلتحم البتة وإما سعتها حتى يتأكّل جزء من الرئة والكائنة بعد ورم فقد يجتمع فيها هذه المعاني ومن المعاون على صعوبة الالتحام الحركة وأيضاً كون العروق التي في الرئة كباراً واسعة صلاباً فإن ذلك مما يعسر التحام الفتق وأيضاً فإن بعد المسافة بين مدخل الدواء المشروب وبين الرئة ووجوب ضعف قوته إلى أن يصل إلى القرحة من المعاون على ذلك وما كان من الأدوية بارداً فهو بليد غير نافذ .
وما كان حاراً فهو زائد في الحمّى التي تلزم قروح الرئة والمجفف ضار بالدقّ الذي يلزمه والمرطب مانع من الالتحام فإن علاج القروح كلها هو التجفيف وخصوصاً مثل هذه القرحة التي تصير إليها الرطوبات من فوق ومن أسفل .


وقد يقبل هذا التأكّل العلاج إذا كان في الابتداء وكان على الغشاء المغشى على القصبة من داخل وليس في الجوهر اللحمي من الرئة قبولاً سريعاً .
وأما الغضاريف نفسها فلا تقبل .
وأقبل الأسنان لعلاج السل هم الصبيان وأسلم قروح الرئة ما كان من جنس الخشكريشة إذا لم يكن هناك سبب في المزاج أو في نفس الخلط يجعل القرحة اليابسة قوبائية .
وقد يعرض للمسلول أن يمتد به السل ممهلاً إياه برهة من الزمان وكذلك ربما امتد من الشباب إلى الكهولة وقد رأيت امرأة عاشت في السل قريباً من ثلاث وعشرين سنة أو أكثر قليلاً .
وأصحاب قروح الرئة يتضرّرون جداً بالخريف وإذا كان أمر السل مشكلاً كشفه في صاحبه دخول الخريف عليه وقد يطلق اسم السلّ على علة أخرى لا يكون معها حمّى ولكن تكون الرئة قابلة لأخلاط غليظة لزجة من نوازل تنصبّ دائماً ويضيق مجاريها فيقعون في نفس ضيق وسعال ملحّ يؤدي ذلك إلى إنهاك قواهم وإذابة أبدانهم وهم بالحقيقة جارون مجرى أصحاب الربو فإن كانت حرارة قليلة وجب أن يخلط علاجهم من علاج أصحاب الربو .
أسباب قروح الرئة : وأما أسباب قروح الرئة فأما نزلة لذاعة أكّالة أو معفنة لمجاورتها التي لا تسلم معها الرئة إلى أن تنضج أو مادة من هذا الجنس تسيل إلى الرئة من عضو آخر أو تقدّم من ذات الرئة قد قاحت وتقرّحت أو تقيّح من ذات جنب انفجر أو سبب من أسباب نفث الدم المذكور فتح عرقاً أو قطعه أو صدعه كان سبباً من داخل مثل غليان دم أو غير ذلك مما قيل أو من خارج مثل سقطة أو ضربة وقد يكون من أسبابها عفونة وأكال يقع في جرم الرئة من نفسها كما يعرض للأعضاء الأخرى وقد يكثر السل إذا أعقب الصيف الشمالي اليابس خريف جنوبي ممطر .
فصل في المستعدين للسل
في الهيئة والسحنة والسن والبلد والمزاج


هؤلاء هم المجنحون الضيقو الصدور العاريو الأكتاف من اللحم وخصوصاً من خلف المائلو الأكتاف إلى قدّام بارز أو كان للواحد منهم جناحين وكان كتفيه منقطعان عن العضد وقدام وخلف والطويلو الأعناق المائلوها إلى قدّام قد برزت حلوقهم ووثبت وهؤلاء يكثر الرياح في صدورهم وما يليها والنفخ فيها لصغر صدورهم وإن كان بهم مع ذلك ضعف الأدمغة يقبل الفضول ولا تنضج الأغذية فقد تمت الشرائط وخصوصاً إن كانت أخلاطهم حارة مرارية والسحنات القابلة للسل بسرعة مع التجنح المذكور هي الزعر البيض إلى الشقرة وأيضاً الأبدان الصلبة المتكاثفة لما يعرض لهم من انحراف العروق والمزاج القابل لذلك من كان أبرد مزاجاً .
والسنّ الذي يكثر فيه السل ما بين ثمان عشرة سنة إلى حدود ثلاثين سنة وهي في البلاد الباردة أكثر لما يعرض فيها من انفتاق العروق ونفث الدم أكثر والفصل الذي يكثر فيه ذلك الخريف .
ما يجب أن يتوقّاه هؤلاء : يجب على هؤلاء أن يتوفوا جميع الأغذية والأدوية الحريفة والحادة وجميع ما يمدِّد أعضاء الصدر من صياح وضجر ووثبة .
علامات السل : هي أن يظهر نفث مدّة بعلامة المدة على ما شرحناه من صورتها في اللون والرائحة وغير ذلك وحمّى دقّية لازمة لمجاورة القلب موضع العلة تشتد مع الغذاء وعند الليل على الجهة التي يشتد معها حمّى الدق لترطيب البدن من الغذاء على ما نذكره في موضعه .
على أنه ربما تركّب مع الدق فيها حمّيات أخرى نائبة أو ربع أو خُمس .
وشرّها الخمس ثم شطر الغب ثم النائبة وإذا حدث السل ظهرت أيضاً الدلائل التي عمدناها في آخر باب التقيح وفاض العرق منهم كل وقت لأن قوتهم تضعف عن إمساك الغذاء وتدبيره .
والحرارة تحلّل وتسيل فإن انتفث خشكريشة لم يبق شبهة ولا سيما إذا كانت الأسباب المتأذية إلى السل المذكور قد سلفت وإذا أخذ البدن في الذبول والأطراف في الانحناء والشعر في الانتثار لعدم الغذاء وفساد الفضول فقد صح .


وقد يكمّد اللون في الابتداء من السل لكنه يحمرّ عند تصعد البخارات ويتمدد العنق والجبين وخصوصاً إذا استقرّ وتنتفخ أطرافهم وخصوصاً أرجلهم في آخر الأيام وتتربل لفساد الأخلاط وموت الغريزة في الأقاصي من البدن لرداءة المزاج والذين سبب سلّهم خلط أكال فيقذفون بزاقاً في طعم ماء البحر مالحاً جداً وقد يكون النبض منهم ثابتاً معتدل السرعة صغيراً وقد يعرض له ميلان إلى الجانبين ثم بعد ذلك يحصل في البطن قراقر وتنحني الشراسيف إلى فوق ويشتدّ العطش وتبطل الشهوة للعظام لضعف القوى الطبيعية .
وربما اختلف بطنه لسقوط القوة وربما نفث خلطاً وأجرام العروق وذلك عند قرب الموت .
والمنفوث من العروق إن كان كباراً فهو من الرئة وإن كان صغاراً فهو من القصبة وكثيراً ما ينفثون جصاً ولن يقذفوا حلقاً من القصبة إلا بعد قرحة عظيمة وفي آخره يغلظ النفث والبصاق ثم ينقطع لضعف القوة فربما ماتوا اختناقاً وربما لم يتأخر مثل هذا النفث بل وقع في الابتداء إذا كان السل من الجنس الرديء الكائن من مواد غليظة لا ينهضم .
وإذا انقطع النفث في آخر السل فربما لم يزيدوا على أربعة أيام وربما كان انقطاع النفث بسبب ضعف القوّة وحينئذ ربما ضاق النفس بهم إلى أن يصير كغير المحسوس .
وكثيراً ما يشتدّ بهم السعال ويؤدي إلى نفث الدم المتتابع فإن عولج سعالهم بالموانع للنفث هلكوا مع خفة يصيبونها وإن تركوا يسعلون ماتوا نزفاً الموت السريع .
ومن كان به سلّ فظهر على كفيه حب كأنه الباقلى بعد اثنين وخمسين يوماً .
المقالة الخامسة أصول عملية
فصل في المعالجات لأورام نواحي الصدر والرئة
من الأمور المشتركة الفصد أما في الابتداء فمن الجانب المخالف أعجله من الصافن المحاذي في الطول وبعده من الباسليق المحاذي في العرض وبعده الأكحل المحاذي في العرض .


فإن لم يظهر فلا يجب أن تترك فصد القيفال وإن كان نفعه أقلّ وأبطأ ثم بعد أيام فمن الجانب الموافق في العرض وقد يحجم على الصدر وبالشرط أيضاً حتى يجذب المادة إلى خارج ويقللها خصوصاً قال جالينوس : وإن كانت الحمّى شديدة جداً فاحذر المسهّل واقتصر على الفصد فإنه لا خطر فيه أو خطره أقل وفي الإسهال خطر عظيم فإنه ربما حرك وربما لم يسهّل وربما أفرط ويجب أن لا يقربهم المخدرات ما أمكن فإنها تمنع النضج والنفث .
وأما الأغذية فماء الشعير وماء الحنطة وماء طبيخ الخبازي والبقلة اليمانية والملوخية والقرع وماء الباقلى والقشمش إذا لم يكن حرارة مفرطة والزبيب في الأواخر خاصة وما يجري مجرى الأدوية فجميع ما ينقي ويزيل الخشونة ويليّن في الحرجة الأولى مثل ماء العناب والبنفسج والخشخاش وأصل السوس ولباب الخيار والقثاء وغيره وبزر الهندبا والسبستان وربما جعل معها لباب حبّ السفرجل والصمغ والكثيراء وبزر الخشخاش .
وهذا كله قبل الانفجار .
وأفضل الجاليات المنقية ماء العسل إن لم يكن ورم في سائر الأحشاء فإن كان ورم واستعمل وجب حينئذ أن يصير كالماء بكثرة المزاج .
والجلاب وماء السكر أوفق منه وبعده ماء الشعير وبعده الشراب الحلو وهو أفضل شراب لأصحاب هذه العلل وخصوصاً الأبيض منه فهو أعون على النفث لكنه لا ينبغي أن يشرب في ذات الجنب وفي ذات الرئة إلا بعد النضج على أن فيما ذكر عطشاً وإسخاناً قد يتداركان ولا يجب أن يسقى ذلك من كبده وطحاله عليل .
وبعد الشراب الحلو الخمر المائي وهو يقوّي المعدة أكثر من الماء وفيه تقطيع وتلطيف وأما سقي السكنجبين المتخذ من العسل أو من السكّر وقليل خلّ وإذا مزج بالماء فهو يجمع معاني من التطفية والتنقية .


فإن حمض جداً فإنه إما أن ينفث جداً وإما أن يبرد ويلزج جداً فيصير فيه وبال حتى إن ما يقطعه ربما احتاج إلى قوة قوية حتى ينفث فإن كان لا بد من الحامض فيجب أن يسقى مفتّراً أو ممزوجاً بماء حار قليلاً قليلاً .
وأما المعتدل الحموضة فإنه يؤمن هذه الغائلة ويكون مانعاً لضرر الحلاوة من التعطيش وإثارة المرة وتوليدها .
وماء العسل أبلغ في الترطيب وماء الشعير في التقوية .
وربما احتيج في تعديل الطبيعة إلى أن يعطى الحماض مع دهن اللوز .
وأما ما يسقونه من الماء أما في الشتاء فالماء الحار وماء السكر وماء العسل الرقيق .
وأما في الصيف فالماء المعتدل ويكره لهم الماء البارد فإن اشتدّ العطش سقوا قليلاً أو ممزوجاً بجلاب وسكنجبين مبردين فإن السكنجبين ينفذ به بسرعة ويدفع مضرته ويسقون عند الانحطاط ماء بميبختج .
وأما ما احتاج إليه عند الجمع والإنضاج والتفجير وبعده فنحن نفرد له باباً .
فصل في معالجات ذات الجنب
يجب أن تمنع المادة المتجهة إلى الورم وتمال عنه بالاستفراغ وما يجلب إلى الخلاف ويقرأ ما وصفناه في الباب الذي قبل هذا وربما نعاود ذكره فنقول أن علاجه الفصد إن كان الدم غالباً على الجهة المذكورة في الباب الذي قبله ويخرج حتى يتغير لونه فإنه يدل على أن المرخي من الدم قد استفرغ .
واعلم أن أشدّ دم البدن سواداً ما كان قريباً من مثل هذا الورم .
على أن مراعاة القوة في ذلك واجبة فربما لم ترخص القوة في إخراج الدم إلى هذا الحد .
وإن كان خلط آخر استفرغ لا بمثل الهليلج وما فيه قبض بل بما فيه مع الإسهال تليين مثل الأشياء المتخذة بالبنفسج والترنجبين والشيرخشك وسكّر الحجاز ويسهلون ليلاً .
وقد قال قوم من أهل المعرفة : إن الأصوب ما أمكن أن يستفرغوا بالفصد خوفاً من الاضطراب الذي ربما أوقعه المسهل وقد ذكرناه .


وخصوصاً إذا كان النفث مرارياً جداً وخصوصاً على ما قال جالينوس : إذا كانت الحمى شديدة جداً وجالينوس يحذر من السقمونيا ولا يحذر من الأيارج والخربق معاً ويمدح فعل ماء الشعير بعد استعمال المسهل والفراغ منه .
وأما معه فيقطع فعله على أنه يجب أن يراعي جهة ميل الوجع والألم فإن كان الميل صاعداً إلى الترقوة والقس وما فوقهما فالفصد أولى .
وإن كان الألم يميل إلى جهة الشراسيف فلا بد من إسهال وحده أو مع الفصد بحسب ما توجبه المشاهدة وذلك لأن الفصد وحده من الباسليق لا يجذب من هذا الموضع شيئاً يعتد به .
ومما يدلك على شقة الحاجة إلى الاستفراغ أن يجد التضميد والتكميد لا يسكنان الوجع أو يجدهما يزيدانه فيدل ذلك على الامتلاء في البدن كله .
ولا بدّ من الاستفراغ وخصوصاً الفصد وإذا فصدت واستفرغت ولم تسكّن الأعراض فاعلم إنما نطلبه من منع الجمع فلا تعاود الفصد لئلا تتبلد المادة التي هي داء مجتمع وذلك مما لا ينضج مع نقصان القوة وفقدان إنضاج الدموية بالمادة .
فإذا نضجت فيجب أن يمتنع مصير مدة ويجتهد بأن ينقى قبله بالنفث وبالجملة إذا لم يفصد ونضج ونفث نفثاً نضيجاً ونفثاً صالحاً ثم رأيت ضعفاً في القوة فلا تفصد البتّة .
وإن حال ضعف القوّة دون الفصد والإسهال فلا بد من استعمال الحقن المتوسطة أو الحادة بحسب ما توجبه المشاهدة وخصوصاً إذا كان الوجع ماثلاً إلى الشراسيف .
وبقراط يشير في علاج ذات الجنب الذي لا يحس فيه الوجع إلا شديد الميل إلى الشراسيف أن يستفرغ أما بالخربق الأسود أو بالفليون وفي نسخة أخرى البقلة البرية وهي شيء يشبه البقلة الحمقاء ولها لبن من جنس اليتّوعات فإذا استفرغت ووجدت الألم أخفّ اقتصرت على ماء السكر وماء الشعير المطبوخ شعيره المقشّر في ماء كثير طبخاً شديداً .


وماء الخندروس إن احتيج إلى تقوية والبطيخ الهندي وماء العناب وماء السبستان والبنفسج المربى وبزر الخشخاش والدهن الذي يستعمل مع شيء من هذا ثمن اللوز .
وقد نهى قوم عن الرمان لتبريده وما عندي في الحلو منه بأس وقد يطبخ من هذه الأدوية مطبوخ يستعمل للتنفس وهذه هي الشعير المقشر والعناب والسبستان والبنفسج المربى وبزر الخشخاش وشراب البنفسج وشراب النيلرفر وهما أفضل من الجلاب .
وكان جالينوس يأمر في الابتداء بأصناف الدياقود لتمنع المادة وتنضج وتنومه .
وأقول أنه يحتاج إليه إذا لم يكن بد لشدة السهر وإن لم يكن ذلك فربما بلد الخشخاش المادة ومنع النفث اللهم إلا أن يكون السكر المجعول معه يدفع ضرره ويشبه أن يكون البزري أوفق من القشري حينئذ ويجب أن يستفرغ ما يحتبس بالنفث ويقدر الغذاء ولا يكثر بل يلطف بحسب ما يوجبه كثرة حدة العلة وقلتها وأعراضها .
فإنها إن كانت هادئة سهلة خفيفة غذوت بماء الشعير المقشر المطبوخ جيداً فإنه منفث مقطع مقوّ .
وإن أردت أن تحلّيه حليت بسكر أو بعسل فإن كانت مضطربة اقتصرت على ماء الشعير حتى تستبرئ الحال وخصوصاً بحسب النفث فإنه إذا كثر أمنت كثرة المادة وعرفت الحاجة إلى القوة فغفوت بماء الشعير المقشّر وقويت وإن احتبس لطفت التدبير واقتصرت على ماء الشعير وعلى الأشربة ما أمكن .
وإذا حدث في ذات الجنب إسهال وكان ذات الجنب عقيب ذبحة إنحلت إلى الجنب منع ذلك كل علاج من فصد وتليين طبيعة وكان تدبيره الاقتصار على سويق الشعير .
وإن دعت إلى الفصد ضرورة في أصناف ذات الجنب ولم يكن نضج فالصواب أن تقتصر على قدر ثلثي وزنه وتستعد للتثنية بملح وزيت على الجراحة وكثيراً ما يغني استطلاق البطن كل يوم مجلساً أو مجلسين عن الفصد ومن أعقبه افصد غثياً أو شدة عسر وضيق التنفس فذلك يمل على أن افصد لم يستفرغ مادة الورم .


والأولى أن لا يليّن الطبيعة في علاج أوجاع الصدر في الابتداء إلا بما يخص من حقن وشيافات ومن الخطر العظيم سقي المبردات الشديدة إلا في الكائن من الصفراء وسقي المبرّدات القابضة أو إطعامها مثل العدس بالحموضات ونحوها واعلم أن سقي الماء البارد غير موافق لهذه العلة وجميع الأورام الباطنة فأقلل ما أمكنك فإن عصي العطش فامزجه بالسكنجبين لتنكسر سورة الماء وليقل بقاؤه وثباته بل يبذرق وينفذ في البدن ولينتفع بتقطيع السكنجبين وتلطيفه .
واعلم أن ذات الجنب إذا كثر فيه الالتهاب واستدعى التبريد فلا تبرد إلا بما فيه جلاء ما وترطيب مثل ماء الخيار وماء البطيخ الهندي .
وأما ماء القرع فإنه - وإن نفع من جهة - فربما ضر وأضعف بالإدرار .
وأما ما يجتنب فمثل ويجب أن يكون معظم غرضك التنفيث بسهولة .
ومما يكثر النفث هو النوم على الجنب العليل وربما احتيج إلى هز يسير وإلى سقيه الماء الذي إلى الحرارة جرعاً متتابعة فإنه نافع له جداً .
وربما أحوج احتباس النفث المضيق للنفس إلى لعق ملعقة من زنجار وعسل .
وربما أحوج شدة الوجع إلى سقي باقلاة من حلتيت بعسل وخل وماء وذلك عند شدة الوجع المبرح وإذا بلغ عصيان النفس الغطيط والحشرجة أخفت من النطرون المشوي ما يحمله ثلاثة أصابع ومن الزنجار قدره باقلاة وقليل زيت وماء فاتر وعسل قليل .
فإن لم ينجع زدت عليه فقاح الكرم مع فلفل والخل كله مفتراً أو زوفا وخردل وحرف بماء وعسل مفتراً وهو أقوى من الأول ثم يحسى إذا نفث صفرة البيض ليذهب بغائلة ذلك .
فإن احتيج في أصحاب ذات الجنب إلى غذاء أقوى فالسمك الرضراضي وذلك عند انكسار الحمى وكذلك الخبز بالسكر والزبد - فإنه يعين على النضج والنفث - والسمك مسلوقاً بالكراث والشبث والملح .
واجتهد أن يجفف نواحي البطن لئلا تزاحم نواحي الصدر وذلك بتليين الطبيعة وإخراج ثفل إن كان احتبس بحقنة لينة مثل ماء الكشك بقليل ماء السلق .
ويجب أن يمنع النفخ .


واعلم أن بخاري الثفل والنفخة ضاران جداً في هذه العلة .
ومن المهم الشديد الاهتمام أن تبادر بتنضيج العلة من قبل صيرورته مدة فإن صار مدة فيجب أن تبادر إلى تنقيتها قبل أن تأكل .
واعلم أنه لا بد من ترطيب تحاوله ليسهل النفث ويسرع فإذا بدأ النفث في الصعود وجاوز الرابع قوي هذا المطبوخ بأصل السوس والبرشاوشان .
وإذا كانت المادة غليظه والقوة قوية ولم يكن في العصب آفة لم يكن بأس بسقي السكنجبين الممزوج ليقطع .
وإن لينت الطبيعة بمثل الخيار شنبر مع السكر أو الترنجبين أو لشيرخشك كان صواباً وقد يستعان أيضاً بضمادات ومروخات .
وأول ما يجب أن يستعمل فيها قيروطي متخذ من دهن البنفسج والشمع المصفّى ثم يتدرج إلى الشحوم والألعبة وغبار الرحا ثم يتدرج إلى ما هو أقوى مثل ضماد البابونج وأصل الخطمي وأصل السوسن والبنفسج وطبيخ الخبازي البستاني .
وإن احتيج إلى ما هو أقوى استعمل الضماد المتخذ من الكرنب المسلوق ومن الرارنانج المسلوق وأيضاً ضماد متخذ من الأفسنتين وأصل السوسن وشيء من عسل مع دهن النادرين .
واعلم أنه إن كانت المادة كثيرة فالأضمدة والأطلية ضارة وإن كانت قليلة لم تضر وكذلك إن كان الورم تحلل وبقيت بقية .
وإذا وقع استفراغ عن الفصد نافع جاز أيضاً الطلاء .
صفة ضماد جيد ونسخته : ورق البنفسج والخطمي من كل واحد جزء وأصل السوس جزءان دقيق الباقلاء ودقيق الشعير من كل واحد جزء ونصف بابونج وكثيراء جزء جزء .
فإن كانت المادة غليظة واحتيج إلى زيادة تحليل زيد فيه بزر كتان وجعل عجنه بالميبختج مع شمع ودهن بنفسج .
وإن كانت الحرارة أقل أيضاً جعل بدل دهن البنفسج دهن السوسن أو دهن النرجس .
فإن كانت الحرارة قوية ألقي بدل الزيادات الحارة التي ألحقناها بالنسخة ورقِ النيلوفر وورد وقرع .
نسخة مروخ جيد : شمع شحم البط والدجاج وسمن الغنم زوفا رطب يتخذ منه مروخ فإنه جيد جداً .


ومن الأضمدة التي تجمع الأنضاج لتسكين الوجع ضماد يتخذ من دقيق الشعير وإكليل الملك .
وقشر الخشخاش وقد يستعان فيها بكمادات رطبة ويابسة .
والرطبة أوفق لما يضرب إلى الحمرة .
واليابسة لما يضرب إلى الفلغمونية .
لكن الرطب إذا لم ينفع لم يضرّ .
واليابس إن ضر ضرّ عظيماً .
وأولاها بالتقديم الإسفنج المبلول بالماء الحار أقوى منه ماء البحر والماء المالح ثم يجاوز ذلك إن احتيج إليه فيكمد بالبخار أو بزفت وماء حارين وأقوى من ذلك ما يتخذ بالخل والكرسنة بالكرنب على الصوف المشرب دهناً ومن اليابسات اللطيفة النخالة ثم الجاورس ثم الملح .
والتكميد والفصد يحل كل وجع عال أو سافل إذا لم يكن مانع من امتلاء بجذبه التكميد .
وأما الفصد فأكثر حله للأوجاع العالية وإذا ضمدت أو كمدت فاجتهد أن تحبس بخارها عن وجه العليل لئلا يهيج به الكرب وضيق النفس .
وربما كانت العلة شديدة اليبس فينفع بخار الضماد والكماد الرطبين المعتدلين إذا ضرب الوجه وذهب في الاستنشاق .
وقد يستعان بلعوقات يستعملونها .
وأليقها وأوفقها للمحرورين الشمع الأبيض المصفى المغسول بالفصد وغيره والثقة بأنه قد استنقى فإن المحاجم إذا وضعت على الموضع الوجع ظهر منها نفع عظيم .
وربما سكنت الوجع أصلاً وربما جذبته إلى النواحي الخارجة .
وضماد الخردل إن استعمل في مثل هذا الموضع عمل عمل المحاجم في الجذب .
فإذا جاوز السابع فإن الأقدمين كانوا يأمرون بلعوق يتخذ من اللوز وحب القريص والعسل والسمن واللعوقات المتخذة من السمن وعلك البطم وربما استعملوا المعاجين الكبار كالأنام ناسيا وهو طريق جيد يقد عليه المحققون للصناعة الواثقون من أنفسهم بالتفطن لتلاف إن اقتضاه هذا التدبير وبالاقتدار عليه فيبلغون به من التنقية المبلغ الشافي .
وأما المُحْدَثُونَ الجبناء الغير الواثقين من أنفسهم في ذلك فإنهم يخافون العسل ويجعلون بدله السكر .


وكان الأقدمون أيضاً يشيرون بأدوية قوية التنقية مهيأة بالعسل حبوباً تمسك تحت اللسان ويشيرون في هذا الوقت بالأضمدة المسماة ذات الرائحة والمتخذة بالمرزنجوش والمرهم السذابي .
وبالجملة من سلك هذا السبيل الذي للقدماء فيجب أن يسلكه بتوق وتحرز وخوف أن يفجر ورماً أو يهيج حرارة كثيرة ثم له أن يثق بعد ذلك بالنجاح العاجل فإن بقيت العلة إلى الرابع عشر لم يكن بدّ من الحجامة وتلطيف التدبير حينئذ .
وإذا اشتد بهم السهر فلا بد من شراب الخشخاش وإذا تواتر فيهم النفس فتدارك ضرره إنما يكون بالترطيب بمثل لعاب بزر قطونا يجرع منه شيئاً بعد شيء بمثل الجلاب .
وقد ينتفع بنطل الجنب بماء فاتر ليخف الوجع ويقل تواتر النفس فإنه ضار على ما قد عرفت .
وبعد الانحطاط الظاهر يستعمل الحمام ويجتنب التبريد الشديد إلا فيما كان من جنس الحمرة وكذلك يجتنب التدبير المغلظ ويستقل بالتلطيف ويطبخ في المياه والأشربة المذكورة الكراث والفودنج في آخره ويلعقون بزر القريص مع العسل .
فإن استعصي الورم ونحا نحو الجمع دبر التدبير الذي نذكره في باب ذلك خاصة .
ويجب أن يحذر على الناقه من أصحاب ذات الجنب الملوحات والحرافات والامتلاء والشجع والشمس والريح والدخان والصوت العالي والنفخ والجماع فإنه إن انتكس مات .
هذا هو قولنا إن كانت ذات الجنب حارة خالصة .
وأما إن لم تكن كذلك بل كانت غير خالصة غير شديدة الحرارة فعليك بالدلك ضماد نافع في ذلك : يؤخذ رماد أصل الكرنب ويعجن بشحم ويضمد به .
والبلغمي يبدأ في علاجه بالحقن الحارة والإسهال ولا يفصد ويستعمل المحللات من الأضمدة والكمادات المذكورة التي فيها قوة ويطعم السلق وماء الكرنب وماء الحمص ودهن الزيت أو دهن اللوز الحلو أو المر ويستعمل الضمّادات والكمادات الحارة ويسقي مطبوخ يوسف الساهر الذي يسقيه بدهن الخروع .


وإما السوداوي فيغذي بالاحساء المتخذة من الحنطة المهروسة مع العسل ودهن اللوز وباللعوقات اللينة الحارة ويتجرع الأدهان الملينة مثل دهن اللوز الحلو والإحساء اللينة المتخذة من الباقلا وقليل حلبة واللبن الحليب وخاصة لبن الأتن نافع لهم .
ومما ينفع فيه أن يؤخذ من القسط وزن درهم بملعقة من ماء طبيخ الشبث ودهن البلسان أو شراب العسل وهذا أيضاً نافع للسعال الرديء .
وأما الماء المجتمع في الرئة فعلاجه أخفّ ما نذكره من علاج المتقيحين وربما احتيج إلى بط وفيه خطر .
فصل في معالجات ذات الرئة
ذات الرئة يجري في علاجه مجرى ذات الجنب إلا أن ضمّاداته يجب أن تكون أقوى ويدخل فيها ما هو مغوص ويجب أن يكون الحرص على تنقيته بالنفث أشدّ ويكون فيه بدل الاضطجاع على الجهة المنفثة الاستلقاء مائلاً إلى تلك الجهة وإذا كانت الطبيعة فيه معتقلة وجب أن يسقوا في كل يومين مرة من هذا الشراب .
ونسخته : يؤخذ من الخير شنبر ومن الزبيب المنقّى من عجمه من كل واحد ثلاثة أساتير ويلقى عليه أربع سكرجات ماء ويطبخ حتى ينتصف ويؤخذ ويلقى على سكرجة من ماء عنب الثعلب وهو شربة للقويّ وللضعيف نصفها .
وإن كانت الطبيعة لينة ليناً مضعفاً سقي ربّ الآس والسفرجل الحلو المشوي والرمان الحلو .
وما كان من جنس الماشر أو الحمرة فإن علاجه كما أشرنا إليه أصعب فإن نفع شيء فالتطفئة البالغة بالعصارات الشديدة البرد المعلومة من البقول والحشائش والثمار ويسقى المبردة الملينة منها مثل عصارة الهندبا ونحوها .
وإن استفرغت .
الصفراء بمثل الشيرخشك والتمرهندي والترنجبين ونحو ذلك فهو جائز وكذلك ربما احتيج فيه إلى الفصدان كان هناك امتلاء .


كلام في التقيِّح : إذا ظهر في أورام ذات الجنب وذات الرئة علامات الجمع المذكورة وتصعّدت فالواجب أن يعان على الإنضاج بعد التنقية للبدن معونة تكون بالضمادات والكمّادات مثل المتخذة من دقيق الشعير وعلك الأنباط والشراب الأبيض والحلو والتمر والتين اليابس .
وأقوى منه الذي يجعل معه فرق الحمام والنطرون وهو يصلح في آخره أيضاً عند التفجير .
ويجب أن يضطجع قبل وقت الاتفجار على الجانب العليل فإنه أعون على النفث والتفجير .
فإن كانت الحرارة كثيرة سقي ماء العسل في ماء الشعير أو ماء العسل الرقيق وحده وإن كانت الحرارة ليست بقوية والقوة قوية فيجب أن يسقى طبيخ الزوفا والمطبوخ فيه مع الزوفا حاشا وفراسيون والتين والعسل وأن يسقى ماء الشعير المطبوخ بأصول السوسن وربما احتيج إلى مثل المثروديطوس والترياق لينضج .
وأوفق أوقات سقيه بعد النضج التام ليفجّر على حفظ من الغريزة والمتمر جيد غاية في هذا الوقت وبعده وشراب الفراسيون غاية في ذلك .
قرص لذلك : يؤخذ بزر الخطمي والخبازي والخيار والبطيخ والقرع وربّ السوس وفقاح إكليل الملك وبنفسج وكثيراء يقرص بلعاب بزر الكتان ويسقى بماء التين وأما تغذيتهم في التصعّد فخبز مبلول بماء أو بماء العسل والبيض النمبرشت وما أشبه ذلك والنقل حب الصنوبر الكبير أو الصغير واللوز الحلو والإحساء الرقيقة المتخذة من دقيق الشعير والحمص والباقلا بدهن اللوز والسكّر والعسل .
وإذا جاوز وقت الانفجار وتم النضج فيجب أن يعان على الانفجار فإن تركه يجعل للمرض صعوبة وشأناً وتبخر حلوقهم باللبنى ويسقى شراب الزوفا القوي الذي ذكرناه بالأضمدة القوية التي ذكرناها .
وسقي المثروديطوس والترياق في هذا الوقت نافع إن لم يكن حمى ولا نحافة ولا هزال ويطعم السمك المالح ويؤخذ في فمه عند النوم الحب المتخذ من الأيارج وشحم الحنظل .


وحمت القوقايا أيضاً يسقونه عند النوم وقد ينفع منه هز كرسي وهو عليه جالس وقد أخذ إنسان بكتفيه .
وينفع منه الاضطجاع على الجانب الصحيح إذا أريد الانفجار وقد أمر بالقيء بعد العشاء في مثل هذا الوقت وذلك خطر فإنه ربما أورث انفجاراً عظيماً دفعة واحدة وربما خنق .
وأما إذا لم ينفجر فلا بد من الكي ثم تنظر فإن خرجت مدة بيضاء نقية رجي وإلا لم يرج وإذا انفجرت المدة وسالت وحدثت بأنها قليلة أو معتدلة وبحيث يمكن أن تنقى بالنفث إلى أربعين يوماً فيجب أن يستعمل بعده الجلاءة الغسالة المنقية ويسقى كما يبدو نفث ما انفجر وذلك بمثل طبيخ الزوفا بأصول السوس والسوسن الاسمانجوني بشراب العسل والكرنب والإحساء المذكورة المتخذة بدقيق الحمص ونحوه من الأدوية ويجعل فيها أيضاً دقيق الكرسنة وينفع لعوق العنصل ولعوق الكرسنة .
وأما الأدوية المفردة التي هي أمهات أدوية هذا الشأن .
فهي مثل دقيق الكرسنة وسحيق السوسن وأصله والزراوند والفلافل الثلاثة والخردل والحرف وحبّ الجاوشير أيضاً والقسط والسليخة والسنبل .
وربما احتيج أن يخلط معها شيء من المخدرات بقدر .
ومن هذه الأدوية سقورديون فإنه شديد المنفعة في هذا الباب .
وهذه الأدوية هي أمهات الأدوية النافعة في هذا الوقت التي تتخذ منها أشربة ونطولات وضمادات باسفنجات وأدهان .
وربما جعل الدهن الذي ينقل إليه قوتها مثل دهن السوسن والنرجس والبابونج والحناء والناردين ومثل دهن الغار وخصوصاً عند الانحطاط وربما جعل مثل دهن البنفسج بحسب الحال والوقت وربما جعل في هذه الأدهان مثل الريتيانج والشحوم والقنة وفقاح الأذخر والزوفا الرطب والحلبة وورق الغار والمقل وما أشبه ذلك .
وإذا كانت الحمى قوية فلا تفرط في التسخين فتضعف القوة لسوء المزاج وتعجز عن النفث ويجب أن تبادر إلى تدبير إخراج القيح بعد الانفجار إلى الصدر وفي الأيام التي يتخيل العليل فيها خفته .


وأما إذا حدثت في ذات الجنب أن المادة كثيرة لا تستنقي في أربعين يوماً فما دونه بل يوقع في السلّ فلا بد من كي بمكوى دقيق يثقب به الصدر لينشّف المدة ويستخرجها قليلاً قليلاً ويغسل بماء العسل ويعان على جذبها إلى خارج فإذا نقيت أقبلت على الملحم ويجب أن يتعرف الجهة التي فيها القيح من الوجوه المذكورة من صوت القيح وخضخضته .
ومن الناس من يضع على الصدر خرقة مصبوغة بطين أحمر وتنظر أي موضع يجفّ أسرع فهو موضع القيح فيعلم عليه فيكوى أو يبط هناك فإنه ربما لم يكو بل يبط الجنب بمبضع وجعلت النصبة نصبة تخرج معها المدة فإنه يؤخذ منها كل يوم قليلاً قليلاً من غير إخراج الكثير دفعة .
وفي مثل هذا الوقت لا بد من حفظ القوة باللحم والغذاء المعتدل ولا تلتفت إلى الحمّى فإنها لا تبرأ ما دامت المدة باقية وإذا نقيتها أقلعت .
وإذا قوي العليل على نفث المدة أو على ما يعالج به من الكي زالت الحمّى لا محالة وكثيراً ما يتفق أن ينفجر الورم قبل النضج ويكون ما ينفجر منه دماً فحينئذٍ لا بد له من الفصد ومن استعمال الضمادات الدفاعة ومن المشتركات ضمّاد مرهم الكرنب وماء العسل على نسخة أهرن وضماد بهذه الصفة .
ونسخته : يؤخذ فلفل وبرشياوشان وزوفا يابس وانجرا وزراوند مدحرج يتخذ منه ضماد بالعسل فإنه نافع .
فصل في علاج قروح نواحي الصدر ومعالجات السلّ
أما القرحة إذا كانت في قصبة الرئة فإن الدواء يسرع إليها ويجب أن يضطجع العليل على قفاه ويمسك الدواء في فيه ويبلع ريقه قليلاً قليلاً من غير أن يرسل كثيراً دفعة فيهيج سعال ويجب أن يكون مرخياً عضل حلقه حتى ينزل إلى حلقه من غير تهييج سعال .
والأدوية هي المغرّيات المجففة التي تذكر أيضاً في السل .


وأما القروح التي في الصدر والرئة التي ذكرناها فإنها يحتاج أن يرزق فيها الأدوية الغسالة الجلاءة ويؤمر أن يضطجع على الجانب العليل ويسعل ويهتزّ أو يهزّ هزاً رقيقاً . وربما استخرج القيح منها بعد إرسال ماء العسل في القرحة بالآلة الجاذبة للقيح فإذا نقّينا المادة ورجوت أنه لم يبق منها شيء فحينئذ تستعمل الأدوية الملحمة المدملة وليس في المنقيات الجلاءة فبمثل ذلك كالعسل فإنه منق وغذاء حبيب إلى الطبيعة لا يضر القروح .
وأما قرحة الرئة فإن تدبيرها أمران : أحدها علاج حق والآخر مداراة .
أما العلاج الحقّ فإنما يمكن إذا كانت العلة قابلة للعلاج وقد وصفناها وذلك بتنقية القرحة وتجفيفها ودافع المواد عنها ومنع النوازل وإعانتها على الالتحام وقد سلف لك تدبير منع النوازل وهو أصل لك في هذا العلاج .
وجملته تنقية البدن وجذب المادة عن الرأس إلى الأسافل وتقوية الرأس لئلا تكثر الفضول فيه ومنع ما ينصب من الرأس إلى الرئة وجذبه إلى غير تلك الجهة .
ويجب أن تكون التنقية بالفصد وبأدوية تخرج الفضول المختلفة مثل القوقايا وخصوصاً مع مقل وصمغ يزاد فيه .
وربما احتيج إلى ما يخرج الأخلاط السوداوية مثل الأفتيمون ونحوه وربما احتجت إلى معاودات في الاستفراغ لتقلل الفضول وتستفرغ بدواء وتفصد ثم ترفد ثم تعاود وخصوصاً ومن الأشياء النافعة في دفع ضرر النوازل استعمال الدياقودا وخصوصاً الذي من الخشخاش مما قيل في الأقراباذين وغير ذلك ومما يعين على قبول الطبيعة للتدبير أن ينتقل إلى بلاد فيها هواء جاف ويعالج ويسقى اللبن فيها .
ويجب أن يكون نصبته في الأكثر نصبة ممددة للعنق إلى فوق وقدام ليستوي وقوع أجزاء الرئة بعضها على بعض ولا تزال أجزاء القرحة عن الانطباق والمحاذاة الطبيعية .
ويجب أن لا يلح عليه بتسكين السعال بموانع النفث فإن فيه خطراً عظيماً وإن أوهم خفة .


وأما المداراة فهي التدبير في تصليبها وتجفيفها حتى لا تفشو ولا تتسع وإن كان لا يرجى معها الالتحام والاندمال وفي ذلك إرجاء في مهلة صاحبها وإن كانت عيشته غير راضية وكان يتأذى بأدنى خطأ وهذه المجففات تقبض الرئة وتجففها وتضيق القرحة إن لم تدملها .
ومن سلك هذه السبيل فلا يجب أن يستعمل اللبن البتة .
والعسل مركب لأدوية السل ولا مضرة فيه بالقروح .
وأما تنقية القروح فبالمنقّيات المذكورة وطبيخ الزوفا المذكور للسل في الأقراباذين .
وأقوى من ذلك لعوق الكرسنة بحب القطن المذكور في الأقراداذين .
وأقوى منه لعوق الإشقيل بلبن الأتن وربما احتيج أن يجمع إليها الملزجات المغَرية وربما أعينت بالمخدرات لتمنع السعال ويتمكن الدواء من فعله .
وحينئذ يحتاج إلى تدبير ناعش قوي وقد ذكرنا لك هذه المنقيات في أول الأبواب وذكرناها أيضاً في باب التقيّح .
والمعتاد منها الأحساء الكرسنية والأحساء الواقع فيها الكرّاث الشامي المتخذة من دقيق الحمّص والخندروس وهذا الكراث نفسه مسلوقاً ومياه العسل المطبوخة فيها المنقّيات والملحمات وكل ذلك قد مضى لك والمعاجين المجففة مثل الكموني والأثاناسيا ولعوق بزر الكتان .
وأما المثروديطوس والترياق وإذا استعمل في أوقات وخصوصاً في الأول وحين لا يكون هزال شديد فهو نافع وحين لا يكون حمّى قد بالغت في الذبول .
والطين المختوم أنفع شيء في كل وقت والطين الأرمني أيضاً وكذلك جميع ما ذكرناه من الضمّادات والكمّادات والمروخات المنقّية وإذا عتقت القروح في الصدر والرئة نفع إلعاق المريض ملعقة صغيرة من القطران غدوة واحدة أو بعسل أو شيء من الميعة السائلة بعسل .
فإن كانت هناك حرارة وخفت المنقّيات الحارة ولم ينتفع بالباردة فخذ رئة الثعلب وبزر الرازيانج وربّ السوس النقي وعصارة برشياوشان يجمع بماء السكر المغلظ فإنه غاية .


وقد يستعمل في هذه العلة أجناس من البخورات تجفف وتنقى بها في قمع من ذلك زرنيخ وفلفل مبندق ببياض البيض ومن ذلك ورق الزيتون الحلو وإخثاء البقر الجبلي وشحم كلى البقر وزرنيخ وشحم كلى التيس وسمن الغنم .
ومن ذلك زرنيخ وزراوند وقشور أصل الكبر أجزاء سواء يجمع بعسل وسمن .
وأيضاً صنوبر فيه درديّ القطران .
وأيضاً زرنيخ أصفر بشيرج .
وكلما سخن مزاجه فضل سخونة عولج بقرص الكافور أياماً وعود بعدها التجفيف .
وأما الأغذية فمن الدراج مطيباً بالأبازير وأفاويه ولا يمنع الشراب الأبيض الصرف في أوله ويشمّم دائماً الرياحين ويلزم النوم والدعة والسكون ويترك الغضب والضجر ولا يورد عليه ما يغمّه ومما جربتُه مراراً كثيرة في أبدان مختلفة وبلدان مختلفة أن يلزم صاحب العلة تناول الجلنجبين السكري الطري لغامه كل يوم ما يقدر عليه وإن كثر حتى بالخبز ثم يراعى أمره .
فإن ضاق نفسه بتجفيف الورد سقي شراب الزوفا بمقدار الحاجة وإن اشتعلت حمّاه سقي أقراص الكافور ولم يغير هذا العلاج فانه يبرأ .
ولولا تقية التكذيب لحكيت في هذا المعنى عجائب ولا وردت مبلغ ما كان استعملته امرأة مسلولة بلغ من أمرها أن العلة بها طالت ورقدتها واستدعى من يهيئ لها جهاز الموت فقام أخ لها على رأسها وعالجها بهذا العلاج مدة طويلة فعاشت وعوفيت وسمنت ولا يمكني أن أذكر مبلغ ما كانت أكلته من الجلنجبين .
وقد يفتقر اليبس والذبول إلى استعمال اللبن أو الدوغ وفي ذلك تغذية وترطيب وتعديل للخلط الفاسد وتغرية للقرحة بالجبنية وتنقية بجلاء ماء اللبن للصديد والمدة بل كثيراً ما أبرأ هذا وأوفق الألبان لبن النساء رضعاً من الثدي ثم لبن الأتن ولبن الماعز وخصوصاً للقبض في لبن الماعز .
ولبن الرماك أيضاً مما ينقّي ويسهل النفث ولكن ليس له تغرية ذلك فيما ظن .


وأما لبن البقر والغنم ففيه غلظ لو قدر على أن يمصّ من الضرع كان أولى ويجب أن يرعى الحيوان المحلوب منه النبات المحتاج إلى فعله .
أما المدمل مثل عصا الراعي والعوسج وحبّ المساكين وما أشبه ذلك .
وأما المنقّي المنفث فمثل الحاشا ولعبة النحل والحندقوقي بل مثل اليتّوع .
ومن اشتغل بشرب اللبن فيجب أن يراعى سائر التدبير فإنه إن أخطأ في شيء فربما عاد وبالاً عليه .
وقد وصف بعض من هو محصّل في الطب كيفية سقي اللبن فقال ما معناه مع إصلاحنا أنه يجب أن يختار من الأتن ما ولد منذ أربعة أشهر أو خمسة أشهر ويعمد إلى العلبة وتغسل بالماء فإن كان قد حلب فيها قبل غسل بماء حار وصبّ فيها ماء حاراً وترك حتى يتحلل شيء إن كان فيها من الماء ثم يغسل بماء حار ثم بماء حار وبارد ثم توضع العلبة في ماء حار ويجلب فيها نصف سكرجة وهو قدر ما يسقى في اليوم الأول إن كانت المعدة سليمة وإلا فأكثر من ذلك بقدر ما يحمد ويحسن .
واسقه في اليوم الثاني ضعف ذلك الحلب فإن كانت الطبيعة استمسكت في اليوم الأول جعل فيما يسقى اليوم الثاني شيء من السكر وافعل في اليوم الثالث ما فعلته في اليوم الأول فإن لم تلن في الطبيعة في اليوم الثالث وخصوصاً إذا كانت لم تلن إلى الثالث فاسقه سكرجتين من اللبن مع دانقين من الملح الهندي ومن النشاستج وزن نصف درهم إلى درهم ونصف ولا يزال يسقى اللبن كل يوم يزيد نصف اسكرجة فإذا بلغت السادس ولم تجب الطبيعة أخذت من اللبن ثلاث سكرجات وخلطت به سكراً وملحاً ودهن اللوز والنشاستج .
فإن أجابت فوق ثلاث مجالس فلا تخلط بعده مع اللبن شيئاً وانقص من اللبن .
وبالجملة يجب أن لا تزيد الطبيعة في اليوم والليلة على ثلاث ولا تنقص من مرتين فإن انتفع بذلك فاسقه ثلاثة أسابيع .


وقد ذكر بعض المحصّلين أن الأجود في سقي لبن الأتن ما كان من دابة ترعى مواضع فيها حشائش ملطفة منقية مع قبض وتجفيف مثل الأفسنتين وغيره والشيح والقيصوم والجعدة والعليق .
وأما لبن المعز فالأصوب فيه أن يمزج بحليبه شيء من الماء وتحمى الحجارة وتطرح فيه مراراً حتى ينضج وتذهب مائيته وهذا أجود هضماً من المطبوخ على النار ويراعى أيضاً لبن الطبيعة اللهم إلا أن يكون ذرب فيجب أن يجعل فيه طراثيث أو سعال كثير فيجعل فيه كثيراء وزن درهم .
وإن كانت المعدة ضعيفة جعل معه كمون وكراويا واللبن المطبوخ إذا هضمه المسلول فهو له غذاء كاف .
وإذا حم عليه المسلول فيجب أن يقطعه .
وأما الدوغ فيحتاج إليه عند شدة الحمّى وعند الإسهال فهو نافع لهم جداً وأجوده أن يترك الرائب ليلة بعد أخذ الزبد كله في وضع معتدل ثم يمخض من الغد مخضاً شديداً حتى يمتزج بعضه ببعض امتزاجاً شديداً ثم يؤخذ أقراص من دقيق الحنطة السميذ الجيد الخبز المنقوطة بالمنقط حتى تكون المسماة يرازده بالفارسية ويصبّ على وزند عشرة دراهم منها وزن ثلاثين درهماً من الدوغ ويلعق .
وفي اليوم الثاني يزاد من الدوغ عشرة وينقص من الخبز وزن درهَم يفعل ذلك دائماً حتى ينقّي المخيض وحده ثم يقلب القصة إن استغني عن الدوغ وظهرت العافية وانحطت العلة فلا يزال ينقص من الدوغ ويزاد في القرص حتى ينقطع اللبن فإن كان ببعضهم ذرب لم يكن بإلقاء الحديد المحمى في الدوغ مراراً بأس .
ولنرجع من ههنا إلى شيء ذكر في الأقراباذين .
وأما أغذيتهم فالمغزيات مثل الخبز السميذ والأطرية والجاورسية والأرز أيضاً ينقي وينبت اللحم وكشك الشعير الجيد المطبوخ مغر ومنق وصالح عند شدة الحمى وخصوصاً السرطانات المنتوفة الأطراف الكثيرة الغسل بالماء والرماد وخصوصاً البقول الباردة والعدس أيضاً وما يتخذ بالنشا والخيار والبطيخ قد يسهل النفث .
وإن كانت الحمى خفيفة فلا كالكرنب والهليون والمنقّيات .


وأما السمك المالح فإنه إذا أكل مرة أو مرتين نفع في التنقية وإذا كانت القرحة خبيثة فاجتنبه وكل مالح فإن غذوتهم باللحم فليكن مثل لحوم الطياهيج والدجاج والقنابر والعصافير كلها غير مسمن .
والأجود أن يطعم شواء ليكون أشدّ تجفيفاً وإلحاماً .
والأكارع أيضاً جيدة للزوجتها والسمك المكبّب .
وإذا اشتهوا المرق فاخلطها بعسل وقد يجوز إدخالهم الحمّام قبل الغذاء وبعده إذا لم يكن بأكبادهم سدد فإنه يسمنهم ويقوّيهم .
وأما ماؤهم الذي يشربونه فليكن ماء المطر .
وأصحاب السل كثيراً ما يعرض لهم نفث الدم على ما سلف ذكره .
ومن الأقراص الجيدة لذلك قرص بهذه الصفة .
ونسخته : يؤخذ طين مختوم ثلاثة دراهم نشا وطين أرمني وورد أحمر من كل واحد أربعة دراهم كهربا وحب الآس من كل واحد ستة دراهم سرطان محرق وبزر الفرفير من كل واحد عشرة دراهم بسذ وكثيراء وطباشير وشاذنج من كل واحد خمسة دراهم صمغ دودي وعصارة السوسن من كل واحد سبعة دراهم يعجن بماء الحمقاء أو الماء الورد الطري ويقرّص ويشرب بماء القثاء أو بماء المطر .
وكثيراً ما يبتلى المسلول بسقوط اللهاة فيقع في نخير وغطيط من قبله وربما احتيج إلى قطعها .
فاعلم ذلك .
ومن المجربات الجيدة أن يطلى نواحي الصدر والجانب الأيمن بالصندلين المحكوك بالماورد مع قليل من الطين
الفن الحادي عشر أحوال القلب
وهو مقالتان :
المقالة الأولى مبادئ أصول لذلك
فصل في تشريح القلب


أما القلب فإنه مخلوق من لحم قوي ليكون أبعد من الآفات منتسج فيه أصناف من الليف قوية شديدة الاختلاف الطويل الجذاب والعريض الدفّاع والمورب الماسك ليكن له أصناف من الحركات وقدر خلقته بمقدار الكفاية لئلا يكون فضل وعظم منه منابت الشرايين ومتعلّق الرباط وعرضاً ليكون في المنبت وقاية لنابت وجعل هذا الجزء منه على حرية ليكون بعيداً عن الاتكاء على عظام الصدر فلا يؤذيه مماستها ودقق منه الطرف الآخر كالمجموع إلى نقطه ليكون ما يبتلى بماسة العظام أقل أجزائه وصلب ذلك الجزء منه فضل صلابة ليكون المبتلى بتلك الملاقاة أحكم ودرج الشكل إلى الصنوبرية ليحسن هندام السفل والفوق ولا يكون فيه فضل وأودع في غلاف حصيف جداً هو وإن كان من جنس الأغشية فلا يوجد غشاء يدانيه في الثخن ليكون له جنة ووقاية ويرى جرمه من ذلك الغلاف بقدر إلا عند أصله وحيث ينبت الشريان ليكون له أن ينبسط فيه من غير اختناق وعند أصله عضواً كالأساس يشبه الغضروف قليلاً ليكون قاعدة وثيقة لحلقه وفيه ثلاثة بطون بطنان كبيران وبطن كالوسط ليكون له مستودع غذاء يغتذي به كثيف قوي يشاكل جوهره ومعدن روح يتولّد فيه عن لحم لطيف ومجرى بينهما وذلك المجرى يتسع فيه عند تعرض القلب وينضم عند تطوله .
وقاعدة البطن الأيسر أرفع وقاعدة البطن الأيمن أنزل بكثير والعروق الضوارب - وهي الشرايين - خلقت إلا واحدة منها ذات صفاقين وأصلبهما المستبطن إذ هو الملاقي لضربان ولحركة جوهر الروح القوية المقصود صيانته وإحرازه وتقويته .
ومنبت الشرايين هو من التجويف الأيسر من تجويفي القلب .
لأن الأيمن أقرب إلى الكبد فوجب أن يجعل مشغولاً بجذب الغذاء استعماله .


ولما كان البطن الأيمن من القلب يحوي غليظاً ثقيلاً والأيسر يحوي دقيقاً حفيفاً عدل الجانبان بترقيق البطن الذي يحوي الغليظ وخصوصاً إذا أمن التحلل بالرشح التفشّي بل جعل وعاء الأدق أضيق وأعدل في الوسط وله زائدتان على فوهتي مدخل مادتي الدم والنسيم إلى القلب كالأذنين عصبيتان يكونان متعصبتين مسترخيتين ما دام لقلب منقبضاً فإذا انبسط توترتا وأعانتا على حصر ما يحتوي عليه إلى داخل فهما كخزانتين يقبلان عن الأوعية ثم يرسلانه إلى القلب بقدر وأدقتا ليكون أحوى وأحسن إجابة إلى الإنقباض وصلبتا ليكون أبعد عن الانفعال .
والقلب يغتذي مع قواه الطبيعية انبساط فيجذب الدم إلى داخل كما يجذب الهواء .
وقد وضع القلب في الوسط من الصدر لأنه أعدل موضع وأميل يسيراً إلى اليسار ليبعد عن الكبد فيكون للكبد مكان واسع .
وأما الطحال فنازل عنه وبعيد وفي إنزاله منفعة سنذكرها ولأن توسيع القلب المكان للكبد أولى من توسيعه للطحال لأن الكبد أشرف ومما قصد في إمالة القلب عن الكبد أن لا يجتمع الحار كله في شق واحد وليعدل الجانب الأيسر إذ الطحال بنفسه غير حار جداً وليقل مزاحمته للعرق الأجوف الجائي إليه ممكناً له بعض المكان وما كان من الحيوان عظيم القلب وكان مع ذلك جذعاً خائفاً كالأرانب والأيايل فالسبب فيه أن حرارته قليلة فينفس في شيء كثير فلا يسخنه بالتمام .
وما كان صغير القلب ومع ذلك جريئاً فلأن الحرارة فيه كثيرة تحتقن وتشتدّ ولكن أكثر ما هو أجرأ عظيم القلب ولا يحتمل القلب ألماً ولا ورماً ولذلك لم يذبح حيوان فوجد في قلبه من الآفات ما يوجد في سائر الأعضاء .
وقد وجد في قلب بعض الحيوانات الكبير الجثة عظم وخصوصاً في الثيران وهذا العظم مائل إلى الغضروفية وأكبره وأعظمه مع زيادة صلابة هو ما يوجد في قلب الفيل وكذلك وجد قلب بعض القرود ذا رأسين .


ومن قوة حياة القلب أنه إذا سل من الحيوان وجد نبض إلى حين وقد أخطأ من ظن أن القلب عضلة وهو وإن كان أشبه الأشياء بها لكن تحركها غير إرادي .
فصل في أمراض القلب
قد يعرض للقلب في خاصته أصناف الأمراض كلها مثل أصناف سوء المزاجات وقد تكون بمادة وقد تكون ساذجة .
والمادة قد تكون في عروقه وقد تكون فيما بين جرمه وبين غلافه وخصوصاً الرطوبة وكثيراً ما يوجد في ذلك الموضع رطوبات .
ومن المعلوم أنها إذا كثرت ضغطت القلب عن الانبساط وقد يعرض له الأورام والسدد وقد يعرض له شيء من الوضع أيضاً مثل ما يعرض له من احتقان في رطوبة مزاحمة تمنعه عن الانبساط فيقبل .
والانحلال الفرد الذي يعرض إما فيه وإما في غلافه وإذا استحكم في القلب سوء مزاج لم يقبل العلاج وإذا كان غير مستحكم لم يكن سهل قبول العلاج .
والورم الحار قاتل جداً في الحال والبارد مما يبعد ويندر حدوث صلبه ورخوه في القلب وأكثره في غلاف القلب فإن اتفق أن حدث فإنه لا يقتل في وحي قتل الورم الحار لكنه مع ذلك قتال .
وربما أسهل الصلب العارض في الغلاف من الخلط الغليظ وغير الصلب العارض من خلط مائي منقط مدة كالحال في ورم كان بغلاف قلب قرد حكاه جالينوس وقد عاش ذلك القرد ملياً فلما شُرح بعد موته عرف ما كان به في حياته فكان له ينحف ويضعف .
وإذا كان القلب نفسه لا يحتمل أن يرم فكيف يحتمل أن يجمع ويقيح وإذا عرضت هناك قروح محتملة تنوبه فإنها تقتل بعد رعاف أسود على ما قيل .
وقد يعرض في عروق القلي سدد ضارة بأفعال القلب وأما انحلال القرد فالقلب أبعد احتمالاً منه للورم وإذا عرض لجرمه ونفذ إلى البطن قتل في الحال .
وإن لم يكن نافذاً فربما تأخر قتله إلى اليوم الثاني .
وقد يعرض للقلب أمراض بمشاركة غلافه الدماغ والجنب والرئة والكبد والمعي وسائر الأحشاء وخصوصاً المعدة .
وقد يكون بمشاركة أعضاء أخرى والبدن عامة كما في الحميات حين تخفق بنوائبها وبحارينها .


ومشاركته الأعضاء الأخرى قد تكون بسبب ما يقطع منها كمشاركته الكبد إذا ضعفت عن توجيه الغذاء إليه والدماغ إذا ضعف فضعفت العضل المنفسة عن التنفس وقد يكون بسبب ما يتأدّى منها إليه .
أما الدماغ فمثل ما إذا كثر فيه الخلط السوداوي فينفذ في جوهر الدماغ فنفذ في طريق الشرايين إلى القلب فيهيج خفقاناً وسقوط قوة وغمّاً مع الهائج .
من سوء فكر وهمّ ومثل ما يتأدى منه إليه من الخلط الرطب بهذه السبيل فيحدث بلادة وكسلاً وسقوط نشاط .
وأما الكبد فيما يرسل من لحم رديء حار أو بارد أو غليظ وقد يكون بمشاركة في الأذى على سبيل المجاورة ومثل تأذيه بورم حار أو بارد يكون في الغلاف المحيط به خصوصاً ولسائر الأحشاء عموماً وتأذية لتأذي فم المعدة والمعدة عن خلط لزج أو لذاع أو ديدان وحب القرع أو قيء لذاع فيحدث به منه خفقان .
وقد يكون بسبب المشاركهّ في الوجع إذا اشتد وانتهى إليه وكثيراً ما يقتل وقد يكون بسبب انتقال المادة من مثل خفقان أو ذات جنب أو ذات الرئة فتميل المادة إلى القلب فتخنق وتقتل والمشاركات التي تقع بين القلب وغلافه فليست تبلغ الإهلاك وربما لم يكن حاراً فإنه قاتل وقد يحدث في نفس فم المعدة اختلاج فيضرّ بالقلب .
فصل في وجوه الاستدلال على أحوال القلب
وهي ثمانية أوجه : النبض والنفس وخلقة الصدر وملمس البدن وما يعرض فيه والاختلاف وقوة البدن وضعفه والأوهام .


أما النبض فسرعته وعظمه وتواتره تدلّ على حرارته وأضدادها يدل على برودته ولينه على رطوبته وصلابته على يبسه وقوته وأستواؤه وانتظام اختلافه يدل على صحته وأضدادها على خلاف صحته والنفس العظيم والسريع والمتواتر والحار يدل على حرارته وأضدادها على برودته والصدر الواسع العريض إن لم يكن بسبب كبر الدماغ الذي يدل عليها كبر الرأس الموجب لكثرة الدماغ الموجب لعظم النخاع الموجب لعظم الفقرات الموجب لعظم الأضلاع النابتة منها بل كان هناك صغر رأس أو توسطه وقوة نبض دل على حرارته وضد ذلك إن لم يوجبه صغر الرأس دل على برودته .
والشعر الكثير على الصدر خصوصاً الجعد منه يدل على حرارته وجرد الصدر وقلة شعره يدل على برودته لعدم الفاعل الدخاني أو يبوسة لعدم المادة للدخان وإن لم يكن لعارض رطوبة مزاج البدن جداً أو عادة الهواء والبلد والسن وحرارة البدن كله يدل على حرارته إن لم يقاومه الطحال والكبد الباردة بتبريدهما وبرودته إن لم يقاوم الكبد مقاومة ما ولين البدن يدل على رطوبته إن لم يقاوم الكبد بأدنى مقاومة وصلابته على يبسه إن لم يقاوم الكبد .
والحميات العفنة مع صحة الكبد تدل على حرارته ورطوبته وأما من طريق الاختلاف والغضب الطبيعي الذي ليس عن اعتياده والجرأة والإقدام وخفة الحركات تدلّ على حرارته وأضدادها أن لم تكن مستفادة من الأوهام والعادات تدل على برودته .
وأما قوة البدن فتدل على قوته .
وضعفه إن لم يكن بآفة من الدماغ والأعصاب فتدلّ على ضعفه .
وضعفه يدل على سوء مزاج به وقوته تدل على اعتدال مزاجه الطبيعي وهو كون الحار الغرزيزي والروح الحيواني كثيرين فيه غير ملتهبين مدخنيني بل نورانيين صافيين .
وأما العرض من الحرارة فيدل عليه شدة الالتهاب وضجر النفس وربما أدى إلى آفة في النفس .
وأما الأوهام فالمائلة إلى القرح والأمل وحسن الرجاء يدل على قوته وعلى اعتداله الذي يحس به في حرارته .


ورطوبته والمائلة إلى طلب لا الإيحاش والإيذاء ويدل على حرارته والمائلة نحو الخوف والغم يدل على برده ويبسه .
والأحوال التي تحس في القلب نفسه مثل التهاب يعرض فيه ومثل خفقان يحس منه فإنها بعضها يدل بانفراده على مزاجه مثل الالتهاب وبعضها لا يدل إلا بقرينة مثل الخفقان إن الخفقان يتبع جميع أنحاء ضعف القلب وسوء مزاجه فلا يدل على أمر خاص فيه .
وربما كثر الخفقان لسبب قوة حس القلب فيعرض الخفقان من أدنى وهم أو بخار أو نحو ذلك مما يصل إليه وقد تكون أمراض القلب بمشاركة غيره وخصوصاً الرأس وفم المعدة .
ولا تخلو أمراض الدماغ المالنخولية والصرعة عن مشاركة الدماغ للقلب وقد ينتقل إلى القلب من مواد مندفعة من مثل ذات الجنب وذات الرئة فيكون سبباً لعطب عظيم ولهلاك .
وإذا عرض للأخلاط نقصان عن القدر الواجب كان أول ضرر ذلك بالقلب فيتغير مزاجه .
وإذا خلص الحر الصرف أو البرد الصرف إلى القلب مات صاحبه وربما رأيت المصرود يتكلم وقد علامات أمزجة القلب الطبيعية : فاعلم أن المزاج الحار الطبيعي يدلّ عليه سعة الصدر في الخلقة إلا أن يكون بمعارضة الدماغ وعظم النبض الطبيعية وميله إلى التواتر والسرعة وعظم النفس الطبيعي وميله إلى التواتر والسرعة ووفور الشعر على الصدر وخصوصاً إلى اليسار قليلاً إن لم يعارض ترطيب عضو أخر معارضة شديدة جداً .
والبلد والهواء وشدة الغضب والإقدام وحسن الظنّ وفسخه الأمل .
وقد يدل عليه عظم الصدر إذا لم يكن بسبب الدماغ على ما قيل .
وأما المزاج البارد الطبيعي فيدلّ عليه ضيق الصدر إلا للشرط المذكور وصغر النبض الطبيعي وميله إلى التفاوت أو لبطء إلا أن يكون هناك بسبب يقتضي السرعة وصغر النبض الطبيعي وميله إلى البطء والتفاوت وضعف وكسل وحلم لا بالتخلق والرياضة وأخلاق تشبه أخلاق النساء ودهش وحيرة وبلادة وانفعال عن المحفرات وبرد البدن .


وأما المزاج الرطب فيدل عليه لين النبض وسرعة الانفعال عن الواردات المقبضة والمفرّحة وسرعة الانصراف عنها ورطوبة الجلد وإن لم يقاوم الكبد .
وأما المزاج اليابس فيدل عليه صلابة النبض وبطء الانفعال وبطء السكون وسبعية الأخلاق ويبس البدن إن لم يقاوم الكبد .
وأما المزاج الحار اليابس فيدل عليه النبض العظيم بمقدار وذلك لأن عظمه يكون للحاجة .
ونقصانه ليبس الآلة والسريع وخصوصاً إلى الانقباض والتواتر والنفس العظيم السريع وخصوصاً في إخراجه للهواء المتواتر وشراسة الخلق والوقاحة وخفة في الحركات والجلادة وسرعة الغَضَب للحرارة وبطء الرضا ليبس وكثرة شعر الصدر وكثافته ليبس مادته وجعودته وحرارة الملمس ويبسه .
وأما المزاج الحار الرطب فيكون الشعر فيه أقل والصدر أعرض والنبض أعظم إلا أنه ألين وسرعته وتواتره دون ما يكون في المزاج اليابس إذا ساواه في الحرارة ويكون الغضب فيه سريعاً غير شديد وملمس البدن حاراً رطباً إن لم يقاوم الكبد مقاومة في البرد شديدة وفي الرطوبة وإن كانت دون الشديدة ويكثر فيه أمراض العفونة .
وأما المزاج البارد الرطب فيدل عليه النبض إذا لم يكن عظيماً بل إلى الصغر وكان ليناً ليس بسريع ولا متواتر بل مائلاً إلى ضديهما بحسب مبلغ المزاج ويكون صاحبه كسلاناً وجباناً عاجزاً ميت النشاط أجرد غير حقود ولا غضوب ويكون البدن بارداً رطباً إن لم يقاومه الكبد بتسخين كثير وتيبيس وإن لم يكن بكثير .
وأما المزاج البارد اليابس فيكون نبض صاحبه ليس بذلك البطء كله ويكون صاحبه بطيء فصل في علامات أمراض القلب
من ذلك دلائل الأمزجة الغير الطبيعية وقد يدلّ على سوء مزاج القلب ضعف وانحلال قوة وذوبان غير منسوب إلى سبب بادٍ أو سباق أو مشاركة عضو فإن أعان الخفقان في هذه الدلالة فقد تمّ الدليل وإن أدى إلى الغشي فقد استحكم الأمر .


وإذا قوي على القلب سوء مزاج بارد أو حار أو يابس بلا مادة أخذ البدن في طريق السل والذوبان فيكون الحار منه دقاً مطبقاً والبارد نوعاً من الدقّ ينسب إلى المشايخ والهرمى واليابس نوعاً من الدق والسل يخالف كل ذلك السلّ الكائن عن الرئة فإن الرئة في هذا لا تكون مؤفة نفسها ولا يكون بصاحبه سعال ويخالف الدق الحار لعدم الحرارة .
وأما علامة سوء المزاج الحار فزيادة النبض في السرعة والتواتر عن الطبيعي وخروج النفس إلى السرعة والتواتر عن الطبيعي وشدّة العطش الذي يسكن بالهواء البارد والاستراحة إلى البرد وعموم النحول والذوبان من غير سبب آخر والغمّ والكرب المخالطين للالتهاب وأما علامة سوء المزاج البارد فميل النبض إلى الصغر والبطء والتفاوت عن الطبيعي إلا أن تسقط القوة فيضطر إلى التواتر فيتدارك ما تفوت الحاجة بغيرهما ويكون مع ضعف النفس وانحلال القوة والاستراحة إلى ما يسخّن من أنواع ما يلمس ويشمّ ويذاق والتفرع والجبن والإفراط في الرقة والرحمة .
وأما علامة سوء المزاج الرطب فميل النبض إلى اللين عن الطبيعي وسرعة الانفعال عن التواترات في النفس مع سرعة زوالها وكثرة حدوث الحمّيات العفنة .
وأما علامة سوء المزاج اليابس فميل النبض إلى اليبس عن الطبيعي وعسر الانفعالات مع ثباتها كانت قوية أو ضعيفة وذوبان البدن .
فصل في دلائل الأورام
فمنها دلائل الأورام الحارة فإنها في ابتدائها تظهر في النبض اختلافاً عجيباً غير معهود ويعظم اللهيب في البدن وخصوصاً في نواحي أعضاء التنفس ويكون المتنفّس وإن استنشق أعظم هواء وأبرده كالعادم للنفس ثم يتبعه غشي متدارك ولا يجب أن يتوقّع في تعرّف حال أورام القلب الحارة ما يكون من دلالة صلابة النبض على ما جرت العادة بتوفعه في غيره مما هو مثله فإن الورم لا يبلغ بالقلب إلى أن يصلب له النبض بل يقتل قبل ذلك .


وأما انحلال الفرد فيوقف عليه من الأسباب البادية وقد قال بعضهم أنه إذا عرضت في القلب قرحة سال من المنخر الأيسر دم ومات صاحبه وعلامته وجع في الثندوة اليسرى .
فصل في الأسباب المؤثّرة في القلب
الأسباب المؤثرة في القلب منها ما هي خاصة به ومنها ما هي مشتركة له ولغيره كالأسباب الفاعلة للأمزجة والأسباب الفاعلة للأورام والفاعلة لانحلال الفرد وسائر ما أشبه ذلك مما قد عددنا ذلك من الكتب الكلية لكن القلب يخصّه أسباب تعرض من قبل النفس وأسباب تعرض من قبل الانفعالات النفسانية .
أما النفس فإذا ضاق أو سخن جداً أو برد جداً لزم منه أن تنال القلب آفة .
وأما الانفعالات النفسانية فيجب أن يرجع فيه إلى كلامنا في الكلّيات وقد بينا تأثيرها في القلب بتوسط الروح وكل ما أفرط منها في تأثير خانق للحار الغريزي إلى باطن أو ناشر إياه إلى خارج فقد يبلغ أن يحدث غشياً بل يبلغ أن يهلك .
والغضب من جملتها أقلّ الجميع فإن الغضب قلّما يهلك .
وأما السهر والرياضة وأمثال ذلك فتضعف القلب بالتحليل .
فصل في القوانين الكلية في علاج القلب
إن لنا في الأدوية القلبية مقالة مفردة إذا جمع الإنسان بين معرفته بالطبّ ومعرفته بالأصول التي هي أعمّ من الطب انتفع بها .
وأما ههنا فإنا نشير إلى ما يجب أن يقال في الكتب الطبية الساذجة أنه لما كان القلب عضواً رئيساً أجل كل رئيس وأشرفه وجب أن يكون الإقدام على معالجته بالأدوية إقداماً معموداً بالحزم البالغ سواء أردنا أن نستفرغ منه خلطاً أو نبدل له مزاجاً .
أما الاستفراغ الذي يجري مجرى الفصد فإنا نقدم عليه إقداماً لا يحوجنا إلى خلطه بتدابير أخرى منقية بل أكثر ما يلزمنا فيه أن لا نفرط فتسقط القوة وأن تنعش القوة إن خارت قليلاً بالأشياء الناعشة للقوة إذا ضعفت لمزاج بارد أو حار وهذا أمر ليس إنما يختص به إخراج الدم فقط بل جميع الاستفراغات وإن كان إخراج الدم أشدّ استيجاباً لهذا الاحتياط .


والسبب الذي يستغنى معه عن محاولة أصناف من التدبير غير ذلك أن إخراج الدم ليس بدواء يرد على القلب وعلى أن الأكثر امتلاءات القلب إنما هو من الدم والبخار فيدفع ضررهما جميعاً الفصد .
وأما الامتلاء الدموي فمن الباسليق الأيمن وأما الامتلاء البخاري فمن الباسليق الأيسر وأما سائر الاستفراغات التي تكون بالأدوية فيجب أن يخالط بالتدبير المذكور وتدابير أخرى وذلك لأن أكثر الأدوية المستفرغة مضادة للبدن فيجب أن يصحبها أدوية قلبية وهي الأدوية التي تفعل في القلب قوّة بخاصية فيها حتى يكون الدواء المستعمل في استفراغ الخلط القلبي مشوباً به أدوية ترياقية بادزهرية مناسبة للقلب .
وقد ينفع كثير من هذه الأدوية بل أكثرها منفعة من جهة أخرى وذلك لأنها أيضاً تنفذ الأدوية المستفرغة إلى القلب صارفة إياها عن غيره .
وأما تبديل المزاج فإنه إما أن يتوجه التدبير نحو تبديل بارد أو تبديل حار أو تبديل رطب أو تبديل يابس .
فإذا أردنا أن نبدل مزاجاً بارداً اجترأنا على ذلك بالأدوية الحارة مخلوطة بالأدوية القلبية الحارة مع مراعاتنا أن لا يقع منها تحريك عنيف لخلط في القلب بحيث يمدد جرم القلب تمديد ريح أو تمديد مارة مورمة وغير ذلك .
وأما إن أردنا أن نبدل مزاجاً حاراً فلا نجسر على الاقتصار على المبرّدات فإن الجوهر الذي خلق القلب لأجله - وهو الروح المصبوب فيه - جوهر حار وحرارة غريزية غير الحرارات الضارة بالبدن وأنه يعرض له من سوء مزاج القلب إذا كان حاراً أن يقل ويتحلّل وأن يتدخن ويتكدر .


فإذا ورد على جرم القلب ما يطفئه ولم يكن مخلوطاًبالأدوية الحارة التي من شأنها أن تقوي الحار الغريزي لأجل ذلك بحرارتها بل بخاصيتها المصاحبة لحرارتها أمكن أن يضر بالأصل أعني الروح وإن نفع الفرع وهو جرم القلب مما ينفع فيه تعديل حرارة جرم القلب إذا أحس معه حرارة الروح فلذلك لا تجد العلماء الأقدمين يحلّون معالجة سوء المزاج الحار الذي في القلب وما يعرض له عن خلط الأدوية الباردة بقلبية حارة ثقة بأن الطبيعة إن كانت قوية ميزت بين المبرّد والمسخّن فحملت بالمبردات على القلب وحملت الحارة القلبية إلى الروح فيعدل ذلك هذا .
وإن وجدوا دواءً معتدلاً يفعل تقوية الروح بالخاصية أو قريباً من الاعتدال كلسان الثور اشتدت استعانتهم به .
وأما إن كانت الطبيعة ضعيفة لم ينفع تدبير وقد يحوجهم إلى استعمال الأدوية الحارة القلبية ما يعلمونه من ثقل جواهر أكثر الأدوية الباردة القلبية وقلة نفوذها وميلها بالطبع إلى الثبات دون النفاذ فيحوجهم ذلك إلى خلط الأدوية القلبية الحارة النافذة بها لتستعين الطبيعة على سوق تلك إلى القلب مثل ما يخلطون الزعفران بسائر أخلاط أقراص الكافور فإن سائر الأخلاط تتبذرق به إلى القلب ثم للقوة الطبيعية أن تصدّه عن القلب له وتشغله بالروح من القلب وتستعين بالمبردات على تعديل المزاج فإن هذا أجدى عليها من أن تستعمل مبردات صرفة ثم تقف في أول المسلك وتأبى أن تنفّذ .
والذين أسقطوا الزعفران من أقراص الكافور مستدركين على الأوائل فقد جعلوا أقراص الكافور قليل الغذاء وهم لا يشعرون .
ثم المزاج الحار يعالج بسقي ربوب الفواكه وخصوصاً ماء التفاح الشامي والسفرجل فإنها نعم الدواء وبما يشبهه مما سنذكره وبأطلية وأضمدة من المطفئات مخلوطة بمقوّيات القلب وإن كان السبب مادة استفرغت .


وأما علاج سوء المزاج البارد فبالمعاجين الكبار التي سنذكرها والشراب الريحاني والرياضات المعتدلة وبالأضمدة والأطلية الحارة العطرة القلبية وبالأغذية حارة بقدر ما ينهضم .
فإن كان السبب مادة استفرغت .
وأما علاج سوء المزاج اليابس فيحتاج فيه إلى غذاء كثير مرطب وإلى دخول الحمام إثره وإلى استعمال الأبزن مع ترفيه وقلة حركة ودعة وسقي الماء البارد .
وإن كان هناك برد جنبوا الماء البارد الشديد البرد وعدلوا بالأغذية والأشربة وأكثروا النوم على طعام حار .
وإن كان السبب مادة حارة استفرغت وستعرف تفصيل ذلك حيث نتكلم في علاج الدق والذبول .
وأما علاج المزاج الرطب فبتلطيف الغذاء واستعمال الأدوية المجفّفة والرياضات المعتدلة مع تواتر وكثرة الحمام قبل الطعام وعياه الحميات والاستنقاع الكثير في الماء الحار واستعمال المسهلات والمدرات واستعمال الشراب القوي القليل العطر واستعمال الأغذية المحمودة الكيموس بقدر دون الكثير فإن كان هناك حرارة جنبوا الحمام واستعملوا الجماع .
وإن كان السبب مادة رطبة أو حارة رطبة استفرغت .
كلام في الأدوية القلبية : أما الأدوية القلبية بكمالها فيجب أن تلقطها من ألواح الأدوية المفردة من لوح أعضاء النفس وأما بحسب الحاجة في هذا الوقت فلنذكر منها ما هو كالرؤوس والأصول فنقول : أما القريبة من الاعتدال منها فالياقوت والسبنجاذق والفيروزج والذهب والفضة ولسان الثور .
وأما الحارة منها فكالدرونج والجدوار والمسك والعنبر والزرنباد والإبريسم خاصية والزعفران والبهمنان عاجلا النفع والقرنفل عجيب جداً والعود الخام والباذرنبويه وبزره .
وأيضاً الباذروج وبزره والشاهسغرم وبزره والقاقلة والكبابة والفلنجمشك وبزره وورق الأترج وحماضه والساذج الهندي والراسن عجيب جداً .
وأما الباردة فاللؤلؤ والكهرباء والبُسد والكافور والصندل والورد والطباشير والطين المختوم والتفاح والكزبرة اليابسة والكزبرة الرطبة وغير ذلك .


المقالة الثانية جزئيات مفصلة
فصل في الخفقان وأسبابه
الخفقان حركة اختلاجية تعرض للقلب وسببه كل ما يؤذي القلب مما يكون في نفسه أو يكون في غلافه أو يتصل به من الأعضاء المشاركة المجاورة له وقد يكون عن مادة خلطية وقد يكون عن مزاج ساذج وقد يكون عن ورم وقد يكون عن انحلال الفرد وقد يكون عن سبب غريب وقد يكون عن جبن شديد .
والمادة الخلطية قد تكون دموية وقد تكون رطوبة وقد تكون سوداوية وقد تكون صفراوية وقد تكون ريحية وهي أخفها وأسهلها .
والذي يكون عن مزاج ساذج فإن كل مزاج غالب يوجب ضعفاً وكل ضعف يحدث في القلب ما دام به بقية قوة اضطرب اضطراباً ما كأنه يدفع عن نفسه أذى فكان الخفقان .
وإذا أفرط انتقل الخفقان إلى الغشي وإذا أفرط انتقل إلى الهلاك وقد يفعله من المزاج الساذج كل مزاج من الأمزجة .
وأما الورم الحار فإنه ما دام يبتدئ أظهر خفقاناً ثم أغشي ثم أهلك .
والبارد يقرب من حاله لكنه ربما أمهل قليلاً وكذلك انحلال الفرد وكذلك السدد تكون في مجاري الدم والروح والقلب وما يليه وفي العروق الخشنة من أجزاء الرئة .
وأما الكائن من سبب غريب فمثل الكائن عن أوجاع مثخنة وانفعالات من مواد الأورام المجاورة المذكورة وعن شرب السموم والكائن عن لسوعات الحيوانات والكائن عن الحيات التي تحدث في البطن وخصوصاً إذا ارتقت إلى أعالي مواقف الغذاء والثفل .
وأما الكائن عن لطف حس القلب فإن صاحبه يعرض له الخفقان من أدنى ريح يتولد في الفضاء الذي بينه وبين غلافه أو في جرم غلافه أو في عروقه ومن أدنى كيفية باردة أو حارة تتأدى إليه حتى عقب شرب الماء من غير أن يؤدي ذلك إلى ضعف في أفعاله .


أما الكائن بالمشاركة فإما بمشاركة البدن كله كما يعرض في الحميات وخصوصاً حميات الوباء أو بمشاركة غلافه بأن يعرض فيه ورم رخو أو صلب كما يعرض للقرد والديك المذكورين أو بمشاركة المعدة بأن يكون في فمها خلط لزج زجاجي أو لذاع صفراوي أو كان يفسد فيها الطعام أو بمشاركة جميع الأعضاء التي توجع بشدة .
وقد يكثر بمشاركة المعدة لخلط فيها أو بثور في فمها أو وهن عقيب قيء عنيف حتى لا تكاد تميز بينه وبين القلبي .
وربما عرض اختلاج في فم المعدة وترادف ذلك فكان أشبه شيء بالخفقان القلبي وقد يكون بمشاركة الرئة إذا كثر فيها السدد في الجهة التي تلي القلب فلم ينفذ النفس على وجهه وذلك ينذر بضيق نفس غير مأمون وقد يكون بسبب البحران وحركات تعرض للأخلاط نحو البحران وسنوضحه في موضعه .
ومن شكا خفقاناً بعقب المرض وكان به تهوع وقذف صفراء كبيرة ولم يزل التهوع فهو رديء وينذر بتشنج في المعدة .
العلامات : الخفقان كله يدلَ عليه النبض المخالف المجاوز للحدَ في الاختلاف المحسوس في العظم والصغر والسرعة والإبطاء والتفاوت والتواتر وكثيراً ما يشبه نبض أصحاب الربو ويدل على الرطب منه شدة لين النبض وإحساس صاحبه كأن قلبه ينقلب في رطوبة .
ويدل على الدموي فيه علامات الحرارة والالتهاب وسرعة النبض وعظمة في غير وقت الخفقان وينتفعون بالجماع وفي البارد بالضد منه .
ويدل على الصفراوي منه وهو في القليل أمراض صفراوية تتبعه وصلابة في النبض وشدة ويدل على الريحي الساذج منه صرعة تحلله وخفة مؤنته وقلة اختلاف نبضه .
ويدل على الورمي في جوهره أو غلافه علامة الورمين المذكورة وعلى الانحلالي سببه .
وعلى الكائن عن السموم واللسوع سببها مع عدم سائر الأسباب وكذلك الكائن عن الديدان والكائن عن مزاج حار مفرد التهاب شديد من غير إحساس رطوبة يترجرج فيها القلب وسرعة نبض وتواتره ولو في غير وقت هيجانه وأن يكون عقيب أسباب مسخنه بلا مادة وفي الدّق ونحوه .


وكذلك الكائن عن البرد الساذج يدل عليه أسبابه من الاستفراغات المطفئة للحار الغريزي والأمراض المبردة والأهوية وغيرها والنبض البطيء المتفاوت في غير وقت الخفقان .
وأما الكائن عن السدد فيدلّ عليه اختلاف النبض في الصغر والكبر والضعف والقوة مع عدم علامات الامتلاء .
وأما الكائن عن لطف حس القلب وعن أدنى ريح يتولده وأدنى أذى يتأدى إليه فيعرف ذلك من قوة النبض وصحة النفس والسلامة في سائر الأعضاء .
وقوة النبض وعظمه أدل دليل عليه ويؤكده أن يكون البدن مع تواتر هذا الخفقان سليماً والقوة محفوظة والعادة في الأفعال صحيحة وأكثر ما يعرض هذا للذين يظهر على وجوههم تأثير الانفعالات النفسانية وإن قلت مثل فرح أو غم أو هم أو غضب أو نحو ذلك .
فأما الكائن بمشاركة البدن كله في الحمّيات فذلك ظاهر وكذلك البحراني .
وأما الكائن بسبب المعدة فيدلّ عليه دلائل أحوال المعدة والشهوة وما ينقذف عنها والخيالات والغثيان والمغص وأن يخف عند الخواء إلا أن يكون عن سبب صفراوي ينصبّ إلى فم المعدة عند الخواء وأن لا يشتدّ ساعة أخذ الغذاء في الهضم .
والذي يكون بمشاركة الرئة بأن يكون صاحبه معرضاً للربو موجوداً فيه العلامات الدالة على رطوبة الرئة وانسداد المجاري فيها التي نذكر في بابه .
وأما الكائن بسبب الخناق فيدل عليه دلائلها المذكورة في بابها ومما يدل عليه اللعاب السائل ووجع كالعاض والغارز يقع دفعة في فم المعدة .
المعالجات الكلية للخفقان : أما المادية كلها فينتفع فيها بالاستفراغات .
أما الدموي فبالفصد وإخراج الدم البالغ وتعديل الغذاء بالكمّ والكيف وإن كان له نوائب أو فصل يعتري فيه كثيراً مثل الربيع مثلاً فمن الواجب أن يتقدم قبل النوبة بفصد وتلطيف غذاء ويتناول ما يقوي القلب .
وأما الكائن بسبب خلط بلغمي فيجب أن يستفرغ بأدوية يبلغ تأثيرها القلب وأوفق ذلك الأيارجات الكبار المستفرغة للرطوبات اللزجة .


وأما الكائن بسبب دم سوداوي فعلاجه الفصد وتعديل الكبد حتى لا تتولّد السوداء بما يقال في بابه .
وإن كان مجرد خلط سوداوي فالعلاج فيه الاستفراغ بمثل أيارج روفس ولوغوديا وجميع ما يستفرغ الخلط السوداوي من مكان بعيد ثم يتوخّى بعد ذلك تعديل المزاج .
أما البارد فبالمسخنات وأما الحار فبالمبرّدات وخصوصاً ما كان منهما من الأدوية القلبية .
وأما ما كان بمشاركة المعدة فإن كان من خلط غليظ عولج بالقيء بعد الطعام وبعد تناول الملطفات المعروفة مثل تناول عصارة الفجل والسكنجبين والإسهال بعده بالأيارجات الكبار مثل لوغاذيا وتنادريطوس وأيارج فيقرا مقوى بشحم الحنظل والغاريقون والأفتيمون .
فإن كان بسبب الصفراء اللذّاعة عولج بتقوية المعدة بربوب الفواكه والنواكه العطرة ومثل التفّاح والسفرجل وخصوصاً بعد الطعام والكمثري وما أشبه ذلك وبإمالة الطبيعة إلى اللين واجتناب ما يستحيل إلى خلط مراري وتدبير تعديل المعدة وكذلك إذا كان الطعام يفسد فيها فينبغي أن تدبر بما يقويها على هضم ما يفسد فيها بما نذكره في باب المعدة فكما أنك تقطع السبب بهذا التدبير كذلك يجب أن تقوّي المنفعل وهو القلب حتى لا يقبل التأثير ولا يقتصر على قطع السبب دون تقوية المنفعل بل يجب مع ذلك أن تتعهد القلب بالأدوية القلبية مما يعظم نفعه في الخفقان شرب وزن مثقال من لسان الثور عند النوم ليالي متوالية ومما جرّب له شرب مقدار نواة ووزنها من القرنفل الذكر في اثني عشر مثقالاً من اللبن الحليب على الريق وأن تشرب مثقالاً من المرزنجوش اليابس في ماء بارد إن كان هناك حرارة أو شرب إن لم يكن حرارة في أيام متوالية .


ومما ينتفع به صاحب الخفقان أن يكون معه أبداً طيب من جنس ما يلائم وأن يديم التبخر به ويستعمل شمامات منه وأن يكون الذي به خفقان حار يغلب على طيبه الورد والكافور والصندل والأدهان الباردة مع قليل خلط من الأدوية الأخرى اللطيفة الحرارة كقليل مسك وزعفران وقرنفل اللهم إلا أن يفدح الأمر فتقتصر .
على الباردة وإن كان به مزاج بارد فالمسك والعنبر ودهن البان ودهن الأترج وماء الكافور والغالية وما يشبه ذلك .
ويقاربه من أصناف الدخن والند والملائمة بحسب المزاج .
ولا نكثر عليك الكلام في تعديل الأدوية القلبية الحارة والباردة فإنك تجد جميعها مكتوباً في جداول أعضاء النفس في الأدوية المفردة .
وبالجملة فإن كل دواء عطر فهو قلبي ومع هذا فإنا قد ذكرنا ما يكون من هذه الأدوية مقدّماً في هذا الغرض فأما صاحب الخفقان مع التهوّع الذي ذكرنا أن خفقانه رديء علاجه خصوصاً إن كان هناك بقية حمّى سقي سويق الشعير مغسولاً بالماء الحار ثم مبرّداً بوزن عشرة دراهم سكّر فإنه - وإن تقيأه أيضاً - ينتفع به وإن كره السكّر لزيادته في التهوّع أخذ بدله حبّ الرمان ويشدّ الساقين ويستنشق الكافور وما يشبهه مع الخلّ ويضع على الصدر خرقاً مبلولة بماء الصندلين والكافور ونحوه وكثيراً ما يهيج الخفقان ثم يندفع شيء إلى أسفل يمنة ويسرة فيسكّن الخفقان .


القانون
القانون
( 38 من 70 )

فصل في علاج الخفقان الحار
إن كان هذا الخفقان مع مادة واستفرغتها وبقي أثرها أو كان خفقان حار بلا مادة فيجب أن تكون تغذية صاحبه بما قل ونفع كالخبز المبلول المنقع في ماء الورد فيه قليل شراب ريحاني والخبز بشراب التفاح ومرقة التفاح وبالدوغ القريب العهد بالمخض أو غير الحامض جداً والقرع والبقلة اليمانية والفواكه الباردة .
فإن احتمل اللحم فالقريص والهلام من الفراريج ومن القبج خاصة فله خاصية في هذا الشأن حتى لبارد المزاج وأصناف المصوص المتخذ منها كل ذلك بعصارات الفواكه والحصرم والتفاح الحامض والخلّ الحاذق مرشوشاً عليه ماء الورد وماء الخلاف وإن كان حمّاض الأترج أو الليمون فهو أنفع شيء .
فإن اشتدّ الأمر والالتهاب جرّعته الماء البارد وماء الثلج ممزوجاً بماء الورد تجريعاً بعد تجريع وجرعته شراب الفواكه وشراب التفاح الشامي وما أشبه ذلك شيئاً بعد شيء .
وإن احتجت أن تذوب فيه الكافور فعلت وربما احتجت إلى أن تقتصر به على سقي الرائب من رطل إلى رطلين تجعله غذاء لهم فإن احتجت إلى تقوية شيء من لباب الخبز والكعك فعلت وإن وجدت القوة ضعيفة وخفت التطفئة لم يكن بدّ من أن يخلط بذلك وبما يجري مجراه من الكبابة والقاقلة وورق الأترج .
وأيضاً الكزبرة والكافور مع ورد وطباشير أيضاً ليعدله .
وأما لسان الثور فاقدم عليه ولا تخف غائلته واستعمله في كل ما سقيت وأطعمت وقد جرت العادة بسقيه وكذلك ماؤه المقطّر وقد ينفع منه وزن درهم من الراوند الصيني بماء بارد أيام متوالية واجتهد أن يكون الهواء مبرّداً غاية التبريد .
وإن شرب تكون النضوحات والشمومات العطرة الكافورية والصندلية حاضرة ولا بأس أن يرشّ عليها شيء من الشراب قدر ما ينفذ عطرها إلى القلب .


ومما ينتفع به صاحب الخفقان الحار الانتقال عن هوائه إلى هواء بارد فإن ذلك يعيده إلى الصحة ويجب أن لا تغفل وضع الأضمدة المبرّدة على القلب المتخذة من الصندل وماء الورد وماء الحدادين والكافور والورد والطباشير والعدس يضمّد به فؤاده وخاصة في الحميات .
وأما المركّبات النافعة في ذلك فإن يسقى أقراص الكافور بالزعفران بشراب حمّاض الأترج وقد جعل فيه ورق الأترج ودواء المسك الحلو والمفرح البارد .
ومما جرّب لما ليس من الحار شديد الحرارة ما نحن واصفوه من الدواء .
ونسخته : يؤخذ طباشير أربعة أجزاء عود هندي وسكّ من كل واحد درهم قاقلة وقرنفل من كل واحد درهم كافور نصف درهم كثيراء ثلاثة دراهم يقرّص بماء الترنجبين كل قرصة وزن نصف درهم .
نسخة أخرى : يؤخذ درونج جزء كافور ربع جزء صندل ثلث جزء لؤلؤ كهربا بُسد عود هندي طباشير ورد من كل واحد نصف جزء لسان الثور جزآن يعجن بماء التفاح ويقرص والشربة من درهم إلى مثقال .
أخرى : وهو دواء أقوى من ذلك في التطفئة بزر خس وبزر الهندبا وطباشير وورد وصندل بزر بقلة الحمقاء ولسان ثور وكزبرة يابسة وبُسد وكهربا ولؤلؤ من كل واحد على ما يرى المعالجون قانون ذلك ثم يسفّ منه وزن درهمين فإنه جيد جداً .
فإن اشتدت الحاجة فيؤخذ من الطباشير والصندل الأصفر والورد من كل واحد جزء ومن الكافور ربع جزء الشربة منه وزن درهمين .
نسخة أخرى : يؤخذ نشا وكهربا ولؤلؤ وباذرنبويه فلنجمشكك وشبّ يماني مقلو ثلاثة ثلاثة طين أرمني كزبرة خمسة خمسة الشربة مثقالان بماء الباذرنبويه .
فإن أفرط الأمر وزاد الإشعال وخيف أن يكون ابتداء ورم فربما احتيج إلى أن يسقى بزر اللقاح والأفيون .
والأجود أن يسقى من بزر اللقاح إلى أربعة دراهم ومن الأفيون إلى نصف دانق مخلوطاً بدواء عطر من فصل في علاج الخفقان البارد : أما الاستفراغات إن كان هناك مادة فعلى السبيل الذي أوضحناه لك .


ومما جرّب للبلغمي الرطب من ذلك سواء كان في ناحية القلب أو في المعدة .
ونسخته : أن يؤخذ من الغاريقون وزن نصف درهم ومن شحم الحنظل وزن دانق ومن التُرْبَد وزن درهم ومن المقل وزن دانق ومن المسك والزعفران من كل واحد طسوج ومن العود الهندي وزن دانق ومن الملح النفطي وزن ربع درهم .
وهو شربة كاملة .
ومما جرب للسوداوي هنا ونسخته : هو أن يؤخذ هليلج أسود وكابلي من كل واحد وزن درهم أفتيمون نصف درهم حجر أرمني وزن ربع درهم دواء المسك المرّ وزن ثلاثة دراهم يسقى في شراب ريحاني قدر ما يداف فيه وربما اقتصر على مداومة استعمال أيارج فيقرا وزن مثقال مع أفتيمون وزن دانق يسقى بالسكنجبين ويواصل .
وأما الأدوية المبدّلة للمزاج فالترياق والمثروديطوس ودواء المسك الحلو والمرّ ودواء قيصر والشيلثا وجوارشن العود والعنبر والمفرح الكبير ومعجون النجاج وأقراص المسك .
وإذا قوي البرد احتيج إلى مثل الأنقرديا والسقي منه .
وقد ينفع منه تناول حمصة من القفطرغان بثلاثين مثقالاً من الطلاء وقد أنقع فيه لسان الثور ويغتذي بماء الحمص وفراخ الحمام ولحوم العصافير والقنابر .
ومن الأدوية المركَبة دواء بهذه الصفة .
ونسخته : يؤخذ لسان ثور درهم زرنباد ودرونج من كل واحد أربعة دراهم الشربة منه درهم في أول الشهر وأوسطه وآخره ويجب أن يكون في الشراب الريحاني .
آخر : كهربا وجندبيدستر من كل واحد جزء وقشور الأترج المجفّفة بزر الافرنجمشك من كل واحد نصف جزء وكهربا وبسد من كل واحد درهم فلنجمشك قرنفل سكّ من كل واحد واحد .
الشربة منه نصف درهم بعصارة المفرح غير المصفاة ولا مغلاة وههنا أدوية جيدة بالغة طويلة النسخ مذكورة في الاقراباذين .
فصل في أصناف الغشي وأسبابه


وأسباب الموت فجأة : الغشي تعطل جل القوى المحركة الحساسة لضعف القلب واجتماع الروح كله إليه بسبب تحرّكه إلى داخل أو بسبب يحقنه في داخل فلا يجد متنفساً أو لقلّته ورقته فلا يفضل على الموجود في المعدن .
وأنت ستعلم مما تحققته إلى هذا الوقت أن أسباب ذلك لا تخلو إما أن تكون امتلاء من مادة خانقة بالكثرة أو السدّة أو استفراغاً محللاً للروح أو عدماً ليدلّ ما يتحلّل وجوع شديد .
وأضعف الناس صبراً عليه المنسوبون إلى أنهم لا مرضى ولا أصحاء كالصبيان ومن يقرب منهم والمشايخ والناقهون .
وأما المتناهون في السنّ فقد يحتملونه واحتماله في الشتاء أكثر منه في الصيف أو سوء مزاج قد استحكم أو عرض العظيم منه دفعة أو وجع شديد أو ضعف من قوى المبادئ الرئيسة وخصوصاً القلب ثم الدماغ ثم الكبد أو ضعف المشارك مثل فم المعدة للقلب أو ضعف من البدن كله وهزال ونحافة أو استيلاء عارض نفساني على ما ذكر ذلك في موضع آخر .
وأكثره للمشايخ والضعفاء والناقهين أو وصول قوة مضادة بالجوهر لمزاج القلب والروح إليهما مثل اشتمام آسن الآبار ووباء الهواء وكما يعرض في الحمّيات الوبائية ونتن الجيف ونفوذ قوى السموم إلى القلب وربما كان بمشاركة شريان .
ومن ذلك ما يعرض بسبب الديدان التي تصعد إلى فم المعدة .
ويجب أن نفضل هذا تفصيلاً أكثر فنقول : أما المواد فإنها تحدث الغشي إما للكثرة وسدها مجاري الروح وحصرها كلها في القلب حتى يكاد أن يختنق ومن هذا القبيل انصباب من أخلاط كثيرة أو دم كثير إلى فم المعدة أو الصدر ونحوهما أو انتقال من مادة ورم الخناق وذات الجنب وذات الرئة إلى ناحية القلب دفعة .
وإما للحوج منها في المسام فيسد المجاري وخصوصاً في الأعضاء النفسية وربما كان عاماً في جميع عروق البدن وإن لم يفعل ذلك بكثرة .


وأما السدة أذاها بالكيفية الباردة جداً أو اللذاعة جداً أو المحرقة جداً والغشي الذي يقع في ابتداء نوائب الحميات هو من هذا القبيل وسببه أخلاط غليظة لزجة أو لذاعة أو محرقة وقد يكون ذلك بقرب القلب وقد يكون في أعضاء أخرى بمشاركة كالدماغ فإنه إذا حدثت به السدة الكاملة فكان سكتة كان غشي لا محالة .
وقد يكون في المعدة بسبب ورم أو لضعف حادث تصير به قابلة لتحلب المواد إلى فمها كانت باردة أو حارة وقد يكون بسبب كثرة السدد في عروق البدن حيث كانت .
وهذه المواد القتالة قد يعرض كثيراً من إفراط الأكل والشرب وتواتر التخم لسوء الهضم حتى ينتشر منه في البدن ما يملأ العروق ويسد مسالك النفس وهذه المواد الكثيرة قد تعين على الغشي من جهة حرمانها البدن الغذاء أيضاً لأنها تسد طريق الغذاء الجيد ولا تستحيل بنفسها إلى الغذاء لأنها لكثرتها تقوى على الطبيعة فلا تنفعل عنها .
ومع ذلك فإن مزاج البدن يفسد بها وهذه المواد التي تفعل الغشي بكثرتها أو برداءتها هي التي تفعل الكرب الغشي إذا وقعت في المعدة وكانت أقل كمية أو رداءة .
وإما الكائن بسبب استفراغ مفرط فإنما يكون لاستتباعه الروح مستفرغاً معه إلى أن يتحلل جمهوره وذلك أما استطلاق بطن يذرب أو إسهال متتابع أو زلق معدة أو معي أو سحج أو قيء كثير أو رعاف أو نزف لحم من عضو آخر كأفواه عروق المعدة أو لجراحة أو لبزل ماء استسقاء أو لبط دبيلة ليسيل منها شيء كثير دفعة أو نزف حيض أو نفاس أو لكثرة رياضة أو مقام في حمام حار شديد التعريق أو لسبب من أسباب التعريق قوي مفرط عارض لذاته فاعل للعرق لذاته كالحرارة أو معين كتخلخل البدن المفرط أو رقة من الأخلاط في جواهرها وطبائعها وإذا عرض الغشي عن استفراغ أخلاط .
والقوة الحيوانية قوية بعد لم يكن مخوفاً وذلك مثل الغشي الذي يعرض بعد الفصد .


وأما الوجع فيحدث الغشي لفرط تحليله الروح كما يعرض في إيلاوس والقولنج وفي اللذع المفرط العارض في الأعضاء الحساسة من فم المعدة والمعي ونحوها وفي مثل وجع جراحات العصب وقروحها واللدوغ التي تعرض عليها العقرب أو زنبور وفي قروح المفاصل الممنوة بالاحتكاك المفرع لما بينها لانصباب المواد المؤذية ومثل أوجاع القروح الساعية المغشية لشدة إيجاعها لحدتها وتأكيلها ويحدث منها فساد الأعضاء حتى يتأدى إلى الموت فإنها تغشي أولاً بالوجع وآخراً بشدة تبريد القلب أو بإيراد بخار سمي فاسد على القلب منعه من تجنف العضو واستحالته إلى ضد المزاج المناسب للناس .
وأما عوارض النفس فقد تكلمنا فيها وعرفت السبب في إجحافها بالقلب .
فأما الورم فإنه يحدث الغشي إما بسبب عظمه حيث كان ظاهراً أو باطناً فيفسد مزاج القلب بتوسط تأدية الشرايين أو بسبب العضو الذي فيه إذا كان مثل غلاف القلب أو كان عضواً قريباً من القلب فإن لم يكن الورم عظيماً جداً فإنه يفعل ما يفعل العظيم البعيد أو بسبب الوجع إذا اشتد معه .
وأما المعدة فإنها كيف تكون سبباً للغشي فاعلم أن المعدة عضو قريب الموضع عن القلب وهي مع ذلك شديدة الحس وهي مع ذلك معدن لاجتماع الأخلاط المختلقة فهي تحدث الغشي إما بأن تبرد جداً كما في بوليموس أو بأن تسخن جداً أو بأن توجع جداً وإما لأن فيها مادة غليظة رديئة باردة ولذاعة حريفة أو قروح أو بثور في فمها وأما الأعضاء الأخرى فإنها كيف تكون سبباً للغشي فاعلم أن الأعضاء الأخرى تكون سبباً للغشي إما لوجع يتصل منها بالقلب أو بخار سمي يرسل إلى القلب مثل ما يعرض ذلك في اختناق الرحم وأما لاستفراغ يقع فيها يحلل الروح من القلب مثل ضعف شديد في فم المعدة وإما لسبب يوجب خنق مجاري الروح فيما حول القلب أو لأمزجة فاسدة قوية رديئة تغلب عليها مثل ما يكون في الحميات المحرقة والوبائية وذلك مما يكون بشركة جميع الأعضاء .


واعلم أن الغشي المستحكم لا علاج له وخصوصاً إذا تأدى إلى اخضرار الوجه وانتكاش الرقبة فلا يكاد يستقل .
ومن بلغ أمره إلى هذا فإنه كما يشيل رأسه يموت .
واعلم أن من افتصد بالوجوب وغشي عليه لا لكثرة الاستفراغ ولا لعادة في المقصود معتادة ففي بدنه مرض أو في معدته ضعف لذاتها أو لانصباب شيء إليها .
والشيخ المحموم إذا انحلّ خامه إلى معدته أحدث غشياً .
والذي يغشى عليه في أول فصده فذلك لمفاجأة ما لم يعتد وكثيراً ما يعرض في البحارين غشي لانقباض المادة الحارة إلى المعدة وكثيراً ما يكون الفصد سبباً للغشي بالتبريد .
العلامات : العلامات الدالة على أسباب الغشي وأوجاعه مناصبة للعلامات المذكورة فإنها إذا كانت ضعيفة كانت للخفقان وإذا اشتدت كانت للغشي وإذا اشتدت أكثر كانت للموت فجأة والنبض أدل دليل عليه فيدل بانضغاطه مع ثبات القوة على مادة ضاغطة وباختلافه لشديد مع فترات وصغر عظيم على انحلال القوة وأما سائر دلائله على سائر الأحوال فقد عرفته .
وبالجملة فإن الغشي إذا لم يقع دفعة فإنه يصغر له النبض أولاً ثم يأخذ الدم بغيب إلى داخل فيحول اللون عن حاله ويكاد الجفن لا يستقل ويتبين في العين ضعف حركة وتغير لون ويتخايل للبصر خيالات خارجة عن الوجود وتبرد الأطراف وتظهر نداوة في البدن باردة .
وربما عرض غشي وربما برد جميع البدن فإذا ابتدأ شيء من هذه العلامات عقيب فصد أو إسهال أو مزاولة شيء لا بد من إيلامه فليمسك عنه وليزل السبب فقد تأدى إلى الغشي إن لم يقطع .
وإذا لم يكن للغشي سبب ظاهر بادٍ أو سابق وكان معه خفقان متواتر ولم يكن في المعدة سبب يوجبه وتكرر فهو قلبي ومستحكم .
وأما الذي مع غثيان وكرب فقد يكون معدياً وإذا توالى الغشي واشتد ولم يكن سبب ظاهر يوجبه فهو قلبي فصاحبه يموت فجأة .


المعالجات : القوي منه والكائن بسبب من سوء مزاج مستحكم فلا علاج له وما ليس كذلك بل هو أخفّ أو تابع لأسباب خارجة عن القلب فيعالج .
وصاحب الغشي قد يكون في الغشي وقد يكون فيما بين الغشي والإفاقة وقد يكون في نوبة الخف من الغشي .
فأما إذا كان في حال الغشي فليس دائماً يمكننا أن نشتغل بقطع السبب بل نحتاج أن يقابل العرض العارض بواجبه من العلاج .
وربما اجتمع لنا حاجتان متضادتان بحسب جزءين مختلفين فاحتجنا في الأعضاء إلى نقصان واستفراغ لما فيها من الأخلاط وفي الأرواح إلى زيادة في الغذاء نعش لما يعرض لها من التحلل .
وأكثر ما يعرض من الغشي فيجب فيه أن يبدأ ويشتغل بما يغذو الروح من الروائح العطرة إلا في اختناق الرحم والغشي الكائن منه فيجب أن تقرب من أنوفهم الروائح المنتنة وخصوصاً الملائمة مع ذلك لفم المعدة ولشمّ الخيار خاصية فيه مجربة وخصوصاً في علاج الحار الصفراوي وكذلك الخسّ ثم يعالج بالسقي والتجريع من ناعشات القوة .
وإذا كان هناك خواء وجوع فلا يجوز أن يقرب منهم الشراب الصرف بل يجب أن يخلط بماء اللحم الكثير أو يمزج بالماء وإلا فربما عرض منه الاختلاط والتشنج .
ومما لا بدّ منه في أكثر أنواع الغشي تكثيف البدن من خارجٍ لتحتقن الروح المتحلّلة اللهم إلا أن يكون إسهال قوي جداً أو يكون السبب برداً شديداً .
وإذا لم يكن هناك سبب من برد ظاهر يمنع رشّ الماء البارد والترويح وتجريع الماء البارد وماء الورد خاصة وإلباس الثياب المصندلة مع اشتمام الروائح الباردة وكثيراً ما يفيق بهذا فإن كان أقوى من هذا ولم يكن عقيب أمر محلل حار جداً فيجب أن ينفخ المسك في أنفه ويشمّم الغالية ويبخّر بالندّ ويجرع دواء المسك إن أمكن .


وإن كان السبب حرارة فاستعمال العطر البارد ورشّ الماء البارد على الوجه أولى ولا بأس أن يخلط المسك القليل بما يستعمل من ذلك مع غلبه من مثل الكافور والصندل وما هو أقوى في التبريد ليكون البارد بإزاء المزاج الحار المؤذي والمسك لتقوية الحار الغريزي وأن يجرّعوا الماء البارد وإن احتملت الحال أن يكون ممزوجاً بشراب مبرد رقيق لطيف فهو أجود .
وينبغي مع ذلك أن يدلك فم المعدة دَلَكاً متواتراً ويجب أن يكون مضجعه في هواء بارد وكذلك يجب أن يكون مضاجع جميع أصحاب الغشي إذا لم يكن من سبب بارد وخصوصاً غشي أصحاب الدقّ .
ويجب أن يدام تنطيل أطرافهم ونواحي أعضائهم الرئيسة بماء الورد والعصارة الباردة المعروفة ولا بدّ من شراب مبرّد يسقونه .
وإن كان هناك كفواق وغثيان فيجب أن تنعش حرارة العليل وتعان طبيعته بدغدغة الحلق بريشة وتهييج القيء وتحريك الروح إلى خارج ويجب أن يدام هزّه والتجليب عليه والصياح بأعظم ما يكون والتعطيس ولو بالكندس .
فإذا لم ينجع ذلك ولم يعطس فالمريض هالك ويجب خصوصاً في الغشي الاستفراغي أن تقرب منه روائح الأطعمة الشهية إلا أصحاب الغثيان والغشي الواقع بسبب خلط في فم المعدة فلا يجب أن يقرب ذلك منهم ويجب أن يسقوا الشراب ويجرّعوه إما مبرّداً وإما مسخّناً بحسب الحالين المعلومين ويكون الشراب أنفذ شيء وأرقّه وأطيبه طعماً مما به بقية قوّة قبض لا إن كانت تلك القوة قوية في الطراوة ليجمع الروح ويقوّيه .
ويجب أن لا يكون فيه مرارة قوية فتكرهه الطبيعة ولا غلظ فلا ينفذ بسرعة ويجب أن يكون لونه إلى الصفرة إلا أن يكون الغشي عن استفراغ وخصوصاً عن المسام لتخلخلها وغير ذلك فيستحبّ الشراب الأسود الغليظ فإنه أغذى وأميل بالأخلاط إلى ضدّ ما به يتحلل وأعود على الروح في قوامه .
وأما من لم يكن به هذا العذر فأوفق الشراب له أسرعه نفوذاً .


وأنت يمكنك أن تجرّبه بأن تذوق منه قليلاً فإذا رأيته نافذاً لتسخين بسرعة مع حسن قوام وطيب فذلك هو الموافق المطلوب .
وربما جعلنا فيه من المسك قريباً من حبتين أو من داء المسك بقدر الشربة أو نصفها أو ثلثها وذلك في الغشي الشديد وكذلك أقراص المسك المذكورة في القراباذين .
وأوفق الشراب في مثله المسخّن فيمن ليس غشيّه عن حرارة فإنه أنفذ .
وإذا قوّي بقوة من الخبز كان أبعد من أن ينعش .
ومما ينفعهم الميبة المخصوصة بالغشي المذكور في القراباذين .
وأحوج الناس إلى سقي الشراب المسخن أبطؤهم إفاقة فلا يجب أن يسقى هؤلاء البارد وكذلك من برد جميع بدنه وهؤلاء هم المحتاجون إلى الدلك وتمريخ الأطراف والمعدة بالأدهان الحارة العطرة .
وإن كان الغشي بسبب مادة فإن أمكن أن ينقص تلك المادة بقيء يرجى سهولته أو بحقنة أو بفصد فعل ذلك .
وإن كان بسبب استفراغ من الجهات الداخلة سجيت الأطراف ودلكت ومرّخت بالأدهان الحارة العطرة وربما احتيج إلى شدها وتحر في حبس كل استفراغ ما قيل في بابه ودبّر في نعش القوة بما علمت .
والذي يكون من هذا الباب عقيب الهيضة فيصلح لصاحبه أن يأخذ سكّ المسك في عصارة السفرجل بماء اللحم القوي في شراب .
وينفعه مضغ الكندر والطين النيسادبوري المربى بالكافور وإن كانت بسبب استفراغ من الجهات الخارجة كعرق وما يشبهه ضدّ ذلك وبرّدت الأطراف وفرّ على الجلد الآس وطين قيموليا وقشور الرمان وسائر القوابض ولم تحرّك المادة إلى خارج البتة ولا يستعمل مثل هذا الذرور في الغشي الاستفراغي من داخل بل يجب أن تقويّ القوة في كل استفراغ لا سيما بتقريب روائح الأغذية الشهية ونحوها مما ذكر وإن كان بسبب وجع بقدر ذلك الوجع وإن لم يكن قطع سببه كما يعالج القولنج بفلونيا وأشباهه .
وإن كان السبب السموم جرع البادزهرات المجرّبة ودواء المسك والأدوية المذكورة في كتاب السموم .


وأما إذا كان في الفترة وقد أفاق قليلاً فتدبيره أيضاً مثل التدبير الأول مع زيادة تتمكّن فيها في مثل هذه الحال ومثال ما يشتركان فيه أنه مثلاً يجب أن يجرع الأدوية النافعة بحسب حاله مما ذكر وعرف في باب الخفقان ويتعجل في ذلك .
والذي يتمكن فيه من الزيادة فمثل أنه إذا كان هناك امتلاء في فم المعدة اجتهد لينقى ذلك فإنه الشفاء وكذلك إن كان هناك امتلاء يجب أن يجوع ويقلل الغذاء ويراض الرياضة المحتملة لميله والدلك لجميع الأعضاء حتى المعدة والمثانة ولا يحمل الغذاء إلا الشرابي المذكور في حال وكثير من الأطباء الجهّال يحاولون تغذيته ظانين أن فيه صلاحه ونعش قوته فيخنقون حرارته الغريزية ويقتلونه .
وهؤلاء ينتفعون بالسكنجبين وخصوصاً إذا طبخ بما فيه تقطيع وتلطيف من الزوفا ونحوه .
فإن كان السبب سدّة في الأعضاء النفسية وما يليها جرع السكنجبين ودلك ساقاه وعضداه واشتغل في مثل هذا الدواء بإدرار بولهم ويسقون من الشراب ما رق وذلك إن كانت هناك حرارة .
وإن كان عن استفراغ وضعف جرع ماء اللحم المعطر ومصص الخبز المنقع في الشراب الريحاني العطر المخلوط به ماء الورد .
وربما انتفع بأن يسقى الدوغ مبرّداً وذلك إن كانت هناك مع الاستفراغ حرارة وكذلك ماء الحصرم .
وأفضل من ذلك رب حماض الأترج وقد جعل فيه ورقه .
وبالجملة من كان به مع غشيه كرب ملهب أو حدث عن تعرق شديد فيجب أن يعطى ما يعطى مبرّداً ولو الشيء الذي يلتمس فيه التسخين .


ومما ينفع أن يسقى ماء اللحم القوي الطبخ مخلوطاً بعشرة من الشراب الريحاني وشيء من صفرة البيض وشيء من عصارة التفاح الحلو أو المر والحامض بحسب ما يوجبه الحال فإن كنت تحذر عليه التسخين ولا تجسر على أن تسقيه الشراب سقيته الرائب المبرد مدوفاً فيه الخبز السميذ وأطعمته أصناف المصوص المعمول بربوب الفواكه فإن كان صاحب الغشي يجد برداً معه أو بعده أو عند سقي المبرّدات وخصوصاً في الأحشاء سقيته الفلافلي والفلفل نفسه والأفسنتين وربما سقي بالشراب فإذا أحوج العلاج إلى التنقية ووقعت الافاقة وجب أن تقوّى المعدة ويبتدأ في ذلك بمثل شراب الأفسنتين المطبوخ بالعسل ويستعمل الأضمدة المقويّة للمعدة المذكورة ويسقى الشراب الريحاني بعد ذلك ويغذى الغذاء المحمود .
وأما الكائن في ابتداء الحميات وبسبب الأورام فنذكر علاجه حيث نذكر علاج أعراض الحميات .
وبالجملة يجب أن يدلك أطرافهم وتسخّن وتشد لئلا تغوص القوة والمادة ويمنعوا أكل طعام وشراب ويهجروا النوم اللهم إلا أن يكون إنما يعرض في ابتدائها للضعف ومن كان من المغشي عليهم يحتاج إلى غذاء فيجب أن يعطى قبل النوبة بساعتين أو ثلاث وليكن الغذاء سويق الشعير مبرّداً وخبزاً مع مزورة ويستنشق الطيب .
وإن كان هناك اعتقال قدم من الغذاء ما يليّن مثل الاسفيذباجات ونحوها وشرب شراب التفاح مع السكنجبين نافع في مثله .
فإن كانت الحاجة إلى التغذية ملطّفة فمثل ماء اللحم وصفرة البيض والاحساء بلباب الخبز وماء اللحم وربما اضطرّ فيه إلى خلطه بشيء من الشراب .
وأما إن احتاج مع ذلك إلى تقوية المعدة فينبغي أن يخلط به الربوب والعصارات الفاكهية العطرة التي فيها قبض .
وأما في وقت النوبة فلا بدّ من الشراب .


وأما الغشيّ الكائن عن العوارض النفسانية المتدارك أيضاً بمثل ما قيل من الروائح الطيبة وسدّ الأنف والتقيئة ودلك الأطراف والمعدة والتغذية بماء اللحم فيه الكعك والشراب مبرداً أو مسخناً على ما تعرف مثل إن كان الغشي عن توالي قيء مرة صفراء وجب يكون الشراب ممزوجاً وكذلك غشي الوجع وسنذكر ما يخص القولنج في بابه .
والغشي الذي يعرض عقيب الفصد أكثره يعرض لأصحاب المعدة والعروق الضيقة والمعدة الضعيفة أو للأبدان التي يغلب عليها المرة الصفراوية ولمن لم يعتد الفصد فهؤلاء يجب أن يتقدم قبل الفصد فيسقوا شيئاً من الربوب المقوّية للمعدة والقلب .
وإذا وقعوا في الغشي فعل ما ذكر وسقوا شراباً ممزوجاً مبرداً يقوي معدتهم ويحفظها وخصوصاً مع عصارة أخرى ويجب أن يقول من رأس أنه قد يجتمع أن يفتقر العلاج في الغشي إلى قبض ليمنع الاستفراغات ويقوّي الأعضاء المسترخية المعينة على التحليل وأن يشد مثل فم المعدة فلا تقبل ما ينصت إليها وإلى قوة نافذة سريعة النفوذ للروح لتغدو الروح مثل الشراب وهما متمانعا الفعل فيجب أن تفرق بين حالتي استعمالهما فتستعمل القابض في وقت الإفاقة أو بعد أن استعملت الآخر مبادراً إلى نعش القوة وقد أثرت فيه ونعشت وتستعمل الثاني في وربما وقعت الحاجة إلى ما هو أقوى تغذية من الشراب وخصوصاً إذا كان الغشي عن جوع أو تحلل كثير وإذا كان الشراب الساذج إذا ورد على أبدانهم نكأ فيها وأورث اختلاطاً وتشنجاً فليس لهم مثل ماء اللحم المذكور مخلوطاً بالشراب وبعصارة التفاح إما الحامض وإما الحلو بحسب الأمرين .
وإذا لم يكن مانع فالأجود أن يجعل فيه مثل القرنفل والمسك فإن المعدة له أقبل وقوة المعدة به أشد انتباهاً والقلب له أجذب وربما احتجت أن تدوف الخبز السميذ فيما يجرعه إذا كان العهد بالغذاء بعيداً ودلك الأطراف وشدها .


وكذلك تهييج القيء نافع من كل غشي إلا إذا كان عن عرق ونحوه بما تتحرك له الروح إلى خارج فهذا إلى التسكين أحوج ولا ينبغي أن يحركوا أو يقيئوا أو يربطوا ومما يقيئهم الماء الفاتر بالدهن أو الزيت أو ممزوجاً بشراب ويجب أن تسخن المعدة وما يليها قبل ذلك والأطراف أيضاً ليسهل القيء .
ثم اعلم أن علك الأطراف وتسخينها وتعطيرها بالمروخات وتعطير فم المعدة بالمروخات الطيبة مثل دهن الناردين وبالمسخنات مثل الخردل والعاقرقرحا موافق جداً إن كان إغشاؤه من استفراغ لحم أو خلط أو امتلاء بل لأكثر من يغشى عليه إذا لم يكن منه حركة الأخلاط إلى خارج .
ويجب أن تعصب سوقهم وأعضادهم مراراً متوالية وتحل ويدبر ذلك بما يوجبه مقابلة جهة الاستفراغ .
وهؤلاء ينتفعون بشد الآباط ورشق الماء البارد ودلك فم المعدة وكذلك كل غشي يكون عن استفراغ وبالشراب الممزوج إلا أن يمنع مانع عن الشراب مثل ورم أو خلط غير نضيج أو اختلاف أو صداع .
ومن عظمت الحاجة فيه إلى التقوية سقيته الشراب أيضاً ولم تبال وذلك في الغشي الصعب والحمام موافق لمن يصيبه غشي من الذرب والهيضة وإن اعترى الغشي لنزف الدم فهو ضار جداً وكذلك إن اعتراه للعرق الكثير .
والحمام موافق أيضاً لمن يجد من المفيقين تلهباً في فم المعدة .
وأما إنه كان لضعف فم المعدة فيجب أن يستعمل الأضمدة القوية مثل ما يتخذ من المصطكي والسفرجل والصندل والزعفران والسوسن وكذلك الضماد المتخذ بالشراب والمسك والسوسن بالشراب على أنه ينتفع جداً بدلك الأطراف وشدها .
والغشي الكائن من الجوع ربما سكنه وزن درهم خبزاً وغشي اليبس أو يبس الطبيعة يجب أن تتلقى نوبته بلقم خبز في ماء الرمان أو شراب التفاح وربما احتيج في الأمراض الحمرة بسبب الغشي إلى سقي شراب وصلحه التفه وأصحاب الغشي يكلفون السهر وترك الكلام .


هذا أكثر ما يعرض حيث لا يكون وجع ولا إسهال ولا ورم عظيم ولا استفراغ عظيم وإنما يكون لأخلاط مالئة وفي الأقل ما تكون تلك الأخلاط دموية فإن الدم ما لم يحدث أولاً أعراضاً أخرى لم يتأذ حاله إلى أن يحدث سقوط القوة بغتة وأما الغالب فهو أن يكون السبب أخلاطاً غليظة في المعدة أو في العروق تسد مجاري النفس .
واعلم أن سقوط القوة تبلغ الغشي وقد تكون عونه الغشي حيث تكون القوة إنما بطلت عن العصب والعضل فخليا عنها فصار الإنسان لا حراك به ولا يزول عن نصبته وضجعته إلا بجهد .
وسبب ذلك بعض ما ذكرناه فإنه إذا اشتد أسقط القوة بالتمام وإن لم يشتد أسقط القوة من العصب والعضل .
وقد يكون كثيراً لرقة الأخلاط في جوهرها وقبولها للتحلّل وخصوصاً في الحميات .
وهؤلاء ربما كانت أفعالهم السياسية غير مؤفة وإن كانت غير محتملة إذا كثرت وتكررت .
المعالجات : علاج هؤلاء قريب من علاج أصحاب الغشي فما كان من الامتلاء الدموي فعلاجه الفصد وما كان بسبب خلط آخر من الأخلاط الغليظة فيجب أن يواتر صاحبه في حمال الإفاقة الاستفراغ بمثل الايارجات وربما اقتنع بأيارج فيقرا مر كبابة تربد وملح هندي وغاريقون وربما أعينت بمثل السقمونيا فإن السقمونيا مما يعمل الأدوية الأخرى .
ويجب أن يستعمل فيه القيء بعد الإسهال ويدام تناول مقويات القلب ويشممها ودلك الأطراف مما ينعش الحار الغريزي على ما تكرر ذكره ويستعمل بعد ذلك رياضة معتدلة .
وأما الغذاء فليكن بما لطف وقطع مثل ماء الحمص بالخردل ودهن الزيت ودهن اللوز ويستعمل من الشراب الرقيق العتيق ويستعمل الحمّام بعد الاستفراغ ويتمسح بالأدهان المنعشة الحار الغريزي الملطفة ثم يستعمل بعد الحمام الشراب الصرف وشراب العسل وشراب الأفسنتين وما يشبه ذلك .
فإذا أخذ ينتعش فيجب أن يدبر بالغذاء المقوي السريع الهضم وأنت تعلم ذلك مما ذكر .


واعلم أن القوة تزداد بالغذاء والشراب للموافقين وبالطيب والدعة والسرور والبراءة من الأحزان والمضجرات واستجداد الأمور الحبيبة ومعاشرة الأحباء .
فصل في الورم الحار في القلب
أما إذا صار الورم ورما فقد قتل أو يقتل وأما قبل ذلك فإذا ظهر الخفقان العظيم والالتهاب الشديد بالعلامات المذكورة فإنه على شرف هلاك فإن أنجاه شيء ففصد الباسليق وربما طمع في معافاته يفصد شريان من أسافل البدن وتبريد صدره بالثلج والصندل والكافور
الفن الثاني عشر الثدي وأحواله
فصل في تشريح الثدي
نقول الثدي عضو خلق لتكوين اللبن ليغتذي منه المولود في عنفوان مولده إلى أن يستحكم وتنمو قوته ويصلح لهضم الغذاء القويّ الكثيف وهو جسم مركب من عروق وشرايين وعصب يحشو خلل ما بينهما لحم غددي لا حس له أبيض اللون ولبياضه إذا تشبه الدم به أبيضّ ما يغذوه وابيض ما ينفصل عنه لبناً وقياسه إلى اللبن المتولّد من الدم قياس الكبد إلى الدم المتولّد من الكيموس في أن كُل واحد يحيل الرطوبة إلى مشابهته في الطبع واللون . فالكبد يحمِّر الكيموس الأبيض دماً والثدي يبيض الدم الأحمر لبناً والعروق والشرايين والعصب المبثوثة في جوهر الثدي تتشعب فيه إلى آخر الثقبة ويكون لها فيه التفافات واستدارات كثيرة وأما مشاركة الثدي الرحم في عروق تشنّج بينهما فأمر قد وقفت معه خصوصاً من التشريح تشريح العروق .
فصل في تغزير اللبن
اعلم أن اللبن يكثر مع كثرة الدم الجيد وإذا قل فسببه بعض أسباب قلة الدم أو فقدان جودته .
والسبب في قلة الدم إما من جهة المادة وإما من جهة المزاج .
والذي يكون سبب المادة فأن يكون الغذاء قليلاً أو يكون مضاداً لتولد الدم عنه ليبسه وبرده المفرط أو يكون قد انصرف إلى جهة أخرى من نزف أو ورم أو غير ذلك .


وأما من جهة المزاج فأن يكون البدن أو الثدي مجففاً للرطوبة أو يكون مليناً لها فلا يتولد عنها الدم لفرط مائيتها وبعدها عن الاعتدال الصالح للدموية أو غير ذلك .
وأما السبب الذي يفقد به جودة الدمّ ويفسد ما يتولد منه فلا يكون صالحاً لأن يتولد منه دم اللبن إذا كان اللبن إنما يتولّد من الدم الجيد فهو غلبة أحد الأخلاط الثلاثة الصفراء أو البلغم أو السوداء .
ونتبين الصفراء في صفرة لون اللبن ورقته وجذبه .
والبلغم في شدة بياضه وميله إلى الحموضة في ريحه وطعمه .
والسوداء في شدة ثخته وقلته وكثرة قوته ولا يبعد أن يكون الدم لشدّة كثرته يستعصي على فعل الطبيعة فلا ينفعل عنها ويعرض للطبيعة العجز عن إحالته لضغطه إياها وهذا مما لا تخفى علاماته .
وقد يعرض من جفاف المني واللبن أن يخرجا كالحيط فيجعل الدم وإن غزر غير محمود الجوهر ولا صالحاً لأن يتولد منه اللبن الغزير ويكون الذي يتوّلد منه من اللبن غير محمود وإذ قد عرفت السبب فأنت بصير بوجه قطعه .
واعلم أنه كل ما غَزَّر المني فإنه يغزر في أكثر الأبدان اللبن مثل التودرين وبزر الخشخاش وضرع الماعز والضأن ونحوه كما أن كل ما يجفف المني ويقلّله ويمنع تولّده فإنه يقلّل اللبن أيضاً مثل الشهدانج .
وإذا كان السبب في قلة اللبن قلة الغذاء كثرت الغذاء ورفهت فيه وجعلته من جنس الحار الرطب المحمود الكيموس .
وإذا كان السبب فساد الغذاء أصلحته ورددته إلى الجنس المذكور .
وإذا كان السبب كثرة الرياضة قلّلت منها ورفّهت وإن كان السبب قلة الدم لنزف ونحوه حبسته إن كان منزفه في الأسافل إلى الأعالي .
وإن كان منزفه في الأعالي جذبته إلى الأسافل .
وأما إن كان سببه فساد مزاج ساذج جعلت الأغذية مقابلة لذلك المزاج مع كونها غزيرة الكيموس .
وإن كان السبب خلطاً فاسداً غالباً استفرغته بما يجب في كل خلط وجعلت غذاء الصفراوية المزاج من النساء بما يميل إلى برد ورطوبة .


ومما ينفعهن ماء الشعير بالجلاب وأيضاً بزر الخيار حقنة وبزر القثاء وتناول الأدمغة وشرب لبن البقر والماعز والسمك الرضراضي ولحم الجدي والدجاج المسمّنة والاحساء المتخذة من كشك الشعير باللبن ومرق الخبازي البستاني وجعلت تدبير البلغمية المزاج بالأغذية والأدوية التي فيها تسخين في الأولى إلى الثانية مع ترطيب أو قلة تجفيف .
ومن هذا القبيل الجزر والجرجير والرازيانج والشبث والكرفس الرطب والسمرنيون وخاصة الرطب دون اليابس فإنه مجفف مسخن والحسو المتخذ من دقيق الحنطة مع الحلبة والرازيانج .
وإذا كان اللبن يخرج متخيطاً لغلظه ويبسه فالعلاج التنطيل بما يرطب جداً وتناول المرطبات وكذلك في المني وقصرت تدبير السوداوية المزاج على الأدوية والأغذية التي فيها فضل تسخين قريب مما ذكرنا وترطيب بالغ وتتعرف أيضاً جنس السوداء الغالب وتدبّر بحسبه .
ومن الأدوية المعتدلة المغزرة للبن أن يؤخذ من سلى النخل ثلاثون درهماً ومن ورق الرازيانج عشرون درهماً ومن الرطبة خمسة عشر درهماً ومن الحنطة المهروسة خمسة وعشرون درهماً ومن الحمص المقشر ومن الشعير الأبيض المرضوض كل واحد ثمانية عشرة دراهماً ومن التين الكبار عشر عدداً يغلي في ثلاثين رطلاً من الماء إلى أن يعود إلى ثمانية أرطال فما دونه .
والشربة خمس أواق مع نصف أوقية دهن اللوز الحلو وأوقية ونصف سكر سليماني والسمك المالح مما يغزر اللبن .


ومن الأدوية المغررة اللبن أن يؤخذ طحين السمسم ويمرس في شراب صرف ويصفى ويشرب مصفاه ويضمد الثدي بثقله وأيضاً يؤخذ من جوف الباذنجان قدر نصف قفيز ويسلق في الماء سلقاً شديداً مهرياً ثم يترس مرساً شديداً ويصفّى ويؤخذ من مصفاه ويجعل عليه أوقية من السمن ويشرب أو يؤخذ نقيع الحمص ويشرب على الريق أياماً وخصوصاً نقعه في اللبن وماء الشعير مع العسل أو الجلاب أو يؤخذ بزر الرطبة جزء الجلّنار جزءان والشربة منه قمحة في ماء حار أو يشرب من حب البان وزن درهمين بشراب .
ومن الأدوية الجيدة أن يؤخذ من سمن البقر أوقية ومن الشراب قدح كبير ويسقى على الريق قضبان الشقائق وورقه مطبوخاً مع حشيش الشعير حسواً أو يؤخذ الفجل والنخالة ويغليان في الشراب ويصفى ذلك الشراب ويشرب .
أو يؤخذ بزر الخشخاش المقلو مع السويق أجزاء سواء بسكنجبين أو ميبختج بعد أن ينقع في أيهما كان ثلاثة أيام فذلك أجود ويسقى الشونيز بماء العسل أو يؤخذ من بزر الشبث وبزر الكراث وبزر الحندقوقي من كل واحد أوقية ومن بزر الحلبة وبزر الرطبة أجزاء سواء يخلط بعصارة الرازيانج ويشرب وإن مزج بعسل وسمن فهو أفضل .
فصل في تقليل اللبن ومنع الدرور المفرط
إن اللبن إذا أفرطت كثرته آلم وورم وجلب أمراضاً وقد يجتمع اللبن في الثدي من غير حبل وخصوصاً إذا احتبس الطمث فانصرفت المادة التي لا تجد قوة اندفاع من الرحم لقلتها وحصلت في الضرع فصارت لبناً .
وربما اجتمع اللبن في أثداء الرجال وخصوصاً المراهقين حين يفلّك ثديهم .
وقد علمت مما سلف ذكره أسباب قلة اللبن والعمدة فيها كل ما يجفف شديداً بنشفه أو شدة تحليله وتسخينه وجميع ما يبرّد أيضاً والمرطبات الشديدة الترطيب المائي أيضاً تقلّل الدم من المبلغمين وجميع الأدوية المقللة للمني مقللة للبن .
أما الباردة منها فمثل بزر الخسّ والعدس والطفشيل .


ومن الأطلية عصارة شجرة البزرقطونا ولعابه والخسّ ونحوه ودقيق الباقلا بدهن الورد والخلّ .
وأما الحارة فمثل السذاب وبزره وخصوصاً السذاب الجبلي .
ومثل الفنجنكشت وبزره والشربة البالغة إلى درهمين والأصحّ من أمر الباذروج أنه مقلّل من اللبن وإن قال بعضهم أنه يغزر اللبن .
والكمون خاصة الجبلي مجفف للبن أيضاً .
وأيضاً إن طلي به بالخلّ .
ومن الأطلية الحارة الأشق بالشراب ومما جرّب في هذا المعنى طلاء جيد يؤخذ أصول الكرنب فيدقّ ويعجن ويضمَّد به .
أو دقيق العدس والباقلى والزعفران والكوز كندم والملح يطلى بماء الورد .
وأيضاً يطلى بعصارة الحلبة أو بالكّ والمرتك ودهن الورد .
ومما يجري مجرى الخاصية أن يطلى الثدي بالسرطان البحري المسحوق أو بالسرطان النهري المحرق .
فصل في اللبن المحرق المتجبّن في الثدي
إن اللبن يتجبن في الثدي لحرارة مجففة وقد يتجبن لبرودة مجمّدة .
وأنت تعلم مما سلف ذكره لك علامة كل واحد من الأمرين .
والأدوية المائعة من التجبّن الطلاء بالشمع في بعض الأدهان اللطيفة مثل دهن الخيري ودهن النعناع ونحوه .
والطلاء بالنعناع المدقوق المختص والطلاء على الحار بقيروطي من اللعابات الباردة والأدهان الباردة والشمع المصفّى والكرنب والرطبة والبقلة الحمقاء شديدة في النفع من ذلك ضماداً . ومن الأدوية المحللة للتجبّن الحار خلّ خمر مضروباً بدهن مسخّن يطلى به أو ورق عنب الثعلب مدقوقاً يضمّد به أو ورق الكاكنج وورق عنب وورق الكرنب أو عصاراتها وخصوصاً إذا خلط بها مر وزعفران وأيضاً خل خمر ودهن بنفسج وقليل حلبة يتخذ منه طلاء .
ومن الأدوية المحللة للتجبّن البارد دوام التنطيل بماء ويمنع منه طبخ الرازيانج وتناول بزر الرازيانج والشبث وجميع الأدوية التي تدر اللبن مما طبخ فيه البابونج والشبث والنمام والحلبة والقيسوم والجندبيدستر .
ومن الأدهان دهن السوسن ودهن النرجس أو دهن القسط .


ومن الأدوية المعتدلة الجيدة أن يؤخذ الخبز الواري ودقيق الشعير والجرجير والحلبة والخطمي وبزر الكتان المدقوق حفنة حفنة ويتخذ منه ضماد .
ومما ينفع التورّم بعد التجبن أن يوضع عليه إسفنج مغموس في ماء وخلّ فاترين أو تمر مع خبز يجمع بماء وخل والنعناع بالخلّ والخمر جيد والمرقشيثا المسحوق كالغبار بدهن الورد وبياض البيض .
ومما ينفع تفتح سدة اللبن في الثدي أن يطلى بالخراطين أو ماء المر بماء الفوتنج والأنيسون ودقيق الحمص وورق الغار وبزر الكرفس والكمّون النبطي والقاقلة بماء عصا الراعي وكذلك ماء السلق والحنطة والشونيز وأيضاً الكندر بمرارة الثور أو يؤخذ عسل اللبني ويخلط بدهن البنفسج ويمسح به الثدي فيحل التجبن والورم ويحسى ماء الكرنب فإنه نافع في ذلك .
فصل في جمود اللبن في الثدي وعفونته
والامتداد الذي يعرض له والمرض الذي يصيبه
علاج ذلك أن يؤخذ السلق ويطبخ حتى يتهرّى ثم يجمع لباب الخبز ودقيق الباقلا ودهن الشيرج أو يضمد بالخبز وحشيشة تسمى بردنقياس الرطبة مع الشمع ودهن الورد أو خبز وماء وزيت مع عسل أو سمسم أو شراب أو ميبختج يكرر التضميد بأيها كان في اليوم مرتين أو ثلاثة .
وكذلك السمسم مع عسل وسمن وعسل فإن خلط به الخشكار أو دقيق الباقلا كان نافعاً .
والتكميد بالماء الحار وإكباب الثدي على بخاره وخصوصاً إذا طبخ به بزر كتان وحلبة وخطمي وبزورها وبابونج .
والتنطيل بها أيضاً نافع لمن لم يحتمل الضمّادات فإن عرض ذلك مع رض انتفع بهذا الضماد .
ونسخته : ماش وعجم الزبيب فيدقان ويعجنان بماء السرو وماء الأثل وإذا تجبن الدم في الثدي فليدم تمريخه بدهن البنفسج ثم يصبّ عليه ماء حار ثم يضمد بالأضمدة المذكورة في أول الباب فإنه نافع .
فصل في أورام الثدي الحارة وأوجاع الثندوة


أما في ابتدائه فاستعمال الرادعات المعروفة وهو العلاج وليخلط بها قليل ملطّفات وذلك مثل التكميد بخل خمر مع ماء حار أو قليل دهن ورد ودقيق الباقلا بالسكنجبين وورق عنب الثعلب بدهن ورد فإذا جاوز الابتداء قليلاً فليعالج بأضمدة ذكرت في باب الامتداد وجمود الدم .
ومما هو جيد بالغ النفع دواء بهذه الصفة . ونسخته : أن يؤخذ دقيق الباقلا وإكليل الملك مسحوقين ودهن السمسم يتخذ منه طلاء بماء عذب .
وأيضاً يؤخذ خبز مدقوق ودقيق الشعير والباقلا والحلبة والخطمي ومح البيض والزعفران والمرّ يضمّد به .
وأيضاً يتخذ طلاء من بزر الكتان المدقوق بالخل وكثيراً ما ينحل البرسام إلى ورم في الثندوة فيكون موضع أن يخاف ذات الجنب فاحتل أن تجمع ببزرقطونا وضعاً على رأس الورم دون حواليه وتضع حوالي أسفله الرواح ولا تكمد في أول الوجع فتحلل الرقيق ويبقى الغليظ فهو خطأ وإذا وِجعت الحلمة فليفصد ولينطل بمثل الصندل والأقاقيا حتى لا يحدث السرطان . فصل في أورام الثدي الباردة البلغمية
فصل في صلابة الثدي والسلع والغدد فيه
وما يعرض من تكعب عظيم عند المراهقة
فإن مال الورم الظاهر بالثدي إلى الصلابة فما ينفع في الابتداء أن يضمد بأرز منقع في شراب أو يمرخ بقيروطي من دهن البنفسج وصفرة البيض وكثيرا فإن كان الورم صلباً طلي بقيروطي من الشمع ودهن الورد والقطران وماء الكافور وربما جعلوا فيه مرارة الثور وقد يعالج بورق العفص وربما جعلوا دردي المطبوخ العتيق أو دردي المطبوخ العتيق أو درديّ الخل يطلى به .
وأما السلع والغمد فيه فأجود دواء له أن يؤخذ ورق الخوخ الرطب وورق السذاب الرطب يدقان جميعاً ويضمد بهما .
وإن كان ذلك بقية عن تكعب المراهقة أو كان حادثاً بعد ذلك وعاصياً عن تحليل الأدوية فمن الواجب أن تبط حتى يبلغ الشحمة ثم يخرج وتخيط .
فصل في دبيلة الثدي


وإذا عرض في الثدي ورم جامع فمن الأدوية الجيدة في إنضاجها أن يؤخذ بزر الكتان وسمسم وأصل السوسن والميعة وبعر المعز وزبل الحمام والنطرون والريتيانج أجزاء سواء وعلى حسب ما توجبه المشاهدة لطوخ بالسيرج ودهن الخيري ومخ ساق البقر .
وإن شئت جعلت فيه المبيختج وإن احتجت إلى بط فعلت حسب ما تعلم .
يؤخذ النبيذ العفص وزن عشرين رطلاً ويجعل فيه من سماق الدباغين رطل ومن العفص غير النضيج نصف رطل ومن السليخة نصف رطل ومن جوز السرو رطل ينقع ذلك في الشراب ويترك عشرين يوماً ثم يطبخ ويساط بخشب من السرو حتى يذهب النصف ثم يمرس بقوة ويصفى ويعاد على النار حتى يثخن ولتكن النار لينة جداً ويحفظ في زجاجة . وهذا جيد لجميع القروح التي تعرض في الأعضاء الرخوة كالفمّ واللسان وغير ذلك ويمنع من الأكال ويصلحه .
فصل فيما يحفظ الثدي صغيراً ومكسراً
ويمنعه عن أن يسقط
ويمنع أيضاً الخصي من الصبيان أن تكبر من أرادت منهن أن تحفظ ثديها مكسراً قللت دخول الحمام وكذلك الصبيان وهذا الدواء الذي نحن واصفوه جيد في ذلك المعنى .
ونسخته : أن يؤخذ من الاسفيداج وطين قيموليا من كل واحد درهمان يعجن بماء بزر البنج ويخلط بشيء من دهن المصطكي ويطلى به ويدام عليه خرقة كتان مغموسة بماء عفص مبرد وخصوصاً إذا كان مسترخياً .
وأيضاً مجربة النساء طين حر وعسل وإن جعل فيه أفيون وخبز بخل كان أقوى في ذلك وهذا الدواء الذي نحن واصفوه مما جرب .
ونسخته : أن يؤخذ من الطين الحر وزن عشرين درهماً ومن الشوكران وزن درهمين يتخذ منه طلاء بالخل .
أخرى : يؤخذ طين شاموس وأقاقيا وأسفيداج يطلى بعصارة شجرة البنج أو يؤخذ كندر وودع ودقيق الشعير يعجن بخل ثقيف جداً ويطلى به الثدي ثلاثة أيام .
أو يؤخذ : بيض القبج والزنجار والميعة والقليميا ويطلى بماء بزرقطونا أو يطلى بحشيش الشوكران كما هو يدق ويجمع بالخل ويترك ثلاثة أيام وإذا أراد أن يجف جعل عليه إسفنجة مغموسة في ماء وخل .


أخرى : يؤخذ عصارة الطراثيث وقشور الرمان ورصاص محرق بالكبريت من كل واحد ثلاثة دراهم شب يماني وأسفيداج الرصاص وعدس محرق من كل واحد درهم حلزون محرق قيسوم من كل واحد ثلاثة دراهم يعجن بماء لسان الحمل ويطلى أو يؤخذ كمون مع أصل السوسن وعسل وماء ويترك على الثدي ثلاثة أيام أو يؤخذ أشف وشوكران ويجعل عليه ثلاثة أيام أو شوكران وحده تسعة أيام .
ومن الدعاوي المذكورة في هذا الباب أن يطلى بدم مذاكير الخنزير أو دم القنفذ أو دم السلحفاة فيما يقال أو يؤخذ زيت وشب مسحوق مثل الكحل ويجعل في هاون من الأسرب حتى ينحل فيه الرصاص ويدام التمريخ به وكذلك الطين الحرّ والعفص الفج يجمع بعسل ويطلى به الثدي وقشر الكندر وقشر الرمان مدقوقين يطلى بالخل .
الفن الثالث عشر المريء والمعدة وأمراضهما
المقالة الأولى أحوال المريء وفي الأصول من أمر المعدة
فصل في تشريح المريء والمعدة


أما المريء فهو مؤلف من لحم وطبقات غشائية تستبطنه متطاولة الليف ليسهل بها الجذب في الازدراد فإنك تعلم أن الجذب إنما يتأتى بالليف المتطاول إذا تقاصر وعليه غشاء من ليف مستعرض ليسهل به الدفع إلى تحت فإنك تعلم أن الدفع إنما يتأتّى بالليف المستعرض وفيه لحمية ظاهرة وبعمل الطبقتين جميعاً يتم الازدراد أعني بما يجذب ليف وبما يعصر ليف وقد يعسر الازدراد على من يشق مريئه طولاً حين يعدم الجاذب المعين بالخط والقيء يتم بالطبقة الخارجة وحدها فذلك هو أعسر وموضعه على الفقار الذي في العنق على الاستقامة في حرز ووثاقة وينحدر معه زوج عصب من الدماغ . وإذا حاذى الفقرة الرابعة من فقار الصلب المنسوبة إلى الصدر ثم جاوزها ينحى يسيراً إلى اليمين توسيعاً لمكان العرق الآتي من القلب ثم ينحدر على الفقارات الثمانية الباقية حتى إذا وافى الحجاب ارتبط به بربط يشيله يسيراً لئلا يضغط ما يمر فيه من العرق الكبير وليكون نزول العصب معه على تعريج يؤمنه آفة الامتداد المستقيم عند ثقل يصيب المعدة فإذا جاوز الحجاب مال مرة إلى اليسار على ما كان مال إلى اليمين وذلك العود إلى اليسار يكون إذا جاوز الفقرة العاشرة إلى الحادية عشرة والثانية عشرة ثم يستعرض بعد النفوذ في الحجاب وينبسط متوسعاً متصوراً فما للمعدة وبعد المريء جرم المعدة المنفسح وخلقت بطانة المريء أوسع وأثخن من أول الأمعاء لأنه منفذ للصلب وبطانة المعدة متوسطة وألينها عند فم المعدة ثم هي في المعي ألين وإنما ألبس باطنه غشاء ممتدا إلى آخر المعدة آتياً من الغشاء المجلل للفم ليكون الجذب متصلاً وليعين على إشالة الحنجرة إلى فوق عند الازدراد بامتداد المريء إلى أسفل .
وإذا حققت فإن المريء جزء من المعدة يتسع إليها بالتدريج وطبقتاه كطبقتي المعدة أدخلهما أشبه بالأغشية وإلى الطول وأخرجهما لحمي غليظ عرضي الليف أكثر لحمية مما للمعدة لكنه منه في وضعه واتصاله .


وأما أول الأمعاء فليس بجزء من المعدة بل شيء متصل بها من قريب ولذلك ليس يتدرّج إليه الضيق ولا طبقاته نحو طبقات المعدة ومع ذلك فإن جوهر المريء أشبه بالعضل وجوهر المعدة أشبه بالعصب وينخرط جزء من المعدة من لدن يتصل بها المريء ويلقى الحجاب ويتسع من أسفل لأن المستقرّ للطعام في أسفل فيجب أن يكون أوسع وجعل مستديراً لما تعلم فيه من المنفعة مسطّحاً من ورائه ليحسن لقاؤه الصلب وهو من طبقتين داخلتهما طولية الليف لما تعلم من حاجة الجذب ولذلك تتعاصر المعدة عند الازدراد وترتفع الحنجرة والخارجة مستعرضة الليف لما تعلم من حاجة إلى الدفع .
وإنما جعل الليف الدافع خارجاً لأن الجذب أول أفعالها وأقربها .
ثم الدفع يرد بعد ذلك ويتمّ بالعصر المتسلسل في جملة الوعاء ليدفع ما فيها ويخالط الطبقة الباطنة ليف مورب ليعين على الإمساك .
وجعل في الجاذب دون الدافع فلم يخلط بالطبقة الخارجة وأعفي عنه المريء إذا لم يكن الإسهال .
وجميع الطبقة الداخلة عصبي لأنه يلقى أجساماً كثيفة وإن الخارجة فقرها أكثر لحمية لتكون آخراً فيكون الهضم وفمها أكثر عصبية ليكون أشد حساً ويأتيها من عصب الدماغ شعبة تفيدها الحسّ لتشعر بالجوع والنقصان ولا يحتاج إلى ذلك سائر ما بعد فم المعدة وإنما تحتاج المعدة إلى الحس لأنها تحتاج أن تتنبّه إذا خلا البدن عن الغذاء فإنه إذا كان الطرف الأول حساساً كسّاباً للغذاء لنفسه ولغيره ولم يحتج ما بعده إلى ذلك لأنه مكف بتحمل غيره وهذا العصب ينزل من العلو ملتوياً على المريء ويلتف عليه لفة واحدة عند قرب المعدة ثم يتصل بالمعدة ويركب أشد موضع من المعدة تحدّباً عرق عظيم يذهب في طولها ويرسل إليها شعباً كثيرة ترتبط به تتشعب دقاقاً متضامة في صف واحد ويلاصقه شريان كذلك ويثبت من الشريان مثل ذلك أيضاً .
ويعتمد كل منهما على طي الصفاق ويتشنج من
الجملة الثرب على ما نصفه .


والمعدة تهضم بحرارة في لحمها غريزية وبحرارات أخرى مكتسبة من الأجسام المجاورة فإن الكبد تركب يمينها من فوق وذلك لأن هناك انخراطاً يحسّ تمطيه .
والطحال منفرش تحتها من اليسار متباعداً يسيراً عن الحجاب لتداريه ولأنه لو ركب هو والكبد جميعاً مطاً واحداً لثقل ذلك على المعدة فاختير أن تركبها الكبد ركوب مشتمل عليها بزوائد تمتد كالأصابع وينفرش الطحال من تحت ومع ذلك فإن الكبد كبيرة جداً بالقياس إلى الطحال للحاجة إلى كبرها .
وكيف لا وإنما الطحال وعاء لبعض فضلاتها فيلزم أن يميل رأس المعدة إلى اليسار تفسيحاً للكبد فضيق اليسار وميل أسفله إلى فضاء تخلية للكبد من تحت فينفسح أيضاً مكان الطحال من اليسار ومن تحت فجعل أشرف الجهتين وهو فوق واليمين للكبد وأخسّهما المقابل لهما للطحال .
هذا وقد يدفيها من قدام الشرب الممتد عليها وعلى جميع الأمعاء من الناس خاصة لكونهم أحوج إلى معونة الهضم لضعف قواهم الهاضمة بالقياس إلى غيرهم .
وجعل كثيفاً ليحصر الحرارة رقيقاً ليخفّ شحمها فيكون مستحفظاً للحرارة من قدّام فإن الشحمية تقبل الحرارة جداً وتحفظها للزوجتها الدسمة وفوق الثرب الغشاء أي الصفاق المسمى باريطارون وفوقه المراق وعضلات البطن الشحمية كلها .
وهذان الصفاقان متّصلات من أعلاهما عند الحجاب متباينان من أسفلهما ومن خلفهما الصلب ممتدّاً عليه عرق ضارب كبير حار سبب حرارته كثرة روحه ودمه ويصحبه وريد كبير حار سبب حرارته كثرة دمه .
والصفاق من جملة هذه هو الغشاء الأول الذي يحوي الأحشاء الغذائية كلها فإنه خشّيها ويميل إلى الباطن ويجتمع عند الصلب من جانبيه ويتصل بالحجاب من فوقه يتصل بأسفل المثانة والخاصرتين من أسفل وهناك يحصل ثقبان عند الأربيتين وهما جريان ينفذ فيهما عروق ومعاليق وإذا اتسعا نزل فيهما المعي .


ومنافعه وقاية تلك الأحشاء والحجز بين المعي وعضل المراق لئلا يتخلّلها فيشوش فعلها ويشاركه أيضاً الأغشية التي في البطن المعلومة .
وفي الصفاق الخارج الذي هو المراق منافع فإنه يعصر المعدة بحركة العضل معها وتحريكها إياها فتتمدّد
الجملة على أوعية فيها أجسام من حقها أن تدفع عصراً ما يعين على دفع الثفل .
وكذلك تعصر المثانة وتعين على زرف البول وتعصر الرياح النافخة لتخرج فلا تعجز الأمعاء وتعين على الولادة .
والصفاق يربط جملة الأحشاء بعضها ببعض وبالصلب فيكون اجتماعها وثيقاً وتكون هي مع الصلب كشيء واحد وإذا اتصل بالحجاب والتقى طرفاه عند الصلب فقد ارتبط هناك .
ومن هناك مبدأه فإن مبدأه فضل ينحدر من الحجاب إلى فم المعدة وتلقاه فضلة من المتصعّد منه إلى الصلب يلتقيان ويتكون من هناك الصفاق جرماً غشائياً غير منقسم إلى ليف محسوس بل هو جسم بسيط في الحسّ ويحتوي على المعدة وراء الصفاقين اللذين في جوهر المعدة ويكون وقاية للصفاق اللحمي الذي لها ويصل إلى المعدة ويربطها بالأجرام التي تلي الصلب وقد يكون له طي وصعود وانحدار .
وأغلظه أسفله وأيسره وله طبقة من مسترق عضل البطن مجلّلة وتحته الرقيق منه الذي هو بالحقيقة الصفاق وهو شديد الرقة ومنه ينبت الغشاء المستبطن للصدر ويفضل من منبت الصفاق فضل من الجانبين ينسج منه ومن شعب عرقين ضارب وغير ضارب ممتدين على المعدة جوهر الثرب انتساجاً من طبقتين أو من طبقات بحسب المواضع متراكبة شحمية يغشّي المعدة والأمعاء والطحال والماساريقا منعطفاً إلى الجانب المسطح وهذا الثرب مع تندئته منوط بها مناويط من المعدة وتقعير الطحال ومواضع شرياناته والغدد التي بين العروق المصاصة المسماة ماساريقا ومن المعي الاثني عشري لكن مناوطها قليلة وضعيفة وربما اتصل بالكبد وبأضلاع الزور اتصالاً خفياً .


وهذه المناوط هي المنابت للثرب وأولها المعدة وهذا الثرب كأنه جراب لو أوعى شيئاً سيالاً لأمسكه فإذا حققت فإن الجلد والغشاء الذي بعده - وهو لحمي والعضل الموضوعة في الطبقة الفوقانية من طبقات عضل البطن المعلومة - معدود كله في جملة المراق .
والطبقات السفلانية من طبقات عضل البطن مع الغشاء الرقيق الذي هو بالحقيقة الصفاق من جملة الصفاقات .
والثرب كبطانة للصفاق ظهارة للمعدة وهذه الأجسام كلها متعاونة في تسخين المعدة تعاونها في وقايتها وفي أسفل المعدة ثقب يتصل به المعي الاثني عشري وهذا الثقب يسمى البواب وهو أضيق من الثقب الأعلى لأنه منفذ للمهضوم المرقق وذلك منفذ لخلافه وهذا المنفذ ينضمّ إلى أن ينقضي الهضم ثم ينفتح إلى أن ينقضي الدفع .
واعلم أن المعدة تغتذي من وجوه ثلاثة : أحدها بما يتعلل به الطعام ويعد فيها والثاني بما يأتيها من الغذاء في العروق المذكورة في تشريح العروق والثالث بما ينصبّ إليها عند الجوع الشديد من الكبد دمّ أحمر نقي فيغذوها .
واعلم أن القدماء إذا قالوا فمّ المعدة عنوا تارة المدخل إلى المعدة وهو الموضع المستضيق الذي لم يتسع بعد من أجزاء المعدة التي بعد المريء وتارة أعلى المدخل الذي هو الحدّ المشترك بين المريء والمعدة .
ومن الناس من يسمّيه الفؤاد والقلب كما أن من الناس من يجري في كلامه فمّ المعدة وهو يشير إلى القلب اشتراكاً في الاسم أو ضعفاً في التمييز وهؤلاء هم الأقدمون جداً من الأطباء .
وأما بقراط فكثيراً ما يقول فؤاد ويعني به فم المعدة بحسب تأويل .
فصل في أمراض المريء
قد يعرض للمريء أصناف سوء المزاج فيضعفه عن فعله وهو الازدراد وقد تقع فيه الأمراض الآلية كلها والمشتركة وتقع فيه الأورام الحارة والباردة والصلبة .
وأكثر ما يقع من الأمراض الآلية فيه هو السدد إما بسبب ضاغط من خارج من فقرة زائلة أو ورم لعضو يجاوره وإما لورم في نفسه أو في عضله التي تمسكه .


ومن جملة الأمراض التي تعرض له كثيراً من الأمراض المشتركة نزل الدم وانفجاره .
فصل في كيفية الازدراد
اعلم أن الازدراد يكون بالمريء بقوة جاذبة تجذب الطعام بالليف المستطيل ويعينه المستعرض بما يمسك من وراء المبلوع فيعصر في الازدراد إلى أسفل وفي القيء إلى فوق والقيء يتم أيضاً بالمريء لكن الازدراد أسهل لأنه حركة على مجرى الطباع تكون بتعاون طبقتين : إحداهما مستطيلة الليف والأخرى مجلّلة إياها معرضة الليف .
وأما القيء فهو حركة ليست على مجرى
فصل في ضيق المبلع وعسر الازدراد
ضيق المبلع إما أن يكون لسبب في نفس المريء أو لسبب مجاور فالسبب الذي يكون في نفس المريء إما ورم وإما يبس مفرط وإما جفوف رطوبات فيه بسبب الحمى أو غير ذلك وإما لصنف من أصناف سوء المزاج المفرط وسقوط القوة وضعفها وخصوصاً في آخر الأمراض الحارة الرديئة الهائلة وغيرها والسبب المجاور ضغط ضاغط إما ورم في عضلات الحنجرة كما يكون في الخوانيق وغيرها وربما كان مع ضيق النفس أيضاً أو أعضاء العنق وإما ميل من الفقار إلى داخل وإما ريح مطيفة به ضاغطة وإما تشنج وكزاز يريد أن يكون أو قد ابتدأ فإن هذا كثيراً ما يتقدّم الكزاز والجمود .
وقد وجد بعض معارفنا عسر الازدراد لاحتباس شيء مجهول في المبلع يؤديه ذلك إلى شيء شبيه بالخناق فغشيه تهوعّ قذف عنه دوداً كثيراً من الحيات سهل من انقذافه المبلغ وزال الخناق فعرف أن السبب كان احتباسه هناك .
العلامات : ما كان بسبب الفقارات يدل عليه الازدراد الضيق عند الاستلقاء وكون الازدراد مؤلماً عند الخرزة الزائلة وما كان بسبب سوء مزاج مضعف فيدل عليه طول مدة مرور المزدرد مع فتور وقلّة حمية في جميع المسافة من غير ورم اللهم إلا أن يكون ذلك في جزء من المريء معيّن فيضيق هناك ويحسّ باحتباس المزدرد عنده .


وما كان بسبب ورم ضاق في العروق منه وأوجع هناك ولم يخل الحار في الغالب عن الحمى وإن كانت في الأكثر لا تكون شديدة القوة .
وإذا كان الورم حاراً دل عليه أيضاً حرارة وعطش .
وإن لم يكن الورم حاراً لم تكن حمّى وربما كان خراجاً ليس بذلك الحار فيكون هناك وجع يسير يحدث معه في الأحيان نافض وحمى وربما جمع وانفجر وقيأ قيحاً وسكن ما كان يصيب منه وعادت العلة قرحة والذي يكون مقدمة الكزاز والجمود يدلّ عليه معه سائر الدلائل المذكورة .
المعالجات : إن كان بسبب ورم أو زوال فعلاجه علاج ذلك وإن كان بسبب سوء مزاج فإن كان التهاب وحرقة وحرارة في سطح الفمّ فيجب أن يستعمل اللطوخات بين الكتفين من العصارات والأدوية البادرة ويحسى منها ويسقى الدوغ الحامض وما يشبه ذلك .
وإن كان من برد - وهو الكائن في الأكثر - فيجب أن يعالج بالأضمدة المسخنة التي تستعمل في علاج المعدة الباردة وبالأدهان والمروخات المسخنة المذكورة فيها ودهن البلسان ودهن الفجل ودهن المسك ونحو ذلك وبأضمدة من جندبيدستر والأشق والمر والفراسيون ونحو ذلك .
وإن كان لمزاج رطب مرهل جداً ويعلم من مشاركة سطح الفمّ واللسان لذلك فيعالج بما فيه قبض وتسخين من الأدوية العطرة بعد تنقية المعدة وإصلاحها إن احتيج إلى ذلك .
وهذه الأدوية مثل الأنيسون المقلو والبهمن والسنبل والناردين والساذج الهندي والكندر ودقاقه والمر .
وإن احتيج إلى أن تخلط بها مسخنات أقوى مع قوابض باردة ليكسر بالمسخنة برد القوابض الباردة والشديدة التجفيف مثل الورد والجلنار ونحوه فعل .
وعندي أن الانجدان شديد النفع في ذلك .
وإن كان السبب اليبس فعلى ضدّ ذلك فاستعمل اللعوقات المرطبة المعتدلة المزاج والنيمرشيات والشحوم والزبد والمخاخ ودبر البدن والمعدة فإن المريء في أكثر الأمر تابع في مزاجه لمزاج فم المعدة .


القانون
القانون
( 39 من 70 )

فصل في أورام المريء
قد تكون حارة فلغمونية وما شرائية وباردة بلغمية وصلبة والأكثر يعسر نضجه ويبطئ .
العلامات : يدل عليها وجع عند البلع وفي غير البلع يؤدي إلى خلف القفا مع ضيق من المبلع والحار منها قد يكون معه حمى غير شديدة وربما كانت تعتري وقتاً بعد وقت كأنها حمى يوم وربما تبعها نافض لكنه يكون معه عطش شديد وحرارة فإذا نضج زال النافض وإذا انفجر قاء قيحاً .
وأما إذا كان الورم غير حار كان المبلع ضيقاً على نحو ضيق الورم الحار ولكن المعالجات : أدوية ذلك منها مشروبة ومنها موضوعة من خارج .
والأدوية الموضوعة من خارج يجب أن توضع على ما بين الكتفين ويجب أن تكون الأدوية رادعة قابضة متخذة من الرياحين والفواكه على قياس ما في علاج أورام المعدة ثم يزاد فيها مثل الأشق والمقل وإكليل الملك وعلك الأنباط والتين من غير إخلاء عن القوابض ومن الشحوم أيضاً .
فإن لم ينجع ذلك واحتيج إلى تحليل أكثر أو كان الورم في الأصل صلباً وجب أن تخلط معها القوية التحليل كب الغار والعاقر قرحا والقردمانا والزراوند والايرسا والبلسان .
وربما احتجت إلى استعمال المفجرات ضمّاداً مثل الخردل والثافسيا وغير ذلك مما ذكرنا في دبيلات الصدر والرئة حتى إلى حد ذرق الحمام ونحوه .
وأما الأدوية المشروبة فيجب أن يتخذ في علاج الحار منها لعوقات ليكون مرورها على الموضع مروراً متصلاً قليلاً قليلاً ويكون في الأوائل لعوقات من مثل العدس والطباشير بلعاب مثل بزرقطونا وبزر بقلة الحمقاء وماء القرع ونحوه ثم ينقل إلى مخلوطه عن رواح ومحللات قد جعل فيها شيء من التين وماء الرازيانج والبابونج ثم يزاد فيجعل فيها التمر والحلبة ويستعمل الاحساء .


أما أولاً فالروادع مثل المتخذة من دقيق الشعير والعدس ومحمضة بما تعلمه وغير محمّضة فإذا أخفت تنضج فاجعل الاحساء عن حليب النخالة بدهن اللوز والسكر ثم يجعل فيها مثل بزر الكتان ونحوه ثم يجعل فيها مثل دقيق الكرسنّة والحمص .
وإذا بلغت التفجير احتجت أن تتخذ فيها قوة من أصل السوسن الأسمانجوني واللوز المرّ والفراسيون وشيء من الخردل والتين والتمر .
علاج الأورام الباردة فيه : يعتبر ما قيل في علاج أورام المعدة الباردة ويستعمل عليها الملينات المنضجات إما من داخل فمثل اللعوقات والأحساء التي ذكرناها للإنضاج مثل دقيق الكرسنة ودقيق الشعير وفيها عسل وقوة من أصل السوس وأصل السوسن وغير ذلك .
وإما من خارج فبالأضمدة المنضجة التي ذكرناها وفيها حلبة وبابونج وإكليل الملك ومقل وصمغ البطم وأشق وإيرسا وقوة من العطر .
وإن مال إلى تفتح وتسخن عملت مثل ما قيل في الباب الأول واعتبر فيه ما يقال في باب أورام المعدة .
فصل في انفجار الدم من المريء
قد عرفت أسبابه، وعلاماته قيء الدم فيجب أن تطلب هناك ومما يفارق به علاجه ما قيل في علاجات انفجار الدم من المعدة أن الأدوية في هذا الانفجار تحتاج أن تكون أدوية ذات لزوجة وعلوكة لئلا تندفع إلى المعدة دفعة بل تجري على موضع الإنفجار بمهل ليمكنها أن تفعل فيه في ذلك المهل فعلاً قوياً وإن كانت قد تعود من طريق العروق فتفعل فيه ولكن بقوة واهية لطول المسالك وكثرة الانفعال في المسالك .
فصل في قروح المريء
قد يعرض في المريء قروح من بثور تعرض فيه أو أورام تتفجر فيه أو أخلاط حادة تمر فيه عند القيء ونحوه ولا يبعد أن تحدث عن النوازل .
علامة القروح في المريء : قد بيّنا في باب قروح المعدة الفرق بين قروح المعدة وقروح المريء فليتأمل من هناك .


وأما الدليل على أن في المريء قرحة وليس ورماً إن الازدراد في الورم يؤلم بعظم اللقمة وبحجم اللقمة أكثر من إيلامه بكيفية اللقمة من حرافة أو حموضة أو قبض . وأما القروح فاختلاف الكيف فيها اختلاف إيلام ويكاد الدسم المعتدل المقدار لا يؤلم والقليل الذي له كيفية غالبة يؤلم حتى إن كان النافذ لا مزاحمة له بحجمه لكنه متكيف بكيفية قوية آلم وأوجع .
ومن تحدث به القرحة عن خرّاج متقدم يعسر علاجه ويكون على شرف من الهلاك في أكثر الأمر .
علاج القروح في المريء : إذا كان في المريء قروح فإنا لا نسقي الأدوية المصلحة لتلك القروح دفعة واحدة كما نفعله إذا أردنا أن نسقى أدوية لقروح المعدة وغيرها بل نحتال في تلك الأدوية أن نسقيها قليلاً قليلاً وأن نختارها لزجة وغليظة أو نخلط بها لزجة وغليظة .
والسبب في ذلك أن الأدوية لا تقف على المريء ولا تلزم بل تجتاز وتفارق فإذا فرقت في السقي ولم تسق دفعة واحدة لاقت ملاقاة بعد ملاقاة ففعلت فعلاً بعد فعل فإذا لزجت التصقت بمريها ولزمت ولم تفارق دفعة .
وأما جواهر تلك الأدوية فسنذكرها في باب قروح المعدة فإنها هي هي .
فصل في علامات أمزجة المعدة الطبيعية
علامات المزاج الحار الطبيعي حسن هضمها للأطعمة القوية مثل لحوم البقر والإوز وغيرها .
وفساد الأطعمة اللطيفة فيها الخفيفة مثل لحوم الفراريج واللبن وأن يكون قبولها لما هو أحرّ مزاجاً من الأغذية أحسن وأن يفوق الهضم الشهوة .
وعلامة المزاج البارد الطبيعي أن لا يكون في الشهوة نقصان ويكون في الهضم نقصان فلا تنهضم فيها إلا الأغذية اللطيفة الخفيفة وأن يكون قبولها لما هو أبرد مزاجاً من الأغذية أحسن .
وعلامة المزاج اليابس الطبيعي أن يكون العطش يكثر في العادة وينقع بمقدار يسير من الشراب وتحدث الكظة من المقدار الكثير ويكون قبول المعدة لما هو أيبس من الأغذية أحسن .


وعلامة المزاج الرطب الطبيعي أن يكون العطش قليلاً مع احتمال الشرب الكثير وأمن من الكظة ويكون قبول المعدة لما هو أرطب من الأغذية أحسن .
فصل في أمراض المعدة
المعدة قد يعرض لها أمراض سوء المزاج الستة عشر الساذجة والكائنة مع مادة دموية أو صفراوية بأصنافها أو بلغمية زجاجية أو رقيقة ساكنة أو ذات غليان أو بلغمية حامضة مالحة أو مع مادة سوداوية حامضة وتعرض لها الأورام وتعرض لها القروح وانحلال الفرد وما يجري مجراه من أسباب باطنة وأسباب ظاهرة كالصدمة والضربة .
وربما احتملت الانخراق فلم تقبل في الحال وإذا بلغ الانحلال إلى أن ينخرق جرم المعدة فإن صاحبها ميت .
قال بقراط : كل من تنخرق معدته يموت وقد يعرض لها تهلهل نسج في ليفها وقد يعرض لها شدة تكاثف ويعرض لها من أمراض الخلقة في المقدار أن تكون كبيرة جداً أو صغيرة جداً .
ومن أمراض الشكل أن تكون مثلاً شديدة الاستدارة ومن أمراض الملاسة والخشونة أن تكون شديدة الملاسة مزلقة ومن آفات الوضع أن يكون وضعها مثلاً شديد البروز إلى خارج .
وقد تعرض أيضاً سدد في ليفها وسدد في مجاري المعدة إلى الكبد وإلى الطحال فيحدث ضرب إن كان ذلك في مجاري الكبد وتقل الشهوة إن كان في مجاري الطحال وقد تعرض في المعدة الرياح والنفخ بسبب الأغذية وبسبب ضعفها في نفسها ونحن نجعل لذلك باباً مفرداً .
واعلم أن سوء مزاج المعدة قد يقع من الأسباب الخارجة من الحر والبرد وغيرهما وقد يقع من الأسباب الداخلة .
ومن أمراض المعدة ما يهيج في الحر الشديد إما لمعونته في تحلّب موادّ رديئة إليها أو معونته لحرارتها على إحالة مادة فيها معونة رديئة غير طبيعية يحيلها إلى هيئة غير طبيعية .
وإذا كان مع مادة فلا يخلو إما أن تكون المادة متشربة في جرمها غائصة أو ملتصقة على جرمها أو مصبوبة في تجويفها .


وقد يكون الخلط الموجود فيها متولداً فيها وقد يكون منصباً من عضو آخر إليها كما ينصت من الدماغ بالنوازل الحارة أو الباردة فيسخن لها مزاج المعدة ويبرد ويميل إلى مزاج ما ينزل إليها .
وكذلك قد ينصب إليها من المرارة أخلاط مرارية وذلك في بعض من خلق فيه جدول كبير آتٍ من المرارة إلى المعدة بدل إتيانه في كثير من الناس إلى الأمعاء فينصب إلى المعدة ما يجب أن ينصب إلى الأمعاء وإذا طالت أحدثت المالحة الحادة منها في المعدة قروحاً والباردة التفهة ملاسة وزلقاً .
وربما تأدى تأثيرها إلى أول الأمعاء وما يليه .
وأما إفساد الشهوة والاستمراء فأول شيء .
ومن الناس من يخلق فيه ذلك على خلاف العادة وعلى ما أوردناه في التشريح .
والذي عليه الأكثر في خلقه العروق الآتية من المرارة إلى المعدة وقد ينصت إليها من الكبد ومن المرارة في بعض من خلق فيه من المرارة جدول كبير إلى المعدة في الأمعاء فيصبّ فيها أمام الواجب أن يصبّ في الأمعاء وقد تنصبّ إليها السوداء من الطحال أيضاً كما ستعرفه .
وأكثر ما ينصب إليها هو الصفراء من الكبد وقد يعين ذلك أسباب تكون في المعدة مثل الوجع الشديد والغم الشديد وتأخير الطعام وضعف قوة المعدة الدافعة وربما كان السبب فيه غصباً أو غماً أو انفعالاً نفسانياً مما يحرك المادة ويصبها إلى المعدة ويحدث لذعاً لا يزول إلا بالقيء .
وقد ينصبّ إليها بمثل هذه المحركات خصوصاً الجوع أخلاط صديدية لا سيما إذا كان في تلك النواحي قروح .
ومع ذلك فقد تنصب إليها السوداء أيضاً والسبب في انصباب السوداء إليها كثرة السوداء وضعف المعدة .
وأسباب كثرة السوداء ما تعرفه وسبب انصباب الدم إليها كثرة الدم وهيجانه في عضو أشرف منها مجاور لها في جانبها كالكبد أو فوقها كالدماغ إذا انصب منه دم إلى الحلق والمريء ونفذ إلى المعدة وضعف قوتها الدافعة يعين على قبول جميع ما ينصب إليها .


ومن الأسباب القوية في انصباب الدم إليها وإلى غيرها احتباس سيال من طمث أو دم بواسير أو ذرب أو ترك رياضة مستفرغة أو قطع عضو فيضيع ما كانت واعلم أن ضعف المعدة سبب قوي في انصباب ما ينصبّ إليها وأكثر ما يوجد في المعدة أو يتولّد فيها من الأخلاط هو البلغم .
والسبب في ذلك أن الكيلوس قريب الطبع من البلغم فإنه إذا لم ينهضم انهضاماً تاماً لم يصر دماً أو صفراء أو سوداء .
وأيضاً فإنَ المعدة لا تنصبّ إليها في غالب الأحوال صفراء تغسلها كما تغسل الأمعاء .
وأما الصفراء فإنها تتولّد في بعض المعدة وفي الأكثر إنما تنصبّ إليها من الكبد على أنها تتولّد في المعدة الحارة إذا صادفت غذاء قابلاً للاستحالة بسرعة إلى الدخانية .
وقد يعرض للمعدة إما في الخلقة وإما بمقاساة أمراض وأوجاع وسوء تدبير أن يصير جرمها متهلهل النسج سخيف القوام رقيق الجلد فيؤدي ذلك إلى ضعف في جميع أفعالها ويحتاج في معالجته إلى كلفة .
وأسباب أمراض المعدة كل أسباب الأمراض المذكورة الخارجة والداخلة ويخصّها أن تكون الأغذية بحيث تقتضي سوء الهضم وإن لم تكن المعدة إلا على أصحّ الأحوال وهو مذكور في بابه أو تكون قليلة جداً حتى تؤدي بالمعدة الصحيحة إلى أن تخف وتضمر أو يكثر استعمال الأدوية فتعتاد المعدة الاستعانة بالدواء في فعلها أو تتعب كثيراً بالقيء والإسهال وخصوصاً القيء فإنه يحتاج إلى حركة عنيفة غير طبيعية فيعرض أن يتخلخل نسج ليفها ويتهلهل والمعدة الشديدة الحس مملوءة بالتأدي والتألم من كل أدنى سبب وكل مزاج يضعف بإفراط فإنه يحدث في كل فعل نقصاناً حتى إن الحرارة الساذجة ربما صارت سبباً لتزلق المعدة لما يحدث من ضعف الماسكة .
وأما الحرارة مع مالحة صفراوية فهي كثيراً ما تكون سبباً لذلك والآفات التي يحدث في أفعالها إما أن تحدث في القوة المشهيّة والجاذبة بأن لا تشتهي البتّة أو تقلّ شهوتها أو تكثر جداً أو تفسد شهوتها .


وذلك إما للغذاء وإما للماء وإما في القوة الماسكة بأن يشتدّ إمساكها أو يضعف أو يبطل إمساكها فيطفو الطعام .
وإما في القوة الهاضمة بأن يبطل هضمها أو يضعف أو يفسد فتحيل الشيء إلى دخانية أو حموضة .
وإما في القوة الدافعة بأن يشتد فعلها فيه إما إلى الطريقة الطبيعية وإما إلى فوق أو يضعف دفعها أو يبطل .
وكل شيء طال مكثه في المعدة وأبطأ عرض منه التبخير المؤلم المحرّك للأخلاط ولا مبخّر كالفواكه .
وقد تحدث بها الأوجاع الممدّدة واللذاعة وغير ذلك وقد يتبع ضعف هذه القوى كلها أو بعضها طفو الطعام وبطء انحداره أو سرعة انحداره وضعف هضمه أو بطلانه أو فساده وسقوط الشهوة بالكلية أو الشهوة الكلبية أو الشهوة الفاسدة ويتبعها القراقر والجشاء والنفخ واللذع وغير ذلك .
وربما أدى ما يحدث من ذلك إلى مشاركة من أعضاء أخرى وخصوصاً الدماغ بالشركة بينهما بعصب كثير فيحدث صرع أو تشنّج أو مالنخوليا أو يقع في البصر ضرر .
وربما تخيل للعين كأنَ بقاً أو بعوضاً ونسج عنكبوت ودخاناً وضباباً أمامها .
وكثيراً ما يشارك القلب المعدة فيحدث الغشي إما لشدة الوجع وخصوصاً في أورامها العظيمة وأما الكيفية مفرطة من حر أو برد أو مستحيلة إلى سمية .
فإن ضعفت المادة عن إحداث الغشي أحدثت كرباً وقلقاً وتثاؤباً وقشعريرة .
ومثل هؤلاء هم الذين قال أبقراط أن سقي الشراب الممزوج مناصفة يشفيهم وذلك لما فيه من التنقية والغسل مع التقوية .
والمعدة قد تستعد بشدة حسّها للأفعال عن سبب يسير فيؤدي ذلك إلى صرع وتشنّج وهذا الإنسان يؤذيه أدنى غضب وصوم وغمّ وسبب محرّك للأخلاط فإذا انصبّ فيها لذلك خلط مراري لاذع إلى فم معدته تأذى به لشدة حسّه فصرع وغشي عليه وتشنج بمشاركة من الدماغ لفمّ معدته .


وهذا الإنسان يعرض له مثل ما يعرض لضعف فم المعدة من أنه إذا أتخم وأفرط من شرب الشراب أو الجماع تشنّج أو صرع وكثيراً ما يتخلص أمثاله بقيء كراثي أو زنجاري وربما كان الامتلاء الكثير يسبتهم سباتاً طويلاً إلى أن يتقيئوا فيستيقظوا .
وربما كان ذلك سبباً للوقوع في المالنخوليا المراري وفي الأفكار والأحلام الفاسدة .
واعلم أن أمراض المعدة إذا طالت أدت إلى هلهلة نسج ليفها وعسر التدارك والعلاج .
ومن الآفات الرديئة في الخلقة أن تكون الرأس باردة مهيّئة لحدوث النوازل ثم تكون المعدة حارة فلا تحتمل ما ينقّي تلك النوازل من مثل الفلافلي والفوتنجي والكموني .
فصل في وجوه الاستدلال على أحوال المعدة
الأمور التي يستدل بها على أحوال المعدة هي أحوال الطعام في احتمال المعدة له وعدم احتمالها ومن هضمها له ومن دفعها إياه ومن شهوتها للطعام ومن شهوتها للشراب ومن حركاتها واضطراباتها كالخفقان المعدي والفواق ومن حال الفمَ واللسان في طعمه وبلته وجفافه وخشونته وملاسته ورائحته وما يخرج من المعدة بالقيء أو البراز أو الريح النازلة له بصوت أو بغير صوت أو الصاعدة التي هي الجشاء والمحتسبة التي هي القراقر ومن لون الوجه وباطن الفمّ ومن الأوجاع والآلام ومن مشاركتها الأعضاء أخرى ومن جهة ما يوافقها أو يؤذيها من المطعومات والمشروبات والأدوية .
فأما الاستدلال من احتمال الطعام وعدم احتماله فإنه إن كانت المعدة لا تحتمل إلا القليل دون المعتاد فإن فيها ضعفاً لسبب من أسباب الضعف وإن كانت تحتمل فقوّتها باقية .
وأما الاستدلال من البراز وما يخرج من البطن فإن البراز المستوي المعتدل الصبغ والنتن يدلّ على جودة الهضم وجودة الهضم تدلّ على قوة المعدة وقوة المعدة تدلّ على قوة اعتدال مزاجها .


وأما الذي لم ينهضم منه فيدل على ضعف المعدة وعلى سوء مزاج بها ثم الصبغ يدلّ على المادة التي فيها فإن كان هناك نتن ولين دل على أنه نزل من المعدة قبل وقته لسوء احتوت المعدة عليه لضعف القوة الماسكة وإن لم يكن لين لم يدل على ذلك بل دل على ضعف الهاضمة .
وأما الاستدلال من الصوت فقد قيل فيما تجازف فيه أن نزوله دليل على قوة المعد وعظم صوته دليل على جودة الهضم والقوة أيضاً وكذلك قلة نتنه .
والصواب في هذا أن نزوله ليس يدل على قوة بل على ضعف ما ولكنه ضعف دون الذي يحدث الجشاء وأما كونه عظيم الصوت إن كان لجوهره فهو لغلظه وإن كان بسبب قوة الدافعة فذلك يحل على قوة ما واللطيف الرقيق الذي لا صرت له لعن على القوة من الكثيف المصوت وخصوصاً الذي ليس تصويته عن إرادة مرسلة وأما الصوت الخارج من تلقاء نفسه فيمل على اختلاط الذهن .
وأما قلة النتن فتدل لا محالة على جودة الهضم .
والنتن الشديد يدل على فساده وعدم النتن أصلاً يدل على لحاجته .
وأما الاستدلال من طريق الفواق فإنه إن كان يحس صاحبه بلذع فهناك خلط حامض أو حريف أو مر .
وإن كان يحس معه بتمدد فهناك ريح .
وإن كان لا يحس بذلك ولا يعطش فهناك خلط بلغمي .
وإن كان عقيب استفراغات وحميات فهناك يبس .
وأما الاستدلال من العطش فإن العطش يدل على مزج حار فإن كان مع غثي دل على مادة مرارية أو مالحة بلغمية فإن سكن بشرب الماء الحار فالمادة في أكثر الأحوال بلغمية مالحة بورقية فإن ازدادت فالمادة مرارية .
وأما الاستدلال من حال الفم واللسان فإنه إذا كان اللسان في أوجاع المعدة شديد الخشونة والحمرة فقد يدل على غلبة دم أو ورم حار فيها دموي وإن كان إلى الصفرة فالآفة صفرارية وإن كان إلى سواد فالسبب سوداوي وإن كان إلى بياض ولبنية فالسبب رطوبة وإن كان يبس فقط فالسبب يبوسة .


وأما الاستدلال من طريق الهضم فجودة الهضم إنما تكون إذا كان الطعام المشتمل عليه لا يحدث عقيبه ثقل في المعدة ولا قراقر ونفخ ولا جشاء وطعم دخاني أو حامض ولا فواق واختلاج وتمتد وأن تكون مدة بقاء الطعام في المعدة معتدلة ونزوله عنها في الوقت الذي ينبغي لا قبله ولا بعده ويكون النوم مستوياً والانتباه ضيفاً سريعاً والعين لا ورم بها والرأس لا ثقل فيها والإجابة عن الطبيعة سهلة ويكون أسفل البطن قبل التبرز منتفخاً يسيراً .
وهذا يدل على جودة التفاف المعدة على الطعام وحسن اشتمالها عليه وذلك يدل على قوة المعدة وموافقة الطعام في الكم والكيف .
فإذ لم تشتمل المعدة اشتمالاً حسناً ولم تكن جيدة الهضم حدث قراقر وتواتر جشاء وبقي الطعام مدة طويلة في المعدة أو نزل قبل الوقت الواجب .
والصفراء ليس من شأنها أن تمنع الهضم منعاً مبطلاً أو ناقصاً متلحجاً بل قد تفسده وأما السوداوي فمن شأنها أن تمنع الهضم وتفسده معاً .
وللبلغم أميل منها إلى الفساد .
واعلم أن المعدة إذا لم يكن بها ورم ولا قرحة ولا كان بالغذاء فساد ثم لم تحسن الهضم فالسبب سوء مزاج وأكثره من برد ورطوبة وبعده الحار وبعده اليابس .
وأما الاستدلال من أوجاع للمعدة فمثل الوجع المتمدد فإنه يدل على ريح والثقيل فإنه يدل على امتلاء واللاذع فإنه يدل على خلط حامض أو حريف أو عفن أو مرَ .
وأما الاستدلال من الشهوة فقد يستدل منها إما بزيادتها وإما بنقصانها أو بطلانها وإما بنوع ما تنحو إليه مثل أنه ربما كان عطشاً وشوقاً إلى بارد وربما كان شوقاً إلى حامض وربما كان شوقاً إلى ناشف ومالح وحريف وربما اجتمع للشوق إلى الحريف والمالح والحامض معاً من جهة أن هذه تشترك في إفادة تقطيع الخلط الضار فيكون عليلاً على ضعف للمعدة فإن المعدة القوية تميل إلى الدسومات وربما كان الشوق إلى أشياء رديئة منافية للطبع كما يشتهي الفحم والأشنان وغير ذلك .


والسبب فيه خلط فاسد كريب غير مناسب للأخلاط المحمودة وإذا كان حس المذاق صحيحاً لم تؤثر الشهوة طعماً على الحلو فإذا توحمت الشهوة وعافته فهناك آفة فإن اشتهت الحسومات فهناك تقابض وتكاثف وويبس .
فإن كره الطبع الأطعمة المسخنة ومال إلى البوارد لبردها فهناك حرارة .
وإن اشتهى المسخنات فهناك برودة .
وإن اشتهى المقطعات والحموضات والحرافات فهناك خلط لزج .
والشهوة في المعلق الحارة للماء أكثر منها للغذاء وربما صار شدة الحرارة للتحليل وطلب البدل واللذع مهيجاً لجوع شديد ويكون ضرباً من للجوع لا يصبر عليه البتة ويصحبه الغشي خصوصاً إذا تأخر الغذاء والشهوة في المعدة التي تنصب إليها السوداء والبلغم الحامضان إن تكثر إذا كان قدرهما دون القدر المستدعي للنقص وإنما تكثر فيها الشهوة وتصير كلبية لما نذكره في باب الشهوة الكلبية واعلم أن شهوة الغذاء تعم الأعضاء كلها لكن تلك العامة تكون طبيعية وكائنة من علائق استدعاء القوة الغاذية بالجاذبة ثم يخص المعدة شهوة نفسانية لأنها تحس وقد يتفق لبعض الناس أن يجوع كثيراً ويأكل كثيراً ولا تصيبه تخمة ولا يخرج في غائطه ثفل كثير ولا يسمن مع ذلك بدنه .
وسبب هذه الحالة تحلل كثير سريع مع صحة للهاضمة والجاذبة الشهوانية .
وأما الاستدلال من طريق الفم فإن المر يدل على حرارة وصفراء والحامض يدل في أكثر الأمر على برد في المعدة لكن دون البرد الذي لا ينهضم معه الطعام أصلاً وربما دل على حر ضعيف مع رطوبة برد ويحمض إذا غلي عن حرارة قليلة وقد تكون حموضة من انصباب مادة حامضة من الطحال إلى المعدة والكائن بسبب الطحال تشتدّ معه الشهوة ويكثر النفخ والقراقر ويسوء الهضم ويجمّض ويكثر الجشاء .
والتفه من طعوم الفم يدل على بلغم تفه والمالح على بلغم مالح والطعوم الغريبة السمجة المستبشعة قد تدل على أخلاط غريبة عفنة رديئة .


وأما الاستدلال من القيء فإنه إن كان تهوع فقط فالمادة لحجة متشرّبة وإن كان قيء سهل دل على أنها مصبوبة في التجويف وإن كان قيء وتهوع لا يقلع دل على اجتماع الأمرين أو على لحوج الخلط .
وليس الغثيان إنما يكون من مادة متشرّبة بل يكون أيضاً من مادة غير متشرّبة إذا كانت كثيرة تلذع فم المعدة أو كانت قليلة قويت باختلاطها لطعام وارتقت من قعر المعدة إلى فم المعدة للذعته ولذلك قد يسهل قذف الأخلاط بعد الطعام ولا يسهل قبله إلا أن تكون كثيرة .
لكن إذا كان حدوث التهوّع والغثيان على دور فالمادة منصبة .
وإن كانت ثابتة فالمادة متولّدة في المعدة على الاتصال .
والقيء أيضاً يدلّ بلون ما يخرج منه على المادة فيدل على الصفراء والسوداء باللون وعلى البلغم الحامض والمالح باللون والطعم وعلى البلغم الزجاجي باللون وعلى البلغم النازل من الرأس باللون المخاطي وبما يصحبه من النوازل إلى أعضاء أخرى .
ومن الناس من إذا تناول طعاماً أحس من نفسه أنه لو تحرك فضل حركة قذف طعامه وذلك يدل على رطوبة فم المعدة أو على ضعف من المعدة .
والذي يكون من الرطوبة فإنه يعرض أيضاً على الخوى والذي يكون من الضعف فإنما يعرض على الامتلاء فقط .
وأما الاستدلال من طريق لون البدن فإن اللون شديد الدلالة على حال المعدة والكبد في أكثر الأمر فإن أكثر أمراض المعدة باردة رطبة ولون أصحابها رصاصي وإن كانت بهم صفرة كانت صفرة إلى البياض .
وأما الاستدلال من القراقر فإن القراقر تدل على ضعف المعدة وسوء اشتمالها على طعام أو على غائط رطب قطعاً .
وأما الاستدلال من الريق فإن كثرته وزبديته تدل على رطوبة المعدة المرسلة للرطوبة المائية اللعابية وجفوف الفمّ وقلة الريق يدلّ على يبس المعدة وحرارته على الحرارة .
وإن كان هناك علامات أخرى تعين ذلك في الدلالة على الحرارة .


واعلم أن يبس الفم يكون على وجهين : أحدهما اليبس الحقيقي وهو أن لا يكون ريق والثاني اليبس الكاذب وهو أن يكون اللعاب عذباً لزجاً لكنه جفّ بسبب حرارة بخارية تتأذى إليه فيجب أن تفرّق بين اليبس وجفوف الريق اللزج على الفم فإن ذلك يدل على اليبس وهذا على رطوبة لزجة إما وأما الاستدلال من الجشاء فلأن الجشاء قد يكون حامضاً وقد يكون منتناً إما دخانياً وإما زنجارياً وإما زهماً وإما حمائياً وإما عفناً وإما سميكاً وإما شبيهاً بطعم ما قد تناوله صاحبه وإما ريحاً صرفة ليس فيها كيفية أخرى وهو أصلح الجشاء .
فإنه إن كان دخانياً ولم يكن السبب فيه جوهر طعام سريع الاستحالة إلى الدخانية مثل صفرة البيض المطجّنة والفجل أو طعام مستصحب في صنعته واتخاذه كيفية دخانية مثل الحلو المعمول عليه بالنار وغير ذلك فالسبب فيه نارية المعدة بمادة أو سوء مزاج ساذج .
فإن كان بمادة كان على أحد الوجوه المذكورة .
وكثيراً ما يكون ذلك من مادة صفراوية تنصبّ إلى المعدة من المرارة على الوجه السالف ذكره أو من نزلة من الرأس حادة وخصوصاً إذا لم يكن الإنسان صفراوياً في مزاجه .
ويستدلّ أيضاً على أن السبب حرارة مادية أو ساذجة من جهة سالف التغذي بالغذاء البعيد عن الدخانية مثل خبز الشعير فإن مثله إذا جشا جشاء دخانياً فالسبب حرارة المعدة .
وكذلك يتأمل البراز هل هو مراري فإن كان مرارياً دل على أن السبب حرارة في المعدة وإن لم يكن البراز مرارياً فلا يوجب أن يكون السبب في المعدة فإنه ربما كان سوء مزاج مفرد .
والقيء أيضاً أدل دليل بما خرج فيه عليه وقد يدل الجشاء الدخاني على سهر لم تجد معه المعدة فراغاً كافياً للهضم فاشتعلت وسخنت .


وأما إن كان الجشاء حامضاً ليس عن غذاء حامض ولا عن غذاء إذا أفرط فيه تغير إلى الحموضة فذلك لبرد المعدة وخصوصاً إذا جرّبت الأغذية البعيدة عن التحمض مثل العسل فوجدتها تحمّض فاحكم أن السبب في ذلك برد المعدة بلا مادة أو بمادة .
ويصحب الذي بالمادة ثقل في فم المعدة دائماً .
وأكثر ما يعرض لأصحاب السوداء ولأصحاب الطحال ولمن ينزل إلى معدته نوازل باردة وقد يحمّض الجشاء عن حرارة إذا صادفت مادة حلوة فأغلتها وحمّضتها .
ويدلّ على ذلك أن يكون جشاء حامض مع علامات حرارة والتهاب ومرارة فم وعطش وانتفاع بما يبرّد ومما يستدل فيه على أن الحرارة المفرطة قد تحمّض الطعام أو الجشاء أن الحرارة قد تحمّض اللبن أسرع مما تحمّضه البرودة .
وقد يستدل بالقيء أيضاً على المادة وإذا كان الجشاء منتناً فقد يدلّ على عفونة في المعدة دلالة البخر وقد يدلّ على قروح المعدة والسهك والسمكي .
والحمائي يدل على رطوبة متعفنة والزنجاري يدل على حدّة وحرارة مع عفونة وهو أشدّ دلالة على الحرارة من الدخاني .
وأما إن كان الجشاء غير حامض ولا دخاني لكنه مؤدّ لطعم الطعام بعد مدة آتية على تناول الطعام فهو يدلّ على ضعف المعدة عن إحالة الطعام .
وأما الاستدلال مما يوافق أو ينافي أو يؤذي فهو أن تنظر هل الأشياء المبرّدة توافقه والأشياء المجففة توافقه أو المرطّبة بعد أن يراعي شيئاً واحداً .
وكثيراً ما يقع الغلط بسبب إغفاله إذا لم يراع وهو أن الأشياء المبرّدة كثيراً ما تكسر غليان الخلط الرقيق المائي الرطب أو ملوحة الخلط البلغمي فيظن أنه قد وقع به الانتفاع وإن كان هناك حرارة .
والشيء المسخّن كثيراً ما يدفع الخلط الحار ويحلّله فيظن أنه قد وقع به الانتفاع وإن كان هناك برودة بل يجب أن ينظر مع هذين إلى سائر الدلائل .


وأما الاستدلال مما يوجد عليه حسّ المعدة أنها إن لم تحسّ بلذع بل بثقل فالمادة بلغمية زجاجية وإن أحست باللذع والالتهاب فالمادة مرة أو مالحة .
أو بلذع بغير التهاب فالمادة حامضة .
وإن كان هناك لذع من خفّة فالمادة لطيفة أو قليلة وإن كان مع ثقل فهي غليظة أو كثيرة .
وأما الاستدلال بأحوال المشاركات فأن ينظر مثلاً هل الدماغ منفعل عن أسباب النوازل باعث إلى المعدة النوازل أوِ هل الكبد مولدة للصفراء باعثة إياها أو هل الطحال عاجز عن نفض السوداء فهو وارم كثير السوداء وهذا يعرف السبب وينظر هل بتخيّل أمام العين شيء غير معتاد وغير ثابت وهل يحدث صداع أو وسواس مع الامتلاء ويقلّ مع الخوا وكذلك الدوار خاصة وهل يحدث خفقان على الامتلاء أو على الخواء أو غشي وتشنج .
وهذا يعرف الغرض فإن كان الامتلاء يحدث خيالات أو صداعاً أو وسواساً ومنامات مختلفة أو خفقاناً أو سباتاً عظيماً فالمعدة ممتلة وبها سوء مزاج وإن كان الخفقان والصداع والغشي والوسواس يحدث في حال الخواء فإنما هو داء يقبل مراراً أو خلطاً لذاعاً يصير إلى فمها عند الخلاء أو خلطاً سوداوياً أو خلطاً بارداً .
وأنت تعرف الفضل في ذلك من سائر ما أعطيناكه من العلامات .
وما كان من هذه الأسباب في أسفل المعدة فإنه لا يعظم ما يتولّد فيه من الصداع والصرع والغشي والتشنّج .
والأعراض الدالة على أحوالها بالمشاركة منها دماغية مثل اختلاط الذهن والسبات والجمود والوسواس .
ومنها قلبية كالغشي والخفقان وسوء النبض .
ومنها مشتركة مثل بطلان النفس وعسره وسوئه .
دلائل الأمزجة
فصل في علامات سوء المزاج الحار


إنه يدلُّ عليه عطش - إلا أن يفرط فيسقط القوة - وجشاء دخاني وسهوكة الريق وانتفاع بما يبرّد على شرط تقدم في الاستدلال واحتراق الأغذية اللطيفة التي كان مثلها لا يحترق في الحالة الطبيعية ومحترق الغليظة ينهضم فوق ما كان ينهضم إلا أن يفرط فتضعف القوة وكثرة العطش وقلة الشهوة للطعام في أكثر الأمر وخصوصاً إذا كان سوء المزاج مع مادة صفراوية فإنها تسقط الشهوة البتة لكن الهضم يكون قوياً إلا أن يفرط سوء المزاج إلى أن يضعف القوى .
وربما صحب هذا المزاج حمى دقّية وربما كان هذا المزاج لإفراطه قبل أن تسقط الشهوة مهيجاً لجوع شديد بما يحلل وبما يحدث بلذعه وتحريكه المواد إلى التحلل كالمص .
وقد يكون هذا الجوع غشيياً إذا تأخر معه الغذاء أوقع في الغشي فإذا طالت مدّته طولاً يسيراً بطلت الشهوة أصلاً .
وقد يكثر أيضاً سيلان اللعاب على الجوع ويسكن على الشبع للحرارة المحللة المصعّدة .
وإن وجدت الرطوبة كان ذلك أكثر .
وهذا قد تسكنه الأغذية الغليظة .
ثم اعلم أن من كانت معدته نارية كان دمه قليلاً رديئاً منتناً حريفاً تكرهه الأعضاء المخالفة له في المزاج الأصلي فلا تغتذي به فيكون قليل اللحم وتكون عروقه دارة لأن مخزون فيها لا تستعمله الطبيعة والفصد يخرج منه دماً رديئاً .
في علامات سوء المزاج البارد : يدل على برودة المعدة بطء تغيّر الطعام أصلاً ولم ينضج .
وقد يدل عليه كثرة الشهوة وقلة العطش والجشاء الحامض من غير سبب في الطعام على ما ذكرناه .
وهذا يدل على سوء مزاجها البارد .
ومن الدلالة على ذلك أن لا يكون استمراء إلا لما خص من الأغذية دون الأغذية الغليظة التي كانت تنهضم من قبل وربما بلغ سوء المزاج للمعدة الباردة أن يعرض من الطعام المأكول بعد ساعات كثيرة تمدد ووجع عظيم لا يسكن إلا بقذف رطوبة خلية كل يوم وربما أدى إلى الاستسقاء والذرب .


وبارد مزاج المعدة يظهر على لونه صفرة وبياض لا يخفى على المجرب وهو الذي النانخواه من أجود علاجاته .
وقد يشاركه الدماغ في آفات هذا المزاج فيكون صداع ريحي وطنين ونحو ذلك .
فإذا اتفق سوء مزاج بارد مع سوء مزاج أصلي حار كثرت القراقر والنفخ والجفاف والعطش ويزداد فساداً كلما احتاج إلى فصد لا بدّ منه ويؤول إلى الدق .
ودواؤه تقديم قليل شراب قدر ما تبل به اللهاة على الطعام وأن يكون غذاؤه النواشف والأحمر من اللحم دون الثرائد .
علامات سوء المزاج اليابس : يدل عليه العطش الكثير وجفوف اللسان المفرط على الشرط المذكور في باب الاستدلالات وهزال البدن وذبوله فوق الكائن بالطبع والانتفاع بالأغذية الرطبة والأهوية الرطبة .
علامات سوء المزاج الرطب : يدل على ذلك قلة العطش والنفور من الأغذية الرطبة والتأذي بها والانتفاع بتقليل الغذاء وباليابس منه .
ويدلّ عليه كثرة اللعاب والريق فإن كان على الجوع دل على حرارة مع الرطوبة في الأكثر .
وقد يكون من الحرارة وحدها وكثيراً ما يكون على فم المعدة من الإنسان رطوبة بالة ويكون صاحبه كلما أكل شيئاً توهم أنه لو تحرك لقذف وقد يكون هذا أيضاً من ضعف المعدة ولكن تصحبه الدلائل الضعيفة المذكورة ويكون هذا على الخوا أيضاً وإن لم يأكل وذلك يكون عند الأكل فقط .
علامات مواد الأمزجة وما معها : المزاج الذي مع المادة يدل عليه القيء والجشاء والبراز خاصة بلونه وبما يخالطه ويخالط البول إلا أن تكون لحجة مجاوزة للحد والرقيق الحار والصديدي يدل عليه مع خفة المعدة غثي وعطش ولذع والتهاب فإذا تناول الطعام الغليظ يغثي به .
وبالجملة إن كان كثيراً كان معه غثي دائم وإن كان قليلاً غثي عند الطعام وكذلك إن كان غير متشرب ولكنه منحصر في قعر المعدة ولا يغثي فإذا اختلط بالطعام فشا في المعدة وانتشر وبلغ إلى فمها وغثى .


وقد يدل على المصبوب في فضاء المعدة الذي لم يتشرب أنه إذا تناول صاحبه شيئاً جلاء كماء العسل أو السكر أخرجه للحس .
والمتشرّب لا يعرف من جهة ما يبرز بالقيء أو البراز بل من سائر الدلائل المذكورة .
وأصله الغثيان فإنه يدل على المادة فإن كان تهوع فقط فهناك لصوق وتشرب من المادة .
ويدل على جنس المادة العطش .
والعطش يدل إما على حرارته أو ملوحته وبورقيته فإن سكَن بالماء الحار فهو بلغم مالح وإن لم يسكن فالمادة صفراوية .
ويتعرف أيضاً بطعم الفم وبما ينقذف فإن اجتمع الغثي والعطش دل على ذلك وإن لم يكن عطش دل على أن المادة باردة .
ومن دلائل اجتماع مادة بلغمية كثيرة لزجة أن تسقط الشهوة ولا ينشرح الصدر للطعام الكثير الغذاء بل يميل إلى ما فيه حدة وحرافة وإذا تناول ذلك ظهر نفخ وتمدد وغثيان ولا يستريح إلا بالجثاء ومن الدليل على اجتماع مادة رديئة في المعدة وما يليها اختلاج المراق وربما أدى إلى الصرع والمالنخوليا .
ومن دلائل أن المادة المنصبة سوداوية الشهوة الكثير مع ضعف الهضم ومع كثرة النفخ ومع وسواس ووحشة .
ومن الدليل على أن المادة نزلة إسهال بأدوار مع كثرة نوازل من الرأس إلى المعدة وإلى غير المعدة أيضاً وما يخرج في الفيء والبراز من الخلط المخاطي .
ومن الدلائل على أن المادة رطبة تؤذي بغليانها عطش مع فقدان مرارة أو ملوحة في الفم وإحساس شيء كأنه يصعد أو ينزل مع رطوبة مفرطة في الفم ورأس المعدة والتهاب .
فصل في دلائل آفات المعدة غير المزاجية
أما دلائل عظم المعدة فأن تكون المعدة تحتمل طعاماً كثيراً وإذا امتلأت حسن حينئذٍ تلازم الأحشاء واشتداد بعضها ببعض فإذا خلت تقنصت وتركت الأحشاء كأنها معلقة وأما دلائل الصغر فأن لا تحتمل طعاماً كثيراً وتمتلئ قبل الشبع .


ودلائل السدد الواقعة بين الكبد والمعدة وطوبة البراز وكثرته والعطش وقلة الدم وتغير اللون إلى الاستسقائية وابتداء سوء الحال التي ربما كان أعرف أسمائها سوء المزاج أو سوء القنية .
ودلائل السدد الواقعة بين المعدة والطحال قلة الشهوة مع عظم الطحال .
وأما دلائل السدد الواقعة بين المعدة والأمعاء فهي أعراض إيلاوس أو القولنج .
وأما دلائل السدد الواقعة بين المعدة والدماغ فهي قلة الشهوة مع صلاح المزاج وبقاء الهضم بحاله إن لم يكن عائق آخر وقلة الإحساس بالمبلوعات اللذاعة الحريفة جداً وأن لا يقع فواق بعد شرب الفلافلي وشراب الشراب عليه على الريق .
وأما دلائل الرياح فالتمدّد في المعدة والجنبين وتحت الشراسيف وطفو الطعام وكثرة الرياح النازلة والجشائية .
واعلم أنه إذا وجد الجاس ما بين المعدة والكبد صلابة مع نحافة فذلك دليل ينذر بانحلال الطبيعة .
فصل في المعالجات بوجه كلي
إن المعدة تعالج بالمروخات وبالأضمدة والنطولات من مياه طبخ فيها الأدوية وبالأطلية وبالمروخات من الأدهان .
والمراهم المتخذة بشموع طبخت في مياه طبخ فيها الأدوية والأطلية والأضمدة خير من النطولات فإن النطولات ضعيفة التأثير .
واعلم أن علاج ما يعرض لها من سوء المزاج في الكيفيتين الفاعلتين أسهل بسبب سهولة وصولنا إلى أدوية مضادة لهما شديدة القوة .
وأما علاج ما يعرض لها من سوء المزاج في الكيفيتين المنفعلتين فهو أصعب وخصوصاً المزاج البارد فإن مقابلة كل واحد منهما تكون بقوة ضعيفة التأثير ومدة تسخين البارد كمدة تسخين الحار والخطر في التبريد أعظم لا سيما إذا كان بعض الأعضاء المجاورة للمعدة بها سوء مزاج بارد أو ضعف .
والخطر في الترطيب والتجفيف متشابه إلا أن مدة الترطيب أطول .
واعلم أن أمراض المعدة إذا كانت من مادة ثم أشكلت المادة فلا أنفع لها من الأيارج فإنها أعون الأدوية على مصالح المعدة وتمام أفعالها الخاصة .


ويجب أن لا يعول عليه إذا كان سوء مزاج بلا مادة فإنه يضر الحار واليابس ويوجد في الباردة ما هو أقوى منه .
وإذا استفرغت المعدة من خلط ينصب إليها من غيرها فقوّها بعد ذلك كي لا تقبل ذلك الخلط .
وشد الأطراف وتسخينها يعين على حبس ما ينصبّ إليها عنها .
وشراب الخشخاش شديد المنع لانصباب المواد الحارة فإن كان الخلط بارداً فالمقويات التي تحتاج إليها بعده هي مثل المصطكي وأقراص الورد الصغير والنعناع اليابس والعود النيء والقرنفل وما أشبه ذلك وإن كان الخلط حاراً فبالربوب وبالأقراص الباردة المتخذة من الورد والطباشير وما ومن وجد صلابة ونحافة فيما بين المعدة والكبد على ما ذكرنا فليجعل غذاءه ودواءه ماء الشعير وليتدرّج في شربه يوماً فيوماً من عشرة إلى عشرين إلى مائة طول نهاره إلى أن يقوى على شربه دفعة أو دفعتين ولا تقربنّ دواء ومستفرغاً ولا فصداً .
قرص موصوف لذلك ونسخته : يؤخذ مصطكي وأقراص الورد كل واحد ثلاثة دراهم كهرباء ونعناع يابس ومرماحوز وعود خام من كل واحد وزن درهمين يسقى بشراب عتيق أو بالميبة ويجب أن تستعمل في تنقية المعدة وما اجتمع في فضائها أو لحج أو تشرب أدوية لا تجاوز المعدة والجداول القريبة إلى المعدة دون العروق البعيدة عنها .
فإن لم ينجع دفعة واحدة كررت فذلك أفضل من أن تستفرغ من حيث لا حاجة إلى الاستفراغ ويجب أن تراعي أمر البراز والبول في أمراض المعدة فإن رأيتهما قد أقبلا وصلحا فقد أقبلت المعدة إلى الصلاح ويجب أن لا يورد في معالجات المعدة ولو لحرارتها شيء شديد البرد كالماء الشديد البرد وخصوصاً فيمن لم يعتدّ ولا يخلي الأدوية المحللة لما فيها من الفضول عن القابضة الحافظة للقوة . فصل في معالجات المزاج البارد الرطب في المعدة


أما إذا كان هناك مادة فليستفرغ على ما عرف في القانون فإن لم يكن كثرة مادة فلأصحاب التجارب فيه طريقة مشهورة إما في التغذية إذا لم تكن مادة فأن تغذوه بما فيه قبض ومرارة ومن الأدوية المشروبة : الأدوية الأفسنتينية وشراب الأفسنتين والأفسنتين والأدوية المتخذة بالسفرجل .
وإما من الأضمدة والأطلية والمروخات : فالأضمدة التي تقع فيها الأدوية القابضة الطيبة مثل الأدوية التي يقع فيها مثل الحماما وقصب الذريرة والسنبل والساذج واللاذن والمقل وأصل السوسن والبلسان ودهنه وحبه والميعة .
وأما المروخات فالقيروطيات المتخذة من دهن المصطكي والزيت ودهن الناردين ودهن السفرجل فإن لم ينجع هذا المبلغ استعملوا الأضمدة المحللة ودواء ثافسيا .
ومن الأضمدة القوية : أن يؤخذ من الزعفران والسنبل السوري والمصطكي ودهن البلسان من كل واحد جزء ومن العسل ثلاثة أجزاء ومن المر المجلوب من مدينة أطروغيلون ثلاثة أجزاء صمغ البطم جزء ونصف أوفريبون جزء ويتخذ منه ضمّاد وإن شرب منه قليل جاز .
وأيضاً : ميعة أربعة شمع ثلاثة مخّ الأيل جزءان صمغ البطم جزء دهن البلسان جزء ونصف دهن الناردين جزءان .
وأيضاً : ميعة ثلاثة مخ الإبل ثلاثة صبر أحمر ثلاثة مصطكي جزءان .
وأيضاً : ميعة دهن الناردين ثمانية ثمانية دهن البلسان ثلاثة شمع خمسة يتخذ منه قيروطي .
وأما أصحاب القياس فيأمُرون أولاً برياضة معتدلة واستعمال غذاء حسن الكيموس سهل الانهضام معتدل المقدار إلى القلة ما هو بمقدار ما يهضمه ثم يتدرجون في ذلك وفي استعمال الأدوية المذكورة وما يجري مجراها من الجوارشنات العطرة الحارة أو باعتدال أو فوق الاعتدال بحسب مقتضى مقابلة العلة حتى يعدل المزاج .


ومن هذه الجوارشنات الفلافلي والكموني وهذا الدواء الذي نحن واصفوه نافع جداً ونسخته : أن يؤخذ من حب العرعر وصمغ البطم والفلفل من كل واحد جزء ومن المرّ المجلوب من مدينة أطروغيلون وأنا أظن أنه يجب أن يكون ميعة وناردين من كل واحد جزءان فطراساليون أي الكرفس الجبلي والكاشم من كل واحد نصف جزء يعجن بمقدار الكفاية عسلاً .
وإذا كان البرد أشد من ذلك فيسقى أمروسيا وشجرينا .
ومن الأدوية الجيدة لجميع الأمراض المادية الغليظة والرطبية شراب العنصل وصفته : يؤخذ من العنصل المصفى المقطع ثلاثة أمناء يطرح في إناء من زجاج ويغطي رأس الإناء ويترك ستة أشهر . فصل في معالجات سوء المزاج الحار
ينفع من التهاب المعدة سقي اللبن الحامض والخل والكزبرة والرائب رائب البقر ولب الخيار .
والسمك الطري خاصة مسكن لالتهاب المعدة والماء البارد والفواكه الباردة والهندبا والقثاء والخوخ الذي ليس بشديد المائية فيستحيل إلى الصفراء والخسّ والأرز والعدس والكزبرة الرطبة بالخل والقرع وما أشبه ذلك مخلوطة بالكافور والصندل والورد إن احتيج إلى ذلك .
ويسقون أيضاً أقراص الطباشير وخصوصاً إذا كان هناك اختلاف مراري ويغذون بالبيض السليق في الخلّ والعدس وبالرمانية والسماقية والحصرمية .
واللحم الذي يرخّص لهم فيه هو لحم الطيهوج والدراج والفراريج .
فإن لم تبلغ حرارتها إنهاك القوة فأغذهم بالباردة الغليظة مثل قريص السمك الطري وقريص البطون وكل ما فيه قبض أيضاً .
ورب الخشخاش وشرابه نافع من ذلك جداً .
ومما ينفعهم التضميد بالمبردات وربما ضمدت معدتهم بمثانة منفخة منفشة قد ملئت ماء بارداً وإذا ضمدت المعدة بالأضمدة المبردة فتوق أن تبرّد الحجاب بها أو الكبد تبريداً يضرّ بأفعالها فإنه كثيراً ما عرض من ذلك آفة في النفس وبرد في الكبد .
فإن حدست شيئاً من هذا فتداركه بدهن مسخن يصب على الموضع ويكمد به واجعل بدل الأضمدة مشروبات .


فصل في معالجات سوء المزاج البارد في المعدة
إن كان هذا المزاج خفيفاً اقتصر في علاجه على أقراص الورد التي نقع فيها الأفسنتين والدارصيني بطبيخ الكمّون والنانخواه المطبوخين في إناء زجاج نظيف والنانخواه له منفعة عظيمة في ذلك وإن كان أقوى من ذلك فلا بدّ من استعمال المعاجين القوية الحارة والبزور الحارة والفلافلي والترياق والمثروديطوس بالشراب والشجربنا بميبة والكموني والأميروسيا والفنداريقون ودواء المسك ومعجون الاصطمحيقون .
والكندري ينفع في ذلك حيث تكون الطبيعة لينة .
ويجب أن يسقى أمثال هذه في سلاقة السنبل والمصطكي والأذخر وما أشبه ذلك .
والزنجبيل المربى نافع لهم . وأيضاً أقراص الورد مع مثله عود وأيضاً الفلافلي بالشراب فإنه شديد الإسخان للمعدة ويستدلّ على غاية تأثيره بالفواق .
ويجب أن يستعمل الحلتيت والفلفل في الأغذية فإنهما كثيرا النفع من ذلك .
والنوم أيضاً من أنفع الأشياء لهم .
ومن الأدهان النافعة في تمريخ المعدة دهن البالونج ودهن الحناء ودهن السوسن ودهن المصطكي جعل فيه شحم الدجاج .
وإن احتيج إلى فضل قوة جعل فيه أشق ومقل .
وإن احتيج إلى أقوى من ذلك فدهن القسط ودهن البان والزئبق .
ومن سائر المسوخات مثل شراب السوسن مع العود والمسك والعنبر ومن البزور الحلبة وبزر الكرفس والخطمي .
وربما نفع وضع المحاجم على المعدة في الأوجاع الباردة منفعة شديدة .
واعلم أن تسخين الأطراف يؤدي إلى تسخين المعدة عن قريب وأنت تعلم ذلك .
فصل في علاج سوء المزاج الرطب للمعدة
يعالج بالناشفات والمقطعات وما فيه مرارة وحرافة بعد أن تخلط بها أشياء عفصة .
ويجب أن يستعملوا شراباً قوياً قليلاً وتكون الأغذية من الناشفات والمطجّنات المشوية وليقلّ شراب الماء .
وأقراص الورد المتخذة بالورد الطري نافعة للمزاج الرطب في المعدة .


ومما يزيل رطوبة المعدة أن يغلي درهم أنيسون ودرهم بزر رازيانج في ماء ويصفّى على خمسة دراهم جلنجبين ويمرس .
فصل في علاج سوء المزاج اليابس للمعدة
هؤلاء يقرب علاجهم من علاج الدقّ فإن هذه العلة دقّ ما للمعدة فإذا استحكم لم يقبل العلاج أصلاً وليس يمكن أن يتعرّض لترطيبها وحدها ويخلى عن البدن بل ترطيبها لا يقع إلا بشركة من البدن .
فمن ترطيب هؤلاء تحميهم وإقعادهم في الابزن وتكريرهم للحمّام بحسب مبلغ اليبوسة فربما أحوج إفراط اليبس بهم إلى أن لا يرخّص لهم في المشي إلى الحمّام وعنه بل أن ينتقلوا إليه ومنه على محفّة لئلا تحللهم الحركة ولا ترشح ما يستقونه في الأبزن ولأن الحمّام مرخّ للقوة فيجب أن لا يقارنه ما يحللها فيتضاعف ذلك ويجب أن يكون تحميمهم إيقاعاً إياهم في الأبزن ولا حاجة بهم إلى هواء الحمّام ويجب أن يكون ماء الأبزن معتدلاً بين المقشعر منه وبين اللاذع .
وبالجملة بحيث لا ينفعل عنه بل يتلذّذ به فيرطّب ويوسّع المسام .
ويجب أن يكون مدة استحمامه ما دام ينتفخ ويربو بدنه قبل أن يأخذ في الضمور ويجب كلما يخرج من الحمّام أن يراح قليلاً ثم يسقى من الألبان اللطيفة أما لبن النساء أو لبن الأتن أو لبن البقر .
وأجوده أن يكون امتصاصاً من الثدي أو استلاباً للحليب ساعة يحلب وشرباً له قبل أن ينفعل عن الهواء أصلاً وأن يكون المشروب لبنه قد غذي مقدار ما يهضمه وريض قبله رياضة باعتدال وأن لا يرضع غيره .
فإن كان حيواناً غير الإنسان عرف جودة هضمه من رداءته بنتن برازه أو عدمه واعتداله ورطوبته وجفافه أو إفراطه في أحدهما وباستوائه أو بنفخه لريحية فيه وأن يحسّ ويمرغ رياضة له .
ثم ينتظر المريض هضم ما شربه من لبن أو ماء شعير ويعلم ذلك من جشائه وخفّة أحشائه ثم يعاد بعد الرابعة والخامسة من الساعات ثم يحمّم ثم تمرخ أعضاؤه بالدهن لحقن المائية الممتصّة فيها .
فإن كان معتاداً للحمّام حمّمته مرة ثالثة .


وإن كان الأصوب الاقتصار على مرتين زدت في الساعات المتخلّلة بين التحميمتين على ما ذكر وأرحه إراحة تامة .
وإن مال إلى اللين سقيته ماء الشعير المحكم الصنعة وهو الذي كثر ماؤه ثم طبخ طبخاً كثيراً حتى قلّ ماؤه وأطعمه من خبز التنور المتخذ بالخمير والملح المحكم الإنضاج ومن السمك الرضراضي وأجنحة الطيور الخفيفة اللحوم لرخصتها رخصى الديوك المسمّنة باللبن وجنبه اللزج والصلب والغليظة .
وإن كان كثير الغذاء فاختر ما كان مع كثرة غذائه سريع الانهضام لطيف الكيموس رطبه والمبلغ منه مقدار ما لا يثقل ولا يمدّد كثيراً .
وأما القليل فلا بد منه في مثله ولا بدّ من سقيه الشراب الرقيق المائل إلى القبض القليل الاحتمال للمزاج لمائيته فإنه ينفذ الغذاء وينعش القوة ويغني عن شرب الماء البارد الناكي ببرده وليكن مبلغه أن لا يطفو على المعدة ولا يقرقر وليكن تغذيته الثانية وقد انهضم الأول تمام الهضم وفرق غذاءهم ما أمكن وليكن الطعام خفيفاً لئلا يلحق طعام طعاماً متقدماً غير منهضم وليكن هذا تدبيرهم أياماً فإذا انتعشوا يسيراً زيد في الرياضة والدلك والغذاء فإذا قاربوا الصحة قطعت كشك الشعير واللبن واجعل بدل الشعير يومين أو يوماً حسواً متخذاً من الخندروس وزدهم غذاء منمياً للقوة وابدأ بالأكارع والأطراف ولحوم الطير الرخصة .
فصل في علاج سوء المزاج البارد اليابس
فإن كان المزاج بارداً يابساً فدبّر البرد كما تدبّر اليبس . ولما كان تدبيره ليس إلا بالمسخّنات اجتنب فيها ما يزيد في اليبس بتحليله أو لقبض قوي فيه .
والتكميدات كلها تضرّه ولا تنفعه .


ويجب أن يجتنب الإسخان القوي السريع فإن ذلك يجفف ويزيد في اليبوسة بل يجب أن يسخّن قليلاً قليلاً ويرطب فيما بين ذلك ويزيد في جوهر الحار الغريزي لا في النارية ومما يفعله الشراب القليل المزاج واللين أو ماء الشعير الممزوج بقليل عسل منزوع الرغوة ليكثر غذاؤه ويقل فضوله فهو جيد لهم وتمريخ المعدة بالأدهان العطرة التي ترطّب مع ما يسخن مثل دهن السنبل والناردين ودهن المصطكي جيد .
وربما خلط بها دهن البلسان وربما اقتصر على دهن البلسان فإنه نافع .
والأجود أن يخلط بها قليل شمع ليكون ألبث على المعدة .
ومما ينفع منفعة قوية بأن تسحق المصطكي وتخلط بدهن الناردين وتوضع على المعدة ويختار من المصطكي أدسمه وإن اشتد البرد لم يكن بد من طلي المعدة بمثل الزفت يلصق كل يوم ينزع قبل أن يبرد وربما استعمل ذلك في اليوم مرتين فإنه يجذب إلى المعدة دماً غاذياً ويجب أن تتعرف صورة استعمال الزفت مما قيل في باب الزفت .
ومما ينفع منفعة عظيمة شديدة إعتناق صبي لحيم صحيح المزاج فإنه يفيد المعدة حرارة غريزية ويهضم الطعام هضماً شديداً .
وإن لم يكن صبي فجرو كلب سمين أو هر ذكر سمين أو ما يجري مجراه ويجب أن لا يعرف الصبي المعتنق فتبرد العروق ويبرد وقد يمكن أن يطلي بطنه بما يمنع العرق ويجب أن لا يفرط عليه في الماء البارد فإنه أضر شيء .
فصل في علاج سوء المزاج الحار اليابس
علاج هذا أن يجمع بين التدبيرَين اللذين ذكرناهما فإن كانت الحرارة قليلة كفى أن يدبر تدبير أصحاب اليبس ويجعل شرابهم أطرى زماناً ويجب أن يسقونه مبرّداً في الصيف مفتّراً في الشتاء وكذلك سائر طعامهم ويكون مروخ معدتهم من دهن السفرجل ومن زيت الأنفاق وربما عرفوا بشراب الماء البارد الكثير تمام العافية وخاصة إذا لم يكن اليبس أفرط .
فصل في علاج سوء المزاج الحار الرطب


ينقع منه الباردات الناشفات ويجمع بين تدبيري سوء المزاج الحار والرطب وينفع منه أقراص الورد المتخذ بالورد الطري وإذا كان هناك إسهال استعمل القيروطي بدهن السفرجل .
فصل في علامات سوء المزج في المعدة
مع مادة وعلاج سددها
يجب أن يتعرف من حال المادة هل هي متشربة تشرب الإسفنج للماء أو متشربة غائصة تشرب الثوب بالصبغ اللاحج الغائص فيه أو ملتصقة أو مصبوبة في التجويف ويسمى عند بعضهم الطافي وأن يعرف مبدؤها وموضع تولدها وجهة انصبابها .
فإن كان تولدها فيها قصد في العلاج قصدها وأصلح منها السبب المولد لها وان كانت فائضة إليها من عضو آخر مثل الدماغ أو المريء أو الكبد أو الطحال استفرغ ما حصل فيها وأصلح العضو المرسل المادة إليها وقويت المعدة لئلا تقبل ما ينصت إليها وربما كان انصبابها في وقت الجوع عند حركة القوة الجاذبة من المعدة وسكون الدافعة فتقبل من المواد ما لا تقبله في وقت آخر وهؤلاء هم الذين لا يحتملون الجوع .
وربما غشي عليهم عنده فيجب أن يسبق انصباب المواد إطعام طعام وأن تكون الأغذية مقوية للمعدة .
وربما كانت المادة إنما تنصب عند انفعالات نفسانية مثل غضب شديد أو غم أو غير ذلك ولا يسكن اللذع العارض لهم إلا بالقيء والذي ينزل من الدماغ فينفع منه الفلفل الأبيض المسحوق بالماء والأفسنين والصبر ضعيف المنفعة فيه .
وأما الأيارج فقد تقوى على ذلك لما فيها من الأدوية القوية التحليل والجلاء وقد سلف بيانها .
وإن من التركيب المفسد للعلاج أن تكون المعدة حارة والرأس بارداً فيحوج ما ينزل من الرأس إلى مثل الفلافلي وإلى الفوذنجي وجوهر المعدة يضر به ذلك .
والذي ينصت عن كبد علاجه محوج إلى ما يلين الطبيعة ويستفرغ الخلط الرقيق والمراري مثل ماء جبن بالهليلج والسقمونيا .
وربما أماله عنهما جميعاً الفصد إلى ما يقوي المعدة .
ويجب أن يقدم الملينات على الطعام ويتبع بالقوابض على ما نقوله في موضع خاص به .


وأما الذي ينصب عن الطحال فيعالج بما قلناه في باب الشهوة الكلبية وقد علمت أنه ربما أنصت إلى فم المعدة أخلاط حادة لذاعة فتحدث غشياً وتشنجاً وربما أدى انصبابها إلى بطلان النبض وربما كانت سوداوية ويجب عليك أن تقوي فم المعدة لئلا تقبل المواد المنجذبة إليها بالأضمدة التي فيها قبض وعطرية أما الباردة في حال معالجة الحرارة وفي الحميات فكالقسب والسفرجل والسمك وعصارة الحصرم وأغصان العليق والأزهار والأدهان مثل دهن الورد .
وأما الحارة منها في ضد الحال المذكورة فكالمر والزعفران والصبر والمصطكي ومثل الأفسنتين والكندر والسنبل .
وأما الأدهان فمثل دهن الناردين ودهن المصطكي وكثيراً ما يكون سبب اجتماع المادة في المعدة احتباس استفراغات منقّية لها لا انصباب إليها .
وفي مثل هذا يجب أن يستفرغ ما اجتمع ويفتح وجه سيلانه ويمال عن المعدة إليه ولا تخرج من المعدة خلطاً لا إلى جهة ميله في الاستفراغ .
وإن أشكل فاخرج الطافي والذي يلي الفم بالقيء والذي بالخلاف بالإسهال .
فإن كان الخلط متشرباً مداخلاً - ولن يكون إلا رقيقاً في قوامه - فأفضل ما يعالج به الصبر .
والمغسول أصلح للتقوية وغير المغسول للتنقية فإنه إذا غسل ضعف استفراغه وتنقيته .
والأيارج أوفق من كلاهما لما فيه من العقاقير المصلحة والمعينة والمانعة للمضرة وخصوصاً الساذج الغير المخلوط بالعسل .
فإن المخلوط بالعسل - وإن كان أكثر إسهالاً من نواح مختلفة لأنه أشد في المعدة نقاء - فتقويته أقل فإن العسل يكسر من قوته في التقوية والتنقية وربما زالت العلة لشربة واحدة من الأيارج فإن كان هناك سقوط شهوة أو غثيان جعل بدل الزعفران في الأيارج ورد أحمر .
وإذا وجدت حرارة ملتهبة فلا تستعمل الأيارج فإنه ربما زادت في سوء المزاج وخصوصاً إذا أخطأ في أن هناك مادة ولم تكن مادة .
وبالجملة فإن الأيارج أنفع دواء للأخلاط المرارية في المعدة وخصوصاً بطبيخ الأفسنتين .


ومما جرب أيارج لهذا الشأن خفيف ونسخته : يؤخذ فقاح الأدخر وعيدان البلسان وأسارون ودارصيني من كل واحد جزء ومن الصبر ستة أجزاء وإذا لم يرد به قوة الاستفراغ بل التنقية المعتدلة جعل وزن كل دواء جزءاً ونصفاً .
ومن الحبوب المجربة النافعة في ذلك حب بهذه الصفة ونسخته : يؤخذ من الصبر درهم ومن كل من الهليلج الأصفر والورد نصف درهم ويعجن بعصير الهندبا والسفرجلي المسهل المتخذ من السفرجل والسكر والسقمونيا وربما اقتصر على دانق سقمونيا ويسقى في ثلاث أواق من الدوغ المصفى عن زبد المتروك ساعة حتى يحسن امتزاجه به .
والجلنجبين المسهّل عظيم النفع في ذلك وكذلك الشاهترج وخصوصاً للمراري وطبيخ الأفسنتين والتمر الهندي والإجاص وشراب الورد المسهل أيضاً وخصوصاً في الصيف وكذلك ماء الجبن بالهليلج وقليل سقمونيا أو صبر لمن يريد به أن يستفرغ مادة صفراوية .
وهذا الذي نحن نصفه قد جرّبه الحكيم الفاضل جالينوس ونسخته : يؤخذ من الأفسنتين الرومي خمسة دراهم والورد الأحمر الصحيح عشرون درهماً يطبخ في رطلين من الماء حتى يبقى نصف رطل ثم يسقى كما هو أو مع سكّر قليل والصبر موافق في استفراغات المعدة والسقمونيا مؤذٍ للمعدة مضاد فلا تقدمن عليه إلا عند الضرورة .
وفي مثل هذه المواد فقد ينتفع بالفصد إذا كان هناك امتلاء لتحرك الأخلاط إلى العروق والأطراف ويكون للأخلاط التي في المعدة منفذ يندفع فيه وقد جرب سقي الأيارج بطبيخ الأفسنتين فهو غاية وقد جرّب سفرجلي بهذه الصفة ونسخته : يؤخذ لحم السفرجل المشوي في العجين مقدار ثلاث أواق ومن الزعفران والأفسنتين من كل واحد درخمي ونصف ومن دهن شجرة المصطكي ودهن السفرجل ثمانية درخميات يعجن بشراب ريحاني ويستعمل فيقوي المعدة التي بهذه ويمنع قبولها الأخلاط الحارة .
ومما جرب أيضاً هذا الدواء .


وصفته : أن يؤخذ الأفسنتين عشرة دراهم دارصيني خمسة دراهم عيدان البلسان ثلاثة دراهم سنبل ثلاثة دراهم ورق الورد الطري درهمان عود درهم مصطكي درهم يطبخ في الماء الكثير حتى يعود إلى القليل إلى قدر رطل أو أقلّ ويصفى وينقع فيه الصبر .
والشربة أوقية كل يوم إلى أن تظهر العافية .
وان كان الخلط مصبوباً لا لحوج له ولا غلظ انتفع بالقيء بماء الفجل والسكنجبين وماء العسل وماء الشعير مخلوطاً بالسكنجبين الحار وما يجري مجراه من المقيئات الخفيفة وربما يقيء بالماء الحار وحده أو بدهن أو بزيت حار وحده أو سكنجبين بماء حار وحده .
والماء الحار مع عسل قليل يغسل المادة فربما قذفها الطبع بالقيء وربما خلطها إلى أسفل .
وقد يعالج مثل هذه المادة بالإسهال أيضاً بما ذكرناه إن كان القيء لا يبلغ منه المراد أو كانت إلى القعر المعدة أميل .
وإذا أردت أن تسهل بالأيارج في مثل هذه المادة سقيت بعد الحمام في اليوم المقدم ماء الشعير وربما كان هذا الخلط لذّاعاً قليلاً فكان استعمال سويق الشعير بماء الرمان يزيل أذاه لنشف السويق وتجفيفه وتقوية ماء الرمان لفمّ المعدة لئلا تقبله .
فإن كان الخلط غليظاً والصواب أن تقطع وتلطف بالأشربة المقطعة الملطّفة والأدوية المقطعة مثل السكنجبين والكواميخ والخردل والكبر والزيتون وبالأدوية الملطّفة ثم يسهّل بما يخرج مثله .
وإن استعمل القيء ثم الإسهال كان صواباً .
وإن كانت غائصة لا تقلع فيجب أن يقيأ بما هو أقوى مثل طبيخ جوز القيء والخردل والفلفل .
وهذا الدواء مما يقيء البلغم ونسخته : يؤخذ لباب القرطم يداف بماء الشبث المدقوق ويلقى عليه دهن الغار ويسقى العليل ويغمس منه ريشة ويتقيأ بها .
فإذا نقّيت المعدة فاستعمل ما يعدّل المزاج ويسخنه بلطف لئلا يتولد مادة أخرى وإذا أردت الإسهال في مثل هذه المادة سقيت يوماً قبله بعد الحمّام ماء الحمص ويجب أن يستعمل لهم ذلك كثيراً .


والاستحمام بمياه الحمّامات والأسفار والحركات نافع لهم .
وكثيراً ما يكون من عادة الإنسان أن يجتمع في معدته بلغم كثير فيستعمل الكراث بالسلق والخردل فيبرأ بتقطيع من ذلك لجرم الخلط أو إسهال يعرض لصاحبه فإن كان البلغم حامضاً سقوا الأيارج بالكسنجبين واستعملوا دواء الفوذنج والأدوية المسهّلة الصالحة للأخلاط الغليظة التي بهذه الصفة وهي حب الأفاوية وحب الصبر الكثير وحب الأصطمحيقون والصبر في السكنجبين البزوري القوي البزور المتخذ بالعسل .
وهذه صفة أيارج نافع في هذا الشأن ونسخته : يؤخذ بزر الكرفس ستة أطراف الأفسنتين أنيسون بزر رازيانج من كل واحد ثلاثة فلفل أبيض ومر وأسارون من كل واحد جزء ونصف قسط وسنبل رومي وكاشم من كل واحد جزءان مصطكي وزعفران من كل واحد جزء صبر ثمانية أجزاء يقرص ويشرب كل يوم قرصة وزن مثقال ينقّى المعدة بالرفق .
وربما احتيج إلى الأيارجات الكبار .
ومما ينفع هؤلاء خصوصاً بعد تنقية سابقة الهليلج الكابلي المربّى وشراب الأفسنتين والزنجبيل المربّى .
وأوفق الأغذية لهم مرقة القنابر والعصافير دون الفراخ فإن أجرام الفراخ بطيئة الانهضام طويلة المكث في المعدة .
واعلم أن الصحناء مجففة للمعدة منشّفة للفضول الرطبة كلها عنها .
وماء الحديد المعدني أو المطفأ فيه الحديد المحمّى مراراً كثيرة نافع للمعدة الرطبة والسكنجبين العنصلي شديد النفع للمعدة الرطبة والسكنجبين العنصلي شديد النفع والسفرجلي الساذج جيد للمواد الحارة والذي بالفلفل والزنجبيل للمواد الغليظة الباردة .
ونسخته : يؤخذ من عصار السفرجل جزء وليكن سفرجلاً مائياً قليل العفوصة ومن العسل للمبرود ومن السكّر للمحرور جزء من الخلّ الجيد الثقيف خلّ الخمر نصف جزء يقوم على نار ليّنة ويرفع فإن أريد أن يكون أشد قوة للمبرود جعل فيه الزنجبيل والفلفل .


ومما ينفع في تحليل المواد الغليظة من المعدة اعتناق الصبي الذي لم يدرك بعد بل راهق بلا حجاب من غير شهوة .
وربما اجتمع في المعدة خلطان متضادان فكان المتشرّب مثلاً من الرقيق المراري والمحوي في التجويف من الغليظ فيجب أن نقصد قصد أعظمها آفة وإذا كان الخلط المؤذي حاراً لذاعاً يعرض منه الغشي والتشنّج فدبره بما ذكرناه في باب الغشي والتشنّج .
وأول ما يجب أن تبادر إليه تجريعه بماء فاتر فإنهم إذا فأوا أخلاطهم سكن ما بهم .
وإن كان الخلط المؤذي والمنصبّ ومما ينفع من ذلك أن يعجن الشب والقلقديس والنحاس المحرق بعسل ويوضع على المعدة ويجب أن يصيَر على معدهم وقت صعوبة العلة إسفنجة مبلولة حار جداً .
وإذا كان الخلط بارداً رطباً فاقتصر على المسخّنات المحلّلة ولا تدخل فيها ما يجفّفها بالقبض فإنه خطر عظيم سواء كان دواء أو غذاء وقد تكون المادة تؤذي لكثرتها لا لفسادها .
وهذه تستعمل في تدارك ضررها الأدوية والأغذية القابضة من غير مراقبة شيء .
وأما علاج أورام المعدة فقد أفردنا له أبواباً من بعد وكذلك علاج الرياح والنفخ .
وأما علاج سخافة المعدة فأن تستعمل عليها الأضمدة المسخنة القابضة التي ذكرناها وخصوصاً العطرة والتي فيها موافقة للقلب والروح وتستعمل الجوارشنات العطرية القابضة كالحورية وجوارشن القاقلة وغير ذلك مما ذكرنا في باب علاج برد المعدة ورطوبتها وأن تجفف الأغذية وتلطفها وتتناولها في مرار ولا تثقل على المعدة ولا تمتلئ من الشراب دفعة ولا تتحرّك على الطعام والشراب ولا تشرب على الطعام وأن يكون ما تشربه شراباً قوياً عتيقاً إلى العفوصة ما هو وتتناوله قليلاً قليلاً .
وأما علاج السدة الواقعة في المجاري القريبة من المعدة التي إليها أو منها مثل المجاري التي إليها من الطحال أو منها إلى الكبد فعلاجها المفتّحات مثل الأيارج ومثل الأفسنتين .


وأما علاج الصدمة والضربة والسقطة على المعدة فمنها الأقراص المذكورة في القراباذين التي فيها الكهرباء وإكليل الملك .
ومما جرّب في هذا ضماد نافع من ذلك .
ونسخته : يؤخذ من التفاح الشامي المطبوخ المهري في انطبخ المدقوق ناعماً وزن خمسين درهماً ويخلط بعشرة لاذن ومن الورد ثمانية دراهم ومن الصبر ستة دراهم يعجن الجميع بعصارتي لسان الثور وورق السرو ويخلط به دهن السوسن ويفتّر ويشدّ على المعدة أياماً .
فصل في علاج من يتأذى بقوة حس معدته
إذا أفرط الأمر في ذلك لم يكن بد من استعمال المخدرات برفق ويجب أن يجعل غذاؤه ما يغلظ الدم كالهرائس ولحم البقر إلى أن يحوج إلى المخدرات .
وإن كان المؤذي حاراً فيجب أن تنقّي نواحي الصدر والمعدة بالأرياج مراراً .
وأن لا تؤخر طعام صاحبه بل يجب في أمثال هؤلاء أن يطعموا في ابتداء جوعهم خبزاً بربوب الفواكه مغموساً في الماء البارد وماء الورد وربما غمس في شراب ممزوج مبرّد فإن ذلك يقوّي فمّ المعدة أيضاً .
وإن كان المؤذي بارداً فأكثر ما يعرض لهم إنما هو رعشة وتشنج فيجب أن تقوّى معدتهم بالشراب القابض وبالأدوية العطرية القابضة الملطفة ويستفرغ الخلط الذي فيها .
تدبير من تكون معدته صغيرة : يجب أن يجعل غذاؤه ما هو قليل الكمية كثير الغذاء ويغذّى مرات في اليوم والليلة بحسب حاجته واحتماله .
فصل في الأمور الموافقة للمعدة
أما الأغذية فأجودها لها ما فيه قبض ومرارة بلا حدة ولا لذع والأصحاء ينتفعون في تقوية معدهم بالقوابض .
وأما المحمومون فيجب أن لا يفرط عليهم في ذلك بما قبضه شديد فإن ذلك يجفف أفواه معدهم تجفيفاً ضاراً فيجب أن يرفق عليهم إذا لم يكن بد من ذلك .
ومن الأغذية الموافقة للمعدة المعافية لضعفها على ما شهد به جالينوس الجلود الداخلة من قوانص الدجاج . وترك الجماع نافع في تقوية المعدة جداً .


ومن التدبير الموافق لأكثر المعد استعمال القيء في الشهر مرتين حتى لا يجتمع في المعدة خلط بلغمي وأسهل ذلك القيء بالفجل والسمك يؤكلان حتى إذا أعطشا جداً شرب عليهما السكنجبين العسلي أو السكري بالماء الحار وقذف .
ولا يجب أن يزداد على ذلك فتعتاد الطبيعة قذف الفضول إلى المريء .
واعلم أن القيء السهل الخفيف الغير العنيف ولا المتواتر في وقت الحاجة شديد المنفعة .
ومن التدبير الموافق لأكثر المعد الاقتصار من الطعام على مرة واحدة من غير امتلاء في تلك المرة .
وأما المسهلات فأوفقها لهم الصبر والأفسنتين حشيشاً لا عصارة فإن العصارة تفارق العفص المحتبس في الحشيشة وقد يوافق المعدة من الأنقال الزبيب الحلو لما فيه من الجلاء المعتدل وهو مما يسكن به التلذيع اليسير الذي يعرض للمعدة بجلائه .
وأما التلذيع الكثير فيحتاج إلى أقوى منه وحب الآس نافع للمعدة والكبر المطيب أيضاً .
ومن البقول الخسّ للمعدة التي إلى الحرارة وكذلك الشاهترج والكرفس عام النفع وكذلك النعنع والراسن المربى بالخلّ .
ومما يوافق المعدة بالخاصية ويوافق المريء أيضاً الحجر المعروف باليشب إذا علق حتى يحاذي المعدة أو اتخذت منه قلائد فكيف إذا أدخل في المعاجين أو شرب منه وزن نصف درهم فإنه نافع جداً .


القانون
القانون
( 40 من 70 )

فصل في الأمور التي في استعمالها ضرر بالمعدة والأمعاء
اعلم أن أكثر الأمراض المعدية تابع للتخم فاجتنبها واجتنب أسبابها من الأغذية في كميتها وكيفيتها وكونها غير معتادة ومن المياه والأهوية المانعة للهضم الجيد .
ومن أعداء المعدة الامتلاء . ولذلك لا يخصب بدن النهم لأن طعامه لا ينهضم فلا يزاد منه البدن .
وأما الممسك عن الطعام وبه بقية من الشهوة فيخصب لأن هضم معدته للطعام يجود .
واعلم أن الطعام الذي لا يوافق المعدة في نفسه لا بسبب اجتماعه مع غيره إما أن لا يوافقها لكميته أو لكيفيته .
وكل واحد منهما إن كان إلى الخفة أميل طفا واستدعى الدفع بالقيء وإن كان إلى الثقل رسب واستدعى الدفع بالاختلاف .
وقد يعرض أن يطفو بعضه ويرسب بعضه لاختلافه في الخفة والثقل واختلاف حركات رياح تحدث فيها فيستدعي القيء والإسهال جميعاً .
واعلم أن منع الثفل والريح عظيم الضرر فإنه ربما ارتد له الثفل من لفافة إلى لفافة نحو الفوق حتى يعود إلى المعدة فيؤذي إيذاء عظيماً وربما هاج منه مثل إيلاوس وحدث كرب وسقوط شهوة .
والريح أيضاً ربما ارتدت إلى المعدة فارتفع بخارها إلى الدماغ فآذى إيذاء شديداً وأفسد ما في المعدة .
واعلم أن كل ما لا قبض فيه من العصارات خاصة ومن غيرها عامة فهو رديء للمعدة .
وجميع الأدهان يرخّي المعدة ولا يوافقها .
وأسلمها الزيت ودهن الجوز ودهن الفستق .
ومن الأدوية والأغذية الضارة بالمعدة في أكثر الأمر حب الصنوبر والسلق والباذروج والشلجم الغير المهري بالطبخ والحمّاض والسرمق والبقلة اليمانية إلا بالخل والمريء والزيت .
ومن هذه الحلبة والسمسم فإنهما يضعفان المعدة .
واللبن ضار للمعدة وكذلك المخاخ والأدمغة .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كتاب صفة الجنة الحافظ ضياء الدين {اللهم احشرني ووالدي وأهلي في زمرة النبي والصحابة وعبادك الصالحين يا رب العالمين}

  كتاب صفة الجنة الحافظ ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الحنبلي المقدسي تحقيق صبري بن سلامة شاهين دار بلنسية / الرياض  ...